الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٤

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية13%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 455

  • البداية
  • السابق
  • 455 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42868 / تحميل: 7860
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

عنه، ولا يكتفى بمشاهدته.

وقيل: تكفي المشاهدة. وهو ظاهر اختياره هنا(١) ، وهو مذهب الشيخ والعلامة في المختلف، لزوال معظم الغرر بالمشاهدة، وللاصل(٢) ، ولقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " المؤمنون عند شروطهم "، فإن قلنا به(٣) واختلفا في قدره(٤) فالقول قول العامل كما تقدم، للاصل(٥) والاقوى المنع(٦) .

(وليس للعامل أن يشتري ما فيه ضرر على المالك، كمن ينعتق عليه) أي على المالك(٧) ، لانه تخسير محض، والغرض من هذه المعاملة الاسترباح فإن اشتراه بدون إذنه كان فضوليا مع علمه بالنسب والحكم(٨) أما مع جهله بهما(٩) ، أو بأحدهما ففي صحته وعتقه عن المالك، أو إلحاقه

___________________________________

(١) اي في هذا الكتاب (اللمعة) من قوله: " والقول قول العامل في قدر رأس المال " لو اختلفا فيه. وظاهر هذا الكلام أنهما اكتفيا عند العقد بالمشاهدة، ولذلك يقبل قول العامل في قدره بعد قبضه ومحاسبته عنده.

(٢) اي اصل الجواز.

(٣) اي بالاكتفاء بالمشاهدة.

(٤) اي في قدر المال.

(٥) اي اصل عدم الزيادة.

(٦) اي عدم صحة الاكتفاء بالمشاهدة.

(٧) بأن يشتري ابا المالك، وبما أن المال ماله فينعتق عليه قهرا.

(٨) وهو الانعتاق.

(٩) اي بالنسب، والحكم.

٢٢١

بالعالم(١) وجهان، مأخذهما: انصراف(٢) الاذن إلى ما يمكن بيعه والاسترباح به فلا يدخل هذا فيه(٣) مطلقا(٤) ، ومن كون(٥) الشرط بحسب الظاهر(٦) ، لاستحالة توجه الخطاب إلى الغافل كما لو اشترى معيبا لا يعلم بعيبه فتلف به(٧) ، (و) كذا (لا يشتري(٨) من رب المال شيئا)، لان المال له، ولا يشترى مال الانسان بماله.

(ولو أذن في شراء أبيه) وغيره ممن ينعتق عليه (صح وانعتق) كما لو اشتراه بنفسه أو وكيله، وبطلت المضاربة في ثمنه، لانه بمنزلة التالف، وصار الباقي رأس المال إن كان (وللعامل الاجرة(٩) ) سواء ظهر فيه ربح أم لا، أما مع عدمه(١٠) فظاهر إلا على الاحتمال(١١)

___________________________________

(١) اي العالم بالنسب، والحكم.

(٢) هذا دليل عدم الالحاق.

(٣) اي لا يدخل صورة الانعتاق في الاذن المقيد حسب الظاهر بكونه مما يمكن بيعه، أو الاسترباح به.

(٤) سواء كان عالما بهما، أو باحدهما، أو جاهلا.

(٥) هذا دليل الالحاق.

(٦) اي شرط كون الاذن فيما يمكن بيعه، أو الاسترباح به. وهذا الاشتراط اشتراط ظاهري، فلا يشمل الغافل.

(٧) اي بالعيب. فلا يكون العامل ضامنا.

(٨) اي لا يشتري العامل شيئا من المالك بمال المضاربة.

(٩) اي اجرة المثل في هذه الصورة.

(١٠) اي مع عدم ظهور الربح فظاهر أن للعامل الاجرة.

(١١) وهو أن العامل اقدم على معاملة جائزة من طرف المالك ومع احتمال هذا الفسخ والانفساخ فلا أجرة له.

٢٢٢

السابق فيما لو فسخ المالك بنفسه، وأما مع ظهوره(١) فلبطلان المضاربة بهذا الشراء، لعدم كونه من متعلق الاذن، لان متعلقه ما فيه ربح ولو بالمظنة وهو منفي هنا، لكونه مستعقبا للعتق فإذا صرف الثمن فيه بطلت(٢) ويحتمل ثبوت الحصة إن قلنا بملكها بالظهور لتحققه(٣) ولا يقدح عتقه القهري، لصدوره بإذن المالك، كما لو استرد طائفة من المال بعد ظهوره(٤) وحينئذ(٥) فيسري على العامل مع يسار المالك إن قلنا بالسراية في العتق القهري، او مع اختيار الشريك(٦) السبب.

(ولو اشترى) العامل (أبا نفسه)، وغيره ممن ينعتق عليه (صح) إذ لا ضرر على المالك (فإن ظهر فيه ربح) حال الشراء، أو بعده (انعتق نصيبه) أي نصيب العامل، لاختياره السبب المفضي

___________________________________

(١) اي ظهور الربح.

(٢) اي المضاربة.

(٣) اي لتحقق الربح.

(٤) اي بعد ظهور الربح.

(٥) اي حين ظهور الربح.

توضيحه: أن العامل اشترى ابا المالك باذنه بجميع رأس المال وظهر الربح بمجرد الشراء بأن اشتراه مائة فزادت قيمته إلى مائة وعشرين. فإن للعامل حصة في هذا العشرين، نصفه أو ربعه. ولكن بما أن الاب ينعتق على ولده ويسري العتق إلى هذا المقدار الذي يكون في حصة العامل ايضا بقانون السريان في العتق فالعامل يرجع إلى المالك بهذا المقدار من حصته الفائتة.

(٦) وهو المالك هنا.

٢٢٣

اليه كما لو اشتراه بماله، (ويسعى المعتق) وهو الاب(١) (في الباقي) وإن كان الولد موسرا، لصحيحة محمد بن أبي عمير عن الصادقعليه‌السلام (٢) الحاكمة بإستسعائة من غير استفصال(٣) .

وقيل: يسري على العامل مع يساره، لا ختياره السبب(٤) وهو موجب لها(٥) كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وحملت الرواية(٦) على إعساره جمعا بين الادلة(٧) . وربما فرق بين ظهور الربح حالة الشراء، وتجدده(٨) فيسري في الاول(٩) دون الثاني(١٠) ويمكن حمل الرواية عليه(١١) أيضاً.

___________________________________

(١) اي أب العامل يسعى للمالك.

(٢) الوسائل كتاب المضاربة باب ٨ الحديث ١.

(٣) بين يسار العامل واعساره.

(٤) وهو شراء ابيه.

(٥) اي الشراء عن اختيار موجب للسراية في العتق.

(٦) الحاكمة باستسعاء الاب.

(٧) اي بين الادلة القائلة بوجوب دفع الخسارة على المنعتق عليه دون المعتق. وبين هذه الرواية القائلة بوجوب الاستسعاء على الاب المعتق.

(٨) اي بعد الشراء.

(٩) وهو ظهور الربح حال الشراء.

(١٠) وهو ظهور الربح بعد الشراء.

(١١) اي على الثاني وهو ظهور الربح بعد الشراء.

٢٢٤

وفي وجه ثالث بطلان البيع(١) ، لانه، مناف لمقصود القراض(٢) إذ الغرض هو السعي للتجارة التي تقبل التقليب للاسترباح، والشراء المتعقب للعتق ينافيه(٣) والوسط(٤) قوي لولا معارضة إطلاق النص الصحيح(٥) .

___________________________________

(١) اي شراء العامل أباه.

(٢) اي المضاربة.

(٣) اي ينافي التقليب للاسترباح.

(٤) اي القول الوسط وهو الفرق بين يساره وإعساره.

فالاقول ثلاثة: استسعاء الاب. التفصيل بين يسار العامل واعساره. البطلان.

(٥) المتقدم عن محمد بن ابي عمير عن الصادقعليه‌السلام ص ٢٢٤ رقم ٢

كتاب الوديعة

٢٢٥

٢٢٦

٢٢٧

٢٢٨

كتاب الوديعة(١)

(وهي استنابة في الحفظ) أي استنابة فيه بالذات(٢) ، فلا يرد مثل الوكالة في بيع شئ، أو شرائه مع إثبات اليد عليه، فإنها تستلزم الاستنابة فيه(٣) إلا أنها بالعرض، والقصد بالذات الاذن فيما وكل فيه. ثم الاستنابة إنما تكون من المودع(٤) والوديعة لا تتم إلا بالمتعاقدين فلا تكون الوديعة هي الاستنابة، بل هي وقبولها، وإن اكتفينا بالقبول الفعلي. وكأن التعريف(٥) ،

___________________________________

(١) اسم من أودع يودع ايداعا.

(٢) لان العقد في الوديعة يتعلق بنفس الاستنابة في الحفظ، بخلاف الوكالة مثلا فإنها استنابة في البيع وتستلزم الاستنابة في الحفظ ايضا.

(٣) اي في الحفظ.

(٤) هذا اشكال على المصنف في تعريف الوديعة.

وحاصل الاشكال: أن الوديعة أمر يتحقق من الطرفين: ايداع المودع. وقبول المستودع.

وأما الاستنابة فهي طلب النيابة وهو أمر يتحقق من المودع فقط. فلا تصلح الاستنابة تعريفا للوديعة.

(٥) هذا جواب الاشكال: وهو أن من عادة المصنف في تعريف المعاملات: أنه يصرف عقودها، وبما أن عقد الوديعة يكتفى فيه بالايجاب فقط، فلذلك تسامح واطلق الاستنابة - التي هي في الواقع ايجاب فقط - على الوديعة.

٢٢٩

لما كان لعقدها كما علم(١) من مذهب المصنف وكان المعتبر منه الايجاب تسامح في إطلاقها عليه(٢) ، أو لان الاستنابة تستلزم قبولها فإنها لو تجردت عنه لم تؤثر(٣) .

(وتفتقر إلى إيجاب وقبول) كغيرها من العقود، (ولا حصر في الالفاظ الدالة عليها) كما هو شأن العقود الجائزة من الطرفين، فيكفي كل لفظ دل عليها، بل التلويح والاشارة المفهمة لمعناها اختياراً.

(ويكفي في القبول الفعل)، لان الغرض منه الرضا بها. وربما كان الفعل وهو قبضها أقوى من القول، باعتبار دخولها في ضمانه، والتزامه(٤) بحفظها بواسطة القبض وإن لم يحصل الايجاب فيه أولى، إلا أن فيه خروجا عن باب العقود التي لا تتم إلا بصيغة من الطرفين.

ومن ثم قيل: إنها إذن مجرد، لا عقد، وكيف كان لا تجب مقارنة القبول للايجاب قوليا كان، أو فعليا: (ولو طرحها عنده) ولم يحصل منه(٥) ما يدل على الرضا، ولا قبضها، (أو أكرهه على قبضها لم تصر وديعة)، لانتفاء القبول الشرعي فيهما. وأما الايجاب فقد يحصل بالطرح بأن يضم اليه قولا، أو ما في حكمه(٦)

___________________________________

(١) من عادة المصنف أنه بصدد تعريف العقود من المعاملات، دون نفسها كما مر في كتاب البيع وغيره.

(٢) اي اطلاق الاستنابة على عقد الوديعة.

(٣) فهو تعريف باللازم.

(٤) هذا مبتداء، خبره قوله: اولى.

(٥) اي من الودعي.

(٦) كالاشارة.

٢٣٠

يفيده(١) ، وقد لا يحصل(٢) بأن يقتصر على مجرد الطرح، وفي الثاني(٣) لا تصير وديعة وإن قبل قولا أو فعلا لكن في الثاني(٤) يجب عليه الحفظ لليد، لا للوديعة وفي الاول(٥) تتم(٦) بالقبول بهما(٧) فيجب عليه الحفظ. وحيث لا يجب لعدم القبول قد يجب لامر آخر كما لو غاب المالك وتركها وخيف عليها الذهاب(٨) فيجب من باب المعاونة على البر كفاية لكن لا ضمان بتركه. وأما مع الاكراه (فلا يجب حفظها) مطلقا(٩) ، بل يجوز تركها وإن قبضها به(١٠) في حضور المالك(١١) وغيبته، إلا أن يكون المكره(١٢) ،

___________________________________

(١) اي يفيد معنى الوديعة.

(٢) اي الايجاب.

(٣) وهو مجرد الطرح الذي لم يحصل به الايجاب.

(٤) وهو القبول الفعلي.

(٥) اي الطرح المنضم اليه ما يدل على الايجاب.

(٦) اي الوديعة.

(٧) اي القولي، والفعلي.

(٨) اي تلف المال.

(٩) سواء قبض ام لا.

(١٠) اي بالاكراه.

(١١) الجار والمجرور متعلق بقوله: يجوز تركها.

(١٢) بصيغة الفاعل.

٢٣١

مضطرا إلى الايداع(١) فيجب إعانته عليه كالسابق(٢) .

فقوله(٣) : " فلا يجب حفظها " مطلق في الثاني(٤) من حيث الوديعة، ومع عدم القبول، أو القبض في الاول(٥) على ما فصل.

(ولو قبل) الوديعة قولا، أو فعلا (وجب) عليه (الحفظ) ما دام مستودعا، وكذا بعده إلى أن يؤدي إلى المالك، أو من في حكمه وبذلك(٦) يظهر عدم المنافاة بين وجوب الحفظ، وعدم وجوب البقاء على الوديعة من حيث إنهما عقد جائز.

(ولا ضمان عليه) لو تلفت، أو عابت (إلا بالتعدي فيها) بأن ركب الدابة، أو لبس الثوب، أو فتح الكيس المختوم، او المشدود (أو التفريط) بأن قصر في الحفظ عادة (فلو أخذت منه(٧) قهرا فلا ضمان) إن لم يكن سببا في الاخذ القهري بأن سعى بها إلى الظالم، أو أظهرها فوصل اليه خبرها مع مظنته(٨) ،

___________________________________

(١) بأن أخذته السلطة الزمنية فاضطر إلى ايداع ما عنده قبل الذهاب إلى السلطة، فطرحه عند شخص ليحفظه له، أو اكرهه عليه. فهذا يجب عليه القبول والحفظ.

(٢) وهو ما كان يجب عليه الحفظ من باب المعاونة على البر كفاية.

(٣) اي قول المصنف.

(٤) وهو صورة الاكراه.

(٥) وهو صورة الطرح.

(٦) اي كون الوديعة مما يجب حفظها بعد القبول. ولكنها غير واجبة البقاء فيجوز فسخها.

(٧) اي من الودعي.

(٨) اي مع مظنة وصول الخبر إلى الظالم واخذه.

٢٣٢

ومثله(١) ما لو أخبر(٢) بها اللص فسرقها. ولا فرق(٣) بين أخذ القاهر لها بيده(٤) وأمره(٥) له بدفعها اليه كرها، لانتفاء(٦) التفريط فيهما فينحصر الرجوع(٧) على الظالم فيهما(٨) على الاقوى.

وقيل: يجوز له الرجوع على المستودع في الثاني(٩) ، وإن استقر الضمان على الظالم(١٠) .

(ولو تمكن) المستودع (من الدفع) عنها بالوسائل الموجبة لسلامتها(١١) (وجب ما لم يؤد إلى تحمل الضرر الكثير، كالجرح، وأخذ المال(١٢) ) فيجوز تسليمها حينئذ(١٣) وإن قدر على تحمله. والمرجع

___________________________________

(١) اي ومثل السعي بالوديعة إلى الظالم.

(٢) اي الودعي.

(٣) اي في عدم الضمان.

(٤) اي بنفسه بمعنى أنه باشر الاخذ.

(٥) اي القاهر. ومرجع الضمير في (له): (الودعي).

(٦) تعليل لعدم الفرق.

(٧) اي رجوع المالك.

(٨) وهما: اخذ القاهر الوديعة بنفسه مباشرة، وامره للودعي بدفعها اياه.

(٩) وهو امر القاهر الودعي بدفعها اياه.

(١٠) بأن يرجع الودعي على الظالم.

(١١) كالاخفاء والتورية وغيرهما.

(١٢) اي اخذ مال شخص الودعي.

(١٣) اي يجوز للودعي تسليم الوديعة إلى الظالم حين إنجرار عدم التسليم إلى ضرر كثير وان كان الودعي قادرا على تحمل ذلك الضرر الكثير.

٢٣٣

في الكثرة والقلة إلى حال المكره(١) ، فقد تعد الكلمة اليسيرة من الاذى(٢) كثيرا في حقه، لكونه جليلا(٣) لا يليق بحاله ذلك. ومنهم(٤) من لا يعتد بمثله، وأما أخذ المال فإن كان مال(٥) المستودع لم يجب بذله مطلقا(٦) ، وإن كان من الوديعة فإن لم يستوعبها وجب الدفع عنها ببعضها(٧) ما أمكن، فلو ترك(٨) مع القدرة على سلامة البعض فأخذ الجميع ضمن ما(٩) يمكن سلامته، وان لم يمكن إلا بأخذها أجمع فلا تقصير، ولو أمكن الدفع عنها بشئ من ماله(١٠) لا يستوعب

___________________________________

(١) بالفتح وهو الودعي.

(٢) اي السباب والفحش.

(٣) اي عظيم القدر والمنزلة.

(٤) اي ومن الودعي من لا يعتد بمثل هذا السباب.

(٥) بالنصب خبر لكان: اي ان كان المال المأخوذ مال شخص الودعي فلا يجوز بذله في سبيل حفظ مال المودع.

(٦) سواء كان المال المأخوذ من الودعي بقدر الوديعة ام انقص.

(٧) مرجع الضمير: (الوديعة) كما وأنها المرجع في (عنها) اي ان كان المال المأخوذ من الودعي من نفس الوديعة، فان كان المأخوذ بعض الوديعة وجب على الودعي أن يدفع عن الوديعة باعطاء بعضها حتى يتمكن من الاحتفاظ على بقيتها.

(٨) اي لو ترك الودعي اعطاء بعض مال الوديعة إلى الظالم في سلامة الوديعة مع امكان سلامتها حينئذ فأخذ الظالم الجميع ما ضمن الودعي بقدر ما كان يمكنه سلامته، لا كلها.

(٩) اي المقدار الذي كان الودعي يمكنه التحفظ من الوديعة، لا جميع المال.

(١٠) اي من مال الودعي.

٢٣٤

قيمتها(١) جاز(٢) ، ورجع(٣) مع نيته.

[ وفي وجوبه نظر(٤) ]، ولو أمكن حفظها عنه بالاستتار(٥) منه وجب فيضمن بتركه (نعم يجب عليه اليمين لو قنع بها الظالم فيوري) بما يخرجه عن الكذب بأن يحلف أنه ما استودع من فلان ويخصه بوقت أو جنس، أو مكان، أو نحوها، مغاير لما استودع، وإنما تجب التورية عليه مع علمه(٦) بها، وإلا سقطت(٧) ، لانه كذب مستثنى للضرورة ترجيحا لاخف القبيحين(٨) حيث تعارضا.

(وتبطل) الوديعة (بموت كل منهما): المودع والمستودع، كغيرها من العقود الجائزة، (وجنونه واغمائه) وإن قصر وقتهما (فتبقى) في يد المستودع على تقدير عروض ذلك للمودع، أو يد وارثه أو وليه، أو يده بعد صحته على تقدير عروضه له (أمانة شرعية) أي مأذونا

___________________________________

(١) اي قيمة الوديعة.

(٢) اي جاز الدفع إلى الظالم بشئ من مال نفسه حتى يتخلص.

(٣) اي الودعي على المالك مع نية الرجوع.

(٤) بين القوسين لا يوجد في بعض النسخ المخطوطة والمطبوعة.

(٥) اي استتار الودعي. ومرجع الضمير في (منه): الظالم اي لو تمكن الودعي من تحفظ الوديعة عن الظالم وجب عليه ذلك.

(٦) اي مع معرفة الودعي باساليب التورية.

(٧) اي التورية. اي وجوبها فيكذب حينئذ صريحا، لانه كذب جائز. فقول الشارح: " لانه كذب.. الخ " تعليل لوجوب الكذب حينئذ.

(٨) وهما: قبح الكذب. وقبح الغصب مع العلم بأن قبح الكذب اهون من قبح الغصب اذا كان الغرض من الكذب حفظ مال مسلم محترم.

٢٣٥

في حفظها من قبل الشارع، لا المالك، لبطلان إذنه بذلك(١) . ومن حكم الامانة الشرعية وجوب المبادرة إلى ردها(٢) وإن لم يطلبها المالك.

(ولا يقبل قول الودعي) وغيره ممن هي في يده (في ردها إلا ببينة)، بخلاف الامانة المستندة إلى المالك فإنه لا يجب ردها بدون الطلب، أو ما في حكمه كانقضاء المدة المأذون فيها، وقد يقبل قوله في ردها كالوديعة، وقد لا يقبل كما إذا قبضها لمصلحته كالعارية، والمضاربة. ومن الامانة الشرعية ما بطل من الامانة المالكية كالشركة، والمضاربة بموت، ونحوه، وما تطيره الريح إلى دار الغير من الامتعة، وما ينزع من الغاصب بطريق الحسبة(٣) ، وما(٤) يؤخذ من الصبي والمجنون من مال الغير وإن كان كسبا من قمار(٥) كالجوز والبيض، وما يؤخذ من مالهما وديعة عند خوف تلفه بأيديهما، وما يتسلمه منهما نسيانا(٦) ،

___________________________________

(١) اي بعروض هذه الامور.

(٢) بخلاف الوديعة المالكية، فإنها لا يجب ردها الا مع طلب المالك.

(٣) كأن يرى المسلم أن مال اخيه المسلم قد سرق وهو قادر على انقاذه من السارق فانقذه من يده حسبة لله جل شأنه، فيكون المال عنده امانة شرعية.

(٤) اي يجد مالا لاحد بيد طفل، أو مجنون فيأخذه منهما تحفظا على مال ذلك الغير.

(٥) اي اكتسب الطفل، أو المجنون ذلك المال من حرام كالقمار، ونحوه.

(٦) بأن يأخذ المال من الطفل، أو المجنون غفلة عن أنه طفل، أو مجنون.

٢٣٦

وما يوجد فيما يشتري من الامتعة كالصندوق من مال لا يدخل في المبيع(١) واللقطة في يد الملتقط مع ظهور المالك(٢) . وضابطه(٣) : ما أذن في الاستيلاء عليه شرعا ولم يأذن فيه المالك.

(ولو عين) المودع (موضعا للحفظ اقتصر) المستودع (عليه(٤) ) فلا يجوز نقلها إلى غيره(٥) وإن كان أحفظ عملا بمقتضى التعيين، ولاختلاف الاغراض في ذلك(٦) .

وقيل: يجوز إلى الاحفظ لدلالته عليه بطريق أولى. وهو ممنوع(٧) وجوز آخرون التخطي إلى المساوي، وهو قياس باطل. وحينئذ(٨) فيضمن بنقلها عن المعين مطلقا(٩) (إلا أن يخاف تلفها فيه(١٠)

___________________________________

(١) بأن يجد في الصندوق ما يكون خارجا عن المبيع.

وقوله: (من مال) متعلق بقوله: (وما يوجد): اي وما يوجد من المال في الامتعة المشتراة، كما لو وجد شيئا في الصندوق فهو عنده امانة شرعية.

(٢) يعني يكون اللقيط - مع ظهور المالك - امانة شرعية في يد اللاقط.

(٣) اي القاعدة الكلية في الامانة الشرعية.

(٤) اي على المكان المعين.

(٥) ولو لم يصدر منه نهي عن مكان آخر.

(٦) اي في حفظ الوديعة.

(٧) لعدم الاولوية نظرا إلى اختلاف الاغراض.

(٨) اي حينما نقله إلى الاحفظ أو إلى المساوي، مع فرض عدم الجواز.

(٩) اي سواء كان احفظ ام مساويا.

(١٠) اي في المكان المعين.

٢٣٧

فينقلها(١) عنه إلى الاحفظ، أو المساوي مع الامكان(٢) ، فإن تعذر(٣) فالادون، (ولا ضمان) حينئذ للاذن فيه شرعا وإنما جاز المساوي هنا(٤) لسقوط حكم المعين بتعذره(٥) فينتقل إلى ما في حكمه(٦) وهو المساوي، أو ما فوقه، ويمكن شمول كلامه(٧) للادون عند الخوف وإن وجد المساوي، كما يشمل المنع(٨) ،

___________________________________

(١) اي الوديعة.

(٢) اي امكان النقل إلى المساوي، أو الاحفظ.

(٣) اي النقل إلى المساوي، أو الاحفظ.

(٤) اي في الفرض الاخير وهو الخوف من التلف.

(٥) اي بتعذر المعين.

(٦) اي إلى ما في حكم المعين وهو المساوي.

(٧) اي يشمل كلام المصنف وهو قوله: (إلا أن يخاف تلفها فيه فينقلها عنه): (المكان الادون) ايضا اذا خيف تلف الوديعة في المكان الذي عينه المودع فيجوز نقلها منه إلى هذا المكان.

(٨) اي ويشمل كلام المصنف وهو قوله: (الا أن يخاف تلفها فيه فينقلها عنه) (المكان الاعلى) في عدم جواز نقل الوديعة من المكان الذي عينه المودع لو لم يكن هناك خوف.

فالحاصل أن جواز النقل من المكان الذي عينه المودع إلى غيره (الادون والاعلى) دائر مدار الخوف وعدمه فإن صدق الخوف جاز النقل من المكان المعين إلى (المكان الادون). وان لم يصدق الخوف لم يجز النقل من المكان المعين وان كان المنقول اليه (اعلى) من المكان المعين.

ومرجع الضمير في عدمه: (الخوف). اي عند عدم الخوف من تلف الوديعة

٢٣٨

من الاعلى عند عدمه، ويشمل(١) أيضا فيهما(٢) ما لو نهاه عن غير المعين وعدمه(٣) .

وهو كذلك(٤) .

(ويحفظ) الوديعة (بما جرت العادة به) في مكان الوديعة وزمانها، لان الشارع لم يحد لها حدا فيرجع إلى العادة (كالثوب، والنقد في الصندوق) المقفل، أو الموضوع في بيت محرز عن الغير، (والدابة في الاصطبل) المضبوط بالغلق، (والشاة في المراح) كذلك(٥) أو المحفوظ بنظر المستودع. وهذه الثلاثة(٦) مما جرت العادة بكونها حرزا لما ذكر(٧) ،

___________________________________

(١) اي ويشمل كلام المصنف في الصورتين - وهما: صورتا جواز النقل من المعين إلى (الادون) عند الخوف: وعدم جواز النقل من المعين إلى (الاعلا) عند عدم الخوف - ما لو نهاه اي حتى لو نهاه المالك عن النقل، وعدمه: اي وعدم نهيه.

والخلاصة: أن الحكم بالجواز في الصورة الاولى، وعدمه في الصورة الثانية ثابت، سواء نهاه المالك عن النقل إلى غير المعين ام لم ينهه.

(٢) اي في الصورتين: جواز النقل عند الخوف، وعدم جواز النقل عند عدمه.

(٣) اي وعدم نهيه.

(٤) اي هذا الشمول واقع في محله. والحكم بذلك صحيح.

(٥) اي المضبوط بالغلق.

(٦) الصندوق - الاصطبل - المراح.

(٧) من النقد والدابة والشاة.

٢٣٩

وقد يفتقر إلى أمر آخر(١) ، أو يقوم غيرها مقامها(٢) عادة. ولا فرق في وجوب الحرز على المستودع بين من يملكه(٣) ، وغيره ولا بين من يعلم أنه لا حرز له وغيره (ولو استودع(٤) من طفل، أو مجنون ضمن)، لانهما ليسا أهلا للاذن فيكون وضع يده على مالهما بغير إذن شرعي فيضمن، إلا أن يخاف تلفها في ايديهما فيقبضها بنية الحسبة(٥) ، فالاقوى عدم الضمان، لكن يجب مراجعة الولي ما أمكن. ولا فرق(٦) بين كون المال لهما، أو لغيرهما، وإن ادعيا إذنه لهما في الايداع.

___________________________________

(١) كدفن الصندوق تحت الارض او جعل حارس على الوديعة اذا كان المكان لا يسلم من السرق.

(٢) اي يقوم غير هذه الثلاثة مقامها كوضع الشاة في بيت.

(٣) اي لا فرق بين من يملك الحرز اي ما يحافظ عليه ولو بالسهر، وبين من لا يملكه. وكذا لا فرق بين من يعلم أن المستودع لا حرز له او لا يعلم بذلك فالواجب على المستودع في هذه الصور بتمامها محافظة الوديعة فمرجع الضماير في يملكه: (الحرز) وفي غيره: (من لا يملك الحرز) وفي له: (المستودع) وفي غيره: (من لا يعلم). والفاعل في يعلم: (المودع) اي لا فرق في جميع هذه الصور في وجوب المحافظة على المستودع.

(٤) اي لو تقبل شخص مال الطفل، أو المجنون وديعة واستلمه فيكون ضامنا، لانه وضع يده على مالهما من دون اذن شرعي لعدم قابليتهما للاذن.

(٥) كما علمت في الهامش رقم ٣ ص ٢٣٦.

(٦) اي ولا فرق في الضمان في الصورة الاولى وهو (عدم خوف التلف) وعدم الضمان في الصورة الثانية وهو (خوف التلف) بين كون المال للطفل والمجنون ام لغيرهما، وان ادعيا انهما مأذونان من قبل الولي في ايداعهما. فمرجع الضمير في إذنه: (الولي).

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

شاء الله يخفض به صوته وكنت منه قريبا فقلت: يا أمير المؤمنين انك حلفت على ما قلت ثم استثنيت فما أردت بذلك؟ فقال: إنّ الحرب خدعة وانا عند أصحابى صدوق، فأردت ان أطمع أصحابى في قولي كيلا يفشلوا ولا يفروا فافهم، فانك تنفع بهذا بعد اليوم ان شاء الله تعالى.

٧١ ـ في الكافي مثل ما نقلنا عن تفسير عليّ بن إبراهيم من حديث هارون بن مسلم وفي آخره بعد قوله: إنْ شاء الله تعالى: واعلم ان الله جل ثناؤه قال لموسىعليه‌السلام حين أرسله إلى فرعون( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ) وقد علم انه لا يتذكر ولا يخشى، ولكن ليكون ذلك أحرص لموسىعليه‌السلام على الذهاب.

٧٢ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: كتب أبو الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام إلى يحيى بن عبد الله بن الحسن: اما بعد فانى أحذرك ونفسي وأعدك أليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته وأوصيك ونفسي بتقوى الله فانها زين الكلام، وتثبيت النعم إلى قوله: أحذرك معصية الخليفة وأحثك على بره وطاعته، وان تطلب لنفسك أمانا قبل أن تأخذك الأظفار ويلزمك الخناف من كل مكان، فتروح إلى النفس من كل مكان، ولا تجده حتّى يمن الله عليك بمنه وفضله ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك، ويحفظ فيك أرحام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) .

٧٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن إبراهيم بن ميمون عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى قالَ ) : ليس شيء من خلق الله إلّا وهو يعرف من شكله الذكر من الأنثى قلت: ما يعنى ثم هدى؟ قال: هداه للنكاح والسفاح من شكله.

٧٤ ـ في أصول الكافي عنه(١) عن إسمعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن

__________________

(١) «قبله عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيس. مناره» (عن هامش بعض النسخ)

٣٨١

سليمان بن عمرو النخعي قال: وحدثني الحسين بن سيف عن أخيه على عن سليمان عمن ذكره عن أبي جعفرعليه‌السلام ثم قال: وباسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ خياركم أولوا النهى قيل: يا رسول الله ومن أولوا النهى؟ قال: هم أولوا الأخلاق الحسنة والأحلام الرزينة(١) وصلة الأرحام، والبررة بالأمهات والاباء، والمتعاهدين للفقراء والجيران، ويطعمون الطعام، ويفشون السلام في العالم، ويصلون والناس نيام غافلون.

٧٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن مروان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل : إنّ في ذلك لآيات لاولى النهى قال: نحن والله أولوا النهى قلت: ما معنى اولى النهى؟ قال: ما أخبر الله به رسوله مما يكون بعده من ادعاء أبي فلان الخلافة والقيام بها، والاخر من بعده، والثالث من بعدهما، وبنى أمية، فأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان كما أخبر الله به نبيه وكما أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وكما انتهى إلينا من عليٍّ فيما يكون من بعده من الملك في بني أميّة وغيرهم، فهذه الآية التي ذكرها الله في الكتاب:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى ) الذي انتهى إلينا علم ذلك كله، فصبرنا لأمر اللهعزوجل ، فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه، نخزنه ونستره ونكتم به من عدونا كما كتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى أذن الله له في الهجرة، وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يأذن لنا في إظهار دينه بالسيف، وندعو الناس إليه فنصيرهم عليه عودا كما صيرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بدوا.

٧٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الرحمن بن حماد قال: سألت أبا إبراهيمعليه‌السلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابة؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى أعلى وأخلص من أن يبعث الأشياء بيده، ان لله تبارك وتعالى ملكين خلاقين فاذا أراد أن يخلق خلقا أمر أولئك الخلاقين، فأخذوا من التربة التي قال اللهعزوجل في كتابه :

__________________

(١) الرزينة: الاصيلة.

٣٨٢

( مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى ) فعجنوها بالنطفة المسكنة في الرحم، فاذا عجنت النطفة بالتربة قالا: يا رب ما نخلق؟ قال: فيوحى الله تبارك وتعالى ما يريد من ذلك: ذكرا أو أنثى مؤمنا أو كافرا، اسود أو ابيض، شقيا أو سعيدا، فان مات سالت منه تلك النطفة بعينها لا غيرها، فمن ثم صار الميت يغسل غسل الجنابة.

٧٧ ـ وباسناده إلى أبي عبد الله القزويني قال: سألت أبا جعفر محمد بن عليّعليهما‌السلام لأي علة يولد الإنسان هاهنا ويموت في موضع آخر؟ قال: لان الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه خلقهم من أديم الأرض فمرجع كل إنسان إلى تربته.

٧٨ ـ وباسناده إلى أحمد بن عليّ الراهب قال: قال رجل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا ابن عم خير خلق الله ما يعنى السجدة الاولى؟ فقال: تأويله: أللهمّ إنك منها خلقتني يعنى من الأرض، ورفع رأسك ومنها أخرجتنا، والسجدة الثانية وإليها تعيدنا ورفع رأسك من الثانية ومنها تخرجنا تارة اخرى.

٧٩ ـ في الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحق عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد الله عن أبي جعفرعليهما‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل خلق خلاقين، فاذا أراد أن يخلق خلقا أمرهم فأخذوا من التربة التي قال في كتابه:( مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى ) فعجن النطفة بتلك التربة التي يخلق منها بعد ان أسكنها الرحم أربعين ليلة، فاذا تمت له أربعة أشهر قالوا: يا رب نخلق ماذا؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر أو أنثى أبيض أو أسود، فاذا خرجت الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه كائنا ما كان، صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى، فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن محمد ابن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام قال: من خلق من تربة دفن فيها.

٣٨٣

٨١ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجال عن ابن بكير عن أبي منهال عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ النطفة إذا وقعت في الرحم بعث اللهعزوجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها، فماثها في النطفة فلا يزال قلبه يحن إليها(١) حتّى يدفن فيها.

٨٢ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : لم يوجس موسى خيفة على نفسه أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال.

٨٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ موسىعليه‌السلام لما القى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال: أللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لما امنتنى قال اللهعزوجل :( لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى )

٨٤ ـ في أصول الكافي عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله تعالى:( أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) فقال: الذين اتبعوا رضوان الله هم الائمة، وهم والله يا عمار درجات المؤمنين، وبولايتهم ومعرفتهم إيانا يضاعف لهم أعمالهم، ويرفع الله لهم الدرجات العلى. في تفسير العيّاشي عن عمار بن مروان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام نحوه.

٨٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام في أثناء كلام طويل: فان موسىعليه‌السلام قد ضرب له في البحر طريق فهل فعل لمحمد شيء من هذا؟ فقال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، خرجنا معه إلى حنين فاذا نحن بواد يشخب(٢) فقدرناه فاذا هو

__________________

(١) ماث الشيء بالشيء: خلطه ـ وحن اليه: اشتاق.

(٢) أي يسيل.

٣٨٤

اربع عشرة قائمة فقالوا يا رسول الله العدو من ورائنا والوادي أمامنا كما قال أصحاب موسى( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) فنزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال: أللهمّ انك جعلت لكل مرسل دلالة فأرنى قدرتك وركب صلوات الله عليه فرسه، فعبرت الخيل لا تندى(١) حوافرها والإبل لا تندى أخفافها، فرجعنا فكان فتحنا(٢) .

٨٦ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام علي بن عروة الأهوازي قال: حدّثنا الديلمي عن داود الرقى عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: من كان في سفر فخاف اللصوص والسبع فليكتب على عرف دابته(٣) ( لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى ) فانه يأمن بإذن اللهعزوجل ، قال داود الرقى: فحججت فلما كنا بالبادية جاء قوم من الاعراب فقطعوا على القافلة وأنا فيهم، فكتبت على عرف حملي:( لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى ) فو الذي بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة وخصه بالرسالة، وشرف أمير المؤمنين بالامامة، ما نازعنى أحد منهم، أعماهم الله عنى.

٨٧ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن تفسير الكلبي محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان جبرئيل قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونقل حديثا طويلا في حال فرعون وقومه وفيه وانما قال لقومه:( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ) حين انتهى فرآه قد يبست فيه الطريق، فقال لقومه: ترون البحر قد يبس من فرقى فصدقوه لما رأوا ذلك، فذلك قوله:( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى ) .

٨٨ ـ في بصائر الدرجات عبد الله بن محمد عن موسى بن القاسم عن جعفر بن محمد عن سماعة عن عبد الله بن مسكان عن الحكم بن الصلت عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خذوا بحجزة هذا الأنزع يعنى عليّا فانّه الصديق الأكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل، من أحبه هداه الله، ومن أبغضه أضله الله، ومن

__________________

(١) أي لا تبتل.

(٢) وفي البحار «فكان فتحنا فتحا».

(٣) العرف ـ بالضم ـ: الشعر النابت في محدب رقبة الفرس.

٣٨٥

تخلف عنه محقه الله، منه سبطاي الحسن والحسين وهما ابناي. ومن الحسين الائمة الهداة، أعطاهم الله فهمي وعلمي، فأحبوهم وتولوهم ولا تتخذوا وليجة من دونهم، فيحل عليكم غضب من ربكم، ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى،( وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ ) .

٨٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى حمزة بن الربيع عمن ذكره قال: كنت في مجلس أبي جعفرعليه‌السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى:( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : هو العقاب يا عمرو انه من زعم ان اللهعزوجل زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق، ان اللهعزوجل لا يستفزه شيء ولا يغيره.

٩٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى ان عمرو بن عبيد وفد على محمد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام لامتحانه بالسؤال عنه، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن قوله تعالى:( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) ما غضب الله؟ فقال: أبو جعفرعليه‌السلام : غضب الله تعالى عقابه، يا عمرو من ظن ان الله يغيره شيء فقد كفر.

٩١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: إنّ الله تبارك وتعالى لا يقبل إلّا العمل الصالح، ولا يقبل الله إلّا الوفاء بالشروط والعهود، فمن وفى للهعزوجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده، واستكمل وعده، ان الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار، وأخبرهم كيف يسلكون، فقال:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) وقال:( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) فمن اتقى الله فيما أمره لقى الله مؤمنا بما جاء به محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩٢ ـ عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن

٣٨٦

سدير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي، ثم استقبل البيت فقال: يا سدير إنّما أمر الناس ان يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) ثم أومى بيده إلى صدره: إلى ولايتنا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) قال: إلى الولاية.

حدثنا أحمد بن عليّ قال: حدّثنا الحسين بن عبيد الله عن السندي بن محمد عن أبان عن الحارث بن عمر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) قال: ألا ترى كيف اشترط ولم ينفعه التوبة والايمان والعمل الصالح حتّى اهتدى، والله لو جهد أن يعمل ما قبل منه حتّى يهتدى، قال: قلت: إلى من؟ جعلني الله فداك قال: إلينا.

٩٤ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول لعليٍّعليه‌السلام : ولقد ضل من ضل عنك، ولن يهتدى إلى الله من لم يهتد إليك والى ولايتك، وهو قول ربيعزوجل :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) يعنى إلى ولايته.

٩٥ ـ في مجمع البيان وقال أبو جعفرعليه‌السلام ثم «اهتدى» إلى ولايتنا أهل البيت، فو الله لو ان رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ثم مات ولم يجيء بولايتنا لأكبه الله في النار على وجهه. رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده، وأورده العيّاشي في تفسير بعدة طرق.

٩٦ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) قال لهذه الآية تفسير يدل ذلك التفسير على ان الله لا يقبل من أحد عملا إلّا ممن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير ،

٣٨٧

وما اشترط فيه على المؤمنين، قال:( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ) يعنى كل ذنب عمله العبد، وان كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه.

٩٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الجارود وأبو الصباح الكناني عن الصادقعليه‌السلام وأبو حمزة عن السجادعليه‌السلام في قوله: «ثم اهتدى» إلينا أهل البيت.

٩٨ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى فيما اعلم عن يعقوب ابن شعيب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ) ثم اهتدى» قال: إلى ولايتنا والله، أما ترى كيف اشترطعزوجل ؟.

٩٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : المشتاق لا يشتهي طعاما ولا يلتذ شرابا، ولا يستطيب رقادا، ولا يأنس حميما، ولا يأوى دارا، ولا يسكن عمرانا، ولا يلبس لباسا، ولا يقر قرارا، ويعبد الله ليلا ونهارا، راجيا بأن يصل إلى ما يشتاق إليه ويناجيه بلسان شوقه معبرا عما في سريرته، كما أخبر الله عن موسى بن عمرانعليه‌السلام في ميعاد ربه بقوله:( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى ) وفسر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن حاله أنّه ما أكل ولا شرب ولا نام ولا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه ومجيئه أربعين يوما شوقا إلى ربه.

١٠٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان واسحق ابن عمار عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ فيما ناجى الله به موسى أن قال: يا رب هذا السامري صنع العجل، الخوار من صنعه؟ فأوحى الله تبارك وتعالى اليه: إنّ تلك فتنتي فلا تفحص عنها.

١٠١ ـ في مجمع البيان عند قوله تعالى: ويذرك وآلهتك وروى أنّه كان يأمرهم أيضا بعبادة البقر، ولذلك اخرج السامري( لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ ) وقال:( هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى ) .

١٠٢ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن إسحق بن الهيثم عن سعد بن

٣٨٨

طريف عن الأصبغ بن نباتة أنّ عليّاعليه‌السلام سئل عن قول الله تبارك وتعالى:( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) قال: السماوات والأرض وما بينهما من مخلوق في جوف الكرسي وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله، فأما ملك منهم ففي صورة الآدميين، إلى أن قالعليه‌السلام : والملك الرابع في صورة الأسد وهو سيد السباع، وهو يرغب إلى الله ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق لجميع السباع، ولم يكن من هذه الصور أحسن من الثور، ولا أشد انتصابا منه حتّى اتخذ الملاء من بنى إسرائيل العجل، فلما عكفوا عليه وعبدوه من دون الله خفض الملك الذي في صورة الثور رأسه استحياء من الله أن عبد من دون الله شيء يشبهه، وتخوف أن ينزل به العذاب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال قلت: فلم أخذ برأسه يجره إليه وبلحيته ولم يكن له في اتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب؟ فقال: إنّما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك، ولم يلحق لموسى وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب، ألا ترى أنّه قال لهارون:( ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) قال هارون: لو فعلت ذلك لتفرقوا و( إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) .

١٠٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ ) قال: اختبرنا هم من بعدك وأضلهم السامري قال: بالعجل الذي عبدوه، وكان سبب ذلك ان موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بنى إسرائيل بذلك وذهب إلى الميقات، وخلف أخاه على قومه، فلما جاء الثلاثون يوما ولم يرجع موسى إليهم عصوا وأرادوا أن يقتلوا هارون قالوا: إنّ موسى كذب وهرب منا، فجاء هم إبليس في صورة رجل فقال لهم: إنّ موسى قد هرب منكم ولا يرجع إليكم أبدا فأجمعوا لي حليكم حتّى أتخذ لكم إلها تعبدونه، وكان السامري على مقدمة قوم موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه، فنظر إلى جبرئيل وكان على

٣٨٩

حيوان في صورة رمكة(١) وكانت كلما وضعت حافرها(٢) على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع، فنظر إليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى، فأخذ التراب من حافر رمكة جبرئيل، وكان يتحرك فصره في صرة وكان عنده يفتخر به على بنى إسرائيل، فلما جاء هم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري: هات التراب الذي معك، فجاء به السامري فألقاه في جوف العجل، فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر، فسجد له بنو إسرائيل، وكان عدد الذين سجدوا له سبعين ألفا من بنى إسرائيل، فقال لهم هارون كما حكى الله:( يا قَوْمِ إنّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى ) فهموا بهارون فهرب منهم وبقوا في ذلك حتّى تم ميقات موسى أربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله علم الألواح فيها التوراة وما يحتاج إليه من أحكام السير والقصص.

فأوحى الله إلى موسى:( فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ ) وعبدوا العجل وله خوار فقالعليه‌السلام : يا رب العجل من السامري فالخوار ممن؟ فقال: منى يا موسى، إنّي لما رأيتهم قد ولوا عنى إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة، فرجع موسى ـ كما حكى الله ـ( إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ: يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ) ثم رمى بالالواح وأخذ بلحية أخيه ورأسه يجره اليه، فقال:( ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) فقال هارون كما حكى الله:( يَا بْنَ أُمَّ لا َأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) فقال له بنو إسرائيل: ما أخلفنا موعدك بملكنا قال: ما خالفناك ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم يعنى من حليهم فقذفناها قال: التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم اخرج السامري العجل وله

__________________

(١) الرمكة: الفرس تتخذ للنسل.

(٢) الحافر للدابة بمنزلة القدم للإنسان.

٣٩٠

خوار، فقال له موسى:( فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ ) ؟ قال السامري:( بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) يعنى من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر فبذتها أي أمسكتها وكذلك سولت لي نفسي أي زينت فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر، ثم قال موسى للسامري:( فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ ) يعنى ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة. ان تقول: لا مساس حتّى يعرفوا انكم سامرية فلا يغتروا بكم الناس، فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفين لا مساس، ثم هم موسى بقتل السامري فأوحى الله اليه: لا تقتله يا موسى فانه سخي، فقال له موسى:( انْظُرْ إلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إنّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إله إلّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ) .

١٠٥ ـ حدثني أبي عن الحسين بن سعيد عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما بعث الله رسولا إلّا وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويضلان الناس من بعده فأما الخمسة أولوا العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأما صاحبا نوح فقنطيفوس وخوام، واما صاحبا إبراهيمعليه‌السلام فكميل وردام، واما صاحبا موسىعليه‌السلام فالسامري ومرعقيبا، واما صاحبا عيسىعليه‌السلام فبولس ومربسون، واما صاحبا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فحبتر وزريق(١) .

١٠٦ ـ في كتاب الخصال قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ في التابوت الأسفل من النار اثنى عشر، ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين، فأمّا الستّة من الأوّلين فابن آدم قاتل أخيه، وفرعون الفراعنة والسامري، الحديث.

١٠٧ ـ عن أبي ذر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: شر الأولين والآخرين اثنا عشر: ستة من الأولين وستة من الآخرين، ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين، و

__________________

(١) قد مر ان حبتر وزريق كناية عن الاول والثاني وقد مر أيضا وجه تسميتهما بهذين الاسمين في سورة الحجر عند قوله تعالى( لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ ) في المجلد الثاني.

٣٩١

اما الستة من الآخرين فالعجل وهو نعثل، وفرعون وهو معاوية، وهامان هذه الامة زياد وقارونها وهو سعيد، والسامري وهو أبو موسى عبد الله بن قيس، لأنه قال كما قال سامرى قوم موسى: «لا مساس» أي لا قتال، والأبتر وهو عمرو بن العاص.

١٠٨ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى إسحق بن عمار الصيرفي عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت: جعلت فداك حدثني فيهما بحديث، فقد سمعت عن أبيك فيهما أحاديث عدة. قال: فقال لي: يا اسحق! الاول بمنزلة العجل، والثاني بمنزلة السامري، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن أبي يحيى الواسطي قال: لما افتتح أمير المؤمنينعليه‌السلام البصرة اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري ومعه الألواح فكان كلما لفظ أمير المؤمنينعليه‌السلام بكلمة كتبها فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام بأعلى صوته: ما تصنع؟ قال: أكتب آثاركم لنحدث بها بعدكم، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: أما ان لكل قوم سامريا وهذا سامرى هذه الأمة، إلّا أنّه لا يقول: «لا مساس» ولكنه يقول: لا قتال.

١١٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قولهعزوجل :( وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ) تكون أعينهم مزرقة لا يقدرون أن يطرفوها، وقولهعزوجل : يتخافتون بينهم قال: يوم القيامة يشير بعضهم إلى بعض انهم لم يلبثوا إلّا عشرا قال اللهعزوجل :( نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً ) قال: أعلمهم وأصلحهم يقولون:( إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً ) .

١١١ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى علي بن النعمان عن أبي الحسن علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام قال: قلت له: جعلت فداك أن بي ثآليل كثيرة(١) وقد اغتممت بأمرها فأسئلك أن تعلمني شيئا أنتفع به، فقالعليه‌السلام : خذ لكل ثؤلول سبع شعيرات، واقرأ على كل شعيرة سبع مرات:( إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ) إلى قوله:( فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا )

__________________

(١) ثآليل جمع الثؤلول: خراج ناتئ صلب مستدبر.

٣٩٢

وقولهعزوجل :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) ثم تأخذ الشعير شعيرة شعيرة فامسح بها على كل ثالول، ثم صيرها في خرقة جديدة واربط على الخرقة حجرا وألقها في كنيف قال: ففعلت فنظرت إليها يوم السابع فاذا هي مثل راحتي وينبغي أن يفعل ذلك في محاق الشهر.

١١٢ ـ في مجمع البيان وقيل: إنّ رجلا من ثقيف سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يكون الجبال مع عظمها يوم القيمة؟ فقال: إنّ الله يسوقها بأن يجعلها كالرمال ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها.

١١٣ ـ وفيه روى أبو هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: تبدل الأرض غير الأرض والسموات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي(١) ( لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) .

١١٤ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في دعاء مروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت.

١١٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ثم خاطب اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) قال: الأمت الارتفاع والعوج الحزون والذكوات.

١١٦ ـ وفيه وقولهعزوجل : قاعا صفصفا القاع الذي لا تراب فيه، والصفصف الذي لا نبات له، وقوله:( يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ ) قال: مناد من عند اللهعزوجل ( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ) فانه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي محمد الوابشي عن أبي الورد عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إذا كان يوم القيمة جمع اللهعزوجل الناس في صعيد واحد حفاة عراة، فيوقفون في المحشر حتّى يعرقوا عرقا

__________________

(١) الأديم: الجلد المدبوغ وعكاظ: سوق من أسواق العرب، وكانت قبائل العرب تجتمع بها كل سنة ويتفاخرون بها ويحضرها الشعراء فيتناشدون ما أحدثوا من الشمر ثم يتفرقون، وأديم عكاظي: منسوب إليها وهو مما حمل إلى عكاظ فبيع بها.

٣٩٣

شديدا وتشتد أنفاسهم فيمكثون في ذلك مقدار خمسين عاما، وهو قول الله:( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ) قال: ثم ينادى مناد من تلقاء العرش: أين النبي الأمي؟ فيقول الناس: قد أسمعت فسم باسمه، فينادى: اين نبي الرحمة اين محمد ابن عبد الله الأمي؟ فيتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله امام الناس كلهم حتّى ينتهى إلى حوض طوله ما بين ايلة وصنعاء(١) فيقف عليه، فينادى بصاحبكم فيتقدم على امام الناس، فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون فبين وارد الحوض يومئذ وبين مصروف عنه، فاذا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من يصرف عنه من محبينا بكى، فيقول: يا رب شيعة على أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار، ومنعوا ورود حوضي؟ قال: قال: فيبعث الله إليه ملكا فيقول: ما يبكيك يا محمّد؟ فيقول: لا ناس من شيعة على، فيقول له الملك: إنّ الله يقول لك: يا محمّد ان شيعة علي قد وهبتهم لك يا محمّد، وصفحت لهم عن ذنوبهم بحبهم لك ولعترتك، وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون به، وجعلناهم في زمرتك، فأوردهم حوضك، قال أبو جعفرعليه‌السلام : فكم من باك يومئذ وباكية ينادون: يا محمّد إذا رأوا ذلك، ولا يبقى أحد يومئذ يتولانا ويحبنا ويتبرأ من عدونا ويبغضهم إلّا كانوا في حزبنا ومعنا، ويردوا حوضنا.

١١٧ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: وأما قوله:( يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) لا يحيط الخلائق باللهعزوجل علما، إذ هو تبارك وتعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء، فلا فهم يناله بالكيف، ولا قلب يثبته بالحدود، فلا تصفه إلّا كما وصف نفسه:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الاول والاخر والظاهر والباطن الخالق البارئ المصور خلق الأشياء فليس من الأشياء شيء مثله تبارك وتعالى.

١١٨ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان

__________________

(١) ايلة: بلد بين ينبع ومصر. وصنعاء: بلد باليمن.

٣٩٤

ابن يحيى قال: سألنى أبو قرة المحدث أن ادخله إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فاستأذنته في ذلك فاذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتّى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: انا روينا ان الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين، فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية؟ فقال أبو الحسنعليه‌السلام : فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والانس( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) «وليس كمثله شيء» أليس محمد؟ قال: بلى، قال: كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنّه جاء من عند الله وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول:( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) وليس كمثله شيء»؟ ثم يقول: انا رأيته بعيني وأحطت به علما؟ وهو على صورة البشر أما تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة ان ترميه بهذا، ان يكون يأتى من عند الله بشيء ثم يأتى بخلافه من وجه آخر، إلى قولهعليه‌السلام : وقد قال الله:( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) فاذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم، ووقعت المعرفة، فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات فقال أبو الحسنعليه‌السلام ، إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها، وما أجمع المسلمون عليه أنّه لا يحاط به علما، ولا تدركه الأبصار وليس كمثله شيء.

١١٩ ـ في كتاب التوحيد خطبة عن عليٍّعليه‌السلام وفيها: قد يئست عن استنباط الاحاطة به طوامح العقول(١) وتحيرت الأوهام عن احاطة ذكر أزليته.

١٢٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) قال:( ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) ما مضى من أخبار الأنبياء، و( ما خَلْفَهُمْ ) ، من أخبار القائم صلوات الله عليه، وقولهعزوجل :( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) أي ذلت.

١٢١ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعليٍّعليه‌السلام وفيها: وعنت الوجوه من مخافته.

١٢٢ ـ في نهج البلاغة وتعنو الوجوه لعظمته.

١٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في

__________________

(١) طوامح جمع الطامح: المرتفع من كل شيء.

٣٩٥

قوله:( فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ) يقول: لا ينقص من علمه شيء، وأما «ظلما» يقول يذهب به قوله:( أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) يعنى ما يحدث من أمر القائم والسفياني.

١٢٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عن صفوان بن يحيى قال: قال أبو الحسن الرضاعليه‌السلام لأبي قرة صاحب شبرمة: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وكل كتاب انزل كان كلام الله، أنزل للعالمين نورا وهدى، كلها محدثة وهي غير الله، حيث يقول:( أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) .

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وستسمع ان شاء الله لهذا الكلام تتمة في أول الأنبياء.

قال عز من قائل:( فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ ) .

١٢٥ ـ في أصول الكافي خطبة مروية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وفيها: والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم.

١٢٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا نزل عليه القرآن بادر بقرائته قبل تمام نزول الآية والمعنى، فأنزل الله( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) أي يفرغ من قراءته( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) .

١٢٧ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن مهزم وبعض أصحابنا عن محمد بن عليّ عن محمد بن إسحق الكاهلي وأبو على الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي عن العباس بن عامر عن ربيع بن محمد جميعا عن مهزم الأسدي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انا مدينة العلم وعلى الباب، وكذب من زعم أنّه يدخل المدينة لا من قبل الباب، وكذب من زعم أنّه يحبني ويبغض عليّاعليه‌السلام . والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٨ ـ وباسناده إلى أبي يحيى الصنعاني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال لي: يا أبا يحيى ان لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن، قال: قلت: جعلت فداك و

٣٩٦

ما ذاك؟ قال: يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى، وأرواح الأوصياء الموتى، وروح الوصي الذي بين أظهر كم، يعرج بها إلى السماء حتّى توافي عرش ربها، فتطوف به أسبوعا، وتصلى عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سرورا، ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير.

١٢٩ ـ وباسناده إلى الفضل قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك: يا أبا عبد الله، قلت: لبيك، قال: إنّ لنا في كل جمعة سرورا، قال: قلت: زادك الله وما ذاك؟ قال: إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العرش، ووافى الائمةعليهم‌السلام ووافينا معهم، فلا ترد أرواحنا بأبداننا إلّا بعلم مستفاد، ولو لا ذلك لا نفدنا.

وباسناده إلى يونس أو المفضل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام نحوه بتغيير يسير.

١٣٠ ـ وباسناده إلى صفوان بن يحيى قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: كان جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول: لو لا انا نزداد لأنفدنا.

١٣١ ـ وباسناده إلى ذريح المحاربي قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا ذريح لو لا انا نزداد لأنفدنا.

١٣٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن ثعلبة عن زرارة قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: لو لا انا نزداد لأنفدنا، قال: قلت: تزدادون شيئا لا يعلمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: اما أنّه إذا كان ذلك عرض على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم على الائمة ثم انتهى الأمر إلينا.

١٣٣ ـ عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ليس يخرج شيء من عند اللهعزوجل حتّى يبدأ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم بأمير المؤمنينعليه‌السلام ثم بواحد بعد واحد، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أولنا.

٣٩٧

١٣٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى المعلى بن محمد البصري عن أحمد ابن محمد بن عبد الله عن عمرو بن زياد عن مدرك بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: إذا كان يوم القيمة جمع اللهعزوجل الناس في صعيد واحد، ووضعت الموازين دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء.

١٣٥ ـ في مجمع البيان روت عائشة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إذا أتى على يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله، فلا بارك الله لي في طلوع شمسه.

١٣٦ ـ في بصائر الدرجات عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن عمرو بن سعيد المداينى عن عيسى بن حمزة الثقفي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّا نسألك أحيانا فتسرع بالجواب، وأحيانا فتطرق(١) ثمّ تجيبنا؟ قال: نعم إنّه ينكت في آذاننا وقلوبنا، فاذا نكت نطقنا، وإذا أمسك عنا أمسكنا.

١٣٧ ـ في عوالي اللئالى وقالعليه‌السلام : علمت علوم الأولين والآخرين.

١٣٨ ـ في كتاب الخصال عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عليّاعليه‌السلام يقول لأبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني: يا أبا الطفيل العلم علمان: علم لا يسع الناس إلّا النظر فيه وهو صبغة الإسلام، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه، وهو قدرة الله تعالى.

١٣٩ ـ عن محمد بن خالد البرقي عن عدّة من أصحابنا يرفعونه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: منهومان لا يشبعان: منهوم علم ومنهوم مال.

١٤٠ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل أمير المؤمنين من أعلم الناس؟ قال: من جمع علم الناس إلى علمه.

١٤١ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة، وأفضل دينكم الورع.

__________________

(١) أطرق الرجل: سكت ولم يتكلم.

٣٩٨

١٤٢ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أربعة لا يشبعن من أربعة: الأرض من المطر، والعين من النظر، والأنثى من الذكر، والعالم من العلم. عن الحسين بن عليّعليهما‌السلام قال: قال أمير المؤمنين للسائل الشامي الذي سأله عن المسائل في جامع الكوفة: أربعة لا يشبعن وذكر مثله سواء.

١٤٣ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال: جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له: يا رسول الله ما العلم؟ قال: الإنصات له، قال: ثم ما؟ قال: الاستماع له، قال: ثم ما؟ قال: الحفظ له، قال: ثم ما؟ قال: العمل، قال: ثم ما؟ قال: نشره.

١٤٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله علمني من غرائب العلم، قال: ما صنعت في رأس العلم حتّى تسأل عن غرائبه؟ قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال: معرفة الله حق معرفته. قال الأعرابي: وما معرفة الله حق معرفته؟ قال: تعرفه بلا مثل ولا شبه ولا ند وانه واحد أحد ظاهر باطن، أول آخر، لا كفو له ولا نظير له، فذلك حق معرفته.

١٤٥ ـ وباسناده إلى أبي أحمد العامري قال: حدّثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام أنّه قال: الدنيا كلها جهل إلّا مواضع العلم، والعلم كلّه حجّة إلّا ما عمل به، والعمل كلّه رياء إلّا ما كان مخلصا، والإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له.

١٤٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي الدرداء قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ اللهعزوجل يجمع العلماء يوم القيامة ويقول لهم: لم أضع نوري وحكمتى في صدوركم إلّا وانا أريد بكم خير الدنيا والاخرة، اذهبوا فقد غفرت لكم على ما كان منكم.

١٤٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحق رضى الله عنه قال: حدّثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدّثنا علي بن الحسن بن

٣٩٩

على بن فضال عن أبيه عن محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد ابن على الباقرعليهما‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى عهد إلى آدمعليه‌السلام ان لا يقرب الشجرة، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله تبارك وتعالى ان يأكل منها نسي فأكل منها، وهو قول الله تبارك وتعالى:( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمى الإنسان إنسانا لأنه ينسى، وقال اللهعزوجل :( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ) .

١٤٩ ـ أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن المفضل بن صالح عن جابر بن يزيد عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) قال: عهد إليه في محمد والائمة من بعده فترك، ولم يكن له عزم فيهم أنّه هكذا، وانما سموا اولى العزم لأنهم عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته، فأجمع عزمهم ان ذلك كذلك والإقرار به، في أصول الكافي سواء.

في بصائر الدرجات أبو جعفر أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن مفضل ابن صالح عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله أيضا.

١٥٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن جعفر بن محمد بن عبيد الله عن محمد بن عيسى القمى عن محمد بن سليمان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ) كلمات في محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمةعليهم‌السلام من ذريتهم فنسي» هكذا والله أنزلت على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٥١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن داود العجلي عن زرارة عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

فيه قالعليه‌السلام وقد ذكر المنافقين: وما زال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وعن شماله حتى اذن اللهعزوجل له في ابعادهم بقوله:( وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً ) وبقوله:( فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ) .

٤١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ ) يقول: قعود وقوله:( كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ) قال: من نطفة ثم علقة وقوله: فلا اقسم أي( أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ) قال: مشارق الشتاء ومشارق الصيف، ومغارب الشتاء ومغارب الصيف.

٤٢ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عبد الله بن أبي حماد رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ) قال: لهما ثلاثمأة وستون مشرقا، وثلاثمأة وستون مغربا، فيومها الذي تشرق فيه لا تعود فيه إلّا من قابل.

٤٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لابن الكوا وأمّا قوله:( بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ) فان لها ثلاثمأة وستون برجا تطلع كل يوم من برج، وتغيب في آخر، فلا تعود فيه إلّا من قابل في ذلك اليوم.

٤٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً ) قال: من القبر كأنهم إلى نصب يوفضون قال: إلى الداعي ينادون وقوله ترهقهم ذلة قال: تصيبهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من كان يؤمن بالله ويقرء كتابه لا يدع قراءة سورة( إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إلى قَوْمِهِ ) ، فأى عبد قرأها محتسبا

٤٢١

صابرا في فريضة أو نافلة أسكنه الله تعالى مساكن الأبرار، وأعطاه ثلاث جنان مع جنته كرامة من الله، وزوجه مأتى حوراء وأربعة آلاف ثيب إنْ شاء الله.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرء نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوحعليه‌السلام .

٣ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن سليمان عن أحمد ابن الفضل أبي عمرو الحذاء قال: سائت حالي فكتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام فكتب الى: أدم قراءة( إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إلى قَوْمِهِ ) قال: فقرأتها حولا فلم أر شيئا، فكتبت إليه أخبره بسوء حالي وأنى قد قرأت( إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إلى قَوْمِهِ ) حولا كما أمرتنى ولم أر شيئا، قال: فكتب الى: قد وفى لك الحول فانتقل منها إلى قراءة «انا أنزلناه» والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وستقف عليه بتمامه في سورة القدر ان شاء الله تعالى.

٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : كان بين آدم ونوح عشرة آباء كلهم أنبياء، ويقول فيه أيضا وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة، فأما نوح فانه أرسل إلى من في الأرض بنبوة عامة ورسالة عامة.

٥ ـ وباسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قال الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام : لـمّا أظهر الله تبارك وتعالى نبوة نوحعليه‌السلام وأيقن الشيعة بالفرج، واشتدت البلوى وعظمت الفرية إلى أن آل الأمر إلى شدة شديدة نالت الشيعة، والوثوب على نوح بالضرب المبرح(١) حتى مكثعليه‌السلام في بعض الأوقات مغشيا عليه ثلاثة أيام يجرى الدم من اذنه ثم أفاق، وذلك بعد ثلاثمأة سنة من مبعثه وهو في خلال ذلك يدعوهم ليلا ونهارا فيهربون، ويدعوهم سرا فلا يجيبون، ويدعوهم علانية فيولون، فهم بعد ثلاثمأة بالدعاء عليهم وجلس بعد صلوة الفجر للدعاء فهبط إليه وفد من السماء السابعة وهم ثلاثة أملاك فسلموا عليه ثم قالوا: يا نبي الله لنا حاجة، قال: وما هي؟ قالوا: تؤخر الدعاء على قومك فانها أول سطوة اللهعزوجل [في الأرض] قال: قد أخرت الدعاء عليهم ثلاثمأة

__________________

(١) أي الضرب الشديد.

٤٢٢

سنة اخرى، وعاد إليهم فصنع ما كان يصنع ويفعلون ما كانوا يفعلون حتى انقضت ثلاثمأة اخرى ويئس من ايمانهم، جلس في وقت ضحى النهار للدعاء فهبط عليه وفد من السماء السادسة وهم ثلاثة أملاك فسلموا عليه وقالوا: نحن وفد من السماء السادسة خرجنا بكرة وجئناك ضحوة، ثم سألوا مثل ما سأله وفد السماء السابعة فأجابهم إلى مثل ما أجاب أولئك اليه، وعادعليه‌السلام إلى قومه يدعوهم فلا يزيدهم دعائه إلّا فرارا حتى انقضت ثلاثمأة سنة اخرى تتمة تسعمأة سنة، فصارت إليه الشيعة وشكوا ما نالهم من العامة والطواغيت، وسألوه الدعاء بالفرج، فأجابهم إلى ذلك وصلى ودعا فهبط جبرئيل فقال له: ان الله تبارك وتعالى قد أجاب دعوتك فقل للشيعة: يأكلون التمر ويغرسون النوى ويراعونه حتى يثمر، فاذا أثمر فرجت عنهم، فحمد الله واثنى عليه وعرفهم ذلك فاستبشروا به فأكلوا التمر وغرسوا النوى وراعوه حتى أثمر ثم صاروا إلى نوحعليه‌السلام بالتمر وسألوه أن ينجز لهم بالوعد، فسأل اللهعزوجل في ذلك فأوحى الله اليه: قل لهم كلوا هذا التمر واغرسوا النوى فاذا أثمر فرجت عنكم، فلما ظنوا أن الخلف قد وقع عليهم ارتد منهم الثلث وثبت الثلثان ـ فأكلوا التمر وغرسوا النوى حتى إذا أثمر أتوا به نوحاعليه‌السلام فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم، فسأل اللهعزوجل في ذلك فأوحى الله اليه: قل لهم كلوا هذا التمر واغرسوا النوى، فارتد الثلث الاخر وبقي الثلث، فأكلوا التمر وغرسوا النوى فلما أثمر أتوا به نوحاعليه‌السلام ثم قالوا له: لم يبق منا إلّا القليل ونحن نتخوف على أنفسنا بتأخير الفرج ان نهلك، فصلى نوحعليه‌السلام فقال: يا ربِّ لم يبق من أصحابى إلّا هذه العصابة، وانى أخاف عليهم الهلاك ان تأخر عنهم الفرج، فأوحى اللهعزوجل اليه: قد أجبت دعوتك فأصنع الفلك وكان بين اجابة الدعاء وبين الطوفان خمسون سنة.

٦ ـ في من لا يحضره الفقيه قال علي بن الحسينعليه‌السلام لبعض أصحابه قل في طلب الولد: رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين واجعل لي من لدنك وليا يرثني في حيوتى ويستغفرني بعد موتى واجعله لي خلقا سويا ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا، أللّهم انى أستغفرك وأتوب إليك انك أنت الغفور الرحيم، سبعين مرة فانه من أكثر

٤٢٣

من هذا القول رزقه الله ما تمنى من مال وولد، ومن خير الدنيا والاخرة، فانه يقول( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ) .

٧ ـ في مجمع البيان وروى عن ابن مهزيار عن حماد بن عيسى عن محمد ابن يوسف عن أبيه قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وانا عنده فقال له: جعلت فداك انى كثير المال وليس يولد ولد فهل من حيلة؟ قال: نعم استغفر ربك سنة في آخر الليل مأة مرة، فان ضيعت ذلك بالليل فاقضه بالنهار، فان الله يقول: «استغفروا ربكم» إلى آخره.

٨ ـ في نهج البلاغة وقد جعل الله سبحانه الاستغفار سببا لدرود الرزق ورحمة الخلق فقال: سبحانه( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ ) فرحم الله امرءا استقبل توبته واستثقال خطيئته وبادر منيته.

٩ ـ وفيه وقالعليه‌السلام لقائل بحضرته استغفر الله: ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟ان الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان: أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا، والثالث ان تؤدى إلى المخلوقين حقوقهم حتى يلقى اللهعزوجل أملس ليس عليك تبعة، والرابع ان تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها، والخامس ان تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد، بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس ان تذيق الجسم الم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: استغفر الله.

١٠ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: شكا الأبرش الكلبي إلى أبي جعفرعليه‌السلام انه لا يولد له، وقال: علمني شيئا، قال له: استغفر الله في كل يوم أوفى كل ليلة مأة مرة، فان الله يقول:( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً ) إلى قوله:( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ ) .

٤٢٤

١١ ـ الحسين بن محمد عن أحمد بن محمد السياري عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن سليمان بن جعفر عن شيخ مدني رواه(١) عن أبي جعفرعليه‌السلام انه وفد إلى هشام بن عبد الملك فأبطأ عليه الاذن حتى اغتم وكان له حاجب كثير الدنيا ولا يولد له، فدنا منه أبو جعفرعليه‌السلام فقال له: هل لك أن توصلني إلى هشام وأعلمك دعاء يولد لك؟ قال: نعم فأوصله إلى هشام وقضى له جميع حوائجه قال: فلما فرغ قال الحاجب: جعلت فداك الدعاء الذي قلت لي؟ قال: نعم، قل في كل يوم إذا أصبحت وأمسيت: سبحان الله سبعين مرة، وتستغفر عشر مرات، وتسبح تسع مرات، وتختم العاشر بالاستغفار يقول اللهعزوجل :( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ) فقالها الحاجب فرزق ذرية كثيرة، وكان بعد ذلك يصل أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام ، فقال سليمان: فقلتها وقد تزوجت ابنة عم لي وابطأ على الولد منها وعلمتها لأهلي فرزقت ولدا، وزعمت المرأة انها متى تشاء ان تحمل حملت إذا قالتها، وعلمتها غير واحد من الهاشميين ممن لم يولد لهم فولد لهم ولد كثير والحمد لله.

١٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة وباسناده عن علي بن الحسين عن أبيه عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أنعم الله عليه نعمة فليحمد الله تعالى، ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله ومن حزنه أمر فليقل: لا حول ولا قوة إلّا بالله.

١٣ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: أكثر الاستغفار تجلب الرزق.

١٤ ـ وفيه عن عليٍّعليه‌السلام انه قال: والاستغفار يزيد في الرزق.

١٥ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى سليمان بن جعفر

__________________

(١) وفي المصدر «عن شيخ مدني عن زرارة عن أبي جعفر اه» وعن بعض النسخ «عن شيخ مدني عمن رواه. اه».

٤٢٥

الجعفري عن الباقرعليه‌السلام ان رجلا شكا إليه قلة الولد وانه يطلب الولد من الإماء والحرائر فلا يرزق له وهو ابن ستين سنة، فقالعليه‌السلام : قل كل ثلاثة أيام في دبر صلواتك المكتوبة صلوة العشاء الاخرة، وفي دبر صلوة الفجر، سبحان الله سبعين مرة، واستغفر الله سبعين مرة، تختمه بقول اللهعزوجل :( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ) .

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله لا ترجعون لله وقارا قال: لا تخافون لله عظمة.

١٧ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله: سبع سماوات طباقا يقول: بعضها فوق بعض.

١٨ ـ في نهج البلاغة وكان من اقتدار جبروته وبديع لطائف صنعته ان جعل ماء البحر الزاخر المتراكم المتقاصف(١) يبسا جامدا، ثم فطر منه اطباقا، ففتقها سبع سماوات بعد ارتتاقها، فاستمسك بأمره وقامت على حده.

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً ) قال: اتبعوا الأغنياء.

٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام في قول اللهعزوجل ( وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ) قال: كانوا يعبدون اللهعزوجل فماتوا فضج قومهم، فشق ذلك عليهم، فجاءهم إبليس لعنة الله فقال لهم: أتخذ لكم أصناما على صوركم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله، فأعد لهم أصناما على مثالهم، فكانوا يعبدون اللهعزوجل وينظرون إلى تلك الأصنام، فلما جاءهم الشتاء والأمطار ادخلوا الأصنام البيوت فلم يزالوا يعبدون اللهعزوجل حتى هلك ذلك القرون ونشأ أولادهم، فقالوا: ان آبائنا كانوا يعبدون هؤلاء

__________________

(١) البحر الزاخر: الذي قد امتد جدا وارتفع والمتراكم: المجتمع بعضه على بعض. والمتقاصف: الشديد الصوت.

٤٢٦

فعبدوهم من دون اللهعزوجل : فذلك قول الله تبارك وتعالى: «و( لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً ) الاية.

٢١ ـ وباسناده إلى بريد بن معاوية العجلي قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : سمى العود خلافا لان إبليس عمل صورة سواع على خلاف صورة ود فسمى العود خلافا.

٢٢ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أبي يوسف يعقوب ابن عبد الله من ولد فاطمة عن إسماعيل بن زيد مولى عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أمير المؤمنين حديث طويل يذكر فيه مسجد الكوفة وفيه يقولعليه‌السلام : وكان فيه نسر ويغوث ويعوق.

٢٣ ـ محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن العباس بن عامر عن أحمد بن رزق الغمشاني عن عبد الرحمن بن الأشل بياع الأنماط عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كانت قريش تلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر، وكان يغوث قبال الباب ويعوق عن يمين الكعبة، وكان نسر عن يسارها، وكانوا إذا دخلوا خروا سجدا ليغوث ولا ينحنون ثم يستدبرون بحيالهم إلى يعوق، ثم يستدبرون عن يسارها بحيالهم إلى نسر ؛ ثم يلبون والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: «و( لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ) قال: كان ود صنما لكلب، وسواع صنما لهذيل، وكان يغوث لمراد، وكان يعوق لهمدان، وكان نسر لحصين.

٢٥ ـ في روضة الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده، فأتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها. وفيه فالتفت عن يساره واشاره بيده إلى موضع دار الداريين(١) وهو موضع دار ابن حكيم وذاك فرات اليوم، فقال لي: يا مفضل وهنا نصبت أصنام قوم نوحعليه‌السلام ( يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ) .

__________________

(١) باليائين أي العطارين.

٤٢٧

٢٦ ـ في كتاب الخرائج والجرائح روى عن سليمان بن جعفر قال: كنت عند الرضاعليه‌السلام بالحمرا في مشربة مشرفة على البر والمائدة بين أيدينا، فرأىعليه‌السلام رجلا مسرعا فرفع يده عن الطعام فما لبث ان جاء فصعد إليه فقال، مات الزبيري، فأطرق إلى الأرض وتغير لونه، فقال: انى لاحسبه قد ارتكب في ليلته هذه ذنبا ليس بأكبر من ذنوبه، قال الله تعالى:( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً ) ثم مد يده فأكل فما لبث ان جاء مولى له فقال: مات الزبيري قال: فما سبب موته؟ قال: شرب الخمر البارحة فغرق فيها فمات.

في بصائر الدرجات معاوية بن حكيم عن سليمان ابن جعفر الجعفري قال: كنت عند الرضاعليه‌السلام بالحمراء وذكر مثل ما في الخرائج والجرائح سواء.

٢٧ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن ابن محبوب عن هشام الخراساني عن المفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام : وكان نوح صلوات الله عليه رجلا نجارا فجعله اللهعزوجل نبيا وانتجبه، ونوح أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء، قال: ولبث نوح في قومه الف سنة إلّا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عز ذكره، فيهزءون به ويسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال:( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) فأوحى اللهعزوجل إلى نوح ان اصنع سفينة وأوسعها وعجل عملها، فعمل نوح سفينة في مسجد كوفة بيده الحديث.

٢٨ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفر عن أبي جعفرعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام : وقد ذكر نوحا: فأوحى اللهعزوجل إليه( أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ ) فلذلك قال نوح: ولا يلدوا إلّا فاجرا كفارا فأوحى اللهعزوجل اليه:( أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ ) .

٢٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى حنان بن سدير عن أبيه قال: قلت

٤٢٨

لأبي جعفرعليه‌السلام : أرأيت نوحا حين دعا على قومه فقال:( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) قالعليه‌السلام علم انه لا ينجب من بينهم أحد قال: قلت: وكيف علم ذلك؟ قال: أوحى الله إليه انه( لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ ) فعندها دعا عليهم بهذا الدعاء.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: حدّثنا أحمد بن محمد بن موسى قال: حدّثنا محمد بن حماد عن علي بن إسماعيل النخعي عن فضيل الرسان عن صالح بن ميثم قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : ما كان علم نوح حين دعا على قومه انهم( لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) ؟ فقال: اما سمعت قول الله لنوح:( أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ ) .

٣١ ـ حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: بقي نوح في قومه ثلاثمأة سنة يدعوهم إلى الله فلم يجيبوه، فهم ان يدعو عليهم فوافاه عند طلوع الشمس اثنى عشر الف قبيلة من قبائل ملائكة السماء الدنيا وهم العظماء من الملائكة، فقال لهم نوح: ما أنتم؟ فقالوا: نحن اثنا عشر الف قبيل من قبائل ملائكة السماء الدنيا، وان مسيرة غلظ سماء الدنيا خمسمائة عام، ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام وخرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك في هذا الوقت، فنسألك ان لا تدعو على قومك قال نوح: أجلتهم ثلاثمأة سنة، فلما أتى عليهم ستمائة سنة ولم يؤمنوا هم ان يدعو عليهم فوافاه اثنى عشر الف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية، فقال نوح: من أنتم؟ قالوا: نحن اثنى عشر ألف قبيل من قائل ملائكة السماء الثانية. وغلظ السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام، ومن السماء الثانية إلى السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وغلظ السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، ومن السماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام، خرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك ضحوة نسألك ان لا تدعو على قومك، فقال نوح: قد أجلتهم ثلاثمأة سنة، فلما أتى عليهم تسعمأة سنة ولم يؤمنوا همّ أن يدعو فأنزل اللهعزوجل :( أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا

٤٢٩

يَفْعَلُونَ ) فقال نوح:( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) .

٣٢ ـ في كتاب الخصال عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لـمّا دعا نوحعليه‌السلام ربهعزوجل على قومه أتاه إبليس فقال له: يا نوح ان لك عندي يدا أريد أن أكافيك عليها، فقال نوح: والله انى ليبغض إلى ان يكون لي عندك يد فما هي؟ قال: بلى دعوت الله على قومك فأغرقهم فلم يبق لي أحد أغويه، فأنا مستريح حتى ينشأو قرن آخر فأغويهم، قال له: فما الذي تريد ان تكافئني به؟ قال له: اذكرني في ثلاث مواطن فإنّي أقرب ما أكون من العبد إذا كان في إحداهن: اذكرني عند غضبك، واذكرني إذا حكمت بين اثنين، واذكرني إذا كنت مع امرأة جالسا ليس معكما أحد.

٣٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً ) يعنى الولاية من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياءعليهم‌السلام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٤ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام ان إبراهيم دعا للمؤمنين والمؤمنات والمذنبين من يومه ذلك [الى يوم القيامة] بالمغفرة والرضا عنهم، قال: وأمن الرجل على دعائه: قال أبو جعفرعليه‌السلام : فدعوة إبراهيمعليه‌السلام بالغة للمذنبين من شيعتنا إلى يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(١) .

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً ) التبار: الخسار.

__________________

(١) ومن أراد الوقوف على تمام القصة فليراجع بحار الأنوار ج ٢١ صفحة ٨٠ ـ ٨١ من الطبعة الحديثة.

٤٣٠

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أكثر قراءة قل اوحى إلى لم يصبه في الحياة الدنيا من أعين الجن ولا نفثهم ولا سحرهم ولا من كيدهم، وكان مع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول: يا رب لا أريد به بدلا ولا أبغى عنه حولا.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ومن قرء سورة الجن اعطى بعدد كل جنى وشيطان صدق بمحمد وكذب به عتق رقبة.

٣ ـ وروى الواحدي باسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما قرء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على الجن وما رآهم انطلق رسول الله في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء(١) فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبى خبر السماء وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما ذاك إلّا من شيء حدث؟ فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بنخل عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلّي بأصحابه صلوة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم وقالوا:( إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ) فأوحى إلى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ ) . ورواه البخاري ومسلم أيضا في الصحيح.

٤ ـ وعن علقمة بن قيس قال: قلت لعبد الله بن مسعود: من كان منكم مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الجن؟ فقال: ما كان منا معه أحد فقد ناه ذات ليلة ونحن بمكة

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر لكن في الأصل «جن السماء» بدل «خبر السماء» في المواضع والظاهر انه مصحف.

٤٣١

فقلنا: اغتيل رسول الله أو استطير فانطلقنا نطلبه من الشعاب فلقيناه مقبلا من نحو حراء فقلنا: يا رسول الله اين كنت؟ لقد أشفقنا عليك وقلنا له بتنا الليلة بشر ليلة بات بها قوم حين فقد ناك، فقال: انه أتانى داعي الجن فذهبت اقرئهم القرآن، فذهب بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، فأما ان يكون صحبه منا أحد فلم يصحبه.

٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الجن على ثلاثة أجزاء: فجزء مع الملائكة وجزء يطيرون في الهواء وجزء كلاب وحيات.

٦ ـ في أصول الكافي بعض أصحابنا عن محمد بن علي عن يحيى بن مساور عن سعد الإسكاف قال: أتيت أبا جعفرعليه‌السلام في بعض ما أتيته فجعل يقول: لا تعجل(١) حتى حميت الشمس على وجعلت اتتبع الأفياء،(٢) فما لبثت ان خرج على قوم كأنهم الجراد الصفر عليهم البتوت(٣) قد انتهكتم العبادة قال: فو الله لأنساني ما كنت فيه من حسن هيئة القوم، فلما دخلت عليه قال لي: أرانى قد شققت عليك قلت: والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بى لم أر قوما أحسن هيئة منهم في زي رجل واحد، كان ألوانهم الجراد الصفر، قد انتهكتم العبادة؟ فقال: يا سعد رأيتهم؟ قلت: نعم، قال: أولئك إخوانك من الجن قال. فقلت: يأتونك؟ قال: نعم يأتونا يسألونا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم.

٧ ـ علي بن محمد عن سهل بن زياد عن علي بن حسان عن إبراهيم بن إسماعيل عن ابن جبل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزط عليهم(٤) أزر وأكسية. فسألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عنهم فقال: هؤلاء إخوانكم من الجن.

__________________

(١) أي كلّما استأذنت للدخول عليه يقول لي: لا تعجل فلبثت على الباب حتى حميت الشمس أي اشتد حرها.

(٢) الأفياء، جمع الفيء وهو الظل.

(٣) البتوت جمع البت: الطيلسان قوله قد «انتهكتهم» أي هزلتهم.

(٤) الزط: بضم الزاء أي صنف من الهنود.

٤٣٢

٨ ـ أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن علي الكوفي عن ابن فضال عن بعض أصحابنا عن سعد الإسكاف قال: أتيت أبا جعفرعليه‌السلام أريد الاذن عليه، فاذا رحال إبل على الباب مصفوفة، وإذا الأصوات قد ارتفعت ثم خرج قوم معتمين بالعمائم يشبهون الزط، قال: فدخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت: جعلت فداك أبطأ اذنك على اليوم ورأيت قوما خرجوا على معتمين بالعمائم فأنكرتهم؟ قال: وتدري من أولئك يا سعد؟ قال: قلت: لا، فقال: أولئك إخوانكم من الجن يأتونا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم ومعالم دينهم.

٩ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن إبراهيم بن أبي البلاد عن سدير الصيرفي قال: وصاني أبو جعفرعليه‌السلام بحوائج له بالمدينة ؛ فخرجت فبينما أنا بين فج الروحاء(١) على راحلتي إذا إنسان يلوى بثوبه(٢) قال: فملت إليه وظننت انه عطشان، فناولته الاداوة(٣) فقال لي: لا حاجة لي بها وناولني كتابا طينه رطب، قال: فلما نظرت إلى الخاتم إذا خاتم أبي جعفرعليه‌السلام فقلت: متى عهدك بصاحب الكتاب قال: الساعة وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها ثم التفت فاذا ليس عندي أحد، قال ثم قدم أبو جعفرعليه‌السلام فلقيته فقلت: جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب؟ فقال: يا سدير ان لنا خدما من الجن فاذا أردنا السرعة بعثناهم.

وفي رواية اخرى قال: إنّ لنا أتباعا من الجن كما لنا اتباعا من الانس. فاذا أردنا امرا بعثناهم.

١٠ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عمن ذكره عن محمد ابن جحرش قال: حدثتني حكيمة بنت موسى قال: رأيت الرضاعليه‌السلام واقفا على باب بيت الحطب وهو يناجي ولست ارى أحدا فقلت: سيدي لمن تناجي؟ فقال: هذا

__________________

(١) الفج: الطريق الواسع. والروحاء: موضع بالحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة.

(٢) أي يشير به.

(٣) الاداوة: الإناء الذي يسقى منه.

٤٣٣

عامر الزهراني أتانى يسألني ويشكوا لي فقلت: يا سيدي أحب أن أسمع كلامه. فقال لي: انك ان سمعت به حممت سنة، فقلت: يا سيدي أحب أن أسمعه فقال لي: استمعى فاستمعت فسمعت شبه الصفير وركبتني الحمى فحممت سنة.

١١ ـ أيوب عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: بينا أمير ـ المؤمنينعليه‌السلام على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد، فهم الناس أن يقتلوه ؛ فأرسل أمير المؤمنينعليه‌السلام أنْ كفوا فكفّوا وأقبل الثعبان ينساب(١) حتى انتهى إلى المنبر، فتطاول فسلّم على أمير المؤمنينعليه‌السلام فأشار أمير المؤمنين اليه: أنْ يقف حتى يفرغ من خطبته، ولما فرغ من خطبته أقبل عليه فقال: من أنت؟ قال: أنا عمر بن عثمان خليفتك على الجن، فقلت له: جعلت فداك فيأتيك عمرو وذاك الواجب عليه؟ قال: نعم.

١٢ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن مالك ابن عطيّة عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت استأذن على أبي جعفرعليه‌السلام فقيل: إنّ عنده قوما فأثبت قليلا حتى يخرجوا فخرج قوم أنكرتهم ولم أعرفهم ثم اذن فدخلت عليه فقلت: جعلت فداك هذا زمان بني أميّة وسيفهم يقطر دما؟ فقال يا أبا حمزة هؤلاء وفد شيعتنا من الجن جاءوا يسألوننا عن معالم دينهم.

١٣ ـ وحدّثني محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن مالك بن عطيّة عن أبي حمزة قال: كنت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام فيما بين مكّة والمدينة إذا التفت عن يساره فاذا كلب أسود فقال: مالك قبّحك الله ما أشدّ مسارعتك؟! وإذا هو شبيه بالطائر، فقلت: ما هذا جعلت فداك؟ فقال: هذا عثمان بريد الجن مات هشام الساعة فهو يطير ينعاه في كل بلد.

١٤ ـ علي بن حسان عن بكر عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يوم الأحد للجن ليس تظهر فيه لأحد غيرنا.

١٥ ـ محمد عن علي بن حديد عن منصور بن حازم عن سعد الإسكاف قال :

__________________

(١) الانسباب: مشى الحية وما يشبهها.

٤٣٤

أتيت باب أبي جعفرعليه‌السلام مع أصحاب لنا لندخل فاذا ثمانية نفر كأنهم من أب وأم، عليهم ثياب زرابى وأقبية طاق(١) وعمائم صفر دخلوا فما احتسبوا حتى خرجوا، فقال لي: يا سعد رأيتهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: أولئك إخوانكم من الجن أتوا يستفتوننا في حلالهم وحرامهم كما تأتوننا وتستفتوننا في حلالكم وحرامكم.

١٦ ـ وعنه عن ابن سنان عن ابن مسكان عن سعد الإسكاف قال: طلبت الاذن على أبي جعفرعليه‌السلام فبعث إليَّ: لا تعجل فانّ عندي قوما من إخوانكم، فلم ألبث أنْ خرج على اثنا عشر رجلا يشبهون الزط، عليهم اقبية طبقين(٢) وخفاف فسلّموا ومروا فدخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت ما أعرف هؤلاء جعلت فداك الذين خرجوا من عندك؟ قال: هؤلاء قوم من إخوانكم.

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى( وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) إلى قوله( أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) وكان سبب نزول هذه الآية ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج من مكة إلى سوق عكاظ ومعه زيد بن حارثة يدعو الناس إلى الإسلام، فلم يجبه أحد ولم يجد أحدا يقبله، ثمّ رجع إلى مكّة فلما بلغ موضعا يقال له: وادي مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل، فمرّ به نفر من الجن فلما سمعوا قراءة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَلَّوْا إلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إلى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ

__________________

(١) الزرابي جمع الزربية: الطنفسة المخملة. وطاق: ضرب من الثياب. والطيلسان وقيل: الأخضر وفي المصدر وكذا المنقول عنه في البحار «طاق طاق» بتكرير لفظ الطاق. قال المجلسي (ره) وقوله «طاق طاق» أي لبسوا قباء مفردا ليس معه شيء آخر من الثياب كما ورد في الحديث: الاقامة طاق طاق، أو انه لم يكن له بطانة ولا قطن ثم نقل عن القاموس ما ذكرناه في معنى الطاق ثم قال: وما ذكرناه أظهر في المقام لا سيما مع التكرار.

(٢) قال المجلسي (ره): لعل المراد بالطبقين ان كل قباء كان من طبقين غير محشو بالقطن.

٤٣٥

مُسْتَقِيمٍ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ ) إلى قوله:( أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) فجاؤا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأسلموا وآمنوا وعلمهم رسول الله شرائع الإسلام، فانزل الله على نبيه:( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ) السورة كلها، فحكى الله قولهم وولى عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم وكانوا يعودون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كل وقت، فأمر رسول الله أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يعلمهم ويفقهم، فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس وهم ولد الجان.

١٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام أنّ عليّاعليه‌السلام قال لبعض اليهود: إنّ الشياطين سخرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها ؛ وقد سخرت لنبوة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الشياطين بالايمان فأقبل إليه من الجن التسعة من أشرافهم وأحد من جن نصيبين والثمان من بنى عمرو بن عامر من الاحجة(١) منهم شضاة ومضاة والهملكان والمرزبان والمازمان ونضاة وهاصب وهاضب وعمرو(٢) وهم الذين يقول الله تبارك وتعالى اسمه فيهم( وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ ) وهم التسعة( يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) . أقول وستسمع لهذا تتمة في محله قريبا إنشاء الله تعالى.

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا ) أي بخت ربنا حدّثنا علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الجن:( وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا ) فقال: كل شيء كذبه الجن فقصه الله كما قال.

٢٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: شيئان يفسد الناس بهما صلوتهم: قول الرجل تبارك اسمك وتعالى جدك، وإنّما هو شيء قاله الجن بجهالة، فحكى

__________________

(١) قال في البحار: «من الاحجة» جمع حجيج بمعنى مقيم الحجة على مذهبه وفي بعض النسخ «من الاجنحة» أي الرؤساء، أو اسم قبيلة منهم.

(٢) في ضبط هذه الأسماء خلاف راجع البحار ج ١٠ صفحة ٤٤ من الطبعة الحديثة والمصدر صفحة ١١.

٤٣٦

الله عنهم وقول الرجل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

٢١ ـ في مجمع البيان وعن الربيع بن انس قال: ليس لله تعالى جد وإنّما قالته الجن بجهالة، فحكاه الله سبحانه كما قالت، وروى ذلك عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام .

٢٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا اعنى يستمعون القرآن فأقبل إليه الجن والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ببطن النخل فاعتذروا بأنهم( ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً ) ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم، فبايعوه على الصوم والصلوة والزكاة والحج والجهاد ونصح المسلمين، فاعتذروا بأنهم «قالوا على الله شططا».

٢٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله( وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً ) قال: كان الرجل ينطلق إلى الكاهن الذي يوحى إليه الشيطان فيقول: قل للشيطان فلان قد عاذ بك.

أقول: قد سبق قريبا عن كتاب الاحتجاج قول أمير المؤمنينعليه‌السلام فأقبل إليه الجن والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببطن النخل فاعتذر بأنهم ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث الله أحدا.

قال عز من قائل:( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً )

٢٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله حديث طويل عن أمير المؤمنينعليه‌السلام يذكر فيه مناقب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه: ولقد رأيت الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل وتسبح وتقدس وتضطرب النجوم وتتساقط علامة لميلاده، ولقد هم إبليس بالظعن في السماء لـمّا رأى من الأعاجيب في تلك الليلة، وكان له مقعد في السماء الثالثة والشياطين يسترقون السمع، فلما رأوا العجائب أرادوا أن يسترقوا السمع فاذا هم قد حجبوا عن السماوات كلها ؛ ورموا بالشهب جلالة لنبوة

٤٣٧

محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .(١)

٢٥ ـ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وأمّا أخبار السماء فان الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم، وإنّما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء، ويلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله لاثبات الحجة ونفى الشبهة، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء، ويلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن فاذا قد زاد كلمات من عنده فيختلط الحق بالباطل فما أصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو مما اداه إليه شيطانه مما سمعه، وما اخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه فمذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة، فقال: كيف صعدت الشياطين إلى السماء وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان بن داودعليهما‌السلام من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟ قال: غلظوا لسليمان لـمّا سخروا، وهم خلق رقيق غذاءهم التنسم، والدليل على ذلك صعودهم إلى السماء لاستراق السمع ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء إليه إلّا بسلم أو بسبب.

٢٦ ـ في نهج البلاغة واقام رصدا من الشهب الثواقب على نقابها.

٢٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى الحسين بن زياد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ) فقال: لا والله شر أريد بهم حين بايعوا معاوية وتركوا الحسن بن عليعليه‌السلام وقوله: كنا طرائق قددا أي على مذاهب مختلفة.

أقول: قد تقدم عن علي بن إبراهيم في بيان سبب النزول، فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس وهم ولد الجان.

٢٨ ـ وفيه قوله:( فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً ) قال: البخس النقصان، والرهق العذاب، وسئل العالمعليه‌السلام عن مؤمني الجن أيدخلون

__________________

(١) وفي البحار «دلالة لنبوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٤٣٨

الجنة؟ فقال: لا ولكن لله حظائر بين الجنة والنار يكون فيها مؤمنوا الجن وفساق الشيعة.

٢٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت قوله:( لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ ) قال: الهدى الولاية آمنا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه( فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً ) قلت: تنزيل؟ قال: لا، تأويل.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى عبادة بن صهيب عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً ) أي الذين أقروا بولايتنا( فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ) معاوية وأصحابه( وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ) ماءا غدقا الطريقة والولايةلعليٍّ.

٣١ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم عن جابر قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول في هذه الاية:( وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) يعنى من جرى من شرك الشيطان على الطريقة يعنى على الولاية في الأصل عند الاظلة حين أخذ الله ميثاق ذرية آدم( لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) يعنى لكنا وضعنا أظلتهم في الماء الفرات العذب.

٣٢ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن موسى بن محمد عن يونس بن يعقوب عمن ذكره عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) قال: يعنى لو استقاموا على ولاية أمير المؤمنين على والأوصياء من ولدهعليهم‌السلام وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم( لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) يقول: لأشربنا قلوبهم الايمان، والطريقة هي الايمان بولاية على والأوصياء.

٣٣ ـ في مجمع البيان وفي تفسير أهل البيتعليهم‌السلام عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام قول الله:( إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ) قال: هو والله ما أنتم عليه( وَأَنْ

٤٣٩

لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) .

٣٤ ـ وعن بريد العجلي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: معناه لأفدناهم علما كثيرا يتعلمونه من الائمة.

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في قوله: لنفتنهم فيه قتل الحسينعليه‌السلام ( وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) أي الأحد من آل محمد فلا تتخذوا من غيرهم وليا.

٣٦ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية: يا بنى لا تقل ما لا تعلم إلى قوله: وقال اللهعزوجل :( وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) يعنى بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والإبهامين.

٣٧ ـ في تفسير العياشي عن أبي جعفرعليه‌السلام (١) انه سأله المعتصم عن السارق من أي موضع يجب ان يقطع؟ فقال ان القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف، فقال: وما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : السجود على سبعة أجزاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فاذا قطعت يده من الكر سوع(٢) أو المرفق لم يدع له يد يسجد عليها، وقال الله:( وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ ) يعنى به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها( فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) وما كان لله فلا يقطع، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن اسمعيل عن محمد بن الفضل عن أبي الحسنعليه‌السلام في قوله:( وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) قال: هم الأوصياء.

٣٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام بعد

__________________

(١) يعنى أبا جعفر الثاني محمد بن علي الجواد (عليه السلام)

(٢) الكر سوع: طرف الزند الذي يلي الخنصر.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455