الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة الجزء ١

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة

مؤلف: الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 70728
تحميل: 12867


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70728 / تحميل: 12867
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة الجزء 1

مؤلف:
العربية

تشبيها بالقرب المكاني، أومجردا عن ذلك(1) : فإنه تعالى غاية كل مقصد.

(والاستباحة) مطلقا، أو الرفع حيث يمكن(2) ، والمراد رفع حكم الحدث، وإلا فالحدث إذا وقع لا يرتفع(3) ولا شبهة في إجزاء النية المشتملة على جميع ذلك. وإن كان في وجوب ما عدا القربة نظر لعدم نهوض دليل عليه.

أما القربة فلا شبهة في إعتبارها في كل عبادة، وكذا تمييز العبادة عن غيرها حيث يكون الفعل مشتركا، إلا أنه لا إشتراك في الوضوء حتى في الوجوب والندب، لانه في وقت العبادة الواجبة المشروطة به لا يكون إلا واجبا(4) ، وبدونه ينتفي.

___________________________________

(1) أي مجردا عن قصد الامتثال والطاعة والرفعة.

(2) أي أن قصد الاستباحة يأتي على الاطلاق سواء أ كان الوضوء رافعا للحدث أم لم يكن كما في وضوء المستحاضة. وأما قصد الرفع فلابد أن يكون حيث يمكن.

(3) الحدث يطلق على الامور الحادثة المووجبة لحالة نفسانية مانعة عن الدخول في الصلاة وغيرها كالنوم وغيره. وقد يطلق على الحالة الحاصلة عقيب هذه الاسباب كما فسر الشارحرحمه‌الله الحدث بهذا المعنى فيما سبق. وحينئذ فالحدث الذي أذا وقع لا يرتفع هو الحدث بالمعنى الاول. وحكم الحدث الذي يرتفغ بالوضوء هو الحدث بالمعنى الثاني - أي الحالة الحاصلة عقيب الاسباب المذكورة.

(4) بناء على وجوب المقدمة مطلقا، سواء قصد بها الايصال إلى ذي المقدمة أم لا. وسواء أ كانت موصلة أم لا، وإلا فقد لايستصف بالوجوب في وقت العبادة الواجبة المشروطة به أيضا.

٣٢١

(وجري الماء): بان ينتقل كل جزء من الماء عن محله(1) إلى غيره بنفسه أو بمعين(2) (على ما دارت(3) عليه الابهام) بكسر الهمزة (والوسطى) من الوجه (عرضا وما بين القصاص) مثلث القاف: وهو منتهى منبت شعر الراس (إلى آخر الذقن) بالذال المعجمة والقاف المفتوحة منه(4) (طولا) مراعيا في ذلك مستوى الخلقة في الوجه واليدين(5) .

___________________________________

(1) هذا معنى الجريان الذي يحصل به الغسل فلا اشكال عليه. والظاهر أنه لابد من كون الجريان من الاعلى إلى الاسفل كما تأتي الاشارة اليه عند ذكر المسح.

(2) من غير المتوضئ، أو غير يده بحيث لا ينافي إسناد الغسل إلى المتوضئ وإلا فقيه إشكال بل منع، لان ظاهر الادلة وجوب التوضؤ عليه بجميع واجباته وصدوره منه. ولو شك في صدق إسناد الغسل اليه وجب الرجوع إلى مقتضى الاصل: من الاحتياط، أو البراء‌ة.

(3) هكذا في النسخ المطبوعة، لكن الموجود فيما بأيدينا من النسخ المخطوطة " دار " مذكرا وكلاهما صحيحان.

(4) يجوز فيه كسر الذال وسكون القاف أيضا.

(5) مقصوده قدس سره رعاية استواء الخلقة بين يد المتوضئ ووجهه فان كان وجهه عريضا ويده صغيرة وجب غسل الوجه أزيد مما تدور عليه اليد، لعدم التناسب بين اليد والوجه. وأما إذا كان الوجه صغيرا فلايجب غسل مقدار ماتحيط به اليد، بل يكفي غسل مقدار يتعارف غسله من الوجه. وكذلك يجب الغسل من الاعلى إلى الاسفل، وحينئذ يرتفغ جميع مايتوهم من الاشكالات.

٣٢٢

ويدخل في الحد مواضع التحذيف، وهي ما بين منتهى العذار والنزعة المتصلة بشعر الراس(1) والعذار(2) والعارض، لا النزعتان بالتحريك، وهما البياضان المكتنفان للناصية.

(وتخليل خفيف الشعر) وهو ما ترى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب، دون الكثيف وهو خلافه.

___________________________________

(1) الظاهر أن المتصلة صفة للنزعة. ويحتمل أن تكون صفة لمواضع التحذيف. وفي بعض النسخ الخطية المتصل مذكرا، ولعله غلط من النساخ.

وقيل: إنما سميت هذه المواضع بمواضع التحذيف، والمقصود أنه يدخل في الحد الذي يجب غسله مواضع التحذيف والعذار والعارض ولا تدخل النزعتان.

والعذار - على ماذكره المصنف في الدروس - ما حاذى الاذن بين الصدغ والعارض، والصدغ هو المنخفض الذي ما بين أعلى الاذن وطرف الحاجب، والعارض - على ما فسره أيضا في الدروس - هو الشعر المنحط عن القدر المحاذي للاذن إلى الذقن. ثم في دخول العذار والعارض في الوجه ووجوب غسلهما خلاف. راجع الكتب المفصلة.

٣٢٣

والمراد بتخليله إدخال الماء خلاله لغسل البشرة المستورة به، أما الظاهرة خلاله فلابد من غسلها، كما يجب غسل جزء آخر مما جاورها من المستورة من باب المقدمة.

والاقوى عدم وجوب تخليل الشعر مطلقا(1) وفاقا للمصنف في الذكرى والدروس وللمعظم، ويستوي في ذلك شعر اللحية والشارب، والخد و العذار والحاجب، والعنفقة والهدب(2) .

(ثم) غسل اليد (اليمنى من المرفق) بكسر الميم وفتح الفاء أو بالعكس وهو مجمع عظمي الذراع والعضد، لا نفس المفصل(3)

___________________________________

(1) أي سواء أكان خفيفا، أم كثيفا. ووجه القوة اطلاق مارواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: " كلما أحاط به الشعر فليس للعبادة أن يغسلوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجري عليه الماء " ونحوه غيري. (المصدر نفسه) الجزء 1 ص 235 الباب 46 الحديث 3.

ولاريب في عدم صدق الاحاطة في جميع الموارد، فلابد من الرجوع إلى الاصول في موارد الشك.

(2) الهدب بضمتين: شعرات أشفار العين. والعنفقة بفتح الاول والثالث والرابع: شعر الشفة السفلى، أو شعر بين الشفة والذقن، وقد عرفت معنى العذار في تعليقة رقم(2) ص 323. والباقي ظاهر.

(3) المراد من المجمع موضع اجتماع العظمين، أي المقدار المجتمع من العظمين ولعله المتفاهم منه عرفا.

والمراد من المفصل محل اتصال عظم الذراع بالعضد، أي رأس عظم الذراع المتصل بعطم العضد، لا ما اجتمع معه من عظم العضد ويجب غسل المرفق بالمعنى الاول لا الثاني.

وعلى الاول فرأس عظم العضد عظم الذراع. وتظهر الثمرة بالنسبة إلى مقطوع اليد من المرفق. فعلى الاول يجب غسل رأس عظم العضد، لانه الميسور من غسل اليد الواجب.

وعلى الثاني لا يجب لانه إنما كان يجب غسله مقدمة، لحصول غسل عظم الذراع، وحيث سقط ذوالمقدمة بانعدام الموضع فلا وجه لوجوب المقدمة.

٣٢٤

(إلى أطراف الاصابع ثم) غسل (اليسرى كذلك)، وغسل ما اشتملت عليه الخدود من لحم زائد، وشعر ويد وإصبع، دون ما خرج وإن كان يدا، إلا أن تشتبه الاصلية فتغسلان معا من باب المقدمة.

(ثم مسح مقدم الراس)، أو شعره الذي لا يخرج بمده عن حده واكتفى المصنف بالرأس تغليبا لا سمه على ما نبت عليه (بمسماه) أي مسمى المسح، ولو بجزء من إصبع، ممرا له على الممسوح ليتحقق اسمه لا بمجرد وضعه، ولا حد لاكثره(1) . نعم يكره الاستيعاب إلا أن يعتقد شرعيته فيحرم، وإن كان الفضل في مقدار ثلاث أصابع(2) .

___________________________________

(1) أي لاحد لاكثر المسح من حيث الاحاطة بالرأس عرضا وطولا ولكن يكره استيعاب الرأس، إلا أن يكون مع اعتقاد الشرعية فيصير تشريعا محرما.

(2) مقصودهرحمه‌الله أنه لا تحديد لمحل المسح من الرأس، لكن الفضل في مقدار ثلاث أصابع منضمات.

وقد أطلق المصنفرحمه‌الله اعتمادا على ظهوره. والظاهر أن مقدار ثلاث أصابع تحديد من جهة عرض الممسوح. وأما من حيث الطول فيكفي مجرد الامرار كما صرح بذلك كثير من الاصحاب. ويظهر من بعضهم كون التحديد المذكور من حيث الطول.

٣٢٥

(ثم مسح) بشرة ظهر الرجل (اليمنى) من رؤوس الاصابع إلى الكعبين: وهما قبتا القدمين على الاصح(1) وقيل إلى أصل الساق، وهو مختاره في الالفية.

(ثم) مسح ظهر (اليسرى) كذلك (بمسماه) في جانب العرض (ببقية البلل) الكائن على أعضاء الوضوء من مائه (فيهما) أي في المسحين، وفهم من إطلاقه المسح أنه لا ترتيب فيهما في نفس العضو فيجوز النكس فيه دون الغسل، للدلالة عليه ب‍ " من " و " إلى " وهو كذلك فيهما(2) على أصح القولين، وفي الدروس رجح منع النكس في الرأس دون الرجلين وفي البيان عكس ومثله في الالفية (مرتبا) بين أعضاء الغسل والمسح: بأن يبتدى ء بغسل الوجه، ثم باليد اليمنى، ثم اليسرى، ثم بمسح الرأس ثم الرجل اليمنى، ثم اليسرى، فلو عكس أعاد على ما يحصل معه

___________________________________

(1) لاخلاف عندنا في أن الواجب امتداد المسح إلى الكعبين كما هو صريح الآية الكريمة، وإنما الاختلاف في معنى الكعب: فالاصح عند الشارح أن قبة القدم: وهي العظم النابت على ظهر القدم.

وقيل: إن الكعب مفصل الساق، وينتج أن الواجب مسح الرجل إلى المفصل.

(2) أي في المسح والغسل، فيعتبر الترتيب في الثاني دون الاول. ويحتمل إرجاع ضمير التثنية إلى المسحين، أي مسح الرأس والرجلين.

٣٢٦

الترتيب مع بقاء الموالاة. وأسقط المصنف في غير الكتاب الترتيب بين الرجلين (مواليا) في فعله (بحيث لا يجف السابق) من الاعضاء على العضو الذي هو فيه مطلقا(1) ، على أشهر الاقوال. والمعتبر في الجفاف الحسي لا التقديرى، ولا فرق فيه بين العامد والناسى والجاهل.

(وسننه السواك) وهو دلك الاسنان بعود، وخرقة، وإصبع ونحوها(2) .

___________________________________

(1) الظاهر أن المعتبر عدم جفاف العضو السابق مطلقا، أي سواء أ كان الماء والهواء ومزاج المتوضئ معتدلا أم لا، وسواء أ كان التأخير عمدا أم جهلا أم نسيانا، فان جف الفضو الذي يريد أن يشتغل به فقد بطل وضوؤه، والاقوال الاخر التي اشار اليها هى ثلاثة: (الاول): التفصيل بين الجفاف الحسي والتقديري، والمراد بالتقديري عدم جفاف الفضو السابق حسا بسبب كثرة ماء الوضوء أو برودة الهواء، ولو كانا معتدلين لجف العضو السابق مع تراخيه في غسل اللاحق. (الثاني): التفصيل بين حصول الموالاة العرفية وعدمها.

(2) السواك - بالكسر - اسم لعود تدلك به الانسان، والمراد هنا استعماله، لانفسه، حيث إن المستحب هو الاستعمال، ولذلك فسرها الشارح بالدلك والتعميم بالنسبة إلى غير العود مستفاد من الروايات.

فعن الصادقعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: التسوك بالابهام والمسبحه (أي السبابة) عند الوضوء سواك.

(المصدر نفسه). الجزء 1. ص 358 - 359 الباب 9. الحديث 4.

٣٢٧

وأفضله(1) الغصن الاخضر، وأكمله الاراك، ومحله قبل غسل الوضوء الواجب والندب كالمضمضة(2) ، ولو أخره عنه أجزأ.

واعلم أن السواك سنة مطلقا، ولكنه يتأكد في مواضع منها: الوضوء والصلاة، وقراء‌ة القرآن، وإصفرار الاسنان وغيره(3) .

(والتسمية) وصورتها: " بسم الله وبالله ". ويستحب إتباعها بقوله: " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ". ولو اقتصر على " بسم الله " أجزأ. ولو نسيها ابتداء تداركها حيث ذكر، قبل الفراغ كالاكل وكذا لو تركها عمدا.

___________________________________

(1) الظاهر هود ضمير " أفضله " إلى العود لا إلى السواك لانها مؤنثة سماعية، وضمير " أكمله " إن رجع إلى الغصن فالمعنى ظاهر، وإن رجع إلى العود أيضا فالمقصود أن الاخضر أفضل، والاراك أكمل، فقد يجتمعان وقد يفترقان وحينئذ فيشكل الفرق بين الاكملية والافضلية، وكذلك الالتزام بأفضلية الغصن الاخضر.

واكملية الاراك لعدم دليل واضح عليهما.

(2) أي كما أن المضمضة محلها قبل الغسل الواجب والندب كذلك السواك محله قبل الغسل الواجب والندب.

(3) كالبحر، وهو: كراهة رائحة الفم.

٣٢٨

(وغسل اليدين) من الزندين (مرتين) من حدث النوم والبول والغائط، لا من مطلق الحدث كالريح على المشهور.

وقيل من الاولين مرة، وبه قطع في الذكرى. وقيل مرة في الجميع، واختاره المصنف في النفلية، ونسب التفصيل إلى المشهور وهو الاقوى. ولو اجتمعت الاسباب تداخلت إن تساوت، وإلا دخل الاقل تحت الاكثر.

وليكن الغسل (قبل إدخالهما الاناء) الذي يمكن الاغتراف منه لدفع النجاسة الوهمية، أو تعبدا(1) .

ولا يعتبر كون الماء(2) قليلا، لاطلاق النص(3) ، خلافا للعلامة حيث اعتبره.

___________________________________

(1) مراده: أن استحباب غسل اليدين إمالدفع النجاسة المتوهمة في اليد كما أفيد، أو لكونه تعبدا صرفا من غير أن يعرف وجهه.

(2) أي الماء الذي في الاناء.

(3) (المصدر نفسه). ص 300 - 301. الباب 27 الحديث 1 - 3 اليك نص الحديث الاول.

عن عبيدالله بن علي الحلبي قال: سألته عن الوضوء كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل أن يدخلها في الاناء؟ قال: واحدة من حدث البول واثنتان من حدث الغائط، وثلاث من الجنابة.

فالشاهد في الحديث، حيث إنه مطلق ليس فيه تقييد الماء بكونه قليلا، أو كثيرا.

٣٢٩

(والمضمضة): وهي إدخال الماء الفم، وإدارته فيه (والاستنشاق) وهو جذبه إلى داخل الانف (وتثليثهما): بأن يفعل كل واحد منهما ثلاثا، ولو بغرفة واحدة، وبثلاث أفضل، وكذا يستحب تقديم المضمضة أجمع(1) على الاستنشاق، والعطف بالواو لا يقتضيه(2) .

(وتثنية الغسلات(3) الثلاث بعد تمام الغسلة الاولى 4) في المشهور وانكرها الصدوق.

(والدعاء عند كل فعل): من الافعال الواجبة والمستحبة المتقدمة بالمأمور.

(وبدأة الرجل) في غسل اليدين (بالظهر وفي) الغسلة (الثانية بالبطن، عكس المرأة). فإن السنة لها البدأة بالبطن، والختم

___________________________________

(1) الصواب: " جمع " أو " جمعاء " كما قرر في القواعد العربية.

(2) أي لايدل على استحباب تقديم المضمضة على الاستنشاق، لعدم دلالة الواو على الترتيب.

(3) المراد باستحباب تثنية الغسلات في الوجه واليدين: غسل كل من الوجه واليدين مرتين.

(4) الظرف متعلق بالتثنية: يعني أن المستحب غسل كل عضو مرة ثانية بعد اتمام الغسلة الاولى، وقيده بذلك دفعا لتوهم عد مطلق صب الماء غسلة، أو كون المستحب غسلة بعد صب الماء في الجملة وإن لم تكمل الغسلة الاولى، ودفعا لاحتمال جواز الشروع في الغسل المستحب في كل عضو قبل انتهاء غسله الواجب: بأن يغسل اليد مثلا بعنوان الواجب إلى الزند مرة، وبعنوان الاستحباب أخرى ثم يغسل الكف بقصد الواجب، وثانية بقصد الاستحباب، وهكذا.

٣٣٠

بالظهر - كذا ذكره الشيخ وتبعه عليه المصنف هنا وجماعة، والموجود في النصوص بدأة الرجل بظهر الذراع، والمرأة بباطنه، من غير فرق فيهما بين الغسلتين وعليه الاكثر، (ويتخير الخنثى) بين البدأة بالظهر والبطن على المشهور(1) ، وبين الوظيفتين على المذ كور.

(والشاك فيه) أي في الوضوء (في أثنائه يستأنف). والمراد بالشك فيه نفسه في الاثناء الشك في نيته، لانه إذا شك فيها فالاصل عدمها، ومع ذلك(2) لا يعتد بما وقع من الافعال بدونها وبهذا صدق الشك فيه في أثنائه. وأما الشك في أنه هل توضأ أو هل شرع فيه أم لا؟ فلا يتصور تحققه في الاثناء(3) . وقد ذكر المصنف في مختصريه(4) الشك في النية في أثناء الوضوء

___________________________________

(1) أي على قول الاكثر الموافق لظاهر الروايات يبتدئ بالبطن في كلتا الغسلتين، عملا بوظيفة المرأة، أو بالظهر عملا بوظيفة الرجل. وأما على القول المذكور الذي ذكره الشيخ وتبعه جماعة فيختار احدى الوظيفتين: بأن يبتدئ في الاولى بالظهر، وفي الثانية بالبطن أو بالعكس. وكيف كان فالحكم بالتخيير بين وظيفة الرجل والمرأة غير ظاهر.

(2) أي مع أن الاصل عدم النية فلا يعتد بما وقع من الافعال بدون النية المفروضة العدم بمقتضى الاصل.

(3) حيث إن المتوضئ مشغول بالتوضؤ فكيف يتصور الشك المذكور في حقه؟

(4) وهما: الذكرى والدروس.

٣٣١

وأنه يستأنف، ولم يعبر بالشك في الوضوء إلا هنا.

(و) الشاك فيه بالمعنى المذكور(1) (بعده) أي بعد الفراغ (لا يلتفت) كما لو شك في غيرها(2) ، من الافعال.

(و) الشاك (في البعض يأتي به(3) (أي بذلك البعض المشكوك فيه إذا وقع الشك (على حاله) أي حال الوضوء: بحيث لم يكن فرغ منه، وان كان قد تجاوز ذلك البعض (إلا مع الجفاف). للاعضاء السابقة عليه (فيعيد)، لفوت الموالات.

(ولو شك) في بعضه (بعد انتقاله) عنه وفراغه منه (لا يلتفت) والحكم(4) منصوص متفق عليه.

___________________________________

(1) عن الشك في التوضؤ بالمعنى المذكور وهو الشك في النية في أثناء التوضؤ.

(2) أي في غير النية من بقية أفعال التوضؤ، فان الشاك حينئذ لا يلتفت إلى شكه كمالو شك في مسح الرأس بعد الفراغ عن الوضوء. بخلاف مالو شك في مسح الراس وهو مشغول بمسح الرجل اليمنى أو اليسرى فانه لابد من اتيان مسح الرأس ثم الاتيان بالباقي، إذ الشك فيه قبل الفراغ من الوضوء.

(3) أي يأتي بالمشكوك وما بعده لحصول الترتيب.

(4) أي الحكم بالاتيان بالمشكوك في الاثناء، وعدم الالتفات بعد الفراغ متفق عليه ومنصوص به، كما في صحيحة زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا فأعد عليها، وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله، أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء. فاذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة، أو في غيرها فشككت في بعض ماقد سمى الله أوجب الله عليك فيه وضوؤه لا شئ عليك فيه.

(المصدر نفسه) الجزء 1 ص 330 الباب 42. الحديث 1.

٣٣٢

(والشاك في الطهارة) مع تيقن الحدث (محدث)، لاصالة عدم الطهارة.

(والشاك في الحدث) مع تيقن الطهارة (متطهر) أخذا بالمتيقن(1) .

(والشاك فيهما) أي في المتأخر منهما مع تيقن وقوعهما (محدث(2) ) لتكافؤ الاحتمالين، إن لم يستفد من الاتحاد والتعاقب حكما آخر(3) .

___________________________________

(1) أي بالمتيقن السابق، وهي عبارة أخرى عن استصحاب الحدث الذي كان هو الحالة السابقة فتستحب تلك الحالة عند الشك في زوالها.

(2) أي بحكم المحدث فيما اذا كانت الطهارة شرطا فيه، لان إحتمال تأخر كل منهما مساو للآخر، فلا ترجيح لاحدهما على الآخر، فلا يحكم بالطهارة ولا بالحدث، فلابد من تحصيل الطهارة فيما تشترط فيه. وأما إذا كان الحدث مانعا فلا يحكم بكوفه محدثا وأن المانع موجود.

(3) مقصوده: أن الحكم بالتكافؤ، ووجوب تحصيل الطهارة إنما هو فيما إذالم يستفد - الشاك من اتحاد الطهارة والحدث عددا ومن العلم بتعاقب أحدهما للآخر - حكما آخر، أما اذا استفاد ذلك فلا يحكم بكونه محدثا.

بيان ذلك: ان المكلف اذا تيقن بصدور طهارة وحدث وعلم تساويهما في العدد: بأن كانت الطهارة واحدة والحدث واحدا، أو كانت الطهارة الثنتين، والحدث اثنين، وهكذا: بأن كانت الطهارة ثلاثة والحدث ثلاثا.

٣٣٣

هذا هو الاقوى والمشهور.

ولا فرق(1) بين أن يعلم حاله قبلهما(2) بالطهارة، أو بالحدث أو يشك.

وربما قيل بأنه يأخذ مع علمه بحاله(3) ضد ما علمه، لانه إن

___________________________________

(1) أي ولا فرق في الصور الثلاثة المذكورة في ص 333 وهي: (والشاك) في الطهارة مع تيقن الحدث محدث. (والشاك) في الحدث مع تيقن الطهارة متطهر. (والشاك) في تأخر الطهارة والحدث مع تيقن وقوعهما محدث: في الحكم المذكور بين أن يعلم الشاك حالته قبل الطهارة والحدث بسبب الطهارة، أوبالحدث، أو بالشك، بناء على عدم استفادة الشاك من الاتحاد والتعاقب حكما آخر.

أما لو استفاد الشاك من الاتحاد والتعاقب حكما آخر كما عرفت في المثال المذكور في الهامش 3 ص 333 فيأتي الفرق في الصور الثلاثة المذكورة لانه في الصورة الاولى يحكم بالطهارة حينئذ، دون الثانية والثالثة كما عرفت في المثال المذكور في الهامش 3 ص 333.

(2) أي قبل الطهارة والحدث المتأخر وقوعهما عند الشك في تأخر الطهارة من الحدث عن الطهارة كما عرفت.

(3) أي بحالته السابقة على الطهارة والحدث المتأخر وقوعهما عند الشك في تأخر الطهارة عند الحدث، أو تأخر الحدث عن الطهارة،

٣٣٤

كان متطهرا فقد علم نقض تلك الحالة، وشك في ارتفاع الناقض، لجواز تعاقب الطهارتين وإن كان محدثا فقد علم انتقاله عنه بالطهارة وشك في انتقاضها بالحدث، لجواز تعاقب الاحداث.

ويشكل(1) بأن المتيقن حينئذ ارتفاع الحدث السابق، أما اللاحق المتيقن وقوعه فلا. وجواز(2) تعاقبه لمثله متكافؤ، لتأخره عن الطهارة، ولا مرجح. نعم(3) لو كان المتحقق طهارة رافعة، وقلنا بأن المجدد لا يرفع.

___________________________________

(1) هذا ايراد من الشهيد الثاني أورده على ماأفاده القيل في الشق الثاني بقوله: وإن كان محدثا فقد علم انتقاله عند الطهارة وشك في انتقاضها بالحدث.

وخلاصة الايراد: أن الشاك لو أخذ بضد ما علمه سابقا كما لو كانت حالته السابقة الحدث فاخذ بضده وهي الطهارة فقد تيقن بارتفاع الحدث السابق. وأما الحدث اللاحق المتيقن وقوعه فلا يرتفع وعلم أيضا بأن كل طهارة كانت عقيب كل حدث فيستفيد من هذين العلمين أن أثر الحدث مرتفع قطعا. أو علم بأن الحدث كان عقيب الطهارة فيستفيد أن طهارته مرتفعة قطعا.

(2) هذا جواب عن قول القيل: لجواز تعاقب الاحداث.

وحاصله: أن تعاقب الحدث لمثله وان كان محتملا، لكنه متكافئ لاحتمال تأخر الحدث عن الطهارة.

(3) ملخص الاستدراك: أنه إذا علم أن الطهارة التي تحققت ووقع الشك في تأحرها كانت طهارة رافعة، وقلنا بأن التجديدي لا يرفع حدثا فيستفاد من ذلك أن الطهارة كانت عقيب الحدث فهو متطهر حينئذ.

وكذلك لو علم أنها لم تكن تجديدية قطعا.

وأما إذا قلنا بأن التجديدي رافع للحدث أيضا فلا يستفيد من علمه الاول أنها كانت عقيب الحدث.

ملحوظة: معنى كون الوضوء التجديدي رافعا للحدث: أنه يزيد نورا على نور كما في الحديث: " الوضوء على الوضوء نور على نور ".

وسائل الشيعة) الجزء 1. ص 265. الباب 8. الحديث 8.

٣٣٥

أو قطع بعدمه(1) توجه الحكم بالطهارة في الاول(2) ، كما أنه لو علم عدم تعاقب الحدثين بحسب عادته، أو في هذه الصورة(3) تحقق الحكم بالحدث في الثاني، إلا أنه خارج عن موضع النزاع، بل ليس من حقيقة الشك في شئ إلا بحسب ابتدائه: وبهذا(5) يظهر ضعف القول باستصحاب الحالة السابقة بل بطلانه.

___________________________________

(1) أي بعدم تجديدية الوضوء كما عرفت ذلك في الهامش ص عند قولنا: وكذلك لو علم أنها لم تكن تجديدية قطعا.

(2) أي في الفرض الاول: وهو قوله في ص 334: لانه إن كان متطهرا فقد علم نقض.

(3) وهي صورة تحقق طهارة رافعة وقلنا: إن المجدد لا يرفع.

(4) أي في الفرض الثاني: وهو فوله في ص 335: وان كان محدثا فقد علم انتقاله عنه بالطهارة.

(5) أي وبما ذكرناه عن القيل: من الاخذ بضد الحالة السابقة وبما أوردناه عليه بقولنا في ص 335: ويشكل بأن المتيقن يظهر ضعف القول بأخذ نفس الحالة السابقة، وهذا الاخير قول العلامة، كما أن الاول قول المحقق، وهما مقابلان للمشهور.

٣٣٦

(مسائل)

(يجب على المتخلي ستر العورة) قبلا ودبرا عن ناظر محترم.

(وترك استقبال القبلة) بمقاديم بدنه(1) ، (ودبرها) كذلك(2) في البناء وغيره.

(وغسل البول بالماء) مرتين كما مر.

(و) كذا يجب غسل (الغائط) بالماء (مع التعدي) للمخرج بأن تجاوز حواشيه وإن لم يبلغ الالية، (وإلا) أي وإن لم يتعد الغائط المخرج (فئلاثة أحجار) طاهرة جافة قالعة للنجاسة (أبكار) لم يستنج بها بحيث تنجست به.

(أو بعد طهارتها) إن لم تكن أبكارا وتنجست، ولو لم تنجس - كالمكملة للعدد بعد نقاء المحل - كفت من غير إعتبار الطهر (فصاعدا) عن الثلاثة إن لم ينق المحل بها (أو شبهها) من ثلاث خرق، أو خزافات، أو أعواد ونحو ذلك من الاجسام القالعة للنجاسة غير المحترمة.

___________________________________

(1) فلا يكفي تحويل العورة خاصة مع استقبال مقاديم البدن، أو استدبارها.

(2) أي بمقاديم بدنه، وقوله: " في البناء وغيره " رد على ابن الجنيد حيث حكم بكراهة الاستقبال في الصحراء.

وعلى سلار، حيث نقلت عنه الكراهة في البنيان. وعلى المفيد، حيث جوز الاستقبال والاستدبار في البنيان.

٣٣٧

ويعتبر العدد في ظاهر النص(1) ، وهوالذي يقتضيه إطلاق العبارة فلا يجزى ذو الجهات الثلاث. وقطع المصنف في غير الكتاب باجزائه ويمكن إدخاله(2) على مذهبه في شبهها.

واعلم أن الماء مجز مطلقا، بل هو أفضل من الاحجار على تقدير إجزائها، وليس في عبارته هنا ما يدل على إجزاء الماء في غير المتعدي(3) نعم يمكن استفادته(4) من قوله سابقا: الماء مطلقا(5) ولعله اجتزأ به.

(ويستحب التباعد) عن الناس بحيث لا يرى تأسيا بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فانه لم يرقط على بول ولا غائط.

(والجمع بين المطهرين): الماء والاحجار مقدما للاحجار في المتعدي وغيره مبالغة في التنزيه، ولازالة العين والاثر(6) على تقدير إجزاء الحجر.

___________________________________

(1) عن أبى جعفرعليه‌السلام قال: " جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار ".

(وسائل الشيعة) الجزء 1. ص 246. الباب 30. الحديث 3.

(2) لما كان مذهب المصنف في غير هذا الكتاب إجزاء ذي الجهات الثلاث أمكن ادخال ذي الجهات الثلاث في ص 337 عموم قوله: أو " شبهها " ليوافق ما هنا سائر كتبه.

(3) وذلك لانه قال: " والغائط مع التعدي "، وكأن المصنف ترك ذكر " غير المتعدي " لمفهوم الموافقة اختصارا.

(4) أي استفادة اجزاء الماء في غير المتعدي.

(5) في ص 312 عند قوله: الماء مطلقا.

(6) على طريقة اللف والنشر المرتب، فازالة العين بالاحجار وازالة الاثر بالماء، والثانية مستحبة على تقدير اجزاء الاحجار، وازالة العين، وأما على تقدير عدم كفاية الاحجار فازالة الاثر بالماء واجبة.

فقوله: " على تقدير اجزاء الاحجار " قيد لاستحباب الزالة الاثر لا لاستحباب الجمع، فان الجمع مستحب، سواء أكانت الاحجار مجزية أم غير مجزية.

٣٣٨

ويظهر من اطلاق المطهر استحباب عدد من الاحجار مطهر ويمكن تأديه بدونه(1) ، لحصول الغرض.

(وترك إستقبال) جرم (النيرين) الشمس والقمر بالفرج أما جهتهما فلا بأس، وترك استقبال (الريح) واستدبارها بالبول والغائط لاطلاق الخبر(2) ، ومن ثم أطلق المصنف، وإن قيد في غيره بالبول.

___________________________________

(1) أي يمكن تأدي استحباب الجمع بدون العدد المعتبر في التطهير لان الغرض: وهي المبالغة في التنزيه يحصل بالجمع مطلقا.

(2) وهي مرفوعة عبدالحميد بن أبي العلي عن الحسن بن علي عليهما السلام: ما حد الغائط؟ قال: " لا تستقبل القبلة، ولا تستدبرها، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها " (المصدر نفسه) ص 213. الباب 2 الحديث 6.

وليعلم أن الغائط هو المكان المنخفض القابل للتخلي فيه، فاطلاق الغائط على مدفوع الانسان مجاز باعتبار المحل، وحينئذ فاطلاق الرواية بالنسبة إلى البول و الغائط ظاهر.

ولعل تقييد بعض الاصحاب الكراهة بالبول باعتبار ما يتوهم من طفرته نحو الانسان إذا استقبل به الريح دون الغائط، أو لما في حديث الاربعمائة. قال: " إذا بال أحدكم فلا يطمحن ببوله ولا يستقبل ببوله الريح " (المصدر نفسه). ص 249. الباب 33. الحديث 6.

ولا يخفى أن هذا الخبر لا يوجب تقييد الا طلاق، لعدم المنافاة بين النهي عن استقبال الريح بالبول، ومطلق النهي عن استقبالها في محل الغائط، سواء أكان للبول أم الغائط.

٣٣٩

(وتغطية الرأس) إن كان مكشوفا، حذرا من وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه. وروي التقنع معها(1) .

(والدخول) بالرجل (اليسرى) إن كان ببناء، وإلا جعلها آخر ما يقدمه(2) .

(والخروج) بالرجل (اليمنى) كما وصفناه عكس المسجد.

(والدعاء في أحواله) التي ورد استحباب الدعاء فيها: وهي عند الدخول، وعند الفعل، ورؤية الماء، والاستنجاء، وعند مسح بطنه

___________________________________

(1) أي روي التقنع مع تغطية الرأس، أي حالتها، لا أنهما مرويان معا كما قد يتوهم من العبارة. والرواية هي مرسلة علي بن أسباط عن الصادقعليه‌السلام إنه اذا دخل الكنيف يقنع رأسه. هذا مع أن الامامعليه‌السلام كان مغطئ الرأس طبعا.

(المصدر نفسه): ص 214. الباب 3. الحديث 2.

(2) بالتشديد من باب التفعيل، أي جعل الرجل اليسرى آخر قدم يقدمها عندما يقصد بيت الخلاء.

٣٤٠