الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين0%

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين مؤلف:
الناشر: المؤلف
تصنيف: الإمام علي بن الحسين عليه السلام
الصفحات: 413

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد زهير الأعرجي
الناشر: المؤلف
تصنيف: الصفحات: 413
المشاهدات: 242215
تحميل: 13353

توضيحات:

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 413 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 242215 / تحميل: 13353
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

مؤلف:
الناشر: المؤلف
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ثلثاه فطنة وثلثه تغافل لأن الإنسان لا يتغافل عن شيء قد عرفه ففطن له(١) .

واعلم ان الساعات تذهب عمرك وأنك لا تنال نعمة إلا بفراق أخرى وإياك والأمل الطويل ، فكم من مؤمّل أملاً لا يبلغه ، وجامع مال لا يأكله ، ومانع ما سوف يتركه ولعله من باطل جمعه ، ومن حق منعه أصابه حراماً وورثه واحتمل أصره وباء بوزره ذلك هو الخسران المبين )(٢)

وقالعليه‌السلام لأبنه الباقرعليه‌السلام أيضاً : ( أوصيك بما أوصاني به أبيعليه‌السلام : أصبر على الحق وإن كان مراً )(٣) و( أفعل الخير إلى كل من طلبه منك )(٤) ) يا بنّي اني جعلتك خليفتي من بعدي لا يدعي فيما بيني وبينك أحد إلا قلّده الله يوم القيامة طوقاً من النار ، فاحمد الله على ذلك واشكره يا بنّي اشكر لمن انعم عليك ، فانه لا تزول نعمة إذا شكرت ، ولا بقاء لها إذا كفرت والشاكر بشكره اسعد منه

ــــــــــــــــ

(١) قال الجاحظ : لم يجعلعليه‌السلام لغير الفطنة نصيباً من الخير ، ولا حظاً من الصلاح لأن الانسان لا يتغافل عن شيء الا وقد عرفه وفطن قال الطائي : ليس الغبي بسيد في قومه ، لكن سيد قومه المتغابي .

(٢) كفاية الأثر للخزاز القمي ص ٣١٩ .

(٣) مجموعة ورام ص١٤ .

(٤) روضة الكافي ملحقة بتحف العقول ص ١٩١ حديث ١٤١ .

١٢١

بالنعمة التي وجب عليه بها الشكر ) ثم تلا قوله تعالى :( وَإِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنّكُمْ ) (١) .

وفي رواية أخرى ، أنهعليه‌السلام قال :

إياك يا بنّي أن تصاحب الأحمق أو تخالطه ، واهجره ولا تحادثه ، فان الأحمق هجنه عبن(٢) غائباً كان أو حاضراً إن تكلم فضحه حمقه ، وإن سكت قصر فقره عنه ، وإن عمل أفسد ، وإن استرعى أضاع لا علمه من نفسه يغنيه ، ولا علم غيره ينفعه ، ولا يطيع ناصحه ، ولا يستريح مقارنه تودّ أمه لو أنها ثكلته ، وأسرته فقدته ، وجاره بعد داره ، وجليسه الوحدة من مجالسته إن كان أصغر من في المجلس أغنى من فوقه ، وإن كان أكبر أفسدهم من دونه (٣) .

وبقي الزهري يزور الإمام زين العابدينعليه‌السلام أيام مرضه ، فعندما زاره في تلك الأيام أكرمه الإمامعليه‌السلام فقدم إليه طبق فيه هندباء وقال له : ( كل منه انه الهندباء ، وما من ورقة إلا وعليها قطرة من ماء الجنة وفيه شفاء من كل داء ) وجيء إليه بدهن البنفسج ، فقالعليه‌السلام : ( فضله على الادهان كفضل الإسلام على الأديان ) ثم

ــــــــــــــــ

(١) سورة إبراهيم : الآية ٧ أمالي الطوسي ص ٣١٩ وكفاية الأثر للخزاز القمي ص ٣١٩ .

(٢) الهجنة : القبيح وما يعيبه الانسان والعبن : ( بتشديد النون ) الغليظ الخشن

(٣) ناسخ التواريخ .

١٢٢

دخل عليه أبو جعفر الباقرعليه‌السلام ، فجعلعليه‌السلام يسّاره طويلاً ، فسمع الزهري قول زين العابدينعليه‌السلام لابنه : عليك بحسن الخلق .

قال الزهري : فوقع في نفسي انه نعى نفسه فقلت له يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن وقع من أمر الله ما لا بد لنا منه ، فإلى من نختلف بعدك قالعليه‌السلام : ( يا أبا عبد الله الى ابني هذا وأشار الى محمد الباقرعليه‌السلام فانه وصيي ووارثي وعيبة علمي هو معدن العلم وباقره ) .

قلت : يا ابن رسول الله ما معنى ( باقر العلم ) ؟ قالعليه‌السلام : ( سوف يختلف إليه خلّص شيعتي ، فيبقر العلم عليهم بقراً ) .

قلت له : هلا أوصيت إلى أكبر ولدك ؟ قالعليه‌السلام : ( يا أبا عبد الله ليست الإمامة بالكبر والصغر هكذا عهد إلينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهكذا وجدناه مكتوباً في اللوح والصحيفة ) .

قلت : يا ابن رسول الله كم عهد إليكم نبيكم أن يكون الأوصياء بعده ؟ قالعليه‌السلام : ( وجدنا في الصحيفة واللوح اثنى عشر اسماً مكتوبة إمامتهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم يخرج من صلب محمد ابني سبعة من الأوصياء فيهم المهديعليه‌السلام )(١) .

وقالعليه‌السلام للباقرعليه‌السلام : ( أني حججت على ناقتي هذه عشرين حجة لم اقرعها بسوط فاذا نفقت فادفنها ، لا يأكل لحمها السباع .

ــــــــــــــــ

(١) كفاية الأثر ص ٣١٩ .

١٢٣

فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلاّ جعله الله من نعم الجنة وبارك في نسله ) فلما نفقت دفنها أبو جعفر الباقرعليه‌السلام (١) .

ثم ضمّه إلى صدرهعليه‌السلام وقال : ( يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة ، وان أباه أوصاه به ، وهو : يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله )(٢) ثم أخرج سفطاً وصندوقاً ، وأمر أبا جعفر الباقرعليه‌السلام بحمله إليه وكان فيه سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودرعه ، وألواح موسىعليه‌السلام وعصاه(٣) .

وقال لأبي جعفرعليه‌السلام : ( يا بني اذا مت فلا يلي غسلي غيرك ، فإن الإمام لا يلي غسله إلا إمام مثله يكون بعده )(٤)

الإستشهاد

وفي الليلة التي قبض فيهاعليه‌السلام أخبر من كان عنده بان هذه الليلة هي التي قدر الله فيها الرحلة الى جوار قدسه(٥) وأغمي

ــــــــــــــــ

(١) ثواب الأعمال ص ٢٩ والمحاسن للبرقي ج ٢ ص ٦٣٥ .

(٢) بحار الأنوار ج ١١ ص ٤٤ عن الكافي .

(٣) بصائر الدرجات ص ٤٦ ـ ٤٨ .

(٤) الخرائج ص ٢٠ .

(٥) بحار الأنوار ج ١١ ص ٤٣ .

١٢٤

عليه ثلاث مرات ، قرأ بعد المرة الأخيرة :( إذا وقعت الواقعة ) (١) ، و( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ) (٢) ثم قالعليه‌السلام :( الْحَمْدُ للّهِ‏ِ الّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوّأُ مِنَ الْجَنّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) )(٣) . ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئاً(٤)

قال جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام : ( مرض علي بن الحسينعليه‌السلام ثلاث مرضات ، في كل مرضة يوصي بوصية ، فاذا أفاق أمضى وصيته )(٥)

وقبض الإمام زين العابدينعليه‌السلام مظلوماً شهيداً مقتولاً بأمر الوليد بن عبد الملك الذي أوعز إلى أخيه هشام بدس السم اليه ، كما ألمحنا الى ذلك سابقاً فكان مصداقاً لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما من نبي ولا وصي إلا شهيد )(٦) ، وما قاله أئمة أهل البيتعليه‌السلام : ( ما منا إلا مقتول شهيد )(٧) فتوفيعليه‌السلام في الخامش والعشرين من محرم الحرام

ــــــــــــــــ

(١) سورة الواقعة : الآية ١ .

(٢) سورة الفتح : الآية ١ .

(٣) سورة الزمر : الآية ٧٤ .

(٤) الكافي ج ١ ص ٤٦٨ .

(٥) الكافي ج ٧ ص ٥٦ .

(٦) بصائر الدرجات ص ١٤٥ .

(٧) أعلام الورى للطبرسي ص ٢١١ .

١٢٥

سنة ٩٥ للهجرة عن عمرٍ ناهز السابعة والخمسين عاماً فضجّت المدينة بالبكاء ، وكان يوماً كيوم وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشهد جنازته البر والفاجر ، وأثنى عليه الصالح والطالح وانهال الناس يتبعونه حتى جيء بالجنازة الى البقيع وعندما غسلّه أبنه محمد الباقرعليه‌السلام وجد على كتفيه جلب كجلب البعير(١) فسأل الناس ما هذه الآثار ؟ فقيل لهم : من حمل الطعام في الليل يدور به على منازل الفقراء(٢) وتم مواراة جسده الظاهر في تربة عمهم الحسن بن عليعليه‌السلام في قبة العباس ابن عبد المطلب(٣)

فسلامٌ على زين العابدينعليه‌السلام يوم ولد ، ويوم استشهد ، ويوم يبعث حياً .

ــــــــــــــــ

(١) جلب : قشرة تعلو الجرح عند البرء .

(٢) تأريخ اليعقوبي ج ٣ ص ٤٥ .

(٣) الفصول المهمة ص ٢٢١ ومطالب السؤول ص ٧٩ والصواعق المحرقة ص ١٢٠ .

١٢٦

الفصل الثاني : الخصائص الشخصية

الإمامة

يعدّ زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام الإمام الرابع من أئمة أهل البيتعليه‌السلام الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، حسب وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحتى نفهم إمامة زين العابدينعليه‌السلام لابد لنا من شرح مختصر لمعنى ( الإمامة ) لفظاً واصطلاحاً .

المعنى اللفظي : ومعنى الإمام هو من يأتمّ به الناس ويقتي وأصل الكلمة ( أمّ ) القوم أي تقدمهم في الصلاة أو في الفكر والنتيجة أن الإمامة هي منصب رئاسة والخلافة والولاية كلمتان إضافتيان ترادفان كلمة الإمامة .

وقد وردت تلك الالفاظ في القرآن الكريم فجاءت كلمة الإمام مطلقة في الهداية والضلال ، وهو كل من تقدّم لفرقة فاتبعة الناس فقال تعالى في أئمة الضلال :( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُونَ ) (١) ( فَقَاتِلُوا أَئِمّةَ الْكُفْرِ إِنّهُمْ لاَأَيْمَانَ لَهُمْ ) (٢) وقال في شأن ابراهيم واسحق ويعقوبعليه‌السلام

ــــــــــــــــ

(١) سورة القصص : الآية ٤١ .

(٢) سورة براءة : الآية ١٢ .

١٢٧

  ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ) (١) ، وفي حق إبراهيم الخليلعليه‌السلام :( وَإِذِ ابْتَلَى‏ إِبْرَاهِيمَ رَبّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهُنّ قَالَ إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً ) (٢) .

وجاءت كلمة الخلافة ككلمة إضافية ، لأنها تقتضي النيابة والبدلية والإستخلاف لابد أن يكون عن الله عزّ وجلّ ، وعن رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكون خليفة الله أو خليفة رسوله قال عزّ وجلّ في شأن آدم مخاطباً الملائكة :( إِنّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٣) ، وقال تعالى مخاطباً النبي داودعليه‌السلام :( يَا دَاوُدُ إِنّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ) (٤) ، وبخصوص موسى وهارون :( وَقَالَ مُوسَى‏ لْأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (٥) .  وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام في غزوة تبوك : ( يا علي إنما خلفتك على أهلي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)(٦) .

وجاءت كلمة الولاية إضافية أيضاً ، لأنها أقتضت التكفل بمعنى ان يقوم الولي بكفالة المؤمنين مهما كان عددهم قال تعالى :

ــــــــــــــــ

(١) سورة الانبياء : الآية ٧٣ .

(٢) سورة البقرة : الآية ١٢٤ .

(٣) سورة البقرة : الآية ٣٠ .

(٤) سورة ص : الآية ٢٦ .

(٥) سورة الأعراف : الآية ١٤٢ .

(٦) الخصائص ص ١٤ رواها النسائي عن سعد بن أبي وقاص .

١٢٨

 ( إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (١) .

المعنى الإعتقادي : والإمامة الشرعية أصل من أصول الدين لأنها رئاسة ربانية تقود الأمة إلى طريق الهداية والرشاد ومن أجل فهم المعنى الإعتقادي للإمامة كان لابد من عرض مجموعة المبادئ التي تشكل الأساس لفكرة الإمامة :

١ ـ ان الإمامة الكلية والولاية المطلقة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولخلفائه أئمة أهل البيتعليه‌السلام إنما هي بالجعل الآلهي لا بالتكوين أي ان الإنسان لا يستطيع مهما اجتهد ودرس أن يكون بمنزلة الإمام المعصومعليه‌السلام لأن القضية ليست قضية اكتساب واجتهاد ، إنما هي إرادة إلهية اقضت أن يكون هؤلاء الاطهار من آل النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أئمة هدى ، وإلى ذلك قال تعالى : (( إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً ) )(٢) فالإرادة الإلهية شاءت أن تحصر الإمامة الشرعية الكلية بهمعليه‌السلام فالإمامة بهذا المعنى هي شرعية جعلية وليست تكوينية .

ــــــــــــــــ

(١) سورة المائدة : الآية ٥٥ .

(٢) سورة الأحزاب : الآية ٣٣ .

١٢٩

أن ان الإمامة ليست مرتبة علمية ، ولا منزلة إجتماعية يكتسبها الانسان بالجدّ والاجتهاد ، ولا سلطة إدارية يتلبس بها الانسان قهراً وكل من تغلب على أمور الناس واستولى على مقدراتهم ، فهو إمام قهر وغلبة وكل من ثبتت له الولاية الآلهية وكان له زمام الدين ، فهو إمام عدل وهداية .

٢ ـ ان الإمامة منصب إلهي ، وليست منصباً عرفياً أو عقلائياً وإلى ذلك يشير القرآن الكريم( وَإِذِ ابْتَلَى‏ إِبْرَاهِيمَ رَبّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهُنّ قَالَ إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً ) )(١) فالإمامة تنتهي إلى من له ملك السموات والأرض فيقلدها من اصطفاه من عباده ، ويجعلها لمن ابتلاه من خيرة خلقه وبمعنى آخر ، أن الإمامة لا تجري مجرى الإنتخاب أو التصويب بل هي بالتعيين الإلهي أو الإصطفاء .

ويشترط فيمن تكون له الولاية والإمامة ان تكون له اللياقة التامة الكاملة من قبيل إمتلاكه الفضائل الإنسانية والكمالات الروحية والجسمية والملكات القدسية ، وتلك صفات أساسية يعلمها الله تبارك وتعالى لعباده الذين يصطفيهم لهذه المهمة العظيمة .

٣ ـ يصنّف العلماء المجعولات الشرعية إلى صنفين الإول : أصول الدين ، وهي الإعتقادات والثاني : فروع الدين ، وهي الأعمال التكليفية والإمامة من الصنف الأول أي هي أصلٌ من الأصول العقائدية مثلها مثل التوحيد والنبوة والمعاد ، لأنها ليست من الوظائف العملية المرتبطة بالتكليف كالصلاة والصيام والزكاة ونحوها .

ــــــــــــــــ

(١) سورة البقرة : الآية ١٢٤ .

١٣٠

ولذلك أمر الإسلام بوجوب الإيمان بالإمامة ، كاعتقاد له مصاديق واقعية حية إلى يوم القيامة وكل أمر يجب الاعتقاد به في الدين يعدّ من أصول الدين فالإمامة أصل من أصول الدين .

وأوجب الدين معرفة الإمامعليه‌السلام بنص حديث الرسول الأعظم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المشهور المتواتر المتفق عليه بين الفريقين : (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية )(١) فالإمامة إذن أصل يجب معرفته وتشخيص موارده والإيمان قلبياً صحيحاً .

٤ ـ ان من لوازم الإمامة اللياقة العلمية الآلهية : فالإمامة الإلهية لا تكتمل إلاّ بعلم رباني وفيض إلهي يحيط بجميع شؤون ولاية الإمامعليه‌السلام بمعنى انه لابد للإمام من العلم بجميع حقائق الشريعة ، وتمام خصوصيات الأحكام ، وفهم تام لجميع آيات القرآن ، وإدراك تام لعوا لم الوجود فالولاية التامة تقتضي علماً كاملاً بعوالم التشريع والتكوين وما له الولاية عليه وأولوية التصرف فيه .

وتشير جملة من الآيات القرآنية الشريفة إلى مراتب العلم الإلهي فيقول تعالى بخصوص الخضرعليه‌السلام ( وَعَلّمْنَاهُ مِن لّدُنّا

ــــــــــــــــ

(١) ورد الحديث بالفاظ مختلفة لاحظ صحيح مسلم ج ٦ ص ٢٢ ، ومسند أحمد ج ٢ ص ٨٣ ، ومنهاج السنة لابن تيمية ج ١ ص ٦٧ ، وكنز العمال ج ٣ ص ٢٢٠ .

١٣١

عِلْماً ) (١) ، وبخصوص لقمان (ع : (( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ) (٢) ، وفي شأن داودعليه‌السلام ( وَعَلّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ ) ، وفي حق وزير سليمان بن داودعليه‌السلام ( قَالَ الّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٤) وبخصوص عيسىعليه‌السلام ( وَأُحْيِي الْمَوْتَى‏ بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) (٥) .

دليل اللياقة العلمية : وفي الإستدلال على اللياقة العلمية للإمام نأتي بآيتين لهما خصوصية في هذا المقام :

الأولى : قوله تعالى في قصة آدم : (( وَإِذْ قَالَ رَبّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَتَعْلَمُونَ * وَعَلّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلّهَا ثُمّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلّا مَا عَلّمْتَنَا

ــــــــــــــــ

(١) سورة الكهف : الآية ٦٥ .

(٢) سورة لقمان : الآية ١٢ .

(٣) سورة الأنبياء : الآية ٨٠ .

(٤) سورة النمل : الآية ٤٠ .

(٥) سورة آل عمران : الآية ٤٩ .

١٣٢

إِنّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لّكُمْ إِنّي أَعْلَمُ غَيْبَ السّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) (١) .

وهذه الآية صريحة في ان الإمامة الإلهية أو الخلافة لا تتم إلا باللياقة العلمية الربانية الشاملة لجميع الحقائق والكليات وهي موهبة خاصة لا تتوفر للملائكة الذين جبلوا على الطاعة والعبادة والتقديس فالخلافة أو الإمامة هنا لا تحصل إلاّ بإفاضة العلم الربّاني على الخليفة الربّاني .

الثانية : قوله تعالى : (( قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) (٢) . وهذه الآية غالباً ما يستشهد بها أئمة أهل البيتعليه‌السلام على قدرتهم العلمية والإعجازية وهذا الذي عنده علم الكتاب ويكون شهيداً بين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقومه لابد أن يكون حائزاً على فيضٍ رباني وعلم إلهي وفضيلة حتى يكون مؤهلاً للشهادة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهادة تامة من جميع الجوانب وكيف يستطيع ذلك الشاهد إدراك أفضلية خاتم الأنبياء محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لم يكن فاضلاً نفسه .

وعلم الكتاب يعني العلم بكل شيء ، لأن الكتاب الذي يعلمه لابد أن يكون أحد أمرين : إما اللوح المحفوظ الذي دوّن فيه

ــــــــــــــــ

(١) سورة البقرة : الآية ٣٠ ـ ٣٣ .

(٢) سورة الرعد : الآية ٤٣ .

١٣٣

كل شيء ، وإما القرآن الكريم الذي يصرح بأنه (( تِبْيَاناً لِكُلّ شَيْ‏ءٍ ) (١) ،( وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) )(٢) وإذا انحصر الكتاب بالقرآن الكريم ، فمن عنده علم الكتاب هو العالم العارف بكليات القرآن الكريم وجزئياته وإذا كان الذي عنده علم من الكتاب قادراً على إحضار عرش بلقيس ملكة سبأ قبل أن يرتدّ إلى سليمانعليه‌السلام طرفه ، فان الذي عنده علم الكتاب ( وهو الإمام ) قادر على الإحاطة العلمية الكاملة بقضايا التشريع والتكوين .

٥ ـ العصمة من لوازم الإمامة : العصمة هي ملكة روحية تصون صاحبها عن الخطأ والنسيان ، والجهل والعصيان وبتعبير آخر فإن الإمام يجب أن يكون معصوماً عن ارتكاب المخالفات الشرعية أو ارتكاب الأعمال التي يستقبحها العقل ، بصورة كلية أو جزئية ، عمداً أو سهواً ، ومن الصبا المبكر وحتى الممات .

فالمعصوم ينبغي ان لا يخالف التكاليف الشرعية ، مع قدرته عليها ، لعدّة اسباب :

الأول : ان الهدف من الإمامة هو حفظ الشريعة فلابد أن يكون الإمام حافظاً للدين ومن أجل تحقيق ذلك لابد ان يكون معصوماً أي لابد أن لا يخطأ ولا ينسى ولا يجهل أمور الدين ، وان لا يرتكب المعصية الشرعية أو العقلية وهو قادر عليها ولا يمكن ان تكون العصمة في الدين متجزأة ، أي لا يمكن ان يكون له فهم في أمور ، وجهل في أمور اخرى بل لابد ان تكون العصمة تامة كاملة وشاملة لجميع موارد الدين بما فيها الاعتقادات والعبادات .

الثاني : ان الحاجة من وجود الإمامة هو عدم تفويت المصالح على العباد أي ان الإمام المعصوم يمنع الظلم وينتصف للمظلوم ، ويرفع الفساد ، ويحمل الناس على الطاعة ، ويمنعهم عن ارتكاب الفواحش والمنكرات ، ويحسم مادة الفتن ، ويقيم الحدود والفرائض ولو جازت المعصية من إنسان من هذا القبيل لانتفت المصلحة من وجوده .

ــــــــــــــــ

(١) سورة النحل : الآية ٨٩ .

(٢) سورة الانعام : الآية ٥٩ .

١٣٤

وغير المعصوم يمكن ان يرتكب المعصية فلا تحصل الفائدة وغير المعصوم تصدر منه الصغائر التي لا تنافي العدالة ، ولا تحصل الفائدة من وجوده لأنه يحتاج عندئذٍ إلى إمام آخر لا يرتكب الصغائر والإمام الذي يخطأ يحتاج إلى إمام آخر يمنعه عن ارتكاب الاخطاء وحتى لو كان معذوراً فإن العذر لا يصحح تفويت تلك المصالح على العباد .

وبذلك نستنتج بأن الإمام ينبغي أن يكون معصوماً عصمة تامة ، حتى تحرز العدالة الواقعية من أفعاله وأقواله ويؤيدها قوله تعالى : ( (( وَإِذِ ابْتَلَى‏ إِبْرَاهِيمَ رَبّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهُنّ قَالَ إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) )(١) . وهي صريحة في ان الولاية أو الإمامة لا ينالها الظام والمعصية مهما كان حجمها لاتتعدى كونها أحد أنواع الظلم الثلاثة ، وهي : ظلم بحق الله تعالى ، أو ظلم بحق الناس ، أو ظلم بحق النفس وكلّها تعدّ تعدياً لحدود الله ، وقد قال تعالى :( وَمَن يَتَعَدّ حُدُودَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُون ) (٢)

قال السيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية الآنفة الذكر : ( قال ابن عباس : لا ينال عهده من هو في رتبة ظالم ولا ينبغي ان يوليه شيئاً من أمره وعن مجاهد : ان المعنى هو أن لا أجعل إماماً ظالماً يقتدى به)

الثالث : هناك إحتمال بأن يخالف غير المعصوم الحق عمداً أو خطأ فيلزم عندئذٍ الخروج عن طاعته والإنكار عليه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإذا تمّ ذلك كان خلاف الهدف الذي تم فيه نصب الإمام وقد قال تعالى( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٣) والآية صريحة في وجوب طاعة أولي الأمر على الإطلاق كوجوب طاعته عزّ وجلّ وطاعة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا لا يتحقق إلاّ بالعصمة ، لأن غير المعصوم قد يأمر بالمعصية خطأ أو نسياناً أو جهلاً ، وعندئذٍ يجب مخالفته بينما أوجبت الآية طاعته فعندئذ يقع التناقض بين وجوب الطاعة للولي وحرمة الطاعة في معصية الله عزّ وجلّ وهذا مستحيل بحق القرآن .

ــــــــــــــــ

(١) سورة البقرة : الآية ١٢٤ .

(٢) سورة البقرة : الآية ٢٢٩ .

(٣) سورة النساء : الآية ٥٩ .

١٣٥

الرابع : ان الإمام هو مثل أعلى للناس ، فإذا لم يكن معصوماً وصدرت منه المعصية أحياناً ، ولو كانت من الصغائر ، اصبح مورداً لعدم الاطمئنان به وبقيادته لأن الصغيرة من الإمام أقبح من الكبيرة من عموم الناس فهنا يسقط من القلوب ولا تنقاد الناس إلى إمامته قال تعالى في خطابه إلى نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن يَأْتِ مِنكُنّ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً ) (١) .

الإمام المنصوص عليه :

إجمالاً ، إذا كانت الإمامة هي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا(٢) ، والتقدم في ما يقتضي طاعة صاحبه والإقتداء به في ما تقدم به(٣) ، والتقدم لأمر الجماعة(٤) ، فإن الإمام ينبغي ان يكون منصوصاً

ــــــــــــــــ

(١) سورة الأحزاب : الآية ٣٠ .

(٢) شرح المواقف للجرجاني ج٨ ص ٣٤٥ .

(٣) الإفصاح للشيخ المفيد ص ٢٧ .

(٤) الحدود والحقائق للقاضي الآبي ( من متكلمي الإمامية ) ص ١٥ رقم ١٦ .

١٣٦

عليه من قبل الله تعالى لأن العلم بتحقق شروط الإمامة لإنسان ما لم يكون إلا عند علامّ الغيوب وهو الله عزوجل ومنزلتها كمنزلة النبوة ، إلا ان النبوة مرتبطة مباشرة بالوحي والدليل على ذلك على قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي بن ابي طالبعليه‌السلام : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي)(١)

ويمكننا تصور شخصية الإمامعليه‌السلام عبر هذه القطعة الأدبية الشارحة لطبيعة الإصطفاء الرباني له :

( الحمد لله الذي نزه اوليائه عن دار الغرور ، وسما بهم الى أنوار السرور ، ولم يفعل ذلك بهم محاباة لهم على الخلائق ، ولا إلجاء لهم إلى جميل الطرائق ، بل عرف منهم قبولاً للألطاف ، واستحقاقاً لمحاسن الأوصاف ، فلم يرض لهم التعلق بحبال الإهمال ، بل وفقهم للتخلق بكمال الأعمال ، حتى فرغت نفوسهم عمن سواه ، وعرفت أرواحهم شرف رضاه ، فصرفواو أعناق قلوبهم إلى ظله ، وعطفوا آمالهم نحو كرمه وفضله .

فترى لديهم فرحة المصدق بدار بقائه ، وتنظر إليهم مسحة المشفق من أخطار لقائه ، ولا تزال أشواقهم متضاعفة إلى ما قرب من مراده ، وأريحيتهم مترادفة نحو إصداره وإيراده ، وأسماعهم مصغية إلى

ــــــــــــــــ

(١) وهو من الأحاديث المتواتره رواه البخاري في صحيحه ج ٤ ص ٢٠٨ ومسلم في صحيحه ج ٢ ص ٣٦٠ وأحمد في مسنده ج ١ ص ١٧٣ .

١٣٧

استماع أسراره وقلوبهم مستبشرة بحلاوة تذكاره ، فحباهم منه بقدر ذلك التصديق ، وحباهم من لدنه حباء البر الشفيق فما أصغر عندهم كل ما أشغل عن جلاله ، وما أتركهم لكل ما باعد من وصاله ، حتى أنهم يتمتعون بأنس ذلك الكرم والكمال ، ويكسوهم أبداً حلل المهابة والجلال ، فإذا عرفوا أن حياتهم مانعة عن متابعة مرامه ، وبقائهم حائل بينهم وبين إكرامه ، خلعوا أثواب البقاء ، وقرعوا أبواب اللقاء ، وتلذذوا في طلب ذلك النجاح ، ببذل النفوس والأرواح ، وعرضوها لخطر السيوف والرماح )(١)

ونستنتج مما سبق أن للإمام المنصوص عليه لياقات أخرى إضافية ، وهي :

١ ـ قبول الألطاف الإلهية أي الرضا بما يقسم الله عزّ وجلّ من نعم أو إبتلاءات دنيوية .

٢ ـ التوفيق لكمال الأعمال ، أي التوفيق لأداء حق الله تبارك وتعالى كاملاً في الطاعة وعدم المعصية ، وأداء حقوق العباد .

٣ ـ الإشغال بقرب المراد وهو التسامي في مراتب العبادة ، والإشتغال بالله تعالى وحده أي تفريغ النفس من كل ما يتعلق بشواغل الحياة الدنيوية ، من مال أو جاه ، أو ولد أو زوجة ، أو حزن أو فرح ، أو شوق لغيره تعالى .

ــــــــــــــــ

(١) ابن طاووس في اللهوف ص ٥ ـ ٦ .

١٣٨

٤ ـ الإستعداد لقرع باب اللقاء في أية لحظة أي تحقيق حالة عقلية مستعدة للموت في سبيل الله وبذلك نعلم ان المعصومعليه‌السلام هو أشجع الناس لأن الشجاعة العقلية أو الإستعداد النفسي والعقلي للموت أعظم من الشجاعة الجسدية المجردة عند الإنسان .

النص الخاص على إمامة زين العابدينعليه‌السلام

والنص على زين العابدينعليه‌السلام بالإمامة يمكن استقراؤه بطريقين :

الأول : الأخبار الواردة في الأئمة الإثنى عشر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي :

١ ـ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( الأئمة من بعدي أثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها((١) .

٢ ـ وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً انه قال : ( إذا اختلفت الأهواء وتفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب فإنه إمام أمتي وخليفتي عليهم من بعدي وان منه إمامي أمتي وسيديّ شباب أهل الجنّة

ــــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ج ٣٦ ص ٢٢٦ .

١٣٩

الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسينعليه‌السلام تاسعهم قائم أمتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً )(١)

٣ ـ في ليلة وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياًعليه‌السلام وقال له : ( يا أبا الحسن إحضر صحيفة ودواة ) ثم أملىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصيته حتى انتهى إلى بيان الخلفاء من بعده ، فقال : ( يا علي سيكون بعدي اثنا عشر إماماً فأنت يا علي أولهم ، سمّاك الله في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون ، فلا تصلح هذه الأسماء لأحدٍ غيرك ...

وأنت خليفتي على أمتي من بعدي ، فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البرّ الوصول فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي سيد العابدين ذي الثفنات فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى انبه محمد باقر العلم فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الرضا فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الثقة التقي فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي

ــــــــــــــــ

(١) المصدر السابق .

١٤٠