الوسيلة الى نيل الفضيلة

الوسيلة الى نيل الفضيلة0%

الوسيلة الى نيل الفضيلة مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 440

الوسيلة الى نيل الفضيلة

مؤلف: ابن حمزة الطوسي
تصنيف:

الصفحات: 440
المشاهدات: 234391
تحميل: 6087

توضيحات:

الوسيلة الى نيل الفضيلة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 440 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234391 / تحميل: 6087
الحجم الحجم الحجم
الوسيلة الى نيل الفضيلة

الوسيلة الى نيل الفضيلة

مؤلف:
العربية

كتاب الجهاد الجهاد فرض من فرائض الاسلام، وهو فرض على الكفاية اذا قام به من يكفي سقط عن الباقين.

وانما يجب بثلاثة شروط: أحدها: حضور امام عدل، أو من نصبه الامام للجهاد.

والثاني: أن يدعو اليه.

والثالث: اجتماع سبع خصال في المدعو اليه، وهي: الحرية، والبلوغ، والذكورة، وكمال العقل، والصحة، واليسار اذا احتاج اليه، والمعرفة به.

ويسقط عن عشرة نفر: النساء، والصبيان، والمجانين، والشيخ الضعيف، والمريض، والاعمى، والمعسر، والاعرج اذا لم يقدر على الحرب فارسا، ومن ليس من أهل المعرفة به، ومن لم يأذنه الوالدان.

وربمايصير الجهار فرض عين بأحد شيئين: أحدهما: استنهاض الامام اياه.

والثاني: يكون في حضور الامام، وغيبته بمنزلة، وهو أن يدهم أمر يخشى بسببه على الاسلام وهن، أو على مسلم في نفسه أو ماله، اذا حصل ثلاثة شروط: حضوره، وقدرته على دفع ذلك، ووجود معاون ان احتاج اليه، ولا يجوز

١٦١

الجهاد بغير الامام، ولا مع أئمة الجور.

فصل في بيان أقسام الكفار ومن يجوز قتاله، وبيان القتال

الكفار ضربان: فضرب يجوز اقراره على دينه، وهم: اليهود، والنصارى، والمجوس بشرطين: قبول الجزية، والتزام اجراء أحكام الاسلام عليهم، وهي ترك التظاهر بالمحرمات، وجميعها ثمانية عشر شيئا: الاشياء المنافية للامان من القتال مع أهل الاسلام، وما يكون في حكم المنافية من سب الله تعالى، أو سب نبيه (ع)، واصابة المسلمة بالنكاح، والزنى بها، والاعانة على المسلمين: اما باطلاع أهل الحرب على أحوال المسلمين، أو بكتاب اليهم بأخبار أهل الاسلام، أو بايواء عين منهم، أو بافتتان مسلم عن دينه، أو بدلالة على أحد من المسلمين، أو قطع طريق عليه، واظهار منكر في دار الاسلام من شرب الخمر، ونكاح المحرمات، وادخال الخنازير في بلادهم، وضرب الناقوس، واحداث الكنيسة، والبيعة، واطالة البنيان.

فاذا التزموا ترك جميع ذرك - وهو الصغار - جاز عقد الذمة لهم، فان خالفوا شيئا من ذلك خرجوا من الذمة.

والضرب الاخر لا يجوز اقراره على دينه، وهو من عدا هؤلاء من الكفار، ولايقبل منهم غير الاسلام، فان لم يقبلوا قوتلوا، ولم يرجع عنهم الا بعد أن يسلموا أو يقتلوا عن آخرهم.

والضرب الاول ان لم يلتزموا الصغار قوتلوا حتى يسلموا، أو يلتزموا الجزية والصغار، أو يقتلوا عن آخرهم.

واذا قوتلوا لم يبدؤوا بالقتال الا بعد أن يدعوا إلى الاسلام من اظهار الشهادتين والاقرار بتوحيد الله سبحانه، وعدله، والتزام

١٦٢

الشريعة بأمرها، فان أبوا الجميع، أو بعضه حل قتالهم، ووجب.

ولم يخل حال أهل الاسلام: اما كان لهم شوكة وقوة، أو كان بهم ضعف وقلة، أو تتوسط حالهم.

فالاول: يلزم قتالهم على الفور، ويبدأ بالاقرب فالاقرب، ما لم يكن الاهتمام بالابعد أو كد.

ولا يؤخر قتالهم، الا اذا رأى الامام في التأخير مصلحة، ولا يصالحهم الامام فوق أربعة أشهر، اذا رآه صلاحا.

ويقاتلهم الامام كيف شاء بمن شاء وبماشاء الا بالقاء السم في بلادهم، فان تحصنوا قوتلوا بكل وجه يكون صلاحا، واذا التحم القتال وتترسوا بالاطفال، أو بالمسلمين ان أسروهم جاز رميهم اذا قصد الكافر، فان أصاب الطفل أو المسلم لم يلحقه اثم، ولزمه الكفارة في قتل المسلم.

ويجوز تبييتهم بالليل، وتخريب المنازل والقلاع والحراقها، وقطع الاشجار ان اقتضت المصلحة.

وكره ان لم يحتج اليه.

ويجوز بذل الجعل لمن دل على مصلحة المسلمين والنفل اذا كان بالمسلمين ضعف، ويستحب ذلك اذا احتيج اليه، ولا يجوز قتال النساء مالم تقاتل المسلمين، ولم تعاون عليهم.

والثاني: يجوز للامام تأخير قتالهم، ومواد عتهم إلى عشر سنين، ولا يجوز له أن يقاتلهم اذا لم يستظهر بالرجال والسلاح، وما يحتاج اليه في قتالهم حتى يستظهر، ويدافعهم بما يرى صلاحا.

والثالث: ان كان مكان كل اثنين من الكفار واحدا من المسلمين وجب عليه التثبت لهما، ولا يجوز له الفرار منهما.

ومن فر غير متحرف لقتال، أو متحيز إلى فئة فقد باء بغضب من الله، وعلى الامام ان يقاتلهم، ويصالحهم على حسب ما يراه صوابا.

وأما الاذمام فلم يخل: اما كان الحربي أسيرا، أو ممتنعا، فان كان أسيرا

١٦٣

لم يجز لغير الامام اذمامه، وان كان ممتنعا جاز للامام عقد الامان لعامة الكفار.

وللمنصوب من جهته أن يعقد لمن يليه، ولاحاد المسلمين أن يعقدوا لواحد إلى عشرة، وليس لاحد أن يذم على الامام، ويدخل المال تبعا للنفس في العقد.

وان استذموا إلى المسلمين ولم يذموهم، وتوهموا من لفظهم الاذمام، فأتوهم لم يجز التعرض لهم، وردوا إلى مأمنهم، ليكونوا حربا، فان أسلم الحربي في دار الحرب كان اسلامه حقنا لدمه، ولولده الصغار من السبي، وان كان حملا وسبيت أمه، ولماله من الاخذ مما يمكن نقله إلى دار الاسلام.

ولا يجوز الغدر بمن عقد له الذمة، فان أحس منهم بغدر نبذ اليهم عهدهم، وردوا إلى مأمنهم بعد استيفاء كل حق لله تعالى، وللمسلمين منهم.

فصل في بيان حكم البلاد اذا فتحت

كل أرض تفتح على المسلمين لم تخل من أربعة أوجه: اما فتحت عنوة، أو صلحا، أو بغير اذن الامام، أو سلموا من غير قتال.

فالاول: كان الخمس لاهله، والباقي لجميع المسلمين.

والثاني: كان حكمها على ما شرط، ولا يصح ذلك، الا بعد أن يقبلوا أحكام الذمة.

والثالث، والرابع: من الانفال.

فصل في بيان حكم الاسارى

الاسير ثلاثة أضرب: رجال، ونساء، وذراري.

فالرجل ضربان: اما اسر قبل انقضاء القتال، أو بعده.

١٦٤

فالاول: ان لم يسلم كان الامام مخيرا بين شيئين، قبله، وقطع يديه ورجليه وتركه حتى يتنزف.

والثاني ضربان: اما يجوز له عقد الذمة، أو لا يجوز.

فالاول: يكون الامام مخيرا بين ثلاثة أشياء، أخذ الفداء، أو الاسترقاق، أو المن.

والثاني: يكون الخيار بين شيئين: المن، والفداء.

وأما النساء فتملك بنفس السبي، وان كان معها ولدبلغ سبع سنين جاز الفراق بينهما في البيع، وان لم يبلغ لم يجز.

وأما الذراري، فان أشكل أمرها اعتبرت حالها بالانبات، فان انبتت فهي في حكم الرجال، وان لم تنبت فهي مماليك.

فصل في بيان الفيئ والغنيمة

ومن يستحقهما، وكيفية قسمتهما الفئ في الشريعة: ما حصل في أيدي المسلمين من غير قتال، وهو من الانفال.

والغنيمة: ما يستغاد بغير رأس المال، وينقسم قسمين: اما يستفاد من الكنوز والمعادن، وقد ذكرنا حكمها في كتاب الخمس، أو يستفاد بالغلبة من دار الحرب، وهو أيضا قسمان: اما أمكن نقله، أو لم يمكن.

فالاول ضربان: أموال، وسبايا.

فالاموال تخرج منها الصفايا للامام قبل القسمة، وهي مالا نظير له من الفرس الفاره، والثوب المرتفع، والجارية الحسناء، وغير ذلك، ثم تخرج منها المؤن، وهي ثمانية أصناف: أجرة الناقل، والحافظ، والنفل، والجعائل، والرضيحة

١٦٥

للعبيد، والنساء، ومن عاونهم من المؤلفة والاعراب على حسب ما يراه الامام.

ثم يخرج الخمس من الباقي لاهله، ثم يقسم الباقي بين من قاتل ومن هو في حكمه بالسوية للراجل سهم، وللفارس سهمان اذا لم يكن فرسه مسروقا ولا مغصوبا، ومن كان له أفراس جماعة أعطي سهم فرسين لا أكثر.

ويستحق الغنيمة ثمانية أصناف: المرصد للقتال، والمطوعة، والباعة، والصنعة اذا حضروا وكان غرضهم الجهاد، أو قاتلو وان لم يكن غرضهم الجهاد، والصبيان الحضور، ومن ولد قبل القسمة، ومن وصل اليهم للمدد قبل القسمة، أو انفلت من أسر المشركين ووصل قبل القسمة.

وما يؤخذ من الغنائم في المراكب كان حكمه كذلك، ومن دخل دار الحرب أجيرا لغيره استحق السهم، والاجرة.

والسبايا: هي الذراري، والنساء، وقد ذكرنا حكمهما، فان كان فيهم من أسره الكفار من أولاد المسلمين، واسترقوه اطلق لوليه بشرطين: عرفانه، واقامة البينة.

والثاني: يخرج منه الخمس، والباقي للمسلمين قاطبة، وأمره إلى الامام، وما يحصل من غلاته يصرف في مصالح المسلمين.

فصل في بيان أحكام الجزية

هذا الفصل يحتاج إلى بيان خمسة أشياء: من يجوز عقد الذمة له، ومن توضع عليه الجزية، ومن لا توضع، وقدر الجزية، ومن يستحقها.

فالاول: اليهود، والنصارى، والمجوس، وقد ذكرناهم.

والثاني: من اجتمع فيه خمس خصال: الحرية، والذكورة، والبلوغ، وكمال العقل، وانتفاء السفه عنه بافساد دينه أو ما له.

١٦٦

والثالث ستة نفر: المرأة، والعبد، والمجنون، والصبي، والابله، والسفيه المفسد.

والرابع: ما يكون به الذمي صاغرا، وقدره مو كول إلى رأى الامام، ويجوز له الزيادة فيه والنقصان عنه، وان شرط عليهم الضيافة، ورضوا جاز بعد استقرار الجزية بشرطين: أحدهما: أن لا يبلغ قدر يزيد على أقل ما يجب عليهم من الجزية.

والثاني: أن تكون معلومة المقدار في أربعة أشياء: الايام، وعدد المارة بهم من الرجال، والفرسان، وقدر القوت من الخبز والادام، وقدر علف الدواب، ويضع على الرؤوس أو على أرضيهم، ولا يجمع بينهما.

والخامس: من يقوم مقام المهاجرين في نصرة الاسلام.

فصل في بيان أحكام البغاة وكيفية قتالهم

الباغي: كل من خرج على امام عادل، وقتالهم على ثلاثة أضرب: واجب، وجائز، ومحظور.

فالاول: ما اجتمع فيه أربعة شروط: كونهم في منعة لا يمكن تفريق جمعهم الا بالقتال.

وخروجهم عن قبضة الامام ومنفردين عنه في بلده أو غيره، ومباينتهم بتأويل سائغ عندهم، فان باينوا بتأويل غير سائغ كانوا محاربين، واستنهاض الامام اياهم للقتال.

والثاني: ما يكون دفعا عن النفس.

والثالث: اذا كانوا في قبضة الامام غير ممتنعين، واذا قاتلوا لم يرجع عنهم حتى يفيئوا إلى الطاعة.

أو يقتلوا عن آخرهم، فان انهزموا وكان لهم فئة يرجعون اليها جاز الاجهاز على جريحهم، والتتبع لمدبرهم، وقتل أسيرهم.

وان لم يكن لهم فئة لم يجز ذلك.

وما حواه العسكر من المال فهو غنيمة، وما لم يحوه فلاهله،

١٦٧

ولا يجوز سبي ذراريهم بحال.

فصل في بيان حكم المحارب

المحارب: كل من أظهر السلاح من الرجال أو النساء، في أي وقت وأي موضع يكون، ولم يخل حاله من ثلاثة أوجه: اما يتوب قبل أن يظفر به، أو ظفر به قبل أن يتوب، أو لا يتوب ولا يظفر به.

فالاول لم يخل: اما لم يجن أو جنى بما لا يوجب القود في غير المحاربة وحقه العفو عنه أو جنى جناية توجب القود في غير المحاربة، ويجب العفو عنه في حق الله تعالى، والقود في حق الناس، الا أن يعفو من له الحق.

والثاني لم يخل: اما جنى جناية، أو لم يجن، فان جنى جناية لم يخل: اما جنى في المحاربة، أو في غيرها.

فان جنى في المحاربة لم يجز العفو عنه، ولا الصلح على مال.

وان جنى في غير المحاربة جاز فيه ذلك.

وان لم يجن وأخاف نفي عن البلد، وعلى هذا حتى يتوب.

وان جنى وجرح اقتص منه ونفي عن البلد.

وان أخذ المال قطع يده ورجله من خلاف ونفي.

وان قبل وغرضه في اظهار السلاح القتل كان ولي الدم مخيرا بين القود، والعفو، والدية.

وان كان غرضه المال كان قبله حتما، وصلب بعد القتل.

وان قطع اليد ولم يأخذ المال قطع ونفي، وان جرح وقتل اقتص منه ثم قتل وصلب.

وان جرح، وقطع يده اليمنى لاخذ المال جرح وقطع للقصاص أو لاان كان قطع اليد اليسرى، ثم قطع يده اليمنى لاخذ المال، ولم يوال بين القطعين.

وان كان قطع اليمنى قطعت يمناه قصاصا، ورجله اليسرى لاخذ المال.

والثالث: يطلب حتى يظفر به، ويقام عليه الحد.

١٦٨

فصل في بيان الامر بالمعروف والنهى عن المنكر

هما من فروض الاعيان باجتماع خمسة شروط: أن يعرف المعروف معروفا والمنكر منكرا، ويظن استمرار ذلك من مرتكبه، ويجوز تأثير أمره ونهيه، ولا يؤدي إلى أكثر منه، ولا يكون فيه مفسدة من الخوف على النفس أو المال له أو لغيره.

والامر بالمعروف يتبع المعروف في الوجوب، والندب، والنهي عن المنكر يتبع المنكر.

فان كان المنكر محظورا كان النهي عنه واجبا، وان كان النهي عنه واجبا، وان كان مكروها كان النهي عنه مندوبا.

ويجبان باليد، واللسان، والقلب.

ويقدم باللسان ويعظه، يخوفه ويوبخه، وربما يقوم الفعل في ذلك مقام القول من الاعراض عنه، وترك التعظيم له، والازراء به، والهجر عنه، فان بخع والازجره، فان لم ينجع ردعه وضربه ان أمكنه، فان لم ينجع وشدد عليه ارتفع إلى التأديب وان أدى إلى التلف ان كان مأذونا من جهة من له ذلك.

فان لم يقدر على شئ من ذلك، أو خاف مفسدة فيه اقتصر على القلب، وربما يعرض ما يصيران له قبيحين، وذلك اذا أديا إلى مفسدة، واذا اكره أحد على ترك المعروف، أو ارتكاب المنكر ما لم يكن قتل نفس محرمة، أو قطع عضوا منها لزم.

١٦٩

كتاب القضايا والاحكام (فصل في بيان صفة القاضى وآداب القضاء مباشرة)

القضاء خمسة أضرب: فرض عين، وفرض على الكفاية، ومستحب، ومكروه، ومحظور.

فالاول: لواحد، وهو ثقة من أهل العلم اذا لم يجد الامام سواه.

والثاني: لمن يضطلع به، ويرغبه الامام فيه، ويجد غيره.

والثالث: لمن لا يكون له كفاية في المعيشة ويكون من أهله، أو يكون له كفاية ولا يكون مشهورا بالفضل.

والرابع: لمن يكون(١) له كفاية وقد شهر بالفضل، وان كان أهلا له.

والخامس لصنفين، العالم به اذا كان غير ثقة، والجاهل ان كان ثقة.

ولا ينعقد الا بثلاثة شروط: العلم، والعدالة، والكمال.

فالعلم يتم بالوقوف على الكتاب، والاطلاع على السنة، والتوسط في الاختلاف، والوقوف على الاجماع، والتنبه على اللسان.

والعدالة تحصل بأربعة أشياء: الورع، والامانة، والوثوق، والتقوى.

____________________

١) في نسخة " م ": لا يكون.

(*)

١٧٠

والكمال يثبت بثلاثة أشياء: بالتمام في الخلقة، وفي الحكم، والاضطلاع بالامر، والاخلاق الحميدة.

ولا يجوز القيام بذلك من جهة من ليس اليه ذلك الا مكرها، اذا نوى القيام به جهة من اليه ذلك، وكان أهله له، وحكم بالحلق، فان عرض حكمه للمؤمنين في حال انقباض يد الامام فهي إلى فقهاء شيعتهم، فاذا تقلد القضاء من له ذلك اجتهد في اقامة الحق، وعمل بكتاب الله تعالى وسنة نبيه (ع) والاجماع لاغير، فان اشتبه عليه توقف حتى يتضح له، فان حكم بخلاف الحق سهوا أو خطا، ثم بان له رجع ونقض ما حكم به.

فاذا أراد الجلوس للقضاء اختار مجلسا بارزا واسعا، ليصل اليه من له اليه حاجة، ووسط البلد أفضل من الطوف.

وامر أن يفرش له فرش يجلس عليه تمييزا له وهيبة، وتوضا ولبس أحسن ثيابه وانظفها، وفرغ نفسه للقضاء عن كل ما يشغله، أو يلفته عنه من الغضب، والجوع، والعطش، والخوف، والحزن، وكل فكر يضر بشئ من ذلك، وبرز على حسن سمت، ووقار، ودخل مجلس حكمه، وصلى ركعتين ان كان في المسجد، وسلم على كل من سبقه اليه، وجلس مستدبر القبلة.

وينبغي أن يختار ثلاثة نفر ثقة يقوم على رأسه لترتيب الخصوم أولا.

وكاتبا عدلا فقيها عالما عفيفا عن الطمع، ويجلسه بين يديه ليكتب ما يحتاج اليه بنظره.

وقساما عارفا ثقة يقسم بين الناس أموالهم، ويحضر الشهود ليستو في بهم الحقوق، ويثبت بهم الحجج، والمحاضر، والسجلات.

ويحضر العلماء ليشاورهم فيما يحتاج اليه، وينبهوه على وجه الصواب، ثم يأخذ ديوان الحكم من الحاكم الذي كان قبله، وينظر في حال المحبوسين مع خصومهم، فان حبسوا بحق تركهم، وان حبسوا بباطل رد إلى الحق.

وينظر

١٧١

في الحقوق، وحال الشهود الذين حكم بشهادتهم، وفي أمر الاوصياء، ويقر الثقات، ويقوي الضعيف، ويعزل الفاسق، ويرتب أمر الضوال، ويتفرغ لامر العامة، فان ظهر من أحد الخصمين لدد وعنت أو سفه نهاه، فان عاد صاح به واغلظ في النهي، فان عاد تجري المصلحة في التأديب والعفو.

وهو بالخيار في تتبع حكم الحاكم الاول، الا أن يستعدي المحكوم عليه، فاذا تتبع وكان قد حكم بالحق أمضاه، وان حكم بالباطل نفاه، وان اشتبه عليه لسان المدعي، أو المدعى عليه، أو البينة توقف إلى أن يتضح له.

وان شهد له شاهدان لم يخل حالهما من ثلاثة أوجه: اما عرف حالهما بالعدالة، أو الفسق، أو اشتبه عليه.

فالاول: يحكم له من غير توقف.

والثاني: لا يحكم به أصلا.

والثالث: يتوقف حتى تعرف حالهما، فان حكم على ظاهر الاسلام، ثم بان له فسقهما نقض الحكم.

ولم تخل البينة من وجهين: فان كان لها سداد وضبط وحزم وجودة تحصيل لم يحتج إلى التفريق والوعظ، والبحث لابد منه.

وان لم تكن بهذه الصفة فرقها، وسأل كل واحد على حدته عن الكيفية، والوقت، والمكان، وغير ذلك من الوجوه.

فان اتفقت الشهادات بحث عن العدالة، ووعظهم، فان ثبتوا وقد عدلوا حكم، وان جرحوا ورجعوا بالوعظ، أو اختلفت الشهادات اسقطها، واختار للمسألة رجلين موسومين بتسع خصال: بالعفة، ووفور العقل، والامانة، والوثوق والبراء‌ة من الشحناء، والهوى، والميل، والكيد، واللجاج، ووصاهما باكتتام ذلك عن المدعي، والمدعى عليه، والشهود.

وأقل ما يجزئ في ذلك أن يكتب ذكر المدعي، والمدعى عليه، والشهود

١٧٢

ومقدار الحق ليسأل صاحب المسألة أهل مسجدها، وسوقها، وجيران دكانها، وبيوتها سرا في رقعتين ودفع كل واحدة منهما إلى واحد بحيث لا يطلع عليه الاخر، ولا يقبل التعديل والجرح الا من اثنين، ويعتبر فيه لفظ الشهادة، ويقبل التعديل غير مفسر، والجرح لا يقبل الا مفسرا، ويسر إلى الحاكم.

ولم يخل: اما رجعا معا بالتعديل أو الجرح، أو رجع أحدهما بالتعديل والاخر بالجرح.

فان رجعا بالتعديل أمضى الحكم، وان رجعا بالجرح توقف عنه، وان اختلفا ضم مع كل واحد رجلا آخر وأمرهم بالسؤال والبحث، فان رجعوا بتمام بينة الجرح والتعديل حكم عليه، وان رجعوا بتمام البينتين أخذ بقول بينة الجرح.

ولا يرتب الحاكم شهودا لا يسمع من غيرهم، وان رتبها و سمع منها ومن غيرها جاز.

واذا حضر جماعة دفعة أقرع بينهم، فمن خرجت قرعته ابتدأ به في الحكم، وان علم من جاء أولا بدأ به، وان اشتبه كتب أساميهم في رقاع وخلطها، وجعلها تحت ما يجلس عليه، وأخرج واحدة فواحدة، فمن خرجت قرعته بدأ به.

واذا حضر خصمان للتداعي لم يخل حالهما من أربعة أوجه: اما عرف المدعي، أو ادعى كلاهما أنه قد أحضره للدعوى، أو ادعى كل واحد منهما على الاخر دفعة، أو بدأ أحدهما بالدعوى فادعى الاخر أنه أحضره ليدعي عليه.

فالاول: يسمع دعواه، ويحكم على مقتضى الشرع بينهما.

والثاني: ان كان لاحدهما بينة حكم عليها، وان لم يكن أقرع بينهما.

والثالث: يسمع ممن يكون على يمين الخصم.

والرابع: يسمع ممن بدأ بالدعوى، اذا لم يكن للاخر بينة على ما ادعاه.

ولم يخل المدعى عليه من ثلاثة أوجه: اما يكون أخرس، أو سكت عن الجواب تعنتا، أو أجاب.

١٧٣

فالاول: توصل الحاكم إلى افهامه، ومعرفة ما عنده، وحكم على ما أشاربه من الاقرار والانكار.

والثاني: يحبسه حتى يقر أو ينكر، الا أن يعفو الخصم.

والثالث: لم يخل من ثلاثة أوجه: اما أقر بما ادعاه، أو أنكر.

فان أقربما ادعاه وكان عينا قائمة في يده انتزعها، وان كان حقا في ذمته أمره بالايفاء، فان ادعى الاعسار من غير ذهاب مال قبل منه، الا أن يقيم خصمه بينة على يساره، وان ادعى ذهاب ماله لم يقبل منه الا ببينة من أهل الخبرة الباطنة، فاذا ثبت اعساره خلى سبيله ان لم يكن ذا حرفة يكتسب بها، أمره بالتمحل، وان كان ذا حرفة دفعه اليه ليستعمله، فما فضل عن قوته وقوت عياله بالمعروف أخذ بحقه.

وان أقر بغيره ولم يكن مالا لم يقبل منه، وان كان مالا وكان متهما ألزم بيانه، فان بين وكان موافقا لدعواه فالحكم فيه ما ذكر ناه.

وان كان مخالفا له: أو أقر مفسرا مخالفا له من غير جنس ما اداعاه وادعى المدعي أن ذلك أيضا يلزمه له الزم الخروج مما أقربه والدعوى لحالها، وان أقر بجنسه بأقل مما ادعى لزمه ما أقر به وحكم الباقي بحاله، وان لم يصدقه المدعي فيما أقربه كان دعواه بحالها والزم الجواب.

فان أقر فحكمه ما ذكرنا، وان أنكر قبل للمدعي: ألك بينة؟ فان أنعم وكانت حاضرة أقامها، وان لم تكن حاضرة قيل له: أحضرها وأقمها، ونظر في أمر غيرهما، فاذا أحضرها سمع شهادتها، فان اتفقت ووافقت دعواه أمضاها، وان خالفتها أسقطها، وان ادعى غيبة بينته أخذمنه كفيل حتى يحضر البينة مالم تزد المدة على ثلاثة أيام: فان زادت لم يلزمه الكفيل فان أحضرها قبل انقضاء المدة فذاك، وان لم يحضرها برئت ذمة الكفيل، وان قال: ليس لي بينة، قيل له: فما تريد؟ فان سكت أقامهما، وان قال: تأخذلي بحقي، قال للمدعى عليه: أتحلف؟.

١٧٤

فان أنعم قال للمدعي: أفتريد يمينه؟، فان قال: لا، أقامهما، قال: نعم، وعظه وخوفه وعرفه عاقبة اليمين الكاذبة، فان أقر فذاك، وان أصر حلفه، فاذا حلف أسقط دعواه، وان رد اليمين كان له ذلك فاذا حلف ثبت ما ادعاه، وان نكل بطل حقه.

واذا حلف المدعى عليه، وشرط في اليمين أنه اذا حلف لم يكن له رجوع عليه بعد ذلك بوجه لزم الشرط، وان لم يشرط وادعى بعد ذلك عليه، وأقام بينة قبل منه ذلك.

واذا ثبت المال على غير معسر وطالبه به، فتقاعد والتمس صاحب الحق حبسه الحاكم حتى يبرأ اليه من حقه.

واذا أقر المدعى عليه بالمال، وكان المقر بالغا، عاقلا، حرا، غير محجور عليه الزم حكم اقراره، وان كان غير عاقل، ولا بالغ لم يسمع اقراره.

وان كان عبدا وصدقه سيده، وكان بحق في النفس اقتص منه، الا أن يفتدي سيده، فان بلغ الفداء قيمته كان سيده مخيرا بين الفداء وتسليم العبد.

وان كان مالا في الذمة، وكان مأذونا في الاستدانة لزم مولاه، وان كان مأذونا في التجارة وظن المدين كونه مأذونافي الاستدانه لزم مولاه، وان كان مأذونا في ذمته، فاذا عتق طولب به.

وان كان محجورا عليه كان على ثلاثة أوجه: اما أقر بما يوجب القصاص، أو بما يكون محجورا عليه، أو بما لا يكون محجورا عليه.

فالاول: نقتص منه، والثاني: لا يسمع اقراره، والثالث: يصح اقراره به.

فاذا ثبت الحق باقرار من يصح اقراره، وطلب المدعي من الحاكم اثبات اقراره، فان كان الحاكم عرف المقر بخمسة أشياء: باسمه، ونسبه، وعينه، وثباته، وكمال عقله اثبته، وان لم يعرفه توقف عنه إلى أن يأتى ببينة عادلة.

فان التمس بعد ظهور الحال محضرا أوسجلا، وكان مع المدعي كتاب بحقه، وأثبت ما فيه بالبينة، أعلم في أول الكتاب، وكتب تحت كل شهادة: شهد

١٧٥

عندي في مجلس حكمي وقضائي، أو كتب له محضرا، وهو لثبوت الحق، وان ثبت الحق بالبينة من شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، أو شاهد ويمين وذكر ذلك في المحضر، وان التمس انفاذ ما فيه والحكم به فهو سجل.

ولا يجوز للحاكم أن يقبل كتاب حاكم آخر ويحكم به الا بالبينة، فان شهدت البينة على التفصيل حكم به.

ولم يخل: اما ادعى المدعي على حاضر يعبر عن نفسه، أو على غائب، أو ميت، أو حاضر لا يعبر عن نفسه مثل المولى عليه.

فالاول: قد ذكرنا حكمه.

والثاني: يحكم له بشرطين: اقامة بينة عادلة، أو (شاهد)(١) ، فاذا حلف لم يخل: اما يكون المدعى به عينا قائمة، أو دينا في ذمته.

فالاول: يأخذها الحاكم ويسلمه من المدعي.

والثاني: ان كان للمدعى عليه مال من جنس حقه قضى منه، وان كان من غير جنسه باع عليه: وقضى الحق من ثمنه ان التمس صاحبه، الا أن تكون الدعوى على ميت فانه يجوز لورثته أن يقضوا الحق من وجه آخر دون ثمن ما يباع عليه، وان لم يكن له مال أصلا ذهب حقه في الدنيا، الا أن يكتسب الغائب أو المولى عليه بعد ذلك مالا، وان سأله من له الحق على الغائب - ولم يكن له بحضرة الحاكم مال بعد ثبوته - أن يكتب له كتابا إلى حاكم آخر، ويحكم له به أجابه اليهما.

والمسافة القريبة والبعيدة في ذلك سواء، فاذا ثبت عند الحاكم الاخر أحضر المحكوم عليه وعرفه.

ولم يخل حاله من ستة أوجه: اما أقر به، أو أنكر، أو ادعى قضاء‌ه، أو

____________________

١) لم ترد في نسختى " ش " و " ط ".

(*)

١٧٦

ادعى أن له بينة أو جرحا للشهود، أو التمس اليمين، أو ادعى أنه غير المكتوب عليه.

فالاول: يلزمه حكم اقراره.

والثاني: يعرفه بالحكم عليه.

والثالث: لا يقبل منه الا ببينة.

والرابع: يؤجل ثلاثة أيام، فان أتى بها، والا الزم الحق.

والخامس: لا يلزم له، لانه قد حلف مرة.

والسادس: لم يخل: اما لم يسمه، أو سماه.

فالاول لا يقبل منه.

والثاني لم يخل: اما يوجد من سماه أو لا يوجد، أو يكون قدمات.

فان وجد، وكان للمحكوم له بينة بان الحاضر هو المحكوم عليه لم يسمع من المدعى عليه التعلل.

وان لم تكن له بينة وأحضره الحاكم، عرفه فان أقر توجه عليه الحق، وان أنكر لزم المكتوب له التفرقة بينها، فان فرق حكم به، وان عجز التمس من الحاكم الكاتب طلب مزية، فان بين حكم به، وان لم يبين توقف عنه.

وان لم يوجد الزم المحكوم به عليه، وان مات وأمكن أن تكون المعاملة بينهما فالاشكال بحاله، وان لم يمكن تعين الحكم على الحق، فان التمس من الحاكم الثاني كتابا إلى حاكم آخر كان له نقل الشهادة دون الحكم.

والمسافة معتبرة في ذلك قدر ما يجوز فيه قبول الشهادة، وهو مسيرة يوم للذهاب والمجئ معا، فاذا قبض الحق من له رد الكتاب ان كان الحق دينا، ولم يلزمه ان كان عينا.

فصل في بيان سماع البينات وكيفية الحكم بها

المتحاكمان على ثلاثة أوجه: اما يكونان مسلمين، أو كافرين، أو يكون أحدهما مسلما والاخر كافرا.

فالاول، والثاني: يلزم التسوية بين الخصمين.

١٧٧

والثالث: يرفع المسلم عليه.

ولا يجوز للحاكم ثمانية أشياء: أن يصح بأحدهما في غير موضعه، وتلقين أحد الخصمين ما يضر بالاخرة، والاشارة على أحدهما بترك ما قصد له من الاقرار أو اليمين أو غير ذلك، الا فيما يتعلق بحقوق الله تعالى: فانه يجوز له أن ينبهه على ما يسقط الحق، وتعتعة الشاهد بالمداخلة في شهادته، وتسديده اذا تتعتع، وتمكين أحدهما من الحيف، وافراد أحدهما بالخطاب.وضيافته.

وتلزمه خمسة أشياء: التسوية بينهما في المجلس، والنظر، والخطاب مع تساويهما في الدين، وتمكين من تكون له حجة من ايرادها، والتوكيل على من لا يهتدي لا قامة حجته، وتفريق الشهود اذا لم يكن لها سداد وضبط، والتوقف عن الحكم اذا اشتبه عليه حكم الحادثة، أو الشهود.

واذا جلس الخصمان بين يديه وسكتا قال: ليتكلم المدعي منكما.

واذا فصل بين خصمين تحول عنهما إلى غيرهما: واذا كان لجماعة دعوى حقوق من جنس واحد على واحد، ووكلوا بأجمعهم وكيلا واحدا، وادعى عليه لهم، وتوجه اليمين جاز الاقتصار على واحدة للكل، والاستحلاف لكل واحد بواحدة.

ولا يجوز سماع الدعوى غير محررة، الا في الوصية.

وانما تتحرر الدعوى في الدين بثلاثة أشياء على الحي، وبستة أشياء على الميت.

فالثلاثة: قدر المال، والجنس، والنوع.

وربما يحتاج إلى وصف رابع اذا اختلف النوع مثل من ادعى مائة درهم فلاني، وكان بين الصحيح و العلة تفاوت لزمه بيان ذلك.

وأما الستة: فالثلاثة التي ذكرنا، وبيان موته، واثبات تركته على التعيين، وكونها في يد المدعي عليه.

ويتحرر في العين ببيان الصفات اذا أمكن ضبطلها،

١٧٨

وبالقيمة اذا لم يمكن.

وان كان عينا تألفة لم يخل من ثلاثة أوجه: اما تكون من ذوات الامثال، أو من ذوات القيمة، أو محلاة بالذهب والفضة.

فالاول: يتحرر بالوصف، والثاني: بالقيمة، والثالث: ان كان محلاة بهما معا قومهما بأيهما شاء، وان كانت محلاة بأحدهما قومها بغير جنسه.

فاذا حررت الدعوى، والتمس الجواب طالبه به الحاكم، فان سكت حبسه حتى يجيب.

واذا ثبت الحق لم يحكم به الا بالتماس صاحبه، والحكم أن يقول، حكمت، أو قضيت عليك بذلك.

أو اخرج مما ثبت له عليك، أو الزمتك.

وان أنكر وكان موضع يمين، وعرف المدعي كان الحاكم مخيرا بين السكوت وبين أن يقول: ألك بينة، وان لم يعرف قال: ألك بينة؟ واذا عدل الشهود قال للمدعى عليه: ألك جرح؟ فان أنعم أمهله ثلاثة أيام، وتكفل به ان التمس خصمه، وان قال: لا جرح لم يحكم عليه الا بالتماس من له الحق.

وان جرح البينة قال: زدني في الشهود، وهو رد الشهادة، وان لم يجرح الشهود والتمس اليمين لم يكن له ذلك.

واذا غابت بينته غيبة بعيدة، أو عجز عنها لم يكن له طلب الكفيل وكان له اليمين أو التخلية، وعرفه الحاكم ذلك، وان طالب في دين مؤجل لم يحل أجله بكفيل لم يكن له ذلك أيضا، ولا يستحلف بغير التماس من المدعي، فان التمس عرض عليه، فان حلف أسقط دعواه على ما ذكرنا، وان نكل قال له ثلاثا: ان حلفت.

الا جعلتك ناكلا، فان حلف فذاك، وان رد فقد ذكرنا حكمه، وان أصر ردعلى خصمه، فاذا حلف ثبت حقه.

والحقوق ثلاثة: فان كانت لله لم يحكم بها على الغائب، وان كانت للناس حكم على ما ذكرنا، وان كانت لله تعالى من وجه وللناس من وجه آخر حكم على الغائب بحق‌الناس، وذلك مثل السرقة.

١٧٩

ويجوز للحاكم المأمون الحكم بعلمه في حقوق الناس، وللامام في جميع الحقوق.

والحاكم لم يخل: اما يخبر بحكمه، أو ينهى.

فان أخبر وقال: حكمت لفلان بكذا، أو أقر عندي بكذا، أو شهد له شاهدان عندي بكذا، فحكمت له قبل قوله حال ولايته.

وان أنهى واليا، أو معزولا، وقال: حكمت بكذا، أو حكم به حاكم لم يقبل قوله، ولم يكن في حكم شاهد، وان قال: أقر عندي بكذا كان شاهدا.

فصل في بيان أحكام البينات وكيفيتها

البينة على المدعي، واليمين على من أنكر.

فالبينة على المال، أو على ما يكون الغرض منه المال أحد أربعة أشياء: شاهدان، وشاهد ويمين، وشاهد وامرأتان ويمين.

فاذا أقام شاهدا كان مخيرا بين أن يقيم آخر، أو يقيم امرأتين، أو يحلف.

فان تداعى اثنان عينا قائمة لم يخل من أربعة أضرب: اما كانت في أيديهما معا، أو في يد أحدهما، أو في يد غيرهما، أو لم تكن في يد أحد.

فالاول: أربعة أضرب: اما يكون لكل واحد منهما بينة على سواء، أو تخالف احداهما الاخرى بوجه، أو لا بينة لاحدهما، أو تكون لاحدهما بينة.

فان تساوت البينتان كان المدعى به بينهما نصفين، وان اختلفتا لم يخل من ثلاثة أوجه: اما تكون احداهما مطلقة والاخرى مقيدة والحكم للمقيدة، أو تكون احدهما عادلة والاخرى غير عادلة والحكم للعادلة، أو تكون لاحدهما أكثر مع التساوي في العدالة والحكم لاكثر هما عددا.

وان لم تكن لاحدهما بينة وتخالفا كان بينهما نصفان، وان كانت البينة لاحدهما كان العين له.

١٨٠