شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء ٤

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام0%

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

مؤلف: المحقق الحلي
تصنيف:

الصفحات: 333
المشاهدات: 52144
تحميل: 6604


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52144 / تحميل: 6604
الحجم الحجم الحجم
شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء 4

مؤلف:
العربية

الثانية: حد القذف موروث يرثه من يرث المال من الذكور والاناث(77) ، عدا الزوج والزوجة.

الثالثة: لو قال: ابنك زان أو لائط، أو بنتك زانية، فالحد لهما(78) ، لا للمواجه.

فإن سبقا بالاستيفاء أو العفو، فلا بحث، وإن سبق الاب، قال في النهاية: له المطالبة والعفو، وفيه إشكال، لان المستحق موجود، وله ولاية المطالبة، فلا يتسلط الاب كما في غيره من الحقوق.

الرابعة: اذا ورث الحد جماعة، لم يسقط بعضه بعفو البعض فللباقين المطالبة بالحد تاما ولو بقي واحد.

أما لو عفا الجماعة، أو كان المستحق واحدا فعفا، فقد سقط الحد.

ولمستحق الحد، أن يعفو قبل ثبوت حقه(79) وبعده.وليس للحاكم الاعتراض عليه.ولا يقام إلا بعد مطالبة المستحق.

الخامسة: إذا تكرر الحد، بتكرر القذف مرتين، قتل في الثالثة، وقيل: في الرابعة، وهو أولى.ولو قذف فحد، فقال الذي قلت كان صحيحا، وجب بالثاني التعزير، لانه ليس بصريح.والقذف المتكرر(80) ، يوجب حدا واحدا لا اكثر.

السادسة: لا يسقط الحد عن القاذف، إلا بالبينة المصدقة(81) ، أو تصديق مستحق الحد أو العفو.ولو قذف زوجته، سقط الحد بذلك وباللعان.

السابعة: الحد ثمانون جلدة، حرا كان أو عبدا، ويجلد بثيابه ولايجرد.ويقتصر على الضرب المتوسط(82) ، ولا يبلغ به الضرب في الزنا، ويشهر القاذف لتجتنب

___________________________________

(77) فلو قال شخص لزيد، يازاني، فمات زيد، كان لورثته المطالبة باجراء حد القذف على القائل(عدا الزوج والزوجة) فإنهما لايرثان الحد، فلو قال شخص لزوجة زيد: يا زانية، ثم ماتت الزوجة، لم يرث الزوج المطالبة بالحد، " وكذا " لوعفى الورثة الا الزوجة، او الا الزوج، لم يكن لهما المطالبة بالحد.

(78) للابن أو البنت المنسوب اليهما الزنا(المستحق) اي: صاحب الحق وهو الابن والبنت(كما في غيره من الحقوق) التي ليس للاب المطالبة، او العفو كحق المضاجعة والقسم والنفقة والخروج من البيت وغيرها التي ليس للاب مطالبتها ولا العفو عنها.

(79) اي: قبل قيام البينة عليه، او اقراره(الاعتراض) بأن يقول له: لاتعف(ولا يقام) اي: ليس للحاكم اقامة الحدود التابعة لحقوق الناس الا بعد مطالبة اصحاب الحق.

(80) قيل اقامة الحد، كما لو قال عشر مرات: زيد زان، فلا يحد اكثر من مرة.

(81) اي: التي تصدق القاذف، والبينة هنا اربعة رجال عدول يشهدون بالمعاينة(بذلك) اي: بالبينة المصدقة، وتصديقها، او عقدها.

(82) لا أشد الضرب(ويشهر) اي: يعلن عنه في الجرائد، او الاذاعة والتلفزيون، او غيرها(التكليف) اي: البلوغ وكمال العقل.

٢٢١

شهادته.ويثبت القذف بشهادة عدلين، أو الاقرار مرتين.ويشترط في المقر: التكليف والحرية والاختيار.

الثامنة: اذا تقاذف اثنان(83) ، سقط الحد وعزرا.

التاسعة: قيل: لا يعزر الكفار، مع التنابز بالالقاب(84) ، والتعير بالامراض، إلا أن يخشى حدوث فتنة، فيحسمها الامام بما يراه.

ويلحق بذلك مسائل أخر:

الاولى: من سب النبي صلى الله عليه وآله، جاز لسامعه قتله، مالم يخف الضرر على نفسه أو ماله، أو غيره من أهل الايمان.وكذا من سب أحد الائمةعليهم‌السلام (85) .

الثانية: من ادعى النبوة، وجب قتله وكذا من قال: لا أدري محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله صادق أو لا، وكان على ظاهر الاسلام.

الثالثة: من عمل بالسحر، يقتل إن كان مسلما، ويؤدب إن كان كافرا.

الرابعة: يكره أن يزاد في تأديب الصبي على عشرة أسواط(86) .

وكذا المملوك.

وقيل: ان ضرب عبده في غير حد حدا، لزمه إعتاقه وهو على الاستحباب.

الخامسة: كل ما فيه التعزير من حقوق الله سبحانه، يثبت بشاهدين أو الاقرار مرتين على قول.

ومن قذف أمته أو عبده، عزر كالاجنبى(87) .

السادسة: كل من فعل محرما، أو ترك واجبا فللامامعليه‌السلام ، تعزيره بما لا يبلغ الحد، وتقديره إلى الامام.

ولا يبلغ به حد الحر في الحر، ولا حد العبد في العبد(88) .

___________________________________

(83) كما لو قال زيد: عمرو زان، وقال عمرو: زيد هو زان.

(84) اي: الرمي بالالقاب السيئة، اذا كان بينهم بعضهم مع بعض(فيحسمها) اي: يقطع الفتنة.

(85) والحق بعضهم فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام بهم في ذلك.

(86) لعله اعم من التأديب في المعاصي - كما لو زنى، او ليط به مختارا ونحو ذلك - او في الاداب والاخلاق، وفي المسالك: " ولم يذكر - يعني الشيخ ره - بلوغ العشر "(حدا) كما لو ضربه على شتمة ثمانين سوطا.

(87) اي: كما لو قذف الاجنبي، فيضرب المولى ثمانين جلدة لقذفه عبده او امته.

(88) اقل حد الحر ثمانون جلدة، واقل حد العبد اربعون جلدة، قال في المسالك: " فإن كان الموجب كلاما دون القذف لم يبلغ تعزيره حد القذف، وان كان فعلا دون الزنا لم يبلغ حد الزنا والى ذلك اشار الشيخ والعلامة في المختلف ".

٢٢٢

الباب الرابع: في حد المسكر والفقاع

ومباحثه ثلاثة:

البحث الاول: في الموجب:

وهو تناول المسكر(89) ، أو الفقاع، اختيارا مع العلم بالتحريم، اذا كان المتناول كاملا، فهذه قيود أربعة.

شرطنا التناول، ليعم الشرب والاصطباغ(90) ، وأخذ ممزوجا بالاغذية والادوية.

ونعني بالمسكر، ما هو من شأنه أن يسكر، فإن الحكم يتعلق بتناول القطرة منه.

ويستوي في ذلك الخمر وجميع المسكرات، التمرية والزبيبية والعسلية والمزر المعمول من الشعير او الحنطة أو الذرة.وكذا لو عمل من شيئين إو ما زاد.

ويتعلق الحكم بالعصير اذا غلا واشتد، وإن لم يقذف بالزبد، لا أن يذهب بالغليان ثلثاه، أو ينقلب خلا، وبما عداه اذا حصلت فيه الشدة المسكرة.

أما التمر اذا غلا، ولم يبلغ حد الاسكار، في تحريمه تردد، والاشبه بقاؤه على التحليل حتى يبلغ(91) .

وكذا البحث في الزبيب، اذا نقع بالماء فغلا من نفسه أو بالنار، والاشبه انه لا يحرم ما لم يبلغ الشدة المسكرة.

والفقاع كالنبيذ المسكر في التحريم، وإن لم يكن مسكرا، وفي وجوب الامتناع من التداوي به والاصطباغ.

واشترطنا الاختيار تقصيا من المكره، فإنه لا حد عليه ولا يتعلق الحكم بالشارب بالمتناول، ما لم يكن بالغا عاقلا. وكما يسقط الحد عن المكره، يسقط عمن جهل التحريم، أو جهل المشروب(92) .ويثبت بشهادة عدلين مسلمين.ولا تقبل فيه شهادة النساء

___________________________________

(89) في المسالك: " والمراد بالتناول أدخاله إلى البطن، بالاكل والشرب، خالصا وممزوجا بغيره، سواء بقي مع مزجه مميزا أم لا "(الفقاع) هو ماء الشعير، نص عليه بالخصوص لاجل تحليل البعض له، فقد ورد عنهمعليهم‌السلام : " الفقاع خمر استصغره الناس "(كاملا) اي: بالغا عاقلا.

(90) اي: صبغ الخبز واللحم ونحوهما به، كالتدهين(شأنه ان يسكر) اي: كثيره يسكر(التمرية والزبيبية) يعني: الخمر الذي عمل منهما او من غيرهما(ويتعلق الحكم) اي: حرمة التناول(بالعصير) اي: عصير العنب(يقذف) اي: يعلوه.

(91) اي: يبلغ حد الاسكار.

(92) اي: لم يعلم أن هذا المشروب مسكر(منفردات) فلو شهدت عشر نساء على زيد بشرب الخمر لا يثبت عليه(ولا منضمات) بأن يشهد رجل واحد ونساء(دفعتين) اي مرتين(والاختيار) فلو اقر الصبي او المجنون او المملوك او المكره بانهم شربوا الخمر لايقبل ولو عشرين مرة.

٢٢٣

منفردات، ولا منضمات، وبالاقرار دفعتين، ولا يكفي المرة. ويشترط في المقر: البلوغ وكمال العقل والحرية والاختيار.

البحث الثاني: في كيفية الحد:

وهو ثمانون جلدة، رجلا كان الشارب أو امرأة، حرا كان أو عبدا.وفي رواية، يحد العبد أربعين، وهي متروكة.

أما الكافر: فإن تظاهر به حد(93) ، وإن استتر لم يحد. ويضرب الشارب عريانا على ظهره وكتفيه، ويتقي وجهه وفرجه، ولا يقام عليه الحد حتى يفيق. وإذا حد مرتين قتل في الثالثة، وهو المروي، وقال في الخلاف: يقتل في الرابعة. ولو شرب مرارا، كفى حد واحد.

البحث الثالث: في أحكامه:

وفيه مسائل:

الاولى: لوشهد واحد بشربها(94) ، وآخر بقيئها، وجب الحد.ويلزم على ذلك وجوب الحد، لو شهدا بقيئها، نظرا إلى التعليل المروي، وفيه تردد، لاحتمال الاكراه على بعد.ولعل هذا الاحتمال يندفع، بأنه لو كان واقعا، لدفع به عن نفسه.

أما لو ادعاه فلا حد.

الثانية: من شرب الخمر مستحلا(95) استتيب، فإن تاب أقيم عليه الحد، وإن امتنع قتل.

وقيل: يكون حكمه حكم المرتد، وهو قوي.وأما سائر المسكرات، فلا يقتل مستحلها، لتحقق الخلاف بين المسلمين فيها.

ويقام الحد من شربها، مستحلا ومحرما.

الثالثة: من باع الخمر مستحلا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.وإن لم يكن مستحلا، عزر.وما سواه(96) لايقتل وإن لم يتب، بل يؤدب.

الرابعة: إذا تاب قبل قيام البينة، سقط الحد.وإن تاب بعدها، لم يسقط.ولو

___________________________________

(93) كحد المسلم ثمانين جلدة.

(94) اي: بشرب الخمر(الاكراه) بأن يكون مكرها على شرب الخمر(لو ادعاه) اي: قال اكرهوني على شرب الخمر.

(95) اي: يراها حلالا(استتيب) اي: امر بالتوبة(قتل) مطلقا سواء كان مسلما من الاصل(فطريا) او كافرا في الاصل وقد أسلم(مليا)(حكم المرتد) فإن كان فطريا قتل بلا استتابة وإن كان مليا استتيب فإن تاب فهو والا قتل، وسيأتي احكام المرتد الفطري والمرتد الملي في القسم الثاني من هذا الكتاب عند رقم " 153 " وما بعده.

(96) اي: لو باع ماسوى الخمر من سائر الاشربة المسكرة(وإن لم يتب) لان حرمتها ليست من ضروريات الاسلام، للخلاف فيها بين مذاهب المسلمين.

٢٢٤

كان ثبوت الحد باقراره(97) ، كان الامامعليه‌السلام مخيرا: بين حده وعفوه.ومنهم من منع من التخيير، وحتم الاستيفاء هنا، وهو أظهر.

تتمة: تشتمل على مسائل:

الاولى: من استحل شيئا من المحرمات المجمع عليها(98) ، كالميتة والدم والربا ولحم الخنزير، ممن ولد على الفطرة يقتل.ولو ارتكب ذلك لا مستحلا، عزر.

الثانية: من قتله الحد أو التعزير فلا دية له، وقيل: تجب على بيت المال، والاول مروي.

الثالثة: لو أقام الحاكم الحد بالقتل، فبان فسوق الشاهدين، كانت الدية في بيت المال، ولا يضمنها الحاكم ولا عاقلته(99) .ولو أنفذ إلى حامل لاقامة حد، فأجهضت خوفا، قال الشيخ: دية الجنين في بيت المال، وهو قوي لانه خطأ، وخطأ الحكام في بيت المال.

وقيل: يكون على عاقلة الامام، وهي قضية عمر مع عليعليه‌السلام (100) .ولو أمر الحاكم بضرب المحدود زيادة عن الحد فمات، فعليه نصف الدية في ماله إن لم يعلم الحداد، لانه شبيه العمد.ولو كان سهوا، فالنصف على بيت المال.ولو أمر.بالاقتصار على الحد، فزاد الحداد عمدا، فالنصف على الحداد في ماله.ولو زاد سهوا فالدية على عاقلته، وفيه احتمال آخر(101) .

___________________________________

(97) بأن أقر عند الامام مرتين بشرب الخمر، ثم تاب.

(98) بين جميع مذاهب المسلمين والاحوط اضافة قيد كونه مع ذلك ضروريا لا يجهله أحد من المسلمين.

(99) اي: عاقلة الحاكم، وهي اقرباؤه من طرف أبيه، كالاخوة، واولادهم، والاعمام، وبني الاعمام، ونحوهم دون من تقرب اليه بسبب الام وحدها كالاخوال واولادهم، والاخوة لامه، واولادهم، وهكذا(انفذ) اي: ارسل الحاكم(فاجهضت) اي: اسقطت ولدها.

(100) حيث ارسل عمر خلف حامل ليقيم عليها الحد فاجهضت، فحكم الامام عليعليه‌السلام على عمر بالدية على عاقلته وهم بنو عدي قبيلته(امر الحاكم) غير المعصوم، لان المعصوم لايصدر منه نحو ذلك(زيادة عن الحد) كما لو امر بضرب مئة في شرب الخمر، او مئة وخمسين في الزنا غير المحصن - هذا في غير الاماكن والازمنة الشريفة التي للحاكم زيادة الحد لهتك شرافة ذاك المكان او الزمان الشريفين -(نصف الدية) لانه مات بسببين احدهما جائز والاخر غير جائر(شبيه العمد) لقصده العقل دون القتل(بيت المال) لان خطأ الحاكم يجبر من بيت المال، كما لو اراد أن يقول اضربوه ثمانين فسها وقال: مئة مثلا -(عاقلته) اي: عاقلة الحداد، لان الخطأ من الحداد.

(101) في المسالك: " يحتمل ان يريد به توزيع الدية على الاسواط الزائدة والواقعة في الحد ويسقط منها بحساب الحد لان السبب مركب من المجموع " مثلا لو كان حده ثمانين سوطا، ولكن ضربه مئة سوط فمات، فعليه خمس الدية، وذكر المسالك عدة احتمالات اخرى.

٢٢٥

الباب الخامس: في حد السرقة

والكلام في السارق، والمسروق والحجة(102) ، والحد، واللواحق.

الاول: في السارق:

ويشترط في وجوب الحد عليه شروط: الاول: البلوغ: فلو سرق الطفل، لم يحد ويؤدب ولو تكررت سرقته.

وفي النهاية يعفى عنه أولا، فإن عاد أدب، فإن عاد حكت أنامله حتى تدمى، فإن عاد قطعت أنامله، فإن عاد قطع كما يقطع الرجل، وبهذا روايات. الثاني: العقل: فلا يقطع المجنون ويؤدب وإن تكررت منه.

الثالث: ارتفاع الشبهة: فلو توهم الملك، فبان غير مالك(103) ، لم يقطع.وكذا لو كان المال مشتركا، فأخذ من يظن أنه قدر نصيبه. الرابع: ارتفاع الشركة: فلو سرق من مال الغنيمة، فيه روايتان، إحداهما لا يقطع والاخرى إن زاد ما سرقه عن نصيبه بقدر النصاب(104) ، قطع، والتفصيل حسن.ولو سرق من المال المشترك قدر نصيبه، لم يقطع.ولو زاد بقدر النصاب قطع.

الخامس: ان يهتك الحرز(105) منفردا كان أو مشاركا، فلو هتك غيره، وأخرج هو، لم يقطع.

السادس: ان يخرج المتاع بنفسه أو مشاركا ويتحقق الاخراج: بالمباشرة، وبالتسبيب، مثل أن يشده بحبل ثم يجذبه من خارج، أو يضعه على دابة، أو على جناح طائر من شأنه العود اليه.ولو أمر صبيا غير مميز باخراجه، تعلق بالامر القطع، لان الصبي كالآلة.

السابع: ان لا يكون والدا من ولد ويقطع الولد، لو سرق من الوالد.وكذا يقطع الاقارب.وكذا الام لو سرقت من الولد.

___________________________________

(102) وهي ما يثبت به شرعا لسرقة(ولو تكررت) يعني: حتى ولو سرق مئة مرة(أنامله) اي: رؤوس اصابعه تحك بالارض، او بالحائط ونحوهما(كما يقطع الرجل) اربعة اصابع من يده اليمنى، ويترك له الابهام.

(103) اي: فظهر أنه ليس المالك لهذا الشئ.

(104) اي: الزيادة كانت بقدر النصاب، وهو ربع دينار شرعي ذهبا.

(105) اي بكسر القفل وباللقب، وفتح الباب، ونحو ذلك.

٢٢٦

الثامن: ان يأخذه سرا فلو هتك قهرا ظاهرا وأخذ، لم يقطع وكذا المستأمن(106) لو خان.ويقطع الذمي كالمسلم والمملوك، مع قيام البينة.وحكم الانثى في ذلك كله حكم الذكر.

مسائل:

الاولى: لا يقطع الراهن(107) إذا سرق الرهن، إن استحق المرتهن الامساك، ولا المؤجر العين المستأجرة، وإن كان ممنوعا من الاستعادة، مع القول بملك المنفعة، لانه لم يتحقق اخراج النصاب من مال المسروق منه حالة الاخراج الثانية: لا يقطع عبد الانسان بسرقة ماله، ولا عبد الغنيمة بالسرقة منها(108) ، لان فيه زيادة إضرار.

نعم، يؤدب بما يحسم به الجرأة.

الثالثة: يقطع الاجير اذا أحرز المال من دونه(109) ، وفي رواية لا يقطع، وهي محمولة على حالة الاستئمان.

وكذا الزوج اذا سرق من زوجته، أو الزوجة من زوجها.

وفي الضيف قولان، أحدهما لا يقطع مطلقا، وهو المروي، والآخر يقطع إذا أحرز من دونه، وهو أشبه.

الرابعة: لو أخرج متاعا، فقال صاحب المنزل: سرقته، وقال المخرج: وهبتنيه أو أذنت في إخراجه، سقط الحد للشبهة، وكان القول قول صاحب المنزل مع يمينه في المال(110) .

وكذا لو قال: المال لي، وأنكر صاحب المنزل، فالقول قوله مع يمينه، ويغرم المخرج، ولا يقطع لمكان الشبهة.

الثاني: في المسروق:

لا قطع فيما ينقص عن ربع دينار.

ويقطع فيما بلغه: ذهبا، خالصا، مضروبا، عليه السكة، أو ما قيمته ربع

___________________________________

(106) اي: الذي عد امينا فجعل عنده المال، ثم خان وانكر ذلك.

(107) لو اقترض زيد من عمرو الف دينار، وجعل ذهبه عند عمرو رهنا، فزيد يسمى راهنا، وعمرو يسمى مرتهنا.

(108) اي: من الغنيمة، فلو غنم المسلمون من الكفار عبيدا، وأمتعة، وغيرهما، فسرق أحد عبيد الغنيمة بعض الامتعة لاتقطع يده(بما يحسم) اي: ينتهي.

(109) اي: مما في البيت(الاستئمان) اذا جعل امينا ووضع تحت يده شئ فسرق منه(احرز من دونه) اي: ممافي البيت في الحرز.

(110) يعني: يؤخذ منه المال ولا تقطع يده(قوله مع يمينه) اي: قول صاحب المنزل(ويغرم) اي: يؤخذ منه غير المال، اوبدله اذا كانت العين تالفة.

٢٢٧

دينار، ثوبا كان أو طعاما أو فاكهة أو غيره، سواء كان أصله الاباحة أو لم يكن(111) .

وضابطه: ما يملكه المسلم.وفي الطين وحجارة الرخام رواية بسقوط الحد ضعيفة.ومن شرطه أن يكون محرزا بقفل أو غلق أو دفن، وقيل: كل موضع ليس بغير مالكه الدخول اليه إلا بأذنه(112) .فما ليس بمحرز فلا يقطع سارقه.

كالمأخوذ من الارحبة، والحمامات، والمواضع المأذون في غشيانها كالمساجد.

وقيل: إذا كان المالك مراعيا له، كان محرزا، كما قطع النبي صلى الله عليه وآله سارق مئزر صفوان في المسجد، وفيه تردد.

وهل يقطع سارق ستارة الكعبة؟ قال في المبسوط وفي الخلاف: نعم، وفيه إشكال، لان الناس في غشيانها شرع(113) .ولا يقطع من سرق من جيب انسان أو كمه الظاهرين، ويقطع لو كانا باطنين.ولا قطع في ثمرة على شجرها، ويقطع لو سرق بعد إحرازها(114) ، ولا على من سرق مأكولا في عام مجاعة.ومن سرق صغيرا(115) ، فان كان مملوكا، قطع.

ولو كان حرا فباعه، لم يقطع حدا، وقيل: يقطع دفعا لفساده.

___________________________________

(111) اصله الاباحة كالاخشاب المتخذة من الاشجار المباحة في الغابات،(اولم يكن) كالحيوانات الاهلية، وهذا رد على خلاف ابي حنيفة(وفي الطين) اي: سرقة الطين(الرخام) اي: المرمر وهو حجر طبيعي لماع صلب.

(112) مثل البساتين، والمزارع ونحوهما(الارحبة) جمع رحبة، وهي الساحة العامة(غشيانها) اي: دخولها(كالمساجد) والحسينيات، والخانات، والمدارس المفتوحة ابوابها، ونحو ذلك(مراعيا له) اي: في نظارته ورعايته(صفوان) في المسالك: " الرواية وردت بطرق كثيرة(منها) حسنة الحلبي عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يأخذ اللص يرفعه او يتركه قال: ان صفوان بن امية كان مضطجعا في المسجد الحرام فوضع رداء‌ه وخرج يهريق الماء فوجد رداء‌ه قد سرق حين رجع اليه فقال من ذهب بردائي فذهب يطلبه فأخذ صاحبه فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال صلى الله عليه وآله: اقطعوا يده فقال صفوان: تقطع يده من أجل ردائي يارسول الله؟ قال: نعم قال: فأنا أهبه له، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فهلا كان هذا قبل أن يرفعه الي قلت: فالامام بمنزلته اذا رفع اليه؟ قال: نعم "(وفيه تردد) لورود الرواية بتعبيرات مختلفة، وتفصيله في المفصلات.

(113) اي: سواء، وليست الستارة شيئا في حرز.

(114) في حرز من حجرة مقفلة ونحوها(مجاعة) اي: قحط.

(115) اي: انسانا صغيرا طفلا او طفلة(قطع) لان المملوك مال، بشرط أن تكون قيمته ربع دينار اواكثر(لم يقطع حدا) لان الحر ليس مالا.

٢٢٨

ولو أعار بيتا(116) ، فنقبه المعير وسرق منه مالا للمستعير، قطع وكذا لو أجر بيتا، وسرق منه مالا للمستأجر.

ويقطع من سرق مالا موقوفا مع مطالبة الموقوف عليه، لانه مملوك له.

ولا تصير الجمال محرزة بمراعاة صاحبها، ولا الغنم باشراف الراعي عليها(117) ، وفيه قول آخر للشيخ.

ولو سرق باب الحرز أو من ابنيته، قال في المبسوط: يقطع، لانه محرز بالعادة.وكذا اذا كان الانسان في داره، وأبوابها مفتحة.ولو نام زال الحرز، وفيه تردد.ويقطع سارق الكفن، لان القبر حرز له.

وهل يشترط بلوغ قيمته نصابا؟ قيل: نعم، وقيل: يشترط في المرة الاولى(118) ، دون الثانية والثالثة وقيل: لا يشترط، والاول أشبه.ولو نبش ولم يأخذ، عزر.ولو تكرر منه الفعل، وفات السلطان.كان له قتله للردع.

الثالث: ما به يثبت:

ويثبت بشاهدين عدلين، أو بالاقرار مرتين، ولا يكفي المرة.

ويشترط في المقر: البلوغ، وكمال العقل، والحرية، والاختيار.فلو أقر العبد لم يقطع، لما يتضمن من إتلاف مال الغير(119) .وكذا لو أقر مكرها ولا يثبت به حد ولا غرم.فلو رد السرقة بعينها، بعد الاقرار بالضرب قال في النهاية: يقطع.

وقال بعض الاصحاب: لا يقطع، لتطرق الاحتمال إلى الاقرار، إذ من الممكن أن يكون المال في يده، من غير جهة السرقة وهذا حسن.ولو أقر مرتين ورجع، لم يسقط الحد، وتحتمت الاقامة(120) ولزمه الغرم.ولو أقر مرة، لم يجب الحد ووجب الغرم.

___________________________________

(116) مثاله: كان لزيد بيت - اي حجرة تحتانية - فاعطاها عارية لعمرو، وجعل عمرو فيها ماله، ثم جاء زيد صاحب الحجرة - وسرق مال عمرو، قطعت يد زيد(فطالبه) بقطع يد السارق.

(117) فلو سرق جملا او غنما فلا قطع(قول اخر) وهو أن نظر الراعي عليها بأن كان غافلا او نائما، او غاب بعض الجمال او الغنم عن نظر الراعي خلف جبل او نحوه فلا حرز ولا قطع.

(118) اي: في السرقة الاولى(والاول) وهو لزوم بلوغ النصاب مطلقا(وفات السلطان) قطع يده.

(119) لان العبد بنفسه مال للغير، ولا يتلف مال شخص لمال آخر(بعينها) اي: عين المال المسروق(بالضرب) بأن ضرب حتى اقر بالسرقة وجاز بعين المال المسروق.

(120) أي: اقامة الحد بقطع يده(العزم) ارجاع المال اوبدله.

٢٢٩

الرابع: في الحد:

وهو قطع الاصابع الاربع من اليد اليمنى، ويترك له الراحة والابهام.ولو سرق ثانية، قطعت رجله اليسرى.

من مفصل القدم، ويترك له العقب يعتمد عليها(121) . فإن سرق ثالثة، حبس دائما. ولو سرق بعد ذلك، قتل. ولو تكررت السرقة. فالحد الواحد كاف. ولا يقطع اليسار مع وجود اليمين، بل يقطع اليمين ولو كانت شلاء.وكذا لو كانت اليسار شلاء أو كانتا شلاء‌ين، قطعت اليمين على التقديرين. ولو لم يكن له يسار، قال في المبسوط: قطعت يمينه، وفي رواية عبدالرحمن بن الحجاج عن أبى عبد اللهعليه‌السلام : " لا يقطع "، والاول أشبه.

أما لو كان له يمين حين القطع(122) فذهبت، لم يقطع اليسار، لتعلق القطع بالذاهبة.

ولو سرق ولا يمين له، قال في النهاية: قطعت يساره، وفي المبسوط: ينتقل إلى رجله(123) .

ولو لم يكن له يسار، قطعت رجله اليسرى.

ولو سرق ولا يد له ولا رجل حبس، وفي الكل إشكال، من حيث انه تخط عن موضع القطع، فيقف على إذن الشرع، وهو مفقود.ويسقط الحد بالتوبة قبل ثبوته، ويتحتم(124) لو تاب بعد البينة.

ولو تاب بعد الاقرار، قيل: يتحتم القطع، وقيل: يتخير الامام في الاقامة والعفو، على رواية فيها ضعف.

ولو قطع الحداد(125) يساره مع العلم، فعليه القصاص، ولا يسقط قطع اليمين.

___________________________________

(121) في المشي(بعد ذلك) اي: سرق في الحبس(ولو تكررت) من غيرر تخلل حد(شلاء) اي: يابسة(وكذا لو كانت اليسار) بحيث لو قطعت يمينه سقط عن الانتفاع مطلقا مع ذلك تقطع يمينه.

(122) اي: حين السرقة والحكم عليه بالقطع، لكنه فقد يمينه عندما اريد اجراء الحد عليه، كمالو قطعت في حرب، او من عدو او نحوهما.

(123) اي: رجله اليسرى(وفي الكل إشكال) فالحبس لمن لا يد ولارجل له، لادليل عليه، وكذا الانتقال إلى اليسار لمن لايمين له، وكذا الانتقال إلى الرجل لمن لا يمين له، وهكذا(موضع القطع) اي: القطع بالحكم الشرعي(فيقف) اي: فيتوقف.

(124) اي: يتحتم قطع اليد.

(125) مجرى الحد(فعليه القصاص) اي: تقطع يسار الحداد(ولا يسقط قطع اليمين) اي: لاجل انه قطعت يساره لا يترك قطع يمينه(بالسرقة) اي: لاجل السرقة التي توجب قطع اليمين.

٢٣٠

بالسرقة.ولو ظنها اليمين، فعلى الحداد الدية.

وهل يسقط قطع اليمين(126) ؟ قال في المبسوط: لا، لتعلق القطع بما قبل ذهابها.

وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أن علياعليه‌السلام ، قال: لا يقطع يمينه وقد قطعت شماله.

وإذا قطع السارق، يستحب حسمه(127) بالزيت المغلي نظرا له، وليس بلازم.

وسراية الحد ليست مضمونة وإن أقيم في حر أو برد، لانه استيفاء سائغ.

الخامس: في اللواحق:

وهي مسائل:

الاولى: يجب على السارق إعادة العين المسروقة وإن تلفت أغرم مثلها، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل(128) .

وإن نقصت، فعليه أرش النقصان.ولو مات صاحبها، دفعت إلى ورثته.فإن لم يكن له وارث فالى الامام.

الثانية: إذا سرق اثنان نصابا، ففي وجوب القطع قولان، قال في النهاية: يجب القطع(129) ، وقال في الخلاف: إذا نقب ثلاثة، فبلغ نصيب كل واحد نصابا، قطعوا.وان كان دون ذلك، فلا قطع، فالتوقف أحوط.

الثالثة: لو سرق ولم يقدر عليه، ثم سرق ثانية، قطع بالاخيرة(130) ، وأغرم المالين.

ولو قامت الحجة بالسرقة، ثم امسكت حتى قطع، ثم شهدت عليه بالاخرى قال في النهاية: قطعت يده بالاولى ورجله بالثانية، إستنادا إلى الرواية.وتوقف بعض الاصحاب فيه، وهو أولى.

الرابعة: قطع السارق موقوف على مطالبة المسروق منه، فلو لم يرافعه(131) لم يرفعه

___________________________________

(126) عند اشتباه الحداد(ذهابها) اي: اليسار، اي: كان الامر بقطع اليمنى قبل أن تقطع اليسار فلا علم بوجوب قطع اليمين حتى بعد قطع اليسار(وفي رواية) يعني: الرواية تؤيد ذلك.

(127) اي: قطع نزيف الدم(نظرا له) اي: إمهالا له لكي لا يستمر نزيف الدم فيموت(ليست مضمونة) فلو سرى الجرح فمات لا ضمان على القاضي او الحداد(سائغ) اي: جائز، اذ يستحب ترك اقامة الحد في شدة الحر وشدة البرد، وليس بواجب.

(128) المثلى كالحنطة والشعير ونحوهما، والقيمي كالمجوهرات، والكتب المخطوطة ونحو ذلك(وارث) حتى المولى المعتق، وضامن الجريرة.

(129) قطع كليهما(فالتوقف) بعدم القطع، اذ الحدود تدرأ بالشبهات.

(130) في المسالك: " ويظهر فائدة القولين لوعفى من حكم بالقطع لاجله "(ثم شهدت) نفس الحجة الاولى(باخرى) اي: سرقة ثانية(اولى) اي: التوقف وعدم القطع من اجله اولى.

(131) اي: لم يرفع الشكوى إلى حاكم الشرع(وان قامت) اي: حتى وان قامت(وهبه) المال(عفا عن القطع) ولم يهب المال(لايسقط) الحد، وان سقط الغرم يهبه المال.

٢٣١

الامام، وان قامت البينة.ولو وهبه المسروق منه، يسقط الحد.وكذا لو عفا عن القطع.فأما بعد المرافعة، فانه لا يسقط بهبة ولا عفو.

فرع:

لو سرق مالا، فملكه قبل المرافعة(132) ، سقط الحد.ولو ملكه بعد المرافعة، لم يسقط.

الخامسة: لو أخرج المال وأعاده إلى الحرز، لم يسقط الحد، لحصول السبب الموجب التام. وفيه تردد، من حيث أن القطع موقوف على المرافعة، فإذا دفعه إلى صاحبه، لم يبق له المطالبة. ولو هتك الحرز جماعة(133) ، وأخرج المال أحدهم، فالقطع عليه خاصة، لانفراده بالسبب الموجب ولو قربه أحدهم، وأخرجه الآخر، فالقطع على المخرج.

وكذا لو وضعها الداخل في وسط النقب وأخرجها الخارج، قال في المبسوط: لا قطع على أحدهما، لان كل واحد لم يخرجه عن كمال الحرز.

السادسة: لو أخرج قدر النصاب دفعة، وجب القطع.ولو أخرجه مرارا(134) ، ففي وجوبه تردد، أصحه وجوب الحد، لانه أخرج نصابا.واشتراط المرة في الاخراج غير معلوم.

السابعة: لو نقب وأخذ النصاب، وأحدث فيه حدثا ينقص به قيمته عن النصاب، ثم أخرجه، مثل إن خرق الثوب أو ذبح الشاة فلا قطع(135) .ولو أخرج نصابا، فنقصت قيمته قبل المرافعة، ثبت القطع.

الثامنة: لو ابتلع داخل الحرز، ما قدره نصاب، كاللؤلؤة فإن كان يتعذر اخراجه(136) ، فهو كالتالف فلا حد.

ولو اتفق خروجها بعد خروجه، فهو ضامن. وإن كان خروجها مما لا يتعذر، بالنظر إلى عادته، قطع لانه يجري مجرى ايداعها في الوعاء.

___________________________________

(132) كما لو سرق زيد من عمرو ثوبه، ثم اشتراه منه، فعلم عمرو بالسرقة فرفع الشكوى إلى الحاكم(بعد المرافعة) كما لو اشتراه منه بعد الشكاية عند الحاكم.

(133) بأن كسر جماعة الباب، ولكن واحدا دخل واخرج المال(النقب) اي: ثقب الحائط.

(134) بأن اخرج كل مرة درهما مثلا حتى بلغ المجموع ربع دينار.

(135) إذ لم يخرج نصابا.

(136) كاللحم والفواكه اكلها داخل الحرز وخرج(في الوعاء) اي: وضعه في ظرف داخل الحرز واخراجه مع الظرف.

الباب السادس: في حد المحارب

المحارب: كل من جرد السلاح لاخافة

٢٣٢

الناس، في بر أو بحر، ليلا كان أو نهارا، في مصر(137) وغيره.

وهل يشترط كونه من أهل الريبة؟ فيه تردد، أصحه انه لايشترط مع العلم بقصد الاخافة.ويستوي في هذا الحكم، الذكر والانثى ان اتفق.

وفي ثبوت هذا الحكم للمجرد(138) مع ضعفه عن الاخافة تردد، أشبهه الثبوت، ويجتزي بقصده، ولا يثبت هذا الحكم للطليع ولا للردء.وتثبت هذه الجناية بالاقرار ولومرة، وبشهادة رجلين عدلين.ولا يقبل شهادة النساء فيه منفردات، ولا مع الرجال.ولو شهد بعض اللصوص على بعض لم يقبل(139) .وكذا شهد المأخوذون بعضهم لبعض.

أما لو قالوا: اعرضوا لنا أو أخذوا هؤلاء، قبل، لانه لا ينشأ من ذلك تهمة تمنع الشهادة.

وحد المحارب: القتل، أو الصلب، أو القطع مخالفا(140) ، أو النفي.وقد تردد فيه الاصحاب، فقال المفيد: بالتخيير.

وقال الشيخ أبو جعفررحمه‌الله : بالترتيب يقتل إن قتل.ولو عفا ولي الدم، قتله الامام.ولوقتل وأخذ المال، استعيد منه(141) ، وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، ثم قتل وصلب.وإن أخذ المال ولم يقتل، قطع مخالفا ونفي.

ولو جرح ولم يأخذ المال، اقتص منه ونفي.ولو اقتصر على شهر السلاح والاخافة، ونفي لا غير.واستند في التفصيل إلى الاحاديث الدالة عليه.وتلك الاحاديث لا تنفك عن ضعف في إسناد، أو

___________________________________

(137) المضر البلد(الريبة) اي السرقة والقتل ونحوهما(ان اتفق) صدور الاخافة عن الانثى.

(138) اي: المجرد عن السلام(بقصده) فإن كان قصد السلب او القتل حكم بأنه محارب(الطليع) هوالذي يترصد المارة ليخبر قطاع الطرق عنهم، وهو لا يخيف احدا مباشرة، ولا يقتل ولا يسلب(والرده) وهو المعين للمحارب في ما يحتاج من اكل وشرب واعطائه السلاح وغير ذلك.

(139) لانهم فساق ويشترط في الشاهد العدالة(وكذا) لاتقبل الشهادة لو شهد افراد القافلة الذين تعرض لهم جميعا اللصوص، فلو شهد بعضهم: ان هؤلاء الذين شهروا السلاح على اولئك وشهد أولئك ان اللصوص شهروا السلاح على هؤلاء، لاتقبل الشهادة للتهمة(عرضوا لنا) اي: شهدوا على مجرد التعرض دون السلب والقتل(او اخذوا هؤلاء) من دون أن يشهد هؤلاء لاولئك.

(140) يقطع الاربع أصابع من يده اليمنى، وقطع رجله اليسرى من المفصل ويترك له العقب يمشي عليها(بالتخيير) يعني: حاكم الشرع مخير بين هذه الاربعة، فمن شاء يقتله، ومن شاء يصلبه ومن شاء يقطعه مخالفا، ومن شاء ينفيه سواء كان المحارب قتل أم لا، جرح أم لا، أخذ مالا أم لا،(ابوجعفر) يعني: الشيخ الطوسي رحمة الله عليه.

(141) اي: استرجع من المحارب ما أخذه من المال.

٢٣٣

إضطراب في متن، أو قصور في دلالة(142) ، فالاولى العمل بالاول تمسكا بظاهر الآية.

وههنا مسائل:

الاولى: اذا قتل المحارب غير طلبا للمال، تحتم قتله فورا إن كان المقتول كفؤا(143) ، ومع عفو الولي حد، سواء كان المقتول كفؤا أو لم يكن.ولو قتل لا طلبا للمال، كان كقاتل العمد وأمره إلى الولي(144) .أما لو جرح طلبا للمال، كان القصاص إلى الولي.ولا يتحتم الاقتصاص في الجرح بتقدير أن يعفو الولي، على الاظهر.

الثانية: إذا تاب قبل القدرة عليه، سقط الحد، ولم يسقط ما يتعلق به من حقوق الناس، كالقتل والجرح والمال.

ولو تاب بعد الظفر به، لم يسقط عنه حد، ولا قصاص ولا غرم.

الثالثة: اللص محارب، فإذا دخل دارا متغلبا(145) ، كان لصاحبها محاربته فإن أدى الدفع إلى قتله، كان دمه هدرا ضائعا لا يضمنه الدافع.ولو جنى اللص عليه ضمن ويجوز الكف عنه.أما لو أراد نفس المدخول عليه، فالواجب الدفع.

ولا يجوز الاستسلام والحال هذه.ولو عجز عن المقاومة وأمكن الهرب، وجب.

الرابعة: يصلب المحارب حيا(146) على القول بالتخيير، ومقتولا على القول الآخر.

الخامسة: لا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام، ثم ينزل ويغسل ويكفن ويصلي عليه ويدفن.ومن لا يصلب الا بعد القتل، لا يفتقر إلى تغسيله، لانه يقدمه أمام القتل(147) .

___________________________________

(142) يعني: بعضها ضعيفة السند، وبعضها لادلة فيه، وبعضها مضطرب نصها(بظاهر الاية) لان ظاهر الاية التخيير من أجل حرف(او).

(143) المسلم الرجل كف‌ء، الرجل المسلم، المرأة المسلمة كف‌ء، المرأة المسلمة، والذمي كف‌ء الذمي(حد) وهو أحد الاربعة القتل او الصلب او القطع مخالفا، او المنفي.

(144) فإن اراد القصاص كان له وان عفى ترك.

(145) اي: بالقهر والغلبة(اللص عليه) اي: على من في الدار(ويجوز الكف عنه) اي: ترك اللص وعدم طرده(نفس المدخول عليه) اي: اراد قتله(الاستسلام) للقتل ظلما.

(146) بأن يشد على خشبة ويترك حتى يموت، وان لم يمت إلى ثلاثة ايام قتل وهو على الخشبة - كما في المسالك -(الاخر) وهو قول الشيخ الطوسي الذي مر من أن المحارب اذا قتل وأخذ المال قطع مخالفا ثم قتل ثم صلب.

(147) اي: يؤمر فيغتسل هو قبل القتل.

٢٣٤

السادسة،: ينفى المحارب عن بلده، ويكتب إلى كل بلد يأوي اليه بالمنع من مواكلته ومشاربته ومجالسته ومبايعته(148) .ولو قصد بلاد الشرك منع منها.ولو مكنوه من دخولها، قوتلوا حتى يخرجوه.

السابعة: لا يعتبر في قطع المحارب أخذ النصاب(149) ، وفي الخلاف يعتبر.

ولا انتزاعه من حرز وعلى ما قلناه من التخيير، لا فائدة في هذا البحث، ولانه يجوز قطعه، وإن لم يأخذ مالا، وكيفية قطعه أن يقطع يمناه(150) ثم يحسم، ثم يقطع رجله اليسرى وتحسم.ولو لم تحسم في الموضعين جاز. ولو فقد أحد العضوين، اقتصرنا على قطع الموجود.ولم ينتقل إلى غيره.

الثامنة: لا يقطع المستلب(151) ، ولا المختلس، ولا المحتال على الاموال بالتزوير والرسائل الكاذبة، بل يستعاد منه المال ويعزر.

وكذا المبنج، ومن سقى غيره مرقدا، لكن إن جنى ذلك شيئا ضمن الجناية.

___________________________________

(148) اي: الاكل والشرب معه على مائدة واحدة، وأن يباع له شئ(منع منها) اي: لايسمح له بالفرار لها(ولو مكنوه) اي: المشركون.

(149) فلو أخذ اقل من ربع دينار قطع من خلاف ايضا(من حرز) اي: وكذا لا يعتبر ان يكون قد أخذ المال من حرز.

(150) كما في السرقة اصابعه الاربع(الحسم) اي: يقطع عنه نزيف الدم(ولم ينتقل) فلو لم تكن له يد يمنى لاتقطع يده اليسرى، ولولم تكن له قدم يسرى لاتقطع قدمه اليمنى.

(151) وهو الذي يأخذ المال او المتاع من عند صاحبه ويهرب(والمختلس) هو الذي يغفل صاحب المال فيأخذ المال(بالتزوير) بأن يقول: فلان بعثني لاخذ منك ألف دينار، ثم يتبين كذبه(والرسائل الكاذبة) بأن يكتب بخط يشبه خط المولى إلى عبده ان اعط لزيد كذا، ثم يظهر كذبه(ويعزر) وفي بعض هذه الموارد جاء عن عليعليه‌السلام انه عزره وحبسه(المبنج) وهو الذي يسقي البنج لغيره ثم يأخذ امواله(مرقدا) اي: دواء منوما(جنى) بأن صار البنج او المرقد، او غيرهما سببا لمرض او نحوه.

القسم الثاني من كتاب الحدود الباب الاول: في المرتد

وهو: الذي يكفر بعد الاسلام، وله قسمان.

القسم الاول: من ولد على الاسلام:

وهذا لا يقبل إسلامه لو رجع، ويتحتم قتله، وتبين منه زوجته(152) ، وتعتد منه عدة الوفاة، وتقسم أمواله بين ورثته، وإن التحق بدار

___________________________________

(152) اي: بدون طلاق تكون كالمطلقة طلاقا بائنا لا رجعة فيه،(عدة الوفاة) اربعة اشهر وعشرة أيام، وبعدها تتزوج بمن شاء‌ت هي باختيارها(وان التحق) اي: حتى اذا لم يقتله حاكم الشرع وراح إلى بلاد الكفار الحربيين(او اعتصم) اي: تمسك(يحول) كالفرار، او اللجوء إلى دولة لايمكن استرجاعه منها، ونحو ذلك.

٢٣٥

الحرب أو اعتصم بما يحول بين الامام وبين قتله.

ويشترط في الارتداد: البلوغ، وكمال العقل، والاختيار.فلو أكره، كان نطقة بالكفر لغوا(153) .

ولو ادعى الاكراه، مع وجود الامارة، قبل.ولا تقتل المرأة بالردة، بل تحبس دائما، وان كانت مولودة على الفطرة، وتضرب أوقات الصلوات.

القسم الثاني: من أسلم عن كفر

ثم ارتد فهذا يستتاب(154) ، فإن امتنع قتل.

واستتابته واجبة، وكم يستتاب؟ قيل: ثلاثة أيام، وقيل: القدر الذي يمكن معه الرجوع، والاول مروي وهو حسن لما فيه من التأني لازالة عذره.

ولا يزول عنه أملاكه، بل تكون باقية عليه، وينفسخ العقد بينه وبين زوجته(155) ، ويقف نكاحها على إنقضاء العدة، وهي كعدة المطلقة.وتقضى من أمواله ديونه، وما عليه من الحقوق الواجبة، ويؤدى منه نفقة الاقارب(156) مادام حيا.وبعد قتله تقضى ديونه، وما عليه من الحقوق الواجبة، دون نفقة الاقارب.ولو قتل أو مات، كانت تركته لورثته المسلمين.فإن لم يكن له وارث مسلم(157) ، فهو للامامعليه‌السلام .وولده بحكم المسلم، فإن بلغ مسلما فلابحث.

فإن اختار الكفر بعد بلوغه، استتيب، فإن تاب وإلا قتل.ولو قتله قاتل قبل وصفه بالكفر(158) ، قتل به، سواء قتله قبل بلوغه أو بعده.

___________________________________

(153) كما كان من عمار بن ياسر - رضوان الله عليه وعلى ابويه -(الامارة) كما لو كان ضعيفا والكفار أقوياء مثلا(بالردة) اي: بالارتداد عن الاسلام(دائما) اذا لم تتب.

(154) اي: ينصح ويؤمر بالتوبة(عذره) من شبهة ونحوها.

(155) فتكون زوجته كالمطلقة الرجعية(انقضاء العدة) فإن انقضت عدتها - ثلاثة قروء - ولم يتب الزوج بانت منه، وإن تاب في اثناء العدة فهو زوجها بدون عقد.

(156) الذي يجب عليه الانفاق عليهم كالابوين، والاولاد، ونحوهم(مادام حيا) لان المال ماله.

(157) حتى مولى معتقا، وضامن جريرة، مسلمين.

(158) اي: قبل أن يبلغ الولد ويختار الكفر، سواء اظهر الاسلام، ام لم يظهر بعد شيئا.

٢٣٦

ولو ولد بعد الردة(159) ، وكانت امه مسلمة، كان حكمه كالاول.وإن كانت مرتدة، والحمل بعد إرتدادهما كان بحكمهما، لا يقتل المسلم بقتله.

وهل يجوز إسترقاقه؟ تردد الشيخ: فتارة يجيزه لانه كافر بين كافرين، وتارة يمنع لان أباه لا يسترق لتحرمه بالاسلام.

وكذا الولد، وهذا أولى.

ويحجر الحاكم على أمواله، لئلا يتصرف فيها بالاتلاف، فإن عاد(160) فهو أحق بها، وإن التحق بدار الكفر، بقيت على الاحتفاظ، ويباع منها ما يكون له الغبطة في بيعه كالحيوان.

مسائل من هذا الباب:

الاولى: إذا تكرر الارتداد(161) ، قال الشيخ: يقتل في الرابعة، وقال: وروى اصحابنا: يقتل في الثالثة ايضا.

الثانية: الكافر إذا اكره على الاسلام(162) ، فإن كان ممن يقر على دينه، لم يحكم باسلامه.وان كان ممن لا يقر، حكم به.

الثالثة: اذا صلى بعد إرتداده، لم يحكم بعوده(163) ، سواء فعل ذلك في دار الحرب أو دار الاسلام.

الرابعة: قال الشيخرحمه‌الله في المبسوط: السكران يحكم باسلامه

___________________________________

(159) اي: بعد ارتداد ابيه(كالاول) كالمرتد الفطري، فلو بلغ هنا الولد فارتد قتل بدون استتابة، لان كل من ولد وأحد ابويه مسلم كان بحكم المسلم، وإرتداده ارتداد فطرة(كانت) امه ايضا(مرتدة)(بحكمهما) اي: كان هذا المولود كافرا شرعا(بقتله) اي: لو قتل مسلم هذا الحمل لايقتل به، لعدم الكف‌ء، اذا الحمل محكوم بالكفر(لتحرمه) اي: لاحترامه بسابق اسلامه.

(160) اي الاسلام(بقيت) إلى ان تنتهي عدة زوجته(الغبطة) اي: المصلحة(كالحيوان) مثل الخيل والبغال والحمير فإن بقاء‌ها موجب لصرف الطعام والشراب عليها.

(161) من الكافي الملي، ثم تاب، ثم ارتد، ثم تاب وهكذا(ايضا) يعني: رواية في الرابعة ورواية اخرى في الثالثة.

(162) من قبل بعض من لا يعرفون الاسلام، اذ لا اكراه في الدين، فإن الاسلام لايجبر الناس على الاسلام(يقر على دينه) كاليهود، النصاري، والمجوس الذين هم اهل الكتاب(لم يحكم باسلامه) لان المكره عليه لايثبت(لا يقر) كالمشركين والملحدين على المعروف بين الفقهاء(حكم به) بالاسلام، اذ الدين الذي لايقر عليه يجوز الاكراه على تركه - كما قالوا - وفيه كلام تفصيله في المطولات.

(163) إلى الاسلام وفي المسالك: " لامكان فعلها تقية او إرائة " وقد يكون الارتداد لاجل انكار غير الصلاة من ضروريات الاسلام مع الالتفات إلى ضروريته كحرمة الخمر(سواء) هذا مقابل بعض من فصلوا فحكموا بالاسلام اذا صلى في دار الحرب.

٢٣٧

وارتداده(164) .وهذا يشكل مع اليقين بزوال تميزه، وقد رجع في الخلاف.

الخامسة: كل ما يتلفه المرتد على المسلم(165) ، يضمنه في دار الحرب أو دار الاسلام، حالة الحرب وبعد انقضائها، وليس كذلك الحربي.وربما حظر اللزوم في الموضعين، لتساويهما في سبب الغرم.

السادسة: اذا جن(166) بعد ردته لم يقتل، لان قتله مشروط بالامتناع عن التوبة، ولا حكم لامتناع المجنون.

السابعة: اذا تزوج المرتد لم يصح، سواء تزوج بمسلمة أو كافرة، لتحرمه بالاسلام المانع من التمسك بعقدة الكافرة(167) ، واتصافه بالكفر المانع من نكاح المسلمة.

الثامنة: لو زوج بنته المسلمة(168) لم يصح، لقصور ولايته عن التسلط على المسلم.ولو زوج امته، ففى صحة نكاحها تردد، أشبهه الجواز.

التاسعة: كلمة الاسلام: ان يقول: اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

وإن قال مع ذلك: وأبرأ من كل دين غير الاسلام كان تأكيدا، ويكفي الاقتصار على الاول.

ولو كان مقرا بالله سبحانه وبالنبى صلى الله عليه وآله، جاحدا عموم نبوته أو وجوده، احتاج إلى زيادة تدل على رجوعه عما جحده(169) .

تتمة: فيها مسائل:

الاولى: الذمي اذا نقض العهد، ولحق بدار الحرب، فأمان أمواله باق(170) .فإن مات، ورثه وارثه الذمي والحربي.

وإذا انتقل الميراث إلى الحربي، زال الامان عنه.وأما

___________________________________

(164) فلو أسلم الكافر حال سكرة قبل منه، وكذا لو ارتد المسلم حال سكره حسب مرتدا(تميزه) اي: تعقله وفهمه.

(165) اي: من مال المسلم(في دار الحرب) اي بلاد الكفار الحربيين(الحربي) لانه لازمة له حتى يضمن، فإذا اسلم فالاسلام يجب ماقبله(حظى) اي منع(الزم) للضمان(الموضعين) المرتد والحرين جميعا.

(166) ظاهر السياق ان المراد به المرتد الملي فإنه الذي يستتاب.

(167) لقوله تعالى( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) .

(168) اي: الصغيرة غير البالغة، أما البالغة فامرها بيد نفسها - على تفصيل وخلاف -.

(169) وكذا لو كان ارتداده بسبب انكار بعض الضروريات مع الالتفات إلى كونه ضروريا.

(170) يعني: أمواله آمنة ولا تصير بذلك مثل اموال الحربي(زال الامان عنه) لان مال الحربي حلال حكمه حكم المباحات الاصلية(الاصاغر) غير البالغين(على الذمة) فدمهم، ومالهم، وعرضهم محترم(الانصراف) اي الذهاب إلى بلاد الكفر، لان الكافر الذمي اذا لم يؤد الجزية صار حربيا.

٢٣٨

الاولاد الاصاغر، فهم باقون على الذمة.ومع بلوغهم، يخيرون بين عقد الذمة لهم بأداء الجزية، وبين الانصراف إلى مأمنهم.

الثانية: إذا قتل المرتد مسلما عمدا، فللولى قتله قودا(171) ، ويسقط قتل الردة ولو عفا الولي، قتل بالردة.

ولو قتل خطأ، كانت الدية في ماله مخففة مؤجلة، لانه لا عاقلة له على تردد(172) .

ولو قتل أو مات حلت كما تحل الاموال المؤجلة.

الثالثة: إذا تاب المرتد، فقتله من يعتقد بقاء‌ه على الردة، قال الشيخ: يثبت القود(173) ، لتحقق قتل المسلم ظلما، ولان الظاهر إنه لا يطلق الارتداد بعد توبته، وفي القصاص تردد، لعدم القصد إلى قتل المسلم.

___________________________________

(171) اي: قصاصا(قتل الردة) اي: من أجل الارتداد لان الله تعالى قدم حقوق الناس على حقه - في بعض الموارد -(ولو قتل خطأ) في قتل الخطأ الدية تكون بذمة عاقلة القاتل، وهم اقرباؤه من جهة ابيه، دون اقربائه من جهة امه فقط، كالاخ من الام، والخال ونحوهما.

أما المرتد الذي اقر بأنه اقرباء‌ه مسلمون فلا تتحمل العاقلة المسلمة عنه الدية(مخففة) من جهة أعمار الابل المئة التي يؤديها ففي رواية: عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون، وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة، وفي رواية اخرى: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة(مؤجلة) تستأدى منه في ثلاث سنوات، كما سيأتي في اوائل كتاب الديات قول المصنف ره " فهي مخففة في السن والصفة والاستيفاء ".

وذلك لان دية العمد تستأدى في سنة واحدة، ودية شبيه العمد تستأدى في سنتين.

(172) وجه التردد: أنه كافر فلا يعقله مسلم، وانه محترم بالاسلام، ولم يزل اثر الاسلام عنه كلية وميراثه للمسلم فيكون عقله ايضا على المسلم(حلت) اي: صارت الدية حالة لاينتظر بها ثلاث سنوات بل تؤدى فورا.

(173) اي: القصاص(لعدم القصد) فهو شبيه العمد يثبت الدية في مال القاتل وتستادى في سنتين.

الباب الثاني: في اتيان البهائم(174)

ووطئ الاموات، وما يتبعه.

اذا وطأ البالغ العاقل، بهيمة مأكولة اللحم، كالشاة والبقرة، تعلق بوطئها أحكام تعزير الواطئ، اغرامه ثمنها(175) ان لم تكن له، وتحريم الموطوء‌ة، ووجوب ذبحها وإحراقها.

أما التعزير فتقديره إلى الامام، وفي رواية يضرب خمسة وعشرين سوطا، وفي أخرى الحد(176) ، وفي أخري يقتل، والمشهور الاول.

___________________________________

(174) اي: وطء الحيوانات.

(175) اي: تعلق قيمتها بذمته يؤديها إلى مالك البهيمة(وتحريم) أكلها.

(176) اي: حد الزاني مئة سوط(ونسلها) المتولد بعد الوطء لاقبله، وكذلك بيضها في مثل الطيور(تلقيا) من الشارع، يعني تعبد شرعي.

٢٣٩

أما التحريم: فيتناول لحمها ولبنها ونسلها، تبعا لتحريمها، والذبح إما تلقيا أو لما لا يؤمن من شياع نسلها وتعذر اجتنابه، واحراقها لئلا تشتبه بعد ذبحها بالمحللة.

وإن كان الامر الاهم فيها(177) ، ظهرها لالحمها، كالخيل والبغال والحمير لم تذبح.

وأغرم الواطئ ثمنها لصاحبها، وأخرجت من بلد الواقعة، وبيعت في غيره إما عبادة لا لعلة مفهومة لنا، أو لئلا يعير بها صاحبها.وما الذي يصنع في ثمنها؟ قال بعض الاصحاب يتصدق به، ولم أعرف المستند.

وقال الآخرون يعاد على المغترم.

وإن كان الواطئ هو المالك دفع اليه، وهو أشبه.

ويثبت هذا: بشهادة رجلين عدلين، ولا يثبت بشهادة النساء.إنفردن أو انضممن(178) .وبالاقرار ولو مرة إن كانت الدابة له وإلا(179) ثبت التعزير حسب وإن تكرر الاقرار.

وقيل: لا يثبت الا بالاقرار مرتين، وهو غلط.ولو تكرر مع تخلل التعزير ثلاثا، قتل في الرابعة.ووطء الميتة من بنات آدم، كوطء الحية في تعلق الاثم والحد، واعتبار الاحصان وعدمه(180) .وهنا الجناية أفحش.

فيغلظ العقوبة زيادة عن الحد، بما يراه الامام ولو كانت زوجته، اقتصر في التأديب على التعزير وسقط الحد بالشبهة.

وفي عدد الحجة على ثبوته، خلاف.

قال بعض الاصحاب: يثبت بشاهدين، لانه شهادة على فعل واحد، بخلاف الزنا بالحية(181) .

وقال بعض الاصحاب لا يثبت الا بأربعة، لانه زنا، ولان شهادة الواحد قذف فلا يندفع الحد الا بتكملة الاربعة، وهو أشبه.

أما الاقرار فتابع للشهادة فمن أعتبر في الشهود أربعة، اعتبر في الاقرار

___________________________________

(177) في البهيمة الموطوء‌ة(الواقعة) اي: البلد الذي حدث الوطء فيه(عبادة) اي: لاجل تعبد شرعي(المستند) اي: دليل التصدق(المغترم) الذي البهيمة له، وان كانت البهيمة للواطئ لم يؤخذ منه شئ، وهذه الاحكام تعم الذكر من البهائم والانثى في القبل والدبر، سواء كان الواطئ بالغا عاقلا، أم صبيا أو مجنونا مختارا او مكرها للاطلاقات الا التعزير فإنه خاص بالبالغ العاقل المختار.

(178) فلا تقبل شهادة رجل وامرأتين.

(179) بأن كانت الدابة لغير الواطئ، فلا تثبت في مال الغير هذه الاحكام باقرار الواطئ وان اقر عشر مرات(لايثبت) حتى التعزير(ولو تكرر) الوطء.

(180) فإن كان الواطئ محصنا فالرجم، وان كان غير محصن فالجلد مئة سوط(بما يراه الامام) فمثلا يضربه مئة وعشرة سياط، او يضربه سياطا ثم يرجمه(زوجته) اي: الميتة كانت زوجة للواطئ.

(181) فإنه شهادة على فعل اثنين.

٢٤٠