مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة0%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 477

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ عزت الله المولائي والشيخ نجم الدين الطبسي
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الصفحات: 477
المشاهدات: 249610
تحميل: 8428

توضيحات:

الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 249610 / تحميل: 8428
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء 4

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فما زال يُرمى حتى سقط إلى الأرض وهو يقول: (اللّهمَّ العنهم لعن عادٍ وثمود، اللّهمّ أبلغ نبيّك عنّي السلام، وأبلِغه ما لقيتُ من ألَم الجراح؛ فإنّي أردت بذلك نصرة نبيّك)، ثمّ مات، فوجِدَ به ثلاثة عشر سهماً سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح)(١) ، ثمّ التفتَ إلى الحسينعليه‌السلام فقال: أوَفيت يا بن رسول الله؟ فقالعليه‌السلام :نعم، أنت أمامي في الجنّة) ، ثمّ فاضت نفسه النفيسة(٢) .

وينبغي التذكير هنا: بأنّ السلام على سعيد بن عبد الله الحنفي (رض) الوارد في زيارة الناحية المقدّسة، كاشف عن مكانة سامية خاصة له عند أهل البيتعليهم‌السلام ، فقد وردَ السلام عليه فيها هكذا:

(السلام على سعد (٣) بن عبد الله الحنفيّ، القائل للحسين وقد أذِن له في الانصراف: لا والله لا نخلّيك حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا غيبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيك، والله، لو أعلم أنّي أُقتل ثمّ أُحيا، ثمّ أُحرق، ثمّ أُذرى ويُفعل ذلك بي سبعين مرَّة ما فارقتك حتّى ألقى حِمامي دونك، وكيف أفعل ذلك وإنّما هي موتة أو قتلة واحدة؟ ثمّ هي بعدها الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً.

فقد لقيتَ حِمامك، وواسيتَ إمامك، ولقيتَ من الله الكرامة في دار المقامة، حشرنا الله معكم في المستشهدين، ورزقنا مرافقتكم في أعلى علّييّن) (٤) .

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٢٠ - ٢١، وانظر: اللهوف: ١٦٥، وتسلية المجالس: ١: ٢٩١، والبحار: ٤٥: ٢١، ونَفَس المهموم: ٢٧٥.

(٢) إبصار العين: ٢١٨.

(٣) هكذا ورد اسمه في هذه الزيارة.

(٤) البحار: ٤٥: ٧٠.

٣٠١

مقتلُ أنس بن الحارث الكاهلي (رض)(١)

واستأذن الصحابي الجليل أنس بن الحارث الكاهلي (رض) الإمام الحسينعليه‌السلام لمبارزة الأعداء فأذِن له، (وبرز شادّاً وسطه بالعمامة، رافعاً حاجبيه بالعصابة، ولمّا نظر إليه الحسينعليه‌السلام بهذه الهيئة بكى وقال:(شكرَ الله لك يا شيخ) ، فقتلَ على كِبَره ثمانية عشر رجلاً، وقُتل)(٢) .

وكان في قتاله يرتجز قائلاً:

قد عَلِمتْ كاهلُها ودودان

والخندفيّون وقيس عيلان

بأنّ قومي آفة للأقران(٣)

____________________

(١) ذكره الشيخ الصدوق في الأمالي: ١٣٧ المجلس ٣٠ ح١ باسم (مالك بن أنس الكاهلي)، وأنّه كان يقول أثناء القتال:

قد عَلمتْ كاهلها ودودان

والخندفيّون وقيس عيلان

بأنّ قَومي قصم الأقران

يا قوم كونوا كأسود الجان

آل عليّ شيعة الرحمان

وآل حرب شيعة الشيطان

وذكر أيضاً أنّه قتلَ ثمانية عشر رجلاً، وكذلك ذكرهُ بهذا الاسم ابن شهرآشوب في المناقب: ٤: ١٠٢، وذكر أنّه قتلَ أربعة عشر رجلاً، وذكره بهذا الاسم أيضاً الخوارزمي في المقتل: ٢: ٢١، لكنّ أكثر المصادر التاريخية والمقاتل ذكرت هذا الصحابيّ الجليل باسم (أنس بن الحارث الكاهلي)، كما ورد عن ابن حجر في الإصابة: ١: ٦٨، وابن حبّان في كتاب الثقات: ٤: ٤١، والطبري في ذخائر العقبى: ١٤٦، وابن الأثير في أُسد الغابة: ١: ١٢٣ وغيرهم.

وقال المرحوم الشيخ عباس القمّي في نَفَس المهموم: ٢٨٩: (وأحتمل قوّياً أنّ مالك بن أنس الكاهلي المذكور هو أنس بن الحارث الكاهلي الصحابي)، وقد ورد السلام عليه في الناحية المقدّسة هكذا:(السلام على أنس بن كاهل الأسديّ) (البحار: ٤٥: ٧١).

(٢) ذخيرة الدارين: ٢٠٨، وفي المناقب لابن شهرآشوب: ٤: ١٠٢ (فقتل أربعة عشر رجلاً).

(٣) إبصار العين: ١٠٠.

٣٠٢

مقتلُ يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي (رض)

روى الطبري، عن أبي مخنف، عن فضيل بن خديج الكندي: (أنّ يزيد بن زياد(١) ، وهو أبو الشعثاء الكندي - من بني بهدلة - جثا على ركبتيه بين يدي الحسين فرمى بمئة سهم ما سقط منها إلاّ خمسة أسهم، وكان رامياً، فكان كلّما رمى قال:

لَـنِعمَ الـحرُّ حـرُّ بني رياح

ونِعمَ الحرُّ عند مختلف الرماحِ

أنا ابنُ بهدله فرسان العرجله

ويقول حسين:(الّلهمّ سدّد رميته، واجعل ثوابه الجنّة) .

فلمّا رمى بها قام فقال: ما سقط منها إلاّ خمسة أسهم، ولقد تبيّن لي أنّي قد قتلتُ خمسة نفر، وكان في أوّل مَن قُتل..)(٢) .

ثمَّ حملَ على القوم بسيفه وقال:

أنـا يـزيدٌ وأبي مُهاصرُ

كـأنّني لـيثٌ بِغيلٍ خادرُ

يا ربّ إنّي للحسين ناصرُ

ولابن سعدٍ تاركٌ وهاجرُ

فلم يزل يُقاتل حتّى قُتل رضوان الله عليه)(٣) .

وروى الصدوق (ره): أنّ أبا الشعثاء (رض) قتل تسعة من الأعداء، وذكر

____________________

(١) في الإرشاد: ٢: ٨٣ ذكره المفيد (ره) باسم (يزيد بن المهاجر الكناني، وفي تسمية مَن قُتل: ١٥٠ ورد باسم (يزيد بن زيد بن المهاصر، وفي مثير الأحزان: ٦١ (يزيد بن المهاجر)، وفي أمالي الصدوق: ١٣٧ المجلس ٣٠ ح١ (زياد بن مهاصر (مهاجر))، وفي الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٣ (يزيد بن أبي زياد)، وذكره ابن شهرآشوب في المناقب: ٤: ١٠٣ (يزيد بن المهاصر الجعفي).

(٢) تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٠، وانظر: الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٣ وفيه: (وكان أوّل مَن قُتل بين يدي الحسين).

(٣) إبصار العين: ١٧٢.

٣٠٣

مبارزته بعد مبارزة الكاهلي (رض)(١) .

أمّا ابن شهرآشوب، فذكرَ مبارزته بعد مبارزة أنيس بن معقل الأصبحي(٢) .

وهذا بخلاف ما ذكر الطبري في روايته أنّه: (كان في أوّل مَن قُتل)، وما ذكره ابن الأثير (وكان أوّل مَن قُتل بين يدي الحسين)(٣) .

وقد وردَ السلام عليه من الناحية المقدّسة:(السلام على يزيد بن زياد بن مُهاصر الكندي) (٤) .

مقتلُ وهب بن وهب (رض)

روى الشيخ الصدوق (ره)(٥) في أماليه يصف جملة من وقائع فاجعة عاشوراء

____________________

(١) أمالي الصدوق: ١٣٧ المجلس ٣٠، ح١، وانظر: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٢٣.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام : ٤: ١٠٣.

(٣) الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٣.

(٤) البحار: ٤٥: ٧٢.

(٥) يبدو أنّ العلامة المجلسي (ره) يذهب إلى أنّ وهب هذا هو نفسه: وهب بن عبد الله بن حبّاب الكلبي، فقد ذكر في البحار: ٤٥: ١٦ - ١٧ قائلاً: (ثمّ برز من بعده - أي من بعد برير بن خضير الهمداني (رض) - وهب بن عبد الله بن حبذاب الكلبي، وقد كانت معه أمّه يومئذٍ، فقالت: قمْ يا بُنيّ فانصر ابن بنت رسول الله، فقال: أفعل يا أمّاه ولا أُقصّر، فبرزَ وهو يقول:

إنْ تنكروني فأنا ابن الكلب

سوف تروني وترون ضربي

وحَملتي وصَولتي في الحرب

أُدرك ثأري بعد ثأر صَحبي

وأدفعُ الكرب أمام الكرب

ليس جهادي في الوغى باللغبِ

ثمّ حملَ فلم يزل يقاتل حتى قتلَ منهم جماعة، فرجع إلى أمّه وامرأته فوقفَ عليهما فقال: يا أمّاه، أرضيتِ؟ فقالت: ما رضيتُ أو تُقتل بين يدي الحسينعليه‌السلام . =

٣٠٤

وتتابعَ أصحاب الإمامعليه‌السلام في التقدّم إلى القتال والمبارزة قائلاً: (وبرز من بعده - أي

____________________

= فقالت امرأته: بالله لا تفجعني في نفسك، فقالت أمّه: يا بنيّ لا تقبل قولها، وارجع فقاتل بين يدي ابن رسول الله فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي الله، فرجع قائلاً:

إنّي زعيمٌ لكِ أمَّ وهـبِ

بالطعن فيهم تارة والضرب

ضربُ غلامٍ مؤمنٍ بالربِّ

حتّى يُذيقَ القوم مُرَّ الحربِ

إنّي امرؤ ذو مرَّ وعصبِ

ولستُ بالخوّار عند النكبِ

حسبي إلهي من عليم حسبي

فلم يزل يقاتل حتى قتلَ تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً. (إلى هنا راجع أيضاً: مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام : ٤: ١٠٠ - ١٠١) ثمّ قُطعت يداه، فأخذت امرأتُه عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول:فداك أبي وأمّي، قاتِل دون الطيبين حُرَم رسول الله، فأقبلَ كي يردّها إلى النساء فأخذت بجانب ثوبه وقالت: لن أعود أو أموت معك.

فقال الحسينعليه‌السلام :(جُزيتم من أهل بيتٍ خيراً، ارجعي إلى النساء رحمكِ الله) ، فانصرَفت، وجعل يُقاتل حتى قُتل رضوان الله عليه، فذهبت امرأته تمسح الدّم عن وجهه، فبصرَ بها شمر، فأمرَ غلاماً له فضربها بعمود كان معه فشدَخها وقتلها، وهي أوّل امرأة قُتلت في عسكر الحسين.

ورأيتُ حديثاً: أنّ وهب هذا كان نصرانيّاً، فأسلمَ هو وأمّه على يدي الحسينعليه‌السلام ، فقتلَ في المبارزة أربعة وعشرين راجلاً واثني عشر فارساً، ثمّ أُخذ أسيراً، فأُتي به عمر بن سعد فقال: ما أشدَّ صولتك؟! ثمّ أمرَ فضُربت عُنقه، ورُمي برأسه إلى عسكر الحسينعليه‌السلام ، فأخذت أمّه الرأس فقبّلته، ثمّ رمت بالرأس إلى عسكر ابن سعد فأصابت به رجلاً فقتلته، ثمّ شدّت بعمود الفسطاط فقتلت رجلين، فقال لها الحسين:(ارجعي يا أمَّ وهب، إنّكِ وابنك مع رسول الله، فإنّ الجهاد مرفوع عن النساء، فرَجعت وهي تقول: إلهي لا تقطع رجائي، فقال لها الحسينعليه‌السلام :لا يقطع الله رجاكِ يا أمَّ وهب).

ويلاحظ المتتبِّع: أنّ هناك خلطاً في بعض المصادر التاريخية بين قصة عبد الله بن عمير الكلبي (رض)، وبين قصة وهب بن وهب (رض)، خصوصاً في رجزها وفي طريقة مقتل زوجة عبد الله بن عمير (رض) أمّ وهب، وقتل زوجة وهب على يد رستم غلام شمر.

٣٠٥

من بعد يزيد بن زياد بن المهاصر، أبي الشعثاء الكندي (رض) - وهب بن وهب، وكان نصرانياً أسلمَ على يدي الحسينعليه‌السلام هو وأمّه، فاتّبعوه إلى كربلاء، فركبَ فرساً وتناول بيده عود الفسطاط (عمود الفسطاط)، فقاتل وقتلَ من القوم سبعة أو ثمانية، ثمّ استؤسِر فأُتي به عمر بن سعد لعنه الله، فأمرَ بضرب عنقه، ورمى به إلى عسكر الحسينعليه‌السلام ، وأخذت أمّه سيفه وبرزت، فقال لها الحسينعليه‌السلام :

(يا أُمَّ وهب، اجلسي فقد وضعَ الله الجهاد عن النساء، إنّك وابنك مع جدّي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنّة) (١) .

مقتلُ الحجّاج بن مسروق المذحجي الجعفي (رض)

وهو (رض) مؤذّن الإمام الحسينعليه‌السلام في أوقات الصلاة، وكان قد خرج من الكوفة إلى الإمامعليه‌السلام والتحق به في مكّة المكرّمة، ولمّا كان يوم العاشر وبرز بقية أصحاب الإمامعليه‌السلام بعد الحملة الأولى إلى مقاتلة الأعداء تباعاً، برز الحجّاج بن مسروق الجعفي (رض) بعد أبي الشعثاء الكندي يزيد بن زياد (رض) - على رواية الخوارزمي وابن شهرآشوب - وهو يقول:

أقـدِم حـسين هادياً مهديّا

الـيوم نـلقى جـدّك النبيّا

ثـمَّ أبـاك ذا الـعُلا عليّا

والحسن الخير الرضا الوليّا

وذا الـجناحين الفتى الكميّا

وأسد الله الشهيد الحيّا(٢)

ثمّ حملَ فقاتل حتّى قُتل(٣) ، وكان قد قتل خمسة وعشرين رجلاً(٤) .

____________________

(١) أمالي الصدوق: ١٣٧ المجلس ٣٠، حديث رقم ١.

(٢) يمرُّ بنا في مصرع زهير بن القين (رض): أنّ زهيراً أنشد هذه الأبيات، ولا مانع من أن يكون قد أنشدها أكثر من رجل واحد من الأنصار (رض).

(٣) انظر: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٢٣.

٣٠٦

وقد ذكر كلٌّ من المحقّق السماوي (ره)، والمحقّق المقرّم (ره): أنّ مسروق بن الحجّاج (رض) بعد أن استأذن الإمامعليه‌السلام قاتلَ قتالاً شديداً ثمّ عاد إليه وأنشده:

فَدتكَ نفسي هادياً مهديّا

اليوم ألقى جدّك النبيّا

ثمّ أباك ذا الندى عَليّا

ذاك الذي نعرفهُ الوصيّا

فقال له الحسينعليه‌السلام :(نعم، وأنا ألقاهما على أثرك) ، فرجع يُقاتل حتى قُتلرضي‌الله‌عنه (٥) .

مقتلُ زهير بن القين (رض)

قال الطبري بعد ذكره مقتل سعيد بن عبد الله (رض): (وقاتلَ زهير بن القين قتالاً شديداً، وأخذ يقول:

أنا زهير وأنا ابن القَيْنِ

أذودهم بالسيف عن حسينِ

.. وأخذ يضرب على منكب حسين(٦) ويقول:

أَقدِمْ هُديتَ(٧) هادياً مهديّا

فاليوم نلقى جدّك النبيّا

وحَسناً والمرتضى عَليّا

وذا الجناحينِ الفتى الكميّا

وأسدَ اللهِ الشهيدَ الحيّا

... فشدَّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي، ومهاجر بن أوس، فقتلاه)(٨) .

____________________

(١) انظر: مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ، ٤: ١٠٣.

(٥) راجع: إبصار العين: ١٥٢ - ١٥٣، ومقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٥٣ - ٢٥٤.

(٦) أي: وهو يستأذنه ويودّعه.

(٧) وفي إبصار العين: ١٦٧ (فدتك نفسي هادياً مهديّاً).

(٨) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٨، وانظر: أمالي الصدوق: ١٣٦ المجلس ٣٠ ح١، وأنساب الأشراف: =

٣٠٧

وقال الخوارزمي في مقتله: فقال الحسين حين صُرع زهير:(لا يبعدنّك الله يا زهير، ولعنَ الله قاتلك لعنَ الذين مسخَهم قردة وخنازير) (١) .

وذكر الشيخ الصدوق (ره): أنّ زهيراً (رض) قتلَ من الأعداء تسعة عشر رجلاً(٢) .

وذكر ابن شهرآشوب (ره)، والسيّد محمّد بن أبي طالب (ره): أنّ زهيراً قتل مئة وعشرين رجلاً(٣) .

إنّ السلام الوارد في زيارة الناحية المقدّسة على زهير بن القين، كاشف عن منزلة خاصة له (رض) عند أهل البيتعليهم‌السلام ، إذ وردَ فيها:

(السلام على زهير بن القين البجلي، القائل للحسين وقد أذِن له في الانصراف: لا والله لا يكون ذلك أبداً، أتركُ ابن رسول الله أسيراً في يد الأعداء وأنجو؟ لا أراني الله ذلك اليوم) (٤) .

____________________

= ٣: ٤٠٣، وفي إبصار العين: ١٦٦ (فقاتلَ زهير والحرّ قتالاً شديداً، فكان إذا شدَّ أحدهما واستُلحم شدَّ الآخر فخلّصه، فقُتل الحرّ ثمّ صلّى الحسينعليه‌السلام صلاة الخوف، ولمّا فرغ منها تقدّم زهير فجعل يُقاتل قتالاً لم يُر مثله ولم يسمع بشبهه...).

وقال ابن شهرآشوب في المناقب: ٤: ١٠٤ (ثمّ صلى الحسينعليه‌السلام بهم صلاة الظهر صلاة شدّة الخوف، ثمّ برزَ زهير بن القين البجلي..)، وروى الخوارزمي في المقتل: ٢: ٢٣: أنّ خروج زهير بن القين البجلي (رض) كان بعد خروج الحجّاج بن مسروق الجعفي (رض).

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٢٤.

(٢) أمالي الصدوق: ١٣٦، المجلس ٣٠ ح١.

(٣) المناقب: ٤: ١٠٤، وتسلية المجالس: ٢: ٢٧٧.

(٤) البحار: ٤٥: ٧١.

٣٠٨

مقتلُ سلمان بن مضارب البجلي (رض)

كان سلمان (رض) مع ابن عمّه زهير (رض) في سفر الحجّ سنة ستين للهجرة، ولمّا مالَ زهير (رض) في الطريق إلى الإمامعليه‌السلام وانضمّ إليه، مالَ معه ابن عمّه سلمان هذا (رض) وانضمّ إلى الإمامعليه‌السلام أيضاً.

ونقلَ المحقق السماويرحمه‌الله عن صاحب الحدائق الوردية قوله: إنّ سلمان قُتل فيمن قُتل بعد صلاة الظهر(١) ، فكأنّه قُتل قبل زهير(٢) .

مقتلُ أبي ثمامة الصائدي (رض)

قال ابن شهرآشوب: ثمّ برز أبو ثمامة الصائدي وقال:

عـزاءً لآل الـمصطفى وبـناته

على حَبس خير الناس سبط محمّد

عـزاءً لـزهراء النبيّ وزوجها

خـزانة عـلم الله مـن بعد أحمد

عزاءً لأهل الشرق والغرب كلّهم

وحُزناً على حَبس الحسين المسدَّد

فـمنْ مُـبلغٌ عـنّي النبيَّ وبنته

بأنّ ابنكم في مجهد أيّ مجهد(٣)

ويُفهم من سياق الطبري - ويتابعه على ذلك ابن الأثير -: بأنّ أبا ثمامة الصائدي (رض) كان قد قَتلَ ابنَ عمٍّ له في فترة ما قبل إقامة صلاة الظهر، إذ يقول الطبري: (.. ثمّ إنّ رجّالة شدَّت على الحرّ بن يزيد فقُتل، وقَتلَ أبو ثمامة الصائدي ابن عمّ له كان عدوّاً له، ثمّ صلّوا الظهر...)(٤) .

____________________

(١) إبصار العين: ١٦٩ عن الحدائق الورديّة: ١٢٢.

(٢) لعلّ هذه العبارة للشيخ السماوي (ره)، ولا نعلم الدليل عليها.

(٣) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام : ٤: ١٠٥.

(٤) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٨، وانظر: الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٢.

٣٠٩

أمّا كيف قُتل أبو ثمامة (رض) ومَن قتله؟ فلم نعثر - حسب متابعتنا - على مصدر من المصادر التاريخية القديمة كان قد ذكر ذلك، إلاّ أنّ المحقّق السماوي (ره) ذكر قائلاً: (قال: ثُمَّ إنّ أبا ثمامة قال للحسين، وقد صلّى: يا أبا عبد الله، إنّي قد هممتُ أن ألحق بأصحابي، وكرهتُ أن أتخلّف وأراك وحيداً من أهلك قتيلاً، فقال له الحسينعليه‌السلام :(تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة) .

فتقدّم فقاتلَ حتّى أُثخن بالجراحات، فقتلهُ قيس بن عبد الله الصائدي ابن عمّ له، كان له عدوّاً، وكان ذلك بعد قتل الحرّ)(١) .

ويبدو أنّ المحقّق المقرّم (ره) قد أخذ ذلك عن الشيخ السماوي (ره)، إذ يقول: (وخرج أبو ثمامة الصائدي فقاتل حتّى أُثخن بالجراح، وإنّ مع عمر بن سعد ابن عمّ له يُقال له قيس بن عبد الله، بينهما عداوة، فشدَّ عليه وقتله)(٢) .

وإلى هنا لابدّ أن نقول: ربّما كان المحقّق السماوي (ره) والمحقّق المقرّم (ره)، قد أخذا ذلك عن مصدر لم نوفّق للاطّلاع عليه، خصوصاً وأنّهما قد ذكرا اسم قاتله: قيس بن عبد الله الصائدي، أمّا إذا كان أخذَهما عن الطبري أو ابن الأثير ، فإنّ هذين قد ذكرا أنّ أبا ثمامة هو قاتل ابن عمّه لا العكس.

مقتلُ برير بن خضير الهمداني (رض)

يروي الطبري عن أبي مخنف بسنده إلى عفيف بن زهير بن أبي الأخنس، وكان قد شهد مقتل الحسينعليه‌السلام : (قال: وخرج يزيد بن معقل - من بني عميرة بن

____________________

(١) إبصار العين: ١٢١، وتابَعهُ على ذلك الزنجاني في وسيلة الدارين: ٩٩، رقم ١.

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٤٧، ولم ينسب ما ذكرهُ إلى مصدر ما.

٣١٠

ربيعة، وهو حليف لبني سليمة من عبد القيس - فقال: يا برير بن خضير، كيف ترى الله صَنع بك؟! قال: صنعَ الله - واللهِ - بي خيراً، وصنعَ الله بك شرّاً.

قال: كذبتَ، وقبل اليوم ما كنت كذّاباً! هل تذكر وأنا أُماشيك في بني لوذان، وأنت تقول: إنَّ عثمان بن عفّان كان على نفسه مسرفاً، وإنّ معاوية بن أبي سفيان ضالٌّ مُضِلٌّ، وإنّ إمام الهدى والحقّ عليّ بن أبي طالب؟

فقال له برير: أشهد أنّ هذا رأيي وقولي.

فقال له يزيد بن معقل: فإنّي أشهدُ أنّك من الضالّين.

فقال له برير بن خضير: هل لك فلأباهلك، ولندعو الله أن يلعن الكاذب، وأن يقتل المبطل، ثمّ اُخرج فلأُبارزك.

قال: فخرجا فرفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب، وأن يَقتِل المحقُّ المبطلَ، ثمّ برز كل واحدٍ منهما لصاحبه، فاختلفا ضربتين، فضرب يزيد بن معقل برير بن خضير ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً، وضربهُ برير بن خضير ضربة قدّت المغفر وبلغت الدماغ، فخرَّ كأنما هوى من حالق، وإنّ سيف ابن خضير لثابت في رأسه، فكأنّي أنظر إليه ينضنضه من رأسه، وحمل عليه رضيُّ بن منقذ العبدي فاعتنق بريراً، فاعتركا ساعة، ثمّ إنّ بريراً قعدَ على صدره، فقال رضيٌّ: أين أهل المصاع(١) والدفاع؟!

قال: فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه، فقلت: إنّ هذا برير بن خضير القارئ الذي كان يُقرؤنا القرآن في المسجد، فحملَ عليه بالرمح حتّى وضعه في ظهره، فلمّا وجد مسّ الرمح بركَ عليه فعضّ بوجهه وقطع طرف أنفه.

____________________

(١) المصع: الضرب بالسيف، والمماصعة: المقاتلة والمجالدة بالسيوف. (لسان اللسان: ٢: ٥٥٩).

٣١١

فطعنهُ كعب بن جابر حتّى ألقاه عنه وقد غيّب السنان في ظَهره، ثمَّ أقبل عليه يضربه بسيفه حتّى قتله)(١) .

وذكرَ ابن شهرآشوب: أنّ بريراً (رض) برز بعد الحرّ (رض)، وهو يقول:

أنـا بُـرير وأبـي خُضَيْر

ليث يروع الأُسَد عند الزئر

يعرف فينا الخير أهل الخير

أضربكم ولا أرى من ضير

كذا فَعلَ الخير في بُرير

وأنّ الذي قتله بُحير أوس الضبّي(٢) .

أمّا الشيخ الصدوق، فقد روى أنّ بُريراً (رض) برزَ من بعد عبد الله بن أبي عروة الغفاري (رض)(٣) ، الذي برز من بعد حبيب بن مظاهر (رض)، وكان

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٢، وانظر: الكامل في التاريخ: ٣: ٢٨٩ - ٢٩٠، وأنساب الأشراف: ٣: ٣٩٩، ومثير الأحزان: ٦١، واللهوف: ١٦٠، ويمضي في بعض المصادر (يزيد بن مغفل) بدلاً من (يزيد بن معقل).

ويواصل الطبري روايته: (قال عفيف: كأنّي أنظر إلى العبديّ الصريع قام ينفض التراب عن قِبائه ويقول: أنعمتَ عليَّ يا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبداً.. فلمّا رجعَ كعب بن جابر قالت له امرأته أو أخته النوّار بنت جابر: أَعنتَ على ابن فاطمة وقتلتَ سيّد القرّاء؟! لقد أتيتَ عظيماً من الأمر، والله لا أُكلّمك من رأسي كلمة أبداً).

وقال كعب بن جابر عدّة أبيات من الشعر يُجيبها، يذمّها ويثني على نفسه ويمدح سيفه، ويؤكّد ولاءه ليزيد بن معاوية! ويمدح فيها - على رغمه - الإمامعليه‌السلام وأصحابه! حيث يقول فيهم:

ولم تَرَ عيني مِثلهم في زمانهم

ولا قبلهم في النّاس إذ أنا يافع

أشدَّ قِراعاً بالسيوف لدى الوغى

ألا كُلُّ مَن يحمي الذِّمار مُقارع

وقد صبروا للطعن والضرب حُسَّراً

وقد نازلوا لو أنَّ ذلك نافعُ

(٢) راجع: مناقب آل أبي طالب: ٤: ١٠٠، وهذا خلاف المشهور الوارد في رواية الطبري في أنّ الذي قتله هو كعب بن جابر بن عمرو الأزدي لعنه الله.

(٣) مرَّ بنا أنّ عبد الله بن عروة الغفاري كان من شهداء الحملة الأولى على رواية ابن شهرآشوب في =

٣١٢

برير يقول:

أنا بُريرٌ وأبي خُضَيْر

لا خير فيمَن ليس فيه خير

وأنّه قتلَ من الأعداء ثلاثين رجلاً ثُمَّ قُتل(١) .

وفي كتاب تسلية المجالس: أنّ بريراً (رض) كان يحمل على القوم وهو يقول: (اقترِبوا منّي يا قَتلة المؤمنين، اقترِبوا منّي يا قَتَلة أولاد البدريين، اقترِبوا منّي يا قَتلة أولاد رسول ربّ العالمين وذريّته الباقين)(٢) .

مقتلُ عمرو بن قرظة الأنصاري (رض)

وروى الطبري يقول: (وخرجَ عمرو بن قرظة الأنصاري يقاتل دون حسين وهو يقول:

قـد عَـلمتْ كـتيبة الأنصارِ

أنّـي سـأحمي حـوزة الذّمار

ضـربُ غلام غيرِ نكسٍ شارِ

دون حسين مهجتي وداري(٣)

____________________

= المناقب: ٤: ١١٣، وذكرنا هناك أنّ من المؤرّخين مَن يذكر أنّه وأخوه عبد الرحمان قُتلا مبارزة. راجع إضافة إلى أمالي الصدوق (إبصار العين: ١٧٦).

(١) أمالي الصدوق: ١٣٦ - ١٣٧، المجلس ٣٠ حديث رقم ١.

(٢) تسلية المجالس: ٢: ٢٨٣، والبحار: ٤٥: ١٥.

(٣) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٤، وقال السيّد بن طاووس (ره) في اللهوف: ١٦٢: (فخرجَ عمرو بن قرظة الأنصاري فاستأذن الحسينعليه‌السلام فأذِن له، فقاتلَ قتال المشتاقين إلى الجزاء، وبالغَ في خدمة سلطان السماء، حتّى قتلَ جمعاً كثيراً من حزب ابن زياد، وجمع بين سداد وجهاد، وكان لا يأتي إلى الحسينعليه‌السلام سهم إلاّ اتّقاه بيده، ولا سيف إلاّ تلقّاه بمهجته، فلم يكن يصل إلى الحسينعليه‌السلام سوء حتّى أُثخن بالجراح، فالتفت إلى الحسينعليه‌السلام وقال: يا بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله =

٣١٣

ويتابع الطبري فيقول: (قال أبو مخنف، عن ثابت بن هبيرة: فقُتل عمرو بن قرظة بن كعب وكان مع الحسين، وكان عليٌّ أخوه مع عمر بن سعد، فنادى عليٌّ بن قرظة: يا حسين(١) ... أضللتَ أخي وغررته حتّى قتلته؟! قال:(إنّ الله لم يُضلَّ أخاك ولكنّه هدى أخاك وأضلّك) ، قال: قَتلني الله إن لم أقتلك أو أموت دونك، فحملَ عليه، فاعترضهُ نافع بن هلال المرادي فطعنهُ فصرعه، فحمله أصحابه فاستنقذوه فدوويَ بعدُ فبَرِئ)(٢) .

مقتلُ نافع بن هلال الجَملي (رض)

كان لنافع بن هلال الجَملي (رض) مواقف بطولية عديدة في عرصة الطفّ، وكان من تلك المواقف: ما رواه الطبري عن يحيى بن هاني بن عروة: (أنّ نافع بن

____________________

= أوفيتُ؟

فقال:(نعم، أنت أمامي في الجنّة، فاقرأ رسول الله عنّي السلام، وأعلِمه أنّي في الأثر) ، فقاتلَ حتى قُتل رضوان الله عليه)، وانظر أيضاً مثير الأحزان: ٦١ وفيه: (أن سوف أحمي حوزة الذمار)، و(ضرب غلام ليس بالفرّار)، وذكر الشيخ ابن نما (ره) أيضاً أنّه عرّض بقوله: (دون حسين مهجتي وداري) بعمر بن سعد؛ فإنّه لمّا قال له الحسينعليه‌السلام :(صِرْ معي، قال: أخاف على داري، فقال الحسينعليه‌السلام له:أنا أعوّضك عنها، قال: أخاف على مالي! فقال له:أنا أعوّضك عنه من مالي بالحجاز...) . (راجع: مثير الأحزان: ٦١، وإبصار العين: ١٥٦).

(١) كان هذا اللعين قد خاطب الإمامعليه‌السلام بفاحشٍ من القول، وقد أبينا نقله هنا، فتركنا محلّه هنا النقاط الثلاث.

(٢) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٤، وذكر الشيخ المحقق السماوي (ره) في كتابه إبصار العين: ١٥٦: أنّ لعليّ بن قرظة ترجمة في الكتب الرجالية عند أهل السنّة، ورواية عنه، ومدحاً فيه! دون أخيه الشهيد عمرو بن قرظة (رض)!

٣١٤

هلال كان يقاتل يومئذٌ وهو يقول:

أنا الهِزبرُ الجملي

أنا على دين علي(١)

فخرجَ إليه رجلٌ يُقال له مُزاحم بن حُريث فقال: أنا على دين عثمان.

فقال له: أنت على دين شيطان، ثمّ حملَ عليه فقتله، فصاح عمرو بن الحجّاج بالناس: يا حمقى أتدرون مَن تقاتلون؟! فرسانَ المِصر، قوماً مستميتين، لا يبرزنّ لهم منكم أحد؛ فإنّهم قليل وقلَّ ما يبقون، والله، لو لم ترموهم إلاّ بالحجارة لقتلتموهم، فقال عمر بن سعد: صدقتَ، الرأيُ ما رأيت، وأرسلَ إلى الناس يعزم عليهم ألاّ يبارزُ رجلٌ منكم رجلاً منهم)(٢) .

وكان نافع بن هلال الجملي (رض) قد كتبَ اسمه على أفواق نبله، فجعلَ يرمي بها مسمومةً وهو يقول:

أرمي بها مُعلّمة أفواقها

مسمومة تجري بها أخفاقها

ليملأنَّ أرضها رشاقها

والنفس لا ينفعها إشفاقها

فقتلَ اثني عشر رجلاً من أصحاب عمر بن سعد سوى مَن جُرح، حتّى إذا فنيت نباله جرَّد فيهم سيفه فحملَ عليهم وهو يقول:

أنا الهزبرُ الجَملي

أنا على دين علي

____________________

(١) هكذا على ما نقله المحقّق السماوي (ره) في كتابه إبصار العين: ١٤٩، وأمّا على أصل رواية الطبري فهو: (أنا الجملي أنا على دين علي)، والظاهر أنّ الرَجَز لا يستقيم وزناً هكذا، فأخذنا بما نقله السماوي (ره)، وفي الإرشاد: ٢: ١٠٣: (وبرزَ نافع بن هلال وهو يقول:

أنا ابن هلال البَجلي

أنا على دين علي

 (٢) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٤، وانظر الإرشاد: ٢: ١٠٣، وإعلام الورى: ٢: ٤٦٢، ومثير الأحزان: ٦٠ وفيه: (فبرزَ إليه واجم بن حريث الرشدي). ٤٥: ١٩.

٣١٥

فتواثبوا عليه وأطافوا به يضاربونه بالحجارة والنصال حتى كسروا عضُدَيه، فأخذوه أسيراً، فأمسَكهُ شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحابه يسوقونه حتّى أتى به عمر بن سعد، فقال له عمر: ويحك يا نافع، ما حَملك على ما صنعتَ بنفسك؟!

قال:إنّ ربّي يعلمُ ما أردتُ ، فقال له رجل وقد نظرَ الدماء تسيل على لحيته: أمَا ترى ما بك؟! قال: والله، لقد قتلتُ منكم اثني عشر رجلاً سوى مَن جرحتُ، وما ألوم نفسي على الجهد، ولو بَقيَت لي عضُد وساعِد ما أسرتموني.

فقال شمر لابن سعد: اُقتله أصلحك الله، قال: أنت جئت به، فإن شئت فاقتله، فانتضى شمر سيفه، فقال له نافع: أمَا واللهِ، لو كنتَ من المسلمين لعظُم عليك أن تلقى الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شِرار خلْقه، ثمّ قتلهُ شمر لعنه الله(١) .

وقد روى الخوارزمي: أنّ مقتل نافع بن هلال (رض) كان بعد مقتل سعيد بن عبد الله الحنفي (رض) حيث قال: (ثمّ خرجَ من بعده نافع بن هلال الجملي، وقيل: هلال بن نافع، وجعلَ يرميهم بالسهام فلا يخطئ، وكان خاضباً يده...)(٢) .

ويرى المحقّق السماوي (ره): أنّ مقتل نافع (رض) بعد مقتل عمرو بن قرظة (رض)، بعد أن قتلَ نافع (رض) عليّاً أخا عمرو بن قرظة، حيث يقول السماوي (ره): (وحدّث هاني بن عروة المرادي أنّه لمّا جالت الخيل بعد ضرب نافع عليّاً، حملَ عليها نافع بن هلال، فجعلَ يضرب بها قدماً وهو يقول:

____________________

(١) راجع: تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٨، وإبصار العين: ١٤٩ - ١٥٠، وانظر: تسلية المجالس: ٢: ٢٩٦ وفيه: (هلال بن نافع)، وأنساب الأشراف: ٣: ٤٠٤.

(٢) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٢٤.

٣١٦

إن تُنكروني فأنا ابن الجملي

ديني على دين حسين بن علي(١)

ولعلّ الشيخ السماوي (ره) قد استفادَ ذلك من سياق نصوص الطبري.

أمّا الشيخ الصدوق (ره)، فقد روى مقتل نافع (رض) بعد مقتل وهب بن وهب (رض)، وذكرهُ باسم (هلال بن حجّاج)(٢) ، حيث قال (ره): (ثمّ برزَ بعده هلال بن حجّاج وهو يقول:

أرمي بها مُعلّمة أفواقها (أفواهها)

والنفس لا ينفعها إشفاقها

فقتلَ منهم ثلاثة عشر رجلاً ثمّ قُتل)(٣) .

أمّا ابن شهر آشوب (ره)، فقد ذكرَ مقتله (رض) بعد مقتل زهير بن القين (رض) حيث قال: (ثمّ برزَ نافع بن هلال البجلي(٤) قائلاً:

أنـا الـغلام الـيمنيُّ البجلي

ديني على دين حسين بن علي

أضـربكم ضرب غلام بطلِ

ويـختم الله بخيرٍ عملي(٥)

____________________

(١) إبصار العين: ١٤٩.

(٢) تذكر بعض المصادر اسم نافع بن هلال معكوساً: (هلال بن نافع)، وقال السماوي (ره) في ضبط اسمه: يجري على بعض الألسن ويمضي في بعض الكتب هلال بن نافع، وهو غلط على ضبط القدماء (راجع: إبصار العين: ١٥٠)، لكنّ الصدوق (ره) - وهو من القدماء - ذكرهُ باسم (هلال بن حجّاج) وهو أغرب فتأمّل.

(٣) أمالي الصدوق (ره): ١٣٧ المجلس ٣٠، حديث رقم ١.

(٤) قال الشيخ السماوي (ره): (الجَملي: منسوب إلى جمل بطن من مذحج، ويمضي على الألسن وفي الكتب: البجلي، وهو غلط فاضح). (إبصار العين: ١٥٠).

(٥) وفي مقتل الحسينعليه‌السلام للخورازمي: ٢: ٢٥:

أنا الغلام اليمنيّ الجَملي

ديني على دين حسين بن علي

إنْ أُقتل اليوم فهذا أملي

وذاك رأيي وأُلاقي عملي

=

٣١٧

فقتل اثني عشر رجلاً، وروي سبعين رجلاً)(١) .

مقتلُ يزيد بن مغفل الجعفي (رض)(٢)

قال المحقّق السماوي (ره): (وذكرَ أهل المقاتل والسيَر: أنّه لمّا التحمَ القتال في اليوم العاشر استأذنَ يزيد بن مغفل الحسينعليه‌السلام في البراز فأذِن له، فتقدّم وهو يقول:

أنــا يـزيدُ وأنـا ابـن مـغفل

وفـي يـميني نصل سيف منجل

أعلو به الهامات وسط القسطل(٣)

عـن الـحسين الـماجد المفضّل

ثُمّ قاتل حتّى قُتل)(٤) .

لكنّ الخوارزمي(٥) ، وابن شهرآشوب(٦) ذكرا مثل هذه الأبيات في الرَجز لإسم

____________________

= فقتلَ ثلاثة عشر رجلاً حتى كسر القوم عضُديه، وأخذوه أسيراً، فقامَ شمر بن ذي الجوشن فضرب عُنقه).

(١) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٤: ١٠٤.

(٢) وهو ابن عمّ الحجّاج بن مسروق (الجعفي) (رض)، وقد مرّت بنا ترجمته (رض).

(٣) القسطل: العجاج في الحرب من المصادقة والمكافحة.

(٤) إبصار العين: ١٥٣ - ١٥٤، وقال السماوي (ره) أيضاً: (وقال المرزباني في معجمه: إنّه لمّا جدَّ القتال تقدّم وهو يقول:

إن تُنكروني فأنا ابن مغفل

شاكٍ لدى الهيجاء غير أعزل

وفي يميني نصل سيف منصل

أعلو به الفارس وسط القسطل

قال: فقاتلَ قتالاً لم يُرَ مثله حتّى قتل جماعة، ثمّ قُتلرضي‌الله‌عنه ).

(٥) قال الخوارزمي: (ثمّ خرجَ من بعده - أي من بعد جون مولى أبي ذر - أنيس بن معقل الأصبحي، فجعل يقول: =

٣١٨

آخر هو: (أنيس بن معقل الأصبحي)، ولعلّه هو يزيد بن مغفل الجعفي (رض)، والله العالم.

مصرعُ الموقَّع (٧) بن ثمامة الأسدي الصيداوي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (كان الموقّع ممّن جاء إلى الحسين في الطفّ، وخلُص إليه ليلاً مع مَن خَلص، قال أبو مخنف(٨) : إنّ الموقَّع صُرع فاستَنقَذوه قومه

____________________

=

أنـا أنـيس وأنـا ابن معقل

وفي يميني نصل سيف فيصل

أعلو به الهامات بين القسطل

حـتّى أزيـل خطبه فينجلي

عن الحسين الفاضل المفضّل

ابـن رسول الله خير مرسل

ثمّ حملَ ولم يزل يقاتل حتّى قُتل). (مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٢٣، وانظر: الفتوح: ٥: ١٩٨).

(٦) قال ابن شهرآشوب: (ثمّ برز أنيس بن معقل الأصبحي - أي بعد جوين بن مالك - وهو يقول:

أنـا أنـيس وأنـا ابن معقل

وفي يميني نصل سيف مصقل

أعلو به الهامات وسط القسطل

عـن الحسين الماجد المفضّل

ابن رسول الله خير مرسَل

فقتلَ نيّفاً وعشرين رجلاً). (مناقب آل أبي طالب: ٤: ١٠٣).

(٧) يرد اسمه في بعض الصادر (المرقّع) كما في تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٥، والكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٦، ولكنّ المحقّق السماوي (ره) ضبطه بـ(الموقّع) على زنة المعظّم، وهو في الأصل بمعنى المبتلى بالمِحن (راجع: إبصار العين: ١١٨)، وهكذا ضبطهُ الزنجاني في وسيلة الدارين: ١٩٥ رقم ١٥٦ نقلاً عن العسقلاني.

(٨) إذا كان ما ينقله السماوي (ره) عن الطبري في تاريخه: ٣: ٣٣٥ فقد ورد فيه هكذا: (إلاّ أنّ المرقّع بن ثمامة الأسدي كان قد نثرَ نبله وجثا على ركبتيه فقاتل، فجاءه نفر من قومه فقالوا له: أنت آمِن اُخرج إلينا، فخرج إليهم، فلمّا قَدم بهم عمر بن سعد على ابن زياد وأخبره خبرهُ سيّره =

٣١٩

وأتوا به إلى الكوفة فأخفوه، وبلغَ ابن زياد خبره فأرسل إليه ليقتله، فشفع فيه جماعة من بني أسد، فلم يقتله ولكن كبّله بالحديد ونفاه إلى الزارة(١) ، وكان مريضاً من الجراحات التي به، فبقيَ في الزارة مريضاً مكبّلاً حتّى مات بعد سنة، وفيه يقول الكُميت الأسدي: وإنّ أبا موسى أسيرٌ مُكبَّلُ - يعني به الموقَّع)(٢) .

مقتلُ عمر (٣) (عمرو) بن جنادة الأنصاري الخزرجي (رض)

كان جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري الخزرجي (رض) ممّن قُتل في الحملة الأولى من أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام ، وكان قد قتلَ من الأعداء ستّة عشر رجلاً(٤) ، وكان جنادة قد صحبَ الإمامعليه‌السلام من مكّة وجاء معه هو وأهله، وكان ابنه عمرو وهو ابن إحدى عشرة سنة(٥) قد تقدّم - بعد مقتل أبيه (رض) - إلى الإمامعليه‌السلام يستأذنه في القتال، فأبىعليه‌السلام وقال:(هذا غلام قُتل أبوه في الحملة الأولى (٦) ولعلّ أمّه تكره ذلك) ، قال: إنّ أمّي أمرَتَني! فأذِن له فما أسرع أن قُتل ورُمي برأسه إلى جهة الحسين، فأخذتهُ أمُّه ومَسحت الدم عنه وضربت به رجلاً قريباً منها فمات، وعادت إلى المخيّم فأخذت عموداً، وقيل سيفاً، وأنشأت:

____________________

= إلى الزارة).

(١) الزارة: موضع بعُمان كان ينفي إليه زياد وابنه مَن شاء من أهل البصرة والكوفة.

(٢) إبصار العين: ١١٧.

(٣) ضبطهُ المحقّق السماوي (ره): عمر. (إبصار العين: ١٥٩)، وفي المصادر الأخرى: عمرو.

(٤) راجع: مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٤: ١٠٤ وفيه بعد ذلك: (ثمّ برزَ ابنه واستشهد).

(٥) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٥٣.

(٦) وفي إبصار العين: ١٥٩:(قُتل أبوه في المعركة) .

٣٢٠