فلاح السائل

فلاح السائل20%

فلاح السائل مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 296

فلاح السائل
  • البداية
  • السابق
  • 296 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59517 / تحميل: 10040
الحجم الحجم الحجم
فلاح السائل

فلاح السائل

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

[ المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى]

الأسماء الحسنى

وسنوردها هنا بثلاث عبارات :

الاُولى : ما ذكرها الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد(1) رحمه‌الله في عدّته ، أنّ الرضاعليه‌السلام روى عن أبيه عن آبائه عن علي(2) عليه‌السلام : أنّ لله تسعة وتسعين اسماً من دعا بها استجيب له ومن أحصاها(3) دخل الجنّة ، وهي هذه :

الله ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الأول ، الآخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العليّ ، الأعلى ، الباقي ، البديع ، الباري ، الأكرم ، الظاهر ، الباطن ، الحيّ ، الحكيم ، العليم ، الحليم ، الحفيظ ، الحقّ ، الحسيب ، الحميد ، الحفيّ ، الربّ ، الرحمن ، الرحيم ، الذاري ، الرازق ، الرقيب ، الرؤوف ، الرائي ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، السيّد ، السبّوح ، الشهيد ، الصادق ، الصانع ، الطاهر ،

__________________

(1) أبو العباس أحمد بن فهد الحلي ، يروي عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخازن تلميذ الشهيد وغيره ، له عدة مصنفات ، منها : عدّة الداعي ونجاح الساعي ، في آداب الدعاء ، مشهور نافع مفيد في تهذيب النفس ، مرتّب على مقدّمة في تعريف الدعاء وستّة أبواب ، توفي سنة ( 841 ه‍ ).

الكنى والألقاب 1: 368 ، أعيان الشيعة 3: 147 ، الذريعة 15 : 228 ، معجم رجال الحديث 2 : 189.

(2) في العدة : « عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليعليهم‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ لله عزّ وجلّ تسعة وتسعين اسماً من دعا الله بها استجاب له ومن أحصاها دخل الجنة ».

(3) في هامش (ر) : « قال الصدوقرحمه‌الله : معنى إحصائها هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها ، وليس معنى الإحصاء عدّها ، قاله الشيخ جمال الدين في عدته.

ووجدتُ بخط الشيخ الزاهدرحمه‌الله : أن هذه الأسماء حجاب من كل سوء ، وهي للطاعة والمحبة وعقد الألسن ولإبطال السحر ولجلب الرزق نافع إن شاء الله تعالى. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : التوحيد : 195 ، عدّة الداعي : 298.

٢١

العدل ، العفوّ ، الغفور ، الغنيّ ، الغياث ، الفاطر ، الفرد ، الفتّاح ، الفالق ، القديم ، الملك ، القدّوس ، القويّ ، القريب ، القيّوم ، القابض ، الباسط ، القاضي(4) ، المجيد ، الولي ، المنّان ، المحيط ، المبين ، المقيت ، المصوّر ، الكريم ، الكبير ، الكافي ، كاشف الضرّ ، الوتر ، النور ، والوّهاب ، الناصر ، الواسع ، الودود ، الهادي ، الوفيّ ، الوكيل ، الوارث ، البرّ ، الباعث ، التوّاب ، الجليل ، الجواد ، الخبير ، الخالق ، خير الناصرين ، الديّان ، الشكور ، العظيم ، اللطيف ، الشافي(5) .

الثانية : ما ذكرها الشهيد(6) رحمه‌الله في قواعده ، وهي : الله ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الباري ، الخالق ، المصوّر ، الغفّار ، الوّهاب ، الرزّاق ، الخافض ، الرافع ، المعزّ ، المذلّ ، السميع ، البصير ، الحليم ، العظيم ، العليّ ، الكبير ، الحفيظ ، الجليل ، الرقيب ، المجيب ، الحكيم ، المجيد ، الباعث ، الحميد ، المبدي ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيّوم ، الماجد ، التوّاب ، المنتقم ، الشديد العقاب ، العفّو ، الرؤوف ، الوالي ، الغني ، المغني ، الفتّاح ، القابض ، الباسط ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الغفور ، الشكور ، المقيت ، الحسيب ، الواسع ، الودود ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القويّ ، المتين ، الوليّ ، المحصي ، الواجد ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدّم ، المؤخّر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، البرّ ، ذو الجلال والإكرام ، المُقِسط ، الجامع ، المانع ، الضارّ ، النافع ، النور ، البديع ، الوارث ، الرشيد ، الصبور ، الهادي ، الباقي(7) .

__________________

(4) في هامش (ر) : « قاضي الحاجات / خ ل ».

(5) عدّة الداعي : 298 ـ 299.

(6) أبو عبدالله محمد بن مكي العاملي الجزيني ، الشهيد الأول ، روى عن الشيخ فخر الدين محمد بن العلاّمة وغيره ، يروي عنه جماعة كثيرة منهم أولاده وبنته وزوجته ، له عدّة مصنّفات ، منها : القواعد والفوائد ، كتاب مختصر مشتمل على ضوابط كلية اُصولية وفرعية يستنبط منها الأحكام الشرعية ، استشهد مظلوماً سنة ( 786 ه‍ ).

رياض العلماء 5 : 185 ، الكنى والألقاب 2 : 342 ، تنقيح المقال 3 : 191 ، الذريعة 17 : 193.

(7) القواعد والفوائد 2: 166 ـ 174.

٢٢

قالرحمه‌الله : ورد في الكتاب العزيز من(8) الأسماء الحسنى : الربّ ، والمولى ، والنصير ، والمحيط ، والفاطر ، والعلاّم ، والكافي ، وذو الطّول ، وذو المعارج(9) .

الثالثة : ما ذكرها فخر الدين محمد بن محاسن(10) رحمه‌الله في جواهره ، وهي :

الله ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الخالق ، الباري ، المصوّر ، الغفّار ، القهّار ، الوهّاب ، الرزّاق ، الفتّاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعزّ ، المذلّ ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العليّ ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الماجد ، الباعث ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القويّ ، المتين ، الوليّ ، الحميد ، المحصي ، المبدي ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيوم ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدّم ، المؤخّر ، الأوّل ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البرّ ، التوّاب ، المنتقم ، العفوّ ، الرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المُقسِط ، الجامع ، الغنيّ ، المُغني ، المانع ، الضارّ ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور. فهذه تسعة وتسعون اسماً رواها محمد بن إسحاق(11) في المأثور.

__________________

(8) في ( القواعد ) و (ر) و (م) : « في » وما أثبتناه من (ب) وهو الأنسب.

(9) القواعد والفوائد 2 : 174 ـ 175.

(10) لم أجد من تعرّض لترجمته ، حتّى أن الشيخ العلاّمة الطهراني في الذريعة 5 : 257 حينما ذكر الجواهر ، قال : للشيخ فخر الدين محمد بن محاسن ينقل عنه الكفعمي في آخر البلد الأمين ، فالظاهر أنّه لم يجد له ترجمة أيضاً ، بل إنّما عرف كتابه واسمه من نقل الكفعمي عنه ، ومحمد بن محاسن نفسه الذي يأتي بعنوان البادرائي.

(11) يحتمل أن يكون هو : محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي ، من كبار تلاميذ الشيخ محيي الدين ابن العربي ، بينه وبين نصير الدين الطوسي مكاتبات في بعض المسائل الحكمية ، له عدّة مصنّفات ، منها : شرح الأسماء الحسنى ، مات سنة ( 673 ه‍ ).

كشف الظنون 2: 1956 ، أعلام الزركلي 6 : 30.

٢٣

ولمّا كانت كلّ واحدة من هذه العبارات الثلاث تزيد على صاحبتيها بأسماء وتنقص عنهما بأسماء ، أحببت أن أضع عبارة رابعة مشتملة على أسماء العبارات الثلاث ، مع الإشارة إلى شرح كلّ اسم منها ، من غير إيجاز مخلّ ولا إسهاب مملّ.

وسمّيت ذلك بالمقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى.

فنقول وبالله التوفيق :

الله :

اسم ، علم ، مفرد ، موضوع على ذات واجب الوجود.

وقال الغزّالي(12) : الله اسم للموجود الحق ، الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المتفرّد بالوجود الحقيقي ، فإن كلّ موجود سواه غير مستحقّ للوجود بذاته ، وإنّما استفاد الوجود منه(13) .

وقيل : الله اسم لمن هو الخالق لهذا العالم والمدبر له.

وقال الشهيد في قواعده : الله اسم للذات لجريان النعوت عليه ، وقيل : هو اسم للذات مع جملة الصفات الإلهية ، فإذا قلنا : الله ، فمعناه الذات الموصوفة بالصفات الخاصة ، وهي صفات الكمال ونعوت الجلال.

قالرحمه‌الله : وهذا المفهوم هو الذي يعبد ويوحد وينزه عن الشريك والنظير والمثل والند والضد(14) .

وقد اختلف في اشتقاق هذا الاسم المقدّس على وجوه عشرة ، ذكرناها

__________________

(12) أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزّالي ، الملقّب بحجّة الإسلام الطوسي ، تفقّه على أبي المعالي الجويني ، له عدّة مصنّفات ، منها : إحياء علوم الدين ، والمقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وغيرهما ، مات سنة ( 502 ه‍ ).

المنتظم 9 : 168 ، وفيات الأعيان 4 : 216 ، الكنى والألقاب 2 : 450.

(13) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : 14.

(14) القواعد والفوائد 2: 166.

٢٤

على حاشية الصحيفة في دعاء زين العابدينعليه‌السلام إذا أحزنه أمر(15) .

واعلم أنّ هذا الاسم الشريف قد امتاز عن غيره من أسمائه ـ تعالى ـ الحسنى بوجوه عشرة :

أ : أنّه أشهر أسماء الله تعالى.

ب : أنّه أعلاها محلاًّ في القرآن.

ج : أنّه أعلاها محلاًّ في الدعاء.

د : أنّه جعل أمام سائر الأسماء.

ه‍ : أنّه خصّت به كلمة الإخلاص.

و : أنّه وقعت به الشهادة.

ز : أنّه علم على الذات المقدّسة ، وهو مختصّ بالمعبود الحقّ تعالى ، فلا

__________________

(15) وهي كما في حاشية المصباح : 315 نقلاً عن الفوائد الشريفة في شرح الصحيفة :

« الأول : أنّه مشتقّ من لاه الشيء إذا خفي ، قال شعر :

لاهت فما عرفت يوماً بخارجةٍ

يا ليتها خرجت حتى عرفناها

الثاني : أنّه مشتقّ من التحيّر ، لتحيّر العقول في كنه عظمته ، قال :

ببيداء تيه تأله العير وسطها

مخفقـة بالآل جرد وأملق

الثالث : أنّه مشتقّ من الغيبوبة ، لأنّه سبحانه لا تدركه الأبصار ، قال الشاعر :

لاه ربّي عن الخلائق طراً

خالق الخلق لا يُرى ويرانا

الرابع : أنّه مشتقّ من التعبّد ، قال الشاعر :

لله درّ الغانيــات المُـدَّهِ

آلهن واسترجعن من تألّهي

الخامس : أنّه مشتق من أله بالمكان إذا أقام به ، قال شعر :

ألهنا بدارٍ لا يدوم رسومها

كأن بقاها وشامٌ على اليدِ

السادس : أنّه مشتقّ من لاه يلوه بمعنى ارتفع.

السابع : أنّه مشتقّ من وَلَهَ الفصيلُ باُمّه إذا ولع بها ، كما أنّ العباد مولهون ، أي : مولعون بالتضرّع إليه تعالى.

الثامن : أنّه مشتقّ من الرجوع ، يقال : ألهت إلى فلان ، أي : فزعت إليه ورجعت ، والخلق يفزعون إليه تعالى في حوائجهم ويرجعون إليه ، وقيل للمألوه [ إليه ] إله ، كما قيل للمؤتمّ به إمام.

التاسع : أنّه مشتقّ من السكون ، وألهت إلى فلان أي : سكنت ، والمعنى أنّ الخلق يسكنون إلى ذكره.

العاشر : أنّه مشتقّ من الإلهيّة. وهي القدرة على الاختراع ».

٢٥

يطلق على غيره حقيقةً ولا مجازاً ، قال تعالى :( هل تَعلَمُ لهُ سَميّاً ) (16) أي : هل تعلم أحداً يسمّى الله ؟ وقيل : سميّاً أي : مثلاً وشبيهاً.

ح : أنّ هذا الاسم الشريف دالّ على الذات المقدّسة الموصوفة بجميع الكمالات ، حتى لا يشذّ به شيء ، وباقي أسمائه تعالى لا تدلّ آحادها إلاّ على آحاد المعاني ، كالقادر على القدرة والعالم على العلم. أو فعل منسوب إلى الذات ، مثل قولنا : الرحمن ، فإنّه اسم للذات مع اعتبار الرحمة ، وكذا الرحيم والعليم. والخالق : اسم للذات مع اعتبار وصف وجودي خارجي. والقدّوس : اسم للذات مع وصف سلبي ، أعني التقديس الذي هو التطهير عن النقائص. والباقي : اسم اللذات مع نسبة وإضافة ، أعني البقاء ، وهو نسبة بين الوجود والأزمنة ، إذ هو استمرار الوجود في الأزمنة. والأبديّ : هو المستمرّ في جميع الأزمنة ، فالباقي أعمّ منه. والأزلي : هو الذي قارن وجوده جميع الأزمنة الماضية المحقّقة والمقدّرة. فهذه الاعتبارات تكاد تأتي على الأسماء الحسنى بحسب الضبط(17) .

ط : أنّه اسم غير صفة ، بخلاف سائر أسمائه تعالى ، فإنها تقع صفات ، أمّا أنّه اسم غير صفة ، فلأنّك تصف ولا تصف به ، فتقول : إله واحد ، ولا تقول : شيء إله ، وأمّا وقوع ما عداه من أسمائه الحسنى صفات ، فلأنّه يقال : شيء قادر وعالم وحيّ إلى غير ذلك.

ي : أن جميع أسمائه الحسنى يتسمّى بهذا الاسم ولا يتسمّى هو بشيء منها ، فلا يقال : الله اسم من أسماء الصبور أو الرحيم أو الشكور ، ولكن يقال : الصبور اسم من أسماء الله تعالى.

إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّه قد قيل : إنّ هذا الاسم المقدّس هو الاسم الأعظم. قال ابن فهد في عدّته : وهذا القول قريب جداً ، لأنّ الوارد في هذا المعنى

__________________

(16) مريم 19 : 65.

(17) القواعد والفوائد 2: 166.

٢٦

كثيراً(18) .

ورأيت في كتاب الدرّ المنتظم في السرّ الأعظم ، للشيخ محمد بن طلحة بن محمد ابن الحسين(19) : أنّ هذا الاسم المقدّس يدلّ على الأسماء الحسنى كلّها التي هي تسعة وتسعون اسماً ، لأنك إذا قسمت الاسم المقدّس في علم الحروف على قسمين كان كلّ قسم ثلاثة وثلاثين ، فتضرب الثلاثة والثلاثين في حروف الاسم المقدّس بعد إسقاط المكرر وهي ثلاثة تكون عدد الأسماء الحسنى ، وذكر أمثلة اُخر في هذا المعنى تركناها اختصاراً(20) .

ورأيت في كتاب مشارق الأنوار وحقائق الأسرار ، للشيخ رجب بن محمد بن رجب الحافظ(21) : أن هذا الاسم المقدس أربعة أحرف ـ الله ـ فإذا وقفت على الأشياء عرفت أنها منه وبه وإليه وعنه ، فإذ أُخذ منه الألف بقي لله ، ولله كلّ شيء ، فإن اُخذ اللام وترك الألف بقي إله ، وهو إله كلّ شيء ، وإن اُخذ

__________________

(18) عدّة الداعي : 50.

(19) أبو سالم محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي الشافعي ، له عدّة مصنفات ، منها : الدرّ المنظم في السرّ الأعظم أو الدرّ المنظم في اسم الله الأعظم ، مات سنة ( 652 ه‍ ).

شذرات الذهب 5 : 259 ، أعلام الزركلي 6 : 175.

علماً بأنّ في (ر) و (ب) و (م) ذكر : الدرّ المنتظم وفي مصادر الترجمة : الدر المنظم ، وكذا ذكر في (ر) و (ب) : محمد بن طلحة بن محمد بن الحسين ، وفي المصادر : ابن الحسن ، فتأمّل.

(20) في حاشية (ر) : « منها : أنك إذا جمعت من الاسم المقدّس طرفيه ، وقسّمت عددهما على حروفه الأربعة ، وضربت ما يخرج القسمة فيما له من العدد في علم الحروف ، يكون عدد الأسماء الحسنى. وبيانه : أن تأخذ الألف والهاء وهما بستة ، وتقسِّمها على حروف الأربعة ، يقوم لكل حرف واحد ونصف ، فتضربة به فيما للإسم المقدّس من العدد وهو ستة وستين ، تبلغ تسعة وتسعين عدد الأسماء الحسنى. منهرحمه‌الله ».

(21) رضي الدين رجب بن محمد بن رجب البرسي الحلي المعروف بالحافظ ، من متأخّري علماء الإمامية ، كان ماهراً في أكثر العلوم ، له يد طولى في علم أسرار الحروف والأعداد ونحوها ، وقد أبدع في كتبه حيث استخرج أسامي النبي والأئمةعليهم‌السلام من الآيات ونحو ذلك من غرائب الفوائد وأسرار الحروف ، له أشعار لم يرعين الزمان مثلها في مدح أهل البيتعليهم‌السلام ، من مصنافته : مشارق أنوار اليقين في كشف حقائق أسرار أمير المؤمنين ، توفي في حدود سنة ( 813 ه‍ ).

رياض العلماء 2 : 304 ، الكُنى والألقاب 2 : 148 ، أعيان الشيعة 6 : 46.

٢٧

الألف من إله بقي له ، وله كلّ شيء ، فإن اُخذ من له اللام بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له ، وهو لفظ يوصل إلى ينبوع العزة ، ولفظ هو مركب من حرفين ، والهاء أصل الواو ، فهو حرف واحد يدل على الواحد الحق ، والهاء أول المخارج والواو أخرها ، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن(22) .

ولمّا كان الاسم المقدّس الأقدس أرفع أسماء الله تعالى شأناً وأعلاها مكاناً ، وكان لكمالها جمالاً ولجمالها كمالاً ، خرجنا فيه بالإسهاب عن مناسبة الكتاب ، والله الموفّق للصواب.

الرحمن الرحيم :

قال الشهيدرحمه‌الله : هما اسمان للمبالغة من رحم ، كغضبان من غضب وعليم من علم ، والرحمة لغة : رقّة القلب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان ، ومنه : الرحم ، لانعطافها على ما فيها ، وأسماء الله تعالى إنّما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي هي انفعال(23) (24) .

وقال صاحب العدّة : الرحمن الرحيم مشتقّان من الرحمة وهي النعمة ،

__________________

(22) مشارق الأنوار : 32 ـ 33 ، وفيه : « والقرآن له ظاهر وباطن ، ومعانيه منحصرة في أربع أقسام ، وهي أربع أحرف وعنها ظهر باقي الكلام ، وهي ( أل‍ ل‍ ه ) ، والألف واللام منه آلة التعريف ، فإذا وضعت على الأشياء عرفتها أنّها منه وله ، وإذا اُخذ منه الألف بقي لله ، ولله كل شيء ، وإذا اُخذ منه ( ل‍ ) بقي إله ، وهو إله كلّ شيء ، وإذا اُخذ منه الألف واللام بقي له ، وله كلّ شيء ، وإذا اُخذ الألف واللامان بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له. والعارفون يشهدون من الألف ويهيمنون من اللام ويصلون من الهاء. والألف من هذا الاسم إشارة إلى الهويّة التي لا شيء قبلها ولا بعدها وله الروح ، واللام وسطاً وهو إشارة إلى أنّ الخلق منه وبه وإليه وعنه ، وله العقل وهو الأول والآخر ، وذلك لأنّ الألف صورة واحدة في الخطّ وفي الهجاء ».

(23) القواعد والفوائد 2 : 166 ـ 167.

(24) في هامش (ر) : « وقال السيد المرتضى : ليست الرحمة عبارة عن رقّة القلب والشفقة ، وإنّما هي عبارة عن الفضل والإنعام وضروب الإحسان ، فعلى هذا يكون إطلاق لفظ الرحمة عليه تعالى حقيقة وعلى الأول مجاز. منهرحمه‌الله تعالى ».

٢٨

ومنه :( وما أرسلناك إلاّ رحمّة للعالمينّ ) (25) أي : نعمة ، ويقال للقرآن رحمة وللغيث رحمة ، أي : نعمة ، وقد يتسمّى بالرحيم غيره تعالى ولا يتسمّى بالرحمن سواه ، لأن الرحمن هو الذي يقدر على كشف الضر والبلوى ، ويقال لرقيق القلب من الخلق : رحيم ، لكثرة وجود الرحمة منه بسبب الرقة ، وأقلها الدعاء للمرحوم والتوجع له ، وليست في حقّه تعالى كذلك ، بل معناها إيجاد النعمة للمرحوم وكشف البلوى عنه ، فالحدّ الشامل أن تقول : هي التخلص من أقسام الآفات ، وإيصال الخيرات إلى أرباب الحاجات(26) .

وفي كتاب الرسالة الواضحة(27) : أنّ الرحمن الرحيم من أبنية المبالغة ، إلاّ أنّ فعلان أبلغ من فعيل ، ثم هذه المبالغة قد توجد تارة باعتبار الكمّية ، واُخرى باعتبار الكيفية :

فعلى الأول قيل : يا رحمن الدنيا ـ لأنّه يعمّ المؤمن والكافر ـ ورحيم الآخرة لأنه يخص الرحمة بالمؤمنين ، لقوله تعالى :( وكان بالمؤمنين رحيماً ) (28) .

وعلى الثاني قيل : يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا ، لأنّ النعم الاُخروية كلّها جسام ، وأمّا النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة.

وعن الصادقعليه‌السلام : الرحمن اسم خاصّ بصفة عامة ، والرحيم اسم عامّ بصفة خاصة(29) .

وعن أبي عبيدة(30) : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وكرر لضرب

__________________

(25) الأنبياء 21 : 107.

(26) عدّة الداعي : 303 ـ 304 ، باختلاف.

(27) الرسالة الواضحة في تفسير سورة الفاتحة ، للمصنف الشيخ علي بن إبراهيم الكفعمي : مخطوطة.

(28) الأحزاب 33 : 43.

(29) مجمع البيان 1 : 21.

(30) أبو عبيدة معمّر بن المثنى البصري النحوي اللغوي ، أول من صنّف غريب الحديث ، وكان أبو نؤاس الشاعر يتعلّم منه ويصفه ويذمّ الأصمعي ، له عدّة مصنفات ، منها : مجاز القرآن الكريم وغريب القرآن ومعاني القرآن ، مات سنة ( 209 ه‍ ) وقيل غير ذلك.

وفيات الأعيان 5 : 235 ، الكنى والألقاب 1 : 116.

٢٩

من التأكيد(31) .

وعن السيد المرتضى(32) رحمه‌الله : أن الرحمن مشترك فيه اللغة العربية والعبرانية والسريانية ، والرحيم مختصّ بالعربية.

قال الطبرسي(33) : وإنّما قدّم الرحمن على الرحيم ، لأن الرحمن بمنزلة الاسم العلم ، من حيث أنه لا يوصف به إلاّ الله تعالى ، ولهذا جمع بينهما تعالى في قوله :( قلِ ادعوا اللهَ أو ادعوا الرحمنَ ) (34) فوجب لذلك تقديمه على الرحيم ، لأنه يطلق عليه وعلى غيره(35) .

الملك :

التامّ الملك ، الجامع لأصناف المملوكات ، قاله البادرائي في جواهره.

__________________

(31) اُنظر : مجمع البيان 1 : 20.

(32) أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ، المشهور بالسيد المرتضى ، جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد وحاز من الفضائل ما تفرّد به وتوحّد وأجمع على فضله المخالف والمؤالف ، كيف لا وقد أخذ من المجد طرفيه واكتسى بثوبيه وتردّى ببرديه ، روى عن جماعة عديدة من العامة والخاصة منهم الشيخ المفيد والحسين بن علي بن بابويه أخي الصدوق والتلعكبري ، روى عنه جماعة كثيرة من العامة والخاصة منهم : أبو يعلى سلار وأبو الصلاح الحلبي وأبو يعلى الكراجكي ومن العامة : الخطيب البغدادي والقاضي بن قدامة ، له عدّة مصنفات مشهورة ، منها الشافي في الإمامة لم يصنّف مثله والذخيرة ، توفي سنة ( 433 ه‍ ) وقيل ( 436 ه‍ ).

وفيات الأعيان 3 : 313 ، رياض العلماء 4 : 14، الكنى والألقاب 2 : 439.

(33) أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المشهدي ، من أكابر مجتهدي علمائنا ، يروي عن الشيخ أبي علي بن الشيخ الطوسي وغيره ، يروي عنه ولده الحسن وابن شهرآشوب والشيخ منتجب الدين وغيرهم ، له عدة مصنفات ، منها : مجمع البيان لعلوم القرآن ، وهو تفسير لم يعمل مثله عيّن كل سورة أنّها مكّية أو مدنية ثم يذكر مواضع الاختلاف في القراءة ثم يذكر اللغة والعربية ثم يذكر الإعراب ثم الأسباب والنزول ثم المعنى والتأويل والأحكام والقصص ثم يذكر انتظام الآيات ، توفي سنة ( 548 ه‍ ) في سبزوار وحمل نعشه إلى المشهد الرضوي ودفن في مغتسل الرضاعليه‌السلام وقبره مزار.

رياض العلماء 4 : 340 ، الكنى والألقاب 2 : 403 ، الذريعة 20 : 24.

(34) الإسراء 17 : 110.

(35) مجمع البيان 1 : 21 ، باختلاف.

٣٠

وقال الشهيد : الملك المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين ، أو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ، ويحتاج إليه كلّ موجود في ذاته وصفاته(36) .

والملكوت : ملك الله ، زيدت فيه التاء كما زيدت في رهبوت ورحموت ، من الرهبة والرحمة.

القدوس :

فعول من القدس وهو الطهارة ، فالقدّوس : الطاهر من العيوب المنزّه عن الأضداد والأنداد ، والتقديس : التطهير ، وقوله تعالى حكاية عن الملائكة :( ونحنُ نسبّحُ بحمدكَ ونقدّسُ لكَ ) (37) أي : ننسبك إلى الطهارة.

وسمّي بيت المقدس بذلك ، لأنه المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب. وقيل للجنة : حظيرة القدس ، لأنها موضع الطهارة من الأدناس والآفات التي تكون في الدنيا.

السلام :

معناه ذو السلامة ، أي : سلم في ذاته عن كل عيب ، وفي صفاته عن كل نقص وآفة تلحق المخلوقين ، والسلام مصدر وصف به تعالى للمبالغة. وقيل : معناه المسلم ، لأن السلامة تنال من قبله.

وقوله :( لهم دارُ السلام ) (38) يجوز أن تكون مضافة إليه تعالى ، ويجوز أن يكون تعالى قد سمّى الجنة سلاماً ، لأن الصائر إليها يسلم من كلّ آفة.

* * *

__________________

(36) القواعد والفوائد 2 : 167.

(37) البقرة 2 : 30.

(38) الأنعام 6 : 127.

٣١

المؤمن :

المصدّق ، لأن الإيمان في اللغة التصديق ، ويحتمل ذلك وجهان :

أ : أنّه يصدق عبادّه وعده ، ويفي لهم بما ضمنه لهم.

ب : أنّه يصدق ظنون عباده المؤمنين ولا يخيّب آمالهم ، قاله البادرائي.

وعن الصادقعليه‌السلام : سمّي تعالى مؤمناً ، لأنه يؤمن عذابه من أطاعه(39) .

وفي الصحاح(40) : الله تعالى مؤمن ، وهو : الذي آمن عباده ظلمه(41) .

المهيمن :

قال العزيزي(42) في غريبه والشهيد في قواعده : هو القائم على خلقه بأعمالهم وآجالهم وأرزاقهم(43) .

وقال صاحب العدّة : المهيمن : الشاهد ، ومنه قوله تعالى :( ومهيمناً عليه ) (44) أي : شاهداً ، فهو تعالى الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول أو فعل ، وقيل : هو الرقيب على الشيء والحافظ له ، وقيل : هو الأمين(45) .

__________________

(39) التوحيد : 205.

(40) كتاب الصحاح لأبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري الفارابي ، ابن اُخت أبي إسحاق الفارابي صاحب ديوان الأدب ، له عدّة مصنّفات ، منها : هذا الكتاب ـ الصحاح ـ وهو أحسن من الجمهرة وأوقع من التهذيب وأقرب متناولاً من مجمل اللغة ، مات سنة ( 393 ه‍ ).

يتيمة الدهر 4 : 468 ، معجم الاُدباء 5 : 151، النجوم الزاهرة 4 : 207.

(41) الصحاح 5 : 2071 ، أمن.

(42) أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني العزيزي. اشتهر بكتابه غريب القرآن ، وهو على حروف المعجم صنّفه في (15) سنة ، مات سنة ( 330 ه‍ ).

أعلام الزركلي 6 : 268.

(43) غريب القرآن ـ نزهة القلوب ـ : 209 ، القواعد والفوائد 2 : 167.

(44) المائدة 5 : 48.

(45) عدّة الداعي : 304 ـ 305 ، باختلاف.

٣٢

وإلى القول الأوسط ذهب الجوهري ، فقال : المهيمن الشاهد ، وهو من آمن غيره من الخوف(46) .

قلت : إنّما كان المهيمن من آمن ، لأن أصل مهيمن مؤيمن ، فقلبت الهمزة هاء لقرب مخرجهما ، كما في هرقت الماء وأرقته ، وإيهاب وهيهات ، وإبرية وهبرية للخزاز الذي في الرأس ، وقرأ أبو السرائر الغنوي(47) : هياك نعبد وهياك نستعين(48) .

قال الشاعر :

وهياك والأمر الذي إن توسعت

موارده ضاقت عليك مصادره

العزيز :

الغالب القاهر ، أو ما يمتنع الوصول إليه ، قاله الشهيد في قواعده(49) .

وقال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل(50) في كتابه منتهى السّؤول في شرح الفصول : العزيز هو الحظير الذي يقلّ وجود مثله ، وتشتدّ الحاجة إليه ، ويصعب الوصول إليه ، فليس العزيز المطلق إلاّ هو تعالى.

وقال صاحب العدّة : العزيز المنيع الذي لا يُغلب ، ويقال : من عزّ بزّ ،

__________________

(46) الصحاح 6 : 2217 ، همن.

(47) كذا ، ولم أجد هذا الاسم في كتب التراجم.

(48) قال الزمخشري في الكشّاف 1 : 62 : « وقرئ إياك بتخفيف الياء واياك بفتح الهمزة والتشديد وهياك بقلب الهمزة هاء ».

قال طفيل الغنوي :

فهياك والأمر الذي ان تراحبت موارده ضاقت عليك مصادره.

(49) القواعد والفوائد 2 : 167.

(50) ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الجليل النيلي ، عالم فاضل كامل ، من أجلة متكلمي الإمامية وفقهائهم ، يروي عن الشيخ فخر الدين ولد العلاّمة ، يروى عنه ابن فهد الحلي ، له عدة مصنفات ، منها : منتهى السّؤول في شرح الفصول ، وهو شرح على فصول خواجه نصير الدين الطوسي في اُصول الدين ، وهو شرحُ بالقول يعني قوله قوله.

رياض العلماء 4 : 293 ، الذريعة 23 : 10.

٣٣

أي : من غلب سلب ، ومنه قوله تعالى :( وعزّني في الخطابِ ) (51) أي : غلبني في محاورة الكلام ، وقد يقال العزيز للملك ، ومنه قوله تعالى :( يا أيها العزيزُ ) (52) أي : يا أيها الملك(53) .

والعزيز أيضاً : الذي لا يعادله شيء ، والذي لا مثل له ولا نظير.

الجبار :

القهار ، أو المتكبر ، أو المتسلّط ، أو الذي جبر مفاقر الخلق وكفاهم أسباب المعاش والرزق ، أو الذي تنفذ مشيته على سبيل الإجبار في كل أحد ولا تنفذ فيه مشية أحد. ويقال : الجبّار العالي فوق خلقه ، ويقال للنخل الذي طال وفات اليد : جبّار.

المتكبّر :

ذو الكبرياء ، وهو : الملك ، أو ما يرى الملك حقيراً بالنسبة إلى عظمته ، قاله الشهيد(54) .

وقال صاحب العدّة : المتكبّر المتعالي عن صفات الخلق ، ويقال : المتكبّر على عتاة خلقه ، وهو مأخوذ من الكبرياء ، وهم اسم التكبّر والتعظّم(55) .

الخالق :

هو المبدئ للخلق والمخترع لهم على غير مثال سبق ، قاله البادرائي في جواهره.

__________________

(51) ص 38 : 23.

(52) يوسف 12 : 78 ، 88.

(53) عدّة الداعي : 305.

(54) القواعد والفوائد 2 : 167.

(55) عدّة الداعي : 305 ، باختلاف.

٣٤

وقال الشهيد : الخالق ، المقدّر(56) .

قلت : وهو حسن ، إذ قد يراد بالخلق التقدير ، ومنه قوله تعالى :( إنّي أخلقُ لكم منَ الطينِ كهيئةِ الطيرِ ) (57) أي : اُقدّر.

البارئ :

الخالق ، والبرية : الخلق ، وبارئ البرايا أي : خالق الخلائق.

المصوّر :

الذي أنشأ خلقه على صور مختلفه ليتعارفوا بها ، قال تعالى :( وصوّركم فأحسنَ صوَركُم ) (58) .

وقال الغزّالي في تفسير أسماء الله تعالى الحسنى : قد يظنّ أنّ الخالق والبارئ والمصور ألفاظ مترادفة ، وأن الكلّ يرجع إلى الخلق والاختراع ، وليست كذلك ، بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود مفتقر إلى تقديره أولاً ، وإلى إيجاده على وفق التقدير ثانياً ، وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثاً ، والله تعالى خالق من حيث أنّه مقدر ، وبارئ من حيث أنه مخترع موجد ، ومصوّر من حيث أنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب. وهذا كالبناء مثلاً ، فإنه يحتاج إلى مقدّر يقدّر ما لابدّ منه : من الخشب ، واللبن ، ومساحة الأرض ، وعدد الأبنية وطولها وعرضها ، وهذا يتولاّه المهندس فيرسمه ويصوّره ، ثم يحتاج إلى بنّاء يتولّى الأعمال التي عندها تحدث اُصول الأبنية ، ثم يحتاج إلى مزيّن ينقش ظاهره ويزيّن صورته ، فيتولاه غير البناء. هذه هي العادة في التقدير في البناء والتصوير ، وليس كذلك في أفعاله تعالى ، بل هو المقدّر والموجد والصانع ، فهو الخالق والبارئ والمصور(59) .

__________________

(56) القواعد والفوائد 2 : 167.

(57) آل عمران 3 : 49.

(58) غافر 40 : 64 ، التغابن 64 : 3.

(59) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : 18.

٣٥

الغفّار :

هو الذي أظهر الجميل وستر القبيح ، قاله الشهيد(60) .

وقال البادرائي : هو الذي يغفر ذنوب عباده ، وكلّما تكررت التوبة من المذنب تكررت منه تعالى المغفرة ، لقوله :( وإني لغفّارٌ لِمن تابَ ) (61) الآية. والغفر في اللغة : الستر والتغطية ، فالغفّار : الستّار لذنوب عباده.

القهّار القاهر :

بمعنى ، وهو : الذي قهر الجبابرة وقهر العباد بالموت ، غير أنّ قهّار وغفّار وجبّار ووهّاب ورزّاق وفتاح ونحو ذلك من أبنية المبالغة ، لأنّ العرب قد بنت مثال من كرر الفعل على فعّال ، ولهذا يقولون لكثير السؤال : سأّال وسأّالة.

قال :

سَأّالةٌ للفتى ما ليس في يده

ذهّابة بعقول القوم والمالي

وكذا ما بني على فعلان وفعيل كرحمن ورحيم ، إلاّ أن فعلان أبلغ من فعيل. وبنت مثال من بالغ في الأمر وكان قوياً عليه على فعول ، كصبور وشكور. وبنت مثال من فعل الشيء مرّة على فاعل ، نحو سائل وقاتل. وبنت مثال من اعتاد الفعل على مِفعال ، مثل امرأة مذكار إذا كان من عادتها أن تلد الذكور ، ومئناث إذا كان من عادتها أن تلد الإناث ، ومعقاب إذا كان من عادتها أن تلد نوبة ذكراً ونوبة اُنثى ، ورجل منعال ومفضال إذا كان ذلك من عادته.

الوهّاب :

هو من أبنية المبالغة كما مرّ آنفاً ، وهو الذي يجود بالعطايا التي لا تفنى ، وكّل من وهب شيئاً من أعراض الدنيا فهو واهب ولا يسمّى وهّاباً ، بل الوهّاب

__________________

(60) القواعد والفوائد 2 : 168.

(61) طه 20 : 82.

٣٦

من تصرّفت مواهبه في أنواع العطايا ودامت ، والمخلوقون إنّما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حال دون حال ، ولا يملكون أن يهبوا شفاء لسقيم ولا ولداً لعقيم ، قاله البادرائي.

وقال صاحب العدّة : الوّهاب الكثير الهبة ، والمفضال في العطية(62) .

وقال الشهيد : الوهّاب المعطي كل ما يحتاج إليه لكلّ من يحتاج إليه(63) .

الرزّاق الرازق :

بمعنى ، وهو : خالق الأرزقة والمرتزقة والمتكفّل بإيصالها لكلّ نفس ، من مؤمن وكافر ، غير أنّ في الرزّاق المبالغة.

الفتاح :

الحاكم بين عباده ، وفتح الحاكم بين الخصمين : إذا قضى بينهما ، ومنه :( ربّنا افتح بيننا وبينَ قومنا بالحقِ ) (64) أي : احكم.

وهو أيضاً الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ، وهو الذي بعنايته ينفتح كل مغلق.

العليم :

العالم بالسرائر والخفيات وتفاصيل المعلومات قبل حدوثها وبعد وجودها(65) .

__________________

(62) عدّة الداعي : 311.

(63) القواعد والفوائد 2 : 68.

(64) الأعراف 7 : 89.

(65) في هامش (ر) : « والعليم مبالغة في العالم ، لأنّ قولنا : عالم ، يفيد أنّ له معلوماً ، كما أنّ قولنا : سامع ، يفيد أنّ له مسموعاً ، وإذا وصفناه بأنّه عليم أفاد أنّه متى صحّ معلوم فهو عالم به ، كما أنّ سميعاً يفيد

٣٧

القابض الباسط :

هوالذي يوسع الرزق ويقدره بحسب الحكمة.

ويحسن القران بين هذين الاسمين ونظائرهما ـ كالخافض والرافع ، والمعزّ والمذلّ ، والضارّ والنافع ، والمبدئ والمعيد ، والمحيي والمميت ، والمقدّم والمؤخّر ، والأول ، والآخر ، والظاهر والباطن ـ لأنّه أنبأ عن القدرة ، وأدلّ على الحكمة ، قال الله تعالى :( واللهُ يقبضُ ويبسطُ ) (66) فإذا ذكرت القابض مفرداً عن الباسط كنت كأنك قد قصرت الصفة على المنع والحرمان ، وإذا وصلت أحدهما بالآخر فقد جمعت بين الصفتين. فالأولى لمن وقف بحسن الأدب بين يدي الله تعالى أن لا يفرد كلّ اسم عن مقابله ، لما فيه من الإعراب عن وجه الحكمة.

الخافض الرافع :

هو الذي يخفض الكفار بالإشقاء ويرفع المؤمنين بالاسعاد. وقوله :( خافضةُ رافعةٌ ) (67) أي : تخفض أقواماً إلى النار وترفع أقواماً إلى الجنة ، يعني : القيامة.

المعزّ المذلّ :

الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممّن يشاء ، أو الذي أعزّ بالطاعة أولياءه ، فأظهرهم على أعدائه في الدنيا وأحلّهم دار الكرامة في العقبى ، وأذل أهل

__________________

أنّه متى وجد مسموع فلابدّ أن يكون سامعاً له ، والعلوم كلّها من جهته تعالى ، لأنّها لا تخلو من أن تكون ضرورية فهو الذي فعلها ، أو استدلالية فهو الذي أقام الأدلة عليها ، فلا علم لأحد إلاّ الله تعالى. منهرحمه‌الله ».

(66) البقرة 2 : 245.

(67) الواقعة 56 : 3.

٣٨

الكفر في الدنيا ، بأن ضربهم بالرق والجزية والصغار ، وفي الآخرة بالخلود في النار(68) .

السميع :

بمعنى السامع ، يسمع السّر والنجوى ، سواء عنده الجهر والخفوت والنطق والسكوت. وقد يكون السميع بمعنى القبول والإجابة ، ومنه قول المصلّي : سمع الله لمن حمده ، معناه : قبل الله حمد من حمده واستجاب له. وقيل : السميع العليم بالمسوعات ، وهي : الأصوات والحروف.

البصير :

العالم بالخفيّات ، وقيل : العالم بالمبصرات.

وفي عبارة الشهيد ،السميع : الذي لا يعزب عن إداركه مسموع خفيّ أو ظاهر ، والبصير : الذي لا يعزب عنه ما تحت الثرى ، ومرجعهما إلى العلم ، لتعاليه سبحانه عن الحاسّة والمعاني القديمة(69) .

الحَكَم :

هو الحاكم الذي سلّم له الحكم ، وسمّي الحاكم حاكماً لمنعه الناس من التظالم(70) .

__________________

(68) في هامش (ر) : « وقيل يعزّ المؤمن بتعظيمه والثناء عليه ، ويذلّ الكافر بالجزية والسبي ، وهو سبحانه وإن أفقر أولياءه وابتلاهم في الدنيا ، فإنّ ذلك ليس على سبيل الإذلال ، بل ليكرمهم بذلك في الآخرة ، ويحلّهم غاية الإغزاز والإجلال ، ذكر ذلك الكفعمي في كتابه جُنّة الأمان الواقية. منهرحمه‌الله ».

انظر : جُنّة الأمان الواقية ـ المصباح ـ : 322.

(69) القواعد والفوائد 2 : 168.

(70) في هامش (ر) : « قلت : ومن ذلك اُخذ معنى الحكمة ، لأنّها تمنع من الجهل. وحكمة الدابة ما أحاط بالحنك ، سمّيت بذلك لمنعها من الجماح ، وحكمت السفيه وأحكمته إذا أخذت على يده

٣٩

العدل :

أي : ذو العدل ، وهو مصدر اُقيم مقام الأصل ، وحفّ به تعالى للمبالغة لكثرة عدله. والعدل : هو الذي يجوز في الحكم ، ورجل عدل وقوم عدل وامرأة عدل ، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.

اللطيف :

العالم بغوامض الأشياء ، ثم يوصلها إلى المستصلح برفق دون العنف ، أو البرّ بعباده الذي يوصل إليهم ما ينتفعون به في الدارين ويهيّئ لهم أسباب مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، قاله الشهيد في قواعده(71) .

وقيل : اللطيف فاعل اللطف ، وهو ما يقرب معه العبد من الطاعة ويبعد من المعصية ، واللطف من الله التوفيق.

وفي كتاب التوحيد(72) عن الصادقعليه‌السلام : أنّ معنى اللطيف هو :

__________________

ومنعته مما أراد ، وحكمته أيضاً إذا فوّضت إليه الحكم ، وفي حديث النخعي : حكّم اليتيم كما تحكّم ولدك ، أي : امنعه من الفساد ، وقيل : أي حكّمه في ماله إذا صلح لذلك ، وفي الحديث : إنّ في الشعر لحكمة ، أي : من الشعر كلاماً نافعاً يمنع عن الجهل والسفه وينهى عنهما ، والحكم : الحكمة ، ومنه :( وآتيناه الحكم صبيّاً [ 19 : 12 ]) أي : الحكمة ، وقوله تعالى :( فوهب لي ربيّ حكماً [ 26 : 21 ]) أي : حكمة ، والصمت : حكم وقوله تعالى عن داودعليه‌السلام :( وآتيناه الحكمة [ 38 : 20 ]) قيل : هي الزبور ، وقيل : هي كلّ كلام وافق الحق ، والمحاكمة : المخاصمة إلى الحاكم ، من مغرب المطرزي ، وغريبي الهروي وصحاح الجوهري. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : المغرب 1 : 133 حكم ، الصحاح 5 : 1901 حكم.

(71) القواعد والفوائد 2 : 170.

(72) كتاب التوحيد لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، شيخ الحفظة ووجه الطائفة المستحفظة ، ولد بدعاء مولانا صاحب الأمر روحي له الفداء ، وصفه الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في التوقيع الخارج من الناحية المقدّسة بأنّه : فقيه خيِّر مبارك ينفع الله به ، فعّمت بركته ببركة الإمام وانتفع به الخاصّ والعامّ ، له عدّة مصنفات ، منها : هذا الكتاب ـ التوحيد ـ توفي سنة ( 381 ه‍ ) بالري ، وقبره قرب قبر عبد العظيم الحسني معروف.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

بتلطف على غاية احترامه وتجميله فان تعذر نزعها فتفتق فتقا رفيقا بغير استعجال فان الله جل جلاله هو الرقيب ووكيل الميت والمطلع على هذه الحال ويستر عورته قبل كشفها ويعتبر الحاضرون بهذه النازلة وعظيم وصفها ويقف الغاسل عند جانب الميت الايمن ويقصد بقلبه انه يغسل هذا الميت واجبا لله جل جلاله ويقول في حال غسله العفو العفو ويترحم عليه ويبالغ فيما يصل نفعه إليه فقد روينا باسنادنا إلى ابى جعفر محمد بن بابويه في كتاب مدينة العلم باسناده إلى الصادق صلوات الله عليه قال ما من مؤمن يغسل ميتا مؤمنا فيقول وهو يغسله رب عفوك عفوك الا عفى الله عنه.

اقول روينا باسنادنا عن ابن بابويه باسناده في اماليه عن الباقر عليه السلام انه قال ايما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه اللهم هذا بدن عبدك المؤمن وقد اخرجت روحه منه وفرقت بينهما فعفوك عفوك الا غفر الله له ذنوب سنة الا الكبائر ويبدء بغسل يدى الميت ثلث مرات ثم يمسح بطنه مسحا رفيقا ثم يغسل مخرج الغايط باشنان مسحوق ثلث مرات ثم يغسل رأسه إلى اصل عنقه بماء السدر ثلث مرات بسكينة ووقار ومراقبة للمطلع على الاسرار ثم يغسل جانبه الايمن من اعلى منكبه الايمن إلى اسفل قدمه الايمن بماء السدر ايضا ثلث مرات ثم يقلبه على جانبه الايمن برفق وتلطف ورحمة وعناية وتعطف ويغسل جانبه الايسر كذلك من اعلى منكبه الايسر إلى اسفل قدمه الايسر بماء السدر ثلث مرات والميت في جميع هذه الحركات مستور العورات.

فإذا فرغ من هذه الغسلة بماء السدر صرف ناظره عن عورته وغسل الخرقة التى عليها وطهر موضعها وتركها على حالها أو استبدل

٨١

بها خرقة طاهرة ثم يقلبه على ظهره كما ذكرناه باحترام وتعظيم لامره ويمسح بطنه ويغسل فرجه ويغسل رأسه وجانبه الايمن وجانبه الايسر كما شرحناه بماء الكافور.

ثم يعتمد في تقليبه وترتيبه كما وصفناه ويغسله المرة الاخيرة بماء خالص ليس فيه سدر ولا كافور ولا يضاف إليه شئ ويبدء كما ذكرناه بغسل رأسه ثم بجانبه الايمن ثم بالايسر كما اوضحناه.

وليكتم على الميت ما يراه فقد رويناه باسنادنا عن محمد بن بابويه في اماليه عن الصادق عليه السلام قال من غسل مؤمنا ميتا فادى فيه الامانة غفر له قيل وكيف يؤدى فيه الامانة قال لا يخبر بما يرى فإذا فرغ من جميع ما ذكرناه شرع في تكفينه.

صفة تكفين الاموات يبدء بتهيئة جريدتين مقدار عظم الذراع من شجر اخضر والا فضل من سعف النخل الاخضر ويكتب عليهما ما كتب على الاكفان فانهما صيانة له من العذاب ما دامتا رطبتين وفيهما فضل ويهيأ تابوته أو ما يحمل عليه بحسب ما يحتاج إليه ثم يشرع في الخرقة التى تسمى الخامسة فيبسطها ويجعل عليها شيئا من القطن وينثر عليه شيئا من الذريرة المعروفة بالقمحة ويضم بها فرجه قبله ودبره ويشد بها فخذيه شدا وثيقا ويكون في ذلك محترما له وعليه شفيقا فإذا فرغ من شده بالخامسة جعل كافورا على مساجده السبعة وما يفضل منه على صدره وليتق الله جل جلاله في تعظيمه وصلاح امره ثم يوزره بالوزرة من سرته إلى حيث بلغ عرضها ويلبسه القميص ويكون سابغا من ورائه وقدامه إلى ان يفضل عن اقدامه ويجعل الجريدة اليمنى عند جانبه الايمن على جلده بين قميصه وجسده والجريدة الاخرى عند جانبه

٨٢

الايسر ما بين القميص والازرار ثم يسد فاه واذنيه بقطن وما يحتاج إليه ثم يعممه بان يحنكه بها ويجعل للعمامة من اولها طرفا على صدره ثم يعممه ويجعل من اخرها طرفا اخر ايضا على صدره ويبسط الحبرة أو ما يقوم مقامها ثم يبسط الازرار ويجعل عليه قطنا وذريرة ويوفرها عليه ثم يلفه في الازرار والحبرة لفا رقيقا مشفقا عليه ويشدهما من قبل رأسه ومن جهة قدميه ثم يحمل في تابوته أو ما يحمل فيه إلى موضع الصلوة عليه وافضل المشيعين للجنايز خلفها وعن جانبها لان المشيع تابع فكيف يكون بين يديها.

ويستحب تربيع الجنازة بان يأخذ جانبها الايمن ثم رجلها إلى اليمنى ثم رجلها اليسرى ثم منكبها الايسر يدور خلفها وحولها.

ذكر صفة الصلوة على الاموات عادة جماعة من اصحابنا المصنفين ان يؤخر وذكر هذه الصلوة إلى كتاب الصلوة ورأيت ذكرها هيهنا اقرب إلى صواب الارادات فانها ليست من تلك الصلوة ولا يجب فيها الطهارة ولا القرائة ولا شروط تلك المناجاة واردت انه إذا وقف الناظر في هذا الكتاب يجد الصلوت على الميت فيهذا الباب ولا يحتاج ان يطلبها من موضع بعيد فلعله اقرب إلى الصواب.

وصلوة الاموات فرض على الكفاياة إذا قام بها بعض من تجب عليه سقطت عن الباقين.

وتجب الصلوة على كل ميت مؤمن أو من له حكم المؤمن ممن له من العمر ست سنين واولى المكلفين بالصلوة عليه اولاهم بميراثه من الذكور والزوج احق بالصلوة على زوجته من وليها ويصلى على الميت أي وقت كان من ليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة من الصلوات

٨٣

أو فرض غيرها مضيق الاوقات فيبدء بالفريضة الا ان يخاف على الميت من التغيير فيبدء على ساير الحالات والطهارة للصلوة على الميت اكمل واخر الصفوف افضل.

فإذا وضع الميت للصلوة عليه فيجعل رأسه مما يلى يمين الذى يصلى عليه ورجلاه مما يلى يسار المصلى عليه ويتقدم الامام فيخلع نعليه ويقف للرجل عند وسطه وللمرئة عند صدرها ويقصد المصلى انه يصلى على هذا الميت واجبا لوجه وجوبه يعبد الله جل جلاله بذلك لانه اهل العبادة.

ويكبر تكبيرة يرفع بها يديه ويكبر الذى ورائه بتكبيره فيقول الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله.

ثم يكبر ثانية فيقول الله اكبر اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد كافضل ما صليت وباركت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد. ثم يكبر ثالثة فيقول الله اكبر اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات وتابع بيننا وبينهم بالخيرات انك مجيب الدعوات انك على كل شئ قدير.

ثم يكبر رابعة فيقول الله اكبر اللهم عبدك وابن عبدك نزل بك وانت خير منزول به اللهم انا لا نعلم منه الا خيرا وانت اعلم به منا اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه وان كان مسيئا فتجاوز عنه واحشره مع من كان يتولاه من الائمة الطاهرين وارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه برحمتك يا ارحم الراحمين ويبالغ في الدعاء بحسب ما يفتح على

٨٤

خاطره من اكرم الاكرمين.

ثم يكبر الخامسة فيقول الله اكبر العفو العفو ويقف على حاله حتى ترفع الجنازة ثم ينصرف بخشوعه واقباله ذاكر الله وانه كذا يكون في وفاته وانتقاله.

وان كان الميت عدوا لله جل جلاله وقد حضر تقية فيدعوا بعد التكبيرة الرابعة بما يكون اقرب إلى المراضى الالهية. وان كان الميت مستضعفا قال بعد التكبيرة الرابعة اللهم اغفر للذين تابوا واتبعو سبيلك وقهم عذاب الجحيم.

وان كان لا يعرف هل هو عدو لله جل جلاله أو ولى لله جل جلاله فيقول بعد التكبيرة الرابعة اللهم هذه نفس انت احييتها وانت امتها وانت اعلم بسرها وعلانيتها فاحشرها مع من تولت.

وان كان الميت دون البلوغ فيقول بعد التكبيرة الرابعة اللهم اجعله لنا ولابويه فرطا.

ذكر التعزية روى غياث بن ابراهيم في كتابه باسناده عن مولينا على عليه السلام انه قال التعزية مرة واحدة قبل ان يدفن وبعد ما يدفن ثم يعزى اهل الميت بما يفتحه الله جل جلاله من اسباب الاعتبار والاخبار ومن احسن ما وقفت عن الصادق صلوات الله عليه في التعزية انه قال ما معناه ان كان هذا الميت قد قربك موته من ربك أو باعدك عن ذنبك فهذه ليست مصيبة ولكنها رحمة وعليك نعمة وان كان ما وعظك ولا باعدك عن ذنبك ولا قربك من ربك فمصيبتك بقساوة قلبك اعظم من مصيبتك بميتك ان كنت عارفا بربك.

ومما يقال في العزاء ان الله جل جلاله قد بذل على الصبر والرضا

٨٥

بالمصايب ما هو اعظم من بقاء الاحياء فالعاقل يرغب في ارجح المواهب والمناقب فقال جل جلاله الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا إليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون وكفى في التعزية عند العارفين انه من تدبير ارحم الراحمين واكرم الاكرمين الذى لايتهم في تدبيره وشفقته على المحسنين ولا على المسيئين ولعل لو كشف لاهل الاموات ما في باطن ذلك من المصالح والسعادات لسئل الميت ولسئل ايضا اهله تعجيل الحادثات على كل حال ولكان إذا لم يمت وتأخرت تلك المصالح والعنايات يبكون ابلغ مما بكوا عليه عند الممات.

والمهم عند ذوى الالباب وموت القلوب وموت صفة من صفات كمال الانسان واما موت الابدان ونقلها من دار تقلب الازمان فذلك سعادة وزيادة مع سلامة الاديان.

ثم يحمل الميت إلى محل خلوته بمالك امره ووحدته ووحشته في حفرته وقبره.

ذكر صفة دفن الاموات إذا وصل الحاملون للميت إلى مضاجعة الثرى ومجاورة اهل القبور من الورى والمنزل الذى يهجره فيه الاهل والاخوان ويخذله الاعوان والجيران ويقيم فيه وحيد وفريدا طريدا بعيدا.

تنزل جنازة الرجل مما يلى رجلى قبره وتقدم إلى شفير القبر في ثلث دفعات فقد روى ان روحه تستعد بذلك لما يلقاه من السؤال والامور الهايلات.

وان كانت جنازة امرئة تركت قدام قبرها مما يلى القبلة ثم

٨٦

ينزل إلى القبر ولى الميت أو من يأمر وليه ويكون نزوله من عند رجلى القبر حافيا مكشوف الرأس ويتناول الميت يبدء برأسه باكرام واحترام ويتذكر انه بعين الله جل جلاله وهو وكيل الميت فيهذا المقام ويقول إذا نزله اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حفرة من حفر النار ويقول بسم الله وبالله وفى سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله اللهم زدنا ايمانا وتسليما ثم يسلمه إلى الله جل جلاله ويستودعه لله جل جلاله ويلقيه القاء المستسلم بين يدى الله جل جلاله ويقول في تسليمه وايداعه بحسب ما يفتحه الله جل جلاله على قلبه وكلامه.

ثم يضجعه على جانبه الايمن ويستقبل به القبلة ويحل عقد كفنه من جهة رأسه ورجليه ويضع خده على التراب التراب ذلا واستكانة واسترحاما واستعطافا لموليه رب الارباب ويجعل معه شيئا من تربة الحسين عليه السلام فقد روى انه امان والمنزل مهول يحتاج إلى التوصل والسلامة منه بغاية الامكان.

ومما رأيت في بشارة المقبل المسعود من اهل اللحود عن النبي صلوات الله عليه ان اول ما يبشر به المؤمن ان يقال له قدمت خير مقدم قد غفر الله لمن شيعك واستجاب لمن استغفر لك وقبل ممن شهد لك ثم يلقن الميت ما كان يعتقده ايام حياته من الشهادة لله جل جلاله بالوحدانية ولرسوله صلى الله عليه وآله بالرسالة وللائمة من عترته بالامامة والجلالة ويكون التلقين من اهل اليقين وعلى نية انه جواب الملكين السائلين فلعل الله جل جلاله برحمته يكفيه بذلك سؤال منكر ونكير وتقربه العين.

٨٧

ثم يشرج اللبن عليه ويقول اللهم صل وحدته وانس وحشته وارحم غربته واسكن إليه من رحمتك رحمة يستغنى بها عن رحمة من سواك واحشره مع من كان يتوليه.

فإذا فرغ من تشريج اللبن عليه خرج من القبر من جهة رجليه وهال التراب عليه ويهيل كل من حضر هناك بظهور اكفهم الا من كانت له به رحم ويقولون انا لله وانا إليه راجعون هذا ما وعد الله وصدق المرسلون اللهم زدنا ايمانا وتسليما ويطم القبر ويرفع عن الارض مقدار اربع اصابع ويسطح ويصب الماء عليه أي على القبر يبدء بالصب من عند رأسه ثم يدار من اربع جوانبه حتى يرجع إلى رأسه وان فضل من الماء شئ صبه على وسط قبره.

فإذا فرغ من ذلك زار الميت من الحاضرين من اراد التقرب إلى مالك يوم الدين.

ذكر ما نورده من صفات زيارة قبور الاموات فمن ذلك باسنادى إلى محمد بن بابويه في كتابه مدينة العلم عن ابيه عن محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن احمد بن هلال العبرى عن على بن اسباط عن عبد الله بن محمد عن عبد الله بن بكير عن محمد بن مسلم قال قلت لابي عبد الله عليه السلام نزور الموتى فقال نعم قلت فيسمعون بنا إذا اتيناهم قال أي والله انهم ليعلمون بكم ويفرحون بكم ويستانسون اليكم قال قلت فاى شئ نقول إذا اتيناهم قال قل اللهم جاف الارض عن جنوبهم وصاعد اليك ارواحهم ولقهم منك رضوانا واسكن إليهم من رحمتك ما تصل به وحدتهم وتونس به وحشتهم انك على كل شئ قدير.

ومن كتاب مدينة العلم لابيجعفر بن بابويه ايضا باسناده عن صفوان

٨٨

بن يحيى من جملة حديث قال قلت يعنى لابي الحسن عليه السلام هل يسمع الميت تسليم من يسلم عليه قال نعم يسمع اولئك وهم كفار ولا يسمع المؤمنون والخبر مختصر.

اقول انا وقوله عليه السلام يسمع اولئك وهم كفار لعله اراد الكفار الذين خاطبهم النبي عليه السلام لما قتلهم ببدر ورموهم في القليب فانه عليه السلام قال لهم قد وجدت ما وعدني ربى حقا ثم قال عليه السلام انهم ليسمعون كما تسمعون وفى ذلك زيادات وروايات ذكرناها في المزار الكبير.

وربما يق هذا الشرح ما هو من عمل اليوم والليلة على التحقيق وما يخفى عن اهل التوفيق ان الطهارات بالاغسال من توابع الصلوات وان كلما ذكرناه من توابع تلك المهمات ولجميع ما شرحناه زيادة فقه وتفصيل تركناه خوفا من التطويل.

ومن السنة المؤكدة حمل الطعام إلى اهل الميت ففيه رواية عن النبي عليه افضل الصلوة والسلام.

وروى انه يقام للميت ماتم ثلثة ايام كما رواه حريز بن عبد الله السجستاني في كتابه باسناده عن ابى جعفر عليه السلام قال يصنع للميت ماتم ثلثة ايام من يوم مات.

ذكر ما يعمل قبل اول ليلة يدفن الانسان في قبره عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يأتي على الميت ساعة اشد من اول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة فان لم تجدوا فليصل احدكم ركعتين يقرء فيهما فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة وقل هو الله احد مرتين وفى الثانية فاتحة الكتاب مرة والهكم التكاثر عشر مرات ويسلم ويقول

٨٩

اللهم صل على محمد وآل محمد وابعث ثوابهما إلى قبر ذلك الميت فلان بن فلان فيبعث الله من ساعته الف ملك إلى قبره مع كل ملك ثوب وحلة ويوسع في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في الصور ويعطى المصلى بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات ويرفع له اربعون درجة.

يقول السيد الامام العالم العامل رضى الدين ركن الاسلام أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس كن من اهل الوفاء ولا تهون بالاموات حيث قد انقطع بينك وبينهم حبل الرجاء وتذكر ان الله جل جلاله قد بذل لك سبحانه من العطاء على الوفاء اضعاف ما كنت تومل واضعاف ما كان بينك وبينهم من الاحياء فان هونت ببذله ورفده فلعلك ما تصدق بقوله ووعده.

الفصل الرابع عشر

في صفة الطهارة بالتراب عوضا عن الغسل بعد تعذر الطهارة

بالمياه واختيار الثياب والمياه والمكان للصلوة وما يقال

عند دخول المساجد والوقوف في القبلة لما رويناه

يقول السيد الامام العالم العامل رضى الدين ركن الاسلام جمال العارفين افضل السادة أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسينى زاده الله جل جلاله مع حسن بلوغ الامال شرف زيادة الافضال في المآل.

قد تقدم ان الطهارة بالتراب يكون عند ضيق الاوقات وخوف الفوات وذكر ما ينقضها من الحادثات والتيمم باب رحمة كما قلناه فتح الله جل جلاله ودل به على اسباب رضاه ونبه على ان الصلوة من

٩٠

اهم العبادات وانها لا تسقط عن المكلف بها عند الضرورات ولا لحال من الحالات.

صفة التيمم عوضا عن الغسل فإذا تضيق وقت الصلوة سواء كانت واجبة أو مندوبة وكان على المكلف غسل لا يصح الدخول في الصلوة الا بعد التطهير منه فان كانت الصلوة التى يريد لها الطهارة واجبة كانت نية تيممه واجبة لوجه وجوبها يستبيح بها ما يستباح بالغسل يعبد الله جل جلاله بذلك لانه اهل للعبادة وان كانت الصلوة مندوبة فيكون التيمم مندوبا كما شرحناه فيضرب المكلف به يديه على الارض أو ما يقوم مقامها عند تعذر ترابها وينفضهما ويمسح بهما من ابتداء شعر رأسه عند اعلى جبهته ماسحا لجميع جبينه إلى طرف انفه الذى يلى فمه ثم يضرب ضربة ثانية للارض أو ما يقوم مقامها كما كنا ذكرناه وينفضهما ويمسح بباطن كفه اليسرى ظاهر كفه اليمنى من المفصل الذى بينها وبين الذارع إلى اطراف الاصابع من يده اليمنى ويمسح بباطن كفه اليمنى ظاهر كفه اليسرى من المفصل الذى بينها وبين الذراع إلى اطراف اصابع كفه اليسرى فإذا فعل ذلك فقد استباح ما كان يستبيحه بالغسل على السواء وما ينقضه الا ما ينقض التيمم عن الطهارة الكبرى والصغرى.

وقد تقدم ذكره في الفصل الثاني عشر وان كان الغسل لميت تعذر وجود التمكن من استعمال الماء فيؤمم عوضا عن تغسيله كما يتيمم الحى المكلف بالغسل على ذلك الترتيب والاستيفاء.

واما ختيار الثياب والمكان للصلوة فالمهم ان يكون الثوب والمكان للصلوة طاهرين على وجه مباحا له الصلوة فيهما سواء كان

٩١

ذلك بملك أو عارية أو اجارة أو غير ذلك من وجوه الاباحات وان يكون صادقا في لبسه ثيابه للصلوة ومعنى قولى صادقا أي يكون سريرته موافقة لعلانيته في انه ما لبس هذه الثياب الا لله وما يريده من العبادات لانه ان كان قصده بلبسها لذة نفسه وقلبه كان كاذبا عند الله في انه لبسها للصلوة أو لاجل ربه وكذلك ان كان للمكاثرة والمفاخرة والتقرب إلى قلوب العباد فانه يكون كاذبا إذا ظهر انه لبسها لخدمة سلطان المعاد فيجب ان يكون صادقا في لبس ثيابه والا كان مستخفا مستحقا ان يعرض الله جل جلاله عن خطابه وعن جوابه وعن ثوابه.

ولا تصح صلوة الرجال في الابريسم المحض الساتر للعورة الا ان يكون في الحرب لمصلحة المحارب والضرورة إليه إذا كان المصلى فيه ذاكرا ان الثوب الحرير عليه ولشرح لباس الصلوة وما يحل أو يستحب فيه أو يحرم أو يكره تفصيل يخاف منه التطويل.

واما اختيار مكان الصلوة فالافضل لذلك ما كان بقلبه فيه حاضرا والعبد فيه لله جل جلاله بالقلب ذاكرا لازما حق الحرمة الجلالة الالهية وادب ذل العبودية واقرب إلى الخلاص والاختصاص بعيدا من الشواغل الباطنة والظاهرة عن وقوفه بين يدى موليه ومالكه جبار الجبابره ومالك الدنيا والاخرة ويكون صادقا في اختياره لذلك المكان لخدمة الملك الديان ومعنى قولى صادقا ان تكون سريرته موافقة لعلانيته في انه ما قصد الحضور في ذلك المكان والوقوف فيه الا لله جل جلاله وطلب مراضيه.

ولقد رأيت في بعض الاحاديث ان عبدا من الخواص واهل الاختصاص كان يعبد الله جل جلاله على الانفراد وبالقرب منه شجرة

٩٢

يسكن فيها اطيار فنقل مصلاه إلى تحت الشجرة ليستأنس بالشجرة وتغريد الطير في الاشجار فعوتب من جانب الله جل جلاله وقيل له اما كان في الانس بنا ما يغنيك عن الشجرة والطيور فتاب وعرف انه قد خاطر بذلك الانس المذكور.

ولقد رأيت في احاديث اهل المحاسبة وذوى المراقبة ان بعضهم كان يصلى بنشاط واهتمام وانبساط فقال يا رب هل بقى على من الاقبال في الصلوة ما احتاج فيه إلى الاستدراك قبل الممات فقيل له نعم انك تسكن إلى نسيم الاسحار وينشطك لنا غيرنا وما هكذا تكون صفات خواص الابرار فمعك شريك لنا في خدمتك وباعث اخر غير ما اردناه من اخلاص عبوديتك.

اقول وان كان حال هذا العبد المكلف قويا في الامكان إلى انه لا يختلف اخلاصه واختصاصه بمكان دون مكان فالافضل له اتباع الشرع في تفضيل اماكن الصلوة وتفضيل محال الدعوات وافضلها بيوت الله تعالى وجل جلاله ومساجده الخاصة لعبادته وافضل المساجد مسجد الحرام ومسجد المدينة ولذلك تفصيلها نحن ذاكرون لما يتهيئا على جهته وروايته.

ذكر فضل بعض المساجد وتفاوت الصلوة فيها.

فمن ذلك ما ارويه باسنادى إلى جدى ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسى قال روى ابن ابى عمير عن ابراهيم بن عبد الحميد عن سعد الاسكاف عن زياد بن عيسى عن ابى الجارود عن الاصبغ عن مولينا على بن ابى طالب عليه السلام قال كان يقول من اختلف إلى المسجد اصاب احدى الثمان اخا مستفادا في الله أو علما مستطرقا أو آية محكمة أو سمع كلمة

٩٣

تدله على الهدى أو كلمة ترده عن ردى أو سنة متبعة أو رحمة منتظرة أو يترك ذنبا خشية أو حياء.

وروى عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال من مشى إلى المسجد لم يضع رجلا على رطب ولا يابس الا سبحت له إلى الارضين السابعة.

وروى السكوني عن ابي عبد الله عليه السلام عن ابيه عن آبائه عن على عليه السلام قال صلوة في بيت المقدس الف صلوة وصلوة في المسجد الاعظم مائة صلوة وصلوة في المسجد القبيلة خمس وعشرون صلوة وصلوة في السوق اثنتا عشرة صلوة وصلوة الرجل في بيته وحده صلوة واحدة. اقول وقد روى في فضل الصلوة في المسجد الحرام ومسجد النبي عليه افضل الصلوة والسلام ومسجد الكوفة اخبار كثيرة معروفة.

صفة دخول المسجد مما رويناه باسنادنا عن مولينا الصادق صلوات الله عليه وعن مولينا الحسن العسكري عليه السلام ويدخل بعضها في بعض وهما من ابتداء ارادة الدخول إلى المسجد إلى ان يقف في مصلاه مستقبل القبلة فإذا اراد دخول المسجد استقبل القبلة وقال بسم الله وبالله ومن الله والى الله وخير الاسماء لله توكلت على الله ولا حول ولا قوة الا بالله اللهم افتح لى باب رحمتك وتوبتك واغلق عنى ابواب معصيتك واجعلني من زوارك وعمار مساجدك وممن يناجيك بالليل والنهار ومن الذينهم على صلواتهم يحافظون وادحر عنى الشيطان وجنود ابليس اجمعين.

ثم قدم رجلك اليمنى قبل اليسرى وادخل وقل اللهم افتح لى باب رحمتك وتوبتك واغلق عنى باب سخطك وباب كل معصية هي لك اللهم اعطني في مقامي هذا جميع ما اعطيت اولياك من الخير واصرف

٩٤

عنى جميع ما صرفته عنهم من الاسواء والمكاره ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو اخطأنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولينا فانصرنا على القوم الكافرين اللهم افتح مسامع قلبى لذكرك وارزقني نصر آل محمد وثبتنى على امرهم وصل ما بينى وبينهم واحفظهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم وامنعهم ان يوصل إليهم بسوء اللهم انى زائرك في بيتك وعلى كل مأتى حق لمن اتاه وزاره وانت اكرم مأتى وخير مزور وخير من طلب إليه الحاجات واسئلك يا لله يا رحمن يا رحيم برحمتك التى وسعت كل شئ وبحق الولاية ان تصلى على محمد وآل محمد وان تدخلني الجنة وتمن على بفكاك رقبتي من النار.

فإذا اتيت مصلاك فاستقبل القبلة وقل اللهم انى اقدم اليك محمدا نبيك نبى الرحمة واهل بيته الاوصياء المرضيين بين يدى حوائجى واتوجه بهم اليك فاجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين اللهم اجعل صلوتى بهم مقبولة ودعائي بهم مستجابا وذنبي بهم مغفورا ورزقني بهم مبسوطا وانظر إلى بوجهك الكريم نظرة استكمل بها الكرامة والايمان ثم لا تصرفه الا بمغفرتك وتوبتك ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب اللهم اليك توجهت ورضاك طلبت وثوابك ابتغيت وبك آمنت وعليك توكلت اللهم اقبل إلى بوجهك واقبل اليك بقلبي اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك الحمد لله الذى جعلني ممن يناجيه اللهم لك الحمد على ما هديتني ولك الحمد على ما فضلتني ولك الحمد على ما رزقتني ولك الحمد على كل بلاء حسن ابتليتنى اللهم تقبل صلوتى وتقبل دعائي

٩٥

واغفر لى وارحمني وتب على انك انت التواب الرحيم.

واعلم ان صلوة النوافل في غير المساجد افضل وصلوة الفريضة في المساجد اكمل وسوف نذكر تفصيل ذلك على ما يفتحه الله جل جلاله علينا مما علمناه واحسن به الينا انشاء الله تعالى.

الفصل الخامس عشر

فيما نذكره من تعيين اول صلوة فرضت على العباد وانها هي الوسطى

اقول ان الذى رويناه في هذا الباب ورأيناه اقرب إلى الصحة والصواب ان اول صلوة فرضت على العباد الظهر وكانت ركعتين والاخبار في ذلك كثيرة فلا حاجة إلى ذكرها لظهور ذلك عند القدوة من المصطفين.

(واما انها هي الوسطى فانني رويت من كتاب عمر بن اذينة فيما رواه عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا سمعنا ابا جعفر عليه السلام وسئلناه عن قول الله حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى فقال هي صلوة الظهر وفيها فرض الله الجمعة وفيها الساعة التى لا يسئل الله فيها عبد مسلم خيرا الا اعطاه اياه ورويت عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى وصلوة العصر وقوموا لله قانتين ورويت من كتاب ابراهيم الخزاز عن ابى بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى وصلوة العصر وقوموا لله قانتين ورواه ايضا الحاكم النيشابوري في الجزء الثاني من تاريخ نيشابور من طريقهم في ترجمة احمد بن يوسف السلمى باسناده إلى ابن عمر

٩٦

قال امرت حفصة ابنة عمران يكتب لها مصحف فقالت للكاتب إذا اتيت على آية الصلوة فارنى حتى امرك ان تكتبها كما سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله فلما اريها امرته ان يكتب حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى وصلوة العصر.

وروى أبو جعفر بن بابويه في كتاب معاني الاخبار في باب معنى الصلوة الوسطى مثل هذا الحديث عن عائشة وذكر عبد الله بن سليمان بن الاشعث السجستاني في الجزء الاول من كتاب جمع المصاحف ستة احاديث ان ذلك كان في مصحفها وثماني احاديث انه كذلك في مصحف حفصة وروى حديثين ان ذلك كان كذلك في مصحف ام سلمة.

اقول فقد صار تعيين ان الصلوة الوسطى صلوة الظهر مرويا من الطريقين وذكر الشيخ محمد بن على في رسالته إلى ولده في فضل صلوة الظهر من يوم الجمعة ما هذا لفظه لصلوة الظهر يا بنى من هذا اليوم شرف عظيم وهى اول صلوة فرضت على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وروى انها الصلوة الوسطى التى ميزها الله تعالى في الامر بالمحافظة على الصلوات فقال جل من قائل حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى وروى الكراجكى ما قدمناه من حديث زرارة عن محمد بن مسلم.

اقول وجدت في كتاب من الاصول عن ابى بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال الصلوة الوسطى صلوة الظهر وهى اول صلوة انزلها الله على نبيه صلى الله عليه وآله ورأيت في كتاب تفسير القرآن عن الصادقين عليهما السلام ومن نسخة عتيقة مليحة عندنا الان اربعة احاديث بعدة طرق عن الباقر والصادق عليهما السلام ان الصلوة الوسطى صلوة الظهر وان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول حافظوا

٩٧

على الصلوات والصلوة الوسطى وفيه حديثان آخران بعد ذكر احاديث.

قلت انا وذهب أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب معاني الاخبار إلى ان الصلوة الوسطى صلوة الظهر واورد في ذلك اخبارا من الطريقين وروى ايضا في كتاب مدينة العلم عن ابي عبد الله عليه السلام ان الصلوة الوسطى صلوة الظهر وهى اول صلوة فرضها الله على نبيه صلى الله عليه وآله.

اقول لعل المراد بالوسطى أي العظمى كما قال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا ويمكن ان يكون لانها بين صلوتين ونهار واحد وانها عند وسط النهار.

وقد تعجبت كيف خفى تعظيم صلوة الظهر وانها هي الصلوة الوسطى مع الاتفاق على انها اول صلوة فرضت وان الجمعة المفروضة تقع فيها وان الساعة المتضمنة بالاستجابة فيها وانها وقت فتح ابواب السماء وانها وقت صلوة الاوابين مع الرواية بان صلوة العصر معطوفة عليها غيرها.)

الفصل السادس عشر

فيما ينبغى عمله عند زوال الشمس

يقول السيد الامام العالم العامل رضى الدين ركن الاسلام جمال العارفين أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس شرف الله قدره وقدس في الملاء الاعلى ذكره.

وقت الزوال موضع خاص لاجابة الدعاء والابتهال.

(وروينا باسنادنا إلى هرون بن موسى التلعكبرى رضى الله عنه باسناده إلى عبد الله بن حماد الانصاري عن الصادق عليه السلام قال سمعت

٩٨

ابا عبد الله عليه السلام يقول إذا زالت الشمس فتحت ابواب السماء وابواب الجنان وقضيت الحوائج العظام فقلت إلى أي وقت فقال مقدار ما يصلى الرجل اربع ركعات مترسلا).

وروى أبو محمد هرون بن موسى رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن همام قال حدثنا عبد الله بن العلاء المذارى قال حدثنا سهل بن زياد الادمى قال حدثنا على بن حسان عن زياد بن النوار عن محمد بن مسلم قال سئلت ابا جعفر عليه السلام عن ركود الشمس عند الزوال فقال يا محمد ما اصغر جثتك واعضل مسئلتك وانك لاهل للجواب في حديث طويل حذفناه ثم قال يبلغ شعاعها تخوم العرش فتنادى الملائكة لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله والحمد لله الذى لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ويم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا.

قال فقلت جعلت فداك احافظ على هذا الكلام عند الزوال قال نعم حافظ عليه كما تحافظ على عينيك فلا تزال الملائكة تسبح الله تعالى في ذلك الجو بهذا التسبيح حتى تغيب.

ومما رويناه باسنادى إلى جدى ابي جعفر الطوسى فيما يرويه عن محمد بن على بن محبوب ورأيناه بخط جدى ابي جعفر الطوسى في كتاب نوادر المصنف باسناده عن ابن اذينة عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا زالت الشمس فتحت ابواب السماء وابواب الجنان واستجيب الدعاء فطوبى لمن رفع له عمل صالح.

ورويناه ايضا باسناده إلى الحسين بن سعيد من كتابه كتاب الصلوة (وسنذكر في الفصل الحادى والاربعين من هذا الكتاب في ادعية الساعات بعض ما رويناه في سبب فتح ابواب السماء للدعاء عند

٩٩

الزوال ومن كتاب جعفر بن محمد بن مالك عن ابى جعفر عليه السلام إذا زالت الشمس فتحت ابواب السماء وهبت الرياح وقضى فيها الحوائج الكبار وقال محمد بن مروان سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول إذا كانت لك إلى الله الحاجة فاطلبها عند زوال الشمس وروى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الدعاء باسناده عن ابى جعفر عليه السلام قال كان ابى إذا كانت له إلى الله حاجة طلبها إلى الله في هذه الساعة يعنى زوال الشمس) بهذه الالفاظ عن الباقر عليه السلام وزيادة قوله عليه السلام فطوبى لمن رفع له عمل عند ذلك عمل صالح.

اقول انا وإذا كان هذا وقتا خاصا لاجابة الدعاء وبلوغ الرجاء وبابا مفتوحا لرحمة قد هدى الله جل جلاله إليها فلنذكر ما ينبغى تقديمه لمن يريد ان لايرد دعاؤه غير ما قدمناه من الصفات التى ينبغى ان يكون الداعي عليها.

روى أبو محمد الحسن بن محمد المقرى قال حدثنا أبو الحسن محمد بن احمد المنصوري قال حدثنا ابى موسى عيسى بن احمد عن الامام ابى الحسن على بن محمد صاحب العسكر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال من قدم هذا الدعاء امام دعائه استجيب له قال وحدثنا مرة اخرى فقال حدثنى عمى عزيز بن داود عن ابراهيم بن عبد الله الكجى عن ابى عاصم النبيل عن ابي عبد الله عليه السلام قال من احب ان لايرد دعاؤه فليقدم هذا الدعاء امام دعائه وهو ما شاء الله توجها إلى الله ما شاء الله تعبد الله ما شاء الله تلطفا لله ما شاء الله تذللا لله ما شاء الله استنصارا بالله ما شاء الله استكانة لله ما شاء الله تضرعا إلى الله ما شاء الله استغاثة بالله ما شاء الله استعانة بالله ما شاء الله لاحول ولا قوة الا بالله العلى العظيم.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296