أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم

أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم20%

أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 182

أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم
  • البداية
  • السابق
  • 182 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73384 / تحميل: 9093
الحجم الحجم الحجم
أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم

أهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أهل البيتعليهم‌السلام

سماتُهم وحقوقُهم في القرآن الكريم

تأليف

سماحة العلاّمة المحقّق

الشيخ جعفر السبحاني

نشر مؤسّسة الإمام الصادقعليه‌السلام

١

فهرست نويسى پيش از انتشار توسط : مؤسسة تعليماتى وتحقيقاتى إمام صادقعليه‌السلام

السبحاني التبريزي ، جعفر ، ١٣٤٧ هـ ق -

أهل البيتعليهم‌السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم / تأليف جعفر السبحاني ، قم : مؤسّسة الإمام الصادقعليه‌السلام ، ١٤٢٥ ق = ١٣٨٣ .

١٨٣ ص .

كتابنامه به صورت زيرنويس.

چاپ دوم

١ - خاندان نبوت ٢ - خاندان نبوت - جنبه هاى قرآنى الف - مؤسّسة الإمام الصادقعليه‌السلام .

ب - عنوان .

٩ الف ٢س / ٣٦Bp ٩٥/٢٩٧

____________________

اسم الكتاب : أهل البيتعليهم‌السلام سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم

المؤلّف : العلاّمة المحقّق جعفر السبحاني

الطبعة : الثانية

المطبعة : مؤسّسة الإمام الصادقعليه‌السلام - قم

التاريخ : ١٤٢٥ هـ ق

الكمية : ١٠٠٠ نسخة

الناشر : مؤسّسة الإمام الصادقعليه‌السلام

الصفّ والإخراج باللاينوترون : مؤسّسة الإمام الصادقعليه‌السلام

____________________

توزيع : مكتبة التوحيد

قم - ساحة الشهداء ، تلفون : ٧٧٤٤٥٧ و ٠٩١٢١٥١٩٢٧١

٢٩٢٢٣٣١ ٢٥١ ٠٠٩٨ : FAX

E-mail:pub@imamsadeq.org

http://www.imamsadeq.org

٢

أهل البيت

سماتهم وحقوقهم

٣

بسم الله الرّحمن الرّحيم

قال الله تعالى :

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)

 (الأحزاب : ٣٣ )

٤

المقدّمة

الحمد للّه بارئ النّسم ، وسابغ النّعم ، والصلاة والسلام على أفضل خليقته ،وأشرف بريّته ، أبي القاسم محمّد ، وعلى آله الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .

أمّا بعد ...

لقدحاز أهل البيتعليهم‌السلام على أهمية بالغة في القرآن الكريم ،وأشار إليهم في غير واحد من آياته ببيان سماتهم ، وحقوقهم ، وما يمتّ إليهم بصلة ، لا سيّما آية التطهير المعروفة بين المسلمين ، أعني : قوله سبحانه :( إِنّما يُريدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجسَ أَهْلَ البَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيراً ) .

ولأجل أهمّية الموضوع ألّف غيرُ واحد من علماء الفريقين كتباً ورسائل حوله ، أفاضوا فيها الكلام حوّل هويّة أهل البيت ومناقبهم وفضائلهم .

وقد استرعى انتباهي في الفترة الأخيرة كتابان حول أهل البيت : أحدهم : (حقوق أهل البيت عليهم‌السلام ) لابن تيمية (المتوفّى عام ٧٢٨هـ) ، والآخر : ( الشيعة وأهل البيت) للكاتب المعاصر إحسان إلهي ظهير ، حيث بذلا الوسع لبيان نزول الآية في نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و الكتاب الثاني أشدّ بخساً في هذا المجال وقد أنصف الكتاب الأوّل بعض الإنصاف .

هذا وذاك ممّا دعاني إلى تقديم هذا الكتاب الماثل بين يديك الذي يبيّن هوية أهل البيت من خلال القرائن الموجودة في الآية والروايات المتضافرة ، مضافاً إلى بيان سماتهم وحقوقهم ؛ عسى أن يجبر بعض ما هُضم من حقوقهم في ذينك الكتابين ، خصوصاً الكتاب الأخير .

وأودّ أن أشير في الختام إلى نكتة ، وهي : أنّ آية التطهير لحنها لحن الثناء والتمجيد على أهل البيتعليهم‌السلام في حين أنّ لحن الآيات الواردة في نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النصح والوعظ تارّة ، والتنديد والتوبيخ أُخرى .

٥

أمّا الأوّل فكما في الآيات الواردة في سورة الأحزاب .

يقول سبحانه :( يا أَيُّها النَّبيُّ قُل لأزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحياةَ الدُّنيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَميلاً ) .(١)

( يا نِساءَ النَّبيّ مَنْ يَأتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشة مُبيّنةٍ يُضاعَفْ لَها العَذابُ ضِعْفَينِ وَكانَ ذلِكَ عَلى اللّهِ يَسيراً ) .(٢)

( يا نِساءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأحَدٍ منَ النِّساءِ إِن اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيََطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَولاً مَعْرُوفاً ) .(٣)

( وَقَرَنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِليّةِ الأولى وَأَقمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وأَطِعْنَ اللّهَ ورَسُولَهُ ) .(٤)

وأمّا الثاني أي التنديد و التوبيخ ففي الآيات الواردة في سورة التحريم :

( يا أيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرضاةَ أَزْواجِكَ واللّهُ غَفُورٌ رَحيم ) .(٥)

( إِن تَتُوبا إِلى اللّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَولاهُ وجِبْرِيلُ وصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ والمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيراً ) .(٦)

( عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقْكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً ) .(٧)

فأُمّهات المؤمنين كسائر الصحابيات لهنّ من الفضل ما لغيرهنّ ، ولكنّ آية التطهير بلغت من الثناء على أهل البيت بمكان تأبى من الانطباق عليهنّ ؛ بما عرفت لهنّ من السمات في الآيات وستوافيك دلالة الآية على عصمة أهل البيت وتنزيههم من الزلل والخط .

____________________

١ - الأحزاب : ٢٨ .

٢ - الأحزاب : ٣٠ .

٣ - الأحزاب : ٣٢ .

٤ - الأحزاب : ٣٣ .

٥ - التحريم : ١

٦ - التحريم : ٤

٧ - التحريم : ٥

٦

أهل البيتعليهم‌السلام سماتهم و حقوقهم

لقد وردت لفظة (أهل البيت) مرّتين في القرآن الكريم .

قال سبحانه حاكياً عن لسان الرسل :( قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أمرِ اللّهِ رَحمةُ اللّهِ وبَركاتُهُ عَلَيْكُمْ أهلَ البَيْتِ إنّهُ حَمِيدٌ مَجِيد ) .(١)

وقال تعالى : ( وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَّ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأولى وأقِمْنَ الصلاةَ وآتِينَ الزكاةَ واطِعْنَّ اللّهَ ورَسُولَهُ إنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ) (٢)

فالآية الأُولى تخاطب أهل بيت خليل اللّه عند ما جاءتهم الرسل فبشّروا امرأته بإسحاق ومن وراء إسحاق بيعقوب .

ولمّا كانت هذه البشارة على خلاف السنن الكونية حيث كان الخليل شيخاً وزوجته طاعنة في السنّ ، فلذلك تعجّبت وقالت مخاطبةً الرسل :(  يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ   ) (٣) ، فوافاها الجواب من

____________________

١ - هود : ٧٣ .

٢ - الأحزاب : ٣٣ .

٣ - هود : ٧٢ .

٧

جانب الرسل الذين كانوا ملائكة وتمثّلوا بصورة الإنسان ، قائلين :( قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ   ) .

وأمّا الآية الثانية فقد وردت في ثنايا الآيات التي نزلت في شأن نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدعوتهنّإلى التخلّي عن الدنيا والتحلّي بالتقوى إلى غير ذلك من الوصايا التي وردت ضمن آيات(١)

والمهم في هذا المقام هو معرفة أهل البيت في الآية الثانية وما هي سماتهم وحقوقهم في الذكر الحكيم؟

فهناك مباحث ثلاثة :

مَن هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

و ماهي سماتهم؟

وماهي حقوقهم؟

وها نحن نقوم بدراسة هذه المواضيع في فصول ثلاثة ، مستمدّين من اللّه العون والتوفيق .

____________________

١ - انظر سورة الأحزاب ، الآيات : ٢٨ - ٣٤ .

٨

الفصل الأوَّل: مَن هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

إنّ المعروف بين المفسّرين والمحدّثين ، هو أنّ المراد من أهل البيت في الآية المباركة : العترة الطاهرة ، الذين عرّفهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الثقلين ، وقال :( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي) .

غير أنّ تحقيق مفاد الآية وتبيين المراد من أهل البيت فيها وانطباقها على حديث الثقلين يستدعي البحث في موردين :

أ - أهل البيت لغة وعرفاً .

ب - أهل البيت في الآية المباركة .

وإليك الكلام فيهما واحداً تلو الآخر .

* * *

٩

أ - أهل البيت لغة وعرفاً :

هذا اللفظ مركّب من كلمتين ولكلٍّ مفهوم ، ويمكن تحديد مفهوم (الأهل) من موارد استعماله ، فيقال :

١ - أهل الأمر والنهي ٢ - أهل الإنجيل ٣ - أهل الكتاب ٤ - أهل الإسلام ٥ - أهل الرجل ٦ - أهل الماء .

وهذه الموارد تُوقفنا على أنّ كلمة (أهل) تستعمل مضافاً فيمن كان له علاقة قوية بمن أُضيف إليه ، فأهل الأمر والنهي هم الذين يمارسون الحكم والبعث والزجر ، وأهل الإنجيل هم الذين لهم اعتقاد به كأهل الكتاب وأهل الإسلام .

وقد اتّفقت كلمة أهل اللغة على أنّ الأهل والآل كلمتان بمعنى واحد ، قال ابن منظور : آل الرجل : أهله ، وآل اللّه وآل رسوله : أولياؤه ، أصلها أهل ثمّ أُبدلت الهاء همزة فصارت في التقدير أأل ، فلمّا توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفاً ، كما قالوا : آدم وآخر ، وفي الفعل آمن وآزر .

وقد أنشأ عبد المطّلب عند هجوم أبرهة على مكّة المكرّمة ، وقد أخذ حلقة باب الكعبة وقال :

وانصر على آل الصليب وعابديه اليومَ آلك .

وعلى ما ذكرنا ، فهذا اللفظ إذا أُضيف إلى شيء يقصد منه المضاف الذي له علاقة خاصة بالمضاف إليه ، فأهل الرجل مثلاً هم أخص الناس به ، وأهل

١٠

المسجد ، المتردّدون كثيراً إليه ، وأهل الغابة القاطنون فيها فإذا لاحظنا موارد استعمال هذه الكلمة لا نتردّد في شمولها للزوجة والأولاد ، بل وغيرهم ممّن تربطهم رابطة خاصة بالبيت من غير فرق بين الأولاد والأزواج ، ولأجل ذلك ترى أنّه سبحانه يطلقه على زوجة إبراهيم كما عرفت في الآية .

هذا هو حقّ الكلام في تحديد مفهوم هذه الكلمة ، ولنأت ببعض نصوص أئمّة اللغة .

قال ابن منظور : أهل البيت سكانه ، وأهل الرجل أخص الناس به ، وأهل بيت النبيّ : أزواجه وبناته وصهره ، أعني : علياًعليه‌السلام ، وقيل : نساء النبيّ والرجال الذين هم آله(١)

فلقد أحسن الرجل في تحديد المفهوم أوّلاً ، وتوضيح معناه في القرآن الكريم ثانياً ، كما أشار بقوله : ( قيل) إلى ضعف القول الآخر ، لأنّه نسبه إلى القيل .

وقال ابن فارس ناقلاً عن الخليل بن أحمد : أهل الرجل : زوجه ، والتأهّل ، التزوّج ، وأهل الرجل : أخصّ الناس به ، وأهل البيت : سكّانه ، وأهل الإسلام : من يدين به(٢)

وقال الراغب في ( مفرداته) : أهل الرجل من يجمعه وإيّاهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد ، فأهل الرجل في الأصل من يجمعه وإيّاهم مسكن واحد ، ثمّ تجوز به ، فقيل : أهل بيت الرجل ،لمن يجمعه وإيّاهم النسب وتعورف في أُسرة النبي عليه الصلاة والسلام مطلقاً إذا قيل أهل البيت .(٣)

وقال الفيروز آبادي : أهل الأمر : ولاته ، وللبيت سكّانه ، وللمذهب من

____________________

١ - لسان العرب : ١١ / ٢٩ ، مادة ( أهل) .

٢ - معجم مقاييس اللغة : ١ / ١٥٠ .

٣ - المفردات : ٢٩ .

١١

يدين به ، وللرجل زوجته كأهله ، وللنبيّ أزواجه وبناته وصهره عليّ - رضي اللّه تعالى عنه - أو نساؤه والرجال الذين هم آله(١)

هذه الكلمات ونظائرها بين أعلام أهل اللغة كلّها تعرب عن أنّ مفهوم أهل البيت في اللغة هم الذين لهم صلة وطيدة بالبيت ، وأهل الرجل من له صلة به بنسب أو سبب أو غيرهم

هذا هو الحقّ الذي لامرية فيه ، والعجب منإحسان إلهي ظهير الذي ينقل هذه النصوص من أئمّة اللغة وغيرهما ثمّ يستظهر أنّ أهل البيت يطلق أصلاً على الأزواج خاصة ، ثمّ يستعمل في الأولاد والأقارب تجوّزاً ! ثمّ يقول : هذا ما يثبت من القرآن الكريم كما وردت هذه اللفظة في قصّة إبراهيم بالبشرى ، فقال اللّه عزّ وجلّ في سياق الكلام :( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ) (٢) .

وقال : فاستعمل اللّه عزّ وجلّ هذه اللفظة على لسان ملائكته في زوجة إبراهيمعليه‌السلام لا غير ، وهكذا قال اللّه عزّ وجلّ في كلامه المحكم في قصّة موسى عليه الصلاة والسلام :( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً ) (٣) ، فالمراد من الأهل زوجة موسىعليه‌السلام ، وهي بنت شعيب(٤)

____________________

١ - القاموس المحيط : ٣ / ٣٣١ .

٢ - هود : ٧٣ .

٣ - القصص : ٣٠ .

٤ - الشيعة وأهل البيت : ١٦ - ١٧ .

١٢

نحن نسأل الكاتب : من أين استظهر من كلمات أهل اللغة أنّ (الأهل ) تطلق أصلاً على الأزواج خاصة ، ثمّ تستعمل في الأولاد تجوّزاً ؟!

أليس قد تقدّم لنا كلام ابن منظور : أهل الرجل : أخصّ الناس به؟! أليس الأولاد أخصّ الناس بالرجل؟ ومن فسّره ، بقوله : أهل الرجل زوجه لا يريد اختصاصه بالزوج ، بل يشير إلى أحد موارد استعماله ، ولأجل ذلك يستدركه ويصرّح بقوله : أهل الرجل : أخصّ الناس به .

ثمّ نسأله عن دلالة الآيتين على اختصاص الأهل بالأزواج وهل في منطق اللغة والأدب جعل الاستعمال دليلاً على الانحصار ؟ فلا شكّ أنّ الأهل في الآيتين أُطلق على الزوجة ، وليس الإطلاق دليلاً على الانحصار ، على أنّه أُطلق في قصّة الخليل وأُريد الزوجة والزوج معاً ، أي نفس الخليل بشهادة قوله تعالى :(  عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ) ، والإتيان بضمير الجمع المذكر ، وإرادة واحد منهما وحمل الخطاب العام على التعظيم ، لا وجه له في المقام .

وحصيلة الكلام : أنّ مراجعة كتب اللغة ، وموارد استعمال الكلمة في الكتاب والسنّة تعرب عن أنّ مفهوم (الأهل ) هو المعنى العام وهو يشمل كلّ من له صلة بالرجل والبيت صلة وطيدة مؤكّدة من نسب أو سبب أو غير ذلك ، من غير فرق بين الزوجة والأولاد وغيرهم ، وأنّ تخصيصها بالزوجة قسوة على الحقّ ، كما أنّ تخصيصها لغة بالأولاد وإخراج الأزواج يخالف نصوص القرآن واستعمالها كما عرفت في الآيات الماضية .

هذا هو الحقّ في تحديد المفهوم ، فهلمّ معي نبحث عمّا هو المراد من هذا المفهوم في الآية الكريمة ؟ وهل أُريد منه : كلّ مَن انتمى إلى البيت من أزواج وأولاد أو أنّ هناك قرائن خاصة على أنّ المقصود قسم من المنتمين إليه؟

وليس هذا بشيء

١٣

غريب ؛ لأنّ المفهوم العام قد يطلق ويراد منه جميع الأصناف والأقسام كما يطلق ويراد منه حسب القرائن بعضهم ، وقد عرفت أنّ المراد من الأهل في قصّة موسى زوجَته ، وفي قصّة إبراهيم زوجَته ، وعلى هذا لا شكّ في شمول كلمة أهل البيت للزوجة والأولاد وغيرهما إلاّ أنّ تقوم قرائن على أنّ المراد صنف خاص ، والمدّعى أنّه قد قامت القرائن على إرادة صنف خاص منهم ، وتتبيّن في البحث الآتي :

أهل البيت في الآية المباركة؟

اختلف المفسّرون في بيان ما هو المراد من (أهل البيت) في الآية المباركة على أقوال ، غير أنّ العبرة بقولين ؛ والأقوال الأخر شاذة لا يُعبأ بها ، وإنّما اختلقت لحلّ الإشكالات الواردة على القول الثاني كما سيوافيك بيانها في آخر البحث .

١ - المراد بنت النبيّ ، وصهره ، وولداهما ، الحسن والحسينعليهم‌السلام .

٢ - نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١)

ولا بدّ من إمعان النظر في تعيين المراد بعد قابلية اللفظ لشمول كلتا الطائفتين ، فيقول : إنّ هناك قرائن تدلّ بوضوح على أنّ المراد من هذه الكلمة جماعة خاصة منتمين إلى البيت النبوي بوشائج خاصة لا كلّ المنتمين إليه ، وإليك تلك القرائن :

القرينة الأولى : اللام في ( أهل البيت ) للعهد

لا شك أنّ اللام قد تطلق ويراد منها الجنس المدخول كقوله سبحانه :( إنّ الإنسانَ لَفٍي خُسرٍ   ) .(٢)

____________________

١ - وهناك أقوال أُخر شاذّة جداً ستوافيك في مختتم البحث .

٢ - العصر : ٢ .

١٤

وقد يطلق ويراد منها استغراق أفراده كقوله سبحانه : ( يَا أَيُّها النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) (١)

وثالثة تستعمل في العهد باعتبار معهودية مدخولها بين المتكلّم والمخاطب .

ولا يمكن حمل اللام في (البيت ) على الجنس أو الاستغراق ، لأنّ الأوّل إنّما يناسب إذا أراد المتكلّم بيان الحكم المتعلّق بالطبيعة كما يعلم من تمثيلهم لذلك بقوله تعالى :(  إِنَّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً   ) (٢) ، ومن المعلوم أنّ الآية الكريمة ليست بصدد بيان حكم طبيعة أهل البيت ، كما لا يصحّ أن يحمل على العموم ، أي : جميع البيوت في العالم ، أو بيوت النبيّ ، وإلاّ لناسب الإتيان بصيغة الجمع فيقول : أهل البيوت ، كما أتى به عندما كان في صدد إفادة ذلك ، وقال في صدر الآية :(  وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ   ) .

فتعيّن أن يكون المراد هو الثالث ، أي البيت المعهود ، فالآية تشير إلى إذهاب الرجس عن أهل بيت خاص ، معهود بين المتكلّم والمخاطَب ، وحينئذٍ يقع الكلام في تعيين هذا البيت المعهود ، فما هو هذا البيت ؟ هل هو بيت أزواجه ، أو بيت فاطمة وزوجها والحسن والحسينعليهم‌السلام ؟

لا سبيل إلى الأوّل ، لأنّه لم يكن لأزواجه بيتٌ واحدٌ حتى تشير اللام إليه ، بل تسكن كلّ واحدة في بيت خاص ، ولو أُريد واحداً من بيوتهنّ لاختصّت الآية بواحدة منهم ، وهذا ما اتّفقت الأمّة على خلافه .

أضف إلى ذلك : أنّه على هذا يخرج بيت فاطمة مع أنّ الروايات ناطقة بشمولها ، وإنّما الكلام في شمولها لأزواج النبيّ كما سيوافيك بيانه .

____________________

١ - التوبة : ٧٣ .

٢ - المعارج : ١٩ .

١٥

هذا كلّه على تسليم أنّ المراد من البيت هو البيت المبنيّ من الأحجار والآجر والأخشاب ، فقد عرفت أنّ المتعيّن حمله على بيت خاص معهود ولا يصحّ إلاّ حمله على بيت فاطمة ، إذ ليس هناك بيت خاص صالح لحمل الآية عليه .

وأمّا لو قلنا بأنّ البيت قد يطلق ويراد منه تارة هذا النسق ، كما في قوله تعالى :(  وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى   ) ، وأُخرى غير هذا النمط من البيت ، مثل قول القائل : ( بيت النبوّة ) و : ( بيت الوحي ) ؛ تشبيهاً لهما على المحسوس ، فلا محيص أن يراد منه المنتمون إلى النبوّة والوحي بوشائج معنوية خاصة على وجه يصحّ مع ملاحظتها ، عدّهم أهلاً لذلك البيت ، وتلك الوشائج عبارة عن النزاهة في الروح والفكر ، ولا يشمل كلّ من يرتبط ببيت النبوّة عن طريق السبب أو النسب فحسب ، وفي الوقت نفسه يفتقد الأواصر المعنوية الخاصة ، ولقد تفطّن العلاّمة الزمخشري صاحب التفسير لهذه النكتة ، فهو يقول في تفسير قوله تعالى :(  قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ   ) (١) ، لأنّها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والأمور الخارقة للعادات ، فكان عليها أن تتوقّر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوّة ، وأن تسبّح اللّه وتمجّده مكان التعجّب ، وإلى ذلك أشارت الملائكة في قوله :(  رَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ   ) أرادوا أنّ هذه وأمثالها ممّا يكرمكم به ربّ العزّة ، ويخصّكم بالأنعام به يا أهل بيت النبوّة(٢)

وعلى ذلك لا يصحّ تفسير الآية بكلّ المنتسبين عن طريق الأواصر الجسمانية لبيت خاص حتى بيت فاطمة ، إلاّ أن تكون هناك الوشائج المشار

____________________

١ - هود : ٧٣ .

٢ - الكشاف : ٢ / ١٠٧ .

١٦

إليها ، ولقد ضلّ من ضلّ في تفسير الآية بغير تلك الجماعةعليها‌السلام ، فحمل البيت في الآية على البيت المبني من حجر ومدر مع أنّ المراد غيره .

ولقد جرى بين قتادة ، ذلك المفسّر المعروف ، وبين أبي جعفر محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام محادثة لطيفة أرشده الإمام فيها إلى هذا المعنى الذي أشرنا إليه ، قال - عندما جلس أمام الباقرعليه‌السلام - : لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدّام ابن عبّاس فما اضطرب قلبي قدّام واحد منهم ما اضطرب قدّامك قال له أبو جعفرعليه‌السلام :( ويحك ، أتدري أين أنت ؟ أنت بين يدي : (  في بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالغُدُوِّ والآصالِ * رجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ   ) (١) ، فأنت ثَمّ ونحن أُولئك ) فقال له قتادة : صدقت واللّه جعلني اللّه فداك ، واللّه ما هي بيوت حجارة ولا طين(٢)

وهذه القرينة تحضّ المفسّر على التحقيق عن الأفراد الذين يرتبطون بالبيت بأواصر معيّنة ، وبذلك يسقط القول بأنّ المراد منه أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ لأنّه لم تكن تلك الوشائج الخاصة باتّفاق المسلمين بينهم ، وأقصى ما عندهنّ أنّهنّ كنّ مسلماتٍ مؤمناتٍ .

القرينة الثانية : تذكير الضمائر

نرى أنّه سبحانه عندما يخاطب أزواج النبيّ يخاطبهنّ حسب المعتاد بضمائر التأنيث ، ولكنّه عندما يصل إلى قوله :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ   ) يغيّر الصيغة الخطابية في التأنيث ويأتي بصيغة التذكير ، فما هو السرّ في تبديل الضمائر لو كان المراد أزواج النبي ؟! وإليك نصّ الآيات :

____________________

١ - النور : ٣٦ - ٣٧ .

٢ - الكافي : ٦ / ٢٥٦ - ٢٥٧ .

١٧

(  يا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً   ) (١)

(  وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً   ) (٢)

( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنَ آياتِ اللّهِ وَالحِكْمَةِ إنّ اللّهَ كانَ لَطِيفَاً خَبِيراً   ) (٣)

ترى أنّه سبحانه يخاطبهنّ في الآية الأولى بهذه الخطابات :

١ - لستنَّ ٢ - اتقيتنّ ٣ - فلا تخضعنَ ٤ - وقُلنَ .

ويخاطبهنّ في الآية الثانية بهذه الخطابات :

١ - قرنَ ٢ - بيوتكنَّ ٣ - لا تبرجنَ ٤ - أقمنَ ٥ - آتينَ ٦ - أطعنَ .

كما يخاطبهن في الآية الثالثة بقوله :

١ - واذكرنَ ٢ - بيوتكنَ .

وفي الوقت نفسه يتّخذ في ثنايا الآية الثانية موقفاً خاصاً في الخطاب ويقول :

١ - عنكم ٢ - يطهّركم

فما وجه هذا العدول إذا كان المراد نساء النبيّ ؟!

أَوَليس هذا يدلّ على أنّ المراد ليس نساءهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

١ - الأحزاب : ٣٢ .

٢ - الأحزاب : ٣٣ .

٣ - الأحزاب : ٣٤ .

١٨

وقد حاول القرطبي التفصّي عن الإشكال فقال : إنّ تذكير الضمير يحتمل لأن يكون خرج مخرج ( الأهل) كما يقول لصاحبه : كيف أهلك ، أي امرأتك ونساؤك ؟ فيقول : هم بخير ، قال اللّه تعالى :(  قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ   ) (١)

ولكنّ المحاولة فاشلة فإنّ ما ذكره من المثال على فرض سماعه من العرب ، إنّما إذا تقدّم ( الأهل ) وتأخّر الضمير ، دون العكس كما في الآية ، فإنّ أحد الضميرين مقدّم على لفظ ( الأهل) في الآية كما يقول :(  عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ   ) .

وأمّا الاستشهاد في الآية فغير صحيح ، لأنّ الخطاب فيها لإبراهيم وزوجته ، فيصحّ التغليب تغليب الأشرف على غيره في الخطاب ، والمفروض في المقام أنّ الآية نزلت في زوجاته ونسائه خاصة فلا معنى للتغليب .

نعم إنّما تصحّ فكرة التغليب لو قيل بأنّ المراد منه ، هو أولاده وصهره وزوجاته ، وهو قول ثالث سنبحث عنه في مختتم البحث ، وسيوافيك أنّ بقية الأقوال كلّها مختلقة لتصحيح الإشكالات الواردة على النظرية الثانية ، فلاحظ .

القرينة الثالثة : الإرادة تكوينية لا تشريعية

سيوافيك الكلام عند البحث في سمات أهل البيت ، أنّ من سماتهم كونهم معصومين من الذنب ، وذلك بدليل كون من الإرادة في قوله : (  إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ   ) الإرادة التكوينية ، التي لا ينفكّ المراد فيها عن الإرادة وتكون متحقّقة وثابتة في

____________________

١ - جامع الأحكام : ١٤ / ١٨٢ .

١٩

الخارج ، وبما أنّ المراد هو إذهاب الرجس وإثبات التطهير وتجهيزهم بالأسباب والمعدّات المنتهية إلى العصمة ، فلا يصحّ أن يراد من أهل البيت أزواج النبيّ ، إذ لم يدّع أحدٌ من المسلمين كونهنّ معصومات من الذنب ومطهّرات من الزلل فلا مناص عن تطبيقه على جماعة خاصة من المنتمين إلى البيت النبويّ الذين تحقّق فيهم تعلّقهم بالأسباب والمقتضيات التي تنتهي بصاحبها إلى العصمة ، ولا ينطبق هذا إلاّ على الإمام عليّ وزوجته والحَسَنينعليهم‌السلام ، لأنّ غيرهم مجمع على عدم اتّصافهم بهذه الأسباب .

القرينة الرابعة :

أنّ الآيات المربوطة بأزواج النبي تبتدئ من الآية ٢٨ وتنتهي بالآية ٣٤ ، وهي تخاطبهن تارة بلفظ : (الأزواج ) ، ومرّتين بلفظ : (نساء النبيّ ) ، الصريحين في زوجاته ، فما هو الوجه في العدول عنهما إلى لفظ : (أهلالبيت ) ? فإنّ العدول قرينة على أنّ المخاطب به غير المخاطب بهما .

أهل البيت في كلام النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

قد وقفت على المراد من أهل البيت في الآية المباركة من خلال دراسة مفردات الآية وجملها وهدفه

وهناك طريق آخر للتعرّف عليهم ، وهو دراسة الأحاديث الواردة في كلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّها تكشف عن وجه الحقيقة ، فنقول : إنّ للنبيّ الأكرم عناية وافرة بتعريف أهل البيت لم يرَ مثلها إلاّ في أقلِّ الموارد ، حيث قام بتعريفهم بطرق مختلفة سيوافيك بيانها ، كما أنّ للمحدّثين والمفسّرين وأهل السِير والتاريخ عناية كاملة بتعريف أهل بيت نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مواضع مختلفة حسب المناسبات التي تقتضي طرح هذه المسألة ، كما أنّ للشعراء الإسلاميين المخلصين في طوال قرون ، عناية بارزة

٢٠

ببيان فضائل أهل البيت والتعريف بهم ، والتصريح بأسمائهم على وجه يظهر من الجميع اتّفاقهم على نزول الآية في حقّ العترة الطاهرة ، وسيوافيك نزر من شعرهم في مختتم البحث

كلّ ذلك يعرب عن أنّ الرأي العام بين المسلمين في تفسير أهل البيت هو القول الأوّل ، وأنّ القول بأنّ المقصود منهم زوجاته كان قولاً شاذاً متروكاً يُنقل ولا يُعتنى به ، ولم ينحرف عن ذلك الطريق المهيع إلاّ بعض من اتّخذ لنفسه تجاه أهل البيت موقفاً يشبه موقف أهل العداء والنصب .

قام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتعريف أهل البيت بطرق ثلاثة نشير إليها :

١ - صرّح بأسماء من نزلت الآية في حقّهم حتى يتعيّن المنزول فيه باسمه ورسمه .

٢ - قد أدخل جميع من نزلت الآية في حقّهم تحت الكساء ، ومنع من دخول غيرهم ، وأشار بيده إلى السماء وقال :( اللّهمّ إنّ لكلّ نبيٍّ أهل بيت وهؤلاء أهل بيتي ) كما سيوافيك نصّه .

٣ - كان يمرّ ببيت فاطمة عدّة شهور ، كلّما خرج إلى الصلاة فيقول : الصلاة أهل البيت :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً   ) .

وبهذه الطرق الثلاثة حدّد أفراد أهل البيت ، وعيّن مصاديقهم على وجه يكون جامعاً لهم ومانعاً عن غيرهم ونحن ننقل ما ورد حول الطرق الثلاثة في التفسيرين : الطبري والدر المنثور للسيوطي ، ثمّ نأتي بما ورد في الصحاح الستّة حسب ما جمعه ابن الأثير الجزري في كتابه ( جامع الأصول) وأخيراً نشير إلى

٢١

الجوامع التي جمعت فيها أحاديث الفريقين حول نزول الآية في حقّ الخمسة الطيّبة ، ونترك الباقي إلى القارئ الكريم ؛ فإنّ البحثَ قرآنيٌّ لا حديثي ، والاستيعاب في الموضوع يحوجنا إلى تأليف مفرد.

الطائفة الأولى: التصريح بأسمائهم

١ - روى الطبري : عن أبي سعيد الخدري ، قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( نزلت هذه الآية في خمسة : فيَّ، وفي عليّرضي‌الله‌عنه ، وحسنرضي‌الله‌عنه ، وحسينرضي‌الله‌عنه ، وفاطمة (رضي‌الله‌عنها ) :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً   ) ).

٢ - عن أبي سعيد ، عن أُم سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ هذه الآية نزلت في بيتها( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: أنا يا رسول اللّه ألست من أهل البيت ؟ قال :( إنّك إلى خير ، أنت من أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، قالت : وفي البيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ وفاطمة والحسن والحسينرضي‌الله‌عنهم .

وفي ( الدر المنثور ) ما يلي :

٣ - روى السيوطي عن ابن مردويه ، عن أُمّ سلمة ، قالت : نزلت هذه الآية في بيتي :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) وفي البيت سبعة : جبريل ، وميكائيلعليهما‌السلام ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسينرضي‌الله‌عنهم ؛ وأنا على باب البيت ، قلت : يا رسول اللّه ألستُ من أهل البيت ؟ قال :( إنّك إلى خير ، إنّك من أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) .

٤ - وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي سعيد الخدري -

٢٢

رضي‌الله‌عنه - ، قال : قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( نزلت هذه الآية في خمسة : فيَّ ، وفي عليّ ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

الطائفة الثانية : إدخالهم تحت الكساء

إدخالهم تحت الكساء أو ( مرط أو ثوب) أو ( عباءة أو قطيفة) : فقد وردت حوله هذه الروايات :

٥ - أخرج الطبري قال : قالت عائشة : خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مِرطٍ مُرَجَّلِ من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله معه ، ثمّ جاء عليّ فأدخله معها ، ثمّ قال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

٦ - أخرج الطبري قال : عن أُمّ سلمة قالت : كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي وعليّ وفاطمة والحسن والحسين فجعلت لهم خزيرة فأكلوا وناموا وغطّى عليهم عباءة أو قطيفة ثمّ قال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً )

٧ - أخرج الطبري : عن أبي عمّار قال : إنّي لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليّاًرضي‌الله‌عنه فشتموه ، فلمّا قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا ، إنّي عند رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاءه عليّ وفاطمة وحسن وحسين فألقى عليهم كساء له ، ثمّ قال :اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، اللّهمّ اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .

٨ - أخرج الطبري : عن أبي عمّار قال : سمعت واثلة بن الأسقع يحدّث قال : سألت عن عليّ بن أبي طالب في منزله ، فقالت فاطمة : قد ذهب يأتي برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاء ، فدخل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخلت ، فجلس رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الفراش

٢٣

وأجلس فاطمة عن يمينه وعليّاً عن يساره وحسناً وحسيناً بين يديه ، فلفع عليهم بثوبه ، وقال :( ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) اللّهمّ هؤلاء أهلي ، اللّهمّ أهلي ) .

٩ - أخرج الطبري : عن أبي سعيد الخدري عن أُمّ سلمة قالت : لمّا نزلت هذه الآية :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، دعا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسينا ، فجلّل عليهم كساءً خيبرياً ، فقال :(اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، اللّهمّ اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) ، قالت : أُمّ سلمة ، قلت : ألست منهم ؟ قال :( أنتِ إلى خير ) .

١٠ - أخرج الطبري : عن أبي هريرة ، عن أُم سلمة : قالت : جاءت فاطمة إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلها على طبق ، فوضعته بين يديه فقال :( أين ابن عمّك وابناك؟ ) ، فقالت :( في البيت ) ، فقال :( ادعيهم) ، فجاءت إلى عليّ فقالت :( أجب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنت وابناك ) ، قالت أُمّ سلمة : فلما رآهم مقبلين مدَّ يده إلى كساء كان على المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه ، ثمّ أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمّه فوق رؤوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربِّه ، فقال :( هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) .

١١ - أخرج الطبري : عن عمر بن أبي سلمة ، قال : نزلت هذه الآية على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أُمّ سلمة :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه ، ودعا علياً فأجلسه خلفه ، فتجلّل هو وهم بالكساء ، ثمّ قال :( هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) ، قالت أُم سلمة : أنا معهم ، قال :( مكانك ، وأنت على خير ) .

٢٤

١٢ - أخرج الطبري : قال عامر بن سعد ، قال : قال سعد : قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمة ، وأدخلهم تحت ثوبه ثم قال :( ربّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي) .

١٣ - أخرج الطبري : عن حكيم بن سعد قال : ذكرنا عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه عند أُم سلمة ، قالت : فيه نزلت :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، قالت أُم سلمة : جاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيتي فقال :لا تأذني لأحد فجاءت فاطمة فلم استطع أن أحجبها عن أبيها ، ثمّ جاء الحسن فلم استطع أن أمنعه أن يدخل على جدّه وأُمّه ، وجاء الحسين فلم استطع أن أحجبه ، فاجتمعوا حول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بساط فجلّلهم نبيّ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكساءٍ كان عليه ثّم قال :( هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) ، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط قالت ، فقلت : يا رسول اللّه : وأنا؟ قال :( إنّك إلى خير ) .

١٤ - روى السيوطي : وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أُم سلمةرضي‌الله‌عنهما زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري ، فجاءت فاطمةرضي‌الله‌عنها ببرمة فيها خزيرة ، فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( ادعي زوجك وابنيك حسناً وحسين) ، فدعتهم ، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) فأخذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفضلة أزاره فغشاهم إياها ، ثمّ أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء ثمّ قال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ) ، قالها ثلاث مرّات ، قالت أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - : فأدخلت رأسي في الستر ، فقلت : يا رسول اللّه وأنا

٢٥

معكم ؟ فقال :( إنّك إلى خير ) مرّتين

١٥ - روى السيوطي : وأخرج الطبراني عن أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة -رضي‌الله‌عنها - :( ائتني بزوجِكِ وابنيه ) ، فجاءت بهم ، فألقى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهم كساءً فدكياً ثمّ وضع يده عليهم ، ثمّ قال :اللّهمّ إنّ هؤلاء أهل محمّد وفي لفظ :آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد كما جعلتها على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد) قالت أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - : فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال :( إنّك على خير ) .

١٦ - روى السيوطي : وأخرج الطبراني عن أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - قالت : جاءت فاطمة -رضي‌الله‌عنها - إلى أبيها بثريدة لها ، تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه ، فقال لها :( أين ابن عمك ؟) قالت :( هو في البيت) قال :( اذهبي فادعيه وابنيك) ، فجاءت تقود ابنيها كلّ واحد منهما في يد وعليّ -رضي‌الله‌عنه - يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجلسهما في حجره ، وجلس عليّ -رضي‌الله‌عنه - عن يمينه ، وجلست فاطمة -رضي‌الله‌عنها - عن يساره ، قالت أُمّ سلمة -رضي‌الله‌عنها - : فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت(١)

١٧ - روى السيوطي : وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري -رضي‌الله‌عنه - قال : كان يوم أُمّ سلمة أُم المؤمنين -رضي‌الله‌عنها - فنزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، قال : فدعا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحسن وحسين وفاطمة وعلي فضمهم إليه ونشر عليهم الثوب ، والحجاب على أُم سلمة مضروب ، ثم قال :

____________________

١ - وإجمال الحديث وإبهامه يرتفع بالرجوع إلى سائر ما روي عن أُم سلمة في ذلك المضمار .

٢٦

( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) ، قالت أُم سلمة -رضي‌الله‌عنها - : فأنا معهم يا نبيّ اللّه ؟ قال : ( أنت على مكانك ، وأنّك على خير ) .

١٨ - روى السيوطي : وأخرج الترمذي وصحّحه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه والبيهقي في سننه ، من طرق ، عن أُمّ سلمة -رضي‌الله‌عنها - قالت : في بيتي نزلت :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين فجلّلهم رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكساء كان عليه ثمّ قال :( هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) .

١٩ - روى السيوطي : وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم عن عائشة -رضي‌الله‌عنها - قالت : خرج رسول اللّه ص غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن والحسين -رضي‌الله‌عنهما - فأدخلها معه ، ثمّ جاء علي فأدخله معه ، ثمّ قال :(  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

٢٠ - روى السيوطي : وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه ، عن سعد قال : نزل على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحي ، فأدخل علياً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثمّ قال :( اللّهمّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي) .

٢١ - روى السيوطي : وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه ، عن واثلة ابن الأسقع -رضي‌الله‌عنه - قال : جاء رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى فاطمة ومعه حسن وحسين وعليّ ، حتى دخل فأدنى علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسنا

٢٧

وحسيناً كل واحد منهما على فخذه ، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم ، ثمّ تلا هذه الآية :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

الطائفة الثالثة : تعيينهم بتلاوة الآية على بابهم

٢٢ - أخرج الطبري : عن أنس ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرّ ببيت فاطمة ستّة أشهر كلّما خرج إلى الصلاة ، فيقول :الصلاة أهل البيت : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ) .

٢٣ - أخرج الطبري : أخبرني أبو داود ، عن أبي الحمراء ، قال : رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب عليّ وفاطمة فقال :الصلاة ، الصلاة : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

٢٤ - أخرج الطبري : عن يونس بن أبي إسحاق بإسناده ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله .

٢٥ - روى السيوطي : أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسّنه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، عن أنس -رضي‌الله‌عنه - أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرّ بباب فاطمة -رضي‌الله‌عنها - إذا خرج إلى صلاة الفجر ويقول :( الصلاة يا أهل البيت :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ).

٢٦ - روى السيوطي : أخرج ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري -رضي‌الله‌عنه - قال : لمّا دخل عليّرضي‌الله‌عنه بفاطمةرضي‌الله‌عنها جاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعين

٢٨

صباحاً إلى بابها يقول : ( السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ، الصلاة رحمكم اللّه :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) أنا حرب لمن حاربتم ، أنا سلم لمن سالمتم) .

٢٧ - روى السيوطي : أخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن أبي الحمراءرضي‌الله‌عنه قال : حفظت من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمانية أشهر بالمدينة ليس من مرّة يخرج إلى صلاة الغداة إلاّ أتى إلى باب عليّرضي‌الله‌عنه فوضع يده على جنبّتي الباب ، ثمّ قال :( الصلاة الصلاة : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) )

٢٨ - روى السيوطي : وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عبّاس -رضي‌الله‌عنهما - قال : شهدنا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسعة أشهر يأتي كل يوم باب عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه عند وقت كلّ صلاة ، فيقول :( السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أهل البيت : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، الصلاة رحمكم اللّه ) كلّ يوم خمس مرّات

٢٩ - روى السيوطي : وأخرج الطبراني عن أبي الحمراءرضي‌الله‌عنه ، قال : رأيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأتي باب علي وفاطمة ستّة أشهر فيقول :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) (١)

جولة حول ما رواه العلمان

قد تعرّفت على أكثر ما رواه الطبري والسيوطي في تفسيرهما ، وتركنا بعض ما

____________________

١ - لاحظ للوقوف على مصادر هذه الروايات تفسير الطبري : ٢٢ / ٥ - ٧ ، والدر المنثور : ٥ / ١٩٨ - ١٩٩

٢٩

نقلاه في ذلك المجال عن أعلام التابعين ، وما رويناه ينتهي إسناده إلى أقطاب الحديث من الصحابة وعيون الأثر ، وهم :

١ - أبو سعيد الخدري .

٢ - أنس بن مالك .

٣ - ابن عبّاس .

٤ - أبو هريرة الدوسي .

٥ - سعد بن أبي وقاص .

٦ - واثلة بن الأسقع .

٧ - أبو الحمراء ، أعني : هلال بن الحارث .

٨ - أُمّهات المؤمنين : عائشة وأُم سلمة .

أيصحّ بعد هذا لمناقش أن يشكّ في صحّة نزولها في حقّ العترة الطاهرة؟! وليس الطبري والسيوطي فريدين في نقل تلك المأثورة ، بل سبقهما أصحاب الصحاح والمسانيد فنقلوا نزول الآية في حقّهم صريحاً أو كناية ، ولا بأس بنقل ما جاء في خصوص الصحاح حتى يعضد بعضه بعضاً فنقول :

٣٠ - أخرج الترمذي : عن سعد بن أبي وقاص -رضي‌الله‌عنه - ، قال : لمّا نزلت هذه الآية :(  فَقُلْ تَعالَوا نَدعُ أبناءَنا وأبناءَكُمْ ونساءَنا ونساءَكُمْ   ) (١) الآية ، دعا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال :( اللّهمّ هؤلاء أهلي )

____________________

١ - آل عمران : ٦١ .

٣٠

٣١ - أخرج الترمذي : عن أُم سلمةرضي‌الله‌عنها : قالت إنّ هذه الآية نزلت في بيتي :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ، قالت : وأنا جالسة عند الباب فقلت : يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟ فقال :( إنّك إلى خير ، أنتِ من أزواج رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، قالت : وفي البيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ وفاطمة وحسن وحسين ، فجلّلهم بكسائه وقال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً )

وفي رواية أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة ثمّ قال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامَّتي اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) قالت أُم سلمة : وأنا معهم يا رسول اللّه ؟ قال :( إنّكِ إلى خير ) .

٣٢ - أخرج الترمذي : عن عمر بن أبي سلمة قال : نزلت هذه الآية على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) في بيت أُم سلمة ، فدعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وحسناً وحسينا ، فجلّلهم بكساء ، وعليٌّ خلف ظهره ، ثم قال :( اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) قالت أُم سلمة : وأنا معهم يا نبي اللّه؟ قال :( أنت على مكانك وأنت على خير ) .

٣٣ - أخرج الترمذي : عن أنس بن مالك : أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرُّ بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية قريباً من ستة أشهر يقول :الصلاة أهل البيت ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) .

٣٤ - أخرج مسلم : عن عائشة قالت : خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليه مِرط مُرَحَّل أسود ، فجاءه الحسن فأدخله ، ثمّ جاءه الحسين فأدخله ، ثمّ جاءت فاطمة

٣١

فأدخلها ، ثمّ جاء علي فأدخله ، ثمّ قال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ   ) الآية .

٣٥ - أخرج مسلم : عن زيد بن أرقم : قال يزيد بن حيان : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، رأيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه ، وغزوت معه ، وصلّيت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيرا ، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : يا ابن أخي ، واللّه لقد كبُرت سنّي ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما حدّثتكم فاقبلوا ، ومالافلا تكلّفونيه ، ثمّ قال : قام رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى : خمّاً بين مكّة والمدينة ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثمّ قال :

( أمّا بعد : ألا أيّها الناس ، إنّما أنا بشر ، يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما : كتاب اللّه فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب اللّه ، واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب اللّه ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكنّ أهل بيته من حُرٍم الصدقة بعده قال: ومن هم؟ قال : آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عبّاس قال : كلّ هؤلاء حرم الصدقة؟ قال : نعم ، زاد في رواية : ( كتاب اللّه فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضلّ ) .

وفي أُخرى نحوه : غير أنّه قال :( وإنّي تارك فيكم ثقلين أحدهما : كتاب اللّه ، وهو حبل اللّه فمن اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة ، وفيها ، فقلنا : مَن أهل بيته ، نساؤه ؟ قال : لا وايم اللّه ؛ إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من

٣٢

الدهر ، ثمّ يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته : أصله وعصبته الذين حُرِموا الصدقة بعده(١)

هذا ما رواه أصحاب الصحاح حول نزول الآية في حقّ العترة الطاهرة ، وتركنا ما رواه الإمام أحمد في مسنده ؛ روماً للاختصار ، وفي هذا غنى وكفاية لمن رام الحقّ واتبعه وعرف الباطل فاجتنبه ، ومن أراد التوس فعليه الرجوع إلى المصادر التالية :

١ - العمدة للمحدّث الحافظ يحيى بن سعيد ، المتوفّى عام ٦٠٠ هـ الطبعة الحديثة .(٢)

٢ - بحار الأنوار : ٣٥ / ٢٠٦ - ٢٢٦ .

٣ - غاية المرام : ٢٨٧و ٢٩٤ ، فقد أورد فيه واحداً وأربعين حديثاً من كتب أهل السنّة ، وأربعاً وثلاثين من كتب الشيعة .

٤ - تفسير البرهان : ٣ / ٣٠٩ - ٣٢٥ ، فقد أورد فيه خمساً وستين حديثاً .

٥ - نور الثقلين : ٤ / ٢٧٠ - ٢٧٧ ، أورد فيه خمسة وعشرين حديثاً .

٦ - إحقاق الحقّ : ٢ / ٥٠٢ - ٥٤٤ ، فقد نقل نزول الآية في حقّ العترة الطاهرة عن كتب أهل السنّة حديثاً وتفسيراً ، ثمّ استدرك ما فاته في الجزء التاسع والرابع عشر .

____________________

١ - راجع للوقوف على هذه المأثورات جامع الأصول لابن الأثير : ١٠ / ١٠٠ - ١٠٣ ، وصحيح مسلم : ٧ / ١٢٢ - ١٢٣ .

٢ - حُقّق تحقيقاً أنيقاً ونشر من قبل مؤسّسة الإمام الصادقعليه‌السلام في عام ١٤١٢ هـ .

٣٣

٧ - آية التطهير في حديث الفريقين فقد استقصى في جزء خاص الأحاديث الواردة حول الموضوع من طريق الفريقين شكر اللّه مساعي الجميع .

وبعد هذا ، حان حين البحث عن دلائل القول الآخر : وهو نزول الآية في نسائه .

نزولها في نسائه عليه الصلاة والسلام

قد تعرّفت على دلائل القول وقرائنه ومؤيّداته وأحاديثه المتواترة التي أطبق على نقلها تسع وأربعون(١) صحابياً وصحابية من أُمّهات المؤمنين ، وقد تلقّته الأمّة بالقبول في القرون الماضية ، وأمّا القول الثاني ، أعني نزولها في نسائه وزوجاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد نسب إلى أشخاص نقل عنهم ، منهم :

١ - ابن عبّاس .

٢ - عكرمة .

٣ - عروة بن الزبير .

٤ - مقاتل بن سليمان .

أمّا الأوّل : فقد نقل عنه تارّة ، عن طريق سعيد بن جُبير ، وأُخرى عن طريق عكرمة ، قال السيوطي في الدر المنثور : وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عبّاس عن قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ   ) ، قال : نزلت في نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أيضاً : أخرج ابن مردويه عن طريق سعيد بن جُبير ، عن ابن عبّاس

____________________

١ سيوافيك مصدره .

٣٤

قال : نزلت في نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا الثاني : أعني عكرمة ، فقد نقله عنه الطبري ، عن طريق ( علقمة) وانّ عكرمة كان ينادي في السوق :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ   ) نزلت في نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ونقل في الدر المنثور : أخرج ابن جرير وابن مردويه ، عن عكرمة في قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ ) إنّه قال ليس بالذي تذهبون إليه إنّما هو نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا الثالث : أعني : عروة بن الزبير ، فقال السيوطي : وأخرج ابن سعد عن عروة بن الزبير أنّه قال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ   ) قال : أزواج النبيّ نزلت في بيت عائشة .

وأمّا الرابع : فقد نقل عنه في أسباب النزول .(١)

تحليل هذه النقول :

أمّا نقله عن ابن عبّاس فليس بثابت ، بل نقل عنه خلاف ذلك ، فقد نقل السيوطي في ( الدر المنثور ) قال : وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عبّاس قال : شهدنا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسعة أشهر يأتي كلّ يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كلّ صلاة فيقول :( السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أهل البيت : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) ) .

وليس ابن مردويه فريداً في هذا النقل ، فقد نقله عنه الحاكم الحسكاني في

____________________

١ تفسير الطبري : ٢٢ / ٧ و ٨؛ والدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي : ٥ / ١٩٨؛ وأسباب النزول للواحدي : ٢٠٤ .

٢ شواهد التنزيل : ٢ / ٣٠ .

٣٥

شواهد التنزيل(٢) بسند ينتهي إلى أبي صالح ، عن ابن عبّاس :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً ) نزلت في رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين والرجس : الشك .

كما نقله الحافظ الحسين بن الحكم الحبري في ( تنزيل الآيات) عن أبي صالح بمثل ما سبق(١)

وممّن رواه عن ابن عبّاس صاحب أرجح المطالب ( ص ٥٤ ) طبع لاهور ، والعلاّمة إسماعيل النقشبندي ( في مناقب العترة) .

أضف إلى ذلك أنّ من البعيد أنّ يخفى على ابن عبّاس حبر الأمّة ما اطّلع عليه عيون الصحابة وأُمّهات المؤمنين ، وقد أنهى بعض الفضلاء السادة(٢) عدد رواة الحديث من الصحابة إلى تسعة وأربعين صحابياً وجمعها من مصادر الفريقين في الفضائل والمناقب

عكرمة من الخوارج لا قيمة لقوله

وأمّا عكرمة : فقد ثبت تقوّله بذلك كما عرفت ، لكنّ في نفس كلامه دليلاً واضحاً على أنّ الرأي العام يوم ذاك في شأن نزول الأمّة هو نزولها في حقّ فاطمة ، وإنّما تفرّد هو بذلك ، ولأجله رفع عقيرته في السوق بقوله : ليس بالذي تذهبون إليه وإنّما هو نساء النبيّ أضف إلى ذلك : أنّ تخصيص هذه الآية بالنداء في السوق ، وإنّها نزلت في نساء النبيّ ، يعرب عن موقفه الخاص بالنسبة إلى من اشتهر نزول الآية في حقهم ،

____________________

١ - تنزيل الآيات : ٢٤ ( مخطوط) منه نسخة في جامعة طهران لاحظ إحقاق الحقّ : ١٤ / ٥٣ .

٢ - آية التطهير في حديث الفريقين .

٣٦

وإلاّ فالمتعارف بين الناس أنّ الجهر بالحقيقة بشكل معقول لا بهذه الصورة المعربة عن الانحراف عنهم .

هذا كلّه حول ما نقل عنه ، وأمّا تحليل شخصيته وموقفه من الأمانة والوثاقة ، وانحرافه عن عليّ وانحيازه إلى الخوارج وطمعه الشديد بما في أيدي الأمراء فحدّث عنه ولا حرج ، ولأجل إيقاف القارئ على قليل مما ذكره أئمّة الجرح والتعديل في حقه ، نأتي ببعض ما ذكره الإمام شمس الدين الذهبي نقّاد الفن في كتابيه : ( تذكرة الحفّاظ) ، و ( سٍير أعلام النبلاء) ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب الجرح والتعديل .

نقل الإمام شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفّى ٧٤٨هـ في ( سٍير أعلام النبلاء) هذه الكلمات في حقّ عكرمة :

١ - قال أيوب : ( قال عكرمة : إنّي لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلّم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم ...) ما معنى هذه الكلمة؟ وهل يقولها إنسان يملك شيئاً من العقل والوقار ؟!

٢ - قال ابن لهيعة: وكان يحدّث برأي نجدة الحروري(١) وأتاه ، فأقام عنده ستّة أشهر ، ثمّ أتى ابن عبّاس فسلّم ، فقال ابن عبّاس : قد جاء الخبيث .

٣ - قال سعيد بن أبي مريم ، عن أبي لهيعة ، عن أبي الأسود ، قال : كنت أوّل من سبّب لعكرمة الخروج إلى المغرب وذلك أنّي قدمت من مصر إلى المدينة فلقيني عكرمة وسألني عن أهل المغرب ، فأخبرته بغفلتهم ، قال : فخرج إليهم وكان أوّل ما أحدث فيهم رأي الصفريّة(٢)

____________________

١ - هو نجدة بن عامر الحروري الحنفي من بني حنيفة رأس الفرقة النجدية ، انفرد عن سائر الخوارج بآرائه .

٢ - هم فرقة من الخوارج أتباع زياد بن الأصفر .

٣٧

٤ - قال يحيى بن بكير : قدم عكرمة مصر ونزل هذه الدار وخرج إلى المغرب ، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا .

٥ - قال علي بن المديني : كان عكرمة يرى رأي نجدة الحروري .

٦ - وقال أحمد بن زهير : سمعت يحيى بن معين يقول : إنّما لم يذكر مالك عكرمة - يعني في الموطأ - قال : لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفريّة .

٧ - وروى عمر بن قيس المكّي ، عن عطاء ، قال : كان عكرمة إباضياً(١)

٨ - وعن أبي مريم ، قال : كان عكرمة بيهسياً(٢)

٩ - وقال إبراهيم الجوزجاني : سألت أحمد بن حنبل عن عكرمة ، أكان يرى رأي الإباضية ؟ فقال : يقال : إنّه كان صفرياً ، قلت : أتى البربر ؟ قال : نعم ، وأتى خراسان يطوف على الأُمراء يأخذ منهم .

١٠ - وقال علي بن المديني : حكى عن يعقوب الحضرمي عن جده ، قال : وقف عكرمة على باب المسجد فقال : ما فيه إلاّ كافر قال : وكان يرى رأي الإباضية(٣)

وقال في ( ميزان الاعتدال)(٤) : وقد وثقه جماعة ، واعتمده البخاري ، وأمّا مسلم فتجنّبه ، وروى له قليلاً مقروناً بغيره ، وأعرض عنه مالك ، وتحايده إلاّ في حديث أو حديثين .

عفّان ، حدثنا وهيب قال : شهدت يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأيوب ، فذكرا عكرمة ، فقال يحيى : كذّاب ، وقال أيوب : لم يكن بكذّاب .

____________________

١ - هم أتباع عبد اللّه بن أباض ، رأس الإباضية .

٢ - فرقة من الصفرية أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر الضبغي رأس الفرقة البيهسية من الخوارج .

٣ - لاحظ : سير أعلام النبلاء للذهبي : ٥ / ١٨ - ٢٢ .

٤ - ميزان الاعتدال : ٣ / ٩٣ - ٩٧ .

٣٨

عن عبد اللّه بن الحارث : دخلت على علي بن عبد اللّه بن عبّاس فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش ، فقلت : ألاّ تتقي اللّه؟ قال : إنّ هذا الخبيث يكذب على أبي .

سئل محمّد بن سيرين عن عكرمة؟ فقال : ما يسؤني أن يكون من أهل الجنّة ولكنّه كذّاب

هشام بن عبد اللّه المخزومي : سمعت ابن أبي ذئب يقول : رأيت عكرمة وكان غير ثقة .

وعن بريد بن هارون قال : قدم عكرمة البصرة ، فأتاه أيوب ويونس وسليمان التيمي ، فسمع صوت غناء ، فقال : اسكتوا ، ثمّ قال : قاتله اللّه لقد أجاد وعن خالد بن أبي عمران ، قال : كنّا بالمغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم فقال : وددتّ أنّ بيدي حربة فاعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً .

وعن يعقوب الحضرمي عن جده ، قال : وقف عكرمة على باب المسجد ، فقال : ما فيه إلاّ كافر قال : ويرى رأي الإباضية ، أنّ عكرمة لم يدع موضعاً إلاّ خرج إليه : خراسان والشام واليمن ومصر وإفريقيا ، كان يأتي الأمراء فيطلب جوائزهم .

وقال عبد العزيز الدراوردي : مات عكرمة وكثير عزّة في يوم واحد ، فما شهدهما إلاّ سودان المدينة .

وعن ابن المسيب أنّه قال لمولاه ( برد) : لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس .

أفبعد هذه الكلمات المتضافرة الحاكية عن انحراف الرجل عن جادة الحقّ ،

٣٩

وتكفيره عامّة المسلمين ، وتمنّيه أن يقتل كلّ من شهد الموسم ، يصحّ الاعتماد عليه في تفسير الذكر الحكيم؟! والأسف أنّ المفسّرين نقلوا أقواله وأرسلوها ولم يلتفتوا إلى أنّ الرجل كذّاب على مولاه وعلى المسلمين ، فواجب على عشاق الكتاب العزيز وطلاّب التفسير ، تهذيب الكتب عن أقوال وآراء ذلك الدجّال ومن يحذو حذوه .

عروة بن الزبير :

وأمّا عروة بن الزبير فيكفي في عدم حجيّة قوله ، عداؤه لعلي وانحرافه عنه ، ففي هذاالصدد يقول ابن أبي الحديد : روى جرير بن عبد الحميد ، عن محمّد بن شيبة ، قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكّران عليّاًعليه‌السلام فنالا منه ، فبلغ ذلك عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، فجاء حتى وقف عليهما ، فقال :أما أنت يا عروة فإنّ أبي حاكم أباك إلى اللّه فحكم لأبي على أبيك ، وأمّا أنت يا زهري فلو كنت بمكّة لأريتك كير أبيك .

وقد روي من طرق كثيرة : أنّ عروة بن الزبير كان يقول : لم يكن أحد من أصحاب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزهو إلاّ عليّ بن أبي طالب ، وأُسامة بن زيد .

وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة ، قال : كان أبي إذا ذكر عليّاً نال منه ، وقال لي مرّة : يا بني واللّه ما أحجم الناس عنه إلاّ طلباً للدنيا ، لقد بعث إليه أُسامة بن زيد أن أبعث إلي بعطائي فواللّه إنّك لَتعلم أنّك لو كنت في فم أسد لدخلت معك فكتب إليه :إنّ هذا المال لمن جاهد عليه ، ولكن لي مالاً بالمدينة ، فأصب منه ما شئت .

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182