الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين0%

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين مؤلف:
الناشر: المؤلف
تصنيف: الإمام علي بن الحسين عليه السلام
الصفحات: 413

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد زهير الأعرجي
الناشر: المؤلف
تصنيف: الصفحات: 413
المشاهدات: 242207
تحميل: 13351

توضيحات:

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 413 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 242207 / تحميل: 13351
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

مؤلف:
الناشر: المؤلف
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

لم تكن تلك الحركات جميعاً منسجمة مع خط أهل البيتعليه‌السلام ولم يكن الإمامعليه‌السلام يطمح ليكون زعيم حركة إجتماعية ، أو حزب سياسي ، أو تكتل مذهبي بل كان موقعه هو قيادة الأمة الإسلامية بجميع أطيافها وطبقاتها إلى طريق مرضاة الله وموقع من هذا القبيل هو موقع الإمامة الكبرى التي شرّفها الله تعالى وألهمها المعارف الكلية ، من أجل حفظ الدين فكانعليه‌السلام يرى المصلحة الدينية العليا في عدم المشاركة بتلك الحركات .

وواقعة الحرة كانت نتيجة استنكار رجال المدينة لأفعال يزيد من شرب الخمر وعزف الطنابير ، ولم تكن لمقتل الحسينعليه‌السلام الذي هزّ كل ضمير إلا ضمائر هؤلاء الذين حركهم شرب يزيد للخمر أكثر مما حركهم شربه لدماء أهل البيتعليه‌السلام

ولم يخرج تحرك رجال المدينة عن إطار الإذن من عبد الله بن الزبير في مكة(١) فكانت تلك الحركة ـ على أقل التقادير ـ ذات دوافع سياسية غير دينية بالضرورة .

ومع ذلك ، فإن مسلم بن عقبة عندما دخل المدينة لسحق تلك الحركة ، كان لا يريد غير علي بن الحسينعليه‌السلام (٢)

ــــــــــــــــ

(١) مروج الذهب ج ٣ ص ٧٨ .

(٢) الإرشاد للمفيد ص ٢٩٢ .

٣٠١

ولكن إرادة الله وحكمة السجادعليه‌السلام صرفاه عما كان يبغيه ذلك الظالم المسرف في القتل .

وأما حركة عبد الله بن الزبير ، فكانت واضحة المعالم فقد كانت حركة بعيدة جداً عن طموحات أهل البيتعليه‌السلام في إقامة دولة العدل الإلهي بل ان تلك الحركة كانت مناوئة لمباني الإسلام الأصيل وكان عبد الله بن الزبير لا يخفي مشاعره ضد الإمام السجادعليه‌السلام وذرية المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد صرح بأنه كتم بغض أهل البيت أربعين عاماً(١) ، وهدّد آل محمد بالإحراق عليهم في شعب أبي طالب بمكة(٢) ، وكان يقول عنهم أنهم أهيل سوء يشمخون بأنوفهم(٣) وهو وصفٌ مقابل وصف الطهارة التي وصفوا بها في القرآن الكريم :( إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٤) .

وكان عبد الله بن الزبير يضع العيون على الإمام السجادعليه‌السلام يراقبونه ويحصون عليه انفاسه ، ويوصي أخيه مصعب بقتل الشيعة في العراق رجالاً ونساءً .

ــــــــــــــــ

(١) مروج الذهب ج ٣ ص ٨٤ .

(٢) تأريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٦١ .

(٣) مروج الذهب ج ٣ ص ٨٨ .

(٤) سورة الأحزاب : الآية ٣٣ .

٣٠٢

وبكلمة ، فقد كانت تلك الحرمة مناوئة لخط الإمامة والولاية فلم يؤيدها زين العابدينعليه‌السلام ولا بكلمة واحدة .

وأما حركة التوابين الذين طلبوا بثأر الحسينعليه‌السلام ، وحركة المختار الذي تتبع قتلة الحسينعليه‌السلام فقتلهم عن بكرة أبيهم(١) ، فقد وضععليه‌السلام لهما سياسة واضحة في المؤازرة غير المباشرة وقد عبّر عن ذلك في مخاطبته لعمه محمد بن الحنفية : ( يا عمّ ، لو أن عبداً تعصّب لنا أهل البيت ، لوجب على الناس مؤازرته ، وقد وليتك هذا الأمر ، فاصنع ما شئت ) فهوعليه‌السلام أناب عمه لاتخاذ القرار ، وهوعليه‌السلام يعلم علم اليقين بأن عمه سوف لن يتوانى عن دعم تلك الحركة في سعيها من الإقتصاص من قتلة آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وهذا التوازن الحكيم في تلك الحقبة المرعبة من تأريخ الأمة الإسلامية ، حفظ الدين ورسالته السماوية العظيمة ، وبقي الإمام زين العابدينعليه‌السلام علماً في العبادة والعلم والتقوى والزهد ، وبقي منهجهعليه‌السلام لإحياء الدين حياً إلى هذا اليوم ، وسوف يبقى حياً إلى يوم الدين ، كما وعدنا الله بذلك وربك لا يخلف الميعاد .

ــــــــــــــــ

(١) مروج الذهب ج ٣ ص ٨٤ .

٣٠٣

الفصل الرابع : الآثار المدوّنة

من الآثار الكاملة المدوّنة للإمام السجادعليه‌السلام : الصحيفة السجادية ، ورسالة الحقوق ، ورسالة في الزهد وتلك كتب ورسائل خاطب بها الإمامعليه‌السلام ثلاث جهات فقد خاطب السجادعليه‌السلام الله تبارك وتعالى في ( الصحيفة السجادية ) ، وخاطب المجتمع في ( رسالة الحقوق ) ، وخاطب الدنيا وما فيها في ( رسالة الزهد ) والصورة الكلية لتلك الرسائل قائمة على المضمون العقائدي والإخلاقي للدين ورسالة خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

والدعاء أدب ديني مبارك ، على نسقٍ رائعٍ جميلٍ ، ولغة ثرية ، ومفاهيم غنيّة ، وبلاغة عبقرية وهذا الطريق البارع من طرق البيان اختص به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيتعليه‌السلام دون غيرهم من العالمين وزمانهمعليه‌السلام كان يحفل بأهل الأدب والبيان والبلاغة والشعر ، ولكن لم يرق إلى هذا النثر الديني الرائع غير أدبهم ، ولم تسم إلى هذا المنثور المعجز سوى ألسنتهم الناطقة بالحق .

ومن بيان الروعة في أدب الإمام السجادعليه‌السلام في الصحيفة السجادية ورسالة الحقوق ورسالة الزهد ، أنه أطنب ببلاغة معجزة في وصف الجنّة والنار ، والنعيم والعذاب ، والآخرة والدنيا ، والخير والشر ، والإيمان والفسوق ، تشويقاً وتهويلاً والإطناب في فلسفة اللغة من أرقى مراتب البلاغة ومن أروع صورها ووجوهها والهدف من كل ذلك ترغيب الناس على عمل الخير ، والبر بالناس وبأنفسهم ، وزجرهم عن ارتكاب الشر ، والابتعاد عن القبيح الحرام .

٣٠٤

الصحيفة السجادية

الصحيفة السجادية هي مجموعة من الأدعية التي أنشأها الإمام السجادعليه‌السلام أيام حكم بني أمية ، رواها عنه ولداه : الإمام محمد الباقرعليه‌السلام ( ت ١١٤ هـ ) ، وزيد بن علي ( ت ١٢٢ هـ ) وأملاها الباقرعليه‌السلام على ولده الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ، بينما ورثها يحيى ( ت ١٢٥ هـ ) من أبيه زيد وأملاها الإمام الصادقعليه‌السلام على عمر بن هارون الثقفي البلخي ( ت ١٩٤ هـ ) ، حيث حافظ على الصحيفة واعتنى بها اعتناءً شديداً ، وعنه رواها الرواة .

أ ـ في سند الصحيفة ووثاقتها

وكانت تلك المجموعة من الأدعية تسمى بالدعاء الكامل كما جاء في رواية ابن الأعلم ان البلخي نقل عن يحيى قوله : ( ولأخرجن صحيفة من الدعاء الكامل ) وبعد أن أصبح تداول الصحيفة مشهوراً عند الطائفة ، عرفت بالصحيفة السجادية وسميت بالصحيفة السجادية الكاملة ، لأن للزيدية صحيفة غير تامة ناقصة عن

٣٠٥

المشهورة ، وتقرب من نصفها ، فاشتهرت هذه بالكاملة قبال تلك كما نقل ذلك السيد المرعشي ( ت ١٤١١ هـ ) عن السيد جمال الدين الكولباني ( ت ١٣٤٠ هـ ((١) .

ومن ناحية السند ، فقد حظيت الصحيفة بإهتمام واسع من قبل علماء أهل البيتعليه‌السلام فقد أسند إليها النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) ، والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) ، وابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) .

وأشار المجلسي الأول ( ت ١٠٧٠ هـ ) ، وهو والد مصنف بحار الأنوار المجلسي الثاني ( ت ١١١١ هـ ) ، في إجازته المؤرخة سنة ١٠٦٤ هـ : ( إنه لاشك في أن الصحيفة الكاملة ، عن مولانا سيد الساجدين بذاتها وفصاحتها وبلاغتها ، واشتمالها على العلوم الإلهية التي لا يمكن لغير المعصوم الإتيان بها والحمد لله رب العالمين على هذه النعمة الجليلة العظيمة التي اختصت بنا معشر الشيعة )(٢)

قال مصنف جواهر الكلام ( ت ١٢٦٦ هـ ) في معرض حديثه عن كون إقامة الجمعة من مناصب الإمامة كالقضاء والحدود : ( وفي الصحيفة [ رقم الدعاء ٤٨ ] المعلوم أنها من السجادعليه‌السلام في دعاء يوم الجمعة وثاني العيدين : اللهم إن هذا المقام لخلفائك

ــــــــــــــــ

(١) مقدمة الصحيفة ـ طبعة المشكاة .

(٢) بحار الأنوار ج ١١٠ ص ٦٦ .

٣٠٦

وأصفيائك ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتم بها قد ابتزوها ، وأنت المقدر لذلك ـ إلى أن قال ـ : حتى عاد صفوتك وخلفائك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلاً وفيه مواضع للدلالة على المطلوب )(١)

وقال الشيخ الأنصاري ( ت ١٢٨١ هـ ) في كفارة الغيبة أنها من حقوق الناس ، ويتوقف رفعها على إسقاط صاحبها حقه ، وقال : ( وفي الدعاء التاسع والثلاثين من أدعية الصحيفة السجادية ودعاء يوم الاثنين من ملحقاتها ما يدل على هذا المعنى )(٢)

وقال السيد الأمين ( ت ١٣٧١ هـ ) : ( وبلاغة ألفاظها وفصاحتها التي لا تبارى ، وعلو مضامينها وما فيها من أنواع التذلل لله تعالى والثناء عليه ، والأساليب العجيبة في طلب عفوه وكرمه والتوسل إليه أقوى شاهد على صحة نسبتها ، وإن هذا الدرّ من ذلك البحر ، وهذا الجوهر من ذلك المعدن ، وهذا المعدن من ذلك الشجر ، مضافاً إلى اشتهارها شهرة لا تقبل الريب ، وتعدد أسانيدها المتصلة إلى منشئها صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرينعليه‌السلام ، فقد رواها الثقات بأسانيدهم المتعددة المتصلة إلى زين العابدينعليه‌السلام   .

ــــــــــــــــ

(١) جواهر الكلام ج ١١ ص ١٥٨ .

(٢) المكاسب ص ٤٣ الطبعة الحجرية تبريز : ١٣٧٥ هـ .

٣٠٧

وأشار السيد البروجردي ( ت ١٣٨٠ هـ ) إلى ذلك قائلاً : ( ولا يخفى أن كون الصحيفة من الإمامعليه‌السلام من البديهيات ، وهي زبور آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشهد بذلك أسلوبها ونظمها ومضامينها التي يلوح منها آثار الإعجاز ، ولها إسناد ذكرها الشيخ والنجاشي ، ولشارحها السيد علي خان رحمه الله ألفا سند عن آبائه ((١) .

وذكر الشيخ أغا بزرك الطهراني : ( الصحيفة السجادية الأولى المنتهي سندها إلى الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وللأصحاب اهتمام بروايتها ويخصونها بالذكر في إجازاتهم وعليها شروح كثيرة ذكرت في محلها ، وهي من المتواترات عند الأصحاب ، لاختصاصها بالإجازة والرواية في كل طبقة وعصر ، ينتهي سند روايتها إلى الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، وزيد الشهيد ابنا علي بن الحسين عن أبيهما علي بن الحسينعليه‌السلام ، المتوفى مسموماً سنة ٩٥ للهجرة )(٢)

واستدرك جمعٌ من علماء آل البيتعليه‌السلام على ما لم يرد في الصحيفة السجادية المشهورة من أدعية السجادعليه‌السلام فجمعوا أدعية الإمامعليه‌السلام في صحف سميت بالثانية والثالثة ، وهكذا فمنها :

ــــــــــــــــ

(١) البدر الزاهر ص ٢٥ .

(٢) الذريعة ج ١٥ ص ١٨ .

٣٠٨

الصحيفة الثانية : جمعها الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ( ، واستخرجها من الأصول المعتمدة عنده ، وكتب آخرها : ( يقول العبد محمد بن الحسن بن علي بن محمد الحر العاملي ، عفا الله عنه ، هذا ما وصل إليّ مما خرج عن الصحيفة الكاملة )(١) وتحتوي الصحيفة على ثلاثةٍ وستين دعاءً طبعت بالهند عام ١٣١١ هـ(٢)

الصحيفة الثالثة : جمعها المولى عبد الله بن عيسى بن صالح الاصفهاني المعروف بالأفندي ( القرن الثاني عشر ) مصنف ( رياض العلماء ) وقد استدرك فيها ما فات الحر العاملي ، وقد طبعت على الحجر(٣) ، ثم طبعت بقم عام ١٤٠٠ هـ .

الصحيفة الرابعة : جمعها المحدّث حسين النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) وقد استدرك فيها ما فات الأفندي ، وقد جمع سبعاً وسبعين دعاءً غير مذكورة في سائر الصحائف(٤)

الصحيفة الخامسة : جمعها السيد محسن الأمين ( ت ١٣٧١ هـ ) ، طبعت بدمشق عام ١٣٣٠ هـ وقد استدرك فيها الصحائف

ــــــــــــــــ

(١) الذريعة في تصانيف الشيعة ج ١٥ ص ١٨ وروضات الجنّات ج ٧ ص ٩٧ .

(٢) الذريعة ج ١٥ ص ٢٠ .

(٣) أعيان الشيعة ج ٤ القسم الأول ص ٥٠٠ .

(٤) الذريعة ج ١٥ ص ١٩ .

٣٠٩

السابقة ، ومجموع أدعيتها مائة واثنان وثمانين دعاءً ، انفرد منها باثنين وخمسين دعاءً(١)

وهناك صحف أخرى غير مطبوعة كما ذكر مصنف الذريعةرحمه‌الله

مصادر الصحيفة :

ومصادر الصحيفة السجادية أربعة :

١ ـ رواية محمد بن أحمد بن مسلم بن مطهر ، عن أبيه ، عن عمير بن المتوكل ، عن أبيه الذي ينتهي السند إليه ذكرها النجاشي والطوسي في رجالهما(٢)

٢ ـ رواية ابن مالك عن أحمد بن عبدالله عن محمد بن صالح ، عن عمر بن المتوكل ، عن المتوكل بن هارون ، عن يحيى بن زيد ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ذكرها الشيخ الطوسي في رجاله .

٣ ـ رواية أبو الحسن علي بن النعمان الأعلم ( المصري ) ، عن عمير بن المتوكل ، عن المتوكل(٣) وهي المشهورة ، نشرها السيد محمد المشكاة ( ت ١٤٠١ هـ ( .

ــــــــــــــــ

(١) الذريعة ج ١٥ ص ١٩ .

(٢) رجال النجاشي ص ٣٠١ ، وفهرست الشيخ الطوسي ص ١٧١ .

(٣) شرح الصحيفة للسيد علي خان ص ٣ .

٣١٠

٤ ـ رواية الحسين بن إشكيب المروزي ( الثقفة ) ، عن عمير بن هارون المتوكل البلخي ، وهذه النسخة مفقودة .

ب ـ الدلالات العلمية للصحيفة

تحتوي الصحيفة السجادية ، بالإضافة إلى بلاغتها اللغوية وروعة مضامينها العرفانية ، على جملة من المفاهيم والحقائق العلمية التي كانت غامضة زمن الإمام السجادعليه‌السلام ؛ وكانت تفهم على نحو المجاز أو التشبيه اللفظي ، وهي :

١ ـ اليد صانعة الحضارات : في دعائه في التمحيد لله عزّ وجلّ ، يقولعليه‌السلام : ( الحمد لله الذي ركب فينا آلات البسط ، وجعل لنا أدوات القبض )(١)

وأهم آلات القبض والبسط عند الإنسان اليدين اللتان تنبسطان وتنقبضان بإرادته واختياره وذلك الإنبساط والإنقباض هو الذي يساعد الإنسان على صنع الحجر واستخراج الحديد ومسك القلم وحمل الأشياء ولولا البسط والقبض في اليدين لما استطاع الإنسان ـ على مر التأريخ ـ إنشاء الحضارات وبناء القصور وتذليل الأرض لمنافعه .

ــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجادية ـ الدعاء الأول ص ٣٢ .

٣١١

وإلتفاتة دقيقة في دعائهعليه‌السلام وهي : ان الله عزّ وجلّ ركّب آلة البسط ( أي أنه تعالى خلق اليد ) بصورتها التكوينية الطبيعية ، وأعطى الإنسان ( بالجعل ) القدرة على تحريكها وقبضها وبذلك جعل للإنسان خيار استثمار تلك الأداة من أجل نفعه ، فقالعليه‌السلام : ( وجعل لنا أدوات القبض ) .

٢ ـ نظرية العرض والطلب : في دعائه في الاستسقاء يقولعليه‌السلام : ( اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً تملأ منه الجباب ، وتفجر به الانهار ، وتنبت به الأشجار ، وترخص به الاسعار في جميع الأمصار )(١) ونسب إليه أيضاً : ( ان الله تعالى وكل بالأسعار ملكاً يدبرها ، فلن يغلو من قلّة ولن يرخص من كثرة ((٢) .

فإذا هطل المطر ارتوت الأرض ونمت الأشجار وأينعت الثمار ، فوفرة المطر تزيد المحصول الزراعي وإذا ازداد المحصول الزراعي انخفضت اسعاره وهذه هي جوهر فكرة العرض والطلب في الاقتصاد الحديث فتوفر المحاصيل الزراعية في السوق ـ نتيجة وفرة المطر ـ تخفض قيمتها ، فتنخفض عندها الأسعار .

وإذا صحت نسبة القول الثاني إليهعليه‌السلام ، فهي تؤدي إلى نفس النتيجة فهو وإن ينفي صحة نظرية الطلب والعرض ويربطها

ــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجادية ـ الدعاء التاسع عشر ص ٩٠ .

(٢) لئالئ الأخبار للتسركاني ص ١٧٧ .

٣١٢

بالقضية الغيبة ، إلا ان مجرد طرح تلك النظرية يدلّ على سبق فكري عظيم ولا أخال أن أحداً سبق الإمام زين العابدينعليه‌السلام في طرح هذه الفكرة التي قامت عليها النظرية الاقتصادية الحديثة .

٣ ـ كروية الأرض : في دعائهعليه‌السلام في ولوج الليل بالنهار : ( يولج كل واحد منهما في صاحبه ، ويولج صاحبه فيه ) يستفاد بالدلالة على كروية الأرض من تكرار جملة ( يولج ) قال الشيخ بهاء الدين العاملي ( ت ١٠٣١ هـ ) : ( ان تكرار الجملة الثانية تؤدي ـ حسب الظاهر ـ المراد منها وهو حمل الواو على الحال لأمر مستغرب وهو حصول الزيادة والنقصان معاً في كل واحد من الليل والنهار في آن واحد وذلك بحسب اختلاف البقاع كالشمالية عن خط الإستواء والجنوبية عنه سواء كانت مسكونة أم لا ، فأن صيف الشمالية شتاء الجنوبية وبالعكس فزيادة النهار ونقصانه واقعان في وقت واحد لكن في بقعتين ، وكذلك زيادة الليل ونقصانه ) .

وبمعنى أوضح أنه أراد صلوات الله عليه بهذا البيان البديع التعريف بما لم تدركه العقول في تلك العصور وهو كروية الأرض ، وحيث إن هذا المعنى كان بعيداً عن أفهام الناس لانصراف العقول عن إدراك ذلك ، تلطف ـ وهو الإمام العالم بأساليب البيان ـ بالإشارة إلى ذلك على وجه بليغ ، فإنهعليه‌السلام لو كان بصدد بيان ما يشاهده عامة الناس من أن الليل ينقص تارةً فتضاف من ساعاته إلى النهار ، وينقص النهار تارةً أخرى فتضاف من ساعاته إلى الليل ، لاقتصر على الجملة الأولى : ( يولج كل واحد منهما في صاحبه ) ولما احتاج إلى ذكر الجملة الثانية : ( ويولج صاحبه فيه ) إذن فذكر الجملة الثانية إنما هو للدلالة على أن إيلاج كل من الليل والنهار في صاحبه يكون في حال إيلاج صاحبه فيه ، لأن ظاهر الكلام أن الجملة الثانية حالية ، ففي هذا دلالة على كروية الأرض ، وأن إيلاج الليل في النهار ـ مثلاً ـ عندنا يلازم إيلاج النهار في الليل عند قوم آخرين .

٣١٣

ولو لم تكن مهمة الإمامعليه‌السلام الإشارة إلى هذه النكتة العظيمة لم تكن لهذه الجملة الأخيرة فائدة ، ولكانت تكراراً معنوياً للجملة الأولى(١)

٤ ـ في دعائه لأهل الثغور ، حيث يدعو على الكافرين فيقولعليه‌السلام : ( اللهم وامزج مياههم بالوباء وأطعمتهم بالأدواء )(٢) وهو يدل على أن الماء وسط لنقل الأوبئة الفتاكة كالكوليرا والملاريا وهذا لم يكن معروفاً زمن النص ، بل ثبت ذلك بالتجارب العلمية الحديثة .

٥ ـ وزن الأشياء قالعليه‌السلام : ( سبحانك تعلم وزن السموات ، سبحانك تعلم وزن الأرضين ، سبحانك تعلم وزن الشمس والقمر ،

ــــــــــــــــ

(١) البيان للخوئي ص ٧٦ .

(٢) الصحيفة السجادية ـ الدعاء رقم (٢٧) ص ١٢٣ .

٣١٤

سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور ، سبحانك تعلم وزن الفيء والهواء )(١)

لاشك ان معرفة وزن الشيء لا تتم إلا بوجود آلة أو واسطة لقياس تلك الكتلة من المادة فقياس الوزن بمكيال هي عملية لها ضوابط آلية كالميزان وضوابط حسابية كالأرقام فإذا أردنا وزن شيء فإننا نأخذ ذلك الشيء ونضعه في الميزان ونحسب بالغرامات أو الأونسات وزنه ولا يمكن وزن الشيء إلا بوجود شيء آخر مقابل له بنفس الوزن أي لا نستطيع وزن كمية من التراب إلا بوجود كمية مقابلة من الحديد فمقدار معين من التراب يعادل كيلو واحد من الحديد مثلاً .

وإذا أراد الإنسان أن يوزن الأرض فعليه أن يحقق عملين مستحيلين لا يقدر عليهما إلا الله عزّ وجلّ ، وهما :

الأول : إيجاد أو صنع ميزان ضخم بحيث يستطيع أن يضع الأرض في الكفة الأولى .

والثاني : إيجاد كتلة حديدية ضخمة بحجم الأرض يضعها في الكفة الثانية حتى يستطيع أن يعرف وزن الأرض .

والأمر أضخم بالنسبة للسموات فمن يستطيع أن يعلم وزن الكون غير الله عزّ وجلّ ؟ ولو كان للنور والظلمة وزن لعلمها الله تعالى لأنه يعلم كل شيء فسبحانك تعلم وزن السموات ، سبحانك تعلم وزن الأرضين .

ــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجادية ـ الدعاء الرقم (٥١) ص ٢٣٩ .

٣١٥

ج ـ قضية استغفار المعصومعليه‌السلام

ثبتت كل الدلائل التأريخية والعلمية على عصمة الأنبياء والأئمة الطاهرينعليه‌السلام عن كل ذنب ، وطهارتهم عن كل دنس أو رجس ، ونزاهتهم عن كل ما يوصم مقامهم ، ولم يصدر عنهم شيء من المعاصي الصغيرة أو الكبيرة فكيف نفسر قول السجادعليه‌السلام في دعائه : ( اللهم يحجبني عن مسألتك خلالٌ ثلاث ، ويحدوني عليها خلّة واحدة يحجبني أمرٌ أمرت به فابطأت عنه ، ونهيٌ نهيت عنه فأسرعت إليه ، ونعمةٌ أنعمت بها عليّ فقصرّت في شكرها(١) ، أو قولهعليه‌السلام : ( ربّ افحمتني ذنوبي ، وانقطعت مقالتي فلا حجة لي )(٢) ، أو قول إمام آخر : ( ربّ عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لأخرستني )(٣) ؟ فهل ان السجاد المعصومعليه‌السلام قد أرتكب معصية ؟ أو انه قال ما لم يفعلهعليه‌السلام للتوجيه والإرشاد ؟

ــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجادية ـ دعاء ١٢ إعترافه بالتقصير ص ٦٦ .

(٢) الصحيفة السجادية ـ دعاء ٥٣ ص ٢٤٥ .

(٣) كشف الغمة للأربلي ص ٢٥٤ وهذا القول العطر هو للإمام الكاظمعليه‌السلام

٣١٦

وفي الجواب على ذلك نعرض بعضاً من الآراء التي حاولت تفسير استغفار الإمام المعصومعليه‌السلام لنفسه ، وهي :

١ ـ أورد البيضاوي في ( شرح المصابيح ) في شرح قول النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ليغان على قلبي واني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة ) : الغين لغةً الغيم ، وغان على كذا أي غطاه عليه قال أبو عبيدة : أي يتغشى قلبي ما يلبسه وقد بلغنا عن الأصمعي انه سئل عن معنى الحديث ، فقال للسائل : عن قلب من تروي فقال : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لو كان قلب غيره لكنت أفسره لك قال القاضي : ولله در الأصمعي في انتهاج منهج الأدب وإجلاله القلب الذي جعله الله موقع وحيه ومنزل تنزيله .

قال العيني : قيل الوجه في استغفارهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو معصوم ان اشتغاله بالنظر في مصالح الأمة ومحاربة الأعداء وتأليف المؤلفة قلوبهم شاغل له عن عظيم مقامه من حضوره مع الله عزّ وجلّ وفراغه مما سواه فيراه ذنباً بالنسبة إليه ، وإن كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال فهو نزول عن عالي درجته فيستغفر لذلك ، وقيل كان دائماً في الترقي في الأحوال ، فإذا رأى ما قبلها دونه استغفر منه كما قيل حسنات الأبرار سيئات المقربين(١)

ــــــــــــــــ

(١) عمدة القاري ج ١ ص ٥٢١ ، وشرح مشارق الأزهار ج ١ ص ١٨٦ وقال في ( المصباح المنير ) في مادة ( غين ) : وفي حديث ( وانه ليغان على قلبي ( كناية عن الاشتغال عن المراقبة بالمصالح الدنيوية ، فانها وإن كانت مهمة فهي في مقابلة الأمور الأخروية ، كاللهو عند أهل المراقبة ( ج ٢ ص ١٣١ )

٣١٧

٢ ـ قال الأربلي ( ت ٦٨٧ هـ ) في رد هذا الإشكال : ان الإنبياء والأئمةعليه‌السلام أوقاتهم مشغولة بالله تعالى وقلوبهم مملوءة به ، وخواطرهم متعلقة بالمبدأ الأعلى جلّ شأنه فهم في المراقبة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( اعبد ربك كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك ) فهذه الذوات القدسية في جميع الأنات متوجهة إلى المولى تعالى ومقبلون بكلّيتهم عليه فلا يرون أحداً في الوجود إلا النور الأقدس عزّ شأنه ، فكانوا يعدّون اشتغالهم بالأكل والشرب وغيرها من المباحات حطاً عن تلك المرتبة العالية والمنزلة الرفيعة ويرونه ذنباً وتقصيراً عما يراد منهم ، وإلى هذا وقعت الإشارة في كلامهم عليهم السلام : ( حسنات الأبرار سيئات المقربين ) )(١)

ومن هذين الرأيين وغيرهما من الآراء نستنتج ان استغفار المعصومعليه‌السلام إنما هي قضية رتبة عليا ومنزلة قصوى ، تحتّم عليه دائماً الترقي في الأحوال والتسامي إلى النور المطلق عزّ شأنه فأي شاغل دنيوي مباح يشغله عن ذكر الله تعالى يعدّه سيئة من السيئات ، فيستغفر الله تعالى عن ذلك وهذا الرأي أقرب إلى الصواب من غيره من الآراء .

ــــــــــــــــ

(١) كشف الغمة ص ٢٥٥ .

٣١٨

د ـ مقاطع منتخبة من أدعية الصحيفة السجادية :

وهذه مقاطع قصيرة اقتطعناها من أدعية الصحيفة السجادية ( ٣٠٥ صفحة بالطبعة الحديثة ) ، حاولنا فيها إبراز عبودية الإمامعليه‌السلام المخلصة لله تبارك وتعالى ، وكون الصحيفة مدرسة أخلاق وعرفان وتهذيب للمؤمنين .

الدعاء الأول : التحميد لله عزّ وجلّ

أَلْحَمْدُ للهِ الاوَّلِ بِلا أَوَّل كَانَ قَبْلَهُ، وَ الاخِر بِلاَ آخِر يَكُونُ بَعْدَهُ الَّذِي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ، وَ عَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ أَوهامُ اَلْوَاصِفِينَ ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ اَبتِدَاعَاً، وَ اخْتَرَعَهُمْ عَلَى مَشِيَّتِهِ اخترَاعاً، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إرَادَتِهِ، وَبَعَثَهُمْ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِهِ. لا يَمْلِكُونَ تَأخِيراً عَمَا قَدَّمَهُمْ إليْهِ، وَلا يَسْتَطِيعُونَ تَقَدُّماً إلَى مَا أَخَّرَهُمْ عَنْهُ ...

وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَكَّبَ فِينَا آلاَتِ الْبَسْطِ، وَجَعَلَ لَنَا أدَوَاتِ الْقَبْضِ، وَمَتَّعَنا بِاَرْواحِ الْحَياةِ ، وَأثْبَتَ فِينَا جَوَارِحَ الاعْمَال ، وَغَذَّانَا بِطَيِّبَاتِ الرِّزْقِ ، وَأغْنانَا بِفَضْلِهِ ، وَأقْنانَا بِمَنِّهِ ، ثُمّ أَمَرَنَا لِيَخْتَبِرَ طاعَتَنَا، وَنَهَانَا لِيَبْتَلِيَ شُكْرَنَا فَخَالَفْنَا عَنْ طَرِيْقِ أمْرِهِ وَرَكِبْنا مُتُونَ زَجْرهِ فَلَم يَبْتَدِرْنا بِعُقُوبَتِهِ ، وَلَمْ يُعَاجِلْنَا بِنِقْمَتِهِ بَلْ تَانَّانا بِرَحْمَتِهِ تَكَرُّماً، وَانْتَظَرَ مُراجَعَتَنَا بِرَأفَتِهِ حِلْماً...

الدعاء الثاني : الصلاة على محمد وآله

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّد نَبِيِّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دُونَ الاُمَمِ الْمَـاضِيَةِ وَالْقُـرُونِ السَّالِفَةِ بِقُدْرَتِهِ الَّتِي لاَ تَعْجِزُ عَنْ شَيْء وَ إنْ عَظُمَ، وَ لا يَفُوتُهَا شَيءٌ وَإنْ لَطُفَ، فَخَتَمَ بِنَا عَلَى جَمِيع مَنْ ذَرَأَ وَ جَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى مَنْ جَحَدَ وَكَثَّرَنا بِمَنِّهِ عَلَى مَنْ قَلَّ اللّهمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد أَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ ، وَنَجِيبِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ صَفِيِّكَ مِنْ عِبَادِكَ، إمَامِ الرَّحْمَةِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَ مِفْتَاحِ الْبَرَكَةِ، كَمَا نَصَبَ لاَِمْرِكَ نَفْسَهُ ، وَ عَرَّضَ فِيْكَ لِلْمَكْرُوهِ بَدَنَهُ ، وَكَاشَفَ فِي الدُّعَآءِ إلَيْكَ حَامَّتَهُ وَ حَارَبَ فِي رِضَاكَ أسْرَتَهُ وَقَطَعَ فِىْ إحْياءِ دِينِـكَ رَحِمَهُ ...

٣١٩

الدعاء الثالث : الصلاة على حلمة العرش

اللَّهُمَّ وَحَمَلَةُ عَرْشِكَ الَّذِينَ لا يَفْتُرُونَ مِنْ تَسْبِيحِكَ، وَلا يَسْـأَمُـونَ مِنْ تَقْـدِيْسِـكَ، وَلا يَسْتَحسِرُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ، وَلاَ يُؤْثِرُونَ التَّقْصِيرَ عَلَى الْجِدِّ فِي أَمْرِكَ، وَلا يَغْفُلُونَ عَنِ الْوَلَهِ إلَيْكَ. وَإسْرافِيْلُ صَاحِبُ الصُّوْرِ، الشَّاخِصُ الَّذِي يَنْتَظِرُ مِنْكَ الاذْنَ وَحُلُولَ الامْرِ، فَيُنَبِّهُ بِالنَّفْخَةِ صَرْعى رَهَائِنِ الْقُبُورِ. وَمِيكَآئِيلُ ذُو الْجَاهِ عِنْدَكَ، وَالْمَكَانِ الرَّفِيعِ مِنْ طَاعَتِكَ. وَجِبْريلُ الامِينُ عَلَى وَحْيِكَ، الْمُطَاعُ فِي أَهْلِ سَمَاوَاتِكَ، الْمَكِينُ لَدَيْكَ، الْمُقَرَّبُ عِنْدَكَ، وَالرُّوحُ الَّذِي هُوَ عَلَى مَلائِكَةِ الْحُجُبِ، وَالرُّوحُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْرِكَ.

الدعاء الرابع : الصلاة على مُصدقِّي الرُسل

... اَللَّهُمَّ وَأَصْحَابُ مُحَمَّد خَاصَّةً الَّـذِينَ أَحْسَنُوا الصَّحَابَةَ، وَالَّذِينَ أَبْلَوْا الْبَلاَءَ الْحَسَنَ فِي نَصْرِهِ، وَكَانَفُوهُ وَأَسْرَعُوا إلَى وِفَادَتِهِ وَسَابَقُوا إلَى دَعْوَتِهِ واسْتَجَابُوا لَهُ حَيْثُ أَسْمَعَهُمْ حجَّةَ رِسَالاَتِهِ، وَفَارَقُوا الازْوَاجَ وَالاوْلادَ فِي إظْهَارِ كَلِمَتِهِ، وَقَاتَلُوا الاباءَ وَ الابناءَ فِي تَثْبِيتِ نبُوَّتِهِ، وَانْتَصَرُوا بهِ وَمَنْ كَانُوا مُنْطَوِينَ عَلَى مَحبَّتِهِ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ فِي مَوَدَّتِهِ، وَالّذينَ هَجَرَتْهُمُ العَشَائِرُ إذْ تَعَلَّقُوا بِعُرْوَتِهِ، وَانْتَفَتْ مِنْهُمُ الْقَرَاباتُ إذْ سَكَنُوا فِي ظلِّ قَرَابَتِهِ، فَلاَ تَنْسَ لَهُمُ الّهُمَّ مَا تَرَكُوا لَكَ وَفِيكَ، وَأَرْضِهِمْ مِنْ رِضْوَانِكَ وَبِمَا حَاشُوا الْخَلْقَ عَلَيْكَ، وَكَانُوا مَعَ رَسُولِكَ دُعَاةً لَكَ إلَيْكَ ...

الدعاء الخامس : دعاؤُه لنفسه وخاصته

... اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَقِنَا مِنْكَ، وَاحْفَظْنَا بِكَ، وَاهْدِنَا إلَيْكَ، وَلاَ تُبَاعِدْنَا عَنْكَ إنّ مَنْ تَقِهِ يَسْلَمْ، وَمَنْ تَهْدِهِ يَعْلَمْ، وَمَنْ تُقَرِّبُهُ إلَيْكَ يَغْنَمْ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاكْفِنَا حَدَّ نَوائِبِ الزَّمَانِ، وَشَرَّ مَصَائِدِ الشّيطانِ وَمَرَارَةَ صَوْلَةِ السُّلْطَانِ. اللّهُمَّ إنَّما يَكْتَفِي الْمُكْتَفُونَ بِفَضْـل قُوَّتِكَ فَصَلِّ عَلَى محَمَّد وَآلِهِ ، وَاكْفِنَا وَإنَّمَا يُعْطِي الْمُعْطُونَ مِنْ فَضْلِ جِدَتِكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأعْطِنَا ، وَإنمَا يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ بِنُورِ وَجْهِكَ فَصَلِّ عَلَى محمّد وَآلِهِ وَاهْدِنَا ...

٣٢٠