الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٤

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 455

  • البداية
  • السابق
  • 455 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41036 / تحميل: 6759
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء 4

مؤلف:
العربية

كتاب الحجر(1)

(وأسبابه ستة) بحسب ما جرت العادة بذكره في هذا الباب، وإلا فهي أزيد من ذلك مفرقة في تضاعيف الكتاب، كالحجر على الراهن في المرهون، وعلى المشتري فيما اشتراه قبل دفع الثمن، وعلى البائع في الثمن المعين قبل تسليم المبيع، وعلى المكاتب في كسبه لغير الاداء والنفقة، وعلى المرتد الذي يمكن عوده إلى الاسلام(2) .

والستة المذكورة هنا هى: (الصغر. والجنون. والرق، والفلس. والسفه. والمرض) المتصل بالموت.

(ويمتد حجر الصغير حتى يبلغ) بأحد الامور المذكورة في كتاب الصوم(3) ، (ويرشد، بأن يصلح ماله) بحيث يكون له ملكة نفسانية تقتضي إصلاحه، وتمنع إفساده وصرفه(4) في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء، لا مطلق الاصلاح(5) ، فإذا تحققت الملكة

___________________________________

(1) مصدر حجر يحجر وزان نصر ينصر بمعنى منع يقال: حجره عن كذا: اي منعه عن التصرف. وشرعا هو المنع المخصوص باسباب ذكرها المصنف.

(2) وهو الملي.

(3) الجزء الثاني ص 144.

(4) بالنصب عطفا على مفعول (تمنع): اي وتمنع صرف ماله.

(5) كما يستفاد من إطلاق عبارة المصنف، بل المراد من الاصلاح هو الاصلاح مع صدق الرشد.

١٠١

المذكورة مع البلوغ ارتفع عنه الحجر (وإن كان فاسقا) على المشهور، لاطلاق الامر بدفع أموال اليتامى اليهم بإيناس الرشد(1) من غير اعتبار أمر آخر معه(2) . والمفهوم من الرشد عرفا هو إصلاح المال على الوجه المذكور وإن كان فاسقا.

وقيل: يعتبر مع ذلك(3) العدالة فلو كان مصلحا لماله غير عدل في دينه لم يرتفع عنه الحجر، للنهي(4) عن إيتاء السفهاء المال، وما(5) روي أن شارب الخمر سفيه، ولا قائل بالفرق(6) ، وعن ابن عباس(7) أن الرشد هو الوقار، والحلم، والعقل. وإنما يعتبر على القول بها في الابتداء(8) ، لا في الاستدامة، فلو عرض الفسق بعد العدالة قال الشيخ: الاحوط أن يحجر عليه. مع أنه شرطها ابتداء، ويتوجه

___________________________________

(1) كما في قوله تعالى:( وأبتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم أموالهم ) النساء: الآية 5 فإنها لا تدل على اعتبار غير الرشد.

(2) اي مع ايناس الرشد.

(3) اي مع الاصلاح.

(4) وهو قوله تعالى:( لا تؤتوا السفهاء اموالهم ) .

(5) مجرور محلا عطف على مدخول (لام الجارة): اي للنهي ولما روي فالآية بانضمام الرواية اليها تدل على لزوم العدالة بناء على أن الفاسق سفيه واي سفاهة اعظم من الفسق كما في الرواية. والرواية في الوسائل كتاب الوصايا باب 53 الحديث 2.

(6) بين الخمر وغيرها.

(7) الدر المنثور ج 2 ص 121.

(8) اي في اول البلوغ، فلو عرض الفسق بعد ذلك لم يضر ولا يحجر عليه

١٠٢

على ذلك(1) أنها لو كانت شرطا في الابتداء لاعتبرت بعده(2) لوجود المقتضى(3) .

(ويختبر) من يراد معرفة رشده (بما يلائمه) من التصرفات والاعمال، ليظهر إتصافه بالملكة، وعدمه، فمن كان من أولاد التجار فوض اليه البيع والشراء بمعنى مماكسته(4) فيهما على وجههما(5) ، ويراعى إلى أن يتم مساومته ثم يتولاه الولي إن شاء، فإذا تكرر منه ذلك(6) ، وسلم من الغبن والتضييع في غير وجهه فهو رشيد. وإن كان من. أولاد من يصان عن ذلك اختبر بما يناسب حال أهله، إما بأن يسلم اليه نفقه مدة لينفقها في مصالحه، أو مواضعها التى عينت له، أو بأن يستوفي(7) الحساب على معامليهم، أو نحو ذلك(8) ، فإن وفي بالافعال الملائمة فهو رشيد، ومن تضييعه: إنفاقه في المحرمات، والاطعمة النفيسة التي لا تليق بحاله بحسب وقته، وبلده،

___________________________________

(1) اي على اشتراط العدالة.

(2) اي بعد الابتداء.

(3) وهي الادلة التي تمسك بها القائل بالعدالة ابتداء.

(4) مصدر ماكس يماكس، يقال: ماكسه اي استحطه الثمن وطلب نقصه منه. وهي المداقة في إتمام القيمة والمحاورة في ذلك.

(5) اي على الطريق المتعارف في البيع والشراء من المداقة في ثمن المبيع من طرف البايع أو المشتري.

(6) اي المماكسة والمساومة على وجهها.

(7) اي يجمع طلباتهم.

(8) مما يدل على كماله ورشده.

١٠٣

وشرفه، وضعته. والامتعة واللباس كذلك(1) .

وأما صرفه في وجوه الخير من الصدقات، وبناء المساجد، وإقراء الضيف فالاقوى أنه غير قادح مطلقا(2) ، إذ لا سرف في الخير، كما لا خير في السرف، وإن كان أنثى اختبرت بما يناسبها من الاعمال كالغزل، والخياطة، وشراء آلاتهما المعتادة لامثالهما بغير غبن، وحفظ ما يحصل في يدها من ذلك، والمحافظة على أجرة مثلها إن عملت للغير، وحفظ ما تليه من أسباب البيت، ووضعه على وجهه، وصون أطعمته التي تحت يدها عن مثل الهرة والفار ونحو ذلك، فاذا تكرر ذلك على وجه الملكة ثبت الرشد، وإلا فلا. ولا يقدح فيها وقوع ما ينافيها نادرا من الغلط والانخداع في بعض الاحيان، لوقوعه كثيرا من الكاملين ووقت الاختبار قبل البلوغ، عملا بظاهر الآية(3) .

(ويثبت الرشد) لمن لم يختبر (بشهادة النساء في النساء لا غير) لسهولة إطلاعهن عليهن غالبا، عكس الرجال، (وبشهادة الرجال مطلقا) ذكرا كان المشهود عليه، أم انثى، لان شهادة الرجال غير مقيدة(4) . والمعتبر في شهادة الرجال اثنان، وفي النساء أربع، ويثبت رشد أنثى بشهادة رجل وامرأتين أيضا، وبشهادة أربع خناثي.

(ولا يصح اقرار السفيه بمال) ويصح بغيره كالنسب وإن أوجب

___________________________________

(1) اي كالاطعمة النفيسة في أنها يراعى فيها اللياقة بحسب الوقت والبلد.

(2) سواء كانت لائقة بحاله ام لا.

(3) كما مرت الاشارة اليها في الهامش رقم 1 ص 102.

(4) يكون المشهود عليه رجلا.

١٠٤

النفقة، وفي الانفاق عليه(1) من ماله(2) أو بيت المال قولان، أجودهما الثاني، وكالاقرار بالجناية الموجبة للقصاص وإن كان نفسا، (ولا تصرفه في المال) وإن ناسب أفعال العقلاء، ويصح تصرفه فيما لا يتضمن إخراج المال كالطلاق(3) ، والظهار، والخلع.

(ولا يسلم عوض الخلع اليه) لانه تصرف مالي ممنوع منه.

(ويجوز أن يتوكل لغيره في سائر العقود) أي في جميعها. وإن كان قد ضعف اطلاقه(4) عليه(5) بعض أهل العربية، حتى عده في " درة الغواص " من أوهام الخواص، وجعله مختصا بالباقي أخذا له من السؤر وهو البقية، وعليه جاء قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لابن غيلان لما أسلم على عشر نسوة: أمسك عليك أربعا، وفارق سائرهن(6) ، لكن قد أجازه بعضهم. وإنما جاز توكيل غيره له، لان عبارته ليست مسلوبة مطلقا(7) ، بل مما يقتضي التصرف في ماله (ويمتد حجر المجنون) في التصرفات المالية وغيرها (حتى يفيق) ويكمل عقله (والولاية في مالهما) أي الصغير والمجنون (للاب والجد) له وإن علا (فيشتركان في الولاية) لو اجتمعا، فإن اتفقا على أمر نفذ، وإن تعارضا قدم عقد السابق

___________________________________

(1) اي على المقر له الذي اقر له السفيه.

(2) اي من مال السفيه.

(3) هذا اذا كان الزوج قد اعطى مهرها قبل السفيه. واما اذا لم يعطها وصار سفيها فلا يصح طلاقه.

(4) اي اطلاق (السائر) على (الجميع).

(5) اي على الجميع.

(6) المغني ج 7 ص 5.

(7) سواء كان في ماله أم في مال الغير.

١٠٥

فإن اتفقا ففي بطلانه، أو ترجيح الاب، أو الجد أوجه، (ثم الوصي) لاحدهما مع فقدهما، (ثم الحاكم) مع فقد الوصي.

(والولاية في مال السفيه الذي لم يسبق رشده كذلك) للاب والجد إلى آخر ما ذكر عملا بالاستصحاب (فإن سبق) رشده وارتفع الحجر عنه بالبلوغ معه ثم لحقه السفه (فللحاكم) الولاية دونهم لارتفاع الولاية عنه بالرشد فلا تعود اليهم إلا بدليل، وهو منتف، والحاكم ولي عام لا يحتاج إلى دليل وإن تخلف في بعض الموارد(1) .

وقيل: الولاية في ماله للحاكم مطلقا(2) ، لظهور توقف الحجر عليه، ورفعه على حكمه(3) في كون النظر اليه، (والعبد ممنوع) من التصرف (مطلقا) في المال وغيره، سواء أحلنا ملكه أم قلنا به، عدا الطلاق فإن له إيقاعه وإن كره المولى، (والمريض ممنوع مما زاد عن الثلث)، إذا تبرع به، أما لو عاوض عليه بثمن مثله نفذ، (وإن نجز) ما تبرع به في مرضه بأن وهبه، أو وقفه، أو تصدق به، أو حابى به في بيع، أو إجارة (على الاقوى) للاخبار(4) الكثيرة الدالة عليه منطوقا ومفهوما، وقيل: يمضي من الاصل للاصل، وعليه شواهد من الاخبار(5) (ويثبت الحجر على السفيه بظهور

___________________________________

(1) كما سبق قريبا في موارد ولاية الاب، والجد، والوصي لهما.

(2) اي وان لم يسبق رشده.

(3) اي على الحاكم.

(4) راجع الوسائل كتاب الوصايا - باب حكم تصرفات المريض المنجزة في مرض الموت فانك تجد هناك الاحاديث الواردة في هذا الباب.

(5) الوسائل كتاب الوصايا - باب 10 - الحديث 4.

١٠٦

سفهه، وإن لم يحكم الحاكم به(1) لان المقتضي له(2) هو السفه، فيجب تحققه بتحققه(3) ، ولظاهر قوله تعالى:( فإن كان الذي عليه الحق سفيها (4) ) حيث أثبت عليه الولاية بمجرده.

(ولا يزول) الحجر عنه (إلا بحكمه(5) ) لان زوال السفه يفتقر إلى الاجتهاد، وقيام الامارات، لانه أمر خفي فيناط(6) بنظر الحاكم.

وقيل: يتوقفان(7) على حكمه لذلك(8) .

وقيل: لا فيهما(9) ، وهو الاقوى، لان المقتضي للحجر هو السفه فيجب أن يثبت بثبوته، ويزول بزواله، ولظاهر قوله تعالى:( فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا

___________________________________

(1) اي بالحجر.

(2) اي للحجر.

(3) مرجع الضمير (السفه) كما وأن مرجع الضمير في (تحققه) الاول (الحجر). فالمعنى أنه متى وجد السفه يثبت الحجر عليه وان لم يحكم الحاكم بالحجر.

(4) البقرة: الآية 282.

(5) اي بحكم الحاكم. ولا يخفى أن رفع الحجر عن السفيه يحتاج إلى حكم الحاكم. وأما وضع الحجر عليه فلا يحتاج اليه.

(6) اي يتعلق بنظر الحاكم.

(7) اي وضع الحجر، ورفع الحجر.

(8) اي لاجل التعليل المذكور: (وهو خفاء السفه) لاحتياجه إلى الاجتهاد وقيام الامارات.

(9) اي لا يتوقف حجر السفيه على حكم الحاكم لا في الوضع ولا في الرفع.

١٠٧

اليهم أموالهم (1) ) حيث علق الامر بالدفع على إيناس الرشد، فلا يتوقف على أمر آخر.

(ولو عامله العالم بحاله استعاد ماله) مع وجوده، لبطلان المعاملة (فإن تلف فلا ضمان) لان المعامل قد ضيع ماله بيده، حيث سلمه إلى من نهى الله تعالى عن إيتائه(2) ، ولو كان جاهلا بحاله فله الرجوع مطلقا(3) ، لعدم تقصيره.

وقيل: لا ضمان مع التلف مطلقا(4) ، لتقصير من عامله قبل اختباره.

وفصل ثالث: فحكم بذلك(5) مع قبض السفيه المال بإذن مالكه ولو كان بغير إذنه ضمنه مطلقا(6) ، لان المعاملة الفاسدة لا يترتب عليها حكم فيكون قابضا للمال بغير إذن، فيضمنه، كما لو أتلف مالا، أو غصبه بغير أذن مالكه. وهو حسن.

(وفي إيداعه، أو إعارته، أو إجارته فيتلف العين نظر) من(7) تفريطه بتسليمه وقد نهى الله تعالى عنه بقوله:( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) (8) ، فيكون بمنزلة من القى ماله في البحر،

___________________________________

(1) النساء: الآية 5.

(2) لقوله تعالى:( ولا تؤتوا السفهاء ) .

(3) اي وان تلف المال.

(4) سواء كان عالما بالسفه ام لا.

(5) اي بعدم الضمان، سواء كان عالما، ام لا.

(6) سواء كان عالما ام لا، وسواء تلف المال ام لا.

(7) دليل لعدم ضمان السفيه، لان (المعامل) - بصيغة الفاعل - قد فرط بماله حيث سلمه إلى من نهى الله عنه.

(8) النساء: الآية 4.

١٠٨

ومن عدم(1) تسليطه على الاتلاف، لان المال في هذه المواضع أمانة يجب حفظه، والاتلاف حصل من السفيه بغير إذن فيضمنه كالغصب، والحال أنه بالغ عاقل، وهذا هو الاقوى.

(ولا يرتفع الحجر عنه ببلوغه خمسا وعشرين سنة) إجماعا منا لوجود المقتضي للحجر، وعدم صلاحية هذا السن لرفعه. ونبه بذلك(2) ، على خلاف بعض(3) العامة، حيث زعم أنه متى بلغ خمسا وعشرين سنة يفك حجره به وإن كان سفيها، (ولا يمنع من الحج الواجب مطلقا)، سواء زادت نفقته عن نفقة الحضر أم لا، وسواء وجب بالاصل أم بالعارض كالمنذور قبل السفه، لتعينه عليه، ولكن لا يسلم النفقة، بل يتولاها الولي، أو وكيله(4) ، (ولا) من الحج (المندوب إذا استوت نفقته) حضرا وسفرا، وفي حكم استواء النفقة ما لو تمكن في السفر من كسب يجبر الزائد بحيث لا يمكن فعله في الحضر.

(وتنعقد يمينه) لو حلف: (ويكفر بالصوم) لو حنث، لمنعه

___________________________________

(1) دليل لضمان السفيه.

(2) (وهو عدم رفع الحجر عن السفيه ببلوغه هذه السن).

(3) قال ابوحنيفة: اذا بلغ السفيه خمسا وعشرين سنة فك عنه الحجر ودفع اليه ماله. المغني ج 4 ص 411.

(4) معناه تسليم المال منهما إلى الرفقة ممن يوثق به. ولا اظن أن المراد من (بل يتولاها الولي، او وكيله) اي وكيل الولي: أنهما يسافران معه، لانهما ان سافرا على نفقة انفسهما فذلك غير مراد قطعا، اذ لا مبرر لذلك. وإن سافرا على نفقة السفيه فذاك موجب لزيادة صرف المال وهو ممنوع.

١٠٩

من التصرف المالي، ومثله(1) العهد والنذر، وإنما ينعقد ذلك(2) حيث لا يكون متعلقه المال ليمكن الحكم بالصحة، فلو حلف أو نذر أن يتصدق بمال لم ينعقد نذره، لانه تصرف مالي. هذا مع تعينه، أما لو كان مطلقا لم يبعد ن يراعى في إنفاذه الرشد (وله العفو عن القصاص)، لانه ليس بمالي، (لا الدية)، لانه تصرف مالي، وله الصلح عن القصاص على مال، لكن لا يسلم اليه.

___________________________________

(1) اي ومثل انعقاد اليمين انعقاد النذر والعهد.

(2) اي العهد والنذر واليمين.

كتاب الضمان

١١٠

١١١

١١٢

كتاب الضمان(1)

والمراد به الضمان بالمعنى الاخص قسيم الحوالة والكفالة، لا الاعم(2) الشامل لهما (وهو التعهد بالمال) أي الالتزام به (من البرئ) من مال مماثل لما ضمنه للمضمون عنه. وبقيد المال خرجت الكفاله فإنها تعهد بالنفس، وبالبرئ الحوالة بناء على اشتراطها(3) بشغل ذمة المحال عليه للمحيل بما أحال به.

(ويشترط كماله) أي كمال الضامن المدلول عليه بالمصدر(4) ، أو اسم الفاعل(5) ، أو المقام(6) (وحريته) فلا يصح ضمان العبد في المشهور، لانه لا يقدر على شئ.

وقيل: يصح ويتبع به بعد العتق (إلا أن يأذن المولى فيثبت) المال (في ذمة العبد)، لا في مال المولى لان إطلاق الضمان أعم من كل منهما(7) فلا يدل على الخاص(8) ،

___________________________________

(1) مصدر ضمن يضمن الشئ معناه - لغة -: التكفل. وشرعا بالمعنى الاخص (وهو التعهد بالمال).

(2) (وهو التعهد المطلق)، سواء كان في الاموال ام في الابدان.

(3) اي الحوالة.

(4) وهو (الضمان) فالمصدر دال على اسم الفاعل، لانه لابد له من فاعل وهو (الضامن).

(5) وهو (البرئ) في قول الماتن.

(6) لان الكلام في الضمان، والضامن.

(7) اي من ذمة المولى، ومن ذمة العبد.

(8) وهي ذمة المولى.

١١٣

وقيل: يتعلق بكسبه حملا على المعهود من الضمان الذي يستعقب الاداء(1) وربما قيل بتعلقه بمال المولى مطلقا(2) ، كما لو أمره بالاستدانة(3) ، وهو متجه، (إلا أن يشترط كونه من مال المولى) فيلزم بحسب ما شرط ويكون(4) حينئذ كالوكيل، ولو شرطه من كسبه فهو كما لو شرطه من مال المولى، لانه(5) من جملته، ثم إن وفى الكسب بالحق المضمون وإلا ضاع ما قصر، ولو أعتق العبد قبل إمكان تجدد شئ من الكسب ففي بطلان الضمان، أو بقاء التعلق به وجهان.

(ولا يشترط علمه(6) بالمستحق(7) للمال المضمون وهو المضمون له بنسبه أو وصفه، لان الغرض إيفاؤه الدين وهو لا يتوقف على ذلك(8) ، وكذا لا يشترط معرفة قدر الحق المضمون، ولم يذكره المصنف، ويمكن إرادته من العبارة بجعل المستحق مبنيا للمجهول، فلو ضمن

___________________________________

(1) اي يقع الاداء بعد الضمان، ولا يتراخى عنه، فإن قلنا بتبعية الضمان إلى ما بعد العتق فربما اوجب تراخي الاداء عن الضمان.

(2) سواء كان بكسب العبد ام من غيره.

(3) لان المولى اذا امر عبده بالاستدانة يكون الوفاء من مال المولى مطلقا لا في خصوص كسب العبد.

(4) اي العبد.

(5) اي كسب العبد.

(6) اي الضمان.

(7) على صيغة الفاعل: اي لا يشترط علم الضامن بمن يضمن له المال.

(8) اي على معرفة الضامن المضمون له.

١١٤

ما في ذمته(1) صح على أصح القولين، للاصل، وإطلاق النص(2) ولان الضمان لا ينافيه الغرر، لانه ليس معاوضة، لجوازه من المتبرع. هذا إذا أمكن العلم به بعد ذلك(3) كالمثال(4) ، فلو لم يمكن كضمنت لك شيئا مما في ذمته(5) لم يصح قطعا، وعلى تقدير الصحة(6) يلزمه(7) ما تقوم به البينة أنه كان لازما للمضمون عنه وقت الضمان، لا ما يتجدد(8) ، أو يوجد في دفتر(9) ، أو يقر به المضمون عنه(10) ، أو يحلف عليه المضمون له برد اليمين من المضمون عنه، لعدم دخول الاول(11) في الضمان، وعدم ثبوت الثاني(12) ، وعدم نفوذ الاقرار

___________________________________

(1) اي لو ضمن ضامن ما في ذمة شخص من دون أن يعرف المضمون له وقدر المال.

(2) الوسائل كتاب الضمان باب 2 - 3.

(3) اي بعد الضمان.

(4) كما في قوله (فلو ضمن ما في ذمته) فإنه يمكن العلم بالمقدار المضمون بعد الضمان.

(5) اي في ذمة الدائن.

(6) اي صحة الضمان حيث اجتمعت الشروط.

(7) اي الضامن. هذا اذا كانت هناك خصومة بين المضمون له والمضمون عنه، أو بين المضمون له والضامن فحينئذ يحكم الحاكم على طبق البينة.

(8) اي من الدين بعد الضمان، فإن الدين المتجدد لا يلزم الضامن.

(9) اي في دفتر المضمون له الذي هو الدائن.

(10) وهو المديون.

(11) وهو الدين المتجدد بعد الضمان.

(12) وهو (ما وجد في دفتر المضمون له).

١١٥

في الثالث(1) على الغير، وكون(2) الخصومة حينئذ(3) مع الضامن والمضمون عنه فلا يلزمه(4) ما يثبت بمنازعة(5) غيره(6) ، كما(7)

___________________________________

(1) وهو اقرار المضمون عنه الذي هو المديون، لان اقراره نافذ على نفسه لا على الضامن فلا ينافي القاعدة المشهورة: (اقرار العقلاء على انفسهم جائز).

(2) تعليل لعدم ثبوت الزائد من الدين على الضامن بحلف المضمون له حين رد المضمون عنه اليمين الموجهة اليه.

بيان ذلك: أن الخصومة وان كانت بين المضمون له في طرف وكل من الضامن والمضمون عنه في طرف آخر. بمعنى أن خصومة المضمون له موجهة ضد الضامن والمضمون عنه كليهما، لكنه مع ذلك لا يثبت على الضامن ما ثبت على المضمون عنه بسبب يمين المضمون له في الصورة الرابعة: وهو (حلف المضمون له بسبب اليمين المردودة من قبل المضمون عنه).

(3) اي حين النزاع بين المضمون له، والمضمون عنه.

(4) اي الضامن.

(5) مصدر مضاف إلى المفعول وهو لفظ (غير) المراد منه المضمون عنه والفاعل محذوف وهو المضمون له: فالمعنى أنه بمنازعة المضمون له مع المضمون عنه، وثبوت الحق على المضمون عنه لا يثبت حق في ذمة الضامن.

(6) مرجع الضمير (الضامن).

(7) اي كما وأنه لا يثبت على المضمون عنه ما اقر به الضامن للمضمون له من الدين الزائد الذي يدعيه المضمون له على المضمون عنه.

فالحاصل: أنه كما لا يثبت في ذمة الضامن المقدار الزائد من الدين المدعى من قبل المضمون له على المضمون عنه بمجرد منازعة المضمون له مع المضمون عنه كذلك لا يثبت على المضمون عنه المقدار الزائد من الدين بمجرد اقرار الضامن للمضمون له.

١١٦

لا يثبت ما يقر به، في الرابع(1) . نعم(2) لو كان الحلف برد الضامن ثبت(3) ما حلف(4) ،

___________________________________

(1) الجار والمجرور متعلق ب‍ (وكون الخصومة). أي أن الخصومة بين الضامن والمضمون عنه في الصورة الرابعة (وهو حلف المضمون له باليمين المردودة من قبل المضمون عنه) إلى اخر ما ذكر في الهامش رقم 2 من الصفحة 116.

ولا يخفى عليك أن هذه الجملة: وهو (في الرابع) من العبارات الغامضة وقد يتخيل أنها متعلقة بقول الشارح: (ما يقر به) مع أن ما اقر به الضامن ليس داخلا في الاقسام الاربعة، اذ الاقسام الاربعة - هي: (تجدد الدين) و (وجوده في دفتر) و (اقرار المضمون عنه) و (حلف المضمون له باليمين المردودة). فاقرار الضامن للمضمون له بالدين الزائد لا يثبت حقا على المضمون عنه فهو خارج عن الاقسام الاربعة كما علمت، اذن فالمتعين أن (في الرابع) متعلق ب‍ (وكون الخصومة).

(2) استدراك لثبوت الدين الزائد على الضامن لو رد اليمين الموجهة اليه من قبل المضمون له التي وجهها اليه المضمون عنه فلو لم يحلف ورد اليمين ايضا توجه ثبوت الزائد عليه.

(3) اي الزائد على الضامن بمجرد رده اليمين الموجهة اليه من قبل المضمون له.

(4) فاعل حلف (المضمون له) اي ثبت على الضامن الزائد بعد حلف المضمون له.

١١٧

عليه(1) . (و) كذا (لا) يشترط علمه (بالغريم) وهو المضمون عنه، لانه لانه وفاء دين عنه وهو جائز عن كل مديون. ويمكن أن يريد به الاعم منه(2) ، ومن المضمون له، ويريد بالعلم به(3) : الاحاطة بمعرفة حاله من نسب أو وصف، لسهولة(4) الاقتضاء، وما شاكله، لان الغرض إيفاؤه الدين، وذلك(5) لا يتوقف على معرفته(6) كذلك(7) ، (بل تميزهما) أي المستحق(8) والغريم ليمكن توجه القصد(9) اليهما، أما الحق فليمكن أداؤه، وأما المضمون له فليمكن إيفاؤه، وأما المضمون عنه فليمكن القصد اليه. ويشكل بأن المعتبر القصد إلى الضمان وهو التزام المال الذي يذكره

___________________________________

(1) مرجع الضمير (ما الموصولة): اي ثبت على الضامن ما حلف عليه المضمون عنه.

(2) اي من الغريم.

(3) اي بالغريم.

(4) تعليل لعدم لزوم علم الضامن بنسب المضمون عنه، او بوصف من اوصافه، لاستحباب كون المؤمن سهل القضاء، وسهل الاقتضاء كما في الخبر: " المؤمن سهل القضاء وسهل الاقتضاء ".

(5) اي ايفاء الدين.

(6) اي الغريم.

(7) اي بخصوصياته من النسب، او الوصف.

(8) وهو المضمون له، والمراد من الغريم: المضمون عنه.

(9) اي قصد الضامن إلى كل من الغريم والمستحق.

١١٨

المضمون له، وذلك(1) غير متوقف على معرفة من عليه الدين.

فلو قال شخص: إني استحق في ذمة آخر مائة درهم مثلا فقال آخر: ضمنتها لك كان قاصدا إلى عقد الضمان عمن كان عليه الدين مطلقا(2) ، ولا دليل على اعتبار العلم بخصوصه(3) .

(ولابد له من إيجاب وقبول مخصوصين(4) )، لانه من العقود اللازمة الناقلة للمال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، (والايجاب ضمنت، وتكفلت)، ويتميز عن مطلق الكفالة بجعل متعلقها(5) المال (وتقبلت وشبهه) من الالفاظ الدالة عليه صريحا، (ولو قال مالك عندي، أو علي، أو ما عليه(6) علي فليس بصريح)، لجواز إرادته أن للغريم تحت يده مالا، وأنه قادر على تخليصه، أو أن عليه السعي، أو المساعدة، ونحوه. وقيل إن " علي "(7) ضمان، لاقتضاء علي الالتزام، ومثله(8) في ذمتي وهو متجه، أما ضمانه علي(9) فكاف، لانتفاء الاحتمال،

___________________________________

(1) اي التزام الضامن للمال الذي يذكره المضمون له.

(2) أي من دون أن يعرفه.

(3) اي بخصوص من عليه الدين وهو المضمون عنه.

(4) اي إيجاب مخصوص بالضمان، وقبول مخصوص به.

(5) اي متعلق الكفالة.

(6) اي ما على المديون.

(7) في قول القائل: مالك علي، أو ما عليه علي.

(8) اي مثل (علي) في اقتضائه الضمان.

(9) اي لو قال القائل: (ضمانه علي).

١١٩

مع تصريحه(1) بالمال (فيقبل المستحق) وهو المضمون له.

(وقيل: يكفي رضاه) بالضمان وإن لم يصرح بالقبول، لان حقه يتحول من ذمة إلى أخرى، والناس يختلفون في حسن المعاملة، وسهولة القضاء، فلابد من رضاه(2) به(3) ولكن لا يعتبر القبول، للاصل، لانه وفاء دين. والاقوى الاول(4) ، لانه عقد لازم فلابد له من إيجاب وقبول لفظين صريحين متطابقين عربيين، فعلى ما اختاره من اشتراطه(5) يعتبر فيه ما يعتبر في العقود اللازمة(6) . وعلى القول الآخر(7) (فلا يشترط فورية القبول)، للاصل، وحصول الغرض.

وقيل: لا يشترط رضاه مطلقا(8) ، لما روي من ضمان علي عليه الصلاة والسلام دين الميت الذي امتنع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم من الصلاة عليه، لمكان دينه(9) .

(ولا عبرة بالغريم(10) ) وهو المضمون عنه، لما ذكرناه من أنه

___________________________________

(1) اي مع تصريح الضامن بقوله: ضمان مالك علي.

(2) اي المستحق.

(3) اي الضمان.

(4) وهو الاحتياج إلى القبول اللفظي، دون الرضا القلبي.

(5) اي من اشتراط القبول اللفظي.

(6) ومن جملتها فورية القبول.

(7) وهو كفاية الرضا من دون اللفظ.

(8) لا لفظا، ولا قلبا.

(9) الوسائل كتاب الضمان احكام الضمان باب 3 الحديث 2.

(10) اي برضى الغريم.

١٢٠