اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)0%

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 215

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الصفحات: 215
المشاهدات: 115688
تحميل: 8903

توضيحات:

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 215 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115688 / تحميل: 8903
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فقال أصحابه: وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه فأما من بعثه مبعثاً قريباً فرضي وسلّم وأما من بعثه مبعثاً بعيداً فكره وجهه وتثاقل) (١) .

وانطلقت رسل الدعوة والهداية تنقل أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى نقاط العالم المختلفة (٢) .

٣ ـ غزوة خيبر (٣) :

بجهود صادقة وبحنكة كبرى وشجاعة فائقة وتسديد إلهي ارتقى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمسلمين سُلّم الوعي الرسالي والثبات والخير وزرع فيهم روح الصبر والتواصل.. وانطلق صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برسالته السماوية إلى العالم الإنساني خارج الجزيرة العربية من خلال كتبه ورسله إلى زعماء القوى المجاورة.

وتوقع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تكون ردود الفعل مختلفة فقد يكون بعضها هجوماً عسكرياً يقصد المدينة مستعيناً بما فيها من بقية جيوب المنافقين واليهود وهم الذين حفل تأريخهم بالغدر والخيانة .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية : ٢ / ٦٠٦ ، والطبقات الكبرى : ١ / ٢٦٤ .

(٢) قد عدّ علماء الإسلام ما يقارب من ( ١٨٥ ) كتاباً ورسالة بعثها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى كل القوى يدعوها إلى الإسلام. راجع : مكاتيب الرسول لعلي بن حسين علي الأحمدي .

(٣) وقعت هذه الغزوة في شهر جمادى الآخرة من السنة السابعة للهجرة، راجع الطبقات الكبرى : ٢ / ٧٧.

١٤١

وكانت خيبر تمثّل حصناً قوياً ومركزاً كبيراً لليهود ولهذا قرر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقضي على هذه القوة المتبقّية، فلم يلبث بعد عودته من الحديبية إلاّ أياماً قلائل حتى جهّز جيشاً بلغ تعداده ألفاً وستمائة من المسلمين مؤكداً لهم أن لا يخرجوا في ابتغاء الغنيمة وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(لا يخرجنّ معنا إلاّ راغب في الجهاد) (١) .

واتّبع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اسلوباً يوهم حلفاء اليهود ويمنعهم عن المبادرة لنصرتهم; تجنباً لمزيد من القتال.

فباغتت قوات المسلمين حصون اليهود يتقدمها علي بن أبي طالبعليه‌السلام حاملاً راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وامتنعت اليهود في حصونهم المنيعة بخطة محكمة كانوا قد اتّبعوها، ثم دارت مناوشات متعددة تمكّن المسلمون خلالها من احتلال عدة مواقع مهمة. على أن القتال اشتدّ وطالت مدّة الحصار وعانى المسلمون من قسوة الجوع حتى أنهم أكلوا طعاماً غير مستساغ.

وأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رايته إلى عدد من الصحابة ليتم الفتح على أيديهم فلم يأتوا إلاّ بالفرار والفشل. ولمّا بلغ الجهد بالمسلمين قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرّار غير فرّار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه) (٢) .

ــــــــــــ

(١) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٠٦.

(٢) السيرة النبوية : ٢/٣٣٧ صحيح مسلم ١٥/١٧٦ ـ ١٧٧ وفضائل الصحابة : ٢/٦٠٣ ومسند الإمام أحمد : ٣/٣٨٤ والمواهب اللدنيّة : ١/٢٨٤ ، والاستيعاب : ٣/٢٠٣، كنز العمال: ١٣/١٢٣.

١٤٢

ودعا في اليوم التالي علياً وأعطاه الراية فتمّ الفتح على يديه وسرّ المسلمون والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميعاً، وصالح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البقية الباقية من اليهود بعد استسلامهم على نصف ثمار مزارعهم التي أصبحت ملكاً للمسلمين، ولم يعاملهم كما عامل بني النضير وبني القينقاع وبني قريظة; إذ لم تعد قوة اليهود الباقية ذات أثر مهم في المدينة.

٤ ـ محاولة اغتيال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

لقد قررت جماعة في الخفاء قتل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيلةً شفاءً لحقدهم الدفين وإرضاءً لنزعاتهم العدوانية ولهذا أهدت زينب بنت الحارث ـ زوجة سلام بن مشكم اليهودي ـ إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاة مشوية ودسّت السمّ فيها وأكثرت منه في ذراعها إذ كانت تعلم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحب الذراع من الشاة.

فلمّا وضعتها بين يديه أخذصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ولفظها، بينما مات بشر بن البراء بن معرور بعد أن ابتلع مضغة أُخرى منها .

وعفا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنها بعدما اعترفت له بذلك زاعمة أنها كانت تريد اختبار نبوّته، ولم يلاحق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين تواطئوا معها (١) .

٥ ـ استسلام أهالي فدك :

وتهاوت أوكار الخيانة أمام صولات الحق والعدل، فما أن تم نصر الله في خيبر حتى قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك فبعثوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصالحونه على نصف محاصيل فدك وأن يعيشوا تحت راية الحكم الإسلامي، مطيعين مسالمين فوافق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك.

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٣٣٧، المغازي: ٢ / ٦٧٧.

١٤٣

وبهذا أصبحت فدك ملكاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة بحكم القرآن لأنها مما لم يوجف عليه بخيل ولا سلاح إذ أعلنت استسلامها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون تهديد أو قتال. وقد وهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدكاً لابنته فاطمة الزهراءعليها‌السلام (١) .

وبهذا تمّ تطهير أرض الجزيرة العربية من جيوب الخيانة وتخلّصت من فتن اليهود الذين جُرّدوا من أسلحتهم ووضعوا تحت حماية القانون والدولة الإسلامية.

وفي يوم فتح خيبر أقبل جعفر بن أبي طالب من الحبشة، فاستقبله رسول الله وقبّل ما بين عينيه وقال:بأيهما أُسرّ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر (٢) .

٦ ـ عمرة القضاء :

انقضت أيام الهدنة والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون في عمل دؤوب متواصل لتركيز دعائم الحكم الإسلامي، ولم تحدث تحركات عسكرية مهمة بعد فتح خيبر سوى خروج سرايا تبليغية أو تأديبية لبعض العناصر التي كانت تظهر الشغب.

ومضى عام على صلح الحديبية إلتزم خلاله الطرفان ببنود الاتفاق وحلّ الوقت الذي أصبح النبي والمسلمون في حلٍّ من عهدهم لزيارة بيت الله الحرام، فنادى منادي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتجهز المسلمون لأداء عمرة القضاء. وخرج مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألفان من المسلمين لا يحملون سلاحاً إلاّ السيوف في القِرب، وكان من حيطة النبي وحذره من احتمال الغدر أن جهّز مجموعة مسلحة عند (مرّ الظهران) ليكونوا القوّة المستعدة للدفاع عند الطوارئ.

ولما وصل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذا الحليفة أحرم هو وأصحابه وساق معه ستين بدنة، وقدّم الخيل أمامه، وكانت نحواً من مائة بقيادة محمد بن مسلمة. وخرج زعماء مكة ومن تبعهم إلى رؤوس الجبال والتلال المجاورة المطلة على مكة زاعمين أنهم لا يريدون النظر إلى وجه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا إلى أصحابه، ولكن جلالة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهيبة منظر المسلمين الذين كانوا قد احتفّوا بالرسول وهم يردّدون التلبية بهرت عيونهم وتركتهم مذهولين ينظرون إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين وهم يؤدون مناسكهم.

ــــــــــــ

(١) مجمع البيان: ٣ / ٤١١، شرح ابن أبي الحديد: ١٦ / ٢٦٨، الدر المنثور: ٤ / ١٧٧.

(٢) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٠٨، والسنن الكبرى للبيهقي: ٧ / ١٠١، والسيرة النبوية لابن كثير: ٣ / ٣٩٨.

١٤٤

وطاف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حول البيت على راحلته التي كان يقودها عبد الله بن رواحة وأمر أن ينادي المسلمون بصوت عال:(لا إله إلاّ الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعَزَّ جنده وهزم الأحزاب وحده) .

فدوّى النداء في مكة وشعابها فانصدعت قلوب المشركين رعباً وتملّكهم الغيظ والحقد من مظاهر النصر الإلهي للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي خرج منهم طريداً قبل سبع سنين.

وأتم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون مناسك العمرة، وأيقنت قريش بقوة الإسلام والمسلمين وأيقنت بكذب من أخبرها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن معه في جهد وتعب وضيق وحرج بسبب الهجرة إلى المدينة.

وصعد بلال على ظهر الكعبة وأعلن نداء التوحيد مؤذّناً لصلاة الظهر بمظهر روحاني بهيج أغاظ رؤوس الكفر من قريش... وقد كانت مكة كلّها تحت تصرف المسلمين.

وتفرق المهاجرون فيها وهم يصحبون إخوتهم الأنصار يزورون دورهم التي غادروها في سبيل الله ويلتقون بأهليهم وذويهم بعد فراق طويل.

وأمضى المسلمون ثلاثة أيام في مكة ثم غادروها بموجب الاتفاق الذي كان بينهم وبين قريش بعد أن رفضت طلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يتم مراسم زواجه من (ميمونة) خائفين من ازدياد قوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واختراق الإسلام لمجتمع مكة من خلال طول مكث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها.

وخلّف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا رافع ليحمل إليه زوجته (ميمونة) حين يمسي، إذ خرج المسلمون قبل صلاة الظهر من مكّة (١) .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٣٧٢.

١٤٥

الفصل الثاني: الإسلام خارج الجزيرة

١ ـ معركة مؤتة(١) :

عزم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بسط الأمن في شمال الجزيرة العربية، ودعوة أهلها إلى الإسلام والانطلاق نحو الشام. من هنا بعث الحارث بن عمير الأزدي إلى الحارث ابن أبي شمر الغساني فاعترضه شرحبيل بن عمرو الغسّاني فقتله.

وفي الفترة نفسها بعث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجموعة من المسلمين يدعون إلى الإسلام فعدا عليهم أهل منطقة (ذات أطلاح) من الشام وقتلوهم وبلغ خبر مقتلهم الرسول فتألم لذلك كثيراً وانتدب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسلمين للخروج، فأعد جيشاً من ثلاثة ألاف مقاتل وأمّر عليه زيد بن حارثة ثمّ جعفر بن أبي طالب، ثمّ عبد الله بن رواحة. وخطب فيهم قائلاً: (اُغزوا بسم الله أدعوهم إلى الدخول في الإسلام فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم وإلاّ فقاتلوا عدوّ الله وعدوّكم بالشام وستجدون فيها رجالاً في الصوامع معتزلين الناس، فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف، ولا تقتلن امرأة ولا صغيراً مرضعاً ولا كبيراً فانياً، لا تغرقنّ نخلاً ولا تقطعنّ شجراً ولاتهدموا بيتاً) (٢) .

ــــــــــــ

(١) وقعت معركة مؤتة في جمادى الاُولى من السنة الثامنة للهجرة.

(٢) المغازي: ٢ / ٧٥٨، راجع السيرة النبوية: ٢ / ٣٧٤.

١٤٦

وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معهم مودّعاً حتى بلغ ثنية الوداع.

ولما بلغ جيش المسلمين منطقة (مشارق) فوجئ بالعدة والعدد الضخم لجيش الروم إذ بلغ عددهم مائتي ألف مقاتل فانحاز المسلمون إلى مؤتة وعزموا على مقاومة العدو. ولأسباب عديدة بان الانكسار في جيش المسلمين فقتل القادة الثلاثة جميعاً. وكان من عوامل الانكسار أنهم كانوا يقاتلون في منطقة غريبة عليهم وبعيدة عن مركز الإمدادات كما أنهم كانوا يقاتلون مهاجمين والروم بالعدد الضخم يقاتلون مدافعين، هذا مضافاً إلى التفاوت في الخبرة القتالية فجيش الروم قوة منظمة مارست حروباً سجالاً أما جيش المسلمين فكان قليل العدد والخبرة، فتيّاً في تكوينه(١) .

ولقد تأ لّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمقتل جعفر بن أبي طالب وبكاه بشدة، وذهب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيت جعفر يعزّي أهله ويواسي أبناءه، كما حزن كثيراً على زيد ابن حارثة (٢) .

٢ ـ فتح مكة(٣) :

لقد اختلفت ردود فعل القوى في المنطقة بعد معركة مؤتة، فالروم فرحوامن انسحاب المسلمين وعدم تمكّنهم من دخول الشام.

أما قريش فقد سادهم الفرح وانبعثت فيهم الجرأة على المسلمين وأخذوا يسعون لنقض صلح الحديبية عبر الإخلال بالأمن فحرّضوا قبيلة بني بكر على بني خزاعة (بعد أن دخلت قبيلة بني بكر في حلف قريش وخزاعة في حلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثر صلح الحديبية) وأمدّوها بالسلاح فعدت بكر على خزاعة غيلة وقتلوا عدداً من أفرادها وهم في ديارهم آمنين، وكان بعضهم في حال العبادة ففزعوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طالبين النصرة، ووقف عمرو بن سالم بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو جالس في المسجد ـ ينشد أبياتاً يعرض فيها نقض العهد. فتأثر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال:نُصِرْتَ يا عمرو بن سالم . أما قريش فقد انتبهت وأدركت سوء فعلتها وقد تملّكها الخوف والهلع من المسلمين فاجتمع رأيهم على إيفاد أبي سفيان إلى المدينة ليجدد الصلح ويطلب تمديد المدة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولكن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يصغ لطلب أبي سفيان وسأله قائلاً:هل كان من حدث؟ قال أبو سفيان: معاذ الله ، فأجابه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :نحن على مدّتنا وصلحنا .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٣٨١.

(٢) بحار الأنوار: ٢١ / ٥٤، المغازي: ٢ / ٧٦٦، السيرة الحلبية: ٣ / ٦٨.

(٣) تم فتح مكة في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة.

١٤٧

لكن أبا سفيان لم يهدأ له بال ولم يقنع بل أراد أن يستوثق ويأخذ عهداً وأماناً من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسعى لتوسيط مَن يؤثّر على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقابله الجميع بالرفض واللامبالاة.

فلم يجد إلاّ أن يقفل راجعاً بالخيبة إلى مكة وقد ضاقت الأمور على قوى الشرك حيث تبدلت الظروف ، فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطلب مكة فاتحاً، بعدّة تتزايد وإيمان يترسخ ، وقريش تطلب الأمان والسلامة في دمائها وأموالها، وقد سنحت الفرصة بنقض الصلح. وتكاد تكون مكة آخر خطوة لتتم سيطرة الإسلام على الجزيرة العربية برمّتها. وأعلن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النفير العام، وتوافدت عليه جموع المسلمين ملبية نداءه، فجهّز جيشاً قارب عدده عشرة آلاف رجل. واجتهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكتم قصده وهدفه إلاّ على الخاصة وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو الله قائلاً : (اللهم خذ العيون والأخبار من قريش حتى نباغتها في بلادها) (١) . ويبدو أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يود أن يتحقق النصر المؤزّر سريعاً دون إراقة قطرة دم ، متخذاً أسلوب المباغته. ولكن الخبر تسرب إلى رجل كان قد ضعف أمام عواطفه فكتب إلى قريش كتاباً بذلك وبعثه مع امرأة توصله. ونزل الوحي يخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فأمر علياً والزبير بأن يلحقا المرأة ويسترجعا الكتاب، وانتزع علي بن أبي طالب بقوة إيمانه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكتاب من المرأة (٢) . ولمّا استلم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكتاب جمع المسلمين في المسجد ليثير هممهم ويحذر من مسألة الخيانة من جانب ويبيّن من جانب آخر أهمية كبت العواطف مرضاةً لله. وقام المسلمون يدفعون حاطب بن أبي بلتعة صاحب الكتاب الذي حلف بالله أنه لم يقصد الخيانة وانفعل عمر بن الخطاب وطلب من النبيّ أن يقتله فقال له : (وما يُدريك يا عمر لعلَّ الله اطلع على أهل بدر وقال لهم إعملوا ما شئتم فلقد غفرت لكم) (٣) .

تحرك الجيش الإسلامي نحو مكة :

وتحرك جيش المسلمين في العاشر من شهر رمضان باتجاه مكة المكرمة، ولما بلغ مكاناً يدعى (الكديد) طلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ماءاً فأفطر به أمام المسلمين وأمرهم أن يفطروا لكن بعضاً منهم عصوا الرسول القائد ولم يفطروا فغضب من عصيانهم وقال:(أولئك العصاة) وأمرهم أن يفطروا(٤) .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٣ / ٣٩٧، المغازي : ٢ / ٧٩٦.

(٢) السيرة النبوية: ٢ / ٣٩٨.

(٣) امتاع الاسماع: ١ / ٣٦٣، المغازي: ٢ / ٧٩٨. ويرى بعض المحققين أن هذا الحديث من الموضوعات. راجع سيرة المصطفى: ٥٩٢.

(٤) وسائل الشيعة: ٧ / ١٢٤، السيرة الحلبية: ٣ / ٢٩٠، المغازي: ٢ / ٨٠٢، وصحيح مسلم ٣/١٤١ ـ ١٤٢، كتاب الصيام باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية، ط دار الفكر ، بيروت.

١٤٨

ولما وصل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مرّ الظهران أمر المسلمين أن ينتشروا في الصحراء ويوقد كل منهم ناراً. وهكذا أضاء الليل البهيم وظهر المسلمون كجيش عظيم تضيع أمامه كل قوى قريش مما أقلق العباس بن عبد المطلب ـ وهو آخر المهاجرين إذ التحق بركب رسول الله في منطقة الجحفة ـ فتحرك يبحث عن وسيلة يبلغ بها قريشاً أن تأتي مسلمة قبل دخول الجيش عليها.

وفجأة سمع صوت أبي سفيان يحادث بديل بن ورقاء مستغرباً وجود هذه القوة الكبيرة على مشارف مكة. وارتعد أبو سفيان خوفاً حين أخبره العباس بزحف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجيشه لفتح مكة، ولم يجد أبو سفيان بدّاً من اصطحاب العباس لأخذ الأمان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولم يكن بوسع ينبوع العفو والاخلاق السامية أن يبخل بإجازة جوار عمّه لأبي سفيان فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إذهب فقد أمناه حتى تغدو به عليّ) .

استسلام أبي سفيان :

ولما مثل أبو سفيان بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له :(ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلاّ الله؟) فقال أبو سفيان: بأبي أنت وأمي ما أحلمك، وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئاً بعد. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟) قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك أما والله فإنّ في النفس منها حتى الآن شيئاً(١) .

وتدارك العباس الموقف ليضغط على أبي سفيان ليسلم وقال له: ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله قبل أن تقتل. فشهد أبو سفيان الشهادتين خوفاً من القتل، ودخل في عداد المسلمين.

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٣ / ٤٠، مجمع البيان: ١٠ / ٥٥٤ .

١٤٩

واستسلم من بقي من زعماء المشركين بعد استسلام أبي سفيان، ولكن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استتماماً للضغط النفسي على قريش كي تستسلم دون إراقة دماء قال للعباس:(يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمرّ به جنود الله فيراها) .

ولإشاعة الاطمئنان والثقة برحمة الإسلام ورحمة الرسول القائد وإرضاء لغرور أبي سفيان كي لا يكابر قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن طرح السلاح فهو آمن) .

ومرّت جنود الله تعبر المضيق والعباس يعرّف الكتائب التي تمر وأبو سفيان قد أخذته الدهشة حتى قال: والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً فأجابه العباس: يا أبا سفيان إنها النبوة. وتردد أبو سفيان في الجواب فقال: فنعم إذن. ثم انطلق أبو سفيان إلى مكة ليحذّر أهلها ويعلن أمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

دخول مكة :

أصدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوامره الحكيمة بتوزيع مداخل القوات إلى مكة مؤكداً عدم اللجوء إلى القتال إلاّ رداً عليه. وأهدرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دماء عدد من المشركين ـ في كلّ الحالات ـ حتّى لو وجدوهم متعلقين بأستار الكعبة، لعظيم جنايتهم ومعاداتهم للإسلام وللنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وما إن لاحت بيوت مكة حتّى إغرورقت عينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالدموع، ودخلت قوّات الإسلام الظافرة مكة من جهاتها الأربع ومظاهر العز والنصر تجلّلها ودخل الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكة مطأطئاً رأسه تعظيماً لله وشكراً له على ما منحه من الفضل والنعمة حيث دانت لرسالته ودولته أم القرى، بعد طول جهد وعناء تحملهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سبيل إعلاء كلمة الله.

ــــــــــــ

(١) المغازي ، للواقدي : ٢ / ٨١٦ ، السيرة النبوية : ٣ / ٤٧ .

١٥٠

ورفض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يدخل دار أحد من أهالي مكة رغم كثرة عروضهم له، واغتسل بعد استراحة قصيرة وركب راحلته وكبّر فكبّر المسلمون فدوّى الصوت في الجبال والوهاد ـ التي فرّ إليها بعض رؤوس الشرك خوفاً من الإسلام ونصره ـ وجعل يشير وهو يطوف في البيت إلى كل صنم موجود حوله ويقول: قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، فيسقط الصنم لوجهه.

ثم أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً أن يجلس ليصعدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كتفه ولكن لم يستطع عليصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يحمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كتفه لكسر الاصنام فوق الكعبة، من هنا صعد عليّ على كتف ابن عمّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكسر الأصنام. ثم طلب النبيّ مفاتيح الكعبة وفتح بابها ودخلها ومسح ما فيها من صور. ثم وقف على بابها يخطب الجموع المتكاثرة خطبة الفتح العظيم فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدّعى فهو تحت قدميّ هاتين، إلاّ سدانة البيت وسقاية الحاج... ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب...) (١) ثم تلا قوله تعالى: ( يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر واُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) (٢) يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم)؟ .

قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(إذهبوا فأنتم الطلقاء) (٣) .

ثم ارتقى بلال سطح الكعبة ليؤذّن لصلاة الظهر فصلى المسلمون بإمامة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد الحرام أوّل صلاة بعد هذا الفتح.

ــــــــــــ

(١) مسند أحمد : ١ / ١٥١ ، فرائد السمطين : ١ / ٢٤٩ ، كنز العمّال : ١٣ / ١٧١ ، السيرة الحلبية : ٣ / ٨٦ .

(٢) الحجرات (٤٩) : ١٣.

(٣) بحار الأنوار: ٢١ / ١٠٦، والسيرة النبوية: ٢ / ٤١٢.

١٥١

ووقف المشركون والحيرة تملكهم وتعلوهم الدهشة مشوبة بالخوف والحَذر. وخشيت الأنصار أن لا يرجع معها الرسول الكريم حين رأوا تفاعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أهل مكة ووقفوا والأسئلة تدور فى مخيّلتهم والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واقف يدعو الله وقد علم ما يدور بينهم فالتفت إليهم قائلاً: معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم، معلناً بذلك أن المدينة ستبقى عاصمة الإسلام.

ثم أقبل الناس يبايعونه فبايعه الرجال ـ وتشفع عدد من المسلمين لدى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليعفو عمن أهدر دمه فعفا وصفح.

وجاءت النساء لتبايع ـ فكانت المرأة تدخل يدها في قدح فيه ماء قد وضع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده فيه ـ ( على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف ) (١) .

وغضب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين عدت خزاعة ـ حليفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ على رجل من المشركين فقتلته وقامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً فقال:(يا أيها الناس إن الله حرّم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة، لا يحل لامرىً يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك دماً أو يعضد فيها شجراً ..) (٢) .

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(فمن قال لكم إن رسول الله قد قاتل فيها فقولوا إن الله قد أحلّها لرسوله ولم يحللها لكم يا معشر خزاعة) . وأكبرت قريش جميع مواقف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة وأهلها من عطف ورحمة وسماحة وعفو واحترام وتقديس فمالت قلوبهم إليه وأقبلوا على الإسلام آمنين مطمئنين.

وأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سراياه إلى اطراف مكة وما حولها لهدم ما تبقّى من الأصنام وأماكن عبادة المشركين فأخطأ خالد بن الوليد إذ قتل عدداً من قبيلة

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٢١ / ١١٣، وسورة الممتحنة: الآية ١٢.

(٢) سنن ابن ماجة ، الحديث ٣١٠٩ ، كنز العمال ، الحديث ٣٤٦٨٢، الدر المنثور : ١ / ١٢٢، ط دار الفكر.

١٥٢

بنى جذيمة بعد استسلامهم ثأراً لعمّه(١) وغضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين علم بذلك وأمر علياً أن يأخذ أموالاً ويدفع دية المقتولين ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستقبل القبلة رافعاً يديه وهو يقول:(اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد) ، وبذلك هدأت نفوس بني جذيمة )(٢) .

٣ ـ غزوة حنين وحصار الطائف(٣) :

أمضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة عشر يوماً في مكة فاتحاً فيها عهداً جديداً من التوحيد بعد طول فترة من الشرك، والغبطة والسرور يعمّان المسلمين، والأمان يلفّ أم القرى، وترامت إلى أسماع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن قبيلتي هوازن وثقيف قد أعدّتا العدّة لمحاربة الإسلام ظنّاً منهما أنّهما يُحققان ما عجزت عنه سائر قوى الشرك والنفاق من تدمير الإسلام، وعزم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الخروج لملاقاتهم ولكنه وطّد دعائم الإدارة في مكة قبل خروجه كما هي سيرته عند كل فتح، فعيّن معاذ بن جبل ليعلّم الناس القرآن وأحكام الإسلام كما عيّن عتاب بن أسيد للصلاة بالناس وإدارة الأمور.

وخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باثني عشر ألفاً من المقاتلين، وهي قوة لم يشهد المسلمون مثلها ممّا أدّى بهم إلى الغرور والغفلة حتى أن أبا بكر قال: لو لقينا بني شيبان لن نغلب اليوم من قلّة (٤) .

أما ( هوازن ) و ( ثقيف ) فقد تحالفتا وخرجتا بكامل عدّتهم مع نسائهم وأطفالهم وكمنوا لإرباك جيش المسلمين، وحين وصلت طلائع جيش المسلمين

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٢٠، الخصال: ٥٦٢، أمالي الطوسي: ٣١٨.

(٢) الطبقات الكبرى: ٢/١٤٨ .

(٣) وقعت معركة حنين فى شوال من السنة الثامنة للهجرة.

(٤) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٥٠، المغازي: ٢ / ٨٨٩ .

١٥٣

أطراف الكمين أرغموها على الفرار حتّى فرّت باقي قوّات المسلمين فزعاً من أسلحة العدو، ولم يثبت مع رسول الله إلا تسعة أشخاص من بني هاشم عاشرهم أيمن (ابن أم أيمن). وفرح المنافقون وسرّوا سروراً عظيماً فخرج أبو سفيان يقول شامتاً: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وقال آخر: ألا بطل السحر اليوم. وعزم آخر على قتل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك الوضع المضطرب(١) .

وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمه العباس أن يصعد على صخرة وينادي فلول المهاجرين والأنصار المدبرة قائلاً: يا أصحاب سورة البقرة، يا أهل بيعة الشجرة، إليّ. أين تفرّون؟ هذا رسول الله! وكأن وعياً قد عاد بعد غفلة وحماساً دبّ بعد فتور فعادوا يوفون بوعود النصرة والدفاع عن الإسلام والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ولما رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حماسهم قال:الآن حمي الوطيس، أنا النبيّ لا كَذِب أنا ابن عبد المطلب . فأنزل الله السكينة على المسلمين وأيدهم بالنصر فولّت جموع الكفر منهزمة تاركة وراءها ستة الآف أسير وغنائم كبيرة جداً(٢) ، وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تحفظ الغنائم وتراعى أحوال الأسرى حتى تتم ملاحقة العدو الغارّ إلى منطقة أوطاس ونخلة والطائف.

وكان من سمو أخلاق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعظيم عفوه وسعة رحمته أن قال لأم سليم:(يا أم سليم قد كفى الله، عافية الله أوسع) حين طلبت منه قتل الذين فرّوا عنه وخذلوه.

وفى موقف آخر، غضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين علم أن بعض المسلمين يقتل ذرّية المشركين غيظاً منهم فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (ما بال أقوام ذهب بهم القتل حتى بلغ الذرية،

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٤٣، المغازي: ٣ / ٩٩.

(٢) نزلت آيات من سورة التوبة وهي توضح تأييد الله ونصره، وتلوم من اعتمد العدة والعدد واعتبارهما سبباً للنصر.

١٥٤

أَلا لا نقتل الذرية) ، فقال أسيد بن حضير: يا رسول الله أليس هم أولاد المشركين. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أوليس خياركم أولاد المشركين، كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها، وأبواها يهوّدانها أو ينصّرانها (١) .

وواصلت قوات المسلمين ملاحقتها للعدو حتى الطائف فحاصروهم بضعاً وعشرين يوماً يترامون بالنبل من خلف الجدران والبساتين، ثم عدل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الطائف لاعتبارات كثيرة.

وعند وصوله إلى الجعرانة (محل تجميع الأسرى والغنائم) قام إليه وفد هوازن يلتمسون العفو عنده فقالوا: يا رسول الله إنما في هذه الأسرى عمّاتك وخالاتك اللاتي كن يكفلنك ـ حيث كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد رضع في بني سعد وهم من هوازن ـ ولو أنا مالحنا الحارث بن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به رجونا عطفه وعائدته علينا وأنت خير المكفولين. فخيّرهم الرسول بين الأسرى والمال فاختاروا الأسرى، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(أمّا ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم) . وأسرع المسلمون جميعاً يقتدون بالرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويهبون له مالهم من نصيب(٢) .

وبحكمة بالغة ودراية عميقة بنفوس الناس وسعياً لهداية الجميع وإطفاءاً لنار الحرب منّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعفوه حتى على (مالك بن عوف) مثير هذه الحرب إن جاءه مسلماً فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (أخبروا مالكاً إنّه إن أتاني مسلماً رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الابل) . وسرعان ما أسلم مالك (٣) .

ــــــــــــ

(١) إمتاع الأسماع: ١ / ٤٠٩.

(٢) سيد المرسلين : ٢ / ٥٣ ، المغازي : ٣ / ٩٤٩ ـ ٩٥٣ .

(٣) المغازي : ٣ / ٩٥٤ ـ ٩٥٥ .

١٥٥

توزيع الغنائم :

تدافع المسلمون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلحّون عليه أن يقسّم الغنائم حتى ألجأوه إلى شجرة وأخذوا رداءه; فقال:(ردّوا عليّ ردائي فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعماً لقسّمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذّاباً) .

ثم قام وأخذ وبرة من سنام بعيره فجعلها بين أصبعيه ثم رفعها وقال: (ايها الناس والله مالي في فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم) ثم أمر أن يُردّ كل ما غنم حتى تكون القسمة عدلاً.

وبدأ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإعطاء المؤلفة قلوبهم كأبي سفيان وابنه معاوية وحكيم بن حزام. والحارث بن الحارث، وسهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، وصفوان بن امية وغيرهم ممّن كان يعاديه ويحاربه بالأمس القريب من رؤوس الكفر والشرك ثم قسّم عليهم حقّه من الخمس. على أن هذا الموقف قد أثار الحفيظة في نفوس بعض المسلمين جهلاً منهم بمصالح الإسلام وأهداف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قال أحدهم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لم أرك عدلت. فقال:ويحك إذالم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ فأراد عمر بن الخطاب أن يقتله، فلم يأذن له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال:(دعه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من رميته) (١) .

اعتراض الأنصار :

ورأى سعد بن عبادة أن يخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يدور بين الأنصار من قولهم: لقي رسول الله قومه ونسي أصحابه. فجمع سعد الأنصار وأقبل الرسول

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٩٦، وراجع المغازي : ٣ / ٩٤٨.

١٥٦

الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحدّثهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

(يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟! ألم آتكم ضُلاّلاً فهداكم الله وعالة فاغناكم الله وأعداءً فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: بلى الله ورسوله آمَنُ وأفضل، ثم قال:ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ قالوا: وماذا نجيبك يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أما والله لو شئتم قلتم فصدقتم: أتيتنا مكذَّباً فصدّقناك ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك وعائلاً فآسيناك. وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في شيء من الدنيا تألّفتُ به قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ والذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شِعب الأنصار) .

فأثارت هذه الكلمات في قلوب الأنصار العاطفة والشعور بالخطأ في تصورهم عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضجوا بالبكاء وقالوا: رضينا يا رسول الله حظّاً وقسماً.

وخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمن معه من الجعرانة متّجهاً إلى مكة في شهر ذي القعدة فأتمّ عمرته وحلّ من إحرامه واستخلف على مكة عتّاب بن أسيد ومعه معاذ بن جبل وخرج متّجهاً إلى المدينة بمن معه من المهاجرين والأنصار (١) .

٤ ـ غزوة تبوك(٢) :

أصبحت الدولة الإسلامية كياناً يهاب جانبه، وكان على المسلمين الحفاظ على حدوده وأراضيه حتى تبلغ الرسالة الإسلامية أرجاء الأرض.

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٩٨، المغازي: ٣ / ٩٥٧.

(٢) كانت غزوة تبوك في رجب سنة ( ٩ ) من الهجرة .

١٥٧

واستنفر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسلمين من جميع نقاط الدولة الإسلامية استعداداً لحرب الروم إذ وردت أخبار تؤكد استعدادهم لغزو الجزيرة واسقاط الدولة ومحق الدين الإسلامي وصادف أن كان ذلك العام عام جدب وقلّة ثمار وكان الوقت صيفاً حاراً مما زاد من صعوبة الخروج لملاقاة عدو قوي متمرّس كبير العدد والعدة. فتقاعس ذوو النفوس الضعيفة والمعنويات المتدنّية وبرز النفاق ثانية علانية ليثبّط العزائم ويخذل الإسلام.

وتخلّف بعض عن الالتحاق بالجيش لشدّة تعلّقهم بالدنيا، وبعض آخر احتجّ بشدّة الحر وآخرون لم يستطيعوا لشدّة ضعفهم وقلة إمكانات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحملهم معه رغم بذل المؤمنين الصادقين أموالهم للجهاد في سبيل الله.

وبلغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن المنافقين يجتمعون في بيت أحد اليهود يثبّطون الناس ويخوّفونهم من اللقاء، فتعامل معهم بحزم وشدة فأرسل إليهم من يحرق عليهم دارهم ليكونوا عبرة لغيرهم.

وقد أنزل الله آيات تفضح خطط المنافقين وتؤنّب المتقاعسين وتعذر الضعفاء; وبلغ عدد جيش المسلمين ثلاثين ألف مقاتل ـ على أقل تقدير ـ واستخلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي بن أبي طالب في المدينة لما يعلم منه من حنكة وحسن تدبير وقوة يقين; إذ خشي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قيام المنافقين بعمل تخريبي في المدينة، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يا علي إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك) (١) .

الإعلان عن مكانة علي عليه‌السلام لدى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وأشاع المنافقون والذين في قلوبهم مرض حول بقاء علي بن أبي طالب في المدينة اُموراً إذ قالوا: إنما تركه رسول الله استثقالاً له وتخففاً منه، سعْياً منهم للإثارة رجاء أن يخلو جو المدينة لهم فأسرع عليّعليه‌السلام للالتحاق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلحق به على مقربة من المدينة وقال:يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلّفتني أنك استثقلتني وتخفّفت مني .

ــــــــــــ

(١) الإرشاد للمفيد ١ / ١١٥، أنساب الأشراف: ١ / ٩٤ ـ ٩٥، كنز العمّال ج١١ / باب فضائل عليعليه‌السلام .

١٥٨

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (كذبوا ولكنني خلّفتك لما تركت ورائي فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي) (١) .

جيش العسرة :

وانطلق جيش المسلمين في طريق وعر طويل وقد أوضح لهم الرسول هدف المسيرة خلافاً لما كان في الغزوات الماضية. وكان يتخلف عنه في الطريق جماعة ممن خرجوا معه من المدينة فكان يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه: دعوه فإن يكن به خير فسيلحقه الله بكم وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه.

وأسرع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السير حين مرّ على أطلال قوم صالح وقال لأصحابه وهو يعظهم: (لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلاّ وأنتم باكون خوفاً أن يصيبكم مثل ما أصابهم)، ونهاهم عن استعمال الماء من هذه المنطقة وحذّرهم من خطورة الظروف الجوية فيها(٢) ، وللصعوبات التي أحاطت هذه الغزوة من حيث الماء والغذاء والنفقة والظهر (الخيل والإبل) فقد سمّي هذا الجيش بـ (جيش العسرة).

ولم يجد المسلمون جيش الروم; إذ قد تفرّق جمعهم، وهنا استشار الرسول القائد أصحابه في ملاحقة العدو أو العودة إلى المدينة فقالوا: إن كنت اُمِرت بالسير فسِرْ. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لو اُمرت به ما استشرتكم فيه) (٣) . وهنا قرّر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العودة إلى المدينة.

ــــــــــــ

(١) امتاع الأسماع: ١ / ٤٤٩، صحيح البخاري: ٣ / ١٣٥٩ الحديث ٣٥٠٣، صحيح مسلم: ٥ / ٢٣ الحديث ٢٤٠٤، سنن ابن ماجة: ١ / ٤٢ الحديث ١١٥ ، مسند أحمد: ١ / ٢٨٤ الحديث ١٥٠٨ .

(٢) السيرة النبوية: ٢ / ٥٢١، السيرة الحلبية: ٣ / ١٣٤.

(٣) المغازي: ٣ / ١٠١٩.

١٥٩

واتصل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بزعماء المنطقة الشمالية للجزيرة وعقد معهم معاهدة عدم تعرّض واعتداء بين الجانبين وبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خالد بن الوليد إلى دومة الجندل خوفاً من تعاون زعيمها مع الروم في هجوم آخر وتمكّن المسلمون من أسر زعيمهم وحمل الغنائم الكثيرة(١) .

محاولة اغتيال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أقفل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون راجعين إلى المدينة بعد أن أمضوا بضع عشرة يوماً في تبوك، وتحرك الشيطان في نفوس جمع ممّن لم يؤمن بالله ورسوله فعزموا على اغتيال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك بتنفير ناقته عند مرورها عليهم ليطرحوه في واد كان هناك.

وحين وصل الجيش إلى العقبة (بين المدينة والشام) قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم) فأخذ الناس بطن الواديوسلك هو طريق العقبة وكان يقود ناقته عمار بن ياسر ويسوقها حذيفة بن اليمان، فرأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ضوء القمر فرساناً قد تلثّموا ولحقوا به من ورائه في حركة مريبة فغضبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصاح بهم وأمر حذيفة أن يضرب وجوه رواحلهم; فتمالكهم الرعب وعرفوا بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد علم بما أضمرته نفوسهم ومؤامرتهم فاسرعوا تاركين العقبة ليخالطوا الناس ولا تنكشف هويّتهم .

وطلب حذيفة من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبعث اليهم من يقتلهم بعد ما عرفهم من رواحلهم ولكن رسول الرحمة عفا عنهم وأوكل أمرهم إلى الله تعالى (٢) .

ــــــــــــ

(١) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٦٦، بحار الأنوار: ٢١ / ٢٤٦.

(٢) المغازي: ٣ / ١٠٤٢، مجمع البيان: ٣ / ٤٦، بحار الأنوار: ٢١ / ٢٤٧.

١٦٠