أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم

أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم20%

أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 182

أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم
  • البداية
  • السابق
  • 182 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73403 / تحميل: 9093
الحجم الحجم الحجم
أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم

أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ببيان فضائل أهل البيت والتعريف بهم ، والتصريح بأسمائهم على وجه يظهر من الجميع اتّفاقهم على نزول الآية في حقّ العترة الطاهرة ، وسيوافيك نزر من شعرهم في مختتم البحث

كلّ ذلك يعرب عن أنّ الرأي العام بين المسلمين في تفسير أهل البيت هو القول الأوّل ، وأنّ القول بأنّ المقصود منهم زوجاته كان قولاً شاذاً متروكاً يُنقل ولا يُعتنى به ، ولم ينحرف عن ذلك الطريق المهيع إلاّ بعض من اتّخذ لنفسه تجاه أهل البيت موقفاً يشبه موقف أهل العداء والنصب .

قام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتعريف أهل البيت بطرق ثلاثة نشير إليها :

١ - صرّح بأسماء من نزلت الآية في حقّهم حتى يتعيّن المنزول فيه باسمه ورسمه .

٢ - قد أدخل جميع من نزلت الآية في حقّهم تحت الكساء ، ومنع من دخول غيرهم ، وأشار بيده إلى السماء وقال :( اللّهمّ إنّ لكلّ نبيٍّ أهل بيت وهؤلاء أهل بيتي ) كما سيوافيك نصّه .

٣ - كان يمرّ ببيت فاطمة عدّة شهور ، كلّما خرج إلى الصلاة فيقول : الصلاة أهل البيت :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً   ) .

وبهذه الطرق الثلاثة حدّد أفراد أهل البيت ، وعيّن مصاديقهم على وجه يكون جامعاً لهم ومانعاً عن غيرهم ونحن ننقل ما ورد حول الطرق الثلاثة في التفسيرين : الطبري والدر المنثور للسيوطي ، ثمّ نأتي بما ورد في الصحاح الستّة حسب ما جمعه ابن الأثير الجزري في كتابه ( جامع الأصول) وأخيراً نشير إلى

٢١

الجوامع التي جمعت فيها أحاديث الفريقين حول نزول الآية في حقّ الخمسة الطيّبة ، ونترك الباقي إلى القارئ الكريم ؛ فإنّ البحثَ قرآنيٌّ لا حديثي ، والاستيعاب في الموضوع يحوجنا إلى تأليف مفرد.

الطائفة الأولى: التصريح بأسمائهم

١ - روى الطبري : عن أبي سعيد الخدري ، قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( نزلت هذه الآية في خمسة : فيَّ، وفي عليّرضي‌الله‌عنه ، وحسنرضي‌الله‌عنه ، وحسينرضي‌الله‌عنه ، وفاطمة (رضي‌الله‌عنها ) :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً   ) ).

٢ - عن أبي سعيد ، عن أُم سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ هذه الآية نزلت في بيتها( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: أنا يا رسول اللّه ألست من أهل البيت ؟ قال :( إنّك إلى خير ، أنت من أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، قالت : وفي البيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ وفاطمة والحسن والحسينرضي‌الله‌عنهم .

وفي ( الدر المنثور ) ما يلي :

٣ - روى السيوطي عن ابن مردويه ، عن أُمّ سلمة ، قالت : نزلت هذه الآية في بيتي :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) وفي البيت سبعة : جبريل ، وميكائيلعليهما‌السلام ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسينرضي‌الله‌عنهم ؛ وأنا على باب البيت ، قلت : يا رسول اللّه ألستُ من أهل البيت ؟ قال :( إنّك إلى خير ، إنّك من أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) .

٤ - وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي سعيد الخدري -

٢٢

رضي‌الله‌عنه - ، قال : قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( نزلت هذه الآية في خمسة : فيَّ ، وفي عليّ ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

الطائفة الثانية : إدخالهم تحت الكساء

إدخالهم تحت الكساء أو ( مرط أو ثوب) أو ( عباءة أو قطيفة) : فقد وردت حوله هذه الروايات :

٥ - أخرج الطبري قال : قالت عائشة : خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مِرطٍ مُرَجَّلِ من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله معه ، ثمّ جاء عليّ فأدخله معها ، ثمّ قال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

٦ - أخرج الطبري قال : عن أُمّ سلمة قالت : كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي وعليّ وفاطمة والحسن والحسين فجعلت لهم خزيرة فأكلوا وناموا وغطّى عليهم عباءة أو قطيفة ثمّ قال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً )

٧ - أخرج الطبري : عن أبي عمّار قال : إنّي لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليّاًرضي‌الله‌عنه فشتموه ، فلمّا قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا ، إنّي عند رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاءه عليّ وفاطمة وحسن وحسين فألقى عليهم كساء له ، ثمّ قال :اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، اللّهمّ اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .

٨ - أخرج الطبري : عن أبي عمّار قال : سمعت واثلة بن الأسقع يحدّث قال : سألت عن عليّ بن أبي طالب في منزله ، فقالت فاطمة : قد ذهب يأتي برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاء ، فدخل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخلت ، فجلس رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الفراش

٢٣

وأجلس فاطمة عن يمينه وعليّاً عن يساره وحسناً وحسيناً بين يديه ، فلفع عليهم بثوبه ، وقال :( ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) اللّهمّ هؤلاء أهلي ، اللّهمّ أهلي ) .

٩ - أخرج الطبري : عن أبي سعيد الخدري عن أُمّ سلمة قالت : لمّا نزلت هذه الآية :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، دعا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسينا ، فجلّل عليهم كساءً خيبرياً ، فقال :(اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، اللّهمّ اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) ، قالت : أُمّ سلمة ، قلت : ألست منهم ؟ قال :( أنتِ إلى خير ) .

١٠ - أخرج الطبري : عن أبي هريرة ، عن أُم سلمة : قالت : جاءت فاطمة إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلها على طبق ، فوضعته بين يديه فقال :( أين ابن عمّك وابناك؟ ) ، فقالت :( في البيت ) ، فقال :( ادعيهم) ، فجاءت إلى عليّ فقالت :( أجب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنت وابناك ) ، قالت أُمّ سلمة : فلما رآهم مقبلين مدَّ يده إلى كساء كان على المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه ، ثمّ أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمّه فوق رؤوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربِّه ، فقال :( هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) .

١١ - أخرج الطبري : عن عمر بن أبي سلمة ، قال : نزلت هذه الآية على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أُمّ سلمة :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه ، ودعا علياً فأجلسه خلفه ، فتجلّل هو وهم بالكساء ، ثمّ قال :( هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) ، قالت أُم سلمة : أنا معهم ، قال :( مكانك ، وأنت على خير ) .

٢٤

١٢ - أخرج الطبري : قال عامر بن سعد ، قال : قال سعد : قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمة ، وأدخلهم تحت ثوبه ثم قال :( ربّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي) .

١٣ - أخرج الطبري : عن حكيم بن سعد قال : ذكرنا عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه عند أُم سلمة ، قالت : فيه نزلت :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، قالت أُم سلمة : جاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيتي فقال :لا تأذني لأحد فجاءت فاطمة فلم استطع أن أحجبها عن أبيها ، ثمّ جاء الحسن فلم استطع أن أمنعه أن يدخل على جدّه وأُمّه ، وجاء الحسين فلم استطع أن أحجبه ، فاجتمعوا حول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بساط فجلّلهم نبيّ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكساءٍ كان عليه ثّم قال :( هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) ، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط قالت ، فقلت : يا رسول اللّه : وأنا؟ قال :( إنّك إلى خير ) .

١٤ - روى السيوطي : وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أُم سلمةرضي‌الله‌عنهما زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري ، فجاءت فاطمةرضي‌الله‌عنها ببرمة فيها خزيرة ، فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( ادعي زوجك وابنيك حسناً وحسين) ، فدعتهم ، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) فأخذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفضلة أزاره فغشاهم إياها ، ثمّ أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء ثمّ قال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ) ، قالها ثلاث مرّات ، قالت أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - : فأدخلت رأسي في الستر ، فقلت : يا رسول اللّه وأنا

٢٥

معكم ؟ فقال :( إنّك إلى خير ) مرّتين

١٥ - روى السيوطي : وأخرج الطبراني عن أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة -رضي‌الله‌عنها - :( ائتني بزوجِكِ وابنيه ) ، فجاءت بهم ، فألقى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهم كساءً فدكياً ثمّ وضع يده عليهم ، ثمّ قال :اللّهمّ إنّ هؤلاء أهل محمّد وفي لفظ :آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد كما جعلتها على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد) قالت أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - : فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال :( إنّك على خير ) .

١٦ - روى السيوطي : وأخرج الطبراني عن أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - قالت : جاءت فاطمة -رضي‌الله‌عنها - إلى أبيها بثريدة لها ، تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه ، فقال لها :( أين ابن عمك ؟) قالت :( هو في البيت) قال :( اذهبي فادعيه وابنيك) ، فجاءت تقود ابنيها كلّ واحد منهما في يد وعليّ -رضي‌الله‌عنه - يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجلسهما في حجره ، وجلس عليّ -رضي‌الله‌عنه - عن يمينه ، وجلست فاطمة -رضي‌الله‌عنها - عن يساره ، قالت أُمّ سلمة -رضي‌الله‌عنها - : فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت(١)

١٧ - روى السيوطي : وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري -رضي‌الله‌عنه - قال : كان يوم أُمّ سلمة أُم المؤمنين -رضي‌الله‌عنها - فنزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، قال : فدعا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحسن وحسين وفاطمة وعلي فضمهم إليه ونشر عليهم الثوب ، والحجاب على أُم سلمة مضروب ، ثم قال :

____________________

١ - وإجمال الحديث وإبهامه يرتفع بالرجوع إلى سائر ما روي عن أُم سلمة في ذلك المضمار .

٢٦

( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) ، قالت أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - : فأنا معهم يا نبيّ اللّه ؟ قال : ( أنت على مكانك ، وأنّك على خير ) .

١٨ - روى السيوطي : وأخرج الترمذي وصحّحه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه والبيهقي في سننه ، من طرق ، عن أُمّ سلمة -رضي‌الله‌عنها - قالت : في بيتي نزلت :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين فجلّلهم رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكساء كان عليه ثمّ قال :( هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) .

١٩ - روى السيوطي : وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم عن عائشة -رضي‌الله‌عنها - قالت : خرج رسول اللّه ص غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن والحسين -رضي‌الله‌عنهما - فأدخلها معه ، ثمّ جاء علي فأدخله معه ، ثمّ قال :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

٢٠ - روى السيوطي : وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه ، عن سعد قال : نزل على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحي ، فأدخل علياً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثمّ قال :( اللّهمّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي) .

٢١ - روى السيوطي : وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه ، عن واثلة ابن الأسقع -رضي‌الله‌عنه - قال : جاء رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى فاطمة ومعه حسن وحسين وعليّ ، حتى دخل فأدنى علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسنا

٢٧

وحسيناً كل واحد منهما على فخذه ، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم ، ثمّ تلا هذه الآية :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

الطائفة الثالثة : تعيينهم بتلاوة الآية على بابهم

٢٢ - أخرج الطبري : عن أنس ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرّ ببيت فاطمة ستّة أشهر كلّما خرج إلى الصلاة ، فيقول :الصلاة أهل البيت : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ) .

٢٣ - أخرج الطبري : أخبرني أبو داود ، عن أبي الحمراء ، قال : رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب عليّ وفاطمة فقال :الصلاة ، الصلاة : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

٢٤ - أخرج الطبري : عن يونس بن أبي إسحاق بإسناده ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله .

٢٥ - روى السيوطي : أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسّنه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، عن أنس -رضي‌الله‌عنه - أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرّ بباب فاطمة -رضي‌الله‌عنها - إذا خرج إلى صلاة الفجر ويقول :( الصلاة يا أهل البيت :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ).

٢٦ - روى السيوطي : أخرج ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري -رضي‌الله‌عنه - قال : لمّا دخل عليّرضي‌الله‌عنه بفاطمةرضي‌الله‌عنها جاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعين

٢٨

صباحاً إلى بابها يقول : ( السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ، الصلاة رحمكم اللّه :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) أنا حرب لمن حاربتم ، أنا سلم لمن سالمتم) .

٢٧ - روى السيوطي : أخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن أبي الحمراءرضي‌الله‌عنه قال : حفظت من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمانية أشهر بالمدينة ليس من مرّة يخرج إلى صلاة الغداة إلاّ أتى إلى باب عليّرضي‌الله‌عنه فوضع يده على جنبّتي الباب ، ثمّ قال :( الصلاة الصلاة : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) )

٢٨ - روى السيوطي : وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عبّاس -رضي‌الله‌عنهما - قال : شهدنا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسعة أشهر يأتي كل يوم باب عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه عند وقت كلّ صلاة ، فيقول :( السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أهل البيت : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، الصلاة رحمكم اللّه ) كلّ يوم خمس مرّات

٢٩ - روى السيوطي : وأخرج الطبراني عن أبي الحمراءرضي‌الله‌عنه ، قال : رأيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأتي باب علي وفاطمة ستّة أشهر فيقول :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) (١)

جولة حول ما رواه العلمان

قد تعرّفت على أكثر ما رواه الطبري والسيوطي في تفسيرهما ، وتركنا بعض ما

____________________

١ - لاحظ للوقوف على مصادر هذه الروايات تفسير الطبري : ٢٢ / ٥ - ٧ ، والدر المنثور : ٥ / ١٩٨ - ١٩٩

٢٩

نقلاه في ذلك المجال عن أعلام التابعين ، وما رويناه ينتهي إسناده إلى أقطاب الحديث من الصحابة وعيون الأثر ، وهم :

١ - أبو سعيد الخدري .

٢ - أنس بن مالك .

٣ - ابن عبّاس .

٤ - أبو هريرة الدوسي .

٥ - سعد بن أبي وقاص .

٦ - واثلة بن الأسقع .

٧ - أبو الحمراء ، أعني : هلال بن الحارث .

٨ - أُمّهات المؤمنين : عائشة وأُم سلمة .

أيصحّ بعد هذا لمناقش أن يشكّ في صحّة نزولها في حقّ العترة الطاهرة؟! وليس الطبري والسيوطي فريدين في نقل تلك المأثورة ، بل سبقهما أصحاب الصحاح والمسانيد فنقلوا نزول الآية في حقّهم صريحاً أو كناية ، ولا بأس بنقل ما جاء في خصوص الصحاح حتى يعضد بعضه بعضاً فنقول :

٣٠ - أخرج الترمذي : عن سعد بن أبي وقاص -رضي‌الله‌عنه - ، قال : لمّا نزلت هذه الآية :(  فَقُلْ تَعالَوا نَدعُ أبناءَنا وأبناءَكُمْ ونساءَنا ونساءَكُمْ   ) (١) الآية ، دعا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال :( اللّهمّ هؤلاء أهلي )

____________________

١ - آل عمران : ٦١ .

٣٠

٣١ - أخرج الترمذي : عن أُم سلمةرضي‌الله‌عنها : قالت إنّ هذه الآية نزلت في بيتي :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، قالت : وأنا جالسة عند الباب فقلت : يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟ فقال :( إنّك إلى خير ، أنتِ من أزواج رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، قالت : وفي البيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ وفاطمة وحسن وحسين ، فجلّلهم بكسائه وقال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً )

وفي رواية أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة ثمّ قال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامَّتي اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) قالت أُم سلمة : وأنا معهم يا رسول اللّه ؟ قال :( إنّكِ إلى خير ) .

٣٢ - أخرج الترمذي : عن عمر بن أبي سلمة قال : نزلت هذه الآية على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) في بيت أُم سلمة ، فدعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وحسناً وحسينا ، فجلّلهم بكساء ، وعليٌّ خلف ظهره ، ثم قال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) قالت أُم سلمة : وأنا معهم يا نبي اللّه؟ قال :( أنت على مكانك وأنت على خير ) .

٣٣ - أخرج الترمذي : عن أنس بن مالك : أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرُّ بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية قريباً من ستة أشهر يقول :الصلاة أهل البيت ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

٣٤ - أخرج مسلم : عن عائشة قالت : خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليه مِرط مُرَحَّل أسود ، فجاءه الحسن فأدخله ، ثمّ جاءه الحسين فأدخله ، ثمّ جاءت فاطمة

٣١

فأدخلها ، ثمّ جاء علي فأدخله ، ثمّ قال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ   ) الآية .

٣٥ - أخرج مسلم : عن زيد بن أرقم : قال يزيد بن حيان : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، رأيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه ، وغزوت معه ، وصلّيت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيرا ، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : يا ابن أخي ، واللّه لقد كبُرت سنّي ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما حدّثتكم فاقبلوا ، ومالافلا تكلّفونيه ، ثمّ قال : قام رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى : خمّاً بين مكّة والمدينة ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثمّ قال :

( أمّا بعد : ألا أيّها الناس ، إنّما أنا بشر ، يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما : كتاب اللّه فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب اللّه ، واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب اللّه ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكنّ أهل بيته من حُرٍم الصدقة بعده قال: ومن هم؟ قال : آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عبّاس قال : كلّ هؤلاء حرم الصدقة؟ قال : نعم ، زاد في رواية : ( كتاب اللّه فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضلّ ) .

وفي أُخرى نحوه : غير أنّه قال :( وإنّي تارك فيكم ثقلين أحدهما : كتاب اللّه ، وهو حبل اللّه فمن اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة ، وفيها ، فقلنا : مَن أهل بيته ، نساؤه ؟ قال : لا وايم اللّه ؛ إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من

٣٢

الدهر ، ثمّ يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته : أصله وعصبته الذين حُرِموا الصدقة بعده(١)

هذا ما رواه أصحاب الصحاح حول نزول الآية في حقّ العترة الطاهرة ، وتركنا ما رواه الإمام أحمد في مسنده ؛ روماً للاختصار ، وفي هذا غنى وكفاية لمن رام الحقّ واتبعه وعرف الباطل فاجتنبه ، ومن أراد التوس فعليه الرجوع إلى المصادر التالية :

١ - العمدة للمحدّث الحافظ يحيى بن سعيد ، المتوفّى عام ٦٠٠ هـ الطبعة الحديثة .(٢)

٢ - بحار الأنوار : ٣٥ / ٢٠٦ - ٢٢٦ .

٣ - غاية المرام : ٢٨٧و ٢٩٤ ، فقد أورد فيه واحداً وأربعين حديثاً من كتب أهل السنّة ، وأربعاً وثلاثين من كتب الشيعة .

٤ - تفسير البرهان : ٣ / ٣٠٩ - ٣٢٥ ، فقد أورد فيه خمساً وستين حديثاً .

٥ - نور الثقلين : ٤ / ٢٧٠ - ٢٧٧ ، أورد فيه خمسة وعشرين حديثاً .

٦ - إحقاق الحقّ : ٢ / ٥٠٢ - ٥٤٤ ، فقد نقل نزول الآية في حقّ العترة الطاهرة عن كتب أهل السنّة حديثاً وتفسيراً ، ثمّ استدرك ما فاته في الجزء التاسع والرابع عشر .

____________________

١ - راجع للوقوف على هذه المأثورات جامع الأصول لابن الأثير : ١٠ / ١٠٠ - ١٠٣ ، وصحيح مسلم : ٧ / ١٢٢ - ١٢٣ .

٢ - حُقّق تحقيقاً أنيقاً ونشر من قبل مؤسّسة الإمام الصادقعليه‌السلام في عام ١٤١٢ هـ .

٣٣

٧ - آية التطهير في حديث الفريقين فقد استقصى في جزء خاص الأحاديث الواردة حول الموضوع من طريق الفريقين شكر اللّه مساعي الجميع .

وبعد هذا ، حان حين البحث عن دلائل القول الآخر : وهو نزول الآية في نسائه .

نزولها في نسائه عليه الصلاة والسلام

قد تعرّفت على دلائل القول وقرائنه ومؤيّداته وأحاديثه المتواترة التي أطبق على نقلها تسع وأربعون(١) صحابياً وصحابية من أُمّهات المؤمنين ، وقد تلقّته الأمّة بالقبول في القرون الماضية ، وأمّا القول الثاني ، أعني نزولها في نسائه وزوجاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد نسب إلى أشخاص نقل عنهم ، منهم :

١ - ابن عبّاس .

٢ - عكرمة .

٣ - عروة بن الزبير .

٤ - مقاتل بن سليمان .

أمّا الأوّل : فقد نقل عنه تارّة ، عن طريق سعيد بن جُبير ، وأُخرى عن طريق عكرمة ، قال السيوطي في الدر المنثور : وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عبّاس عن قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ   ) ، قال : نزلت في نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أيضاً : أخرج ابن مردويه عن طريق سعيد بن جُبير ، عن ابن عبّاس

____________________

١ سيوافيك مصدره .

٣٤

قال : نزلت في نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا الثاني : أعني عكرمة ، فقد نقله عنه الطبري ، عن طريق ( علقمة) وانّ عكرمة كان ينادي في السوق :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ   ) نزلت في نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ونقل في الدر المنثور : أخرج ابن جرير وابن مردويه ، عن عكرمة في قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ ) إنّه قال ليس بالذي تذهبون إليه إنّما هو نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا الثالث : أعني : عروة بن الزبير ، فقال السيوطي : وأخرج ابن سعد عن عروة بن الزبير أنّه قال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ   ) قال : أزواج النبيّ نزلت في بيت عائشة .

وأمّا الرابع : فقد نقل عنه في أسباب النزول .(١)

تحليل هذه النقول :

أمّا نقله عن ابن عبّاس فليس بثابت ، بل نقل عنه خلاف ذلك ، فقد نقل السيوطي في ( الدر المنثور ) قال : وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عبّاس قال : شهدنا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسعة أشهر يأتي كلّ يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كلّ صلاة فيقول :( السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أهل البيت : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ) .

وليس ابن مردويه فريداً في هذا النقل ، فقد نقله عنه الحاكم الحسكاني في

____________________

١ تفسير الطبري : ٢٢ / ٧ و ٨؛ والدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي : ٥ / ١٩٨؛ وأسباب النزول للواحدي : ٢٠٤ .

٢ شواهد التنزيل : ٢ / ٣٠ .

٣٥

شواهد التنزيل(٢) بسند ينتهي إلى أبي صالح ، عن ابن عبّاس :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) نزلت في رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين والرجس : الشك .

كما نقله الحافظ الحسين بن الحكم الحبري في ( تنزيل الآيات) عن أبي صالح بمثل ما سبق(١)

وممّن رواه عن ابن عبّاس صاحب أرجح المطالب ( ص ٥٤ ) طبع لاهور ، والعلاّمة إسماعيل النقشبندي ( في مناقب العترة) .

أضف إلى ذلك أنّ من البعيد أنّ يخفى على ابن عبّاس حبر الأمّة ما اطّلع عليه عيون الصحابة وأُمّهات المؤمنين ، وقد أنهى بعض الفضلاء السادة(٢) عدد رواة الحديث من الصحابة إلى تسعة وأربعين صحابياً وجمعها من مصادر الفريقين في الفضائل والمناقب

عكرمة من الخوارج لا قيمة لقوله

وأمّا عكرمة : فقد ثبت تقوّله بذلك كما عرفت ، لكنّ في نفس كلامه دليلاً واضحاً على أنّ الرأي العام يوم ذاك في شأن نزول الأمّة هو نزولها في حقّ فاطمة ، وإنّما تفرّد هو بذلك ، ولأجله رفع عقيرته في السوق بقوله : ليس بالذي تذهبون إليه وإنّما هو نساء النبيّ أضف إلى ذلك : أنّ تخصيص هذه الآية بالنداء في السوق ، وإنّها نزلت في نساء النبيّ ، يعرب عن موقفه الخاص بالنسبة إلى من اشتهر نزول الآية في حقهم ،

____________________

١ - تنزيل الآيات : ٢٤ ( مخطوط) منه نسخة في جامعة طهران لاحظ إحقاق الحقّ : ١٤ / ٥٣ .

٢ - آية التطهير في حديث الفريقين .

٣٦

وإلاّ فالمتعارف بين الناس أنّ الجهر بالحقيقة بشكل معقول لا بهذه الصورة المعربة عن الانحراف عنهم .

هذا كلّه حول ما نقل عنه ، وأمّا تحليل شخصيته وموقفه من الأمانة والوثاقة ، وانحرافه عن عليّ وانحيازه إلى الخوارج وطمعه الشديد بما في أيدي الأمراء فحدّث عنه ولا حرج ، ولأجل إيقاف القارئ على قليل مما ذكره أئمّة الجرح والتعديل في حقه ، نأتي ببعض ما ذكره الإمام شمس الدين الذهبي نقّاد الفن في كتابيه : ( تذكرة الحفّاظ) ، و ( سٍير أعلام النبلاء) ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب الجرح والتعديل .

نقل الإمام شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفّى ٧٤٨هـ في ( سٍير أعلام النبلاء) هذه الكلمات في حقّ عكرمة :

١ - قال أيوب : ( قال عكرمة : إنّي لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلّم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم ...) ما معنى هذه الكلمة؟ وهل يقولها إنسان يملك شيئاً من العقل والوقار ؟!

٢ - قال ابن لهيعة: وكان يحدّث برأي نجدة الحروري(١) وأتاه ، فأقام عنده ستّة أشهر ، ثمّ أتى ابن عبّاس فسلّم ، فقال ابن عبّاس : قد جاء الخبيث .

٣ - قال سعيد بن أبي مريم ، عن أبي لهيعة ، عن أبي الأسود ، قال : كنت أوّل من سبّب لعكرمة الخروج إلى المغرب وذلك أنّي قدمت من مصر إلى المدينة فلقيني عكرمة وسألني عن أهل المغرب ، فأخبرته بغفلتهم ، قال : فخرج إليهم وكان أوّل ما أحدث فيهم رأي الصفريّة(٢)

____________________

١ - هو نجدة بن عامر الحروري الحنفي من بني حنيفة رأس الفرقة النجدية ، انفرد عن سائر الخوارج بآرائه .

٢ - هم فرقة من الخوارج أتباع زياد بن الأصفر .

٣٧

٤ - قال يحيى بن بكير : قدم عكرمة مصر ونزل هذه الدار وخرج إلى المغرب ، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا .

٥ - قال علي بن المديني : كان عكرمة يرى رأي نجدة الحروري .

٦ - وقال أحمد بن زهير : سمعت يحيى بن معين يقول : إنّما لم يذكر مالك عكرمة - يعني في الموطأ - قال : لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفريّة .

٧ - وروى عمر بن قيس المكّي ، عن عطاء ، قال : كان عكرمة إباضياً(١)

٨ - وعن أبي مريم ، قال : كان عكرمة بيهسياً(٢)

٩ - وقال إبراهيم الجوزجاني : سألت أحمد بن حنبل عن عكرمة ، أكان يرى رأي الإباضية ؟ فقال : يقال : إنّه كان صفرياً ، قلت : أتى البربر ؟ قال : نعم ، وأتى خراسان يطوف على الأُمراء يأخذ منهم .

١٠ - وقال علي بن المديني : حكى عن يعقوب الحضرمي عن جده ، قال : وقف عكرمة على باب المسجد فقال : ما فيه إلاّ كافر قال : وكان يرى رأي الإباضية(٣)

وقال في ( ميزان الاعتدال)(٤) : وقد وثقه جماعة ، واعتمده البخاري ، وأمّا مسلم فتجنّبه ، وروى له قليلاً مقروناً بغيره ، وأعرض عنه مالك ، وتحايده إلاّ في حديث أو حديثين .

عفّان ، حدثنا وهيب قال : شهدت يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأيوب ، فذكرا عكرمة ، فقال يحيى : كذّاب ، وقال أيوب : لم يكن بكذّاب .

____________________

١ - هم أتباع عبد اللّه بن أباض ، رأس الإباضية .

٢ - فرقة من الصفرية أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر الضبغي رأس الفرقة البيهسية من الخوارج .

٣ - لاحظ : سير أعلام النبلاء للذهبي : ٥ / ١٨ - ٢٢ .

٤ - ميزان الاعتدال : ٣ / ٩٣ - ٩٧ .

٣٨

عن عبد اللّه بن الحارث : دخلت على علي بن عبد اللّه بن عبّاس فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش ، فقلت : ألاّ تتقي اللّه؟ قال : إنّ هذا الخبيث يكذب على أبي .

سئل محمّد بن سيرين عن عكرمة؟ فقال : ما يسؤني أن يكون من أهل الجنّة ولكنّه كذّاب

هشام بن عبد اللّه المخزومي : سمعت ابن أبي ذئب يقول : رأيت عكرمة وكان غير ثقة .

وعن بريد بن هارون قال : قدم عكرمة البصرة ، فأتاه أيوب ويونس وسليمان التيمي ، فسمع صوت غناء ، فقال : اسكتوا ، ثمّ قال : قاتله اللّه لقد أجاد وعن خالد بن أبي عمران ، قال : كنّا بالمغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم فقال : وددتّ أنّ بيدي حربة فاعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً .

وعن يعقوب الحضرمي عن جده ، قال : وقف عكرمة على باب المسجد ، فقال : ما فيه إلاّ كافر قال : ويرى رأي الإباضية ، أنّ عكرمة لم يدع موضعاً إلاّ خرج إليه : خراسان والشام واليمن ومصر وإفريقيا ، كان يأتي الأمراء فيطلب جوائزهم .

وقال عبد العزيز الدراوردي : مات عكرمة وكثير عزّة في يوم واحد ، فما شهدهما إلاّ سودان المدينة .

وعن ابن المسيب أنّه قال لمولاه ( برد) : لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس .

أفبعد هذه الكلمات المتضافرة الحاكية عن انحراف الرجل عن جادة الحقّ ،

٣٩

وتكفيره عامّة المسلمين ، وتمنّيه أن يقتل كلّ من شهد الموسم ، يصحّ الاعتماد عليه في تفسير الذكر الحكيم؟! والأسف أنّ المفسّرين نقلوا أقواله وأرسلوها ولم يلتفتوا إلى أنّ الرجل كذّاب على مولاه وعلى المسلمين ، فواجب على عشاق الكتاب العزيز وطلاّب التفسير ، تهذيب الكتب عن أقوال وآراء ذلك الدجّال ومن يحذو حذوه .

عروة بن الزبير :

وأمّا عروة بن الزبير فيكفي في عدم حجيّة قوله ، عداؤه لعلي وانحرافه عنه ، ففي هذاالصدد يقول ابن أبي الحديد : روى جرير بن عبد الحميد ، عن محمّد بن شيبة ، قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكّران عليّاًعليه‌السلام فنالا منه ، فبلغ ذلك عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، فجاء حتى وقف عليهما ، فقال :أما أنت يا عروة فإنّ أبي حاكم أباك إلى اللّه فحكم لأبي على أبيك ، وأمّا أنت يا زهري فلو كنت بمكّة لأريتك كير أبيك .

وقد روي من طرق كثيرة : أنّ عروة بن الزبير كان يقول : لم يكن أحد من أصحاب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزهو إلاّ عليّ بن أبي طالب ، وأُسامة بن زيد .

وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة ، قال : كان أبي إذا ذكر عليّاً نال منه ، وقال لي مرّة : يا بني واللّه ما أحجم الناس عنه إلاّ طلباً للدنيا ، لقد بعث إليه أُسامة بن زيد أن أبعث إلي بعطائي فواللّه إنّك لَتعلم أنّك لو كنت في فم أسد لدخلت معك فكتب إليه :إنّ هذا المال لمن جاهد عليه ، ولكن لي مالاً بالمدينة ، فأصب منه ما شئت .

٤٠

قال يحيى : فكنت أعجب من وصفه إياه بما وصفه به ، ومن عيبه له وانحرافه عنه(١)

مقاتل بن سليمان :

وهو رابع النقلة لنزول الآية في نسائهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويكفي في عدم حجّية قوله ما نقله الذهبي في حقّه في (سير أعلام النبلاء) قال : قال ابن عيينة : قلت لمقاتل : زعموا أنّك لم تسمع من الضحاك؟ قال : يغلق علي وعليه باب فقلت في نفسي : أجل باب المدينة .

وقيل : إنّه قال : سلوني عمّا دون العرش ، فقالوا : أين أمعاء النملة؟ فسكت ، وسألوه لما حجّ آدم من حلق رأسه؟ فقال : لا أدري قال وكيع : كان كذّاباً .

وعن أبي حنيفة قال : أتانا من المشرق رأيان خبيثان : جهم معطّل(٢) ومقاتل مشبّه ، مات مقاتل سنة نيف وخمسين ومئة ، وقال البخاري : مقاتل لا شيء البتة قلت : أجمعوا على تركه(٣)

تجد اتّفاق المتكلّمين من الأشاعرة والمعتزلة ومن قبلهم على أنّ القول بالتشبيه إنّما تسرّب إلى الأوساط الإسلامية من مقاتل ، فهو الزعيم الركن بالقول

____________________

١ - شرح النهج لابن أبي الحديد : ٤ / ١٠٢؛ وراجع سير أعلام النبلاء : ٤ / ٤٢١ - ٤٣٧ ما يدلّ على كونه من بغاة الدنيا وطالبيها ، وقد بنى قصراً في العقيق وأنشد شعراً في مدحه ، وكان مقرّباً لدى الأمويين خصوصاً عبد الملك بن مروان .

٢ - التعطيل : هو أن لا تثبت للّه الصفات التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتشبيه : أن يُشبَه اللّه سبحانه وتعالى بأحد من خلقه .

٣ - سير أعلام النبلاء : ٧ / ٢٠٢ .

٤١

بأنّ له سبحانه أعضاء مثل ما للإنسان من اليد والرجل والوجه وغير ذلك ، قاتل اللّه مقاتل ، كيف يفتري على اللّه سبحانه كذباً ويُفسر آياته بغير وجههاً ؟!

وقال الذهبي أيضاً في ( ميزان الاعتدال)(١) ، ما هذا تلخيصه : قال النسائي : كان مقاتل يكذب

وعن يحيى : حديثه ليس بشيء وقال الجوزجاني : كان دجّالاً جسوراً

وقال ابن حٍبّان : كان يأخذ من اليهود والنصارى من علم القرآن الذي يوافق كتبهم ، وكان يشبّه الربّ بالمخلوقات ، وكان يكذب في الحديث

وعن خارجة بن مصعب : لم استحلّ دمّ يهودي ، ولو وجدت مقاتل بن سليمان خلوة لشققت بطنه

وقال ابن أبي حاتم : حديثه يدل على أنّه ليس بصدوق

مشكلة السياق:

قد تعرفت على ما هو المراد من أهل البيت في الآية الشريفة من خلال الإمعان فيها وفي ظلّ الروايات الواردة في كلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير أنّهناك مشكلة باسم مشكلة السياق ، وهي أنّالآية وردت في ثنايا الآيات المربوطة بنساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على وجه يكون قبلها وبعدها راجعاً إليهنّ ومع ذلك كيف يمكن أن تكون هذه الآية راجعة إلى أهل البيت بالمعنى الذي عرفت؟

وبعبارة أُخرى : إنّ آية التطهير جزء من الآية الثالثة الثلاثين ، التي يرجع صدرها وذيلها إلى نساء النبيّ ، فعندئذٍ كيف يصحّ القول بأنّها راجعة إلى

____________________

١ - ميزان الاعتدال : ٤ / ١٧٢ - ١٧٥ .

٤٢

غيرهنّ ، فإنّ وحدة السياق قاضية على أنّ الكل راجع إلى موضوع واحد ، وإرجاعها إلى غير نسائه يستلزم التفكيك بين أجزاء آية واحدة ، نعم لو كانت آية التطهير آية مستقلة لكان الأمر سهلاً إذ كان الإشكال أضعف ، ولكنّها جزء من آية واحدة نزلت في نساء النبيّ

والجواب : لا شك أنّ السياق من الأمور التي يستدل بها على كشف المراد ويجعل صدر الكلام ووسطه وذيله قرينة على المراد ، ووسيلة لتعيين ما أُريد منه ، ولكنّه حجة إذا لم يقم دليل أقوى على خلافه ، فلو قام ترفع اليد عن وحدة السياق وقرينيّته .

وبعبارة أُخرى : إنّ الاعتماد على السياق إنّما يتمّ لو لم يكن هناك نصّ على خلافه ، وقد عرفت النصوص الدالة على خلافه .

أضف إليه أنّ هناك دلائل قاطعة على أنّ آية التطهير آية مستقلة نزلت كذلك ووقعت في ثنايا الآية المربوطة بأزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ لمصلحةٍ كان صاحب الشريعة أعرف بها(١) وإليك الدلائل الدالة على استقلالها :

الدليل الا َُوّل :

أطبقت الروايات المنتهية إلى الأصحاب وأُمّهات المؤمنين والتابعين لهم بإحسان على نزولها مستقلة ، سواء أقلنا بنزولها في حق العترة الطاهرة أو زوجات النبيّ أو أصحابه ، فالكلّ - مع قطع النظر عن الاختلاف في المنزول فيه - اتّفقوا

____________________

١ - نقل السيوطي عن ابن الحصّار : إنّ ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنّما كان بالوحي كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ضعوا آية كذا في موضع كذا لاحظ الإتقان : ١ / ١٩٤ ، الفصل الثامن عشر في جمع القرآن وترتيبه من طبعة مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم .

٤٣

على نزولها مستقلّة ، وقد مضت النصوص عن الطبري و ( الدر المنثور ) والصحاح ترى أنّ أُمَّ سلمة تقول : نزلت في بيتي :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

ويروي أبو سعيد الخدري ، عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( نزلت هذه الآية في خمسة : فيَّ وفي عليّ وفاطمة وحسن وحسين : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ) .

وروت عائشة : خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله معه ، ثمّ جاء الحسين فأدخله معه ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها معه ، ثمّ جاء علي فأدخله معه ، ثمّ قال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) إلى غير ذلك من النصوص .

حتى أنّ ظاهر كلام عكرمة وعروة بن الزبير نزولها مستقلة بقول السيوطي : كان عكرمة ينادي في السوق :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) نزلت في نساء النبيّ .

وأخرج ابن سعد عن عروة بن الزبير أنّه قال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ   ) قال : أزواج النبيّ ، نزلت في بيت عائشة(١)

فالموافق والمخالف اتّفقا على كونها آية مستقلة إمّا نزلت في بيت أُمّ سلمة أو بيت عائشة ، وإمّا في حق العترة أو نسائه .

وعلى ذلك تسهل مخالفة السياق ، والقول بنزولها في حقّ العترة الطاهرة ، وأنّ الصدر والذيل راجعان إلى نسائهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ما ورد في ثناياها ، فهو راجع إلى غيرهنّ .

____________________

١ - لاحظ : ٣٨٩ - ٤٠٢ ، من هذا الجزء .

٤٤

ولا غرو في أن يكون الصدر والذيل راجعين إلى موضوع وما ورد في الأثناء راجعاً إلى غيره فإنّ ذلك من فنون البلاغة وأساليبها ، نرى نظيره في الذكر الحكيم وكلام البلغاء ، وعليه ديدن العرب في محاوراتهم ، فربّما يرد في موضوع قبل أن يفرغ من الموضوع الذي كان يبحث عنه ثمّ يرجع إليه ثانياً .

يقول الطبرسي : من عادة الفصحاء في كلامهم أنّهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه ، والقرآن من ذلك مملوء ، وكذلك كلام العرب وأشعارهم(١)

قال الشيخ محمّد عبده : إنّ من عادة القرآن أن ينتقل بالإنسان من شأن إلى شأن ، ثمّ يعود إلى مباحث المقصد الواحد المرّة بعد المرّة(٢)

وروي عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام : ( إنّ الآية من القرآن يكون أوّلها في شيء وآخرها في شيء )(٣)

ولأجل أن يقف القارئ على صحّة ما قاله هؤلاء الأكابر نأتي بشاهد ، فنقول : قال سبحانه ناقلاً عن ( العزيز) مخاطباً زوجته :( إِنّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِين ) (٤) نرى أنّ العزيز يخاطب أوّلاً امرأته بقوله :( إِنّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ) ، وقبل أن يفرغ من كلامه معها ، يخاطب يوسف بقوله :( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) ثمّ يرجع إلى الموضوع الأوّل ويخاطب زوجته بقوله :( وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ) ، فقوله :( يُوسُفُ

____________________

١ - مجمع البيان : ٤ / ٣٥٧ .

٢ - تفسير المنار : ٢ / ٤٥١ .

٣ - الكاشف : ٦ / ٢١٧ .

٤ - يوسف : ٢٨ - ٢٩ .

٤٥

أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) جملة معترضة وقعت بين الخطابين ، والمسوّغ لوقوعها بينهما كون المخاطب الثاني أحد المتخاصمين ، وكانت له صلة تامّة بالواقعة التي رفعت إلى العزيز .

والضابطة الكليّة لهذا النوع من الكلام هو وجود التناسب المقتضي للعدول من الأوّل إلى الثاني ، ثمّ منه إلى الأوّل ، وهي أيضاً موجودة في المقام ، فإنّه سبحانه يخاطب نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخطابات التالية :

١ -(  يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ   ) .

٢ -(  يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) .

٣ -( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) .

فعند ذلك صحّ أن ينتقل إلى الكلام عن أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً وذلك لوجهين :

١ - تعريفهنّ على جماعة بلغوا في التورّع والتقى ، الذروة العليا ، وفي الطهارة عن الرذائل والمساوئ ، القمّة وبذلك استحقّوا أن يكونوا أُسوة في الحياة وقدوة في مجال العمل ، فيلزم عليهن أن يقتدين بهم ويستضيئنّ بضوئهم .

٢ - التنبيه على أنّ حياتهنّ مقرونة بحياة أُمّة طاهرة من الرجس ومطهّرة من الدنس ، ولهنّ معهم لُحمة القرابة ووصلة الحسب ، واللازم عليهن التحفّظ على شئون هذه القرابة بالابتعاد عن المعاصي والمساؤئ، والتحلّي بما يرضيه سبحانه ولأجل ذلك يقول سبحانه :(  يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء   ) ، وما هذا إلاّ لقرابتهن منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصلتهن بأهل بيته وهي لا تنفكّ عن المسئولية الخاصة ، فالانتساب للنبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولبيته الرفيع ، سبب المسئولية ومنشؤها ، وفي ضوء

٤٦

هذين الوجهين صحّ أن يُطرح طهارة أهل البيت في أثناء المحاورة مع نساء النبيّ والكلام حول شئونهنّ .

ولقد قام محقّقو الإمامية ببيان مناسبة العدول في الآية ، نأتي ببعض تحقيقاتهم ، قال السيد القاضي التُستري : ( لا يبعد أن يكون اختلاف آية التطهير مع ما قبلها على طريق الالتفات من الأزواج إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام على معنى أنّ تأديب الأزواج وترغيبهن إلى الصلاح والسداد ، من توابع إذهاب الرجس والدنس عن أهل البيتعليهم‌السلام ، فالحاصل نظم الآية على هذا : أنّ اللّه تعالى رغب أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى العفة والصلاح بأنّه إنّما أراد في الأزل أن يجعلكم معصومين يا أهل البيت واللائق أن يكون المنسوب إلى المعصوم عفيفاً صالحاً كما قال :( والطّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ ) (١) (٢)

وقال العلاّمة المظفر : وإنّما جعل سبحانه هذه الآية في أثناء ذكر الأزواج وخطابهن للتنبيه على أنّه سبحانه أمرهنّ ونهاهنّ وأدّبهنّ إكراماً لأهل البيت وتنزيهاً لهم عن أن تنالهم بسببهنّ وصمة ، وصوناً لهم عن أن يلحقهم من أجلهنّ عيب ، ورفعاً لهم عن أن يتّصل بهم أهل المعاصي ، ولذا استهل سبحانه الآيات بقوله :(  يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء   ) ضرورة أنّ هذا التميّز إنّما هو للاتصال بالنبيّ وآله لا لذواتهنّ ؛ فهنّ في محلٍّ وأهل البيت في محلّ آخر ، فليست الآية الكريمة إلاّ كقول القائل : يا زوجة فلان لست كأزواج سائر الناس فتعفّفي ، وتستّري ، وأطيعي اللّه تعالى ، إنّما زوجك من بيت أطهار يريد اللّه حفظهم من الأدناس وصونهم عن النقائص(٣)

____________________

١ - النور : ٢٦ .

٢ - إحقاق الحق : ٢ / ٥٧٠ .

٣ - دلائل الصدق : ٢ / ٧٢ .

٤٧

الدليل الثاني :

إنّ لسان الآيات الواردة حول نساء النبيّ لسان الإنذار والتهديد ، ولسان الآية المربوطة بأهل بيته لسان المدح والثناء ، فجعل الآيتين آية واحدة وإرجاع الجميع إليهن ممّا لا يقبله الذوق السليم ، فأين قوله سبحانه :(  يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ   ) من قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ؟!

كما أنّ لسان القرآن في أزواج النبيّ ، لسان المدح والإنذار ويكفيك الإمعان في آيات سورة التحريم فلاحظ .

الدليل الثالث

إنّ قوله سبحانه :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ   ) في المصاحف جزء من الآية الثالثة والثلاثين فلو رفعناه منها لم يتطرّق أيّ خلل في نظم الآية ومضمونها وتحصّل من ضم الآية الرابعة والثلاثين إلى ما بقيت ، آية تامّة واضحة المضمون ، مبينة المرمى منسجمة الفاصلة ، مع فواصل الآيات المتقدّمة عليها ، وإليك تفصيل الآية في ضمن مقاطع :

ألف -(  وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ   ) .

ب -( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) (١)

____________________

١ - الأحزاب : ٣٣ .

٤٨

ج -(  وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً   ) (١)

فلو رفعنا قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ) وضممنا ما تقدّم عليه بما تأخّر ، جاءت الآية تامّة من دون حدوث خلل في المعنى والنظم ، وهذا دليل على أنّ قوله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ) آية مستقلة وردت في ضمن الآية لمصلحة ربّما نشير إليها .

إنّ الأحاديث على كثرتها صريحة في نزول الآية وحدها ، ولم يرد حتى في رواية واحدة نزولها في ضمن آيات نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا ذكره أحد حتى القائل باختصاص الآية بأزواج النبيّ كما ينسب إلى عكرمة وعروة ، فالآية لم تكن حسب النزول جزءاً من آيات نساء النبيّ ولا متّصلة بها ، وإنّما وضعت إمّا بأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو عند التأليف بعد الرحلة.

ويؤيّده أنّ آية(  وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ   ) باقية على انسجامها واتّصالها لو قدّر ارتفاع آية التطهير من بين جملها(٢)

وليس هذا أمراً بدعاً فله نظير في القرآن الكريم .

فقد تضافرت السنّة ، وروى الفريقان أنّ قول--ه سبحان--ه :( الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً ) (٣) نزلت في غدير خُمّ عندما نصّب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً إماماً للأمّة وولياً للمؤمنين ، مع أنّه في المصاحف جزء الآية الثالثة من ( سورة المائدة) التي تبيّن أحكام اللّحوم ، وإليك نفس الآية في مقاطع

____________________

١ - الأحزاب : ٣٤ .

٢ - الميزان : ١٦ / ٣٣٠.

٣ - سورة المائدة : ٣ .

٤٩

ثلاثة :

ألف -( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ الْسَّبُعُ إلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) (١)

ب - (  الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً   ) .

ج -( فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِف لإثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .(٢)

فإذا رفعنا الجزء الثاني يحصل من ضم الأوّل إلى الثالث آية تامّة من دون طروء خلل في مضمونها ونظمها ، وذلك دليل على أنّ الجزء الثاني آية مستقلة وردت في ضمن آية أُخرى بتصويب صاحب الشريعة الغرّاء أو بتصويب من جامعي القرآن بعد رحلتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

أضف إلى ذلك أنّ مضمون الآية - أعني : أحكام اللحوم - قد ورد في آيات أُخر من دون أن تشتمل على هذه الزيادة ، فهذه قرينة على أنّ ما ورد في الأثناء ليس من صميم الآية في سورة المائدة ، وإنّما وضع في أثنائها بأمر من النبيّ الأكرم لمصلحة عامة نشير إليها .

ما هو السرّ في جعلها جزءاً من آية أُخرى ؟

قد اتّضح ممّا ذكرنا أنّ القرآن الكريم إنّما انتقل إلى موضوع أهل البيت

____________________

١ - سورة المائدة : ٣ .

٢ - سورة المائدة : ٣ .

٥٠

وخطابهم لأجل إعلام نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّهن في جوار هؤلاء المطهّرين فيجب عليهنّ القيام بأداء حقوق هؤلاء العظماء ، الذين ميّزهم اللّه تعالى عن غيرهم من هذه الأمّة بالتطهير والعصمة والاقتداء بهم في القول والسلوك

ولكن يبقى هنا سؤال آخر ، وهو أنّه إذا كانت الآية آيةً مستقلة فلماذا جاءت في المصحف جزءاً من آية أُخرى ، ولم تكتب بصورة آية تامّة في جنب الآيات الأخرى ؟

الجواب : التاريخ يطلعنا بصفحات طويلة على موقف قريش وغيرهم من أهل البيتعليهم‌السلام ، فإنّ مرجل الحسد ما زال يغلي والاتجاهات السلبية ضدّهم كانت كالشمس في رابعة النهار ، فاقتضت الحكمة الإلهية أن تجعل الآية في ثنايا الآيات المتعلّقة بنساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أجل تخفيف الحساسية ضدّ أهل البيت ، وإن كانت الحقيقة لا تخفى على من نظر إليها بعين صحيحة ، وأنّ الآية تهدف إلى جماعة أُخرى غير نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما بيّناه قبل قليل .

وللسيد عبد الحسين شرف الدين هنا كلام ربّما يفصّل ما أجملناه فإنّه - قدّس اللّه سرّه - بعد ما أثبت أنّ قوله سبحانه :(  إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ   ) (١) منزّل في حقّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام طرح سؤالاً ، وهو أنّه إذا كان أمير المؤمنينعليه‌السلام هو المراد من الآية ، فلماذا عبّر عن المفرد بلفظ الجمع؟

فقال : إنّ العرب قد تعبّر عن المفرد بلفظ الجمع لنكتة التعظيم حيث يستوجب ، ثمّ قال : وعندي في ذلك نكتة ألطف وأدق ، وهي أنّه إنّما أُتي بعبارة الجمع دون عبارة المفرد بُقياً منه تعالى على كثير من الناس ، فإنّ شانئي عليّ وأعداء

____________________

١ - المائدة: ٥٥.

٥١

بني هاشم وسائر المنافقين وأهل الحسد والتنافس لا يطيقون أن يسمعوها بصيغة المفرد إذ لا يبقى لهم حينئذٍ مطمع في التمويه ولا ملتمس في التضليل ، فيكون منهم بسبب يأسهم حينئذٍ ما تخشى عواقبه على الإسلام فجاءت الآية بصيغة الجمع مع كونها للمفرد اتّقاء من معرّتهم ، ثمّ كانت النصوص بعدها تترى بعبارات مختلفة ومقامات متعدّدة وبثّ فيهم أمر الولاية تدريجاً حتى أكمل اللّه الدين وأتمَّ النعمة جرياً منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عادة الحكماء في تبليغ الناس ما يشقّ عليهم ، ولو كانت الآية بالعبارة المختصّة بالمفرد لجعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكباراً ، وهذه الحكمة مطّردة في كلّ ما جاء في القرآن الحكيم من آيات فضل أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين كما لا يخفى ، وقد أوضحنا هذه الجمل وأقمنا عليها الشواهد القاطعة والبراهين الساطعة في كتابينا ( سبيل المؤمنين) و ( تنزيل الآيات) والحمد للّه على الهداية والتوفيق والسلام(١)

____________________

١ - المراجعات :المراجعة: ٤٢ ص ١٦٦ .

٥٢

نظريات أُخرى في تفسير أهل البيت :

قد عرفت القولين المعروفين حول الآية ، كما عرفت الحقّ الواضح منهما ، فهلُمَّ معي ندرس سائر الأقوال الشاذّة التي لا تعتمد على ركن وثيق ، وإنّما هي آراء مُختلَقة لأجل الفرار من المشاكل المتوجّهة إلى ثاني القولين ، ونحن نذكرها واحداً بعد آخر على نحو الإيجاز :

١- المراد من (البيت ) هو : بيت اللّه الحرام ، والمراد من أهله هم المقيمون حوله .

٢- المراد من (البيت ) هو : مسجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمراد من أهله هم القاطنون حوله ، وكان لبيوتهم باب إلى المسجد .

٣- المراد ممّن تحرم عليهم الصدقة وهم : ولد أبي طالب ؛ علي [و] جعفر وعقيل ، وولد العبّاس .

٤- المراد من البيت : بيت النَسَب والحسب ، فيعمّ أبناء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونساءه(١) وهذه الوجوه كلّها عليلة ؛أمّا الأوّل والثاني : فلأنّ إطلاق (أهل البيت ) واستعماله في أهل مكّة والمدينة استعمال بعيد لا يحمل عليه الكلام إلاّ بقرينة قطعية ، والمتبادر منه هو : أهل بيت الرجل وعلى ذلك جرى الذكر الحكيم في موردين ، أحدهما : في قصّة إبراهيم ، قال سبحانه :(  قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ   ) (٢) وثانيهما في قصّة موسى ، قال سبحانه :(  هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ   ) (٣) .

أضف إليه أنّ الآية واقعة في سياق البحث عن نساء النبيّ ، فصرْف الآية عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإرجاعها إلى من جاور بيت اللّه أو من بات حول مسجده لا يساعد عليه

____________________

١ - لاحظ في الوقوف على هذه الأقوال : تفسير الطبري : ٢٢ / ٥ - ٧ وتفسير القرطبي : ١٤ / ١٨٢ ومفاتيح الغيب للرازي : ٦ / ٦١٥ والكشّاف : ٢ / ٥٣٨ وغيرها

٢ - هود : ٧٣

٣ - القصص : ١٢

٥٣

ظاهر الآيات أبداً .

ويتلوهما الثالث : فإنّ تفسير (أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ب- ( مَن تحرم عليه الصدقة من صلب أبي طالب والعبّاس ) تفسير بلا شاهد ، وكأنّه حمل البيت على البيت النَسَبي أضف إليه أنّ الصدقة غير محرّمة على خصوص أبنائهما ، بل هي محرّمة على أبنائهما وكلّ من كان من نَسل عبد المطلب قال الشيخ الطوسي في الخلاف : تحرم الصدقة المفروضة على بني هاشم من ولد أبي طالب العقيليّين والجعافرة والعلويين ، وولد العبّاس بن عبد المطّلب ، وولد أبي لهب ، وولد الحارث بن عبد المطلب ، ولا عقب لهاشم إلاّ من هؤلاء ، ولا يحرم على ولد المطّلب ، ونوفل ، وعبد شمس بن عبد مناف ، قال الشافعي : تحرم الصدقة المفروضة على هؤلاء كلّهم وهم جميع ولد عبد مناف(١) .

وقال بمثله أيضاً في كتاب قسمة الصدقات : ٢ / ٣٥٣ ، المسألة ٢٦ .

وعلى ذلك فليس لهذه النظرية دليل سوى ما رواه مسلم عن زيد بن أرقم ، وقد قدّمنا نصّه عند ذكر الأحاديث الواردة حول الآية(٢)

وأمّا النظرية الرابعة : فقد ذهب إليها بعضهم ؛ جمعاً بين الأحاديث المتضافرة الحاكية عن نزول الآية في العترة الطاهرة ، وسياق الآيات الدالة على رجوعها إلى نسائه فحاول القائل الجمع بين الدليلين بتفسير الآية بأولاده وأزواجه ، وجعل عليّاً أيضاً منهم بسبب معاشرته وملازمته للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال الرازي : والأولى أن يقال هم : أولاده وأزواجه والحسن والحسين منهم وعليّ معهم ، لأنّه كان من أهل بيته بسبب معاشرته بيت النبيّ وملازمته(٣)

وقال البيضاوي : والتخصيص بهم لا يناسب ما قبل الآية

____________________

١ - الخلاف : ٢ / ٢٢٧ ، المسألة ٤ كتاب الوقوف والصدقات .

٢ - لاحظ : ص ٣٩٨ ، الحديث ٣٥ .

٣ - مفاتيح الغيب : ٦ / ٦١٥ .

٥٤

وما بعدها ، والحديث يقتضي أنّهم من أهل البيت لا أنّ غيرهم ليس منهم(١)

وقال المراغي : أهل بيته من كان ملازماً له من الرجال والنساء والأزواج والإماء والأقارب(٢)

وهذه النظرية موهونة أيضاً :

أوّلاً : أنّ اللام في (أهل البيت) ليس للجنس ولا للاستغراق ، بل هي لام العهد ، وهي تشير إلى بيت معهود بين المتكلّم والمخاطَب ، وهو بيت واحد ، ولو صحّ ذلك القول لَوجب أن يقول : (أهل البيوت) حتى يعمّ الأزواج والأولاد وكلّ من يتعلّق بالنبيّ نسباً أو حسباً أو لعلاقة السكنيّة مثل الإماء .

والحاصل : انّه لو أُريد ( بيت النبيّ ) المادي الجسماني لا يصحّ ، إذ لم يكن له بيت واحد ، بل كان لكلّ واحدة من نسائه بيت مشخّص ، فكان النبيّ صاحب البيوت لا البيت الواحد .

ولو أُريد منه بيت النَسَب ، كما يقال : بيت من بيوتات (حِمْيَر ) أو (ربيعة ) ، فلازمه التعميم إلى كلّ من ينتمي إلى هذا البيت بنَسَب أو سبب ، مع أنّه كان بعض المنتمين إليه يوم نزول الآية من عبدة الوثن وأعداء النبيّ ؛ فإنّ سورة الأحزاب نزلت سنة ست من الهجرة ، وقد ورد فيها زواج النبيّ من زينب بنت جحش ، وهو حسب ما ذكره صاحب (تاريخ الخميس) من حوادث سنة الخمس ، وعلى ذلك فلا تتجاوز الآيات النازلة في نساء النبيّ عن هذا الحدّ وكان عند ذاك ، بعض من ينتمي إلى النبيّ بالنَسَب مشركاً ، كأبي سفيان بن عبد المطّلب ابن عمّ رسول اللّه ، وعبد اللّه بن أُمّية بن المغيرة ابن عمّته ، وقد أسلما في عام الفتح ، وأنشد الأوّل قوله في إسلامه واعتذر إلى النبيّ ممّا كان مضى منه ، فقال :

____________________

١ - أنوار التنزيل : ٤ / ١٦٢ .

٢ - تفسير المراغي : ٢٢ / ٧ .

٥٥

لَعَمْرُكَ إنَّي يَوْم أَحْمِلُ رَايةً

لِتَغْلِبَ خيلُ الَّلات خَيْلَ محمّد

لكَالُمدْلِجِ الحَيْرَانِ أظْلَمَ لَيْلُه

فهذا أَوَانُ حِينَ أَهْدي وَأهْتَدي(١)

ولو أُريد منه (بيت الوحي) فلازمه الاختصاص بمن بلغ من الورع والتقوى ذروتهما ، حتى يصحّ عدّه من أهل ذلك البيت الرفيع المعنون ، ومثله لا يعمّ كلّ من ينتمي بالوشائج النسبية أو الحَسَبية إلى هذا البيت ، وإن كان في جانب الإيمان والعمل في درجة نازلة تلحقه بالعاديين من المسلمين .

ثانياً : قد عرفت أنّ الإرادة الواردة في الآية تكوينية تعرب عن تعلّق إرادته الحكيمة على عصمة أهل ذلك البيت ، ومعه كيف يمكن القول بأنّ المراد كلّ من ينتمي إلى ذلك البيت بوشائج النسب والحَسَب ؟!

ثالثاً : إنّ النظرية في جانب مخالف للأحاديث المتضافرة الدالّة على نزول الآية في حقّ العترة الطاهرة ، وقد قام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتفسيرها بوجوه مختلفة أوعزنا إليها عند البحث عن القول الأوّل ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المبين الأوّل لمفاد كتابه الذي أرسل معه قال سبحانه :(  وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ   ) (٢)

فليست وظيفة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القراءة والتلاوة بل التبيين والتوضيح من وظائفه التي تنصّ الآية عليها .

هذا هو موجز القول في تفسير الآية ولا بأس بإكمال البحث بنقل بعض ما أنتجته قريحة الشعراء الإسلاميين حول أهل البيت وفضائلهم ، على وجه يعرب عن أنّ المتبادر من ذلك اللفظ في القرون الإسلامية لم يكن إلاّ العترة الطاهرة ، أعني : فاطمة وأباها وبعلها وابنيها سلام اللّه عليهم أجمعين ، وإليك نزراً يسيراً في هذا المجال .

____________________

١ - السيرة النبوية : ٢ / ٤٠١ .

٢ - النحل : ٤٤ .

٥٦

خاتمة المطاف : أهل البيت في الأدب العربي

ما حقَّقناه حول الآية كان أمراً واضحاً لا لبس فيه عند المسلمين في الصدر الأوّل فقد فهموا في الآية الكريمة وبفضل الروايات مَن هم أهل البيت من دون تردّد أو تريّث ، وصاغوا ما فهموه في قوالب شعرية رائعة ، نقتطف منها هذه الشذرات .

قالعمرو بن العاص في قصيدته الجلجلية المعروفة يمدح بها الإمام عليّ ابن أبي طالب ، وفيها هذا البيت في حقّ العترة الطاهرة :

فوال مواليه يا ذا الجلال

وعاد معادي أخ المرسل

ولا تنقضوا العهد من عترتي

فقاطعهم بي لم يوصل(١)

وقال الكميت بن زيد الأسدي في قصيدة له :

____________________

١ - الغدير : ٢ / ١١٥ .

٥٧

ألم تَرَنِي من حُبِّ آلِ محمّد

أروحُ وأَغدُو خَائِفاً أتَرقّبُ

فَإن هِيَ لَم تَصلُح لِحَي سِوَاهُمُ

فَإِن ذَوِي القُربَى أحَقُّ وأوجب

يَقُولُونَ لَم يُورَث وَلَولا تُرَاثُه

لَقَد شَرِكَت فِيهِ بَكِيل وأرحَبُ(١)

قال العبدي الكوفي (المتوفّى ١٢٠ هـ):

ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغي والجهل

ركبت على اسم اللّه في سفن النجا

وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل

وأمسكت حبل اللّه وهو ولاؤهم

كما قد أمرنا بالتمسّك بالحبل(٢)

قال الإمام الشافعي :

يا أهل بيت رسول اللّه حبّكم

فرضٌ من اللّه في القرآن أنزله

____________________

١ - الغدير : ٢ / ١٩١ .

٢ - الغدير : ٢ / ٢٩٠ - ٣٢٦ .

٥٨

كفاكم من عظيم القدر أنّكم

من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له(١)

وذكرابن الصبّاغ المالكي في (الفصول) لقائل :

هم العروة الوثقى لمعتصم بها

مناقبهم جاءت بوحي وإنزالِ

مناقب في شورى وسورة هل أتى

وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي

وهم آل بيت المصطفى فودادهم

على الناس مفروض بحكم وإسجال(٢)

وذكرالشبلنجي في (نور الأبصار ) عنأبي الحسن بن جبير :

أحبُّ النبيّ المصطفى وابنَ عمّه

علياً وسبطيه وفاطمة الزهرا

هم أهل بيت أذهب الرجس عنهم

وأطلعهم أفق الهدى أنجماً زُهرا

موالاتهم فرض على كلّ مسلم

وحبهم أسنى الذخائر لِلأُخرى

____________________

١ - الغدير : ٢ / ٣٠٣ .

٢ - الغدير : ٢ / ٣١٠ - ٣١١ ، نقلاً عن الفصول : ١٣ .

٥٩

وما أنا للصحب الكرام بمبغض

فإنّي أرى البغضاء في حقّهم كفراً(١)

وقال العبدي :

يا سادتي يا بني علي

يا (آل طه) و (آل صاد)

من ذا يوازيكم وأنتم

خلائف اللّه في البلاد

أنتم نجوم الهدى اللواتي

يهدي بها اللّه كلّ هاد

لولا هداكم إذاً ضللنا

والتبس الغي بالرشاد

لازلت في حبّكم أوالي

عُمري وفي بغضكم أعادي

وما تزوّدت غير حبّي

إياكم وهو خير زاد

وذاك ذخري الذي عليه

في عرصة الحشر اعتمادي

____________________

١ - الغدير : ٢ / ٣١١ ، نقلاً عن نور الأبصار : ١٣ .

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182