• البداية
  • السابق
  • 157 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28358 / تحميل: 9713
الحجم الحجم الحجم
شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء 3

مؤلف:
العربية

الثانية: الاستثناء من الجنس(35) جائز، ومن غير الجنس على تردد.

الثالثة: يكفي في صحة الاستثناء، أن يبقى بعد الاستثناء بقية(36) سواء كانت أقل أو أكثر.

تفريع:

على القاعدة الاولى: إذا قال: له علي عشرة إلا درهما كان إقرارا بتسعة، ونفيا للدرهم.

ولو قال: إلا درهم، كان إقرارا بالعشرة(37) .

ولو قال: ما له عندي شئ الا درهم، كان إقرارا بدرهم.

وكذا لو قال: ماله عندي عشرة إلا درهم، كان إقرارا بدرهم.

ولو قال: إلا درهما، لم يكن إقرارا بشئ(38) .

ولو قال: له خمسة إلا إثنين، وإلا واحدا، كان إقرارا باثنين.

ولو قال: عشرة الا خمسة الا ثلاثة، كان إقرارا بثمانية(39) .

ولو كان الاستثناء الاخير بقدر الاول، رجعا جميعا إلى المستنثى منه، كقوله: له عشرة إلا واحدا الا واحدا فيسقطان من الجملة الاولى(40) .

ولو قال: لفلان هذا الثوب الا ثلثه، أو هذه الدار الا هذا البيت أو الخاتم الا هذا الفص، صح، وكان كالاستثناء، بل أظهر(41) .وكذا لو قال: هذه الدار لفلان، والبيت

___________________________________

(35) اي: دخول المستثنى في المستثنى منه لولا الاستثناء، وغير الجنس يعني عدم الدخول، مثال الاول(لزيد علي الف درهم الا سبعين درهما) ومثال الثاني(لزيد علي الف درهم إلا كتاب الجواهر).

(36) فلو قال(لزيد علي الف الا تسعمئة) صح وكان اقرارا مئة، لان استثناء الاكثر مناف للبلاغة لا للظهور.

(37) بالرفع: لمن كان عارفا بقواعد النحو، لانه يجب نصب الدرهم، فلو رفع كان وصفا للعشرة اي عشرة موصوفة بانها ليس درهما.

(38) للعارف بقواعد النحو، لانه يجب رفع درهم على البدلية على المشهور بين علماء النحو قال ابن مالك في الالفية(ما استثنت الا مع تمام ينتصب وبعد نفي او كنفي انتخب اتباع مااتصل وانصب ما انقطع وعن تميم فيه ابدال وقع) فلو نصب الدرهم كان المعنى العشرة الموصوفة بانها الا درهما.

(39) والفرق واو العطف الظاهرة في انها عطف على المستثنى، فيرجعه إلى المستثنى منه بخلاف الا خمسة الا ثلاثة، فإن الا ثلاثة ليس معطوفا، فيكون ظاهره الاستثناء من خمسة، فيكون المعنى له عشرة الا خمسة الخمسة الموصوفة بانها الا ثلاثة) يعني استثناء اثنين.

(40) يعني: من عشرة، لان استثناء الواحد من الواحد غير صحيح، فيكون عدم الصحة قرينة على انه اراد الاثنين، فيكون اقرارا بثمانية.

(41) اي: الاظهرية في النفي والاثبات.

١٢١

لي، أو الخاتم والفص لي، إذا اتصل الكلام.

ولو قال: هذه العبيد لزيد الا واحدا، كلف البيان(42) ، فإن عين، صح.

ولو انكر المقر له، كان القول قول المقر مع يمينه(43) .وكذا لو مات أحدهم، وعين الميت، قبل منه.

ومع المنازعة.فالقول قول المقر مع يمينه.

تفريع:

على الثانية: إذا قال: له الف الا درهما فإن منعنا الاستثناء من غير الجنس(44) فهو اقرار بتسع مئة وتسعة وتسعين درهما.

وان اجزناه كان تفسير الالف اليه، فإن فسرها بشئ، يصح وضع قيمة الدرهم منه(45) ، صح.

فإن كان يستوعبه، قيل: يبطل الاستثناء - لانه عقب الاقرار بما يبطله - فيصح الاقرار، ويبطل المبطل.

وقيل: لا يبطل، ويكلف تفسيره بما يبقى منه بقية، بعد اخراج قيمة الدرهم.

ولو قال: ألف درهم الا ثوبا، فإن اعتبرنا الجنس، بطل الاستثناء وان لم نعتبره، كلفنا المقر بيان قيمة الثوب(46) .

فإن بقي بعد قيمته شئ من الالف صح، والا كان فيه الوجهان.ولو كانا مجهولين، كقوله: له ألف الا شيئا، كلف تفسيرهما(47) ، وكان النظر فيهما كما قلناه.

تفريع: على الثالثة: لو قال: له درهم الا درهما، لم يقبل الاستثناء(48) .

ولو قال: درهم ودرهم الا درهما، فإن قلنا الاستثناء يرجع إلى الجملتين، كان اقرارا بدرهم.

وإن قلنا يرجع إلى الجملة الاخيرة - وهو الصحيح - كان اقرارا بدرهمين، وبطل

___________________________________

(42) اي: بيان ذاك الواحد من هو.

(43) فإن امتنع من التسلم صار مجهول المالك وكان حكمه حكمه(ومع المنازعة) في ان الميت هو للمقر او غيره.

(44) فلا يصح ان يكون اراد بالالف غير جنس الدرهم.

(45) اي: لم يكن قيمة الالف مساويا للدرهم او اقل منه، لا مثل(الدينار) الايراني الذي الف منه اقل من درهم في زماننا(ويكلف تفسيره) اي: لايقبل منه ذاك التفسير ويكلف بتفسير الالف مرة ثانية.

(46) اي: ثوبا قيمته كذا(الوجهان) الاول بطلان الاقرار وصار كافة لم يقر شيئا، الثاني: يكلف بتفسير آخر.

(47) اذ الالف والشئ كلاهما مجهولان(كما قلناه) فإن فسرهما بما يصح اجماعا كما لو قال قصدت من الالف دراهم ومن الشئ عشرة، صح، وان فسرهما بما لا يفتح اجماعا كما لو قال قصدت من الالف دراهم، ومن الشئ الف درهم بطل، وهكذا كما سبق آنفا.

(48) والزم بدفع الدرهم، فيكون اقراره بدرهم نافذا والاستثناء كالرجوع عن الاقرار الذي لا يصح(وبطل الاستثناء) لاستيعاب المستثنى المستثنى منه.

١٢٢

النظر الثاني: الاستثناء في المقر

ولابد أن يكون: مكلفا(49) ، حرا مختارا، جائز التصرف.ولا يعتبر عدالته.فالصبي لا يقبل إقراره، ولو كان بإذن وليه(50) .أما لو أقر، بما له ان يفعله كالوصية، صح.ولو أقر المجنون لم يصح، وكذا المكره والسكران.

وأما المحجور عليه للسفه، فإن أقر بمال، لم يقبل فيما عداه كالخلع والطلاق.ولو أقر بسرقة(51) قبل في الحد لا في المال.ولا يقبل اقرار المملوك: بمال، ولا حد، ولا جناية توجب أرشا أو قصاصا(52) .ولو أقر بمال، تبع به اذا اعتق.

ولو كان مأذونا في التجارة فأقر بما يتعلق بها، قبل لانه يملك التصرف، فيملك الاقرار، ويؤخذ ما أقر به، مما في يده وان كان اكثر(53) ، لم يضمنه مولاه، ويتبع به اذا اعتق.ويقبل اقرار المفلس(54) .وهل يشارك المقر له الغرماء أو يأخذ حقه من الفاضل؟ فيه تردد.ويقبل وصية المريض(55) في الثلث، وان لم يجز الورثة.وكذا اقراره للوارث

___________________________________

(49) اي: بالغا عاقلا(مختارا) مقابل من يقر باكراه وخوف(جائز التصرف) كمن يقر بمال غيره.

(50) لان عبارته مسلوبة شرعا لرفع القلم وعمد الصبر خطأ(كالوصية) وقد مر في كتاب الوصايا صحتها ممن بلغ عشر سنين.

(51) كما لو قال السفيه(سرقت انا دينارا من فلان) فيقطع يده لانه ليس مجنونا واقرار العقلاء على انفسهم جائز اي نافذ، ولا يقبل في المال فلا يحكم باشتغال ذمته للمقر له بشئ.

(52) لان ذلك كله تصرف في ما يتعلق بالمولى.

(53) كما لو كان مافي يده الف فاقر بالفين لزيد(ويتبع به) اي: الزائد عن الالف.

(54) المفلس هو الذي حجر عليه الحاكم الشرعي ومنعه من التصرف في أمواله لكون ديونه اكثر من ممتلكاته فلو أقر بدين آخر من قبل الحكم عليه بالفلس قبل اقراره(من الفاضل) اي: لو زاد شئ بهدية جديدة ونحوها.

(55) الذي استمر مرضه حتى مات في ذاك المرض(في الثلث) اي: إلى مقدار ثلث امواله(للوارث) كما لو اقر أن هذه الدار ملك لابني، او ذاك الكتاب ملك لابي ونحو ذلك(وللاجنبي) يعني غير الوارث وإن كان من اقربائه كأخيه اذا كان له اولاد او ابوان(مع التهمة) اي: احتمال ان يكون الاقرار للوارث او الاجنبي كذبا لجهة ان يحصل هذا الشخص المعين على هذا المال، وأما مع عدم هذه التهمة فيقبل اقراره وان كان في اكثر من الثلث، والقول الآخر: عدم قبول الزائد من الثلث حتى مع عدم التهمة.والاقوال في المسألة عديدة بل بلغت عشرة على بعض النقل.

١٢٣

وللاجنبي مع التهمة، على أظهر القولين.ويقبل الاقرار بالمبهم(56) ويلزم المقر بيانه.فإن امتنع، حبس وضيق عليه حتى يبين.

وقال الشيخرحمه‌الله ، يقال له: ان لم تفسر جعلت ناكلا فإن أصر احلف المقر له، ولا يقبل اقرار الصبي بالبلوغ(57) ، حتى يبلغ الحد الذي يحتمل البلوغ.

النظر الثالث في المقر له :

وهو أن يكون له أهلية التملك. فلو أقر لبهيمة لم يقبل(58) ، ولو قال بسببها صح.ويكون الاقرار للمالك، وفيه إشكال، إذ قد يجب بسببها مالا يستحقه المالك، كأروش الجنايات على سائقها أو راكبها.ولو أقر لعبد صح، ويكون المقر به لمولاه، لان للعبد أهلية التصرف(59) .ولو أقر لحمل(60) صح، سواء أطلق أو بين سببا محتملا، كالارث أو الوصية.

ولو نسب الاقرار إلى السبب الباطل، كالجناية عليه، فالوجه الصحة نظرا إلى مبدأ الاقرار وإلغاء لما يبطله.

ويملك الحمل ما أقر به، بعد وجوده حيا.ولو سقط ميتا.فإن فسره بالميراث، رجع إلى باقي الورثة.وان قال: هو وصية(61) ، رجع إلى ورثة الموصي.وإن أجمل، طولب ببيانه.

___________________________________

(56) كما لو قال(لزيد على شئ)(وضيق) في المطعم والمشرب(ناكلا) من النكول الذي يرجع الحق إلى غيره مع البينة او اليمين(احلف المقر له) ان ادعى ان له كذا عليه.

(57) فلو قال بلغت انا، لايسلم اليه مال، ولاتصح اعمال المتوقعة على البلوغ من المعاملات وغيرها(يحتمل البلوغ) بالاحتلام او الانبات، وفي الجواهر كالعشر سنين.

(58) كما لو قال:(علي ألف دينار - لهذا الفرس) فإن الحيوان لايملك شيئا(بسببها) كان يقول(علي الف دينار بسبب هذا الفرس)(علي سائقها أو راكبها) فلو ركب زيد فرس عمرو، او كان يسوق الفرس من خلفه، فضرب الفرس شيئا فكسره، او شخصا فقتله أو جرحه كان على زيد الدية، والارش، والغرامة، مع أن ذلك لا يعطي لمالك الفرس، بل للمجنى عليه، مع ذلك يصح ان يقول:(بسبب هذا الفرس).

(59) هذا وجه الفرق بين الاقرار للعبد والاقرار للبهيمة، فإن البهيمة لااهلية للتعرف لها بخلاف العبد.

(60) في بطن الام(ولو نسب الاقرار) للحمل(كالجناية عليه) بأن قال: لهذا الحمل على خمسمئة دينار لا في قطعت يده.

(61) بأن كان زيد اوصى لهذا الحمل بألف دينار، ومات زيد، ثم ولد الحمل ميتا، فالالف يرجع إلى ورثه زيد(أجمل) اي: لم يبني سبب ملك الحمل.

١٢٤

ويحكم بالمال للحمل، بعد سقوطه، لدون(62) ستة أشهر من حين الاقرار.ويبطل استحقاقه، لو ولد لاكثر من مدة الحمل.ولو وضع فيما بين الاقل والاكثر، ولم يكن للمرأة زوج ولا مالك، حكم له به لتحققه حملا وقت الاقرار.

وإن كان لها زوج أو مولى، قيل: لا يحكم له، لعدم اليقين بوجوده. ولو قيل: يكون له بناء على غالب العوائد كان حسنا.ولو كان الحمل ذكرين، تساويا فيما أقر به(63) . ولو وضع احدهما ميتا، كان ما اقر به للآخر، لان الميت كالمعدوم. وإذا أقر بولد لم يكن إقرارا بزوجية امه، ولو كانت مشهورة بالحرية.

النظر الرابع في اللواحق:

وفيه مقاصد:

المقصد الاول: في تعقيب الاقرار بالاقرار:

اذا كان في يده دار، على ظاهر التملك(64) ، فقال: هذه لفلان، بل لفلان، قضي بها للاول، وغرم قيمتها للثاني، لانه حاب بينه وبينها، فهو كالمتلف.وكذا لو قال: غصبتها من فلان، بل من فلان.

أما لو قال: غصبتها من فلان وهي لفلان، لزمه تسليمها إلى المغصوب منه(65) ، ثم لا يضمن.

ولا يحكم للمقر له بالملك، كما لو كانت دار في يد فلان، وأقربها الخارج لآخر.وكذا لو قال: هذه لزيد غصبتها من عمرو.ولو أقر بعبد لانسان، فأنكر المقر له، قال الشيخ: يعتق، لان كل واحد منهما أنكر ملكيته، فبقي بغير مالك.

ولو قيل: يبقى على الرقية المجهولة المالك(66) ، كان حسنا.

___________________________________

(62) اي: لو ولد الحمل في اقل من ستة اشهر بعد الاقرار له بالمال صح الاقرار واعطى المال له(لاكثر) وهو عشرة اشهر او سنة على الخلاف(زوج ولا مالك) بحيث يحتمل وطأه لها في هذه المدة بين الاقرار وبين ولادة الحمل(بوجوده) وقت الاقرار(غالب العوائد) جمع عائدة، يعني عادة النساء غالبا إنهن لايلدن الا في تسعة اشهر فإذا ولدته لهذه المدة من حين الاقرار كان وجوده حين الاقرار غالبا فلو ولدته فيها بين الاقل والاكثر فوجوده حال الاقرار ثابت بطريق أولى وان لم يكن غالبا.

(63) فلو كان الاقرار الف دينار اعطى كل واحد خمسمئة وهكذا(واذا اقر بولد) يعني: قال هذا الولد لي(بزوجية امه) حتى يجب عليه القسم لها، وعدم تزويج الخامسة ونحو ذلك لاحتمال ان تكون امة موطوء‌ة بالملك، او حرة موطوء‌ة بالشبهة.

(64) لان كل من بيده شئ فالظاهر كونه ملكا له(لانه حال) اي: صار بالاقرار الاول حائلا بين الدار وبين المقر له الثاني.

(65) وهو(فلان) الثاني الذي اقر انها له(لآخر) فبالاقرار لا يصير ملكا لآخر(غصبتها من عمرو) فلا تصير ملكا لزيد بهذا الاقرار.

(66) كالعبد المجهول مالكه يأخذه الحاكم الشرعي ويحفظه عن الضياع والتلف وتفصيل الكلام عنه سيأتي في اول كتاب اللقطة إن شاء الله تعالى بين رقمي(3 - 4).

١٢٥

ولو أقر أن المولى أعتق عبده ثم اشتراه(67) ، قال الشيخ: صح الشراء ولو قيل: يكون ذلك استنقاذا لا شراء، كان حسنا وينعتق، لان بالشراء سقط عنه لواحق ملك الاول. ولو مات هذا العبد، كان للمشتري من تركته قدر الثمن مقاصة(68) ، لان المشتري إن كان صادقا، فالولاء للمولى إن لم يكن وارث سواه. وإن كان كاذبا، فما ترك للمشتري، فهو مستحق على هذا التقدير قدر الثمن على اليقين، وما فضل يكون موقوفا(69) .

المقصد الثاني: في تعقيب الاقرار بما يقتضي ظاهره الابطال:

وفيه مسائل:

الاولى: اذا قال: له عندي وديعة وقد هلكت، لم يقبل(70) .أما لو قال: كان له عندي، فإنه يقبل.

ولو قال: له علي مال، من ثمن خمر أو خنزير، لزمه المال.

الثانية: إذا قال: له علي ألف وقطع(71) ، ثم قال من ثمن مبيع لم أقبضه، لزمه الالف.

ولو وصل فقال: له علي ألف من ثمن مبيع وقطع، ثم قال: لم أقبضه، قبل سواء عين المبيع أو لم يعينه، وفيه إحتمال للتسوية بين الصورتين، ولعله أشبه.

الثالثة: لو قال: ابتعت بخيار، أو كفلت بخيار، أو ضمنت بخيار، قبل إقراره بالعقد

___________________________________

(67): يعني: لو اقر زيد بأن عمروا اعتق عبده ثم زيد اشترى ذاك العبد قال الشيخ الطوسي صح الشراء، لان بهذا الاقرار لايصح العبد حرا حتى لا يجوز شراؤه، اذ الاقرار نافذ على الانسان نفسه لاعلى غيره واقرار زيد على عمرو بانه اعتق عبده لا ينفذ على عمرو(ولو قيل يكون ذلك) اي: شراء زيد هذا العبد الذي اقر بأنه حر الان(استنقاذا) من يد عمرو الذي اعتقه بزعم زيد(لاشراء) لانه الان ليس رقا(وينعتق) لاعتراف زيد بأنه حر الآن(لان بالشراء يعني: بشراء هذا العبد خرج عن يد عمرو، فليس الاقرار بحريته اقرارا في حق الغير، فيصير حرا.

(68): اي: قدر الثمن الذي دفعه لشراء هذا العبد(مقاصة) اي: مقابلا لما دفعه لشرائه لانه كان يزعم حريته(ان كان صادقا) في ان مولاه قد اعتقه فالارث لمولاه الذي اعتقه، فيكون للمشتري حق في مال القيد بمقدار ما أعطى للمولى لشرائه(ان لم يكن وارث سواه) سوى المولى، اذ لو كانت لورثته نسبيين فالمال لهم ولا يجوز للمشتري الاخذ من مال الورثة مقاصة على المولى(وان كان) المشتري(كاذبا) في ادعائه ان المولى كان قد اعتقه(فما ترك) العبد من مال فكله للمشتري لانه عبد له اشتراء ثم مات.

(69): لانه بإقرار البائع ليس له في هذا الارث نصيب لكون العبد عبدا للمشتري مات، وباقرار المشتري انه حر قد مات وليس المشتري مولاه المعتق حتى يكون له ارثه فالزائد على مقدار ثمنه الذي اشتراه يبقى مجهول المالك يدفع إلى الحاكم الشرعي.

(70): لان ظاهر(له عندي) ان الوديعة باقية بعد، وظاهر هلكت انها غير باقية، فلا يقبل قوله(هلكت) لانه ابطال للاقرار(فإنه يقبل) لان(كان) ليس معناه الوديعة باقية إلى ان حتى يكون(هلكت) إبطالا للاقرار، والودعى امين يقبل قوله في الثلث مع اليمين اجماعا(لزمه المال) لان(له على) اقرار، وقوله(من ثمن خمر) ابطال للاقرار، والاقرار حجة لانه على النفس والابطال ليس حجة لانه لنفع النفس.

(71): اي: سكت(لزمه الالف) لان قوله(لم اقبضه) ابطال للاقرار فلايقبل(قبل) لانه اتصال(من ثمن مبيع) بما قبله يجعله مع قبله كلاما واحدا لاابطالا لما قبله، فكأنه لم ينعقد مفهوم لما قبله من الكلام بعد حتى يكون ابطالا له(للتسوية) لان هذا الفرق دقى والعرف لايفرق بينهما، والاقارير من الظواهر المعتمدة على العرف، فلا يقبل في كلتا الصورتين.

١٢٦

ولم يثبت الخيار(72) .

الرابعة: إذاقال: له علي دراهم ناقصة(73) ، صح إذا اتصل بالاقرار كالاستثناء، ويرجع في قدر النقيصة اليه.

وكذا لو قال: دراهم زيف، لكن يقبل تفسيره بما فيه فضة.ولو فسره بما لا فضة فيه، لم يقبل.

الخامسة: إذا قال: له علي عشرة لا بل تسعة، لزمه عشرة(74) .وليس كذلك لو قال: عشرة إلا واحدا.

السادسة: إذا أشهد بالبيع وقبض الثمن(75) ، ثم انكر فيما بعد، وادعى أنه أشهد تبعا للعادة ولم يقبض، قيل: لا يقبل دعواه، لانه مكذب لاقراره.

وقيل: يقبل لانه ادعى ما هو معتاد، وهو أشبه.اذ ليس هو مكذبا للاقرار، بل هو مدعي شيئا آخر، فيكون على المشتري اليمين.

وليس كذلك، لو شهد الشاهدان بايقاع البيع، ومشاهدة القبض فإنه لا يقبل انكاره، ولا يتوجه اليمين لانه إكذاب للبينة.

المقصد الثالث: في الاقرار بالنسب:

وفيه مسائل:

الاولى: لا يثبت الاقرار بنسب الولد الصغير، حتى تكون البنوة ممكنة، ويكون المقر به مجهولا، ولا ينازعه فيه منازع، فهذه قيود ثلاثة.فلو انتفى إمكان الولادة، لم يقبل.كالاقرار ببنوة من هو اكبر منه، أو مثله في السن، أو أصغر منه، بما لم تجر العادة بولادته لمثله(76) .أو أقر ولو ببنوة امرأة له، وبينهما مسافة لا يمكن الوصول اليها، في مثل عمره.وكذالو كان الطفل معلوم النسب، لم يقبل اقراره.وكذا لو نازعه منازع في بنوته، لم يقبل الا ببينة، ولا يعتبر

___________________________________

(72): لان اقراره بالبيع، والكفالة، والضمان اقرار على نفسه فيقبل، وقوله بخيار اقرار لصالح نفسه فلا يقبل خصوصا في الكفالة والضمان اذا قلنا ببطلانهما بالخيار فإنه يدعي كفالة وضمانا باطلين فلا يقبل.

(73): الدراهم كانت سابقا قد ينكسر بعضها، ويسمى ناقصا، وتقل قيمته، فقد ينكسر ربعه او ثلثه وهكذا، وتفترق بذلك قيمتها(كالاستثناء) اي: كما ان الاستثناء صحيح(زيف) اي: مغشوشة فضية بغير الفضة من رصاص او غيره(لم يقبل) لانه ليس درهما مالا فضة فيه اصلا.

(74): لانه نقض للاقرار، وأما الاستثناء فليس نقضا عرفا، والفرق بينهما العرف، فابطال الاقرار لايقبل، والاستثناء يقبل.

(75): يعني: أقرعند الشهود اني بعت داري وقبضت ثمنها، ثم ادعى انه لم يقبض الثمن وانما اقر بالقبض لان المعتاد الاشهاد ثم قبض الثمن(شيئا آخر) وهو ان الاقرار كان مقدمة لقبض الثمن(فيكون على المشتري اليمين) على ان البائع قبض الثمن لانه منكر واليمين على من أنكر.

(76): كما لو كان اصغر منه خمس سنين مثلا(ولد إمرأة له) يعني: قال هذا الولد من فلانة وكان بينه وبينها مسافة لايمكن الوصول اليها الاخلال سنتين، وكان الولد عمره مثلا شهرا واحدا.

١٢٧

تصديق الصغير.وهل يعتبر تصديق الكبير؟ ظاهر كلامه(77) في النهاية لا، وفي المبسوط يعتبر، وهو الاشبه.

فلو انكر الكبير(78) ، لم يثبت النسب.ولا يثبت النسب في غير الولد، الا بتصديق المقر به.وإذا أقر بغير الولد للصلب(79) ، ولا ورثة له وصدقة المقر به، توارثا بينهما، ولا يتعدى التوارث إلى غيرهما.ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل اقراره في النسب.

الثانية: اذا اقر بولد صغير، ثبت نسبه، ثم بلغ فأنكر، لم يلتفت إلى انكاره، لتحقق النسب سابقا على الانكار.

الثالثة: إذا اقر ولد الميت بولد له آخر، فأقرا بثالث، ثبت نسب الثالث ان كانا عدلين(80) ، ولو الثالث الثاني لم يثبت نسب الثاني لكن يأخذ الثالث نصف التركة(81) ويأخذ الاول ثلث التركة، والثاني السدس وهو تكملة نصيب الاول.

ولو كان الاثنان معلومي النسب، فأقرا بثالث، ثبت نسبه إن كانا عدلين، ولو أنكر الثالث أحدهما، لم يلتفت اليه، وكانت التركة بينهم أثلاثا.

الرابعة: لو كان للميت اخوة وزوجة، فأقرت له بولد، كان لها الثمن(82) .فإن صدقها الاخوة، كان الباقي للولد دون الاخوة.وكذا كل وارث في الظاهر، أقر بمن هو أقرب منه، دفع اليه جميع ما في يده. ولو كان مثله، دفع اليه من نصيبه بنسبة نصيبه.وإن انكر الاخوة(83) كان لهم ثلاثة الارباع، وللزوجة الثمن، وباقي حصتها للولد.

___________________________________

(77): أي: كلام الشيخ الطوسيقدس‌سره .

(78): بأن قال رجل ينسب إلى شخص: انني لست ابنا له(في غير الولد) كالاب والام، والاخ والاخت، والعمة والخالة، والعم والخال إلى غير ذلك، فلو قال شخص: انا ابن عم زيد لايقبل حتى يصدقه زيد وهكذا.

(79): الولد للصلب هو ابنه وبنته والولد لغير الصلب هو اولاد ابنه او بنته واذا اقر بغير الولد للصلب كما لو قال: زيد أخي، او ابن ابني، او غير ذلك - غير ولدي فقط من اي نوع من النسب كان -(توارثا بينهما) فكل واحد مات ورثه الاخر للاقرار والتصديق(ولا يتعدى) فلو كان لزيد ابن فلا يرث هوابن زيد، ولا يرثه ابن زيد(لم يقبل اقراره في النسب) لانه اقرار في حق الاخرين لافي حق نفسه، اذ لو اقر مثلا ان زيدا اخوه، فكان معناه اضافة وارث إلى اخوته فيقل ارثهم.

(80): لحصول البينة على الثالث، وحصول الاقرار في الثاني(ولو انكر) اي: قال الثالث ان الثاني ليس ولدا لابي(لم يثبت) لانه لا بينة، واقرار الاول لا ينفذ في حق الثالث.

(81): لان الثابت للميت ولدان فقط، فلكل منهما النصف(ويأخذ الاول) لانه باقراره بالثاني والثالث جميعا معترف بأن ثلثين من الارث ليس له(معلومي النسب) اي: الاول والثاني معلوم انهما ولدان للميت(لم يلتفت اليه) لثبوت نسبهما بالمعروفية لان الشهرة والمعروفية حجة شرعية وعقلانية على النسب.

(82): لان الميت اذا كان له ولد فلزوجته الثمن(في الظاهر) اي: كانت نسبته ظاهرة إلى الميت ولم يكن ظاهرا نسبة اقرب منه(ولو كان مثله) كما لو اقر الاولاد بولد آخر للميت، او أقر الاخوة بأخ آخر، او اقر الاعمام بعم آخر وهكذا.

(83): اي: انكروا أن يكون للميت ولد(ثلاثة الارباع) لان بانكارهم الولد ثم اقرار منهم على أن زوجته لها الربع، فالربع ليس لهم(وللزوجة الثمن) حسب اقرارها بالولد، اذ الميت الذي له ولد يكون لزوجته الثمن(وباقي حصتها) اي: الثمن الآخر.

١٢٨

الخامسة: إذا مات صبي مجهول النسب، فأقر إنسان ببنوته(84) ، ثبت نسبه صغيرا كان أو كبير، سواء كان له مال أو لم يكن، وكان ميراثه للمقر.ولا يقدح في ذلك احتمال التهمة، كما لو كان حيا وله مال.ويسقط اعتبار التصديق في طرف الميت، ولو كان كبيرا، لانه في معنى الصغير.وكذا لو أقر ببنوة مجنون، فإنه يسقط اعتبار تصديقه، لانه لا حكم لكلامه.

السادسة: إذا ولدت أمته ولدا، فأقر ببنوته(85) لحق به، وحكم بحريته بشرط أن لا يكون لها زوج.ولو أقر بابن احدى أمتيه وعينه، لحق به، ولو ادعت الاخرى، أن ولدها هو الذي أقر به، فالقول قول المقر مع يمينه.ولو لم يعين ومات، قال الشيخ: يعين الوارث، فإن امتنع أقرع بينهما. ولو قيل: باستعمال القرعة بعد الوفاة مطلقا، كان حسنا.

السابعة: لو كان له أولاد ثلاثة من أمة، فأقر ببنوة أحدهم فأيهم عينه كان حرا، والآخران رقا. ولو اشتبه المعين ومات(86) ، أو لم يعين، استخرج بالقرعة.

الثامنة: لا يثبت النسب الا بشهادة رجلين عدلين(87) ، ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين على الاظهر، ولا بشهادة رجل ويمين، ولا بشهادة فاسقين، ولو كانا وارثين.

التاسعة: لو شهد الاخوان(88) - وكانا عدلين - بابن للميت، ثبت نسبه وميراثه، ولا يكون ذلك دورا. ولو كانا فاسقين، لم يثبت النسب ولكن يستحق دونهما الارث.

___________________________________

(84): اي: قال ان هذا الميت ابني(صغيرا كان) الميت(للمقر) كله مع عدم وارث آخر كالزوج والزوجة، والاولاد والام، واشترك المقر معهم اذا كان لهم ورثة آخرون غير المقر(احتمال التهمة) وهي ان اقراره لاجل تحصيل ارثه(كما لو كان) الصبي(حيا وله مال) وقد سبق بحثه آنفا عند رقم(76) وبعده فراجع(لانه في معنى الصغير) اي: كالصغير لكونه ميتا لايمكن في حقه التصديق(ببنوة مجنون) فإنه يثبت النسب بدون تصديق المجنون.

(85): اي: قال المولى منى(بشرط ان لايكون لها زوج) وإلا فالولد للفراش(بإبن احدى امتيه) يعني: كان للمولى امتان اسمهما مثلا صغرى وكبرى وولدتا كلتاهما فاقر المولى ان ابن صغرى لي، فقالت كبرى ابن هو الذي اقربه المولى، فقول المولى معتبر مع حلفه(اقرع بينهما) بين الولدين(مطلقا) من دون مراجعة الورثة، بل وحتى مع يقين الورثة.

(86): يعني: عني احدهم ومات ثم شككنا انه عين ايهم.

(87): او بالشياع والمعروفية كما هو محقق(ولو كانا وارثين) نعم حسب اقرارهما يؤخذان باقرارهما فيما عليهما لا في مطلق الاحكام من المحرمية، والزوجية، وغيرهما، فلو كان ثلاثة اخوة، تزوج احدهم امرأة، فاقر الاخران أنها اختهم وكانا فاسقين لم يبطل نكاحها ولكن يؤخذان باقرارهما فإذا مات ابوهم اعتبرت من الوراث بالنسبة اليهما، وكذلك لا يجوز لهما التزوج بابنتها من غير اخيهم، وهكذا.

(88): يعني: اخوان لميت(دورا) الدور المتوهم نقله الشيخ الطوسي قده وبيانه: انه يتوقف ميراثه على صحة اقرارهما، ويتوقف صحة اقرارهما على ميراثه ويجاب عنه: باختلافهما في الظاهر والواقع، فالمتوقف على صحة الاقرار ظاهرا الميراث الظاهري لا الواقعي، والذي توقفت صحة الاقرار عليه الميراث الواقعي لا الظاهري(دونهما) لان مع وجوه الابن لا يرث الاخوة.

١٢٩

العاشرة: لو أقر بوارثين أولى منه(89) ، فصدقه كل واحد منهما عن نفسه لم يثبت النسب، ويثبت الميراث، ودفع اليهما ما في يده.ولو تناكرا بينهما، لم يلتفت إلى انكارهما.ولو أقر بوارث أولى منه، ثم أقر بآخر أولى منهما(90) ، فإن صدقه المقر له الاول، دفع المال إلى الثاني.وان كذبه دفع المقر إلى الاول المال، وغرمه للثاني.

ولو كان الثاني مساويا للمقر له اولا، ولم يصدقه الاول(91) ، دفع المقر إلى الثاني مثل نصف ما حصل للاول.

الحادية عشرة: لو أقر بزوج للميتة ولها ولد، اعطاه ربع نصيبه(92) ، وان لم يكن ولد أعطاه نصفه.

ولو أقر بزوج آخر، لم يقبل.ولو أكذب إقراره للاول، أغرم للثاني مثل ما حصل للاول.ولو أقر بزوجة وله ولد، اعطاها ثمن ما في يده.وان لم يكن ولد، أعطاها الرابع، وإن أقر باخرى، غرم لها مثل نصف نصيب الاولى، اذا لم تصدقه الاولى: ولو اقر بثالثة، أعطاها ثلث النصيب.ولو أقر برابعة، أعطاها الربع من نصيب الزوجية(93) .

ولو أقر بخامسة، وأنكر احدى الاول لم يلتفت اليه، وغرم لها مثل نصيب واحدة منهن.

___________________________________

(89): كما لو أقر أخ الميت بإبنين للميت(عن نفسه) اي: قال كل منهما انا ابن للميت ولم ينكر الآخر(لم يثبت النسب) بين الابنين، فيجوز لكل منهما ان يتزوج بنت الاخر مثلا، ولا يعتبر كل منهما عما لاولاد الاخر حتى يرثهم ويرثونه في طبقة اولاد الاخوة، او الاعمام(ولو تناكرا) اي: كل واحد من الاثنين انكر ان يكون الثاني ابنا للميت.

(90): اي: من نفسه ومن المقربه، كما لو قال عم الميت زيد اخ الميت، ثم قال وعمرو ابن للميت(المقر له الاول) يعني زيد في مثالنا(وغرمه) اي: اعطى مثل كل المال، او قيمة كل المال في المثلى والقيمي(للثاني) عمرو في مثالنا.

(91): كما لو قال العم زيد اخ للميت ثم قال وعمرو ايضا اخ للميت، وقال زيد كلا ليس عمرو اخا للميت(نصف) لان اقراره للاول فوت عن الثاني نصف التركة، لاكلها.

(92): يعني: أعطى الولد ربع نصيبه لمن اقر به(وان لم يكن) لها(ولد) بل الوارث كان الاخ، اوالعم مثلا(نصفه) لان الزوج له ربع التركة ان كان للميتة ولد والا فله النصف(لم يقبل) لعدم صحة زوجين معا لامرأة واحدة.

(93): مثلا: رجل مات، وكان وارثه ابنه، فأقر أن فاطمة زوجته، اعطاها ثمن التركة، ولو اقر بعد ذلك أن زينب ايضا زوجته اعطاها نصف الثمن، ولو اقر بعد ذلك أن رقية ايضا زوجته اعطاها ثلث الثمن، ولو اقر بعد ذلك ان كلثوم ايضا زوجته اعطاها ربع الثمن،(وهكذا) لوكان وارث الميت أخوه وليس للميت ولد، فاقر باربع زوجات واحدة بعد واحدة، فإنه يعطيهن ربع التركة للاولى، ونصف المبلغ للثانية، وثلث الربع للثالثة، وربع الربع للرابعة(لم يلتفت اليه) في الانكار، لان الانكار بعد الاقرار لايسمع.

١٣٠

كتاب الجعالة

والنظر في الايجاب والاحكام واللواحق:

أما الايجاب:

فهو أن يقول: من رد عبدي، أو ضالتي(1) ، أو فعل كذا، فله كذا.ولا يفتقر إلى قبول.ويصح على كل عمل مقصود، محلل ويجوز أن يكون العمل مجهولا(2) ، لانه عقد جائز كالمضاربة.

أما العوض: فلابد أن يكون معلوما بالكيل، أو الوزن، أو العدد إن كان مما جرت العادة بعده(3) .ولو كان مجهولا، ثبت بالرد اجرة المثل، كأن يقول: من رد عبدي، فله ثوب أو دابة(4) .

ويعتبر: في الجاعل أهلية الاستئجار(5) ، وفي العامل إمكان تحصيل العمل.ولو عين الجعالة لواحد(6) ، فرد غيره، كان عمله ضائعا.

___________________________________

كتاب الجعالة.

(1): اي: الشئ الفلاني الذي ضاع مني(او نقل كذا) مثلا: من خاط ثوبي، بنى أرضي، او حلق رأسي ونحو ذلك(إلى قبول) يعني: لايحتاج الذي يريد أن يعمل ذاك العمل ان يقول بلسانه قبلت(مقصود) اي: عقلاني كالخياطة، والنساجة، والبناء، والكتابة ونحو ذلك لامثل النفخ في الهواء، والنظر إلى السماء من الاعمال السفهائية(محلل) اي غير محرم، فلا يصح من صنع خمرا، او من لعب القمار، او من صار حاكما ظالما ونحو ذلك.

(2): مثل من رد عبدي، او ضالتي، مع عدم العلم بمكان العبد والضالة، ومقدار المسافة ونحوهما.

(3): الكيل مثل من رد عبد لي فله كر من الحنطة، والوزن مثل: فله عشر كيلوات برتقال والعدد مثل: خمسون مجلدا من شرائع الاسلام.

(4): لان ثوب ودابة مجهولان، لانهما انواع كثيرة، وقيمها مختلفات، فيعطي اجرة مقدار تعبه في رد العبد(لكنه) مشكل بل لا يبعد تحكيم الاطلاق كما ذكر في المفصلات.

(5): بأن يكون بالغا عادلا مختار قاصدا غير سفيه ولا محجور عليه لسفه(امكان تحصيل العمل) فلو قال من صلى او صام عن أبي سنة كان له الف درهم، فلا يصح العمل من الكافر لعدم الصحة منه.

(6): مثلا قال: ان رد زيد عبدي فله دينار، فرده عمرو فليس له شئ(اجنبي) كما لو قال زيد من رد عبد عمرو فله دينار، فعلى زيد الدينار لا على عمرو.

١٣١

ولو تبرع أجنبي بالجعل، وجب عليه الجعل مع الرد.ويستحق الجعل بالتسليم، فلو جاء به إلى البلد ففر، لم يستحق الجعل.والجعالة جائزة قبل التلبس، فالجواز باق في طرف العامل، ولازم من طرف الجاعل(7) ، إلا أن يدفع اجرة ما عمل للعامل.ولو عقب الجعالة على عمل معين باخرى(8) ، وزاد في العوض أو نقص عمل بالاخيرة.

وأما الاحكام فمسائل:

الاولى: لا يستحق العامل الاجرة، الا اذا بذلها الجاعل أولا(9) ولو حصلت الضالة في يد إنسان، قبل الجعل، لزمه التسليم ولا اجرة.وكذا لو سعى في التحصيل تبرعا.

الثانية: إذا بذل جعلا، فإن عينه(10) فعليه تسليمه مع الرد، وإن لم يعينه لزم مع الرد اجرة المثل، إلا في رد الآبق على رواية أبي سيار عن أبي عبداللهعليه‌السلام : " ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم: جعل في الآبق دينارا، اذا اخذ في مصره، وان اخذ في غير مصره فأربعة دنانير ".

وقال الشيخ في المبسوط: هذا على الافضل لا الوجوب(11) والعمل على الرواية ولو نقصت قيمة العبد.

وقيل: الحكم في البعير كذلك ولم اظفر فيه بمستند.أما لو استدعى الرد، ولم يبذل اجرة، لم يكن للراد شئ، لانه متبرع بالعمل.

الثالثة: إذا قال: من رد عبدي فله دينار، فرده جماعة، كان الدينار لهم جميعا بالسوية(12) ، لان رد العمل حصل من الجميع لا من كل واحد.أما لو قال: من دخل داري

___________________________________

(7): فلو قال زيد: من رد عبدي فله دينار فقام شخص وسافر في طلب العبد كان له الحق في ترك - ذلك متى شاء: أما ليس لزيد ترك ما جعله في الاثناء الا ان يدفع لذلك الشخص - وهو العامل - ثمن عمله إلى وقت ترك الجعالة من قبل الجاعل.

(8): اي: بعد الجعالة علي على معين ذكر جعالة اخرى، مثلا قال: من رد عبدي فله دينار، ثم قال من رد عبدي وبنى داري فله دينار ونصف، او فله نصف دينار(عمل بالاخيرة) لانها فسخ للجعالة الاولى، والفسخ جائز اذا لم يتلبس العامل بالعمل الا مع اعطائه اجرة المثل كما مر في رقم(7).

(9): يعني: بدون الجعالة، او بتقديم العمل على الجعالة لا يستحق الاجرة(لزمه التسليم) لوجوب تسليم اموال الناس اليهم اذا حصلت بيد شخص(تبرعا) اي: بنية المجان.

(10): كما لو قال فله دينار(اجرة المثل) يعني: يقاس مقدار عمله وانه كم تكون قيمته العرفية(الابق) العبد والامة الذي فر عن مولاه.

(11): يعني: الواجب ثمن المثل والمستحب العمل بهذه الرواية(والعمل على الرواية) اي: يجب عند المصنف وغيره العمل بالرواية(ولو نقصت) يعني: حتى ولو كانت قيمة العبد اقل من الدينار والاربعة(لو استدعى) اي: طلب كما لو قال: جزى الله خيرا من يرد عبدي، او: اني احب ان يرد أحد عبدي ونحو ذلك.

(12): في الجواهر: وان تفاوتت مقدماته.

١٣٢

فله دينار، فدخلها جماعة، كان لكل واحد دينار، لان العمل حصل من كل واحد.

فروع:

ألاول: لو جعل لكل واحد من ثلاثة، جعلا أزيد من الآخر، فجاؤوا به جميعا، كان لكل واحد ثلث ما جعل له(13) .

ولو كانوا أربعة كان له الربع، أو خمسة فله الخمس.وكذا لو ساوى بينهم بالجعل.

الثاني: لو جعل لبعض الثلاثة جعلا معلوما، ولبعضهم مجهولا(14) ، فجاؤوا به جميعا، كان لصاحب المعلوم ثلث ما جعل له، وللمجهول ثلث أجرة مثله.

الثالث: لو جعل لواحد جعل على الرد، فشاركه آخر في الرد، كان للمجعول له نصف الاجرة، لانه عمل نصف العمل، وليس للآخر شئ لانه تبرع.

وقال الشيخ: يستحق نصف اجرة المثل، وهو بعيد.

الرابع: لو جعل جعلا معينا على رده من مسافة معينة، فرده من بعضها، كان له من الجعل بنسبة المسافة(15) .

ويلحق بذلك مسائل التنازع: وهي ثلاث:

الاولى: لو قال: شارطتني(16) ، فقال المالك: لم أشارطك فالقول قول المالك مع يمينه.وكذا القول قوله لو جاء بأحد الآبقين فقال المالك لم أقصد هذا.

الثانية: لو إختلفا في قدر الجعل(17) أو جنسه، فالقول قول الجاعل مع يمينه.

قال الشيخ: ويثبت للعامل أجرة المثل.

ولو قيل: يثبت أقل الامرين من الاجرة والقدر المدعي،

___________________________________

(13): مثلا قال: لورد زيد عبدي فله دينار، ولورده عمرو فله ديناران، ولورده محمد فله ثلاثة دنانير، فردوه كلهم كان لزيد ثلث الدينار.

ولعمرو ثلثان، ولمحمد دينار واحد(ساوى) كما لو قال: لو رد زيد او عمرو او محمد عبدي فله دينار، فردوه جميعا لكل واحد ثلث دينار.

(14): كما لو قال: لو رد زيد او عمرو عبدي فله دينار، ولو رده محمد فله شئ(اجرة مثله) اي: ثلث اجرة رد مثل هذا العبد.

(15): لا قال: من رد عبدي من مسافة فرسخ فله دينار، فردوه من مسافة نصف فرسخ فيكون له نصف دينار.

(16): اي: جعلت انت جعلا على رد العبد - مثلا - سواء جعلا معينا او مجهولا لان كليهما مشارطة(مع يمينه) فلا يعطي للعامل شيئا(لم اقصد هذا) بل قصدت العبد الاخر، فيحلف.

ولا يعطي للعامل شيئا.

(17): كالدينار والدينارين(جنسه) كدينار العراق او دينار الكويت(الجاعل) وهو الذي جعل الاجرة سواء كان هو المالك أم لا(أقل الامرين) فلو كان العامل يقول جعلت انت دينارين وكانت اجرة المثل دينارا ونصفا اعطى دينارا ونصفا اجرة المثل، ولو ادعى هو دينارا ونصفا وكانت اجرة المثل دينارين اعطى دينارا ونصفا مدعاه.

١٣٣

كان حسنا.وكان بعض من عاصرناه، يثبت مع اليمين ما ادعاه الجاعل، وهو خطأ، لان فائدة يمينه إسقاط دعوى العامل، لا ثبوت ما يدعيه الحالف.

الثالثة: لو اختلفا في السعي، بأن قال: حصل في يدك قبل الجعل، فلا جعل لك، فالقول قول المالك تمسكا بالاصل(18) .

___________________________________

(18): فالاصل براء‌ة ذمة الجاعل.

١٣٤

كتاب الايمان

والنظر في أمور أربعة(1) :

الامر الاول ما به ينعقد اليمين:

ينعقد اليمين إلا: بالله(2) ، أو بأسمائه التي لا يشركه فيها غيره أو مع إمكان المشاركة ينصرف إطلاقها اليه.

فالاول: كقولنا: ومقلب القلوب، والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة.

والثاني: كقولنا: والله، والرحمن، والاول الذي ليس قبله شئ.

والثالث: كقولنا: والرب، والخالق، والبارئ، والرازق.

وكل ذلك يتعقد به اليمين مع القصد.

ولا ينعقد بما لا ينصرف إطلاقه اليه، كالموجود والحي والسميع والبصير، ولو نوى بها الحلف(3) ، لانها مشتركة، فلم يكن لها حرمة القسم.

ولو قال: وقدرة الله، وعلم الله، فإن قصد المعاني الموجبة للحال لم ينعقد اليمين.

وإن قصد كونه قادرا عالما، يجري مجرى القسم بالله القادر العالم.

وكذا تنعقد بقوله: اقسم بالله، وجلال الله، وعظمة الله، وكبرياء الله، وفي الكل(4) تردد.

___________________________________

كتاب الايمان وهو: جمع اليمين بمعنى الحلف.

(1): ما يتعلق به اليمين، والحالف، ومتعلق اليمين، واللواحق.

(2): اي: بما يفهم منه ذات الله - هكذا فسره المالك -(النسمة) بالتحريك الانسان والمملوك ذكرا وانثى(كقولنا والرب) هذا الاربعة تطلق على غيرالله تعالى يقال(رب الابل، فتبارك الله أحسن الخالقين، بادئ النبل، رازق عشيرة كذا) ولكن اطلاقها ينصرف إلى الله تعالى.

(3): اي: حتى لو نوى بها القسم(لانها مشتركة) بين الله وغيره، فالله وغيره كلاهما موجود، وكلاهما حي، وكلاهما سميع وبصير، وان كان هذه في الله عزوجل غيرها في غيره(للحال) اي: الصفة الزائدة على ذات الله تعالى(لم ينعقد اليمين) لانها قسم بشئ غير الله مع انه لا وجود الصفة زائدة عن ذات الله.

وصفاته تعالى غير ذاته المقدسة(يجري) فيكون يمينا يجب العمل به.

(4): من قدرة الله إلى الاخير(تردد) لاشتراك معاني هذه الالفاظ بين الله تعالى وغيره(اقسم - اقسمت) يعني: سواء كان بصيغة الماضي او المستقبل(عن يمين ماضيه) يعني: في الزمان السابق كنت قد اقسمت(قبل) فلا يكون انشاء لليمين ولايلزم على العمل به(ولو لم ينطق) اي: قال: اقسم، او احلف، بدون كلمة(الله تعالى)(وفيه) اي: اشهد بالله(قولان) قول بانعقاد اليمين به وقول بالعدم.

١٣٥

ولو قال: اقسم بالله، أو أحلف بالله، كان يمينا.وكذا لو قال: أقسمت بالله، أو حلفت بالله.

ولو قال: أردت الاخبار عن يمين ماضية قبل، لانه إخبار عن نيته.

ولو لم ينطق بلفظ الجلالة لم تنعقد.وكذا لو قال: أشهد. إلا أن يقول: أشهد بالله. وفيه للشيخ قولان. ولا كذلك لو قال: اعزم بالله فإنه ليس من ألفاظ القسم.

ولو قال: لعمرو الله كان قسما، وانعقدت به اليمين. ولا ينعقد اليمين: بالطلاق(5) ، ولا بالعتاق، ولا بالتحريم، ولا بالظهار، ولا بالحرم، ولا بالكعبة والمصحف والقرآن، ولا الابوين، ولا بالنبي والائمة عليهم السلام.

وكذا وحق الله، فإنه حلف بحقه لا به، وقيل: ينعقد، وهو بعيد.

ولا ينعقد اليمين الا بالنية. ولو حلف من غير نية(6) ، لم تنعقد، سواء كان بصريح أو كناية، وهي يمين اللغو.

والاستثناء بالمشيئة(7) ، يوقف اليمين عن الانعقاد، إذا اتصل باليمين أو انفصل، بما جرت العادة أن الحالف لم يستوف غرضه. ولو تراخى عن ذلك من غير عذر(8) ، حكم باليمين، ولغي الاستثناء وفيه رواية مهجورة.

ويشترط في الاستثناء النطق، ولا تكفي النية(9) . ولو قال: لا أدخل الدار إن شاء

___________________________________

(5): مثل أن يقول(والطلاق، او والعتاق) يعني، قسما بطلاق زوجتي، وقسما بعتق عبيدي(ولا بالتحريم) بأن يقول: حرام على فعل كذا ان لم افعل كذا، او ان فعلت كذا(وحق الله) يعني: حقه على العباد.

(6): كالسهو، او التمثيل، او التعليم(بصريح) والله(او كناية) والسميع البصير(وهي يمين اللغو) اي: لا يجب الالتزام به مأخوذ من قوله تعالى(لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم) البقرة / 226.

(7): بأن يقول بعد اليمين(ان شاء الله)(او انفصل) المشيئة بمقدار جرت عادة الناس في اقوالهم انهم لم يكملوا اغراضهم من الكلام، كالسعال، والتتويب، ونحو ذلك.

(8): كما لو قال(والله لا ادخل هذه الدار) ثم استغل بالطعام والكلام ربع ساعة وبعد ذلك قال ان شاء الله(مهجورة) اي: متروكة لم يعمل بها الفقهاء، وهي عن الصادقعليه‌السلام (للعبدان يستثنى ما بينه وبين اربعين يوما اذا نسى).

(9): بأن يقول بلسانه(والله لاادخل الدار) ثم ينوي في قلبه ان شاء الله من غير تلفظ(فان قال) يعني: زيد(ولو جهل حاله) اي: حال زيد هل شاء ام لا.

١٣٦

زيد، فقد علق اليمين على مشيئة. فإن قال: شئت، انعقدت اليمين. وإن قال: لم أشأ، لم تنعقد. ولو جهل حاله، إما بموت أو غيبة، لم ينعقد اليمين لفوات الشرط. ولو قال: لادخلن الدار(10) إلا أن يشاء زيد، فقد عقد اليمين، وجعل الاستثناء مشيئة زيد. فإن قال: زيد، قد شئت ألا تدخل، وقفت اليمين لان الاستثناء من الاثبات نفي. ولو قال: لادخلت الا ان يشاء فلان، فقال: قد شئت أن يدخل فقد سقط حكم اليمين، لان الاستثناء من النفي إثبات.

ولا يدخل الاستثناء في غير اليمين(11) ، وهل يدخل في الاقرار؟ فيه تردد، والاشبه أنه لايدخل.

والحروف التي يقسم بها: الباء، والواو، والتاء(12) .

وكذا لو خفض ونوى القسم، من دون النطق بحرف القسم، على تردد، أشبهه الانعقاد.

ولو قال: ها الله(13) ، كان يمينا، وفي أيمن الله تردد، من حيث هو جمع يمين.

ولعل الانعقاد أشبه، لانه موضوع القسم بالعرف.

وكذا: أيم الله، ومن الله، وم الله(14) .

الامر الثاني في الحالف:

ويعتبر فيه: البلوغ، وكمال العقل، والاختيار، والقصد.

فلا ينعقد: يمين الصغير، والمجنون، ولا المكره، ولا السكران، ولا الغضبان(15) إلا أن يملك نفسه.

___________________________________

(10): مع كلمة(والله)(فقد عقد) اي: ثبت(وقفت اليمين) اي: انحلت، لانه أقسم على الدخول الا اذا اراد زيدعدم الدخول.

(11): من العقود والايقاعات كالبيع، والاجارة، والطلاق والعتق ونحوها لانه تعليق، ويجب في العقود والايقاعات التخير، وانما جاز التعليق بالمشية في اليمين للدليل الخاص وهي الروايات(وفي الاقرار) كما لو قال(لزيد علي الف دينار ان شاء الله)(لايدخل) فلو دخل بطل الاقرار.

(12): بالله، والله، تالله(لو خفض) كما لو قال(الله لادخلن الدار) وعن النبي(صلى الله عليه وآله) انه قال(وكان الله ما أردت الا واحدة) بكسر كلمة(الله) بنية تقدير حرف القسم.

(13): قال في المسالك(مما يقسم به لغة هاالله.

وها الله للتلبية يؤتي بها في القسم عند حذف حرفه).

(14): هذه لغات مختلفة في(ايمن) وفي الجواهر عن بعض اللغويين ان في(ايمن) اربعا وعشرين لغة.

(15): المكر، غير مختار، والسكران والغضبان الذي لا يشعر مايقول من شدة الغضب لا قصد لهما(بالقصد) اي: كون قصده اليمين، لا التعليم، والمسخرة، ونحوهما(من الكافر) فلو حلف حرم عليه الحنث كحرمة سائر المحرمات عليه(صحة التكفير) يعني: لو حلف الكافر وحنث واعطى الكفارة هل تصح الكفارة منه(نية القربة) يعني: ان قلنا يعتبر في الكفارة نية القربة فلا تصح من الكافر لانه لا يمكنه قصد القربة، وان قلنا لايعتبر نية القربة صحت الكفارة من الكافر(وفيه تأمل) في المفصلات.

١٣٧

وينعقد اليمين بالقصد. وتصح اليمين من الكافر، كما تصح من المسلم. وقال في الخلاف: لا تصح.

وفي صحة التكفير منه، تردد، منشأه الالتفات إلى إعتبار نية القربة. ولا تنعقد من الولد مع والده، إلا مع إذنه(16) . وكذا يمين المرأة، والمملوك، إلا أن يكون اليمين في فعل واجب أو ترك قبيح.

ولو حلف أحد الثلاثة(17) في غير ذلك، كان للاب والزوج والمالك حل اليمين ولا كفارة.

ولو حلف بالصريح، وقال: لم ارد اليمين، قبل منه ودين بنيته.

الامر الثالث في متعلق اليمين:

وفيه مطالب.

المطلب الاول : لا ينعقد اليمين على الماضي نافية كانت أو مثبتة(18) .ولا تجب بالحنث فيها الكفارة، ولو تعمد الكذب. وإنما تنعقد على المستقبل، بشرط أن يكون واجبا(19) ، أو مندوبا، أو ترك قبيح، أو ترك مكروه، أو على مباح يتساوي فعله وتركه، أو يكون البر أرجح. ولو خالف أثم ولزمته الكفارة.

___________________________________

(16): فلو لم يأذن الاب لم ينعقد يمين الولد(والمملوك) الا يأذن الزوج والمالك(قبيح) اي: الحرام كان تحلف الزوجة بدون اذن زوجها على ان لا تترك صلاة الظهر، او على ان لا تشرب الخمر فإنهما ينعقدان مطلقا(وثمرة) ذلك وجوب الكفارة مع الحنث، فلو شربت الخمر فعلت حراما وحلفت اليمين فوجب عليها الكفارة.

(17): الولد، والزوجة والمملوك(ولا كفارة) لاعلى الوالد والزوج والمالك، ولا على الولد والزوجة والمملوك(بالصريح) بان قال مثلا(والله لا اشرب سيكارة) ثم قال لم اقصد بل ذكرت مجرد اللفظ(قبل منه) فلا يعتبر فاعلا للحرام لو شرب السيكارة بحيث تسقط عدالته(ودين بنيته) يعني: بينه وبين الله يؤخذ حسب نيته.

(18): كما لو قال(والله ما سرقت، او والله صدقت في الكلام الفلاني) وكان كاذبا فيهما، ويسمى باليمين الغموس، اي: تغمس صاحبها في الاثم، او في النار، لانها أعظم من التي فيها الكفارة لان الكفارة تخفف الذنب.

(19): الواجب كتزكية النفس للعدالة والمندوب كالتوسعة على العيال، وترك القبيح كترك الامر بالمنكر وترك المكروه كترك التعامل مع السفلة، والمباح كالمشي وشرب الماء(او يكون البر) اي: العمل به(أرجح) في الجواهر: ارجح بحب الدنيا، او يكون الترك ارجح بحب الدنيا كحفظ الصحة، وتعريض البدن للآلام الخفيفة.

١٣٨

ولو حلف على ترك ذلك(20) ، لم تنعقد ولم يلزمه الكفارة، مثل أن يحلف لزوجته أن لا يتزوج(2) ، أو لا يتسرى، أو تحلف هي كذلك، أو تحلف أنها لا تخرج معه، ثم احتاجت إلى الخروج.

ولا تنعقد على فعل الغير، كما لو قال: والله لنفعلن(22) ، فإنها لا تنعقد في حق المقسم عليه، ولا المقسم.

ولا تنعقد على مستحيل، كقوله: والله لاصعدن السماء، بل تقع لاغية.وإنما تقع على ما يمكن وقوعه.

ولو تجدد العجز، انحلت اليمين، كأن يحلف ليحج في هذه السنة فيعجز(23) .

المطلب الثاني : في الايمان المتعلقة بالمأكل والمشرب: وفيه مسائل:

الاولى: اذا حلف ان لا يشرب من لبن عنز له، ولا يأكل من لحمها، لزمه الوفاء.وبالمخالفة الكفارة، إلا مع الحاجة إلى ذلك(24) .ولا يتعداها التحريم، وقيل: يسري التحريم إلى أولادها، على رواية فيها ضعف.

الثانية: اذا حلف أن لا يأكل طعاما اشتراه زيد، لم يحنث بأكل ما يشتريه زيد وعمرو(25) ، ولو اقتسماه، على تردد. ولو اشترى كل واحد منهما طعاما وخلطاه، قال الشيخ: إن أكل زيادة عن النصف حنث(26) ، وهو حسن.

ولو حلف أن لا يأكل ثمرة معينة، فوقعت في ثمره، لم يحنث الا بأكله أجمع أو بتيقن اكلها، ولو تلف منه ثمرة لم يحنث بأكل الباقي مع الشك.

الثالثة: اذا حلف ليأكلن هذا الطعام غدا، فأكله اليوم، حنث لتحقق المخالفة، ويلزمه

___________________________________

(20): اي: ترك الواجب، او ترك المندوب، او ترك القبيح، وهو فعل القبيح لان نفي النفي اثبات - او ترك ماهو بر بحب الدنيا، او فعل ماتركه ارجح بحب الدنيا.

(21): اي: لايتزوج باخرى، والتسري هو وطء الاماء بالملك(كذلك) اي: تحلف المرأة ان لا تتزوج(لا تخرج معه) اي: حلف الزوجة ان لا تخرج مع زوجها، فإن حلفها باطل غير منعقد.

(22): خطابا إلى شخص.

(23): فتنحل اليمين، ولا يجب عليه الحج من قابل ايضا، لانه حلف على هذه السنة.

(24): ابتداء فلا تنعقد اليمين من اول الامر، او في الاثناء فتنحل، وذلك كما لو كان مريضا بمرض ينفعه هذا اللبن الخاص.

(25): بالاشتراك، لانه غير المحلوف عليه(ولو اقتسماه) يعني: حتى لو تميزت حصة زيد عن حصة عمرو فإنه يجوز له الاكل من حصة زيد، وذلك: لانه لم يشتره زيد(على تردد) لاحتمال الصدق.

(26): لحصول اليقين بأنه أكل مما اشتراه زيد(في ثمرة) اي: فوقعت تلك الثمرة المعينة في ثمر له واختلطت به بحيث لايتميز بعضها عن بعض(مع الشك) في انه هل بقي من تلك الثمر شئ ام لا.

١٣٩

التكفير معجلا(27) .وكذا لو هلك الطعام قبل الغد أو في الغد.بشئ من جهته.ولو هلك من غير جهة، لم يكفر.

الرابعة: لو حلف: لا شربت من الفرات، حنث بالشرب من مائها، سواء كرع(28) منها أو اغترف بيده أو بإناء. وقيل: لا يحنث الا بالكرع منها، والاول هو العرف.

الخامسة: اذا حلف: لا أكلت رؤوسا، انصرف إلى ما جرت العادة بأكله غالبا، كرؤوس البقر والغنم والابل.

ولا يحنث برؤوس الطيور والسمك والجراد، وفيه تردد(29) .ولعل الاختلاف عادي. وكذا لو حلف: لا يأكل لحما، وهنا يقوى أنه يحنث بالجميع(30) . ولو حلف: لا يأكل شحما، لم يحنث بشحم الظهر، ولو أكل يحنث عادة، كان حسنا. وإن قال: لا ذقت شيئا فمضغه ولفظه، قال الشيخ.يحنث، وهو حسن.

السادسة: اذا قال: لا اكلت سمنا، فأكله مع الخبز، حنث.وكذا لو أذابه على الطعام وبقي متميزا.

أما لو: حلف لا يأكل لبنا، فأكل جبنا أو سمنا أو زبدا، لم يحنث(31) .

السابعة: لو قال: لا اكلت من هذه الحنطة، فطحنها دقيقا أو سويقا(32) ، لم يحنث وكذا لو حلف: لا أكل الدقيق، فخبزه وأكله. وكذا لو حلف: لا يأكل لحما، فأكل إلية، لم يحنث.

وهل يحنث بأكل الكبد والقلب؟ فيه تردد.

الثامنة: لو حلف لا يأكل بسرا فأكل منصفا(33) ، أو لا يأكل رطبا فأكل منصفا، حنث، وفيه قول آخر ضعيف.

التاسعة: اسم الفاكهة يقع على الرمان والعنب الرطب، فمتى حلف لا يأكل فاكهة،

___________________________________

(27): اي: قبل مجئ الغد، حتى انه لو مات قبل الغد وجب اخراج الكفارة عن ماله - كما في المسالك -(من جهته) اي: بسبب، كما لو أحرق الطعام على النار، او اعطاه للدواب او نحو ذلك(من غير جهة) كما لو اكلته دابة بغير علم وعمل منه.

(28): اي: ادخل فمه في الماء وشرب كما تفعل الدواب(والاول) اي الاطلاق(هو العرف) فكله شرب.

(29): بل وخلاف بين الفقهاء(عادي) يعني: اختلاف الفقهاء في شمول الرؤوس لرؤوس الطيور من جهة اختلاف العادات للبلاد، ففي بعض البلاد يطلق الرؤوس على رؤوس الطيور وفي بعض البلاد تنصرف إلى غير الطيور.

(30): اي لحم الانعام ولحم الطيور للصدق وعدم الانصراف(بشحم الظهر) لانه عند البعض نوع من اللحم(عادة) لان العادة تسمية شحما ايضا(يحنث) لانه ذوق ايضا، ولا يشترط فيه البلغ.

(31): لانها ليس لبنا، وان كان اصلها من اللبن.

(32): الدقيق الطحين، والسويق هو طبخه بلا ماء، او مع الماء والسكر، لان السويق نوعان.

(33): اي: الثمرة التي نصفها بسر ونصفها رطب(حنث) لانه آكل البسر الذي هو بعضها، وآكل الرطب الذي هو بعضها الاخر(قول آخر ضعيف) بعدم الحنث، لان المنصف لايقال له بسر ولا رطب.

١٤٠