أعلام الهداية فاطمة الزهراء سيدة النساء (عليها السلام)

أعلام الهداية فاطمة الزهراء سيدة النساء (عليها السلام)22%

أعلام الهداية فاطمة الزهراء سيدة النساء (عليها السلام) مؤلف:
المحقق: المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 173

أعلام الهداية فاطمة الزهراء سيدة النساء (عليها السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 173 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 67091 / تحميل: 8421
الحجم الحجم الحجم
أعلام الهداية فاطمة الزهراء سيدة النساء (عليها السلام)

أعلام الهداية فاطمة الزهراء سيدة النساء (عليها السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الحركات الرجعيّة

1

7

الجهميّة

قد عرفت أنّ المتّهمين بالقدرية كانوا دعاة الحرّية، لا نُفاة القضاء والقدر، بل كانوا قائلين بأنّه سبحانه تبارك وتعالى قدّر وقضى، ومع ذلك، لم يسلب الاختيار عن الإنسان، فخيّره بين الإيمان والكفر، بين الخير والشّر، فلو قدّر الخير فلعلم منه بأنّه يختار الخير عن اختيار، أو قدّر الشر فلعلم منه أنّ الفاعل يختار الشر كذلك، وهو نفس صميم الإسلام ولبّه، قال سبحانه: ( فَمَن شَاءَ فَلْيُوْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكُفُرْ ) (1) .

لكن ظهرت في القرن الثاني والثالث حركات رجعيّة استهدفت أركان الإسلام والعودة بالأُمّة إلى الأفكار الجاهلية الّتي سادت قبل الإسلام، من القول بالجبر والتجسيم، وإليك أبرز ممثّلي هذه الحركات الرجعية.

____________________

(1) الكهف: 29.

٨١

الجهميّة:

إنّ سمات الجهميّة، هي: القول بالجبر والتعطيل، أسّسها جهم بن صفوان السمرقندي (المتوفّى 128هـ).

قال الذهبي: جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي الضال المبتدع، رأس الجهميّة في زمان صغار التابعين، وما علِمْته روى شيئاً، لكنّه زرع شرّاً عظيماً.

وقال المقريزي: الجهميّة،أتباع جهم بن صفوان الترمذي، مولى راسب، وقُتل في آخر دولة بني أُميّة، وتتلخّص عقائده في الأُمور التالية:

1 - ينفي الصفات الإلهيّة كلّها، ويقول: لا يجوز أن يوصف الباري بصفة يوصف بها خَلْقه.

2 - إنّ الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالقدرة ولا بالاستطاعة.

3 - إنّ الجنّة والنّار يفنيان، وتنقطع حركات أهلهما.

4 - إنّ من عرف الله ولم ينطق بالإيمان لم يكفر؛ لأنّ العلم لا يزول بالصمت، وهو مؤمن مع ذلك.

وقد كفّره المعتزلة في نفي الاستطاعة، وكفّره أهل السنّة بنفي الصفات وخلق القرآن ونفي الرؤية.

5 - وانفرد بجواز الخروج على السلطان الجائر.

6 - وزعم أنّ علم الله حادث لا بصفة يوصف بها غيره. (1)

____________________

(1). الخطط المقريزيّة: 3/349، ولاحظ: ص351.

٨٢

أقول: الظاهر أنّ قاعدة مذهبه أمران:

الأوّل: الجبر ونفي الاستطاعة، فجهم بن صفوان رأس الجبر وأساسه، ويُطْلق على أتباعه الجبريّة الخالصة، في مقابل غير الخالص منها.

الثاني: تعطيل ذاته سبحانه، عن التوصيف بصفات الجلال والجمال، ومن هنا نجمت المعطّلة.

وأمّا غير هذين الأمرين فمشكوك جداً.

التطورات الّتي مرّ بها مفهوم الجهمي:

لمّا كان نفي الصفات عن الله والقول بخلق القرآن ونفي الرؤية ممّا نسب إلى منهج الجهم، صار لفظ الجهمي رمزاً لكلِّ من قال بأحد هذه الأُمور، وإن كان غير قائل بالجبر ونفي القدر؛ ولأجل ذلك ربّما تطلق الجهميّة ويراد بها المعتزلة أو القدريّة، يقول أحد بن حنبل:

والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فمن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف، ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق، فهو أخبث من الأوّل، ومن زعم أنّ ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله، فهو جهمي، ومن لم يكفّر هؤلاء القوم كلّهم فهو مثلهم. (1)

____________________

(1) السنّة: 49.

٨٣

الحركات الرجعيّة

2

8

المجسّمة

إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد، والبرهان عن التفكير، ألحق أضراراً جسيمة بالمجتمع الإسلامي، حيث ظهرت فيه حركات هدّامة ترمي إلى تقويض الأُسس الدينية والأخلاقيّة.

ومن تلك الحركات المجسّمة؛ الّتي رفع لواءها مقاتل بن سليمان المجسم (1) (المتوفّى عام 150هـ)، ونشر أقاصيص الأحبار والرهبان في القرن الثالث، فهو وجهم بن صفوان، مع تشاطرهما في دفع الأُمّة الإسلامية إلى حافة الجاهلية،على طرفي نقيض في مسألة التنزيه والتشبيه.

____________________

(1) مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي بالولاء، البلخي، أبو الحسن، من المفسرين، أصله من بلخ، انتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدّث بها، وتوفّي بالبصرة، كان متروك الحديث، من كتبه (التفسير الكبير)، و(نوادر التفسير)، و(الرّد على القدريّة)، و(متشابه القرآن)، و(الناسخ والمنسوخ)، و(القراءات)، و(الوجوه والنظائر)، [الأعلام: 7/281].

٨٤

أمّا صفوان، فقد بالغ في التنزيه حتّى عطّل وصف ذاته بالصفات.

وأمّا مقاتل، فقد أفرط في التشبيه فصار مجسّماً، وقد نقل المفسرون آراء مقاتل في كتب التفاسير.

فليعرف القارئ مكانه في الوثاقة وتنزيه الربّ عن صفات الخلق.

قال ابن حبّان: كان يأخذ من اليهود والنصارى - في علم القرآن - الّذي يوافق كتبهم، وكان يشبّه الربّ بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث.

وقال أبو حنيفة: أفرط جهم في نفي التشبيه، حتّى قال إنّه تعالى ليس بشيء، وأفرط مقاتل في الإثبات حتى جعله مثل خلقه. (1)

____________________

(1) لاحظ: ميزان الاعتدال، 4/173. وراجع تاريخ بغداد، 13/166.

٨٥

الحركات الرجعية

3

9

الكرّاميّة

وهذه الفرقة منسوبة إلى محمد بن كرام السجستاني (المتوفّى عام 255هـ) شيخ الكرامية.

قال الذهبي: ساقط الحديث على بدعته، أكَثَر عن أحمد الجويباري، ومحمد بن تميم السعدي؛ وكانا كذّابين.

وقال ابن حبّان: خذل، حتّى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاها... وجعل الإيمان قولاً بلا معرفة.

وقال ابن حزم: قال ابن كرام: الإيمان قول باللسان، وإن اعتقد الكفر بقلبه، فهو مؤمن. ومن بِدَع الكرّاميّة قولهم في المعبود تعالى إنّه جسم لا كالأجسام، وقد سقت أخبار ابن كرّام في تاريخي الكبير، وله أتباع ومؤيّدون، وقد سجن في نيسابور لأجل بدعته ثمانية أعوام، ثُمَّ أُخرج وسار

٨٦

إلى بيت المقدس، ومات بالشام سنة 255هـ. (1)

إنّ للكرّامية نظريات في موضوعات أُخر، ذكرها البغدادي، وقد بلغت جُرأتهم في باب النبوّة حتّى قال بعضهم: إنّ النبي أخطأ في تبليغ قوله[ تعالى]: ( وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرَى ) ، حتّى قال بعده: (تلك الغرانيق العلى، وان شفاعتها لترتجى). (2)

مع أنّ قصة الغرانيق أُقصوصة ابتدعها قوم من أهل الضلالة، وقد أوضحنا حالها في كتابنا (سيد المرسلين (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم».

ونكتفي بهذا النزر في بيان عقائدهم، وكلّها وليد إقصاء العقل والمنطق عن ساحة العقائد، والاكتفاء بالروايات مع ما فيها من أباطيل وترّهات وضعها الأعداء واختلقتها الأهواء، فهي من أسوأ الحركات الرجعيّة الظاهرة في أواسط القرن الثالث.

____________________

(1) ميزان الاعتدال: 4/21.

(2) الفرق بين الفِرق: 222.

٨٧

الحركات الرّجعيّة

4

10

الظاهرية

وهذا المذهب منسوب إلى داود بن علي الأصفهاني الظاهري (200 - 270هـ).

وقد أسّس مذهباً في الفروع، فالمصدر الأصلي في الفقه عنده هو النصوص، بلا رأي في حكم من أحكام الشرع، فهم يأخذون بالنصوص وحدها، فإذا لم يكن بالنص، أخذوا بالإباحة الأصليّة.

ما هو السبب لظهور هذا المذهب؟

إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد يستلزم طرده عن ساحة الفقه بوجه أولى، لأنّ أساسه هو التعبُّد بالنصوص، وعدم الإفتاء بشيء لا يوجد له أصل في الكتاب والسنّة، لكن الجمود على حرفيّة النصوص شيء، والتعبّد بالنصوص وعدم الإفتاء في مورد لا يوجد فيه أصل ودلالة في المصدرين الرئيسيّين شيء آخر،

٨٨

فالظاهرية على الأوّل، والفقهاء على الثاني، ولأجل إيضاح الحال نأتي بمثالين:

1 - إنّ الشكّل الأوّل من الأشكال الأربعة ضروري الإنتاج، من غير فرق بين الأُمور التكوينيّة أو الأحكام الشرعيّة؛ فكما أنّ الحكم بحدوث العالم نتيجة حتمية لقولنا: العالم متغيّر وكلّ متغيّر حادث، فهكذا الحكم بحرمة كلّ مسكر، نتيجة قطعيّة لقولنا: الفقاع مسكر، وكل مسكر حرام، فالفقاع حرام؛ لكنّ الظاهري يقبل المقدّمتين، ولكن لا يفتي بالنتيجة؛ بحجة أنّها غير مذكورة في النصوص.

2 - ما يسمّيه الفقهاء بلحن الخطاب، وإن كان شيئاً غير مذكور في نفس الخطاب، لكنّه من اللوازم البيّنة له، بحيث يتبادر إلى الذّهن من سماعه، فإذا خاطبنا سبحانه بقوله: ( فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍ ) (1) ، يتوجّه الذهن إلى حرمة ضربهما وشتمهما بطريق أولى، ولكن الفقيه الظاهري يأبى عن الأخذ به بحجّة كونه غير منصوص.

قال سبحانه: ( قُل لِلّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنّتُ الْأَوّلِينَ ) (2) .

فالموضوع للحكم (مغفرة ما سلف عند الانتهاء)؛ وإن كان هو الكافر، لكن الذهن السليم يتبادر إلى فهم شيء آخر، لازم لهذا الحكم بالضرورة، وهو تعميم الحكم إلى المسلم أيضاً بوجه آكد، ولكنّ الظاهري يتركه؛ بحجة أنّه غير مذكور في النص.

____________________

(1) الإسراء: 23.

(2) الأنفال: 38.

٨٩

وهذا النوع من الجمود يجعل النصوص غير كافلة لاستخراج الفروع الكثيرة، وتصبح الشريعة ناقصة من حيث التشريع والتقنين، وغير صالحة لجميع الأجيال والعصور، وفاقدة للمرونة اللازمة الّتي عليها أساس خاتميّة نبوّة نبيّناً محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وكتابه وسنّته.

ثمَّ إنّ الاكتفاء بظاهر الشريعة؛ وأخذ الأحكام من ظواهر النصوص؛ له تفسيران: أحدهما صحيح جداً، والآخر باطل، فإن أُريد منه نفي الظنون؛ الّتي لم يدلّ على صحة الاحتجاج بها دليل، فهو نفس نص الكتاب العزيز، قال سبحانه: ( قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ) (1) ، فالشيعة الإماميّة، وبفضل النصوص الوافرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) المتّصلة اسنادها إلى الرسول الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، استطاعت أن تستخرج أحكام الحوادث والموضوعات الكثيرة منها، وامتنعت عن العمل بالقياس والاستحسان وغيرهما من الأدلّة الظنية؛ الّتي لم يقم الدليل القطعي على صحّة الاحتجاج بها، بل قام الدليل على حرمة العمل على بعضها، كالقياس، وقد ورد في نصوص أئمتهم (عليهم السلام): «إنّ السنّة إذا قيست مُحق الدين» (2) .

وإن أُريد بها لوازم الخطاب؛ أي ما يكون في نظر العقلاء، كالمذكور أخذاً بقولهم: (الكناية أبلغ من التصريح)، ويكون التفكيك بينهما أمراً غير صحيح، فليس ذلك عملاً بغير المنصوص. نعم ليس عملاً بالظاهر الحرفي، ولكنّه عمل بها بما يفهمه المخاطبون بها.

____________________

(1) يونس: 59.

(2) الوسائل: 18، الباب 6 من أبواب صفات القاضي، الحديث 10.

٩٠

أُفول نجمه:

إنّ هذا المذهب لأجل حرفيته قد أفل نجمه بسرعة.

نعم قد تبعه فقيه آخر باسم ابن حزم (384 - 458هـ)، وأعاد هذا المذهب إلى الساحة، وألّف حوله كتباً ورسائل، وخدمه بالتآليف التالية:

1 - الإحكام في أُصول الأحكام: بيّن فيه أُصول المذهب الظاهري.

2 - النُّبَذ: وهو خلاصة ذلك الكتاب.

3 - المحلّى: وهو كتاب كبير نشر في عشرة أجزاء، جمع أحاديث الأحكام وفقه علماء الأمصار، طبع في بيروت بتحقيق أحمد محمد شاكر، وله آراء شاذة - كبطلان الاجتهاد في استخراج الأحكام الفقهية، وجواز مس المصحف للمجنب، وقاتل الإمام عليّ كان مجتهداً - ذكرناها في موسوعتنا. (1)

وقد ذكرنا هذا المذهب، مع أنّه فقهي؛ لأجل اشتراكه مع ما سبق في الرجعيّة، وإقصاء العقل عن ساحة الاجتهاد الفقهي.

____________________

(1) بحوث في الملل والنحل: 3/141 - 146.

٩١

11

المعتزلة

المعتزلة بين المدارس الكلاميّة المختلفة؛ مدرسة فكريّة عقليّة أعطت للعقل القسط الأوفر، ومن المؤسف أنّ هوى العصبية، بل يد الخيانة، لعبت بكثير من مخلّفاتهم الفكريّة، فأطاحت به فأضاعتها بالخرق والتمزيق، فلم يبق فيما بأيدينا من آثارهم إلاّ الشيء القليل، وأكثرها يرجع إلى كتب عبد الجبار المعتزلي (المتوفّى عام 415هـ)، ولأجل ذلك فقد اعتمد في تحرير هذا المذهب غير واحد من الباحثين على كتب خصومهم كالأشاعرة، ومن المعلوم أنّ الاعتماد على كتاب الخصم لا يُورث يقيناً.

وقد اهتمّ المستشرقون في العصور الأخيرة بدراسة مذهب الاعتزال، ولقد أُعجبوا بمنهج الاعتزال في حرّية الإنسان وأفعاله، وصار ذلك سبباً لرجوع المعتزلة إلى الساحة من قبل المفكّرين الإسلاميّين، ولذلك نُشرت في هذه الآونة الأخيرة كتباً حول المعتزلة.

ومؤسّس المذهب هو واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصري، نقل الشهرستاني أنّه دخل شخص على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين!، لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفّرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم تُخرج به

٩٢

عن الملّة، وهم وعيديّة الخوارج، وجماعة يُرجئون أصحاب الكبائر، ويقولون لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأُمّة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟

فتفكّر الحسن في ذلك، وقبل أن يجيب، قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول إنّ صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً، ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثُمّ قام واعتزل إلى اسطوانة المسجد؛ يقرّر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنّا واصل، فسمّي هو وأصحابه: معتزلة. (1)

سائر ألقاب المعتزلة:

إنّ للمعتزلة ألقاباً أُخر:

1 - العدليّة: لقولهم بعدل الله سبحانه وحكمته.

2 - الموحّدة: لقولهم لا قديم مع الله، وينفون قدم القرآن.

3 - أهل الحق: لأنّهم يعتبرون أنفسهم أهل الحق.

4 - القدريّة: يُعبَّر عن المعتزلة في الكتب الكلاميّة بالقدريّة، والمعتزلة يطلقونها على خصومهم، وذلك لما رُوي عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أنّ القدريّة مجوس هذه الأُمّة». فلو قلنا بأنّ القدريّة منسوبة إلى القدر؛ عِدْل القضاء، فتنطبق على

____________________

(1) الملل والنحل: 1/62.

٩٣

خُصَماء المعتزلة؛ القائلين بالقدر السالب للاختيار. ولو قلنا بأنّها منسوبة إلى القدرة؛ أي القائلين بتأثير قدرة الإنسان في فعله واختياره وتمكّنه في إيجاده، فتنطبق - على زعم الخُصَماء - على المعتزلة؛ لقولهم بتأثير قدرة الإنسان في فعله. وقد طال الكلام بين المتكلّمين في تفسير الحديث وذِكْر كلِّ طائفة وجهاً لانطباقه على خصمها. (1)

5 - الثنويّة: ولعلّ وجهه ما يتراءى من بعضهم من نسبة الخير إلى الله والشر إلى العبد.

6 - الوعيدية: لقولهم إنّ الله صادق في وعده، كما هو صادق في وعيده، وإنّه لا يغفر الذنوب إلاّ بعد التوبة، فلو مات بدونها يكون معذّباً قطعاً ويخلَّد في النار.

7 - المعطّلة: لتعطيل ذاته سبحانه عن الصفات الذاتية، ولكن هذا اللقب أُلصق بالجهميّة، وأمّا المعتزلة فلهم في الصفات مذهبان:

أ - القول بالنيابة، أي خلو الذات عن الصفات، ولكن تنوب الذّات مكان الصفات في الآثار المطلوبة منها، وقد اشتهر قولهم: (خُذ الغايات واترك المبادئ)، وهذا مخالف لكتاب الله والسنّة والعقل. فإنّ النقل يدلّ بوضوح على اتّصافه سبحانه بالصفات الكماليّة، وأمّا العقل، فحدِّث عنه ولا حرج؛ لأنّ الكمال يساوق الوجود، وكلّما كان الوجود أعلى وأشرف، تكون الكمالات فيه آكد.

____________________

(1) كشف المراد: 195، شرح المقاصد للتفتازاني: 2/143.

٩٤

ب - عينيّة الصفات مع الذّات واشتمالها على حقائقها، من دون أن يكون ذات وصفة، بل الذّات بلغت في الكمال إلى درجة صار نفس العلم قدرة.

8 - الجهميّة، وهذا اللّقب منحه أحمد بن حنبل لهم، فكل ما يقول: قالت الجهميّة، أو يصف القائل بأنّه جهميّ؛ يُريد به المعتزلة، لِمَا وجد من موافقتهم الجهميّة في بعض المسائل.

9 - المفنية.

10 - اللّفظيّة.

وهذان اللّقبان ذكرهما المقريزي وقال: إنّهم يوصفون بالمفنية، لما نسب إلى أبي الهذيل من فناء حركات أهل الجنة والنار؛ واللفظية لقولهم: ألفاظ القرآن مخلوقة. (1)

الأُصول الخمسة عند المعتزلة:

اشتهرت المعتزلة بأُصول خمسة، فمن دان بها فهو معتزلي، ومن نقص منها أو زاد عليها فليس منهم، وتلك الأُصول المرتبة حسب أهميتها عبارة عن: التوحيد، العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فمن دان بها، ثُمَّ خالف بقية المعتزلة في تفاصيلها، لم يخرج بذلك عنهم.

وإليك تفصيل هذه الأُصول بنحو موجز:

____________________

(1) الخطط المقريزيّة: 4/169.

٩٥

إيعاز إلى الأُصول الخمسة

وقبل كلّ شيء نطرح هذه الأُصول على وجه الإجمال، حتّى يُعلم ماذا يريد منها المعتزلة، ثُمَّ نأخذ بشرحها واحداً بعد احد؛ فنقول:

1 - التوحيد: ويراد منه العلم بأنّ الله واحد، لا يشاركه غيره فيما يستحقُّ من الصفات نفياً وإثباتاً على الحدّ الّذي يستحقّه. والتوحيد عندهم رمز لتنزيهه سبحانه عن شوائب الإمكان ووهم المثليّة وغيرهما ممّا يجب تنزيه ساحته عنه، كالتجسيم والتشبيه وإمكان الرؤية وطروء الحوادث عليه. غير أنّ المهمّ في هذا الأصل؛ هو الوقوف على كيفيّة جريان صفاته عليه سبحانه، ونفي الرؤية، وغيرهما يقع في الدّرجة الثانية من الأهمية في هذا الأصل؛ لأنّ كثيراً منها لم يختلف المسلمون فيه، إلاّ القليل منهم.

2 - العدل: إذا قيل إنّه تعالى عادل، فالمراد أنّ أفعاله كلّها حسنة، وأنّه لا يفعل القبيح، وأنّه لا يَخِلّ بما هو واجب عليه. وعلى ضوء هذا: لا يكذب في خبره، ولا يجور في حكمه، ولا يعذِّب أطفال المشركين بذنوب آبائهم، ولا يُظهر المعجزة على أيدي الكذّابين، ولا يكلِّف العباد وما لا يطيقون، وما لا يعلمون، بل يُقْدِرهم على ما كلّفهم، ويعلِّمهم صفة ما كلّفهم، ويدلّهم على ذلك، ويبيّن لهم ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَيَحْيَى‏ مَنْ حَيّ عَنْ بَيّنَةٍ ) (1) ، وأنّه إذا كلّف المكلّف وأتى بما كلّف على الوجه الّذي كُلِّف، فإنّه يثيبه لا محالة، وأنّه سبحانه إذا آلم وأسقم، فإنّما فعله لصلاحه ومنافعه، وإلاّ كان مخلاًّ بواجب...

3 - الوعد والوعيد: والمراد منه أنّ الله وعد المطيعين بالثواب، وتوعّد

____________________

(1) الأنفال: 42.

٩٦

العصاة بالعقاب، وأنّه يفعل ما وعد به وتوعّد عليه لا محالة. ولا يجوز الخُلف، لأنّه يستلزم الكذب. فإذا أخبر عن الفعل، ثُمَّ تركه، يكون كذباً. ولو أخبر عن العزم، فبما أنّه محال عليه، كان معناه الإخبار عن نفس الفعل، فيكون الخُلف كذباً. وعلى ضوء هذا الأصل، حكموا بتخليد مرتكب الكبائر في النار؛ إذا مات بلا توبة.

4 - المنزلة بين المنزلتين: وتلقّب بمسألة الأسماء والأحكام؛ وهي أنّ صاحب الكبيرة ليس بكافر كما عليه الخوارج، ولا منافق كما عليه الحسن البصري، ولا مؤمن كما عليه بعضهم، بل فاسق لا يحكم عليه بالكفر ولا بالإيمان.

5 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: والمعروف: كلّ فعل عرف فاعله حسنه أو دلّ عليه، والمنكر: كلّ فعل عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه. ولا خلاف بين المسلمين في وجوبهما؛ إنّما الخلاف في أنّه هل يُعلم عقلاً أو لا يُعلم إلاّ سمعاً؟، ذهب أبو عليّ (المتوفّى 303هـ) إلى أنّه يُعلم عقلاً وسمعاً، وأبو هاشم (المتوفّى 321هـ) إلى أنّه يُعلم سمعاً، ولوجوبه شروط تُذكر في محلّها، ومنها أن لا يؤدّي إلى مضرّة في ماله أو نفسه، إلاّ أن يكون في تحمّله لتلك المذلّة إعزاز للدّين.

قال القاضي: وعلى هذا يحمل ما كان من الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)؛ لِمَا كان في صبره على ما صبر، إعزاز لدين الله عزّ وجلّ، ولهذا نباهي به سائر الأُمم، فنقول: لم يبق من ولْد الرّسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلاّ سبط واحد، فلم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتّى قتل دون ذلك. (1)

____________________

(1) الأُصول الخمسة: 142، نقلاً عن، بحوث في الملل والنحل: 3/254 - 255.

٩٧

سبب الاقتصار على هذه الأُصول الخمسة:

هناك سؤال يطرح نفسه، وهو:

لماذا اقتصروا على هذه الأُصول، مع أنّ أمر النبوّة والمعاد أولى بأن يُعدَّ من الأُصول؟

وقد ذكروا في وجه ذلك أُموراً لا يُعتمد عليها، والحق أن يقال: إنّ الأُصول الخمسة الّتي يتبنّاها المعتزلة، مؤلّفة من أُمور تعدُّ من أُصول الدين كالتوحيد والعدل على وجه، ومن أُصول كلاميّة أنتجوها من البحث والنقاش، وأقحموها في الأُصول لغاية ردِّ الفرق المخالفة؛ الّتي لا توافقهم في هذه المسائل الكلامية.

وعند ذلك يستنتج القارئ أنّ ما اتّخذته المعتزلة من الأُصول، وجعلته في صدر آرائها، ليست إلاّ آراء كلاميّة لهذه الفرقة، تظاهروا بها للردّ على المجبّرة والمشبّهة والمرجئة والإماميّة وغيرهم من الفرق، على نحو لو لا تلكم الفِرَق لما سمعت من هذه الأُصول ذكراً.

أئمة المعتزلة:

المراد بأئمتهم؛ مشايخهم الكبار؛ الّذين نضج المذهب بأفكارهم وآرائهم، ووصل إلى القمة في الكمال.

نعم، في مقابل أئمة المذهب، أعلامهم الّذين كان لهم دور في تبيين هذا المنهج من دون أن يتركوا أثراً يستحق الذكر في الأُصول الخمسة، وها نحن نذكر من الطائفيتن نماذج:

٩٨

1. واصل بن عطاء (80 - 131هـ):

أبو حذيفة واصل بن عطاء، مؤسّس الاعتزال، المعروف بالغزّال، يقول ابن خلّكان: كان واصل أحد الأعاجيب، وذلك أنّه كان ألثغ، قبيح اللثغة في الرّاء، فكان يُخلِّص كلامه من الرّاء ولا يُفطن لذلك، لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه، ففي ذلك يقول أبو الطروق؛ يمدحه بإطالة الخطب واجتنابه الراء على كثرة تردّدها في الكلام، حتّى كأنّها ليست فيه.

عـليم بـإبدال الحروف وقامع

لـكلّ خطيب يغلب الحقَّ باطلُه

وقال الآخر:

ويـجعل البرّ قمحاً في تصرّفه

وخالف الرّاء حتّى احتال للشعر

ولـم يطق مطراً والقول يعجله

فـعاذ بالغيث اشفاقاً من المطر

من آرائه ومصنّفاته:

إنّ واصل هو أوّل من أظهر المنزلة بين المنزلتين؛ لأنّ الناس كانوا في أسماء أهل الكبائر من أهل الصلاة على أقوال: كانت الخوارج تسمّيهم بالكفر والشرك، والمرجئة تسمّيهم بالإيمان، وكان الحسن وأصحابه يسمّونهم بالنفاق.

مؤلّفاته:

ذكر ابن النديم في (الفهرست)، وتبعه ابن خلّكان: إنّ لواصل التصانيف التالية:

٩٩

1 - كتاب أصناف المرجئة.

2 - كتاب التوبة.

3 - كتاب المنزلة المنزلتين.

4 - كتاب خطبه الّتي أخرج منها الرّاء.

5 - كتاب معاني القرآن.

6 - كتاب الخُطب في التوحيد والعدل.

ومن المحتمل أنّه قام بجمع خطب الإمام عليّ (عليه السّلام) في التوحيد والعدل فأفرده تأليفاً.

7 - كتاب ما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد.

8 - كتاب السبيل إلى معرفة الحق.

9 - كتاب في الدعوة.

10 - كتاب طبقات أهل العلم والجهل. (1)

2. عمرو بن عبيد (80 - 143هـ):

وهو الإمام الثاني للمعتزلة بعد واصل بن عطاء، وكان من أعضاء حلقة الحسن البصري، مثل واصل، لكن التحق به بعد مناظرة جرت بينهما في مرتكب الكبيرة.

روى ابن المرتضى، عن الجاحظ، أنّه قال: صلَّى عمرو أربعين عاماً صلاة

____________________

(1) فهرست ابن النديم: 203، الفن الأوّل من المقالة الخامسة.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

أبداً في تقديم ( شيء ذي مزايا عديدة ) على ( شيء فاقد لجميعها ).

فهل يا ترى سمعتم أنّ شخصاً عند انتخابه لمعلّم ما، يقوم بترجيح الطالب على الأستاذ؟ أو عند معالجة مرض ما أن يفضِّل طبيباً عادياً قليل الخُبرة على طبيب كبير عظيم الخُبرة والتجربة؟ ( دون أن تُؤخذ خواص أخرى بنظر الاعتبار ) عند انتخاب قائد معيّن، إذا تجاهلنا ذوي التجربة والتدبير والإدارة، واتجهنا صوب الجُدد ذوي التجربة القليلة، عندها سيشكّ الجميع بصحة عقولنا وسلامتها.

حتى أولئك الذين لا يعتقدون بقبح هذه المسألة ( ترجيع ( المرجوح ) على ( الراجح ) )، لا يتجاهلون هذا المبدأ في أداء أعمالهم أبداً، بل يعملون دائماً على ترجيح الأحسن، مثلاً عند شرائهم لفاكهة معيّنة، فهل يتركون الجيد منها ويبتاعون الرديء وغير الناضج منها؟ أو عند اختيار صديق ما، فهل يفضّلون الأشخاص الأشرار ذوي الصيت السيء على النزيهين والأخيار؟ كما أنّ من المستحيل أن يُفضّل الإنسان الماء الآسِن على الماء الزّلال، وإن وُجد شخص يفعل ذلك فلا ترديد في كونه ناقص العقل.

نعم، تُعمي وتصمّ المنافع المادية أحياناً بصرَ وسمعَ الإنسان بشكل تُنسيه منافعه الحقيقية، عندها يؤدّي الإنسان عملاً يدفعه إلى تقديم ( المتأخّر ) على ( المتقدم )، وقد اعتمد القرآن الكريم على هذا المعنى في تأنيبه للكفار والمشركين، الّذين لوّثوا أنفسهم بهذا العلم القبيح المرفوض، حيث نقرأ:

( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) .

تضيف السيدة الرشيدة وابنة النبي الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) في هذا القسم ( القسم الثالث )

____________________

١. سورة يونس، آية ٣٥.

١٦١

من خطبتها الغرّاء المؤلمة مشيرةً إلى هذا المعنى:

يا معشر المهاجرين والأنصار، لِمَ خذلتم مَن كان له السّبق في الإسلام، وأوّل مَن بايع الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) من الرجال، واتّبعتم مَن ليس له من هذا الافتخار أي نصيب، ( بل وسجد للأصنام حتى بعد بزوغ شمس الإسلام )؟.

لِمَ أبعدتم مَن هو ( بابٌ ) لمدينة علم النبي ( صلّى الله عليه وآله )، والأقدر على التحكيم والقضاء استناداً إلى حديث الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) المشهور( أقضاكم علي )، وسرتم خلف مَن لا يملك شيئاً من ذلك العلم وتلك المعرفة؟.

لقد تجاوزتم بعملكم هذا القانون الصريح ( بترجيح ( الراجح ) على ( المرجوح ) )، وتناسيتم حكم القرآن في هذا الأمر ( مضمون الآية التي ذُكرت أعلاه )(١) .

تعجّب سيدة الإسلام ( عليها السلام ) من هذا الأمر بشدّة، وتصف الدنيا بـ ( عالم العجائب ) الذي يعلّم الإنسان في كل يوم - ينقضي من عمره - درساً جديداً.

تتساءل بعدها عن الدليل، الذي دفع هذه المجموعة التي يبدو عليها العقل والتدبير إلى تغيير محور الخلافة، واختيار الآخرين ليحلُّوا محل علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، ولأيٍّ من الوثائق استندوا؟ وكيف تجاهلوا ميزات علي ( عليه السلام ) الواضحة، وقدّموا المرجوح عليه؟! وتستعين في نهاية هذا القسم بالآيات التي تتحدث عن مصير هؤلاء الناس:

( لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) (٢).

( وبِئْسَ لِلْظّالمينَ بدلاً ) (٣) .

____________________

١. الأعجبُ من كل ذلك قول ابن أبي الحديد في خطبة كتابه، حيث يقول، ( الحمد لله الذي قدّم المفضول على الفاضل )!!.

٢. سورة الحج، آية ١٣.

٣. سورة الكهف، آية ٥٠.

١٦٢

القسم الرابع

( أَما لَعمري، لقد لُقّحت، فنظرةٌ ريثما تُنتج، ثمّ احتلبوا مِلاء القعب دماً عبيطاً، وذُعافاً مبيداً ( هنالك يخسر المُبطلون ) ويعرف التّالون غِبَّ ما أسَّس الأوّلون، ثمّ طيبوا عن دنياكم أَنفساً، واطمأنوا للفتنة جأشاً.

وأبشروا بسيفٍ صارمٍ، وسطوةِ معتدٍ غاشمٍ، وهَرجٍ شاملٍ، واستبدادٍ من الظالمين يدع فيئكم زهيداً، وجمعكم حصيداً، فيا حسرةً لكم، وأنّى بكم وقد ( عُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) ) .

التفسير:

الاختيار الخاطئ وثمرته المشؤومة

يعتقد الكثير من الناس أنّ تناسيهم للوقائع يجعلها تنساهم هي الأخرى ولن تأخذهم بجلابيبهم.

هكذا يظنون، يمكن الحصول على ثمر جيّد من خلال زرع بذرة فاسدة.

نعم لن يمضِ وقتٌ طويل حتى تتهاوى ظنونهم، كما يتهاوى البناء الذي هرَّأ الدود أركانه، أو كما تزول الفقاعات من على سطح الماء، أو كالطيف الذي يتلاشى باستيقاظ النائم، عندها يرى الصورة البشعة

١٦٣

المشؤومة للواقع الذي نتج عن اختياره الخاطئ، وسيتذوّق مرارة الأحداث التي سيفرزها عمله الطائش.

نعم، هذا هو قانون الوجود الذي سيحكم البشرية كما حكمها في جميع مراحلها التاريخية بكل قدرته، وهو أن يرى المخطئ نتيجة وعاقبة عمله، ويبدّل طعم حياته الرائع في نفسه إلى حنظل، وأحلامه الجميلة إلى كابوس موحش.

تركّز سيدة الإسلام ( عليها السلام ) في القسم الرابع من خطبتها على هذا المعنى، حيث تفصح عمّا سيواجهونه نتيجة عملهم المشؤوم:

سيحمل جملُ الخلافة بعد انحراف مسيره سريعاً، وسيعانق الأرض منه مولودٌ عجيب الخلقة، عِوض من أن تشربوا حليبه السائغ الهنيء، ستُناوَلون كؤوساً مليئةً بدم جديد، يملأ أقداح قلوبكم! و سيُصَبُّ في فيكم السُّم المميت بدل اللبن الخالص.

وبالتدريج سيأتي دور ظلاّم التاريخ وأبناء وأحفاد ( أبي سفيان ) و ( الحجّاج ) و ( الأشاعثة )، ومَن هو أسوأ منهم، الذين سيُسلّطون سيوفهم على رقابكم ورقاب أبنائكم، وسيحصدون ثمار حياتكم بمنجلهم المميت.

سوف لن يكتفوا بسرقة أموالكم وسبي نسائكم، وإنّما سيُقيمون فيكم قتلاً جماعياً متكرّراً، تتلوّن على أثره الأرض بلون دمائكم، بما في ذلك أرض مسجد النبي الكريم ( صلّى الله عليه وآله ).

نعم، فسيعملون فيكم وفي أبنائكم القتل في داخل المسجد الشريف ثاني الحرمين الآمنين، حتى يطفح صحن المسجد بالدم، بل وسيهتكون حرمة بيت الله الحرام بقصفه بالحجارة بواسطة المنجنيق، وسيتلقّفوكم بسيوفهم في داخله وخارجه!

١٦٤

لقد حلّق بكم الخيال بعيداً، فظننتم أنَّ أعذاركم الواهية في تخليكم عن نصرة الحق، والدفاع عن خليفة الرسول ( صلّى الله عليه وآله )، سينجيكم من الجزاء الإلهي بسهولة، وستفرّون عندها من عواقب أعمالكم السيئة، هيهات، فذلك تصوّرٌ باطل! هيهات، فذلك خيالٌ محال!

واليوم... نعم في هذا اليوم وعندما نتفحّص صفحات التاريخ المنصرم، ندرك أكثر من أي وقت حقيقة وواقعية حديث الزهراء ( عليها السلام ) ذا المحتوى القيّم، فما أتعس العواقب التي حلّت بالمسلمين نتيجة انحراف محور الخلافة عن مسارها الأصلي، وكيف أصبحت أرواحهم وأموالهم وأعراضهم، والأكثر من ذلك قوانين وأحكام ومقدسات الإسلام لعبةً بيد وَرَثة أحزاب الجاهلية؟!

لم يرحم أعوان بني أميّة الكبير ولا الصغير.

لم يراعوا حَرمَ رسول الله ولا احترام بيت الله ( سبحانه وتعالى ).

لم يكنّوا احتراماً للمهاجرين وكذا للأنصار.

فيوصي واحدٌ من أبناء ( آل سفيان ) إلى مَن حوله:

تلقَّفوها يا بني أميّة تلقّف الكرة، فوَالّذي يحلف به أبو سفيان ما مِن جنَّة و لا نار.

فماذا أكثر من ذلك!

لذا يقول معاوية بن أبي سفيان أيضاً:

ما قاتلكم لتُصلّوا ولا لتصوموا... بل قاتلتكم لأتأمَّر عليكم.

والأسوأ من ذلك تلك القصة التي ينقلها العالم المعتزلي المعروف ( ابن أبي الحديد ) في شرح نهج البلاغة حيث يقول:

( وقد طعن كثيرٌ من أصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على

١٦٥

تفسيقه، وقالوا عنه إنّه كان ملحداً لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه وسقطات ألفاظه ما يدل على ذلك.

وروى الزبير بن بكّار في ( الموفقيّات )، وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لِما هو معلوم من حاله من مجانبة علي ( عليه السلام )، والانحراف عنه: قال المطرّف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي على معاوية، وكان أبي يأتيه، فيتحدث معه ثمّ ينصرف إليّ فيذكر معاوية وعقله، ويُعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، ورأيته مغتمّاً فانتظرته ساعةً، وظننت أنّه لأمر حدث فينا، فقلت: مالي أراك مغتمّاً منذ الليلة؟

فقال: يا بُني، جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم، قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به: إنّك قد بلغت سنّاً يا أمير المومنين، فلو أظهرت عدلاً، وبسطت خيراً، فإنّك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شيءٌ تخافه، وإنَّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه، فقال: هيهات هيهات! أيُّ ذكر أرجو بقاءه!

مَلك أخو تَيم فعدل، ( إشارةً للخليفة الثاني ) وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: أبو بكر: ثمّ ملك أخو عَدي، فاجتهد وشهّر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: عمر، وإنَّ ابن أبي كبشة ( إشارةً إلى الرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) ) ليُصاح به كل يوم خمس مرات: ( أشهد أنَّ محمّداً رسول الله )، فأيُّ عمل يبقى؟ وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أباً لك! لا والله إلاّ دفناً دفناً )(١) .

وبعدها مباشرةً يقوم يزيد حفيد أبو سفيان برفع الستار، ونشر نعرته المستهترة علناً حيث يقول:

____________________

١. شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد، ج٥،ص١٢٩.

١٦٦

لَعِبَت هاشمُ بالـمُلْكِ فَلا

خبرٌ جاءَ ولا وحيٌ نَزَلْ

وبهذا الشكل بانَ وتأكّدَ ذلك الكفر والإجرام، الذي نطق به أبو سفيان.

إنّ حالة السجون الأمويّة والتعذيب القاسي، الذي سلّطه الأمويون على سجنائهم، لم يسوّد صفحات تاريخ الإسلام فحسب، بل وحتى تاريخ البشرية، وهذا مصداق مقولة سيدة الإسلام ( عليها السلام ).

نعم، فقد كانت حوادث المستقبل منعكسة بصورة جيدة في صفحات قلبها المشرقة، وطبقاً لِما أخبرت عنه في هذه الخطبة، فسرعان ما هجم المتسلّلون المتجاوزون على الناس بصوارمهم الحادة، مستبدّينَ في الحكم مستهزئينَ بدين وروح ومال وناموس الناس.

لقد ألقى الهرج والمرج ظلّه المشؤوم الثقيل على المجتمع الإسلامي، وذاق المسلمون مرارة ذلك التقصير والوهن في حماية الحق.

وهذا جزاء أولئك الذين يتركون الحق ويتّبعون الباطل.

١٦٧

القسم الخامس

قال سُويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها ( عليها السلام ) على رجالهنَّ، فجاء إليها قومٌ من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين وقالوا:

يا سيدة النساء، لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبلِ أن نُبرم العهد، و نُحكم العقد، لَما عدلنا عنه إلى غيره.

فقالت:( إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم، ولا أمر بعد تقصيركم ) .

التفسير:

الأجوبة المريرة والمؤلمة

الأقبح من كل شيء جواب طائفة من المهاجرين والأنصار بعد سماعهم لرسالتها؛ حيث كان جوابهم مؤلماً جارحاً، له وقعُ الخنجر على قلبها الطاهر.

كان للخطبة وقع مؤثّر في نفوسهم، فأحسّوا بالخجل، وربّما فزعوا من الجزاء الإلهي في الدنيا والآخرة، ممّا دعاهم ذلك إلى الإسراع في الاستجازة للتشرّف بالحضور بين يدي بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله )، وعرض جوابهم الذي كان محتواه:

لِمَ لم يَمدّ أبو الحسن علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) يده لنُبايعه قبل أن يأخذ

١٦٨

الآخرون البيعة لأنفسهم، فنبارك مقدمه، وندافع عن حكومته؟ نعمل على إطاعته، ونستجيب لأوامره من صميم قلوبنا وأرواحنا.

وبوجوده لم نكن لنقدِّم أحداً عليه؛ لأنّه أليق من غيره بهذا الأمر، وأقرب الناس لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله )، ودينه وفكره.

ولكن يا للأسف فقد فات الأوان! فبعد أن صافحنا أياديهم الممدودة للمبايعة، وطوَّقنا رقابنا بعهد الطاعة، وبسبب تعزيز ذاك الارتباط في هذا الأمر فإنّه قد أُغلقت جميع الطرق بوجوهنا ولا سبيل للعودة!

أمّا ليتهم لم يتذرّعوا بذلك العذر في محضر سيدة الإسلام ( عليها السلام )، الذي هو أشد قسوةً من فِعلهم، جواب قبيحٌ، وعذرٌ مفتضح كاذب، كلامٌ آلم قلبها الطاهر بشدة، وزاد من هموم روحها الجسيمة همّاً آخراً.

ليتهم أقرّوا بذنبهم على الأقل، وليتهم وعدوها بالرّجوع في الفرصة المناسبة، ولم ينطق لسانهم بذلك العذر الواهي، بالإضافة إلى:

أوّلا: إنّهم سمعوا من شخص رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ولِعدّة مرات، أنّ الوصاية والخلافة لن تكون إلا لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام )، وهذا الأمر يغني عن البيعة له.

ثانياً: على فرض ضرورة البيعة، أَلم يأخذ الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) منهم البيعة لعلي ( عليه السلام ) في غدير خم؟! تلك الحادثة التي لم تكن لتخفى على أحد، فهي أحداثٌ عاشوها وشاهدوها عن قرب أو سمعوا بها على الأقل.

ثالثاً: على فرض أنّهم لم يحضروا بيعة الغدير، ولم يسمعوا حديث الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) في ذلك اليوم، فهل خفي على أحد منهم أفضلية علي (عليه السلام ) على الآخرين؟!

لماذا لم يأتوه بعد وفاة النبي ( صلّى الله عليه وآله )، ويمدّوا أيديهم مجدّدين له البيعة إن لزم الأمر؟.

١٦٩

لم تكن الخلافة حقّاً شخصياً مختصّاً بأمير المؤمنين علي ( عليه السلام )، حتى يحتاج إلى أن يطالب بحقه، ولكن الخلافة حقٌّ عام متعلّقٌ بالمجتمع الإسلامي، لا بل بالإسلام ككل، لهذا نصَّب الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) عليّاً في هذا المقام بأمر من الله ( سبحانه وتعالى ).

يُعدُّ قبول علي ( عليه السلام ) للخلافة وتأييد المسلمين له، من الوظائف الإلهية الحتمية، ولا معنى للاستفسارات ( لِمَ ولأنَّ ) و ( إذا وكيف ) و ( كذا وهكذا ).

رابعاً: لو افترضنا أنّه كان على علي ( عليه السلام ) أن يأخذ البيعة لنفسه، ويخلف الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) في الناس، فهل يا ترى من اللائق أن يبقى جسد الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) الطاهر على الأرض دون تكفين وتدفين، والاهتمام بمسألة الخلافة وكرسيّها؟.

ما أحقر تلك المؤامرة، لِمَ أدبر جمعٌ منهم عن مراسم دفن الحبيب، وأسرعوا في الحضور في مراسم تنصيب الخليفة؟ لماذا؟.

خامساً: لو تغاضينا عن جميع ذلك، ولو أنّ شخصاً اختار لنفسه قائداً ومن ثمَّ عرف أنّه أخطأ في اختياره، وأنّ طريق هذا سينتهي به إلى التهلكة، فهل عليه أن يستمر في طريقه ذاك، ويسقط في تلك الهاوية لا لشيء سوى أنّه بايع ووعد بالوفاء؟ أي منطق وقانون، وأي عقل يحكم بهذا؟.

ملاحظة مهمة

تتبادر إلى الذهن مسألة مهمة بعد اختتام هذا الموضوع، هي أنّ الخطبة رغم أنّها خصّت بالذكر مسألة خلافة وولاية علي( عليه السلام )، إلاّ أنّها كانت

١٧٠

درساً مفيداً لكل المسلمين عبر مراحل التاريخ، وهو أَلاّ يستخفّوا في الأمور التي تخص الحكومة الإسلامية، ولا يناصروا مَن هم ليسوا أهلاً لها، ولا يتعاملوا مع هذه المسألة تعاملاً سطحياً، ولا يقدّموا المرجوح على الراجح في اختيار المتصدّين لإشغال المناصب الحسّاسة، وإن هم لم يُراعوا تلك النقاط فعليهم أن يترقّبوا نتيجة أعمالهم المشؤومة، وليعلموا أنّهم سيعيشون العواقب الوخيمة للحكومات الفاسدة المستبدة الطاغوتيّة.

بعدها ستُذرف دموع الحسرة والندامة نتيجة ذلك التقصير.

دموعٌ لا تُثمر إلاّ عن الحسرة والندامة والفضيحة.

١٧١

الفهرس

المقدمة ٥

فاطمة ( عليها السلام ) منذ الولادة حتى رحيل النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ٩

الولادة الميمونة لفاطمة ( عليها السلام ) ١١

سر حب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لفاطمة ( عليها السلام ) ١٥

فاطمة أمّ أبيها ١٨

فاطمة ( عليها السلام ) زوجة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ٢٢

فاطمة ( عليها السلام ) بعد رحيل أبيها ( صلّى الله عليه وآله ) ٣٠

فضائل الزهراء ( عليها السلام ) ٣٣

منزلة فاطمة ( عليها السلام ) ٣٥

سيدة نساء العالمين. ٤٢

حوراء إنسية ٤٦

فاطمة ( عليه السلام ) أحب الناس إلى الرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) ٤٩

قرب فاطمة ( عليها السلام ) من الله. ٥٤

زهد فاطمة ( عليها السلام ) ٥٧

المكانة العلميّة لفاطمة ( عليها السلام ) ٦١

كرامات فاطمة ( عليها السلام ) ٦٤

أَوّل مَن يرد الجنة ٦٦

معاني أسماء فاطمة ( عليها السلام ) ٦٨

هدية الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) لفاطمة ( عليها السلام ) ٧١

أحداث فدك المؤلمة ٧٥

١ - العوامل السياسية في غصب فدك. ٧٨

٢ - فدك عبر العصور ٨١

٣ - فدك وأئمة الهدى ( عليهم السلام ) ٨٥

٤ - محكمة تاريخية ٨٨

٥ - حدود فدك! ٩٤

١٧٢

استنتاج. ٩٦

الملحمة الكبيرة ٩٩

الخطبة التاريخية لسيدة الإسلام فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ١٠١

أسانيد ووثائق الخطبة ١٠٥

المحاور السبعة لخطبة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ١٠٨

المحور الأَوّل: توحيد الله وصفاته، وهدف التكوين. ١١٠

المحور الثاني: منزلة الرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) السامية، خصائصهُ وأهدافه ١١٤

المحور الثالث: كتاب الله وفلسفة الأحكام ١١٨

المحور الرابع: إعلان موقفها من النظام الحاكم. ١٢٢

المحور الخامس: الردّة بعد النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ١٢٧

المحور السادس: قصة غصب فدك وحجج الغاصبين وتفنيدها ١٣٠

المحور السابع: طلب نصرة الأنصار ١٣٦

الخطبة الثانية لسيدة الإسلام فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ١٤٥

الخطبة المؤلمة في نساء المدينة ١٤٧

مناقشة أسناد خطبة سيدة النساء ( عليها السلام ) ١٥١

القسم الأَوّل. ١٥٣

نظرة عامة: ١٥٣

القسم الثاني. ١٥٦

القسم الثالث.. ١٦٠

القسم الرابع. ١٦٣

القسم الخامس.. ١٦٨

١٧٣