مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة0%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 477

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ عزت الله المولائي والشيخ نجم الدين الطبسي
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الصفحات: 477
المشاهدات: 249798
تحميل: 8435

توضيحات:

الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 249798 / تحميل: 8435
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء 4

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وفي اللهوف أنهّعليه‌السلام قال لهم:

(يا شيعة آل أبي سفيان، إنْ لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عُرباً كما تزعمون) (١) .

وعن ابن صبّاغ المالكي أنّه: (حملَ عليهم حملةً منكرة قتلَ فيها كثيراً من الرجال والأبطال، ورجعَ سالماً إلى موقفه عند الحريم، ثمّ حملَ حملة أخرى وأراد الكرَّ راجعاً إلى موقفه، فحال الشمر بن ذي الجوشن لعنه الله بينه وبين الحريم والمرجع إليهم في جماعة من أبطالهم وشجعانهم، وأحدَقوا به، ثمّ إنّ جماعة منهم تبادروا إلى الحريم والأطفال يريدون سلبهم فصاح الحسين:

(وَيحَكم يا شيعة الشيطان، كفّوا سفهاءكم عن التعرّض للنساء والأطفال فإنّهم لم يقاتلوا) .

فقال الشمر لعنه الله: كفّوا عنهم واقصدوا الرجل بنفسه)(٢) .

وعن المدائني: وحملَ شمر - لعنه الله - على عسكر الحسين، فجاء إلى فسطاطه لينهبهُ، فقال له الحسينعليه‌السلام :(ويلكم إنْ لم يكن لكم دين فكونوا أحراراً في الدنيا، فرحْلي لكم عن ساعة مباح) ، قال: فاستحى ورجع)(٣) .

العطش يشتدّ بالإمامعليه‌السلام في حمْلته الأخيرة

قال الخوارزمي: (فقصدهُ القوم بالحرب من كلّ جانب، فجعلَ يحمل عليهم

____________________

(١) فسّره ابن منظور في لسان العرب ٢: ٩٤، بمعنى أراذل الناس.

(٢) الفصول المهمة: ١٩، وتسلية المجالس ٢: ٣١٨، ونور الأبصار: ١٤٤.

(٣) مقاتل الطالبيين: ١١٨.

٤٢١

ويحملون عليه، وهو في ذلك يطلب الماء ليشرب منه شربة!(١) فكلّما حملَ بفرسه على الفرات حملوا عليه حتّى أجْلَوه عنه، ثمّ رماه رجل يُقال له أبو الحتوف الجعفي بسهم فوقعَ السهم في جبهته، فنزعَ الحسين السهم ورمى به، فسالَ الدم

____________________

(١) تُطبِق كتب التاريخ والتراجم على أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام لم يشرب الماء يوم عاشوراء، حتّى قضى شهيداً ظامئاً قد فطرَ قلبه العطش الشديد، ولقد كانت الأوامر الصارمة قد صدرت إلى الجيش الأموي من قِبل قياداته بحرمان الإمامعليه‌السلام وأنصاره (رض) - بل وجميع مَن في رَكبه - من الماء حتى يموتوا عَطشاً!

وظلّ هذا القرار حاكماً حتّى بعد أن صار الإمامعليه‌السلام وحيداً قد تفطّر قلبه عطشاً، يقول أبو الفرج الأصبهاني: (وجعل الحسين يطلب الماء، وشمر - لعنه الله - يقول له: والله، لا ترِدهُ أو ترِد النار! فقال له رجل: ألا ترى إلى الفرات يا حسين كأنّه بطون الحيّات، والله لا تذوقه أو تموت عَطشاً! فقال الحسين:(اللّهم أمِتْه عطشاً) .

قال: والله، لقد كان هذا الرجل يقول: اسقوني ماء، فيؤتى بماءٍ فيشرب حتى يخرج من فيه! وهو يقول: اسقوني، قَتَلني العطش! فلم يزل كذلك حتى مات). (مقاتل الطالبيين: ١١٨).

إلاّ أنّ هناك نصوصاً شاذّة تفيد أنّ الإمامعليه‌السلام بعد أن صار وحيداً واشتدّ به العطش دعا بقدح من الماء، فأُعطي، فلمّا وضعه في فمه الشريف رماه الحصين بن نمير (أو تميم) بسهم، فأصابهُ في فمه، وحالَ بينه وبين شرب الماء، فألقى القدح من يده (راجع: بغية الطلب: ٦: ٢٦ - ٢٩)، أو أنّه لمّا اشتدّ به العطش دَنا من الماء ليشرب، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقعَ في فمه، فجعلَ يتلقّى الدم من فمه ويرمي به، ثمّ يقول:(اللّهم أحصهم عدداً) . (راجع: أنساب الأشراف: ٣: ٤٠٧).

أو أنّه (عطشَ حسين فجاء رجل بماء فتناوله، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقعَ في فيه، فجعل يتلقّى الدم بيده ويحمد الله)، (راجع: سير أعلام النبلاء: ٣: ٣٠٢)، ويُلاحظ أنّ هذا النصّ الأخير - على إبهامه - لا يفيد بالضرورة أنّه تناولَ الماء أي شربه، بل الأظهر أنّه تناول وعاء (قدح) الماء، فحالَ سهم حصين بن تميم بينه وبين شرب الماء فلم يشربه، هذا على فرض صحّة الخبر ودقّة النصّ، وهو كما ترى!

٤٢٢

على وجهه ولحيته(١) ، فقال:

(اللّهمّ قد ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العُصاة العتاة، اللّهمّ فأحصِهم عَدداً، واقتلهم بَدداً، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحداً، ولا تغفر لهم أبداً).

ثمّ حملَ عليهم كالليث المغضب، فجعلَ لا يلحق أحداً إلاّ بَعجه بسيفه وألحقه بالحضيض، والسهام تأخذه من كلّ ناحية، وهو يتلقّاها بنحره وصدره، ويقول:

(يا أُمّة السوء! بئسما خَلفتم محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله في عترته! أمَا إنّكم لن تقتلوا بعدي عبداً من عباد الله الصالحين فتهابوا قتله، بل يهون عليكم عند قتلكم إيّاي، وأيمُ الله، إنّي لأرجو أن يُكرمني ربّي بهوانكم، ثمّ ينتقِم منكم من حيث لا تشعرون !

فصاحَ به الحُصين بن مالك السكوني: يا بن فاطمة، بماذا ينتقم لك منّا؟

فقال:

يُلقي بأسكم بينكم، ويسفك دماءكم، ثمّ يصبّ عليك العذاب الأليم) .

____________________

(١) يروي ابن عساكر بسند عن مسلم بن رباح - مولى لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام - أنّه قال: (كنتُ مع الحسين بن علي يوم قُتل، فرُمي في وجهه بنشّابة فقال لي:(يا مسلم، أدنِ يديك من الدم، فأدنيتهما، فلمّا امتلأتا قال:أسكِبه في يدي، فسكبتهُ في يده، فنفحَ بهما إلى السماء وقال:اللّهمّ اطلب بدم ابن بنت نبيّك)!

قال مسلم: فما وقعَ منه إلى الأرض قطرة). (راجع: تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام - تحقيق المحمودي ٢٣٤٥، رقم ٢٨١).

٤٢٣

ثمّ جعل يُقاتل حتّى أصابته اثنتان وسبعون جراحة(١) )(٢) .

أمّاالطبري ، فيروي هذه اللحظات المأساوية عن لسان حميد بن مسلم قال: (كانت عليه جُبّة من خزّ، وكان مُعتمّاً وكان مخضوباً بالوسمة، وسمعتهُ يقول قبل أن يُقتل، وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع، يتّقي الرمية، ويفترص العورة، ويشدّ على الخيل، وهو يقول:

(أعلى قتلي تحاثّون؟! أمَا والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد اللهِ اللهُ أسخط عليكم لقتله منّي، وأيمُ الله إنّي لأرجو أنْ يُكرمني الله بهوانكم، ثمّ ينتقم لي

____________________

(١) هذا العدد من الجراحات حتّى تلكم اللحظة من القتال، وإلاّ فإنّ الروايات قد تفاوتت في مجموع عدد الإصابات التي تعرّض لها الإمامعليه‌السلام حتّى لحظة استشهاده، فقد روى الشيخ الصدوق في أماليه عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال:(أُصيب الحسين بن علي عليه‌السلام ووجِد به ثلاثمئة وبضعة وعشرين طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم فروي أنّها كانت كلّها في مقدّمه؛ لأنّه عليه‌السلام كان لا يولّي!) ، (أمالي الصدوق: ١٣٩ المجلس ٣١، حديث رقم ١).

وقال الخوارزمي: (ورويَ أنّه وجِد في قميصه مئة وبضع عشرة ما بين رمية وطعنة وضربة، وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام :(وُجد فيه ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة) ، (مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٤٢).

وروى الشيخ الطوسي بسنده عن معاذ بن مسلم قال: سمعتُ أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:(وُجد بالحسين بن عليّ نيّف وسبعون ضربة بالسيف) . (أمالي الطوسي: ٦٧٧، وراجع: أنساب الأشراف ٣: ٤٠٩).

وقال ابن شهرآشوب: (ورويَ ثلاثمئة وستّون جراحة، وقيل: ثلاث وثلاثون ضربة سوى السهام، وقيل: ألف وتسعمائة جراحة، وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ، وروي أنّها كانت كلّها في مقدّمه). (مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٤: ١١١)، وانظر أيضاً: الحدائق الوردية: ١٢٣، وتاج المواليد: ١٠٧، وتذكرة الخواص: ٢٢٨، ومروج الذهب ٣: ٧١، وتاريخ الطبري: ٣: ٣٣٤، ومرآة الزمان: ١: ١٣٣، وروضة الواعظين: ١٨٩، وغير هذه المصادر.

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٣٨ - ٣٩.

٤٢٤

منكم من حيث لا تشعرون، أمَا والله، أنْ لو قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم، وسفكَ دماءكم، ثمّ لا يرضى لكم حتّى يضاعف لكم العذاب الأليم).

قال: ولقد مكثَ طويلاً من النهار، ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا، ولكنّهم كان يتّقي بعضهم ببعض، ويحبّ هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء.

قال: فنادى شمر في الناس: وَيحَكم! ماذا تنتظرون بالرجل؟! اقتلوه ثكلتكم أمّهاتكم!

قال: فحُملَ عليه من كلّ جانب فضُربت كفّه اليسرى ضربة، ضَربها زرعة بن شريك التميمي، وضُرب على عاتقه، ثمّ انصرفوا وهو ينوء ويكبو!)(١) .

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٤، أمّا الشيخ المفيد (ره) فقد روى هذا الموقف عن حميد بن مسلم هكذا: (فو الله ما رأيتُ مكثوراً قطّ قد قُتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جاشاً، ولا أمضى جناناً منهعليه‌السلام ، إن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المِعزى إذا شدَّ فيها الذئب، فلمّا رأى ذلك شمر بن ذي الجوشن استدعى الفرسان فصاروا في ظهور الرجّالة، وأمرَ الرُماة أن يرموه، فرشقوهُ بالسهام حتى صار كالقنفذ! فأحجمَ عنهم، فوقفوا بإزائه، وخرجت أخته زينب إلى باب الفساط فنادت عمر بن سعد بن أبي وقّاص: ويحكَ يا عمر! أَيُقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟! فلم يُجبها عمر بشيء، فنادت: وَيحَكم أمَا فيكم مسلم؟! فلم يجبها أحدٌ بشيء، ونادى شمر بن ذي الجوشن الفرسان والرجّالة فقال: وَيحَكم! ما تنتظرون بالرجل؟ ثكلتكم أمّهاتكم.

فحُمل عليه من كلّ جانب، فضربهُ زرعة بن شريك على كفّه (كتفه) اليسرى فقطعها، وضربه آخر منهم على عاتقه فكبا منها لوجهه، وطعنهُ سنان بن أنس بالرمح فصرعه..). (الإرشاد: ٢: ١١١ - ١١٢)، وفي اللهوف: ١٧٥: (وخَرجت زينب من باب الفسطاط وهي تنادي: وا أخاه! وا سيّداه! وأهل بيتاه! ليتَ السماء انطبقت على الأرض، وليتَ الجبال تَدكدكت على السهل).

٤٢٥

السهم المحدّد المسموم القاتل

أمّا الخوارزمي، فيواصل تفاصيل المقتل - بعد أن ذكرَ كيف أنّ الإمامعليه‌السلام حملَ على القوم حملة الليث المغضب، فجعل لا يلحق أحداً إلاّ بَعجه بسيفه وألحقهُ بالحضيض، والسهام تأخذه من كلّ ناحية، وهو يتلقّاها بنحره وصدره، حتّى أصابته اثنتان وسبعون جراحة - فيقول: (فوقفَ يستريح وقد ضعُف عن القتال، فبينا هو واقف إذ أتاه حجَر فوقعَ على جبهته، فسالت الدماء من جبهته، فأخذَ الثوب ليمسح عن جبهته فأتاه سهم محدّد مسموم، له ثلاث شُعب، فوقعَ في قلبه، فقال الحسينعليه‌السلام :(بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله - ورفعَ رأسه إلى السماء - وقال:إلهي، إنّك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبيّ غيره!

ثمّ أخذَ السهم وأخرجهُ من وراء ظهره فانبعثَ الدم كالميزاب! فوضعَ يده على الجرح، فلمّا امتلأت دَماً رمى بها إلى السماء، فما رجعَ من ذلك قطرة، وما عُرفت الحمرة في السماء حتّى رمى الحسين بدمه إلى السماء! ثمّ وضع يده على الجرح ثانياً، فلمّا امتلأت لطّخ بها رأسه ولحيته وقال:

هكذا واللهِ أكون حتّى ألقى جدّي محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا مخضوب بدمي، وأقول: يا رسول الله، قَتَلني فلان وفلان) .

ثمّ ضعُف عن القتال، فوقفَ مكانه، فكلّما أتاه رجل من الناس وانتهى إليه انصرف عنه، وكرهَ أن يلقى الله بدمه! حتّى جاءه رجلٌ من كندة يقال له مالك بن نسر، فضربهُ بالسيف على رأسه، وكان عليه برنس، فقطعَ البرنس وامتلأ دَماً، فقال له الحسين:(لا أكلتَ بيمينك ولا شربتَ بها، وحشركَ الله مع الظالمين) (١) .

____________________

(١) وهنا في هذا الموقع يخرج عبد الله بن الحسنعليهما‌السلام من عند النساء، وهو غلام لم يراهق فيشدّ حتى يصل إلى عمّه الحسينعليه‌السلام ، فيقتلهُ بحر بن كعب لعنه الله، راجع تفصيل مقتله في ترجمته =

٤٢٦

ثمّ ألقى البُرنس ولبسَ قلنسوة واعتمّ عليها، وقد أعيى وتبلَّد، وجاء الكندي فأخذَ البرنس(١) - وكان من خزّ - فلمّا قُدم به بعد ذلك على امرأته أم عبد الله ليغسله من الدم، قالت له امرأتُه: أتسلُب ابن بنت رسول الله برنسه وتدخل بيتي؟! اُخرجْ عنّي حشا اللهُ قبرك ناراً، وذكر أصحابه أنّه يبست يداه، ولم يزل فقيراً بأسوأ حال إلى أن مات.

ثمّ نادى شمر: ما تنتظرون بالرجل؟ فقد أثخنتهُ السهام، فأخذت به الرماح والسيوف، فضربه رجل يُقال له: زرعة بن شريك التميمي ضربة منكرة، ورماه سنان بن أنس بسهم في نحره، وطعنه صالح بن وهب المرّي على خاصرته طعنة منكرة، فسقطَ الحسين عن فرسه(٢) إلى الأرض على خدّه الأيمن، ثمّ استوى جالساً

____________________

= من هذا المقتل في أبناء الحسنعليه‌السلام .

(١) وانظر أيضاً: عيون الأخبار: ١٠٥ وفيه: (مالك بن بشير)، والبداية والنهاية: ٨: ١٨٦ - ١٨٨ وفيه: (ومكثَ الحسين نهاراً طويلاً وحده لا يأتي أحدٌ إليه إلاّ رجعَ عنه لا يحبّ أن يلي قتله)، ومثير الأحزان: ٧٣، والخطط والمقريزية: ٢٢٨، وغرر الخصائص الواضحة: ٣٣٧ وفيه: (فكانَ بعضهم يُحيل على بعض)، واللهوف: ١٧٢، وشرح الأخبار: ٣: ١٦٣، والأخبار الطوال: ٢٥٨، وأخبار الدول: ١٠٨، وسير أعلام النبلاء: ٣: ٣٠٢، والمنتظم: ٥: ٣٤٠، وأنساب الأشراف: ٣: ٤٠٨: (وأخذَ الكنديّ البرنس، فيقال إنّه لم يزل فقيراً وشُلّت يداه)، وتاريخ الطبري: ٣: ٣٣١.

(٢) قال الخوارزمي: (وأقبلَ فرس الحسين، وقد عدا من بين أيديهم أن لا يؤخذ فوضعَ ناصيته بدم الحسين، وذهب يركض إلى خيمة النساء، وهو يصهل ويضرب برأسه الأرض عند الخيمة، فلمّا نظرت أخوات الحسين وبناته وأهله إلى الفرس ليس عليه أحد، رفعنَ أصواتهنّ بالصراخ والعويل، ووضعت أمّ كلثوم يدها على أُمّ رأسها ونادت: وا محمّداه! وا جدّاه! وا نبيّاه! وا أبا القاسماه! وا عليّاه! وا جعفراه! وا حمزتاه! وا حسناه! هذا حسين بالعراء! صريع بكربلاء! محزوز الرأس من القفا! مسلوب العمامة والرداء! ثمّ غُشي عليها..). (مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٤٢ - ٤٣). =

٤٢٧

ونزعَ السهم من نحره(١) ، ثمّ دنا عمر بن سعد من الحسين ليراه!

قال حميد بن مسلم: وخَرجَت زينب بنت عليّ وقرطاها يجولان في أُذنيها(٢)

____________________

= وقال المقرّم (ره): (وأقبلَ الفرس يدور حوله ويلطّخ ناصيته بدمه! فصاح ابن سعد: دونكم الفرس فإنّه من جياد خيل رسول الله، فأحاطت به الخيل، فجعلَ يرمح برجليه حتى قتلَ أربعين رجلاً وعشرة أفراس! فقال ابن سعد: دعوه لننظر ما يصنع؟ فلمّا أمِنَ الطلب أقبلَ نحو الحسين يُمرّغ ناصيته بدمه ويشمّه ويصهل صهيلاً عالياً! قال أبو جعفر الباقرعليه‌السلام :(كان يقول: الظليمة الظليمة من أُمّةٍ قتلت ابن بنت نبيّها!)، وتوجّه نحو المخيّم بذلك الصهيل). (مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٨٣).

(١) ولمّا اشتدّ به الحال رفعَ طرفه إلى السماء يدعو الله ويناجيه قائلاً:(اللّهم متعالِ المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غنيّ عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما تشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دُعيت، محيط بما خَلقت، قابل التوبة لمَن تاب إليك، قادر على ما أردتَ، تدرك ما طلبتَ، شكور إذا شكرت، ذَكور إذا ذكرت، أدعوك محتاجاً، وأرغب إليك كافياً، اللهمّ احكُم بيننا وبين قومنا فإنّهم غرّونا وخَذلونا وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيك، ووِلد حبيبك محمد عليه‌السلام الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنتهُ على الوحي، فاجعل لنا من أمرنا فرجاً ومخرجاً يا أرحم الراحمين.

صبراً على قضائك يا ربّ، لا إله سواك، يا غياث المستغيثين، ما لي ربّ سواك، ولا معبود غيرك، صبراً على حكمك، يا غياث مَن لا غياث له، يا دائماً لا نفاذ له، يا محيي الموتى، يا قائماً على كلّ نفس بما كسبت، اُحكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين). (راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٨٢ عن مصباح المتهجّد، والإقبال، وأسرار الشهادة، ورياض المصائب).

وفي هذا الموقع: لمّا صُرع الحسينعليه‌السلام خرجَ محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليهم‌السلام وهو غلام، مذعوراً يلتفت يميناً وشمالاً فشدّ عليه لقيط بن إياس الجهني فقتلهُ، وقيل: قتلهُ هاني بن ثبيت الحضرمي، راجع تفاصيل مقتله في ترجمته من هذا المقتل في مقاتل آل عقيلعليهم‌السلام .

(٢) وعلى فرض صحّة خبر خروج زينبعليها‌السلام ، فإنّنا نسأل هذا الراوي اللعين حميد بن مسلم: كيف رأى قرطَي زينبعليها‌السلام وهي امرأة لها من العمر أكثر من خمسين عاماً، وهي ابنة عليّ المصونة =

٤٢٨

وهي تقول:ليت السماء أُطبقت على الأرض! يا بن سعد، أيُقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟! فجعلت دموعه تسيل على خدّيه ولحيته، فصرفَ وجهه عنها، والحسين جالسٌ وعليه جُبّة خز، وقد تحاماه الناس، فصاح شمر: وَيحَكم ما تنتظرون؟! اقتلوه ثكلتكم أمّهاتكم، فضربهُ زرعة بن شريك فأبان كفّه اليسرى، ثمّ ضربه على عاتقه فجعلعليه‌السلام يكبو مرّة ويقوم أخرى، فحملَ عليه سنان ابن أنس في تلك الحالة فطعنه بالرمح فصرعه(١) ، وقال لخولّي بن يزيد: احتزّ رأسه، فضعُف وارتعدت يداه، فقال له سنان: فتّ الله عضُدك وأبان يدك(٢) ، فنزلَ إليه نصر بن خرشة الضبابي، وقيل: بل شمر بن ذي الجوشن(٣) ، وكان أبرَص فضربهُ برِجله، وألقاه على قفاه، ثمّ أخذَ بلحيته! فقال له الحسينعليه‌السلام :(أنت الكلبُ الأبقع الذي رأيته في منامي) !

____________________

= العقيلة المحجّبة، وقبل أن تُسلب النساء ما عليها من الحجاب؟!

(١) وفي اللهوف: ١٧٦: (فضربهُ زرعة بن شريك على كتفه اليسرى، وضرب الحسينعليه‌السلام زرعة فصرعه، وضربَ آخر على عاتقه المقدّس بالسيف ضربة كباعليه‌السلام بها لوجهه، وكان قد أعيا وجعل ينوء ويكبو، فطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته، ثمّ انتزعَ الرمح فطعنه في بواني صدره، ثمّ رماهُ سنان أيضاً بسهم فوقعَ السهم في نحره..).

(٢) انظر أيضاً: تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٤.

(٣) تفاوتت المصادر التاريخية فيمَن هو قاتل الإمامعليه‌السلام الذي احتزّ رأسه الشريف، وجُلّ المصادر الأساسية كان الترديد بينها في اثنين من أعداء الله هما: شمر بن ذي الجوشن لعنه الله - وفيه القول الأشهر -، وسنان بن أنس النخعي لعنه الله، وهناك أقوال ضعيفة تقول: إنّ قاتلهُ خولّي بن يزيد الأصبحي، أو حصين بن نمير (أو تميم)، أو مهاجر بن أوس التميمي، أو كثير بن عبد الله الشعبي، أو أبو الجنوب زياد بن عبد الرحمان الجعفي، أو شبل بن يزيد (أخو خولّي بن يزيد: كما في الأخبار الطوال: ٢٥٨).

أمّا المصادر التي تذكر أنّ قاتله عمر بن سعد أو عبيد الله بن زياد فعلى معنى أنّهما - لعنهما الله - الآمران بقتلهعليه‌السلام .

٤٢٩

فقال شمر: أتشبّهني بالكلاب يا بن فاطمة؟ ثمّ جعلَ يضرب بسيفه مذبح الحسينعليه‌السلام ويقول:

أقـتُلك اليوم ونفسي تعلمُ

عِلماً يقيناً ليس فيه مزعم

ولا مـجالٌ لا ولا تكتّم

أنّ أبـاك خير مَن يُكلَّم

وروي أنّه جاء إليه شمر بن ذي الجوشن، وسنان بن أنس، والحسينعليه‌السلام بآخر رمق يلوك لسانه من العطش! فرفسهُ شمر برِجله وقال: يا بن أبي تراب، ألستَ تزعم أنّ أباك على حوض النبيّ يسقي مَن أحبّه؟! فاصبر حتّى تأخذ الماء من يده، ثمّ قال لسنان بن أنس: احتزّ رأسه من قفاه! فقال: لا والله، لا أفعل ذلك فيكون جدُّه محمّد خصمي! فغضبَ شمر منه، وجلسَ على صدر الحسينعليه‌السلام ، وقبضَ على لحيته وهمَّ بقتله، فضحكَ الحسين وقال له:(أتقتلني؟! أو لا تعلم مَن أنا؟!)

قال: أعرفك حقَّ المعرفة، أمُّك فاطمة الزهراء، وأبوك عليٌّ المرتضى، وجدّك محمّد المصطفى، وخصيمك الله العليّ الأعلى، وأقتلك ولا أُبالي! وضربهُ بسيفه اثنتي عشرة ضربة، ثمّ حزَّ رأسه)(١) .

(وروى هلال بن نافع قال: إنّي لواقفٌ مع أصحاب عمر بن سعد، إذ صرخَ صارخ: أبشِر أيها الأمير، فهذا شمر قتلَ الحسين! قال: فخرجت بين الصفَّين،

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٣٩ - ٤٢، وانظر أيضاً: الإرشاد: ٢: ١١١ - ١١٢، وأنساب الأشراف: ٣: ٤٠٩، وبغية الطلب: ٦: ٢٦٢، وإعلام الورى: ١: ٤٦٩، والدرّ النظيم: ٥٥٨، والإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي: ١٦ وفيه: (فضربهُ صرعة بن شريك التميمي بكفّه اليسرى، فصار يقوم ويكبو بقوّة جأش، وثبات جنان، وفضل شجاعة، وعدم مبالاة بما فيه من الجراح، وتمسّك بشهامة قرشيّة وعزّة هاشمية، غير مُكترث ذلك الأسد الوثّاب بنهش تلك الكلاب، غير أنّ الأقدار الأزليّة والحكمة الإلهية اقتضت إظهار هذا الخَطب الجسيم والصدع العظيم؛ تنبيهاً على حقارة هذه الدار وأنّها إنّما خُلقت مطبوعة على الأكدار).

٤٣٠

فوقفتُ عليه، فإنّه ليجود بنفسه، فو الله ما رأيتُ قتيلاً مضمّخاً بدمه أحسنَ منه ولا أنور وجهاً! ولقد شَغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفكر في قتله! فاستسقى في تلك الحال ماءً، فسمعتُ رجلاً يقول له: والله، لا تذوق الماء حتّى ترد الحامية فتشرب من حميمها! فقال له الحسينعليه‌السلام :

(بل أرِد على جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأسكن معه في داره في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر، وأشرب من ماءٍ غير آسن، وأشكو إليه ما ارتكبتم منّي وفعلتم بي) .

قال: فغضبوا بأجمعهم حتّى كأنّ الله لم يجعل في قلب أحدٍ منهم من الرحمة شيئاً، فاحتزّوا رأسه وإنّه ليكلّمهم، فعجبتُ من قلّة رحْمتهم، وقلت: واللهِ، لا أُجامعكم على أمرٍ أبداً)(١) .

وروى الشيخ الصدوق (ره) والشيخ الكليني (ره) أيضاً، عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه:(لمّا ضُرب الحسين بن عليّ عليهما‌السلام بالسيف، ثمّ ابتُدر ليُقطع رأسه، نادى منادٍ من قِبل ربّ العزّة تبارك وتعالى من بِطنان العرش فقال: ألا أيّتها الأمّة المتحيّرة الظالمة بعد نبيّها، لا وفّقكم الله لأضحى ولا فِطْر) .

قال: ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :(لا جرمَ والله، ما وفِّقوا ولا يوفّقون أبداً حتّى يقوم ثائر الحسين عليه‌السلام ) (٢) .

وقال الخوارزمي: (وارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة مظلمة، فيها ريحٌ حمراء، لا يُرى فيها عين ولا أثر، حتّى ظنّ القوم أنّ العذاب قد جاءهم،

____________________

(١) اللهوف: ١٧٧.

(٢) أمالي الصدوق: ١٤٢، المجلس ٣١، حدث رقم ٥، والكافي: ٤: ١٧٠، حديث رقم ٣.

٤٣١

فلبثوا بذلك ساعة، ثمّ انجلت عنهم)(١) .

وروى ابن المغازلي بسندٍ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال:

(إنّ قاتل الحسين عليه‌السلام في تابوت من نارٍ، عليه نصف عذاب أهل النّار، وقد شُدَّ يداه ورجْلاه بسلاسل من نار، مُنَكَّسٌ في النار حتى يقع في قعر جهنّم، وله ريح يتعوَّذ أهل النار إلى ربّهم عزّ وجل من شدَّة ريح نَتِنِه، وهو فيها خالدٌ ذائق العذاب العظيم، كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها، حتّى يذوقوا العذاب الأليم، لا يُفتَّر عنهم ساعة، وسُقوا من حميم جهنّم، الويل لهم من عذاب الله عزّ وجلّ) (٢) .

سلبُ الإمامعليه‌السلام بعد قتله!

قال السيّد ابن طاووس (ره): (ثمّ أقبلوا على سلب الحسين، فأخذَ قميصهُ إسحاق بن حوية الحضرمي، فلبسه فصار أبرص وامتعط شعره!.. وأخذَ سراويله بحر بن كعب التيمي لعنه الله تعالى، فرويَ أنّه صار زمناً مُقعداً من رجليه! وأخذَ عمامته أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي، وقيل: جابر بن يزيد الأودي لعنهما الله، فاعتمّ بها فصار معتوهاً! وأخذَ نعليه الأسود بن خالد لعنه الله، وأخذَ خاتمه

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٤٢.

(٢) راجع: مناقب عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لابن المغازلي: ٦٦ - ٦٧ رقم ٩٥ و٤٠٣ رقم ٩٥ مكرر.

وقال في حاشية ص٦٧: أخرجه الخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين ٢: ٨٣، والقندوزي في ينابيع المودّة: ٢٦١، والحضري في رشفة الصادي: ٦٠ نقلاً عن روض الأخبار، والشبلنجي في نور الأبصار: ١٢٧، والعلاّمة السخّاوي في المقاصد الحسنة: ٣٠٢، وابن الصبّان في إسعاف الراغبين: ١٨٦.

٤٣٢

بجدل بن سليم الكلبي وقطع إصبعهعليه‌السلام مع الخاتم، وهذا أخذهُ المختار فقطعَ يديه ورجليه وتركه يتشحّط في دمه حتّى هلك، وأخذَ قطيفة لهعليه‌السلام كانت من خزّ قيس بن الأشعث(١) ، وأخذَ درعه البتراء عمر بن سعد.

فلمّا قُتل عمر وهبها المختار لأبي عمرة قاتله، وأخذَ سيفه جُميع بن الخلق الأودي، وقيل: رجل من بني تميم يُقال له أسود بن حنظلة، وفي رواية ابن أبي سعد أنّه أخذَ سيفه الفلافس النهشلي، وزادَ محمد بن زكريا: أنّه وقعَ بعد ذلك إلى بنت حبيب بن بُديل، وهذا السيف المنهوب المشهور ليس بذي الفقار، فإنّ ذلك كان مذخوراً ومصوناً مع أمثاله من ذخائر النبوّة والإمامة، وقد نقل الرواة تصديق ما قلناه وصورة ما حكيناه)(٢) .

____________________

(١) في مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٤٣: (وأخذَ قيس بن الأشعث قطيفة للحسين كان يجلس عليها، فسمّي لذلك: قيس قطيفة!)، وفي المناقب لابن شهرآشوب: ٤: ١٢٠: (وسُلب الحسين ما كان عليه، فأخذَ عمامته جابر بن يزيد الأزدي، وقميصه إسحاق بن حوَي، وثوبه جعونة بن حوية الحضرمي، وقطيفته من خزّ قيس بن الأشعث الكندي، وسراويله بحير بن عمير الجرمي، ويقال أخذ سراويله أبجر بن كعب التميمي، والقوس والحلل الرحيل بن خثيمة الجعفي، وهاني بن ثبيت الحضرمي، وجرير بن مسعود الحضرمي، ونعليه الأسود الأوسي، وسيفه رجل من بني نهشل من بني دارم، ويقال الأسود بن حنظلة، فأحرَقهم المختار بالنار).

وانظر: مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٨٤، وتذكرة الخواص: ٢٢٨، والإرشاد: ٢: ١١٢، والكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٥، وتاريخ الطبري: ٣: ٣٣٤، وترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد: ٧٨.

(٢) اللهوف: ١١٤ - ١١٥، وانظر: نَفَس المهموم: ٣٧٢ - ٣٧٣، وفي البحار: ٤٣: ٢٤٧ رقم ٢٣ عن أمالي الصدوق، بسنده عن محمّد بن مسلم قال: (سألتُ الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام عن خاتَم الحسين بن عليّعليهما‌السلام إلى مَن صار؟ وذكرتُ له أنّي سمعت أنّه أُخذ من أصبعه فيما أُخذ.

قالعليه‌السلام :(ليس كما قالوا، إنّ الحسين عليه‌السلام أوصى إلى ابنه عليّ بن الحسين عليه‌السلام وجعلَ خاتمهُ في أصبعه، وفوَّض إليه أمره كما فعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وفعلهُ أمير المؤمنين =

٤٣٣

رضّ جسد الإمامعليه‌السلام بحوافر الخيل

قال السيد ابن طاووس (ره): (قال الراوي: ثمّ نادى عمر بن سعد في أصحابه: مَن ينتدب للحسين فيواطئ الخيل ظهره وصدره! فانتدبَ منهم عشرة، وهم: إسحاق بن حويّة الذي سلبَ الحسينعليه‌السلام قميصه، وأخنس بن مرثد، وحكيم بن طفيل السنبسي، وعمر بن صبيح الصيداوي، ورجاء بن منقذ العبدي، وسالم بن خثيمة العفي، وواحظ بن ناعم، وصالح بن وهب الجعفي، وهاني بن ثبيت الحضرمي، وأُسيد بن مالك، لعنهم الله تعالى فداسوا الحسينعليه‌السلام بحوافر خيلهم حتّى رضّوا صدره وظَهره)(١) .

____________________

=بالحسن، وفعلهُ الحسن بالحسين عليهما‌السلام ، ثمّ صار ذلك الخاتم إلى أبي عليه‌السلام بعد أبيه، ومنه صار إليَّ فهو عندي، وإنّي لألبسه كلّ جمعة وأُصلّي فيه .

قال محمد بن مسلم: فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلّي، فلمّا فرغَ من الصلاة مدَّ إليَّ يده فرأيت في أصبعه خاتماً نقشه (لا إله إلاّ الله عدّة للقاء الله) فقال:هذا خاتم جدّي أبي عبد الله الحسين بن عليّ عليه‌السلام ) .

(١) اللهوف: ١١٥ وقال أيضاً: (قال الراوي: وجاء هؤلاء العشرة حتّى وقفوا على ابن زياد، فقال أسيد بن مالك أحد العشرة عليهم لعائن الله:

نحن رَضَضنا الصدر بعد الظَهر

بـكلّ يـعبوب شـديد الأسـر

فقال ابن زياد: مَن أنتم؟ قالوا: نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتّى طَحنّا جناجن صدره! قال: فأمرَ لهم بجائزة يسيرة.

قال أبو عمر الزاهد: فنظرنا إلى هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعاً أولاد زنا، وهؤلاء أخذَهم المختار فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا).

أمّا ابن شهرآشوب في المناقب: ٤: ١١٢ فقد ذكر هؤلاء العشرة على النحو التالي: (إسحاق بن يحيى الحضرمي، وهاني بن ثبيت الحضرمي، وأدلم بن ناعم، وأسد بن مالك، والحكيم بن طفيل الطائي، والأخنس بن مرثد، وعمرو بن صبيح المذحجي، ورجاء بن منقذ العبدي، وصالح =

٤٣٤

وكان ابن زياد قد أمر ابن سعد بذلك

كان آخر ما كتبه عبيد الله بن زياد - وأرسله بيد شمر - إلى عمر بن سعد: (إنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه، ولا لتطاوله، ولا لتمنّيه السلامة والبقاء، ولا لتعتذر له، ولا لتكون له عندي شافعاً، اُنظر فإنْ نزلَ الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليَّ سِلماً، وإنْ أبَوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثِّل بهم! فإنّهم لذلك مستحقّون! وإن قُتل الحسين فأوطِئ الخيل صدره وظهره! فإنّه عاتٍ ظلوم! وليس أرى أنّ هذا يضرُّ بعد الموت شيئاً، ولكنْ عليَّ قولٌ قد قلته: لو قتلتهُ لفعلتُ هذا به.

فإن أنتَ مضيتَ لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، وإنْ أبيتَ فاعتزِل عَملنا وجُندنا، وخلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنّا قد أمرناه بأمرنا، والسلام)(١) .

وأكثر المصادر التاريخية تؤكّد على أنّ عمر بن سعد كان قد امتثل أمر ابن زياد في تنفيذ هذه الجريمة بعد قتل الإمامعليه‌السلام (٢) ، لكنّ العلاّمة المجلسي (ره) بعدما

____________________

= بن وهب اليزني، وسالم بن خيثمة الجعفي)، وانظر: تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٥، والكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٥، ومقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ٤٤.

وانظر: أُسد الغابة في معرفة الصحابة: ٢: ٢١، وأنساب الأشراف: ٣: ٤٠٩، ومقاتل الطالبيين: ١١٨، وتاريخ أبي الفداء: ١: ٢٦٦، والمنتظم: ٥: ٣٤١، وتاريخ الخميس ٢: ٢٩٨، والبداية والنهاية: ٨: ١٩١، وروضة الواعظين: ١٨٩، ومروج الذهب ٣: ٧٢، والخطط المقريزية ٢: ٢٨٨، ومصادر أخرى غيرها.

(١) الإرشاد: ٢: ٨٨ - ٨٩، وانظر: تاريخ ابن الوردي: ١: ١٦٤.

(٢) إنّ عمر بن سعد الذي امتثلَ أمرَ عبيد الله بن زياد في قتل الإمامعليه‌السلام ، لا يُستبعد منه أن يمتثل أمره بسهولة أيضاً في رضّ جسده المقدّس بالخيول.

٤٣٥

ذكرَ في كتابه بحار الأنوار كلام السيّد ابن طاووس (ره) في هذه القضية، قال: المعتمَد عندي ما سيأتي في رواية الكافي أنّه لم يتيسّر لهم ذلك(١) .

وأمّا رواية الكليني (ره) التي اعتمد عليها العلاّمة المجلسي (ره) فهي:

(الحسين بن أحمد قال: حدّثني أبو كريب، وأبو سعيد الأشجّ قال: حدّثنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه إدريس بن عبد الله الأودي قال: لمّا قُتل الحسينعليه‌السلام أراد القوم أن يوطئوه الخيل فقالت فضّة لزينب: يا سيدتي، إنَّ سفينة(٢) كُسر به في البحر، فخرجَ إلى جزيرة فإذا هو بأسد، فقال: يا أبا الحارث، أنا مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ! فهمهمَ بين يديه حتى وقفه على الطريق، والأسد رابض في ناحية، فدَعيني أمضي إليه فأعلِمه ما هم صانعون غداً! فمضت إليه فقالت: يا أبا الحارث، فرفع رأسه، ثمّ قالت: أتدري ما يريدون أن يعملوا غداً بأبي عبد اللهعليه‌السلام ؟ يريدون أن يوطّئوا الخيل ظهره! قال: فمشى حتّى وضعَ يديه على جسد الحسينعليه‌السلام ! فأقبلت الخيل فلمّا نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد - لعنه الله -: فتنة لا تثيروها، فانصرفوا)(٣) .

ومن الغريب جدّاً اعتماد العلاّمة المجلسي (ره) في قوله: (لم يتيسّر لهم ذلك) على هذه الرواية فقط التي حكمَ هو بجهالتها في مرآة العقول، حيث قال: الحديث مجهول(٤) .

____________________

(١) راجع: البحار: ٤٥: ٦٠.

(٢) سفينة: لقب قيس مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويُكنّى أبا ريحانة.

(٣) الكافي: ١: ٤٦٥، رقم ٨، والبحار: ٤٥: ١٦٩ رقم ١٧.

(٤) مرآة العقول ٥: ٣٦٨، وقال المرحوم المازندراني في منتهى المقال: ٣: ٣٥٥: وفي الكافي بسند ضعيف... ثمّ ذكر الرواية.

٤٣٦

التحقيق في رجال السند:

أمّا الحسين بن محمّد، فغايتهُ ما قيل في حقّه: إنّ طريق الشيخ الطوسي في المشيخة صحيح إليه(١) ، وأمّا أبو كريب وأبو سعيد الأشجّ فلم يرد في حقّهما مدح ولا ذم(٢) ، وأمّا إدريس بن عبد الله الأزدي أو الأودي، فعدّه المرحوم المامقاني في عداد المجاهيل(٣) ، وأمّا إدريس بن عبد الله فلم يرد أيضاً فيه مدح ولا ذم(٤) .

فتكون الرواية ضعيفة السند بلا إشكال، ومع غضّ النظر عن مسألة السند، فإنّ هذه الرواية لا تنتهي إلى كلام المعصوم الذي يُعدّ حجّة لنا بل تنتهي إلى إدريس بن عبد الله الأودي وهو ضعيف.

كلام البرغاني:

قال الفاضل البرغاني: (وكأنّهم - لعنهم الله - أرادوا أن يوطئوا الخيل بحيث لا يبقى من جسده الشريف أثر، فمنعهم الأسد من ذلك، وإلاّ فالعشرة المتقدّمة لعنهم الله قد رضّوا صدره وظهره على حسب ما أمرَ عبيد الله بن زياد أوّلاً، وجاءهم أمرٌ آخر بأن لا يُبقوا من جسده الشريف أثراً! فحالَ بينهم وبينه الأسد، وحُكي عن السيّد المرتضى ذلك)(٥) .

____________________

(١) راجع معجم رجال الحديث: ١٠: ١١٠.

(٢) راجع معجم رجال الحديث ٢١: ١٦٧ و ٢٢: ٢٧.

(٣) تنقيح المقال ١: ١٠٥.

(٤) المصدر السابق.

(٥) راجع: معالي السبطين: ٢: ٣٢، وأسرار الشهادة: ٤٣٩.

٤٣٧

٤٣٨

الفهارس العامّة

٤٤١

فهرس الآيات القرآنية

٤٤٤

فهرس الأحاديث

٤٥٨

فهرس الرسائل والمكاتيب

٤٥٨

فهرس الخطب

٤٥٩

فهرس أسماء المعصومينعليهم‌السلام

٤٦٢

فهرس الأعلام المترجمين

٤٦٨

فهرس الأعلام

٤٩٤

فهرس الفِرق والجماعات

٥٠٢

فهرس الأماكن والبلدان

٥٠٧

فهرس الأيام والوقائع

٥٠٩

فهرس الأشعار

٥١٥

فهرس المصادر

٥٣٦

فهرس الموضوعات

٤٣٩

٤٤٠