الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٤

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 455

  • البداية
  • السابق
  • 455 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41022 / تحميل: 6758
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء 4

مؤلف:
العربية

(و) حيث يقبض الوديعة منهما مع جوازه(1) أولا معه(2) (يبرأ بالرد إلى وليهما) الخاص(3) ، أو العام مع تعذره(4) ، لا اليهما (ويجب إعادة الوديعة على المودع) مع المطالبة في أول وقت الامكان بمعنى رفع يده عنها، والتخلية بين المالك وبينها(5) ، فلو كانت في صندوق مقفل ففتحه عليه(6) ، او بين محرز فكذلك(7) ، لا نقلها(8) إلى المالك زيادة على ذلك.

___________________________________

(1) كما في مورد خوف تلف المال في يد الصبي والمجنون.

(2) كما في صورة عدم الخوف، فمرجع الضمير في " لا معه ": (عدم الخوف).

(3) كالاب والجد للاب.

(4) اي مع تعذر وجود الولي الخاص لو اعطى المستودع الوديعة إلى الحاكم الشرعي الجامع لشرائط الافتاء والقضاء برئت ذمته من الضمان.

(5) اي بين الوديعة.

(6) اي على المستودع، فالظرف مرفوع محلا خبر للمبتداء وهو (ففتحه).

والمعنى: أن الوديعة لو كانت في صندوق مقفل فطلبها المودع من المستودع ففتح الصندوق من قبل المستودع للمودع يعد تخلية منه له ويعد رفع اليد عنها. ولا يجوز قرائة عين الفعل من " ففتحه " بالفتح بل هي بالسكون.

(7) اي وكذا لو كانت الوديعة في بيت محفوظ وجب على المستودع فتح البيت للمودع، ففتحه للمودع يعد تخلية ورفع اليد عنها.

(8) اي ليس على المستودع نقل الوديعة بل عليه فتح الصندوق، او البيت فقط فالزائد من ذلك لا يكون عليه.

٢٤١

والعذر(1) الشرعي كإكمال الصلاة وإن كانت نفلا على الاقوى(2) ما لم يتضرر المالك بالتأخير، والعادي(3) كانتظار انقطاع المطر، ونحوه(4) كالعقلي(5) ، وفي إكمال الطعام والحمام وجهان. والمعتبر في السعي القصد(6) وإن قدر على الزيادة. والحكم ثابت كذلك(7) (وإن كان) المودع (كافرا) مباح المال كالحربي، للامر بأداء الامانة إلى أهلها من غير قيد. وروى(8) الفضيل عن الرضاعليه‌السلام قال: " سألته عن رجل استودع رجلا من مواليك مالا له قيمة والرجل الذي عليه المال رجل من العرب يقدر أن لا يعطيه شيئا، والمودع رجل خارجي شيطان، فلم أدع شيئا(9) فقالعليه‌السلام : قل له: يرد عليه فإنه إئتمنه عليه

___________________________________

(1) بالرفع مبتداء، خبره: (كالعقل) الآتي اي العذر الشرعي مثل العذر العقلي.

(2) قيد للصلاة النافلة، لا للصلاة الواجبة. كما وأن (ما لم يتضرر) قيد لكلي الصلاتين (الواجبة والنافلة).

(3) بالجر عطفا على الشرعي اي العذر العادي كالعذر الشرعي.

(4) كانتظار الضياء في الظلام.

(5) الظرف مرفوع محلا خبر للمبتداء وهو قوله: (والعذر الشرعي).

(6) اي المعتبر في المشي: المشي المتوسط لا العدو، كما في قوله تعالى:( وأقصد في مشيك ) .

(7) اي وجوب اعادة الوديعة على النحو المذكور.

(8) التهذيب كتاب الوديعة باب 26 الحديث 8.

(9) اي لم اترك في حق الرجل المودع شيئا من قبل هذه الكلمات: " إنه شيطان خارجي ".

٢٤٢

بأمانة الله "، وعن الصادقعليه‌السلام " أدوا الامانات إلى أهلها وإن كانوا مجوسا(1) ".

(ويضمن لو أهمل) الرد (بعد المطالبة)، وإمكان الرد على الوجه السابق، لانه من أسباب التقصير، ولو كان التأخير لعذر وجب في أول أوقات إمكانه، (أو أودعها) لغيره، ولو لزوجته، أو ثقة (من غير ضرورة) إلى الايداع، فلو اضطر اليه(2) بأن خاف عليها من حرق، أو سرق، أو نهب لو بقيت في يده وتعذر ردها إلى المالك، والحاكم أودعها(3) العدل. وفي حكم إيداعها اختيارا إشراك(4) الغير في اليد ولو زوجة وولدا، ووضعها(5) في محل مشترك في التصرف بحيث لا يلاحظها في سائر الاوقات، (أو سافر بها كذلك) أي من غير ضرورة إلى استصحابها في السفر بأن أمكنه عند إرادة السفر إيصالها إلى المالك، أو وكيله عاما، أو خاصا، أو إيداعها العدل فترك واخذها معه فيضمن.

___________________________________

(1) الوسائل كتاب احكام الوديعة باب 2 الحديث 5.

(2) اي إلى الايداع.

(3) جواب (لو الشرطية) في قوله: فلو اضطر اليه، اي لو اضطر إلى الايداع اودع الوديعة. و (العدل) منصوب على أنه مفعول ثان ل‍ (اودعها).

(4) مرفوع على أنه مبتدأ مؤخر خبره (وفي حكم ايداعها) اي وفي حكم ايداع الوديعة في حالة الاختيار ومن دون ضرورة تقتضي إيداعها لو اشرك المستودع الغير في التصرف عليها - ولو كان الغير زوجته او ولده - في أن المستودع يكون ضامنا لو تلفت.

(5) بالرفع عطفا على (اشراك) فهو مبتداء مؤخر خبره (وفي حكم ايداعها) اي وفي حكم ايداع الوديعة في حالة الاختيار ومن دون ضرورة وضعها في محل مشترك في التصرف بحيث لا تلاحظ الوديعة في سائر الاوقات فإن المستودع يكون ضامنا لها لو تلف.

٢٤٣

أما مع الضرورة بأن تعذر جميع ما تقدم، وخاف عليها في البلد، أو اضطر إلى السفر فلا ضمان، بل قد يجب، لانه من ضروب الحفظ. والمعتبر في تعذر التوصل إلى المالك ومن بحكمه المشقة الكثيرة عرفا، وفي السفر(1) العرفي أيضا فما قصر عنه كالتردد إلى حدود البلد وقرى لا يطلق على الذهاب اليها السفر يجوز فيه مصاحبتها مع أمن الطريق، ولا يجوز إيداعها في مثله مع إمكان استصحابها، واستثني منه(2) ما لو أو دعه مسافرا، أو كان المستودع منتجعا(3) ، فإنه يسافر بها من غير ضمان، لقدوم(4) المالك عليه.

(أو طرحها في موضع تتعفن فيه) وإن كان حرزا لمثلها،

___________________________________

(1) الجار والمجرور متعلق ب‍ (والمعتبر) اي والمعتبر في السفر السفر العرفي كما وأن المراد من التعذر التعذر العرفي ايضا.

(2) اي استثني من عدم جواز السفر (الصورة التي جعلت الوديعة عنده حال كونه مسافرا.) و (مسافرا) منصوب على الحالية.

(3) اي طالبا للكلاء. فالمعنى أن المستودع لو كان طالبا للكلاء فاودع شخص عنده وديعة وهو في تلك الحالة جاز للمستودع اخذ الوديعة وصحبها معه في السفر.

(4) اي لاقدام المالك على حالة سفر المستودع. في تعليل لعدم الضمان في الصورتين. وهما: صورة كون الودعي مسافرا. وصورة كونه منتجعا اي طالبا للكلاء.

٢٤٤

لما عرفت من أن الحرز مشروط بأمور أخر هذا(1) منها. وفي حكم العفن الموضع المفسد كالندى للكتب. وضابطه مالا يصلح لتلك الوديعة عرفا بحسب مدة إقامتها فيه، (أو ترك سقي الدابة، أو علفها ما لا تصبر عليه عادة)، ومثلها المملوك والمعتبر السقي والعلف بحسب المعتاد لامثالها، فالنقصان عنه تفريط، وهو المعبر عنه بعدم صبرها عليه فيضمنها حينئذ(2) وإن ماتت بغيره. ولا فرق في ذلك(3) بين أن يأمره بهما(4) ، ويطلق، وينهاه، لوجوب حفظ المال عن التلف، هذا هو الذي يقتضيه إطلاق العبارة وهو أحد القولين في المسألة. والاقوى أنه مع النهي لا يضمن بالترك، لان حفظ المال إنما يجب

___________________________________

(1) اي عدم طرح الوديعة في مكان عفن شرط كما يشترط عدم جواز اخذها وصحبها معه في السفر. فلو طرحها المودع في ذلك المكان ضمنها كما كان يضمنها لو اخذها وصحبها معه في السفر بلا ضرورة.

(2) اي حين أن قصر المستودع في سقي الدابة وعلفها، وان ماتت الدابة بسبب آخر غير قلة الاكل والشرب.

(3) اي في ضمان الوديعة.

(4) وهما: السقي والعلف. والمراد من الاطلاق في قوله (ويطلق): عدم الامر والنهي من المودع في السقي والعلف. وكان الانسب في العبارة أن يقال: (ولا فرق بين أن يأمره بهما وينهاه عنهما ويطلق).

٢٤٥

على مالكه لا على غيره، نعم يجب في الحيوان مطلقا(1) لانه ذو روح لكن لا يضمن بتركه كغيره(2) . واعلم أن مستودع الحيوان إن أمره المالك بالانفاق أنفق ورجع عليه بما غرم، وإن أطلق توصل إلى استئذانه، فإن تعذر رفع أمره إلى الحاكم فإن تعذر(3) أنفق هو وأشهد عليه ورجع به، ولو تعذر الاشهاد اقتصر على نية الرجوع إن أراده وقبل قوله فيها، وفي القدر(4) بالمعروف، وكذا القول مع نهي المالك له عنه(5) . وفي حكم النفقة ما تفتقر اليه من الدواء وغيره، وفي حكم الحيوان الشجر المفتقر إلى الحرث والسقي وغيرهما.

(أو ترك نشر الثوب) الذي يفسده طول مكثه كالصوف، والابريسم (للريح) حتى لو لم يندفع(6) بنشره وجب لبسه بمقدار ما يندفع الضرر عنه، وكذا عرضه(7) على البرد.

___________________________________

(1) سواء امره بهما ام نهاه عنهما.

(2) لتوجه الحكم التكليفي نحوه، دون الوضعي.

(3) اي لو تعذر وجود الحاكم الشرعي.

(4) اي وقبل قوله في القدر المعروف وهو القدر المتعارف ايضا ومرجع الضمير في فيها (نية الرجوع).

(5) اي عن الانفاق. فالمعنى أن قول المستودع يقبل لو ادعى نهي المودع له عن الانفاق. فلو ماتت الدابة لم يكن ضامنا حينئذ.

(6) اي خوف التلف، فلو لم يلبس الثوب وتلف ضمن.

(7) اي وكذا يجب على المستودع عرض الثوب على البرد لو احتاج اليه فلو لم يفعل وتلف ضمن.

٢٤٦

ومثله(1) توقف نقل الدابة إلى الحرز، أو العلف، أو السقي على الركوب، والكتاب على تقليبه، والنظر فيه فيجب ذلك كله، ويحرم بدونه، (أو انتفع بها(2) ) لا لذلك، (أو مزجها) لماله، أو بمال غيره بحيث لا يتميز، سواء مزجها باجود أم بأدون، بل لو مزج إحدى الوديعتين بالاخرى ضمنهما معا وإن كانا لواحد ومثله(3) لو خلطها بمال لمالكها غير مودع عنده، للتعدي في الجميع.

(وليرد) الوديعة حيث يؤمر به(4) ، أو يريده هو(5) (إلى المالك أو وكيله) المتناول وكالته(6) مثل ذلك(7) مخيرا فيهما(8) ، (فإن تعذر)

___________________________________

(1) اي ومثل نشر الثوب في وجوبه ركوب الدابة لو احتاج نقلها اليه فلو لم يفعل وتلفت الدابة ضمنها. وكذا تقليب الكتاب لو احتاج اليه واجب على المستودع فلو لم ييفعل وتلف ضمن.

(2) اي بالوديعة، لا لاجل النشر، او النقل، او عرضها على البرد بل لغاية اخرى غير هذه الغايات فإنه يضمنها لو تلفت الوديعة.

(3) اي ومثل مزج الوديعتين لو كانتا لواحد خلط الوديعة بمال آخر لمالك الوديعة لم يودعها عنده.

(4) اي بالرد. ونائب الفاعل في يؤمر: (المستودع).

(5) اي وكذا يرد الوديعة لو اراد المستودع الرد.

(6) سواء كانت وكالة الوكيل خاصة في اخذ الوديعة فقط ام اعم من ذلك(7) اي مثل تسليم الوديعة إلى الوكيل. فالوكالة اذا كانت هكذا فالواجب على المستودع رد الوديعة إلى الوكيل.

(8) اي المستودع مخير في رد الوديعة إلى المالك او إلى وكيله ويحتمل أن تكون (فيهما) بمعنى بينهما اي مخيرا بينهما.

٢٤٧

للمالك، أو وكيله (فالحاكم) الشرعي (عند الضرورة إلى ردها)، لا بدونه(1) ، لان(2) الحاكم لا ولاية له على من له وكيل، والودعي بمنزلته(3) . وإنما جاز الدفع اليه(4) عند الضرورة دفعا للحرج والاضرار، وتنزيلا له(5) حينئذ منزلة من لا وكيل له، وتتحقق الضرورة بالعجز عن الحفظ، وعروض خوف يفتقر معه إلى التستر المنافي لرعايتها، أو الخوف على أخذ المتغلب لها تبعا لماله، أو استقلالا، أو الخوف عليها من السرق، أو الحرق، أو التهب، ونحو ذلك. فإن تعذر الحاكم حينئذ أودعها الثقة. ولو دفعها إلى الحاكم مع القدرة على المالك ضمن كما يضمن لو دفعها إلى الثقة مع القدرة على الحاكم، أو المالك.

(ولو أنكر الوديعة حلف) لاصالة البراء‌ة، (ولو أقام) المالك (بها بينة قبل حلفه ضمن)، لانه متعد بجحوده لها (إلا أن يكون جوابه: لا تستحق عندي شيئا وشبهه) كقوله: ليس لك عندي وديعة يلزمني ردها ولا عوضها، فلا يضمن بالانكار، بل يكون كمدعي التلف يقبل قوله بيمينه أيضا، ولامكان تلفها بغير تفريط فلا تكون مستحقة

___________________________________

(1) اي لا بدون الاضطرار.

(2) تعليل لعدم جواز الرد بدون الضرورة.

(3) اي بمنزلة الوكيل في الحفظ، بل هو وكيل في الحفظ.

(4) اي إلى الحاكم الشرعي دفعا للحرج والضرر المتوجهين نحوه لو لم يدفعها اليه. وهما منفيان عنه.

(5) اي وتنزيلا للحاكم الشرعي حين الضرورة والالتجاء منزلة شخص لا وكيل له فإنه في هذه الحالة يجب دفع مال مثله إلى الحاكم.

٢٤٨

عنده، ولا يناقض قوله البينة، ولو أظهر لانكاره الاول(1) تأويلا كقوله: ليس لك عندي وديعة يلزمني ردها، أو ضمانها، ونحو ذلك فالاقوى القبول أيضا، واختاره المصنفرحمه‌الله في بعض تحقيقاته.

(والقول قول الودعي في القيمه لو فرط) لاصالة عدم الزيادة عما يعترف به.

وقيل: قول المالك(2) ، لخروجه(3) بالتفريط عن الامانة، ويضعف بأنه(4) ليس مأخذ القبول.

(وإذا مات المودع سلمها) المستودع (إلى وارثه) إن اتحد، (أو إلى من يقوم مقامه) من وكيل، وولي، فإن تعدد سلمها إلى الجميع إن اتفقوا في الاهليه، وإلا فإلى الاهل(5) ، وولي الناقص(6) ،

___________________________________

(1) وهو انكار الوديعة.

(2) اي يقدم قول المالك.

(3) اي لخروج الودعي عن الامانة فلا يكون امينا فلا يقبل قوله.

(4) اي قبول قول الودعي ليس مبنيا على أنه امين حتى يقبل قوله حين كونه امينا ولم يفرط في الامانة، ولا يقبل قوله قوله عند خروجه عن الامانة بسبب التفريط، بل إنما يقبل قوله لكونه منكرا للزيادة. ومرجع الضمير في بأنه: (الامانة) واسم (ليس) مستتر يرجع إلى الامانة و (مأخذ) منصوب على الخبرية. وتذكير الضمير باعتبار المصدر. فالمعنى أن الامانة ليس مبنى القبول حتى يقال: إن عدم الامانة مبنى عدم قبول قول الودعي.

(5) اي يسلم الودعي الوديعة إلى من كان كاملا واهلا للتسلم.

(6) اي يسلم الودعي الوديعة إلى ولي الوارث ان كان ناقصا عن الاهلية كالطفل والمجنون.

٢٤٩

(ولو سلمها إلى البعض) من دون إذن الباقين (ضمن للباقي) بنسبة حصتهم، لتعديه فيها بتسليمها إلى غير المالك، وتجب المبادرة إلى ردها اليهم حينئذ(1) كما سلف(2) ، سواء علم الوارث بها أم لا.

(ولا يبرأ) المستودع (بإعادتها إلى الحرز لو تعدى) فأخرجها منه، (أو فرط) بتركه غير مقفل، ثم قفله، ونحوه، لانه صار بمنزلة الغاصب فيستصحب حكم الضمان إلى أن يحصل من المالك ما يقتضي زواله برده عليه، ثم يجدد له الوديعة، أو يجدد له الاستئمان بغير رد كأن يقول له: أودعتكها، أو استأمنتك عليها، ونحوه على الاقوى.

وقيل: لا يعود بذلك، كما لا يزول الضمان عن الغاصب بإيداعه، أو يبرئه من الضمان على قول قوي.

(ويقبل قوله بيمينه في الرد) وإن كان مدعيا بكل وجه(3) على المشهور، لانه محسن وقابض لمحض مصلحة المالك والاصل براء‌ة ذمته

___________________________________

(1) اي حين موت المودع.

(2) في قول المصنفرحمه‌الله : (وتبطل الوديعة بموت كل منهما) إلى قوله: (فتبقى في يده امانة شرعية).

(3) اي بكل وجه ادعى الودعي رد الوديعة وباي نحو ادعاها، وفسر بعض قول الشارحرحمه‌الله : (بكل وجه) بمعنى اي تفسير: اي لو فسر المدعي باي تفسير من معانيه الثلاثة التي مضت في كتاب القضاء ج 3 ص 76 في الهامش رقم 2 - 3 - 4 - 5 من طبعتها الجديدة. والاظهر المعنى الاول الذي اخترناه، لان من تلك المعاني: أن المدعي لو ترك الخصومة لترك. وهذا التفسير للمدعي لا يأتي هنا، لانه لو ترك مدعي رد الوديعة دعواه لم يتركه المودع، بل يطالبه بالوديعة طلبا حثيثا.

٢٥٠

هذا إذا ادعى ردها على من ائتمنه، أما لو ادعاه على غيره(1) كوارثه فكغيره من الامناء، لاصالة عدمه وهو(2) لم يأتمنه فلا يكلف تصديقه. ودعوى ردها(3) على الوكيل كدعواه على الموكل، لان يده كيده

___________________________________

(1) اي على غير من ائتمنه المودع كوارثه حيث يكون وارثا في المستقبل فإنه حينئذ لو ادعى ردها إلى مثل هذا الوارث يطالب بالبينة. كما لو ادعى ردها إلى امين فإنه يطالب بالبينة.

(2) الواو حالية اي والحال أن المودع لم يأتمن الوارث فلا يكلف بتصديقه للودعي لو ادعى رد الوديعة إلى مثل هذا الوارث الذي يكون في المستقبل وارثا.

(3) اي ودعوى الودعي رد الوديعة على الوكيل مثل دعواه ردها على الموكل لان يد الوكيل كيد الموكل.

كتاب العارية

٢٥١

٢٥٢

٢٥٣

٢٥٤

كتاب العارية

بتشديد الياء، وتخفف، نسبة إلى العار، لان طلبها عار، أو إلى العارة مصدر ثان لاعرته إعارة، كالجابة للاجابة، أو من عار إذا جاء وذهب لتحولها من يد إلى أخرى، أو من التعاور وهو التداول. وهي من العقود الجائزة تثمر جواز التصرف في العين بالانتفاع مع بقاء الاصل غالبا، (ولا حصر أيضا) أي عودا إلى ما ذكر في الوديعة (في ألفاطها) إيجابا وقبولا، بل كل ما دل على الاذن من طرف المعبر فهو إيجاب. ويكفي الفعل في القبول، بل لو استفيد رضاه من غير الالفاظ كالكتابة، والاشارة ولو مع القدره عل النطق كفى. ومثله(1) ما لو دفع اليه ثوبا حيث وجده عاريا، أو محتاجا إلى لبسه، أو فرش لضيفه فراشا، أو القى اليه وسادة، أو مخدة. واكتفى في التذكرة بحسن الظن بالصديق في جواز الانتفاع بمتاعه. ويبنغي تقييده(2) بكون منفعته مما يتناوله الاذن الوارد في الآية،

___________________________________

(1) اي ومثل (ما لو استفيد رضاه): هذه الاشياء المذكورة في قول الشارح: (ما لو دفع اليه ثوبا حيث وجده عاريا، أو محتاجا إلى لبسه، أو فرش لضيفه) إلى آخر ما ذكره.

(2) اي تقييد جواز الانتفاع بشرط كونه دون الاكل من حيث الاهمية، لا فوق الاكل. ويحتمل أن يكون المراد من التقييد: تقييد حسن الظن كما هو الظاهر من عبارة الشارحرحمه‌الله فيما يأتي بقوله: (لا مطلق حسن الظن).

٢٥٥

بجوازالاكل(1) من بينه بمفهوم الموافقة(2) ، وتعديه(3) إلى من تناولته من الارحام، لا مطلق حسن الظن لعدم الدليل، إذ المساوي(4) قياس، والاضعف(5) ممتنع بطريق أولى.

(ويشترط كون المعير كاملا جائز التصرف، ويجوز إعارة الصبي

___________________________________

(1) في قوله تعالى:( ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت امهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم او بيوت اعمامكم او بيوت عماتكم او بيوت اخوالكم او بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه او صديقكم ليس عليكم جناح ان تأكلوا جميعا أو أشتاتا ) النور الآية 61.

(2) وهي الاولوية: فاذا كان الاكل جائزا مع أنه يلزم ذهاب العين فغيره مع عدم ذهابها اولى. كما هو الحكم في قوله تعالى:( ولا تقل لهما اف ) حيث إنها تدل بالموافقة على عدم جواز السب والفحش والضرب والقتل بطريق اولى.

(3) عطف على مدخول ينبغي اي وينبغي التعدي من الصديق إلى بقية الارحام المذكورة في الآية الكريمة.

(4) وهو ما كانت منفعة المتاع مساوية للاكل من حيث الضرر على الصديق فهو قياس محض والقياس باطل.

(5) وهو ما كانت منفعة المتاع اشد خسارة على الصديق فهو ممتنع بطريق اولى.

٢٥٦

بإذن الولي) لمال نفسه، ووليه(1) ، لان المعتبر إذن الولي وهو كاف في تحقق هذا العقد. هذا إذا علم المستعير بإذن الولي، وإلا لم يقبل قول الصبي في حقه(2) ، إلا أن تنضم اليه قرائن تفيد الظن المتاخم للعلم به، كما إذا طلبها(3) من الولي فجاء به الصبي وأخبر أنه أرسله بها، ونحو ذلك، كما يقبل قوله في الهدية(4) ، والاذن في دخول الدار بالقرائن، ولابد مع إذن الولي له في إعارة ماله من وجود المصلحة بها بأن تكون يد المستعير أحفظ من يد الولي في ذلك الوقت(5) ، أو لانتفاع الصبي بالمستعير بما يزيد عن منفعة ماله، أو تكون العين ينفعها الاستعمال ويضرها الاهمال(6) ، ونحو ذلك(7) .

(وكون العين مما يصح الانتفاع بها مع بقائها) فلا يصح إعارة

___________________________________

(1) بالجر عطفا على نفسه اي يجوز للصبي اعارة ماله ومال وليه باذن الولي في ماله ومال وليه.

(2) اي ان لم يعلم المستعير باذن الولي للصبي لم يقبل قوله في حق الولي.

(3) مرجع الضمير: العين المعلومة في المقام. والفاعل في طلبها (المستعير) اي لو طلب المستعير العين من الولي فجاء بها الصبي فهذا قرينة على أن الولي قد اذن للصبي.

(4) بأن قال الصبي: إنها هدية ارسلها الولي، هذا اذا كانت القرائن الحالية تدل على أن ما جاء به هدية.

(5) اي في الوقت الذي يكون المتاع عند المستعير.

(6) كالسجاد الايراني حيث يضره الاهمال في الصيف في البلاد الحارة.

(7) مما تكون الاعارة فيه مصلحة الطفل.

٢٥٧

ما لا يتم الانتفاع به إلا بذهاب عينه كالاطعمة. ويستثنى من ذلك المنحة وهي الشاة المستعارة للحلب، للنص(1) . وفي تعديه إلى غيرها من الحيوان المتخذ للحلب وجهان، والاقتصار فيما خالف الاصل على موضع اليقين(2) أجود.

(وللمالك الرجوع فيها متى شاء)، لاقتضاء جواز العقد ذلك، (إلا في الاعارة للدفن) أي دفن الميت المسلم ومن بحكمه(3) فلا يجوز الرجوع فيه (بعد الطم)، لتحريم نبشه، وهتك حرمته، إلى أن تندرس عظامه. ولو رجع قبله(4) جاز وإن كان الميت قد وضع على الاقوى، للاصل(5) فمؤنة الحفر لازمة لولي الميت، لقدومه(6) على ذلك، إلا أن يتعذر عليه غيره(7) ،

___________________________________

(1) المغني لابن قدامة ج 5 ص 183 من كتاب العارية. وصرح في الجواهر في كتاب العارية بعدم وجود نص في المنحة من طرقنا.

(2) وهو في الشاة فقط.

(3) كالطفل، والمجنون، واللقيط في دار الاسلام.

(4) اي قبل الطم.

(5) وهو استصحاب جواز الرجوع في المستعار للمعير.

(6) لان الولي اقدم على دفن الميت في الارض المستعارة التي يجوز لصاحبها الرجوع فيها فما صرفه في الحفر يحسب على الولي، لا على الميت.

(7) مرجع الضمير (المكان المستعار). ومرجع الضمير في عليه (الولي) والمراد من غيره: غير هذا المكان المستعار.

وحاصل هذه العبارة: أن الولي في صورة دفنه الميت في الارض المستعارة ومواراته تحت التراب لا يجوز له نقله منها إلى غير تلك الارض، لو رجع المالك عن العارية للزوم النبش والهتك المحرمين. هذا اذا كان رجوع المالك عن العارية بعد مواراة الميت وطم القبر. وأما اذا كان الرجوع عنها قبل المواراة والطم جاز النقل، لعدم لزوم النبش والهتك المحرمين. ففي هذه الصورة لو صرف الولي مؤنة لدفن الميت للحفر وغيره كانت عليه لتقصيره في ذلك. نعم اذا كان الولي مجبورا في دفن الميت في الارض المستعارة بان تعذر وجود مكان آخر غيرها فحينئذ فكلما صرفه وبذل عليه للحفر ونقله إلى المكان الآخر قبل المواراة والطم كان على الميت، لعدم تقصير الولي حينئذ.

٢٥٨

مما لا يزيد عوضه عنه(1) فيقوى كونه(2) من مال الميت، لعدم التقصير(3) ، ولا يلزم وليه طمه، للاذن فيه(4) . ويستثنى آخران(5) أيضا: أحدهما إذا حصل بالرجوع ضرر على المستعير لا يستدرك كما لو أعاره لوحا رقع به سفينته ولجج(6)

___________________________________

(1) مرجع الضمير (المكان الآخر). ومرجع الضمير في عوضه: (الحفر) اي في صورة تعذر المكان الآخر تكون المؤنة على الميت، لا على الولي، لو لم تكن قيمة الارض الاخرى اكثر من قيمة الارض المستعارة.

(2) اي مؤنة الحفر حينئذ اي حين تعذر المكان الآخر.

(3) اي من ناحية الولي.

(4) اي في الحفر من قبل المعير.

(5) اي امران آخران.

(6) بالتشديد يقال: لججت السفينة اي دخلت في اللجة.

واللجة: معظم الماء اي اكثره والمقصود هنا توغل السفينة في البحر وابتعادها عن الساحل.

٢٥٩

في البحر فلا رجوع للمعير إلى أن يمكنه الخروج إلى الشاطئ، أو إصلاحها(1) مع نزعه من غير ضرر، ولو رجع قبل دخول السفينة، أو بعد خروجها فلا إشكال في الجواز، مع احتمال الجواز مطلقا(2) وإن وجب الصبر بقبضه إلى أن يزول الضرر، والثاني(3) الاستعارة للرهن بعد وقوعه وقد تقدم(4) .

(وهي أمانة) في يد المستعير (لا يضمن إلا بالتعدي، أو التفريط) إلا ما استثني (وإذا استعار أرضا) صالحة للزرع، والغرس، والبناء عادة (غرس، أو زرع، أو بنى) مخيرا فيها مع الاطلاق، أو التصريح بالتعميم، وله الجمع بينها بحسب الامكان لان ذلك كله إنتفاع بتلك العين يدخل في الاطلاق، أو التعميم، ومثله(5) ما لو إستعار دابة صالحة للركوب والحمل.

(ولو عين له جهة لم يتجاوزها) ولو إلى المساوي والادون عملا بمقتضى التعيين واقتصارا على المأذون.

وقيل: يجوز التخطي إلى المساوي والاقل ضررا وهو ضعيف.

___________________________________

(1) اي السفينة من غير ضرر عليها اذا اخذ المعير اللوحة.

(2) سواء دخلت السفينة في البحر ام لا.

(3) اي المستثنى الثاني في قوله: " ويستثنى آخران " الاستعارة في الرهن. كما اذا استعار زيد من عمرو عينا فرهنها فلا يجوز حينئذ للمعير الرجوع في العارية بعد تمامية الرهن.

(4) في كتاب الرهن من هذا الجزء ص 68.

(5) اي ومثل (ما اذا استعار ارضا صالحة للاستفادة في منافع مختلفة): (الدابة الصالحة للركوب والحمل).

٢٦٠