الروضة البهية في
شرح اللمعة الدمشقية
الجزء الثامن
زين الدين الجبعي العاملي الشهيد الثاني (قدسسره )
هذا الكتاب
نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنين (عليهماالسلام ) للتراث والفكر الإسلامي
بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.
________________________________
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية
اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد
محمد بن جمال الدين مكى العاملى (الشهيد الاول)قدسسره
٧٨٦ - ٧٣٤
الجزء الثامن
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية
للشهيد السعيد
زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)قدسسره
٩١١ - ٩٦٥
الاهداء
إن كان الناس يتقربون إلى الاكابر بتقديم مجهوداتهم فليس لنا أن نتقرب إلى أحد سوى سيدنا ومولانا إمام زماننا وحجة عصرنا (الامام المنتظر) عجل الله تعالى فرجه. فإليك يا حافظ الشريعة بألطافك الخفية، وإليك يا صاحب الامر وناموس الحقيقة أقدم مجهودي المتواضع في سبيل إعلاء كلمة الدين وشريعة جدك المصطفى وبقية آثار آبائك الانجبين، دينا قيما لا عوج فيه ولا امتا ورجائي القبول والشفاعة في يوم لاترجى إلا شفاعتكم أهل البيت
عبدك الراجي
(عند الصباح يحمد القوم السرى) كان املي وطيدا بالفوز فيما اقدمت عليه من مشروع في سبيل الهدف الاقصى للدراسات الدينية (الفقه الاسلامي الشامل) فاردت الخدمة بهذا الصدد لازبل بعض مشاكل الدراسة والان وقد حقق الله عزوجل تلك الامنية بإخراج الجزء الاول من هذا الكتاب الضخم إلى الاسواق فرأيت النجاح الباهر نصب عيني: انهالت الطلبة على اقتناءه بكل ولع واشتياق فله الشكر على ما انعم والحمد على ما وفق بيد أن الاوضاع الراهنة، وما اكتسبته الايام من مشاكل إنجازات العمل وفق المراد احرجتني بعض الشي.
فإن الطبعة بتلك الصورة المنقحة المزدانة بأشكال توضيحية، وفي اسلوب شيق كلفتني فوق ما كنت اتصوره من حساب وارقام مما جعلتني ائن تحت عبئه الثقيل، ولا من مؤازر أو مساعد فرأيت نفسي بين امرين: الترك حتى يقضي اله امرا كان مفعولا، أو الاقدام المجهد مهما كلف الامر من صعوبات فاخترت الطريق الثاني واحتملت صعوباته في سبيل الدين، والاشادة بشريعة (سيد المرسلين)، وإحياء آثار (أئمة الهدى المعصومين) صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين فاتبعت بعون الله عزوجل (الجزء السابع) (بالجزء الثامن) يعزم قوي، ونفس آمنة وكل اعتمادي على الله سبحانه وتعالى توسلي إلى صاحب الشريعة الغراء واهل بيته الاطهار عليهم صلوات الملك العلام ولا سيما ونحن في جوار سيدنا الكريم مولى الكونين (امير المؤمنين) عليه الصلاة والسلام فبك يا مولاي استشفع إلى ربي ليسهل لنا العقبات ويؤمن علينا التبعات إنه ولي ذلك والقادر عليه.
السيد محمد كلانتر
كتاب الميراث
وهو: - مفعال(١) من الارث(٢) . وياؤه منقلبة عن واو(٣) ، أو من الموروث(٤) . وهو على الاول(٥) : " استحقاق انسان بموت آخر بنسب. أو سبب شيئا بالاصالة "(٦) .
___________________________________
(١) يعني ان الميم والالف زائدتان: وزان ميعاد.
(٢) أي يحتمل في " الميراث " ان يكون بمعنى " الارث " الذي هو مصدر وهو " اسم معنى " (٣) لان الاصل ورث وراثة. فالميراث: اصله موراث. قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها. مثلها في: ميعاد وميقات وميزان.
(٤) هذا احتمال ثان في اشتقاق " الميراث " بأن يكون مأخوذا من " الموروث " الذي هو اسم مفعول والمراد به المال الموروث فيكون (اسم عين) ويختلف تعريف الميراث حسب اختلاف الاشتقاقين كما يذكر الشارح نفسه.
(٥) وهو كون " الميراث " مأخوذا من الارث ليكون مصدرا: اسم معنى ولذلك يفسره بالمصدر وهو قوله: إستحقاق.
الخ.
(٦) هذا تعريف للميراث بمعناه المصدري: الفرق بين اسم المعنى واسم العين: ان الاول يطلق على المعاني غير الملموسة كالقتل والضرب، والقيام والقعود. والثاني يطلق على الاعيان الخارجية كالشجر والحجر والحيوان. والتعريف يشتمل على نبود: " استحقاق انسان بموت آخر..
" هذا تحقيق لواقع الارث. حيث إن استحقاق الوارث للارث إنما يتحقق بموت مورثه. فالمقصود من " انسان ": الوارث. والمقصود من " آخر ": الورث.
" بنسب، أو سبب ". هذا القيد لاخراج الوصية. حيث إن استحقاق الموصى له وإن كان بعد موت الموصي كالوارث إلا أنه لو لا الوصية لم يستحق شيئا، بخلاف الوارث فإنه يستحق الارث، لكونه ذا نسب كالاولاد، أو سبب كالازواج، سواء رضي الميت بذلك أم لا.
" شيئا بالاصالة " أي بأصل التشريع. هذا القيد لاخراج الوقف ونحوه. فان الموقوف عليهم من البطن الثاني يستحقون الوقف بموت البطن الاول، فيصدق عليهم التعريف لو لا القيد. فأخرج ذلك بقوله: " بالاصالة " أي بأصل التشريع، لان استحقاق الموقوف عليهم طارئ بسبب وقف الواقف، بخلاف الوارث فانه يستحقق التركة بأصل التشريع.
وعلى الثاني(١) : " ما يستحقه انسان. " إلى آخره(٢) . بحذف
___________________________________
(١) وهو كون " الميراث " مأخوذا من " الموروث " ليكون المراد به " المال الموروث ". وعلى هذا يكون التريف للعين الموروثة.
(٢) والمراد ب " ما " المال. وخلاصة هذا التعريف: " ان الميراث بمعناه الاسمي: هو المال الذي يستحقه انسان (هو الوارث) بموت آخر (هو المورث بنسب، او سبب بالاصالة.
الشي(١) . وهو اعم(٢) من " الفرائض " مطلقا، ان اريد بها(٣) : المفروض بالتفصيل(٤) .
___________________________________
(١) وهو " شيئا " الذي كان في التعريف الاول. وذلك لان " ما " في التعريف الثاني يغني عنه، لانه بمعنى الشئ هنا. اي المال الموروث.
(٢) اي لفظ " الميراث " الذي عنونه المصنف لكتاب الارث اعم من لفظ " الفرائض " الذي عنونه كثير من الفقهاء لهذا الكتاب عموما مطلقا، وذلك لان المقصود من " الميراث " مطلق التوارث المشروع بين المنتسبين، او المتسببين، سواء كان هذا التوارث مقدرا بقدر مخصوص في كتاب الله وهو المعبر عنه: " بالفريضة " كالبنت الواحدة، والبنات، والاخت الواحدة، والاخوات، والام، ونحو ذلك. ام غير مقدر، بل كان ارثه مجموع التركة، او ما بقي مهما كان، او ما بلغ سهمه مع شركائه في الارث وهو المعبر عنه " بالقرابة ". كالولد، والاولاد، والاخ، والاخوة من طرف الاب، او الابوين. هذا ما يشمله لفظ " الميراث ".
أما لفظ (الفرائض) فيختص بميراث من عين له في كتاب الله مقدر مخصوص فلا يعم ميراث مطلق الورثة.
(٣) اي بالفرائض.
(٤) أي تكون الفرائض أخص مطلقا من الميراث في صورة كون المراد من الفرائض خصوص المواريث المقدرة تقديرا بالتفصيل كالسدس للام، والنصف للبنت الواحدة، والثمن للزوجة. وهلم جرا. فلا تشمل المواريث التي لم تقدر بمقدار خاص كميراث الولد. فانه يرث التركة باجمعها، او ما بقي مهما كان، او ما بلغ سهمه مع بقية اخوته. ولم يقدر له مقدار معين كما عين للبنت والبنات.
وإن اريد بها(١) ما يعم الاجمال كإرث أولي الارحام، فهو بمعناه(٢) ، ومن ثم كان التعبير بالميراث اولى(٣) .
___________________________________
(١) يعنى: كان المقصود من الفرائض: المواريث المقدرة على الاطلاق، سواء كان التقدير تفصيليا ام اجماليا. فان الولد وان لم يكن له مقدر شرعي بنصف. او ربع. ونحو ذلك. ولكن ينتهي إلى ذلك لا محالة. لان الشارع اذا حكم بأن للولد ما بلغ سهمه مع اخوته حسب رؤسهم وكانوا اربعة مثلا. فحصته عند ذلك تكون ربع التركة. واذا كانوا ثلاثة فحصته ثلثها. وهذا التقدير الاجمالي مطوي في قوله تعالى:( واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض ) فحكم بارثهم ولم يعين مقدار حصصهم تفصيلا، لكنه ينتهي إلى التحيصى بحصص لا محالة.
(٢) يعنى اذا كانت الفرائض مقصودا بها مطلق المقدرات: التفصيلية والاجمالية. فعند ذلك يكون لفظ " الفرائض " مترادفا مع لفظ " الميراث ". فقوله: (فهو بمعناه). اي لفظ الفرائض يكون بمعنى لفظ الميراث.
(٣) اي ومن جهة كون لفظ الفرائض ذا احتمالين: احتمال الخصوص، واحتمال العموم. كان التعبير بلفظ الميراث أولى. لان الميراث منطبق تماما على عنوان كتاب الارث. أما الفرائض فينطبق عليه على تقدير، ولا ينطبق عليه على تقدير، بل يكون أخص. ومن المستحسن في عناوين الابحاث اختيار ألفاظ منطبقة عليها تماما.
الانفال الآية ٧٥.
(وفيه فصول:)
(الفصل الاول - في الموجبات)
(الفصل الاول) البحث (في الموجبات) للارث (وللموانع(١) ) منه*
___________________________________
(١) اعلم أن للارث موجبات وموانع وحواجب: الموجب: العلة المقتضية لارث الوارث من نسب كالولادة. أو سبب كالزوجية. والمانع: ما يبطل تأثير مقتضي الوراثة ككفر الولد. أو قتله أباه. فانهما يمنعان منم تأثير اقتضاء سبب الوراثة أي النسب. فلا يرثه. والحاجب: ما يبطل الوراثة في بعضها أو رأسا. بسبب وجود شخص. أو أشخاص آخرين. فيكون الفرق بين الحجب والمنع: ان الثاني صفة في نفس الوارث كالقتل والكفر. وأما الحجب فلحيلولة الآخرين. كأهل كل مرتبة يحجبون أهل المرتبة التالية وكاخوة الميت يحجبون الام عن الثلث إلى السدس. كان بودنا التفصيل والاستقصاء في جميع المواضيع الاسلامية التي جاءت موضع نقاش وجدل في العصر الاخير (ولكن ما لا يدرك جله لا يترك كله) ولذلك يجدنا القارئ الكريم قد أسهبنا في الحبث عند مواضيع شتى من هذا الكتاب. وكان موضوع الارث الاسلامي من أحد تلك المواضيع الهامة وذلك عذرنا في التطويل ان صح هذا التعبير وذلك.
الارث ظاهرة اجتماعية طبيعية كل امرء بما كسب رهين: من القواعد الاسلامية الفطرية: استحقاق كل انسان نتيحة أعماله التي قام بها. عمل المؤمن محترم. ولكل امرء ما كسب. غير ان الاسلام إشتراط في انتخاب طرق اكتساب المال ما كان جائزا: لا يضيع فيه حقوق الآخرين، ولا يستلزم هتك حرمات الله. فكل أحد يملك مكاسبه ملكا شخصيا شريطة حلية الطريق الذي سلكه لكسبها. ما لم يؤد إلى الاحتكار المضيق على النظام السائد. وللتخلص عن الاحتكار الضار طرق مهدها الاسلام ووضح مناهجها، ليس هنا محل ذكرها. والخلاصة: ان الفرد يملك أموالا هو اجتهد في تحصيلها اجتهادا حلالا. بالكسب، أو باحدى الطرق الشرعية كالارث، والهبة وغيرهما.
* * *
الولد بعض أبيه:
لا شك ان الولد امتداد لحياة والده، وبقاء لوجوده، عبر الزمان. ولذلك ورد الحديث: (لم يمت من خلف ولدا صالحا). إذ يمكن للولد احياء اسم والده بما يقوم به من جلائل اعمال صالحة كان والده قائما بها. كما يمكنه اماتة ذكره واعفاء اسمه رأسا باتخاذه منهجا يعاكس سير والده.
وعلى اية حالة فالولد امتداد لحياة الوالد على طول خط الزمان. ولذلك أيضا يحاول الآباء التحفظ على أموالهم للابناء. فالمال الذي يكتسبه الوالد كما يحبه لنفسه كذلك يحبه لولده. فان الولد بعض أبيه، بل كله كما قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في وصية لابنه الامام المجتبى الحسنعليهالسلام : (ووجدتك بعضي، بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني. وكأن الموت لو أتاك أتاني. فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي). (نهج البلاغة: طبعة مصر الجزء ٣ ص ٤٢).
اذن كان قانون الوراثة: (بقاء المال في الذرية) موافقا لما عليه الفطرة البشرية عامة. وكان التعصيب الذي يقول به بعض المذاهب الاسلامية مخالفا للطبيعة البشرية
طبقات الارث الطبيعية:
تبين من الفصل المتقدم: أن الاصل في الوراثة هم الاولاد، لانهم امتداد للآباء. لكن الابوين يشاركان الاولاد في الوراثة لمكان حقهما العظيم، ولانهما بالنسبة إلى ولدهما الميت كالكل إلى البعض.
(الطبقة الاولى): ولذلك كانت الطبقة الاولى: (الاولاد والابوان) مقدمين على غيرهم في الارث ولا يرث من سواهم مع وجود واحد من هؤلاء على مذهب الامامية. وأما غير الامامية الانثى عشرية فيورثون بالتعصيب الذي سبق ان قلنا: إنه خلاف الفطرة، وخلاف دستور الاسلام المستقى من فقه (أهل البيت) الذين هم أدرى بما في البيت.
(الطبقة الثانية): الاخوة والاجداد. لا شك ان الاخوة وكذا الاجداد أقرب إلى الميت رحما إذا فقدت الطبقة الاولى لقوله تعالى:( والوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) . إذ الاخ مع أخيه بعضان من أبيهما. أما العم فينتهي في التبعيض إلى الجد فهو أبعد. وكذلك الجد أقرب إلى الميت من العم، لان الميت بعض الاب، والاب بعض الجد وبعض البعض بعض بقياس المساواة فالميت بعض الجد لا محالة.
(الطبقة الثالثة): الاعمام والاخوال. فهم أقرب إلى الميت ممن عداهم إذا لم يكن جد، أو أخ. ولذلك كان التوزيع الاسلامي الطبقي في الارث من أحسن الفروض، ومن أوجه التقسيم، لكونه وفقا للفطرة والطبيعة التي خلقها الله الحكيم. بقي الكلام حول التبعيض بين الذكر والانثى الذي يقول به الاسلام في قوله تعالى:( للذكر مثل حظ الانثيين ) . فنقول: هذا أيضا موافق للفطرة ولسنة الاجتماع بلا تحويو قيد شعرة. وذلك للتفصيل الآتي.
(المعونة حسب المؤنة). اذا كان قانون (العدالة) تقضي بتوزيع الثروة بين الناس حسب الحاجة الواقعة. فان مقياس الحاجة هي التكاليف المنوطة بمن يتحملها. ولذلك كان قانون الاسلام في توزيع الارث بين الرجال والنساء اثلاثا هو اعدل قانون وصلت اليه البشرية اليوم وهو: (لكل حسب حاجته). واذا لاحظنا المجتمع الانساني فجميع الثروات الموجودة تخص اصحابها الموجودين فعلا حسب قانون: (لكل امرء ما كسب). فاذا انقرضت طبقة ترثها طبقة تالية تلك الثروات.
فالطبقة التالية مؤلفة من الذكور والاناث. فتمنح النساء ثلث تلك الثروات وتعطى للرجال ثلثاها. وعلى اثر تحمل الرجال نفقات النساء يكون الثلث الموروث للنساء خاصا بانفسهن. واما الثلثان اللذان للرجال فينفقان على الرجال والنساء جميعا. فهى بمالها مستقلة. وفي مال الرجال شريكة. خذ لذلك مثالا.
" عائلة متكونة من (والد) و (والدة) و (ابن) و (بنت). والابن متزوج. والبنت ايضا متزوجة. وتملك هذه العائلة (ضيعة) يكون محصولها المعدل شهريا خمسين دينارا. تعيش أفراد العائلة على هذا النتاج طول ايام السنة. فيموت الاب، فماذا يحدث؟. الولد يتكلف إعاشة نفسه وزوجته ووالدته. والبنت تعيش على نفقة زوجها. فحينئذ ماذا يحكم قانون العدل والانصاف في تقسيم تلك الضيعة بين الورثة؟ فاذا ورث الولد ضعف ارث البنت فهل هذا ظلم. وهل فيه جور وحيف؟ ! ".
فقانون الارث ابقاء للمنتفعين بمالية على ما كانوا عليه، او منح اشخاص مالا من ذوى قرابتهم ممن كانوا محرومين حينما كان المورث حيا. فهو على اي حال تقسيم مال معين بين اشخاص معينين، فهل يجب ملاحظة أحوال من يقسم عليهم ووظائفهم الشخصية والاجتماعية ولو كانت بحسب النوع المتداول ام تعطى الاموال اليهم من غير ما مراعاة ومن دون ما لحاظ؟؟ والمثال المذكور فوق وغيره من أمثلة يجد لها نظائر كثيرة من قاس محيطه ومجتمعه بمقياس الامعان والاعتبار. ثم يطبق القانون الاسلامى ويزن غيره من سائر القوانين غير الاسلامية. فالاسلام يجعل لكل من الرجل والمرأة حظا. ولكن لا يتطلب من المرأة إنفاق شئ من مالها على غير نفسها. ويجعل الرجل مكلفا بانفاق جزء كبير من ماله على النساء، فأين الظلم الذي يزعمه مدعي المساواة المطللقة؟ فالمسألة مسألة حساب. لا عواطف، ولا ادعاءات فارغة جوفاء. تأخذ المرأة ثلث الثروة لتنفقه على نفسها. ويأخذ الرجل ثلثي الثروة لينفقهما على نفسه وعلى زوجته وهي امرأة ثم على أسرته واولاده ومن تجب عليه نفقتهم وفيهم الاناث طبعا. فايهما الذكر والانثى يصيب من المال اكثر نصيبا بمنطق الحساب والارقام؟ الجواب الصحيح الذي يجيبه الواقع: (أن المرأة بجنسها اصابت من الثروة اكثر مما اصابه الرجل بجنسه). فقانون الاسلام هو القانون الوحيد العادل الصالح لواقع الحياة والاجتماع.
(يوجب الارث) اي يثبته شيئان: (النسب والسبب(١) ، فالنسب) هو: الاتصال بالولادة بانتهاء احدهما إلى الآخر، كالاب
___________________________________
(١) فقد ظهر: ان السبب هنا أخص من الموجب اصطلاحا فهو الموجب الذي لا يكون نسبا. والجدول الآتي متكفل لتفصيل الموجب وأقسامه:
والابن، أو بانتهائهما إلى ثالث(1) . مع صدق اسم النسب عرفا(2) على الوجه الشرعي(3) . وهو ثلاث مراتب(4) ، لا يرث احد من المرتبة التالية مع وجود واحد من المرتبة السابقة، خال(5) من الموانع.
___________________________________
(1) كالاخوة، والاعمام والاخوال، فان الاخ ينتهي مع أخيه إلى صلب والد واحد، أو رحم أم واحدة، وكذا ابن العم مع عمه، أو ابن الاخت مع خاله ينتهيان إلى صلب واحد، أو رحم واحد.
(2) وذلك بأن يكون الصلب، أو الرحم المنتهى اليه قريبا، فلو كانا ينتهيان إلى صلب بعيد فلا نسب بينهما كفردين من عشيرة واحدة ينتهي نسبهما إلى رأس العشيرة قبل ألف سنة مثلا. ومثاله في هذا الزمان بنو هاشم (كثرهم الله). فانهم جميعا ينتهون إلى صلب هاشم بن عبد مناف، ومع ذلك لا يحكم بالنسب بينهم جميعا. ما لم يكن بينهما نسب قريب كالاخوة، والعمومة، والخؤلة القريبة.
(3) هذا قيد في التعريف. أي لا بد من أن يكون الانتساب شرعيا. فلو كانت الولادة عن زناء فإنها لا توجب نسبا، لنفي الولد عن الزاني شرعا، " وللعاهر الحجر ".
(4) أي مراتب الارث ثلاثة. وهي الطبقات الثلاث التي أشرنا اليها في الجدول.
(5) وصف ل " واحد " في قوله: " مع وجود واجد "، أي ان أصحاب الطبقة الثانية إنما يمنعون من الارث بسبب وجود واحد في الطبقة الاولى إذا كان ذلك الواحد خاليا من موانع الارث بأن لا يكون قاتلا أباه مثلا، أو كافرا. فلو كان كذلك لم يمنعهم عن الارث، بل يرثون هم ولا يرث هو.
فالاولى(1) : (الآباء) دون آبائهم(2) (والاولاد) وإن نزلوا.
(ثم) الثانية(3) : (الاخوة) والمراد بهم: ما يشمل الاخوات(4) للابوين، أو أحدهما(5) (والاجداد) والمراد بهم: ما يشمل الجدات(6) (فصاعدا. وأولاد الاخوة) والاخوات (فنازلا) ذكورا وإناثا. وأفردهم عن الاخوة(7) لعدم اطلاق اسم الاخوة عليهم فلا يدخلون ولو قيل(8) : وإن نزلوا ونحوه. بخلاف الاجداد والاولاد(9) .
(ثم) الثالثة(10) : (الاعمام والاخوال) للابوين، أو أحدهما
___________________________________
(1) أي المرتبة الاولى. وهي الطبقة الاولى.
(2) أي دون آباء الآباء. والمقصود: الاجداد فانهم من الطبقة الثانية.
(3) أي المرتبة الثانية. وهي الطبقة الثانية.
(4) فاللفظ تغليب للمذكر.
(5) أي الاخوة من جانب الاب فقط، أو من جانب الام فقط.
(6) تغليبا أيضا.
(7) يعني أن المصنف أدرج أولاد الاولاد في " الاولاد ". وكذا أدرج آباء الاجداد في " الاجداد ". أما أولاد الاخوة فذكرهم عليحدة بقوله: وأولاد الاخوة، ولم يدرجهم في الاخوة. وذلك لان لفظ الاولاد يشمل أولاد الاولاد فنازلا باطلاق واحد، لانهم أولاد أيضا. وكذا آباء الاجداد داخلون في الاجداد، لانهم أجداد أيضا. أما أولاد الاخوة فليسوا باخوة كي يشملهم اللفظ. فمست الحاجة إلى ذكرهم عليحدة.
(8) (لو) هنا وصلية.
(9) فان الاول يشمل آباء الاجداد. والثاني يشمل أولاد الاولاد.
(10) أي الطبقة الثالثة.
وإن علوا كأعمام الاب والام، وأعمام الاجداد (وأولادهم) فنازلا ذكورا وإناثا.
(والسبب) هو الاتصال بالزوجية، أو الولاء. وجملته(1) (أربعة الزوجية) من الجانبين مع دوام العقد، أو شرط الارث على الخلاف(2) (و) ولاء (الاعتاق)(3) (و) ولاء (ضمان الجريرة)(4) (و) ولاء
___________________________________
(1) أي مجموع الاسباب الموجبة للارث.
(2) يعني: أن الزوجية ليست توجب الارث على الاطلاق، بل ان كانت عن دوام، أو كانت متعة. ولكن اشترطا التوارث من الجانبين أو من أحدهما. ففي صورة الزوجية الموقتة لا بد في التوارث من الاشتراط. أما مع عدمه فلا توارث بينهما. على أن هناك خلافا بين الفقهاء في مشروعية شرط التوارث في زواج المتعة ذكره الشارحقدسسره في كتاب النكاح. واختار هو: عدم التوارث مطلقا راجع الجزء الخامس من طبعتنا الحديثة ص 296 299.
(3) ولاء الاعتاق: عبارة عن ولاية تحصل للمولى المعتق بالكسر على عبده بسبب عتقه له. بشرط أن لا يكون للعبد المعتق وارث سواه. فعند ذلك يرثه المولى.
(4) ولاء ضمان الجريرة: هو عبارة عن ولاية تحصل بين شخصين بسبب عقد يتوافقان عليه بهذه العبارة: يقول المضمون: (عاقدتك على ان تنصرني وتدفع عني، وتعقل عني، وترثني) فيقبل الضامن. ويشترط في المضمون أن لا يكون له وارث نسبي. وإذا كان الضمان من الطرفين فيشترط عدم الوارث النسبي فيهما.
(الامامة(1) ). والزوجية من هذه الاسباب تجامع جميع الوراث، والاعتاق لا يجامع النسب(2) ، ويقدم على ضمان الجريرة(3) ، المقدم(4) على ولاء الامامة فهذه اصول موجبات الارث(5) . وأما الموانع فكثيرة قد سبق بعضها(6) ويذكر هنا بعضها في تضاعيف الكتاب(7) ، وغيره(8) ، وقد جمعها المصنف في الدروس إلى عشرين(9)
___________________________________
(1) ولاء الامامة: عبارة عن الولاية الثابتة للامام المعصومعليهالسلام فهو وارث من لا وارث له.
(2) يعنى لو كان هناك مناسب وارث فلا تصل النوبة إلى ولاية الاعتاق.
(3) يعنى أن ولاية الاعتاق مقدم على ولاية ضمان الجريرة فلا إرث للثاني مع وجود الاول.
(4) اي ضمان الجريرة فإنه مقدم على ولاء الامامة، لان الثاني وارث من لا وارث له.
(5) وقد درجناها في الجدول المرسوم ص 21 توضيحا. وتفريقا بين اقسام الموجب.
(6) كالزنا والدين المستغرق للتركة.
(7) يعنى كتاب الارث. فيذكر بعض الموانع خارجا عن الستة المذكورة هنا في ثنايا مباحث الارث استطرادا وبالمناسبة. وهو العلم باقتران موت المتوارثين وبعد الدرجة مع وجود الاقرب. ونحو ذلك.
(8) اي وغير كتاب الارث. كالتبرأ عند السلطان من جريرة الابن وميراثه مثلا.
(9) خلاصة ما ذكره في الدروس: 1 الرق.
2 الكفر.
3 القتل.
4 اللعان.
5 الزنا.
6 التبرأ عند السلطان من جريرة الابن وميراثه.
7 الشك في النسب.
8 الغيبة المنقطعة.
9 الدين المستغرق.
10 العلم باقتران موت المتوارثين.
11 الحمل ما لم ينفصل حيا.
12 بعد الدرجة مع وجود اقرب.
13 عقد المريض على امرأة ما لم يأذن الورثة.
14 الطفل يقع من غير استهلال ولا تعلم حياته.
15 اشتباه الوارث العبد.
16 المنع بقدر الحبوة.
17 المنع بمقدار الكفن.
18 المنع بقدر الوصية فيما دون الثلث.
19 كون العين موقوفة.
20 كون العبد جانيا فلا يرثه الورثة لو استرقه المجني عليه، او وليه.
وذكر هنا ستة(1) : احدها: الكفر (ويمنع الارث) للمسلم (الكفر) بجميع اصنافه، وإن انتحل(2) معه الاسلام (فلا يرث الكافر) حربيا ام ذميا ام خارجيا ام ناصيبا ام غاليا(3) (المسلم) وان لم يكن مؤمنا(4) (والمسلم يرث
___________________________________
(1) وهي: 1 (الكفر). 2 (القتل). 3 (الرقية). 4 (اللعان). 5 (الحمل). 6 (الغيبة المنقطعة).
(2) وان كان منتحلا للاسلام ومدعيا له مع كونه كافرا. فهو كافر. ولكنه يدعي الاسلام. كفرق الخوارج، والنواصب، والغلاة. يزعمون الاسلام وهم كفار.
(3) الكافر اذا لم يكن كتابيا. فهو حربي، أو كان كتابيا ولم يدخل في ذمة الاسلام. أما الذمي فهو الكتابي الداخل في ذمة الاسلام، والتزم بشرائط الذمة. والخارجي: الخارج على امام زمانه بما يوجب قتله كأهل النهروان خرجوا على (امير المؤمنين) عليه الصلاة والسلام. والناصبي: من نصب العداء لائمة الدين المعصومين عليهم السلام. وجاهر بسبهم وشتمهم. والغالي: من غالا بشأن الائمة فزعم فيهم مزاعم الربوبية.
(4) اي إماميا آمن بواقع الاسلام.
الكافر) ويمنع ورثته الكفار، وإن قربوا وبعد(1) . وكذا يرث المبتدع من المسلمين لاهل الحق(2) ، ولمثله(3) ، ويرثونه(4) على الاشهر. وقيل: يرثه المحق، دون العكس(5) .
(ولو لم يخلف المسلم قريبا مسلما كان ميراثه للمعتق. ثم ضامن الجريرة: ثم الامامعليهالسلام (6) . ولا يرثه الكافر بحال(7) )، بخلاف الكافر فإن الكفار يرثونه مع فقد الوارث المسلم، وإن بعد(8) كضامن الجريرة. ويقدمون(9) على الامامعليهالسلام .
(واذا اسلم الكافر على ميراث قبل قسمته) بين الورثة حيث يكونون متعددين (شارك) في الارث بحسب حاله (إن كان مساويا) لهم في المرتبة كما لو كان الكافر ابنا والورثة إخوته(10) (وانفرد)
___________________________________
(1) اي المسلم الوارث.
(2) المبتدع من المسلمين: من أدخل بدعة في دين الاسلام بما لا يخرجه عن الاسلام. فهو يرث اهل الحق وهو المسلم الثابت على الدين الاسلامي الخالص.
(3) اي يرث المبتدع مبتدعا مثله.
(4) اي يرث اهل الحق المبتدع على القول الاشهر.
(5) وهو ارث المبتدع لاهل الحق.
(6) فسرنا المقصود من هولاء في التعليقات 3 4 ص 24 و 1 ص 25.
(7) سواء كان للمسلم وارث غيره ام لا.
(8) يعنى يرثه الكفار اذا لم يكن للكافر وارث مسلم ولو بعيدا في الدرجة كضامن الجريرة مثلا.
(9) اي الورثة الكفار.
(10) اي اخوة هذا الكافر الذي اسلم.
بالارث (إن كان اولى) منهم كما لو كانوا اخوة(1) . مسلما كان المورث(2) ام كافرا ونماء التركة كالاصل(3) .
(ولو) أسلم بعد القسمة او (كان الوارث واحدا(4) فلا مشاركة) ولو كان الوارث الامام حيث يكون المورث مسلما(5) ففي تنزيله(6) منزلة الوارث الواحد، او اعتبار نقل التركة إلى بيت المال، او توريث المسلم(7) مطلقا(8) اقوال(9) .
___________________________________
(1) اي اخوة للميت. وكان هذا الكافر الذي اسلم إبناله.
(2) وهو الميت.
(3) يعنى اذا حصل للتركة نماء متجدد بعد الموت فحكمه حكم أصل التركة يرثه الكافر اذا اسلم قبل قسمته.
(4) اذ لو كان الوارث المسلم واحدا فهو يرث بمجرد موت المورث ولا يتوقف ارثه على القسمة. فعندئذ اذا كان للميت وارث آخر كافر. فاسلامه بعد الموت لا يوجب إرثه، لانه واقع بعد تحويل التركة إلى الوارث المسلم.
(5) لانه لو كان كافرا ورثه ورثته الكفار.
(6) اي تنزيل الامام.
(7) اي الكافر الذي اسلم.
(8) سواء نقلت التركة إلى بيت المال ام لا.
(9) ثلاثة.
(الاول): تنزيل الامام منزلة الوارث الواحد.
(الثاني): اعتبار نقل التركة إلى بيت المال.
(الثالث): توريث المسلم مطلقا سواء نقلت التركة إلى بيت المال ام لا.
ووجه الاول(1) واضح دون الثاني(2) ، والاخير مروي(3) . ولو كان الوارث احد الزوجين، فالاقوى: أن الزوج كالوارث المتحد(4) ، والزوجة كالمتعدد، لمشاركة الامامعليهالسلام لها(5) دونه(6) وإن كان غائبا(7) . ولو كان الاسلام(8) بعد قسمة البعض، ففي مشاركته في الجميع(9) او في الباقي(10) ،
___________________________________
(1) اي القول الاول وهو (تنزيل الامام منزلة الوارث الواحد) الامامعليهالسلام وارث مسلم وهو واحد. فانتقلت التركة اليه فلا مجال لارث الكافر الذي اسلم بعد نقل التركة.
(2) لان قيد " نقل التركة إلى بيت المال " لم يدل عليه دليل.
(3) (الوسائل) طبعة (طهران) الحديثة الجزء 17 كتاب الفرائض ص 380 الباب 3.
(4) لان المال كله له.
(5) فلو اسلم الكافر قبل قسمة التركة بينها وبين الامام ورث بسهمه.
(6) اي دون الزوج فان الامام لا يشاركه في ارثه من زوجته.
(7) اى وان كان الامامعليهالسلام غائبا كعصر الغيبة، وسيأتي تفصيل ذلك في الفصل الثاني قبل مسألة العول عند قول المصنف: " والاقرب ارثه مع الزوجة ".
(8) اي اسلام الوارث.
(9) لانه يصدق: أنه اسلم قبل القسمة. بناء على أن المراد من القسمة هي قسمة الجميع.
(10) لانه بالنسبة إلى المقدار المقسوم أسلم بعد القسمة " وبالنسبة إلى غير المقسوم اسلم قبل القسمة. فكل بحسابه.
او المنع منهما(1) اوجه: او سطها الوسط(2) .
(والمرتد عن فطرة) وهو الذي انعقد(3) وأحد ابويه مسلم (لا تقبل توبته) ظاهرا(4) وإن قبلت باطنا(5) على الاقوى (وتقسم تركته) بين ورثته بعد قضاء ديونه منها، إن كان عليه دين (وإن لم يقتل) بأن فات السلطان. او لم تكن يد المستوفي مبسوطة (ويرثه المسلمون لا غير) لتنزيله منزلة المسلم في كثير من الاحكام كقضاء عبادته الفائتة زمن الردة. (و) المرتد (عن غير فطرة) وهو الذي انعقد ولم يكن احد ابويه مسلما لا يقتل معجلا، بل (يستتاب) عن الذنب الذي ارتد بسببه (فإن تاب(6) ، وإلا قتل)، ولا يقسم ماله حتى يقتل، او يموت، وسيأتي بقية حكمه في باب الحدود ان شاء الله تعالى.
(والمرأة لا تقتل بالارتداد)، لقصور عقلها (ولكن تحبس وتضرب اوقات الصلوات حتى تتوب، او تموت، وكذلك الخنثى) للشك في ذكوريته المسلطة على قتله(7) . ويحتمل أن يلحقه حكم الرجل، لعموم قولهصلىاللهعليهوآله :
___________________________________
(1) لانه اسلم بعد القسمة. بناء على أن المراد بالقسمة هي مطلق القسمة.
() اي الوجه الوسط هو الاعدال، نظرا إلى أن المال قد تشطر شطرين. فلكل شطر حسابه الخاص.
(3) اي انعقدت نطفته في حالة كون أحد أبويه: ابيه، او امه. مسلما.
(4) فتجري عليه احكام المرتد.
(5) عند الله في واقع الامر.
(6) أي فلا شئ عليه.
(7) يعنى أن الذكورية هى العلة الموجبة لقتل المرتد. وبما أن الذكورية مشكوكة الوجود في الخنثى. فلا علم بموجب القتل فيه.
" من بدل دينه فاقتلوه "(1) ، خرج منه المرأة فيبقى الباقي(2) داخلا في العموم اذ لا نص على الخنثى بخصوصه وهذا متجه لولا أن الحدود تدرأ بالشبهات(3) .
(و) ثانيها(4) (القتل) اي قتل الوارث لولاه(5) المورث وهو (مانع) من الارث (اذا كان عمدا ظلما) اجماعا، مقابلة له بنقيض مقصوده(6) ، ولقولهصلىاللهعليهوآله : " لا ميراث للقاتل "(7) واحترزنا بالظلم عما لو قتله حدا او قصاصا ونحوهما من القتل بحق فإنه لا يمنع.
___________________________________
(1) (سنن ابن ماجه) الجزء 2 كتاب الحدود ص 848 الباب الثاني. باب المرتد عن دينه الحديث 2535.
(2) الذي من جملته الخنثى.
(3) يعنى أن مقتضى العموم هو الحكم بوجوب قتل الخنثى المرتد. لكونه داخلا في عموم قول النبيصلىاللهعليهوآله . لكن هنا مانعا عن ذلك وهو قانون " الدرء بالشبهة " حيث ورد: " أن الحدود تدرأ اى تدفع بالشبهات " اي بسبب الشبهة. وهي هنا: احتمال كونها أنثى.
(4) اي ثاني الموانع للارث.
(5) اي لولا القتل. وهذا تقييد للوارث. اي كان وارثا لولا قضية قتله لمورثه. فالوارث فاعل مضاف اليه. والمورث مفعول به.
(6) يعنى لو كان قتل مورثه طمعا في تركته، فإن الشارع قد حكم بمنعه عن الارث. نقضا لمقصوده.
(7) (الكافي) طبعة (طهران) سنة 1379 لجزء 7 ص 141 الحديث 5.
(ولو كان) قتله (خطأ) محضا(1) (منع من الدية خاصة) على اظهر الاقوال، لانه جامع بين النصين(2) ، ولان الدية يجب عليه
___________________________________
(1) الخطاء المحض: ما كان القاتل غبر قاصد لقتل هذا الشخص ولم تكن الآلة قاتلة. كما اذا رمى بحجر طيرا فأصاب انسانا فقتله. وهناك شبه الخطاء، او شبه العمد وهو من يقصد تأديب غيره بالضرب بالعصا مثلا فيتفق موته بسبب ذلك الضرب. أما العمد المحض فهو القاصد للقتل بآلة قاتلة كالسيف والخنجر ونحوهما.
(2) وهما: النص القائل بارث القاتل مطلقا من الدية وغيرها. والنص القائل بعدم ارث القاتل مطلقا من الدية وغيرها. أما النص الاول: فقد روى (الامام ابوجعفر)عليهالسلام عن جده امير المؤمنينعليهالسلام انه قال: اذا قتل الرجل امه خطأ ورثها، وان قتلها متعمدا فلا يرثها. ومثل هذه الرواية رواية اخرى عن (الامام الصادق)عليهالسلام . فهذان النصان يدلان على ارث القاتل مطلقا من الدية وغيرها. راجع (الوسائل) طبعة (طهران) سنة 1388 الجزء 17 ص 391 392 الحديث 1 2.
وأما النص الثاني فعن (ابي عبدالله)عليهالسلام . ولا يرث الرجل اباه اذا قتله وان ان خطا. راجع نفس المصدر ص 392 الحديث 3. فهذا الحديث يدل على عدم ارث القاتل مطلقا من الدية وغيرها. فالجمع بين هذين النصين المتعارضين: هو القول بعدم ارث القاتل من الدية خاصة، بل يرث من سائر التركة. لكنه جمع تبرعي.
دفعها إلى الوارث. للآية(1) ، ولا شئ من الموروث للقاتل يدفع اليه(2) . والدفع إلى نفسه لا يعقل(3) وبه(4) صريحا رواية عامية(5) .
___________________________________
(1) في قوله تعالى:( فدية مسلمة إلى اهله ) . النساء: الآية 91 اى تعطى الدية إلى الاولى بالمقتول وهو الوارث.
(2) اي إلى الوارث. خلاصة هذا الاستدلال: أن الديد يجب دفعها إلى الوارث لقوله تعالى( فدية مسلمة إلى اهله ) . فعندئذ لو اراد القاتل المفروض انه وارث ايضا دفع الدية إلى الورثة. فالحصة التي تقع له من الدية هل يدفعها إلى غيره؟ وهذا خلاف المفروض، لان الدفع إلى غيره يخرجه عن كونه وارثا، لان المفروض انه وارث ايضا. او يدفعها إلى نفسه؟ والدفع إلى النفس غير معقول، لانه تحصيل للحاصل. اذن فالاولى أن نقول: إنه لا يرث من الدية خاصة، ويرث من سواها من التركة.
(3) هذا الاستبعاد يصح في صورة العمد، او الخطأ غير المحض. أما في صورة الخطاء المحض فان الدية يدفعها العاقلة فلم يتحقق الدفع إلى النفس فلا يلزم منه المحذور. اذن يمكن القول بانه يرث من الدية.
(4) اى بمنعه في صورة الخطاء المحض.
(5) (سنن ابن ماجه) طبع سنة 1337 الجزء 2 كتاب الفرائض ص 914 الباب 8 باب ميراث القاتل الحديث 2736. اليك نص الحديث عن (رسول الله)صلىاللهعليهوآله انه قام يوم (فتح مكة) فقال (المرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها مالم يقتل احدهما صاحبه. فاذا قتل احدهما صاحبه عمدا لم يرث من ديته وماله شيئا، وان قتل احدهما صاحبه خطاء ورث من ماله ولم يرث من ديته).
وقيل: يمنع مطلقا(1) ، لرواية الفضيل بن يسار عن الصادقعليهالسلام : " لايرث الرجل الرجل اذا قتله، وان كان خطأ،(2) . وقيل: يرث مطلقا(3) ، لصحيحة عبدالله بن سنان عنهعليهالسلام في رجل قتل امه أيرثها؟ قال: " ان كان خطأ ورثها، وان كان عمدا لم يرثها(4) ، وترك الاستفصال(5) دليل العموم فيما تركته مطلقا(6) ومنه الدية(7) : ورواية الفضيل مرسلة فلا تعارض الصحيح(8) .
___________________________________
(1) من الدية وغيرها.
(2) (الوسائل) طبعة (طهران) سنة 1388 الجزء 17 ص 392 الحديث 3.
(3) من الدية وغيرها.
(4) نفس المصدر السابق ص 391 الحديث 1.
(5) اي ترك الاستفصال في (صحيحة عبدالله بن سنان) المشار اليها في الهامش رقم 4 فقد ترك التفصيل بين الدية وغيرها من الاموال والتركات. والمعنى: انه لم يتقيد ارثه، او عدم ارثه بالدية او بما عداها.
(6) سواء من الدية ام من غيرها. فالقائل بالارث يقول به مطلقا من الدية وغيرها. والقائل بعدم الارث يقول بعدمه مطلقا من الدية وغيرها.
(7) اي ومن (ما تركته) الدية، لانها من جملة تركة الميت التي يرثها ورثته.
(8) اي صحيحة (عبدالله بن سنان) المشار اليها في الهامش رقم 4. وهذا ترجيح من (الشارح)رحمهالله للقول بارث القاتل خطاء مطلقا من الدية وغيرها.
وفي الحاق شبه العمد به(1) او بالخطاء قولان، اجودهما الاول(2) لانه عامد في الجملة(3) . ووجه العدم: كونه خاطئا كذلك(4) ، ولان التعليل(5) بمقابلته بنقيض مقصوده لا يجري فيه(6) . ولا فرق بين الصبي والمجنون(7) وغيرهما، لكن في الحاقهما بالخاطئ او العامد نظر، ولعل الاول(8) أوجه(9) . ولا بين المباشر والسبب(11) في ظاهر المذهب(11) ، للعموم(12) .
___________________________________
(1) اي بالعمد. والمراد بشبه العمد: هو قصد الضرب وارادة التاديب منه كما لو ضرب بالعصا مثلا فمات المضروب على اثر ضربه. فهذا لم يقصد القتل. ولكنه وقع القتل بسببه اتفاقا. فهو خطاء شبه العمد.
(2) وهو الالحاق بالعمد.
(3) ولو كان عمده بالنسبة إلى ضربه، لا إلى قتله.
(4) اي في الجملة، لانه لم يقصد قتله. وانما هو شئ وقع بغير ارادته.
(5) اي التعليل المذكور سابقا توجيها لعدم ارث القاتل.
(6) لانه لم يقصد قتله لاجل إرثه، بل وقع القتل خارجا عن إختياره.
(7) في أنه يشملهما حكم القاتل.
(8) اي الحاقهما بالخاطئ.
(9) لانه لا عمد للصبى، ولا للمجنون.
(10) المباشر: من يتصدى القتل بنفسه. والسبب: من يأمر بالقتل، او يهيئ مقدمات تنتهي لا محالة إلى قتل إنسان مقصود.
(11) أي مذهب الامامية.
(12) اي عموم لفظ القاتل الوارد في الادلة. فهو يشمل ما اذا كان سببا، او مباشرا. اذا صدق عليه القاتل عرفا.
(ويرث الدية) دية المقتول سواء وجبت اصالة كالخطأ وشبهه، ام صلحا كالعمد(1) (كل مناسب(2) ) للمقتول (ومسابب(3) له) كغيرها(4) من امواله، لعموم آية " اولي الارحام(5) " فانهم(6) جمع مضاف(7) .
(وفي) ارث (المتقرب بالام) لها(8) (قولان) مأخذهما: ما سلف(9) ، ودلالة(10) رواية محمد بن قيس(11) ، وعبدالله بن سنان(12)
___________________________________
(1) لان في صورة العمد يجوز للولي الاقتصاص. فلا دية تورث. أما اذا صالح الولي على الدية. فانها تورث حينئذ.
(2) اي من ينتسب اليه بالولادة.
(3) اي من كانت وصلته إلى الميت سببية كالزوج والمولى.
(4) اي غير الدية.
(5) وهى قوله تعالى:( واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله ) .
(6) اي " اولوا الارحام ".
(7) اي شبه جمع، لان " اولوا " لا واحد له من لفظه فهو شبه الجمع وعلى اي فالجمع المضاف، او شبه الجمع المضاف يفيد العموم حيث لا عهد.
(8) اي للدية.
(9) وهو عموم آية (اولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله). فهذا دليل لارث المتقرب بالام للدية.
(10) هذا دليل لعدم ارث المتقرب بالام للدية.
(11) (الكافي) طبعة (طهران) سنة 1379 الجزء 7 ص 139 الحديث 5.
(12) نفس المصدر الحديث 3.
وعبيد بن زرارة(1) عن الباقر والصادقعليهماالسلام بحرمان الاخوة من الام، وألحق(2) غيرهم من المتقرب بها بهم(3) ، لمفهوم الموافقة(4) واستقر به(5) المصنف في الدروس بعد حكمه بقصر المنع على موضع النص(6) .
___________________________________
(1) نفس المصدر السابق الحديث 6. اليك نص الاحاديث الثلاثة المذكورة: عن (محمد بن قيس) عن (ابي جعفر)عليهالسلام قال: قال: الدية يرثها الورثة على فرائض المواريث إلا الاخوة من الام فانهم لا يرثون من الدية شيئا الحديث 5. عن (عبدالله بن سنان) قال: قال (ابوعبدالله)عليهالسلام قضى (امير المؤمنين)عليهالسلام ان الدية يرثها إلا الاخوة والاخوات من الام الحديث 3. وعن (عبيد بن زرارة) عن (ابي عبدالله)عليهالسلام . قال: لا يرث الاخوة من الام من الدية شيئا الحديث 6.
(2) اي الحق بقية المتقربين إلى الميت من الام، بالاخوة في حرمانهم عن الدية، الحاقا بالفحوى وان كانت الروايات الثلاثة المذكورة في الهامش المتقدم واردة في خصوص حرمان الاخوة من الام فقط.
(3) (بهم) متعلق ب (الحق) و (بها) متعلق ب (المتقرب).
(4) وهو القياس الا ولوي، لان الاخوة للام اذا كانوا محرومين من ارث الدية وهم اقرب إلى الميت من اخواله واعمامه من امه فحرمان هاؤلاء يكون بالاولى.
(5) اي قرب الالحاق في نظره.
(6) وهم الاخوة للام فقط.
(ويرثها(1) الزوج والزوجة) في الاشهر، ورواية السكوني(2) بمنعهما ضعيفة، او محمولة على التقية (ولا يرثان القصاص) اتفاقا (و) لكن (لو صولح على الدية) في العمد (ورثا منها) كغيرها من الاموال وغيرهما من الوراث، للعموم(3) .
(و) ثالثها(4) (الرق) وهو (مانع) من الارث (في الوارث(5) ) وان كان المورث مثله. بل يرثه(6) الحر وان كان ضامن جريرة(7) دون الرق وان كان ولدا (و) في (المورث(8) ) فلا يرث الرق قريبه الحر وان قلنا بملكه، بل ماله لمولاه بحق الملك(9) ، لا بالارث، مطلقا(10) .
___________________________________
(1) اي الدية.
(2) الوسائل كتاب الارث ب 11 حديث 4.
(3) اي لعموم آية (اولى الارحام) وغيرها.
(4) اي ثالث موانع الارث.
(5) اي ان كانت الرقية في الوارث.
(6) اى المورث يعنى اذا مات إنسان وله مال. وله ولد رقيق. وولد آخر حر. فان تركته للولد الحر، دون الرقيق.
(7) اي وان كان الوارث الحر ضامن جريرة الذى هو وارث بعيد فهو يرث، ولا يرث الرقيق وان كان قريبا.
(8) اي الرقية في المورث مانعة من توريث ورثته. حيث إن أمواله تكون ملكا لمولاه.
(9) لان العبد وما يملكه لمولاه.
(10) قيد للرق. اى سواء كان الرقيق قنا ام مكاتبا ام مدبرا.
(ولو كان للرقيق) ولد الميت(1) (ولد) حر (ورث جده، دون الاب)، لوجود المانع(2) فيه دونه(3) ، ولا يمنع برق(4) ابيه (وكذا الكافر والقاتل لا يمنعان) من الارث (من يتقرب بهما(5) )، لانتفاء المانع منه(6) دونهما.
(والمبعض) اي من تحرر بعضه وبقي بعضه رقا (يرث بقدر ما فيه من الحرية، ويمنع) من الارث (بقدر الرقية). فلو كان للميت ولد نصفه حر، واخ حر فالمال بينهما نصفان(7) ، ولو كان نصف
___________________________________
(1) بجر " ولد " عطف بيان للرقيق. يعنى أن الميت حر. وله ولد رق. وللولد الرق ولد حر. فهذا الحفيد يرث جده دون ابيه.
(2) وهو الرقية.
(3) اي في الاب، دون الحفيد.
(4) اي بسبب رق أبيه.
(5) بأن يكون للولد الذي هو كافر ابن مسلم. فهذا الابن يرث جده. ولا يمنعه من الارث كفر ابيه. وكذا اذا كان للقاتل ولد. فهو يرث جده دون ابيه، ولا يسري قتل الاب إلى ولده.
(6) اي من الولد. دون الاب الكافر او الاب القاتل.
(7) لان للولد الذي هو مبعض بالتنصيف نصف المال. والنصف الباقي لا وارث له في الطبقة الاولى. فيرثه الاخ الحر الذي هو من الطبقة الثانية. فمجموع التركة يقسم إلى نصفين: نصف للولد. ونصف للاخ.
الاخ حرا(1) ايضا فللابن النصف(2) ، وللاخ الربع(3) . والباقي للعم الحر ان كان(4) ، فلو كان نصفه(5) حرا فله الثمن(6) والباقي لغيره من المراتب المتأخرة عنه. وهكذا (ويورث المبعض كذلك(7) ) فاذا كان نصفه حرا فلمولاه نصف تركته، ولوارثه الحر النصف وهكذا.
(واذا اعتق) الرق (على ميراث قبل قسمته فكالاسلام(8) ) قبل القسمة يرث ان كان الوارث متعددا ولم يقتسموا التركة، ويمنع مع اتحاده، او سبق القسمة على عتقه إلى آخر ما ذكر.
(واذا لم يكن للميت وارث سوى المملوك أشتري من التركة) ولو قهرا على مولاه. والمتولي له(9) الحاكم الشرعي، فإن تعذر تولاه
___________________________________
(1) ونصفه الاخر رق. اي كان مبعضا بالتنصيف.
(2) لمكان نصفه الحر.
(3) لان النصف الباقي كان للاخ اذا كان حرا مطلقا وهذا حر بالتنصيف فيكون له من النصف المذكور نصفه اي نصف النصف وهو الربع.
(4) وهو من الطبقة الثالة.
(5) اي نصف العم.
(6) لان الباقي من ارث الولد والاخ هو الربع. وهو كان للعم لو كان حرا مطلقا، أما وهو مبعض بالتنصيف فله نصل هذا الربع. اي نصف الربع وهو الثمن.
(7) اي حسب حريته. وبمقدارها. فلو كان مبعضا بالتنصيف فلورثته المناسبين نصف تركته، والباقي لمولاه بالملك.
(8) اي فكإسلام الكافر قبل قسمة التركة. فيرث.
(9) اي للاشتراء.