المختصر النافع في فقه الامامية

المختصر النافع في فقه الامامية18%

المختصر النافع في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 313

المختصر النافع في فقه الامامية
  • البداية
  • السابق
  • 313 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80196 / تحميل: 7062
الحجم الحجم الحجم
المختصر النافع في فقه الامامية

المختصر النافع في فقه الامامية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ولو دفعها المالك بعد الاجتهاد فبان الآخذ غير مستحق أرتجعت.

فإن تعذر فلا ضمان على الدافع.

والعاملون، وهم جباة الصدقة.

والمؤلفة، وهم يستمالون إلى الجهاد بالاسهام في الصدقة وإن كانوا كفارا.

وفي الرقاب وهم المكاتبون والعبيد الذين تحت الشدة، ومن وجب عليه كفارة ولم يجد ما يعتق.

ولو لم يوجد مستحق جاز ابتياع العبد ويعتق.

والغارمون، وهم المدينون في غير معصية دون من صرفه في المعصية.

ولو جهل الامران قيل يمنع، وقيل لا، وهو أشبهه، ويجوز مقاصة المستحق بدين في ذمته، وكذا لو كان الدين على من يجب الانفاق عليه جاز القضاء عنه حيا وميتا.

وفي سبيل الله وهو كل ما كان قربة أو مصلحة، كالحج، والجهاد، وبناء القناطر، وقيل يختص بالجهاد.

وابن السبيل، وهو المنقطع به، ولو كان غنيا في بلده، والضيف.

ولو كان سفرهما معصية منعا.

وأما الاوصاف المعتبرة في الفقراء والمساكين.

فأربعة: الايمان: فلا يعطى منهم كافر، ولا مسلم غير محق.

وفي صرفها إلى المستضعف مع عدم العارف تردد، أشبهه: المنع وكذا في الفطرة، ويعطى أطفال المؤمنين.

ولو أعطى مخالف فريضة ثم استبصر، أعاد.

(والثاني) العدالة وقد اعتبرها قوم وهو أحوط.

واقتصر آخرون على مجانبة الكبائر.

(الثالث) ألا يكون ممن تجب نفقته كالابوين وإن علوا، والاولاد وإن نزلوا، والزوجة، والمملوك، ويعطى باقى الاقارب.

٦١

(الرابع) ألا يكون هاشميا، فإن زكاة غير قبيلته محرمه عليه دون زكاة الهاشمي، ولو قصر الخمس عن كفايته، جاز أن يقبل الزكاة ولو من غير الهاشمي.

وقيل لا يتجاوز قدر الضرورة، وتحل لمواليهم.

والمندوبة لا تحرم على هاشمي ولا غيره.

والذين يحرم عليهم الواجبة، ولد عبدالمطلب.

وأما اللواحق فمسائل: (الاولى) يجب دفع الزكاة إلى الامام إذا طلبها، ويقبل قول المالك لو ادعى الاخراج، ولو بادر المالك بإخراجها أجزأته.

ويستحب دفعها إلى الامام ابتداء، ومع فقده إلى الفقيه المأمون من الامامية، لانه أبصر بمواقعها.

(الثانية) يجوز أن يخص بالزكاة أحد الاصناف ولو واحدا.

وقسمتها على الاصناف أفضل. وإذا قبضها الامام أو الفقيه برئت ذمة المالك ولو تلفت.

(الثالثة) لو لم يجد مستحقا استحب عزلها والايصاء بها.

(الرابعة) لو مات العبد المبتاع من مال الزكاة ولا وارث له ورثته أرباب الزكاة، وفيه وجه آخر، وهذا أجود.

(الخامسة) أقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الاول، وقيل: ما يجب في الثاني، والاول أظهر، ولا حد للاكثر فخير الصدقة ما أبقت غنى.

(السادسة) يكره أن يملك ما أخرجه في الصدقة اختيارا، ولا بأس أن يعود إليه بميراث وشبهه.

(السابعة) إذا قبض الامام أو الفقيه الصدقة دعا لصاحبها استحبابا على الاظهر.

(الثامنة) يسقط مع غيبة الامام سهم السعاة والمؤلفة، وقيل: يسقط سهم السبيل وعلى ما قلناه لا يسقط

٦٢

(التاسعة) ينبغي أن يعطى زكاة الذهب والفضة أهل المسكنة وزكاة النعم أهل التحمل، والتوصل إلى المواصلة بها ممن يستحي من قبولها.

القسم الثاني في زكاة الفطر. وأركانها أربعة: الاول: فيمن تجب عليه.

إنما تجب على البالغ العاقل الحر الغنى.

يخرجها عن نفسه وعياله، من مسلم وكافر وحر وعبد، وصغير وكبير، ولو عال تبرعا.

ويعتبر النية في أدائها، وتسقط عن الكافر لو أسلم.

وهذه الشروط تعتبر عند هلال شوال.

فلو أسلم الكافر أو بلغ الصبي أو ملك الفقير القدر المعتبر قبل الهلال وجبت الزكاة.

ولو كان بعده لم تجب، وكذا لو ولد له أو ملك عبدا، وتستحب لو كان ذلك ما بين الهلال وصلاة العيد.

والفقير مندوب إلى إخراجها، عن نفسه، وعن عياله، وإن قبلها ومع الحاجة يدبر على عياله صاعا ثم يتصدق به على غيرهم.

(الثاني): في جنسها وقدرها.

والضابط إخراج ما كان قوتا غالبا كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والارز والاقط واللبن.

وأفضل ما يخرج التمر، ثم الزبيب، ويليه ما يغلب على قوت بلده.

وهي من جميع الاجناس صاع، وهو تسعة أرطال بالعراقي، ومن اللبن أربعة أرطال، وفسره قوم بالمدنى. ولا تقدير في عوض الواجب، بل يرجع إلى قيمة السوقية.

٦٣

(الثالث): في وقتها.

ويجب بهلال شوال، ويتضيق عند صلاة العيد، ويجوز تقديمها في شهر رمضان، ولو من أوله أداء.

ولا يجوز تأخيرها عن الصلاة إلا لعذر، أو انتظار المستحق.

وهي قبل صلاة العيد فطرة، وبعدها صدقة، وقيل يجب القضاء وهو أحوط.

وإذا عزلها وأخر التسليم لعذر، لم يضمن لو تلفت، ويضمن لو أخرها مع إمكان التسليم.

ولا يجوز نقلها مع وجود المستحق، ولو نقلها ضمن، ويجوز مع عدمه، ولا يضمن.

(الرابع): في مصرفها.

وهو مصرف زكاة المال، ويجوز أن يتولى المالك إخراجها.

وصرفها إلى الامام أو من نصبه أفضل، ومع التعذر إلى فقهاء الامامية.

ولا يعطى الفقير أقل من صاع، إلا أن يجتمع من لا تتسع لهم، ويستحب أن يخص بها القرابة، ثم الجيران مع الاستحقاق.

٦٤

كتاب الخمس

وهو يجب في غنائم دار الحرب، والكنائز، والمعادن، والغوص، وأرباح التجارات، وأرض الذمى إذا اشتراها من مسلم، وفي الحرام إذا اختلط بالحلال ولم يتميز.

ولا يجب في الكنز حتى تبلغ قيمته عشرين دينارا، وكذا يعتبر في المعدن على رواية البزنطي، ولا في الغوص حتى تبلغ دينارا، ولا في أرباح التجارات إلا فيما فضل منها عن مؤونة السنة له ولعياله، ولا يعتبر في الباقية مقدار.

ويقسم الخمس ستة أقسام(١) على الاشهر: ثلاثة للامام، وثلاثة لليتامى والمساكين وأبناء السبيل ممن ينتسب إلى عبدالمطلب بالاب، وفي استحقاق من ينتسب إليه بالام قولان، أشبههما: أنه لا يستحق.

وهل يجوز أن تخص به طائفة حتى الواحد، فيه تردد، والاحوط بسطه عليهم.

ولو متفاوتا.

ولا يحمل الخمس إلى غير بلده، إلا مع عدم المستحق فيه.

ويعتبر الفقر في اليتيم، ولا يعتبر في ابن السبيل.

ولا تعتبر العدالة، وفي اعتبار الايمان تردد، واعتبار أحوط.

ويلحق بهذا الباب مسائل: (الاولى) ما يخص به الامام من الانفال، وهو ما يملك من الارض بغير قتال، سلمها أهلها، أو انجلوا.

____________________

(١) وذلك مأخوذ من قوله تعالى (واعلموا أن ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه ولرسوله ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) فقوله (ما غنمتم) يعم الانواع التى ذكرها المؤلف) والثلاثة الاقسام التى يأخذها الامام هى ما كان لله ولرسوله ولذى القربى.

٦٥

والارض الموات التي باد أهلها، أو لم يكن لها أهل، ورؤس الجبال، وبطون الاودية، والآجام وما يختص به ملوك أهل الحرب من الصوافى(١) ، والقطائع غير المغصوبة وميراث من لا وارث له.

وفي اختصاصه بالمعادن، تردد أشبهه: أن الناس فيها شرع.

وقيل: إذا غزا قوم بغير إذنه، فغنيمتهم له، والرواية مقطوعة.

(الثانية) لا يجوز التصرف فيما يختص به مع وجوده، إلا بإذنه، وفي حال الغيبة لا بأس بالمناكح(٢) ، وألحق الشيخ المساكن والمتاجر.

(الثالثة) يصرف الخمس إليه مع وجوده، وله ما يفضل عن كفاية الاصناف من نصيبهم، وعليه الاتمام لو أعوز.

ومع غيبته يصرف إلى الاصناف الثلاثة مستحقهم.

وفي مستحقهعليه‌السلام أقوال، أشبهها: جواز دفعه إلى من يعجز حاصلهم من الخمس، عن قدر كفايتهم على وجه التتمة لا غير.

____________________

(١) (صوافى الملوك) ما كان في أيديهم من غير غصب.

(٢) (وفسرت المناكح بالجوارى التى تسبى، فإنه يجوز شراؤها وإن كان فيه الخمس ولا يجب إخراجه (شرح شرائع الاسلام).

٦٦

كتاب الصوم

وهو يستدعى بيان أمور: (الاول) الصوم وهو الكف عن المفطرات مع النية، ويكفى في شهر رمضان نية القربة، وغيره يفتقر إلى التعيين، وفي النذر المعين تردد.

ووقتها ليلا، ويجوز تجديدها في شهر رمضان إلى الزوال، وكذا في القضاء ثم يفوت وقتها.

وفي وقتها للمندوب روايتان، أصحهما: مساواة الواجب.

وقيل: يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال ويجزئ فيه نية واحدة.

ويصام يوم الثلاثين من شعبان بنية الندب.

ولو اتفق من رمضان أجزأ، ولو صام بنية الواجب لم يجز، وكذا لو ردد نيته، وللشيخ قول آخر.

ولو أصبح بنية الافطار فبان من رمضان جدد نية الوجوب، ما لم تزل الشمس وأجزأه، ولو كان بعد الزوال أمسك واجبا، وقضاه.

(الثاني) فيما يمسك عنه [ الصائم ] وفيه مقصدان: (الاول) يجب الامساك عن تسعة: الاكل والشرب المعتاد وغيره، والجماع، والاستمناء وإيصال الغبار إلى الحلق متعديا، والبقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر، ومعاودة النوم جنبا، والكذب على الله ورسوله والائمةعليهم‌السلام ، والارتماس في الماء، وقيل يكره، وفي السعوط ومضغ العلك تردد، أشبهه: الكراهية.

وفي الحقنة قولان، أشبههما: التحريم بالمائع.

٦٧

والذي يبطل الصوم إنما يبطله عمدا اختيارا.

فلا يفسد بمص الخاتم ومضغ الطعام للصبي وزق الطائر.

وضابطه ما لا يتعدى الحلق، ولا استنقاع الرجل في الماء، والسواك في الصوم مستحب ولو بالرطب.

ويكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة، والاكتحال بما فيه صبر أو مسك، وإخراج الدم المضعف، ودخول الحمام كذلك، وشم الرياحين، ويتأكد في النرجس، والاحتقان بالجامد، وبل الثوب على الجسد، وجلوس المرأة في الماء.

المقصد الثاني: وفيه مسائل: (الاولى) تجب الكفارة والقضاء بتعمد الاكل والشرب والجماع، قبلا، ودبرا على الاظهر، والامناء بالملاعبة والملامسة وإيصال الغبار إلى الحلق.

وفي الكذب على الله ورسول والائمةعليهم‌السلام .

وفي الارتماس قولان، أشبههما: أنه لا كفارة.

وفي تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر روايتان، أشهرها: الوجوب.

وكذا لو نام على غير ناو للغسل حتى طلع الفجر.

(الثانية) الكفارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، وقيل هي مرتبة.

وفي رواية يجب على الافطار بالمحرم كفارة الجمع(١) .

(الثالثة) لا تجب الكفارة في شئ من الصيام عدا شهر رمضان والنذر المعين وقضاء شهر رمضان بعد الزوال والاعتكاف على وجه.

(الرابعة) من أجنب ونام ناويا للغسل حتى طلع الفجر، فلا قضاء ولا كفارة، ولو انتبه ثم نام ثانيا فعليه القضاء.

ولو انتبه ثم نام ثالثة، قال الشيخان: عليه القضاء والكفارة.

____________________

(١) أى أداء الخصال الثلاثة للكفارة دون تخيير.

٦٨

(الخامسة) يجب القضاء دون الكفارة في الصوم الواجب المتعين بسبعة أشياء: فعل المفطر والفجر طالع ظانا بقاء الليل مع القدرة على مراعاته.

وكذا مع الاخلاد إلى المخبر ببقاء الليل مع القدرة على المراعاة والفجر طالع.

وكذا لو ترك قول المخبر بالفجر لظنه كذبه ويكون صادقا.

كذا لو أخلد إليه في دخول الليل فأفطر وبان كذبه مع القدرة على المراعاة، والافطار للظلمة الموهمة دخول الليل.

ولو غلب على ظنه دخول الليل لم يقض، وتعمد القئ، ولو ذرعا لم يقض، وإيصال الماء إلى الحلق متعديا لا للصلاة.

وفي إيجاب القضاء بالحقنة قولان، أشبههما: أنه لا قضاء.

وكذا من نظر إلى امرأة فأمنى.

(السادسة) تتكرر الكفارة مع تغير الايام.

وهل تتكرر بتكرر الوطء في اليوم الواحد؟ قيل: نعم، والاشبه: أنها لا تتكرر.

ويعزر من أفطر لا مستحلا، مرة وثانية، فإن عاد ثالثة قتل.

(السابعة) من وطئ زوجته مكرها لها، لزمه كفارتان، ويعزر دونها.

ولو طاوعته، كان على كل منهما كفارة، ويعزران.

(الثالث) من يصح منه.

ويعتبر في الرجل العقل والاسلام، وكذا في المرأة مع اعتبار الخلو من الحيض والنفاس.

فلا يصح من الكافر، وإن وجب عليه، ولا من المجنون، والمغمى عليه ولو سبقت منه النية على الاشبه، ولا من الحائض والنفساء، ولو صادف ذلك أول جزء من النهار أو آخر جزء منه، ولا يصح من الصبي غير المميز.

ويصح من الصبي المميز، ومن المستحاضة مع فعل ما يجب عليها من الاغسال.

٦٩

ويصح من المسافر في النذر المعين المشترط سفرا وحضرا على قول مشهور، وفي ثلاثة أيام لدم المتعة(١) وفي بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا.

ولا تصح في واجب غير ذلك على الاظهر، إلا أن يكون سفره أكثر من حضره، أو يعزم الاقامة عشرة.

والصبي المميز يؤخذ بالواجب لسبع استحبابا مع الطاقة، ويلزم به عند البلوغ فلا يصح من المريض مع التضرر به، ويصح لو لم يتضرر، ويرجع في ذلك إلى نفسه.

(الرابع) في أقسامه وهي أربعة: واجب، وندب، ومكروه ومحظور.

فالواجب ستة، شهر رمضان، والكفارة، ودم المتعة، والنذر وما في معناه، والاعتكاف على وجه، وقضاء الواجب المعين.

أما شهر رمضان فالنظر في علامته وشروطه وأحكامه: (الاول) أما علامته، فهي رؤية الهلال.

فمن رآه وجب عليه صومه، ولو انفرد بالرؤية.

ولو رؤى شائعا، أو مضى من شعبان ثلاثون، وجب الصوم عاما.

ولو لم يتفق ذلك، قيل الواحد احتياطا للصوم خاصة، وقيل لا يقبل مع الصحو إلا خمسون نفسا، أو اثنان من خارج.

وقيل يقبل شاهدان كيف كان، وهو أظهر.

ولا اعتبار بالجدول، ولا بالعدد(٢) ، ولا بالغيبوبة بعد الشفق(٣) ، ولا

____________________

(١) متعة الحج.

(٢) المراد بالعدد: عد شعبان ناقصا أبدا ورمضان تاما أبدا وقد صرح بذلك المصنف في المعتبر فقال (ولا بالعدد فإن قوما من الحشوية يزعمون أن شهور السنة قسمان: ثلاثون يوما، وتسعة وعشرون يوما، فرمضان لا ينقص أبدا، وشعبان لا يتم أبدا).

(٣) يريد أن الهلال إذا غاب بعد الشفق فقد يدل ذلك على أنه ابن ليلتين فربما فهم أنه يجب قضاء اليوم السابق باعتباره من رمضان لكن الحكم غير ذلك فلا عبرة بهذا لان الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول (صوموا لرؤيته وهو لم ير في الليلة السابقة. والاصل براء‌ة الذمة فلا قضاء.

٧٠

بالتطوق(١) ولا بعد خمسة أيام من هلال الماضية(٢) .

وفي العمل برؤيته قبل الزوال تردد.

ومن كان بحيث لا يعلم الاهلة، توخى صيام شهر، فإن استمر الاشتباه أجزأه، وكذا إن صادف، أو كان بعده، ولو كان قبله أستأنف.

ووقت الامساك طلوع الفجر الثاني، فيحل الاكل والشرب حتى يتبين خيطه، والجماع حتى يبقى لطلوعه قدر الوقاع والاغتسال.

ووقت الافطار ذهاب الحمرة المشرقية.

ويستحب تقديم الصلاة على الافطار إلا أن تنازع نفسه أو يكون من يتوقع إفطاره.

أما شروطه فقسمان: (الاول) شرائط الوجوب: وهي ستة: البلوغ، وكمال العقل فلو بلغ الصبي، أو أفاق المجنون، أو المغمى عليه، لم يجب على أحدهم الصوم، إلا ما أدرك فجره كاملا، والصحة من المرض، والاقامة أو حكمها، ولو زال السبب قبل الزوال، ولم يتناول، أمسك واجبا وأجزأه.

ولو كان بعد الزوال أو قبله، وقد تناول أمسك ندبا وعليه القضاء، والخلو من الحيض والنفاس.

(الثاني) شرائط القضاء: وهي ثلاثة: البلوغ، وكمال العقل، والاسلام، فلا يقضى ما فاته لصغر، أو جنون، أو إغماء، أو كفر.

____________________

(١) يعنى ظهور الهلال بمظهر الطوق فليس دليلا معتبرا بعده هلال الليلة الثانية.

(٢) بمعنى أنه لو تحقق الهلال في السنة الماضية عد من أوله خمسة أيام وصام اليوم الخامس كما لو إهل في الماضى يوم الاحد فيكون أول رمضان الثانى يوم الخميس وبه روايات لا تبلغ حدا لصحته فلذلك يقرر الصنف أن لا عبرة به اه‍ مبارك.

٧١

والمرتد يقضى ما فاته، وكذا كل تارك، عدا الاربعة، عامدا أو ناسيا وأما أحكامه ففيه مسائل: (الاولى) المريض إذا استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط القضاء على الاظهر.

وتصدق عن الماضى، عن كل يوم بمد.

ولو برئ وكان في عزمه القضاء ولم يقض صام الحاضر وقضى الاول ولا كفارة.

ولو ترك القضاء تهاونا صام الحاضر وقضى الاول، وكفر عن كل يوم منه بمد.

(الثانية): يقضى عن الميت أكبر ولده ما تركه من صيام لمرض وغيره، مما تمكن من قضائه ولم يقضه، ولو مات في مرضه لم تقض عنه وجوبا، واستحب.

وروى القضاء عن المسافر، ولو مات في ذلك السفر.

والاولى مراعاة التمكن ليتحقق الاستقرار، ولو كان وليان قضيا بالحصص.

ولو تبرع بعض صح، ويقضى عن المرأة ما تركته على تردد.

(الثالثة): إذا كان الاكبر أنثى فلا قضاء، وقيل يتصدق من التركة عن كل يوم بمد.

ولو كان عليه شهران متتابعان جاز أن يقضى الولى شهرا، ويتصدق عن شهر.

(الرابعة): قاضى رمضان مخير حتى تزول الشمس، ثم يلزمه المضى، فإن أفطر لغير عذر أطعم عشرة مساكين، ولو عجز صام ثلاثة أيام.

(الخامسة) من نسى غسل الجنابة حتى خرج الشهر، فالمروى قضاء الصلاة والصوم، والاشبه: قضاء الصلاة حسب.

وأما بقية أقسام الصوم فستأتى في أماكنها إن شاء الله تعالى.

والندب من الصوم، منه ما لا يختص وقتا، فإن الصوم جنة من النار، ومنه ما يختص وقتا.

والمؤكد منه أربعة عشرة، صوم أول خميس من الشهر، وأول أربعاء من العشر الثاني، وآخر خميس من العشر الاخير، ويجوز تأخيرها مع المشقة من الصيف إلى الشتاء، ولو عجز تصدق عن كل يوم بمد.

٧٢

وصوم أيام البيض، ويوم الغدير، ومولد النبي عليه الصلاة والسلام ومبعثه، ودحو الارض، ويوم عرفة، لمن لم يضعفه الدعاء مع تحقق الهلال، وصوم عاشوراء حزنا، ويوم المباهلة، وكل خميس وجمعة، وأول ذي الحجة، ورجب كله، وشعبان كله.

ويستحب الامساك في سبعة مواطن: المسافر إذا قدم أهله (بلده) أو بلدا يعزم فيه الاقامة بعد الزوال أو قبله، وقد تناول، وكذا المريض إذا برئ، وتمسك الحائض والنفساء والكافر والصبي والمجنون والمغمى عليه، إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار، ولو لم يتناولوا.

ولا يصح صوم الضيف ندبا من غير إذن مضيفه، ولا المرأة من غير إذن الزوج، ولا الولد من غير إذن الوالد، ولا المملوك بدون إذن مولاه.

ومن صام ندبا ودعى إلى طعام، فالافضل الافطار.

والمحظور صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان ب‍ " منى " وقيل: القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها، وإن دخل فيهما العيد وأيام التشريق لرواية زرارة، والمشهور: عموم المنع.

وصوم آخر شعبان بنية الفرض، وندر المعصية، والصمت والوصال وهو أن يجعل عشاء‌ه سحوره، وصوم الواجب سفرا عدا ما استثنى.

(الخامس) في اللواحق، وهي مسائل: (الاولى) المريض يلزمه الافطار مع ظن به الضرر، ولو تكلفه لم يجزه.

(الثانية) المسافر يلزمه الافطار، ولو صام عالما بوجوبه قضاه، ولو كان جاهلا لم يقض.

(الثالثة) الشروط المعتبرة في قصر الصلاة، معتبرة في قصر الصوم، ويشترط في قصر الصوم تبييت النية.

وقيل: الشرط خروجه قبل الزوال، وقيل: يقصر ولو خرج قبل الغروب.

٧٣

وعلى التقديرات لا يفطر إلا حيث يتوارى جدران البلد الذي يخرج منه، أو يخفى أذانه.

(الرابعة) الشيخ والشيخة إذا عجزا تصدقا عن كل يوم بمد.

وقيل: لا يجب عليهما مع العجز، ويتصدقان مع المشقة.

وذو العطاش يفطر ويتصدق عن كل يوم بمد، ثم إن برئ قضى.

والحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن، لهما الافطار، ويتصدقان عن كل يوم بمد ويقضيان.

(الخامسة) لا يجب صوم النافلة بالشروع فيه، ويكره إفطاره بعد الزوال.

(السادسة) كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر، بنى.

وإن أفطر لا لعذر استأنف، إلا ثلاثة مواضع: من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ومن الثاني شيئا.

ومن وجب عليه شهر بنذر فصام خمسة عشر يوما.

وفي الثلاثة الايام عن هدى التمتع، إذا صام يومين وكان الثالث العيد، أفطر وأتم الثالث بعد أيام الشتريق إن كان ب‍ " منى ".

ولا يبنى لو كان الفاصل غيره.

٧٤

كتاب الاعتكاف والنظر في شروطه، وأقسامه، وأحكامه

أما الشروط فخمسة:

(١) النية:

(٢) والصوم: فلا يصح إلا في زمان يصح صومه ممن يصح منه

(٣) والعدد: وهو ثلاثة أيام

(٤) والمكان: وهو كل مسجد جامع.

وقيل لا يصح إلا في أحد المساجد الاربعة: مكة، والمدينة، وجامع لكوفة، والبصرة

(٥) والاقامة في موضع الاعتكاف.

فلو خرج أبطله إلا لضرورة، أو طاعة مثل تشييع جنازة مؤمن أو عيادة مريض، أو شهادة.

ولا يجلس لو خرج، ولا يمشى تحت ظل، ولا يصلى خارج المسجد إلا بمكة وأما أقسامه فهو واجب، وندب.

فالواجب ما وجب بنذر وشبهه، وهو ما يلزم بالشروع.

والمندوب ما يتبرع به، ولا يجب بالشروع.

فإذا مضى يوما ففى وجوب الثالث قولان، المروى: أنه يجب.

وقيل: لو اعتكف ثلاثا فهو بالخيار في الزائد، فإن اعتكف يومين آخرين وجب الثالث.

٧٥

وأما أحكامه فمسائل: (الاولى): يستحب للمعتكف أن يشترط كالمحرم فإن شرط جاز له الرجوع ولم يجب القضاء.

ولو لم يشترط ثم مضى يومان وجب الاتمام على الرواية، ولو عرض عارض خرج فإذا زال، وجب القضاء.

(الثانية) يحرم على المعتكف الاستمتاع بالنساء، والبيع والشراء وشم الطيب.

وقيل يحرم عليه ما يحرم على المحرم، ولم يثبت.

(الثالثة) يفسد الاعتكاف ما يفسد الصوم، ويجب الكفارة بالجماع فيه، مثل كفارة شهر رمضان، ليلا كان أو نهارا.

ولو كان في نهار شهر رمضان لزمه كفارتان.

ولو كان بغير الجماع مما يوجب الكفارة في شهر رمضان، فإن وجب النذر المعين لزمت الكفارة، وإن لم يكن معينا، أو كان تبرعا فقد أطلق الشيخان لزوم الكفارة: ولو خصا ذلك بالثالث كان أليق بمذهبهما.

٧٦

كتاب الحج والنظر في المقدمات والمقاصد

المقدمة الاولى: الحج، اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة.

وهو فرض على المستطيع من الرجال، والخناثى والنساء.

ويجب بأصل الشرع مرة، وجوبا مضيقا.

وقد يجب بالنذر وشبهه، وبالاستيجار والافساد.

ويستحب لفاقد الشرائط: كالفقير والمملوك مع إذن مولاه.

المقدمة الثانية: في شرائط حجة الاسلام، وهي ستة: البلوغ، والعقل، والحرية، والزاد، والراحلة، والتمكن من المسير.

ويدخل فيه الصحة وإمكان الركوب وتخلية السرب(١) .

فلا تجب على الصبي، ولا على المجنون.

ويصح الاحرام من الصبي المميز، وبالصبي غير المميز، وكذا يصح بالمجنون، ولو حج بهما لم يجزئهما عن الفرض.

ويصح الحج من العبد مع إذن المولى.

لكن لا يجزئه عن الفرض، إلا أن يدرك أحد الموقفين معتقا.

ومن لا راحلة له ولا زاد لو حج كان ندبا، ويعيد لو استطاع.

ولو بذل له الزاد والراحلة صار مستطيعا.

ولو حج به بعض إخوانه أجزأه عن الفرض.

____________________

(١) السرب: الطريق والمراد عدم المانع من سلوكه: من لص أو عوا أو غيرهما والمرجع في ذلك إلى ما يعلمه أو يغلب على ظنه بقرائن الاحوال اه‍ مدارك.

٧٧

ولابد من فاضل عن الزاد والراحلة يمون به عياله حتى يرجع.

ولو استطاع فمنعه كبر أو مرض أو عدو، ففى وجوب الاستنابة قولان.

المروى أنه يستنيب.

ولو زال العذر حج ثانيا.

ولو مات مع العذر أجزأته النيابة.

وفي اشتراط الرجوع إلى صنعة أو بضاعة قولان، أشبههما: أنه لا يشترط.

ولا يشترط في المرأة وجود محرم، ويكفى ظن السلامة.

ومع الشرائط لو حج ماشيا، أو في نفقة غيره أجزأه.

والحج ماشيا أفضل إذا لم يضعفه عن العبادة.

وإذا استقر الحج فأهمل، قضى عنه من أصل تركته، ولو لم يخلف سوى الاجرة قضى عنه من أقرب الاماكن، وقيل من بلده مع السعة.

ومن وجب عليه الحج لا يحج تطوعا.

ولا تحج المرأة ندبا إلا بإذن زوجها، ولا يشترط إذنه في الواجب.

وكذا في العدة الرجعية.

مسائل: (الاولى) إذا نذر غير حجة الاسلام لم يتداخلا.

ولو نذر حجا مطلقا، قيل: يجزئ إن حج بنية النذر عن حجة الاسلام.

ولا تجزئ، حجة الاسلام عن النذر، وقيل: لا تجزئ إحداهما عن الاخرى، وهو أشبه.

(الثانية) إذا نذر أن يحج ماشيا وجب، ويقوم في مواضع العبور.

فإن ركب طريقه قضى ماشيا، وإن ركب بعضا قضى ومشى ما ركب، وقيل يقضى ماشيا لاخلاله بالصفة.

ولو عجز قيل يركب، ويسوق بدنة، وقيل يركب ولا يسوق بدنة.

٧٨

وقيل إن كان مطلقا توقع المسكنة، وإن كان معينا بسنة يسقط لعجزه.

(الثالثة) المخالف إذا لم يخل بركن، لم يعد لو استبصر، وإن أخل أعاد.

القول في النيابة: ويشترط فيه(١) : الاسلام، والعقل، وألا يكون عليه حج واجب.

فلا تصح نيابة الكافر، ولا نيابة المسلم عنه، ولا عن مخالف إلا عن الاب، ولا نيابة المجنون، ولا الصبي غير المميز.

ولابد من نية النيابة، وتعيين المنوب عنه في المواطن بالقصد، ولا ينوب من وجب عليه الحج.

ولو لم يجب عليه جاز.

وإن لم يكن حج.

وتصح نيابة المرأة عن المرأة والرجل.

ولو مات النائب بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه.

ويأتى النائب بالنوع المشترط، وقيل يجوز أن يعدل إلى التمتع، ولا يعدل عنه.

وقيل: لو شرط عليه الحج على طريق، جاز الحج بغيرها.

ولا يجوز للنائب الاستنابة إلا مع الاذن.

ولا يؤجر نفسه لغير المستأجر في السنة التي استؤجر لها.

ولو صد قبل الاكمال استعيد من الاجرة بنسبة المتخلف.

ولا يلزم إجابته، ولو ضمن الحج(٢) على الاشبه.

ولا يطاف عن حاضر متمكن من الطهارة، لكن يطاف به.

ويطاف عمن لم يجمع الوصفين.

ولو حمل إنسانا فطاف به احتسب لكل واحد منهما طواف.

____________________

(١) في النائب.

(٢) في الستقبل.

٧٩

ولو حج عن ميت تبرعا برئ الميت.

ويضمن الاجير كفارة جنايته في ماله.

ويستحب أن يذكر المنوب عنه في المواطن، وأن يعيد فاضل الاجرة، وأن يتمم له ما أعوزه، وأن يعيد المخالف حجه إذا استبصر وإن كانت مجزئة.

ويكره أن تنوب المرأة الصرورة(١) .

مسائل: (الاولى) من أوصى بحجة ولم يعين، انصرف إلى أجرة المثل.

(الثانية) لو أوصى أن يحج عنه، ولم يعين فإن عرف التكرار حج عنه حتى يستوفى ثلثه، وإلا قصر على المرة.

(الثالثة) لو أوصى أن يحج عنه كل سنة بمال معين فقصر (جمع) ما يمكن به الاستئجار ولو كان نصيب أكثر من سنة.

(الرابعة) لو حصل بيد إنسانا مال لميت، وعليه حجة مستقرة، وعلم أن الورثة لا يؤدون، جاز أن يقتطع قدر أجرة الحج(٢) .

(الخامسة) من مات وعليه حجة الاسلام وأخرى منذورة أخرجت حجة الاسلام من الاصل، والمنذورة من الثلث، وفيه وجه آخر.

المقدمة الثالثة: في أنواع الحج، وهي ثلاثة: تمتع، وقران، وإفراد.

فالمتمتع هو الذي يقدم عمرته أمام حجه ناويا بها التمتع، ثم ينشئ إحراما آخر بالحج من مكة.

وهذا فرض من ليس حاضرى مكة، وحده: من بعد عنها ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب، وقيل اثنى عشر ميلا فصاعدا من كل جانب.

____________________

(١) المرأة الصرورة: التى لم تحج.

(٢) قال في شرائع الاسلام: (لانه خارج عن ملك الورثة) أى إن هذا دين لله، والديون تقضى قبل التوريث.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وعنده حقة، أخذت منه، وأعطي معها شاتين أو عشرين درهما. فإن وجبت عليه حقة، وعنده جذعة، أخذت منه، وردّ عليه شاتان أو عشرون درهما.

فأمّا زكاة البقر، فليس في شي‌ء منها زكاة، الى أن تبلغ ثلاثين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها تبيع حولي. ثمَّ ليس فيما زاد عليها شي‌ء، الى أن تبلغ أربعين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها مسنّة. وكلّ ما زاد على ذلك، كان هذا حكمه: في كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنّة.

وأمّا الغنم، فليس فيها زكاة، الى أن تبلغ أربعين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها شاة. ثمَّ ليس فيها شي‌ء، الى أن تبلغ مائة وعشرين. فإذا بلغت ذلك، وزادت واحدة، كان فيها شاتان الى أن تبلغ مائتين. فإذا بلغت وزادت واحدة، كان فيها ثلاث شياه الى أن تبلغ ثلاثمائة. فإذا بلغت ذلك، وزادت واحدة، كان فيها أربع شياه. ثمَّ تترك هذه العبرة فيما زاد عليه، وأخذ من كلّ مائة شاة.

وأمّا الخيل إذا كانت عتاقا كان على كلّ واحدة منها في في كلّ سنة ديناران. وإن كانت براذين كان على كلّ واحدة منها دينار واحد. ومن حصل عنده من كلّ جنس تجب فيه الزّكاة أقلّ من النّصاب الذي فيه الزّكاة، وإن كان لو جمع لكان أكثر من النّصاب والنّصابين، لم يكن عليه شي‌ء، حتى

١٨١

يبلغ كلّ جنس منه، الحدّ الذي تجب فيه الزّكاة. ولو أنّ إنسانا ملك من المواشي ما تجب فيه الزّكاة، وإن كانت في مواضع متفرّقة، وجب عليه فيها الزّكاة. وإن وجد في موضع واحد من المواشي ما تجب فيه الزكاة لملّاك جماعة لم يكن عليهم فيها شي‌ء على حال. ولا بأس أن يخرج الإنسان ما يجب عليه من الزّكاة من غير الجنس الذي يجب عليه فيه بقيمته. وإن أخرج من الجنس، كان أفضل.

باب الوقت الذي تجب فيه الزكاة

لا زكاة في الذّهب والفضّة حتّى يحول عليهما الحول بعد حصولهما في الملك. فان كان مع إنسان مال أقلّ ممّا تجب فيه الزّكاة، ثمَّ أصاب تمام النّصاب في وسط السّنة، فليس عليه فيه الزّكاة حتّى يحول الحول على القدر الذي تجب فيه الزّكاة. وإذا استهلّ هلال الشّهر الثّاني عشر، فقد حال على المال الحول، ووجبت فيه الزّكاة. فإن أخرج الإنسان المال عن ملكه قبل استهلال الثّاني عشر، سقط عنه فرض الزّكاة. وإن أخرجه من ملكه بعد دخول الشّهر الثّاني عشر، وجبت عليه الزّكاة، وكانت في ذمّته الى أن يخرج منه.

وأمّا الحنطة والشّعير والتّمر والزّبيب، فوقت الزّكاة فيها حين حصولها بعد الحصاد والجذاذ والصّرام، ثمَّ ليس فيها

١٨٢

بعد ذلك شي‌ء، وإن حال عليها حول، إلّا أن تباع بذهب أو فضّة، وحال عليهما الحول، فتجب حينئذ فيه الزّكاة.

وأمّا الإبل والبقر والغنم، فليس في شي‌ء منها زكاة، حتّى يحول عليها الحول من يوم يملكها. وكلّ ما لم يحل عليه الحول من صغار الإبل والبقر والغنم، لا تجب فيه الزّكاة. ولا يجوز تقديم الزّكاة قبل حلول وقتها. فإن حضر مستحقّ لها قبل وجوب الزّكاة، جاز أن يعطى شيئا ويجعل قرضا عليه. فإذا جاء الوقت، وهو على تلك الصّفة من استحقاقه لها، احتسب له من الزّكاة. وإن كان قد استغنى، أو تغيّرت صفته التي يستحقّ بها الزّكاة، لم يجزئ ذلك عن الزّكاة، وكان على صاحب المال أن يخرجها من الرأس.

وإذا حال الحول فعلى الإنسان أن يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخّره. فإن عدم المستحقّ له، عزله عن ماله، وانتظر به المستحق. فإن حضرته الوفاة، وصى به أن يخرج عنه. وإذا عزل ما يجب عليه من الزّكاة، فلا بأس أن يفرّقه ما بينه وبين شهر وشهرين، ولا يجعل ذلك أكثر منه. وما روي عنهمعليهم‌السلام ، من الأخبار في جواز تقديم الزّكاة وتأخيرها، فالوجه فيه ما قدّمناه في أنّ ما يقدّم منه يجعل قرضا، ويعتبر فيه ما ذكرناه، وما يؤخّر منه إنّما يؤخّر انتظار المستحق، فأمّا مع وجوده، فالأفضل إخراجه إليه على البدار حسب ما قدّمناه.

١٨٣

باب مستحق الزكاة وأقل ما يعطى وأكثر

الذي يستحق الزّكاة هم الثّمانية أصناف الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن: وهم الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، و( الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ ) ، والغارمون،( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) ، وابن السّبيل.

فأمّا الفقير فهو الذي له بلغة من العيش. والمسكين الذي لا شي‌ء معه. وأمّا العاملون عليها فهم الذين يسعون في جباية الصّدقات.

وأمّا المؤلّفة فهم الذين يتألّفون ويستمالون إلى الجهاد.

(وَفِي الرِّقابِ ) وهم المكاتبون والمماليك الذين يكونون تحت الشّدة العظيمة. وقد روي أنّ من وجبت عليه كفّارة عتق رقبة في ظهار أو قتل خطإ وغير ذلك، ولا يكون عنده، يشترى عنه ويعتق.

والغارمون هم الذين ركبتهم الدّيون في غير معصية ولا فساد.

( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) وهو الجهاد.

وابن السّبيل وهو المنقطع به. وقيل أيضا: إنّه الضّيف الذي ينزل بالإنسان ويكون محتاجا في الحال، وإن كان له يسار في بلده وموطنه.

١٨٤

فإذا كان الإمام ظاهرا، أو من نصبه الإمام حاصلا، فتحمل الزّكاة إليه، ليفرّقها على هذه الثّمانية الأصناف. ويقسم بينهم على حسب ما يراه. ولا يلزمه أن يجعل لكل صنف جزءا من ثمانية، بل يجوز أن يفضّل بعضهم على بعض، إذا كثرت طائفة منهم وقلّت آخرون.

وإذا لم يكن الإمام ظاهرا، ولا من نصبه الإمام حاصلا، فرّقت الزّكاة في خمسة أصناف من الذين ذكرناهم، وهم الفقراء والمساكين( وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ ) وابن السّبيل. ويسقط سهم( الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) وسهم السّعاة وسهم الجهاد، لأنّ هؤلاء لا يوجدون إلّا مع ظهور الإمام. لأن الْمُؤَلَّفَةَ( قُلُوبُهُمْ ) إنّما يتألّفهم الإمام ليجاهدوا معه، والسّعاة أيضا إنّما يكونون من قبله في جميع الزّكوات، والجهاد أيضا إنّما يكون به أو بمن نصبه. فإذا لم يكن هو ظاهرا ولا من نصبه، فرّق فيمن عداهم.

والذين يفرّق فيهم الزّكاة ينبغي أن يحصل لهم مع الصّفات التي ذكرناها أن يكونوا عارفين بالحقّ معتقدين له. فإن لم يكونوا كذلك، فلا يجوز أن يعطوا الزّكاة. فمن أعطى زكاته لمن لا يعرف الحق، لم يجزئه، وكان عليه الإعادة. ولو أنّ مخالفا أخرج زكاته الى أهل نحلته، ثمَّ استبصر، كان عليه إعادة الزّكاة. ولا يجوز أن يعطى الزّكاة من أهل المعرفة إلّا أهل السّتر والصّلاح. فأمّا الفسّاق وشرّاب

١٨٥

الخمور فلا يجوز أن يعطوا منها شيئا. ولا بأس أن تعطي الزّكاة أطفال المؤمنين. ولا تعطى أطفال المشركين.

ولا يجوز أن يعطي الإنسان زكاته لمن تلزمه النّفقة عليه مثل الوالدين والولد والجدّ والجدة والزّوجة والمملوك. ولا بأس أن يعطي من عدا هؤلاء من الأهل والقرابات من الأخ والأخت وأولادهما والعمّ والخال والعمّة والخالة وأولادهم.

والأفضل أن لا يعدل بالزّكاة عن القريب مع حاجتهم الى ذلك الى البعيد. فإن جعل للقريب قسط، وللبعيد قسط، كان أفضل.

ومتى لم يجد من تجب عليه الزّكاة مستحقّا لها، عزلها من ماله، وانتظر بها مستحقّها، فإن لم يكن في بلده من يستحقّها فلا بأس أن يبعث بها إلى بلد آخر. فإن أصيبت الزّكاة في الطّريق أو هلكت، فقد أجزأ عنه. وإن كان قد وجد في بلده لها مستحقا، فلم يعطه، وآثر من يكون في بلد آخر، كان ضامنا لها، إن هلكت، ووجب عليه إعادتها.

ومن وصّي بإخراج زكاة، أو أعطي شيئا منها ليفرّقه على مستحقيه، فوجده، ولم يعطه. بل أخّره، ثمَّ هلك، كان ضامنا للمال.

ولا تحلّ الصّدقة الواجبة في الأموال لبني هاشم قاطبة. وهم الذين ينتسبون إلى أمير المؤمنين،عليه‌السلام ، وجعفر

١٨٦

ابن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب، وعبّاس بن عبد المطّلب. فامّا ما عدا صدقة الأموال، فلا بأس أن يعطوا إيّاها. ولا بأس أن تعطي صدقة الأموال مواليهم. ولا بأس أن يعطي بعضهم بعضا صدقة الأموال. وإنّما يحرم عليهم صدقة من ليس من نسبهم.

وهذا كلّه إنّما يكون في حال توسّعهم ووصولهم إلى مستحقّهم من الأخماس. فإذا كانوا ممنوعين من ذلك ومحتاجين إلى ما يستعينون به على أحوالهم، فلا بأس أن يعطوا زكاة الأموال رخصة لهم في ذلك عند الاضطرار.

ولا يجوز أن تعطى الزّكاة لمحترف يقدر على اكتساب ما يقوم بأوده وأود عياله. فإن كانت حرفته لا تقوم به، جاز له أن يأخذ ما يتّسع به على أهله. ومن ملك خمسين درهما يقدر أن يتعيّش بها بقدر ما يحتاج إليه في نفقته، لم يجز له أن يأخذ الزكاة. وإن كان معه سبعمائة درهم، وهو لا يحسن أن يتعيّش بها، جاز له أن يقبل الزّكاة، ويخرج هو ما يجب عليه فيما يملكه من الزّكاة، فيتّسع به على عياله. ومن ملك دارا يسكنها وخادما يخدمه، جاز له أن يقبل الزّكاة. فإن كانت داره دار غلّة تكفيه ولعياله، لم يجز له أن يقبل الزّكاة فإن لم يكن له في غلّتها كفاية، جاز له أن يقبل الزّكاة.

وينبغي أن تعطي زكاة الذّهب والفضّة للفقراء والمساكين

١٨٧

المعروفين بذلك، وتعطي زكاة الإبل والبقر والغنم أهل التّجمّل.

فإن عرفت من يستحقّ الزّكاة، وهو يستحيي من التعرّض لذلك، ولا يؤثر إن تعرفه، جاز لك أن تعطيه الزّكاة وإن لم تعرفه أنّه منها، وقد أجزأت عنك.

وإذا كان على إنسان دين، ولا يقدر على قضائه، وهو مستحقّ لها، جاز لك أن تقاصّه من الزّكاة. وكذلك إن كان الدّين على ميّت، جاز لك أن تقاصّه منها. وإن كان على أخيك المؤمن دين، وقد مات، جاز لك أن تقضي عنه من الزّكاة. وكذلك إن كان الدين على والدك أو والدتك أو ولدك، جاز لك أن تقضيه عنهم من الزّكاة.

فإذا لم تجد مستحقا للزّكاة، ووجدت مملوكا يباع، جاز لك أن تشتريه من الزّكاة وتعتقه. فإن أصاب بعد ذلك مالا، ولا وارث له، كان ميراثه لأرباب الزّكاة. وكذلك لا بأس مع وجود المستحقّ أن يشتري مملوكا ويعتقه، إذا كان مؤمنا، وكان في ضرّ وشدّة. فإن كان بخلاف ذلك، لم يجز ذلك على حال.

ومن أعطى غيره زكاة الأموال ليفرقها على مستحقها، وكان مستحقّا للزّكاة، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يعطي غيره. اللهمّ إلّا أن يعيّن له على أقوام بأعيانهم. فإنّه لا يجوز

١٨٨

له حينئذ أن يأخذ منها شيئا، ولا أن يعدل عنهم الى غيرهم.

وأقلّ ما يعطي الفقير من الزّكاة خمسة دراهم أو نصف دينار. وهو أوّل ما يجب في النّصاب الأوّل. فأمّا ما زاد على ذلك، فلا بأس أن يعطى كلّ واحد ما يجب في نصاب نصاب، وهو درهم إن كان من الدراهم، أو عشر دينار إن كان من الدّنانير، وليس لأكثره حد. ولا بأس أن يعطي الرّجل زكاته لواحد يغنيه بذلك.

باب وجوب زكاة الفطرة ومن تجب عليه

الفطرة واجبة على كلّ حر بالغ مالك لما تجب عليه فيه زكاة المال. ويلزمه أن يخرج عنه وعن جميع من يعوله من ولد ووالد وزوجة ومملوك ومملوكة، مسلما كان أو ذمّيّا، صغيرا كان أو كبيرا. فإن كان لزوجته مملوك في عياله، أو يكون عنده ضيف يفطر معه في شهر رمضان، وجب عليه أيضا أن يخرج عنهما الفطرة. وإن رزق ولدا في شهر رمضان، وجب عليه أيضا أن يخرج عنه. فإن ولد المولود ليلة الفطر أو يوم العيد قبل صلاة العيد، لم يجب عليه إخراج الفطرة عنه فرضا واجبا. ويستحبّ له أن يخرج ندبا واستحبابا.

وكذلك من أسلم ليلة الفطر قبل الصّلاة، يستحبّ له أن يخرج زكاة الفطرة، وليس ذلك بفرض. فإن كان إسلامه

١٨٩

قبل ذلك، وجب عليه إخراج الفطرة. ومن لا يملك ما يجب عليه فيه الزّكاة، يستحبّ له أن يخرج زكاة الفطرة أيضا عن نفسه وعن جميع من يعوله. فإن كان ممّن يحلّ له أخذ الفطرة أخذها ثمَّ أخرجها عن نفسه وعن عياله. فإن كان به إليها حاجة، فليدر ذلك على من يعوله. حتّى ينتهي إلى آخرهم، ثمَّ يخرج رأسا واحدا إلى غيرهم، وقد أجزأ عنهم كلّهم.

باب ما يجوز إخراجه في الفطرة ومقدار ما يجب منه

أفضل ما يخرجه الإنسان في زكاة الفطرة التّمر ثمَّ الزّبيب. ويجوز إخراج الحنطة والشّعير والأرزّ والأقط واللّبن. والأصل في ذلك أن يخرج كلّ أحد ممّا يغلب على قوته في أكثر الأحوال.

فأمّا أهل مكّة والمدينة وأطراف الشّام واليمامة والبحرين والعراقين وفارس والأهواز وكرمان، فينبغي لهم أن يخرجوا التّمر. وعلى أوساط الشّام ومرو من خراسان والريّ، أن يخرجوا الزّبيب. وعلى أهل الجزيرة والموصل والجبال كلّها وخراسان، أن يخرجوا الحنطة والشّعير، وعلى أهل طبرستان الأرز، وعلى أهل مصر البرّ. ومن سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط، فإذا عدموه، كان عليهم اللّبن.

١٩٠

ومن عدم أحد هذه الأصناف التي ذكرناها، أو أراد أن يخرج ثمنها بقيمة الوقت ذهبا أو فضة، لم يكن به بأس. وقد روي رواية أنّه يجوز أن يخرج عن كلّ رأس درهما. وقد روي أيضا أربعة دوانيق. والأحوط ما قدّمناه من أنّه يخرج قيمته بسعر الوقت.

فأمّا القدر الذي يجب إخراجه عن كلّ رأس، فصاع من أحد الأشياء التي قدّمنا ذكرها. وقدره تسعة أرطال بالعراقيّ وستّة أرطال بالمدني. وهو أربعة أمداد. والمدّ مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف. والدرهم ستّة دوانيق. والدّانق ثماني حبّات من أوسط حبّات الشّعير. فأمّا اللّبن فمن يريد إخراجه، أجزأه أربعة أرطال بالمدنيّ أو ستّة بالعراقي.

باب الوقت الذي يجب فيه إخراج الفطرة ومن يستحقها

الوقت الذي يجب فيه إخراج الفطرة يوم الفطر قبل صلاة العيد. ولو أن إنسانا أخرجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين أو من أوّل الشّهر الى آخره، لم يكن به بأس، غير أن الأفضل ما قدّمناه.

فإذا كان يوم الفطر، فليخرجها، ويسلّمها الى مستحقّيها فإن لم يجد لها مستحقّا، عزلها من ماله، ثمَّ يسلّمها بعد الصّلاة أو من غد يومه الى مستحقّيها. فإن وجد لها أهلا، وأخّرها،

١٩١

كان ضامنا لها، الى أن يسلّمها إلى أربابها. وإن لم يجد لها أهلا، وأخرجها من ماله، لم يكن عليه ضمان.

وينبغي أن تحمل الفطرة الى الإمام ليضعها حيث يراه. فإن لم يكن هناك إمام، حملت الى فقهاء شيعته ليفرقوها في في مواضعها. وإذا أراد الإنسان أن يتولّى ذلك بنفسه، جاز له له ذلك، غير أنّه لا يعطيها إلا لمستحقّيها.

والمستحقّ لها، هو كلّ من كان بالصّفة التي تحلّ له معها الزّكاة. وتحرم على كلّ من تحرم عليه زكاة الأموال.

ولا يجوز حمل الفطرة من بلد الى بلد. وان لم يوجد لها مستحقّ من أهل المعرفة، جاز أن تعطى المستضعفين من غيرهم.

ولا يجوز إعطاؤها لمن لا معرفة له، إلّا عند التقية أو عدم مستحقّيها من أهل المعرفة. والأفضل أن يعطي الإنسان من يخافه من غير الفطرة، ويضع الفطرة في مواضعها.

ولا يجوز أن يعطي أقلّ من زكاة رأس واحد لواحد مع الاختيار. فإن حضر جماعة محتاجون وليس هناك من الأصواع بقدر ما يصيب كلّ واحد منهم صاع، جاز أن يفرّق عليهم. ولا بأس أن يعطي الواحد صاعين أو أصواعا.

والأفضل أن لا يعدل الإنسان بالفطرة إلى الأباعد مع وجود القرابات ولا الى الأقاصي مع وجود الجيران. فإن فعل خلاف ذلك، كان تاركا فضلا، ولم يكن عليه بأس.

١٩٢

باب الجزية وأحكامها

الجزية واجبة على أهل الكتاب ممّن أبى منهم الإسلام وأذعن بها، وهم اليهود والنّصارى. والمجوس حكمهم حكم اليهود والنّصارى. وهي واجبة على جميع الأصناف المذكورة إذا كانوا بشرائط المكلّفين وتسقط عن الصّبيان والمجانين والبله والنّساء منهم. فأمّا ما عدا الأصناف المذكورة من الكفّار، فليس يجوز أن يقبل منهم إلّا الإسلام أو القتل. ومن وجبت عليه الجزية وحلّ الوقت، فأسلم قبل أن يعطيها، سقطت عنه، ولم يلزمه أداؤها.

وكلّ من وجبت عليه الجزية، فالإمام مخيّر بين أن يضعها على رءوسهم أو على أرضيهم. فإن وضعها على رءوسهم، فليس له أن يأخذ من أرضيهم شيئا. وإن وضعها على أرضيهم، فليس له أن يأخذ من رءوسهم شيئا.

وليس للجزية حدّ محدود ولا قدر موقّت. بل يأخذ الإمام منهم على قدر ما يراه من أحوالهم من الغنى والفقر بقدر ما يكونون به صاغرين.

وكان المستحقّ للجزية في عهد رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، المهاجرين دون غيرهم. وهي اليوم لمن قام مقامهم في نصرة الإسلام والذبّ من سائر المسلمين.

١٩٣

ولا بأس أن تؤخذ الجزية من أهل الكتاب ممّا أخذوه من ثمن الخمور والخنازير والأشياء التي لا يحلّ للمسلمين بيعها والتّصرف فيها.

باب أحكام الأرضين وما يصح التصرف فيه منها بالبيع والشرى والتملك وما لا يصح

الأرضون على أربعة أقسام:

ضرب منها يسلم أهلها عليها طوعا من قبل نفوسهم من غير قتال، فتترك في أيديهم، ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر، وكانت ملكا لهم، يصحّ لهم التّصرّف فيها بالبيع والشّرى والوقف وسائر أنواع التّصرف.

وهذا حكم أرضيهم إذا عمروها وقاموا بعمارتها. فإن تركوا عمارتها، وتركوها خرابا، كانت للمسلمين قاطبة. وعلى الإمام أن يقبّلها ممّن يعمّرها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع. وكان على المتقبّل بعد إخراج حقّ القبالة ومئونة الأرض، العشر أو نصف العشر فيما يبقى في حصّته، إذا بلغ الى الحدّ الذي يجب فيه ذلك. وهو خمسة أوسق فصاعدا حسب ما قدّمناه.

والضّرب الآخر من الأرضين، ما أخذ عنوة بالسّيف، فإنّها تكون للمسلمين بأجمعهم. وكان على الإمام أن يقبّلها

١٩٤

لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع. وكان على المتقبّل إخراج ما قد قبل به من حقّ الرّقبة، وفيما يبقى في يده وخاصّه العشر أو نصف العشر.

وهذا الضّرب من الأرضين لا يصحّ التّصرف فيه بالبيع والشرى والتملّك والوقف والصّدقات. وللإمام أن ينقله من متقبّل إلى غيره عند انقضاء مدّة ضمانه، وله التّصرّف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المسلمين. وهذه الأرضون للمسلمين قاطبة، وارتفاعها يقسم فيهم كلّهم: المقاتلة، وغيرهم. فإن المقاتلة ليس لهم على جهة الخصوص إلّا ما تحويه العسكر من الغنائم.

والضّرب الثّالث كلّ أرض صالح أهلها عليها، وهي أرض الجزية، يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع، وليس عليهم غير ذلك.

فإذا أسلم أربابها، كان حكم أرضيهم حكم أرض من أسلم طوعا ابتداء، ويسقط عنهم الصّلح، لأنه جزية بدل من جزية رءوسهم وأموالهم، وقد سقطت عنهم بالإسلام. وهذا الضّرب من الأرضين يصحّ التّصرّف فيه بالبيع والشّرى والهبة وغير ذلك من أنواع التّصرف، وكان للإمام أن يزيد وينقض ما صالحهم عليه بعد انقضاء مدّة الصّلح حسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها

١٩٥

والضّرب الرّابع، كلّ أرض انجلى أهلها عنها، أو كانت مواتا فأحييت، أو كانت آجاما وغيرها ممّا لا يزرع فيها، فاستحدثت مزارع.

فإن هذه الأرضين كلّها للإمام خاصة، ليس لأحد معه فيها نصيب، وكان له التّصرّف فيها بالقبض والهبة والبيع والشّرى حسب ما يراه، وكان له أن يقبّلها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع، وجاز له أيضا بعد انقضاء مدّة القبالة نزعها من يد من قبّله إيّاها وتقبيلها لغيره، إلّا الأرضين التي أحييت بعد مواتها، فإن الذي أحياها أولى بالتّصرف فيها ما دام يقبلها بما يقبلها غيره. فإن أبى ذلك، كان للإمام أيضا نزعها من يده وتقبيلها لمن يراه. وعلى المتقبّل بعد إخراجه مال القبالة والمؤن فيما يحصل في حصتّه، العشر أو نصف العشر.

باب الخمس والغنائم

الخمس واجب في جميع ما يغنمه الإنسان.

والغنائم كلّ ما أخذ بالسّيف من أهل الحرب الذين أمر الله تعالى بقتالهم من الأموال والسّلاح والكراع والثّياب والمماليك وغيرها ممّا يحويه العسكر وممّا لم يحوه.

ويجب الخمس أيضا في جميع ما يغنمه الإنسان من أرباح

١٩٦

التّجارات والزّراعات وغير ذلك بعد إخراج مئونته ومئونة عياله.

ويجب الخمس أيضا في جميع المعادن من الذّهب والفضّة والحديد والصّفر والملح والرّصاص والنّفط والكبريت وسائر ما يتناوله اسم المعدن على اختلافها.

ويجب أيضا الخمس من الكنوز المذخورة على من وجدها، وفي العنبر وفي الغوص.

وإذا حصل مع الإنسان مال قد اختلط الحلال بالحرام، ولا يتميّز له، وأراد تطهيره، أخرج منه الخمس، وحلّ له التّصرف في الباقي. وإن تميّز له الحرام، وجب عليه إخراجه وردّه الى أربابه. ومن ورث مالا ممّن يعلم أنّه كان يجمعه من وجوه محظورة مثل الرّبا والغضب وما يجري مجراهما، ولم يتميّز له المغصوب منه ولا الرّبا، أخرج منه الخمس، واستعمل الباقي، وحلّ له التّصرف فيه.

والذمّي إذا اشترى من مسلم أرضا، وجب عليه فيها الخمس.

وجميع ما قدّمناه ذكره من الأنواع، يجب فيه الخمس قليلا كان أو كثيرا، إلّا الكنوز ومعادن الذّهب والفضّة، فإنّه لا يجب فيها الخمس إلّا إذا بلغت إلى القدر الذي يجب فيه الزّكاة.

١٩٧

والغوص لا يجب فيه الخمس إلّا إذا بلغ قيمته دينارا.

وأمّا الغلّات والأرباح فإنّه يجب فيها الخمس بعد إخراج حق السّلطان ومئونة الرّجل ومئونة عياله بقدر ما يحتاج اليه على الاقتصاد.

والكنوز إذا كانت دراهم أو دنانير، يجب فيها الخمس فيما وجد منها، إذا بلغ إلى الحدّ الّذي قدّمناه ذكره. وإن كان ممّا يحتاج الى المؤنة والنّفقة عليه، يجب فيه الخمس بعد إخراج المؤنة منه.

باب قسمة الغنائم والأخماس

كلّ ما يغنمه المسلمون من دار الحرب من جميع الأصناف التي قدّمناه ذكرها، ممّا حواه العسكر يخرج منه الخمس. وأربعة أخماس ما يبقى يقسم بين المقاتلة. وما لم يحوه العسكر من الأرضين والعقارات وغيرها من أنواع الغنائم يخرج منه الخمس، والباقي تكون للمسلمين قاطبة: مقاتليهم وغير مقاتليهم، يقسمه الامام بينهم على قدر ما يراه من مئونتهم.

والخمس يأخذه الإمام فيقسمه ستّة أقسام:

قسما لله، وقسما لرسوله، وقسما لذي القربى. فقسم الله وقسم الرّسول وقسم ذي القربى للإمام خاصّة، يصرفه في أمور نفسه وما يلزمه من مئونة غيره.

١٩٨

وسهم ليتامى آل محمّد، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء سبيلهم. وليس لغيرهم شي‌ء من الأخماس. وعلى الإمام أن يقسم سهامهم فيهم على قدر كفايتهم ومئونتهم في السّنة على الاقتصاد. فإن فضل من ذلك شي‌ء، كان له خاصّة. وإن نقص كان عليه أن يتمّ من خاصّته.

وهؤلاء الذين يستحقّون الخمس، هم الذين قدّمنا ذكرهم ممّن تحرم عليهم الزّكاة، ذكرا كان أو أنثى. فإن كان هناك من أمّه من غير أولاد المذكورين، وكان أبوه منهم، حلّ له الخمس، ولم تحلّ له الزّكاة. وإن كان ممّن أبوه من غير أولادهم، وأمّه منهم، لم يحلّ له الخمس، وحلّت له الزّكاة.

باب الأنفال

الأنفال كانت لرسول الله خاصّة في حياته، وهي لمن قام مقامه بعده في أمور المسلمين. وهي كلّ أرض خربة قد باد أهلها عنها. وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب أو يسلّمونها هم بغير قتال، ورءوس الجبال وبطون الأودية والآجام والأرضون الموات التي لا أرباب لها، وصوافي الملوك وقطائعهم ممّا كان في أيديهم من غير وجه الغصب، وميراث من لا وارث له.

وله أيضا من الغنائم قبل أن تقسم: الجارية الحسناء،

١٩٩

والفرس الفاره، والثّوب المرتفع، وما أشبه ذلك ممّا لا نظير له من رقيق أو متاع.

وإذا قاتل قوم أهل حرب من غير أمر الإمام، فغنموا، كانت غنيمتهم للإمام خاصّة دون غيره.

وليس لأحد أن يتصرف فيما يستحقّه الإمام من الأنفال والأخماس إلّا بإذنه. فمن تصرّف في شي‌ء من ذلك بغير إذنه، كان عاصيا، وارتفاع ما يتصرّف فيه مردود على الإمام. وإذا تصرّف فيه بأمر الإمام، كان عليه أن يؤدي ما يصالحه الإمام عليه من نصف أو ثلث أو ربع.

هذا في حال ظهور الإمام. فأمّا في حال الغيبة، فقد رخّصوا لشيعتهم التصرّف في حقوقهم ممّا يتعلّق بالأخماس وغيرها فيما لا بدّ لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن. فأمّا ما عدا ذلك، فلا يجوز له التصرّف فيه على حال.

وما يستحقّونه من الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة فقد اختلف قول أصحابنا فيه، وليس فيه نصّ معيّن إلا أنّ كلّ واحد منهم قال قولا يقتضيه الاحتياط.

فقال بعضهم: إنّه جار في حال الاستتار مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر.

وقال قوم: إنّه يجب حفظه ما دام الإنسان حيا. فإذا حضرته الوفاة، وصّى به الى من يثق به من إخوانه المؤمنين

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313