المختصر النافع في فقه الامامية

المختصر النافع في فقه الامامية18%

المختصر النافع في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 313

المختصر النافع في فقه الامامية
  • البداية
  • السابق
  • 313 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80186 / تحميل: 7058
الحجم الحجم الحجم
المختصر النافع في فقه الامامية

المختصر النافع في فقه الامامية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

لم يكن جيش فرعون مانعا من العذاب الإلهي ، ولم تكن سعة مملكتهم وأموالهم وثراؤهم سببا لرفع هذا العذاب ، ففي النهاية أغرقوا في أمواج النيل المتلاطمة إذ أنّهم كانوا يتباهون بالنيل ، فبماذا تفكرون لأنفسكم وأنتم أقل عدّة وعددا من فرعون وأتباعه وأضعف؟! وكيف تغترون بأموالكم وأعدادكم القليلة؟!

«الوبيل» : من (الوبل) ويراد به المطر الشديد والثقيل ، وكذا يطلق على كل ما هو شديد وثقيل بالخصوص في العقوبات ، والآية تشير إلى شدّة العذاب النازل كالمطر.

ثمّ وجه الحديث إلى كفّار عصر بنيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويحذرهم بقوله :( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً ) (١) (٢) .

بلى إنّ عذاب ذلك اليوم من الشدّة والثقيل بحيث يجعل الولدان شيبا ، وهذه كناية عن شدّة ذلك اليوم.

هذا بالنسبة لعذاب الآخرة ، وهناك من يقول : إنّ الإنسان يقع أحيانا في شدائد العذاب في الدنيا بحيث يشيب منها الرأس في لحظة واحدة.

على أي حال فإنّ الآية تشير إلى أنّكم على فرض أنّ العذاب الدنيوي لا ينزل عليكم كما حدث للفراعنة؟ فكيف بكم وعذاب يوم القيامة؟

في الآية الاخرى يبيّن وصفا أدقّ لذلك اليوم المهول فيضيف :( السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) .

إنّ الكثير من الآيات الخاصّة بالقيامة وأشراط الساعة تتحدث عن

__________________

(١) يوما مفعول به لتتقون ، و «تتقون» ذلك اليوم يراد به تتقون عذاب ذلك اليوم ، وقيل (يوم) ظرف لـ (تتقون) أو مفعول به لـ (كفرتم) والاثنان بعيدان.

(٢) «شيب» جمع (أشيب) ويراد به المسن ، وهي من أصل مادة شيب ـ على وزن عيب ـ والمشيب يعني تغير لون الشعر إلى البياض.

١٤١

انفجارات عظيمة وزلازل شديدة ومتغيرات سريعة ، والآية أعلاه تشير إلى جانب منها.

فما حيلة الإنسان الضعيف العاجز عند ما يرى تفطر السموات بعظمتها لشدّة ذلك اليوم؟!(١)

وفي النّهاية يشير القرآن إلى جميع التحذيرات والإنذارات السابقة فيقول تعالى :( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ ) .

إنّكم مخيرون في اختيار السبيل ، فمن شاء اتّخذ إلى ربّه سبيلا ، ولا فضيلة في اتّخاذ الطريق إلى الله بالإجبار والإكراه ، بل الفضيلة أن يختار الإنسان السبيل بنفسه وبمحض إرادته.

والخلاصة أنّ الله تعالى هدى الإنسان إلى النجدين ، وجعلهما واضحين كالشمس المضيئة في وضح النهار ، وترك الإختيار للإنسان نفسه حتى يدخل في طاعته سبحانه بمحض إرادته ، وقد احتملت احتمالات متعددة في سبب الإشارة إلى التذكرة ، فقد قيل أنّها إشارة إلى المواعظ التي وردت في الآيات السابقة ، وقيل هي إشارة إلى السورة بكاملها ، أو إشارة إلى القرآن المجيد.

ولعلها إشارة إلى إقامة الصلاة وقيام الليل كما جاء في الآيات من السورة ، والمخاطب هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والآية تدل على توسعة الخطاب وتعميمه لسائر المسلمين ، ولهذا فإنّ المراد من «السبيل» في الآية هو صلاة الليل ، والتي تعتبر سبيل خاصّ ومهمّة تهدي إلى الله تعالى ، كما ذكرت في الآية (٢٦) من سورة الدهر بعد أن أشير إلى صلاة الليل بقوله تعالى :( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ) .

ويقول بعد فاصلة قصيرة :( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً )

__________________

(١) «المنفطر» : من الانفطار بمعنى الإنشقاق ، والضمير (به) يعود لليوم ، والمعنى السماء منشقة بسبب ذلك اليوم والسماء جائزة للوجهين أي أنّه تذكر وتؤنث.

١٤٢

وهي بعينها الآية التي نحن بصدد البحث فيها(١) .

وبالطبع هذا التّفسير مناسب ، والأنسب منه أن تكون الآية ذات مفهوم أوسع حيث تستوعب هذه السورة جميع مناهج صنع الإنسان وتربيته كما أشرنا إلى ذلك سابقا.

* * *

ملاحظة

المراحل الأربع للعذاب الإلهي

الآيات السابقة تهدد المكذبين المغرورين بأربعة أنواع من العذاب الأليم : النكال ، الجحيم ، الطعام ذو الغصّة ، والعذاب الأليم ، هذه العقوبات في الحقيقة هي تقع في مقابل أحوالهم في هذه الحياة الدنيا.

فمن جهة كانوا يتمتعون بالحرية المطلقة.

الحياة المرفهة ثانيا.

لما لهم من الأطعمة السائغة من جهة ثالثة.

والجهة الرابعة لما لهم من وسائل الراحة ، وهكذا سوف يجزون بهذه العقوبات لما قابلوا هذه النعم بالظلم وسلب الحقوق والكبر والغرور والغفلة عن الله تعالى.

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ١٤٧.

١٤٣

الآية

( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠) )

التّفسير

فاقرؤوا ما تيسر من القرآن :

هذه الآية هي من أطول آيات هذه السورة وتشتمل على مسائل كثيرة ، وهي مكملة لمحتوى الآيات السابقة ، وهناك أقوال كثيرة للمفسّرين حول ما إذا كانت

١٤٤

هذه الآية ناسخة لحكم صدر السورة أم لا ، وكذلك في مكّيتها أو مدنيتها ، ويتّضح لنا جواب هذه الأسئلة بعد تفسير الآية.

فيقول تعالى :( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ) (١) .

الآية تشير إلى نفس الحكم الذي أمر به الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صدر السورة من قيام الليل والصلاة فيه ، وما أضيف في هذه الآية هو اشتراك المؤمنين في العبادة مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (بصيغة حكم استحبابي أو باحتمال حكم وجوبي لأنّ ظروف صدر الإسلام كانت تتجاوب مع بناء ذواتهم والاستعداد للتبليغ والدفاع عنه بالدروس العقائدية المقتبسة من القرآن المجيد ، وكذا بالعمل والأخلاق وقيام الليل ، ولكن يستفاد من بعض الرّوايات أنّ المؤمنين كانوا قد وقعوا في إشكالات ضبط الوقت للمدة المذكورة (الثلث والنصف والثلثين) ولذا كانوا يحتاطون في ذلك ، وكان ذلك يستدعي استيقاظهم طول الليل والقيام حتى تتورم أقدامهم ، ولذا بني هذا الحكم على التخفيف ، فقال :( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) .

«لن تحصوه» : من (الإحصاء) وهو عد الشيء ، أي علم أنّكم لا تستطيعون إحصاء مقدار الليل الذي أمرتم بقيامه والإحاطة بالمقادير الثلاثة.

وقال البعض : إنّ معنى الآية أنّكم لا تتمكنون من المداومة على هذا العمل طيلة أيّام السنة ، ولا يتيسر لعامّة المكلّفين إحصاء ذلك لاختلاف الليالي طولا وقصرا ، مع وجود الوسائل التي توقظ الإنسان.

والمراد بـ( فَتابَ عَلَيْكُمْ ) خفف عليكم التكاليف ، وليس التوبة من الذنب ، ويحتمل أنّه في حال رفع الحكم الوجوبي لا يوجد ذنب من الأساس ، والنتيجة

__________________

(١) يجب الالتفات إلى أنّ (نصفه) و (ثلثه) معطوف على أدنى وليس على (ثلثي الليل) فيكون المعنى أنّه يعلم أنّك تقوم بعض الليالي أدنى من ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه ،. كذا الالتفات إلى أن أدنى تقال لما يقرب من الشيء ، وهنا إشارة إلى الزمن التقريبي.

١٤٥

تكون مثل المغفرة الإلهية.

وأمّا عن معنى الآية :( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) فقد قيل في تفسيرها أقوال ، فقال بعضهم : إنّها تعني صلاة الليل التي تتخللها قراءة الآيات القرآنية ، وقال الآخرون : إنّ المراد منها قراءة القرآن ، وإن لم تكن في أثناء الصلاة ، وفسّرها البعض بخمسين آية ، وقيل مائة آية ، وقيل مائتان ، ولا دليل على ذلك ، بل إنّ مفهوم الآية هو قراءة ما يتمكن عليه الإنسان.

وبديهي أنّ المراد من قراءة القرآن هو تعلم الدروس لبناء الذات وتقوية الإيمان والتقوى.

ثمّ يبيّن دليلا آخرا للتخفيف فيضيف تعالى :( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ، وهذا تخفيف آخر كما قلنا في الحكم ، ولذا يكرر قوله «فاقرؤوا ما تيسر منه» ، والواضح أنّ المرض والأسفار والجهاد في سبيل الله ذكرت بعنوان ثلاثة أمثلة للأعذار الموجهة ولا تعني الحصر ، والمعنى هو أنّ الله يعلم أنّكم سوف تلاقون ، كثيرا من المحن والمشاكل الحياتية ، وبالتالي تؤدي إلى قطع المنهج الذي أمرتم به ، فلذا خفف عليكم الحكم.

وهنا يطرح هذا السؤال ، وهو : هل أنّ هذا الحكم ناسخ للحكم الذي ورد في صدر السورة ، أم هو حكم استثنائي؟ طاهر الآيات يدل على النسخ ، وفي الحقيقة أنّ الغرض من الحكم الأوّل في صدر السورة هو إقامة المنهج العبادي ، وهذا ما حصل لمدّة معينة ثمّ نسخ بعد ذلك بهذه الآية ، وأصبح أخف من ذي قبل ، لأنّ ظاهر الآية يدل على وجود معذورين ، فلذا حفف الحكم على الجميع ، وليس للمعذورين فحسب ، ولذا لا يمكن أن يكون حكما استثنائيا بل هو حكم ناسخ.

ويرد سؤال آخر ، هو : هل أنّ الحكم المذكور بقراءة ما تيسّر من القرآن واجب أم مستحب؟ إنّه مستحب ، واحتمل البعض الآخر الوجوب ، لأنّ قراءة القرآن تبعث على معرفة دلائل التوحيد ، وإرسال الرسل ، وواجبات الدين ، وعلى

١٤٦

هذا الأساس تكون القراءة واجبة.

ولكن يجب الالتفات إلى أنّ الإنسان لا يلزم بقراءة القرآن ليلا أثناء صلاة الليل ، بل يجب على المكلّف أن يقرأ بمقدار ما يحتاجه للتعليم والتربية لمعرفة اصول وفروع الإسلام وحفظه وإيصاله إلى الأجيال المقبلة ، ولا يختص ذلك بزمان ومكان معينين ، والحقّ هو وجوب القراءة لما في ظاهر الأمر (فاقرؤا كما هو مبيّن في اصول الفقه) إلّا أن يقال بقيام الإجماع على عدم الوجوب ، فيكون حينها مستحبا ، والنتيجة هي وجوب القراءة في صدر الإسلام لوجود الظروف الخاصّة لذلك ، واعطي التخفيف بالنسبة للمقدار والحكم ، وظهر الاستحباب بالنسبة للمقدار الميسّر ، ولكن صلاة الليل بقيت واجبة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيلة حياته (بقرينة سائر الآيات والرّوايات).

ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الباقرعليه‌السلام حيث يقول : «... متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) واعلموا أنّه لم يأت نبيّ قط إلّا خلا بصلاة الليل ، ولا جاء نبي قط صلاة الليل في أوّل الليل»(١) .

والملاحظ في الآية ذكر ثلاثة نماذج من الأعذار ، أحدها يتعلق بالجسم (المرض) ، والآخر بالمال (السفر) ، والثالث بالدين (الجهاد في سبيل الله) ، ولذا قال البعض : إنّ المستفاد من الآية هو السعي للعيش بمثابة الجهاد في سبيل الله! وقالوا : إنّ هذه الآية مدنيّة بدليل سياقها في وجوب الجهاد ، إلّا أنّ الجهاد لم يكن في مكّة ، ولكن بالالتفات إلى قوله :( سَيَكُونُ ) يمكن أن تكون الآية مخبرة على تشريع الجهاد في المستقبل ، أي بسبب ما لديكم من الأعذار وما سيكون من الأعذار ، لم يكن هذا الحكم دائميا ، وبهذا الصورة يمكن أن تكون الآية مكّية ولا منافاة في ذلك.

ثمّ يشير إلى أربعة أحكام اخرى ، وبهذه الطريقة يكمل البناء الروحي للإنسان فيقول:( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ٤٥١.

١٤٧

تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

هذه الأوامر الأربعة (الصلاة ، الزكاة ، القروض المستحبة ، الاستغفار) مع الأمر بالقراءة والتدبر في القران الذي ورد من قبل تشكّل بمجموعها منهجا للبناء الروحي ، وهذا مهم للغاية بالخصوص لمن كان في عصر صدر الإسلام.

والمراد من «الصلاة» هنا الصلوات الخمس المفروضة ، والمراد من «الزكاة» الزكاة المفروضة ومن إقراض الله تعالى هو إقراض الناس ، وهذه من أعظم العبارات المتصورة في هذا الباب ، فإنّ مالك الملك يستقرض بمن لا يملك لنفسه شيئا ، ليرغبهم بهذه الطريقة للإنفاق والإيثار واكتساب الفضائل منها وليتربى ويتكامل بهذه الطريقة.

وذكر «الاستغفار» في آخر هذه الأوامر يمكن أن يكون إشارة إلى هذا المعنى وإيّاكم والغرور إذا ما أنجزتم هذه الطاعات ، وبأنّ تتصوروا بأنّ لكم حقّا على الله ، بل اعتبروا أنفسكم مقصرين على الدوام واعتذروا لله.

ويرى البعض أنّ التأكيد على هذه الأوامر هو لئلا يتصور المسلّم أنّ التخفيف سار على جميع المناهج والأوامر الدينية كما هو الحال في التخفيف الذي امر به النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه في قيام وقراءة القرآن ، بل إنّ المناهج والأوامر الدينية باقية على متانتها وقوّتها(١) .

وقيل إنّ ذكر الزكاة المفروضة في هذه الآية هو دليل آخر على مدنيّة هذه الآية ، لأنّ حكم الزكاة نزل بالمدينة وليس في مكّة ، ولكن البعض قال : إنّ حكم الزكاة نزل في مكّة من غير تعيين نصاب ومقدار لها ، والذي فرض بالمدينة تعيين الأنصاب والمقادير.

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ١٥٦.

١٤٨

ملاحظات

١ ـ ضرورة الاستعداد العقائدي والثقافي

لغرض إيجاد ثورة واسعة في جميع الشؤون الحياتية أو إنجاز عمل اجتماعي ذي أهمية لا بدّ من وجود قوّة عزم بشرية قبل كل شيء ، وذلك مع الإعتقاد الراسخ ، والمعرفة الكاملة ، والتوجيه والفكري والثقافي الضروري والتربوي ، والتربية الأخلاقية ، وهذا ما قام به النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكّة في السنوات الاولى للبعثة ، بل في مدّة حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولوجود هذا الأساس المتين للبناء أخذ الإسلام بالنمو السريع والرشد الواسع من جميع الجهات.

وما جاء في هذه السورة هو نموذج حي ومنطقي لهذا المنهج المدروس ، فقد خلّف القيام لثلثي الليل أو ثلثه وقراءة القرآن والتمعن فيه أثرا بالغا في أرواح المؤمنين ، وهيأهم لقبول القول الثقيل والسبح الطويل ، وتطبيق هذه الأوامر التي هي أشدّ وطأ وأقوم قيلا كما يعبّر عنه القرآن ، هي التي أعطتهم هذه الموفقية ، وجهزت هذه المجموعة المؤمنة القليلة ، والمستضعفة والمحرومة بحيث أهلتهم لإدارة مناطق واسعة من العالم ، وإذا ما أردنا نحن المسلمين إعادة هذه العظمة والقدرة القديمة علينا أن نسلك هذا الطريق وهذا المنهج ، ولا يجب علينا إزالة حكومة الصهاينة بالاعتماد على أناس عاجزين وضعفاء لم يحصلوا على ثقافة أخلاقية.

٢ ـ قراءة القرآن والتفكر

يستفاد من الرّوايات الإسلامية أنّ فضائل قراءة القرآن ليس بكثرة القراءة ، بل في حسن القراءة والتدبر والتفكر فيها ، ومن الطريف أنّ هناك رواية

وردت عن الإمام الرضاعليه‌السلام في تفسير ذيل الآية :( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) رواها عن

١٤٩

جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما تيسّر منه لكم فيه خشوع القلب وصفاء السر»(١) ، لم لا يكون كذلك والهدف الأساس للقراءة هو التعليم والتربية.

والرّوايات في هذا المعنى كثيرة.

٣ ـ السعي للعيش كالجهاد في سبيل الله

كما عرفنا من الآية السابقة فإنّ السعي لطلب الرزق جعل مرادفا للجهاد في سبيل الله ، وهذا يشير إلى أنّ الإسلام يعير أهمية بالغه لهذا الأمر ، ولم لا يكون كذلك فلأمّة الفقيرة والجائعة المحتاجة للأجنبي لا يمكن لها أن تحصل على الاستقلال والرفاه ، والمعروف أنّ الجهاد الاقتصادي هو قسم من الجهاد مع الأعداء ، وقد نقل في هذا الصدد قول عن الصحابي المشهور عبد الله بن مسعود : «أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان عند الله بمنزلة الشهداء» ثمّ قرأ :( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ ) (٢) .

اللهم! وفقنا للجهاد بكلّ أبعاده.

ربّنا! وفقنا لقيام الليل وقراءة القرآن الكريم وتهذيب أنفسنا بواسطة هذا النور السماوي.

ربّنا! منّ على مجتمعنا الإسلامي بمقام الرفعة والعظمة بالإلهام من هذه السورة العظيمة.

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة المزّمل

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٢.

(٢) مجمع البيان ، وتفسير أبي الفتوح ، وتفسير القرطبي ، ذيل الآية مورد البحث وقد نقل القرطبي حديثا عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشابه هذه الحديث ، فيستفاد من ذلك أنّ عبد الله بن مسعود قد ذكر الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس هو من قوله.

١٥٠
١٥١

سورة

المدّثّر

مكيّة

وعدد آياتها ستّ وخمسون آية

١٥٢

«سورة المدّثّر»

محتوى السورة :

لا شك أنّ هذه السورة هي من السور المكّية ولكن هناك تساؤل عن أنّ هذه السورة هل هي الاولى النازلة على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم نزلت بعد سورة العلق؟

يتّضح من التمعن في محتوى سورة العلق والمدثر أنّ سورة العلق نزلت في بدء الدعوة ، وأنّ سورة المدثر نزلت في زمن قد امر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه بالدعوة العلنية ، وانتهاء فترة الدعوة السرّية ، لذا قال البعض أنّ سورة العلق هي أوّل سورة نزلت في صدر البعثة ، والمدثر هي السورة الاولى التي نزلت بعد الدعوة العلنية ، وهذا الجمع هو الصحيح.

ومهما يكن فإنّ سياق السور المكّية التي تشير إلى الدعوة وإلى المبدأ والمعاد ومقارعة الشرك وتهديد المخالفين وإنذارهم بالعذاب الإلهي واضح الوضوح في هذه السورة.

يدور البحث في هذه السورة حول سبعة محاور وهي :

١ ـ يأمر الله تعالى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإعلان الدعوة العلنية ، ويأمر أن ينذر المشركين ، وتمسك بالصبر والاستقامة في هذا الطريق والاستعداد الكامل لخوض هذا الطريق.

٢ ـ تشير إلى المعاد وأوصاف أهل النّار الذين واجهوا القرآن بالتكذيب والإعراض عنه.

١٥٣

٣ ـ الإشارة إلى بعض خصوصيات النّار مع إنذار الكافرين.

٤ ـ التأكيد على المعاد بالأقسام المكررة.

٥ ـ ارتباط عاقبة الإنسان بعمله ، ونفي كل أنواع التفكر غير المنطقي في هذا الإطار.

٦ ـ الإشارة إلى قسم من خصوصيات أهل النّار وأهل الجنّة وعواقبهما.

٧ ـ كيفية فرار الجهلة والمغرورين من الحقّ.

فضيلة السورة :

ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ سورة المدثر اعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بمحمّد وكذب به بمكّة»(١) .

وورد في حديث آخر عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : «من قرأ في الفريضة سورة المدثر كان حقّا على الله أن يجعله مع مجمّد في درجته ، ولا يدركه في حياة الدنيا شقاء أبدا»(٢)

وبديهي أنّ هذه النتائج العظيمة لا تتحقق بمجرّد قراءة الألفاظ فحسب ، بل لا بدّ من التمعن في معانيها وتطبيقها حرفيا.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٣.

(٢) المصدر السابق.

١٥٤

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) )

التّفسير

قم وانذر النّاس :

لا شك من أنّ المخاطب في هذه الآيات هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن لم يصرح باسمه ، ولكن القرائن تشير إلى ذلك ، فيقول أوّلا :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ ) فلقد ولى زمن النوم الاستراحة ، وحان زمن النهوض والتبليغ ، وورد التصريح هنا بالإنذار مع أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبشر ونذير ، لأنّ الإنذار له أثره العميق في إيقاظ الأرواح النائمة خصوصا في بداية العمل.

وأورد المفسّرون احتمالات كثيرة عن سبب تدثرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته إلى القيام والنهوض.

١ ـ اجتمع المشركون من قريش في موسم الحج وتشاور الرؤساء منهم

١٥٥

كأبي جهل وأبي سفيان والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وغيرهم في ما يجيبون به عن أسئلة القادمين من خارج مكّة وهم يناقشون أمر النّبي الذي قد ظهر بمكّة ، وفكروا في وأن يسمّي كلّ واحد منهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسم ، ليصدوا الناس عنه ، لكنّهم رأوا في ذلك فساد الأمر لتشتت أقوالهم ، فاتفقوا في أن يسمّوه ساحرا ، لأنّ أحد آثار السحرة الظاهرة هي التفريق بين الحبيب وحبيبه ، وكانت دعوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أثّرت هذا الأثر بين الناس! فبلغ ذلك النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتأثر واغتم لذلك ، فأمر بالدثار وتدثر ، فأتاه جبرئيل بهذه الآيات ودعاه إلى النهوض ومقابلة الأعداء.

٢ ـ إنّ هذه الآيات هي الآيات الأولى التي نزلت على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما نقله جابر بن عبد الله قال : جاوزت بحراء فلمّا قضيت جواري نوديت يا محمّد ، أنت رسول الله ، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ، ونظرت خلفي فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فملئت منه رعبا ، فرجعت إلى خديجة وقلت : «دثروني دثروني ، واسكبوا عليّ الماء البارد» ، فنزل جبرئيل بسورة :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) .

ولكن بلحاظ أن آيات هذه السورة نظرت للدعوة العلنية ، فمن المؤكّد أنّها نزلت بعد ثلاث سنوات من الدعوة الخفية ، وهذا لا ينسجم والروية المذكورة ، إلّا أن يقال بأنّ بعض الآيات التي في صدر السورة قد نزلت في بدء الدعوة ، والآيات الأخرى مرتبطة بالسنوات التي تلت الدعوة.

٣ ـ إنّ النّبي كان نائما وهو متدثر بثيابه فنزل عليه جبرائيلعليه‌السلام موقظا إيّاه ، ثمّ قرأ عليه الآيات أن قم واترك النوم واستعد لإبلاغ الرسالة.

٤ ـ ليس المراد بالتدثر التدثر بالثياب الظاهرية ، بل تلبسهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوّة والرسالة كما قيل في لباس التقوى.

١٥٦

٥ ـ المراد به اعتزالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانزواؤه واستعد لإنذار الخلق وهداية العباد(١) والمعني الأوّل هو الأنسب ظاهرا.

ومن الملاحظ أنّ جملة (فانذر) لم يتعين فيها الموضوع الذي ينذر فيه ، وهذا يدل على العمومية ، يعني إنذار الناس من الشرك وعبادة الأصنام والكفر والظلم والفساد ، وحول العذاب الإلهي والحساب المحشر إلخ (ويصطلح على ذلك بأن حذف المتعلق يدل على العموم). ويشمل ضمن ذلك العذاب الدنيوي والعذاب الاخروي والنتائج السيئة لأعمال الإنسان التي سيبتلى بها في المستقبل.

ثم يعطي للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة أوامر مهمّة بعد الدعوة إلى القيام والإنذار ، تعتبر منهاجا يحتذي به الآخرون ، والأمر الأوّل هو في التوحيد ، فيقول :( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) (٢) .

ذلك الربّ الذي هو مالكك مربيك ، وجميع ما عندك فمنه تعالى ، فعليك أن تضع غيره في زاوية النسيان وتشجب على كلّ الآلهة المصطنعة ، وامح كلّ آثار الشرك وعبادة الأصنام.

ذكر كلمة (ربّ) وتقديمها على (كبّر) الذي هو يدل على الحصر ، فليس المراد من جملة «فكبر» هو (الله أكبر) فقط ، مع أنّ هذا القول هو من مصاديق التكبير كما ورد من الرّوايات ، بل المراد منه أنسب ربّك إلى الكبرياء والعظمة اعتقادا وعملا ، قولا فعلا وهو تنزيهه تعالى من كلّ نقص وعيب ، ووصفه

__________________

(١) أورد الفخر الرازي هذه التفاسير الخمسة بالإضافة إلى احتمالات أخرى في تفسيره الكبير ، واقتبس منه البعض الآخر من المفسّرين (تفسير الفخر الرازي ، ج ٣٠ ، ص ١٨٩ ـ ١٩٠).

(٢) الفاء من (فكبر) زائدة للتأكيد بقول البعض ، وقيل لمعنى الشرط ، والمعنى هو : لا تدع التكبير عند كلّ حادثة تقع ، (يتعلق هذا القول بالآيات الاخرى الآتية أيضا).

١٥٧

بأوصاف الجمال ، بل هو أكبر من أن يوصف ، ولذا ورد في الرّوايات عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام في معنى الله أكبر : «الله أكبر من أن يوصف» ، ولذا فإنّ التكبير له مفهوم أوسع من التسبيح الذي هو تنزيهه من كل عيب ونقص.

ثمّ صدر الأمر الثّاني بعد مسألة التوحيد ، ويدور حول الطهارة من الدنس فيضيف :( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) ، التعبير بالثوب قد يكون كناية عن عمل الإنسان ، لأنّ عمل الإنسان بمنزلة لباسه ، وظاهره مبين لباطنه ، وقيل المراد منه القلب والروح ، أي طهر قلبك وروحك من كلّ الأدران ، فإذا وجب تطهير الثوب فصاحبه اولى بالتطهير.

وقيل هو اللباس الظاهر ، لأنّ نظافة اللباس دليل على حسن التربية والثقافة ، خصوصا في عصر الجاهلية حيث كان الاجتناب من النجاسة قليلا وإن ملابسهم وسخة غالبا ، وكان الشائع عندهم تطويل أطراف الملابس (كما هو شائع في هذا العصر أيضا) بحيث كان يسحل على الأرض ، وما ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في معنى أنّه : «ثيابك فقصر»(١) ، ناظر إلى هذا المعنى.

وقيل المراد بها الأزواج لقوله تعالى :( هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ ) (٢) ، والجمع بين هذه المعاني ممكن ، والحقيقة أنّ الآية تشير إلى أنّ القادة الإلهيين يمكنهم إبلاغ الرسالة عند طهارة جوانبهم من الأدران وسلامة تقواهم ، ولذا يستتبع أمر إبلاغ الرسالة ولقيام بها أمر آخر ، هو النقاء والطهارة.

ويبيّن تعالى الأمر الثّالث بقوله :( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) المفهوم الواسع للرجز كان سببا لأن تذكر في تفسيره أقوال مختلفة ، فقيل : هو الأصنام ، وقيل : المعاصي ، وقيل : الأخلاق الرّذيلة الذميمة ، وقيل : حبّ الدنيا الذي هو رأس كلّ خطيئة ، وقيل هو العذاب الإلهي النازل بسبب الترك والمعصية ، وقيل : كل ما يلهي

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٥.

(٢) البقرة ، ١٨٧.

١٥٨

عن ذكر الله.

والأصل أنّ معنى «الرجز» يطلق على الاضطراب والتزلزل(١) ثمّ اطلق على كل أنواع الشرك ، عبادة الأصنام ، والوساوس الشيطانية والأخلاق الذميمة والعذاب الإلهي التي تسبب اضطراب الإنسان ، فسّره البعض بالعذاب(٢) ، وقد اطلق على الشرك والمعصية والأخلاق السيئة وحبّ الدّنيا تجلبه من العذاب.

وما تجدر الإشارة إليه أنّ القرآن الكريم غالبا ما استعمل لفظ «الرجز» بمعنى العذاب(٣) ، ويعتقد البعض أنّ كلمتي الرجز والرجس مرادفان(٤) .

وهذه المعاني الثلاثة ، وإن كانت متفاوتة ، ولكنّها مرتبطة بعضها بالآخر ، وبالتالي فإنّ للآية مفهوما جامعا ، وهو الانحراف والعمل السيء ، وتشمل الأعمال التي لا ترضي اللهعزوجل ، والباعثة على سخر الله في الدنيا والآخرة ، ومن المؤكّد أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد هجر واتقى ذلك حتى قبل البعثة ، وتاريخه الذي يعترف به العدو والصديق شاهد على ذلك ، وقد جاء هذا الأمر هنا ليكون العنوان الأساس في مسير الدعوة إلى الله ، وليكون للناس أسوة حسنة.

ويقول تعالى في الأمر الرّابع :( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) .

هنا التعلق محذوف أيضا ، ويدل على سعة المفهوم كليته ، ويشمل المنّة على الله والخلائق ، أي فلا تمنن على الله بسعيك واجتهادك ، لأنّ الله تعالى هو الذي منّ عليك بهذا المقام المنيع.

ولا تستكثر عبادتك وطاعتك وأعمالك الصالحة ، بل عليك أن تعتبر نفسك مقصرا وقاصرا ، واستعظم ما وفقت إليه من العبادة.

__________________

(١) مفردات الراغب.

(٢) الميزان ، في ظلال القرآن.

(٣) راجع الآيات ، ١٣٤ ـ ١٣٥ من سورة الأعراف ، والآية ٥ من سورة سبأ ، والآية ١١ من سورة الجاثية ، والآية ٥٩ من سورة البقرة ، والآية ١٦٢ من سورة الأعراف ، والآية ٣٤ من سورة العنكبوت.

(٤) وذكر ذلك في تفسير الفخر الرازي بصورة احتمال ، ج ٣٠ ، ص ١٩٣.

١٥٩

وبعبارة أخرى : لا تمنن على الله بقيامك بالإنذار ودعوتك إلى التوحيد وتعظيمك لله وتطهيرك ثيابك وهجرك الرجز ، ولا تستعظم كل ذلك ، بل أعلم أنّه لو قدمت خدمة للناس سواء في الجوانب المعنوية كالإرشاد والهداية ، أم في الجوانب المادية كالإنفاق والعطاء فلا ينبغي أن تقدمها مقابل منّة ، أو توقع عوض أكبر ممّا أعطيت ، لأنّ المنّة تحبط الأعمال الصالحة :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ) (١) .

«لا تمنن» من مادة «المنّة» وتعني في هذه الموارد الحديث عن تبيان أهمية النعم المعطاة للغير ، وهنا يتّضح لنا العلاقة بينه وبين الاستكثار ، لأنّ من يستصغر عمله لا ينتظر المكافأة ، فكيف إذن بالاستكثار ، فإنّ الامتنان يؤدي دائما إلى الاستكثار ، وهذا ممّا يزيل قيمة النعم ، وما جاء من الرّوايات يشير لهذا المعنى : «لا تعط تلتمس أكثر منها»(٢) كما جاء في حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير الآية : «لا تستكثر ما عملت من خير لله»(٣) وهذا فرع من ذلك المفهوم.

ويشير في الآية الأخرى إلى الأمر الأخير في هذا المجال فيقول :( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) ، ونواجه هنا مفهوما واسعا عن الصبر الذي يشمل كلّ شيء ، أي اصبر في طريق أداء الرسالة ، واصبر على أذى المشركين الجهلاء ، واستقم في طريق عبودية الله وطاعته ، واصبر في جهاد النفس وميدان الحرب مع الأعداء.

ومن المؤكّد أنّ الصبر هو ضمان لإجراء المناهج السابقة ، والمعروف أنّ الصبر هو الثروة الحقيقية لطريق الإبلاغ والهداية ، وهذا ما اعتمده القرآن الكريم

__________________

(١) البقرة ، ٢٦٤.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٥٤ ، وتفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٠.

(٣) المصدر السابق.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وكذا لو طلق امرأة وأراد نكاح أختها.

ولو تزوجهما في عقد بطل وقيل: يتخير، والرواية مقطوعة.

ولو كان معه ثلاث فتزوج اثنتين في عقد، فإن سبق بإحداهما صح دون اللاحقة، وإن قرن بينهما بطل فيهما.

وقيل يتخير أيتهما شاء.

وفي رواية جميل لو تزوج خمسا في عقد واحد يتخير أربعا ويخلى باقيهن.

وإذا استكملت الحرة طلقات ثلاثا حرمت حتى تنكح زوجا غيره، ولو كانت تحت عبد.

وإذا استكملت الامة طلقتين حرمت حتى تنكح زوجا غيره، ولو كانت تحت حر.

والمطلقة تسعا للعدة تحرم على المطلق أبدا.

(السبب الخامس) اللعان.

ويثبت به التحريم المؤبد.

وكذا قذف الزوج امرأته الصماء أو الخرساء بما يوجب اللعان (السبب السادس) الكفر.

ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعا.

وفي الكتابية قولان: أظهرهما: أنه لا يجوز غبطة.

ويجوز متعة، وبالملك في اليهودية والنصرانية.

وفي المجوسية قولان، أشبههما: الجواز.

ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال.

ولو كان بعد الدخول وقف على انقضاء العدة إلا أن يكون الزوج مولودا على الفطرة فإنه لا يقبل عوده وتعتد زوجته عدة الوفاة.

وإذا أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه،.

سواء كان قبل الدخول أو بعده.

ولو أسلمت زوجته دونه، انفسخ في الحال، إن كان قبل الدخول ووقف على انقضاء العدة إن كان بعده.

وقيل: إن كان بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا ولا يمكن من الدخول عليها ليلا، ولا من الخلوة بها نهارا وغير الكتابيين يقف على انقضاء العدة بإسلام أيهما اتفق.

١٨١

ولو أسلم الذمى وعنده أربع فما دون لم يتخير.

ولو كان عنده أكثر من أربع تخير أربعا.

وروى عمار عن أبى عبداللهعليه‌السلام : أن إباق العبيد بمنزلة الارتداد.

فإن رجع والزوجة في العدة فهو أحق بها وإن خرجت من العدة فلا سبيل له عليها، وفي الرواية ضعف.

مسائل سبع: (الاولى) التساوى في الاسلام شرط في صحة العقد.

وهل يشترط التساوى في الايمان؟ الاظهر: لا، لكنه يستحب ويتأكد في المؤمنة.

نعم لا يصح نكاح الناصب ولا الناصبة بالعداوة لاهل البيتعليهم‌السلام .

ولا يشترط تمكن الزوج من النفقة.

ولا يتخير الزوجة لو تجدد العجز عن الانفاق.

ويجوز نكاح الحرة العبد، والهاشمية غير الهاشمى، والعربية العجمى وبالعكس.

وإذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجب إجابته وإن كان أخفض نسبا، وإن منعه الولى كان عاصيا.

ويكره أن يزوج الفاسق ويتأكد في شارب الخمر، وان تزوج المؤمنة المخالف.

ولا بأس بالمستضعف والمستضعفة ومن لا يعرف بعناد.

(الثانى) إذا انتسب إلى قبيلة وبان من غيرها ففى رواية الحلبى: تفسخ النكاح.

(الثالث) إذا تزوج امرأة ثم علم أنها كانت زنت فليس له الفسخ ولا الرجوع على الولى بالمهر.

وفي رواية لها الصداق بما استحل من فرجها، ويرجع به على الولى، وإن شاء تركها.

١٨٢

(الرابعة) لا يجوز التعريض بالخطبة لذات العدة الرجعية ويجوز في غيرها،.

يحرم التصريح في الحالين.

(الخامسة) إذا خطب فأجابت كره لغيره خطبتها ولا تحرم.

(السادسة) نكاح الشغار باطل وهو أن تتزوج امرأتان برجلين، على أن مهر كل واحدة نكاح الاخرى.

(السابعة) يكره العقد على القابلة المربية وبنتها،.

وأن يزوج ابنه بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته لها: ولا بأس بمن ولدتها قبل ذلك.

وأن يتزوج بمن كانت صرة لامه مع غير أبيه.

ويكره الزانية قبل أن تتوب.

القسم الثانى: في النكاح المنقطع والنظر في أركانه وأحكامه: وأركانه أربعة: (الاول) الصيغة.

وهو ينعقد بأحد الالفاظ الثلاثة خاصة(١) .

وقال (علم الهدى): ينعقد في الاماء بلفظ الاباحة والتحليل.

(الثانى) الزوجة: ويشترط كونها مسلمة أو كتابية.

ولا يصح بالمشركة والناصبة.

يستحب اختيار المؤمنة العفيفة وأن يسألها عن حالها مع التهمة وليس شرطا.

يكره بالزانية وليس شرطا.

أن يستمتع ببكر ليس لها أب، فإن فعل فلا يفتضها.

وليس محرما.

ولا حصر في عددهن.

يحرم أن يستمتع أمة على حرة إلا بإذنها، وأن يدخل على المرأة بنت أخيها أو بنت أختها ما لم تأذن.

____________________ ___

(١) وهى زوجتك، وأنكحتك، ومتعتك.

١٨٣

(الثالث) المهر وذكره شرط ويكفى فيه المشاهدة، ويتقدر بالتراضى ولو بكف من بر(١) .

ولو لم يدخل ووهبها المدة فلها النصف ويرجع بالنصف عليها لو كان دفع المهر وإذا دخل استقر المهر تماما.

ولو أخلت بشئ من المدة قاصها.

ولو بان فساد العقد فلا مهر إن لم يدخل.

ولو دخل فلها ما أخذت وتمنع ما بقى.

والوجه أنها تستوفيه مع جهالتها ويستعاد منها مع علمها.

ولو قيل بمهر المثل مع الدخول وجهلها كان حسنا.

(الرابع) الاجل.

وهو شرط في العقد.

ويتقدر بتراضيهما كاليوم والسنة والشهر ولابد من تعيينه.

ولا يصح ذكر المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر.

وفيه رواية بالجواز، فيها ضعف.

وأما الاحكام فمسائل: (الاولى) الاخلال بذكر المهر مع ذكر الاجل يبطل العقد.

وذكر المهر من دون الاجل يقلبه دائما.

(الثانية) لا حكم للشروط قبل العقد. ويلزم لو ذكرت فيه.

(الثالثة) يجوز اشتراط إثباتها ليلا أو نهارا وألا يطأها في الفرج، ولو رضيت به بعد العقد جاز.

والعزل من دون إذنها.

ويلحق الولد وإن عزل، لكن لو نفاه لم يحتج إلى اللعان.

(الرابعة) لا يقع بالمتعة طلاق إجماعا. ولا لعان على الاظهر. ويقع الظهار على تردد.

(الخامسة) لا يثبت بالمتعة ميراث بين الزوجين(٢) .

وقال المرتضى: يثبت، ما لم يشترط السقوط. نعم لو شرط الميراث لزم.

(السادسة) إذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الاشهر.

____________________ ___

(١) في صحيح مسلم عن جابر: (كنا نستمتع بالقضية من التمر والدقيق على عهد رسول الله صلى عليه وسلم..) وأبى بكر حتى نهى عمر في شأن عمرو بن حريث.

(٢) من شرائع الاسلام اه‍ وأما النسبة للولد فإنه يرثهما ويرثانه من غير خلاف.

١٨٤

وإن كانت ممن تحيض ولم تحض فخمسة وأربعون يوما.

ولو مات عنها ففى العدة روايتان أشبههما: أربعة أشهر وعشرة أيام.

(السابعة - لا يصح تجديد العقد قبل انقضاء الاجل.

ولو أراده وهبها ما بقى من المدة واستأنف.

القسم الثالث: في نكاح الاماء والنظر إما في العقد وإما في الملك.

أما العقد فليس للعبد ولا للامة أن يعقدا لانفسهما نكاحا ما لم يأذن المولى.

ولو بادر أحدهما ففى وقوفه على الاجازة قولان، ووقوفه على الاجازة أشبه.

وإن أذن المولى ثبت في ذمة مولى العبد المهر والنفقة، ويثبت لمولى الامة المهر.

ولو لم يأذنا فالولد لهما.

ولو أذن أحدهما كان للآخر.

وولد المملوكين رق لمولاهما.

ولو كانا لاثنين فالولد بينهما بالسوية ما لم يشترطه أحدهما.

وإذا كان أحد الابوين حرا فالولد حر إلا أن يشترط المولى رقيته، على تردد.

ولو تزوج الحر أمة من غير إذن مالكها، فإن وطئها قبل الاجازة عالما فهو زان والولد رق للمولى وعليه الحد والمهر.

ويسقط الحد لو كان جاهلا دون المهر، ويلحقه الولد: وعليه قيمته يوم سقط حيا.

وكذا لو ادعت الحرية فتزوجها على ذلك.

وفي رواية: يلزمه بالوطء عشر القيمة إن كانت بكرا، ونصف العشر لو كانت ثيبا.

ولو أولدها فكهم بالقيمة.

ولا عجز سعى في قيمتهم، ولو أبى عن السعى قيل: يفديهم الامام وفي المستند ضعف.

ولو لم يدخل بها فلا مهر.

١٨٥

ولو تزوجت الحرة عبدا مع العلم فلا مهر وولدها رق، ومع الجهل يكون الولد حرا ولا يلزمها قيمته.

ويلزم العبد مهرها إن لم يكن مأذونا ويتبع به إذا تحرر.

ولو تسافح المملوكان فلا مهر والولد رق لمولى الامة وكذا لو زنى بها الحر.

ولو اشترى الحر نصيب أحد الشريكين من زوجته بطل عقده.

ولو أمضى الشريك العقد لم يحل وطؤها، وبالتحليل رواية فيها ضعف.

وكذا لو كان بعضها حرا، أولوها يأها مولاها على الزمان ففى جواز العقد عليها متعة في زمانها تردد، أشبهه: المنع.

ويستحب لمن زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا ولو مات المولى كان للورثة الخيار في الاجازة والفسخ، ولا خيار للامة.

ثم الطوارئ ثلاثة: العتق، والبيع، والطلاق.

أما العتق: فإذا أعتقت الامة تخيرت في فسخ نكاحها وإن كان الزوج حرا على الاظهر.

ولا خيرة للعبد لو أعتق ولا لزوجته ولو كانت حرة.

وكذا تتخير الامة لو كانا لمالك فأعتقا أو أعتقت.

ويجوز أن يتزوجها ويجعل العتق صداقها.

ويشترط تقديم لفظ (التزويج) في العقد.

وقيل: يشترط تقديم العتق.

وأم الولد رق وإن كان ولدها باقيا.

ولو مات جاز بيعها.

وتنعتق بموت المولى من نصيب ولدها.

ولو عجز النصيب سعت في المتخلف.

ولا يلزم الولد السعى على الاشبه.

وتباع مع وجود الولد في ثمن رقبتها إن لم يكن غيرها.

١٨٦

ولو اشترى الامة نسيئة فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها فحملت ثم مات ولم يترك ما يقوم بثمنها فالاشبه: أن العتق لا يبطل ولا يرق الولد.

وقيل: تباع في ثمنها ويكون حملها كهيئتها لرواية هشام بن سالم.

وأما البيع: فإذا بيعت ذات البعل تخير المشترى في الاجازة والفسخ تخيرا على الفور وكذا لو بيع العبد وتحته أمة.

وكذا قيل لو كان تحته حرة لرواية فيها ضعف.

ولو كانا لمالك فباعهما لاثنين فلكل منهما الخيار.

وكذا لو باع أحدهما لم يثبت العقد ما لم يرض كل واحد منهما.

ويملك المولى المهر بالعقد.

فإن دخل الزوج استقر، ولا يسقط لو باع.

أما لو باع قبل الدخول سقط.

فإن أجاز المشترى كان المهر له، لان الاجازة كالعقد.

وأما الطلاق: فإذا كانت زوجة العبد حرة أو أمة لغير مولاه فالطلاق بيده وليس لمولاه إجباره.

ولو كانت أمة لمولاه كان التفريق إلى المولى، ولا يشترط لفظ الطلاق.

النظر الثانى في الملك: وهو نوعان: (الاول) ملك الرقبة ولا حصر في النكاح به.

وإذا زوج أمته حرمت عليه وطئا ولمسا ونظرا بشهوة ما دامت في العقد.

وليس للمولى انتزاعها.

ولو باعها تخير المشترى دونه ولا يحل لاحد الشريكين وطأ المشتركة.

ويجوز ابتياع ذوات الازواج من أهل الحرب وأبنائهم وبناتهم.

ولو ملك الامة فأعتقها حل له وطؤها بالعقد وإن لم يستبرئها، ولا تحل لغيره حتى تعتد كالحرة.

ويملك الاب موطوء‌ة ابنه وإن حرم عليه وطؤها وكذا الابن.

١٨٧

(النوع الثانى): ملك المنفعة.

وصيغته أن يقول: أحللت لك وطأها أو جعلتك في حل من وطئها ولم يتعدهما الشيخ.

واتسع آخرون بلفظ الاباحة ومنع الجميع لفظ العارية.

وهل هو إباحة أو عقد؟ قال: (علم الهدى): هو عقد متعة.

وفي تحليل أمته لمملوكه تردد، ومساواته بالاجنبى أشبه.

ولو ملك بعض الامة فأحلته نفسها لم يصح.

وفي تحليل الشريك تردد والوجه: المنع.

ويستبيح ما يتناوله اللفظ.

فلو أحل التقبيل اقتصر عليه، وكذا اللمس.

لكن لو أحل الوطأ حل له ما دونه.

ولو أحل الخدمة لم يتعرض للوطء.

وكذا لا يستبيح بتحليل الوطء.

وولد المحللة حر.

فإن شرط الحرية في العقد فلا سبيل على الاب.

وإن لم يشترط ففى إلزامه قيمة الولد روايتان، أشبههما: أنه لا تلزم.

ولا بأس أن يطأ الامة وفي البيت غيره، وأن ينام بين أمتين.

ويكره في الحرائر.

وكذا يكره وطء الفاجرة ومن ولدت من الزنا.

ويلحق بالنكاح، النظر في أمور خمسة: (الاول) في العيوب والبحث في أقسامها وأحكامها: عيوب الرجل أربعة: الجنون والخصاء والعنن والجب.

وعيوب المرأة سبعة: الجنون والجذام والبرص والقرن والافضاء والعمى والاقعاد.

وفي الرتق تردد أشبهه: ثبوته عيبا لانه يمنع الوطء.

ولا ترد بالعور ولا بالزنا ولو حدت فيه، ولا بالعرج على الاشبه.

١٨٨

وأما الاحكام فمسائل: (الاولى) لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدد بعد الدخول.

وفي المتجدد بعد العقد تردد عدا العنن.

وقيل تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لاوقات الصلاة وإن تجدد (الثانية) الخيار فيه على الفور وكذا في تدليس.

(الثالثة) الفسخ فيه ليس طلاقا، فلا يطرد معه تنصيف المهر.

(الرابعة) لا يفتقر الفسخ بالعيوب إلى الحاكم، ويفتقر في العنن لضرب الاجل.

(الخامسة) إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر.

ولو فسخ بعده فلها المسمى ويرجع به الزوج على المدلس.

وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر إلا في العنن ولو كان بعده فلها المسمى.

ولو فسخت بالخصاء ثبت لها المهر مع الخلوة ويعذر.

(السادسة) لو ادعت عننه فأنكر فالقول قوله مع يمينه.

ومع ثبوته يثبت لها الخيار ولو كان متجددا، إذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا وعن وطء غيرها.

ولو ادعى الوطء فأنكرت، فالقول قوله مع يمينه.

(السابعة) إن صبرت مع العنن فلا بحث وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجلها سنة من حين الترافع.

فإن عجز عنها وعن غيرها فلها الفسخ ونصف المهر.

تتمة لو تزوج على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ.

فلا مهر لو لم يدخل ولو دخل فلها المهر على الاشبه ويرجع به على المدلس.

وقيل: لمولاها العشر أو نصف العشر إن لم يكن مدلسا.

١٨٩

وكذا تفسخ هي لو بان زوجها مملوكا.

ولا مهر قبل الدخول ولها المهر بعده.

ولو اشترط كونها بنت مهيرة فبانت بنت أمة فله الفسخ ولا مهر، ويثبت لو دخل.

ولو تزوج بنت مهيرة فأدخلت عليه بنت الامة ردها ولها المهر مع الوطأ للشبهة ويرجع به على من ساقها، وله زوجته.

ولو تزوج اثنان فأدخلت امرأة كل منهما على الآخر، كان لكل موطوء‌ة مهر المثل على الواطئ للشبهة وعليها العدة وتعاد إلى زوجها وعليه مهر ها الاصلى.

ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد.

وفي رواية ينقص مهرها.

(النظر الثانى) في المهر.

وفيه أطراف: (الطرف الاول) كل ما يملكه المسلم يكون مهرا، عينا كان أو دينا أو منفعه كتعليم الصنعة والسورة، ويستوى فيه الزوج والاجنبى.

أما لو جعلت المهر استئجاره مدة فقولان، أشبههما: الجواز.

ولا تقدير للمهر في القلة ولا في الكثرة على الاشبه بل يتقدر بالتراضى.

ولابد من تعيينه بالوصف أو الاشارة ويكفى المشاهدة عن كيله ووزنه.

ولو تزوجها على خادم فلم يتعين، فلها وسطه.

وكذا لو قال: دار أو بيت.

ولو قال على السنة كان خمسمائة درهم.

ولو سمى لها مهرا ولابيها شيئا سقط ما سمى له.

ولو عقد الذميان على خمر أو خنزير صح.

ولو أسلما أو أحدهما قبل القبض فلها (القيمة) عينا، أو مضمونا.

ولا يجوز عقد المسلم على الخمر ولو عقد صح.

ولها مع الدخول مهر المثل وقيل: يبطل العقد.

١٩٠

(الطرف الثانى) التفويض.

لا يشترط في الصحة ذكر المهر.

فلو أغفلة أو شرط ألا مهر لها فالعقد صحيح.

ولو طلق فلها المتعة قبل الدخول، وبعده لها مهر المثل.

ويعتبر في مهر المثل حالها في الشرف والجمال.

وفى المتعة حاله.

فالغنى يتمتع بالثوب المرتفع أو عشرة دنانير فأزيد.

والفقير بالخاتم أو الدرهم.

والمتوسط بينهما.

ولو جعل الحكم لاحدهما في تقدير المهر صح.

ويحكم الزوج بما شاء وإن قل.

وإن حكمت المرأة لم تتجاوز مهر السنة.

ولو مات الحاكم قبل الدخول وقبل الحكم فالمروى لها المتعة.

(الطرف الثالث) في الاحكام وهي عشرة: (الاول) تملك المرأة المهر بالعقد.

وينتصف بالطلاق.

ويستقر بالدخول وهو الوطؤ قبلا أو دبرا.

ولا يسقط معه لو لم يقبض، ولا يستقر بمجرد الخلوة على الاشهر.

(الثانى) قيل إذا لم يسم لها مهرا وقدم لها شيئا قبل الدخول كان ذلك مهرا ما لم يشترط غيره.

(الثالث) إذا طلق قبل الدخول رجع بالنصف إن كان أقبضها أو طالبت بالنصف إذا لم يكن أقبضها.

ولا يستعيد الزوج ما تجدد من النماء بين العقد والطلاق، متصلا كان، كاللبن أو منفصلا كالولد.

ولو كان النماء موجودا وقت العقد رجع بنصفه كالحمل.

ولو كان تعليم صنعة أو علم فعلمها رجع بنصف أجرته.

ولو أبرأته من الصداق رجع بنصفه.

١٩١

(الرابع) لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين.

وقيل يبطل التدبير بجعلها مهرا، وهو أشبه.

(الخامس) لو أعطاها عوض المهر متاعا أو عبدا آبقا وشيئا ثم طلق رجع بنصف المسمى دون العوض.

(السادس) إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع فسد الشرط دون العقد والمهر.

كما لو شرطت ألا يتزوج أو لا يتسرى.

وكذا لو شرطت تسليم المهر في أجل،.

فإن تأخر عنه فلا عقد.

أما لو شرطت ألا يفتضها صح، ولو أذنت بعده جاز.

ومنهم من حض جواز الشرط بالمتعة.

(السابع) لو شرط ألا (يخرجها) من بلدها لزم.

ولو شرط لها مائة إن خرجت معه، وخمسين إن لم تخرج، فإن أخرجها إلى بلد الشرك فلا شرط له ولزمته المائة.

وإن أرادها إلى بلد الاسلام فله الشرط.

(الثامن) لو اختلفا في أصل المهر فالقول قول الزوج مع يمينه ولو كان بعد الدخول، وكذا لو خلا فادعت المواقعة.

(التاسع) يضمن الاب مهر ولده الصغير إن لم يكن له مال وقت العقد، ولو كان له مال كان على الولد.

(العاشر) للمرأة أن تمتنع حتى تقبض مهرها.

وهل لها ذلك بعد الدخول؟ فيه قولان، أشبههما: أنه ليس لها ذلك.

(النظر الثالث) في القسم والنشوز والشقاق.

أما القسم: فللزوجة الواحدة ليلة، وللاثنين ليلتان، وللثلاث ثلاث.

والفاضل من الاربع له أن يضعه حيث شاء.

١٩٢

ولو كن أربعا فلكل واحدة ليلة.

ولا يجوز الاخلال إلا مع العذر أو الاذن والواجب المضاجعة لا المواقعة.

ويختص الوجوب بالليل دون النهار، وفي رواية الكرخى.

إنما عليه أن يكون عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها.

ولو اجتمعت مع الحرة أمة بالعقد فللحرة ليلتان وللامة ليلة، والكتابية كالامة.

ولا قسمة للموطوء‌ة بالملك.

ويختص البكر عند الدخول بثلاث إلى سبع، والثيب بثلاث.

ويستحب التسوية بين الزوجات في الانفاق وإطلاق الوجه والجماع، وأن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها.

وأما النشوز: فهو ارتفاع أحد الزوجين عن طاعة صاحبه فيما يجب له.

فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان وعظها، فإن لم ينجع هجرها في المضجع.

وصورته أن يوليها ظهره في الفراش.

فإن لم تنجع ضربها مقتصرا على ما يؤمل معه طاعتها ما لم يكن مبرحا.

ولو كان النشوز منه فلها المطالبة بحقوقها.

ولو تركت بعض ما يجب أو كله استمالة جاز له القبول.

وأما الشقاق: فهو أن يكره كل منهما صاحبه.

فإذا خشى الاستمرار بعث كل منهما حكما من أهله، ولو امتنع الزوجان بعثهما الحاكم، ويجوز أن يكونا أجنبيين.

وبعثهما تحكيم لا توكيل، فيصلحان إن اتفقا، ولا يفرقان إلا مع إذن الزوج في الطلاق والمرأة في البذل.

ولو اختلف الحكمان لم يمض لهما حكم.

١٩٣

(النظر الرابع) في أحكام الاولاد.

ولد الزوجة الدائمة يلحق به مع الدخول ومضى ستة أشهر من حين الوطء ووضعه لمدة الحمل أو أقل، وهي تسعة أشهر، وقيل عشرة أشهر وهو حسن، وقيل سنة وهو متروك.

فلو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر فولدت بعدها لم يلحق به.

ولو أنكر الدخول فالقول قوله مع يمينه.

ولو اعترف به ثم أنكر الولد لم ينتف عنه إلا باللعان.

ولو اتهمها بالفجور أو شاهد زناها لم يجز له نفيه.

ويلحق به الولد ولو نفاه إلا باللعان.

وكذا لو اختلفا في مدة الولادة.

ولو زنى بامرأة فأحبلها لم يجز إلحاقه به وإن تزوج بها.

وكذا لو أحبل أمة غيره بزنى ثم ملكها.

ولو طلق زوجته فاعتدت وتزوجت غيره وأتت بولد لدون ستة أشهر فهو للاول.

ولو كان لستة فصاعدا فهو للاخير.

ولو لم تتزوج فهو للاول ما لم يتجاوز أقصى الحمل، وكذا الحكم في الامة لو باعها بعد الوطء.

وولد الموطوء‌ة بالملك يلحق بالمولى ويلزمه الاقرار به.

لكن لو نفاه انتفى ظاهرا، ولا يثبت بينهما لعان.

ولو اعترف به بعد النفى ألحق به، وفي حكمه ولد المتعة.

وكل من أقر بولد ثم نفاه لم يقبل نفيه.

ولو وطئها المولى وأجنبي حكم به للمولى، فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظن أنه ليس منه لم يجز له إلحاقه ولا نفيه، بل يستحب أو يوصى له بشئ ولا يورثه ميراث الاولاد.

ولو وطئها البائع والمشترى فالولد للمشترى، إلا أن يقصر الزمان عن ستة أشهر.

١٩٤

ولو وطئها المشتركون فولدت وتداعوه أقرع بينهم وألحق بمن يخرج اسمه ويغرم حصص الباقين من قيمته وقيمة أمه.

ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل، ولا مع التهمة بالزنى.

والموطوء‌ة بالشبهة يلحق ولدها بالواطئ.

ولو تزوج امرأة لظنه خلوها من بعل فباتت محصنة ردت على الاول بعد الاعتداد من الثاني، وكانت الاولاد للواطئ مع الشرائط.

ويلحق بذلك أحكام الولادة، وسننها استبداد النساء بالمرأة وجوبا إلا مع عدمهن، ولا بأس بالزوج وإن وجدن.

ويستحب غسل المولود، والاذان في أذنه اليمنى، والاقامة في اليسرى، وتحنيكه بتربة الحسينعليه‌السلام ، وبماء الفرات، ومع عدمه بماء فرات، ولو لم يوجد إلا ماء ملح خلط بالعسل أو التمر.

ويستحب تسميته الاسماء المستحسنة(١) ، وأن يكنيه.

ويكره أن يكنى محمدا بأبى القاسم، وأن يسمى حكما، أو حكيما، أو خالدا، أو حارثا، أو مالكا، أو ضرارا.

ويستحب حلق راسه يوم السابع مقدما على العقيقة، والتصدق بوزن شعره ذهبا أوفضة، ويكره القنازع(٢) .

ويستحب ثقب أذنه وختانه فيه، ولو أخر جاز.

ولو بلغ وجب عليه الاختتان.

وخفض الجارية مستحب، وأن يعق عنه فيه أيضا ولا تجزئ الصدقة بثمنها ولو عجز توقع المكنة.

____________________ ___

(١) وأفضلها ما يتضمن العبودية لله سبحانه اه‍ شرائع الاسلام.

(٢) القرعة: الخصلة من الشعر تترك على الرأس.

وفى شرائع الاسلام: ويكره أن يحلق من رأسه موضع ويترك موضع وهى القنازع.

١٩٥

ويستحب فيها شروط الاضحية وأن تخص القابلة بالرجل والورك، ولو كانت ذمية أعطيت ثمن الربع.

ولو لم تكن قابلة تصدقت به الام، ولو لم يعق الوالد استحب للولد إذا بلغ ولو مات الصبي في السابع قبل الزوال سقطت، ولو مات بعد الزوال لم يسقط لاستحباب.

ويكره أن يأكل منها الوالدان، وأن يكسر شئ من عظامها، بل يفصل مفاصل الاعضاء.

ومن التوابع: الرضاع والحضانة وأفضل ما رضع لبن أمه.

ولا تجبر الحرة على إرضاع ولدها ويجبر الامة مولاها.

وللحرة الاجرة على الاب إن اختارت إرضاعه، وكذا لو أرضعته خادمتها.

ولو كان الاب ميتا، فمن مال الرضيع.

ومدة الرضاع حولان.

ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهرا لا أقل، والزيادة بشهر أو بشهرين لا أكثر.

ولا يلزم الوالد أجرة ما زاد عن حولين.

والام أحق بإرضاعه إذا تطوعت أو قنعت بما تطلب غيرها، ولو طلبت زيادة عن ما قنع غيرها فللاب نزعه واسترضاع غيرها.

وأما الحضانة: فالام أحق بالولد بمدة الرضاع إذا كانت حرة مسلمة.

وأذا فصل فالحرة أحق بالبنت إلى سبع سنين، وقيل إلى تسع سنين.

والاب أحق بالابن.

ولو تزوجت الام سقطت حضانتها.

ولو مات الاب فالام أحق به من الوصى.

وكذا لو كان الاب مملوكا أو كافرا كانت الام الحرة أحق به ولو تزوجت.

فإن أعتق الاب فالحضانة له.

١٩٦

(النظر الخامس): في النفقات: وأسبابها ثلاثة: الزوجية، والقرابة، والملك.

أما الزوجية: فيشترط في وجوب نفقتها شرطان.

العقد الدائم، فلا نفقة لمستمتع بها، والتمكين الكامل، فلا نفقة لناشزة.

ولو امتنعت لعذر شرعي لم تسقط كالمرض والحيض وفعل الواجب.

أما المندوب: فإن منعها منه فاستمرت سقطت نفقتها، وتستحق الزوجة النفقة ولو كانت ذمية أو أمة.

وكذا تستحقها المطلقة الرجعية دون البائن والمتوفى عنها زوجها إلا أن تكون حاملا فتثبت نفقتها في الطلاق على الزوج حتى تضع، وفي الوفاة من نصيب الحمل على إحدى الروايتين(١) .

ونفقة الزوجة مقدمة على نفقة الاقارب وتقضى لو فاتت.

وأما القرابة: فالنفقة على الابوين والاولاد لازمة.

وفيمن علا من الآباء والامهات تردد، أشبهه اللزوم.

ولا تجب على غيرهم من الاقارب بل تستحب وتتأكد في الوارث.

ويشترط في الوجوب الفقر والعجز عن الاكتساب.

ولا تقدير للنفقة بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن.

ونفقة الولد على الاب، ومع عدمه أو فقره أب الاب وإن علا مرتبا، ومع عدمهم تجب على الام وآبائها الاقرب فالاقرب.

ولا تقضى نفقة الاقارب لو فاتت.

وأما المملوك فنفقته واجبة على مولاه، وكذا الامة.

____________________ ___

(١) وفى الحامل المتوفى عنها زوجها روايتان، أشهرهما: أنه لا نفقة لها، والاخرى ينفق عليها من نصيب ولدها اه‍ شرائع الاسلام.

١٩٧

ويرجع في قدر النفقة إلى عادة مماليك أمثال المولى.

ويجوز مخارجة(١) المملوك على شئ.

فما فضل يكون له، فإن كفاه وإلا أتمه المولى.

وتجب النفقة على البهائم المملوكة، فإن امتنع مالكها أجبر على بيعها أو ذبحها إن كانت مقصودة بالذبح.

____________________ ___

(١) المخارجة: هى ضرب خراج معلوم على الرفيق يؤديه كل يوم أو مدة مما يكتسبه اه‍.

١٩٨

كتاب الطلاق والنظر في أركانه وأقسامه ولواحقه: (الركن الاول) في المطلق

ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد.

فلا اعتبار بطلاق الصبي.

وفيمن بلغ عشرا رواية بالجواز فيها ضعف.

ولو طلق عنه الولى لم يقع إلا أن يبلغ فاسد العقد.

ولا يصلح طلاق المجنون، ولا السكران، ولا المكره، ولا المغضب، مع ارتفاع القصد.

(الركن الثاني) في المطلقة: ويشترط فيها الزوجية والدوام والطهارة من الحيض والنفاس، إذا كانت مدخولا بها، وزوجها حاضرا معها ولو كان غائبا صح.

وفي قدر الغيبة اضطراب، محصلة: انتقالها من طهر إلى آخر.

ولو خرج في طهر لم يقربها فيه صح طلاقها من غير تربص ولو اتفق في الحيض.

والمحبوس عن زوجته كالغائب.

ويشترط رابع وهو أن يطلق في طهر لم يجامعها فيه.

ويسقط اعتباره في الصغيرة واليائسة والحامل.

أما المسترابة(١) .

فإن تأخرت الحيضة صبرت ثلاثة أشهر ولا يقع طلاقها قبله وفي اشتراط تعين المطلقة تردد.

(الركن الثالث) في الصيغة: ويقتصر على (طالق) تحصيلا لموضع الاتفاق.

ولا يقع بخلية ولا برية، وكذا لو قال: اعتدى.

____________________ ___

(١) المسترابة: هى التى لا تحيض، وفى سنها من تحيض

١٩٩

ويقع لو قال هل طلقت فلانة فقال: نعم.

ويشترط تجريده عن الشرط والصفة.

ولو فسر الطلقة باثنين أو ثلاث صحت واحدة وبطل التفسير.

وقيل: يبطل الطلاق.

ولو كان المطلق يعتقد الثلاثة لزم(١) .

(الركن الرابع) في الاشهاد: ولابد من شاهدين يسمعانه(٢) .

ولا يشترط استدعاؤهما إلى السماع، ويعتبر فيهما العدالة، وبعض الاصحاب يكتفى بالاسلام.

ولو طلق ولم يشهد ثم أشهد، كان الاول لغوا ولا تقبل فيه شهادة النساء.

النظر الثاني في أقسامه: وينقسم إلى بدعة وسنة: فالبدعة طلاق الحائض مع الدخول وحضور الزوج أو غيبته دون المدة المشترطة وفي طهر قد قربها فيه.

وطلاق الثلاث المرسلة(٣) .

وكله لا يقع.

وطلاق السنة ثلاث: بائن، ورجعي، وللعدة.

فالبائن ما لا يصح معه الرجعة.

وهو طلاق اليائسة على الاظهر.

ومن لم يدخل بها والصغيرة والمختلعة والمبارأة ما لم ترجعا في البذل.

والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان والرجعى ما يصح معه الرجعة ولو لم يرجع.

وطلاق العدة ما يرجع فيه ويواقع ثم يطلق.

فهذه تحرم في التاسعة تحريما مؤبدا.

وما عداها تحرم في كل ثالثة حتى تنكح غيره.

وهنا مسائل خمسة: (الاولى) لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثلاثة.

____________________ ___

(١) لو كان المطلق من مذهب يرى وقوعه لزمه.

(٢) لقوله تعالى: (وأشهدوا ذوى عدل منكم) سورة الطلاق.

(٣) أى طلاق الثلاث من غير رجعة بينها، شرائع الاسلام.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313