الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٧

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 373

  • البداية
  • السابق
  • 373 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 24798 / تحميل: 6409
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء 7

مؤلف:
العربية

الروضة البهية في

شرح اللمعة الدمشقية

الجزء السابع

زين الدين الجبعي العاملي الشهيد الثاني (قدس‌سره )

١

٢

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

________________________________

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

اللمعة الدمشقية

للشهيد السعيد

محمد بن جمال الدين مكى العاملى (الشهيد الاول)قدس‌سره

786 - 734

الجزء السابع

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

للشهيد السعيد

زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)قدس‌سره

911 - 965

٣

الاهداء

إن كان الناس يتقربون إلى الاكابر بتقديم مجهوداتهم فليس لنا أن نتقرب إلى أحد سوى سيدنا ومولانا إمام زماننا وحجة عصرنا (الامام المنتظر) عجل الله تعالى فرجه فإليك يا حافظ الشريعة بألطافك الخفية، وإليك يا صاحب الامر وناموس الحقيقة أقدم مجهودي المتواضع في سبيل إعلاء كلمة الدين وشريعة جدك المصطفى وبقية آثار آبائك الانجبين، دينا قيما لا عوج فيه ولا امتا ورجائي القبول والشفاعة في يوم لا ترجى إلا شفاعتكم أهل البيت

عبد الراجي

٤

(عند الصباح يحمد القوم السرى) كان املي وطيدا بالفوز فيما اقدمت عليه من مشروع في سبيل الهدف الاقصى للدراسات الدينية (الفقه الاسلامي الشامل). فاردت الخدمة بهذا الصدد لازيل بعض مشاكل الدراسة والان وقد حقق الله عزوجل تلك الامنية باخراج الجزء الاول من هذا الكتاب الضخم إلى الاسواق. فرأيت النجاح الباهر نصب عيني: انهالت الطلبة على اقتناء‌ه بكل ولع واشتياق. فله الشكر على ما انعم والحمد على ما وفق.

بيد أن الاوضاع الراهنة، وما اكتسبته الايام من مشاكل إنجازات العمل وفق المراد اخرجتنى بعض الشئ. فان الطبعة بتلك الصورة المنقحة المزدانة بأشكال توضيحية، وفي اسلوب شيق كلفتني فوق ما كنت اتصوره من حساب وارقام مما جعلتني أن تحت عبثه الثقيل، ولا من مؤازر أو مساعد.

فرأيت نفسي بين امرين: الترك حتى يقضي الله امرا كان مفعولا، أو الاقدام المجهد مهما كلف الامر من صعوبات. فاخترت الطريق الثاني واحتملت صعوباته في سبيل الدين، والاشادة بشريعة (سيد المرسلين)، واحياء آثار (أئمة الهدى المعصومين) صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين. فاتبعت بعون الله عزوجل (الجزء السادس) (بالجزء السابع) بعزم قوي، ونفس آمنة. وكل اعتمادي على الله سبحانه وتعالى وتوسلي إلى صاحب الشريعة الغراء واهل بيته الاطهار عليهم صلوات الملك العلام. ولا سيما ونحن في جوار سيدنا الكريم مولى الكونين (امير المؤمنين) عليه الصلاة والسلام.

فبك يا مولاي استشفع إلى ربي ليسهل لنا العقبات ويؤمن علينا التبعات إنه ولي ذلك والقادر عليه.

السيد محمد كلانتر

٥

شكر وتقدير

وافتنا تقاريظ جمة من أفذاذ أعلام العلم والتقى مقدرة هذا العمل الذي قمنا به. والذي يعني بنشر المعارف الاسلامية على ضوء مذهب (أهل البيت) صلوات الله عليهم أجمعين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. واخراج الفقه الاسلامي بصورته الجميلة على حسب ما بينه علماء (أهل البيت) عليهم الصلاة والسلام الذين هم أدرى بما في البيت.

ونحن بدورنا نشكر تقديراتهم الفائضة ونرجو أن تكون المدة في نشاطنا المتواصل إلى المستقبل ان شاء الله تعالى. فان كنا قد قمنا فيما مضى باخراج اجزاء من هذا الكتاب القيم الثمين (اللمعة الدمشقية) ونتواصل في نشر بقية أجزاء‌ها في الحال ان شاء الله نستعين الباري عزوجل أن يوفقنا فيما يأتي من مستقبل قريب لاخراج كتاب ثمين آخر وهو كتاب (المكاسب) لشيخنا الانصاري قدس الله نفسه.

وقد رتهناه على خمسة أجزاء. المكاسب المحرمة. البيع جزء‌آن. الخيارات جزء‌آن.

ونرى من الواجب نشر ما كتبه سماحة شيخنا العلامة الكبير جهبذة العلم استاذ الفقاهة والاصول آية الله (الشيخ حسين الحلي) دام ظله. فقد تفضل سماحته بتفريظ قيم انيق يحق ان يزدان به هذا السفر الجليل كما لتبرك بلمس سطوره وكلماته وحروفه. ولا غرو فانها خرجت من قريحة عالم رباني تحرر من زبارج هذه الحياة وزخارفها. فكانت الحقيقة ومعارفها ضالته فوجدها وألفها واعرض عن غيرها.

واليك نص التقريظ.

جامعة النجف الدينية

السيد محمد كلانتر

في 5 / 9 / 1388

٦

بسم الله الرحمن الرحيم

ولدنا العزيز الحجة السيد محمد كلانتر ايده الله وسدد خطاه تحية مبتدئة بالسلام عليك مشفوعة بالدعاء والتوفيق لمناهج الاصلاح وكم لك منها مما نستوجب الثناء المضاعف ويستحق التقدير اللائق لك ولكل من يقف موقفك المشكور وينتج كانتاجك العالى الغالى وبعد فقد وصلتنى هديتك الاخيرة وهو الجزء السادس متمما للاجزاء الخمسة السابقة من كتاب اللمعة الدمشقية وتصفحته كما تصفحت ما سبقه من الاجزاء وكلها طراز واحد واخراج كامل زاد في بهجتها وردعتها بما علقت عليها تعليقا وافيا بحل مشكلاتها والاشارة إلى اسانيدها وتوضيح مايوهم التعقيد فيها فأرتابت اكبارا لما رأيت ان اخط لك هذه السطور معربا عما ملا ضميرى من الاعجاب وردده لسانى من الشكر والثناء مصنفا ذلك لجلائل أعمالك الخالدة وجهادك المتواصل في خدمة الدين والعلم وطالما استطار بلبي واستنطقنى هاتفا بالاطراء تشييدك بناء الجامعة النجف الدينية) في النجف الاشرف على اتم ما يقتضيه الاتقان وعلى احسن ما ينبغي ان تكون علمية من الروعة وعلى اكمل ما فرضته فيها من مناهج التدريس طلبة واساتذة وسهرك عليها بكل شفقة مهيبا بهم للجد المنهج والعمل المثمر وفقك الله ووفقهم وجزاك الله خير جزاء الحسنين.

والسلام عليك ورحمة ألله وبركاته

14 شعبان 1378

الاقل حسين الحلى

٧

كتاب الغصب

٨

٩

١٠

كتاب الغصب(1)

___________________________________

(1) مصدر غصب يغصب وزان (عرف يعرف) وهو اخذ الشئ قهرا رغم انف صاحبه. وشرعا كما أفاده (الشارح)رحمه‌الله .

* * *

١١

لا شك ان العقلاء اعتبروا سلطنة المالك على ماله مشروعا لا؟ جوز لاحد من الناس معارضته في سلطانه. كما اعتبروا التطاول على اموال الآخرين تصرفا باطلا، وتعديا على الحقوق المعترف بها لدى الجميع. ومن الظلم الفاحش ان يمد انسان يده إلى ملك غيره عدوانا ومن غير مبرر مشروع. وهذا النوع من الظلم مذموم ومستقبح في شريعة (العقل والدين). وهذا الاخير يسمي مثل هذا التصرف الشنيع (غصبا) في الاصطلاح. وقد أكد الدين الحنيف الاسلامي على اقرار سلطنة المالكين: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الناس مسلطون على اموالهم) كما وأنه ندد باولئك المتطاولين على أموال الناس ظلما وعدوانا. وقال عز من قائل:

( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم ) البقرة: الآية 184.

( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) . النساء الآية: 11

الآيات بتهديد الظالمين كثيرة جدا في القرآن الكريم. واليك آي منها.

( ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العقاب ) . البقرة: الآية 161

( ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ) . يونس: الآية 53

( واذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون ) . النحل: الآية 87

( وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون ) الشعراء: 288 إنه تهديد لاذع جدا.

( فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ) الزخرف: الآية: 65 إن الظلم لحسرة على الظالم من ذلك اليوم الفظيع.

( ويوم يعض الظالم على يديه يقول: يا ليتني إتخذت مع الرسول سبيلا ) الفرقان: الآية 23 اي اتخذت نهجه الحق فلم اتجاوز حدود ما انزل الله ما افظع حال الظالم في آخر ساعة حياته من هذه الدنيا، وعند سكرة الموت.

( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون ) الانعام: الآية 93( قالوا: يا ويلنا إنا كنا ظالمين ) الانبياء: الآية 16 الآيات بهذا الصدد تفوق الحصر..

١٢

أما الاحاديث الشريفة في هذا المقام فكثيرة جدا. الامر الذي يشي بمبلغ اهتمام الشريعة المقدسة الاسلامية بهذه الناحية الخطرة من التجاوزات الاجتماعية ربما بلغ فوق حدود التصور: -

قال (الامام الصادق)عليه‌السلام فيمن غصب ارضا لغيره، وبنى فيها وغرس: (ليس لعرق ظالم حق). ثم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (من اخذ ارضا بغير حق كلف ان يحمل ترابها إلى المحشر). يا لهذا التكليف من تكليف شاق مستحيل..

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث المناهي: (من خان جاره شبرا من الارض جعله الله طوقا في عنقه من تخوم الارض السابعة حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقا). ولشدة اهتمام الشارع المقدس بقضية الغصب الذي هو نوع من الظلم الفاحش والاسلام دين العدالة والانصاف. عقد (الفقهاء) رضوان الله عليهم كتابا خاصا يبحث عن احكام (الغصب والغاصبين)، وعن كيفية رد المظالم إلى اربابها. وفاء بكلام مولاهم (امير المؤمنين) حيث قال صلوات الله وسلامه عليه: (اخذ الله على العلماء ان لا يقاروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم). وسندرس ذلك في هذا الكتاب بامعان انشاء الله تعالى.

(وهو الاستقلال باثبات اليد على مال الغير عدوانا)(1) . والمراد بالاستقلال: الاقلال(2) وهو الاستبداد به لا طلبه(3) كما هو الغالب في باب

___________________________________

(1) اي ظلما من دون ان يكون للغاصب حق.

(2) وهو (الانفراد بالشئ).

(3) اي لا طلب المال. هذا دفع وهم حاصل الوهم: أن صيغة (الاستفعال) موضوعة غالبا للطلب كما يقال: استخرج الماء استوطن البلد اي طلب خروج الماء. وطلب التوطن في المدينة. فعلى هذا يلزم ان يكون (الاستقلال) بمعنى طلب الاقلال اي طلب الانفراد بالشئ مع أنه ليس الامر كذلك في باب الغصب، لان يد الغاصب ثابتة على المال فعلا. فاجابرحمه‌الله : أن المراد بالاستقلال هنا نفس الاقلال الذي هو الانفراد بالشئ مجردا عن معنى الطلب.

١٣

الاستفعال، وخرج به(1) مالا اثبات معه اصلا كمنعه(2) من ماله حتى تلف، وما(3) لا استقلال معه كوضع يده(4) على ثوبه(5) الذي هو لابسه فان ذلك(6) لا يسمى غصبا. وخرج بالمال الاستقلال باليد على الحر. فانه لا تتحقق فيه الغصببة فلا يضمن(7) ، وباضافة(8) المال إلى الغير ما لو استقل باثبات يده

___________________________________

(1) اي بقيد (الاستقلال) الذي هو اثبات اليد على مال الغير.

(2) اي الغير كمنع الغاصب صاحب المال عن التصرف فيه.

(3) اي وخرج بقيد (الاستقلال) يد الغاصب التي لا استقلال لها مع اثباتها على مال الغير. ومرجع الضمير في معه (اثبات اليد) اي لا استقلال لهذه اليد مع اثباتها على مال الغير.

(4) اي يد المتعدي.

(5) اي على ثوب المالك الذي هو لابسه.

(6) اي هذا الاثبات.

(7) اي الحر لو تلف بوضع يد المتعدي عليه.

(8) اي وخرج باضافة (المصنف) المال إلى الغير في تعريفه الغصب بقوله: (وهو الاستقلال باثبات اليد على مال الغير).

١٤

على مال نفسه عدوانا كالمرهون(1) في يد المرتهن، والوارث(2) على التركة مع الدين فليس بغاصب وإن أثم(3) ، أو ضمن(4) ، وبالعدوان(5) اثبات المرتهن، والولي، والوكيل، والمستأجر، والمستعير ايديهم على مال الراهن، والمولى عليه، والموكل، والمؤجر، والمعير، ومع ذلك(6) فينتقص التعريف في عكسه(7) بما لو اشترك اثنان فصاعدا في غصب بحيث لم يستقل كل منهما باليد فلو ابدل الاستقلال بالاستيلاء لشمله، لصدق الاستيلاء مع المشاركة.

___________________________________

(1) فان وضع يد المالك على المرهون لا يعد غصبا، لانه ماله، وان كان آثما بهذا العمل.

(2) اي وكذا وضع يد الوارث على التركة قبل اداء ديون الميت لا يكون غصبا، لانها ماله. بناء على انتقال التركة اليه بمجرد موت المورث وان وجب عليه اداء الدين قبل التصرف في التركة.

(3) كما في صورة تلف مال المرتهن.

(4) كما في صورة تلف مال التركة قبل اداء الدين.

(5) أي وخرج بقيد العدوان الاشياء المذكورة كلها. أي ان وضع الولي يده على مال المولى عليه، او وضع الراهن يده على المال المرهون، او المعير على المال المستعار، او المؤجر على المال المستأجر او الموكل على المال الموكل فيه لا يعد غصبا وعدوانا.

(6) أي ومع هذه الاستثناء‌آت المذكروة.

(7) أي ينتقض تعريف (المصنف) في انه لا يكون جامعا للافراد (بما لو اشترك اثنان فصاعدا في غصب). فالتعريف لا يشمل هذا الفرد مع أنه من افراد الغصب.

١٥

وبالاستقلال(1) بإثبات اليد على حق الغير كالتحجير وحق المسجد(2) والمدرسة والرباط ونحوه مما لا يعد مالا فان الغصب متحقق(3) ، وكذا غصب مالا يتمول عرفا كحبة الحنطة فان يتحقق به(4) أيضا على ما اختاره المصنف ويجب رده(5) على مالكه مع عدم المالية، إلا أن يراد هنا(6) جنس المال، أو يدعى اطلاق المال عليه(7) .

___________________________________

(1) أي وينتقض التعريف أيضا بأنه لا يكون جامعا للافراد فيما اذا وضع يده على حق الغير واستولى عليه كحق التحجير الذي يحجره الانسان من (الاراضي الموات) ثم يستولي عليه شخص آخر. فالتعريف لا يشمله، لعدم وجود مال مع تحقق الغصب.

(2) كما لو كان شخص جالسا في (المسجد) ثم جاء آخر ودفعه عنه وجلس في مكانه. فان دفع الاول والجلوس في مكانه يعد غصبا، لحق الاسبقية للاول. لكن التعريف لا يشمله، لانه أخذ المال في تعريف الغصب ومفهومه. وكذا الامر في (المدرسة والرباط وغيرهما من الاماكن العامة التي أعدت لعموم الناس). فان وضع اليد عليها مع أسبقية آخرين يعد غصبا. لكن تعريف (المصنف) لا يشملها، لانه أخذ المال في تعريف الغصب ومفهومه.

(3) أي وكذا غصب مالا يقال له مال عرفا كحب الحنطة. فان أخذه وغصبه يعد غصبا، لكن التعريف لا يشمله، لعدم مالية الحبة.

(4) أي بوضع اليد على حب الحنطة وان لم يعد مالا.

(5) أي رد ما لا يتمول إلى صاحبه.

(6) اي في تعريف (الغصب).

(7) اي يقال: إن المال يطلق على حبة الحنطة. اذن التعريف يشمله.

١٦

ويفرق بينه(1) وبين المتمول وهو(2) بعيد وعلى(3) الحر والصغير والمجنون اذا تلف تحت يده بسبب. كلدغ الحية، ووقوع الحائط. فانه يضمن عند المصنف وجماعة كما اختاره في الدروس فلو ابدل المال بالحق لشمل جميع ذلك. وأما من ترتبت يده(4) على يد الغاصب جاهلا به، ومن سكن دار غيره غلطا، أو ليس ثوبه(5) خطأ فانهم ضامنون وإن لم يكونوا غاصبين، لان الغصب من الافعال المحرمة في الكتاب(6)

___________________________________

(1) اي يفرق بين حب الحنطة الذي يطلق عليه المال، وبين المتمول: ببذل المال. فان الاول لا يقابل بالمال ولا يبذل بازائه، وان صدق عليه المال، بخلاف الثاني. فانه يبذل بازائه مال. فهذا هو الفرق بين حب الحنطة، وبين ما يتمول.

(2) اي اطلاق المال على غير المتمول بعيد، لان الظاهر من المتمول ما كان مالا حقيقة وعرفا. واطلاق المال على حب الحنطة ليس اطلاقا حقيقيا عرفيا، بل اطلاق حقيقي فقط، اذا العرف لا يرى اطلاق المال عليه اطلاقا صحيحا.

(3) اي ينتقض تعريف (المصنف) في قوله: وهو (الاستقلال باثبات اليد على مال الغير) بالحر الصغير والمجنون فيما اذا تلفا،، او نقص منهما. فانهما يضمنان عند المصنف وجماعة من الفقهاء. مع انهما ليسا بمال.

(4) بأن وصله المال المغصوب من يد الغاصب، او وصله ممن وصله من الغاصب وهو لا يعلم أنه مغصوب. وهذا هو المعبر عنه في هذا الباب ب‍ (ترتب الايدي)، أو (تعاقب الايدي).

(5) أي ثوب غيره.

(6) في قوله تعالى:( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) البقرة: الآية 188

١٧

والسنة(1) بل الاجماع(2) ، ودليل العقل(3) فلا يتناول غير العالم وإن شاركه في بعض الاحكام(4) ، وابدال(5) العدوان بغير حق ليتناولهم من حيث إنهم ضامنون ليس بجيد، لما ذكرناه(6) وكذا(7) الاعتذار

___________________________________

(1) في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (المسلم أخو المسلم لا يحل ماله الا عن طيب نفس منه).

(مستدرك الوسائل) المجلد 3 ص 145 كتاب الغصب الباب الاول الحديث 5 وفي قول (أمير المؤمنين) صلوات الله وسلامه عليه: (ولا يجوز أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه). نفس المصدر الحديث 3. وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (على اليد ما اخذت حتى تؤدي) نفس المصدر الحديث 4 وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لا يحل مال امرء مسلم الا بطيب نفسه) (نيل الاوطار) الجزء 5 ص 334 كتاب الغصب والضمانات الحديث 2.

(2) إذ الامة الاسلامية أجمعت على عدم جواز التصرف في مال الغير بغير اذنه. فعدم جواز التصرف أصبح من (الضروريات الدينية).

(3) وهو قبح التصرف في مال الغير بدون اذنه.

(4) كالضمان.

(5) بالرفع مبتدأ خبره قول الشارح: (ليس بجيد). فهو دفع لما يقال: (لو ان المصنف) ابدل لفظ (العدوان) بكلمة (غير حق) لشمل هذه الموارد المذكورة التي يضمن فيها المال وان لم يكن الاستيلاء عدوانيا.

(6) من ان هؤلاء ليسوا بغاصبين.

(7) أي وكذلك ليس بجيد لو اعتذر معتذر عن قبل (المصنف) بان تعاقب الايدي على المغصوب بمعنى الغصب فيشمله التعريف. ووجه كونه ليس بجيد: أن الغصب مأخوذ في مفهومه الاعتداء والظلم. وهنا ليس كذلك، لعدم علم الآخر بالغصب. فلا يصدق مفهوم الغصب.

١٨

بكونه بمعناه او دعوى(1) الاستغناء عن القيد أصلا ليشملهم، بل الاجود الافتقار إلى قيد العدوان الدال على الظلم. وقد تلخص: أن الاجود في تعريفه أنه الاستيلاء على حق(2) الغير عدوانا، وان أسباب الضمان غير منحصرة فيه(3) . وحيث اعتبر في الضمان الاستقلال والاستيلاء (فلو منعه من سكنى داره) ولم يثبت المانع يده عليها (أو) منعه (من امساك دابته المرسلة) كذلك(4) (فليس بغاصب لهما(5) ) فلا يضمن العين لو تلفت، ولا الاجرة(6) زمن المنع، لعدم اثبات اليد الذي هو جزء مفهوم الغصب. ويشكل(7) بانه لا يلزم من عدم الغصب عدم الضمان، لعدم انحصار

___________________________________

(1) أي وكذا ليس بجيد لو قيل: بالاستغناء عن قيد العدوان. ووجه كونه ليس بجيد: ما ذكرناه في الهامش رقم 7 ص 18.

(2) وهو يشمل المال أيضا. لان لكل مالك حق التصرف في ماله. فلو غصبه غاصب فقد منعه حقه الشرعي.

(3) أي في الغصب.

(4) اي من دون ان يستولي عليها.

(5) أي للدار، والدابة.

(6) أي ولا يضمن اجرة الدار، والدابة ايضا.

(7) أي عدم ضمان العين والاجرة في الدار، والدابة.

١٩

السبب فيه(1) ، بل ينبغي أن يختص ذلك(2) بما لا يكون المانع سببا في تلف العين بذلك(3) بأن اتفق تلفها(4) مع كون السكنى غير معتبرة في حفظها والمالك غير معتبر في مراعاة الدابة كما يتفق(5) لكثير من الدور وللدواب، أما لو كان حفظه متوقفا على سكنى الدار ومراعاة الدابة لضعفها أو كون أرضها مسبعة(6) مثلا. فان المتجه الضمان(7) نظرا إلى كونه(8) سببا قويا مع ضعف المباشر.

___________________________________

(1) أي في الغصب. فبين الغصب والضمان عموم وخصوص من وجه. مادة اجتماعهما اسوال الناس. ففي ذلك الضمان، والغصب. مادة الافتراق من ناحية عدم الضمان مع كونه غصبا غصب حق المسجد، والمدرسة، أو الرباط وغيرها، لصدق الغصب، دون الضمان. مادة الافتراق من ناحية الضمان مع عدم كونه غصبا، ما تعاقبت الايدي على مال الغير المغصوب منه مع الجهل بكونه غصبا، حيث يثبت الضمان ولا يصدق الغصب.

(2) أي عدم الضمان.

(3) أي بسبب منع الغاصب المالك.

(4) أي تلف العين.

(5) أي يتفق عدم توقف حفظ الدار على سكناها، وعدم توقف حفظ الدابة على مراعاة المالك.

(6) أي ذات سباع، وذئاب من الحيوانات المفترسة.

(7) لان المانع هو السبب في الاتلاف.

(8) أي الظالم الذي منع صاحب الدار من سكناها، ومالك الدابة من امساكها هو السبب القوي في الاتلاف.

٢٠