الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٤

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 455

  • البداية
  • السابق
  • 455 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41024 / تحميل: 6758
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء 4

مؤلف:
العربية

أيضا لم يكتف باليمين التي حلفها(1) للكفيل، لانها(2) كانت لاثبات الكفالة، وهذه(3) دعوى أخرى وإن لزمت تلك(4) بالعرض، (فلو لم يحلف(5) ورد اليمين عليه(6) أي على الكفيل فحلف (برئ من الكفالة والمال بحاله(7) ) لا يبرأ المكفول منه، لاختلاف الدعويين(8) كما مر، ولانه(9) لا يبرأ بيمين غيره.

___________________________________

(1) فاعل حلف (المكفول له): اي لم يكتف بحلف المكفول له للكفيل.

(2) اي اليمين الاولى كانت لاثبات بقاء الكفالة ولا ربط لها بهذه الدعوى وهي تحتاج إلى يمين اخرى.

(3) مرجع اسم الاشارة (دعوى المكفول البرائة).

وحاصل المراد: أن دعوى المكفول برائة ذمته من الحق دعوى ثانية غير دعوى الكفيل، لان مرجع دعوى الكفيل زوال الكفالة، والمكفول له يدعي بقائها ولزوم احضار المكفول، ولا يتم هذا بالحلف من المكفول له على بقاء الحق فتكون اليمين عرضية لاجل اثبات الكفالة. فلا تنفع اليمين الاولى للدعوى الثانية.

(4) مرجع الاشارة (اليمين) الاولى: اي وان لزمت تلك اليمين بالعرض وهو أنها لاجل اثباته الكفالة.

(5) اي المستحق.

(6) اي على الكفيل.

(7) اي بعد حلف الكفيل لا يسقط المال على المكفول، بل باق في ذمته حتى يثبت سقوطه. ومرجع الضمير في منه: (المال).

(8) هما: دعوى الكفيل زوال الكفالة والمكفول له يدعي بقائها. ودعوى المكفول برائة ذمته من الحق.

(9) اي المكفول.

١٦١

نعم لو حلف المكفول اليمين المردودة على البراء‌ة برئا(1) معا، لسقوط الكفالة بسقوط الحق(2) ، كما لو أداه، وكذا لو نكل المكفول له عن يمين المكفول فحلف(3) برئا معا.

(ولو تكفل اثنان بواحد كفى تسليم أحدهما) إياه تاما(4) ، لحصول الغرض(5) ، كما لو سلم نفسه، أو سلمه أجنبي. وهل يشترط تسليمه عنه وعن شريكه، أم يكفي الاطلاق؟ قولان أجودهما الثاني(6) ، وهو الذي يقتضيه إطلاق العبارة. وكذا(7) القول في تسليم نفسه، وتسليم الاجنبي له.

وقيل: لا يبرأ مطلقا(8) ، لتغاير الحقين(9) . وضعفه ظاهر(10)

___________________________________

(1) اي الكفيل والمكفول.

(2) لتبعية الكفالة للحق فاذا سقط سقطت.

(3) اي المكفول. والفاعل في برئا (الكفيل والمكفول) ايضا.

(4) اي تسليما تاما.

(5) من استيفاء حقه من قصاص، أو دين أو نفقة.

(6) وهو الاطلاق من دون قيد النية عن نفسه، أو عن شريكه.

(7) اي وكذا يكفي في سقوط الكفالة لو سلم المكفول نفسه، أو سلمه اجنبي إلى المكفول له.

(8) سواء سلمه عن نفسه ام عن شريكه، أو سلمه إلى المكفول له مطلقا من دون قيد (النية عن نفسه أو عن شريكه).

(9) وهما: حقا الكفيلين. بناء على أن للمكفول له حقا مستقلا عن كل من الكفيلين.

(10) وجه ظهور الضعف: أنه لو جاز أن يبرأ الكفيل بتسليم الاجنبي المكفول للمكفول له فبتسليم الشريك له أولى.

١٦٢

وتظهر الفائدة(1) لو هرب بعد تسليم الاول(2) .

(ولو تكفل بواحد لاثنين فلا بد من تسليمه اليهما) معا، لان العقد الواحد هنا بمنزلة عقدين، كما لو تكفل لكل واحد على انفراده، أو ضمن دينين لشخصين فأدى دين أحدهما فإنه لا يبرأ من دين الآخر، بخلاف السابق، فإن الغرض من كفالتهما للواحد إحضاره وقد حصل.

(ويصح التعبير) في عقد الكفالة (بالبدن، والرأس، والوجه) فيقول: كفلت لك بدن فلان، أو رأسه، أو وجهه، لانه يعبر بذلك عن الجملة، بل عن الذات عرفا، وألحق به(3) الكبد، والقلب، وغيرهما من الاجزاء التي لا تبقى الحياة بدونها، والجزء(4) الشائع فيه(5) كثلثه، وربعه، استنادا إلى أنه لا يمكن إحضار المكفول إلا بإحضاره أجمع. وفي غير البدن نظر. أما الوجه والرأس فإنهما وإن أطلقا

___________________________________

(1) اي بناء على القولين: وهما القول ببرائة الشريك بتسليم شريكه، وعدم البرائة بتسليم الشريك. فإنه لو سلمه احد الشريكين وقلنا بعدم برائة الشريك الثاني فإنه يجوز للمكفول له الزام الثاني باحضاره. بخلاف ما لو قلنا ببرائة الشريك بتسليم شريكه المكفول فإنه لا يحق للمكفول له الزام الشريك بالاحضار، لانه قد برئ من ذلك بتسليم شريكه المكفول.

(2) اي الشريك الاول.

(3) اي البدن.

(4) بالرفع عطف على قوله: (الكبد).

(5) اي في البدن كما لو قال: اكفل ثلث زيد او ربعه مثلا.

١٦٣

على الجملة(1) لكن يطلقان على أنفسهما(2) إطلاقا شائعا متعارفا إن لم يكن أشهر(3) من إطلاقهما على الجملة. وحمل(4) اللفظ المحتمل للمعنيين(5) على الوجه المصحح(6) مع(7) الشك في حصوله،

___________________________________

(1) وهو البدن اي وإن أطلق الرأس والوجه على الجملة.

(2) وهما: الراس والوجه خاصة، فإن اطلاقهما على نفس الرأس والوجه اطلاق شايع ومتعارف. بخلاف اطلاقهما على الجملة التي هو البدن فإنه ليس اطلاقا شايعا متعارفا.

(3) بل اطلاقهما على انفسهما اشهر قطعا. فهنا اطلاقان للراس والوجه: (اطلاق) حقيقي وهو اطلاقهما على نفس الرأس والوجه وهو المعبر عنه بالاطلاق الشايع المتعارف. (واطلاق مجازي) وهو اطلاقهما على الجملة وهو المعبر عنه بالاطلاق غير الشايع، وغير المتعارف. فاحد الاطلاقين. وهو الاطلاق المجازي يصحح الكفالة دون الآخر وهو الاطلاق الحقيقي.

(4) مرفوع على الابتداء خبره (غير جيد).

(5) وهما: المعنى الحقيقي. والمعنى المجازي.

(6) وهو المعنى المجازي المصحح للكفالة.

(7) حاصل المراد: أنه اذا كان للراس وللوجه اطلاقان كما عرفت فكل واحد من المعنيين يكون مشكوكا فيه لارادة المتكلم له. فكيف يحمل اللفظ على احدهما تعيينا لاجل تصحيح الكفالة مع الشك في مراد المتكلم.؟ ومرجع الضمير في حصوله (المعنى المصحح). وهو المعنى المجازي: اي ومع الشك في حصول المعنى المجازي لارادة المتكلم.

١٦٤

وأصالة(1) البراء‌ة من مقتضى العقد غير(2) جيد. نعم(3) لو صرح بإرادة الجملة

___________________________________

(1) بالجر عطفا على مدخول (مع): اي ومع أصالة البرائة فهو وجه لعدم جواز حمل اللفظ على احد معينيه تصحيحا للكفالة.

بيانه: أن نفس الشك في المراد كاففي عدم جواز هذا الحمل مضافا إلى وجود اصل موضوعي في المقام.

وهي: أصالة عدم ترتب مقتضى العقد. وهو (وجوب احضار المكفول على الكفيل) وذلك للشك في انعقاد العقد على وجه يترتب عليه هذا الاثر فالاصل عدمه حيث يثبت.

لا يقال: الاصل الاولي هنا صحة العقد لكونه مبنى العقلاء في معاملاتهم وعقودهم وايقاعاتهم فكيف يحكم بأصالة البرائة؟.

فإنه يقال: الامر كما تقول وأن الاصل الاولي يقتضي الصحة لكن هذا بعد تمامية اركان العقد من الايجاب والقبول والبلوغ والعقل والاختيار وغير ذلك مما له دخل في صحة العقد. واين هذا مما نحن فيه الذي هو الشك في صحة استعمال اللفظ المحتمل للمعنيين مع الشك في كون المعنى المحتمل مرادا للمتكلم. فالمقام مقام جريان أصالة البرائة، لا أصالة الصحة.

(2) مرفوع، خبر لقوله: (وحمل..).

(3) استدراك عما افاده (الشارح)قدس‌سره آنفا من عدم صحة حمل اللفظ على المعنى المجازي مع الشك في كونه مراد للمتكلم.

وحاصله: أن المتكلم لو صرح بأنه اراد الجملة: اي تمام البدن من الجزئين الرأس، والوجه لكان صحيحا، نظير ما لو صرح بارادة احد المعنيين من كل لفظ مشترك. فكذلك لو كانت هناك قرينة على ارادة ذلك.

١٦٥

من الجزء‌ين(1) اتجهت الصحة(2) كإرادة(3) أحد معنيي المشترك كما أنه لو قصد الجزء بعينه(4) فكقصد الجزء الذي لا يمكن الحياة بدونه(5) ، وأما(6) ،

___________________________________

(1) هما: الوجه والرأس.

(2) اي صحة الكفالة.

(3) تنظير لحمل اللفظ المحتمل للمعنيين على احد المعنيين.

وحاصله: أنه كما يجوز حمل اللفظ المشترك بين المعنيين بالاشتراك اللفظي على احد معنييه بالخصوص مع تصريح المتكلم بذلك، أو مع نصب قرينة معينة لاحدهما كذلك يجوز حمل اللفظ على احد معنييه الحقيقي والمجازي لو صرح المتكلم بذلك، أو قامت عليه قرينة.

(4) بأن عبر بالرأس أو الوجه وارادهما بعينهما ولم يقصد المتكلم (الجملة) منهما. فحكم هذا التعبير حكم ما لو عبر الكفيل بالقلب أو الوجه في عدم صحة الكفالة به. فكما أنه لا يصح في الكفالة التعبير بالقلب أو الكبد بالخصوص من دون ارادة الجملة منهما، فكذلك لو قصد من الرأس أو الوجه نفس الجزء الحيوي الذي لا يبقى الانسان بدونه مجردا عن ارادة الجملة. وزيادة توضيح هذا في الهامش رقم 6.

(5) مرجع الضمير (الجزء الحيوي): اي بدون ذاك الجزء الحيوي كالقلب والكبد حيث إن الانسان لا يعيش بدونهما.

(6) هذا شروع في بيان عدم صحة الكفالة اذا عبر الكفيل بلفظ يخص احد اعضاء البدن دون الجملة ولو كان ذلك العضو عضوا حيويا.

بيانه: أن الاعضاء التي لا تبقى الحياة بدونها على قسمين: قسم يطلق ويراد به الجملة كالوجه والرأس، اذ يمكن أن يشار إلى وجه زيد ويقال: هذا زيد مثلا. وقسم لا يصح فيه هذا الاطلاق كالقلب والكبد.

(أما القسم الاول) الذي يصح اطلاقه وارادة الجملة منه ويمكن الاشارة اليه فهو اولى في اطلاقه على الكل من القسم الذي لا يصح اطلاقه على الجملة كما عرفت في الهامش رقم(7) ص 164. هذا ما يفهم من عبارة (الشارح)رحمه‌الله ، اذن تكون العبارة في قولهرحمه‌الله : (مع عدم اطلاق اسم الجملة عليه) مقلوبة: والاصل هكذا: (مع عدم اطلاق اسم الجزء على الجملة).

فالمعنى أن اطلاق مثل هذا الجزء لا يكفي في اثبات الاحكام الشرعية مثل الزام الكفيل باحضار المكفول، او إدانته بالحق. وبما أن الكفالة من العقود اللازمة فلا يصح استعمال الالفاظ المجازية المحتملة للوجهين فيه، بل الواجب استعمال اللفظ الصريح فيه.

١٦٦

ما لا تبقى الحياه بدونه(1) مع عدم إطلاق اسم الجملة(2) عليه(3) حقيقة فغايته أن إطلاقه(4) عليها(5) مجاز، وهو(6) ،

___________________________________

(1) مرجع الضمير (ما) الموصولة في قول الشارح: (وأما ما لا تبقى الحياة بدونه): اي وأما العضو التي لا تبقى الحياة بدونه.

(2) وهو البدن.

(3) مرجع الضمير (الجزء الحيوي).

(4) اي اطلاق (الجزء الحيوي).

(5) اي على الجملة.

(6) اي اطلاق مثل الجزء الحيوي على الجملة مجازا غير كاف في اثبات الاحكام الشرعية.

١٦٧

غير كاف في إثبات الاحكام الشرعية، ويلزم مثله(1) في كل جزء من البدن، والمنع في الجميع أوجه، أو إلحاق الرأس والوجه مع قصد الجملة بهما.

(دون اليد والرجل) وإن قصدها(2) بهما(3) مجازا، لان المطلوب شرعا كفالة المجموع باللفظ الصريح الصحيح كغيره من العقود اللازمة، والتعليل بعدم إمكان إحضار الجزء المكفول بدون الجملة فكان في قوة كفالة الجملة ضعيف(4) ، لان المطلوب لما كان كفالة المجموع لم يكن البعض كافيا في صحته وإن توقف إحضاره عليه، لان الكلام ليس في مجرد الاحضار، بل على وجه الكفالة الصحيحة، وهو منتف.

(ولو مات المكفول) قبل إحضاره (بطلت) الكفالة، (لفوات متعلقها) وهو النفس، وفوات الغرض لو أريد البدن.

___________________________________

(1) اي مثل اطلاق القلب والكبد وارادة الجملة - في عدم جوازه، وعدم كفايته في صحة عقد الكفالة - إطلاق سائر أجزاء البدن مطلقا كالصدر والبطن والرجل واليد حيث لا يجوز إطلاق شئ من هذه الاجزاء وارادة الجملة منه في كفالة الجملة، نظرا إلى عدم امكان احضار ذلك الجزء إلا باحضار الجميع. والمنع عام في جميع الاجزاء سواء كانت مما تبقى الحياة بدونها كاليد والرجل ام لا تبقى بدونها كالرأس والقلب كما افاده الشارحقدس‌سره بقوله: (والمنع في الجميع اوجه).

(2) اي قصد الجملة.

(3) اي باليد والرجل.

(4) كما عرفت عند قوله: (وهو غير كاف في اثبات الاحكام الشرعية) لعدم جواز حمل اللفظ المحتمل للمعنى الحقيقي والمجازي على أحدهما، ولما يذكره الشارحرحمه‌الله قريبا.

١٦٨

ويمكن الفرق بين التعبير بكفلت فلانا، وكفلت بدنه، فيجب إحضاره مع طلبه في الثاني، دون الاول، بناء على ما اختاره المحققون من أن الانسان ليس هو الهيكل المحسوس.

ويضعف بأن مثل ذلك منزل على المتعارف، لا على المحقق عند الاقل فلا يجب على التقديرين(1) ، (إلا في الشهادة على عينه(2) ) ليحكم عليه (بإتلافه، أو المعاملة) له(3) إذا كان قد شهد عليه من لا يعرف نسبه، بل شهد على صورته فيجب إحضاره ميتا حيث يمكن الشهادة عليه بأن لا يكون قد تغير بحيث لا يعرف. ولا فرق حينئذ(4) بين كونه قد دفن وعدمه، لان ذلك مستثنى من تحريم نبشه.

___________________________________

(1) سواء قال: كفلت بدنه، ام قال: كفلت فلانا.

(2) اي على شخصه بأن قال الشاهد: هذا هو الذي اتلف مال المكفول له.

(3) اي لصالح الميت.

(4) اي في وجوب احضاره.

كتاب الصلح

١٦٩

١٧٠

١٧١

١٧٢

كتاب الصلح(1)

(وهو جائز مع الاقرار والانكار) عندنا مع سبق نزاع ولا معه(2) ، ثم إن كان المدعي محقا استباح ما دفع اليه المنكر صلحا وإلا فهو حرام باطنا، عينا كان أم دينا، حتى لو صالح عن العين(3) بمال فهي(4) بأجمعها حرام، ولا يستثنى له(5) منها(6) مقدار ما دفع(7) من العوض، لفساد المعاوضة في نفس الامر.

نعم لو استندت الدعوى إلى قرينة كما لو وجد بخط مورثه أن له حقا على أحد فأنكر، وصالحه على إسقاطها بمال صحة الصلح.

___________________________________

(1) لغة اسم مصدر من المصالحة. والمصالحة مصدر صالح يصالح وزان ضارب يضارب. وشرعا عقد شرع لقطع المنازعة بين المتخاصمين.

(2) اي لا مع سبق نزاع، بل تشرع في كل مورد وقع الاشتباه في الحق، واراد الطرفان خلاص ذمتهما فيصطلحان على ما تفرغ ذمتهما به.

(3) كما لو ادعى زيد على عمرو عينا خارجية كدار، أو عقار ولم يكن محقا في دعواه وتخلص المدعى عليه منه بأن يدفع العين ويأخذ مقدارا من المال فالعين التي اخذها المدعي بالصلح حرام كلها.

(4) اي العين المدعاة باجمعها حرام.

(5) اي للمدعي.

(6) اي من العين.

(7) اي ما دفعه المدعي.

١٧٣

ومثله(1) ما لو توجهت الدعوى بالتهمة، لان اليمين حق يصح الصلح على إسقاطها.

(إلا ما أحل حراما، أو حرم حلالا) كذا ورد في الحديث(2) النبويصلى‌الله‌عليه‌وآله تحليل الحرام بالصلح على استرقاق حر، أو استباحة بضع لا سبب لاستباحته غيره، أو ليشرب الخمر ونحوه. وتحريم الحلال بأن لا يطأ أحدهما حليلته، أو لا ينتفع بماله ونحوه والصلح على مثل هذه باطل ظاهرا، باطنا. وفسر بصلح المنكر على بعض المدعى، أو منفعته(3) ، أو بدله مع كون أحدهما عالما ببطلان الدعوى، لكنه هنا صحيح ظاهرا، وإن فسد باطنا، وهو(4) صالح للامرين(5) معا، لانه محلل للحرام بالنسبة إلى الكاذب، ومحرم للحلال بالنسبة إلى المحق. وحيث كان عقدا جائزا في الجملة(6) (فيلزم بالايجاب والقبول

___________________________________

(1) اي ومثل (ما لو وجد بخط مورثه).

(2) الوسائل كتاب الصلح باب 3 الحديث 2.

(3) اي منفعة المدعى. ومرجع الضمير في بدله (المدعى).

(4) اي التفسير الاخير للصلح.

(5) وهما: تحليل الحرام، وتحريم الحلال، لان ما ياخذه حرام بالنسبة اليه فيستحله. والآخر يعطى مالا هو حلال له فيحرمه على نفسه بالصلح، لانه محلل للحرام بالنسبة إلى الكاذب فإن ما ياخذه الكاذب حرام له، ومحرم للحلال بالنسبة إلى المحق، لان ما يعطيه حلال له ويحرمه على نفسه بالصلح.

(6) اي لا في جميع الموارد، كالموارد التي حرم فيها حلال، أو حلل حرام.

١٧٤

الصادرين من الكامل) بالبلوغ والرشد (الجائز التصرف) برفع الحجر، وتصح(1) وظيفة كل من الايجاب والقبول من كل منهما بلفظ صالحت وقبلت، وتفريع اللزوم على ما تقدم(2) غير حسن، لانه(3) أعم منه(4) ولو عطفه بالواو كان أوضح، ويمكنه التفاته إلى أنه عقد والاصل في العقود اللزوم، إلا ما أخرجه الدليل، للامر بالوفاء بها في الآية(5) المقتضي له(6) .

(وهو أصل في نفسه) على أصح القولين وأشهرهما، لاصالة عدم الفرعية، لا فرع البيع، والهبة، والاجارة، والعارية، والابراء كما ذهب اليه الشيخ فجعله فرع البيع إذا أفاد نقل العين بعوض معلوم، وفرع الاجارة إذا وقع على نفعة معلومة بعوض معلوم، وفرع العارية إذا تضمن إباحة منفعة بغير عوض، وفرع الهبة إذا تضمن ملك العين بغير عوض، وفرع الابراء إذا تضمن إسقاط دين استنادا إلى إفادته فائدتها(7) حيث يقع على ذلك الوجه فيلحقه حكم ما ألحق به. وفيه أن إفادة عقد فائدة آخر لا تقتضي الاتحاد، كما لا تقتضى الهبة بعوض معين فائدة البيع.

___________________________________

(1) اي وتؤدى.

(2) وهو قول المصنفرحمه‌الله : (وهو جائز مع الاقرار والانكار).

(3) مرجع الضمير (ما تقدم).

(4) اي من الصلح.

(5) وهي قوله تعالى:( أوفوا بالعقود ) .

(6) اي للزوم.

(7) مرجع الضمير: المذكورات من البيع، والاجارة، الهبة، والعارية، والابراء.

١٧٥

(ولا يكون طلبه إقرارا) لصحته مع الاقرار والانكار، ونبه به على خلاف بعض العامة(1) الذاهب إلى عدم صحته مع الانكار حيث فرع عليه أن طلبه إقرار، لان اطلاقه ينصرف إلى الصحيح وإنما يصح مع الاقرار فيكون مستلزما له.

(ولو اصطلح الشريكان على أخذ أحدهما رأس المال والباقي للآخر ربح، أو خسر صح عند انقضاء الشركة) وإرادة فسخها لتكون الزيادة مع من هي معه بمنزله الهبة، والخسران على من هو عليه بمنزلة الابراء(2) .

(ولو شرطا بقائهما على ذلك(3) ) بحيث يكون ما يتجدد من الربح والخسران لاحدهما، دون الآخر (ففيه نظر) من مخالفته(4) لوضع الشركة حيث إنها تقتضي كونهما على حسب رأس المال، ومن(5) إطلاق

___________________________________

(1) وهو الشافعي حيث ذهب إلى عدم صحة الصلح مع الانكار، لانه معاوضة على ما لم يثبت (المغني لابن قدامة كتاب الصلح - ج 4 - ص 427).

(2) اي للآخر.

(3) اي على أن يكون رأس المال لاحدهما، والربح والخسران للآخر.

(4) مرجع الضمير (الشرط) وهو: كون رأس المال لاحدهما والربح والخسران للآخر فهو دليل لعدم جواز هذا الشرط لان الشركة تقتضي كون الربح والخسران على حسب رأس المال.

(5) دليل لجواز هذا الشرط. واليك نص الحديث " عن ابي عبداللهعليه‌السلام في رجلين اشتركا في مال فربحا فيه، وكان من المال دين، وعليهما دين فقال احدهما لصاحبه: أعطني رأس المال ولك الربح وعليك التوى - اي الخسران - فقالعليه‌السلام : لا بأس اذا اشترطا " الخ.

الوسائل كتاب الصلح باب 4 الحديث 1. فالرواية مطلقة حيث قالعليه‌السلام : (لا بأس اذا اشترطا) سواء كان الشرط في الابتداء ام في الاثناء.

١٧٦

الرواية بجوازه بعد ظهور الربح من غير تقييد بإرادة القسمة صريحا فيجوز مع ظهوره(1) ، أو ظهور الخسارة مطلقا(2) . ويمكن أن يكون نظره(3) في جواز الشرط مطلقا وإن كان في ابتداء الشركة، كما ذهب اليه الشيخ وجماعة زاعمين أن إطلاق الرواية يدل عليه(4) ، ولعموم (المسلمون عند شروطهم(5) ). والاقوى المنع. وهو مختاره في الدروس.

(ويصح الصلح على كل من العين، والمنفعة بمثله(6) ،

___________________________________

(1) اي ظهور الربح.

(2) سواء ارادا فسخ الشركة ام لا.

(3) اي نظر المصنف.

(4) اي على صحة هذا الشرط، واطلاق الرواية مستفاد من قوله: (لا بأس اذا اشترطا) فإنه مطلق سواء كان اشتراطهما في ابتداء العقد ام بعده وقد تقدم الحديث في الهامش رقم 5 ص 176.

(5) الوسائل كتاب التدبير والمكاتبة باب 4 الحديث 8.

(6) اي الصلح على العين بالعين، والصلح على المنفعة بالمنفعة كما لو كانت داران مشتركتان بين اثنين فوقع الصلح على كون منفعة احداهما لاحدهما، ومنفعة الاخرى للآخر، او احدى الدارين لاحدهما عينا، والاخرى للآخر. فهذا صلح على منفعة بمثلها، وعلى عين بمثلها.

١٧٧

والخلاصة: أن متعلق الصلح إما عين، أو منفعة، أو دين، أو حق كالشفعة وعلى التقادير الاربع إما أن يكون الصلح مع العوض، أو بدونه فهذه ثمانية صور بعد ضرب الاثنين في الاربعة 2 / 4 = 8 وعلى الاول وهو الصلح مع العوض إما أن يكون العوض عينا، أو منفعة، أو دينا، أو أو حقا فهذه اربعة تضرب في الاربعة الاول وهو الصلح على العين، أو المنفعة، أو الدين، أو الحق فينتج ستة عشر صورة: 4 * 4 = 16 وبقيت اربعة صور اخرى وهو الصلح على العين أو المنفعة، أو الدين، أو الحق بلا عوض اضفها إلى تلك يصير المجموع عشرين 16 + 4 = 20 واليك التفصيل.

الاول الصلح على العين بالعين.

الثاني الصلح على العين بالمنفعة.

الثالث الصلح على العين بالدين بأن صالح احدهما بالعين بشرط أن يبرأه الآخر عن دينه.

الرابع الصلح على العين بحق كما لو صالح احدهما على الدار بمال بشرط أن يسقط الاخر حق الشفعة مثلا.

الخامس الصلح على المنفعة بالمنفعة.

السادس الصلح على المنفعة بالعين.

السابع الصلح على المنفعة بالدين.

الثامن الصلح على المنفعة بالحق.

التاسع الصلح على دين بعين.

العاشر الصلح على دين بمنفعة.

الحادي عشر الصلح على دين بدين.

الثاني عشر الصلح على دين بحق.

الثالث عشر الصلح على حق بعين.

الرابع عشر الصلح على حق بمنفعة.

الخامس عشر الصلح على حق بدين.

السادس عشر الصلح على حق بحق.

فهذه ستة عشر اضف اليها اربعة اخرى التي هي بلا عوض: واليك صورها

الاول الصلح على عين بلا عوض.

الثاني الصلح على منفعة بلا عوض.

الثالث الصلح على دين بلا عوض.

الرابع الصلح على حق بلا عوض.

فهذه صور الجميع كلها صحيحة. نقلنا هذه الصور بالمعنى من كتاب (وسيلة النجاة) لفقيه اهل البيت المرحوم آية الله (السيد ابوالحسن) الموسوي الاصفهانيقدس‌سره .

١٧٨

وجنسه(1) ومخالفه(2) لانه بإفادته(3) فائدة البيع صح على العين، وبإفادته فائدة الاجارة صح على المنفعة، والحكم في المماثل، المجانس، والمخالف فرع ذلك(4) ، والاصل(5) والعموم(6) يقتضيان صحة الجميع، بل(7) ما هو أعم منها كالصلح على حق الشفعة والخيار وأولوية التحجير،

___________________________________

(1) المراد من (بجنسه) كون العوضين من جنس واحد كالصلح على الدنانير بالدنانير، والصلح على السكنى بالسكنى في الصلح على المنفعة.

(2) بأن يكون احد العوضين في الصلح منفعة، والآخر عينا.

(3) اي الصلح.

(4) اي فرع كون الصلح يفيد فائدة البيع والاجارة.

(5) وهو أن الاصل في العقود الصحة.

(6) وهو قوله تعالى:( أوفوا بالعقود ) .

(7) اي الاصل والعموم يقتضيان اعم مما ذكر كما في الهامش رقم 6 ص 177.

١٧٩

والسوق(1) ، والمسجد(2) ، بعين ومنفعة وحق آخر، للعموم(3) .

(ولو ظهر استحقاق العوض المعين) من أحد الجانبين (بطل الصلح) كالبيع(4) ، ولو كان مطلقا(5) رجع ببدله، ولو ظهر في المعين عيب فله الفسخ. وفي تخييره بينه وبين الارش وجه قوي، ولو ظهر غبن لا يتسامح بمثله ففي ثبوت الخيار كالبيع وجه قوي، دفعا للضرر المنفي الذي يثبت بمثله الخيار في البيع.

(ولا يعتبر في الصلح على النقدين القبض في المجلس)، لاختصاص الصرف بالبيع، وأصالة الصلح، ويجئ على قول الشيخ اعتباره(6) . وأما من حيث الربا كما لو كانا من جنس واحد فإن الاقوى ثبوته فيه(7) ، بل في كل معاوضة، لاطلاق التحريم في الآية(8) ، والخبر(9) .

___________________________________

(1) اي الصلح على حق الاولوية في السوق وهو المعبر عنه في عصرنا الحاضر ب‍ (سرقفلي، أو السرقفلية).

(2) كالصلح على حيازة المكان في المسجد.

(3) وهو قوله تعالى:( أوفوا بالعقود ) .

(4) اذا كان العوض معينا، لا كليا فكما أن البيع يبطل بذلك كذلك الصلح.

(5) اي غير معين.

(6) اي اعتبار القبض في المجلس.

(7) اي في الصلح ومرجع الضمير في ثبوته (الربا).

(8) وهو قوله تعالى:( أحل الله البيع وحرم الربا ) البقرة الآية 27.

(9) المستدرك كتاب التجارة - ابواب الربا - باب 1 الحديث 13.

١٨٠