سلسلة المتون الفقهية

سلسلة المتون الفقهية0%

سلسلة المتون الفقهية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 202

سلسلة المتون الفقهية

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 202
المشاهدات: 68280
تحميل: 6154

توضيحات:

سلسلة المتون الفقهية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 202 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68280 / تحميل: 6154
الحجم الحجم الحجم
سلسلة المتون الفقهية

سلسلة المتون الفقهية

مؤلف:
العربية

رسول الله صلى الله عليه وآله عن أكل لحوم الحمير يوم خيبر، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوها وليست الحمير بحرام، ثم قرأ هذه الآية: " قل لا أجد فيما اوحي إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فانه رجس أو فسقا اهل لغير الله به " ولا بأس بأكل لحوم الحمر الوحشية.

واعلم أن الضب والفارة والقرد والخنازير مسوخ لا يجوز أكلها وكل مسخ(١) حرام، ولا تأكل الارنب فانه مسخ حرام وقال رسول الله صلى الله عليه وآله كل ذى ناب من السباع ومخلب من الطير والحمر الانسية حرام(٢) ، والكلب نجس، ولا تأكل من السباع شيئا على الجملة.

وإياك أن تجعل جلد الخنزير دلوا تستقى به الماء(٣) ولا تأكل من لحم حمل رضع من خنزيرة.

ولا بأس بركوب البخاتي(٤) ، وشرب ألبانها ولا تأكل اللحم نيا(٥) حتى يغيره الملح والنار ولا بأس بأكل القديد وإن لم تمسه النار.

وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن جدي رضع من لبن خنزيرة حتى كبر وشب وإشتد عظمه، ثم إن رجلا استفجله في غنمه فأخرج له نسلا (فخرج له نسل)، فقال: أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه، وأما ما لا تعرفه فكله ولا تسأل عنه، فانه بمنزلة الجبن، وقال: لا تشرب من لبن الابل الجلالة، وإن أصابك شئ من عرقها فاغسله(٦) .

____________________

(١) وقد احصى المسوخ في الفقيه في أحد وعشرين حيوانا.

(٢) قال في الوسائل: هذا محمول على النسخ في حكم الحمر أو على الكراهة).

(٣) حكى في المختلف عن المقنع: (ولا بأس ان يجعل جلد الخنزير دلوا يستقى به الماء) ثم اشكل عليه بانه ميتة لعدم وقوع الذكاة عليه فهو منهى عنه، وهو كما ترى خلاف ما هنا.

(٤) بفتح الباء مع تخفيف الياء وتشديدها، جمع بخت (كقفل) وهى الابل الخراسانية.

(٥) التى من اللحم: الذى لم تمسه النار، واصله التئ بالهمزة، فوقع فيه الابدال والادغام والقديد: اللحم الذى جعل قطعا وجفف.

(٦) في المختلف قال الصدوق في المقنع: (تربط البقرة ثلاثين يوما، والشاة عشرين يوما، وروى تربط عشرة ايام، والبطة تربط ثلاثة ايام، والدجاجة ثلاثة أيام، وروى يوما إلى

١٤١

والطير إذا ملك جناحيه فهو لمن أخذه إلا أن يعرف صاحبه فيرده عليه.

ولا يجوز أخذ الفراخ من أو كارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض.

ويؤكل من الطير ما يدف(١) ، ولا يؤكل ما يصف وإن كان يصف ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه اكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل.

وإعلم أن ذكاة السمك والجراد اخذه، وهو كل من السمك ما كان له قشور(٢) ولا تأكل ما ليس له قشور، وكل من البيض ما اختلف طرفاه، ولا تأكل ما مات في الماء من سمك وجراد وغير ذلك، ولا تأكل الجري ولا المارماهى ولا الزمير ولا الطافى، وهو الذي يموت في الماء فيطفو(٣) على وجه الماء.

وإن وجدت سمكا ولم تعلم ذكى هو أو غير ذكى فذكاته أن يخرج من الماء حيا، فخذ منه واطرحه في الماء فان طفا على رأس الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكى وإن كان على وجهه فهو ذكى، وكذلك إذا وجدت لحما، ولم تعلم أنه ذكى أو ميتة، فالق منه قطعة على النار، فان انقبض فهو ذكى، وإن استرخى على النار فهو ميتة(٤) .

____________________

الليل، والسمك الجلال تربط يوما إلى الليل)، وقال في الوسائل، وفي المقنع قال: (والدجاجة تربط ثلاثة أيام، وروى يوما إلى الليل) وليس شئ من ذلك في النسختين اللتين عندنا، وكانه سقط من هذا الموضع، وقد تعرض في الفقيه لحكم الجلالات في هذا الموضع بغير هذا اللفظ فلاحظ.

(١) دف الطائر: حرك جناحيه في طيرانه كالحمام، وصف: بسطهما ولم يحركها كالعقاب والدفيف والصفيف مصدران لهما.

(٢) جمع قشير بالكسر اى الفلوس.

(٣) اى يعلو ويظهر. والمذكورات قبل الطافى كلها من انواع السمك: فالجرى بكسر الاول وتشديد الراء والياء معا: ويقال له الجريت أيضا.

والزمير بكسر الزاء المعجمة وتشديد الميم، وفي بعض العبارات (الزمار) ويطهر من المختلف انه كان هكذا في المقنع.

(٤) وزاد في الفقيه: (وروى فيمن وجد سمكا ولم يعلم انه مما يؤكل اولا، فانه يشق اصل ذنبه، فان ضرب إلى الخضرة فهو مما لا يؤكل، وان ضرب إلى الحمرة فهو مما يؤكل وفي الجواهر انه قد نسب في كشف اللنام هكذا الحكم - اعنى اختبار السمك يطرحه في الماء - إلى الصدوق، والمفيد، والسيد، وسلار، وبنى حمزة وادريس وسعيد، والفاضل في التحرير ولصاحب الجواهر فيه كلام فلاحظ

١٤٢

وإذا كان اللحم مع الطحال في سفود(١) اكل اللحم إذا كان فوق الطحال فان كان أسفل من الطحال لم يؤكل، ويؤكل جوذابه(٢) لان الطحال في حجاب، ولا ينزل منه إلا أن يثقب، فإن ثقب سأل منه، ولم يؤكل ما تحته من الجوذاب، وإن جعلت سمكة يجوز أكلها مع جرى أو غيرها مما لا يجوز أكله في سفود، اكلت التي لها فلوس إذا كانت في السفود فوق الجرى وفوق التي لا تؤكل وإن كانت أسفل من الجرى لم تؤكل(٣) .

ولا تشرب في أواني الذهب والفضة.

واعلم أن في الشاة عشرة أشياء لا تؤكل: الفرث(٤) ، والدم، والنخاع، والطحال، والغدد، والقضيب والانثيان، والرحم والحياء، والاوداج.

باب الزنا واللواط، وما يجب في ذلك من الحكم والحد

اجتنب الزنا واللواط، واعلم ان اللواط أشد من الزنا، والزنا يقطع الرزق ويقصر العمر ويخلد صاحبه في النار، ويقطع الحياء من وجهه.

فان زنى رجل بامرأة وهما غير محصنين فعليه وعلى المرأة جلد مأة لقول الله عزوجل: " الزانية والزاني فاجلد واكل واحد منهما مأة جلدة، ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله "(٥) يعني انهما يضربان اشد ضرب يكون على جسديهما إلا الوجه والفرج

____________________

(١) السفود (كتنور): حديدة يشوى عليها اللحم.

(٢) الجوذاب بالضم: طعام من سكر وارز ولحم.

(٣) وقه حكى في المختلف هذه المسألة والتى قبلها، وقوله: (ولا تأكل الجرى) إلى قوله: (والطافى) وقوله: (ولا يجور أخذ الفراخ من اوكارها الخ) وقوله في اول الباب: (وان رميت واصابه سهمك ووقع في الماء الخ) بهذه الالفاظ عن أبيه أيضا.

(٤) الفرث: السرجين مادام في الكرش.

والنخاع بتثليث النون: عرق ابيض في داخل العنق، يمتد في فقار الصلب إلى عجب الذنب و.

والطحال (ككتاب): غدة اسفنجية في يسار جوف الانسان وساير الحيوانات لازفة بالجنب. والغدد جمع غدة: وهى كل عقدة في الجسد اطاف بها شحم، وكل قطعة صلبة بين العصب. والحياء ممدودا: الفرج من ذوات الخف والظلف. والاوداج جمع ودج محركة: عرق في العنق. والباقى معلوم.

وزاد في المختلف بعد حكاية هذا الكلام عن المقنع: (وروى العروق، وفى حديث آخر مكان الحياء الجلد) وقد سقط من النسختين كلتيهما.

(٥) النور - ٢

١٤٣

ويجلدان في ثيابهما التي كانت عليهما حين زنيا، فان عادا جلدا مأة، فان عادا قتلا، فان زنى رجل بامرأة، والامرأة محصنة والرجل غير محصن، ضرب الرجل الجلد (الحد) مأة جلدة ورجمت المرأة، وإذا كانت المرأة غير محصنة والرجل محصن، رجم الرجل وضربت المرأة مأة جلدة، وإن كانا محصنين ضربا مأة جلدة ثم رجما.

والرجم: أن يحفر له حفيرة مقدار ما يقوم فيها، فتكون بطوله إلى عنقه فيرجم، ويبدء الشهود برجمه، فان فر من الحفيرة رد ورجم حتى يموت إذا شهد عليه الشهود بالزنا، وإن أقر على نفسه بالزنا من غير أن شهد عليه الشهود بالزنا لم يرد إذا فر ولم تقبل شهادته.

واعلم أن اللواط هو ما بين الفخذين، فأما الدبر فهو الكفر بالله العظيم(١) واعلم أن حرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج، لان الله أهلك امة بحرمة الدبر، ولم يهلك أحدا بحرمة الفرج.

واعلم أن عقوبة من لاط بغلام ان يحرق بالنار أو يهدم عليه حائط أو يضرب ضربة بالسيف، وإذا أحب التوبة تاب من غير أن يرفع خبره إلى إمام المسلمين، فان رفع إلى الامام هلك، فإنه يقيم عليه إحدى هذه الحدود التي ذكرناها.

وللامام أن يعفو عن كل ذنب بين العبد وخالقه، فان عفى عنه جاز عفوه، وإذا كان الذنب بين العبد والعبد فليس للامام أن يعفو.

وإذا تاب اللوطى والزاني، فان الله يقبل توبتهما إذا عرف من نيتهما الصدق ولم يؤاخذهما به، وإن نويا التوبة في حال إقامة الحد عليهما فقد تخلصا في الآخرة، وإن لم ينويا التوبة كانا معاقبين في الاخرة، الا أن يعفو الله تبارك وتعالى عنهما.

واعلم أن الله اوحى إلى موسى عليه السلام يا موسى بن عمران عف يعف أهلك،

____________________

(١) حكاه في المختلف عن أبيه أيضا، وكذا قوله: (اعلم ان عقوبة من لاط إلى قوله.

بالسيف) وقد استظهر فيه من هذا الكلام ان القتل يجب عندهما بالتفخيذ، خلافا لغيرهما من القدما، حيث ان القتل عندهم في الدبر وفي غيره حد الزنا ولكن المصنف سيفصل في قوله في هذا الباب: (وإذا اتى رجل رجلا الخ) بين المحصن وغيره، لابين الدبر والتفخيذ.

١٤٤

ياموسى بن عمران إن أردت أن يكثر خير بيتك فاياك والزنا، يابن عمران كما تدين تدان.

والبكر والبكرة إذا زنيا جلدا مأة جلدة، ثم ينفيان سنة إلى غير مصرهما.

وإذا جامع الرجل وليدة امرأته فعليه جلد مأة، وإن زوج الرجل أمته رجلا ثم وقع عليها ضرب الحد، وإن افتضت جارية جارية بأصبعها فعليها المهر وتضرب الحد.

وإذا وقع الرجل على مكاتبته فان كانت أدت الربع ضرب الحد، وإن كان محصنا رجم وإن لم يكن أدت شيئا فليس عليه شئ.

وإن زنا غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين بامرأة، جلد الغلام دون الحد، وتضرب المرأة الحد، وإن كانت محصنة لم ترجم، لان الذي نكحها ليس بمدرك، ولو كان مدركا رجمت وكذلك إن زنا رجل بجارية لم تدرك ضربت الجارية دون الحد وضرب الرجل الحد تاما.

وروى أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام اتى برجل زوج جاريته مملوكه ثم وطأها، فضربه الحد.

وإذا وجد رجلان في لحاف واحد ضربا الحد مأة جلدة.

وضرب أمير المؤمنين عليه السلام رجلا زوج امرأة في نفاسها قبل أن تطهر الحد(١) واتى رسول الله صلى الله عليه وآله رجل كبير البطن عليل قد زنى، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله بعرجون(٢) فيه مأة شمراخ، فضربه ضربة واحدة مكان الحد، وكره أن يبطل حدا من حدود الله وقال أبوجعفر عليه السلام: لو أن رجلا أخذ حزمة(٣) من قضبان أو أصلا فيه

____________________

(١) قال في الفقيه بعد هذا الخبر: (لو تزوجها في نفاسها، ولم يدخل بها حتى تطهر لم يجب عليه الحد، وانما جلده عليه السلام لانه دخل بها).

(٢) بضم العين وسكون الراء المهملتين: اصل العذق الذى يعوج ويبقى على النخل يابسا.

والشمراخ بكسر الاول وسكون الثانى: الغصن الدقيق النابت على العرجون.

(٣) الحزمة بالهاء المهملة والزاء المجمة (كغرفة): مايشد مجتمعة من الحطب والقضبان ونحوها.

١٤٥

قضبان، فضربه ضربة واحدة أجزأه من عدة ما يريد أن يجلده عدة القضبان.

وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة زنت فحبلت، فلما ولدت قتلت ولدها: فأمرها فجلدت مأة جلدة، ثم رجمت وقال: الامام أحق من بدأ بالرجم.

وإذا تزوجت المرأة ولها زوج رجمت، وإن كان للذي تزوجها بينة على تزويجها، وإلا ضرب الحد، وقال أبوجعفر عليه السلام: المحصن يجلد مأة جلدة ويرجم، ومن لم يحصن يجلد مأة جلدة ولا ينفى، والذي قد أملك(١) ولم يدخل بها يجلد مأة وينفي.

وإن أتى رجل إمرأة فاحتملت ماء‌ه فساحقت به امرأة فحملت، فان المرأة ترجم وتجلد الجارية الحد، ويلحق الولد بأبيه.

وإن تزوجت امرأة في عدتها: فان كانت في عدة طلاق لزوجها عليها فيها الرجعة رجمت، وإن كانت في عدة ليس لزوجها عليها فيها رجعة ضربت الحد مأة جلدة وإن كانت تزوجت في عدة من بعد موت زوجها من قبل إنقضاء الاجل من الاربعة الاشهر والعشرة أيام فلا ترجم وتجلد مأة جلدة.

ومن زنى بذات محرم يضرب ضربة بالسيف أخذ منها ما أخذ، وهو إلى الامام إذا رفعا إليه.

وإن غصب رجل امرأة على فرجها قتل محصنا كان أو غير محصن.

وإذا زنت المجنونة لم تحد وإذا زنى المجنون حد(٢) وإن أوجب رجل على نفسه الحد، فلم يضرب حتى خولط وذهب عقله، فان كان أوجب على نفسه الحد وهو صحيح لا علة من ذهاب عقل، اقيم عليه الحد كائنا ما كان.

وإن زنى رجل في بلد وامرأته في بلد آخر ضرب الحد مأة جلدة ولم يرجم، وكذلك إذا كان معها في بلد وهو محبوس في سجن لا يقدر على الخروج إليها، ولا تدخل هي عليه وزنى، عليه مأة جلدة لانه بمنزلة الغائب.

____________________

(١) اى تزوج.

(٢) وزاد في المختـلف: " لان المجنون يأتى وهى تؤتى " ولكنه ليس في النسختين ولا في المستدرك

١٤٦

وإن أخذت امرأة مع رجل قد فجربها، فقالت المرأة: استكرهنى فانه يدرء عنها الحد به، لانها قد أوقعت شبهة، وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ادرؤا الحدود(١) بالشبهات.

وإذا كانت تحت عبد حرة فاعتق ثم زنا، فان كان قد غشيها بعد ما اعتق رجم وإن لم يكن غشيها بعد ما أعتق ضرب الحد.

وإذا أتى رجل رجلا وهو محصن فعليه القتل، وإن لم يكن محصنا فعليه الحد، وعلى المأتي القتل على كل حال محصنا كان أو غير محصن.

وإذا أتى الرجل البهيمة فانه يقام قائما، ثم يضرب ضربة بالسيف أخذ منه ما أخذ، وروي عليه الحد، وروى الحسن بن محبوب أنه يجلد دون الحد ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها، لانه أفسدها عليه، وتذبح وتحرق وتدفن إن كانت مما يؤكل لحمه، وإن كانت مما يركب ظهره اغرم قيمتها وجلد دون الحد، واخرجها من المدينة التي فعل بها ذلك إلى بلاد اخرى حيث لاتعرف، فيبيعها فيها حتى لا يعير بها.

وإذا أقر الرجل على نفسه بحد يبلغ فيه الرجم، لم يرجم وضرب الحد، وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل أقر على نفسه بحد، ولم يبين أى حد هو: أن يجلد حتى يبلغ ثمانين، فجلد، ثم قال: لو اكملت جلدك مأة، ما ابتغيت عليه بينة غير نفسك.

فان زنى رجل في يوم واحد مرارا، فان كان زنى بامرأة واحدة فعليه حد واحد: وإن هو زنى بنساء شتى فعليه في كل امرأة زنى بها حد.

وروي في عبد بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه.

ثم إن العبد أتى حدا من حدود الله: أنه إن كان العبد حيث اعتق نصفه قوم(٢) ، ليغرم الذي أعتقه نصف قيمتة

____________________

(١) اى ادفعوها شديدا.

(٢) قال في الوافى: " بناء هذا الحكم على ان بالتقويم يتم عشق النصف، وباداء القيمة يتم عشق الكل، وهذا الاصل غير مستقيم كما تبين في أبواب العتق "، وفي بعض الحواشى على الفقيه:

١٤٧

فنصفه حر يضرب نصف حد الحر، ويضرب نصف حد العبد، وإن لم يكن قوم فهو عبد يضرب حد العبد.

وإذا وقع الرجل على جارية له فيها حصة، ادرء عنه من الحد بقدر حصته فيها، ويضرب ما سوى ذلك، وإن أتى رجل وليدة امرأته بغير إذنها فعليه الحد مأة جلدة(١) .

ولا يرجم إن زنا بيهودية ولا نصرانية ولا أمة، فان فجر بامرأة حرة وله امرأة حرة فان عليه الرجم، وكما لا تحصنه الامة والنصرانية واليهودية لو زنى بحرة فكذلك لا يكون عليه حد المحصن إن زنا بيهودية أو نصرانية أو أمة وتحته حرة.

وإن زنا عبد بمحصنة أو غير محصنة ضرب خمسين جلدة، فان عاد ضرب خمسين إلى أن يزنى ثمان مرات ثم يقتل في الثامنة، والحر إذا زنى بغير محصنة ضرب مأة جلدة، فان عاد ضرب مأة جلدة، فان عاد الثالثة قتل(٢) .

وإذا غشى الرجل امرأته بعد انقضاء العدة جلد الحد، وإن غشيها قبل انقضاء العدة، كان غشيانه إياها رجعة لها.

وإذا شهد أربعة شهود على امرأة بالفجور أحدهم زوجها، جلدوا الثلاثة، ولاعنها زوجها وفرق بينهما، ولا تحل له أبدا(٣) .

____________________

" لعل التقويم كناية عن صحة العتق: اى لم يقصد المعتق الاضرار بالشريك ليبطل العتق حيث لم يقصد القرية، بل قصدها ورضى بتقويم حصة الشريك عليه لكن لم يقوم عليه لمانع فبقى النصف في الرق، فيكون المعنى ان كان عتق نصفه صحيحا فكذا والا فهو عبد ".

(١) قد تقدم هذا الحكم في صدر الباب بدون التقبيد بقوله: " بغير اذنها ".

(٢) قال في المختلف بعد حكاية هذا الحكم عن الصدوق في المقنع وأبيه في الرسالة: " وقال الصدوق: وروى انهما يقتلان في الرابعة " وظاهره وجود هذه الزيادة أيضا في المقنع، ثم انه قد حكى فيه قتل العبد في الثامنة عن والده أيضا.

(٣) قال في الفقيه بعد نقل حديث موافق لهذا الحكم: " وقد روى ان الزوج احد الشهود " ثم جمع بينهما بحمل الاول على ما إذا شده الزوج بالزنا ونفى ولدها، وحمل الثانى على ما إذا لم ينفه، وعلله بان اللعان لا يكون الا بنفى الولد وفي المختلف: " المشهور ان اللعان يثبت بامرين القذف ونفى الولد"، ثم حكى هذا القول عن الصدوق وظاهره انفراده به، وقد حمل مستنده على بعض المحامل فلاحظ المختلف (حد القذف) ص ٢٢٩.

١٤٨

باب حد القاذف وما يجب في ذلك من الحكم

إن قذف رجل رجلا فقال له: " يا زاني " ضرب الحد ثمانين جلدة، وكذلك إذا قال له: " يا لوطي إنك تنكح الرجال " ضرب ثمانين جلدة، وإذا قذف عبد حرا ضرب ثمانين جلدة.

وقال الصادق عليه السلام: لا حد لمن لا حد عليه، ولو أن مجنونا قذف رجلا لم يكن عليه حد، ولو قذفه رجل فقال له: " يا زان " لم يكن عليه حد(١) .

وإذا قال الرجل لامرأته: " لم اجدك عذراء " لم يكن عليه الحد، وإذا قذف الرجل امرأته، لاعنها(٢) وفرق بينهما ولم تحل له أبدا، وإن كذب نفسه قبل أن يلاعنها، جلد الحد ولم يفرق بينهما والزم الولد.

وإذا قذف الرجل ابن الملاعنة جلد الحد ثمانين، وإذا قذف الرجل امرأته فليس لها أن تعفو(٣) .

وإن قذف رجل رجلا فجلد، ثم عاد عليه بالقذف، فان قال: إن الذي قلت لك حق لم يجلد، وإن قذفه بالزنا بعد ما جلد فعليه الحد، فان قذفه قبل أن يجلد بعشر قذفات لم يكن عليه إلا حد واحد.

وان قذف قوما بكلمة واحدة فعليه حد واحد اذا لم يسمهم بأسمائهم، وإذا سمى فعليه لكل رجل سماه حد، وروى في رجل يقذف قوما انهم إن أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل منهم حدا، وإن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا.

____________________

(١) هذا كله تتمة الحديث، وهو تفسير لما قبله، وفي الفقيه " يعنى لو ان مجنونا "، والمظنون انه الصحيح هنا يضا.

(٢) هذا الكلام في المختلف هكذا: (إذا قذف امرئته ضرب ثمانين جلدة، فان قذفها وانكر ولدها لاعنها وفرق بينهما) وساق الكلام مثل ما هنا إلى ان قال: (والزم الولد، واللعان لا يكون الا بنفى الولد) وهذا هو المناسب لقوله في الفقيه: (ان اللعان لا يكون الا بنفى الولد الا ان النسختين كما هنا.

(٢) وفي المختلف: (ان تعفو عنه ولا كرامة وقد روى ان لها ذلك) وقد ذكر ان المشهور ان للمقدوف العفو مطلقا.

(٤) يظهر من المختلف ان الحكمين في المسألة خلاف المشهور.

١٤٩

باب حد السرقة

سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن أدنى ما يقطع فيه السارق، فقال: ثلث دينار(١) وفي حديث آخر يقطع السارق في ربع دينار، وروى أنه يقطع في خمس دينار أو في قيمة ذلك، وروى أنه يقطع في عشرة دراهم.

وكان أمير المؤمنين عليه السلام إذا سرق الرجل أولا قطع يده، فان عاد قطع رجله، فان عاد في الثالثة خلده السجن وأنفق عليه من بيت المال.

وإذا دخل السارق دار رجل فجمع الثياب، فأخذ (فيؤخذ) في الدار ومعه المتاع، فقال: " دفعه إلى رب الدار " فليس عليه قطع، وإذا خرج بالمتاع من باب الدار فعليه القطع، أو يجئ بالمخرج منه(٢) .

وإذا أمر الامام بقطع يمين السارق فتقطع يساره بالغلط، فلا تقطع يمينه إذا قطعت يساره.

وإذا اخذ السارق مرة قطعت يده من وسط الكف، فان عاد قطعت رجله من وسط القدم، فان عاد استودع السجن، فان سرق في السجن قتل والصبى إذا سرق مرة يعفى عنه، فان عاد قطعت أنامله أو حكت حتى تدمى، فان عاد قطعت أصابعه، فان عاد قطع أسفل من ذلك.

فان سرق رجل فلم يقدر عليه، ثم سرق مرة اخرى، فجاء‌ت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الاولى والاخيرة، فانه تقطع يده بالسرقة الاولى، ولا تقطع رجله بالسرقة الاخيرة،(٣) لان الشهود شهدوا عليه جميعا في مقام واحد بالسرقة الاولى والاخيرة قبل أن تقطع يده بالسرقة الاولى، ولو أن الشهود شهدوا بالسرقة الاولى ثم امسكوا

____________________

(١) حكاه في الوسائل مثل ما هنا ولكن في المختلف هكذا: فقال: ربع دينار، وروى انه يقطع في خمس دينار او في قيمة ذلك، وروى انه يقطع في درهمين) وقال في الوسائل: (ما زاد عن ربع دينار لا اشكال فيه، وما نقص محمول اما على التقية أو على المحارب).

(٢) قال في المختلف: (هذا الفرق مشكل من الحيثية التى قالها رحمه الله) ثم فرق قى المسألة بانه لا قطع في داخل المنزل اصلا، ولا في خارجه إذا ادعى ان صاحب المنزل اعطا لانه شبهة، وانما القطع في الخارج إذا لم يدع ذلك.

(٣) هذا التعليل سقط من المختلف.

١٥٠

حتى تقطع يده، ثم شهدوا عليه بالسرقة الاخيرة قطعت رجله اليسرى.

وقال: على عليه السلام لا اقطع في الدغارة(١) المعلنة وهي الخلسة ولكن (أعزره) وليس على الذي يسلب الثياب قطع، وليس على الذي يطر الدراهم من ثوب الرجل قطع، وليس على الاجير ولا على الضيف قطع، لانهما مؤتمنان(٢) .

وإن وجد رجل ينبش قبرا فليس عليه قتل، الا أن يؤخذ وقد نبش مرارا، فاذا كان كذلك قطعت يمينه، والاشل إذا سرق قطعت يمينه على كل حال، وضيف الضيف إذا سرق قطع، لانه دخل دار الرجل بغير اذنه.

فان اتى رجل رجلا وقال: ارسلني إليك فلان لترسل إليه بكذا وكذا، فدفع إليه ذلك الشئ، فلقى صاحبه فزعم انه لم يرسله إليه ولا أتاه بشئ، وزعم الرسول انه قد ارسله إليه وقد دفعه إليه، فان وجد عليه بينة انه لم يرسله قطعت يده، وان لم يجد بينة فيمينه بالله ما ارسله، ويستوفي من الرسول المال، فان زعم انه حمله على ذلك الحاجة قطع لانه قد سرق مال الرجل(٣) .

واعلم انه لا يجب القطع إلا فيما يسرق من حرز او خفاء.

وليس على العبد إذا سرق من مال مولاه قطع، والحر إذا اقر على نفسه لم

____________________

(١) الدغارة بالمعجمة بين المهملتين (كتجارة): اخذ الشئ اختلاسا.

والخلسة (كحمرة): اسم من اختلس.

واعزره من التعزير: بمعنى التأديب ويطر من الطر بتشديد الراء: وهو الشق والقطع.

(٢) قـد جعل صاحب المستدرك هذا الكلام إلى هنا من حديث على عليه السلام وهو موجود في الفقيه مع زيادة، ولم يجعل في الوسائل ما بعد قوله: (اعزره) من الحديث، ويؤيدء، ان الكلينى والشيخ اخرجاه إلى هذا الحد ايضا.

(٣) أخرجه المشايخ الثلاثة بنحو هذا اللفظ، وزاد في الكافى بعد قوله: (قطعت يده) ومعنى.

ذلك ان يكون الرسول قد اقر مرة انه لم يرسله، وقال في الوافى: لما كان قوله عليه السلام: (ان وجد بينة انه لم يرسله) موهما لارادة اقامة البينة على النفى ازال هذا الوهم في الكافى بحمله على اقامة البينة على اقرار الرسول بعدم الارسال ليستقيم.

وقال في المختلف: انه اى الحكم القطع محمول على ما اذا اعتاد ذلك فان للامام ان يعزره ويؤدبه بما يراه رادعاله ولغيره فجاز ان يكون للامام ان تقطعه جمعا بين الادلة.

١٥١

يقطع(١) وإذا شهد عليه شاهدان قطع.

والعبد إذا ابق من مواليه ثم سرق لم يقطع وهو آبق، لانه مرتد عن الاسلام ولكن يدعى إلى الرجوع إلى مواليه والدخول في الاسلام، فان ابى ان يرجع إلى مواليه، قطعت يده في (با) السرقه ثم يقتل والمرتد إدا سرق بمنزلته(٢) .

وإذا أكل الرجل من بستان بقيمة ربع دينار أو أكثر، لم يكن عليه قطع إذا لم يحمل منه شيئا.

وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض "(٣) قال: ذلك إلى الامام، ان شاء قتل، وإن شاء صلب وإن شاء نفى، قال: النفى إلى أين؟ قال: من مصر إلى مصر غيره، فان عليا عليه السلام نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة.

باب شرب الخمر والغناء، وما يجب في ذلك من الحد والحكم اعلم ان الله تبارك(٤) وتعالى حرم الخمر بعينها، وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله كل شراب مسكر، ولعن بايعها(٥) ومشتريها وآكل ثمنها وساقيها وشاربها، ولها خمسة اسامي: العصير وهو من الكرم، والنقيع وهو من الزبيب، والبتع(٦) وهو من العسل، والمزر وهو من الحنطة، والنبيذ وهو من التمر.

____________________

(١) حكاه في المختلف هكذا: (والحر إذا اقر على نفسه عند الامام مرة واحدة بالسرقة قطع) ونسبه إلى مخالفة المشهور، واحتج له بما رواه الفضيل في الصحيح عن الصادق عليه السلام، قال: والجواب قال الشيخ: انه محمول على التقية.

(٢) قال في المختلف: المشهور وجوب القطع على المرتد والعبد الابق بعموم الاية وما رواه من الاخبار، وحكى عن الشيخ ان عليه اجماع الصحابة.

(٣) المائدة - ٣٢.

(٤) من هنا إلى قوله: (اياك ان تزوج شارب الخمر) موجود في الفقيه باختلاف يسير وتقديم وتأخير، وظاهره ان جميع ذلك من رسالة والده اليه وهو قريب من عبارة فقه الرضا عليه السلام.

(٥) في الفقيه (ولعن الخمر وغارسها وحارسها وحاملها والمحمولة اليه وبايعها الخ.

(٦) البتع (كحبر) وكذلك المزر بتقديم الزاى على الراء، وفي الفقيه (والمزر هو من الشعير)، وهو هنا نسخة وموافق للخبر، ولكن في المستدرك نقلا عن المقنع (الحنطة).

١٥٢

واعلم ان الخمر مفتاح كل شر، واعلم ان شارب الخمر كعابد وثن، فاذا شربها حبست صلاته أربعين يوما، فان تاب في الاربعين لم تقبل توبته، وإن مات فيها دخل النار، وكل ما اسكر كثيره فقليله حرام، ولا تجالس شارب الخمر، فان اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس.

ولا تأكل على مائدة يشرب عليها خمر، ولا تصل في بيت فيه خمر محصور في آنية، وقد روى فيه رخصة، ولا بأس ان تصلى في ثوب اصابه(١) خمر، لان الله حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب اصابته.

قال والدي (ره) في وصيته إلى: اعلم يا بني ان اصل الخمر من الكرم، إذا اصابته النار أو غلا من غير ان تصيبه(٢) النار فيصير اسفله اعلاه فهو خمر لا يحل شربه الا أن يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، فان نش من غير أن تصيبه النار فدعه حتى يصير خلا من ذاته، من غير أن تلقى فيه ملحا(٣) أو غيره حتى يتحول خلا، وان صب في الخل خمرلم يجز اكله حتى يعزل من ذلك الخمر في اناء ويصبر حتى يصير خلا، فاذا صار خلا اكل ذلك الخل الذي صبت فيه الخمر.

واياك أن تزوج شارب خمر، فان زوجتها فكانما قدتها إلى الزنا، ولا تصدقه إذا حدث ولا تقبل شهادته، ولا تأتمنه على امانة فليس لك على الله ضمان.

وإذا شرب الرجل حسوة من خمر جلد ثمانين جلدة، فان اخذ شارب النبيذ ولم يسكر، لم يجلد حتى يرى (انه خ) سكران، وإذا شرب الرجل مرة ضرب

____________________

(١) قاله في الفقيه، وحكاه في المختلف عن والده ايضا بعين العبارة، وأورد عليه بانه ينافى قوله قبل ذلك: (ولا تصلى في بيت فيه خمر محصور في آنية) وحكمه في الطهارة بنزح ماء البئر اجمع بانصباب الخمر فيها، وقد حكى في طهارة المختلف نجاسة الخمر وكل مسكر عن أكثر علمائنا، وذكر مستند الصدوق، ومن جملته أحاديث رواها، وطعن في سندها، وحملها على التقيه ثانيا كما فعله الشيخ رحمه الله.

(٢) في الفقيه (تمسه) هنا وفيما بعد.

(٣) في الفقيه (تلقى فيه شيئا، فاذا صار خلا من ذاته حل اكله، فان تغير بعد ذلك وصار خلا بأس)

١٥٣

ثمانين جلدة، فان عاد جلد، فان عاد(١) قتل، وشارب الخمر إذا كان عبدا جلد(٢) مرة، فان عاد جلد حتى يفعل ثماني مرات، ثم يقتل في الثامنة.

وإياك والغناء، فان الله توعد عليه النار، والصادق عليه السلام يقول: شر الاصوات الغناء وقال الله: " واجتنبوا قول الزور "(٣) وهو الغناء وقال: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا، اولئك لهم عذاب مهين "(٤) ، ولهو الحديث في التفسير هو الغناء.

باب الملاهى

اتق اللعب بالنرد(٥) ، فان الصادق عليه السلام نهى عن ذلك، ان مثل من يلعب بالنرد قمارا مثل من يأكل لحم الخنزير، ومثل من يلعب بها من غير قمار مثل الذي يضع يده في لحم الخنزير او في دمه.

واعلم ان الشطرنج قد روى فيه نهى واطلاق، ولكني رويت ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان، فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فذروه، فوجدنا الله يقول في كتابه: " فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور "(٦) وفي التفسير أن الرجس من الاوثان: الشطرنج، وقول الزور: الغناء، فالصواب والاحتياط في ذلك نهى النفس عنه، واللعب به ذنب.

ولا تلعب بالصوالج، فان الشيطان يركض معك، والملائكة تنفر عنك، وروى

____________________

(١) وزاد في الفقيه (وروى انه يقتل في الرابعة) واخذ به الشيخ في أحد قوليه، لانه ثقة يعمل بمرسله كما يعمل بمسنده.

(٢) في الفقيه: (والعبد إذا شرب مسكرا جلد أربعين) وكذلك حكاه في المختلف عن المقنع، وقال: المشهور ان حد الخمر ثمانون في الحر والعبد، وحكى عن الشيخ انه حمل مستند الصدوق على النقية لكونه مذهب بعض العامة.

(٣) الحج - ٣٠.

(٤) لقمان - ٦.

(٥) النرد (كفلس): لعبة وضعها أحد ملوك الفرس.

والشطرنج بكسر الشين: لعبة مشهورة معرب (شش رنگ بالفارسية) اى ستة الوان، وذلك لان له ستة اصناف من القطع التى يلعب بها فيه.

(٦) الحج - ٣٠.

١٥٤

ان من عثرث دابته فمات دخل النار(١) ، واجتنب الملاهي كلها، واللعب بالخواتيم والاربعة عشر وكل قمار، فان الصادقين (ع) قد نهوا عن ذلك اجمع.

باب العتق والتدبير والمكاتبة والولاء وغير ذلك

اعلم إن من اعتق مؤمنا اعتق الله بكل عضو عضوا من النار، وان كانت انثى اعتق الله بكل عضوين منها عضوا من النار، لان المرأة بنصف الرجل.

فاذا اعتقت فاكتب كتاب العتق كما كتب جعفر بن محمد عليه السلام: " هذا ما اعتق جعفر بن محمد: اعتق فلانة أو فلانا غلامه لوجه الله، لا يريد منه جزاء ولا شكورا، على ان يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويحج البيت ويصوم شهر رمضان ويتولي اولياء الله ويتبرء من اعداء الله، شهد فلان وفلان وفلان ثلاثة ".

فان اعتق رجل مملوكه عند موته وعليه دين، وقيمة العبد ستمأة درهم ودينه خمسمأة، فانه يباع العبد، فيأخذ الغرماء خمسمأة، وتأخذ الورثة مأة، فان كانت قيمة العبد ستمأة درهم ودينه أربعمأة درهم فيأخذ الغرماء(٢) أربعمأة وتأخذ الورثة مأتين، ولا يكون للعبد شئ، فان كانت قيمة العبد ستمأة درهم ودينه ثلاثمأة درهم واستوى مال الغرماء ومال الورثة، أو كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء لم يتهم الرجل على وصيته(٣) .

واجيزت على وجهها، ويوقف العبد فيكون

____________________

(١) وفى المستدرك في حديث الزيد النرسى عن أبيعد الله عليه السلام: (ما ضربك بالصوالج) وذكر مثله الا انه زاد بعد قوله: (تنفر عنك) وان اصابك شئ لم توجر.

ومثله في الفقه الرضوى بدون الزيادة وفيه اياك والضربة بالصولجان، ومثله أيضا في الفقيه إلى قوله: (تنفر عنك) وفيه الصوانج بالنون، والظاهر ان الاصل في الجميع الحديث المشار اليه، ويظهر منه انه كان نوع قمار، وكان يستعمل فيه الصوالج والدابة، وفيه ركض وتحريك، ولم اقف على كيفيته في كتب اللغة.

والصولجان بفتح الصاد واللام: العصا المعوجة الرأس، الجمع صوالجة، واما الصوالج: فهو الفضة الصافى الخالص، ولعله ايضا جمع الصولجان، وأما الصوانج بالنون فقيل: انه جمع صنج: هو شئ يتخذ من صفر يضرب أحدهما بالاخر، وآلة باوتار يضرب بها، وقال المجمع بعد ان ذكر الحديث.

قال بعض المحققين: (ولم نعثر بجمعه على صوانج في كلام أهل اللغة وانما استفدناء من الحديث وهو الصواب) والمظنون ان الصحيح هو الصوالج باللام وعليه فيرتفع هذا الاشكال من أصله.

(٢) وفي المختلف: فكذلك يباع العبد وياخذ الغرماء.

(٣) اى في وصيته بعتق العبد فان المراد يقوله فان اعتق الوصية بالعتق.

١٥٥

نصفه للغرماء وثلثه للورثة، ويكون له السدس من نفسه.

وان ترك مملوكا بين نفر، فشهد احدهم ان الميت أعتقه، فان كان هذا الشاهد مرضيا، لم يضمن وجازت شهادته في نصيبه، واستسعى العبد فيما كان لغيره من الورثة.

وإذا كانت بين الرجلين جارية، فاعتق احدهما نصيبه، فقالت الجارية للذى اعتق: لا أريد أن تقومني ذرني كما أنا اخدمك، واراد الذى لم يعتق نصفه ان يستنكحها فلا يجوز له أن يفعل ذلك لانه لايكون للمرأة فرجان(١) ، ولا ينبغي له أن يستخدمها، ولكن يقومها فيستسعيها.

ومن كان شريكا في عبد او جارية فأعتق حصته وله سعة، فليشتر حصة صاحبه وليعتقه كله، وان لم يكن له سعة في مال ينظر إلى قيمة العبد كم كانت يوم اعتق نصفه، ثم يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق كله.

واعلم ان من اعتق رجلا سايبة(٢) ، فليس عليه من جريرته شئ ولا له من ميراثه شئ، وليشهد على ذلك، ومن تولى رجلا(٣) ورضى بذلك، فجريرته عليه(٤) وميراثه له، وقال النبي صلى الله عليه وآله: " الولاء لمن اعتق ".

وإذا اشترى رجل عبدا وله اولاد من امرأة حرة فاعتقه، فان ولاء ولده لمن اعتقه.

فان قال رجل لغلامه اعتقك على أن ازوجك جاريتي، فان نكحت عليها أو اشتريت(٥) جارية فعليك مأة دينار، واعتقه على هذا، فنكح او اشترى، فعليه الشرط وإذا اعتق الرجل جاريته وشرط عليها ان تخدمه خمس سنين، فأبقت ثم مات الرجل

____________________

(١) يعنى لو كان لها فرجان حلت أحدهما للشريك، ولكن لها فرج واحد، وهو لا يتبعض.

(٢) السايبة من السيب بمعنى الاهمال والارسال: العبد الذى يعنق على ان لا ولاء له: ويأتى تفسيره في هذا الباب في حديث عن أبيعبدالله عليه السلام.

(٣) التولى: اتخاذ الولى، كالتوالى والموالاة على ما استعمل في الاخبار.

(٤) الجريرة ما يجره الانسان من ذنب وجنابة، وهى فعلية بمعنى مفعولة والمراد انه ضامن لجناياته.

(٥) وفى المختلف نقلا عن المقنع (او تسريت) وهو الموافق للفظ الحديث.

١٥٦

فوجدها ورثته، فليس لهم ان يستخدموها.

واعلم انه لا عتق الا ما اريد به وجه الله عزوجل.

وإذا كانت للرجل امة فيقول يوما: ان آتيها(١) فهي حرة، ثم يبيعها من رجل ثم يشتريها بعد ذلك، فلا بأس بأن يأتيها قد خرجت من ملكه فان قال: أول مملوك املكه فهو حر، فورث سبعة مماليك، فانه يقرع بينهم ويعتق الذى قرع.

فان زوج امته من رجل وشرط له، ان ما ولدت فهو حر فطلقها، وجها أو مات عنها فزوجها من رجل آخر، فان منزلتهم(٢) منزلة الام وهم عبيد، لانه جعل ذلك للاول وهو في الآخر بالخيار إن شاء اعتق وإن شاء امسك.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاطلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك.

فان اعتق رجل عبده وله مال، فان كان حين اعتقه علم ان له ما لا تبعه ماله، وإلا فهو له، وإن لم يعلم ان له مالا واعتقه ومات، فماله لولد سيده.

واعلم ان المملوك إذا عمى فقد عتق.

ولا بأس ببيع المدبر إذا كان على من دبره دين ورضي المملوك، وإذا اعتق الرجل غلامه أو جاريته عن دبر منه ثم يحتاج إلى ثمنه، فليس له أن يبيعه إلا أن يشترط على الذى يبيعه إياه ان يعتقه عند موته.

فاذا دبرت امرأة جارية لها، فولدت الجارية جارية نفيسة، فان كانت الجارية حبلى قبل التدبير ولم يذكر ما في بطنها، فالجارية مدبرة وما في بطنها رق، وان كان التدبير قبل الحمل ثم حدث الحمل فالولد مدبر مع امه، لان الحمل حدث بعد التدبير.

____________________

(١) وفي المختلف " يوم يأتيها خ ل آنيها " وهو الموافق للحديث.

(٢) يعنى الاولاد، وهذا الحكم وقع في خبر الحلبى قربيا من هذا اللفظ، وظاهره تبعية الاولاد للام في الرقية، وهو خلاف ما ثبت في الفقيه من الحاق الولد بالحر من الابوين، وقد حمل الشيخ قدس سره هذا الخبر وما بمعناء تارة على التقية، لان الولد عند بعضهم يتبع الام واخرى على ما إذا كان الزوج مملوكا الغير.

١٥٧

واعلم ان التدبير بمنزلة الوصية، وللرجل ان يرجع في وصيته متى شاء.

وروى ان العبد والجارية إذا اعتقا عن دبر، فلمولاها أن يكاتب العبد إن شاء وليس له أن يبيعه قدر حياته، الا ان يشاء العبد، وله أن يأخذ ماله ان كان له مال.

وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن امرأة اعتقت ثلث جاريتها عند موتها أعلى اهلها ان يكاتبوها ان شاؤا أو أبوا؟ قال: لا ولكن لها ثلثها وللوارث ثلثاها، يستخدمها بحساب ماله فيها، ويكون لها من نفسها بحساب ما اعتق منها.

وسئل عن الرجل يكون له الخادم فيقول: هي لفلان تخدمه ما عاش، فاذا مات فهي حرة، فتابق الامة قبل ان يموت الرجل بخمس سنين أوست سنين، ثم تجدها ورثته، ألهم أن يستخدموها بعد ما أبقت؟ قال: لا إذا مات الرجل فقد عنقت.

وإذا قال الرجل لعبده: " ان حدث في حدث فانت حر " وعلى الرجل تحرير رقبة في كفارة يمين أو ظهار، فلا يجوز الذى جعل له في ذلك.

ولا بأس أن يطأ السيد المدبرة.

وإن كاتب رجل عبده، واشترط عليه ان عجز فهو رد في الرق، فله شرطه ينتظر بالمكاتب ثلاثة انجم(١) ، فان هو عجز رد رقيقا، وروى إذا عجز عن مكاتبته فعلى الامام ان يؤدى عنه من سهم الرقاب.

وإذا توفيت مكاتبة، وقد قضت عامة الذى عليها، وقد ولدت ولدا في مكاتبتها فانه يعتق منه مثل الذى عتق منها ويسترق منه ما رق منها.

وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: " وآتوهم من مال الله الذى

____________________

(١) الانجم جمع نجم: وهو الوقت الذى يحل فيه اداء فانهم كانوا يعرفون اوقات السنة بالانوا، " وهى النجوم أو سقوط نجم وارتفاع آخر، وفيه تفصيل راجع المنجد ".

وهو أيضا ما يؤدى من الدين في وقت معين يقال: " جعلت مالى عليه نجوما منجمة يؤدى كل نجم منها في وقت كذا "، وقد استعمل في اخبار المسألة بالمعنى الثانى.

١٥٨

آتاكم "(١) قال الذى اضمرت ان تكاتبه عليه(٢) ، لا تقول: " اكاتبه بخمسة آلاف واترك ألفا له " ولكن انظر الذى اضمرت عليه فاعطه منه.

وروى في تفسير قول الله عزوجل: " فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا(٣) " ان علمتم لهم مالا، وروى في تفسيرها ان إذا رأيتموهم يحبون آل محمد صلى الله عليه وآله فارفعوهم درجة والمكاتب يجوز عليه جميع ما شرطت عليه، ولو ان رجلا كانت مملوكا واشترط عليه ان لا يبرح(٤) إلا باذنه حتى يؤدى مكاتبته، لما جاز له ان يبرح إلا باذنه.

وإن مات مكاتب وقد ادى بعض مكاتبته، وله ابن من جارية، وترك ما، فان ابنه يؤدى عنه ما بقى من مكاتبة ابيه، ويعتق ويرث ما بقي.

وإن كاتب رجل عبدا على نفسه وماله وله امة، وقد شرط عليه ان لا يتزوج فاعتق الامة وتزوجها، فانه لايصلح ان يحدث في ماله الا الاكل(٥) من الطعام، ونكاحه فاسد مردود، وان كان سيده علم بنكاحه وصمت ولم يقل شيئا فقد اقر، فان عتق المكاتب قد مضى على النكاح الاول.

واعلم ان الرجل لا يملك ابويه ولا ولده ولا اخته ولا ابنة اخته ولا عمته ولا خالته، ويملك ابن اخيه وعمه وخاله، ويملك اخاه من الرضاعة، ولا يملك امه من الرضاعة، وما يحرم من النسب فانه يحرم من الرضاع، ولا يملك من النساء ذات محرم

____________________

(١) النور - ٣٣.

(٢) قال في الوافى: " لعل المراد من الحديث ان معنى (مال الله الذى آتاكم) هو ما تعدونه ثمن العبد، وفي نيتكم ان لا تنقصوا منه مكاتبتكم عليه، وترون انه يقدر على ادائه، ولكم ان تأخذوا منه ذلك بسهوله، فان هذا هو الذى آتاكم الله من ماله بانعام بالعبد عليكم، دون ما تزيدون على ذلك اولا لتحطوا عنه ثانيا، اما لتمنوا عليه، او لتحسبوء من الزكاة، او الغرض آخر، وليس في نيتكم ان تأحذوا تلك الزيادة منه، بل ربما تعلمون انه لا يقدر على ادائها فان ذلك ليس مما آتيكم الله، وليس ثمن العبد في شئ فلا تمنوا بوضع ذلك على الله ولا على العبد، قال: ويدل على ما قلناه ما يأتى من الاخبار، وانما اضيف المال إلى الله حثا على الافاق منه في سبيله.

(٣) النور - ٣٣.

(٤) اى لا يزول من مكانه.

(٥) وفي الحديث الذى هو مستند هذا الحكم (الاكلة من الطعام).

١٥٩

ويملك الذكور ماخلا الوالد والولد، وقال ابوعبدالله عليه السلام في امرأة ارضعت ابن جاريتها: انها تعتقه، وروى في مملوكة أرضعتها مولاتها بلبنها انه يحل بيعها.

وإذا اجذم العبد فلا رق عليه، وإذا اقر حر انه عبد اخذ بما اقربه.

وإذا باع رجل مملوكا وله مال، فان كان علم مولاه الذى باعه ان له مالا فالمال للمشترى، وان لم يعلم البايع فالمال له.

وسئل موسى بن جعفر عليه السلام عن بيع الولاء فقال لا يحل ذلك. ومن اعتق مملوكا لا حيلة له فان عليه أن يعوله حتى يستغني، وإن كان للرجل مملوك نصراني وعليه الجزية ادى مولاه الجزية فيه.

وسئل ابوعبدالله عليه السلام عن السايبة، فقال: " هو الذى يعتق غلامه ثم يقول له: إذهب حيث شئت ليس لي في ميراثك شئ، ولا على من جريرتك شئ، ويشهد على ذلك شاهدين.

وقال محمد بن على عليه السلام في رجل اعتق بعض غلامه: انه حر كله ليس لله شريك.

وسئل أبوجعفر عليه السلام عن المكاتب يشترط عليه ان عجز فهو رد في الرق، فعجز قبل أن يؤدى شيئا، قال: لا يرده في الرق حتى يمضي له ثلاث سنين، ويعتق منه مقدار ما ادى، فاذا أدى صدرا(١) فليس له أن يرد في الرق وقضى أمير المؤمنين عليه السلام فيمن نكل بمملوكه: انه حر لا سبيل له عليه، سائبة يذهب فيتولى إلى من احب، فاذا ضمن حدثه فهو يرثه، والمرأة إذا قطعت ثدى وليدتها فهى حرة لا سبيل لمولاتها عليها.

قال أبوعبدالله عليه السلام في رجل توفى وترك جارية له اعتق ثلثها، فتزوجها الوصي قبل أن يقسم شئ من الميراث: أنها تقوم وتستسعى(٢) هى وزوجها في بقية ثمنها بعد ما تقوم، فما اصاب المرأة من رق او عتق جرى على ولدها، وقال في مملوكة بين شريكين، اعتق أحدهما نصيبه ولم يعتق الثاني: انها تخدم

____________________

(١) اى طائفة.

(٢) حمله الشيخ على ما إذا لم يملك غيرها

١٦٠