مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة0%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 477

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ عزت الله المولائي والشيخ نجم الدين الطبسي
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الصفحات: 477
المشاهدات: 249520
تحميل: 8428

توضيحات:

الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 249520 / تحميل: 8428
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء 4

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الظالمون (١) .

السفهاء (٢) .

المطبوع على قلوبهم (٣) .

أمّة السوء (٤) .

شاربو الخمر (٥) .

مؤذو المؤمنين، صراخ أئمة المستهزئين، أكلة الغاصب، قَتلة أولاد الأنبياء، مبيرو عترة الأوصياء، ملحقو العهار بالنسَب (٦) .

عظماء الجبّارين (٧) .

قَتلة أولاد البدريين، قتلة عترة خير المرسلين، قتلة المؤمنين (٨) .

الخبيثون (٩) .

أولاد الزنا (١٠) .

الطُغام (١١) .

____________________

(١) راجع: الكامل في التاريخ، ٤: ٧٥.

(٢) راجع: نور الأبصار: ١٤٤.

(٣) راجع: الإرشاد: ٢: ٩٨.

(٤) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ٢: ٩ و ٣٩.

(٥) راجع: تذكرة الخواص: ٢١٨.

(٦) راجع: المقتل للخوارزمي، ٢: ٩.

(٧) راجع: الإرشاد، ٢: ٩٦، وتاريخ الطبري ٣: ٣١٨.

(٨) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي ٢: ١٤.

(٩) راجع: إبصار العين: ١٢٣.

(١٠) راجع: تاريخ الطبري ٣: ٣٢١.

(١١) راجع: وقعة الطفّ: ٢٥٢، والطغام: بمعنى أراذل الناس (لسان العرب ٢: ٩٤).

٢٢١

مظهرو الفساد في الأرض، مبطلو الحدود، المستأثرون في أموال الفقراء والمساكين (١) .

عددُ الجيش الأموي

تفاوتت الروايات والمتون التاريخية في عدد الجيش الأمويّ الذي واجه الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء يوم عاشوراء، وهذه الأعداد على الترتيب من الأقلّ إلى الأكثر هي:

١ - ألف مقاتل (٢) .

٢ - أربعة آلاف (٣) .

٣ - ستّة آلاف (٤) .

٤ - ثمانية آلاف (٥) .

٥ - اثنا عشر ألفاً (٦) .

٦ - ستّة عشر ألفاً (٧) .

____________________

(١) راجع: تذكرة الخواص: ٢١٨.

(٢) راجع: نور الإبصار: ١٤٣.

(٣) راجع: تاريخ اليعقوبي ٢: ١٧٦، والبداية والنهاية ٨: ١٦٩.

(٤) راجع: حياة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام ٣: ١٢١ عن الصراط السويّ في مناقب آل النبيّ ص٨٧.

(٥) راجع: حياة الإمام الحسين بن عليّعليه‌السلام ٣: ١٢٠ عن مرآة الزمان في تواريخ الأعيان ص٩٢.

(٦) راجع: الدرّ النظيم: ٥٥١.

(٧) راجع: الدرّ النظيم: ٥٥١.

٢٢٢

٧ - عشرون ألفاً (١) .

٨ - اثنان وعشرون ألفاً (٢) .

٩- ثلاثون ألفاً (٣) .

١٠- خمسة وثلاثون ألفاً (٤) .

١١ - أربعون ألفاً (٥) .

١٢ - خمسون ألفاً (٦) .

١٣ - مئة ألف (٧) .

إشارة

 لقد أُنشئت مدينة الكوفة لغرض عسكري بالأساس، وكانت تتمتع بقدرات تعبوية كبيرة من حيث العدد والعدّة، وفي الروايات والمتون التاريخية دلائل كثيرة على هذه الحقيقة، فقد روي مثلاً أنّ سليمان بن صُرَد الخزاعي كان قد خاطب الإمام الحسنعليه‌السلام - وقد أنكر عليه أمر الصلح - قائلاً: (لا ينقضي تعجبي من بيعتك معاوية ومعك مئة ألف مقاتل من أهل العراق)(٨) ، وورد في بعض رسائل أهل

____________________

(١) راجع: الصواعق المحرقة: ١٩٧، والفصول المهمة: ١٧٥، ومرآة الزمان ١: ١٣٢.

(٢) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي ٢: ٧، وشذرات الذهب ١: ٦٧، ومرآة الزمان ١: ١٣٢، وكشف الغمّة ٢: ٢٥٩.

(٣) راجع: عمدة الطالب: ١٩٢.

(٤) راجع: المناقب لابن شهرآشوب: ٤: ٩٨.

(٥) راجع: نور العين في مشهد الحسينعليه‌السلام : ٢٣.

(٦) راجع: حياة الإمام الحسين بن عليّعليه‌السلام ٣: ١٢ عن شرح شافية أبي فراس ١: ٩٣.

(٧) راجع: حديقة الشيعة للأردبيلي: ٥٠٠.

(٨) راجع: حياة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام ٣: ١٢١.

٢٢٣

الكوفة إلى الإمام الحسينعليه‌السلام : (إنّ لك هاهنا مئة ألف سيف فلا تتأخر)(١) ، ولا شكّ أنّ قدرة الكوفة التعبوية عسكرياً أكبر من ذلك بكثير؛ لأنّ هذه المئة ألف - المشار إليها في هذين النصّين - إنّما تُعبّأ لطرف من طرفي النزاع الداخلي على الحكم، لا لمواجهة أمر خارجي يستدعي تعبئة كلّ الأمّة حيث يكون العدد أكبر وأكبر.

وإذا كان الحديث عن العدّة كاشفاً عن العدد، فإنّ عدّة السلاح والإمداد في جيش ابن زياد وضخامتها دليل على أنّ جيش ابن زياد كان كبيراً جدّاً، يقول الشيخ القرشي: (وتسلّح جيش ابن زياد بجميع أدوات الحرب السائدة في تلك العصور، فقد كان استعداده لحرب الإمام استعداداً هائلاً، ويحدّثنا المؤرّخون عن ضخامة ذلك الاستعداد، فقالوا: إنّ الحدّادين وصانعي أدوات الحرب في الكوفة كانوا يعملون ليلاً ونهاراً في برْيِ النبال وصقل السيوف في مدّة كانت تربو على عشرة أيّام... لقد دفع ابن زياد لحرب الحسين بقوّة عسكرية مدجّجة بالسلاح، بحيث كانت لها القدرة على فتح قطر من الأقطار)(٢) .

ويذهب بعض المتتبّعين: إلى أنّ الأقرب الأقوى أنّ عدد الجيش الأموي الذي واجه الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء هو:ثلاثون ألفاً ؛ لأنّ هناك رواية عن الإمام الحسنعليه‌السلام أنّه خاطب الإمام الحسينعليه‌السلام قائلاً:

(ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله! يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنّهم من أمّة جدّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب

____________________

(١) راجع: الإرشاد ٢: ٧١، ومثير الأحزان: ٢٦.

(٢) حياة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام ٣: ١٢٤.

٢٢٤

ثِقلك...) (١) .

ورواية أخرى عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام أنّه قال:

(ولا يوم كيوم الحسين عليه‌السلام ازدلف عليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنّهم من هذه الأمّة، كلٌّ يتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بدمه! وهو بالله يذكّرهم فلا يتّعظون حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً...) (٢) .

لكنَّ التأمّل مليّاً في هذين النصّين الشريفين، يكشف أنّ هؤلاء الثلاثين ألفاً هم فقط الذين يزدلفون إليهعليه‌السلام متقرّبين إلى الله تعالى بقتله، ومن الثابت تاريخياً: أنّ جُلَّ أهل الكوفة كانت قلوبهم مع الحسينعليه‌السلام ويكرهون قتاله، وقد أُحضروا إلى كربلاء مُكرَهين مرغمين(٣) ، ومثل هؤلاء وهم كثرة لا يزدلفون إليهعليه‌السلام لقتله

____________________

(١) أمالي الصدوق: ١٠١، المجلس ٢٤ حديث رقم ٣.

(٢) أمالي الصدوق: ٣٧٣ - ٣٧٤، المجلس ٧٠ حديث رقم ١٠.

(٣) هدّد ابن زياد جميع أهل الكوفة بإيقاع أشدّ العقوبات بمَن يتخلّف منهم عن الخروج معه لقتال الإمامعليه‌السلام ، وممّا جاء في أمره وتهديده: (.. فلا يبقين رجل من العرفاء والمناكب والتجّار والسكّان إلاّ خرج فعسكر معي، فأيّما رجل وجدناه بعد يومنا هذا متخلّفاً عن العسكر برئت منه الذمّة). (أنساب الأشراف ٣: ٣٨٦ - ٣٨٧).

(وأمرَ القعقاع بن سويد بن عبد الرحمان بن جبير المنقري بالتطواف بالكوفة في خيل، فوجد رجلاً من همدان - من أهل الشام على رواية الدينوري - قد قدم يطلب ميراثاً له بالكوفة، فأتى به ابن زياد فقتله، فلم يبقَ بالكوفة محتلم إلاّ خرج إلى العسكر بالنخيلة). (نفس المصدر ٣: ٣٨٧ وراجع: الأخبار الطوال: ٢٥٥).

ويصف المؤرّخون كراهة الناس للتوجّه إلى قتال الإمامعليه‌السلام ، فيقول البلاذري: (وكان الرجل يُبعث في ألف فلا يصل إلاّ في ثلاثمئة أو أربعمئة وأقلّ من ذلك، كراهة منهم لهذا الوجه) (نفس المصدر: ٣: ٣٨٧).

ويقول الدينوري: (قالوا: وكان ابن زياد إذا وجّه الرجل إلى قتال الحسين في الجمع الكثير، يصلون إلى كربلاء ولم يبقَ منهم إلاّ القليل، كانوا يكرهون قتال الحسين فيرتدعون ويتخلّفون) (الأخبار =

٢٢٥

طائعين، وإذا ازدلفوا إليه مرغَمين فهم ليسوا ممّن يتقرّب إلى الله تعالى بقتله.

إذاً فإذا أضفنا عدد هؤلاء المرغمين على الحضور في كربلاء الكارهين لقتل الإمامعليه‌السلام وقتاله، إلى الثلاثين ألفاً المزدلفين إليه المتقرّبين إلى الله تعالى بقتله، فإنّ عدد الجيش الأموي بلا شك يزيد على الثلاثين ألفاً بكثير، ولكنّنا لا يمكن لنا أن نقطع بالرقم اليقين لعدد هذا الجيش؛ لأنّنا لا نملك وثائق تاريخية تُمكّننا من هذا القطع، وإلى هنا مبلغ علمنا، والله العالم.

أبرزُ القادة العسكريين في جيش ابن زياد

ذكرت بعض كتب التاريخ أسماء أبرز القادة العسكريين في جيش ابن زياد، والمهمّات الحربية التي أُنيطتْ بهم، والمناصب العسكرية التي كانت لهم، وهم:

١ - عمر بن سعد بن أبي وقّاص: وهو القائد الميداني العام لهذا الجيش، وكان ابن زياد قد سرّحه على أربعة آلاف أيّام تعبئة الجيش(١) .

٢ - شمر بن ذي الجوشن: ويأتي من حيث الرتبة والأهميّة بعد عمر بن سعد، وكان على أربعة آلاف في تعبئة الجيش، كما كان قائد الميسرة في جيش ابن سعد

____________________

= الطوال: ٢٥٤). وروى الطبري عن سعد بن عبيدة: أنّه رأى في وقعة كربلاء أشياخاً من أهل الكوفة واقفين على التلّ يبكون ويقولون: اللّهمّ أنزل نصرك (أي على الحسينعليه‌السلام !) فقال لهم سعد: يا أعداء الله، ألا تنزلون فتنصرونه؟! (راجع: تاريخ الطبري ٤: ٢٩٥، مؤسسة الأعلمي - بيروت).

(١) هذا ما أطبقت عليه كتب التاريخ، فراجع منها على سبيل المثال: أنساب الأشراف، ٣: ٣٨٥ - ٣٨٦، والإرشاد: ٢: ٨٤.

٢٢٦

يوم عاشوراء(١) .

٣ - الحصين بن نمير (بن تميم) (٢) : وكان على أربعة آلاف في تعبئة الجيش، كما كان قائد قوّات محاصرة حدود الكوفة قبل ذلك(٣) .

٤ - شبث بن ربعي: وكان على ألف فارس في تعبئة الجيش، وكان أمير الرجّالة في جيش ابن سعد يوم عاشوراء(٤) .

٥ - الحرّ بن يزيد الرياحي: وكان على ألف فارس لمحاصرة الركب الحسيني، كما كان على رَبْع تميم وهمدان في كربلاء يوم عاشوراء(٥) .

٦ - عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي: وكان على رَبْع أهل المدينة في كربلاء يوم عاشوراء(٦) .

٧ - قيس بن الأشعث: وكان على ربْع ربيعة وكندة في كربلاء يوم عاشوراء(٧) .

٨ - عبد الرحمان بن أبي سبرة الحنفي: وكان على ربْع مذحج وأسد في كربلاء

____________________

(١) وهذا أيضاً ما أجمعت عليه كتب التاريخ، فراجع منها مثلاً: الفتوح: ٥: ١٥٧، والإرشاد: ٢: ٩٥.

(٢) تذكره بعض المصادر التاريخية: الحصين بن تميم بدلاً من بن نمير.

(٣) راجع: الفتوح، ٥: ١٥٨.

(٤) راجع: أنساب الأشراف: ٣: ٣٨٧، والإرشاد: ٢: ٩٥.

(٥) راجع: مثلاً: أنساب الأشراف ٣: ٣٨٠، والكامل في التاريخ: ٣: ٢٨٦، ومقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم ٢٢٦.

(٦) راجع: الكامل في التاريخ ٣: ٢٨٦، ومقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٢٦، وفي حياة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام : ٣: ١٢٣ - ١٢٤: (على ربع الكوفة)، و(بن زهرة) بدلاً من (بن زهير).

(٧) راجع: الكامل في التاريخ ٣: ٢٨٦، ومقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٢٦، وحياة الإمام الحسين بن عليّعليه‌السلام ٣: ١٢٣ - ١٢٤.

٢٢٧

يوم عاشوراء(١) .

٩ - مضاير بن رهينة المازني: وكان على ثلاثة آلاف في تعبئة الجيش(٢) .

١٠ - كعب بن طلحة: وكان على ثلاثة آلاف في تعبئة الجيش(٣) .

١١ - عزرة بن قيس الأحمسي: وكان أمير الخيل في جيش ابن سعد يوم عاشوراء(٤) .

١٢ - نصر بن حرشة: وكان على ألفين في تعبئة الجيش(٥) .

١٣ - يزيد بن ركاب الكلبي: وكان على ألفين في تعبئة الجيش(٦) .

١٤ - يزيد بن الحرث بن رويم: وكان على ألف في تعبئة الجيش(٧) .

١٥ - عمرو بن الحجّاج الزبيدي: وكان أميراً على قوّات منع الماء منذ اليوم السابع من المحرّم، وكان أمير ميمنة جيش ابن سعد يوم عاشوراء(٨) .

١٦ - حجّار بن أبجر: وكان على ألف في تعبئة الجيش(٩) .

____________________

(١) راجع: الكامل في التاريخ ٣: ٢٨٦، ومقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٢٦، وحياة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام ٣: ١٢٣ - ١٢٤ وفيه: (عبد الله بن سيرة الجعفي).

(٢) راجع: مناقب آل أبي طالب: ٤: ٩٨.

(٣) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٠٠.

(٤) راجع: الإرشاد ٢: ٩٥، وإبصار العين: ٣٢.

(٥) راجع: مناقب آل أبي طالب: ٤: ٩٨.

(٦) راجع: الفتوح ٥: ١٥٧.

(٧) راجع: أنساب الأشراف ٣: ٣٨٧.

(٨) راجع: الأخبار الطوال: ٢٥٥، والإرشاد: ٢: ٩٥.

(٩) راجع: الفتوح: ١٥٩.

٢٢٨

١٧ - الأزرق بن الحرث الصُدائي: وكان أميراً على أربعمئة فارس قاتلوا جماعة بني أسد الذين أرادوا الالتحاق بمعسكر الإمام الحسينعليه‌السلام (١) .

١٨ - زجر بن قيس الجعفي: وكان على خمسمئة فارس في مسلحة عند جسر الصَراة؛ لمنع مَن يخرج من الكوفة ملتحقاً بالإمامعليه‌السلام (٢) .

وهناك قادة آخرون كانوا قد حضروا كربلاء يوم عاشوراء، غير أنّ المصادر التاريخية - حسب متابعتنا - لم تُشخّص مهمّاتهم ومناصبهم العسكرية، منهم: محمّد بن الأشعث، وكثير بن شهاب الحارثي، والقعقاع بن سويد بن عبد الرحمان المنقري، وأسماء بن خارجة الفزاري...(٣) .

عناصرُ الجيش الأموي

يمكن تصنيف الجيش الأموي الذي واجه الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء، من حيث نوع العناصر التي تألّف منها إلى الأصناف التالية:

١ - المزدلفون إلى الإمام عليه‌السلام لقتله: متقرّبين إلى الله بذلك، وبانتهاب حرمته، وسبي ذراريه ونسائه، وانتهاب ثِقله، مجتمعين على هذا الرأي، وهم مع هذا يدّعون ويزعمون أنّهم من أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم ثلاثون ألفاً على ما حدّده الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام ، والإمام زين العابدينعليه‌السلام فيما أُثر عنهما(٤) ، وهذا الصنف

____________________

(١) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي ١: ٣٤٥ - ٣٤٦ عن الفتوح ٥: ١٥٩ - ١٦٢ بتفاوت.

(٢) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ١٩٩ عن كتاب الإكليل للهمداني.

(٣) راجع: أنساب الأشراف ٣: ٣٨٧.

(٤) راجع: أمالي الصدوق: ١٠١ المجلس ٢٤، حديث رقم ٣ / و ٣٧٣ - ٣٧٤ المجلس ٧٠، حديث رقم ١٠.

٢٢٩

الضالّ ربّما شكّل من حيث العدد الأكثرية الساحقة في جيش ابن زياد، ولا شك أنّ هؤلاء ممّن أضلّهم الإعلام الأموي وطمس على أبصارهم وبصائرهم، فكانوا يرون الإمامة والخلافة الشرعية ليزيد بن معاوية! ويرون الإمام الحقّعليه‌السلام خارجاً عن طاعة الإمام! شاقّاً لعصا هذه الأمّة ومفرّقاً لكلمتها، ولو لم يكن هذا ما يعتقدونه؛ لمَا تقرّبوا إلى الله بقتل الإمام الحسينعليه‌السلام على حدّ قول الإمام السجّادعليه‌السلام .

٢ - أهل الأهواء والأطماع: ويمكن تقسيم هؤلاء أيضاً إلى:

أ - الانتهازيّون: وهم الساعون وراء مصالحهم الدنيوية مهما فرضت عليهم هذه المصالح والمطامع من تقلّبات في الانتماء بين الرايات المتعارضة، ولا يعني هذا أنّ الانتهازي لا يعرف أين الحقّ ومَن هم أهله، لكنّ حبّه للدنيا وللرئاسة والمقام يضطرّه إلى التنكّر لأهل الحقّ، كما قد يضطّره إلى قتلهم وملءُ قلبه حسرة عليهم ودموعه تجري أسىً لِما أصابهم، ومن أوضح الأمثلة على هؤلاء: عمر بن سعد لعنه الله، وشبث بن ربعي، وحجّار بن أبجر، وغيرهم كثير(١) .

ب - المرتزقة: وهم الذين يخدمون مَن يعطي أكثر من غيره، ولا يعبأون بما إذا كان مبطلاً أو محقّاً، ولا ترقّ قلوب هؤلاء لمظلوميّة مظلوم ولا تأخذهم شفقة لبشاعة مقتله، ومن أوضح الأمثلة على هؤلاء:

سنان بن أنس، وشمر بن ذي الجوشن، وحرملة بن كاهل، ومسروق بن وائل، وحكيم بن طفيل، ومنهم أولئك الذين سلبوا جميع ملابس الحسينعليه‌السلام حتّى

____________________

(١) منهم ذلك الرجل الذي ينتزع خلخال فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام ليسلبه وهو يبكي! فقالت: لِمَ تبكي؟ فقال أأسلب بنت رسول الله ولا أبكي؟! قالت: فدَعْه، قال: أخاف أن يأخذه غيري! (راجع: سير أعلام النبلاء: ٣: ٣٠٣).

٢٣٠

تركوه عرياناً لعنهم الله جميعاً.

وهؤلاء - كما هو شأنهم في القديم والحاضر - ممسوخون روحيّاً ونفسياً، قد امتلأت صدروهم بالحقد والكراهية لجميع الناس عامة ولأهل الفضل منهم خاصة، فهم يندفعون بسهولة إلى ارتكاب المذابح الطائشة والجرائم الفجيعة بقساوة فظيعة، كما الوحوش الكواسر(١) .

ج - الفَسقة والبطّالون: وهم الذين لا يهمهم من دنياهم إلاّ قضاء أوطارهم من المفاسد التي ألِفوها وتعوَّدوا عليها، ومن العادة وطبيعة الأمور أن يتواجد هؤلاء في صفّ أهل الباطل عند مواجهتهم لأهل الحقّ، وهؤلاء يشهدون على أنفسهم بأنّهم أهل فساد وباطل، ويتذرّعون لأنفسهم بأسخف العلل لعدم انتمائهم لصف الحقّ مع معرفتهم به، ومن أوضح الأمثلة على هؤلاء في جيش عمر بن سعد: أبو

____________________

(١) روي أنّ الذي تولّى ذبح الإمامعليه‌السلام - شمر بن ذي الجوشن - قال للإمامعليه‌السلام : أعرفك حقّ المعرفة، أمّك الزهراء، وأبوك عليّ المرتضى، وجدّك محمّد المصطفى، وخصمك العليّ الأعلى، أقتلك ولا أُبالي! (بحار الأنوار: ٤٥: ٥٦).

وفي رواية أنّ الإمامعليه‌السلام قال:(ويلك! إذا عرفتَ هذا حسبي ونسبي فلِمَ تقتلني؟) قال: إنْ لم أقتلك فمَن يأخذ الجائزة من يزيد؟ (راجع: المنتخب للطريحي: ٤٥١).

ويخاطب سنان بن أنس ابن سعد قائلاً:

أوقِر ركابي فضّة أو ذَهبا

إنّي قتلتُ السيّد المحجّبا

قتلتُ خير النّاس أمّاً وأبا

وخيرهم إذ ينسبون نَسَبا

(راجع: البداية والنهاية: ٨: ١٨٩).

ويروي الطبري عن مسروق بن وائل أنّه قال: كنت في أوائل الخيل لكي أصيب رأس الحسين!

(راجع: تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٢).

٢٣١

حريث عبد الله بن شهر السبيعي، ويزيد بن عذرة العنزي(١) .

٣ - الخوارج: المشهور بين المؤرّخين أنّ الخوارج كانوا من جملة المشتركين في جيش ابن زياد، الذي عبّأه لقتال الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء، وورد في أكثر كتب المقاتل والتراجم: أنّ سعد بن الحرث الأنصاري العجلاني وأخاه وأبا الحتوف كانا من الخوارج (المحكّمة)، وخرجا مع ابن سعد إلى قتال الحسينعليه‌السلام ، ولمّا قُتل أصحاب الحسينعليه‌السلام ، وجعل يقول:(ألا ناصرٌ فينصرنا؟) وسَمعتهُ النساء والأطفال فتصارخن، وسمع سعد وأخوه أبو الحتوف النداء من الحسينعليه‌السلام والصراخ من العيال، فمالا مع الحسينعليه‌السلام على أعدائه حتّى استشهدا بين يديه(٢) .

فإذا افترضنا أنّ الخوارج كانوا قد خرجوا مع ابن زياد لقتال الإمام الحسينعليه‌السلام

____________________

(١) روى الطبري عن الضحّاك بن قيس المشرقي: أنّه مرّت بمخيّم الحسينعليه‌السلام خيل لابن سعد ليلة عاشوراء، وكان الحسينعليه‌السلام يقرأ هذه الآية الشريفة:( مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) فسمعها رجل من تلك الخيل فقال: نحن وربّ الكعبة الطيّبون، مُيّزنا منكم، فقال الضحّاك لبرير أتعرف مَن هذا؟ قال: لا، قال: أبو حريث عبد الله بن شهر السبيعي - وكان مضحاكاً بطّالاً، وكان ربّما حبسه سعيد بن قيس الهمداني في جناية - فعرفه برير، فقال له: أمّا أنت فلن يجعلك الله في الطيّبين، فقال له: مَن أنت؟

قال: برير، فقال: إنّا لله عزَّ عليَّ، هلكتَ والله، هلكت والله يا بُرير! فقال له برير: هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام؟ فو الله إنّا لنحن الطيّبون وأنتم الخبيثون، قال: وأنا والله على ذلك من الشاهدين، فقال: ويحك! أفلا تنفعك معرفتك؟! قال: جُعلت فداك! فمَن ينادم يزيد بن عذرة العنزي؟ ها هو ذا معي، قال برير: قبّح الله رأيك، أنت سفيه على كلّ حال. (راجع: تاريخ الطبري: ٣: ٣١٧، وإبصار العين: ١٢٢ - ١٢٣).

(٢) راجع مثلاً: إبصار العين: ١٥٩، ووسيلة الدارين: ١٤٩ رقم ٦١، وتنقيح المقال ٢: ١٢ رقم ٤٦٦٦، ومستدركات علم رجال الحديث: ٤: ٢٧ رقم ٦١٠٧.

٢٣٢

راغبين، كما ذهبَ إلى ذلك الشيخ القرشي حيث يقول: (ومن بين العناصر التي اشتركت في حرب الإمامعليه‌السلام الخوارج، وهم من أحقد الناس على آل النبيعليهم‌السلام ؛ لأنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قد وتَرَهم في واقعة النهروان، فتسابقوا إلى قتل العترة الطاهرة للتشفّي منها)(١) ؛ إذاً فهم بلا شك من المزدلفين إلى قتل الإمامعليه‌السلام المتقرّبين إلى الله تعالى بذلك، فهم إذاً من الصنف الأوّل.

لكنّنا إذا أخذنا رأي المحقّق التستري (ره) في ردّه على الشيخ المامقاني (ره)، بصدد كون الأخوين: سعد بن الحارث العجلاني (رض)، وأخيه أبي الحتوف (رض) من الخوارج، حيث يقول التستري (ره): (... ثمّ خروج الخارجيّ مع ابن سعد غير معقول، فكانت الخوارج لا يعاونون الجبابرة في قتال الكفّار، فكيف في حربهعليه‌السلام ؟ ثمّ كيف ينصر الحسين مَن يقول: لا حكم إلاّ لله، ويعلم أنّ الحسينعليه‌السلام مثل أبيه يجوّز التحكيم بكتاب الله؟)(٢) ، أمكنَ لنا القول بأنّ حضور الخوارج في جيش ابن زياد لقتال الإمام الحسينعليه‌السلام ربّما كان على كُرهٍ منهم، فهم من حيث التصنيف من المكرَهين الآتي ذكرهم.

٤ - المكرهون: ومنهم الخوارج - على احتمال - كما قدّمنا، ومنهم مخلص في حبّ الإمامعليه‌السلام وطاعته، لكنّه لم يستطع اللحوق به؛ بسبب الحصار وشدّة المراقبة، حتّى إذا حضر كربلاء في جيش ابن زياد، تحيّن الفرصة ليلة العاشر أو قبلها فالتحق بالإمامعليه‌السلام ، وهؤلاء في حساب العدد أفراد قليلون، ورد ذكرهم في تراجم أنصار الحسينعليه‌السلام ، وربّما أمكن القول: إنّ من هؤلاء أيضاً مَن خرجَ في جيش ابن سعد وهو لا يتوقّع نشوب الحرب بل يتوقّع الصلح، حتّى إذا رُدَّت على الإمامعليه‌السلام

____________________

(١) حياة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام : ٣: ١٥٨.

(٢) راجع: قاموس الرجال، ٥: ٢٨ رقم ٣١٤٧.

٢٣٣

شروطه وصارت الحرب حتماً مقضيّاً، انحازَ إلى الإمامعليه‌السلام وجاهدَ بين يديه حتى استشهد، وهؤلاء أيضاً أفراد قليلون.

غير أنّ القسم الأعظم من صنف المكرهين: أولئك الذين خرجوا في جيش ابن سعد مرغمين؛ خوفاً من بطش ابن زياد، إبّان التعبئة الشاملة القاهرة التي فرضها على أهل الكوفة، وهم الذين غلبَ الشلل النفسي على وجودهم، وطغى مرض الازدواجية على شخصيتهم، فكانت قلوبهم مع الإمامعليه‌السلام وسيوفهم عليه مع سيوف أعدائه، فكانوا حطب نار الفاجعة، ومادّة ارتكاب الجريمة، وعدد هؤلاء كبير جداً نسبة إلى مجموع جيش ابن سعد في كربلاء.

هل اشتركَ أهل الشام في واقعة الطفّ؟

ذهب المسعودي إلى أنّ واقعة الطفّ لم يحضرها شاميٌّ، حيث قال: (وكان جميع مَن حضرَ مقتل الحسين من العساكر وحاربه وتولّى قتله من أهل الكوفة خاصة، لم يحضرهم شاميٌّ...)(١) ، لكنّ هناك متوناً تاريخية قد يُستفاد منها أنّ أهل الشام قد حضروا كربلاء يوم عاشوراء منها:

ما رواه ابن سعد في طبقاته قائلاً: (ودعا رجل من أهل الشام عليَّ بن حسين الأكبر - وأمّه آمنة بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأمّها بنت أبي سفيان بن حرب - فقال: إنَّ لك بأمير المؤمنين قرابة ورحماً، فإنْ شئت آمنّاك وامضِ حيث ما أحببت فقال:أمَا والله، لقرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت أولى أن تُرعى من قرابة أبي سفيان، ثمّ كرّ عليه...)(٢) .

____________________

(١) راجع: مروج الذهب: ٣: ٧١، وعنه ابن الجوزي في تذكرة الخواص: ٢٢٦.

(٢) راجع: ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ومقتله، من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن =

٢٣٤

وما رواه ابن عبد ربّه قائلاً: (ورأى رجل من أهل الشام عبد الله بن حسن بن عليّ - وكان من أجمل النّاس - فقال: لأقتلنّ هذا الفتى...)(١) .

وما رواه ابن قتيبة قائلاً: قال الإمام عليّ بن الحسينعليه‌السلام :(فممّا فهمتهُ وعقلته يومئذٍ مع عِلّتي وشدّتها أنّه أُتي بي إلى عمر بن سعد، فلمّا رأى ما بي أعرضَ عنّي فبقيت مطروحاً لِما بي، فأتاني رجل من أهل الشام فاحتملني فمضى بي وهو يبكي...) (٢) .

وما رواه ابن أعثم الكوفي قائلاً: (ثمّ حَملَرضي‌الله‌عنه - أي عليّ الأكبرعليه‌السلام - فلم يزل يقاتل حتّى ضجّ أهل الشام من يده ومن كثرة مَن قُتلَ منهم...)(٣) .

وورد في كتاب مناقب آل أبي طالبعليه‌السلام : (عندما صاح القاسم بن الحسن: يا عمّاه، حملَ الحسين على قاتله عمر بن سعيد الأزدي فقطع يده، وسلبه أهل الشام من يد الحسين..)(٤) ، وفيه أيضاً: (وبعثَ ابن زياد شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف من أهل الشام...)(٥) .

____________________

= سعد، تحقيق السيّد عبد العزيز الطباطبائي (ره)، ص٧٣.

ويلاحظ هنا: أنّ ابن سعد ذكر أنّ أمّ عليّ الأكبر هي آمنة، لكنّ المحقّق المرحوم السيّد المقرّم في كتابه القيّم (عليّ الأكبر) ذكر أنّ اسمها الشريف (ليلى) وقال: (وما ذكرناه من اسمها نصّ عليه الشيخ المفيد في الإرشاد، والطبرسي في إعلام الورى، واختاره ابن جرير في التاريخ، وابن الأثير في الكامل، واليعقوبي في تاريخه، والسهيلي في الروض الآنف). (كتاب علي الأكبرعليه‌السلام للمقرّم: ٩).

(١) راجع: العقد الفريد: ٥: ١٢٥.

(٢) عيون الأخبار: ١٠٦، وشرح الأخبار: ٣: ١٥٧.

(٣) الفتوح: ٥: ١٣١.

(٤) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٤: ١٠٩.

(٥) نفس المصدر ٤: ٩٨.

٢٣٥

وممّا رواه الشيخ الصدوق (ره): (... وأقبلَ عدوّ الله سنان بن أنس الأيادي وشمر بن ذي الجوشن العامري، في رجال من أهل الشام حتّى وقفوا على رأس الحسينعليه‌السلام ، فقال بعضهم لبعض: ما تنظرون؟! أريحوا الرجل...)(١) .

وممّا رواه الشيخ الكليني (ره) عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:(.. تاسوعاء يومٌ حوصرَ فيه الحسين عليه‌السلام وأصحابه رضي‌الله‌عنهم بكربلا، واجتمع عليه خَيل أهل الشام وأناخوا عليه...) (٢) .

وممّا يُلاحظ على هذه المتون: أنّ مصطلح (أهل الشام) فيها ربّما كان المراد منه - وهذا هو الأظهر والأقوى -: هوية انتماء هذا الجيش سياسياً (الهويّة السياسية)، لا أنَّ هذا الجيش متكوّن من أفراد هم من سكّان الشام، وممّا يؤكّد هذا: ما ورد في رواية الكليني (ره):(واجتمع عليه خيل الشام...) ، وما ورد في رواية ابن أعثم الكوفي (حتّى ضجَّ أهل الشام من يد الحسين)، فإنّ المراد في كلّ هذه المتون الثلاثة هو: جيش ابن زياد المتألّف جُلّه من أهل الكوفة وقبائلها، ومن الأدلّة على ذلك: أنّ ما ورد في هذه المتون الثلاثة ذكرته مصادر أخرى بدون مصطلح (أهل الشام)، بل أشارت إلى أنّ أولئك هم أهل الكوفة.

نعم، قد يكون أظهر هذه المتون دلالة - على حضور أهل الشام - ما ورد في كتاب مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام : (وبعثَ ابن زياد شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف من أهل الشام)، غير أنّ ابن شهرآشوب قد تفرّد بهذه الإضافة (من أهل الشام)؛ إذ إنّ جميع المصادر التاريخية التي ذكرت أنّ ابن زياد سرّح شمر بن ذي

____________________

(١) أمالي الشيخ الصدوق: ١٣٨ المجلس الثلاثون، حديث رقم ١.

(٢) الكافي: ٤، كتاب الصيام: ١٤٧، حديث رقم ٧.

٢٣٦

الجوشن في أربعة آلاف - أيّام التعبئة - لم تذكر أنّ هؤلاء كانوا من أهل الشام(١) ، ويضاف إلى هذا: أنّ المصادر التاريخية أيضاً لم تذكر أنَّ واحداً أو أكثر من القادة العسكريين الشاميين قد حضروا كربلاء يوم عاشوراء، ولو أنّ بعض القطعات العسكرية الشاميّة كانت قد حضرت كربلاء؛ لكان التاريخ قد ذكر القادة العسكريين الذين كانوا أمراء عليها، وهذا ما لم نعثر عليه - حسب متابعتنا - في المصادر التاريخيّة المبذولة.

من هنا نقول: إنّنا لا نقطع - كما يقطع المسعوديّ - أنَّ جيش ابن زياد لم يحضر فيه حتى شاميٌّ واحد، بل نقول: من الممكن العادي أن يحضر في جيش ابن زياد أفراد متفرّقون كثيرون من الشام، بل لعلَّ من غير الممكن أنّ لا يتحقق هذا؛ ذلك لأنّه لابدّ للسلطة المركزية في الشام من مراسلين وجواسيس شاميين يعتمدهم يزيد بن معاوية، يواصلونه بكلّ جديد عن حركة الأحداث في العراق عامّة والكوفة خاصة.

لكنّنا نقطع: بأنّ الشام لم يبعث إلى ابن زياد بأيّة قطعات عسكرية شاميّة للمساعدة في مواجهة الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ وذلك لخلوّ التاريخ من أيّة إشارة معتبَرة تفيد ذلك، بل التاريخ يشير من خلال دلائل كثيرة إلى: أنّ ابن زياد أراد أن يُثبت ليزيد قدرته الإدارية الفائقة من خلال الاكتفاء بتعبئة الكوفة فقط للقضاء على الإمامعليه‌السلام ، وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم.

وإنّ مَن يتابع هذا المعنى - الذي قدّمناه - في المصادر التاريخية يجده واضحاً بيّناً.

____________________

(١) راجع مثلاً: الفتوح: ٥: ١٥٧، والإرشاد: ٢: ٩٥، ومقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٠٠.

٢٣٧

من الأعراف الحربية في ذلك العصر

يقول المرحوم القزويني: (ثمّ اعلم أنّ قانون المحاربة في ذلك الوقت - على ما استفدناه من الحروب المعظّمة كحرب صِفّين وغيرها - أنّ مَن تهيّأ ميمنة وميسرة وقلباً وجناحاً وساقية، ومكاناً للرامية، وموضعاً لأصحاب الأحجار، ويكون لأصحاب الميمنة عدّة مخصوصة من النبالة والحجارة، وكذا لأصحاب الميسرة ولأصحاب القلب عدّة مخصوصة لا يتجاوزون عن مقرّهم وعن وظيفتهم، وأصحاب القلب لا يبرحون عن مكانهم، ولا يحملون ما دام أصحاب الميمنة والميسرة باقين.

نعم، لا تتفّق المبارزة بين أصحاب القلب مع مَن يحذوهم من أصحاب القلب، وأوّل مَن يحمل أو يبارز أصحاب الميمنة على الميسرة، ثمّ أصحاب الميسرة على أصحاب الميمنة، فما في جُلّ المقاتل: أنّه حملَ ميمنة ابن زياد على ميمنة الحسينعليه‌السلام لعلّه اشتباه ناشئ عن عدم التأمّل وعدم العلم بقانون الحرب؛ إذ مقتضى الطبيعة في التعبئة أنّ الميمنة إزاء الميسرة، ولا يمكن أن يحمل الميمنة على الميمنة إلاّ بعد التجاوز عن الميسرة، إلاّ أن يكون البعد بين الفريقين كثيراً بحيث يمكن حمل الميمنة على الميمنة، ثمَّ لا منافاة بين حمل الميمنة على الميسرة ومبارزة الميسرة مع أصحاب الميمنة، فتكون بين الميمنة والميسرة حملة وحملة، وبين الميسرة والميمنة مبارزة يبارز رجل بعد رجل، فيقاتلان، والقلب ثابت على مكانه لا يَحمل.

نعم، بعد مغلوبية الميمنة والميسرة - بحيث لا يبقى ميمنة ولا ميسرة - يكون الجند كلّه بمنزلة القلب، والقلب يحمل عليه، حتّى إذا لم يبقَ من طرف إلاّ واحداً أو اثنين يحملون عليه بأجمعهم أو يتبارزون)(١) .

____________________

(١) الإمام الحسينعليه‌السلام وأصحابه: ٢٨٠.

٢٣٨

الفصل الرابع

ملحمةُ كربلاء يوم عاشوراء من المحرّم سنة ٦١ هـ ق

٢٣٩

٢٤٠