شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء ٤

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام0%

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

مؤلف: المحقق الحلي
تصنيف:

الصفحات: 333
المشاهدات: 52129
تحميل: 6604


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52129 / تحميل: 6604
الحجم الحجم الحجم
شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء 4

مؤلف:
العربية

أسلم قبل الاسترقاق، لم يكن لهم الا قتله، كما لو قتل وهو مسلم. ولو قتل الكافر كافرا وأسلم القاتل، لم يقتل به، والزم الدية ان كان المقتول ذا(97) دية.ويقتل ولد الرشدة(98) بولد الزانية لتساويهما في الاسلام.

مسائل من لواحق هذا الباب:

الاولى: لو قطع مسلم يد ذمي عمدا، فأسلم وسرت إلى نفسه(99) فلا قصاص ولا قود.وكذا لو قطع يد عبد، ثم أعتق وسرت، لان التكافؤ ليس بحاصل وقت الجناية.وكذا الصبي لو قطع يد بالغ، ثم بلغ وسرت جنايته، لم يقطع لان الجناية لم تكن موجبة للقصاص حال حصولها وتثبت دية النفس، لان الجناية وقعت مضمونة وكان الاعتبار بارشها حين الاستقرار.

الثانية: لو قطع يد حربي أو يد مرتد، فأسلم ثم سرت، فلا قود ولا دية، لان الجناية لم تكن مضمونة(100) فلم يضمن سرايتها.ولو رمى ذميا بسهم فأسلم، ثم اصابه فمات، فلا قود وفيه الدية(101) .وكذا لو رمى عبدا فاعتق، وأصابه فمات، أو رمى حربيا أو مرتدا، فأصابه بعد إسلامه فلا قود، وتثبت الدية لان الاصابة صادفت مسلما محقون الدم.

الثالثة: اذا قطع المسلم يد مثله، فسرت مرتدا(102) ، سقط القصاص في النفس، ولا يسقط القصاص في اليد الان الجناية به حصلت موجبة للقصاص فلم تسقط باعتراض الارتداد.ويستوفي القصاص فيها وليه المسلم، فإن لم يكن استوفاه الامام.

وقال في المبسوط: الذي يقتضيه مذهبنا، أنه لا قود ولا دية، لان

___________________________________

(97) وهو الذمي، اما غير الذمي فلا دية كما مر عند رقم - 93 -.

(98) وهي التي وطئت وطأ صحيحا، فلو قتل ابن الحلال ابن زنا عمدا، قتل قصاصا للتكافؤ في الاسلام بينهما.

(99) اي: مات(فلا قصاص) يعني: لاتقطع يد المسلم(ولا قود) اي: لايقتل المسلم وانما تؤخذ من المسلم الدية، ويعزر لفعله الحرام(دية النفس) الف دينار ان كان رجلا مسلما، وخمسمائة ان كانت امرأة مسلمة، وفي الذمي والذمية كما مر عند رقم(93).

(100) لان دمهما هدر، هذا في المرتد الفطري مطلقا او الملي اذا لم يتب.

(101) دية المسلم الف دينار(وكذا) تثبت دية الحر.

(102) اي: ارتد ثم مات(الجناية به) اي: بقطع اليد(باعتراض) اي: عروض وحدوث(فإن لم يكن) له ولي مسلم(الامام) لانه ولي من لاولي له(الطرف) اي: العضو.

٢٦١

قصاص الطرف وديته، يتداخلان في قصاص النفس وديتها، والنفس ههنا ليست مضمونة.وهو يشكل، بما أنه لا يلزم من دخول الطرف في قصاص النفس، سقوط ما يثبت من قصاص الطرف، لمانع يمنع من القصاص في النفس(103) أما لو عاد إلى الاسلام، فإن كان قبل أن يحصل سرايته، ثبت القصاص في النفس.وإن حصلت سراية وهو مرتد، ثم عاد وتمت السراية حتى صارت نفسا، ففي القصاص تردد، أشبهه ثبوت القصاص، لان الاعتبار في الجناية المضمونة بحال الاستقرار، وقيل: لا قصاص، لان وجوبه مستند إلى الجناية وكل السراية، وهذه بعضها هدر، لانه حصل في حال الردة.ولو كانت الجناية خطأ(104) تثبت الدية، لان الجناية صادفت محقون الدم، وكانت مضمونة في الاصل.

الرابعة: اذا قتل مرتد ذميا، ففي قتله تردد، منشأه تحرم المرتد بالاسلام.

ويقوى أنه يقتل، للتساوي في الكفر، كما يقتل النصراني باليهودي، لان الكفر كالملة الواحدة.

اما لو رجع(105) إلى الاسلام فلا قود وعليه دية الذمي.

الخامسة: لو جرح مسلم نصرانيا، ثم ارتد الجارح وسرت الجراحة، فلا قود لعدم التساوي حال الجناية، وعليه دية النصراني.

السادسة: لو قتل ذمي مرتدا قتل به، لانه محقون الدم بالنسبة إلى الذمي.أما لو قتله مسلم، فلا قود قطعا، وفي الدية تردد(106) ، والاقرب انه لا دية.ولو وجب على مسلم قصاص، فقتله غير الولي كان عليه القود(107) .

ولو وجب قتله بزنا أو لواط، فقتله غير الامام، لم يكن عليه قود ولا دية، لان عليا عليه الصلاة والسلام قال لرجل قتل رجلا وادعى انه وجده مع امرأته: عليك القود الا ان تأتي ببينة.

الشرط الثالث: ان لا يكون القاتل أبا فلو قتل ولده لم يقتل به، وعليه الكفارة(108) والدية والتعزير.وكذا لو قتله أب الاب وان علا.ويقتل الولد بأبيه.وكذا الام تقتل به ويقتل بها.

وكذا

___________________________________

(103) يعني: دخول الطرف في النفس انما هو فيما ثبت القصاص في النفس، أما اذا كان مانع عن ثبوت القصاص في النفس فلا دليل على سقوط قصاص الطرف وحده.

(104) يعني: قطع المسلم يد مسلم ثم ارتد فسرت الجناية ومات.

(105) اي: القاتل المرتد.

(106) من جهة انه مهدور الدم، ومن جهة انه ليس لغير الامام قتله.

(107) كما لو قتل زيد عمرا ظلما عمدا، فلولي عمرو قتل زيد، فإن قتل بكر زيدا كان لورثة زيد قتل بكر(ببينة) مع أن قتل الزاني او اللائط فيما يجب قتلهما بيد الامام.

(108) عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا(والدية) ألف دينار في الذكر المسلم الحر، وخمسمائة في الانثى المسلمة الحرة، وفي غيرهما كما عين في كتاب الديات(والتعزير) لانه فعل حراما(وكذا الام) فلو قتلت ام ابنها عمدا ظلما جاز لورثة المقتول قتلها قصاصا(من الطرفين) الاب والام.

٢٦٢

الاقارب كالاجداد والجدات من قبلها، والاخوة من الطرفين، والاعمام والعمات والاخوال والخالات.

فروع:

الاول لو ادعى اثنان ولدا مجهولا، فإن قتله أحدهما قبل القرعة(109) فلا قود لتحقق الاحتمال في طرف القاتل.

ولو قتلاه، فالاحتمال بالنسبة إلى كل واحد منهما باق.وربما حظر الاستناد إلى القرعة، وهو تهجم على الدم، والاقرب الاول.ولو ادعياه ثم رجع(110) أحدهما وقتلاه، توجه القصاص على الراجع بعد رد ما يفضل عن جنايته، وكان على الاب نصف الدية، وعلى كل واحد كفارة القتل بانفراده.ولو ولد مولود على فراش مدعيين له(111) ، كالامة أو الموطوء‌ة بالشبهة في الطهر الواحد، فقتلاه قبل القرعة، لم يقتلا به لتحقق الاحتمال بالنسبة إلى كل واحد منهما.

ولو رجع أحدهما، ثم قتلاه لم يقتل الراجع.والفرق(112) ان البنوة هنا تثبت بالفراش لا بمجرد الدعوى، وفي الفرق تردد.ولو قتل الرجل زوجته، هل يثبت القصاص لولدها منه؟ قيل: لا، لانه لا يملك أن يقتص من والده.

ولو قيل: يملك هنا أمكن(113) ، إقتصارا بالمنع على مورد النص.وكذا البحث لو قذفها الزوج، ولا وارث إلا ولده منها.أما لو كان لها ولد من غيره، فله القصاص بعد رد نصيب ولده من الدية(114) ، وله استيفاء الحد

___________________________________

(109) لان بالقرعة يتعين ايهما اب، وايهما أجنبي - شرعا -(ليتحقق الاحتمال) بكونه ابا للمقتول(حظر) اي: منع بأن يقتل القاتل لاصالة عدم كونه أبا(تهجم) وقد امرنا بدرء الحدود فيما لاعلم وهذا منه(الاول) وهو عدم قتله.

(110) اي: انكر ابوته(يفضل) فلو كان المقتول رجلا مسلما رد اليه خمسمئة دينار - في غير الاشهر الحرم - وان كانت امرأة مسلمة رد اليه سبعمئة وخمسين دينارا، وهكذا.

(كفارة القتل) العمدي ظلما، عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، واطعام ستين مسكينا كفارة الجمع.

(111) بأن كان وطء كل منهما شرعا موجبا للحوق الولد به(كالامة) التي وطأها مولاها، ووطأها رجل آخر بالشبهة،(او الموطوء‌ة) التي لها زوج يطأها، ووطأها رجل آخر بالشبهة(في الطهر الواحد) الظاهر ان هذا ليس قيدا، اذ لو وطئت في طهرين، فاتت بولد لاكثر من ستة اشهر واقل من عشرة اشهر - على المشهور - من الوطئين اشتبه الاب بينهما(لتحقق الاحتمال) اي: احتمال الابوة.

(112) بين هذا الفرع والفرع السابق عند رقم(110).

(113) صحة هذا القيل(مورد النص) وهو قتل الوالد لو قتل ولده(قذفها الزوج) اي: نسبها إلى الزنا، او نفى ولدها، فماتت الزوجة.

(114) لان دية الرجل ألف، ودية المرأة خمسمائة، فإذا قتله قصاصا فعليه ان يرد عليه خمسمئة وهذه الخمسمائة تعطى لولده(كاملا) لان لكل واحد من الورثة المطالبة بكامل الحد، بخلاف حق القصاص فإنه يوزع على الورثة بنسبتهم.

٢٦٣

كاملا.ولو قتل أحد الولدين أباه، ثم الآخر امه، فلكل منهما على الآخر القود(115) .فإن تشاحا في الاقتصاص، اقرع بينهما، وقدم في الاستيفاء من أخرجته القرعة.ولو بدر احدهما فاقتص، كان لورثة الآخر الاقتصاص منه.

الشرط الرابع: كمال العقل فلا يقتل المجنون، سواء قتل مجنونا أو عاقلا، وتثبت الدية على عاقلته(116) .

وكذا الصبي لا يقتل بصبي ولا ببالغ.أما لو قتل العاقل ثم جن، لم يسقط عنه القود.

وفي رواية يقتص من الصبي، اذا بلغ عشرا(117) وفي اخرى اذا بلغ خمسة أشبار، ويقام عليه الحدود.

والوجه أن عمد الصبي خطأ محض، يلزم أرشه العاقلة حتى يبلغ خمس عشرة سنة.

فرع: لو اختلف الولي(118) والجاني بعد بلوغه أو بعد افاقته، فقال: قتلت وأنت بالغ أو أنت عاقل فأنكر، فالقول قول الجاني مع يمينه، لان الاحتمال متحقق فلا يثبت معه القصاص، وتثبت الدية على العاقلة.

ولو قتل البالغ الصبي(119) ، قتل به على الاصح.

ولا يقتل العاقل بالمجنون(120) ، وتثبت الدية على القاتل إن كان عمدا أو شبيها بالعمد.

وعلى العاقلة إن كان خطأ محضا.

ولو قصد القاتل دفعه كان هدرا.

وفي رواية: ديته في بيت المال.

وفي ثبوت القود على السكران تردد، والثبوت أشبه، لانه كالصاحي في تعلق الاحكام.

أما من بنج نفسه أو شرب مرقدا(121) لا لعذر، فقد الحقه الشيخرحمه‌الله

___________________________________

(115) اي: القتل قصاصا(تشاحا) اي: اراد كل واحد منهما السبقة بقتل الاخر.

(116) وهم أقرباؤه لابيه سواء كانوا لامه ايضا كالاخوة من الابوين، ام لا كالاعمام، وذلك: لان المجنون والصبي عمدهما خطأ تحمله العاقلة.

(117) اي: قتل وعمره عشر سنين او اكثر(خمسة اشبار) اي: بلغ طوله(والوجه) الصحيح(خمس عشرة سنة) لاأقل حتى ولو بلغ عشرا، او طوله خمسة أشبار، هذا إذا لم يبلغ بالانبات او الاحتلام قبل ذلك، وفي غير الانثى التي تبلغ بعشر سنين.

(118) اي: ولي المقتول(والجاني) الذي كان صبيا فبلغ، او مجنونا فافاق(الاحتمال) الذي هو شبهة تدرأ الحدود لاجلها(على القاتل) وفي بعض النسخ(على العاقلة) وفي بعض النسخ ومنها نسخة المسالك والجواهر اللتان عندي عدم ذكر القاتل ولا العاقلة، لكن في الجواهر في شرح العبارة: " في مالهما - اي الصبي والمجنون - للاعتراف بالقتل الذي يمضي في حقهما دون العاقلة " والتفصيل في المفصلات.

(119) اي: كان القاتل بالغا، والمقتول صبيا(على الاصح) ومقابله قول شاذ بعدم القصاص.

(120) بأن كان القاتل عاقلا والمقتول مجنونا(دفعه) بأن هجم المجنون على العاقل فاراد العاقل دفع المجنون فقتل المجنون(هدرا) لا دية ايضا.

(121) اي: دواء موجبا للنوم: وقتل في حالة البنج او النوم شخصا(الحقه الشيخ) فعليهما القصاص(وفيه تردد) لعدم العمد لهما وإلحاقهما بالسكران قياس.

٢٦٤

بالسكران، وفيه تردد.ولا قود على النائم، لعدم القصد وكونه معذورا في سببه(122) ، وعليه الدية.وفي الاعمى تردد، أظهره انه كالمبصر في توجه القصاص بعمده.

وفي رواية الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : إن جنايته خطأ تلزم العاقلة.

الشرط الخامس: أن يكون المقتول محقون الدم احترازا من المرتد بالنظر إلى المسلم، فإن المسلم لو قتله لم يثبت القود(123) .

وكذا كل من أباح الشرع قتله، ومثله من هلك بسراية القصاص أو الحد.

الفصل الثالث: في دعوى القتل(124) وما يثبت به.

ويشترط في المدعي: البلوغ.

والرشد حالة الدعوى دون وقت الجناية(125) ، إذ قد يتحقق صحة الدعوى بالسماع المتواتر.

وأن يدعي على من يصح منه مباشرة الجناية.فلو ادعى على غائب، لم يقبل.وكذا لو ادعى على جماعة، يتعذر اجتماعهم على قتل الواحد، كأهل البلد، وتقبل دعواه لو رجع إلى الممكن(126) .ولو حرر الدعوى، بتعيين القاتل وصفة القتل ونوعه، سمعت دعواه.وهل تسمع منه مقتصرا على مطلق القتل؟ فيه تردد، أشبهه القبول.

ولو قال، قتله أحد هذين سمعت، إذ لا ضرر في احلافهما.

ولو أقام بينة(127) ، سمعت لاثبت اللوث إن خص الوارث احدهما.

___________________________________

(122) لان سبب النوم ليس بيد النائم، اذ النوم يملك الانسان بدون اختياره.

(123) وان أثم بعدم الاستئذان ممن له الاذن(قتله) كالحربي والزاني المحصن، واللائط، والزاني باكراه للزانية، والزاني بمحارمه ونحو ذلك(بسراية القصاص) بأن اقتص منه في بعض اعضائه، كما لو قطع زيد رجل عمرو، ثم قطع عمرو رجل زيد قصاصا فسرى الجرح ومات زيد، فلا قود وان لم يمت عمرو، وكذا من اجرى عليه الحد من جلد او قطع يد او رجل او غيرها فسرى ومات.

(124) اي ادعاء شخص القتل على شخص آخر.

(125) فلو قتل عمرو ولزيد خمس سنوات، ثم ادعى زيد بعد عشرين سنة أن القاتل بكر كانت دعوى، اذ لعله بلغه ذلك بالتواتر، او بالخبر المحفوف بقرائن تورث القطع له.

(126) اي: كان إدعاؤه بشكل يمكن مثلا ادعى ان الغائب قتله بسم بعثه اليه، او ادعى ان أحد اهل البلد قتله في مشهد من اهل البلد(ولو حرر) اي: ذكر(بتعيين القاتل) مثلا زيد المعين(وصفة القتل) انه بالمباشرة او بالتسبيب، بأية آلة(ونوعه) من عمد، او شبه عمد، او خطأ محض(مطلق القتل) مثلا قال: زيد قتل عمرا(احلافهما) اذا انكرا القتل.

(127) على أن القاتل أحد هذين(اللوث) وهو التهمة والامارة التي يظن معها بصدق المدعي وسيأتي تفصيل بحث اللوث بعد قليل في " القسامة "(احدهما) اي: اتهم الوارث احدهما بالخصوص بالقتل.

٢٦٥

مسائل: الاولى: لو ادعى(128) أنه قتل مع جماعة لا يعرف عددهم، سمعت دعواه ولا يقضى بالقود، ولا بالدية، لعدم العلم بحصة المدعى عليه من الجناية، ويقضى بالصلح حقنا للدم.

الثانية: إذا ادعى القتل، ولم يبين عمدا أو خطأ، الاقرب أنها تسمع ويستفصلها(129) القاضي، وليس ذلك تلقينا بل تحقيقا للدعوى.ولو لم يبين، قيل: طرحت دعواه وسقطت البينة بذلك، إذ لا يمكن الحكم بها، وفيه تردد.

الثالثة: لو ادعى على شخص القتل منفردا، ثم ادعى على آخر(130) لم تسمع الثانية برأ الاول أو شركه، لاكذابه نفسه بالدعوى الاولى، وفيه للشيخ قول آخر.

الرابعة: لو ادعى قتل العمد، ففسره بالخطأ(131) ، لم يبطل أصل الدعوى.وكذا لو ادعى الخطأ، ففسره بما ليس خطأ.

وتثبت الدعوى: بالاقرار، أو البينة، أو القسامة(132) .

أما الاقرار: فتكفي المرة، وبعض الاصحاب يشترط الاقرار مرتين.

ويعتبر في المقر: البلوغ، وكمال العقل، والاختيار، والحرية.أما المحجور عليه لفلس أو سفه، فيقبل إقراره بالعمد(133) ، ويستوفي منه القصاص.وأما بالخطأ، فتثبت ديته، ولكن لا يشارك

___________________________________

(128) على شخص(عددهم) عدد القاتلين(لعدم العلم) بأن على المدعى عليه العشر، او الخمس، او غيرهما(بالصلح) بين المدعي عليه، وبين ورثة المقتول، وهذا اذا اثبت دعواه ببينة او غيرهما.

(129) اي: يطلب من المدعي التفصيل بأنه قتل عمدا، او خطأ(وفيه تردد) لاحتمال ثبوت الدية لكي لايبطل دم امرئ مسلم.

(130) مثلا قال: القاتل زيد وحده، ثم قال: القاتل عمرو وحده(برئ) اي: سواء برأ الاول من القتل او جعلهما شريكين في القتل(قول اخر) في الجواهر: وظاهره انه قول بسماع الثانية.

(131) مثلا فان: زيد قتل عمرا عمدا، ثم قال: اراد زيد ان يرمي غزالا فوقع السهم على عمرو وقتله(ادعى الخطأ) قال مثلا: زيد قتل عمرا خطأ، ثم قال: حمل زيد سيفا في وضح النهار، واختفى لعمرو، فلما مر عمرو ضربه على رأسه وقتله، وفي كليهما لا يبطل اصل الدعوى فلو اقام بينة عليها ثبتت.

(132) اي: اقرار المدعى عليه، او اقامة المدعي البينة على دعواه، والقسامة إصطلاح فقهي للايمان خمسين يمينا في قتل العمد وخمس وعشرين يمينا في قتل الخطأ ولها تفاصيل واحكام خاصة ستأتي ان شاء الله تعالى عند رقم(149) وما بعده.

(133) يعني: لو اقر بأنه قتل عمدا(القصاص) يعني: يقتل باقراره(بالخطأ) الشبيه بالعمد الذي ديته في مال القاتل، دون الخطأ المحض الذي ديته على العاقلة(الغرماء) الديان، بل تصير الدية في ذمة المقر حتى اذا حصل له مال في المستقبل اخذ منه الدية.

٢٦٦

الغرماء.ولو أقر واحد بقتله عمدا وآخر بقتله خطأ(134) ، تخير الولي تصديق أحدهما، وليس له على الآخر سبيل ولو أقر بقتله عمدا، فأقر آخر أنه هو الذي قتله ورجع الاول، درئ عنهما القصاص والدية، وودي(135) المقتول من بيت المال، وهي قضية الحسنعليه‌السلام .

وأما البينة: فلا يثبت مايجب به القصاص إلا بشاهدين، ولا يثبت بشاهد وامرأتين وقيل: تثبت به الدية، وهو شاذ ولا بشاهد ويمين(136) ، ويثبت بذلك ما يوجب الدية، كقتل الخطأ والهاشمة والمنقلة وكسر العظام والجائفة.

ولا تقبل الشهادة إلا صافية عن الاحتمال، كقوله ضربه بالسيف فمات، أو فقتله أو فأنهر(137) دمه فمات في حاله، أو فلم يزل مريضا منها حتى مات، وإن طالت المدة.ولو أنكر المدعى عليه ما شهدت به البينة، لم يلتفت إلى إنكاره.

وإن صدقها وادعى الموت بغير الجناية، كان القول قوله مع يمينه.وكذا الحكم في الجراح، فإنه لو قال الشاهد ضربه فأوضحه قبل.

ولو قال اختصما، ثم افترقا وهو مجروح، أو ضربه فوجدناه مشجوجا لم يقبل، لاحتمال أن يكون من غيره.

وكذا لو قال: فجرى دمه.

وأما لو قال: فأجرى دمه، قبلت.

ولو قال: أسال دمه فمات قبلت في الدامية دون ما زاد(138) .

ولو قال أوضحه، فوجدنا فيه موضحتين(139) سقط القصاص لتعذر المسافات في

___________________________________

(134) كما لو وجد عمرو مقتولا فقال زيد: انا قتلته عمدا، وقال بكر: انا قتلته خطأ.

(135) اي اعطي ديته(قضية الحسن) وهي قصة مفصلة ذكرها في الوسائل " كتاب القصاص " ابواب دعوى القتل - الباب الرابع - الحديث الاول ".

حاصلها: أن رجلا ادعى القتل، فجاء آخر وقال انا القاتل فحول علي أميرالمؤمنين عليه الصلاة والسلام القضية إلى ولده الحسنعليه‌السلام ، فخلى الحسن سبيلهما، وحكم بديته من بيت المال، ودفع اميرالمؤمنينعليه‌السلام الدية.

(136) اي: شاهد ويمين المدعي(الهاشمة) وهي الضربة التي تهشم العظم وديتها عشر من الابل(والمنقلة) هي الضربة التي تحوج إلى نقل العظم، وديتها خمسة عشر بعيرا(وكسر العظام) فيه الحكومة(والجائفة) هي الضربة التي تصل إلى الجوف، وفيها ثلث دية ذلك العضو، وسيأتي التفصيل ذلك كله في كتاب الديات " المقصد الثالث في الشجاج والجراح ".

(137) اي: فاجرى(في الجراح) فإنه يجب كون الشهادة عليه خالية عن الاحتمال فاوضحه اي: اظهر عظمه، وفيه الدية خمسة ابعرة(مشجوجا) اي: مكسورا(فجرى دمه) ولم يقل من تلك الضربة.

(138) الدامية هي الضربة التي تأخذ في اللحم يسيرا وتدمى، وفي الجواهر - بعد قوله فما زاد -:(بناء على عدم صراحة قوله - فمات - في التسبيب لكنه مناف لما سمعته سابقا منه من جعل قوله - ضربه فمات - من العبارة الصافية عن الاحتمال ".

(139) ولم يعلم ايتهما لهذا الجاني، وايتهما لآخر(المساواة) اذ يجب كون القصاص مساويا للجناية، فلو لم يعلم ايتهما لهذا الجاني، لا يجوز القصاص منه(خطر) اي: بدر إلى الذهن(وفيه ضعف) اذ محل القصاص معتبر، ففي موضع ايهما يقع القصاص؟.

٢٦٧

الاستيفاء ويرجع إلى الدية وربما خطر الاقتصاص بأقلهما، وفيه ضعف، لانه أستيفاء في محل لا يتحقق توجه القصاص فيه.

وكذا لو قال قطع يده(140) ، ووجد مقطوع اليدين ولا يكفي قوله فأوضحه ولا شجه حتى يقول: هذه الموضحة أو هذه الشجة، لاحتمال غيرها أكبر أو أصغر.

ويشترط فيهما(141) التوارد على الوصف الواحد، فلو شهد أحدهما أنه قتله غدوة والآخر عشية، أو بالسكين والآخر بالسيف، أو القتل في مكان معين والآخر في غيره، لم يقبل. وهل يكون ذلك لوثا؟ قال في المبسوط: نعم، وفيه إشكال لتكاذبهما.أما لو شهد أحدهما بالاقرار والآخر بالمشاهدة، لم يثبت، وكان لوثا لعدم التكاذب.

وهنا مسائل:

الاولى: لو شهد أحدهما بالاقرار بالقتل مطلقا(142) ، وشهد الآخر بالاقرار عمدا، ثبت القتل وكلف المدعى عليه البيان، فإن انكر القتل لم يقبل منه، لانه إكذاب للبينة.وإن قال: عمدا، قبل.وإن قال خطأ وصدقه الولي فلا بحث، وإلا فالقول قول الجاني مع يمينه.ولو شهد أحدهما بمشاهدة القتل عمدا، والاخر بالقتل المطلق، وأنكر القاتل العمد وادعاه الولي، كانت شهادة الواحد لوثا، ويثبت الولي دعواه بالقسامة إن شاء.

الثانية: لو شهدا بقتل على اثنين، فشهد المشهود عليهما على الشاهدين، أنهما هما القاتلان(143) ، على وجه لا يتحقق معه التبرع، أو إن تحقق لا يقتضي اسقاط الشهادة، فإن

___________________________________

(140) ولم يعين اليد، فإنه ينتقل إلى الدية ولا يقتص منه.

(141) في الشاهدين(لوثا) اي: تهمة وامارة توجب الظن بالصدق(لتكاذبهما) اي: ظاهر شهادة كل واحد منهما كذب شهادة الاخر(بالمشاهدة) يعني: قال احد الشاهدين اقر الجاني بالجناية، وقال الاخر: رأيته جنى.

(142) اي: بدون تعيين العمد، وشبه العمد، والخطأ(قول الجاني) في ادعائه الخطأ(وادعاه الولي) اي: ولي المقتول.

(143) مثلا يشهد زيد وعمرو: ان بكرا وخالدا قتلا محمدا، وشهد بكر وخالد أن زيدا وعمرا قتلا محمدا(التبرع) لو كانت الشهادة تبرعا بدون طلب الحاكم او طلب ولي المقتول فلا تقبل - كما مر في كتاب الشهادات عند رقم(45) - فلو تبرع بكر وخالد بالشهادة فلا تقبل منهما، أما لو لم يكن تبرع في البين كما لو كان للمقتول وليان، قد طلب أحدهما من زيد وعمرو الشهادة فشهدا على بكر وخالد، وطلب الولي الاخر من بكر وخالد الشهادة لاجل كونها تبرعية قبل الطلب(سقط الجميع) للتناقض والتهمة.

٢٦٨

صدق الولي الاولين، حكم له وطرحت شهادة الآخرين.وإن صدق الجميع أو صدق الآخرين، سقط الجميع.

الثالثة: لو شهدا لمن يرثانه(144) ، أن زيدا جرحه بعد الاندمال قبلت، ولا تقبل قبله، لتحقق التهمة على تردد.

ولو اندمل بعد الاقامة، فأعادت الشهادة، قبلت لانتفاء التهمة.

ولو شهدا لمن يرثانه وهو مريض، قبلت، والفرق أن الدية يستحقانها ابتداء، وفي الثانية يستحقانها من ملك الميت.

الرابعة: لو شهد شاهدان من العاقلة، بفسق شاهدي القتل، فإن كان القتل عمدا أو شبيها به(145) ، أو كانا ممن لا يصل اليهما العقل، حكم بهما وطرحت شهادة القتل.وان كانا ممن يعقل عنه لا يقبل، لانهما يدفعان عنهما الغرم.

الخامسة: لو شهد اثنان أنه قتل(146) ، وآخران على غيره أنه قتله، سقط القصاص ووجبت الدية عليهما نصفين.

ولو كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما، ولعله احتياط في عصمة الدم، لما عرض من الشبهة بتصادم البينتين.

ويحتمل هذا وجها آخر، وهو تخير الولي في تصديق أيهما شاء، كما لو أقر اثنان بقتله، كل واحد منهما بقتله منفردا، والاول أولى.

السادسة: لو شهدا أنه قتل زيدا عمدا، فاقر آخر أنه هو القاتل، وبرأ المشهود عليه، فللولي قتل المشهود عليه، ويرد المقر نصف ديته(147) ، وله قتل المقر ولا رد لاقراره بالانفراد، وله قتلهما بعد أن يرد على المشهود عليه نصف ديته دون المقر.ولو أراد الدية، كانت عليهما نصفين.وهذه رواية زرارة عن أبى جعفرعليه‌السلام .

وفي قتلهما اشكال لانتفاء الشركة.وكذا في إلزامهما بالدية نصفين.

والقول بتخير الولي في احدهما: وجه قوي، غير أن الرواية من المشاهير.

السابعة: قال في المبسوط: لو ادعى قتل العمد، وأقام شاهدا وامرأتين، ثم عفا لم

___________________________________

(144) كما لو شهد اولاد عمرو المجروح(بعد الاندمال) اي: كانت الشهادة بعدما طاب الجرح(قبله) قبل الاندمال(التهمة) باحتمال السراية إلى النفي فيرثان ديته(ابتداء) بعد موت المقتول.

(145) لان فيهما لاتجب الدية على العاقلة(لايصل) كضامن الجريرة مع وجود المعتق، او كالمعتق مع وجود العصبة، وسيأتي تفصيل مباحث العاقلة في آخر كتاب الديات وعنهما) اي: عن انفسهما، وهذه تهمة ترد معها الشهادة.

(146) اي: زيد مثلا هو القاتل، وآخران شهدا أن عمرا هو القاتل(سقط القصاص) لعدم تعيين القاتل.

(147) يرد النصف على ورثة زيد(ولو اراد) اي: ولي المقتول(من المشاهير) بين الاصحاب رواية وعملا وهي صحيحة السند رواها الكليني والشيخ.

٢٦٩

يصح(148) ، لانه عفا عما لم يثبت، وفيه إشكال إذ العفو لا يتوقف على ثبوت الحق عند الحاكم.

وأما القسامة(149) : فيستدعي البحث فيها مقاصد الاول: في اللوث ولا قسامة مع ارتفاع التهمة، وللولي احلاف المنكر يمينا واحدة، ولا يجب التغليظ.ولو نكل، فعلى ما مضى من القولين. واللوث إمارة، يغلب معها الظن بصدق المدعي، كالشاهد ولو واحدا.وكذا لو وجد متشحطا بدمه، وعنده ذو سلاح عليه الدم(150) ، أو في دار قوم، أو في محلة منفردة عن البلد لا يدخلها غير أهلها، أو في صف مقابل للخصم بعد المراماة.ولو وجد في قرية مطروقة(151) ، أو خلة من خلال العرب، أو في محلة منفردة مطروقة.وإن انفردت، فإن كان هناك عداوة فهو لوث، والا فلا لوث، لان الاحتمال متحقق هنا.ولو وجد بين قريتين، فاللوث لاقربهما اليه(152) .ومع التساوي في القرب، فهما في اللوث سواء.أما من وجدفي زحام، على قنطرة أو بئر أو جسر أو مصنع، فديته على بيت المال.

وكذا لوجد في جامع عظيم أو شارع.وكذا لو وجد في فلاة.

___________________________________

(148) اي: لم يصح العفو، فلو قامت بينة بعد ذلك جاز الاقتصاص منه(عند الحاكم) بل يتوقف على وجود حق في الواقع.

(149) هي - كما سيأتي - في قتل العمد خمسون يمينا، وفي قتل الخطأ خمس وعشرون يمينا(في اللوث) وهو حصول مايظن معه بصدق الدعوى ووجود التهمة(التغليظ) في اليمن بأن يقول مثلا " والله المنتقم من الكاذبين القاصم للظالمين.

" وهكذا وقد مضى تفصيل ذلك في كتاب القضاء عند رقم(91) وما بعده(نكل) اي: لم يحلف من عليه الحلف(من القولين) قول يقضي عليه بالنكول، وقول برد اليمين على المدعي فإن حلف ثبت حقه، وان امتنع سقط حقه وقد مضى تفصيل ذلك في كتاب القضاء، عند رقم(79) وما بعده.

(150) اي: على سلاحه الدم(منفردة) اي: منفصلة(بعد المراماة) اي: بعد رمي كل صف السهام إلى الصف الاخر، فإذا وجد قتيل في احد الصفين فاللوث على الصف الاخر.

(151) اي: يكثر الذهاب والاياب فيها(أو خلة) هي الفرجة بين المنازل وتسمى اليوم الساحة(منفردة) غير متصلة ببلد(عداوة) بين المقتول وبين هذه القرية(الاحتمال) بأن يكون القاتل من المستطرقين، فليس هناك غلبة ظن او تهمة بالنسبة لاهل القرية خاصة.

(152) إلى المقتول، كما لو كانت المسافة بينه وبين قرية نصف فرسخ، وبينه وبين قرية اخرى ربع فرسخ(او بئر) اي: في بئر(فلاة) اي: صحراء.

٢٧٠

ولا يثبت اللوث: في شهادة الصبي(153) ، ولا الفاسق، ولا الكافر ولو كان مأمونا في نحلته، نعم، لو أخبر جماعة من الفساق، أو النساء مع ارتفاع المواطأة، أو مع ظن ارتفاعها، كان لوثا.ولو كان الجماعة كفارا أو صبيانا، لم يثبت اللوث، مالم يبلغوا حد التواتر.ويشترط في اللوث خلوصه عن الشك.فلو وجد بالقرب من القتيل ذو سلاح متلطخ بالدم، مع سبع من شأنه قتل الانسان، بطل اللوث لتحقق الشك.

ولو قال الشاهد: قتله أحد هذين كان لوثا(154) .

ولو قال: قتل أحد هذين لم يكن لوثا، وفي الفرق تردد.

ولا يشترط في اللوث وجود أثر القتل(155) على الاشبه، ولا في القسامة حضور المدعى عليه.

مسألتان:

الاولى: لو وجد قتيلا في دار فيها عبده(156) ، كان لوثا، وللورثة القسامة لفائدة التسلط بالقتل، ولافتكاكه بالجناية لو كان هناك رهن.

الثانية: لو ادعى الولي ان واحدا من أهل الدار قتله، جاز اثبات دعواه بالقسامة.فلو أنكر كونه فيها وقت القتل(157) ، كان القول قوله مع يمينه، ولم يثبت اللوث، لان اللوث يتطرق إلى من كان موجودا في تلك الدار، ولا يثبت ذلك إلا بإقراره أو البينة.

___________________________________

(153) اي: شهد العبد او الفاسق او الكافر على أن القاتل فلان(نحلته) اي: أهل دينه(المواطاة) التباني على الكذب، كما لو كان بعضهم لا يعرف بعضا، او كانوا كثيرا، او من بلاد مختلفة ونحو ذلك(التواتر) اي: الشياع كما عن بعضهم.

(154) عند الشيخ الطوسي -قدس‌سره - فلو عين ولي المقتول أحدهما كان عليه القسامة(لم يكن لوثا) يعني: لو قال مثلا - زيد قتل واحدا من عمرو وبكر لم يكن لوثا، فلو عين احدهما ولي زيد لم تجب عليه القسامة، بل يمين واحدة للانكار(تردد) لوحدة الظن فيهما.

(155) على المقتول من جراحة، او دم أو نحوهما(حضور) فلو وجد قتيل في دار زيد كان لوثا وللحاكم ان يحكم بالقسامة على زيد مع عدم حضوره.

(156) مثلا: لو وجد زيد مقتولا في حجرة عبد زيد(التسلط) يعني: فائدة هذا اللوث هو أنه لو كان العبد مرهونا عند شخص يفتك من الرهن ويقتله الورثة لو لم يحلف.

(157) اي: انكر بعضهم وجوده في الدار وقت وقوع القتل(يتطرق) فمن لم يكن موجودا في الدار لاظن بكونه القاتل(ذلك) اي: وجوده في الدار وقت وقوع القتل.

٢٧١

الثاني: في كميتها(158) وهي في العمد خمسون يمينا.فإن كان له قوم، حلف كل واحد يمينا إن كانوا عدوا القسامة، وان نقصوا عنه، كررت عليهم الايمان حتى يكملوا القسامة.وفي الخطأ المحض والتشبيه بالعمد، خمس وعشرون يمينا.

ومن الاصحاب من سوى بينهما(159) ، وهو أوثق في الحكم، والتفصيل أظهر في المذهب.

ولو كان المدعون جماعة(160) ، قسمت عليهم الخمسون بالسوية في العمد والخمس والعشرون في الخطأ ولو كان المدعى عليهم اكثر من واحد، ففيه تردد، أظهره أن على كل واحد خمسين يمينا كما لو انفرد، لان كل واحد منهم يتوجه عليه دعوى بانفراده اما لو كان المدعى عليه واحدا، فأحضر من قومه خمسين يشهدون ببراء‌ته(161) ، حلف كل واحد منهم يمينا.ولو كانوا أقل من الخمسين، كررت عليهم الايمان حتى يكملوا العدد.

ولو لم يكن للولي(161) : قسامة ولا حلف هو، كان له إحلاف المنكر خمسين يمينا، إن لم يكن له قسامة من قومه.

وان كان له قوم، كان كأحدهم.ولو امتنع عن القسامة، ولم يكن له من يقسم، ألزم الدعوى.

وقيل: له رد اليمين على المدعي.وتثبت القسامة في الاعضاء مع التهمة(163) ، وكم قدرها؟ قيل: خمسون يمينا

___________________________________

(158) اي: كمية عدد الايمان(في العمد) اي: قتل العمد، كما لو وجد قتيل في دار زيد وادعى ولي زيد انه مقتول عمدا ظلما(عدد القسامة) اي: كان القوم خمسين شخصا(كررت) كما لو كانوا عشرة، فيحلف كل واحد منهم خمس ايمان، او كانوا خمسة فيحلف كل واحد منهم عشر ايمان، وهكذا.

(159) بين العمد وبين شبيه العمد والخطأ المحض، ففي كليهما قال خمسون يمينا(اوثق) اي: موجب لثقة اكثر في الحكم بالقتل(والتفصيل) وهو خمسون في العمد، وفي غيره خمس وعشرون(في المذهب) ما نذهب اليه.

(160) كما لو كان لزيد المقتول خمسة اولاد، ادعى كلهم ان قاتله فلان، وكان لوث في البين، فلكل واحد منهم حق عشر ايمان في قتل العمد، وخمس ايمان في غير العمد(اكثر من واحد) كما لو ادعى ولي زيد: ان قاتله بكر وخالد(ان على كل واحد) وقول بتقسيم الايمان عليهم.

(161) يعني: ليس هو القاتل.

(162) يعني: ولي المقتول(قسامة) اي: قوم يحلفون له(كأحدهم) فيقسم هو بعدد مايقسم غيره من قومه(من يقسم) لعدم وجودهم، اوعدم قسمهم(الزم الدعوى) اي: ثبت القتل عليه.

(163) اي: مع اللوث، كما وجد زيد مجدوع الانف وعنده بيده سكين عليه دم(تبلغ الدية) كقطع الانف، واللسان، والذكر، ونحوها(فبنسبتها) ففي كل يد خمس وعشرون يمينا في العمد، وفي كل اصبع خمس ايمان في العمد، وهكذا(دية النفس) كالانف، واللسان والذكر، وكلتا اليدين، او كل الاصابع العشر ونحو ذلك(بحسابه) ففي كل يد ثلاث

٢٧٢

احتياطا، إن كانت الجناية تبلغ الدية، وإلا فبنسبتها من خمسين يمينا وقال آخرون: ست أيمان فيما فيه دية النفس، وبحسابه من ست فيما فيه دون الدية، وهي رواية أصلها ظريف.

ويشترط في القسامة على المقسم(164) ، ولا يكفي الظن.وفي قبول قسامة الكافر على المسلم تردد، أظهره المنع.

ولمولى العبد مع اللوث، اثبات دعواه بالقسامة، ولو كان المدعى عليه حرا(165) ، تمسكا بعموم الاحاديث.

ويقسم المكاتب في عبده كالحر.ولو ارتد الولي منع القسامة(166) .ولو حالف، وقعت موقعها، لانه لا يمنع الاكتساب، ويشكل هذا بما ان الارتداد يمنع الارث، فيخرج عن الولاية فلا قسامة.

ويشترط في اليمين: ذكر القاتل والمقتول، والرفع في نسبهما بما يزيل الاحتمال(167) ، وذكر الانفراد أو الشركة، ونوع القتل.

أما الاعراب(168) ، فإن كان من أهله، كلف وإلا قنع بما يعرف معه القصد.

وهل يذكر في اليمين أن النية نية المدعي(169) ؟ قيل: نعم، دفعا لتوهم الحالف، والاشبه لا يجب.

___________________________________

ايمان، وفي اصبعين يمين واحدة، وهكذا(اصلها) اي: راويها ظريف بن ناصح، قال في آخر الوسائل: " وكان ثقة في حديثه صدوقا قاله النجاشي والعلامة ".

(164) اي: الذي يقسم لو لم يعلم لايجوز له القسم(قسامة الكافر) فلو كان للمدعي اقرباء كفار، فحلفوا خمسين يمينا لاثبات القتل على شخص مسلم(المنع) لقوله تعالى:( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) ولغيره.

(165) كما لو قتل عبد زيد في دار عمرو، فادعى زيد أن عمرا قتله، وكان عمرو حرا، فهذا لوث يوجب القسامة على عمرو(كالحر) يعني: كما أن الحر له حق القسامة بقتل عبده مع اللوث، كذلك العبد المكاتب اذا كان له عبد قتل مع اللوث.

(166) اي: لو قتل زيد مع اللوث كان لوليه القسامة على من عليه اللوث، فإن ارتد ولي زيد فليس له الحق في احلاف من عليه اللوث(ولو خالف) فاقسم(وقعت) القسامة(موقعها) فلو نكل من عليه اللوث يلزم بالدية مثلا(لانه) الارتداد(لايمنع الاكتساب) اذ الارتداد يمنع التصرف في المال، لافي تحصيل المال، والقسامة اما اثبات قتل قصاصا، او تحصيل مال دية(فيخرج عن الولاية) فليس بعد وليا حتى يطلب القسامة بل يصير - شرعا - كالاجنبي.

(167) كان يقول(زيد بن عمرو أخو بكر قتل هذا المقتول، او قتل جعفر بن علي بن باقر)(الانفراد) اي: وحده قتل(نوع القتل) عمدا، او شبيه عمد، او خطأ محضا، لانه تختلف أحكامها.

(168) لالفاظ اليمين، من رفع، ونصب، وجر وجزم، وضم، وفتح، وكسر، وسكون(اهله) اي: أهل العلم بالاعراب(كلف) بأن يجئ لفظ الجلالة(والله) ولا ينصب أو يرفع، وهكذا غيره(قنع) اي: قبل منه.

(169) دفعا لاحتمال التورية.

٢٧٣

الثالث: في احكامها: لو ادعى على اثنين، وله على أحدهما لوث(170) ، حلف خمسين يمينا، ويثبت دعواه على ذي اللوث، وكان على الآخر يمين واحدة، كالدعوي في غير الدم.ثم إن أراد قتل ذي اللوث، رد عليه نصف ديته.

ولو كان أحد الوليين غائبا وهناك لوث، حلف الحاضر خمسين يمينا ويثبت حقه ولم يجب الارتقاب(171) .

ولو حضر الغائب، حلف بقدر نصيبه، وهو خمس وعشرون يمينا.وكذا لو كان أحدهما صغيرا.ولو أكذب أحد الوليين صاحبه(172) ، لم يقدح ذلك في اللوث، وحلف لاثبات حقه خمسين يمينا.وإذا مات الولي، قام وارثه مقامه.

فإن مات في أثناء الايمان، قال الشيخ: تستأنف الايمان، لانه لو أتم لا يثبت حقه بيمين غيره.

مسائل:

الاولى: لو حلف مع اللوث واستوفى الدية(173) ، ثم شهد اثنان أنه كان غائبا في حال القتل غيبة لا يقدر معها القتل، بطلت القسامة واستعيدت الدية.

الثانية: لو حلف واستوفى الدية، ثم قال: هذه(174) حرام.فإن فسره بكذبه في اليمين، استعيدت منه.وإن فسر بأنه لا يرى القسامة، لم يعترضه.وإن فسر بأن الدية ليست ملكا للباذل، فإن عين المالك، الزم دفعها اليه، ولا يرجع على القاتل بمجرد قوله.ولو لم يعين أقرت في يده.

___________________________________

(170) كما لو قتل زيد في بيت عمرو، فادعى ابن زيد ان قاتله عمرو وبكر مشتركين حلف ابن زيد(ذي اللوث) عمرو(الاخر) بكر(يمين واحدة) بأنه لم يشترك في قتل زيد(في غير الدم) كما لو ادعى السرقة على شخص فحلف يمينا واحدة بالعدم(رد) لاقرار ابن زيد أن على عمرو نصف قتل زيد.

(171) اي: الصبر حتى يأتي الغائب، بل يقتل قصاصا صاحب اللوث، او تؤخذ منه الدية، على اختلاف الموارد(صغيرا) حلف الكبير خمسين يمينا، ولما كبر الصغير حلف خمسا وعشرين يمينا.

(172) كما لو قال أحد ولدي زيد: قتل زيد عمرا، فقال الولد الاخر: لا لم يقتله زيد(مات الولي) وهو ابن زيد في مثالنا(لو اتم) وارث الولي(غيره) وهو الولي.

(173) اي: اخذها(أنه) اي المتهم بالقتل(غيبة) كما لو قتل المقتول في العراق، وفي نفس ذلك اليوم كان المتهم بالقتل في خراسان.

(174) اي: الدية(بانه) حتفي مثلا، لانهم لايرون القسامة، بل يحكمون في اللوث كغيره، ببينة او يمين واحدة كسائر الدعاوى(بمجرد قوله) بل ببينة، او إقرار الباذل(اقرت) اي: ابقيت.

٢٧٤

الثالثة: لو استوفى بالقسامة، فقال آخر: أنا قتلته منفردا، قال في الخلاف: كان الولي بالخيار(175) .

وفي المبسوط: ليس له ذلك، لانه لا يقسم الا مع العلم، فهو مكذب للمقر.

الرابعة: اذا اتهم، والتمس الولي حبسه(176) حتى يحضر بينة، ففي إجابته تردد.

ومستند الجواز ما رواه السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام : " أن النبي صلى الله عليه وآله، كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام، فإن جاء الاولياء ببينة ثبت، وإلا خلى سبيله " وفي السكوني ضعف.

الفصل الرابع: في كيفية الاستيفاء:

قتل العمد يوجب القصاص لا الدية، فلو عفا الولي على مال، لم يسقط القود.ولم تثبت الدية، إلا مع رضاء الجاني.

ولو عفا ولم يشترط المال، سقط القود ولم تثبت الدية.ولو بذل الجاني القود(177) ، لم يكن للولي غيره.

ولو طلب الدية فبذلها الجاني صح، ولو امتنع لم يجز.ولو لم يرض الولي بالدية، جاز المفاداة بالزيادة.

ولا يقضى بالقصاص، مالم يتعين التلف بالجناية.ومع الاشتباه، يقتصر على القصاص في الجناية لا في النفس.

ويرث القصاص من يرث المال، عدا الزوج والزوجة، فإن لهما نصيبهما من الدية في عمد أو خطأ.

وقيل: لا يرث القصاص إلا العصبة(178) دون الاخوة والاخوات من الام ومن يتقرب بها، وهو الاظهر.

وقيل: ليس للنساء عفو ولا قود، على الاشبة وكذا يرث الدية من يرث المال(179) ، والبحث فيه كالاول، غير ان الزوج والزوجة

___________________________________

(175) بين أخذ الدية من ايهما شاء، وان كان القتل عمدا فخير بين قتل ايهما شاء قصاصا وبين أخذ الدية من ايهما شاء.

(176) حبس المتهم بالقتل.

(177) أي: سلم نفسه للقصاص(المفاداة) أي: يفدي نفسه باكثر من الدية اذا رضي الولي(التلف) اي: حصول الموت(في الجناية) فلو قطع زيد يد عمرو فمات ولم يعلم أن الموت كان بسبب قطع اليد أو لا، لم يجز لولي عمرو قتل زيد، بل قطع يد زيد فقط.

(178) وهم المتقربون إلى المقتول من جهة الاب كالاولاد، والاخوة من الاب، واولادهم، والاعمام لنفسه او لابيه(للنساء) كبنات المقتول، او اخواته، او عماته، او بنات اخوته، وبنات أعمامه، وهكذا(عفو ولا قود) فليس لهن أن يعفين القاتل ولا الالزام بالقصاص، بل ذلك للرجال من العصبة.

(179) فمع وجود الاولاد والابوين لانصيب للاخوة والاجداد، ومع وجود الاخوة والاجداد لانصيب للاعمام(كالاول) من حرمان المتقرب بالام وحدها عن الدية، فلو قتل زيد وله اخوة لابيه فقط، او لابويه، واخوة لامه، ورث الدية الاخوة للاب فقط، او لاخوة للابوين، دون الاخوة للام فقط(على التقديرات) سواء وقلنا بحرمان المتقرب بالام أم لا، وسواء قلنا بأن النساء يرثن القصاص أم لا، وسواء قلنا للنساء عفو وقود أم لا.

٢٧٥

يرثان من الدية على التقديرات.وإذا كان الولي واحدا جاز له المبادرة(180) ، والاولى توقفه على إذن الامام، وقيل: يحرم المبادرة ويعزر لو بادر.وتتأكد الكراهية في قصاص الطرف.

وإن كانوا جماعة، لم يجز الاستيفاء إلا بعد الاجتماع(181) ، إما بالوكالة أو بالاذن لواحد.

وقال الشيخرحمه‌الله : يجوز لكل منهم المبادرة، ولا يتوقف على إذن الآخر، لكن يضمن حصص من لم يأذن.

وينبغي للامام أن يحضر عند الاستيفاء شاهدين فطنين احتياطا، ولاقامة الشهادة ان حصلت مجاحدة.

ويعتبر الآلة لئلا تكون مسمومة، خصوصا في قصاص الطرف.ولو كانت مسمومة، فحصلت منها جناية بسبب السم ضمنه.ويمنع من الاستيفاء بالآلة الكالة، تجبنا للتعذيب.ولو فعل أساء ولا شئ عليه.ولا يقتص الا بالسيف(182) .

ولا يجوز التمثيل به، بل يقتصر على ضرب عنقه، ولو كانت الجناية بالتغريق أو بالتحريق أو بالمثقل أو بالرضخ.

واجرة من يقيم الحدود(183) من بيت المال، فإن لم يكن بيت مال أو كان هناك ما هو أهم، كانت الاجرة على المجني عليه، ولا يضمن المقتص سراية القصاص.نعم، لو تعدى ضمن.

فإن قال: تعمدت، اقتص منه في الزائد، وإن قال: أخطأت أخذت منه دية العدوان.ولو خالفه المقتص منه في دعوى الخطأ، كان القول قول المقتص مع يمينه.وكل من يجري بينهم القصاص في النفس، يجري في الطرف(184) .

ومن لا يقتص له في النفس، لا يقتص له في الطرف

___________________________________

(180) بالقصاص من القاتل(وتتأكد) اي: قصاص الطرف بدون اذن الامام أشد كراهية من قصاص النفس بدون اذنه.

(181) اجتماعهم بالرأي، ولا يشترط بالاجساد(بالوكالة) لاجنبي عنهم(لواحد) منهم(مجاحدة) اي: تناكر بين الجاني، وبين من يقتص منه(ضمنه) كما لو سرى السم في جسمه(الكالة) غير الحادة.

(182) فلا يقتل بحرق، او غرق، او خنق، او نحوها(التمثيل) اي: تقطيع اعضائه لاقبل موته ولا بعد موته(ولو كانت) يعني: حتى ولو كانت(بالتغريق) اي: الاغراق(بالمثقل) اي: وضع حجر ثقيل ونحوه عليه حتى مات(بالرضخ) اي: الرمي بالحجارة.

(183) من قتل، او قطع، اوجلد ونحو ذلك(المقتص) الذي فعل القصاص(سراية القصاص) بحيث مات او تلف بعض اعضائه(لو تعدى) بقطع زيادة على المقدار الواجب(دعوى الخطأ) بأن قال المقتص منه تعمدت انت، وقال المقتص اخطأت أنا.

(184) فيقتص للرجل المسلم من الرجل المسلم والرجل الكافر، ومن المرأة المسلمة والمراة الكافرة في الاعضاء، وكذا يقتص للمرأة المسلمة والمرأة الكافرة وهكذا دواليك(لايقتص له في الطرف) كما لو قطع الرجل يد المرأة لا تقطع يد الجاني، كما لايقتل الرجل بالمرأة وهكذا.

٢٧٦

وهنا مسائل: الاولى: اذا كان له(185) أولياء لا يولى عليهم، كانوا شركاء في القصاص، فإن حضر بعض وغاب الباقون، قال الشيخ: للحاضر الاستيفاء، بشرط أن يضمن حصص الباقين من الدية.وكذا لو كان بعضهم صغارا.

وقال: لو كان الولي صغيرا، وله أب أو جد، لم يكن لاحد أن يستوفي حتى يبلغ، سواء كان القصاص في النفس أو في الطرف، وفيه إشكال(186) .

وقال: يحبس القاتل حتى يبلغ الصبي، أو يفيق المجنون، وهو أشد إشكالا من الاول.

الثانية: إذا زادوا على الواحد فلهم القصاص، ولو اختار بعضهم الدية وأجاب القاتل، جاز.

فإذا أسلم(187) سقط القود على رواية، والمشهور أنه لا يسقط، وللآخرين القصاص، بعد أن يردوا عليه نصيب من فاداه.ولو امتنع من بذل نصيب من يريد الدية، جاز لمن أراد القود أن يقتص، بعد رد نصيب شريكه.ولو عفا البعض لم يسقط القصاص وللباقين أن يقتصوا، بعد رد نصيب من عفا على القاتل.

الثالثة: إذا أقر أحد الوليين، بأن شريكه عفا عن القصاص على مال، لم يقبل إقراره على الشريك، ولا يسقط القود في حق احدهما وللمقر أن يقتل، لكن بعد أن يرد نصيب شريكه.فإن صدقه(188) ، فالرد له، وإلا كان للجاني. والشريك على حاله في شركة القصاص الرابعة: اذا اشترك الاب والاجنبي في قتل ولده، أو المسلم والذمي في قتل ذمي(189) ، فعلى الشريك القود.ويقتضي المذهب أن يرد عليه الآخر نصف ديته.وكذا لو

___________________________________

(185) وللمقتول ظلما(لايولي عليهم) اي كاملين لاصغارا او مجانين(الاستيفاء) اي: القصاص، كما لو كان للمقتول خمسة بنين فحرض أحدهم وقتل القاتل، كان عليه لكل واحد من الاربعة مئتان من الدنانير(صغارا) ضمن حصصهم(صغيرا) فقتلت امه مثلا وهذا الصغير هو الوارث الوحيد، وكان القاتل زوجها، الذي ليس ابا للصغير(يستوفي) اي: يقتص ويقتل القاتل.

(186) لما سبق في كتاب الحجر المسألة السابقة من أحكام الحجر، وفي كتاب اللقطة - المسألة السادسة من أحكام اللقيط من جواز القصاص اذا كان مصلحة للصغير، او لم تكن مفسدة له على الخلاف(يحبس) جمعا بين الحقين.

(187) اي: اعطى الدية(يردوا عليه) على الجاني(فاداه) من الدية(امتنع) القاتل(شريكه) الذي هو من ورثة المقتول ظلما.

(188) اي: الشريك بأن قال نعم انا عفوت حصتي من القصاص(فالرد) له اي: للشريك، لانه عفى عن القصاص لا عن الدية.

(189) اذ لايقتل الاب بولده، ولا المسلم بالذمي(الشريك) وهو الاجنبي والذمي(نصف الدية) اي: اذ يرد الاب على الاجنبي الذي وجب قتله قصاصا نصف ديته، وكذا يرد المسلم على الذمي الذي يقتل قصاصا نصف ديته(بعد الرد) اي: رد الخاطئ نصف دية العامد اليه(من العاقلة) لامن نفس القاتل خطأ، لان دية قتل الخطأ على عاقلة القاتل وهم اقرباؤه لابيه(يرد عليه الولي) لو قتله قصاصا.

٢٧٧

كان احدهما عامدا والاخر خاطئا، كان القصاص على العامد بعد الرد، لكن هنا الرد من العاقلة.وكذا لو شاركه سبع، لم يسقط القصاص، لكن يرد عليه الولي نصف ديته.

الخامسة: للمحجور عليه لفلس أو سفه استيفاء القصاص(190) ، لاختصاص الحجر بالمال.ولو عفا على مال ورضي القاتل، قسمه على الغرماء.ولو قتل وعليه دين، فإن أخذ الورثة الدية، صرفت في ديون المقتول ووصاياه كما له، وهل للورثة استيفاء القصاص من دون ضمان ما عليه من الديون؟ قيل: نعم، تمسكا بالاية وهو أولى، وقيل: لا، وهو مروي.

السادسة: إذا قتل جماعة على التعاقب، ثبت لولي كل واحد منهم القود، ولا يتعلق حق واحد بالاخر.فإن استوفى الاول، سقط حق الباقين لا إلى بدل(191) ، على تردد.

ولو بادر احدهم فقتله، فقد أساء وسقط حق الباقين، وفيه إشكال ينشأ من حيث تساوي الكل في سبب الاستحقاق.

السابعة: لو وكل في استيفاء القصاص، فعزله قبل القصاص ثم استوفى(192) ، فإن علم فعليه القصاص، وإن لم يعلم فلا قصاص ولا دية.أما لو عفا الموكل ثم استوفى ولما يعلم، فلا قصاص أيضا، وعليه الدية للمباشرة، ويرجع بها على الموكل لانه غار.

الثامنة: لا يقتص من الحامل(193) حتى تضع.ولو تجدد حملها بعد الجناية، فإن ادعت الحمل وشهدت لها القوابل، ثبت.وإن تجردت دعواها، قيل: يؤخذ بقولها، لان فيه دفعا

___________________________________

(190) بأن يقتص من قاتل مورثه ولا يأخذ منه الدية(ولو قتل) شخص(كماله) اي: كما أن مال المقتول يصرف في ديون نفسه، كذلك ديته(بالاية) وهي قوله تعالى( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) .

(191) اي: لابدل لهم(على تردد) لاحتمال أن يكون للاخرين الدية(أحدهم) غير الاول(اساء) بناء على ترجيح السابق عليه(وفيه) اي: في سقوط حق الباقين(اشكال) لاحتمال الدية للاخرين(سبب الاستحقاق) وهو القتل ظلما فكيف يسقط حقهم جميعا لاستيفاء أحدهم حقه.

(192) بعد العزل(فإن) كان قد(علم) بالعزل قبل القصاص(فعليه) الوكيل(القصاص) لانه قتل الجاني عمدا ظلما(غار) اسم فاعل من الغرور، والمغرور يرجع على من غره.

(193) لو قتلت ظلما شخصا(وشهدت لها) بالحمل(ثبت) الحمل فلا يقتص منها حتى تضع(تجردت) عن شهادة القوابل(السلطان) الذي جعله الله تعالى لولي المقتول بقول سبحانه:( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) " بالاغتذاء " بالطعام فلا يحتاج إلى اللبن.

٢٧٨

للولي عن السلطان.

ولو قيل: يؤخذ، كان أحوط، وهل يجب على الولي الصبر حتى يستقل الولد بالاغتذاء؟ قيل: نعم، دفعا لمشقة إختلاف اللبن، والوجه تسليط الولي إن كان للولد ما يعيش به غير لبن الام، والتأخير إن لم يكن.ولو قتلت المرأة قصاصا، فبانت حاملا، فالدية على القاتل(194) .ولو كان المباشر جاهلا به، وعلم الحاكم، ضمن الحاكم.

التاسعة: لو قطع يد رجل ثم قتل آخر(195) ، قطعناه أولاثم قتلناه.وكذا لو بدأ بالقتل، توصلا إلى استيفاء الحقين.

ولو سري القطع في المجني عليه والحال هذه، كان للولي نصف الدية من تركة الجاني، لان قطع اليد بدل عن نصف الدية، وقيل: لا يجب في تركة الجاني شئ، لان الدية لاتثبت في العمد إلا صلحا.ولو قطع يديه فاقتص(196) ، ثم سرت جراحة المجني عليه، جاز لوليه القصاص في النفس.ولو قطع يهودي يد مسلم، فاقتص المسلم ثم سرت جراحة المسلم، كان للولي قتل الذمي.ولو طالب بالدية، كان له دية المسلم، لا دية يد الذمي وهي أربعمائة درهم.وكذا لو قطعت المرأة يد رجل فاقتص، ثم سرت جراحته(197) ، كان للولي القصاص.ولو طالب بالدية، كان له ثلاثة أرباعها.

ولو قطعت(198) يديه ورجليه، فاقتص ثم سرت جراحاته، كان لوليه القصاص في النفس، وليس له الدية، لانه استوفى ما يقوم مقام الدية، وفي هذا كله تردد، لان للنفس دية على انفرادها، وما استوفاه وقع قصاصا.

العاشرة: اذا هلك قاتل العمد، سقط القصاص.وهل تسقط الدية؟ قال في المبسوط: نعم، وتردد في الخلاف.

وفي رواية أبى بصير: إذا هرب ولم يقدر عليه حتى مات، أخذت من ماله، وإلا فمن الاقرب فالاقرب(199) .

___________________________________

(194) اي: دية الحمل على المباشر للقتل(جاهلا به) بالحمل(ضمن الحاكم) فإن كان الحاكم معذورا في ذلك بخطأ فالدية من بيت المال، وان تعمد ففي ماله.

(195) اي: قتل رجلا آخر(بدأ بالقتل) اي: قتل رجلا اولا، ثم قطع يد رجل آخر(ولو سرى) فمات(كان للولي) اي: لولي المقطوع(الاصلحا) ولم يصالح الجاني مع ولي المجني عليه على الدية.

(196) مثلا قطع يد عمرو، فقطع عمرو يدي زيد قصاصا، ثم سرت جراحة عمرو ومات، جاز لولي عمرو قتل زيد(يهودي) او ذمي اخر من مجوسي، او نصراني(ثم سرت) فمات المسلم(ولو طالب بالدية) بعد القصاص في اليد.

(197) ومات الرجل(للولي) ولي الرجل(القصاص) وقتل المرأة(بالدية) اي: طالب ولي الرجل الدية من المرأة بعد أن قطع يد المرأة قصاصا(ثلاثة ارباعها) لا نصفها، لان دية يد المرأة نصف دية يد الرجل.

(198) اي: قطعت المرأة يدي الرجل ورجليه(فاقتص) وقطع يديها ورجليها(ثم سرت) فمات الرجل(في النفس) بأن يقتل المرأة(مايقوم مقام الدية) وهو اليدان والرجلان(تردد) لاحتمال أن تكون الدية الكاملة عند السراية.

(199) لعل المقصود به الوارث.

٢٧٩

الحادية عشرة: لو اقتص من قاطع اليد(200) ، ثم مات المجني عليه بالسراية، ثم الجاني، وقع القصاص بالسراية موقعه.وكذا لو قطع يده ثم قتله، فقطع الولي يد الجاني، ثم سرت إلى نفسه.أما لو سرى القطع إلى الجاني أولا ثم سرى قطع المجني عليه، لم تقع سراية الجاني قصاصا، لانها حاصلة قبل سراية المجني عليه، فكانت هدرا.

الثانية عشرة: لو قطع يد إنسان فعفا المقطوع، ثم قتله القاطع فللولي القصاص في النفس بعد رد دية اليد(201) .

وكذا لو قتل مقطوع اليد، قتل بعد أن يرد عليه دية يده، إن كان المجني عليه أخذ ديتها أو قطعت في قصاص.

ولو كانت قطعت من غير جناية ولا أخذ لها دية، قتل القاتل من غير رد، وهي رواية سورة بن كليب عن أبي عبداللهعليه‌السلام .وكذا لو قطع كفا بغير أصابع، قطعت كفه بعد رد دية الاصابع(202) .

ولو ضرب ولي الدم الجاني قصاصا، وتركه ظنا أنه قتل، وكان به رمق فعالج نفسه وبرئ، لم يكن للولي القصاص في النفس حتى يقتص منه بالجراحة أولا.

وهذه رواية إبان بن عثمان، عمن أخبره، عن أحدهماعليهما‌السلام ، وفي ابان ضعف(203) مع ارساله السند.

والاقرب أنه إن ضربه الولي بما ليس له الاقتصاص به، اقتص منه، وإلا كان له قتله، كما لو ظن أنه ابان عنقه، ثم تبين خلاف ظنه بعد انصلاحه، فهذا له قتله، ولا يقتص من الولي، لانه فعل سائغ.

___________________________________

(200) مثاله، قطع زيد يد عمرو، فقطع عمرو يد زيد قصاصا، فمات عمرو من سراية جرح قطع يده، ثم مات زيد بالسراية ايضا(موقعه) اي: يكون كقتل الجاني قصاصا(هدرا) بل يؤخذ من تركة الجاني نصف الدية لسقوط النصف الآخر بقصاص قطع يد الجاني.

(201) اذ العفو بحكم الاستيفاء فكانه أخذ دية يده(مقطوع اليد) اي: قتل قاتل شخصا مقطوع اليد(المجني عليه) المقتول(ديتها) دية يده(من غير جناية) كما لو وقع حجر عليه، او سقط هو من شاهق فقطعت يده.

(202) دية كل اصبع عشر دية النفس على المشهور، وقيل: للابهام الثلث، وللاربع البواقي الثلثا بالسوية - كما سيأتي في كتاب الديات -(ولو ضرب) بسيف بقصد القتل(في النفس) اي: قتله(بالجراحة اولا) بأن يضرب الجاني ولي المقتول ظلما بمثل ضربه له.

(203) لانه من الناووسية وان كان فيمن نقل اجماع العصابة على تصحيح مايصح عنه(مع ارساله) لان ابانا رواه عمن اخبره عن أحدهما - يعني الباقر او الصادقعليهما‌السلام -(بما ليس له) كالضرب بالعصا ونحوه(اقتص منه) من ولي المقتول(كان له قتله) ثانيا(ابان عنقه) اي: قطعه(له قتله) ثانيا(سائغ) اي: جائز.

القسم الثانى في قصاص الطرف(204)

وموجبه الجناية بما يتلف العضو غالبا، أو الاتلاف بما قد يتلف لا غالبا مع قصد الاتلاف.

___________________________________

(204) اي: العضو، مقابل قصاص النفس(غالبا) كما لو ادخل مسمارا في عينه فإنه سبب لاتلاف العين غالبا، سواء كان

٢٨٠