الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٣

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 551

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

مؤلف: الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)
تصنيف:

الصفحات: 551
المشاهدات: 53917
تحميل: 7752


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53917 / تحميل: 7752
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء 3

مؤلف:
العربية

كتاب القضاء(1)

أي الحكم بين الناس (وهو) واجب كفاية في حق الصالحين له، إلا أنه مع حضور الامام (وظيفة الامامعليه‌السلام ، أو نائبه) فيلزمه نصب قاض في الناحية ليقوم به، ويجب على من عينه الاجابة، ولو لم يعين وجبت كفاية، فان لم يكن أهلا إلا واحد تعينت عليه، ولو لم يعلم به الامام لزمه(2) .

___________________________________

(1) القضاء: مشتقة من قضى يقضي. فهو ناقص يائي قد جاء لمعان.

الاول الاتيان بالشئ كقوله تعالى: فاذا قضيتم مناسككم اي اتيتم ها.

الثاني فعل العبادة ذات الوقت المحدود المعين خارجا عنه كما في قضاء العبادات.

الثالث فعل العبادة استدراكا لما وقع مخالفا لبعض الاوضاع المعتبرة ويسمى هذا اعادة كالاجزاء المنسية في الصلاة.

الرابع الحكم بين الناس كما تقول: قضى زيد بين المتخاصمين وهو المقصود هنا.

(2) مرجع الضمير يحتمل ان يكون هو الامام عليه لسلام اي لزم الالمام حين عدم علمه بذلك الرجل الذ ي هو اهل وصالح للقضاء طلب ذاك الرجل ويحتمل رجوع الضمير إلى الشخص الصالح الذي له اهلية القضاء. الا ان احتمال رجوعه إلى الامام لا ينسجم مع قوله: ولا يعلم به الامام ثم اعلم ان عدم علم الامامعليه‌السلام بذلك بحسب الظاهر والا فهو عالم بالموضوعات الخارجية ان اراد وشاء فمن قال والعياذ بالله: بجهل الامام بالموضوعات الخارجية فهو جاهل وخارج عن الاوصاف.

٦١

الطلب، وفي استحبابه مع التعدد عينا(1) قولان أجودهما ذلك مع الوثوق من نفسه بالقيام به.

(وفي الغيبة ينفذ قضاء الفقيه الجامع لشرائط الافتاء) وهو البلوغ والعقل والذكورة والايمان والعدالة وطهارة المولد إجماعا، والكتابة والحرية والبصر على الاشهر(2) ، والنطق وغلبة الذكر(3) ، والاجتهاد في الاحكام الشرعية وأصولها، ويتحقق بمعرفة المقدمات الست وهي الكلام، والاصول، والنحو، والتصريف، ولغة العرب، وشرائط الادلة(4) ، والاصول(5) الاربعة وهي الكتاب، والسنة، والاجماع، ودليل العقل.

والمعتبر من الكلام ما يعرف به الله تعالى، وما يلزمه من صفات الجلال والاكرام وعدله وحكمته، ونبوة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله وعصمته وإمامة الائمةعليهم‌السلام كذلك(6) ، ليحصل الوثوق بخبرهم، ويتحقق الحجة به، والتصديق(7) بما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أحوال الدنيا والآخرة، كل ذلك بالدليل التفصيلي. ولا يشترط الزيادة على ذلك بالاطلاع على ما حققه المتكلمون

___________________________________

(1) اي كما انه في صورة تعدد القضاة الصالحين للقضاء تكون القضاء واجبة كفائية فتسقط عن الباقين بقيان البعض. فهل يستحب على الاخرين القيانم بالحكم ام لا.

(2) قيد للثلاثة الاخيرة.

(3) الذكر بالضم وسكون الكاف والمراد منه قوة الحافظة.

(4) المراد منها المنطق.

(5) بالجر عطفا على المقدمات اي بمعرفة الاصول.

(6) اي مع عصمة الائمةعليهم‌السلام .

(7) بالجر عطفا على صفات. اي وما يلزمه من تصديق ما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٦٢

من أحكام الجواهر والاعراض، وما اشتملت عليه كتبه من الحكمة والمقدمات، والاعتراضات، وأجوبة الشبهات وان وجب معرفته كفاية من جهة أخرى(1) ، ومن(2) ثم صرح جماعة من المحققين بأن الكلام ليس شرطا في التفقه، فان ما يتوقف عليه منه مشترك بين سائر المكلفين.

ومن الاصول ما يعرف به أدلة الاحكام من الامر والنهي، والعموم والخصوص، والاطلاق والتقييد، والاجمال والبيان وغيرها مما اشتملت عليه مقاصده، ومن النحو والتصريف ما يختلف المعنى باختلافه ليحصل بسببه معرفة المراد من الخطاب(3) ، ولا يعتبر الاستقصاء فيه على الوجه التام، بل يكفي الوسط منه فما دون، ومن اللغة ما يحصل به فهم كلام الله ورسوله ونوابهعليهم‌السلام بالحفظ، أو الرجوع إلى أصل مصحح يشتمل على معاني الالفاظ المتداولة في ذلك.

ومن شرائط الادلة معرفة الاشكال الاقترانية، والاستثنائية، وما يتوقف عليه من المعاني المفردة وغيرها، ولا يشترط الاستقصاء في ذلك بل بقتصر على المجزئ منه، وما زاد عليه فهو مجرد تضييع للعمر، وترجئة(4) للوقت. والمعتبر من الكتاب الكريم معرفة ما يتعلق بالاحكام وهو نحو

___________________________________

(1) كرد المنكرين والمضللين وحل شبه المبطلين.

(2) اي ومن عدم الزيادة على ذلك صرح المحققون بعدم الاحتياج إلى المذكورات.

(3) كما انه لو قرأ المرفوع منصوبا فانه يختل المراد والمعنى الذي خوطب به.

(4) من الارجاء وهو التاخير كما في قوله تعالى: (وارجه واخاه) فالمعنى انه تاخير للوقت.

٦٣

من خمسمائة آية، إما بحفظها، أو فهم مقتضاها ليرجع إليها متى شاء، ويتوقف على معرفة الناسخ منها من المنسوخ، ولو بالرجوع إلى أصل يشتمل عليه. ومن السنة جميع ما اشتمل منها على الاحكام، ولو في اصل مصحح رواه عن عدل بسند متصل إلى النبي والائمة، ويعرف الصحيح(1) منها والحسن(2) ، والموثق(3) والضعيف(4) ، والموقوف(5) والمرسل(6) ، والمتواتر(7) والآحاد(8) ، وغيرها من الاصطلاحات التي دونت في رواية الحديث، المفتقر إليها في استنباط الاحكام،

___________________________________

(1) الصحيح: ماكان جميع سلسلة سنده اماميين ممدوحين بالتوثيق مع الاتصال.

(2) الحسن: ماكانوا اماميين ممدوحين بغير التوثيق كلا او بعضا مع توثيق الباقي.

(3) الموثق: ماكان كلهم، او بعضهم غير اماميين مع توثيق الكل. وقد يسمى القوي ايضا، وقد يطلق القوي على ماكان رجال اماميين مسكوتا عن مدحهم وذمهم.

(4) الضعيف: ماكان راوي الحديث غير موثوق به من جهة صدقه وكذبه.

(5) الموقوف: هو الخبر المجهول الراوي، او مقطوع السند.

(6) المرسل: خبر محذوف السند.

(7) المتواتر: خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه من غير احتمال تواطئهم على الكذب.

(8) الآحاد: خبر نفر لايحصل من قولهم: (العلم القطعي).

٦٤

وهي(1) أمور اصطلاحية توقيفية، لا مباحث علمية، ويدخل في أصول الفقه معرفة أحوالها(2) عند التعارض وكثير من أحكامها(3) ، ومن الاجماع والخلاف أن يعرف أن ما يفتي به لايخالف الاجماع، إما بوجود موافق من المتقدمين، أو بغلبة ظنه على أنه واقعة متجددة لم يبحث عنها السابقون بحيث حصل فيها أحد الامرين(4) ، لا معرفة كل مسألة أجمعوا عليها، أو اختلفوا، ودلالة العقل من الاستصحاب والبراء‌ة الاصلية وغيرهما داخلة في الاصول، وكذا معرفة ما يحتج به من القياس(5) ، بل يشتمل كثير من مختصرات أصول الفقه كالتهذيب ومختصر الاصول لابن الحاجب على مايحتاج إليه من شرائط الدليل المدون في علم الميزان، وكثير من كتب النحو على ما يحتاج إليه من التصريف.

___________________________________

(1) اي ماذكر من الاقسام السبعة من الحسن، والصحيح، والموثق، والضعيف، والموقوف، والمرسل، والمتواتر، والآحاد امور اصطلاحية اصطلح عليها رجال الحديث.

(2) مرجع الضمير (الاخبار والاحاديث) فالمعنى انه لا بد ان يعرف المجتهد عند تعارض الخبرين طريقة العلاج، والاخذ بايهما، او التخيير، او الطرح فلكل من ذلك مورد يخصه فلا بد من تشخيصه.

(3) مرجع الضمير (الاخبار) فالمعنى انه لا بد ان يعرف المجتهد كثيرا من احكام الاخبار كشرائط التواتر لافادة العلم، وكون الخبر الواحد حجة، ام لا.

(4) الخلاف، او الاجماع.

(5) المراد من القياس الذي يحتج به: هي العلة المنصوصة المعبر عنها (بالقياس المنصوص العلة).

٦٥

نعم يشترط مع ذلك كله أن يكون له قوة يتمكن بها من رد الفروع إلى أصولها واستنباطها منها.

وهذه هي العمدة في هذا الباب، وإلا فتحصيل تلك المقدمات قد صارت في زماننا سهلة لكثرة ما حققه العلماء والفقهاء فيها، وفي بيان استعمالها، وإنما تلك القوة بيد الله تعالى يؤتيها من يشاء من عباده على وفق حكمته ومراده، ولكثرة المجاهدة والممارسة لاهلها مدخل عظيم في تحصيلها(1) ،( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) (2) ": وإذا تحقق المفتي بهذا الوصف وجب على الناس الترافع إليه، وقبول قوله، والتزام حكمه، لانه منصوب من الامامعليه‌السلام على العموم بقوله: " انظروا إلى رجل منكم قد روى حديثنا، وعرف أحكامنا فاجعلوه قاضيا فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه(3) .

وفي بعض الاخبار: " فارضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فانما بحكم الله استخف، وعلينا رد، والراد علينا راد على الله، وهو على حد الشرك بالله عزوجل(4) ".

___________________________________

(1) مرجع الضمير (القوة التي يتمكن المجتهد بها من رد الفروع إلى الاصول).

(2) العنكبوت الاية 69.

(3) الحديث مروي في الكافي ج 7 ص 412 من كتاب القضاء والاحكام الطبعة الحديثة باختلاف يسير في الفاظه وكأن (الشارح)قدس‌سره نقل الحديث بالمعنى.

(4) الحديث مروي في الكافي ج 7 ص 412 من كتاب القضاء والاحكام الطبعة الحديثة. وفي الوسائل الحديث - 1 - الباب - 11 - من احكام القضاء باختلاف عما نقله (الشارح) هنا.

٦٦

(فمن عدل عنه إلى قضاة الجور كان عاصيا) فاسقا لان ذلك كبيرة عندنا، ففي مقبول عمر بن حنظلة السابق: " من تحاكم إلى طاغوت فحكم له فانما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا، لانه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر بها ". ومثله كثير.

(وتثبت ولاية القاضي) المنصوب من الامام (بالشياع) وهو إخبار جماعة به يغلب على اظن صدقهم، (أو بشهادة عدلين) وإن لم تكن بين يدي حاكم، بل يثبت ببهما أمره عند كل من سمعهما، ولا يثبت بالواحد، ولا بقوله وإن شهدت له القرائن، ولا بالخط مع أمن التزوير مع احتماله.

(ولابد) في القاضي المنصوب من الامام (من الكمال) بالبلوغ، والعقل، وطهارة المولد، (والعدالة)، ويدخل فيها الايمان، (وأهلية الافتاء) بالعلم بالامور المذكورة، (والذكورة، والكتابة) لعسر الضبط بدونها(1) لغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، (والبصر)، لافتقاره إلى التمييز بين الخصوم، وتعذر ذلك مع العمى في حق غير النبي، وقيل: إنهما ليسا بشرط، لانتفاء الاول في النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والثاني في شعيبعليه‌السلام ، ولامكان الضبط بدونهما بالحفظ والشهود. وبقي من الشرائط التي اعتبرها المصنف وغيرهغلبة الحفظ، وانتفاء الخرس والحرية على خلاف في الاخير ويمكن دخول الاول(2) في شرط الكمال، وعدم اعتبار الاخير(3) هنا مع أنه قطع به(4) في الدروس،

___________________________________

(1) مرجع الضمير (الكتابة).

(2) المراد من الاول (غلبة الحفظ).

(3) المراد من الاخير هي (الحرية).

(4) مرجع الضمير (اعتبار الاخير) اي مع قطع (المصنف) في الدروس باعتبار الحرية.

٦٧

وليس دخول الثاني(1) في الكمال أولى(2) من دخول البصر والكتابة فكان اللازم ذكره، أو إدخال الجميع في الكمال. وهذا الشرائط كلها معتبرة في القاضي مطلقا(3) (إلا في قاضي التحكيم) وهو الذي تراضى به الخصمان ليحكم بينهما مع وجود قاض منصوب من قبل الامامعليه‌السلام وذلك في حال حضوره(4) فإن حكمه ماض عليهما، وإن لم يستجمع جميع هذه الشرائط.

هذا مقتضى العبارة، ولكن ليس المراد أن يجوز خلوه(5) منها(6) أجمع، فإن استجماعه لشرائط الفتوى شرط إجماعا، وكذا بلوغه، وعقله، وطهاره مولده، وغلبة حفظه، وعدالته، وإنما يقع الاشتباه في الباقي والمصنف في الدروس قطع بأن شروط قاضي التحكيم هي شروط القاضي المنصوب أجمع من غير استثناء، وكذلك قطع به المحقق في الشرائع،

___________________________________

(1) المراد من الثاني (الخرس).

(2) هذا ايراد من (الشارح)رحمه‌الله على (المصنف)قدس‌سره وحاصله: ان البصر داخل في شرط الكمال فلا يحتاج إلى ذكره مستقلا، ومع ذلك ذكره منفردا ولم يذكر انتفاء الخرس بدعوى انه داخل في الكمال ومفهوم منه. مع ان دخول انتفاء الخرس ليس باولى من دخول البصر في الكمال حتى يترك ذكر الخرس ويذكر البصر.

(3) اي سواء كان منصوبا من قبل الامامعليه‌السلام ام لا كالفقيه في زمان الغيبة عجل الله لصاحبها الفرج.

(4) لانه سيجئ انه لا يتصور قاصي التحكيم حال الغيبة.

(5) مرجع الضمير (قاضي التحكيم).

(6) مرجع الضمير (شرائط الافتاء).

٦٨

والعلامة في كتبه وولده فخر المحققين في الشرح، فإنه قال فيه(1) التحكيم الشرعي هو أن يحكم الخصمان واحدا جامعا لشرائط الحكم سوى نص من(2) له(3) توليته(4) شرعا عليه بولاية القضاء.

ويمكن حمل هذه العبارة(5) على ذلك(6) بجعله استثناء من اعتبار جميع الشرائط كلها التي من جملتها توليته(7) المدلول عليه بقوله أولا(8) أو نائبه، ثم قوله: وتثبت ولاية القاضي لاخ، ثم ذكر باقي الشرائط فيصير التقدير أنه يشترط في القاضي اجتماع ما ذكر إلا قاضي التحكيم

___________________________________

(1) مرجع الضمير (قاضي التحكيم).

(2) المراد بالموصول وهو (من): الامام عليه الصلاة والسلام.

(3) مرجع الضمير (الموصول) وهو (من).

(4) مرجع الضمير (قاضي التحكيم) فاضيف المصدر الذي هو (التولية) إلى المفعول وهو قاضي التحكيم وحذف الفاعل وهو الامامعليه‌السلام فالمعنى ان جميع الشرائط لا بد ان تكن موجودة في قاضي التحكيم سوى نص الامامعليه‌السلام .

(5) المراد من العبارة عبارة (المصنف)رحمه‌الله : (الا قاضي التحكيم)(6) مرجع الاشارة استثناء النص اي نص الامامعليه‌السلام فقط.

(7) مرجع الضمير الامامعليه‌السلام باضافة المصدر إلى فاعله وحذف المفعول وهو (قاضي التحكيم).

(8) اي بقول (المصنفرحمه‌الله في اول كتاب القضاء: من (اللمعة) (وهو وظيفة الامامعليه‌السلام ، او نائبه). فكلمة اولا منصوب بنزع الحافض اي في اول التعريف، او في الو كتاب القضاء.

٦٩

فلا يشترط فيه اجتماعه، لصحته(1) بدون التولية، وهذا هو الانسب بفتوى المصنف والاصحاب. ويمكن على بعد أن يستثنى من الشرط المذكور أمر آخر بأن لا يعتبر المصنف هنا فيه البصر والكتابة، لان حكمه في واقعة، أو وقائع خاصة يمكن ضبطها بدونهما، أو لا يجب عليه ضبطها، لانه قاضي تراض من الخصمين فقد قدما على ذلك، ومن أراد منهما ضبط ما يحتاج إليه أشهد عليه، مع أن في الشرطين خلافا في مطلق القاضي، ففيه أولى بالجواز، لانتفاء المانع الوارد في العام(2) بكثرة الوقائع، وعسرالضبط بدونهما، وأما الذكورية فلم ينقل أحد فيها خلافا ويبعد اختصاص قاضي التحكيم بعدم اشتراطها وإن كان محتملا، ولا ضرورة هنا إلى استثنائها(3) لان الاستثناء(4) هو المجموع لا الافراد.

واعلم أن قاضي التحكيم لا يتصور في حال الغيبة مطلقا(5) ، لانه إن كان مجتهدا نفذ حكمه بغير تحكيم، وإلا لم ينفذ حكمه مطلقا إجماعا، وإنما يتحقق مع جمعه للشرائط حال حضورهعليه‌السلام وعدم نصبه كما بيناه.

وقد تحرر من ذلك: أن الاجتهاد شرط في القاضي في جميع الازمان والاحوال، وهو موضع وفاق.

وهل يشترط في نفوذ حكم قاضي التحكيم

___________________________________

(1) مرجع الضمير التحكيم اي لصحة التحكيم بدون نص الامامعليه‌السلام .

(2) اي في القاضي العام.

(3) مرجع الضمير (الذكورية).

(4) المراد من الاستثناء هنا المستثنى منه الذي هو المجموع. فالمعنى ان الشرائط كلها عبارة عن مجموع المستثنى منه، لا افراد الشرائط مستثنى منه حتى نحتاج إلى استثناء الذكورية.

(5) اي سواء كان مستجمعا لجميع الشرائط ام لا.

٧٠

تراضي الخصمين به بعده(1) قولان: أجودهما العدم عملا بإطلاق النصوص(2) .

(ويجوز ارتزاق القاضي من بيت المال مع الحاجة) إلى الارتزاق لعدم المال، أو الوصلة إليه، سواء تعين القضاء عليه أم لا، لان بيت المال معد للمصالح وهو من أعظمها.

وقيل: لا يجوز مع تعينه عليه لوجوبه، ويضعف بأن المنع حينئذ من الاجرة لا من الرزق، (ولا يجوز الجعل(3) ، ولا الاجرة(4) (من الخصوم)، ولا من غيرهم، لانه في معنى الرشا(5) .

(والمرتزقة) من بيت المال (المؤذن، والقاسم(6) ، والكاتب) للامام، أو لضبط بيت المال، أو الحجج(7) ، ونحوها من المصالح، (ومعلم القرآن والآداب) كالعربية، وعلم الاخلاق الفاضلة، ونحوها، (وصاحب الديوان) الذي بيده ضبط القضاة والجند وأرزاقهم ونحوها من المصالح، (ووالي بيت المال) الذي يحفظه ويضبطه ويعطي منه

___________________________________

(1) اي بعد الحكم.

(2) الوسائل كتاب القضاء باب 1 - الحديث 5.

(3) الجعل بالضم: اجر العامل.

(4) المراد من الاجزة هنا: ما يجعلها المستاجر للاجير العين المخاطب، بخلاف الجعل بالضم فانه اجر لكل من يعمل للجاعل سواء كان مخاطبا به ام لا.

(5) الرشا - بالضم والكسر -: جمع الرشوة مثلثة الراء وهي عبارة عما يعطى لابطال حق، او احقاق باطل.

(6) المراد منه الذي يقسم الحقوق والاموال عن الامامعليه‌السلام ، اونائبه.

(7) المراد من الحجج: ادلة المتخاصمين حين ما يترافعان إلى الحاكم.

٧١

ما يؤمر به ونحوه، وليس الارتزاق منحصرا فيمن ذكر، بل مصرفه كل مصلحة من مصالح الاسلام ليس لها جهة غيره(1) ، أو قصرت جهتها(2) عنها(3) .

(ويجب على القاضي التسوية بين الخصمين في الكلام، معهما، (والسلام) عليهما، ورده(4) إذا سلما، (والنظر) إليهما، (و) غيرها من (أنواع الاكرام) كالاذن في الدخول، والقيام، والمجلس(5) وطلاقة الوجه، (والانصات) لكلامهما، (والانصاف) لكل منهما إذا وقع منه(6) ما يقتضيه، هذا هو المشهور بين الاصحاب.

وذهب سلار والعلامة في المختلف إلى أن التسوية بينهما مستحبة عملا بأصالة البراء‌ة، واستضعافا لمستند الوجوب(7) ، هذا إذا كانا مسلمين، أو كافرين، (و) لو كان أحدهما مسلما والآخر كافرا كان (له ان يرفع

___________________________________

(1) تذكير الضمير باعتبار (الكل) الذي هو مذكر لفظا فالمعنى ان تلك المصلحة التي ليس لها شئ يصرف في سبيلها غير بيت المال فانه يتعين صرف عليها.

(2) مجع الضمير (المصلحة).

(3) مرجع الضمير (المصلحة). فالمعنى ان تلك المصلحة لها وارد لا يكفيها عن اقامتها فتكمل من بيت المال.

(4) مرجع الضمير (السلام).

(5) المراد من المجلس: التساوي بين الخصمين في محل الجلوس بان يجلس كليهما على مستوى واحد في المجلس.

(6) مرجع الضمير (القاضي). فالمعنى ان القاضي يعتذر من احد المتخاصمين اذا وقع منه شدة، او غلظة بالنسبة اليه حتى لا يقال: انه لم يساو بينهما.

(7) راجع الوسائل الباب 3 من اداب القضاء.

٧٢

المسلم على الكافر في المجلس) رفعا صوريا، أو معنويا كقربه إلى القاضي(1) أو على يمينه(2) كما جلس عليعليه‌السلام بجنب شريح في خصومة له مع يهودي(3) ، (وأن يجلس المسلم مع قيام الكافر).

وهل تجب التسوية بينهما فيما عدا ذلك(4) ظاهر العبارة وغيرها ذلك(5) ، ويحتمل تعديه إلى غيره من وجوه الاكرام(7) .

(ولا تجب التسوية) بين الخصمين مطلقا(8) (في الميل القلبي)، إذ لا غضاضة(9) فيه على الناقص، ولا إدلال(10) للمتصف، لعدم إطلاعهما، ولا غيرهما عليه. نعم تستحب التسوية فيه(11) ما أمكن.

(و إذابدر أحد الخصمين بدعوى سمع منه) وجوبا تلك الدعوى لا جميع ما يريده منها، ولو قال الآخر كنت أنا المدعي لم يلتفت إليه

___________________________________

(1) مثال (للرفع الصوري).

(2) مثال (للرفع المعنوي).

(3) المستدرك الحديث الخامس الباب الحادي عشر من ابوبا آداب القاضي(4) مرجع الضمير (المسلم والكافر).

(5) اي الجلوس والقيام.

(6) اي وجوب التسوية بين المسلم والكافر في غير الجلوس والقيام اي ظاهر عبارة (المصنف) وغيرها من عبائر الفقهاء قدس الله انفسهم وجوب التسوية.

(7) اي يحتمل تعدي امتياز المسم عن الكافر في غير الجلوس والقيام من انواع الاكرام.

(8) اي سواء‌كان الخصمان مسلمين ام كافرين.

(9) الغضاضة بالفتح: مصدر يمعنى النقصان والوهن.

(10) الادلال: مصدر ادل بمعنى وثق بمحبته فافرط فيه.

(11) مرجع الضمير (الميل القلبي).

٧٣

حتى تنتهي تلك الحكومة، (ولو ابتدرا) معا (سمع من الذي على يمين صاحبه) دعوى واحدة، ثم سمع دعوى الآخر لرواية محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام (1) ، وقيل: يقرع بينهما لورودها لكل مشكل(2) وهذا منه، ومثله(3) ما لو تزاحم الطلبة عند مدرس والمستفتون عند المفتي مع وجوب التعليم والافتاء، لكن هنا يقدم الاسبق، فإن جهل، أو جاء‌وا معا أقرع بينهم، ولو جمعهم على درس واحد مع تقارب أفهامهم جاز، وإلا فلا(4) ، (وإذا سكتا) فله أن يسكت حتى يتكلما، وإن شاء (فليقل(5) : ليتكلم المدعي منكما، أو تكلما)، أو يأمر(6) من يقول: ذلك، (ويكره تخصيص أحدهما بالخطاب) لما فيه من الترجيح الذي أقل مراتبه الكراهة.

(وتحرم الرشوة) بضم الراء وكسرها، وهو أخذه مالا من أحدهما

___________________________________

(1) الوسائل ابواب القضاء باب 5 الحديث 2.

(2) راجع الوسائل الباب 13 من ابواب كيفية احكام القضاء.

(3) اي ومثل المتخاصمين فيما اذا بدر احدهما او بدرا معا في تقديم ايهما... ما لو تزاحمت الطلبة في طلب الدرس من مدرس او المستفتون في الاستفتاء من فقيه. فيقدم المدرس او الفقيه من بدر منهم اولا، واما اذا بدروا معا فيقدم احدهم بالقرعة.

(4) اي وان لم يتفاوتوا في الافهام لم يجز جمعهم على درس واحد، لانه تضييع لوقت الفاهم لواراد المدرس السير والتماشي مع فهم الغبي منهم.

(5) اي القاضي.

(6) بالنصب عطفا على مدخول ان يسكت.

٧٤

أو منهما، أو من غيرهما على الحكم، أو الهداية إلى شئ من وجوهه(1) سواء حكم لباذلها بحق أم باطل. وعلى تحريمها إجماع المسلمين، وعن الباقرعليه‌السلام ، أنه الكفر بالله ورسوله(2) وكماتحرم على المرتشي تحرم على المعطي، لاعانته على الاثم والعدوان، إلا أن يتوقف عليها تحصيل حقه فتحرم على المرتشي خاصة (فتجب إعادتها) مع وجودها، ومع تلفها المثل، أو القيمة، (وتلقين أحد الخصمين حجته) أو ما فيه ضرر على خصمه، وإذا ادعى المدعي (فإن وضح الحكم لزمه القضاء، إذا التمسه(3) المقضي له) فيقول: حكمت، أو قضيت، أو أنفذت، أو مضيت، أو ألزمت، ولا يكفي ثبت عندي، أو أن دعواك ثابتة. وفي أخرج إليه من حقه، أو أمره بأخذه العين، أو التصرف فيها قول جزم به العلامة، وتوقف المصنف.

(ويستحب) له قبل الحكم (ترغيبهما في الصلح) فإن تعذر حكم بمقتضى الشرع، فإن اشتبه أرجأ(4) حتى يتبين، وعليه الاجتهاد في تحصيله، ويكره (إن يشفع) إلى المستحق (في إسقاط حق)، أو إلى المدعي (في إبطال) دعوى، (أو يتخذ حاجبا وقت القضاء)

___________________________________

(1) مرجع الضمير (الحكم) والمعنى ان القاضي يرشد احدهما إلى وجوه تكون سببا لنجاحه.

(2) الوسائل الحديث 8 - باب 8 من كتاب القضاء المروي عن (الصادق)عليه‌السلام .

(3) مرجع الضمير (الحكم) اي اذا التمس المقضي له حكم الحاكم.

(4) اي أخر. والارجاء: التأخير.

٧٥

لنهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه(1) (أو يقضي مع اشتغال القلب بنعاس، أوهم، أو غم، أو غضب، أو جوع)، أو شبع مفرطين أو مدافعة الاخبثين، أو وجع ولو قضى مع وجود أحدهما نفذ. القول في كيفية الحكم (المدعي هو الذي يترك لو ترك) الخصومة وهو المعبر عنه بأنه الذي يخلى وسكوته(2) ، وقيل هو من يخالف قوله الاصل(3) ، أو الظاهر(4) ، (والمنكر مقابله) في الجميع(5) ، ولا يختلف موجبها

___________________________________

(1) نيل الاوطار المجلد 8 الصفحة 286 باب نهي الحاكم عن الرشوة واتخاذ حاجب لبابه طبع مصر 1952.

(2) بنصب سكوته، بناء على انه مفعول معه اي مع سكوته. فالمعنى ان المدعى عليه فانه لا ينفعه سكوته، لانه لا يترك ولا يخلى عنه، بل يؤخذ بتلابيبه. هذا اذا لم يترك المدعي حقه. واما اذا ترك ولم يدع فلا يؤخذ المدعي عليه، بل يترك كما يترك المدعي.

(3) المراد من الاصل هي اصالة العدم فهي تقتضي عدم وجود حق للمدعي على المدعي عليه فادعاؤه حقا على عمرو مخالف للاصل.

(4) اي قول المدعي مخالف للظاهر، لان الظاهر ان ما بيد شخص يكون له لا للاخر. فادعاء المدعي ان هذا الشئ الذي بيد عمر ولي مخالف للظاهر. هذا اذا كان الشئ المدعى بيد عمرو. واما اذا ادعى شيئا في ذمة عمرو فيرجع قول المدعى إلى مخالفة الاصل.

(5) اي المنكر الذي هو المدعي عليه لا يترك لو ترك الخصومة، ولا يخلى وسبيله مع سكوته، ولا يكون قوله مخالفا للاصل، ولا للظاهر.

٧٦

غالبا، كما إذا طالب زيد عمرا بدين في ذمته، أو عين في يده فأنكر فزيد لو سكت ترك، ويخالف قوله الاصل، لاصالة براء‌ة ذمة عمرو من الدين، وعد تعلق حق زيد بالعين، ويخالف قوله الظاهر من براء‌ة عمرو، وعمرو لا يترك، ويواقف قوله الاصل والظاهر. فهو مدعى عليه وزيد مدع على الجميع(1) . وقد يختلف كما إذا أسلم زوجان قبل الدخول فقال الزوج: أسلمنا معا فالنكاح باق، وقالت: مرتبا فلا نكاح. فهي على الاولين(2) مدعية، لانها لو تركت الخصومة لتركت واستمر النكاح المعلوم وقوعه(3) والزوج لا يترك لو سكت عنها(4) لزعمها انفساخ النكاح، والاصل عدم التعاقب(5) .

___________________________________

(1) اي بجميع المعاني المذكورة في المدعي كا علمت.

(2) اي على القول بان المدعي هو الذي يترك لو ترك، وعلى القول بان المدعي قوله مخالف للاصل فالمعنى ان المراد لو ادعت اسلامها قبل اسلام الزوج فالنكاح باطل، لانها مسلمة، والزوج كافر، ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا.

(3) اي استمر نكاحهما بناء على ان لكل قوم نكاحا كما في الخبر المعروف هذا اذا لم تكن الزوجة مدعى بانفساخ نكاحها بادعائها اسلامها قبل الزوج.

(4) لانه منكر.

(5) المراد من الاصل هنا: العدم اي الاصل عدم اسلام كل من الزوج والزوجة عقيب الاخر كما تدعى المرأة التعاقب. والاصل ايضا عدم تقدم احد الحادثين الذي هو اسلام احدهما فقول المراء مخالف للاصل فتكون مدعية.

٧٧

لاستدعائه(1) تقدم أحد الحادثين على الآخر والاصل عدمه(2) ، وعلى الظاهر الزوج مدع، لبعد التساوق(3) فعلى الاولين يحلف الزوج(5) ويستمر النكاح(6) وعلى الثالث(7) تحلف المرأة ويبطل، وكذا لوادعى الزوج الانفاق مع اجتماعهما(8) ويساره وأنكرته(9) ، فمعه(10) الظاهر، ومعها(11) الاصل. وحيث عرف المدعي فادعى دعوى ملزمة معلومة جازمة قبلت

___________________________________

(1) مرجع الضمير التعاقب اي ل قلنا بالتعاقب يلزم ان يتقدماسلام الروجد الذي هو احد الحدثين على السلام الزوج الذي هو الحادث الاخر.

(2) مرجع الضمير التقدم: اي تقدم احد الحادثين على الاخر، والاصل عدمه.

(3) اي لبعد وقوع اسلامهما في آن واحد فقول الزوج مخالف للظاهر، اذ الظاهر تعاقب اسلام احدهما عقيب الاخر.

(4) اي فعلى تعريف الاولين للمدعي وهما: يترك لو ترك الخصومة. وقوله مخالف للاصل.

(5) لانه منكر.

(6) بناء على ان لكل قوم نكاحا كما عرفت آنفا.

(7) اي على القول بان المدعيي هو الذي يكون قوله مخالفا للظاهر، وتحلف المراة لنها منكرة، لان قولها موافق للظاهر، لامكان تعاقب اسلامهما، وبعد التساوق فيبطل النكاح.

(8) اذا كانا في دار واحدة.

(9) اي انكرت الانفاق.

(10) اي مع الزوج لموافقة قوله للظاهر فتكون الزوجة مدعية.

(11) اي ومع الزوجة لان قولها موافق للاصل الذي هو عدم الانفاق.

٧٨

إتفاقا وإن تخلف الاول(1) كدعوى هبة غير مقبوضة، أو وقف كذلك(2) ، أو رهن عند مشترطه(3) لم تسمع وإن تخلف الثاني(4) كدعوى شئ وثوب وفرس ففي سماعها قولان: أحدهما وهوالذي جزم به المصنف في الدروس العدم، لعدم فائدتها وهو حكم الحاكم بها لو أجاب المدعى عليه بنعم، بل لابد من ضبط المثلي بصفاته، والقيمي بقيمته، والاثمان بجنسها ونوعها وقدرها وإن كان البيع وشبهه ينصرف إطلاقه إلى نقد البلد، لانه إيجاب في الحال وهو غير مختلف(5) ، والدعوى إخبار عن الماضي وهو مختلف(6) .

والثاني: وهو الاقوى السماع، لاطلاق الادلة(7) الدالة على وجوب

___________________________________

(1) اي لو ادعى دعوى غير ملزمة كهبة غير مقبوضة فانها لا تملك الا بعد القبض.

(2) اي دعوى الوقفية من دون الاقباض غير ملزمة، لان الشرط في صحة الوقفية القبض.

(3) اي عند من يشترط القبض في الرهن فان الدعوى فيه غير مسموعة.

(4) اي دعوى غير معلومة.

(5) اي البيع ايجاب في الحال وهو لا يختلف عن نقد البلد فان البايع حين البيع وايجابه غير متردد عن كون السلعة بيعت بالثمن الدارج في العرف الحاضر.

(6) اي الدعوى اخبار عن الماضي والنقود في استعمالات الماضي مختلفة طبعا.

(7) المراد من الادلة قوله تعالى:( وان اححكم بينه با انزل الله ) [المائدة: الاية 250].

( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) [النساء: الاية 64].( فان جاؤك فاحكم بينهم ) [المائدة: الاية 45].

٧٩

الحكم، وما ذكر(1) لا يصلح للتقييد، لامكان الحكم بالمجهول، فيحبس حتى يبينه كالاقرار(2) ، ولان المدعي ربما يعلم حقه بوجه ما خاصة بأن يعلم أن له عنده ثوبا، أو فرسا، ولا يعلم شخصهما، ولا صفتهما، فلو لم تسمع دعواه بطل حقه، فالمقتضي له موجود، والمانع مفقود. والفرق بين الاقرار والدعوى بأن المقر لو طولب بالتفصيل ربما رجع، والمدعي لا يرجع لوجود داعي الحاجة فيه دونه غير كاف في ذلك(3) ، لما ذكرناه وإن تخلف الثالث(4) وهو الجزم بأن صرح بالظن، أوالوهم ففي سماعها أوجه(5) أوجهها السماع فيما يعسر

___________________________________

(1) اي ما ذكر من الادلة في القول الاول من عدم فاددة لدعوى لو اجاب المدعى عليه بنعم، بل لابد من ضبط المثلي إلى اخر ما ذكره (الشارح)رحمه‌الله .

(2) اي هذه الدعوى كالاقرار بشئ مجهول في انه يسمع ويحبس حتى يبينه.

(3) اي الفرق بين الاقرار والدعوى بما ذكر غير كاف في رفض الدعوى المجهولة، وعدم سماعها، لما ذكرناه: وهو استلزام ابطال حق المدعى في الدعوى المجهولة.

(4) اي كانت الدعوى غير جازمة.

(5) السماع مطلقا سواء كان الاطلاع على المدعى به بعسر ام لا. الرفض يوعدم السماع مطلقا. والتفصيل بين عسر الاطلاع عليه فيقبل، وعدمه فيرفض ولا يقبل.

٨٠