الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) سيرة وتاريخ

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) سيرة وتاريخ0%

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) سيرة وتاريخ مؤلف:
تصنيف: الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام
ISBN: 978-600-5213-37-9
الصفحات: 233

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) سيرة وتاريخ

مؤلف: علي موسى الكعبي
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-37-9
الصفحات: 233
المشاهدات: 138661
تحميل: 7182

توضيحات:

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) سيرة وتاريخ
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 233 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 138661 / تحميل: 7182
الحجم الحجم الحجم
الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) سيرة وتاريخ

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) سيرة وتاريخ

مؤلف:
ISBN: 978-600-5213-37-9
العربية

وكان نتيجة جهود الإمامعليه‌السلام في هذا المضمار أن وجدنا في هذا الوقت رجالاً من أصحابه يقاسمون إخوانهم المال والثياب ديناراً ديناراً ودرهماً درهماً وثوباً ثوباً(١) ، لأنهعليه‌السلام كان يتابع أعمالهم بدقة في هذا الاتجاه.

ب ـ تحذيرهم من الفتن :

كان الإمام الكاظمعليه‌السلام حريصاً على تحذير أصحابه مما يتعرضون له من دسائس للإطاحة بهم ، وذلك لتفويت الفرصة على رجال السلطة من أن ينالوا من أصحابه ، فقد بعث عبد الرحمن بن الحجاج إلى هشام بن الحكم ، يأمره أن يسكت عن الخوض في الكلام ، فكف هشام عن ذلك حتى مات المهدي العباسي(٢) ، وذلك في أعقاب تشديد المهدي العباسي على أهل الأهواء من الزنادقة وغيرهم(٣) .

وحذر الإمامعليه‌السلام علي بن يقطين أكثر من مرة ، لكونه متهماً بالولاء للإمامعليه‌السلام ومعرضاً لأقوال الوشاة وما يختلقه رجال البلاط من اتهامات ، فحدث مرة أن الرشيد أهدى إليه ثياباً أكرمه بها ، وكان من جملتها دراعة خزّ سوداء موشاة بالذهب ، فأهدى علي بن يقطين الثياب ومعها الدراعة إلى الإمام الكاظمعليه‌السلام ، ولما وصلت إلى الإمامعليه‌السلام ردّ الدراعة إلى علي بن يقطين وأمره أن يحتفظ بها ، وبعد أيام سعى بعض الوشاة إلى الرشيد ، وذكر له أن ابن يقطين يعتقد بإمامة موسى بن جعفر ويحمل إليه خمس ماله ، وأنه قد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها ، فاستشاط الرشيد غيظاً ، فاستدعى علي بن يقطين وطلب منه إحضارها ، فلم يلبث أن جاء بها في سفط مختوم ووضعه بين يدي الرشيد ، فنظر

___

(١) راجع الحديث في بحار الأنوار ٤٨ : ١٧٤ عن كتاب قضاء حقوق المؤمنين.

(٢) رجال الكشي : ٢٢٧ / ١٣١.

(٣) بحار الأنوار ٤٨ : ١٩٦.

٨١

إلى الدراعة كما هي ، فسكن غضبه وأمر أن يُضرب الساعي(١) .

وكتب علي بن يقطين إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام :«اختلف في المسح على الرجلين ، فإن رأيت أن تكتب ما يكون عملي عليه فعلت.

فكتب أبو الحسنعليه‌السلام :الذي آمرك به أن تتمضمض ثلاثاً ، وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثاً ، وتخلل شعر لحيتك ثلاثاً ، وتغسل يديك ثلاثاً ، وتمسح ظاهر اذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك ثلاثاً ، ولا تخالف ذلك إلى غيره ، فامتثل أمره وعمل عليه ، فقال الرشيد : أحب أن أستبرئ أمر علي بن يقطين فإنهم يقولون إنه رافضي والرافضة يخففون في الوضوء ، فلما دخل وقت الصلاة راقبه الرشيد بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو ، فتوضأ كما أمره الإمامعليه‌السلام ، فقام الرشيد وقال : كذب من زعم أنك رافضي ، فورد على علي ابن يقطين كتاب الإمامعليه‌السلام :توضأ من الآن كما أمر الله ، اغسل وجهك مرة فريضة والاُخرى إسباغاً ، واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح مقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما يُخاف عليك »(٢) .

٥ ـ هداية الخلق :

هنا يسجل الإمام الكاظمعليه‌السلام موقفاً يمثل أحد أهم واجبات الأنبياء وأوصيائهمعليهم‌السلام باعتبارهم قادة الرسالة والمعنيين بتبليغها ، لانقاذ من أغرتهم

___

(١) روضة الواعظين / الفتال : ٢١٣ ، اعلام الورى : ٣٠٢ ، الخرائج والجرائح ١ : ٣٣٤ / ٢٥ ، الفصول المهمة / ابن الصباغ المالكي : ٢١٨ ، نور الأبصار / الشبلنجي : ٢٠١.

(٢) اعلام الورى : ٢٩٣ ، مناقب آل أبي طالب ٤ : ٢٨٨ ، الثاقب في المناقب : ٤٥١ ، الخرائج والجرائح ١ : ٣٣٥ / ٢٦.

٨٢

الدنيا وإخراجهم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم وساحل الأمان ، من خلال التأثر بسيرتهم الصالحة وبكراماتهم التي حباها لهم الله ، أو من خلال الوعظ والإرشاد ، ممّا له بالغ الأثر في هداية واستبصار الكثيرين ، وقد سجلت لنا كتب الحديث والتاريخ بعض آثار الإمام الكاظمعليه‌السلام في دعوته إلى الإصلاح والإرشاد في أوساط الأمّة المختلفة.

فعلى يدهعليه‌السلام تاب بشر الحافي لأنه اجتاز على داره ببغداد ، فسمع الملاهي وأصوات الغناء والقصب تخرج من تلك الدار ، فخرجت جارية وبيدها قمامة البقل فرمت بها في الدرب ، فقال لها :«يا جارية ، صاحب هذه الدار حرّ أم عبد؟ ، فقالت : بل حر. فقال :صدقت ، لو كان عبداً خاف من مولاه . فلما دخلت قال مولاها وهو على مائدة السكر : ما أبطأك علينا؟ فقالت : حدثني رجل بكذا وكذا ، فخرج حافياً حتى لقي مولانا الكاظمعليه‌السلام فتاب على يده»(١) .

ولما انتقل الإمامعليه‌السلام إلى سجن السندي بن شاهك بأمر هارون ، تعرفت عليه أخت السندي وتأثرت بهديه وصلاحه وعبادته ، فكانت إذا نظرت إليه قالت : خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل(٢) . فاعتنقت فكره ومذهبه ، ولعل من آثار ذلك أن أصبح كشاجم الشاعر حفيد السندي من أعلام الشيعة في عصره.

ونقل ابن شهر آشوب عن كتاب الأنوار :«أن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام جارية حصيفة لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن ، فقال للخادم :قل له : ( بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) (٣) لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها . قال : فاستطار هارون غضباً وقال : ارجع إليه وقل له : ليس

___

(١) منهاج الكرامة / العلاّمة الحلي : ٥٨.

(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢ ، تاريخ أبي الفداء ٢ : ١٥.

(٣) سورة النمل : ٢٧ / ٣٦.

٨٣

برضاك حبسناك ، ولا برضاك أخدمناك. واترك الجارية عنده وانصرف ، قال : فمضى ورجع ، ثم قام هارون عن مجلسه ، وأنفذ الخادم إليه ليتفحص عن حالها ، فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها ، تقول : قدوس ، سبحانك سبحانك! فقال هارون : سحرها واللهموسى بن جعفر بسحره عليّ بها»(١) .

وهدى إلى مذهب أهل البيتعليهم‌السلام الحسن بن عبد الله ، وهو رجل زاهد معني بدينه ، وذلك بعد أن طلب منه أن يتفقّه ويطلب الحديث عن فقهاء أهل المدينة ثم يعرض عليه الحديث ، ثم جاء فقرأه عليه فأسقطه كله ، ثم طلب منه أن يسلك سبيل المعرفة ، وعرفه ما يجب عليه معرفته من منهج أهل البيتعليهم‌السلام وما أوجب الله لهم(٢) .

ودخل نفر من اليهود على الإمام الصادقعليه‌السلام ، وكان ولده الكاظمعليه‌السلام طفلاً في الخامسة من عمره ، فسألوا الإمام الكاظمعليه‌السلام عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمرانعليه‌السلام فذكرها لهم ، وسألوه عما أعطي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من الآيات التي نفت الشك عن قلوب من أرسل إليهم ، فعددعليه‌السلام نحو ستاً وعشرين آية ودلالة من دلالات نبوة خاتم الأنبياءعليهم‌السلام ، فقالوا : نشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأنكم الأئمة القادة والحجج من عند الله على خلقه ، فوثب أبو عبداللهعليه‌السلام فقبّل بين عينيه ، ثم كساهم أبو عبد اللهعليه‌السلام ووهب لهم ، وانصرفوا مسلمين(٣) .

وأسلم على يده كثير من رهبان النصارى منهم راهب شامي ومعه جماعة بعد أن سائله ، ومن جملة المسائلة قال :«كيف طوبى أصلها في دار عيسى ،

___

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٢٩٧.

(٢) الكافي ١ : ٣٥٣ / ٨ ، الإرشاد ٢ : ٢٢٣.

(٣) قرب الاسناد : ١٣٢ ، الخرائج والجرائح ١ : ١١١ / ١٨٦.

٨٤

وعندكم في دار محمد ، وأغصانها في كل دار؟ فقالعليه‌السلام :الشمس قد وصل ضوؤها إلى كل مكان وكل موضع ، وهي في السماء ، قال : والجنة لا ينفد طعامها وإن أكلوا منه ولا ينقص منه شيء؟ قال :السراج في الدنيا يقتبس منه ولا ينقص منه شيء ، قال : ما يؤكل ويشرب في الجنة لا يكون بولاً ولا غائطاً؟ قال :الجنين في بطن اُمّه ، قال : أهل الجنة لهم خدم يأتونهم بما أرادوا بلا أمر؟ فقال :إذا احتاج الإنسان إلى شيء عرفت أعضاؤه ذلك ، ويفعلون بمراده من غير أمر ، قال : مفاتيح الجنة من ذهب أو فضة؟ قال :مفتاح الجنة لسان العبد لا إله إلاّالله ، قال : صدقت»(١) .

وأتاه رجل من أهل نجران من الرهبان ومعه راهبة ، فاستأذن لهما الفضل ابن سوار ، فبدأت الراهبة بالمسائل ، فسألت عن مسائل كثيرة ، كل ذلك يجيبها ، وسألها أبو إبراهيمعليه‌السلام عن أشياء لم يكن عندها فيها شيء فأسلمت ، ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة ، كل ذلك يجيبه فيها ، وسأل الراهب عن أشياء حتى انقطع الراهب ولم يكن عنده فيها شيء ، فأخبره بها ، فأسلم الراهب ، ودعا أبو إبراهيمعليه‌السلام بجبة خز وقميص قوهي وطيلسان وخف وقلنسوة فأعطاه إيّاها(٢) .

وأتاه رجل نصراني وهو بالعريض ، فسأله عن عدة مسائل فأجابه حتى قطع زنّاره وصليباً كان في عنقه من ذهب وأسلم فحسن إسلامه ، وتزوج امرأة من بني فهر ، وأصدقها أبو إبراهيمعليه‌السلام خمسين ديناراً من صدقة علي بن أبي طالبعليه‌السلام وأخدمه وبوّأه ، وأقام حتى أخرج أبو إبراهيم إلى البصرة ، فمات بعد

___

(١) مناقب آل أبي طالب ٣ : ١٨٦ ، بحار الأنوار ٤٨ : ١٠٥.

(٢) الكافي ١ : ٤٨١ / ٥.

٨٥

مخرجه بثمان وعشرين ليلة(١) .

وناظر بريهة النصراني هشام بن الحكم ، وكان يطلب الإسلام ويطلب من يحتج عليه ممن يقرأ كتبه ويعرف المسيح بصفاته ودلائله وآياته ، وعرف بذلك حتى اشتهر في النصارى والمسلمين واليهود والمجوس ، وافتخرت به النصارى ، وكان طالباً للحق والإسلام ، وكانت معه امرأة تخدمه ، فجاب بريهة البلدان حتى جاء إلى دكان هشام في الكرخ فناظره حتى أفحم بريهة ، ثم طلب منه أن يصحبه إلى الصادقعليه‌السلام ، فلقوا موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، فحكى له هشام الحكاية ، فلما فرغ قالعليه‌السلام لبريهة النصراني :«كيف علمك بكتابك؟ ، قال : أنا عالم به وبتأويله ، قال : فابتدأ موسىعليه‌السلام يقرأ الإنجيل ، فقال بريهة : والمسيح لقد كان يقرأها هكذا ، وما قرأ هكذا إلاّ المسيح ، إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك ، فآمن على يديه وحسن إيمانه ، وآمنت المرأة وحسن إيمانها ، فلزم بريهة أبا عبد اللهعليه‌السلام حتى مات أبو عبد اللهعليه‌السلام ، ثم لزم موسى بن جعفرعليهما‌السلام حتى مات في زمانه ، فغسله بيده وكفنه بيده ولحده بيده ، وقال :هذا حواري من حواريي المسيح ، يعرف حق الله عليه »(٢) .

***

___

(١) الكافي ١ : ٤٧٨ / ٤.

(٢) الكافي ١ : ٢٢٧ / ١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٢٦ ، التوحيد : ٢٧٠.

٨٦



الفصل الثّالث

الهوية الشخصية للإمام الكاظمعليه‌السلام

نسبه :

هو أبو الحسن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد باقر العلم ابن علي زين العابدين ابن الحسين السبط الشهيد ابن علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، سابع أئمة أهل البيت الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين(١) .

أُمّه :

أُمّه أُم ولد يُقال لها حميدة ابنة صاعد البربرية ، وتلقب أيضاً بالأندلسية ،

___

(١) انظر : ترجمة الإمام الكاظمعليه‌السلام في الكافي ١ : ٤٧٦ـباب مولد أبي الحسن موسى ابن جعفرعليهما‌السلام ، الارشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٢١٥ ، اعلام الورى ٢ : ٥ـالباب السادس ، الهداية الكبرى / الخصيبي : ٢٦٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤١٤ ، مناقب آل أبي طالب / ابن شهر آشوب ٣ : ٤٣٧ ، روضة الواعظين ١ : ٢٦٤ ، تاريخ بغداد ١٣ : ٢٧ ، شذرات الذهب / ابن العماد الحنبلي : ٣٠٤ ، وفيات الأعيان ٥ : ٣٠٨ ، عمدة الطالب / ابن عنبة الحسني : ٢٢٥ ، البداية والنهاية / ابن كثير ١٠ : ١٩٧ ، صفة الصفوة / ابن الجوزي ٢ : ١٨٤ ، ميزان الاعتدال / الذهبي ٣ : ٢٠٩ ، مقاتل الطالبيين : ٤٩٩ ، تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ١٩٦ ، تاريخ التراث العربي / سزكين ٣ : ٢٧٩ ، أعيان الشيعة ٤ : ٨٠ ، الاعلام / الزركلي ٨ : ٢٧٠ ، تاج المواليد / الطبرسي : ١٢١ ، كشف الغمة / الإربلي ٢ : ٢١٢ ، دلائل الإمامة / الطبري : ١٤٦ ، كفاية الطالب / الكنجي : ٤٥٧ ، الفصول المهمة / ابن الصباغ : ٢٣٢ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٢٧٠ ، نور الأبصار / الشبلنجي : ٣٠١ ، مطالب السؤول / ابن طلحة : ٨٣ ، المنتظم في تاريخ الملوك والاُمم / ابن الجوزي ٩ : ٨٧.

٨٧

وقال الخصيبي : والبربرية أصح ، وقيل : انّها روميّة ، وقال ابن عنبة : حميدة المغربية ، وتعرف بلؤلؤة والمصفاة(١) .

وفي رواية أن الإمام الصادقعليه‌السلام هو الذي لقبها بالمصفاة ، بقوله :«حميدة مصفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها حتى أدّيت إليّ كرامة من الله لي وللحجة من بعدي »(٢) .

اشتراها الإمام الباقرعليه‌السلام وأهداها لولده الإمام الصادقعليه‌السلام ، فأولدها الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام وإسحاق ومحمد(٣) ، وقيل : موسى وإسحاق وفاطمة(٤) ، وكانت من التقيات الثقات ، ولها كرامات.

عن ابن عكاشة الأسدي في حديث طويل حاصله أنه لما أراد الباقرعليه‌السلام تزويج ابنه جعفر الصادقعليه‌السلام أمر بشراء حميدة ، فلما اُحضرت قال لها :«ما  اسمك؟ قالت : حميدة ، فقالعليه‌السلام :حميدة في الدنيا ، محمودة في الآخرة ، ثم قال لابنه جعفرعليه‌السلام :يا جعفر ، خذها إليك . فولدت خير أهل الأرض موسى ابن جعفرعليهما‌السلام »(٥) .

مولده :

ولد الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام في الأبواء(٦) ، وكانت ولادتهعليه‌السلام على أصح

___

(١) الكافي ١ : ٤٧٩ ، الإرشاد ٢ : ٢١٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤١٤ ، إكمال الدين / الصدوق ١ : ٣٠٧ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٧ ، الهداية الكبرى : ٢٦٣ ، تذكرة الخواص : ١٩٦ ، صفة الصفوة ٢ : ١٨٤ ، اعلام الورى ٢ : ٥ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٧.

(٢) الكافي ١ : ٤٧٧ / ٢.

(٣) الإرشاد ٢ : ٢٠٩.

(٤) تاريخ أهل البيتعليهم‌السلام / رواية كبار المحدثين والمؤرخين : ١٢٣.

(٥) الكافي ١ : ٤٧٦ / ١.

(٦) الأبواء : قرية من أعمال الفرع من المدينة ، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً ، وبها قبر آمنة بنت وهب أم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨٨

الروايات يوم الأحد السابع من صفر سنة (١٢٨ ه‍ )(١) ، في أيام مروان الحمار آخر ملوك بني أمية ، أو يوم الثلاثاء قبل الفجر من نفس التاريخ المتقدم(٢) ، وقيل : كان مولده سنة (١٢٩ ه‍ )(٣) .

وفي رواية منسوبة إلى الإمام أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام : ولد بالأبواء بين مكة والمدينة ، في شهر ذي الحجة سنة (١٢٧ ه‍ )(٤) .

واحتفى الإمام الصادقعليه‌السلام بوليده فرحاً وسروراً ، قال أبو بصير :«كنت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام في السنة التي ولد فيها ابنه موسىعليه‌السلام ، فلما نزلنا الأبواء وضع لنا أبو عبد اللهعليه‌السلام الغداء ولأصحابه وأكثره وأطابه ، فبينا نحن نتغدى إذ أتاه رسول حميدة : إن الطلق قد ضربني ، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا. فقام أبو عبد اللهعليه‌السلام فرحاً مسروراً ، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه ضاحكاً سنّه ، فقلنا : أضحك الله سنّك ، وأقرّ عينك ، ما صنعت حميدة؟ فقال :وهب الله لي غلاماً ، وهو خير من برأ الله ، ولقد خبرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها. قلت : جعلت فداك وما خبرتك عنه حميدة؟ قال :ذكرت أنه لما وقع منبطنها وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء ، فأخبرتها أن

___

(١) الكافي ١ : ٤٧٦ ، روضة الواعظين ١ : ٢٦٤ ، الإرشاد ٢ : ٢١٥ ، اعلام الورى ٢ : ٥ ، تاج المواليد / الطبرسي : ١٢١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٧ ، الهداية الكبرى : ٢٦٣ ، كشف الغمة ٢ : ٢١٢ ، تاريخ بغداد ١٣ : ٢٧ ، دلائل الإمامة : ١٤٦ ، تذكرة الخواص : ١٩٦ ، كفاية الطالب : ٤٥٧ ، الفصول المهمة : ٢٣٢ ، الدروس للشهيد : ١٥٤ ، المنتظم في تاريخ الملوك والاُمم ٩ : ٨٧.

(٢) تاج المواليد : ٤٥ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٧.

(٣) تاريخ أهل البيتعليهم‌السلام : ٨٢ ، مطالب السؤول : ٨٣ ، صفة الصفوة ٢ : ١٨٧ ، تذكرة الخواص : ١٩٧ ، نور الأبصار : ٣٠١ ، وراجع المصادر المتقدمة.

(٤) دلائل الإمامة : ٣٠٣.

٨٩

تلك أمارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمارة الإمام من بعده »(١) .

ولم يقم الصادقعليه‌السلام بعد ولادته في الأبواء طويلاً ، بل عاد إلى يثرب ، فأولم بهذه المناسبة وأطعم ضيوفه ثلاثة أيام ، عن منهال القصاب ، قال : خرجت من مكة وأنا اُريد المدينة ، فمررت بالأبواء وقد ولد لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، فسبقته إلى المدينة ، ودخل بعدي فأطعم الناس ثلاثاً ، فكنت آكل فيمن يأكل ، فما آكل شيئاً إلى الغد حتى أعود فآكل ، فمكثت بذلك ثلاثاً أُطعم حتى أرتفق ثم لا أطعم شيئاً إلى الغد(٢) .

حليته وصفته :

وُصفعليه‌السلام في المصادر التي ترجمت له بأنه أسمر عميق حالك ، أي شديد السمرة ، وكانعليه‌السلام أزهر إلاّ في القيظ لحرارة مزاجه ، ربع(٣) كثّ اللحية(٤) .

ووصفهعليه‌السلام شقيق بن إبراهيم البلخي الأزدي(٥) حينما خرج حاجاً في سنة (١٤٩ ه‍ ) ، قال : فنظرت إلى فتى حسن الوجه ، شديد السمرة ، ضعيف ، فوق ثيابه ثوب من صوف ، مشتمل بشملة ، في رجليه نعلان(٦) .

___

(١) الكافي ١ : ٣١٦ / ١ ، المحاسن / البرقي ٢ : ٣١٤ / ٣٢ ، بصائر الدرجات / الصفار : ٤٦٠ / ٤.

(٢) المحاسن ٢ : ٤١٨ / ١٨٧.

(٣) الأزهر : المشرق المتلالئ لا الأبيض ، وقوله : لحرارة ، تعليل لعدم الزهرة في القيظ ، والربع : متوسط القامة.

(٤) الفصول المهمة : ٢٣٢ ، بحار الأنوار ٤٨ : ١١.

(٥) زاهد صوفي ، من مشاهير المشايخ في خراسان ، حدث عن أبي حنيفة ، وقتل في غزاة كولان سنة (١٥٣ ه‍ ) ، وقيل : سنة (١٩٤ ه‍ ). سير أعلام النبلاء ٩ : ٣١٣ ، حلية الأولياء ٨ : ٥٨.

(٦) كشف الغمة ٣ : ٣ ، نور الأبصار : ١٤٩ ، تذكرة الخواص : ٣٤٨ ، صفة الصفوة ٢ :

٩٠

ووصفه المأمون حين دخوله على الرشيد في موسم الحج :«شيخ مسخد(١) ، قد أنهكته العبادة ، كأنه شنّ بال ، قد كلم السجود وجهه وأنفه»(٢) .

ومن صفات نفسه الزكية أنه كان أجل الناس شأناً ، وأعلاهم في الدين مكاناً ، وأسخاهم بناناً ، وأفصحهم لساناً ، وأشجعهم جناناً ، وقد خص بشرف الولاية ، وحاز إرث النبوّة ، وبُوِّأ محلّ الخلافة ، سليل النبوة ، وعقيد الخلافة(٣) .

وكانعليه‌السلام عظيم الفضل ، رابط الجأش ، واسع العطاء ، لقب بالكاظم لكظمه الغيظ وحلمه(٤) .

كنيته :

كانعليه‌السلام يكنى أبا الحسن وأبا إبراهيم وأبا علي ، أو الخاص أبا علي(٥) ، وقيل : أبو اسماعيل(٦) ، وأشهرها الأول ، وقيل : الأثبت أبو إبراهيم ، لأنه قالعليه‌السلاممنحني أبي كنيتين »(٧) ، ويقال له أبو الحسن الأول أو الماضي ، وللرضاعليه‌السلام أبو الحسن الثاني ، ولعلي بن محمد النقيعليه‌السلام أبو الحسن الثالث ، فإذا ورد حديث عن أبي الحسن وأطلق أو خصص بالماضي أو الأول ، فالمراد موسى

___

١٨٥ ، الفصول المهمة : ٢٣٣ ، إسعاف الراغبين : ٢٤٧ ، دلائل الإمامة : ١٥٢ ، مطالب السؤول : ٨٣.

(١) أي مصفر الوجه.

(٢) عيون أخبار الرضا ١ : ٨٨ / ١١.

(٣) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٧.

(٤) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ٢٢٦.

(٥) روضة الواعظين : ٢٦٤ ، الهداية الكبرى : ٢٦٣ ، بحار الأنوار ٤٨ : ١١ ، اعلام الورى ٢ : ٥ ، تاج المواليد : ٤٥ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٧.

(٦) مطالب السؤول : ٨٣ ، بحار الأنوار ٤٨ : ١١.

(٧) الارشاد ٢ : ٢١٥.

٩١

ابن جعفرالكاظمعليه‌السلام (١) .

ألقابه ونعوته :

عرفعليه‌السلام بألقاب ونعوت كثيرة تدل على خصال نفسه الكريمة وخلال روحه السامية ، كالكاظم ، والعالم ، والأمين ، والمأمون ، والصابر ، والصالح ، والوفي ، وراهب بني هاشم ، ومنقذ الفقراء ، وأسخى العرب ، وأعبد أهل زمانه ، وأفقه الثقلين ، ومطعم المساكين ، وحليف كتاب الله ، والنفس الزكية ، وزين المجتهدين ، والزاهر ، وسمي بذلك لأنه زهر بأخلاقه الشريفة وكرمه المضيئ التام ، والمصلح ، والمبرهن ، والبيان ، وذو المعجزات ، والرشيد ، والطيب ، والسيد ، والمبارك ، والتابع لمرضاة الله ، والدليل على ذات الله عزّ وجلّ ، والسبط ، والكهف الحصين ، وقوام آل محمد ، ونظام أهل البيت ، ونور أهل بيت الوحي ، ولقبه الله في اللوح بالمنتخب ، وعرف في بعض الأسانيد وغيرها بالعبد الصالح ، لعبادته واجتهاده وقيامه بالليل ، وعرف بعد وفاته بباب الحوائج إلى الله ، لنجح مطالب المتوسلين إلى الله تعالى به(٢) .

وأشهر ألقابهعليه‌السلام الكاظم ، والكاظم في اللغة : الممتلئ خوفاً وحزناً ، ومنه : كظم قربته ، إذا شدّ رأسها ، والكاظمة : البئر الضيقة والسقاية المملوءة.

واختلف المؤرخون في سبب اطلاق هذا اللقب ، لكنهم اتفقوا على أنه سمي

___

(١) التتمة في تواريخ الأئمّةعليهم‌السلام / تاج الدين العاملي : ١٣٦ ، ألقاب الرسول وعترته / لقدماء المحدثين : ٦.

(٢) روضة الواعظين : ٢٦٤ ، الارشاد ٢ : ٢١٥ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٧ ، تذكرة خواص الأمّة : ١٩٦ ، الغيبة / النعماني : ١٣٠ ، مطالب السؤول : ٨٣ ، تاريخ أهل البيتعليهم‌السلام : ١٣٨ ، الهداية الكبرى : ٢٦٣ ، بحار الأنوار ٤٨ : ١١ و ١٧٤ ، ملحقات إحقاق الحق / السيد المرعشي ٣٣ : ٨٢٩.

٩٢

الكاظم لكظمه الغيظ ، وسعة حلمه ، وكثرة تجاوزه ، واحسانه إلى من يسيء إليه ، وكان هذا دأبه دائماً.

وقالوا : إنما سميعليه‌السلام بالكاظم لما كظمه من الغيظ ، واحتمل من الأذى ، وصبر على فعل الظالمين به ، وسقوه السم مراراً حتى مضىعليه‌السلام قتيلاً في حبسهم ووثاقهم(١) .

عن ربيع بن عبد الرحمن ، قال :«كان واللهموسى بن جعفرعليهما‌السلام من المتوسمين ، يعلم من يقف عليه(٢) بعد موته ، ويجحد الإمام بعده إمامته ، فكان يكظم غيظه عليهم ، ولا يبدي لهم ما يعرفه منهم ، فسمي الكاظم لذلك»(٣) .

وقال سبط ابن الجوزي :«كان موسىعليه‌السلام جواداً حليماً ، وإنما سمّي الكاظم لأنه كان إذا بلغه عن أحد شيء بعث إليه بمال»(٤) .

نقش خاتمه :

أخرج الصدوق عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال :«كان نقش خاتم أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : حسبيالله ، قال الحسين بن خالد : وبسط أبو الحسن الرضاعليه‌السلام كفه وخاتم أبيه في إصبعه حتى أراني النقش»(٥) .

وعن يونس والبزنطي ، عن الرضاعليه‌السلام ، قال :«كان نقش خاتم

___

(١) تذكرة الخواص : ١٩٦ ، اعلام الورى ٢ : ٣٢ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٧ ، ألقاب الرسول وعترته : ٦٣ ، بحار الأنوار ٤٨ : ١١.

(٢) أي يتوقف عليه ويدعي مهدويته ، ولا يقول بإمامة ولده الرضاعليه‌السلام .

(٣) عيون أخبار الرضا ١ : ١١٢.

(٤) تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ١٩٦.

(٥) أمالي الصدوق : ٥٤٣ / ٧٢٦ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ٥٤ / ٢٠٦.

٩٣

أبي الحسن عليه‌السلام : حسبي الله ، وفيه وردة وهلال في أعلاه »(١) .

وعن الحسن بن علي بن مهران وعلي بن مهزيار ، قال :«دخلت على أبي الحسن موسىعليه‌السلام وفي اصبعه خاتم فصه فيروزج ، نقشه : اللهُ المَلِكُ»(٢) .

وعن ابن الصباغ وغيره : نقش خاتمه : الملك للهوحده(٣) .

وعن الإربلي والكفعمي : نقش خاتمه : كن من الله على حذر ، وقيل : من كثرت سلامته دامت علته(٤) .

شاعره :

شاعرهعليه‌السلام السيد الحميري(٥) ، والظاهر من حديث درست بن أبي منصور أن الكميت بن زيد كان يتردد على الإمام الكاظم(٦) .

بوّابه :

بوابهعليه‌السلام : محمد بن المفضّل(٧) .

عمره ومدّة إمامته :

تقدم أن الإمام الكاظمعليه‌السلام ولد في سنة (١٢٨ ه‍ ) ، وقيل : سنة (١٢٩ ه‍ ) ،

___

(١) الكافي ٦ : ٤٧٣ ، بحار الأنوار ٨٤ : ١٠ و ١١.

(٢) الكافي ٦ : ٤٧٢ / ٢ ، ثواب الأعمال / الصدوق : ٢٠٩ ، مكارم الأخلاق : ٨٩ ، عدة الداعي / ابن فهد : ١١٩.

(٣) الفصول المهمة / ابن الصباغ : ٢٣٢.

(٤) مصباح الكفعمي : ٥٢٣ ، كشف الغمة ٢ : ٦٨ ، التتمة في تواريخ الأئمّةعليهم‌السلام : ١٠٦.

(٥) الفصول المهمة : ٢٣٢ ، بحار الأنوار ٤٨ : ١٧٣.

(٦) اختيار معرفة الرجال / الطوسي ٢ : ٤٦٥ / ٣٦٤.

(٧) الفصول المهمة : ٢٣٢ ، تاريخ أهل البيتعليهم‌السلام : ١٤٨ ، الهداية الكبرى : ١٢٨ ، مصباح الكفعمي : ٥٢٣ ، نور الأبصار : ١٦٤ ، وفي مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٨ : بوابه المفضّل بن عمر ، والظاهر أنه تصحيف محمد بن المفضل بن عمر المتقدم.

٩٤

واستُشهد مسموماً في حبس الرشيد لعنه الله سنة (١٨٣ ه‍ ) ، وقيل : سنة (١٨٦ ه‍ ) وبناءً على ذلك ، فإن مدة عمرهعليه‌السلام على أصح الروايات خمس وخمسين سنة ، عشرون منها مع أبيهعليهما‌السلام ، لشهادة أبيه الصادقعليه‌السلام سنة (١٤٨ ه‍ ) ، وهي مدة إمامته(١) .

وقال سبط ابن الجوزي :«واختلفوا في سنه على أقوال ، أحدها : خمس وخمسون سنة ، والثاني : أربع وخمسون(٢) ، والثالث : سبع وخمسون ، والرابع : ثمان وخمسون(٣) ، والخامس : ستون»(٤) ، وذكر الخصيبي أنهعليه‌السلام مضى وله تسع وأربعون سنة(٥) .

وعن سليمان بن حفص ، أنهعليه‌السلام توفي وهو ابن سبع وأربعين سنة(٦) .

أما قوله : أربع وخمسون وسبع وخمسون وثمان وخمسون سنة ، فهو مبني على الخلاف المتقدم في سنة ولادته ووفاته ، وباقي الأقوال لا يوجد ما يؤيدها ، ومعارضة بالمسلم من الروايات في هذا الشأن.

وذكر الخصيبي أن مقامه مع أبيه جعفر الصادقعليهما‌السلام أربع عشرة سنة(٧) ، وهو يستلزم إما تأخر ولادته بأربع سنين ، أو تقدم موت أبيه بهذا القدر ، ولم

___

(١) الارشاد ٢ : ٢١٥ ، اعلام الورى ٢ : ٥ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٧ ، تاج المواليد : ١٢١.

(٢) وهو مروي في الكافي ١ : ٤٨٦ عن أبي بصير ، وذكر الشيخ الكليني أنه قبض وهو ابن أربع أو خمس وخمسين سنة.

(٣) ورد هذا القول أيضاً في تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤١٤.

(٤) تذكرة الخواص : ١٩٦.

(٥) الهداية الكبرى : ٢٦٣.

(٦) عيون أخبار الرضا ٢ : ٩٧ / ٧.

(٧) الهداية الكبرى : ٢٦٣.

٩٥

ترد رواية تؤيد ذلك.

أزواجه :

كل أزواجه أمهات أولاد ، منهن أم الإمام الرضاعليه‌السلام ، وهي السيدة نجمة ، وكنيتها أُمّ البنين ، وهي جارية مولّدة من أشراف العجم ، حيث ولدت في ديار العرب ، ونشأت مع نسائهم وبناتهم وتأدّبت بآدابهم ، ولها أسماء وألقاب أخرى ، وهي سكن ، وأروى ، وسمانة ، وخيزران المرسية ، وشقراء ، وصقر ، وسكينة النوبيّة ، وشهد ، وسُلافة ، ولما ولدت الرضاعليه‌السلام سمّاها الإمام الكاظمعليه‌السلام الطاهرة ، وسمّاها الإمام الكاظمعليه‌السلام تكتم حين ملكها(١) ، قال الشاعر :

ألا أن خير الناس نفسا ووالدا

ورهطا وأجدادا عليُّ المعظم

أتتنا به للعلم والحلم ثامنا

إماما يؤدّي حجّة الله تكتم(٢)

وكانت في غاية العبادة والتقى ، وجاء في فضلها كثير من الأخبار ، ذكر الشيخ الصدوق :«أن الإمام الكاظمعليه‌السلام أمر هشام بن أحمر بشرائها من نخاس كان قد أتى بها من أقصى بلاد المغرب ، وجعلها عند اُمه السيدة حميدة ، وجاء عنها أنها رأت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام فقال لها :ياحميدة ، هبي نجمة لابنك موسى ، فأنّه سيولد له منها خير أهل الأرض ، فوهبتها له»(٣) .

وفي رواية : قال أبو عبد اللهعليه‌السلاميا ابن أحمر ، أما انها تلد مولوداً ليس

___

(١) إكمال الدين ١ : ٣٠٧ ، الاختصاص / الشيخ المفيد : ١٩٧ ، كشف الغمّة ٢ : ٢٦٧ ، فرق الشيعة / النوبختي : ٩٦ ، تراجم أعلام النساء / الأعلمي ٢ : ٢٠٧ ، بحار الأنوار ٤٩ : ٣ / ٣ و ٦ / ٧ ، و ١٥ و ١٦.

(٢) عيون أخبار الرضا ١ : ١٣ / ٢.

(٣) عيون أخبار الرضا ١ : ١٤ / ٤ ، الاختصاص / المفيد : ١٩٦.

٩٦

بينه وبين الله حجاب »(١) .

أولاده :

اختلف المؤرخون في عدد أولاد الإمام الكاظمعليه‌السلام وعدد الاُناث والذكور منهم وأسمائهم ، فأقلّ ما قالوه أنهم ثلاثون : خمسة عشر ولداً وخمس عشرة اُنثى ، وذكروا أنهم سبعة وثلاثون : عشرون أبناً وسبع عشرة بنتاً ، وقيل : ثمان وثلاثون : عشرون ابناً وثماني عشرة بنتاً ، وقيل : تسع وثلاثون ولداً ذكراً واُنثى ، بينما ذكر بعضهم أنهم أربعون : عشرون ذكراً وعشرون اُنثى ، أو واحد وأربعون : ثمانية عشر ذكراً وثلاث وعشرون بنتاً ، وأكثر ما قالوه ستون ، منهم سبع وثلاثون بنتاً وثلاثة وعشرون ابناً.

فالمعدود من الذكور ثمانية عشر وهم : الإمام علي الرضاعليه‌السلام ، وإبراهيم ، والعباس ، والقاسم ، وإسماعيل ، وجعفر ، وهارون ، والحسن ، وأحمد ، ومحمد ، وعبيد الله ، وحمزة ، وزيد ، وعبد الله ، وإسحاق ، والحسين ، والفضل ، وسليمان. وزاد آخرون : إبراهيم الأصغر ، وأبو بكر ، وجعفر الأصغر ، وعمر ، وعبد الرحمن ، ويحيى ، وعقيل ، وداود.

ودرج منهم خمسة لم يعقبوا بغير خلاف وهم : عبد الرحمن ، وعقيل ، والقاسم ، ويحيى ، وداود.

أما الاُناث فالمعدود منهنّ تسع عشرة وهنّ : فاطمة الكبرى ، وفاطمة الصغرى ، ورقية الكبرى ، وحكيمة ، وأم أبيها ، ورقية الصغرى ، وكلثم ، وأم جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجة ، وعلية ، وآمنة ، وحسنة ، وبريهة ، وعائشة ، وأم سلمة ، وميمونة ، وأم كلثوم. وزاد آخرون : أم فروة ، وأسماء ، وأم عبد الله ،

___

(١) بحار الأنوار ٤٨ : ٩.

٩٧

وزينب الصغرى ، وأم القاسم ، وحواء ، وأسماء الصغرى ، ومحمودة ، واُمامة(١) .

في سيرة بعضهم :

لكل واحد من ولد أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام فضل ومنقبة مشهورة ، وكان أفضل ولد أبي الحسن موسىعليه‌السلام وأنبههم وأعظمهم قدراً ، وأعلمهم وأجمعهم فضلاً ، هو أبو الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، ثامن أئمة الهدى وأعلام التقى من أهل البيتعليهم‌السلام (٢) .

وفيما يلي نذكر سيرة بعض أولاد الإمام أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام .

١ـإبراهيم الأكبر : وكان سخياً شجاعاً كريماً ، تقلد الإمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن محمد بن زيد بن علي الذي بايعه أبو السرايا بالكوفة ، ومضى إليها ففتحها وأقام بها مدة إلى أن كان من أمر أبي السرايا ما كان ، فأخذ له الأمان من المأمون(٣) .

٢ـإبراهيم الأصغر : وهو المشهور بإبراهيم المجاب ، المدفون بالحائر الحسيني ، وهو جد السيدين الجليلين الشريفين : السيد المرتضى ، والسيد الرضي(٤) .

___

(١) كفاية الطالب : ٤٥٧ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤١٤ ، الارشاد ٢ : ٢١٥ ، ملحقات إحقاق الحق ٣٣ : ٨٢١ و ٨٣٢ ، الفصول المهمة : ٢٤١ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٢٨٧ و ٣٠٣ ، تذكرة الخواص : ١٩٧ ، مطالب السؤول : ٨٤ ، المنتظم في تاريخ الملوك والاُمم ٩ : ٨٧ ، البداية والنهاية ١٠ : ١٩٧ ، كشف الغمة ٢ : ٢١٣ ، عمدة الطالب : ١٩٦ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٢٧٤.

(٢) الارشاد ٢ : ٢٤٥ ، الفصول المهمة : ٢٣٢.

(٣) الارشاد ٢ : ٢٤٥ ، مقاتل الطالبيين : ٣٥٥ ، الفصول المهمة : ٢٣٢ ، سر السلسلة العلوية / أبو نصر البخاري : ٣٧.

(٤) عمدة الطالب : ٢٠٢ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٣٠٣ ، والظاهر من أغلب المحدثين أن

٩٨

٣ـأحمد : وكان كريماً جليلاً ورعاً ، وكان أبو الحسن موسىعليه‌السلام يحبه ويقدمه ، ووهب له ضيعته المعروفة باليسيرة ، ويقال : ان أحمد بن موسى أعتق ألف مملوك(١) . وهو المدفون بشيراز ويعرف بسيد السادات ، ويعرف عند أهل شيراز بشاه جراغ ، وفي عهد المأمون قصد شيراز مع جماعة ، وكان من قصده الوصول إلى أخيه الرضاعليه‌السلام ، فلما سمع به عامل المأمون على شيراز توجه إليه وقاتله خارج البلد في مكان يقال له : خان زينان ، فتفرق عنه أصحابه ، وتوجه نحو شيراز فاتبعوه وقتلوه ، وقيل : إنه لما دخل شيراز اختفى واشتغل بعبادة ربه ، حتى توفي لأجله ، ويعتقد البعض أن مشهد السيد أحمد في بلخ(٢) ، ويعتقد البعض أن الذي بشيراز هو أحمد بن موسى المبرقع.

٤ـإسحاق : ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرضاعليه‌السلام ، وكان يلقب بالأمين ، وتوفي سنة (٢٤٠ ه‍ )في المدينة(٣) .

٥ـإسماعيل : وهو صاحب الجعفريات ، وقبره في مصر ، قال النجاشي : سكن مصر وولده بها ، وله كتب يرويها عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام منها : كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب الصوم ، كتاب الحج ، كتاب

___

المسمى بإبراهيم من أولاد أبي الحسنعليه‌السلام رجل واحد ، ولكن عبارة صاحب عمدة الطالب تدل على أن إبراهيم من ولده اثنان : إبراهيم الأكبر وإبراهيم الأصغر ، والأصغر يلقب بالمرتضى والعقب منه ، واُمه أم ولد نوبية اسمها نجية ، ومعلوم أن علماء النسب أعلم من غيرهم بهذا الشأن ، وصرح بحر العلوم أن الأصغر هو جد المرتضى والرضي ، وهو المدفون في الحائر الحسيني خلف ظهر الحسينعليه‌السلام .

(١) الارشاد ٢ : ٢٤٥ ، الفصول المهمة : ٢٣٥ ، ملحقات إحقاق الحق ٣٣ : ٨٣٣.

(٢) بحار الأنوار ٤٨ : ٣٠٨.

(٣) بحار الأنوار ٤٨ : ٢٨٤ و ٣١٤ ، الدرجات الرفيعة / السيد علي خان : ٤٨٨.

٩٩

الجنائز ، كتاب الطلاق ، كتاب النكاح ، كتاب الحدود ، كتاب الدعاء ، كتاب السنن والآداب ، كتاب الرؤيا(١) .

٦ـجعفر : ويقال له الخواري ، ويقال لولده الخواريون والشجريون لأن أكثرهم بادية حول المدينة يرعون الشجر ، وفي مشجر العميدي : كان جعفر موصوفاً بالشجاعة والفروسية ، وعده أبو نصر البخاري من خلص الموسوية الذين لم يجد أحداً يشك فيهم من النساب(٢) .

٧ـزيد : وهو الخارج بالبصرة أيام الأمين والمأمون ، عقد له محمد بن محمد ابن زيد بن علي على الأهواز أيام أبي السرايا ، ولما دخل البصرة وغلب عليها أحرق دور بني العباس فقيل له زيد النار ، وحاربه الحسن بن سهل فظفر به ، وأرسله إلى مرو مقيداً ، فعفا عنه المأمون ، ثم سقاه السم وقتله ، وقبره بمرو(٣) .

٨ـالقاسم : وكان أبوهعليه‌السلام يحبه كثيراً ويرأف عليه ، وقبره في ناحية القاسم التابعة لقضاء الهاشمية في الحلّة من العراق ، وهو مزار متبرك به ، يقصده الناس للزيارة وطلب البركة ، وقد ذكر قبره ياقوت في معجم البلدان ، وعبد المؤمن البغدادي في مراصد الاطلاع ، ونص السيد ابن طاوس في مصباح الزائر على استحباب زيارته(٤) ، وله كرامات كثيرة يعرفها جميع العراقيين.

٩ـمحمد : هو الملقب بالعابد ، وكان من أهل الفضل والصلاح والعبادة

___

(١) بحار الأنوار ٤٨ : ٣١٤.

(٢) بحار الأنوار ٤٨ : ٢٨٤.

(٣) تاريخ الطبري ١٠ : ٢٣١ ، سر السلسلة العلوية : ٣٧ ، عمدة الطالب : ٢٢١ ، تذكرة الخواص : ١٩٧ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٢٨٥ و ٣١٥.

(٤) عمدة الطالب : ٢٢٩ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٣١٠.

١٠٠