كتاب الوصية
وهي قسمان:
١ - تمليكية: بأن يجعل شيئا من تركته لزيد أو للفقراء مثلا بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص.
٢ - عهدية: بأن يأمر بالتصرف بشئ يتعلق به من بدن أو مال كأن يأمر بدفنه في مكان معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطى من ماله أحدا أو يستناب عنه في الصوم والصلاة من ماله أو يوقف ماله أو يباع أو نحو ذلك، فإن وجه أمره إلى شخص معين فقد جعله وصيا عنه وجعل له ولاية التصرف، وإن لم يوجه أمره إلى شخص معين ولم تكن قرينة على التعيين كما إذا قال أوصيت بأن يحج عني أو يصام عني أو نحو ذلك فلم يجعل له وصيا معينا كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي.
(مسألة ٩٨٤):
الوصية العهدية لا تحتاج إلى قبول سواء جعل له وصيا أم لم يجعل. وأما الوصية التمليكية فكما إذا قال: هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجه إلى القبول من الموصى له، لكن الأظهر عدمه.
(مسألة ٩٨٥):
تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمئن المكلف بالتمكن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة والصيام وأداء الكفارات والنذور ونحوها من الواجبات البدنية وغيرها فتجب المبادرة إلى أدائها. وإذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الايصاء والاعلام بها على الأقوى إلا أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به. وأما أموال الناس من الوديعة والعارية ومال المضاربة ونحوها مما يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى أدائه إلا إذا خاف عدم أداء الوارث. ويجب الايصاء به والاشهاد عليه إذا كان يتوقف عليهما الأداء وإلا لم يجب، ومثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن، أما مع مطالبته فتجب المبادرة إلى أدائها وإن لم يخف الموت.
(مسألة ٩٨٦):
يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح أو غير صريح أو فعل وإن كان كتابة أو إشارة بلا فرق بين صورتي الاختيار وعدمه بل يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته، وإذا قيل له هل أوصيت ؟ فقال: لا، فقامت البينة على أنه قد أوصى، كان العمل على البينة ولم يعتد بخبره. نعم إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه. وكذا الحكم لو قال نعم وقامت البينة على عدم الوصية منه فإنه إن قصد الاخبار كان العمل على البينة وإن قصد إنشاء الوصية صح الانشاء وتحققت الوصية.
(مسألة ٩٨٧):
المشهور أن رد الموصى له الوصية التمليكية مبطل لها إذا كان الرد بعد الموت ولم يسبق بقبوله ولكنه لا يخلو عن إشكال أما إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له وكذا الرد حال الحياة.
(مسألة ٩٨٨):
لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما ورد الآخر صحت فيما قبل وبطلت فيما رد على اشكال وكذا لو أوصى له بشئ واحد فقبل في بعضه ورد في البعض الآخر.
(مسألة ٩٨٩):
لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصي بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من الرد والقبول وليس لهم إجباره على الاختيار معجلا.
(مسألة ٩٩٠):
إذا مات الموصى له قبل قبوله ورده قام وارثه مقامه في ذلك فله القبول أو الرد إذا لم يرجع الموصي من وصيته، ولا فرق بين أن يموت في حياة الموصي أو بعد وفاته.
(مسألة ٩٩١):
الظاهر أن الوارث يتلقى المال الموصى به من مورثه الموصى له إذا مات بعد موت الموصي فتخرج منه ديونه ووصاياه ولا ترث منه الزوجة إذا كان أرضا وترث قيمته إن كان نخلا أو بناءا وأما إذا مات الموصى له قبل الموصي فالظاهر أن ورثة الموصى له يتلقون الموصى به من الموصي نفسه فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصى له وفي كلتا الصورتين المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي. وأما إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضا ففي انتقال الموصى به إلى ورثته أيضا إشكال، والانتقال أظهر.
(مسألة ٩٩٢):
إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلا فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه إشكال والجريان أظهر.
شرائط الموصي
(مسألة ٩٩٣):
يشترط في الموصي أمور:
(الأول):
البلوغ فلا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشرا وكان قد عقل وكانت وصيته في وجوه الخير والمعروف لأرحامه. وفي نفوذ وصيته لغير أرحامه إشكال.
(الثاني):
العقل، فلا تصح وصية المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه وإغمائه وسكره، وإذا أوصى حال عقله ثم جن أو سكر أو أغمي عليه لم تبطل وصيته. وفي اعتبار الرشد فيه إشكال فلا يترك الاحتياط.
(الثالث):
الاختيار، فلا تصح وصية المكره.
(الرابع):
الحرية، فلا تصح وصية المملوك إلا أن يجيز مولاه ولا فرق بين أن تكون في ماله وأن تكون في غير ماله كما إذا أوصى أن يدفن في مكان معين، وإذا أوصى ثم انعتق وأجازها صحت وإن لم يجزها المولى.
(الخامس):
أن لا يكون قاتل نفسه فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته إذا كانت في ماله، أما إذا كانت في غيره من تجهيز ونحوه صحت، وكذا تصح الوصية إذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأ أو سهوا أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله، وكذا إذا عوفي ثم أوصى، بل الظاهر الصحة أيضا إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات.
(مسألة ٩٩٤):
إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدت فيها صحت وصيته وإن كان حين الوصية بانيا على أن يحدث ذلك بعدها.
(مسألة ٩٩٥):
تصح الوصية من كل من الأب والجد بالولاية على الطفل مع فقد الآخر ولا تصح مع وجوده.
(مسألة ٩٩٦):
لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية على الطفل بعد موته، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره.
(مسألة ٩٩٧):
لو أوصى وصية تمليكية لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنه جعل أمره إلى غير الأب والجد وغير الحاكم لم يصح هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب والجد مع وجود أحدهما وللحاكم مع فقدهما. نعم لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصي حتى يبلغوا فيملكهم إياه صح. وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملكهم إياه.
(مسألة ٩٩٨):
يجوز أن يجعل الأب والجد الولاية والقيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر كما يجوز جعل الناظر على القيم المذكور بمعنى كونه مشرفا على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره وتصويبه كما يأتي في الناظر على الوصي.
(مسألة ٩٩٩):
إذا قال الموصي لشخص: أنت ولي وقيم على أولادي القاصرين وأولاد ولدي ولم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشؤون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم وتربيتهم وحفظ أموالهم والانفاق عليهم واستيفاء ديونهم ووفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو غير ذلك من الجهات.
(مسألة ١٠٠٠):
إذا قيد الموصي الولاية بجهة دون جهة وجب على الولي الاقتصار على محل الإذن ودون غيره من الجهات وكان المرجع في الجهات الأخرى الحاكم الشرعي.
(مسألة ١٠٠١):
يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة وكان فقيرا أما إذا كان غنيا ففيه إشكال والأحوط الترك. فصل في الموصى به
(مسألة ١٠٠٢):
يشترط في الموصى به أن يكون مما له نفع محلل معتد به سواء أكان عينا موجودة أم معدومة إذا كانت متوقعة الوجود كما إذا أوصى بما تحمله الجارية أو الدابة أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود أو حق من الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير ونحوه لا مثل حق القذف ونحوه مما لا يقبل الانتقال إلى الموصى له.
(مسألة ١٠٠٣):
إذا أوصى لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت صح.
أحكام الموصى به
(مسألة ١٠٠٤):
يشترط في الموصى به أن لا يكون زائدا على الثلث فإذا أوصى بما زاد عليه بطل الايصاء في الزائد إلا مع إجازة الوارث. وإذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الآخر، وإذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا في غيره صح فيما أجازوه وبطل في غيره.
(مسألة ١٠٠٥):
لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة وفي الاجتزاء بها حال الحياة قولان أقواهما الأول.
(مسألة ١٠٠٦):
ليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي ولا بعد وفاته كما لا أثر للرد إذا لحقته الإجازة.
(مسألة ١٠٠٧):
لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي وحال صحته، ولا بين كون الوارث غنيا وفقيرا.
(مسألة ١٠٠٨):
لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي أنها من الثلث الذي جعله الشارع له فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى ذلك وكانت بقدره أو أقل صح.
(مسألة ١٠٠٩):
إذا أوصى بثلث ما تركه ثم أوصى بشئ وقصد كونه من ثلثي الورثة فإن أجازوا صحت الثانية أيضا وإلا بطلت.
(مسألة ١٠١٠):
إذا أوصى بعين وقصد كونها من الأصل نفذت الوصية في ثلثها وتوقفت في ثلثيها على إجازة الورثة كما إذا قال: فرسي لزيد وثلثي من باقي التركة لعمرو فإنه تصح وصيته لعمرو وأما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة وإلا صحت في ثلث الفرس وكان الثلثان للورثة.
(مسألة ١٠١١):
إذا أوصى بعين ولم يوص بالثلث فإن لم تكن الوصية زائدة على الثلث نفذت، وإن زادت على الثلث توقف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.
(مسألة ١٠١٢):
إذا أوصى بعين معينة أو بمقدار كلي من المال كألف دينار، يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت لا حين الوصية. فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية وصارت حين الموت بمقدار الثلث إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها.
(مسألة ١٠١٣):
إذا كانت العين حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر من الثلث حال الموت إما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن ملكه نفذت الوصية بما يساوي الثلث وبطلت في الزائد إلا إذا أجاز الورثة.
(مسألة ١٠١٤):
إذا أوصى بكسر مشاع كالثلث فإن كان حين الوفاة مساويا له حين الوصية فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه، وكذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه حين الوفاة. أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب إخراج ثلث الزيادة المتجددة أيضا أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين الوصية فهو لا يخلو من إشكال وإن كان الأقوى الأول إلا أن تقوم القرينة على إرادة الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير فإذا تبدلت أعيانها لم يجب إخراج شئ أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها، وإن تبدلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد. وكذا إذا كان كلامه محفوفا بما يوجب إجمال المراد فإنه يقتصر حينئذ على القدر المتيقن وهو الأقل.
(مسألة ١٠١٥):
يحسب من التركة ما يملكه الميت بعد الموت كالدية في الخطأ وكذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت وكما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شئ بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.
(مسألة ١٠١٦):
إذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته وبضم الدية ونحوها تساوي الثلث نفذت وصيته فيها بتمامها.
(مسألة ١٠١٧):
إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون المالية فإذا أخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية.
(مسألة ١٠١٨):
إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرع متبرع في أدائه بعد وفاته لم يكن مستثنى من التركة وكان بمنزلة عدمه.
(مسألة ١٠١٩):
لا بد في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث من إمضاء الوصية وتنفيذها ولا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني.
(مسألة ١٠٢٠):
إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين وإذا فوض التعيين إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضا بلا حاجة إلى رضا الوارث. وإذا لم يحصل منه شئ من ذلك كان ثلثه مشاعا في التركة ولا يتعين في عين بعينها بتعيين الوصي إلا مع رضا الورثة.
(مسألة ١٠٢١):
الواجبات المالية تخرج من الأصل وإن لم يوص بها الموصي وهي الأموال التي اشتغلت بها ذمته مثل المال الذي اقترضه والمبيع الذي باعه سلفا وثمن ما اشتراه نسيئة وعوض المضمونات وأروش الجنايات ونحوها ومنها الخمس والزكاة والمظالم، وأما الكفارات والنذور ونحوها فالظاهر إنها لا تخرج من الأصل.
(مسألة ١٠٢٢):
إذا تلف من التركة شئ بعد موت الموصي وجب إخراج الواجبات المالية من الباقي وإن استوعبه وكذا إذا غصب بعض التركة.
(مسألة ١٠٢٣):
إذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين لم يسقط من الدين ما يلزم في حصته بل يجب على غيره وفاء الجميع كما يجب عليه. ثم إذا وفى غيره تمام الدين فإن كان بإذن الحاكم الشرعي رجع على المتمرد بالمقدار الذي يلزم في حصته وإذا كان بغير إذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه بذلك المقدار إشكال وإن كان الأظهر الجواز.
(مسألة ١٠٢٤):
الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل وأما الحج النذري فيخرج من الثلث على الأظهر.
(مسألة ١٠٢٥):
إذا أوصى بوصايا متعددة متضادة كان العمل على الثانية وتكون ناسخة للأولى، فإذا أوصى بعين شخصية لزيد ثم أوصى بها لعمرو أعطيت لعمرو، وكذا إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى به لعمرو.
(مسألة ١٠٢٦):
إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى بنصف ثلثه لعمرو كان الثلث بينهما على السوية.
(مسألة ١٠٢٧):
إذا أوصى بعين شخصية لزيد ثم أوصى بنصفها لعمرو كانت الثانية ناسخة للأولى بمقدارها.
(مسألة ١٠٢٨):
إذا أوصى بوصايا متعددة غير متضادة وكانت كلها مما يخرج من الأصل وجب إخراجها من الأصل وإن زادت على الثلث.
(مسألة ١٠٢٩):
إذا كانت الوصايا كلها واجبات لا تخرج من الأصل كالواجبات البدنية والكفارات والنذور أخرجت من الثلث فإن زادت على الثلث وأجاز الورثة أخرجت جميعها وإن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة سواء أكانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد أخرى كما إذا قال: أعطوا عني صوم عشرين شهرا وصلاة عشرين سنة أم كانت غير مرتبة بأن ذكرت جملة واحدة كما إذا قال: اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي وصومي. فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع وإن لم يجز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث ومن وصية الصوم الثلث. وكذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة فإنها إن زادت على الثلث وأجاز الورثة وجب إخراج الجميع وإن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة.
(مسألة ١٠٣٠):
إذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة بعضها واجب يخرج من الأصل وبعضها واجب لا يخرج من الأصل كما إذا قال: أعطوا عني ستين دينارا: عشرين دينارا زكاة وعشرين دينارا صلاة وعشرين دينارا صوما، فإن وسعها الثلث أخرج الجميع وكذلك أن لم يسعها وأجاز الورثة. أما إذا لم يسعها ولم يجز الورثة فيقسم الثلث على الجميع وما يجب اخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها. فإن كان الميت قد ترك مائة دينار يخرج من أصل تركته عشرة دنانير للزكاة، ثم يخرج ثلثه ثلاثون دينارا فيوزع على الزكاة والصلاة والصوم. وكذا الحال فيما إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجبا يخرج من الأصل وبعضها تبرعية. نعم إذا لم يكن التتميم من التركة تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين.
(مسألة ١٠٣١):
إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجبا لا يخرج من الأصل وبعضها تبرعية ولم يف الثلث بالجميع ولم يجزها الورثة ففي تقديم الواجب على غيره إشكال وكلام. والأظهر هو التقديم.
(مسألة ١٠٣٢):
المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجبا عليه في حياته سواء أكانت تمليكية كما إذا قال: فرسي لزيد بعد وفاتي أم عهدية كما إذا قال: تصدقوا بفرسي بعد وفاتي.
(مسألة ١٠٣٣):
إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية يكون الموصى له شريكا مع الورثة فله الثلث ولهم الثلثان فإن تلف من التركة شئ كان التلف على الجميع وإن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركا بين الجميع.
(مسألة ١٠٣٤):
إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات وقربات يكون الثلث باقيا على ملكه فإن تلف من التركة شئ كان التلف موزعا عليه وعلى بقية الورثة وإن حصل النماء كان له منه الثلث.
(مسألة ١٠٣٥):
إذا عين ثلثه في عين معينة تعين كما عرفت فإذا حصل منها نماء كان النماء له وحده وإن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به ولم يشاركه فيه بقية الورثة.
(مسألة ١٠٣٦):
إذا أوصى بثلثه مشاعا ثم أوصى بشئ آخر معينا كما إذا قال: أنفقوا علي ثلثي وأعطوا فرسي لزيد وجب إخراج ثلثه من غير الفرس وتصح وصيته بثلث الفرس الزيد. وأما وصيته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحتها موقوفة على إجازة الورثة فإن لم يجيزوا بطلت كما تقدم. وإذا كان الشئ الآخر غير معين كما إذا قال انفقوا علي ثلثي وأعطوا زيدا مائة دينار، توقفت الوصية بالمائة على إجازة الورثة فإن أجازوها في الكل صحت في تمامها، وإن أجازوها في البعض صحت في بعضها وإن لم يجيزوا منها شيئا بطلت في جميعها، ونحوه إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد وأعطوا ثلثا آخر من مالي لعمرو فإنه تصح وصيته لزيد ولا تصح وصيته لعمرو إلا بإجازة الورثة. أما إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد ثم قال: أعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة للأولى كما عرفت، والمدار على ما يفهم من الكلام.
(مسألة ١٠٣٧):
لا تصح الوصية في المعصية فإذا أوصى بصرف مال في معونة الظالم أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس والبيع ونشر كتب الضلال بطلت الوصية.
(مسألة ١٠٣٨):
إذا كان ما أوصى به جائزا عند الموصي باجتهاده أو تقليده وليس بجائز عند الوصي كذلك لم يجز للوصي تنفيذ الوصية وإذا كان الأمر بالعكس وجب على الوصي العمل بها.
(مسألة ١٠٣٩):
إذا أوصى بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يجز ذلك البعض لم يصح. نعم إذا لم يكن قد أوصى بالثلث وأوصى بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة إلى الثلث لغيره فإذا كان له ولدان وكانت التركة ستة فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطي زيد اثنين وأعطي الآخر أربعة. وإذا أوصى بسدس ماله لأخيه وأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطي أخوه السدس وأعطي زيد الثلث وأعطي ولده الآخر النصف.
(مسألة ١٠٤٠):
إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح وإن أجازها زيد، وإذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صح.
(مسألة ١٠٤١):
قد عرفت أنه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثم أوصى بها لعمرو كانت الثانية ناسخة ووجب دفع العين لعمرو، فإذا اشتبه المتقدم والمتأخر تعين الرجوع إلى القرعة في تعيينه.
(مسألة ١٠٤٢):
إذا دفع إنسان إلى آخر مالا وقال له إذا مت فأنفقه عني ولم يعلم أنه أكثر من الثلث أو أقل أو مساو له أو علم أنه أكثر واحتمل أنه مأذون من الورثة في هذه الوصية، أو علم أنه غير مأذون من الورثة لكن احتمل له كان له ملزم شرعي يقتضي إخراجه من الأصل فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى يثبت بطلانها فيه إشكال ولا سيما في الفرضين الأخيرين.
(مسألة ١٠٤٣):
إذا أوصى بشئ لزيد وتردد بين الأقل والأكثر اقتصر على الأقل وإذا تردد بين المتباينين عين بالقرعة.
فصل في الموصى له
(مسألة ١٠٤٤):
الأظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في المستقبل مثل أن يوصي بإعطاء شئ لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية ولا حين موت الموصي فيبقى المال الموصى به في ملك الموصي فإن ولدوا بعد ذلك أعطي لهم وإلا صرف في الأقرب فالأقرب إلى نظر الموصي.
(مسألة ١٠٤٥):
الوصية التمليكية لا تصح للمعدوم إلى زمان موت الموصي.
(مسألة ١٠٤٦):
لو أوصى لحمل فإن ولد حيا ملك الموصى به وإلا بطلت الوصية ورجع المال إلى ورثة الموصي.
(مسألة ١٠٤٧):
تصح الوصية للذمي وللحربي ولمملوكه وأم ولده ومدبره ومكاتبه.
(مسألة ١٠٤٨):
لا تصح الوصية لمملوك غيره قنا كان أو غيره وإن أجاز مولاه إلا إذا كان مكاتبا مطلقا وقد أدى بعض مال الكتابة فيصح من الوصية له قدر ما تحرر منه.
(مسألة ١٠٤٩):
إذا كان ما أوصى به لمملوكه بقدر قيمته أعتق ولا شئ له. وإذا كان أكثر من قيمته أعتق وأعطي الزائد، وإن كان أقل منها أعتق واستسعى في الزائد سواء أكان ما أوصى له به بقدر نصف قيمته أم أكثر أم أقل.
(مسألة ١٠٥٠):
إذا أوصى لجماعة ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا بمال اشتركوا فيه على السوية إلا أن تكون قرينة على التفضيل.
(مسألة ١٠٥١):
إذا أوصى لأبنائه وبناته أو لأعمامه وعماته أو أخواله وخالاته أو أعمامه وأخواله فإن الحكم في الجميع التسوية إلا أن تقوم القرينة على التفضيل فيكون العمل على القرينة. فصل في الوصي
شرائط الموصي وأحكامه
(مسألة ١٠٥٢):
يجوز للموصي أن يعين شخصا لتنفيذ وصاياه، ويقال له: الوصي، ويشترط فيه أمور:
(الأول):
البلوغ على المشهور، فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفردا إذا أراد منه التصرف في حال صباه مستقلا، ولكنه لا يخلو عن إشكال. نعم الأحوط أن يكون تصرفه بإذن الولي أو الحاكم الشرعي. أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع إذن الولي. فالأظهر صحة الوصية وتجوز الوصاية إليه منضما إلى الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل إلا بعد بلوغ الصبي أم أراد أن يتصرف منفردا قبل بلوغ الصبي لكن في الصورة الأولى إذا كانت عليه تصرفات فورية كوفاء دين عليه ونحوه يتولى ذلك الحاكم الشرعي.
(الثاني):
العقل فلا تصح الوصية إلى المجنون في حال جنونه سواء أكان مطبقا أم أدواريا وإذا أوصى إليه في حال العقل ثم جن بطلت الوصاية إليه، وإذا أفاق بعد ذلك عادت على الأظهر وأما إذا نص الموصي على عودها فلا إشكال.
(الثالث):
الاسلام، إذا كان الموصي مسلما على المشهور وفيه إشكال.
(مسألة ١٠٥٣):
الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي بل يكفي فيه الوثوق والأمانة. هذا في الحقوق الراجعة إلى غيره كأداء الحقوق الواجبة والتصرف في مال الأيتام ونحو ذلك. أما ما يرجع إلى نفسه كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات والقربات ففي اعتبار الوثوق به إشكال.
(مسألة ١٠٥٤):
إذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء على اعتبار الاسلام في الوصي ولا تعود إليه إذا أسلم إلا إذا نص الموصي على عودها.
(مسألة ١٠٥٥):
إذا أوصى إلى عادل ففسق فإن ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية، وإن لم يظهر من القرينة التقيد بالعدالة لم تبطل، وكذا الحكم إذا أوصى إلى الثقة.
(مسألة ١٠٥٦):
لا تجوز الوصية إلى المملوك إلا بإذن سيده أو معلقة على حريته.
(مسألة ١٠٥٧):
تجوز الوصاية إلى المرأة على كراهة والأعمى والوارث.
(مسألة ١٠٥٨):
إذا أوصى إلى صبي وبالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنونا ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضم إليه آخر.
(مسألة ١٠٥٩):
يجوز جعل الوصاية إلى اثنين أو أكثر على نحو الانضمام وعلى نحو الاستقلال. فإن نص على الأول فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به ولا في بعضه. وإذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن الوصاية من موت ونحوه ضم الحاكم آخر إلى الآخر، وإن نص على الثاني جاز لأحدهما الاستقلال وأيهما سبق نفذ تصرفه، وإن اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين بأن باع أحدهما على زيد والآخر على عمرو في زمان واحد بطلا معا ولهما أن يقتسما الثلث بالسوية وبغير السوية. وإذا سقط أحدهما عن الوصاية انفرد الآخر ولم يضم إليه الحاكم آخر. وإذا أطلق الوصاية إليهما ولم ينص على الانضمام والاستقلال جرى عليه حكم الانضمام إلا إذا كانت قرينة على الانفراد كما إذا قال: وصيي فلان وفلان فإذا ماتا كان الوصي فلانا فإن إذا مات أحدهما استقل الباقي ولم يحتج إلى أن يضم إليه الحاكم آخر، وكذا الحكم في ولاية الوقف.
(مسألة ١٠٦٠):
إذا قال زيد وصيي فإن مات فعمرو وصيي، صح ويكونان وصيين مترتبين وكذا يصح إذا قال وصيي زيد فإن بلغ ولدي فهو الوصي.
(مسألة ١٠٦١):
يجوز أن يوصي إلى وصيين أو أكثر ويجعل الوصاية إلى كل واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الآخر.
(مسألة ١٠٦٢):
إذا أوصى إلى اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما فإن لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام إلى الآخر أجبره الحاكم على ذلك وإن لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام أجبرهما الحاكم عليه وإن كان لكل منهما مانع انضم الحاكم إلى أحدهما ونفذ تصرفه دون الآخر.
(مسألة ١٠٦٣):
إذا قال أوصيت بكذا وكذا وجعلت الوصي فلانا إن استمر على طلب العلم مثلا، صح وكان فلان وصيا إذا استمر على طلب العلم فإن انصرف عنه بطلت وصايته وتولى تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي.
(مسألة ١٠٦٤):
إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم إليه الحاكم من يساعده، وإذا ظهرت منه الخيانة ضم إليه أمينا يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله ونصب غيره.
(مسألة ١٠٦٥):
إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما أوصي إليه به نصب الحاكم الشرعي وصيا لتنفيذه. وكذا إذا مات في حياة الموصي ولم يعلم هو بذلك أو علم ولم ينصب غيره ولم يكن ما يدل على عدوله عن أصل الوصية.
(مسألة ١٠٦٦):
ليس للوصي أن يوصي إلى أحد في تنفيذ ما أوصى إليه به إلا أن يكون مأذونا من الموصي في الايصاء إلى غيره.
(مسألة ١٠٦٧):
الوصي أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط ويكفي في الضمان حصول الخيانة بالإضافة إلى ضمان موردها، أما الضمان بالنسبة إلى الموارد الأخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه إشكال بل الأظهر العدم.
(مسألة ١٠٦٨):
إذا عين الموصي للوصي عملا خاصا أو قدرا خاصا أو كيفية خاصة وجب الاقتصار على ما عين ولم يجز له التعدي فإن تعدى كان خائنا وإذا أطلق له التصرف بأن قال له: أخرج ثلثي وأنفقه. عمل بنظره ولا بد من ملاحظة مصلحة الميت فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء وإن لم يكن صلاحا للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله على النحو المتعارف ويختلف ذلك باختلاف الأموات، فربما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه، وربما يكون الأصلح أداء الحقوق المالية الاحتياطية وربما يكون الأصلح أداء حق بعينه احتياطي دون غيره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم، وربما يكون الأصلح فعل القربات والصدقات وكسوة العراة ومداواة المرضى ونحو ذلك. هذا إذا لم يكن تعارف يكون قرينة على تعيين مصرف بعينه وإلا كان عليه العمل.
(مسألة ١٠٦٩):
إذا قال أنت وصيي ولم يعين شيئا ولم يعرف المراد منه وإنه تجهيزه أو صرف ثلثه أو شؤون أخرى كان لغوا إلا إذا كان تعارف يكون قرينة على تعيين المراد كما يتعارف في كثير من بلدان العراق أنه وصي في إخراج الثلث وصرفه في مصلحة الموصي وأداء الحقوق التي عليه وأخذ الحقوق التي له ورد الأمانات والبضائع إلى أهلها وأخذها. نعم في شموله للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال والأحوط أن لا يتصدى لأمورهم إلا بعد مراجعة الحاكم الشرعي وعدم نصب الحاكم الشرعي غيره إلا بإذن منه.
(مسألة ١٠٧٠):
يجوز للموصى إليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد، بل الأحوط اعتبار إمكان نصب غيره له أيضا ولا يجوز له الرد بعد موت الموصي سواء قبلها قبل الرد أم لم يقبلها.
(مسألة ١٠٧١):
الرد السابق على الوصية لا أثر له، فلو قال زيد لعمرو: لا أقبل أن توصي إلي، فأوصى عمرو إليه لزمته الوصية إلا أن يردها بعد ذلك.
(مسألة ١٠٧٢):
لو أوصى إلى أحد فرد الوصية فأوصى إليه ثانيا ولم يردها ثانيا لجهله بها ففي لزومها له قول، ولكنه لا يخلو من إشكال بل الأظهر خلافه.
(مسألة ١٠٧٣):
إذا رأى الوصي أن تفويض الأمر إلى شخص في بعض الأمور الموصى بها أصلح للميت جاز له تفويض الأمر إليه كأن يفوض أمر العبادات التي أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات ويفوض أمر العمارات التي أوصى بها إلى من له خبرة فيها ويفوض أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له خبرة بالفقراء وكيفية القسمة عليهم وهكذا. وربما يفوض الأمر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في جميعها. وقد لا يكون الموصي قد أوصى بأمور معينة بل أوصى بصرف ثلثه في مصالحه وأوكل تعيين المصرف كما وكيفا إلى نظر الوصي فيرى الوصي من هو أعرف منه في تعيين جهات المصرف وكيفيتها فيوكل الأمر إليه فيدفع الثلث إليه بتمامه ويفوض إليه تعيين الجهات كما وكيفا كما يتعارف ذلك عند كثير من الأوصياء حيث يدفعون الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم، فالوصاية إلى شخص ولاية في التصرف ولو بواسطة التفويض إلى الغير. فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية إلى غيره إلا أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة، فلا يجوز له حينئذ التفويض.
(مسألة ١٠٧٤):
لا يجوز للوصي تفويض الوصاية إلى غيره بمعنى عزل نفسه عن الوصاية وجعلها له فيكون غيره وصيا عن الميت. بجعل منه.
(مسألة ١٠٧٥):
إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصيا مكانه أو تولى الصرف بنفسه وكذا إذا أوصى ولم يعين وصيا أصلا.
(مسألة ١٠٧٦):
إذا نسي الوصي مصرف المال الموصى به وعجز عن معرفته صرفه في وجوه البر التي يحتمل أن تكون مصرف المال الموصى به هذا إذا كان التردد بين غير المحصور أما إذا تردد بين محصور ففيه إشكال ولا يبعد الرجوع إلى القرعة في تعيينه.
(مسألة ١٠٧٧):
يجوز للموصي أن يجعل ناظرا على الوصي مشرفا ومطلعا على عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية إلا باطلاع الناظر وإشرافه عليه فإذا عمل بدون إشرافه كان بدون إذن من الموصي وخيانة له وإذا عمل باطلاعه كان مأذونا فيه وأداء لوظيفته ولا يجب على الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه ونظره، فإذا أوصى الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيدا وكان الناظر يريد استنابة عمرو ويراها أرجح لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد وليس للناظر الاعتراض عليه في ذلك. نعم لو جعله ناظرا على الوصي بمعنى أن يكون عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور لا تصح استنابة زيد وتجب استنابة عمرو لكن هذا المعنى خلاف ظاهر جعل الناظر على الوصي. والظاهر أنه إذا خان الوصي لم يجب على الناظر - بما هو ناظر - مدافعته في كلتا الصورتين فلو لم يدافع لم يكن ضامنا، وفي كلتا الصورتين إذا مات الناظر لزم الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي.
(مسألة ١٠٧٨):
الوصية جائزة من طرف الموصي فإذا أوصى بشئ جاز له العدول إلى غيره.
(مسألة ١٠٧٩):
إذا أوصى إلى أحد جاز له العدول إلى غيره.
(مسألة ١٠٨٠):
إذا أوصى بأشياء جاز له العدول عن جميعها وعن بعضها كما يجوز له تبديل جميعها وتبديل بعضها ما دام فيه الروح إذا وجدت فيه الشرائط المتقدمة من العقل والاختيار وغيرهما.
(مسألة ١٠٨١):
إذا أوصى إلى شخص ثم أوصى إلى آخر ولم يخبر الوصي الأول بالعدول عنه إلى غيره فمات فعمل الوصي الأول بالوصية ثم علم كانت الغرامة على الميت فتخرج من أصل التركة ثم يخرج الثلث للوصي الثاني. هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر أما إذا كان لسبب ظاهر كما إذا هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه وبين الوصي عداوة ومقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه.
(مسألة ١٠٨٢):
يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول مثل أن يقول: رجعت عن وصيتي إلى زيد، وبالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثم يوصي بوقفه ومثل أن يوصي بوقف عين أو بصرفها ثم يبيعها أو يهبها.
(مسألة ١٠٨٣):
لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة أو قصيرة فإذا أوصى ثم مات بلا فصل وجب العمل بها وكذا إذا مات بعد مرور سنين، نعم يعتبر عدم الرجوع عنها، وإذا شك في الرجوع بنى على عدمه.
(مسألة ١٠٨٤):
إذا قال: إذا مت في هذا السفر فوصيي فلان ووصيتي كذا وكذا، فإذا لم يمت في ذلك السفر ومات في غيره لم يجب العمل بوصيته ولم يكن له وصي.
(مسألة ١٠٨٥):
إذا كان الداعي له على إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته وإن لم يمت في ذلك السفر، ولأجل ذلك يجب العمل بوصايا الحجاج عند العزم على الحج ومثلهم زوار الرضا عليه السلام والمسافرون أسفارا بعيدة فإن الظاهر أن هؤلاء وأمثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر وإنما كان الداعي على الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها.
الأجرة في الوصاية
(مسألة ١٠٨٦):
يجوز للوصي أن يأخذه أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة إلا إذا كان أوصي إليه بأن يعمل مجانا كما لو صرح الموصي بذلك أو كانت قرينة عليه فلا يجوز له أخذ الأجرة حينئذ ويجب عليه العمل بالوصية إن كان قد قبل، أما إذا لم يقبل ففي الوجوب إشكال والأقرب العدم. هذا بالنسبة إلى العمل الذي أوصى إليه فيه كالبيع والشراء وأداء الديون ونحو ذلك من الأعمال التي هي موضوع ولايته. أما لو أوصى بأعمال أخرى مثل أن يوصي إلى زيد أن يحج عنه أو يصلي عنه أو نحو ذلك لم يجب عليه القبول حتى لو لم يعلم بذلك في حياة الموصي ولو قبل في حياته فإن كان أوصى إليه بالعمل مجانا مثل أن يحج فقبل لم يبعد جواز الرد بعد وفاته.
(مسألة ١٠٨٧):
إذا جعل له أجرة معينة بأن قال له: حج عني بمائة دينار كان إجارة ووجب العمل بها وله الأجرة إذا كان قد قبل في حياته وإلا لم يجب. ولو كان بأجرة غير معينة عندهما بأن قال له: حج عني بأجرة المثل ولم تكن الأجرة معلومة عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضا عدم وجوب العمل وجريان حكم الإجارة الفاسدة. ولو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل، لكنه يستحق الأجرة على تقدير العمل لصدق الوصية حينئذ.
(مسألة ١٠٨٨):
تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين وبشهادة مسلم عادل مع يمين الموصى له وبشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين كغيرها من الدعاوى المالية.
(مسألة ١٠٨٩):
تختص الوصية التمليكية بأنها تثبت بشهادة النساء منفردات فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات وتمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات بلا حاجة إلى اليمين في شهادتهن.
(مسألة ١٠٩٠):
الوصية العهدية وهي الوصاية بالولاية لا تثبت إلا بشهادة مسلمين عادلين.
(مسألة ١٠٩١):
تثبت الوصية التمليكية والعهدية بشهادة كتابيين عدلين في دينهما عند عدم عدول المسلمين ولا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار.
(مسألة ١٠٩٢):
تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم إذا كانوا عقلاء بالغين وإن لم يكونوا عدولا. وإذا أقر بعضهم دون بعض تثبت بالنسبة إلى حصة المقر دون المنكر نعم إذا أقر منهم اثنان وكانا عدلين ثبتت الوصية بتمامها، وإذا كان عدلا واحدا تثبت أيضا مع يمين الموصى له.
(مسألة ١٠٩٣):
تثبت الوصية العهدية بإقرار الورثة جميعهم، وإذا أقر بعضهم ثبت بعض الموصى به على نسبة حصة المقر وينقص من حقه. نعم إذا أقر اثنان عدلان منهم ثبتت الوصية بتمامها. فصل في منجزات المريض
في منجزات المريض
(مسألة ١٠٩٤):
إذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفا منجزا فإن لم يكن مشتملا على المحاباة كما إذا باع بثمن المثل أو آجر بأجرة المثل فلا اشكال في صحته ولزوم العمل به. وإذا كان مشتملا على نوع من المحاباة والعطاء المجاني كما إذا أعتق أو أبرأ أو وهب هبة مجانية غير معوضة أو معوضة بأقل من القيمة أو باع بأقل من ثمن المثل أو آجر بأقل من أجرة المثل أو نحو ذلك مما يستوجب نقصا في ماله فالظاهر أنه نافذ كتصرفه في حال الصحة، والقول بأنه يخرج من الثلث فإذا زاد عليه لم ينفذ إلا بإجازة الوارث ضعيف.
(مسألة ١٠٩٥):
إذا أقر بعين أو دين لوارث أو لغيره فإن كان المقر مأمونا ومصدقا في نفسه نفذ الاقرار من الأصل وإن كان متهما نفذ من الثلث. هذا إذا كان الاقرار في مرض الموت. أما إذا كان في حال الصحة أو في مرض غير مرض الموت أخرج من الأصل وإن كان متهما.
(مسألة ١٠٩٦):
إذا قال: هذا وقف بعد وفاتي، أو نحو ذلك مما يتضمن تعليق الايقاع على الوفاة فهو باطل لا يصح وإن أجاز الورثة.
(مسألة ١٠٩٧):
الانشاء المعلق على الوفاة إنما يصح في مقامين
١ - انشاء الملك وهي الوصية التمليكية أو انشاء الولاية كما في موارد الوصية العهدية.
٢ - انشاء العتق وهو التدبير، ولا يصح في غيرهما من أنواع الانشاء.
(مسألة ١٠٩٨):
إذا قال: بعث أو آجرت أو صالحت أو وقفت بعد وفاتي بطل، ولا يجري عليه حكم الوصية بالبيع أو الوقف مثلا، بحيث يجب على الورثة أن يبيعوا أو يوقفوا بعد وفاته إلا إذا فهم من كلامه أنه يريد الوصية بالبيع أو الوقف فحينئذ كانت وصيته صحيحة ووجب العمل بها.
(مسألة ١٠٩٩):
إذا قال للمدين أبرأت ذمتك بعد وفاتي، وأجازه الوارث بعد موته برئت ذمة المدين، فإن إجازة الابراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقهم وابراء لذمة المدين.