كتاب القصاص
وفيه فصول:
الفصل الأول
في قصاص النفس
(مسألة ١):
يثبت القصاص بقتل النفس المحترمة المكافئة عمدا وعدوانا ويتحقق العمد بقصد البالغ العاقل القتل، ولو بما لا يكون قاتلا غالبا فيما إذا ترتب القتل عليه بل الأظهر تحقق العمد بقصد ما يكون قاتلا عادة، وإن لم يكن قاصدا القتل ابتداءا وأما إذا لم يكن قاصدا القتل ولم يكن الفعل قاتلا عادة كما إذا ضربه بعود خفيف أو رماه بحصاة فاتفق موته لم يتحقق به موجب القصاص.
(مسألة ٢):
كما يتحقق القتل العمدي فيما إذا كان فعل المكلف علة تامة للقتل أو جزءا أخيرا للعلة بحيث لا ينفك الموت عن فعل الفاعل زمانا، كذلك يتحقق فيما إذا ترتب القتل عليه من دون أن يتوسطه فعل اختياري من شخص آخر، كما إذا رمى سهما نحو من أراد قتله فأصابه فمات بذلك بعد مدة من الزمن ومن هذا القبيل ما إذا خنقه بحبل ولم يرخه عنه حتى مات أو حبسه في مكان ومنع عنه الطعام والشراب حتى مات أو نحو ذلك، فهذه الموارد وأشباهها داخلة في القتل العمدي.
(مسألة ٣):
لو ألقى شخصا في النار أو البحر متعمدا فمات، فإن كان متمكنا من الخروج ولم يخرج باختياره فلا قود ولا دية وإن لم يكن متمكنا من الخروج وانجاء نفسه من الهلاك، فعلى الملقي القصاص.
(مسألة ٤):
لو أحرقه بالنار قاصدا به قتله أو جرحه كذلك فمات فعليه القصاص وإن كان متمكنا من انجاء نفسه بالمداواة وتركها باختياره.
(مسألة ٥):
إذا جنى عمدا ولم تكن الجناية مما تقتل غالبا ولم يكن الجاني قد قصد بها القتل ولكن اتفق موت المجني عليه بالسراية فالمشهور بين الأصحاب ثبوت القود ولكنه لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد عدمه، فيجري عليه حكم القتل الشبيه بالعمد.
(مسألة ٦):
لو ألقى نفسه من شاهق على انسان عمدا قاصدا به قتله أو كان مما يترتب عليه القتل عادة فقتله، فعليه القود. وأما إذا لم يقصد به القتل ولم يكن مما يقتل عادة فلا قود عليه. وأما إذا مات الملقي فدمه هدر على كلا التقديرين.
(مسألة ٧):
ليس للسحر حقيقة موضوعية، بل هو إراءة غير الواقع بصورة الواقع، ولكنه مع ذلك لو سحر شخصا بما يترتب عليه الموت غالبا أو كان بقصد القتل، كما لو سحره فتراءى له أن الأسد يحمل عليه فمات خوفا، كان على الساحر القصاص.
(مسألة ٨):
لو أطعمه عمدا طعاما مسموما يقتل عادة، فإن علم الآكل بالحال وكان مميزا، ومع ذلك أقدم على أكله فمات فهو المعين على نفسه، فلا قود ولا دية على المطعم، وإن لم يعلم الآكل به أو كان غير مميز فأكل فمات فعلى المطعم القصاص بلا فرق بين قصده القتل به وعدمه بل الأظهر أن الأمر كذلك فيما لو جعل السم في طعام صاحب المنزل وكان السم مما يقتل عادة فأكل صاحب المنزل جاهلا بالحال فمات.
(مسألة ٩):
لو حفر بئرا عميقة في معرض مرور الناس متعمدا وكان الموت يترتب على السقوط فيها غالبا، فسقط فيها المار ومات فعلى الحافر القود بلا فرق بين قصده القتل وعدمه. نعم لو لم يترتب الموت على السقوط فيها عادة وسقط فيها أحد المارة فمات اتفاقا فعندئذ إن كان الحافر قاصدا القتل فعليه القود وإلا فلا، وكذلك يثبت القصاص لو حفرها في طريق ليس في معرض المرور، ولكنه دعا غيره الجاهل بالحال لسلوكه قاصدا به القتل أو كان السقوط فيها مما يقتل عادة فسلكه المدعو وسقط فيها فمات.
(مسألة ١٠):
إذا جرح شخصا قاصدا به قتله، فداوى المجروح نفسه بدواء مسموم أو أقدم على عملية ولم تنجح فمات، فإن كان الموت مستندا إلى فعل نفسه فلا قود ولا دية على الجارح. نعم لولي الميت القصاص من الجاني بنسبة الجرح أو أخذ الدية منه كذلك، وإن كان مستندا إلى الجرح فعليه القود، وإن كان مستندا إليهما معا كان لولي المقتول القود بعد رد نصف الدية إليه وله العفو وأخذ نصف الدية منه.
(مسألة ١١):
لو ألقاه من شاهق قاصدا به القتل أو كان مما يترتب عليه القتل عادة، فمات الملقى في الطريق خوفا قبل سقوطه إلى الأرض كان عليه القود، ومثله ما لو ألقاه في بحر قاصدا به قتله أو كان مما يترتب عليه الموت غالبا فالتقمه الحوت قبل وصوله إلى البحر.
(مسألة ١٢):
لو أغرى به كلبا عقورا قاصدا به قتله أو كان مما يترتب عليه القتل غالبا فقتله فعليه القود وكذا الحال لو ألقاه إلى أسد كذلك وكان ممن لا يمكنه الاعتصام منه بفرار أو نحوه وإلا فهو المعين على نفسه فلا قود عليه ولا دية ومثله ما لو أنهش حية قاتلة أو ألقاها عليه فنهشته فعليه القود بلا فرق بين قصده القتل به وعدمه.
(مسألة ١٣):
لو جرحه بقصد القتل ثم عضه الأسد مثلا وسرتا فمات بالسراية كان لولي المقتول قتل الجارح بعد رد نصف الدية إليه، كما أن له العفو عن القصاص ومطالبته بنصف الدية.
(مسألة ١٤):
لو كتفه ثم ألقاه في أرض مسبعة مظنة للافتراس عادة أو كان قاصدا به قتله فافترسه السباع فعليه القود نعم لو ألقاه في أرض لم تكن مظنة للافتراس عادة ولم يقصد به قتله، فافترسه السباع اتفاقا، فالظاهر أنه لا قود وعليه الدية فقط.
(مسألة ١٥):
لو حفر بئرا فسقط فيها آخر بدفع ثالث فالقاتل هو الدافع دون الحافر.
(مسألة ١٦):
لو أمسكه وقتله آخر قتل القاتل وحبس الممسك مؤبدا حتى يموت بعد ضرب جنبيه ويجلد كل سنة خمسين جلدة. ولو اجتمعت جماعة على قتل شخص فأمسكه أحدهم وقتله آخر ونظر إليه ثالث فعلى القاتل القود وعلى الممسك الحبس مؤبدا حتى الموت وعلى الناظر أن تفقأ عيناه.
(مسألة ١٧):
لو أمر غيره بقتل أحد، فقتله، فعلى القاتل القود وعلى الآمر الحبس مؤبدا إلى أن يموت ولو أكرهه على القتل فإن كان ما توعد به دون القتل فلا ريب في عدم جواز القتل، ولو قتله - والحال هذه - كان عليه القود وعلى المكره الحبس المؤبد وإن كان ما توعد به هو القتل، فالمشهور أن حكمه حكم الصورة الأولى، ولكنه مشكل ولا يبعد جواز القتل عندئذ، وعلى ذلك فلا قود ولكن عليه الدية وحكم المكره بالكسر في هذه الصورة حكمه في الصورة الأولى هذا إذا كان المكره بالفتح بالغا عاقلا. وأما إذا كان مجنونا أو صبيا غير مميز، فلا قود على المكره ولا على الصبي نعم على عاقلة الصبي الدية وعلى المكره الحبس مؤبدا.
(مسألة ١٨):
المشهور جريان الحكم المذكور فيما لو أمر السيد عبده بقتل شخص فقتله، ولكنه مشكل، بل لا يبعد أن يقتل السيد الآمر ويحبس العبد.
(مسألة ١٩):
لو قال أقتلني فقتله فلا ريب في أنه قد ارتكب محرما وهل يثبت القصاص عندئذ أم لا ؟ وجهان: الأظهر ثبوته هذا إذا كان القاتل مختارا أو متوعدا بما دون القتل وأما إذا كان متوعدا بالقتل فالحكم فيه كما تقدم.
(مسألة ٢٠):
لو أمر شخص غيره بأن يقتل نفسه، فقتل نفسه فإن كان المأمور صبيا غير مميز، فعلى الآمر القود وإن كان مميزا أو كبيرا بالغا فقد أثم فلا قود على الآمر هذا إذا كان القاتل مختارا أو مكرها متوعدا بما دون القتل أو بالقتل وأما إذا كان متوعدا بما يزيد على القتل من خصوصياته كما إذا قال: اقتل نفسك وإلا لقطعتك إربا إربا، فالظاهر جواز قتل نفسه عندئذ وهل يثبت القود على المكره وجهان: الأقرب عدمه.
(مسألة ٢١):
لو أكره شخصا على قطع يد ثالث معينا كان أو غير معين وهدده بالقتل إن لم يفعل جاز له قطع يده وهل يثبت القصاص على المكره، أو أن القصاص يسقط وتثبت الدية على المباشر ؟ وجهان: الظاهر هو الثاني.
(مسألة ٢٢):
لو أكرهه على صعود جبل أو شجرة أو نزول بئر فزلت قدمه وسقط فمات، فإن لم يكن الغالب في ذلك، السقوط المهلك، ولا هو قصد به القتل فلا قود عليه ولا دية، وإلا ففيه الوجهان والأقرب أنه لا شئ عليه وكذلك الحال فيما إذا أكره على شرب سم فشرب فمات.
(مسألة ٢٣):
إذا شهدت بينة بما يوجب القتل، كما إذا شهدت بارتداد شخص أو بأنه قاتل لنفس محترمة أو نحو ذلك أو شهد أربعة بما يوجب الرجم كالزنا، ثم بعد اجراء الحد ثبت أنهم شهدوا زورا كان القود على الشهود ولا ضمان على الحاكم الآمر ولا حد على المباشر للقتل أو الرجم نعم لو علم مباشر القتل بأن الشهادة شهادة زور كان عليه القود دون الشهود.
(مسألة ٢٤):
لو جنى على شخص فجعله في حكم المذبوح ولم تبق له حياة مستقرة بمعنى أنه لم يبق له ادراك ولا شعور ولا نطق ولا حركة اختيارية، ثم ذبحه آخر، كان القود على الأول وعليه دية ذبح الميت وأما لو كانت حياته مستقرة، كان القاتل هو الثاني، وعليه القود، والأول جارح سواء أكانت جنايته مما يفضي إلى الموت كشق البطن أو نحوه أم لا كقطع أنملة أو ما شاكلها.
(مسألة ٢٥):
إذا قطع يد شخص وقطع آخر رجله قاصدا كل منهما قتله فاندملت إحداهما دون الأخرى ثم مات بالسراية، فمن لم يندمل جرحه هو القاتل وعليه القود ومن اندمل جرحه فعليه القصاص في الطرف أو الدية مع التراضي وقيل: يرد الدية المأخوذة إلى أولياء القاتل ولكنه لا يخلو من إشكال بل لا يبعد عدمه.
(مسألة ٢٦):
لو جرح اثنان شخصا جرحين بقصد القتل فمات المجروح بالسراية، فادعى أحدهما اندمال جرحه وصدقه الولي نفذ اقراره على نفسه ولم ينفذ على الآخر، وعليه فيكون الولي مدعيا استناد القتل إلى جرحه، وهو منكر له، فعلى الولي الاثبات.
(مسألة ٢٧):
إذا قطع اثنان يد شخص، ولكن أحدهما قطع من الكوع والآخر من الذراع فمات بالسراية، فإن استند الموت إلى كلتا الجنايتين معا كان كلاهما قاتلا، وإن استند إلى قاطع الذراع، فالقاتل هو الثاني، والأول جارح نظير ما إذا قطع أحد يد شخص وقتله آخر، فالأول جارح والثاني قاتل.
(مسألة ٢٨):
لو كان الجارح والقاتل واحدا فهل تدخل دية الطرف في دية النفس أم لا ؟ وجهان: الصحيح هو التفصيل بين ما إذا كان القتل والجرح بضربة واحدة وما إذا كانا بضربتين، فعلى الأول تدخل دية الطرف في دية النفس فيما تثبت فيه الدية أصالة. وعلى الثاني فالمشهور - المدعى عليه الاجماع - هو التداخل أيضا والاكتفاء بدية واحدة وهي دية النفس، ولكنه لا يخلو من اشكال والأقرب عدم التداخل وأما القصاص فإن كان الجرح والقتل بجناية واحدة، كما إذا ضربه ضربة واحدة فقطعت يده فمات فلا ريب في دخول قصاص الطرف في قصاص النفس، ولا يقتص منه بغير القتل كما أنه لا ريب في عدم التداخل إذا كان الجرح والقتل بضربتين متفرقتين زمانا، كما لو قطع يده ولم يمت به ثم قتله، وأما إذا كانت الضربتان متواليتين زمانا كما إذا ضربه ضربة فقطعت يده مثلا وضربه ضربة ثانية، فقتلته، فهل يحكم بالتداخل ؟ فيه إشكال وخلاف، والأقرب عدم التداخل.
(مسألة ٢٩):
إذا قتل رجلان رجلا مثلا، جاز لأولياء المقتول قتلهما، بعد أن يردوا إلى أولياء كل منهما نصف الدية كما أن لهم أن يقتلوا أحدهما، ولكن على الآخر أن يؤدي نصف الدية إلى أهل المقتص منه، وإن قتل ثلاثة واحدا كان كل واحد منهم شريكا في قتله بمقدار الثلث. وعليه فإن قتل ولي المقتول واحدا من هؤلاء الثلاثة، وجب على كل واحد من الآخرين أن يرد ثلث الدية إلى أولياء المقتص منه وإن قتل اثنين منهم وجب على الثالث أن يرد ثلث الدية إلى أولياء المقتص منهما، ويجب على ولي المقتول المقتص أن يرد إليهم تمام الدية ليصل إلى أولياء كل واحد من المقتولين ثلثا الدية قبل الاقتصاص، وإن أراد قتل جميعهم، فله ذلك بعد أن يرد إلى أولياء كل واحد منهم ثلثي الدية.
(مسألة ٣٠):
تتحقق الشركة في القتل بفعل شخصين معا وإن كانت جناية أحدهما أكثر من جناية الآخر، فلو ضرب أحدهما ضربة والآخر ضربتين أو أكثر فمات المضروب واستند موته إلى فعل كليهما كانا متساويين في القتل، وعليه فلولي المقتول أن يقتل أحدهما قصاصا، كما أن له أن يقتل كليهما معا على التفصيل المتقدم.
(مسألة ٣١):
لو اشترك انسان مع حيوان - بلا اغراء - في قتل مسلم، فلولي المقتول أن يقتل القاتل بعد أن يرد إلى وليه نصف الدية وله أن يطالبه بنصف الدية.
(مسألة ٣٢):
إذا اشترك الأب مع أجنبي في قتل ابنه جاز لولي المقتول أن يقتل الأجنبي وأما الأب فلا يقتل بل عليه نصف الدية يعطيه لولي المقتص منه في فرض القصاص ولولي المقتول مع عدم الاقتصاص. وكذلك إذا اشترك مسلم وذمي في قتل ذمي.
(مسألة ٣٣):
يقتص من الجماعة المشتركين في جناية الأطراف حسب ما عرفت في قصاص النفس وتتحقق الشركة في الجناية على الأطراف بفعل شخصين أو أشخاص معا على نحو تستند الجناية إلى فعل الجميع، كما لو وضع جماعة سكينا على يد شخص وضغطوا عليها حتى قطعت يده وأما إذا وضع أحد سكينا فوق يده وآخر تحتها وضغط كل واحد منهما على سكينه حتى التقيا، فذهب جماعة إلى أنه ليس من الاشتراك في الجناية بل على كل منهما القصاص في جنايته، ولكنه مشكل جدا. ولا يبعد تحقق الاشتراك بذلك، للصدق العرفي.
(مسألة ٣٤):
لو اشتركت امرأتان في قتل رجل كان لولي المقتول قتلهما معا بلا رد، ولو كن أكثر كان له قتل جميعهن، فإن شاء قتلهن أدى فاضل ديتهن إليهن ثم قتلهن جميعا وأما إذا قتل بعضهن، كما إذا قتل اثنتين منهن مثلا وجب على الثالثة رد ثلث دية الرجل إلى أولياء المقتص منهما.
(مسألة ٣٥):
إذا اشترك رجل وامرأة في قتل رجل، جاز لولي المقتول قتلهما معا، بعد أن يرد نصف الدية إلى أولياء الرجل دون أولياء المرأة، كما أن له قتل المرأة ومطالبة الرجل بنصف الدية. وأما إذا قتل الرجل وجب على المرأة رد نصف الدية إلى أولياء المقتص منه.
(مسألة ٣٦):
كل موضع وجب فيه الرد على الولي عند إرادته القصاص - على اختلاف موارده - لزم فيه تقديم الرد على استيفاء الحق كالقتل ونحوه، فإذا كان القاتل اثنين وأراد ولي المقتول قتلهما معا وجب عليه (أولا) رد نصف الدية إلى كل منهما، ثم استيفاء الحق منهما.
(مسألة ٣٧):
لو قتل رجلان رجلا وكان القتل من أحدهما خطأ ومن الآخر عمدا، جاز لأولياء المقتول قتل القاتل عمدا بعد ردهم نصف ديته إلى وليه ومطالبة عاقلة القاتل خطأ نصف الدية كما لهم العفو عن قصاص القاتل وأخذ الدية منه بقدر نصيبه وكذلك الحال فيما إذا اشترك صبي مع رجل في قتل رجل عمدا.
(مسألة ٣٨):
لو اشترك حر وعبد في قتل حر عمدا، كان لولي المقتول قتلهما معا بعد رد نصف الدية إلى أولياء الحر وأما العبد فيقوم، فإن كانت قيمته تساوي نصف دية الحر أو كانت أقل منه فلا شئ على الولي، وإن كانت أكثر منه فعليه أن يرد الزائد إلى مولاه ولا فرق في ذلك بين كون الزائد بمقدار نصف دية الحر أو أقل. نعم إذا كان أكثر منه، كما لو كانت قيمة العبد أكثر من تمام الدية لم يجب عليه رد الزائد على النصف، بل يقتصر على رد النصف.
(مسألة ٣٩):
إذا اشترك عبد وامرأة في قتل حر، كان لولي المقتول قتلهما معا بدون أن يجب عليه رد شئ بالنسبة إلى المرأة وأما بالنسبة إلى العبد فقد مر التفصيل فيه، وإذا لم يقتل العبد كان له استرقاقه، فعندئذ إن كانت قيمته أكثر من نصف دية المقتول رد الزائد على مولاه وإلا فلا. شروط القصاص وهي خمسة:
(الأول) - التساوي في الحرية والعبودية.
(مسألة ٤٠):
إذا قتل الحر الحر عمدا قتل به وكذا إذا قتل الحرة، ولكن بعد رد نصف الدية إلى أولياء المقتص منه.
(مسألة ٤١):
إذا قتلت الحرة الحرة قتلت بها وإذا قتلت الحر فكذلك، وليس لولي المقتول مطالبة وليها بنصف الدية.
(مسألة ٤٢):
إذا قتل الحر الحر أو الحرة خطأ محضا أو شبيه عمد فلا قصاص نعم تثبت الدية وهي على الأول تحمل على عاقلة القاتل، وعلى الثاني في ماله على تفصيل يأتي في باب الديات إن شاء الله تعالى.
(مسألة ٤٣):
إذا قتل الحر أو الحرة العبد عمدا فلا قصاص وعلى القاتل قيمة المقتول يوم قتله لمولاه إذا لم تتجاوز دية الحر وإلا فلا يغرم الزائد، وإذا قتل الأمة فكذلك وعلى القاتل قيمتها إذا لم تتجاوز دية الحرة ولو كان العبد أو الأمة ذميا غرم قيمة المقتول إذا لم تتجاوز دية الذمي أو الذمية. ولا فرق فيما ذكرناه بين كون العبد أو الأمة قنا أو مدبرا وكذلك إذا قتل الحر أو الحرة مكاتبا مشروطا أو مطلقا، ولم يؤد من مال الكتابة شيئا ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى ومثل ذلك القتل الخطائي غاية الأمر أن الدية تحمل على عاقلة القاتل الحر إذا كان خطأ محضا وإلا ففي مال القاتل نفسه على تفصيل يأتي.
(مسألة ٤٤):
إذا اختلف الجاني ومولى العبد في قيمته يوم القتل فالقول قول الجاني مع يمينه إذا لم تكن للمولى بينة.
(مسألة ٤٥):
لو قتل المولى عبده متعمدا، فإن كان غير معروف بالقتل، ضرب مائة ضربة شديدة، وحبس وأخذت منه قيمته يتصدق بها، أو تدفع إلى بيت مال المسلمين وإن كان متعودا على القتل قتل به ولا فرق في ما ذكر بين العبد والأمة كما أنه لا فرق بين القن والمدبر والمكاتب سواء أكان مشروطا أم مطلقا لم يؤد من مال كتابته شيئا.
(مسألة ٤٦):
إذا قتل الحر أو الحرة متعمدا مكاتبا أدى من مال مكاتبته شيئا لم يقتل به ولكن عليه دية الحر بمقدار ما تحرر منه ودية العبد بمقدار ما بقي كما هو الحال في القتل الخطائي ولا فرق في ذلك بين كون المكاتب عبدا أو أمة كما لا فرق بين كونه قد أدى نصف مال كتابته أو أقل من ذلك. وكذا الحال فيما لو قتل المولى مكاتبه عمدا.
(مسألة ٤٧):
لو قتل العبد حرا عمدا قتل به ولا يضمن مولاه جنايته نعم لولي المقتول الخيار بين قتل العبد واسترقاقه. وليس لمولاه فكه إلا إذا رضي الولي به ولا فرق فيما ذكرناه بين كون القاتل أو المقتول ذكرا أو أنثى كما أنه لا فرق بين كون القاتل قنا أو مدبرا وكذلك أم الولد.
(مسألة ٤٨):
إذا قتل المملوك أو المملوكة مولاه عمدا، جاز لولي المولى قتله كما يجوز له العفو عنه ولا فرق في ذلك بين القن والمدبر والمكاتب بأقسامه.
(مسألة ٤٩):
لو قتل المكاتب حرا متعمدا قتل به مطلقا سواء أكان مشروطا أم مطلقا، أدى من مال الكتابة شيئا أم لم يؤد. نعم لو أدى المطلق منه شيئا لم يكن لولي المقتول استرقاقه تماما وله استرقاقه بمقدار ما بقي من عبوديته وليس له مطالبته بالدية بمقدار ما تحرر منه إلا مع التراضي.
(مسألة ٥٠):
لو قتل العبد أو الأمة الحر خطأ، تخير المولى بين فك رقبته باعطاء دية المقتول أو بالصلح عليها وبين دفع القاتل إلى ولي المقتول ليسترقه وليس له إلزام المولى بشئ من الأمرين. ولا فرق في ذلك بين القن والمدبر والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد من مال الكتابة شيئا. وأم الولد.
(مسألة ٥١):
لو قتل المكاتب الذي تحرر مقدار منه الحر أو العبد خطأ، فعليه الدية بمقدار ما تحرر، والباقي على مولاه فهو بالخيار بين رد الباقي إلى أولياء المقتول وبين دفع المكاتب إليهم، وإذا عجز المكاتب عن أداء ما عليه كان ذلك على إمام المسلمين.
(مسألة ٥٢):
لو قتل العبد عبدا متعمدا قتل به بلا فرق بين كون القاتل والمقتول قنين أو مدبرين أو كون أحدهما قنا والآخر مدبرا وكذلك الحكم لو قتل العبد أمة ولا رد لفاضل ديته إلى مولاه.
(مسألة ٥٣):
لو قتل العبد مكاتبا عمدا، فإن كان مشروطا أو مطلقا لم يؤد من مال الكتابة شيئا فحكمه حكم قتل القن وإن كان مطلقا تحرر بعضه، فلكل من مولى المقتول وورثته حق القتل فإن قتلاه معا فهو وإن قتله أحدهما دون الآخر سقط حقه بسقوط موضوعه وهل لولي المقتول استرقاق القاتل بمقدار حرية المقتول ؟ نعم له ذلك.
(مسألة ٥٤):
لو قتلت الأمة أمة قتلت بها بلا فرق بين أقسامها وكذا لو قتلت عبدا.
(مسألة ٥٥):
لو قتل المكاتب عبدا عمدا فإن كان مشروطا أو مطلقا لم يؤد من مال الكتابة شيئا، فحكمه حكم القن وإن أدى منه شيئا لم يقتل به ولكن تتعلق الجناية برقبته بقدر ما بقي من الرقية ويسعى في نصيب حريته إذا لم يكن عنده مال، وإلا فيؤدي من ماله فإن عجز كانت الدية على مولى المكاتب وأما ما تعلق برقبته فلمولى المقتول استرقاقه بمقدار رقيته ليستوفي حقه، ولا يكون مولى القاتل ملزما بدفعه الدية إلى مولى المقتول ولا فرق في ذلك بين كون القاتل أو المقتول ذكرا أو أنثى، كما أنه لا فرق بين كون المقتول قنا أو مدبرا.
(مسألة ٥٦):
لو قتل المكاتب الذي تحرر مقدار منه مكاتبا مثله عمدا، فإن تحرر من المقتول بقدر ما تحرر من القاتل أو أكثر قتل به وإلا فالمشهور أنه لا يقتل ولكنه لا يخلو من إشكال. والأقرب أنه يقتل.
(مسألة ٥٧):
إذا قتل عبد عبدا خطأ، كان مولى القاتل بالخيار بين فكه بأداء دية المقتول وبين دفعه إلى مولى المقتول ليسترقه ويستوفي حقه من قيمته فإن تساوت القيمتان فهو وإن زادت قيمة القاتل على قيمة المقتول رد الزائد إلى مولى القاتل وإن نقصت عنها فليس له أن يرجع إلى مولى القاتل ويطالبه بالنقص ولا فرق في ذلك بين كون القاتل ذكرا أو أنثى، كما أنه لا فرق بين كونه قنا أو مدبرا أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا لم يؤد من مال الكتابة شيئا وأما لو قتل مكاتبا تحرر مقدار منه فقد ظهر حكمه مما تقدم.
(مسألة ٥٨):
لو كان للحر عبدان قتل أحدهما الآخر، خير المولى بين قتل القاتل والعفو عنه.
(مسألة ٥٩):
لو قتل حر حرين فصاعدا فليس لأوليائهما إلا قتله، وليس لهم مطالبته بالدية إلا إذا رضي القاتل بذلك نعم لو قتله ولي أحد المقتولين فالظاهر جواز أخذ الآخر الدية من ماله.
(مسألة ٦٠):
لو قتل عبد حرين معا ثبت لأولياء كل منهما حق الاقتصاص مستقلا فلا يتوقف على إذن الآخر نعم: لو بادر أحدهما واسترقه جاز للآخر أيضا ذلك، ولكنهما يصبحان شريكين فيه وإذا قتل أحدهما واسترقه أولياؤه ثم قتل الثاني اختص العبد بأولياء الثاني بمعنى أن لهم استرقاقه وأخذه من أولياء الأول أو قتله.
(مسألة ٦١):
لو قتل عبد عبدين عمدا جاز لمولى كل منهما الاقتصاص منه وأما استرقاقه فيتوقف على رضا مولى القاتل فلو سبق أحدهما بالاقتصاص سقط حق الآخر بسقوط موضوعه، ولو رضي المولى باسترقاقه فعندئذ إن اختار أحدهما استرقاقه واقتص الآخر سقط حق الأول، وإن اختار الآخر الاسترقاق أيضا اشترك معه. ولا فرق في ذلك بين كون استرقاقه في زمان استرقاق الأول أو بعده كما لا فرق في ذلك بين قتله العبدين دفعة واحدة أو على نحو التعاقب نعم إذا استرقه مولى الأول وبعد ذلك قتل الثاني، كان مولى الثاني بالخيار بين قتله واسترقاقه مع رضا مولاه الثاني.
(مسألة ٦٢):
لو قتل عبد عبدا لشخصين عمدا اشتركا في القود والاسترقاق، فكما أن لهما قتله فكذلك لهما استرقاقه بالتراضي مع مولى القاتل ولو طلب أحدهما من المولى ما يستحقه من القيمة فدفعه إليه سقط حقه عن رقبته ولم يسقط حق الآخر فله قتله بعد رد نصف قيمته إلى مولاه.
(مسألة ٦٣):
لو قتل عبدان أو أكثر عبدا عمدا فلمولى المقتول قتل الجميع، كما أن له قتل البعض ولكن إذا قتل الجميع فعليه أن يرد ما فضل عن جناية كل واحد منهم إلى مولاه وله ترك قتلهم ومطالبة الدية من مواليهم، وهم مخيرون بين فك رقاب عبيدهم بدفع قيمة العبد المقتول وبين تسليم القتلة إلى مولى المقتول ليستوفي حقه منهم ولو كان باسترقاقهم لكن يجب عليه رد الزائد على مقدار جنايتهم على مواليهم.
(مسألة ٦٤):
لو قتل العبد حرا عمدا، ثم أعتقه مولاه، فهل يصح العتق ؟ فيه قولان: الأظهر الصحة وأما بيعه أو هبته فالظاهر أنه لا ينبغي الاشكال في صحته، وإن قيل بالبطلان فيه أيضا.
(مسألة ٦٥):
لو قتل العبد حرا خطأ، ثم أعتقه مولاه، صح وألزم مولاه بالدية.
(الشرط الثاني) - التساوي في الدين، فلا يقتل المسلم بقتله كافرا: ذميا كان أو مستأمنا أو حربيا، كان قتله سائغا أم لم يكن نعم إذا لم يكن القتل سائغا، عزره الحاكم حسبما يراه من المصلحة وفي قتل الذمي من النصارى واليهود والمجوس يغرم الدية، كما سيأتي. هذا مع عدم الاعتياد، وأما لو اعتاد المسلم قتل أهل الذمة جاز لولي الذمي المقتول قتله بعد رد فاضل ديته.
(مسألة ٦٦):
يقتل الذمي بالذمي وبالذمية بعد رد فاضل ديته إلى أوليائه وتقتل الذمية بالذمية وبالذمي ولو قتل الذمي غيره من الكفار المحقوني الدم قتل به.
(مسألة ٦٧):
لو قتل الذمي مسلما عمدا، دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوه وإن شاءوا عفوا عنه، وإن شاءوا استرقوه وإن كان معه مال دفع إلى أوليائه هو وماله ولو أسلم الذمي قبل الاسترقاق، كانوا بالخيار بين قتله والعفو عنه وقبول الدية إذا رضي بها.
(مسألة ٦٨):
لو قتل الكافر كافرا ثم أسلم، لم يقتل به نعم: تجب عليه الدية إن كان المقتول ذا دية.
(مسألة ٦٩):
لو قتل ولد الحلال ولد الزنا، قتل به.
(مسألة ٧٠):
الضابط في ثبوت القصاص وعدمه إنما هو حال المجني عليه حال الجناية، إلا ما ثبت خلافه، فلو جنى مسلم على ذمي قاصدا قتله، أو كانت الجناية قاتلة عادة، ثم أسلم فمات، فلا قصاص وكذلك الحال فيما لو جنى على عبد كذلك، ثم أعتق فمات نعم تثبت عليه في الصورتين دية النفس كاملة.
(مسألة ٧١):
لو جنى الصبي بقتل أو بغيره، ثم بلغ لم يقتص منه، وإنما تثبت الدية على عاقلته.
(مسألة ٧٢):
لو رمى سهما وقصد به ذميا أو كافرا حربيا أو مرتدا، فأصابه بعد ما أسلم، فلا قود. نعم عليه الدية وأما لو جرح حربيا أو مرتدا فأسلم المجني عليه، وسرت الجناية فمات، فهل عليه الدية أم لا ؟ وجهان: الظاهر هو الأول.
(مسألة ٧٣):
لو رمى عبدا بسهم، فأعتق، ثم أصابه السهم فمات، فلا قود ولكن عليه الدية.
(مسألة ٧٤):
إذا قطع يد مسلم قاصدا به قتله ثم ارتد المجني عليه فمات، فلا قود في النفس ولا دية وهل لولي المقتول الاقتصاص من الجاني بقطع يده أم لا ؟ وجهان: ولا يبعد عدم القصاص ولو ارتد، ثم تاب، ثم مات، فالظاهر ثبوت القود.
(مسألة ٧٥):
لو قتل المرتد ذميا، فهل يقتل المرتد أم لا ؟ وجهان: الأظهر أنه يقتل به ولو عاد إلى الاسلام لم يقتل حتى وإن كان فطريا.
(مسألة ٧٦):
لو جنى مسلم على ذمي قاصدا قتله، أو كانت الجناية قاتلة عادة، ثم ارتد الجاني، وسرت الجناية فمات المجني عليه، قيل: إنه لا قود عليه، لعدم التساوي حال الجناية، والأظهر ثبوت القود.
(مسألة ٧٧):
لو قتل ذمي مرتدا قتل به وأما لو قتله مسلم فلا قود عليه، لعدم الكفاءة في الدين. وأما الدية ففي ثبوتها قولان: الأظهر عدم ثبوتها في قتل المسلم غير الذمي من أقسام الكفار.
(مسألة ٧٨):
إذا كان على مسلم قصاص، فقتله غير الولي بدون إذنه، ثبت عليه القود.
(مسألة ٧٩):
لو وجب قتل شخص بزنا أو لواط أو نحو ذلك غير سب النبي (صلى الله عليه وآله) فقتله غير الإمام (عليه السلام) قيل: إنه لا قود ولا دية عليه، ولكن الأظهر ثبوت القود أو الدية مع التراضي.
(مسألة ٨٠):
لا فرق في المسلم المجني عليه بين الأقارب والأجانب، ولا بين الوضيع والشريف وهل يقتل البالغ بقتل الصبي ؟ قيل: نعم، وهو المشهور وفيه اشكال بل منع.
(الشرط الثالث): أن لا يكون القاتل أبا للمقتول، فإنه لا يقتل بقتل ابنه وعليه الدية ويعزر وهل يشمل الحكم أب الأب أم لا ؟ وجهان لا يبعد الشمول.
(مسألة ٨١):
لو قتل شخصا، وادعى أنه ابنه، لم تسمع دعواه ما لم تثبت ببينة أو نحوها، فيجوز لولي المقتول الاقتصاص منه وكذلك لو ادعاه اثنان، وقتله أحدهما أو كلاهما، مع عدم العلم بصدق أحدهما وأما إذا علم بصدق أحدهما، أو ثبت ذلك بدليل تعبدي، ولم يمكن تعيينه، فلا يبعد الرجوع فيه إلى القرعة.
(مسألة ٨٢):
لو قتل الرجل زوجته، وكان له ولد منها فهل يثبت حق القصاص لولدها ؟ المشهور عدم الثبوت، وهو الصحيح كما لو قذف الزوج زوجته الميتة ولا وارث لها إلا ولدها منه.
(مسألة ٨٣):
لو قتل أحد الأخوين أباهما، والآخر أمهما فلكل واحد منهما على الآخر القود فإن بدر أحدهما، فاقتص، كان لوارث الآخر الاقتصاص منه.
(الشرط الرابع): أن يكون القاتل عاقلا بالغا، فلو كان مجنونا لم يقتل، من دون فرق في ذلك بين كون المقتول عاقلا أو مجنونا. نعم تحمل على عاقلته الدية، وكذلك الصبي لا يقتل بقتل غيره صبيا كان أو بالغا، وتحمل على عاقلته الدية والعبرة في عدم ثبوت القود بالجنون حال القتل، فلو قتل وهو عاقل ثم جن لم يسقط عنه القود.
(مسألة ٨٤):
لو اختلف الولي والجاني في البلوغ وعدمه حال الجناية، فادعى الولي أن الجناية كانت حال البلوغ، وأنكره الجاني، كان القول قول الجاني مع يمينه، وعلى الولي الاثبات وكذلك الحال فيما إذا كان مجنونا ثم أفاق، فادعى الولي أن الجناية كانت حال الإفاقة، وادعى الجاني أنها كانت حال الجنون، فالقول قول الجاني مع يمينه نعم لو لم يكن الجاني مسبوقا بالجنون، فادعى أنه كان مجنونا حال الجناية، فعليه الاثبات وإلا فالقول قول الولي مع يمينه.
(مسألة ٨٥):
لو قتل العاقل مجنونا. لم يقتل به. نعم عليه الدية إن كان القتل عمديا أو شبيه عمد.
(مسألة ٨٦):
لو أراد المجنون عاقلا فقتله العاقل دفاعا عن نفسه أو عما يتعلق به، فالمشهور أن دمه هدر، فلا قود ولا دية عليه، وقيل: إن ديته من بيت مال المسلمين. وهو الصحيح.
(مسألة ٨٧):
لو كان القاتل سكرانا، فهل عليه القود أم لا ؟ قولان: نسب إلى المشهور الأول، وذهب جماعة إلى الثاني، ولكن لا يبعد أن يقال: إن من شرب المسكر إن كان يعلم أن ذلك مما يؤدي إلى القتل نوعا، وكان شربه في معرض ذلك فعليه القود وإن لم يكن كذلك، بل كان القتل اتفاقيا، فلا قود، بل عليه الدية.
(مسألة ٨٨):
إذا كان القاتل أعمى، فهل عليه القود أم لا ؟ قولان: نسب إلى أكثر المتأخرين الأول، ولكن الأظهر عدمه. نعم تثبت الدية على عاقلته، وإن لم تكن له عاقلة، فالدية في ماله، وإلا فعلى الإمام (عليه السلام).
(الشرط الخامس) - أن يكون المقتول محقون الدم، فلا قود في القتل السائغ شرعا كقتل ساب النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين عليهم السلام، وقتل المرتد الفطري ولو بعد توبته والمحارب والمهاجم القاصد للنفس أو العرض أو المال، وكذا من يقتل بقصاص أو حد وغير ذلك. والضابط في جميع ذلك هو كون القتل سائغا للقاتل.
(مسألة ٨٩):
المشهور على أن من رأى زوجته يزني بها رجل وهي مطاوعة، جاز له قتلهما، وهو لا يخلو عن إشكال بل منع.
الفصل الثاني
في دعوى القتل وما يثبت به
(مسألة ٩٠):
يشترط في المدعي: العقل والبلوغ وقيل يعتبر فيه الرشد أيضا. والأظهر عدم اعتباره. ويشترط في المدعى عليه إمكان صدور القتل منه، فلو ادعاه على غائب لا يمكن صدور القتل منه عادة لم تقبل، وكذا لو ادعاه على جماعة يتعذر اجتماعهم على قتل واحد عادة: كأهل البلد مثلا.
(مسألة ٩١):
لو ادعى على شخص أنه قتل أباه - مثلا - مع جماعة لا يعرفهم، سمعت دعواه، فإذا ثبت شرعا، كان لولي المقتول قتل المدعى عليه، ولأولياء الجاني بعد القود الرجوع إلى الباقين بما يخصهم من الدية، فإن لم يعلموا عددهم رجعوا إلى المعلومين منهم، وعليهم أن يؤدوا ما يخصهم من الدية.
(مسألة ٩٢):
لو ادعى القتل ولم يبين أنه كان عمدا أو خطأ، فهذا يتصور على وجهين:
(الأول) - أن يكون عدم بيانه لمانع خارجي لا لجهله بخصوصياته، فحينئذ يستفصل القاضي منه
(الثاني) - أن يكون عدم بيانه لجهله بالحال، وأنه لا يدري أن القتل الواقع كان عمدا أو خطأ، وهذا أيضا يتصور على وجهين: فإنه (تارة) يدعي أن القاتل كان قاصدا لذات الفعل الذي لا يترتب عليه القتل عادة، ولكنه لا يدري أنه كان قاصدا للقتل أيضا أم لا ؟ فهذا يدخل تحت دعوى القتل الشبيه بالعمد و (أخرى) لا يدعي أنه كان قاصدا لذات الفعل لاحتمال أنه كان قاصدا أمرا آخر، ولكنه أصاب المقتول اتفاقا، فعندئذ يدخل ذلك تحت دعوى القتل الخطائي المحض وعلى كلا الفرضين تثبت الدية إن ثبت ما يدعيه، ولكنها في الفرض الأول على القاتل نفسه، وفي الفرض الثاني تحمل على عاقلته.
(مسألة ٩٣):
لو ادعى على شخص أنه القاتل منفردا، ثم ادعى على آخر أنه القاتل كذلك، أو أنه كان شريكا مع غيره فيه، لم تسمع الدعوى الثانية بل لا يبعد سقوط الدعوى الأولى أيضا.
(مسألة ٩٤):
لو ادعى القتل العمدي على أحد وفسره بالخطأ، فإن احتمل في حقه عدم معرفته بمفهوم العمد والخطأ سمعت دعواه وإلا سقطت الدعوى من أصلها وكذلك الحال فيما لو ادعى القتل الخطائي وفسره بالعمد.
(مسألة ٩٥):
يثبت القتل بأمور:
(الأول) - الاقرار وتكفي فيه مرة واحدة ويعتبر في المقر البلوغ وكمال العقل والاختيار والحرية على تفصيل فإذا أقر بالقتل العمدي ثبت القود، وإذا أقر بالقتل الخطائي ثبتت الدية في ماله لا على العاقلة وأما المحجور عليه لفلس أو سفه فيقبل إقراره بالقتل عمدا فيثبت عليه القود، وإذا أقر المفلس بالقتل الخطائي، ثبتت الدية في ذمته ولكن ولي المقتول لا يشارك الغرماء إذا لم يصدقوا المقر.
(مسألة ٩٦):
لو أقر أحد بقتل شخص عمدا، وأقر آخر بقتله خطأ، تخير ولي المقتول في تصديق أيهما شاء، فإذا صدق واحدا منهما فليس له على الآخر سبيل.
(مسألة ٩٧):
لو أقر أحد بقتل شخص عمدا، وأقر آخر أنه هو الذي قتله، ورجع الأول عن إقراره، فالمشهور أنه يدرأ عنهما القصاص والدية، وتؤخذ الدية من بيت مال المسلمين. وفيه إشكال، بل منع، فالظاهر أن حكمهما حكم المسألة السابقة وأما إذا لم يرجع الأول عن إقراره، تخير الولي في تصديق أيهما شاء، بلا خلاف ظاهر.
(الثاني) - البينة، وهي أن يشهد رجلان بالغان عاقلان عدلان بالقتل.
(مسألة ٩٨):
لا يثبت القتل بشاهد وامرأتين، ولا بشهادة النساء منفردات، ولا بشاهد ويمين. نعم يثبت ربع الدية بشهادة امرأة واحدة، ونصفها بشهادة امرأتين، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث نسوة، وتمامها بشهادة أربع نسوة.
(مسألة ٩٩):
يعتبر في الشهادة على القتل أن تكون عن حس أو ما يقرب منه، وإلا فلا تقبل.
(مسألة ١٠٠):
لو شهد شاهدان بما يكون سببا للموت عادة، وادعى الجاني أن موته لم يكن مستندا إلى جنايته، قبل قوله مع يمينه.
(مسألة ١٠١):
يعتبر في قبول شهادة الشاهدين توارد شهادتهما على أمر واحد، فلو اختلفا في ذلك لم تقبل، كما إذا شهد أحدهما أنه قتل في الليل، وشهد الآخر أنه قتل في النهار، أو شهد أحدهما أنه قتله في مكان، والآخر شهد بأنه قتله في مكان آخر، وهكذا.
(مسألة ١٠٢):
لو شهد أحدهما بالقتل، وشهد الآخر باقراره به، لم يثبت القتل.
(مسألة ١٠٣):
لو شهد أحدهما بالاقرار بالقتل من دون تعيين العمد والخطأ، وشهد الآخر بالاقرار به عمدا، ثبت إقراره وكلف بالبيان فإن أنكر العمد في القتل فالقول قوله، وتثبت الدية في ماله فإن ادعى الولي أن القتل كان عن عمد، فعليه الاثبات ومثل ذلك ما لو شهد أحدهما بالقتل متعمدا، وشهد الآخر بمطلق القتل، وأنكر القاتل العمد فإنه لا يثبت القتل العمدي، وعلى الولي إثباته بالقسامة، على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.
(مسألة ١٠٤):
لو ادعى شخص القتل على شخصين، وأقام على ذلك بينة، ثم شهد المشهود عليهما بأن الشاهدين هما القاتلان له، فإن لم يصدقهما الولي فلا أثر لشهادتهما وللولي الاقتصاص منهما أو من أحدهما على تفصيل قد تقدم، وإن صدقهما سقطت الدعوى رأسا.
(مسألة ١٠٥):
لو شهد شخصان لمن يرثانه بأن زيدا جرحه، وكانت الشهادة بعد الاندمال قبلت وأما إذا كانت قبله فقيل لا تقبل ولكن الأظهر القبول.
(مسألة ١٠٦):
لو شهد شاهدان من العاقلة بفسق شاهدي القتل، فإن كان المشهود به القتل عمدا أو شبه عمد قبلت وطرحت شهادة الشاهدين وإن كان المشهود به القتل خطأ لم تقبل شهادتهما.
(مسألة ١٠٧):
لو قامت بينة على أن زيدا قتل شخصا منفردا، وقامت بينة أخرى على أن القاتل غيره، سقط القصاص عنهما جزما، وكذا الدية، وقيل وجبت الدية عليهما نصفين. وفيه إشكال بل منع.
(مسألة ١٠٨):
لو قامت بينة على أن شخصا قتل زيدا عمدا وأقر آخر أنه هو الذي قتله دون المشهود عليه وأنه برئ، واحتمل اشتراكهما في القتل، كان للولي قتل المشهود عليه وعلى المقر رد نصف الدية إلى ولي المشهود عليه، وله قتل المقر ولكن عندئذ لا يرد المشهود عليه إلى ورثة المقر شيئا، وله قتلهما بعد أن يرد إلى ولي المشهود عليه نصف ديته، ولو عفا عنهما ورضي بالدية كانت عليهما نصفين. وأما إذا علم أن القاتل واحد فالظاهر جواز قتل المقر أو أخذ الدية منه بالتراضي.
(مسألة ١٠٩):
لو ادعى الولي أن القتل الواقع في الخارج عمدي، وأقام على ذلك شاهدا وامرأتين، ثم عفا عن حق الاقتصاص، قيل بعدم صحة العفو، حيث أن حقه لم يثبت فيكون العفو عفوا عما لم يثبت، ولكن الظاهر هو الصحة.
الفصل الثالث
في القسامة
(مسألة ١١٠):
لو ادعى الولي القتل على واحد أو جماعة فإن أقام البينة على مدعاه فهو وإلا فإن لم يكن هنا لوث طولب المدعى عليه بالحلف، فإن حلف سقطت الدعوى وإن لم يحلف كان له رد الحلف إلى المدعي، وإن كان لوث طولب المدعى عليه بالبينة فإن أقامها على عدم القتل فهو وإلا فعلى المدعي الاتيان بقسامة خمسين رجلا لاثبات مدعاه وإلا فعلى المدعى عليه القسامة كذلك فإن أتى بها سقطت الدعوى، وإلا ألزم الدعوى.
(مسألة ١١١):
إذا كان المدعي أو المدعى عليه امرأة، فهل تثبت القسامة ؟ فيه وجهان، الأظهر هو الثبوت. (كمية القسامة)
(مسألة ١١٢):
في القتل العمدي خمسون يمينا وفي الخطأ المحض والشبيه بالعمد خمس وعشرون يمينا وعليه فإن أقام المدعي خمسين رجلا يقسمون فهو، وإلا فالمشهور تكرير الأيمان عليهم حتى يتم عدد القسامة وهو غير بعيد.
(مسألة ١١٣):
إذا كان المدعون جماعة أقل من عدد القسامة، قسمت عليهم الأيمان بالسوية على الأظهر.
(مسألة ١١٤):
المشهور أن المدعى عليه إذا كان واحدا، حلف هو وأحضر من قومه ما يكمل عدد القسامة، فإن لم يكمل كررت عليهم الأيمان حتى يكمل عددها. وفيه اشكال وأما إذا كان أكثر من واحد، بمعنى أن الدعوى كانت متوجهة إلى كل واحد منهم، فعلى كل واحد منهم قسامة خمسين رجلا.
(مسألة ١١٥):
إذا لم تكن بينة للمدعي ولا للمدعى عليه ولم يحلف المدعي، وحلف المدعى عليه، سقطت الدعوى، ولا شئ على المدعى عليه، وتعطى الدية لورثة المقتول من بيت المال.
(مسألة ١١٦):
القسامة كما تثبت بها الدعوى في قتل النفس، كذلك تثبت بها في الجروح بالإضافة إلى الدية وفي عددها في الجروح خلاف: قيل خمسون يمينا إن بلغت الجناية فيها الدية كاملة، وإلا فبحسابها وقيل ستة أيمان فيما بلغت ديته دية النفس، وما كان دون ذلك فبحسابه وهذا القول هو الصحيح.
(مسألة ١١٧):
إذا كان القتيل كافرا، فادعى وليه القتل على المسلم، ولم تكن له بينة، فهل تثبت القسامة حينئذ ؟ وجهان قيل: تقبل وهو لا يخلو من إشكال بل منع.
(مسألة ١١٨):
إذا قتل رجل في قرية أو في قريب منها أغرم أهل تلك القرية الدية إذا لم توجد بينة على أهل تلك القرية أنهم ما قتلوه. وإذا وجد بين قريتين ضمنت الأقرب منهما.
(مسألة ١١٩):
إذا وجد قتيل في زحام الناس، أو على قنطرة أو بئر أو جسر أو مصنع أو في شارع عام أو جامع أو فلاة أو ما شاكل ذلك، والضابط أن لا يكون مما يستند القتل فيه إلى شخص خاص أو جماعة معينة أو قرية معلومة فديته من بيت مال المسلمين.
(مسألة ١٢٠):
يعتبر في اليمين أن تكون مطابقة للدعوى فلو ادعى القتل العمدي وحلف على القتل الخطئي فلا أثر له.
(مسألة ١٢١):
لو ادعى أن أحد هذين الشخصين قاتل ولكنه لا يعلم به تفصيلا، فله أن يطالب كلا منهما بالبينة على عدم كونه قاتلا فإن أقام كل منهما البينة على ذلك فهو، وإن لم تكن لهما بينة فعلى المدعي القسامة وإن لم يأت بها فعليهما القسامة، وإن نكلا ثبتت الدية دون القود.
(مسألة ١٢٢):
لو ادعى القتل على اثنين بنحو الاشتراك ولم تكن له بينة، فله أن يطالبهما بالبينة، فإن أقاما البينة على عدم صدور القتل منهما فهو، وإلا فعلى المدعي الاتيان بالقسامة، فإن أتى بها على أحدهما دون الآخر فله قتله بعد رد نصف الدية إلى أوليائه كما أن له العفو وأخذ نصف الدية منه، وإن أتى بها على كليهما، فله قتلهما بعد أن يرد إلى أولياء كل منهما نصف الدية، كما أن له مطالبة الدية منهما وإن نكل فالقسامة عليهما، فإن أتيا بها سقط عنهما القصاص والدية، وإن أتى بها أحدهما سقط عنه ذلك، وللولي أن يقتل الآخر بعد رد نصف ديته إلى أوليائه، وله أن يعفو عنه ويأخذ نصف الدية، وإن نكلا معا كان للولي قتلهما معا بعد رد نصف دية كل منهما إلى أوليائه، أو مطالبة الدية منهما.
(مسألة ١٢٣):
لو ادعى القتل على اثنين، وكان في أحدهما لوث فعلى المدعي إقامة البينة بالإضافة إلى من ليس فيه لوث، وإن لم يقم فعلى المنكر اليمين وأما بالإضافة إلى من فيه لوث فالحكم فيه كما سبق.
(مسألة ١٢٤):
لو كان للمقتول وليان وكان أحدهما غائبا فادعى الحاضر على شخص أنه القاتل ولم تكن له بينة، فإن حلف خمسين يمينا في دعوى العمد وخمسا وعشرين في دعوى الخطأ ثبت حقه ولو حضر الغائب، فإن لم يدع شيئا انحصر الحق بالحاضر، وإن ادعى كان عليه الحلف بمقدار حصته فيما كانت الدعوى القتل عمدا أو خطأ وكذلك الحال إذا كان أحد الوليين صغيرا وادعى الكبير على شخص أنه القاتل.
(مسألة ١٢٥):
إذا كان للقتيل وليان، وادعى أحدهما القتل على شخص، وكذبه الآخر: بأن ادعى أن القاتل غيره أو أنه اقتصر على نفي القتل عنه، لم يقدح هذا في دعوى الأول ويمكنه إثبات حقه بالقسامة إذا لم تكن للمدعى عليه بينة على عدم كونه قاتلا.
(مسألة ١٢٦):
إذا مات الولي قام وارثه مقامه ولو مات أثناء الأيمان، كان على الوارث خمسون يمينا مستأنفة، فلا اعتداد بالأيمان الماضية.
(مسألة ١٢٧):
لو حلف المدعي على أن القاتل زيد، ثم اعترف آخر بأنه القاتل منفردا، قال الشيخ في الخلاف أنه مخير بين البقاء على مقتضى القسامة وبين العمل على مقتضى الاقرار، ولو كان الاقرار بعد استيفاء الحق من المدعى عليه ولكنه لا وجه له وإذا صدق المدعي المقر، سقطت دعواه الأولى أيضا.
(مسألة ١٢٨):
إذا حلف المدعي واستوفى حقه من الدية ثم قامت البينة على أن المدعى عليه كان غائبا حين القتل أو كان مريضا أو نحو ذلك مما لا يتمكن معه من القتل بطلت القسامة وردت الدية. وكذلك الحال فيما إذا اقتص منه.
(مسألة ١٢٩):
لو اتهم رجل بالقتل حبس ستة أيام، فإن جاء أولياء المقتول بما يثبت به القتل فهو، وإلا خلي سبيله.
الفصل الرابع
في أحكام القصاص
(مسألة ١٣٠):
الثابت في القتل العمدي القود دون الدية فليس لولي المقتول مطالبة القاتل بها، إلا إذا رضي بذلك، وعندئذ يسقط عنه القود وتثبت الدية ويجوز لهما التراضي على أقل من الدية أو على أكثر منها نعم إذا كان الاقتصاص يستدعي الرد من الولي، كما إذا قتل رجل امرأة، كان ولي المقتول مخيرا بين القتل ومطالبة الدية.
(مسألة ١٣١):
لو تعذر القصاص لهرب القاتل أو موته أو كان ممن لا يمكن الاقتصاص منه لمانع خارجي، انتقل الأمر إلى الدية، فإن كان للقاتل مال، فالدية في ماله، وإلا أخذت من الأقرب فالأقرب إليه وإن لم يكن، أدى الإمام (عليه السلام) الدية من بيت المال.
(مسألة ١٣٢):
لو أراد أولياء المقتول القصاص من القاتل فخلصه قوم من أيديهم، حبس المخلص حتى يتمكن من القاتل، فإن مات القاتل أو لم يقدر عليه، فالدية على المخلص.
(مسألة ١٣٣):
يتولى القصاص من يرث المال من الرجال دون الزوج ومن يتقرب بالأم وأما النساء فليس لهن عفو ولا قود.
(مسألة ١٣٤):
إذا كان ولي المقتول واحدا، جازت له المبادرة إلى القصاص والأولى الاستئذان من الإمام (عليه السلام) ولا سيما في قصاص الأطراف.
(مسألة ١٣٥):
إذا كان للمقتول أولياء متعددون فهل يجوز لكل واحد منهم الاقتصاص من القاتل مستقلا وبدون إذن الباقين أولا، فيه وجهان: الأظهر هو الأول.
(مسألة ١٣٦):
إذا اقتص بعض الأولياء فإن رضي الباقون بالقصاص فهو. وإلا ضمن المقتص حصتهم فإن طالبوه بها فعليه دفعها إليهم وإن عفوا فعليه دفعها إلى ورثة الجاني.
(مسألة ١٣٧):
إذا كان المقتول مسلما ولم يكن له أولياء من المسلمين وكان له أولياء من الذميين، عرض على قرابته من أهل بيته الاسلام، فمن أسلم فهو وليه ويدفع القاتل إليه فإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا، وإن لم يسلم منهم أحد فأمره إلى الإمام (عليه السلام) فإن شاء قتله وإن شاء أخذ الدية منه.
(مسألة ١٣٨):
لا تجوز مثلة القاتل عند القاتل عند الاقتصاص. والمشهور بين الأصحاب أنه لا يقتص إلا بالسيف، وهو الصحيح.
(مسألة ١٣٩):
الاقتصاص حق ثابت للولي، وله أن يتولاه مباشرة أو بتسبيب غيره مجانا أو بأجرة.
(مسألة ١٤٠):
لو كان بعض أولياء المقتول حاضرا دون بعض، جاز الاقتصاص مع ضمان حصة الباقي من الدية، وكذلك الحال إذا كان بعضهم صغيرا.
(مسألة ١٤١):
إذا كان ولي الميت صغيرا أو مجنونا، وكان للولي ولي كالأب أو الجد أو الحاكم الشرعي، فهل لوليه الاقتصاص من القاتل أم لا ؟ قولان: لا يبعد العدم نعم إذا اقتضت المصلحة أخذ الدية من القاتل أو المصالحة معه في أخذ شئ، جاز لوليه ذلك.
(مسألة ١٤٢):
إذا كان للميت وليان فادعى أحدهما أن شريكه عفا عن القصاص على مال أو مجانا لم تقبل دعواه على الشريك وإذا اقتص المدعي وجب عليه رد نصيب شريكه، فإن صدقه الشريك بالعفو مجانا أو بعوض، وجب عليه رده إلى ورثة المقتول قصاصا.
(مسألة ١٤٣):
إذا كان ولي المقتول محجورا عليه لفلس أو سفه، جاز له الاقتصاص من القاتل، كما جاز له العفو عنه، ويجوز له أخذ الدية بالتراضي.
(مسألة ١٤٤):
لو قتل شخص وعليه دين وليس له مال فإن أخذ أولياءه الدية من القاتل وجب صرفها في ديون المقتول واخراج وصاياه منها وهل لهم الاقتصاص من دون ضمان ما عليه من الديون ؟ فيه قولان، الأظهر هو الأول.
(مسألة ١٤٥):
إذا قتل شخص، وعليه دين، وليس له مال، فإن كان قتله خطأ أو شبه عمد، فليس لأولياء المقتول عفو القاتل أو عاقلته عن الدية، إلا مع أداء الدين أو ضمانه وإن كان القتل عمدا فلأوليائه العفو عن القصاص والرضا بالدية وليس لهم العفو عن القصاص بلا دية فإن فعلوا ذلك ضمنوا الدية للغرماء.
(مسألة ١٤٦):
إذا قتل واحد اثنين على التعاقب أو دفعة واحدة ثبت لأولياء كل منهما القود، فإن استوفى الجميع مباشرة أو تسبيبا فهو، وإن رضي أولياء أحد المقتولين بالدية وقبل القاتل أو عفوا عن القصاص مجانا، لم يسقط حق أولياء الآخر.
(مسألة ١٤٧):
لو وكل ولي المقتول من يستوفي القصاص ثم عزله قبل الاستيفاء، فإن كان الوكيل قد علم بانعزاله ومع ذلك أقدم على قتله فعليه القود وإن لم يكن يعلم به فلا قصاص ولا دية وأما لو عفا الموكل القاتل ولم يعلم به الوكيل حتى استوفى فعليه الدية ولكن يرجع بها إلى الموكل وكذلك الحال فيما إذا مات الموكل بعد التوكيل وقبل الاستيفاء.
(مسألة ١٤٨):
لا يقتص من المرأة الحامل حتى تضع ولو كان حملها حادثا بعد الجناية أو كان الحمل عن زنا ولو توقفت حياة الطفل على ارضاعها إياه مدة، لزم تأخير القصاص إلى تلك المدة ولو ادعت الحمل قبل قولها على المشهور، إلا إذا كانت أمارة على كذبها وفيه اشكال بل منع.
(مسألة ١٤٩):
لو قتلت المرأة قصاصا، فبانت حاملا، فلا شئ على المقتص نعم إن أوجب ذلك تلف الحمل ففيه الدية، وهي تحمل على العاقلة، وإن لم تلجه الروح على المشهور لكن الأظهر أن الدية على المتلف نفسه قبل ولوج الروح في الحمل.
(مسألة ١٥٠):
لو قطع يد شخص، ثم قتل شخصا آخر فالمشهور بين الأصحاب أنه تقطع يده أولا، ثم يقتل، وفيه اشكال بل منع وإذا قتله أولياء المقتول قبل قطع يده، فهل تثبت الدية في ماله أم لا ؟ وجهان لا يبعد ثبوتها، كما مر في قتل شخص اثنين.
(مسألة ١٥١):
إذا قطع يد رجل ثم قتل شخصا آخر فاقتص منه بقطع يده وبقتله، ثم سرت الجناية في المجني عليه فمات وجبت الدية في مال الجاني.
(مسألة ١٥٢):
إذا قطع يد شخص ثم اقتص المجني عليه من الجاني فسرت الجنايتان فقد تكون السراية في طرف المجني عليه أولا ثم في الجاني، وأخرى تكون بالعكس أما على الأول فالمشهور أن موت الجاني يقع قصاصا وعلى الثاني يكون هدرا وفيه اشكال، والأظهر التفصيل بين ما إذا كان كل من الجاني والمجني عليه قاصدا للقتل أو كان الجرح مما يقتل عادة، وبين ما إذا لم يكن كذلك، فعلى الثاني تثبت الدية في مال الجاني دون الأول.
(مسألة ١٥٣):
حق القصاص من الجاني إنما يثبت للولي بعد موت المجني عليه فلو قتله قبل موته كان قتله ظلما وعدوانا، فيجوز لولي الجاني المقتول الاقتصاص منه، كما أن له العفو والرضا بالدية وأما دية المجني عليه بعد موته فهي من مال الجاني.
(مسألة ١٥٤):
لو قتل شخصا مقطوع اليد، قيل إن كانت يده قطعت في جناية جناها، أو أنه أخذ ديتها من قاطعها، فعلى المقتول إن أراد الاقتصاص أن يرد دية يده إليه، وإلا فله قتله من غير رد، ولكن الأظهر عدم الرد مطلقا.
(مسألة ١٥٥):
لو ضرب ولي الدم الجاني قصاصا، وظن أنه قتله فتركه وبه رمق، ثم برئ، قيل ليس للولي قتله حتى يقتص هو من الولي بمثل ما فعله، ولكن الأظهر أن ما فعله الولي إن كان سائغا، كما إذا ضربه بالسيف في عنقه فظن أنه قتله فتركه، ولكنه لم يتحقق به القصاص، جاز له ضربه ثانيا قصاصا، وإن كان ما فعله غير سائغ، جاز للمضروب الاقتصاص منه بمثل ما فعله.
الفصل الخامس
في قصاص الأطراف
(مسألة ١٥٦):
يثبت القصاص في الأطراف بالجناية عليها عمدا وهي تتحقق بالعمد إلى فعل ما يتلف به العضو عادة، أو بما يقصد به الاتلاف، وإن لم يكن مما يتحقق به الاتلاف عادة.
(مسألة ١٥٧):
يشترط في جواز القصاص فيها البلوغ والعقل وأن لا يكون الجاني والد المجني عليه ويعتبر فيه أيضا أمران:
(الأول) - التساوي في الحرية والرقية فلا يقتص من الحر بالعبد.
(مسألة ١٥٨):
لو جرح العبد حرا، كان للمجروح الاقتصاص منه، كما أن له استرقاقه إن كانت الجراحة تحيط برقبته وإلا فليس له استرقاقه إذا لم يرض مولاه ولكن عندئذ إن افتداه مولاه وأدى دية الجرح فهو، وإلا كان للحر المجروح من العبد بقدر دية جرحه، والباقي لمولاه، فيباع العبد ويأخذ المجروح حقه، ويرد الباقي على المولى.
(مسألة ١٥٩):
إذا جنى حر على مملوك فلا قصاص وعليه قيمة الجناية فإن كانت الجناية قطع يده مثلا وجب عليه نصف قيمته، وإن سرت فمات المملوك فعليه تمام القيمة ولو تحرر فسرت الجناية إلى نفسه، فمات بعد تحرره فعلى الجاني دية الحر ولمولاه قيمة الجناية من الدية والباقي لورثته وإن كانت القيمة أكثر من دية ذلك العضو فليس للمولى إلا مقدار الدية دون قيمة الجناية، وإن كانت أقل فللمولى قيمة الجناية هذا إذا لم تنقص قيمة الجناية بالسراية، وأما إذا نقصت بها كما لو قطع يد مملوك، وقطع آخر يده الأخرى، وقطع ثالث رجله، ثم سرى الجميع فمات، سقطت دية الأطراف ودخلت في دية النفس ففي هذه الصورة تنقص قيمة الجناية بالسراية من النصف إلى الثلث، فليس للمولى إلا ذلك الناقص، وهو ثلت الدية، ولا يلزم الجاني بأكثر منه.
(مسألة ١٦٠):
لو قطع حر يد عبد قاصدا قتله فأعتق، ثم جنى آخر عليه كذلك فسرت الجنايتان فمات، فللمولى على الجاني الأول نصف قيمة العبد على أن لا تجاوز نصف دية الحر، وعلى الجاني الثاني القود، فإن اقتص منه، فعلى المقتص أن يرد إلى ولي المقتص منه نصف دية الحر.
(مسألة ١٦١):
لو قطع حر يد عبد، ثم قطع رجله بعد عتقه كان عليه أن يرد قيمة الجناية الأولى إلى مولاه وأما بالإضافة إلى الجناية الثانية فكان للعبد المعتق الاقتصاص من الجاني بقطع رجله، وإن عفا ورضي بالدية كانت له ولا صلة للمولى بها أصلا.
(الثاني) - التساوي في الدين، فلا يقتص من مسلم بكافر فلو قطع المسلم يد ذمي مثلا لم تقطع يده ولكن عليه دية اليد.
(مسألة ١٦٢):
إذا جنت المرأة على الرجال، اقتص الرجل من المرأة من دون أخذ شئ منها، وإن جنى الرجل على المرأة اقتصت المرأة منه بعد رد التفاوت إليه إذا بلغت دية الجناية الثلث وإلا فلا، فلو قطع الرجل إصبع امرأة جاز لها قطع إصبعه بدون رد شئ إليه، ولو قطع يدها جاز لها قطع يده بعد رد نصف دية يده إليه.
(مسألة ١٦٣):
المشهور اعتبار التساوي في السلامة من الشلل في الاقتصاص، فلا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء وإن بذل الجاني يده للقصاص وهو لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد عدمه وأما اليد الشلاء فتقطع باليد الصحيحة بلا اشكال إلا أن يحكم أهل الخبرة أنها لا تنحسم، فعندئذ لا يجوز قطعها وتؤخذ الدية.
(مسألة ١٦٤):
لو قطع يمين رجل قطعت يمينه إن كانت له يمين وإلا قطعت يساره على اشكال، وإن كان لا يبعد جوازه، وإن لم تكن له يسار فالمشهور أنه تقطع رجله إن كانت. وفيه اشكال والأقرب الرجوع فيه إلى الدية.
(مسألة ١٦٥):
لو قطع أيدي جماعة على التعاقب، كان حكمه في الاقتصاص وأخذ الدية حكم من قتل جماعة على التعاقب على تفصيل تقدم في قصاص النفس.
(مسألة ١٦٦):
لو قطع اثنان يد واحد، جاز له الاقتصاص منهما بعد رد دية يد واحدة إليهما، وإذا اقتص من أحدهما رد الآخر نصف دية اليد إلى المقتص منه، كما أن له مطالبة الدية منهما من الأول.
(مسألة ١٦٧):
يثبت القصاص في الشجاج، الشجة بالشجة ويعتبر فيه التساوي طولا وعرضا وأما العمق فالعبرة فيه بحصول الاسم.
(مسألة ١٦٨):
يثبت القصاص في الجروح فيما إذا كان مضبوطا بأن كان القصاص بمقدار الجرح. وأما إذا كان غير مضبوط وموجبا لتعريض النفس على الهلاك أو زيادة في الجرح أو تلف العضو، كالجائفة والمأمومة والهاشمة والمنقلة ونحو ذلك لم يجز وينتقل الأمر فيها إلى الدية الثابتة بأصل الشرع أو بالحكومة.
(مسألة ١٦٩):
يجوز الاقتصاص قبل الاندمال إن احتمل عدمه وعلى هذا فلو اقتص من الجاني ثم سرت الجناية فمات المجني عليه، كان لوليه أخذ الدية من الجاني فيما إذا لم يكن القتل مقصودا، ولم تكن الجناية مما يقتل غالبا وإلا كان له قتل الجاني أو أخذ الدية منه فإن قتله كان عليه دية جرحه.
(مسألة ١٧٠):
كيفية القصاص في الجروح هي أن يحفظ الجاني من الاضطراب حال الاستيفاء، ثم يقاس محل الشجة بمقياس ويعلم طرفاه في موضع الاقتصاص من الجاني ثم يشرع في الاقتصاص من إحدى العلامتين إلى العلامة الأخرى.
(مسألة ١٧١):
يجب تأخير القصاص في الأطراف عن شدة البرد أو الحر إذا كان في معرض السراية، وإلا جاز.
(مسألة ١٧٢):
المشهور اعتبار كون آلة القصاص من الحديد ودليله غير ظاهر فالظاهر عدم الاعتبار.
(مسألة ١٧٣):
إذا كانت مساحة الجراحة في عضو المجني عليه تستوعب عضو الجاني وتزيد عليه لصغره، لم يجز له أن يقتص من عضوه الآخر عوضا عن الزائد، بل يجب عليه الاقتصاص على ما يتحمل ذلك العضو، ويرجع في الزائد إلى الدية بالنسبة. وكذا الحال إذا كان عضو المجني عليه صغيرا واستوعبته الجناية ولم تستوعب عضو الجاني، فيقتصر في الاقتصاص على مقدار مساحة الجناية.
(مسألة ١٧٤):
لو قطع عضوا من شخص كالأذن، فاقتص المجني عليه من الجاني، ثم ألصق المجني عليه عضوه المقطوع بمحله، فالتحم وبرئ جاز للجاني إزالته وكذلك الحال في العكس.
(مسألة ١٧٥):
لو قطعت أذن شخص مثلا، ثم ألصقها المجني عليه قبل الاقتصاص من الجاني والتحمت، فهل يسقط به حق الاقتصاص ؟ المشهور عدم السقوط، ولكن الأظهر هو السقوط وانتقال الأمر إلى الدية.
(مسألة ١٧٦):
لو قلع رجل أعور عين رجل صحيح، قلعت عينه.
(مسألة ١٧٧):
لو قلع صحيح العينين العين الصحيحة من رجل أعور خلقة أو بآفة، كان المجني عليه بالخيار بين قلع إحدى عيني الصحيح وأخذ نصف الدية منه، وبين العفو وأخذ تمام الدية وأما لو كان أعور بجناية جان، لم يكن للمجني عليه إلا قلع إحدى عيني الصحيح.
(مسألة ١٧٨):
لو أذهب ضوء عين آخر دون الحدقة، كان للمجني عليه الاقتصاص بمثل ذلك إن أمكن، وإلا انتقل الأمر إلى الدية.
(مسألة ١٧٩):
يثبت القصاص في الحاجبين واللحية وشعر الرأس وما شاكل ذلك.
(مسألة ١٨٠):
يثبت القصاص في قطع الذكر، ولا فرق فيه بين ذكر الشاب والشيخ والأغلف والمختون وغير ذلك والمشهور أنه لا فرق بين الصغير والكبير ولكنه لا يخلو عن اشكال بل منع.
(مسألة ١٨١):
ذهب جماعة إلى أنه لا يقاد الصحيح بذكر العنين وهو لا يخلو من اشكال بل الظاهر ثبوت القصاص، وعدم الفرق بين الصحيح والمعيب.
(مسألة ١٨٢):
يثبت القصاص في الخصيتين وكذا في إحداهما، فإن قطعت اليمنى اقتص من اليمنى وإن قطعت اليسرى فمن اليسرى.
(مسألة ١٨٣):
يثبت القصاص في قطع الشفرين فإن قطعت امرأة الشفرين من امرأة أخرى فلها الاقتصاص منها بالمثل وكذلك الحال إذا قطعت إحداهما وأما إذا قطعهما الرجل، فلا قصاص وتجب عليه ديتهما كما أنها لو قطعت ذكر الرجل فلا قصاص وعليها الدية. نعم لو قطع الرجل فرج امرأته وامتنع عن الدية وطالبت المرأة قطع ذكره قطع.
(مسألة ١٨٤):
لا يعتبر التساوي بين العضو المقطوع وعضو الجاني فيقطع العضو الصحيح بالمجذوم، وإن سقط منه شئ وتناثر لحمه، والأنف الشام بالعادم، والإذن الصحيحة بالصماء، والكبيرة بالصغيرة، والصحيحة بالمثقوبة أو المخرومة وما شاكل ذلك.
(مسألة ١٨٥):
لو قطع بعض الأنف نسب المقطوع إلى أصله، ويؤخذ من الجاني بحسابه، فإن كان المقطوع نصف الأنف، قطع من الجاني نصف أنفه، وإن كان أقل أو أكثر فكذلك بالنسبة.
(مسألة ١٨٦):
يثبت القصاص في السن، فلو قلع سن شخص فله قلع سنه ولو عادت اتفاقا كما كانت، فهل يكون له القصاص أو الدية ؟ فيه وجهان، الأقرب فيه القصاص.
(مسألة ١٨٧):
لا قصاص في سن الصبي الذي لم يثغر إذا عادت وفيها الدية وإن لم تعد أصلا ففيها القصاص على المشهور وفيه اشكال بل منع.
(مسألة ١٨٨):
لو اقتص المجني عليه من الجاني وقلع سنه ثم عادت فليس له قلعها.
(مسألة ١٨٩):
المشهور اشتراط التساوي في المحل والموضع في قصاص الأسنان، ولكنه لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد عدمه.
(مسألة ١٩٠):
لا تقلع السن الأصلية بالزائدة نعم لا يبعد جواز قلع الزائدة بالزائدة حتى مع تغاير المحلين. وكذلك الحال في الأصابع الأصلية والزائدة.
(مسألة ١٩١):
كل عضو يقتص منه مع وجوده تؤخذ الدية بدله مع فقده، فإذا قطع من له إصبع واحدة إصبعين من شخص، قطعت الإصبع الواحدة قصاصا عن إحداهما وأخذت دية الأخرى، وكذلك الحال فيما إذا قلع عين شخص من لا عين له.
(مسألة ١٩٢):
ذهب جماعة إلى أنه لو قطع كفا تامة من ليس له أصابع أصلا، أوليس له بعضها قطعت كفه وأخذت منه دية الناقص وفيه إشكال، والأقرب عدم جواز أخذ الدية وأما إذا كان الناقص عضو المجني عليه كما إذا قطعت يده الناقصة إصبعا واحدة أو أكثر، فهل له قطع يد الجاني الكاملة أم لا ؟ فيه أقوال: الظاهر أن له القطع من دون وجوب رد شئ عليه.
(مسألة ١٩٣):
المشهور أنه لو قطع إصبع شخص، وسرت الجناية إلى كفه اتفاقا، ثبت القصاص في الكف، وفيه اشكال، والأظهر عدم ثبوته وإنما له قطع إصبع الجاني وأخذ دية الكف منه وأما إذا تعمد السراية، أو كانت الجناية مما تسري عادة، فليس له القصاص في الإصبع وأخذ دية الكف، بل هو بالخيار بين القصاص في تمام الكف وبين العفو وأخذ الدية مع التراضي.
(مسألة ١٩٤):
لو قطع يده من مفصل الكوع، ثبت القصاص ولو قطع معها بعض الذراع، فالمشهور أنه يقتص من الكوع ويأخذ الدية من الزائد حكومة، ولكن لا وجه له بل الظاهر هو القصاص من بعض الذراع إن أمكن، وإلا فالمرجع هو الدية. كما أنه لو قطع يده من المرفق اقتص منها، وليس له الاقتصاص من الكوع، وأخذ الأرش في الزائد، وكذا الحال إذا قطعت من فوق المرفق.
(مسألة ١٩٥):
لو كانت للقاطع إصبع زائدة، وللمقطوع كذلك ثبت القصاص بل لا يبعد ذلك فيما إذا كانت الزائدة في الجاني فقط وأما إذا كانت في المجني عليه فقط فالمشهور أن له الاقتصاص، وأخذ دية الزائدة وهي ثلث دية الأصلية. وفيه اشكال، والأقرب عدمه.
(مسألة ١٩٦):
لو قطع يمين شخص، فبذل الجاني شماله فقطعها المجني عليه جاهلا بالحال، فالظاهر عدم سقوط القصاص عنه فللمجني عليه أن يقطع يده اليمنى. نعم إذا كان القطع معرضا للسراية مع وجود الجرح في اليسرى، لم يجز حتى يندمل الجرح فيها ثم إن الجاني إذا كان قد تعمد ذلك وكان يعلم أن قطع اليسرى لا يجزي من قطع اليمنى فلا دية له وإلا فله الدية وإذا كان المجني عليه عالما بالحال ومع ذلك قطعها، فالظاهر أن عليه القود مطلقا.
(مسألة ١٩٧):
لو قطع يد رجل فمات، وادعى الولي الموت بالسراية، وأنكره الجاني، فالقول قول الجاني ومثله ما إذا قد الملفوف في الكساء نصفين فادعى المولي أنه كان حيا وادعى الجاني أنه كان ميتا مع احتمال صدقه عادة.
(مسألة ١٩٨):
لو قطع إصبع شخص من يده اليمنى مثلا، ثم قطع تمام اليد اليمنى من شخص آخر ثبت القصاص عليه لكل منهما فإن اقتص الثاني، ألزم للأول بدية الإصبع وإن اقتص الأول منه بقطع إصبعه قطع الثاني يده، وليس له أن يرجع إليه بدية الإصبع كما تقدم.
(مسألة ١٩٩):
إذا قطع إصبع رجل عمدا، فعفا المجني عليه قبل الاندمال أو بعده سقط القصاص ولا دية أيضا ولو قطع إصبعه خطأ أو شبيها بالعمد، فعفا المجني عليه عن الدية سقطت ولو عفا عن الجناية ثم سرت إلى الكف سقط القصاص في الإصبع وأما في الكف، فإن كانت السراية مقصودة للجاني، أو كانت تلك الجناية مما تؤدي إلى السراية غالبا وإن لم تكن مقصودة، ثبت القصاص في اليد وأما إذا كانت غير مقصودة، وكانت السراية اتفاقية ثبتت الدية دون القصاص، وكذلك الحال إذا سرت إلى النفس.
(مسألة ٢٠٠):
لو عفا المجني عليه عن قصاص النفس لم يسقط وكذا لو أسقط دية النفس لم تسقط.
(مسألة ٢٠١):
إذا اقتص من الجاني فسرت الجناية اتفاقا وبغير قصد إلى عضو آخر منه أو إلى نفسه، فلا ضمان ولا دية.
(مسألة ٢٠٢):
لا يقتص من الجاني عمدا إذا التجأ إلى حرم الله تعالى ولكن يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقتص منه ولو جنى في الحرم جناية اقتص منه فيه ولا يلحق به حرم النبي (صلى الله عليه وآله) ومشاهد الأئمة عليهم السلام.