شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء ١

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام21%

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 262

  • البداية
  • السابق
  • 262 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53877 / تحميل: 8929
الحجم الحجم الحجم
شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وذكر في مقدّمة إثبات الهداة في الفائدة التاسعة ، ما نصّه : إعلم أنّ لنا طرقاً إلى رواية الكتب التي نقلنا عنها ، والأحاديث التي جمعناها ، قد ذكرنا بعضها في كتاب تفصيل وسائل الشيعة إلى تحقيق مسائل الشريعة وغيره ، ولا حاجة إلى ذكرها هنا ; لأنّ هذه الكتب(١) متواترة ، وقد ابتدأنا باسم من نقلنا من كتابه ، ومن أراد الطرق فقد دللناه عليها فليرجع إليها(٢) .

وقد رجعنا إلى خاتمة الوسائل في الفائدة الرابعة منه ، فقال هناك : في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب ، وشهد بصحّتها مؤلّفوها وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلّفيها ، أو علمت صحّة نسبتها إليهم ، بحيث لم يبق فيها شكّ ولا ريب ، كوجودها بخطوط أكابر العلماء ، وتكرّر ذكرها في مصنّفاتهم ، وشهادتهم بنسبتها ، وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة ، أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة وغير ذلك ، وهي : ، ثمّ عدّ منها في رقم (٤١) كتاب سُليم بن قيس الهلالي.

ثمّ قال في آخر نهاية القائمة : ويوجد الآن ـ أيضاً ـ كتب كثيرة من كتب الحديث غير ذلك ، لكن بعضها لم يصل إليّ منه نسخة صحيحة ، وبعضها ليس فيه أحكام شرعيّة يعتدّ بها ، وبعضها ثبت ضعفه ، وضعف مؤلّفه ، وبعضها لم يثبت عندي كونه معتمداً ، فلذلك اقتصرت على ما ذكرت(٣) .

ومنه يفهم أنّ هذه الكتب المعتمدة لديه والتي نقل عنها وصلت إليه منها نسخة صحيحة ، ولم يثبت ضعفها أو ضعف مؤلّفها ، بل ثبت عنده عكسه ، وأنّها معتمدة.

____________

١ ـ ومنها كتاب سُليم طبعاً.

٢ ـ إثبات الهداة ١ : ٥٣ ، المقدّمة ، الفائدة التاسعة.

٣ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٤ ، وما بعدها.

٤١

ثمّ ذكر في الفائدة الخامسة طرقه إلى هذه الكتب ، وقال : في بيان بعض الطرق التي نروي بها الكتب المذكورة(١) عن مؤلّفيها ، وإنّما ذكرنا ذلك تيمّناً وتبرّكاً باتّصال السلسلة بأصحاب العصمة ( عليهم السلام ) ، لا لتوقّف العمل عليه ; لتواتر تلك الكتب ، وقيام القرائن على صحّتها وثبوتها ، كما يأتي إن شاء الله(٢) .

فنقول : إنّا نروي الكتب المذكورة وغيرها عن جماعة منهم :

ثمّ أورد بحدود ١٨ طريقاً إلى الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي ( ت ٩٦٦ هـ )(٣) ، ومنه بطريقه إلى العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ )(٤) بطريقه إلى النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) ، قال : أخبرنا علي بن أحمد القمّي ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، قال : حدَّثنا محمّد بن أبي القاسم ما جيلويه ، عن محمّد بن علي الصيرفي ، عن حمّاد بن عيسى وعثمان بن عيسى ، قال حمّاد بن عيسى : وحدّثناه إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سُليم بن قيس بالكتاب(٥) .

وأيضاً من الشهيد الثاني إلى العلاّمة(٦) ، وأربع طرق أُخرى إلى الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي ( ت ٧٨٦ هـ )(٧) بطريقيهما إلى الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ )(٨) : عن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد

____________

١ ـ ومنها كتاب سُليم.

٢ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٩١ ، ذكر القرائن في الفائدة السادسة ، و ٣٠ : ٢٤١ ، الفائدة الثامنة ، و ٣٠ : ٢٤٩ ، الفائدة التاسعة.

٣ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٠ ، وما بعدها.

٤ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٦ و ١٨٥.

٥ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٨٨.

٦ ـ خاتمة الوسائل : ٣٠ : ١٧٦.

٧ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٤ ، وما بعدها.

٨ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٦ ، ١٧٧.

٤٢

إلى آخر السند كما في مفتتح النسخة ، إلى سُليم(١) .

وذكر الشيخ الحرّ ( ت ١١٠٤ هـ ) طريقاً آخراً في إجازته للفاضل المشهدي ، بطريقه إلى الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس(٢) .

ووصلت هذه النسخة أيضاً للعلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) ، وذكر مفتتحها في أوّل البحار ، وفرّق الباقي في كتابه(٣) .

فإن قيل : إنّ نسخة كتاب سُليم لم تصل إلينا بطريق القراءة والمناولة يداً بيد ، أو بنسخة ذات تواريخ متّصلة ، فإنّ نسخة محمّد بن صبيح كان تاريخها ٣٣٤ هـ ، وآخر تاريخ في نسخة الشيخ الطوسي هو ما نقله راويها من تاريخ التحديث بطرقه الأربع عن شيوخه إلى الشيخ الطوسي ، هو ٥٦٥ هـ ، ٥٦٠ هـ ، ٥٦٧ هـ(٤) ، وإجازات الشيخ الحرّ إجازات عامّة.

____________

١ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٨٨.

٢ ـ البحار ١١٠ : ١٢٠ ، إجازة الشيخ الحرّ العاملي للفاضل المشهدي.

٣ ـ البحار ١ : ٧٧.

٤ ـ كتاب سُليم ٢ : ٥٥٥ ، مفتتح كتاب سُليم.

وهي هكذا : أخبرني الرئيس العفيف أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون ( رضي الله عنه ) ، قراءة عليه بداره بحلّة الجامعيين في جمادي الأُولى سنة خمس وستّين وخمسمائة ، قال : حدّثني الشيخ الأمين العالم أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن طحال المقدادي المجاور ، قراءةً عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ سنة عشرين وخمسمائة ، قال : حدّثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي ( رضي الله عنه ) ، في رجب سنة تسعين وأربعمائة.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسن بن هبة الله بن رطبة ، عن الشيخ المفيد أبي علي ، عن والده ، في ما سمعته يقرأ عليه بمشهد مولانا السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي ـ صلوات الله عليه ـ في المحرّم من سنة ستّين وخمسمائة.

وأخبرني الشيخ المقرىء أبو عبد الله محمّد بن الكال ، عن الشريف الجليل نظام

٤٣

قلنا : لا أقلّ من أنّ إجازات الشيخ الحرّ تفيد تداول الكتاب على مرّ القرون بأيدي العلماء ، وأنّ الروايات الموجودة في النسخة الحاليّة ( المطبوعة ) مبثوثة في كتب القدماء قبل هذه التواريخ ـ خاصّة تاريخ نسخة الشيخ الطوسي ـ كما عرف من تخريجات حديث الثقلين ، وما ذكره مفصّلا محقّق الكتاب الشيخ الأنصاري في قسم التخريجات(١) .

فممّن أورد رواياته :

الفضل بن شاذان ( ت ٢٦٠ هـ ) في إثبات الرجعة ، كما عن مختصر إثبات الرجعة ، والثقفي ( ت ٢٨٣ هـ ) في الغارات ، وأبو جعفر محمّد بن الحسن الصفّار ( ت ٢٩٠ هـ ) في بصائر الدرجات ، والعيّاشي ( ت حدود ٣٢٠ هـ ) في تفسيره ، وفرات الكوفي ( أواخر القرن الثالث إلى أوائل القرن الرابع ) في تفسيره ، والكشّي ( القرن الرابع ) في اختيار معرفة الرجال ، والكليني ( ت ٣٢٩ هـ ) في الكافي ، وابن جرير الطبري الإمامي ( القرن الرابع ) في المسترشد ، والنعماني ( كان حيّاً سنة ٣٤٢ هـ ) في الغيبة ، والحرّاني ( النصف الثاني من القرن الرابع ) في تحف العقول ، وابن الجُحام ( القرن الرابع ) في ما نزل من القرآن ، والصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) في معاني الأخبار وإكمال الدين والخصال والاعتقادات وعلل الشرايع وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ومن لا يحضره الفقيه ، والشيخ المفيد ( ت ٤١٣ هـ ) في تصحيح

____________

الشرف أبي الحسن العريضي ، عن ابن شهريار الخازن ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمّد بن علي بن شهرآشوب ، قراءة عليه بحلّة الجامعيين في شهور سنة سبع وستّين وخمسمائة ، عن جدّه شهرآشوب ، عن الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدّثنا ابن أبي حيدر ، عن

١ ـ انظر كتاب سُليم ، الجزء الثالث ، قسم التخريجات.

٤٤

الاعتقاد والاختصاص المنسوب إليه(١) ، والمرتضى ( ت ٤٣٦ هـ ) في الشافي ، والكراجكي ( ت ٤٤٩ هـ ) في الاستنصار ، والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في التهذيب والغيبة ، والحسكاني ( أواخر القرن الخامس ) في شواهد التنزيل ، وابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المناقب ، وغيره في القرن السادس ، ثمّ اتّصل النقل للروايات في القرن السابع والثامن والتاسع والعاشر إلى عصر المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) والحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) والبحراني ( ت ١١٨٦ هـ ) ، ثمّ إلينا ، وهي روايات موجودة في النسخة المطبوعة الآن(٢) .

فمع ما انضمّ إلى هذا من كثرة من ذكر وجود الكتاب أو اطّلاعه عليه ، يصبح لدينا اطمئنان بأنّ الكتاب ـ أصل سُليم ـ إلى عمر بن أُذينة مقطوع به ، وينفرد الطريق منه عن أبان ، عن سُليم ـ لو سلّمنا ذلك وأنّ الكتاب لم يروه عن سُليم غير أبان ، مقابل من قال بوجود طرق أُخَر كما في بعض الأسانيد ـ فتأتي شهادتا الإمامين الباقر ( عليه السلام ) والصادق ( عليه السلام ) لترفع درجة الاطمئنان وتضيف وثاقة إلى وثاقة ، إذ هما ـ على الأقلّ ـ مقدّمتان على نقل ابن أُذينة عن أبان عن سُليم بالنسبة للحديثين الواردين بشأنهما ، ومؤيّدتان وكاشفتان عن صدق محتواه بالنسبة إلى كُلّ الكتاب.

فشهادة الإمام الباقر ( عليه السلام ) أوردها الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الغيبة : وأخبرنا أحمد بن عبدون ، عن أبي الزبير القرشي ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة ، عمّن رواه ، عن عمر ابن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « هذه وصيّة أمير

____________

١ ـ كتاب الاختصاص ليس للشيخ المفيد ، وإنّما هو لأحد قدماء الشيعة ، وستأتي الإشارة إليه.

٢ ـ راجع للاطّلاع أكثر على الناقلين الجزء الثالث من كتاب سُليم ، قسم التخريجات.

٤٥

المؤمنين ( عليه السلام ) إلى الحسن ( عليه السلام ) » ، وهي نسخة كتاب سُليم بن قيس الهلالي دفعها إلى أبان وقرأها عليه ، قال أبان : وقرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فقال : « صدق سُليم ( رحمه الله ) ».

قال سُليم : فشهدت وصيّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين أوصى إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) ، وأشهد على وصيّته الحسين ( عليه السلام ) ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته(١) .

وأورد في التهذيب : عنه ( أبي الحسين بن سعيد ) ، عن حمّاد بن عيسى ـ وهو أحد رواة كتاب سُليم ـ عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، وإبراهيم بن عمر ، عن أبان ، رفعه إلى سُليم بن قيس الهلالي ( رضي الله عنه ) ، قال سُليم : شهدت وصيّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وزاد فيه إبراهيم بن عمر ، قال : قال أبان : قرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فقال علي بن الحسين : « صدق سُليم »(٢) .

وأوردها الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي ( ت ٦٧٦ هـ ) في الدرّ النظيم : حدّث عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وعمّن رواه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن عبد الله ( رضي الله عنه ) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « هذه وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) » ، وهي نسخة كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، دفعه إلى أبان وقرأها عليه ، وقال أبان : قرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، قال سُليم : شهدت وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام )(٣) .

____________

١ ـ الغيبة : ١٩٤ ح ١٥٧ ، في إبطال قول السبئيّة : في أنَّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيّ باق ، وعنه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٤٢ : ٢١٢ ح ١٢.

٢ ـ التهذيب ٩ : ١٧٦ ح ٧١٤ ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ٢ : ٢٦٧ ح ٢٦ ، ما رواه الكليني في التهذيب.

٣ ـ الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم : ٣٧٨ ، الباب الثاني ، في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فصل : في ذكر بعض حكم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخطبه ووصاياه ومواعظه ، وصيّة أُخرى ذكرها بعد ذكر وصيّته ( عليه السلام ) للإمام الحسن ( عليه السلام ).

٤٦

وهذه الأسانيد يدعم بعضها بعضاً ، والوصيّة موجودة بعينها في بعض نسخ كتاب سُليم(١) التي قال عنها محقّق الكتاب الشيخ محمّد باقر الأنصاري : إنّها أكمل وأتمّ النسخ(٢) .

أمّا شهادة الإمام الصادق ( عليه السلام ) فقد أوردها الفضل بن شاذان ( ت ٢٦٠ هـ ) في إثبات الرجعة ، قال : حدَّثنا محمّد بن إسماعيل بن بزيع ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا حمّاد بن عيسى ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن عمر اليماني ، قال : حدَّثنا أبان بن أبي عيّاش ، قال : حدَّثنا سُليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين : ، وأعرف قبائلهم(٣) .

قال أحمد بن إسماعيل : ثمّ قال حمّاد بن عيسى : قد ذكرت هذا الحديث عند مولاي أبي عبد الله ( عليه السلام ) فبكى ، وقال : « صدق سُليم ، فقد روى لي هذا الحديث أبي ، عن أبيه علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، عن أبيه الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : سمعت هذا الحديث من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، حين سأله سُليم بن قيس »(٤) .

فالفضل بن شاذان من أجلاّء الطائفة(٥) ، ومحمّد بن إسماعيل بن

____________

١ ـ كتاب سُليم ٢ : ٩٢٤ ح ٦٩ ، القسم الثاني : ما وجد من كتاب سُليم في نسخة أُخرى.

٢ ـ كتاب سُليم ١ : ٣٢٢ ، الفئة الثالثة ، النوع ( ج ) ، نقاط هامّة.

٣ ـ كتاب سُليم ٢ : ٦٢ ح ١٠.

٤ ـ مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان : ١٨ ح ١ ، ومجلّة تراثنا العدد (١٥) ـ مختصر إثبات الرجعة : ٢٠١ ح ١.

٥ ـ انظر : رجال النجاشي : ٣٠٦ [ ٨٣٨ ] ، وفهرست الطوسي : ٣٦١ [ ٥٦٤ ] ، وخلاصة الأقوال : ٢٢٩ [ ٧٦٩ ].

٤٧

بزيع من صالحي الطائفة وثقاتهم(١) ، وحمّاد بن عيسى غريق الجحفة ثقة من أصحاب الإجماع(٢) .

وقد ذكرنا الشهادة الأُخرى للإمام الصادق ( عليه السلام ) قبل قليل عن الدرّ النظيم.

ولا يشكل بحمّاد هذا بأنّه كان واقعاً في سند كتاب سُليم ; لأنّا ذكرنا أنّه لم ينفرد برواية الكتاب ، وإنّما تابعه سبعة غيره رووه عن ابن أُذينة أو عن أبان أو عن سُليم على الخلاف السابق ، فلم ينحصر طريقه بحمّاد.

فحمّاد عرض هذه الرواية الموجودة في كتاب سُليم على الإمام الصادق ( عليه السلام ) ليُحكم توثيقها وتوثيق كلّ كتاب سُليم أيضاً ، إذ قد ورد اسمه في سند عرض الرواية الأُخرى على الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، كما عرفتَ ، فإنّ مثله الذي يوثّق رواياته بعدّة طرق ، منها العرض على الإمام ، من البعيد جدّاً أن لا يعرض كلّ روايات الكتاب على الإمامين أو أحدهما ( عليهم السلام ) ليوثّقه.

هذا أولا.

وثانياً : لا يخفى ما في كلام الإمام ( عليه السلام ) لحمّاد من تقرير لأبان وسُليم الواردين في السند بصحّة رواية سُليم ، وتوثيق نقل أبان.

إضافة إلى أنّه لم تصل إلينا ولا رواية واحدة تنكر على أبان أو سُليم إحدى روايات الكتاب ، بل على العكس هناك متابعين رووا عن الأئمّة نصوص أو مضامين ما يحتويه الكتاب ، امتلأت بهم وبها كتب الشيعة.

وهناك شهادات أُخر من قبل الأئمّة ( عليه السلام ) بحقّ الكتاب وردت في

____________

١ ـ انظر : رجال النجاشي : ٣٣٠ [ ٨٩٣ ] ، وخلاصة الأقوال : ٢٣٨ [ ٨١٤ ].

٢ ـ انظر : رجال النجاشي : ١٤٢ [ ٣٧٠ ] ، والكشّي : ٣٧٥ ح ٧٠٥ ، تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، و ٣١٦ ح ٥٧٢ ، ماروي في حمّاد بن عيسى البصري ، ودعوة أبي الحسن ( عليه السلام ) له ، وكم عاش.

٤٨

مفتتح الكتاب ، وفي الحديث العاشر منه ، درجة اعتبارها درجة اعتبار الكتاب(١) .

ثمّ أضف إلى ذلك من تابع سُليم على رواياته(٢) ، فهي شهادات أُخرى بحقّ الكتاب وداعمة له ، ومنها حديث الثقلين موضوع البحث وما سنورده من طرقه الكثيرة.

أمّا ما أُثير حول الكتاب من نسبته إلى الوضع نقلا عن ابن الغضائري ( ت ٤١١ هـ ) ، فقد أُجيب بإجابات شافية ليس هنا موضع إيرادها(٣) وقد أشرنا إليها بإيجاز عند الكلام عن سُليم بن قيس.

ومن أنّه غير موثوق به ، ولا يجوز العمل على أكثره ، وقد حصل فيه تخليط وتدليس ، نقلا عن الشيخ المفيد في أثناء ردّه على الصدوق في تصحيح الاعتقاد(٤) .

فإنّها دعوى من دون دليل ; فإنّه لم يبيّن مواضع التدليس والتخليط ، وهذا الكتاب أمامنا لا يوجد فيه ما ذكر ، فرواياته توافق أُصول الشيعة الإماميّة ، وبالتالي فلا يلتفت إلى هذه الدعوى ، خاصّة بعد اعتماد الصدوق عليه ، وقول مثل النعماني ( حيّاً ٣٤٢ هـ ) تلميذ الكليني ( رحمه الله ) : ليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الأئمّة ( عليهم السلام ) خلاف في أنّ كتاب سُليم

____________

١ ـ لخصّنا هذا العنوان من مقدّمة المحقّق الشيخ محمّد باقر الأنصاري لكتاب سُليم مع بعض الإضافات المهمّة ، انظر كتاب سُليم ، الجزء الأوّل ، ( دراسة مستوعبة وتحقيق شامل حول الكتاب والمؤلّف ) ، وانظر كذلك كتاب سُليم بمجلّد واحد لنفس المحقّق ، ومجلّة تراثنا العدد ٦٣ ـ ٦٤.

٢ ـ راجع قسم التخريجات من كتاب سُليم ، الجزء الثالث.

٣ ـ انظر كتاب سُليم تحقيق الأنصاري ، الجزء الأوّل ، القسم السابع ; دراسة في المناقشات التي وجّهت إلى الكتاب ، ومعجم رجال الحديث ٩ : ٢٢٦ رقم ٥٤٠١.

٤ ـ تصحيح الاعتقاد : ١٤٩ ( المجلّد الخامس من مصنّفات الشيخ المفيد ( ( رحمه الله ) ) ، نشر المؤتمر العالمي بمناسبة ذكرى ألفيّة الشيخ المفيد ١٤١٣ هـ ).

٤٩

ابن قيس الهلالي أصل من أكبر الأُصول التي رواها أهل العلم(١) .

فمع تضافر الأعلام الذين ذكرناهم سابقاً على النقل عنه ، ونصّ بعضهم على أنّه أصل من أكبر أُصول الشيعة ; لا يبقى مجال للشكّ في الكتاب ووجوده وعدم وضعه ووثوقه.

أمّا ما موجود فيه من موارد باطلة يسيرة ـ لو سلّمنا بوجودها ، أو لم نقبل الردود عليها ـ فإنّها لا توجب كونه موضوعاً ; إذ أكثر ما في الأمر أنّها قد تسقط النسخة الموجودة فيها(٢) ، مع أنَّ ذلك موجود في كتب أُخرى معتبرة.

وقد قال العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في الخلاصة : والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه ـ أي سُليم ـ والتوقّف في الفاسد من كتابه(٣) .

أبان بن أبي عيّاش ( ت ١٣٨ هـ ) :

ذكره البرقي ( ت ٢٧٤ أو ٢٨٠ هـ ) في أصحاب الإمامين السجاد ( عليه السلام ) والباقر ( عليه السلام )(٤) .

وذكره الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) من الذين رووا عن السجاد ( عليه السلام ) والباقر ( عليه السلام ) ، قال : تابعي ضعيف ، وذكره في أصحاب الصادق ( عليه السلام ) وقال : البصري التابعي(٥) .

وعدّه العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في قسم الضعفاء ومن يُردّ قوله أو يتوقّف فيه ، وقال : أبان بن أبي عيّاش ، تابعي ضعيف جدّاً ، روى عن أنس بن

____________

١ ـ الغيبة للنعماني : ١٠١.

٢ ـ تهذيب المقال ١ : ١٨٤.

٣ ـ خلاصة الأقوال : ١٦١ ، الباب (٨).

٤ ـ رجال البرقي : ٤٧ [ ١٦٩ ] ، ٤٩ [ ١٨٢ ].

٥ ـ رجال الطوسي : ١٠٩ [ ١٠٦٨ ] ، ١٢٦ [ ١٢٦٤ ] ، ١٦٤ [ ١٨٨٥ ].

٥٠

مالك ، وروى عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، لا يلتفت إليه ، وينسب أصحابنا وضع كتاب سُليم بن قيس إليه ، هكذا قاله ابن الغضائري.

ثمّ نقل كلام العقيقي ، وهو عين ما موجود في مفتتح كتاب سُليم.

ثمّ قال : والأقوى عندي التوقّف في ما يرويه لشهادة ابن الغضائري عليه بالضعف ، وكذا قال شيخنا الطوسي ( رحمه الله ) في كتاب الرجال ، قال : إنّه ضعيف(١) .

وقال ابن داوُد ( ت ٧٠٧ هـ ) : ضعيف ، قيل : إنّه وضع كتاب سُليم بن قيس ( قاله عن الشيخ وابن الغضائري )(٢) ، ثمّ عدّه في من يضع الحديث نقلا عن ابن الغضائري(٣) .

هذه كلمات المتقدّمين من رجاليي الشيعة ، وسيأتي كلام المتأخّرين في مناقشتها.

أمّا أهل السنّة ـ وإن كان كلامهم لا وجه له هنا ; لأنّ الكلام في رجال الشيعة ، والحجّة واقعة عليهم بكلام رجالييهم ، ولكن لا بأس بذكره لما فيه ـ فقد لخّص كلامهم الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) في ميزانه ، وأورد كلام عدد ممّن يضعّفه ، وأبرزهم شعبة ، الذي قال في أبان كلمات بعضها لا حياء فيها : من أنّه يشرب بول الحمار أو يزني أحبّ إليه من أن يروي عن أبان ، أو أنّ أبان يكذب ، أو أنّه يقدح فيه بالظنّ ، وكذا أورد الذهبي تضعيفه ببعض المنامات ، وأنّ ابن عدي نقل عنه عدّة روايات مناكير(٤) .

ولكنّه نقل أيضاً في نفس الموضع ما يردّ ذلك ، من أنّ أبان كان

____________

١ ـ خلاصة الأقول : ٣٢٥ : القسم الثاني ، الباب (٦) ، في الآحاد.

٢ ـ رجال ابن داود : ٢٢٥ ، الجزء المختصّ بالمجروحين والمجهولين ، باب الهمزة ، رقم (٢).

٣ ـ رجال ابن داوُد : ٣٠٢ ، فصل ١٣ ، في من قيل : إنّه يضع الحديث ، رقم (١).

٤ ـ ميزان الاعتدال ١ : ١٢٤ ، حرف الألف ، رقم [ ١٥ ].

٥١

معروفاً بالخير ، وأنّ ابن عدي ، قال : أرجو أنّه لا يتعمّد الكذب ، وعامّة ما أُوتي به من جهة الرواة عنه ، فلاحظ.

أمّا ما ذكره ابن عدي من المناكير ، فهي مناكير حسب اعتقاده ، منها رواية أنّ الأُمّة ستقتل الحسين ( عليه السلام ) ، وأنّ جبرائيل أرى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) التربة التي يقتل بها الحسين ( عليه السلام ).

ونقل أيضاً أنّ الآخرين ـ غير شعبة ـ كانوا يسعون في أن يكفّ عن أبان ، وهو يصرّ على ذلك ، ممّا يوحي بوجود غاية خاصّة شخصيّة لشعبة في قدحه لأبان ، ولكنّه مع زعمه أنّه يكذب ، روى عنه ، أو حسب تعبيره شرب بول الحمار أو زنى ، كما أنّ ظنّه لا يغني عن الحقّ شيئاً ، وحال المنامات كما ترى.

وسفيان لم يقدح في شخصه كما فعل شعبة ، وإنّما قال : كان نسيّاً للحديث ، وهذا يرد على ما قاله شعبة فيه(١) .

ونقل ابن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) في التهذيب عن الفلاس أنّه متروك الحديث ، وهو رجل صالح ، وأنّ شعبة سيّء الرأي فيه ، وأنّ أحمد ، قال : كان له هوى ، ومنكر الحديث ، وأنّ أبا حاتم ، قال : كان رجلاً صالحاً ، ولكن بلي بسوء الحفظ ، وأنّ أبا زرعة ، قال : لا يتعمّد الكذب.

وقال ابن حبّان : كان من العبّاد ، ونقل بعض ما مرّ من كلام الذهبي أيضاً(٢) .

وقد أجبنا على بعضها ، ولكن في قولهم رجل صالح ، ومن العبّاد ، وأنّه لا يتعمّد الكذب ، ما يردّ قول القادحين والمضعّفين له بالأخصّ شعبة.

____________

١ ـ انظر أعيان الشيعة ٢ : ١٠٢ ، وتهذيب المقال ١ : ١٨٨ ، وكتاب سُليم تحقيق الأنصاري ١ : ٢٢٢.

٢ ـ تهذيب التهذيب ١ : ٨٥ ، أبان بن أبي عيّاش.

٥٢

أمّا قول أحمد : كان له هوى ، فيدلّ على أنّهم ضعّفوه لتشيّعه ـ كما سيأتي في كلام رجاليي الشيعة المتأخّرين ـ وأنّهم اتّهموه بسوء الحفظ ليردّوا روايته(١) .

وأمّا كلمات المتأخّرين من أعلامنا ، فقد قال الاسترابادي ( ت ١٠٢٨ هـ ) : إنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين ، من حيث التشيّع(٢) .

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) : الجزم بتضعيفه مشكل بعد تسليم مثل سُليم بن قيس كتابه إليه ، وخطابه بابن أخي ، ومن لاحظ حال سُليم بن قيس مال إلى كون الرجل متشيّعاً ممدوحاً ، وأنّ نسبة وضع الكتاب إليه لا أصل لها ، وإذا انضمّ إلى ذلك قول الشيخ أبي علي ( ت ١٢١٦ هـ ) في المنتهى : إنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيّع ، تقوّى ذلك ، والعلم عند الله تعالى ، بل بعد إثبات وثاقة سُليم ـ كما يأتي إن شاء الله ـ تثبت وثاقة أبان هذا بتسليمه الكتاب المذكور إليه(٣) .

وقال العلاّمة السيّد الأمين ( ت ١٣٧١ هـ ) : يدلّ على تشيّعه قول أحمد بن حنبل ، كما سمعت ، قيل : إنّه كان له هوى ، أيّ من أهل الأهواء ، والمراد به التشيّع ، والظاهر أنّ منشأ تضعيف الشيخ له قول ابن الغضائري ، وصرّح العلاّمة بأنّ ذلك منشأ توقّفه فيه كما سمعت ، وابن الغضائري حاله معلوم في أنّه يضعّف بكلّ شيء ، ولم يسلم منه أحد ، فلا يُعتمد على تضعيفه.

____________

١ ـ انظر منهج المقال : ١٥ ( الطبعة الحجريّة ) ، وأعيان الشيعة ٢ : ١٠٢.

٢ ـ منهج المقال : ١٥ ( الطبعة الحجريّة ) ، ونقله عنه الشيخ أبو علي محمّد بن إسماعيل المازندراني في منتهى المقال ١ : ١٣٢.

٣ ـ تنقيح المقال : ١ : ٣ ( الطبعة الحجريّة ).

٥٣

وأمّا شعبة فتحامله عليه ظاهر وليس ذلك إلاّ لتشيّعه ، كما هي العادة ، مع أنّه صرّح بأنّ قدحه فيه بالظنّ ، وان الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً ، ولا يسوغ كلّ هذا التحامل بمجرّد الظنّ.

وقد سمعت تصريح غير واحد بصلاحه وعبادته وكثرة روايته وأنّه لا يتعمّد الكذب ، مع قول شعبة : إنّه يكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وكثير ممّا ذكروه لا يوجب قدحه ، كما لا يخفى ، وجعلهم له منكر الحديث لروايته ما ليس معروفاً عندهم ، أو مخالفاً لما يروونه ، مثل حديث القنوت في الوتر قبل الركوع كما مرّ ، ومثل ما رواه حمّاد بن سلمة ، عن أبان ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة ، قالت : كان جبرائيل عند النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) والحسين معي ، فبكي فتركته ، فدنا من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال جبرائيل : أتحبّه يا محمّد ، قال : « نعم » ، إلى آخر ما جاء في الحديث ممّا قد يرون فيه شيئاً من الغلو. وأمّا الاعتماد على المنامات في تضعيف الرجال فغريب طريف ، مع أنّ بعض المنامات السابقة دلّ على حسن حاله(١) .

وقال العلاّمة الشيخ موسى الزنجاني ( ت ١٣٩٩ هـ ) : الأقرب عندي قبول رواياته ، تبعاً لجماعة من متأخّري أصحابنا ، اعتماداً بثقات المحدّثين ، كالصفّار ، وابن بابويه ، وابن الوليد ، وغيرهم ، والرواة الذين يروون عنه ، ولاستقامة أخبار الرجل ، وجودة المتن فيها(٢) .

وقال السيّد الأبطحي ( معاصر ) : لا يبعد كون قوله ( أي الشيخ الطوسي ) في أصحاب الباقر ( عليه السلام ) : تابعي ضعيف ، مصحّف تابعي صغير ، كما يظهر من العامّة ، مدّعياً انّه ليس من كبار التابعين ، ويظهر ممّن ضعّفه

____________

١ ـ أعيان الشيعة ٢ : ١٠٢.

٢ ـ الجامع في الرجال : ١١.

٥٤

من العامّة أنّ أبان بن أبي عيّاش كان من العبّاد ، فلعلّ التضعيف كان من جهة المذهب

ثمّ قال : أمّا تضعيف العامّة لأبان ، فلا يوجب وهناً فيه ، بعد ما كان أبان عاميّاً ثمّ استبصر ، فقد يضعّف مثله بما لا يضعّف به سائر الشيعة ، وسيّما إنّ أبان هو الذي لجأ إليه سُليم ، وهو الراوي لكتابه والناشر لحديثه ، وكأنّ أكثر تضعيفات العامّة لأبان عولا على شعبة ، فقد أكثر الوقيعة في أبان وتبعه غيره ، ثمّ ذكر بعض ما قاله شعبة ، وقال : وملخّص ما قالوا عن شعبة وغيره في تضعيفه أُمور :

أحدها : منامات ذكروها

وثانيها : رواية أبان عن أنس بن مالك.

وثالثها : رواية المناكير ، وعُدّ منها روايات في فضل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وإن شئت فلاحظ ميزان الاعتدال وغيره ، والأمر في ذلك كلّه واضح ، وهل إلاّ العناد؟(١) .

ونقل السيّد الخوئي ( قدس سره ) ( ت ١٤١٣ هـ ) أقوال المتقدّمين بعينها ولم يزد عليها(٢) .

وهذا جلّ ما ذكر في أبان ، وقد عرفت أنّ المضعّف له ابن الغضائري ، وعرفت حاله في التضعيف وحال كتابه.

ويظهر من الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) والعلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) وابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) أنّهم اعتمدوا في تضعيفه على ابن الغضائري ، أو ـ على بعد ـ أنّ الشيخ أخذه من العامّة.

____________

١ ـ تهذيب المقال ١ : ١٨٩ ، ١٩٠.

٢ ـ معجم رجال الحديث ١ : ١٢٩ [ ٢٢ ].

٥٥

وتضعيفات العامّة قد مرّ الجواب عليها ، مع أنّها لا مورد لها هنا كما أشرنا سابقاً.

ثمّ وإن قبلنا قول ابن الغضائري والشيخ في تضعيفه ، ولكن قبول أعلام الطائفة لكتاب سُليم المنقول بطريق أبان ـ كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ـ يكشف عن أنّه مقبول وغير مضعّف في نقله للكتاب ، وإن سلّمنا ضعفه في الرواية ، وقد عرفت سابقاً أنّه لم يكن ضعيفاً في الاعتقاد أيضاً.

ثمّ أيضاً لا تغفل أنّ الكلام هنا حول الروايات التي في كتاب سُليم الذي رواه عنه أبان ، فإنّه لا كثير فائدة في توثيق أبان بعد أن حصّلنا القول في الكتاب نفسه ، كما عرفت سابقاً ، فما جاء من الروايات عن الأئمّة بتصديق سُليم الذي ناول كتابه إلى أبان وقرأه عليه فهو ـ مع أنّه يفيد توثيق أبان أيضاً ـ كاف في اعتماد وتوثيق الكتاب الذي نقلنا روايات حديث الثقلين منه.

٥٦

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة )

القرن الثاني الهجري

٥٧
٥٨

(٢) ما وجد من كتاب درست بن أبي منصور (١)

( النصف الثاني من القرن الثاني )

الحديث :

وعنه(٢) ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر : « أتاني المقبّض الوجه عمر بن قيس الماصر ، هو وأصحاب له ، فقال : أصلحك الله إنّا نقول : إنّ الناس كلّهم مؤمنون.

قال : فقلت : أما والله لو ابتليتم في أنفسكم وأموالكم وأولادكم ، لعلمتم أنّ الحاكم بغير ما أنزل الله بمنزلة سوء ( شرّ محتمل ) ، ولكنّكم عوفيتم ، ولقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، إذا فعل شيئاً من ذلك خرج منه روح الإيمان.

أمّا أنا فأشهد أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد قال هذا ، فاذهبوا الآن حيث شئتم ، ولقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب الله ، وأهل بيتي ، فإنّهما لن يتفرّقا حتى يردا علي الحوض.

قال : وقرن أصبعيه السبّابتين.

____________

١ ـ طبع مع أُصول أُخرى في كتاب واحد بعنوان ( كتاب الأُصول الستّة عشر ).

٢ ـ أي درست ، كما ذكر صريحاً في الروايات التي سبقت هذه الرواية.

٥٩

قال : ولا أقول كهاتين السبّاحة ( سبابة ) والوسطى ; لأنّ أحدهما أطول من الأُخرى ، فتمسّكوا بهما لن تضلّوا ولن تزلّوا ، أمّا أنا فأشهد أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد قال هذا ، فاذهب أنت الآن وأصحابك حيث شئتم »(١) .

درست بن أبي منصور :

قال الكشّي ( القرن الرابع ) في ما روي في أصحاب موسى بن جعفر وعلي بن موسى ( عليهما السلام ) : ، ثمّ درست بن أبي منصور : حمدويه(٢) ، قال : حدّثني بعض أشياخي ، قال : درست بن أبي منصور واسطي ، واقفي(٣) .

وقال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : درست بن أبي منصور ، محمّد الواسطي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ـ ومعنى درست أي صحيح ـ له كتاب يرويه جماعة(٤) .

وقال الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست : درست الواسطي ، له كتاب ، وهو ابن أبي منصور(٥) .

وذكره في رجال الصادق ( عليه السلام )(٦) ، والكاظم ( عليه السلام ) ، وقال في الأخير : درست بن أبي منصور ، الواسطي ، واقفي ، روى عن أبي عبد الله ( عليه السلام )(٧) .

وذكره العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في القسم الثاني من الخلاصة ، وقال : قال الكشّي : ابن أبي منصور ، واسطي ، كان واقفيّاً(٨) .

____________

١ ـ الأُصول الستّة عشر : ١٦٦.

٢ ـ قال في أوّل من ذكره من أصحابهما : سمعت حمدويه .

٣ ـ رجال الكشّي : ٥٥٥ ح ١٠٤٩ ، وانظر التحرير الطاووسي : ١٩٧ [ ١٥٤ ].

٤ ـ رجال النجاشي : ١٦٢ [ ٤٣٠ ] ، وانظر : معالم العلماء : ٤٩ [ ٣٢٦ ].

٥ ـ فهرست الطوسي : ١٨٦ [ ٢٨٨ ].

٦ ـ رجال الطوسي : ٢٠٣ [ ٢٥٩٤ ].

٧ ـ رجال الطوسي : ٣٣٦ [ ٥٠٠٥ ] ، وانظر : عدّة الرجال ١ : ٢٦٨ ، الفائدة الأُولى.

٨ ـ خلاصة الأقوال : ٣٤٥ [ ١٣٦٨ ] ، القسم الثاني ، وانظر : إيضاح الاشتباه : ١٨١

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

و أما احكامه : فقسمان :

الاول: إنما يحرم على المعتكف ستة: النساء لمسا وتقبيلا وجماعا، وشم الطيب على الاظهر، واستدعاء

المني(٢٩) ، والبيع والشراء، والمماراة(٣٠) .

وقيل: يحرم عليه ما يحرم على المحرم، ولم يثبت.فلا يحرم عليه لبس المخيط، ولا إزالة الشعر، ولا أكل الصيد، ولا عقد النكاح.ويجوز له النظر في امور معاشه(٣١) ، والخوض في المباح(٣٢) .وكل ما ذكرناه من المحرمات عليه نهارا، يحرم عليه ليلا عدا الافطار(٣٣) .

ومن مات قبل انقضاء الاعتكاف الواجب، قيل: يجب على الولي(٣٤) القيام به، وقيل: يستأجر من يقوم به، والاول أشبه.

القسم الثاني فيما يفسده وفيه مسائل:

الاولى: كل ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف، كالجماع والاكل والشرب والاستمناء.فمتى أفطر في اليوم الاول والثاني، لم يجب به كفارة إلا أن يكون واجبا(٣٥) .وإن أفطر في الثالث، وجب الكفارة.ومنهم من خص الكفارة بالجماع حسب، واقتصر في غيره من المفطرات على القضاء وهو الاشبه.ويجب كفارة واحدة ان جامع ليلا.وكذا لو جامع نهارافي غير رمضان.

ولو كان فيه(٣٦) لزمه كفارتان.

الثانية: الارتداد موجب للخروج من المسجد، ويبطل الاعتكاف وقيل: لا يبطل، وان عاد بنى(٣٧) ، والاول أشبه.

الثالثة: قيل: اذا اكره أمرأته على الجماع، وهما معتكفان نهارا في شهر رمضان، لزمه

________________________

(٢٩) اى طلب خروج المنى، سواء بطريق حرام كالاستمناء بيده أو بطريق حلال كالاستمناء بيد زوجته.

(٣٠) وهى المجادلة لمجرد اثبات كلامه، سواء كان في أمر دينى أو دنيوى..

(٣١) بغير البيع والشراء، كتصفية دفاتر محاسباته، والبحث مع الكسبة في أساليب التجارة وطرقها، والمقاولة ونحوذالك..

(٣٢) يعنى، اتيان كل مباح، من المطارحات الشعرية، ومطالعة الكتب الدينية والدنيوية، والتأليف والتصنيف، وغير ذالك.(خلافا) لبعضهم حيث قال بعدم جواز غير العبادة اثناء الاعتكاف..

(٣٣) فإنه لا صوم في الليل.

(٣٤) وهو الولد الاكبر..

(٣٥) اى: اعتكافا واجبا، فيكون صومه ايضا واجبا..

(٣٦) اى لو كان الاعتكاف في شهر رمضان.(لزمه كفارتان) واحدة لرمضان، واخرى لاعتكاف، وكفارة الافطار في لاعتكاف الواجب هى كفارة رمضان، عتق أو صوم شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا..

(٣٧) يعنى: وان عاد إلى الايمان - بالتوبة - اتم اعتكافه، ولايستأنف..

١٦١

أربع كفارات(٣٨) . وقيل: يلزمه كفارتان، وهو الاشبه.

الرابعة: اذاطلقت المعتكفة رجعية(٣٩) ، خرجت إلى منزلها، ثم قضت واجبا إن كان واجبا، مضى يومان، وإلا ندبا.

الخامسة: اذا باع أو اشترى، قيل يبطل اعتكافه، وقيل: يأثم ولا يبطل، وهو الاشبه.

السادسة: اذا اعتكف ثلاثة متفرقة(٤٠) ، قيل: يصح، لان التتابع لا يجب إلا بالاشتراط، وقيل: لا، وهو الاشبه.

___________________________________

(٣٨) كفارتان لنفسه لرمضان، وللاعتكاف، كفارتان عن زوجته لرمضان وللاعتكاف.

(٣٩) أى: الطلاق الذى يحل للزوج الرجوع عنه(خرجت إلى منزلها) اى تركت الاعتكاف، لان المطلقة رجعية يجب عليها ملازمة المنزل وعدم الخروج عنه(ثم) بعد تمام عدتها، أو بعد رجوع الزوج إليها(قضت) الاعتكاف وجوبا(ان كان) الاعتكاف من اصله(واجبا) بأن كان منذورا وشبهه أوكان طلاقها ورجوعها إلى المنزل في اليوم الثالث الذى يجب، وإن لم يكن الاعتكاف واجبا، ولا كان بعد يومين قضت الاعتكاف استحبابا.

(٤٠) اى: ثلاثة أيام متفرقة.

١٦٢

كتاب الحج:

و هو يعتمد علي ثلاثة أركان :

الركن الاول

في المقدمات: وهي أربع:

المقدمة الاولى: الحج وإن كان في اللغة القصد، فقد صار في الشرع اسما لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر(١) ، المخصوصة.وهو فرض على كل من اجتمعت فيه الشرائط الآتية، من الرجال والنساء والخناثى(٢) .ولا يجب بأصل الشرع إلامرة واحدة، وهي حجة الاسلام.وتجب على الفور.والتأخير مع الشرائط كبيرة موبقة(٣) .

وقد يجب الحج: بالنذر، وما في معناه، وبالافساد، وبالاستيجار للنيابة(٤) ، ويتكرر بتكرر السبب(٥) .وما خرج عن ذلك مستحب.

ويستحب لفاقد الشروط: كمن عدم الزاد والرحلة اذا تسكع(٦) ، سواء شق عليه السعي أو سهل، وكالمملوك اذا أذن له مولاه(٧) .

المقدمة الثانية: في الشرائط والنظر في: حجة الاسلام، وما يجب بالنذر، وما في معناه، وفي احكام النيابة.

________________________

(١) جمع.(مشعر) أى: محل العبادة..

(٢) جمع.(خنثى) على وزن.(صغرى) وهى التى لها عورة الرجال والنساء معا..

(٣) أى: معصية كبيرة مهلكة في الدنيا والاخرة..

(٤)(ما في معنى النذر) العهد مع الله، واليمين بالله.(وبالافساد) اى: اذا أفسد حجة بجماع أو غيره وجب عليه الحج في العام القابل.(لنيابة) اى اذا صار اجيرا ليحج نيابة عن ميت او حى عاجز..

(٥) يعنى: يتكرر وجوب الحج بتكرر سبب الحج فلو استطاع ونذر الحج، وصار نائبا وجب عليه الحج ثلاث مرات..

(٦)(الزاد) المصارف من الاكل والشرب واللباس ونحوها..(الراحلة) المركوب.(تسكع) اى: تحمل المشقة وهيأ لنفسه وسائل الحج بالقرض أو غيره.

(٧) فإنه يستحب عليه الحج ولا يجب..

١٦٣

القول في حجة الاسلام وشرائط وجوبها خمسة.الاول البلوغ وكمال العقل فلا يجب على الصبي، ولا على المجنون.

ولو حج الصبي أو حج عنه أو عن المجنون، لم يجز(٨) عن حجة السلام. ولو دخل الصبي المميز والمجنون في الحج ندبا، ثم كمل كل واحد منهما وأدرك المشعر(٩) ، أجزأ عن حجة الاسلام، على تردد(١٠) .ويصح احرام الصبي المميز، وإن لم يجب عليه.ويصح أن يحرم عن غير المميز وليه ندبا، وكذا المجنون(١١) . والولي: هو من له ولاية المال، كالاب، والجد للاب، والوصي. وقيل: للام ولاية الاحرام بالطفل ونفقته الزائدة(١٢) تلزم الولي دون الطفل.

الثاني: الحرية: فلا يجب على المملوك ولو أذن له مولاه.ولو تكلفه باذنه صح حجه، ولكن لا يجزيه عن حجة الاسلام، فإن أدرك الوقوف بالمشعر معتقا اجزأه.ولو أفسد حجه ثم أعتق، مضى في الفاسد(١٣) ، وعليه بدنة وقضاه، وأجزأ عن حجة الاسلام.وان اعتق بعد فوات الموقفين، وجب عليه القضاء، ولم يجزه عن حجة الاسلام(١٤) .

الثالث: الزاد والراحلة: و هما يعتبران فيمن يفتقر إلى قطع المسافة(١٥) .ولا تباع ثياب مهنته(١٦) ، ولا خادمه، ولا دار سكناه للحج.والمراد بالزاد قدر الكفاية من القوت و المشروب، ذهابا وعودا.وبالراحلة راحلة مثله(١٧) .

ويجب شراؤهما ولو كثر الثمن مع وجوده، وقيل: إن زاد من ثمن المثل(١٨) لم يجب، والاول أصح.

ولو كان له دين وهو قادر على اقتضائه(١٩) وجب عليه.

فإن منع منه وليس له سواه، سقط

________________________

(٨) على وزن.(يكرم) أى: لم يكف، فلو بلغ، وعقل، واجتمعت فيه الشرائط وجب عليه ثانيا..

(٩) اى: كان في.(المزدلفة) بالغاعاقلا..

(١٠) وجه التردد أن بعض اعمال الج كان مع عدم البلوغ، أو عدم العقل..

(١١) بأن يلبس الولى ثوبى الاحرام للطفل، أو للمجنون لكن الولى هو ينوى عنهما، أو يأتى بالتلبية..

(١٢) يعنى، المصارف الزائدة عن ما يصرف على الطفل والمجنون في بلدهما، لايجوز أخذها من اموالهما..

(١٣) أى أى: اكمل الحج الفاسد، و.(بدنة) كفارة الافساد وهو بعير..

(١٤) فتكليفه هكذا: ان يتم الحج الذى افسده، ثم يقضيه في السنة الثانية، ثم يأتى بحجة الاسلام في السنة الثالثة..

(١٥) وهم الذين منازلهم بعيدة عن مكة، أما أهل مكة غالبا فيجب عليهم الحج بدون الزاد والراحلة، لعدم احتياجهم اليها غالبا.

(١٦)(مهنته) أى: استعماله، يعنى، الثياب التى يستعملها لا يجب بيعها حتى يحصل على ثمن الحج..

(١٧) اى: قدر الكفاية ذهابا وعودا..

(١٨) اى: الثمن المتعارف فمثلا: لو كان المتعارف بيع تذكرة الطائرة خمسين دينارا، فأرادو بيعها له خمسمائة دينار قيل لا يجب عليه..الحج لكن الاصح وجوب الحج اذا قدر على الخمسمائة..

(١٩) اى: اخذه والحج به..

١٦٤

الفرض، ولو كان له مال وعليه دين بقدره لم يجب، إلا أن يفضل عن دينه ما يقوم بالحج(٢٠) .ولا يجب الافتراض للحج، إلا ان يكون له مال بقدر ما يحتاج اليه زيادة عما استثناه(٢١) .

ولو كان معه قدر ما يحج به، فنازعته نفسه إلى النكاح، لم يجز صرفه في النكاح، وان شق تركه(٢٢) وكان عليه الحج.ولو بذل له زاد وراحلة ونفقة، له ولعياله، وجب عليه.ولو وهب له مال لم يجب عليه قبوله(٢٣) .

ولو استؤجر للمعونة على السفر(٢٤) ، وشرط له الزاد والراحلة أو بعضه وكان بيده الباقي مع نفقة أهله، وجب عليه، وأجزأه عن الفرض اذا حج عن نفسه.ولو كان عاجزا عن الحج(٢٥) ، فحج عن غيره، لم يجزه عن فرضه، وكان عليه الحج ان وجد الاستطاعة.

الرابع: أن يكون له ما يمون عياله حتى يرجع، فاضلا عما يحتاج اليه(٢٦) .ولو قصر ماله عن ذلك لم يجب عليه.

ولو حج عنه من يطيق الحج، لم يسقط عنه فرضه، سواء كان واجد الزاد والراحلة أو فاقدهما.

وكذا لو تكلف الحج مع عدم الاستطاعة.ولا يجب على الولد بذل ماله لوالده في الحج(٢٧) .

الخامس: إمكان المسير: وهو يشتمل على: الصحة، وتخلية السرب، والاستمساك على الراحلة، وسعة الوقت لقطع المسافة(٢٨) .فلو كان مريضا بحيث يتضرر بالركوب لم يجب.ولا يسقط باعتبار المرض مع إمكان الركوب(٢٩) ، ولو منعه عدو، أو كان معضوبا(٣٠) لايستمسك على الراحلة، أو عدم المرافق

________________________

(٢٠) كما كانت تكاليف الحج مائة دينار، وكان له الف دينار، وكان عليه دين تسعمائة دينار..

(٢١) كما لو كانت له اراض ازيد من مقدار حاجته..

(٢٢) اى: وإن صعب عليه ترك الزواج، لشدة شهوته الجنسية..

(٢٣)(البذل) هو ان يقال له:.(مصارف حجك وكصارف عائلتك كلها على) والهبة: ان يقال له.(خذه هذه الالف دينار هبة له) ي الهبة لا يجب عليه قبول الالف حتى يجب عليه الحج، نعم إن قبلها وجب الحج، وأن ردها لم يجب..

(٢٤) اى للطبخ، أو السياقة، أو نحو ذلك، وكان ذالك العمل شأنه.(وشرط له) أن يعطى له.(الزاد والراحلة)

(٢٥) اى: لم يكن مستطيعا.

(٢٦) اى زيادة عن مصارف حجة..

(٢٧) فلو كان الولد غنيا والاب فقيرا، لا يجب على الولد اعطاء مؤنة الحج لابيه..

(٢٨)(الصحة) اى: صحة البدن بالمقدار الذى يمكنه الحج.(تخلية السرب) على وزن.(فلس) وهو الطريق، يعنى، كون الطريق خاليا عن قطاع الطريق، والازمات الخطيرة.(الاستمساك) أى القدرة على ضبط نفسه على الراحلة، هذاالشرط غالب الوجود بالنسبة لهذه الازمنة التى اصبح السفر بالطائرة، والسيارة.(سعة الوقت) اى يكون الوقت كافيا للوصول إلى مكة، فلو اجتمعت فيه الشرائط في وقت لا يصل إلى الحج في المراسم الازم لم يجب عليه الحج في ذالك العام..

(٢٩) يعنى: لو كان مريضا بمرض يمكنه الركوب وجب الحج..

(٣٠)(معضوبا) يعنى ضعيفا، أو مشلولا..

١٦٥

مع اضطراره اليه، سقط الفرض.وهل يجب الاستنابة مع المانع من مرض أو عدو؟ قيل: نعم، وهو المروي، وقيل، لا فإن أحج نائبا، واستمر المانع(٣١) ، فلا قضاء.وإن زال وتمكن وجب عليه ببدنه.ولو مات بعد الاستقرار(٣٢) ولم يؤد قضي عنه.ولو كان لا يستمسك خلقة(٣٣) ، قيل: يسقط الفرض عن نفسه وماله(٣٤) ، وقيل: يلزمه الاستنابة، والاول أشبه.ولو احتاج في سفره إلى حركة عنيفة للالتحاق أو الفرار فضعف سقط الوجوب في عامه، وتوقع المكنة في المستقبل(٣٥) .ولو مات قبل التمكن والحال هذه، لم يقض عنه.ويسقط فرض الحج، لعدم ما يضطر اليه من الآلات، كالقربة وأوعية الزاد(٣٦) .ولو كان له طريقان، فمنع من احداهما سلك الاخرى، سواء كانت أبعد أو أقرب.

ولو كان في الطريق عدو لا يندفع إلا بمال، قيل: يسقط، وإن قل: ولو قيل: يجب التحمل مع المكنة(٣٧) كان حسنا.

ولو بذل له باذل، وجب عليه الحج لزوال المانع: نعم، لو قال له: اقبل وادفع انت(٣٨) ، لم يجب.

وطريق البحر كطريق البر، فإن غلب ظن السلامة، وإلا سقط، ولو أمكن الوصول بالبر والبحر، فإن تساويا في غلبة السلامة كان مخيرا، وان اختص احدهما تعين، ولو تساويا في رجحان العطب(٣٩) سقط الفرض.

ومن مات بعد الاحرام ودخول الحرم برأت ذمته(٤٠) ، وقيل: يجتزئ بالاحرام، والاول أظهر.وإن كان قبل ذلك، قضيت عنه إن كانت مستقرة(٤١) ، وسقطت ان لم تكن كذلك.ويستقر الحج في الذمة، اذا استكملت الشرائط وأهمل.

________________________

(٣١) إلى أن مات..

(٣٢) يعنى: لو كان مريضا لا يمكنه الحج، فاستناب، ثم عادت صجته بحيث امكنه الحج بنفسه، ولم يحج حتى مات، وجب القضاء عنه..

(٣٣) لنقصان في خلقته.

(٣٤) فلا يجب عليه، ولا يجب الاستنابة في ماله..

(٣٥) يعنى: ينتظر التمكن من الحج في السنين القادمة..

(٣٦) اى: اذا كانت غير متوفرة لديه..

(٣٧) اى: مع تمكنه من اعطاء ذالك المقدار من المال..

(٣٨) إى: قال له: اقبل المال منى وادفعه انت للعدو، لم يجب القبول..

(٣٩) اى: لو كان كلا الطريقين يرجح فيهما الهلاك..

(٤٠) فلا يجب اعطاء الحج عنه بعد الموت..

(٤١) بأن كان الحج واجبا عليه من السنين السابقة وكان قد أهمله في نفس تلك السنة..

١٦٦

والكافر يجب عليه الحج ولا يصح منه.فلو أحرم ثم أسلم، أعاد الاحرام.واذا لم يتمكن من العود إلى الميقات(٤٢) ، أحرم من موضعه.ولو احرم بالحج وأدرك الوقوف بالمشعر(٤٣) لم يجزه، إلا أن يستأنف احراما آخر.وإن ضاق الوقت أحرم ولو بعرفات.ولو حج المسلم ثم ارتد لم يعد على الاصح.ولو لم يكن مستطيعا فصار كذلك في حال ردته، وجب عليه الحج وصح منه إذا تاب(٤٤) .ولو أحرم مسلما ثم ارتد ثم تاب، لم يبطل احرامه، على الاصح. والمخالف(٤٥) اذا استبصر، لا يعيد الحج إلا أن يخل بركن منه(٤٦) . وهل الرجوع إلى الكفاية(٤٧) ، من صناعة أو مال، أو حرفة شرط في وجوب الحج؟ قيل: نعم لرواية أبي الربيع، وقيل: لا عملا بعموم الآية(٤٨) .وهو الاولى.واذا اجتمعت الشرائط فحج متسكعا(٤٩) ، أو حج ماشيا، أو حج في نفقة غيره، أجزأه عن الفرض.ومن وجب عليه الحج، فالمشي أفضل(٥٠) .له من الركوب، اذا لم يضعفه، ومع الضعف الركوب أفضل(٥١) .

مسائل أربع:

الاولى: اذا استقر الحج في ذمته ثم مات، قضي عنه من أصل تركته.فإن كان عليه دين وضاقت التركة، قسمت على الدين وعلى اجرة المثل بالحصص(٥٢) .

الثانية: يقضي الحج من أقرب الاماكن(٥٣) ، وقيل: يستأجر من بلد الميت، وقيل: ان اتسع المال فمن بلده، والا فمن حيث يمكن، والاول أشبه.

________________________

(٤٢)(الميقات) يعنى: المكان المخصص للاحرام..

(٤٣) يعنى: اسلم فكان في المشعر مسلما..

(٤٤) اى: اذا حج بعد التوبة..

(٤٥) وهو المسلم الذى على خلاف طريقة أهل البيتعليهم‌السلام . (استبصر) اى صار بصيرا، يعنى: صار شيعيا..

(٤٦) كما لو ترك عرفات، او المشعر اطلاقا..

(٤٧) بأن يكون عنده ما يحج به، ويرجع ويبقى له قدر الكفاية من المال، أو من صنعة أو حرفة تكفيانه..

(٤٨) لان الاية تقول.(من استطاع) وهى عامة تشتمل من يرجع إلى الكفاية، ومن لا يرجع إلى كفاية..

(٤٩) اى: اجتمعت شرائط وجوب الحج، ولكنه حج بمشقة، فافترض من هذا شيئا، واستعطى من ذاك شيئا، وهكذا حج كفى..لان المهم أن يحج المستطيع، أما أنه كيف يحج فذاك إليه..

(٥٠) لما في مستفيض الاخبار من افضلية، مثل مرسل الفقيه.(وروى ما تقرب العبد إلى الله عزوجل بشئ أحب اليه من لمشى إلى بيته الحرام على القدمين).

(٥١) اى: الضعف عن العبادة والدعاء، لخبر سيف التمار عن الصادقعليه‌السلام . (تركبو أحب إلى فان ذالك أقوى لكم في الدعاء والعبادة).

(٥٢) وضاقت التركة) اى: كان مال الميت الذى تركه اقل من وفاء الدين والحج جميعا.(اجرة المثل) اجرة مثل الحج. (بالحصص) فلو كان دينه ألف، وأجرة المثل للحج خمسمائة، وكان مجموع أموال الميت سبعمائة وخمسين، اعطى خمسمائة للدين، ومائتين خمسين للحج بالنسبة..

(٥٣) إلى مكة، من المدينة، أو من الطائف، أو من جدة كلما كان الاقرب ممكنا وجب لانه اقل تصرفا في مال الميت..

١٦٧

الثالثة: من وجب عليه حجة الاسلام لا يحج عن غيره، لا فرضا ولاتطوعا.وكذا من وجب عليه بنذر أو إفساد(٥٤) .

الرابعة: لا يشترط وجود المحرم في النساء، بل يكفي غلبة ظنها بالسلامة، ولا يصح حجهاتطوعا إلا بأذن زوجها - ولها ذلك في الواجب كيف كان(٥٥) -، وكذا لو كانت في عدة رجعية.وفي البائنة، لها المبادرة من دون إذنه(٥٦) .

القول في شرائط ما يجب بالنذر، واليمين، والعهد(٥٧) وشرائطها: اثنان.

الاول: كمال العقل.فلاينعقد: نذر الصبي، ولا المجنون(٥٨) .

الثاني: الحرية فلا يصح نذر العبد إلا باذن مولاه.ولو أذن له في النذر فنذر، وجب وجاز له المبادرة ولو نهاه.

وكذا الحكم في ذات البعل(٥٩) .

مسائل ثلاث :

الاولى : اذا نذر الحج مطلقا(٦٠) ، فمنعه مانع، أخره حتى يزول المانع.ولو تمكن من ادائه ثم مات، قضي عنه من أصل تركته.ولا يقضى عنه قبل التمكن(٦١) .فإن عين الوقت(٦٢) ، فأخل به مع القدرة، قضي عنه.وان منعه عارض لمرض أو عدو حتى مات، لم يجب قضاؤه عنه ولو نذر الحج أو أفسد حجه وهو معضوب، قيل: يجب أن يستنيب وهو حسن.

الثانية : اذا نذر الحج، فإن نوى حجة الاسلام، تداخلا(٦٣) ، وان نوى غيرها لم يتداخلا.وان اطلق، قيل: إن حج ونوى النذر أجزأ عن حجة الاسلام، وإن نوى حجة الاسلام لم يجز عن النذر، وقيل: لا تجزي احداهما عن الآخرى، وهو الاشبه.

________________________

(٥٤)(ولا يحج عن غيره) اى: لا يجوز له الحج النيابى.(أو إفساد) اى: وجب عليه الحج لافساده حجه في العام الماضى..

(٥٥) يعنى: الحج المندوب يتوقف على اذن الزوج، دون الحج الواجب..

(٥٦)(رجعية) لان المتعدة بعدة رجعية كالزوجة، فلا يجوز لها الحج المندوب إلا بإذنه.(وفى البائنة) لانها ليست منزلة الزوجة، فيجوز لها الحج المندوب بدون اذنه..

(٥٧) صورة نذر الحج هكذا.(لله على إن رزقت ولدا ان احج) وصورة اليمين هكذا.(والله إن رزقت ولدا أحج) أو صورة العهد هكذا.(عاهدت الله إن رزقت ولدا أن احج)

(٥٨) ولا يمنهما ولا عهدهما، فلو نذرا، ثم كملا لم يجب عليهما الوفاء بالنذر وكذا اليمين والعهد..

(٥٩) اى: المرأة ذات الزوج، فانها لا يصح نذرها بدون الزوج، ولو نذرت باذن الزوج وجب عليها حتى ولو نهاها لزوج عن نفس الحج..

(٦٠) اى: لم يعين سنة الحج..

(٦١) يعنى: إن مات قبل التمكن من الحج..

(٦٢) اى: عين سنة الحج، كما لو قال.(والله إن رزقت ولدا أحج هذه السنة)

(٦٣) فيأتى بحج واحد يكون حجة الاسلام والمنذورة معا..

١٦٨

الثالثة : اذا نذر الحج ماشيا، وجب أن يقوم(٦٤) ، في مواضع العبور.فإن ركب طريقه قضى.

وان ركب بعضا، قيل: يقضي، ويمشي مواضع ركوبه، وقيل: بل يقضي ماشيا لاخلاله بالصفة المشترطة، وهو أشبه.

ولو عجز قيل: يركب ويسوق بدنة، وقيل: يركب ولا يسوق، وقيل: إن كان مطلقا(٦٥) ، توقع المكنة من الصفة، وإن كان معينا بوقت سقط فرضه(بعجزه)، والمروي الاول، والسياق ندب(٦٦) .

القول في النيابة وشرائط النائب ثلاثة: الاسلام، وكمال العقل، وأن لايكون عليه حج واجب.

فلا تصح: نيابة الكافر، لعجزه عن نية القربة، ولا نيابة المسلم على الكافر، ولاعن المسلم المخالف ألا أن يكون أبا للنائب(٦٧) .ولا نيابة المجنون، لانغمار عقله بالمرض المانع من القصد، وكذا الصبي غير المميز.

وهل يصح نيابة المميز؟ قيل: لا، لا تصافه بما يوجب رفع القلم(٦٨) ، وقيل: نعم، لانه قادر على الاستقلال بالحج ندبا.ولابد من نية النيابة، وتعيين المنوب عنه بالقصد.وتصح نيابة المملوك باذن مولاه.ولا تصح نيابة من وجب عليه الحج واستقر، إلا مع العجز، عن الحج ولو مشيا(٦٩) .وكذا لا يصح حجه تطوعا.

ولو تطوع، قيل: يقع عن حجة الاسلام، وهو تحكم، ولو حج عن غيره، لم يجز عن احدهما(٧٠) .

ويجوز لمن حج، أن يعتمر عن غيره، اذا لم تجب عليه العمرة.وكذا لمن اعتمر، ان يحج عن غيره، اذا لم يجب عليه الحج وتصح نيابة من لم يستكمل الشرائط، وإن كان حجه صرورة(٧١) .

________________________

(٦٤) اى يقف، ولا يجلس في السفينة إذا اضطر العبور بها..

(٦٥) اى: كان نوى الحج غير مقيد بسنة معينة..

(٦٦) اى: البدنة مستحبة..

(٦٧) فيجوز نيابة الشيعى عن ابيه المخالف، لا عن أبيه الكافر..

(٦٨) وهو عدم البلوغ للنبوى.(رفع القلم عن الصبى حتى يحتلم).

(٦٩) فلو استطاع وعجز عن الحج، حتى بمرض ونحوه ثم ذهبت الاستطاعة، فأصبح قادرا على الحج جاز أن ينوب عن غيره..أويأتى بالحج المندوب..

(٧٠) لا عن نفسه لعدم نيته، ولا عن الغير لعدم صحة النيابة..

(٧١)(لم يستكمل الشرائط) اى شرائط وجوب الحج على نفسه،.(صرورة) اى: لم يحج قبله وكان اول حجه..

١٦٩

ويجوز أن تحج المرأة: عن الرجل، وعن المرأة..ومن استؤجر فمات في الطريق، فإن أحرم ودخل الحرم، فقد أجزأت عمن حج عنه..ولو مات قبل ذلك لم يجز، وعليه أن يعيد من الاجرة ما قابل المتخلف.(٧٢) من الطريق، ذاهبا وعائدا..ومن الفقهاء من أجتزأ بالاحرام، والاول أظهر..ويجب أن يأتى بما شرط عليه: من تمتع، أو قران، أو إفراد..

وروي: إذا أمر أن يحج مفردا أو قارنا فحج متمتعا جاز، لعدوله إلى الافضل.(٧٣) ، وهذا يصح اذاكان الحج مندوبا، أو قصد المتسأجر الاتيان بالافضل، لا مع تعلق الفرض بالقران أو الافراد.(٧٤) .ولو شرط الحج على طريق معين، لم يجز العدول إن تعلق بذلك غرض، وقيل: يجوز مطلقا.(٧٥) .وإذا استؤجر بحجة، لم يجز أن يؤجر نفسه لاخرى، حتى يأتى بالاولى..ويمكن أن يقال: بالجواز ان كان لسنة غير الاولى..ولو صد.(٧٦) قبل الاحرام، ودخول الحرم، استعيد من الاجرة بنسبة المتخلف..ولو ضمن الحج في المستقبل لم يلزم اجابته.(٧٧) ، وقيل: يلزم..واذا استؤجر فقصرت الاجرة لم يلزم الاتمام..وكذا لو فضلت عن النفقة، لم يرجع المستأجر عليه بالفاضل.(٧٨) .ولا يجوز النيابة في الطواف الواجب للحاضر، إلا مع العذر، كالاغماء والبطن.(٧٩) وما شابههما..ويجب أن يتولى ذلك بنفسه..

ولو حمله حامل فطاف به، أمكن أن يحتسب لكل منهما طوافه عن نفسه.(٨٠) .ولو تبرع انسان بالحج عن غيره بعد موته، برأت ذمته.(٨١) .

________________________

(٧٢)(وعليه) اى: على ورثته.(المتخلف) مثلا لو مات في مسجد الشجرة قبل الاحرام، وجب ان يرد من الثمن بنسبة السفر من مسجد الشجرة إلى مكة، والرجوع إلى بلده لا كل الثمن.

(٧٣) لان حج التمتع افضل من حج القران، ومن حج الافراد..

(٧٤) يعنى: ولا يصح مع كون الواجب القران أو الافراد، لكونهما منذورين، أو موصى بهما بالخصوص، أو نحو ذالك..

(٧٥)(غرض) كما لو أمر من هو من أهل ايران أن يحج على طريق العراق ليزور المراقد المطهرة فيها.(مطلقا) أى: سواء تعلق غرض به أم لا.

(٧٦) اى: منع من الحج..

(٧٧) يعنى: لو قال النائب اضمن ان أحج في السنة القادمة، لم يجب على صاحب النيابة القبول عنه، بل يجوز له استرداد بقية الثمن..

(٧٨)(المستأجر) اى: صاحب النيابة.(عليه) على النائب.(بالفاضل) بالزائد عن نفقة الحج..

(٧٩)(البطن) وله معه يخرج غائطه شيئا فشيئا، ولا يستطيع إمساكه..

(٨٠) خلافا للشافعى القائل،.(بأن الطواف الواحد لا يحسب عن.(اثنين).

(٨١) ولا يجب على ورثته اعطاء الحج عنه ثانيا..

١٧٠

وكل مايلزم النائب من كفارة ففي ماله(٨٢) .ولو أفسده، حج من قابل.وهل يعاد بالاجرة عليه؟ يبنى على القولين(٨٣) .

واذا اطلق الاجارة، اقتضى التعجيل ما لم يشترط الاجل، ولا يصح أن ينوب عن اثنين في عام.

ولو استأجراه لعام صح الاسبق.ولو اقترن العقدان، وزمان الايقاع، بطلا.واذا أحصر(٨٤) تحلل بالهدى، ولا قضاء عليه.ومن وجب عليه حجان مختلفان كحجة الاسلام والنذر، فمنعه عارض، جاز أن يستأجر أجيرين لهمافي عام واحد.ويستحب أن يذكر النائب من ينوب عنه بإسمه، في المواطن كلها، وعندكل فعل من أفعال الحج والعمرة، وأن يعيد ما يفضل معه من الاجرة بعد حجه، وأن يعيد المخالف حجه اذا استبصر، وإن كانت مجزية.

ويكره: أن تنوب المرأة اذا كانت صرورة(٨٥) .

مسائل ثمان:

الاولى: اذا أوصى أن يحج عنه ولم يعن الاجرة، انصرف ذلك إلى اجرة المثل.وتخرج من الاصل اذا كانت واجبة(٨٦) ، ومن الثلث اذا كانت ندبا.ويستحقها الاجير بالعقد.فإن خالف ما شرط(٨٧) ، قيل: كان له اجرة المثل والوجه أنه لا أجرة.

الثانية: من اوصى أن يحج عنه ولم يعين المرات، فإن لم يعلم منه ارادة التكرار، اقتصر على المرة.

وإن علم ارادة التكرار، حج عنه حتى يستوفي الثلث(٨٨) من تركته.

الثالثة: اذا أوصى الميت أن يحج عنه كل سنة بقدر معين فقصر جمع نصيب سنتين

________________________

(٨٢)(كفارة): أى: كفارة الحج.(ففى ماله) اى: مال النائب، ولايأخذ ثمنها من صاحب النيابة..

(٨٣) لو أفسد الحج بجماع أو غيره وجب عليه اتمامه، ثم قضاء الحج من السنة الآتية،.(وفيه قولان الاول: ان الفرض هو الاول - وتسميته فاسدا مجازلكونه كالعدم في انه يجب عليه الحج من قابل - والحج الثانى مجرد عقوبة.

(القول الثانى) أن الفرض هو الحج الثانى، واتمام الحج الاول عقوبة قوله.(وهل يعاد بالاجرة عليه) يعنى: هل يعود صاحب النيابة ويسترجع الاجرة من النائب الذى افسد حجه؟ إن قلنا بالقول الاول فلا، لانه ادى الفرض، وبقى على النائب حج ثان عقوبة له، وإن قلنا بالقول الثانى: نعم، لان الحج الفرض هو الثانى، ولصاحب النيابة ان يسترجع المال ويعطيه لآخر، والحج الفاسد ليس حجا صحيحا حتى يستحق النائب الاجرة عليه..

(٨٤) أى: تمرض مرضا منعه من السير - هذا اذاكان بعد الاحرام - فيبعث الهدى ليذبح عنه فاذا ذبح حل هو عن الاحرام.(ولا قضاء عليه) يعنى: كفى هذه الحج ولا يجب عليه في السنة القادمة.

(٨٥) اى اذا كانت لم تحج قبلا..

(٨٦) سواء كانت حجة الاسلام، أو حجة منذورة وشبهها، أو نيابة لم يف بها، أؤ بدل افساد..

(٨٧) كما لو شرط عليه أن يحج من طريق المدينة ويحرم في مسجد الشجرة، لكنه خالف وحج من طريق الطائف واحرم من.(قرن المنازل) او غير ذالك من الشروط..

(٨٨) اى: حتى يتم الثلث..

١٧١

واستؤجر به لسنة.

وكذا لو قصر ذلك أضيف اليه من نصيب الثالثة.

الرابعة: لو كان عند انسان وديعة، ومات صاحبها وعليه(٨٩) حجة الاسلام، وعلم أن الورثة لا يؤدون ذلك، جاز أن يقتطع قدر جرة الحج فيستأجر به، لانه خارج عن ملك الورثة.

الخامسة: اذا عقد الاحرام عن المستأجر عنه، ثم نقل النية إلى نفسه لم يصح.

فاذا اكمل الحجة وقعت عن المستأجر عنه، ويستحق الاجرة.ويظهر لي أنها لا تجزي عن أحدهما(٩٠) .

السادسة: اذا أوصى أن يحج عنه وعين المبلغ، فإذا كان بقدر ثلث التركة أو أقل صح، واجبا كان أو مندوبا، وان كان أزيد وكان واجبا ولم يجز الورثة، كان اجرة المثل من أصل المال، والزائد من الثلث.وإن كان ندبا حج عنه من بلده، ان احتمل الثلث(٩١) .وان قصر حج عنه من بعض الطريق.وان قصر عن الحج حتى لا يرغب فيه أجير، صرف في وجوه البر، وقيل: يعود ميراثا.

السابعة: إذا أوصى في حج واجب وغيره(٩٢) ، قدم الواجب.

فإن كان الكل واجبا وقصرت التركة، قسمت على الجميع بالحصص(٩٣) .

الثامنة: من عليه حجة الاسلام ونذر اخرى، ثم مات بعد الاستقرار، اخرجت حجة الاسلام من الاصل، والمنذورة من الثلث.ولو ضاق المال إلا عن حجة الاسلام، اقتصر عليها ويستحب أن يحج عنه النذر.

ومنهم من سوى بين المنذورة وحجة الاسلام في الاخراج من الاصل، والقسمة مع قصور التركة وهو أشبه(٩٥) .

وفي الرواية: ان نذر أن يحج رجلا، ومات وعليه حجة الاسلام، اخرجت حجة الاسلام من الاصل، وما نذره من الثلث، والوجه التسوية لانهما دين(٩٦) .

___________________________________

(٨٩) اى: على صاحب الوديعة.

(٩٠) لعدم صحة تبعض النية، والعدول بها، إلا بدليل خاص.

(٩١) اى: كان الثلث متحملا له، بأن كان بقدر الثلث، أو أقل منه.

(٩٢) أى: وغير الحج، كالخمس، والكفارة، وبناء المسجد، ونحو ذالك.

(٩٣) اى: بالنسبة.

(٩٤) على الولى، وعلى غيره من القربائه، بل والمؤمنين من اقربائه.

(٩٥) لان كليهما واجب، والفرق بأن حجة الاسلام واجبة بالاصالة، والمنذورة بالعرض لا يكون فارقا بعد فعلية الوجوب بالنسبة لكليهما.

(٩٦) والدين يؤخذ من أصل التركة.

١٧٢

المقدمة الثالثة: في أقسام الحج وهي ثلاثة: تمتع، وقران، وافراد: فصورته: أن يحرم من المي‍ بالعمرة المتمع بها(٩٧) ، ثم يدخل بها مكة، فيطوق سبعا بالبيت، ويصلي ركعتيه بالمقام(١) ، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعا، ويقصر(٩٨) .

ثم ينشئ احراما للحج من مكة يوم التروية على الافضل، والا بقدر ما يعلم أنه يدرك الوقوف(٩٩) .ثم يأتى عرفات فيقف(١٠٠) بها إلى الغروب، ثم يفيض(١٠١) إلى المشعر فيقف به بعد طلوع الفحر.ثم يفيض إلى منى، فيحلق بها يوم النحر(١٠٢) ، ويذبح هديه، ويرمي جمرة العقبة.ثم ان شاء أتى مكة ليومه أو لغده(١٠٣) ، فطاف طواف الحج وصلى ركعتيه، وسعى سعيه، وطاف طواف النساء، وصلى ركعتيه، ثم عاد إلى منى ليرمي ما تخلف عليه من الجمار(١٠٤) .وان شاء اقام بمنى حتى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر، ومثله يوم الثاني عشر، ثم ينفر بعد الزوال.وان اقام إلى النفر الثاني، جاز ايضا.وعاد إلى مكة للطوافين والسعي(١٠٥) .

________________________

(٩٧) يعنى: احرام عمرة التمتع.(ثم يدخل بها) اى: بنية عمرة التمتع..

(٩٨) اى: يأخذ شيئا م من شعره، أو ظفره..

(٩٩) اى: الوقوف بعرفات من زوال عرفة إلى الغروب..

(١٠٠) أى يكون في عرفان، ولا يجب الوقوف بل يجوة زالجلوس والاضطجاع وغيرهما..

(١٠١) أى: يخرج..

(١٠٢) وهو يوم العيد..

(١٠٣) اى: في نفس يوم العيد، أو في اليوم الحادى عشر..

(١٠٤)

(وما تخلف) وهو رمى الجمرات الثلاث في اليومين الحادى عشر والثانى عشر..

(١٠٥)(ينفر): اى: يخرج من منى إلى مكة.(.(النفر الثانى) في اليوم الثالث عشر بعد الزوال.(وعاد إلى مكة) بعد اعمال منى.(لطوافين والسعى) اى: طواف الحج، ثم طواف النساء..

١٧٣

وهذا القسم فرض ماكان بين منزله وبين مكة اثنا عشر ميلا فما زاد من كل جانب، وقيل: ثمانية اربعون ميلا(١٠٦) ، فإن عدل هؤلاء إلى القران أو الافراد في حجة الاسلام اختيارا لم يجز، ويجوز مع الاضطرار(١٠٧) .

وشروطه أربعة: النية.

ووقوعه في اشهر الحج، هي شوال وذوالقعدة وذوالحجة، وقيل: وعشرة من ذي الحجة، وقيل: تسعة من ذي الحجة، وقيل: إلى طلوع الفجر من يوم النحر.

وضابط وقت الانشاء(١٠٨) ، ما يعلم انه يدرك المناسك، وأن يأتي بالحج والعمرة في سنة واحدة(١٠٩) ، وان يحرم بالحج له من بطن مكة(١١٠) ، وافضله المسجد وافضله المقام، ثم تحت الميزاب(١١١) .

ولو احرم بالعمرة المتمتع بها في غير أشهر الحج: لم يجز التمتع بها(١١٢) ، وكذا لو فعل بعضها في اشهر الحج، ولم يلزمه الهدي(١١٣) .والاحرام من الميقات مع الاختيار.ولو احرم بحج التمتع من غير مكة لم يجزه.ولو دخل مكة بإحرامه، على الاشبه وجب استئنافه منها(١١٤) .ولو تعذر ذلك، قيل: يجزيه، والوجه أنه يستأنفه حيث امكن - ولو بعرفة - ان لم يتعمد ذلك(١١٥) .وهل يسقط الدم(١١٦) والحال هذه؟ فيه تردد.ولا يجوز للمتمتع الخروج من مكة حتى يأتى بالحج، لانه صار مرتبطا به، الا على وجه لا يفتقر إلى تجديد عمرة.ولو يجدد عمرة تمتع بالاخيرة(١١٧) .

________________________

(١٠٦) ميلا = ٢٢ كيلو مترا تقريبا، و.(٤٨) ميلا = ٨٨ كيلو مترا تقريبا..

(١٠٧) لضيق الوقت - مثلا - كما لو وصل إلى الميقات يوم عرفة، بحيث لو أتى بالعمرة أولا، فانه الوقوفان.

(غرفات والمشعر) فانه يحرم بالحج، وياتى عرفات من الميقات رأسا، وهكذا خوف دخول مكة من عدو، أو لص في طريقها، أو سبع ونحو ذالك..

(١٠٨) اى: إنشاء الاحرام.

(١٠٩) هذا الشرط الثالث:.(وأما الرابع) فهو قوله.(وان يحرم).

(١١٠) اى: داخل مكة، اى مكان منها كان صح..

(١١١)(المقام) اى: عند مقام ابراهيم.(الميزاب) اى: ميزاب الكعبة..

(١١٢) اى: لم يجز له حسابها من حج التمتع، بل يجب عليه عمرة اخرى في اشهر الحج لحج التمتع..

(١١٣) لان الهدى من توابع حج التمتع..

(١١٤) يعنى: أحرم لحج التمتع من غير مكة، ودخل مكة بذاك الاحرام لم يصح يجدد الاحرام في مكة..

(١١٥) أى: إن لم يكن ترك الاحرام في مكة عمدا، كما لو تركه، غفلة، أو خوفا، أو نسيانا ونحوذالك..

(١١٦) أى: ذبح شاة كفارة لترك الاحرام من مكة..

(١١٧)(مرتبطابه) اى بحج التمتع، فلو خرج من مكة بعد عمرة التمتع، ثم دخل مكة لحج التمتع فصل يبن جزئى الحج.

(لا يفتقر) بأن يخرج من مكة محرما ويعود اليها، أو يخرج منها غير محرم لكنه يرجع اليها قبل شهر.

(ولو يجدد عمرة) اى: اتى بعمرة جديدة عند عودته إلى مكة.(تمتع بالاخيرة) اى: جعل العمرة الاخيرة هى عمرة التمتع لكى لا يفصل بينها وبين الحج بعمرة..

١٧٤

ولو دخل بعمرته إلى مكة، وخشي ضيق الوقت(١١٨) ، جاز له نقل النية إلى الافراد وكان عليه عمرة مفردة.

وكذا الحائض والنفساء، ان منعهما عذرهما عن التحلل، وانشاء الاحرام بالحج، لضيق الوقت عن التربص(١١٩) ، ولو تجدد العذر(١٢٠) وقد طافت اربعا، صحت متعتها، وأتت بالسعي وبقية المناسك، وقضت بعد طهرها ما بقي من طوافها(١٢١) .واذا صح التمتع(١٢٢) سقطت العمرة المفردة.

وصورة الافراد: ان يحرم من الميقات، أو من حيث يسوغ له الاحرام بالحج(١٢٣) ، ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها، ثم يمضي إلى المشعر فيقف به، ثم إلى منى فيقضي مناسكه بها، ثم يطوف بالبيت ويصلي ركعتيه، ويسعى بين الصفا والمروة، ويطوف طواف النساء ويصلي ركعتيه.وعليه عمرة مفردة بعد الحج والاحلال منه، ثم يأتي بها من أدنى الحل(١٢٤) .ويجوز وقوعها(١٢٥) في غير اشهر الحج ولو احرم بها من دون ذلك، ثم خرج إلى ادنى الحل، لم يجزه الاحرام الاول، وافتقر إلى استئنافه(١٢٦) .

وهذا القسم والقران، فرض اهل مكة ومن بينه وبينها دون اثني عشر ميلا من كل جانب.وإن عدل هؤلاء إلى التمتع اضطرارا جاز(١٢٧) .

________________________

(١١٨) بأن خشى لو أتى بأعمال العمرة لم يدرك عرفات.(إلى الافراد) اى نوى حج الافراد فيخرج مع ذالك الاحرام إلى رفات، ثم.(وكان عليه عمرة مفردة) يعنى: ثم يأتى بعد تمام اعمال الحج بعمرة مفردة.(لان حج الافراد عمرته مفردة وبعدالحج).

(١١٩) بأن حاضت أو صارت قبل الاتيان بأعمال العمرة، واستمر معها الدم حتى ضاق الوقت عن ادراك قرفات، فانها تنوى باحرامها - التى سبق أن نوت به احرام عمرة التمتع - لحج الافراد وتذهب - بلا تجديد احرام - إلى عرفات، فلما اتمت اعمال الحج، أتت بعمرة مفردة..

(١٢٠)(العذر) اى الحيض أو النفاس في اثناء الطواف، بعد اربعة اشواط، من الطواف..

(١٢١) ثم بركعتى الطواف، أما اذا اضت أو نفساء قبل اربعة اشواط فانها تهدم الطواف، وتنوى حج الافراد، وتذهب إلى عرفات الخ....هذا اذا ضايقها الوقت -.

(١٢٢) اى: عمرة التمتع، فلا يحتاج إلى عمرة مفردة بعد الحج..

(١٢٣) وهو داره، اذا كان داره اقرب إلى مكة من الميقات.(ثم يمضى إلى عرفات) بدون دخول مكة..

(١٢٤) اى: اقرب مكان إلى الحرم عرفا - كما في المدارك - والان المتعارف الذهاب إلى.

(تنعيم) وهو يبتعد عن المسجد قرابة سبع كيلو مترات - كما قيل - وهو آخر الحرم وأول الحل..

(١٢٥) يعنى: العمرة المفرة..

(١٢٦) يعنى: الذى فرغ من اعمال الحج ويريد العمرة المفردة، و.(لو احرم بها) اى: بالعمرة المفردة.

(من دون ذلك) اى: من قبل اذن الحل، يعنى: ابعد من مكة فاذا جاء في طريقة إلى مكة وجب عليه تجديد الاحرام عند وصوله إلى ادنى الحل..

(١٢٧) كمن يخشى عدوا ولا يستطيع اتيان العمرة المفردة بعد الحج، او امرأة تخشى الحيض أو النفاس ولا تأمن الطهر قبل هاب رفقتها ونحو ذلك.

١٧٥

وهل يجوز اختيارا؟ قيل: نعم، وقيل: لا، وهو الاكثر.

ولو قيل: بالجواز لم يلزمهم هدي(١٢٨) .

وشروطه(١٢٩) ثلاثة: النية، وان يقع في اشهر الحج، وان يعقد احرامه من ميقاته، أو من دويرة أهله ان كان منزله دون الميقات(١٣٠) .وأفعال القارن وشروطه كالمفرد، غير أنه يتميز عنه بسياق الهدي عند احرامه.

وإذا لبى استحب له: اشعار ما يسوقه من البدن(١٣١) ، وهو أن يشق سنامه من الجانب الايمن، ويلطخ صفحته بدمه.

وإن كان معه بدن(١٣٢) دخل بينها، واشهرها يمينا وشمالا.

والتقليد: أن يعلق في رقبة المسوق نعلا، قد صلى فيه.والاشعار والتقليد للبدن.ويختص البقر والغنم بالتقليد(١٣٣) .

ولو دخل القارن أو المفرد مكة، وأراد الطواف جاز(١٣٤) ، لكن يجددان التلبية عند كل طواف لئلا يحل على قول، وقيل: إنما يحل المفرد(١٣٥) دون السائق.والحق أنه لا يحل احدهما الا بالنية(١٣٦) ، لكن الاولى تجديد التلبية عقيب صلاة الطواف.ويجوز للمفرد اذا دخل مكة، أن يعدل إلى التمتع، ولا يجوز ذلك للقارن.والمكي اذا بعد عن أهله.

وحج حجة الاسلام على ميقات، أحرم منه وجوبا(١٣٧) .

________________________

(١٢٨) اى: لا يجب عليهم ذبح اضحية في منى، وانما القارن يذبح ما قرن به احرامه في منى..

(١٢٩) اى: شروط حج الافراد..

(١٣٠) اى: اقرب إلى مكة من الميقات..

(١٣١)(بدن) كقفل جمع.(بدنة) هى البعير..

(١٣٢) اى: عدد من البعران اكثر من واحد، فلا يلزم اشعار جميعها من الجانب الايمن..

(١٣٣) بتعليق نعل في رقبتهما دون جرحهما..

(١٣٤) قال في المسالك:.(اى طواف الحج، بأن يقدماه على الوقوف، وكذا يجوز لهما تقديم صلاته والسعى، دون طواف النساء إلا مع الضرورة)

(١٣٥) اذا لم يجدد التلبية، وأما القارن فلا يحل ما دام الهدى معه.

(١٣٦) اى: اذا نوى بطوافه الاحلال، أحل، وأما فمجرد الطواف بدون نية الاحلال لا يحل الاحرام..

(١٣٧)(عقيب صلاة الطواف) أى: فيما اذا لم ينو بطوافه الاحلال خروجا عن مخالفة من قال بالاحلال مطلقا نوى لو لم ينو.(إلى التمتع) بأن يجعل هذا الاحرام لعمرة التمتع فيأتى بأعمال عمرة التمتع ويحل من بعدها عن الاحرام ثم يحرم لحج التمتع من مكة..

١٧٦

ولو أقام من فرضه التمتع بمكة سنة أو سنتين لم ينقل فرضه، وكان عليه الخروج إلى الميقات اذا اراد حجة الاسلام.

ولو لم يتمكن من ذلك خرج إلى خارج الحرم.فإن تعذر، احرم من موضعه.فإن دخل في الثالثة مقيما(١٣٨) ، ثم حج، انتقل فرضه إلى القران او الافراد.

ولو كان منزلان بمكة وغيرها من البلاد، لزمه فرض أغلبهما عليه.ولو تساويا كان له الحج بأي الانواع شاء.

ويسقط الهدي عن القارن والمفرد وجوبا، ولا يسقط التضحية استحبابا(١٣٩) .

ولا يجوز: القران بين الحج والعمرة بنية واحدة، ولا ادخال احدهما على الآخر، ولا بنية حجتين ولا عمرتين [ على سنة واحدة ](١٤٠) ولو فعل، قيل: ينعقد واحدة، وفيه تردد.

المقدمة الرابعة : في المواقيت والكلام في: أقسامها وأحكامها.

المواقيت ستة: لاهل العراق: العقيق(١٤١) ، وافضله المسلخ، ويليه غمرة، وآخره ذات عرق.

ولاهل المدينة: اختيارا مسجد الشجرة، وعند الضرورة(١٤٢) الجحفة.

ولاهل الشام: الجحفة.

ولاهل المدينة: يلملم.

ولاهل الطائف: قرن المنازل.

وميقات من منزله أقرب(١٤٣) من الميقات: منزله.

________________________

(١٣٨) اى: دخل في السنة الثالثة حال كونه مقيما في مكة..

(١٣٩) يعنى: لا يشرع الهدى للقارن والمفرد، وانما يستحب لهما الاضحية، والفرق بينهما في النية، والاحكام المترتبة عليهما..

(١٤٠)(القران) اى: ينوى: مرة واحدة الحج والعمرة، بحيث لوذهل عند تمام احدهما والابتداء بالاخرة كان كافيا.

(ولا إدخال) بأن ينوى احرام الحج قبل التحلل من العمرة، أو ينوى احرام العمرة قبل تحلل من الحج.(ولا بنية) واحدة بأن يأتى في سنة واحدة حجتين، أو يأتى مرة واحدة بأحرام واحد عمرتين..

(١٤١) هو صحراء، اوله من جانب العراق يسمى.(المسلخ) والافضل ايقاع الاحرام في اوله، وبعده في الفضيلة.

(غمرة) وهى وسطها، والاخر في الفضيلة آخر الصحراء ويسمى ذات عرق..

(١٤٢) مثل المريض، او الخائف، او في البرد الشديد، أو الحر الشديد المضرين بالنفس،.

(١٤٣) اى أقرب إلى مكة.

١٧٧

وكل من حج على ميقات لزمه الاحرام منه(١٤٤) .ولو حج على طريق لا يفضي إلى احد المواقيت، قيل: يحرم اذا غلب على ظنه محاذاة اقرب المواقيت إلى مكة.وكذا من حج في البحر.

والحج والعمرة يتساويان في ذلك(١٤٥) .وتجرد الصبيان من فخ(١٤٦) .

وأما أحكامها ففيه مسائل: الاولى:

الاولى: من أحرم قبل هذه المواقيت لم ينعقد احرامه، الا لناذر(١٤٧) بشرط أن يقع احرام الحج في اشهره(١٤٨) أو لمن أراد العمرة المفردة في رجب وخشي تقضيه(١٤٩) .

الثانية: إذا أحرم قبل الميقات لم ينعقد احرامه، ولا يكفي مروره فيه مالم يجدد الاحرام من رأس(١٥٠) .

ولو اخره عن الميقات لمانع ثم زال المانع عاد إلى الميقات.فإن تعذر، جدد الاحرام حيث زال.ولو دخل مكة(١٥١) خرج إلى الميقات.فإن تعذر، خرج إلى خارج الحرم.ولو تعذر احرم عن مكة.وكذا لو ترك الاحرام ناسيا، أو لم يرد النسك(١٥٢) .وكذا المقيم بمكة إذا كان فرضه التمتع(١٥٣) .أمالو أخره عامدا لم يصح احرامه حتى يعود إلى الميقات، ولو(١٥٤) تعذر لم يصح احرامه.

الثالثة: لو نسي الاحپرام ولم يذكر حتى اكمل مناسكه، قيل: يقضي ان كان واجبا(١٥٥) ، وقيل: يجزيه وهو المروي.

________________________

(١٤٤) فالشامى اذا جاء إلى المدينة المنورة، واراد الذهاب إلى مكة من المدينة أحرم من الميقات اهل المدينة وهو.

(مسجد الشجرة) لا من ميقات أهل الشام وهكذا..

(١٤٥) اى: في هذا المواقيت، فمن يريد مكة حاجا، أو معتمرا، بعمرة التمتع، أو العمرة المفردة المستقلة ومر على حدى هذه المواقيت وجب عليه الاحرام منه..

(١٤٦)(فخ) ميقات الصبيان، وهو يبعد عن مكة بعدة كيلو مترات فقط، و.(تجرد) يعنى: من المخيط اذا كانوا ذكورا، ومن الزينة، ونحوها مطلقا..

(١٤٧) فمن نذر الاحرام قبل هذه المواقيت، بالنذر الشرعى صح له ذالك..

(١٤٨)(إحرام الحج)(اى: ان كان الاحرام للحج.(في اشهر الحج، وهى.(شوال، وذوالقعدة، وذوالحجة).

(١٤٩) بأن كان في أواخر رجب، ولو انتظر وصول الميقات خاف من تمام شهر رجب ويفوته فضل احرام العمرة في رجب..

(١٥٠) أى: ما لم يأت بأعمال الاحرام في الميقات ثانيا، النية، والتلبية، ولبس ثوبى الاحرام..

(١٥١) اى: لو كان قد دخل مكة بلا احرام..

(١٥٢) اى: لم يكن قاصدا دخول مكة، فجاز الميقات ثم بدا له دخول مكة، وجب عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منه لخ..

(١٥٣) اى: كان الواجب عليه حج التمتع، كمن لم يمر على اقامته بمكة ثلاث سنوات..

(١٥٤) يعنى: حتى لو لم يستطع الرجوع إلى الميقات لم يصح احرامه، لانه كان عامدا في تأخيره عن الميقات..

(١٥٥) اى: يقضى الحج إن كان واجبا، ويقضى العمرة ان كانت واجبة، وإن كان مستحبا فلا.(وقيل يجزيه) اى: يكفيه ولا يحتاج لى القضاء حتى ولو كان واجبا..

١٧٨

الركن الثاني

في أفعال الحج والواجب اثنا عشر: الاحرام، والوقوف بعرفات، والوقوف بالمشعر، ونزول منى، والرمي، والذبح، والحلق بها أو التقصير(١٥٦) ، والطواف(١٥٧) ، وركعتاه، والسعي، وطواف النساء، و ركعتاه.

ويستحب أمام التوجه(١٥٨) : الصدقة، وصلاة ركعتين، وان يقف على باب داره، ويقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن يساره وآية الكرسي كذلك(١٥٩) ، وأن يدعو بكلمات الفرج(١٦٠) وبالادعية المأثورة(١٦١) ، وأن يقول اذا جعل رجله في الركاب: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله والله اكبر.فإذا استوى على راحلته، دعا بالدعاء بالمأثور.

القول في الاحرام والنظر في مقدماته، وكيفيته، وأحكامه.

والمقدمات كلها مستحبة وهي: توفير شعر رأسه من أول ذي القعدة إذااراد التمتع(١٦٢) ، ويتأكد عند هلال ذي الحجة، على الاشبه.وأن ينظف جسده، ويقص أظفاره، ويأخذ من شاربه، ويزيل الشعر عن جسده وابطيه مطليا(١٦٣) .ولو كان قد أطلى أجزاه، مالم يمض خمسة عشر يوما.والغسل للاحرام، وقيل: إن لم يجد ماء يتيمم له.

ولو اغتسل وأكل أو لبس، مالا يجوز للمحرم اكله ولا لبسه(١٦٤) ، أعاد الغسل استحبابا.

ويجوز له تقديمه على الميقات، اذا

________________________

(١٥٦) اى: أو التقصير..

(١٥٧) ويسمى هذا الطواف.(طواف الزيارة) وطواف الحج)

(١٥٨) اى: قبل الخروج إلى الحج..

(١٥٩) اى: ثلاث مرات، مرة أمامه، وعن يمينه، وعن شماله..

(١٦٠) وهى.(لا إله إلاالله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلى العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين)

(١٦١)(المأثورة) اى: الواردة عن المعصومين، ومن أرادها فليطلبها من كتب الادعية، مثل.(ذادالمعاد) للعلامة المجلسى.(قده) و.(مفاتيح الجنان.(للمحدث القمى، و.(الدعاء والزيارة) للاخ الاكبر، وغيرها..

(١٦٢)(توفير) يعنى: عدم الحلق.(التمتع) اى حج التمتع.(ويتأكد) يعنى توفير الشعر..

(١٦٣) بالمعاجين المزيلة للشعر، قال في المسالك.(وهذا هو الافضل، فلو ازاله بغيره كالحلق تأدت السنة..)

(١٦٤) كالطعام الذى فيه طيب، واللباس المخيط للرجال، وملابس الزينة للنساء.

١٧٩

خاف عوز الماء فيه.ولو وجده(١٦٥) ، استحب له الاعادة.ويجزي الغسل في أول النهار ليومه، وفي أول الليل لليلته ما لم ينم(١٦٦) .ولو احرم بغير غسل أو صلاة ثم ذكر، تدارك ماتركه وأعاد الاحرام.وأن يحرم عقيب فريضة الظهر أو فريضة غيرها.وإن لم يتفق صلى للاحرام ست ركعات، وأقله ركعتان.

يقرأ في الاولى:( الحمد ) و( قل يا أيها الكافرون ) ، وفي الثانية:( الحمد ) و( قل هو الله أحد ) ، وفيه رواية اخرى.

ويوقع نافلة الاحرام تبعا له - ولو كان وقت فريضة - مقدما للنافلة ما لم تتضيق الحاضرة(١٦٧) .

وأما كيفيته: فيشتمل على واجب، ومندوب فالواجبات ثلاثة:

الاول: النية.وهو أن يقصد بقلبه إلى اموراربعة: ما يحرم به من حج أو عمرة متقربا، ونوعه من تمتع أو قران او افراد، وصفته من وجوب أو ندب، وما يحرم له من حجة الاسلام أو غيرها(١٦٨) .ولو نوى نوعا ونطق بغيره عمل على نيته(١٦٩) .ولو أخل بالنية عمدا أو سهوا لم يصح احرامه(١٧٠) .ولو احرم بالحج والعمرة(١٧١) وكان في اشهر الحج، كان مخيرا بين الحج والعمرة، إذا لم يتعين عليه احدهما(١٧٢) .وان كان في غير أشهر الحج تعين للعمرة.

ولو قيل: بالبطلان في

________________________

(١٦٥) أى: وجد الماء في الميقات بعد ما اغتسل قبل المنيقات..

(١٦٦) فإن نام بعد الغسل وقبل الاحرام اعاد الغسل..

(١٦٧) يعنى: اذا كان وقت فريضة، يصلى ست ركعات نافلة الاحرام، ثم يصلى الفريضة، ثم يحرم اذا لم يكن وقت الفريضة يقا، وإلا قدم الفريضة، ثم ركعات الاحرام، ثم الاحرام..

(١٦٨) مثلا ينوى هكذا.(اتى قربة إلى الله تعالى بحج تمتع واجب حجة الاسلام) أو.(عمرة تمتع واجبة لحجة الاسلام) او حج قران واجب حجة الاسلام) او.(حج تمتع واجب نيابة عن فلان) وهكذا..

(١٦٩)(نطق) اشتباها بغيره مثلا كانت نيته العمرة فقال بلسانه خطا.(الحج) أو كانت نيته.(النيابة عن زيد) فقال بلسانه اشتباها.(حجة الاسلام.(أو.(المنذورة) ونحو ذالك..

(١٧٠)(أخل اى لم ينو بقلبه، كما لو كان ذاهلا، أو سكرانا غير شاعر، ونحو ذلك فيجب عليه الاحرام من رأس..

(١٧١) يعنى: معا بنية واحدة..

(١٧٢) وإلا تعين لما يجب عليه من حج اوعمرة، كالقارن ينوى الحج والعمرة فيجب عليه الحج ليقدم حجه على العمرة، والمتمتع ينوى الحج والعمرة بنية واحدة، فيجب عليه العمرة لتقدم عمرة التمتع على حج التمتع، ويتصور التخيير على القول بتخيير أهل مكة بين التمتع، والافراد والقران..

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262