الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة الجزء ١

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة

مؤلف: الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 70738
تحميل: 12867


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70738 / تحميل: 12867
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة الجزء 1

مؤلف:
العربية

تتلافى(1) بعد الصلاة (تطهر وأتى بها) من غير أن تبطل الصلاة (على الاقوى). لانها(2) صلاة منفردة، ومن ثم وجب فيها النية والتحريمة والفاتحة، ولا صلاة إلا بها(3) وكونها(3) جبرا لما يحتمل نقصه من الفريضة ومن ثم وجبت

___________________________________

(1) في بعض النسخ المطبوعة (تلافى) بحذف احدى التائين وهو جائز.

(2) أي لان صلاة الاحتياط التي يأتيها الشاك.

(3) أي إلا بالنية والتحريمة والفاتحة. لاشك أن كل صلاة لابد لها من الاشتمال على هذه المذكورات. لكن هل أن كل صلاة اشتملت على هذه المذكورات تعد صلاة؟ الثابت هي الكلية الاولى. أما الثانية فلا، مع أن استدلال الشارح بقوله: ومن ثم وجب فيها النية والتحريمة والفاتحة، ولا صلاة إلا بها: موقوف على الكلية الثانية.

(4) دفع وهم حاصل الوهم: أن صلاة الاحتياط إنما شرعت لكونها جبرانا لما يحتمل من وقوع النقص في الصلاة، ولذلك وجبت المطابقة بينها وبين أصل الصلاة الواجبة، فالجبر ان هذا يقتضي كون صلاة الاحتياط جزء للصلاة الواجبة، لا بدلا عنها: فعلى الجزئية لا يجوز الفصل بينها، وبين صلاة الاحتياط، فاذا فصل بالحديث ثم تطهر بطلت الصلاة.

٧٠١

المطابقة بينهما: لا يقتضي(1) الجزئية، بل يحتمل ذلك(2) ، والبدلية إذ(3) لا يقتضي المساواة من كل وجه، ولاصالة(4) الصحة وعليه(5) المصنف في مختصراته.

___________________________________

(1) جواب عن الدهم الذكور.

خلاصته: أن مجرد كون صلاة الاحتياط جبرانا لما يحتمل من النقيصة لا يقتضي جزئيتها لاصل الصلاة حتى لا يجوز الفصل بينها، وبين أصل الصلاة بالطهارة لو أحدث قبل اتيان صلاة الاحتياط. وجملة لا يقتضي مرفوعة محلا خبر للمبتدأ المتقدم.

(2) أي الجزئية.

(3) تعليل لاحتمال البدلية، حيث لاتجب مطابقة البدل مع المبدل منه من جميع الجهات حتى بعدم الفصل. كما لوشك بين الثلاث والاربع فيبني على الاربع ثم يأتي بركعتين من جلوس بصلاة الاحتياط. فهنا ماطبق بين البدل والمبدل منه.

(4) هذ دليل ثان لعدم بطلان أصل الصلاة لو احدث المصلي قبل صلاة الاحتياط فتطهر ثم أتى بصلاة الاحتياط. والمراد من الاصالة هو الاستصحاب. وخلاصته: أنه قبل وقوع الحدث كانت الصلاة صحيحة، وبعد الشك فيها بوقوع الحدث قبل اتيان صلاة الاحتياط نشك في صحتها فنستصحب الصحة.

(5) أي وعلى أصالة الصحة المصنف في الدروس والالفية والبيان.

٧٠٢

واستضعفه في الذكرى، بناء على أن شرعيته ليكون استدراكا للفائت منها، فهو على تقدير وجوبه جزء، فيكون الحدث واقعا في الصلاة ولدلالة ظاهر الاخبار عليه(1) . وقد عرفت(2) دلالة البدلية، والاخبار إنما دلت على الفورية ولا نزاع فيها، وإنما الكلام في أنه بمخالفتها هل يأثم خاصة - كما هو مقتضى كل واجب - أم يبطلها(3) ؟ وأما الاجزاء المنسية فقد خرجت عن كونها جزء محضا وتلافيها بعد الصلاة فعل آخر. ولو بقيت على محض الجزئية كما كانت لبطلت بتخلل الاركان بين محلها وتلافيها.

(ولو ذكر ما فعل فلا إعادة، إلا أن يكون قد أحدث) أي ذكر نقصان الصلاة: بحيث يحتاج إلى إكمالها بمثل ما فعل صحت الصلاة وكان الاحتياط متمما لها وإن اشتمل على زيادة الاركان: من النية، والتكبير، ونقصان بعض كالقيام لو احتاط جالسا، وزيادة الركوع، والسجود في الركعات المتعددة(4) للامتثال(5)

___________________________________

(1) أي على كونها جزء‌ا. راجع (وسائل الشيعة). الجزء 5. ص 318. الباب 8. الحديث 3 - 4.

(2) شروع في رد أدلة القائل بالجزئية.

(3) أي يبطل الصلاة ويفسدها بمخالفة الفورية.

(4) كما لو أتى بالاحتياط من جلوس: فانه يزيد في السجدات والركوعات ضعف اللازم.

(5) هذا تعليل لصحة الصلاة.

٧٠٣

المقتضي للاجزاء. ولو اعتبرت المطابقة محضا لم يسلم احتياط ذكر فاعله الحاجة إليه، لتحقيق الزيادة وإن لم تحصل المخالفة(1) . ويشمل ذلك ما لو أوجب الشك إحتياطين، وهو ظاهر مع المطابقة، كما لو تذكر(2) أنها إثنتان بعد أن قدم ركعتي القيام ولو ذكر أنها ثلاث أحتمل كونه كذلك، وهو ظاهر الفتوى لما ذكر(3) . وإلحاقه(4) بمن زاد ركعة آخر الصلاة سهوا(5) . وكذا لو ظهر الاول(6) بعد تقديم صلاة الجلوس، أو الركعة قائما إن جوزناه. ولعله(7) السر في تقديم ركعتي القيام.

___________________________________

(1) أي أن زيادة النية والتكبير حاصلة على كل حال، وإن لم تحصل المخالفة في عدد الركعات والركوع والسجود.

(2) في بعض النسخ " لو ذكر " والمعنى واحد. ومرجع الضمير في أنها الصلاة المشكوكة الفائتة أي لو كانت الفائتة في الواقع ركعتين.

(3) في قوله في ص 713: للامتثال المقتضي للاجراء.

(4) بالرفع عطفا على كلمة " كونه "، أي احتمل الحاقه بمن زاد.

(5) أي أن صلاته تكون صحيحة على فرض جلوسه قبلها بقدر التشهد، بناء على القول بالصحة حينئذ.

(6) المراد بالاول " ما لو تذكرأنها اثنتان... ".

(7) أي أن السر في تقديم الركعتين من قيام حصول المطابقة أو زيادة ركعة سهوا. بخلاف تقديم الركعتين من جلوس أو الركعة الواحدة فلا تحصل بهما مطابقة للواقع غالبا.

٧٠٤

وعلى ما اخترناه لا تظهر المخالفة إلا في الفرض الاول من فروضها(1) ، وأمره سهل مع إطلاق النص، وتحقق الامتثال الموجب للاجزاء. وكيف كان فهو أسهل من قيام ركعتين من جلوس مقام ركعة من قيام إذا ظهرت الحاجة إليه في جميع الصور(2) . هذا إذا ذكر بعد تمامه، ولو كان في أثنائه فكذلك مع المطا بقة(3) أو لم يتجاوز القدر المطابق فليسلم عليه. ويشكل مع المخالفة - خصوصا مع الجلوس -(4) إذا كان قد ركع للاولى، لاختلال نظم الصلاة، أما قبله فيكمل الركعة

___________________________________

(1) وهو ما اختاره سابقا في ص 708 بقوله: وقيل يجوز إبدال الركعتين جالسا بركعة قائما. وحينئذ لا تظهر المخالفة إلا في الفرض الاول: وهو (ظهور أن الفائت اثنان).

(2) أي صور المخالفة.

(3) كما لوقدم الركعتين من قيام وتذكر في الاثناء أن الفائت ركعتان.

(4) لعدم امكان التطبيق، بخلاف ما إذا تلبس بركعة من قيام، فانه يتمكن من إلحاق ركعة أخرى عند ما تظهر الحاجة إليها.

٧٠٥

قائما، ويغتفر ما زاده من النية: والتحريمة كالسابق(1) . وظاهر الفتوى اغتفار الجميع(2) ، أما لو كان قد أحدث أعاد، لظهوره في أثناء الصلاة، مع احتمال الصحة(3) . ولو ذكر بعد الفراغ تمام الصلاة فأولى بالصحة، ولكن العبارة لا تتناوله، وإن دخل في ذكر ما فعل، إلا أن استثناء الحدث ينافيه إذ لا فرق في الصحة بين الحالين(4) . ولو ذكر التمام في الاثناء تخير بين قطعه وإتمامه، وهو الافضل.

(الثانية(5) : حكم الصدوق) ابوجعفر (محمد بن بابويه بالبطلان) أي بطلان الصلاة (في) صورة (الشك بين الاثنتين والاربع)

___________________________________

(1) أي كما لو تذكر بعد الفراغ من صلاة الاحتياط.

(2) أي في جميع صور المخالفة، سواء أكان في أثناء الاحتاط أم بعده، أم قبله.

(3) وذلك لاحتمال كون الاحتياط بدلا عن الفائت، لاجزء ولا يضر وقوع الحدث بين البدل منه، وإنما يضر لو تخلل الاجزاء.

(4) لان الصلاة بعد كمالها لا يضرها الحدث بعدها، فحالة الحدث وعدمه بعدها سيان. اذا فالاستثناء لصورة الحدث يدل على اختصاص هذه الاحكام بمن تذكر نقصان صلاته.

(5) أي المسألة الثانية من المسائل السبع التي قالها المصنف في ص 709: مسائل سبع.

٧٠٦

استنادا إلى مقطوعة محمد بن مسلم.

قال: سألته عن الرجل لا يدري أصلى ركعتين أم أربعا؟ قال: يعيد الصلاة(1) .

(والرواية مجهولة المسئول) فيحتمل كونه غير إمام، مع معارضتها بصحيحة محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام فيمن لا يدري أركعتان صلاته، أم أربع؟ قال: يسلم ويصلى ركعتين بفاتحة الكتاب، ويتشهد وينصرف، وفي معناها غيرها(2) . ويمكن حمل المقطوعة(3) على من شك قبل إكمال السجود أو على الشك في غير الرباعية.

(الثالثة(4) أوجب) الصدوق (أيضا الاحتياط بركعتين جالسا لو شك في المغرب بين الاثنتين والثلاث، وذهب وهمه) أي ظنه (إلى الثالثة(5) ، عملا برواية عمار) بن موسى (الساباطي عن الصادقعليه‌السلام )(6) .

___________________________________

(1) راجع (المصدر نفسه) ص 324. الباب 11. الحديث 7.

(2) الحديث هنا منقول بالمعنى، وغيره مذكور في الوسائل.

راجع (المصدر نفسه). ص 323. الباب 11 - الحديث 6 - 8 - 9.

(3) أي حملت مقطوعة محمد بن مسلم المشار اليها في هذه الصفحة.

(4) أي المسألة الثالثة من المسائل السبع التي قالها المصنف في ص 709 مسائل سبع.

(5) في بعض النسخ " إلى الثلاثة " والمعنى واحد.

(6) راجع (المصدر نفسه): ص 305. الباب 2. الحديث 11 - 12.

لكن الرواية لا تشتمل على قيد: (وذهب وهمه إلى الثالثة) وإنما هو احتمال احتمله الشيخرحمه‌الله وحملها الآخرون على التقية. ‌

٧٠٧

(وهو) أي عمار (فطحي) المذهب المنسوب إلى الفطحية وهم القائلون بامامة عبدالله بن جعفر الافطح فلا يعتد بروايته، مع كونها شاذة، والقول بها نادر، والحكم ما تقدم: من أنه مع ظن أحد الطرفين يبني عليه من غير أن يلزمه شئ(1) .

(وأوجب) الصدوق (أيضا ركعتين جلوسا للشاك(2) بين الاربع والخمس، وهو) قول (متروك)، وإنما الحق فيه ماسبق من التفصيل من غير إحتياط، ولان الاحتياط جبر لما يحتمل نقصه وهو هنا منفي قطعا(3) . وربما حمل على الشك فيهما قبل الركوع، فانه يوجب الاحتياط بهما كما مر.

(الرابعة(4) خير إبن الجنيد (رحمه‌الله الشاك بين الثلاث والاربع بين البناء على الاقل ولا إحتياط، أو على الاكثر ويحتاط بركعة)

___________________________________

(1) من الاحتياط والسهو وغير ذلك.

(2) في بعض النسخ: " للشك " وهو أحسن.

(3) لان المصلي هنا شاك بين الاربع والخمس فلا نقيصة في البين حتى تتدارك بصلاة الاحتياط، لانه إما صلى أربعا أو خمسا في الواقع.

(4) أي المسألة الرابعة من المسائل السبع التي قالها المصنف في ص 709: مسائل سبع،

٧٠٨

قائما (أو ركعتين) جالسا (وهو خيرة الصدوق) ابن بابويه جمعا بين الاخبار لدالة على الاحتياط المذكور ورواية سهل بن اليسع عن الرضاعليه‌السلام أنه قال: " يبني على يقينه، ويسجد للسهو "(1) بحملها على التخيير ولتساويهما في تحصيل الغرض من فعل ما يحتمل فواته، ولاصالة عدم فعله، فيتخير بين فعله وبدله.

(وترده) أي هذا القول (الروايات المشهورة) الدالة على البناء على الاكثر، إما مطلقا كرواية عمار عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: " إذا سهوت فابن على الاكثر، فاذا فرغت وسلمت فقم فصل ما ظننت أنك نقصت. فان كنت أتممت لم يكن عليك شئ. وإن ذكرت أنك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت " وغيرها(2) .

وإما بخصوص المسألة كرواية عبدالرحمن بن سيابة، وأبي العباس عنهعليه‌السلام : " إذا لم تدر ثلاثا صليت، أو أربعا، ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث وإن وقع رأيك على الاربع فسلم وانصرف.

___________________________________

(1) راجع (المصدر نفسه). ص 325. الباب 13. الحديث 2.

(2) راجع (المصدر نفسه) ص 318. الباب 8. الحديث 3

٧٠٩

وإن اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس ". وفي خبر آخر عنهعليه‌السلام : " هو بالخيار إن شاء صلى ركعة قائما، أو ركعتين جالسا "(1) . ورواية ابن اليسع(2) مطرحة، لموافقتها لمذهب العامة(3) أو محمولة على غلبة الظن بالنقيصة.

(الخامسة(4) قال علي بن بابويهرحمه‌الله في الشك بين الاثنتين والثلاث: إن ذهب الوهم) وهو الظن (إلى الثالثة أتمها رابعة ثم احتاط بركعة)، (وإن ذهب الوهم إلى الاثنتين بنى عليه وتشهد في كل ركعة تبقى عليه) أي بعدها. أما على الثانية فظاهر، وأما على الثالثة فلجواز أن تكون رابعة بأن تكون صلاته عند شكه ثلاثا، وعلى الرابعة ظاهر، (وسجد للسهو، وإن اعتدل الوهم تخير بين البناء على الاقل والتشهد في كل ركعة: وبين البناء على الاكثر والاحتياط).

___________________________________

(1) راجع (المصدر نفسه). ص 310. الباب 10. الحديث 1 - 2.

(2) وهي رواية سهل بن اليسع عن الامام الرضاعليه‌السلام التي نقلها الشارح في ص 716 بقوله: ورواية سهل بن اليسع.

(3) راجع (الفقه على المذاهب الاربعة). الجزء 1 ص 345 في فصل أسباب سجود السهو السبب الثاني.

(4) أي المسألة الخامسة من المسائل السبع التي قالها المصنف في ص 709: مسائل سبع.

٧١٠

وهذا القول مع ندوره لم نقف على مستنده.

(والشهرة) بين الاصحاب في أن حكم هذا الشاك مع اعتدال وهمه البناء على الاكثر، والاحتياط المذكور (تدفعه). والتحقيق أنه لا نص من الجانبين(1) على الخصوص. والعموم يدل على المشهور، والشك بين الثلاث والاربع منصوص وهو يناسبه(2) . واعلم أن هذه المسائل مع السابعة خارجة عن موضوع الكتاب لالتزامه فيه أن لا يذكر إلا المشهور بين الاصحاب، لانها من شواذ الاقوال، ولكنه أعلم بما قال.

(السادسة(3) لا حكم للسهو مع الكثرة)، للنص الصحيح

___________________________________

(1) وهما: قول علي بن بابويه القمي وقول المشهور بين الاصحاب.

(2) يعني لم يرد نص خاص بصورة الشك بين الاثنتين والثلاث ليكون مستندا لابن بابويه، أو المشهور، لكن العموم الوارد في البناء على الاكثر مطلقا يدل على مذهب المشهور. وعلى أن النص الوارد في صورة الشك بين الثلاث والاربع يؤيد مذهب المشهور في هذه الصورة أيضا. وتجد الاخبار العامة في الوسائل.

راجع (المصدر نفسه) الجزء 5 ص 317 - 319. الباب 8. الاحاديث.

أما النص الوارد في خصوص الثلاث والاربع.

فراجع (المصدر نفسه) ص 320 - 321. الباب 10. الاحاديث.

(3) أي المسألة السادسة من المسائل السبع التي قالها المصنف في ص 309 مسائل سبع.

٧١١

الدال عليه معللا بأنه إذا لم يلتفت تركه الشيطان فانما يريد أن يطاع فاذا عصي لم يعد(1) . والمرجع في الكثرة إلى العرف وهي تحصل بالتوالي ثلاثا وإن كان في فرائض(2) . والمراد بالسهو ما يشمل الشك، فان كلا منهما يطلق على الآخر إستعمالا شرعيا، أو تجوزا، لتقارب المعنيين(3) . ومعنى عدم الحكم معها عدم الالتفات إلى ما شك فيه: من فعل، أو ركعة، بل يبني على وقوعه وإن كان في محله حتى لو فعله بطلت. نعم لو كان المتروك ركنا لم تؤثر الكثرة في عدم البطلان(4)

___________________________________

(1) راجع (المصدر نفسه) ص 329: الباب 16. الحديث 2 والحديث منقول هنا بالمعنى.

(2) أي فرائض متعاقبة عرفا كالظهر، ثم العصر، ثم المغرب مثلا.

(3) لان السهو يرادف النسيان، وهو الذهول والغفلة. أما الشك فهو التردد، فالشك مستلزم لالتفات الذهن، ولكن مع التردد. أما السهو فهو عدم الالتفات. لكنهما من حيث اشتراكهما بعدم العلم بالواقع صح استعمال أحدهما في الآخر لهذه العلاقة.

(4) أي أن القول بعدم بطلان الصلاة لكثرة الشك، سواء أكانت الكثرة في الافعال، أم في الركعات: إنما هو في غير الاركان أما فيها فكثرة الشك لا تنفع بل تبطل الصلاة لا محالة. فلو شك كثير الشك في الاتيان بالركوع مثلا وبى على الاتيان ثم تبين بعد فوات محل التدارك أنه لم يأت به واقعا فصلاته باطلة.

٧١٢

كماأنه لوذكر ترك الفعل في محله(1) استدركه ويبني على الاكثر في الركعات مالم يستلزم الزيادة على المطلوب منها فيبني على المصحح وسقوط سجود السهو لو فعل ما يوجبه بعدها، أو ترك وإن وجب تلافي المتروك بعد الصلاة تلافيا من غير سجود. ويتحقق الكثرة في الصلاة الواحدة بتخلل الذكر(2) ، لا بالسهو عن أفعال متعددة مع استمرار الغفلة. ومتى ثبتت بالثلاث سقط الحكم في الرابع، ويستمر إلى أن تخلو من السهو والشك فرائض يتحقق فيها الوصف، فيتعلق به حكم السهو الطارى ء، وهكذا(3) .

(ولا للسهو في السهو) أي في موجبه: من صلاة، وسجود كنسيان ذكر، أو قراء‌ة، فانه لا سجود عليه. نعم لو كان مما يتلافى تلافاه من غير سجود.

___________________________________

(1) أي كان تذكره في حال امكان تداركه.

(2) يعني ينبغي أن يصدق التعدد على شكه، كما إذا شك في فعل ولم يشك فيما يليه، ثم شك في الفعل الثالث ولم يشك بما بعده ثم شك في الخامس، وهكذا. أما لو شك في أفعال متعاقبة شكا مستمرا فهو شك واحد.

(3) أي كلما تحققت الكثرة يرتفع عنه حكم الشك، وكلما ارتفعت الكثرة تعين عليه الحكم.

٧١٣

ويمكن أن يريد بالسهو في كل منهما الشك، أو ما يشمله على وجه الاشتراك، ولو بين حقيقة الشئ ومجازه، فان حكمه هنا صحيح، فان استعمل في الاول(1) فالمراد به الشك في موجب السهو، من فعل، أو عدد، كركعتي الاحتياط فانه يبني على وقوعه إلا أن يستلزم الزيادة كما مر، أو في الثاني فالمراد به موجب الشك كمامر، وإن استعمل فيهما فالمراد به الشك في موجب الشك وقد ذكر أيضا، أو الشك في حصوله، وعلى كل حال لا إلتفات وإن كان إطلاق اللفظ على جميع ذلك يحتاج إلى تكلف(2) .

(ولا لسهو الامام) أي شكه، وهو قرينة لما تقدم(3) (مع حفظ المأموم، وبالعكس(4) )، فان الشاك من كل منهما

___________________________________

(1) أي في السهو الاول: هو قوله: " للسهو " والمعنى: " لا شك في موجب السهو " أي لا حكم للشك في موجب السهو، والسهو الثاني: هو قوله: " في السهو " والمعنى: " لا حكم للسهو في موجب الشك ". وإن استعمل لفظ السهو في الموضعين في معنى الشك كان المعنى: " لا حكم الشك في موجب الشك " أو " لا حكم للشك في حصول الشك ".

(2) أي الحمل على هذه المعاني ليس حملا على ظاهر اللفظ بل هو محتاج إلى تكلف التقدير، لان اللفظ باستعمال واحد لايستعمل إلا في أحد الوجوه.

(3) يعني هذه قرينة على أن المراد بالسهو في قول المصنف في ص 723: (ولا للسهو في السهو).

(4) وهو حفظ الامام.

٧١٤

يرجع إلى حفظ الآخر ولو بالظن، وكذا يرجع الظان إلى المتيقن. ولو اتفقا على الظن واختلف محله تعين الانفراد. ويكفي في رجوعه(1) تنبيهه بتسبيح، ونحوه. ولا تشترط عدالة المأموم، ولا يتعدى(2) إلى غيره وإن كان عدلا. نعم(3) لو أفاده الظن رجع إليه، لذلك(4) ، لا لكونه مخبرا. ولو اشتركا(5) في الشك واتحد لزمهما حكمه، وإن اختلفا رجعا إلى ما اتفقا عليه(6) ، وتركا ما انفرد كل به، فان لم تجمعهما

___________________________________

(1) أي ويكفي في رجوع الامام بتنبيه المأموم الامام بتسبيح.

(2) أي ولا يتعدى تنبيه المأموم الامام إلى غير المأموم وإن كان هذا الغير عادلا.

(3) استدراك عما أفاده: من عدم تعدي التنبيه من المأموم إلى غير المأموم.

خلاصته: أنه لو أفاد تنبيه غير المأموم الظن للامام رجع الامام إلى تنبيهه، إذا أفاد تنبيهه الظن.

(4) تعليل لرجوع الامام إلى ظن المنبه اذا كان المنبه غير المأموم أي رجوعه اليه لاجل أن قوله مفيد للظن، لا لاجل أن المنبه مخبر.

(5) أي الامام والمأموم.

(6) كما إذا شك الامام بين الثلاث والاربع وشك المأموم بين الاثنين والثلاث فالثلاث هو القدر المتيقن عليه فيأخذان بها ويتركان احتمال الاثنين والاربع.

٧١٥

رابطة تعين الانفراد(1) ، كما لو شك أحدهما بين الاثنين والثلاث والآخر بين الاربع والخمس. ولو تعدد المأمومون واختلفوا مع الامام(2) فالحكم كالاول في رجوع الجميع إلى الرابطة، والانفراد بدونها. ولو اشترك(3) بين الامام وبعض المأمومين رجع الامام إلى الذاكر منهم وان اتحد، وباقي(4) المأمومين إلى الامام(5) . ولو استعمل السهو في معناه(6) أمكن في العكس، لاالطرد(7) بناء على ما اختاره جماعة منهم المصنف في الذكرى.

___________________________________

(1) ولزم كلا منهما حكم شكه.

(2) بأن كان اختلافهم مع الامام فقط، من دون أن يكون بينهم اختلاف.

(3) أي الشك.

(4) بالرفع عطفا على فاعل رجع وهو الامام اي ورجع باقي المأمومين إلى الامام.

(5) لئلا يكون إتباع سائر المأمومين لذلك المأموم، حيث لا وجه لهذا الاتباع فوجب أن يتبع المأموم الامام، والامام قد تبع ذلك المأموم المتذكر لان رجوع الامام إلى المأموم جائز، وكذا رجوع المأمومين إلى الامام.

(6) إلى هنا كان السهو بمعنى الشك وأما لو استعمل في معناه وهي الغفلة.

(7) المراد بالطرد: أنه لا حكم لسهو الامام مع حفظ المأموم ولا شك أنه ليس بصحيح، أما العكس: وهو أنه لا حكم لسهو المأموم مع حفظ الامام فصحيح.

٧١٦

من أنه لا حكم لسهو المأموم مع سلامة الامام عنه فلا يجب عليه سجود السهو لو فعل ما يوجبه لو كان منفردا.

نعم لو ترك ما يتلافى مع السجود سقط السجود خاصة(1) ولو كان الساهي الامام فلا ريب في الوجوب عليه إنما الخلاف في وجوب متابعة المأموم له وإن كان أحوط(2) .

(السابعة(3) أوجب ابنا بابويه) علي وابنه محمد الصدوقان (رحمهما الله، سجدتي السهو على من شك بين الثلاث والاربع وظن الاكثر). ولا نص عليهما في هذا الشك بخصوصه، وأخبار الاحتياط خالية منهما، والاصل يقتضي العدم.

(وفي رواية اسحاق بن عمارعن الصادقعليه‌السلام : " إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كل صلاة فاسجد سجدتي السهو)(4) فتصلح دليلا لهما، لتضمنها مطلوبهما(5) .

___________________________________

(1) لان السجود من آثار السهو وأحكامه المنفيين عن المأموم مع حفظ الامام، وأما نفس المنسي فانما يتلافى لاصل وجوبه لا للسهو عنه.

(2) أي وإن كان متابعة المأمومين الامام أحوط: بأن يتابعونه في الاتيان بالجزء المنسي، وإن كانوا لم ينسوه.

(3) أي المسألة السابعة من المسائل السبع التي قالها المصنف في ص 709: مسائل سبع.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 5. ص 317. الباب 7. الحديث 2.

(5) أي ابنا بابويه، والتضمن انما هو بالاطلاق.

٧١٧

(وحملت هذه) الرواية (على الندب). وفيه(1) نظر، لان الامر حقيقة في الوجوب، وغيرها من الاخبار لم يتعرض لنفي السجود فلا منافاة بينهما(2) إذا اشتملت على زيادة، مع(3) أنها غير منافية لجبر الصلاة، لاحتمال النقص فان الظن بالتمام لا يمنع النقص. بخلاف ظن النقصان، فان الحكم بالاكمال جائز. نعم يمكن ردها من حيث السند(4) .

___________________________________

(1) أي وفي حمل الرواية على الندب إشكال.

(2) يعني لا منافاة بين هذه الرواية، وسائر الاخبار، حيث إنها ساكتة عن ذكر السجود، لاأنها نافية للسجود.

(3) دفع لما يتوهم من أن سجود السهو جبران، لاحتمال النقص وهذا ظان بالتمام؟. فأجاب بأن احتمال النقص موجود، حيث إن الظن لا ينفي احتمال النقص.

(4) لان اسحاق بن عمار فطحي المذهب و هو ضعيف ومحمد بن يحيى ضعيف أيضا، فلا تصلح الرواية دليلا للوجوب. ‌

٧١٨

(الفصل الثامن - في القضاء)

(يجب قضاء الفرائض اليومية مع الفوات حال البلوغ والعقل والخلو عن(1) الحيض، والنفاس، والكفر الاصلي) احترز به عن العارضي بالارتداد فانه لا يسقطه كما سيأتي. وخرج بالعقل المجنون فلا قضاء عليه، الا أن يكون سببه بفعله كالسكران مع القصد والاختيار، وعدم الحاجة. وربما دخل فيه(2) المغمى عليه، فان الاشهر عدم القضاء عليه وان كان بتناول الغذاء المؤدي اليه، مع الجهل بحاله، أو الاكراه عليه، أو الحاجة اليه كما قيده به(3) المصنف في الذكرى. بخلاف الحائض، والنفساء، فانهما لا تقضيان مطلقا، وإن كان السبب من قبلهما. والفرق(4) أنه فيهما عزيمة، وفي غيرهما رخصة، وهي لاتناط بالمعصية.

___________________________________

(1) في بعض النسخ الخطية " والخلو من ". وفي بعضها الآخر " والخلوص من " والمعنى واحد.

(2) أي في المجنون.

(3) أي قيد المصنف في الذكرى سقوط القضاء عن المغمى عليه بأحد القيود المذكورة: من الجهل بحال الغذاء المؤدي إلى الاغماء أوالاكراه على اكل الغذاء المؤدي إلى الاغماء، أو الحاجة إلى اكل هذا الغذاء المؤدي إلى الاغماء.

(4) أي الفرق بين الحائض، والنفساء، وبين غيرهما وهما: السكران والمغمى عليه: في أن الحائض والنفساء لاتقضيان صلاتهما بعد النقاء وان كانتا هما السبب في التحيض والنفاس: بأن شربتا دواء أوجبت العادة، أو الولادة. وأن السكران والمغمى عليه يقضيان صلاتهما بعد الاقاقة وإن كانا هما السبب في السكر والاغماء: هو النص الوارد في المقام.

هذا دفع وهم حاصل الوهم: أنه كيف تحكمون بوجوب قضاء الصلاة الفائتة عن السكران والمغمى عليه حال السكر والاغماء بعد الافاقة إن كانا هماالسبب في السكر والاغماء؟ وكيف تحكمون بعدم وجوب قضاء الصلاة الفائتة عن الحائض والنفساء أيام الحيض والنفاس بعد القاء والغسل وان كانتاهما السبب في التحيض والنفاس، مع أن الملاك في المقامين واحد: وهو تسبيب كل من الحائض والنفساء، والسكران والمغمى عليه في ايجاد تلك الحالة: وهي الحيض والنفاس، والسكر والاغماء.

فأجاب الشهيد الثاني عن الوهم ما حاصله: أن الفارق هو النص، حيث ورد النص وهو النهي عن قضاء الحائض والنفساء عن صلاتهما الفائتة أيام الحيض والنفاس مطلقا، سواء أكانتا هما السبب للحيض والنفاس أم لم تكونا، لان سقوط الصلاة عنهما عزيمة فلا يجوز اتيانها لهما وان كانت عملية ايجاد الحيض والنفاس في حد ذانها معصية ومحرمة لاستلزامها ترك الصلاة والصوم، وترك ما يترتب على الحيض والنفاس من الآثار المذكورة في باب الحيض والنفاس لكنها لا تكون موجبة لاتيانهما الصلاة الفائتة في تلك الحالة لعدم إناطة النهي بالمعصية: بأن يقال: ما دامت المرأة هي السبب لتحيضها ونفاسها فلا تسقط الصلاة عنهما فيجب عليهما قضاؤها عند النقاء والغسل، لانهما عصتا بايجادهما العملية المذكورة.

بخلاف السكران والمغمى عليه، فانهما يقضيان صلاتهما الفائتة في تلك الحالة وان كانا هما السبب في السكر والاغماء: لعدم ورود نهي في حقهما عن القضاء حتى يكون النهي غزيمة. بل سقوط الصلاة عنهما رخصة، والرخصة لا تتعلق بالمعصية حتى يقال: إن القضاء لاجل كونهما السبب للسكر والاغماء.

(لا يقال): اذا كان ترك الصلاة في حق الحائض والنفساء لاجل النهي الوارد والنهي عزيمة فلماذا يجب عليهما قضاء الصوم أيام النقاء، وبعد الغسل؟.

(فانه يقال): وجوب قضاء الصوم عليهما لاجل ورود دليل خاص على ذلك، ولولاه لكان تركه رخصة لا تناط بالمعصية ولذا لا يرخص للعاصي بسفره قصر الصلاة، والافطار اذا كان السفر في رمضان، أو كان عليه صوم يوم معين وقد سافر فيه.

٧١٩

٧٢٠