حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ١

حياة الإمام الرضا (عليه السلام)15%

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 363

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 157756 / تحميل: 8786
الحجم الحجم الحجم
حياة الإمام الرضا (عليه السلام)

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ١

مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

كيف ظن أنه يتم!؟ » ثم دعا بالدواة فقال: « الحق فيه في كل اسم إن شاء الله ».

[١٩١٤٨] ٢ - سبط الشيخ الطبرسي في مشكاة الأنوار: عن مرازم قال: أمر أبو عبد اللهعليه‌السلام ، بكتاب في حاجة له، فكتب ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناء، فقال: « كيف رجوتم أن يتم وليس فيه استثناء!؟ انظروا كل موضع يكون فيه استثناء، فاستثنوا فيه ».

٢١ -( باب استحباب استثناء مشيئة الله واشتراطها في المواعيد ونحوها)

[١٩١٤٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي، ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أتاه أناس من اليهود فسألوه عن أشياء، فقال لهم: تعالوا غدا أحدثكم ولم يستثن، فاحتبس جبرئيل أربعين يوما، ثم أتاه فقال:( وَ لَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) ».

[١٩١٥٠] ٢ - العياشي في تفسيره: عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب ( صلوات عليهم )، أنه قال في حديث: « إن قوما من اليهود سألوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن شئ، فقال: ألقوني غدا - ولم يستثن - حتى أخبركم، فاحتبس عنه جبرئيلعليه‌السلام أربعين يوما، ثم أتاه وقال:( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ )

__________________

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٤٣.

الباب ٢١

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

(١) الكهف ١٨: ٢٣، ٢٤.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٤ ح ١٤.

٦١

( ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) ».

٢٢ -( باب أن من استثنى مشيئة الله في اليمين، لم تنعقد، ولم تجب الكفارة بمخالفتها)

[١٩١٥١] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من حلف ثم قال: إن شاء الله، فلا حنث عليه ».

٢٣ -( باب استحباب استثناء مشيئة الله في اليمين للتبرك وقت الذكر، ولو بعد أربعين يوما إذا نسي)

[١٩١٥٢] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن حماد بن عيسى في نوادره، عن عبد الله بن ميمون قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي » الخبر.

[١٩١٥٣] ٢ - وعن الحسين القلانسي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، بمثل ذلك، وقال: « للعبد أن يستثني في اليمين، ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي ».

[١٩١٥٤] ٣ - وعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، في قول الله:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) قالا: « إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني، فليستثن إذا ذكر ».

[١٩١٥٥] ٤ - العياشي في تفسيره: عن عبد الله بن ميمون، عن أبيه، عن

__________________

(١) الكهف ١٨: ٢٣، ٢٤.

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٧ ح ٣٠٨.

الباب ٢٣

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

(١) الكهف ١٨: ٢٤.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٤ ح ١٤.

٦٢

علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « إذا حلف الرجل بالله، فله ثنيا(١) إلى أربعين يوما » الخبر.

[١٩١٥٦] ٥ - وعن زرارة ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، في قول الله:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) قال: « إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني، فليستثن إذا ذكر ».

[١٩١٥٧] ٦ - وعن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قول الله:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) فقال: « أن تستثني ثم ذكرت بعد، فاستثن حين تذكر ».

[١٩١٥٨] ٧ - وفي رواية عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله تعالى:( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) أن تقول الا من بعد الأربعين، فللعبد الاستثناء في اليمين ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي.

[١٩١٥٩] ٨ - وعن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) قال: « هو الرجل يحلف فينسى أن يقول: إن شاء الله، فيلقها إذا ذكر ».

وعن أبي بصير: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته( وَلَا )

__________________

(١) الثنيا: الاستثناء، ومنه الحديث: « من استثنى فله ثنياه » أي ما استثناه ( مجمع البحرين ج ١ ص ٧٦ ).

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٥ ح ١٨.

(١) الكهف ١٨: ٢٤.

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٤ ح ١٦.

(١) الكهف ١٨: ٢٣، ٢٤.

٨ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٥ ح ٢٠، ٢١.

(١) الكهف ١٨: ٢٤.

٦٣

( تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ) (٢) قال: « هو الرجل يحلف على الشئ ( وينسى أن يستثني فيقولن )(٣) : لأفعلن كذا وكذا غدا أو بعد غد، عن قوله:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) ».

[١٩١٦٠] ٩ - وعن حمزة بن حمران قال: سألتهعليه‌السلام عن قول الله:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) قال: « إذا حلفت ناسيا ثم ذكرت بعد فاستثنه حين تذكر ».

[١٩١٦١] ١٠ - وعن القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهما‌السلام ، قال: « الاستثناء في اليمين متى ما ذكر بعد، وإن كان بعد أربعين صباحا، ثم تلا هذه الآية:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) ».

[١٩١٦٢] ١١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الاستثناء جائز بعد أربعين يوما، وبعد السنة ».

٢٤ -( باب أنه لا يجوز الحلف ولا ينعقد إلا بالله وأسمائه الخاصة، ونحو قوله: لعمر والله، و: لاها الله)

[١٩١٦٣] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر ».

__________________

(٢) الكهف ١٨: ٢٣، ٢٤.

(٣) في الحجرية: « فيقول » وما أثبتناه من المصدر.

٩ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٥ ح ٢٢.

(١) الكهف ١٨: ٢٤.

١٠ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٥ ح ٢٣.

(١) الكهف ١٨: ٢٤.

١١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٨ ح ٣١١.

الباب ٢٤

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٤٥ ح ١٦٨.

٦٤

[١٩١٦٤] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان كثيرا ما يقول في يمينه ويحلف بهذا اليمين: « ومقلب القلوب والابصار ».

[١٩١٦٥] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من حلف بغير الله، فقد ( كفر وأشرك )(١) ».

[١٩١٦٦] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إذا حلفتم فاحلفوا بالله والا فاتركوا ».

[١٩١٦٧] ٥ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن زرارة، عن أبي جعفر أو أبي عبد اللهعليهما‌السلام ، قال: « قال لا أرى أن يحلف الرجل إلا بالله، فأما قول الرجل: لا بل شانئك، فإنه من قول الجاهلية، فلوا حلف الناس بهذا وأشباهه لترك الحلف بالله، فأما قول الرجل: يا هنا أو يا هناه(١) ، فإنما ذلك طلب الاسم ولا أرى به بأسا، وأما قوله: لعمرو الله، وقوله: لا هما الله، فإنما هو بالله ».

[١٩١٦٨] ٦ - وعن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن الثمالي، عن علي بن الحسين قال، « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحلفوا إلا بالله » الخبر.

[١٩١٦٩] ٧ - وعن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ، في قول الله:( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ ) (١) ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ) (٢) وما أشبه

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٤٣ ح ٢.

٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٤٤ ح ٨.

(١) في المصدر: أشترك.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٦٢ ح ٤٥.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

(١) في نسخة: يا هماه.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

(١) الليل ٩٢: ١.

(٢) النجم ٥٣: ١.

٦٥

ذلك، فقال: « إن لله تعالى أن يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلا به ».

[١٩١٧٠] ٨ - وعن جراح المدائني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « لا يحلف بغير الله ».

[١٩١٧١] ٩ - وعن علاء، عن محمد، عن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث - قالعليه‌السلام : « وقول الرجل: لا بل شانئك، فإن ذلك قسم أهل الجاهلية، فلو حلف به الرجل وهو يريد الله كان قسما، وأما قوله: لعمرو الله، فإنما هو بالله، وقولهم: يا هناه ويا هماه، فإن ذلك طلب الاسم ».

[١٩١٧٢] ١٠ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يحلف أحد بغير الله. )

[١٩١٧٣] ١١ - قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا يمين إلا بالله ».

[١٩١٧٤] ١٢ - زيد الزراد في أصله قال: سمع أبو عبد اللهعليه‌السلام رجلا يقول لآخر: وحياتك العزيزة لقد كان كذا وكذا، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أما أنه قد كفر، وذلك أنه لا يملك من حياته شيئا ».

[١٩١٧٥] ١٣ - علي بن طاووس في المهج: عن أبي علي بن الحسين بن محمد بن علي الطوسي، وعبد الجبار ين بن عبد الله بن علي الرازي، وأبي الفضل منتهى بن أبي يزيد الحسيني، ومحمد بن أحمد بن شهريار الخازن،

__________________

٨ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٩ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

١٠ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٦ ح ٣٠٢.

١١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٢١ ح ١٨٦٠.

١٢ - أصل زيد النرسي ص ٥.

١٣ - مهج الدعوات ص ٢١٩.

٦٦

جميعا عن محمد بن الحسن الطوسي، عن ابن الغضائري، وأحمد بن عبدون، وأبي طالب بن الغرور، وأبي الحسن الصفار، والحسن بن إسماعيل بن أشناس، جميعا عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن يزيد بن الأزهري، عن أبي الوضاح محمد بن عبد الله النهشلي، عن أبيه، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام - في حديث طويل، إلى أن قال - ثم أقبلعليه‌السلام على من حضره من مواليه وأهل بيته، فقال: « ليفرح روحكم(١) ، أنه لا يرد أول كتاب من العراق إلا بموت موسى بن المهدي وهلاكه » فقال: وما ذلك أصلحك الله؟ قال: « قد - وحرمة هذا القبر - مات في يومه هذا » الخبر.

قلت: ومنه يظهر عدم حرمة الحلف بغيره تعالى، وفي معناه بعض ما أ خرجه في الأصل، فالمراد بعدم الجواز عدم جعله فصلا للخصومة في الدعاوي، أو ملزما للنفس فيما مر بيانه.

٢٥ -( باب أنه لا يجوز الحلف ولا ينعقد بالكواكب، ولا بالأشهر الحرم، ولا بمكة، ولا بالكعبة، ولا بالحرم ونحوها)

[١٩١٧٦] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث - قال: وسألته عن قول الله:( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) (١) قال: « عظم إثم من يقسم بها » قالعليه‌السلام : « وكان أهل الجاهلية يعظمون الحرم ولا يقسمون به، ويستحلون حرمة الله فيه، ولا يعرضون لمن كان فيه، ولا يخرجون فيه

__________________

(١) كذا وهو تصحيف لعله صحته: ليفرخ روعكم، وهو مثل من أمثال العرب يقولونه لتهدئة الخواطر عند الفزع، معناه: ليذهب فزعكم وينكشف ويسكن فإن الامر ليس على ما تحاذرون ( انظر لسان العرب ج ٨ ص ١٣٥ ).

الباب ٢٥

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

(١) الواقعة ٥٦: ٧٥.

٦٧

دابة، فقال الله:( لَا أُقْسِمُ بِهَـٰذَا الْبَلَدِ ) (٢) أن يحلفوا( وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا الْبَلَدِ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ) (٣) قال: يعظمون البلد أن يحلفوا به، ويستحلوا حرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٩١٧٧] ٢ - محمد بن الحسن الشيباني في نهج البيان قال: روي عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « كان أهل الجاهلية يحلفون بالنجوم، فقال الله سبحانه: لا أحلف بها، وقالعليه‌السلام : ما أعظم إثم من يحلف بها، وإنه لقسم عظيم عند أهل الجاهلية ».

[١٩١٧٨] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت ».

٢٦ -( باب حكم استحلاف الكفار بغير الله مما يعتقدونه)

[١٩١٧٩] ١ - العياشي في تفسيره: عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا يحلف اليهودي [ ولا النصراني ](١) ولا المجوسي بغير الله، إن الله يقول:( فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ ) (٢) ».

[١٩١٨٠] ٢ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، مثله.

[١٩١٨١] ٣ - وعن جراح المدائني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:

__________________

(٢) البلد ٩٠: ١.

(٣) البلد ٩٠: ٢، ٣.

٢ - نهج البيان: مخطوط.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٤٥ ح ١٦٩.

الباب ٢٦

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٢٥ ح ١٣١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) المائدة ٥: ٤٨.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٦٨

« لا يحلف بغير الله، ولا يحلف اليهودي والنصراني المجوسي، لا تحلفوهم إلا بالله ».

[١٩١٨٢] ٤ - وعن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام : هل يصلح لاحد أن يحلف أحدا من اليهود والنصارى والمجوس بآلهتهم؟ قال: « لا يصلح أن يحلف أحدا إلا بالله ».

[١٩١٨٣] ٥ - وعن محمد بن مسلم قال: سألته عن الاحكام، فقال: « يجوز في كل دين ما يستحلفون(١) ».

[١٩١٨٤] ٦ - وعن محمد بن قيس قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « قضى عليعليه‌السلام فيما استحلف أهل الكتاب بيمين صبر، أن يستحلف بكتابه وملته ».

[١٩١٨٥] ٧ - وعن حماد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أهل الملل يستحلفون، فقال: « لا تحلفوهم إلا بالله ».

[١٩١٨٦] ٨ - وعن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « ولا يحلف اليهودي والنصراني إلا بالله، ولا يصلح لاحد أن يستحلفهم بآلهتهم ».

[١٩١٨٧] ٩ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ويستحلف أهل الكتاب بكتابهم وملتهم » يعنيعليه‌السلام : إذا كانوا

__________________

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

(١) في نسخة: يستحلون.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٨ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

٩ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٢١ ح ١٨٦.

٦٩

إنما(١) يرون اليمين(٢) بذلك، ولا يرون الحنث على من حلف بالله.

٢٧ -( باب جواز استحلاف الظالم بالبراءة من حول الله وقوته)

[١٩١٨٨] ١ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن جماعة، عن أبي المفضل، عن أحمد بن محمد بن عيسى العراد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن الحسن(١) بن الفضل بن الربيع حاجب المنصور، لقيته بمكة قال: حدثني أبي، عن جدي الربيع قال: دعاني المنصور يوما فقال: يا ربيع أحضر جعفر بن محمد، والله لأقتلنه، فوجهت إليه.

فلما وافى قلت: يا بن رسول الله، إن كان لك وصية أو عهد(٢) فافعل، فقال: « استأذن لي عليه » فدخلت على المنصور فأعلمته موضعه، فقال ادخله، فلما وقعت عين جعفر على المنصور، [ رأيته يحرك شفتيه بشئ لم افهمه فلما سلم على المنصور ](٣) نهض إليه فاعتنقه وأجلسه إلى جانبه، وقال له: ارفع حوائجك، فأخرج رقاعا(٤) لأقوام وسأله في آخرين فقضيت حوائجه، فقال المنصور: حوائجك في نفسك، فقال له جعفرعليه‌السلام : « لا تدعني حتى أجيئك » فقال له المنصور: مالي إلى ذلك سبيل، وأنت تزعم للناس يا أبا عبد الله أنك تعلم الغيب، فقال جعفرعليه‌السلام : « من أخبرك بهذا؟ » فأومأ المنصور إلى شيخ قاعد بين

__________________

(١) في المصدر: لا.

(٢) في المصدر زيادة: الا.

الباب ٢٧

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٧٦ وعنه في البحار ج ٤٧ ص ١٦٤ ح ٤.

(١) في المصدر: الحسين.

(٢) في المصدر زيادة: تعهده إلى أحد.

(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

(٤) الرقعة: واحدة الرقاع التي يكتب فيها، ومنه استخارة ذات الرقاع ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٣٣٩ ).

٧٠

يديه.

فقال جعفرعليه‌السلام للشيخ: « أنت سمعتني أقول هذا؟ » قال الشيخ: نعم، قال جعفرعليه‌السلام للمنصور: « أيحلف يا أمير المؤمنين؟ » فقال له المنصور: احلف، فلما بدأ الشيخ لليمين، قال جعفرعليه‌السلام للمنصور: « حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين: إن العبد إذا حلف باليمين التي ينزه الله عز وجل فيها وهو كاذب، امتنع الله عز وجل من عقوبته عليها في عاجلته، لما نزه الله عز وجل، ولكني أنا استحلفه » فقال المنصور: ذلك لك.

فقال جعفرعليه‌السلام : « قل: أبرأ إلى الله من حوله وقوته، وألجأ إلى حولي وقوتي، إن لم أكن سمعتك تقول هذا القول » فتلكأ الشيخ، فرفع المنصور عمودا كان في يده، فقال: والله [ لئن ](٥) لم تحلف لأعلونك بهذا العمود، فحلف الشيخ، فما أتم اليمين حتى دلع(٦) لسانه كما يدلع الكلب ومات لوقته، ونهض جعفرعليه‌السلام .. الخبر.

[١٩١٨٩] ٢ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: وجدت في كتاب عتيق: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن عيسى بن عبيدة، عن بشير بن حماد، عن صفوان بن مهران الجمال، قال: رفع رجل من قريش المدينة من بني مخزوم إلى أبي جعفر المنصور، وذلك بعد قتله لمحمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن: أن جعفر بن محمد بعث مولاه المعلى بن خنيس لجباية الأموال من شيعته، وأنه كان يمد [ بها ](١) محمد بن عبد الله، فكاد المنصور أن يأكل كفه على جعفرعليه‌السلام غيظا، وكتب إلى عمه داود - وداود إذ ذاك أمير المدينة - أن يسير إليه جعفر بن محمدعليهما‌السلام

__________________

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) دلع لسانه: أخرجه ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٣٢٦ ).

٢ - مهج الدعوات ص ١٩٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٧١

ولا يرخص له التلوم(٢) والمقام، فبعث إليهعليه‌السلام داود، بكتاب المنصور، فقال: اعمل في(٣) المسير إلى أمير المؤمنين في غد ولا تتأخر.

قال صفوان: وكنت بالمدينة يومئذ، فانفذ إلي جعفرعليه‌السلام فصرت إليه، فقال لي: « تعهد راحلتك، فإنا غادون في غد إن شاء الله إلى العراق » - إلى أن قال -: وسار متوجها إلى العراق، حتى قدم مدينة أبي جعفر وأقبل حتى استأذن، فأذن له.

قال صفوان: فأخبرني بعض من شهد عند أبي جعفر قال: فلما رآه أبو جعفر قربه وأدناه، ثم استدعى(٤) قصة الرافع على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، يقول في قصته: أن معلى بن خنيس - مولى جعفر بن محمدعليهما‌السلام - يجبي له الأموال(٥) ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين » قال له: تحلف على براءتك من ذلك، قال: « نعم أحلف بالله، أنه ما كان من ذلك من شئ »، قال أبو جعفر: لا بل تحلف بالطلاق والعتاق، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أما ترضى يميني بالله الذي لا إله إلا هو؟ » قال أبو جعفر: فلا تفقه علي، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « فأين يذهب بالفقه مني يا أمير المؤمنين!؟ » قال له: دع عنك هذا، فاني أجمع الساعة بينك وبين الرجل الذي رفع عنك حتى يواجهك.

فأتوا بالرجل وسألوه بحضرة جعفرعليه‌السلام ، فقال: نعم هذا صحيح، وهذا جعفر بن محمد، والذي قلت فيه كما قلت، فقال أبو عبد الله

__________________

(٢) تلوم: ثبت وانتظر ( لسان العرب ج ١٢ ص ٥٥٧ ).

(٣) في نسخة: أعمد على.

(٤) في الحجرية: أسند، وما أثبتناه من المصدر.

(٥) في المصدر زيادة: من جميع الآفاق وإنه مد بها محمد بن عبد الله فدفع إليه فقرأها أبو عبد اللهعليه‌السلام فأقبل عليه المنصور فقال: يا جعفر بن محمد ما هذه الأموال التي يجيبها لك معلى بن خنيس؟

٧٢

عليه‌السلام : « تحلف أيها الرجل أن هذا الذي رفعته صحيح؟ » قال: نعم ثم ابتدأ الرجل باليمين، فقال: والله الذي لا إله إلا هو، الطالب الغالب، الحي القيوم، فقال له جعفرعليه‌السلام : « لا تجعل في يمينك، فإني انا استحلف » قال المنصور: وما أنكرت من هذه اليمين؟ قال: « إن الله حيي كريم، يستحيي من عبده إذا أثنى عليه أن يعاجله بالعقوبة لمدحه له، ولكن قل يا أيها الرجل: أبرأ إلى الله من حوله وقوته، وألجأ إلى حولي وقوتي، إني لصادق بر فيما أقول » فقال المنصور للقرشي: احلف بما استحلفك به أبو عبد اللهعليه‌السلام ، فحلف الرجل بهذه اليمين، فلم يستتم الكلام حتى أجزم(٦) وخر ميتا، فراع أبا جعفر ذلك وارتعدت فرائصه.. الخبر.

[١٩١٩٠] ٣ - مجموعة الشهيدرحمه‌الله : نقلا من كتاب قضايا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن أويس القرني قال: كنا عند أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إذا أقبلت امرأة متشبثة برجل، وهي تقول: يا أمير المؤمنين لي على هذا الرجل أربعمائة دينار، فقالعليه‌السلام للرجل: « ما تقول المرأة؟ » فقال: ما لها عندي إلا خمسون درهما مهرها، فقالت: يا أمير المؤمنين أعرض عليه اليمين، فقالعليه‌السلام : « تقول باركا وتشخص ببصرك إلى السماء: اللهم إن كنت تعلم أن لهذه المرأة شيئا أريد ذهاب حقها وطلب نشوا(١) وأنكر ما ذكرته من مهرها، فلا استعنت بك من مصيبة، ولا سألتك فرج كربة، ولا احتجت إليك في حاجة، وإن كنت أعلم أنك تعلم أن ليس لهذه المرأة شيئا أريد ذهاب، حقها فلا تقمني من مقامي هذا حتى تريها نقمتها منك » فقال: والله - يا أمير المؤمنين - لا حلفت بهذا اليمين أبدا، وقد رأيت أعرابيا حلف بها بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسلط الله عليه نارا فأحرقته من قبل أن يقوم من مقامه، وأنا أو فيها ما ادعته علي.

__________________

(٦) جزم: انقطع وعجز وسكت ( لسان العرب ج ١٢ ص ٩٨ ).

٣ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

(١) كذا في الطبعة الحجرية.

٧٣

٢٨ -( باب أن من قال: هو يهودي أو نصراني، إن لم يفعل كذا، لم تنعقد يمينه ولم يلزمه كفارة وإن حنث، وكذا لو قال: هو محرم بحجة إن لم يفعل كذا)

[١٩١٩١] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أبي بصير(١) قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل يقول: هو يهودي أو نصراني إن لم يفعل كذا وكذا، قال: « ليس بشئ ».

[١٩١٩٢] ٢ - ( وعن الحلبي قال: سألته )(١) عليه‌السلام ، عن الرجل يقول، هو محرم بحجة أن يفعل(٢) كذا وكذا، فلم يفعله، قال: « ليس بشئ ».

٢٩ -( باب أن من حلف بتحريم زوجته أو جاريته، لم يلزمه كفارة، ولم تحرم عليه)

[١٩١٩٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل: ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله - وأبكارا )(١) فقالعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قد خلا بمارية القبطية قبل أن تلد إبراهيمعليه‌السلام ، فاطلعت عليه عائشة فأمرها أن تكتم ذلك وحرمها على نفسه، فحدثت بذلك عائشة حفصة فأنزل الله:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّ‌مُ مَا أَحَلَّ اللَّـهُ لَكَ ) - إلى

__________________

الباب ٢٨

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٢٣٥ ح ١٠٢.

(١) في المصدر: عن أبي نصير.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٢٣٤ ح ٩١.

(١) في المصدر: عن زرارة، عن أبي عبد الله.

(٢) كذا في الحجرية والمصدر والبحار، والظاهر أن ما يقتضيه السياق: إن لم يفعل.

الباب ٢٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٨ ح ٣١٤.

(١) التحريم ٦٦: ١ - ٥.

٧٤

قوله -( وَأَبْكَارً‌ا ) ».

٣٠ -( باب جواز الحلف على غير الواقع جهرا واستثناء مشيئة الله سرا، للخدعة في الحرب)

[١٩١٩٤] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن عدي بن حاتم، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال يوم التقى هو ومعاوية بصفين، فرفع بها صوته ليسمع أصحابه: « والله لأقتلن معاوية » ثم يقول: في آخر قوله: « إن شاء الله » يخفض بها صوته، وكنت قريبا منه، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنك حلفت على ما فعلت، ثم استثنيت، فما أردت بذلك؟ فقال: « إن الحرب خدعة، وأنا عند المؤمن غير كذوب، فأردت أن أحرض أصحابي عليهم، لكي لا يفشلوا ولكي يطمعوا فيهم، فأفقههم ينتفع بها إن شاء الله تعالى ».

٣١ -( باب أن من حلف ليضر بن عبده جاز له العفو عنه، بل يستحب له اختيار العفو، ومن حلف أن يضرب عبده عددا، جاز أن يجمع خشبا فيضربه فيحسب بعدده)

[١٩١٩٥] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه: « أن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أ تاه رجل فقال: إني حلفت بالطلاق والعتاق، أن أضرب امر أتي وغلامي مائة ضربة، فقال: » ويحك، خذ مائة قضيب من أي القضبان شئت، وعرضهن ما استطعت، وإن شئت ضممت(١) العود إلى العود، حتى تنبسط لك القضبان، ثم ارفع يدك حتى تظهر ما بين المنكبين إلى الأيسر فيجزئ

__________________

الباب ٣٠

(١) - تفسير العياشي: لم نجده، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٢٧ ح ٣٣.

الباب ٣١

(١) - الجعفريات ص ١٧٧.

(١) في نسخة: فصمت.

٧٥

عنك كما أجزأ عن أيوبعليه‌السلام .

قلت: صدر الخبر المحمول على التقية، لا يضر بكون ما ذكرهعليه‌السلام حكما للحلف الصحيح، كما لا يخفى.

٣٢( باب أن من حلف على الغير: ليفعلن كذا، لم ينعقد، ولم يلزم أحدهما شئ)

[١٩١٩٦] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن مسلم قال: سألت أحدهماعليهما‌السلام ، عن رجل قالت امرأته: أسألك بوجه الله إلا ما طلقتني، قال: يوجعها ضربا، أو يعفو عنها.

[١٩١٩٧] ٢ - وعن ابان، عن زرارة وعبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يقسم على الرجل في الطعام يأكله معه، فلم يأكل، هل عليه في ذلك كفارة؟ قال: « لا ».

[١٩١٩٨] ٣ - كتاب العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألتهعليه‌السلام ، وذكر مثل الخبر الأول.

٣٣( باب جواز الحلف في الدعوى على غير الواقع، للتوصل إلى الحق، ودفع ظلم قضاة الجور)

[١٩١٩٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن حماد بن عثمان، عن أبي الصباح قال قلت لأبي محمد الحسنعليه‌السلام : إن أمي تصدقت علي بنصيب لها في دار، فقلت لها: إن القضاة لا يجيزون هذا، ولكن اكتبيه شرى، فقالت: اصنع ما بدا لك، وكلما ترى أنه يسوغ لك

__________________

الباب ٣٢

(١) - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

(٢) - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

(٣) - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٥.

الباب ٣٣

(١) - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٧٦

فتوثقت وأراد بعض الورثة أن يستحلفني أني قد نقدتها الثمن، ولم أنقدها شيئا، فما ترى؟ قال « فاحلف له ».

٣٤ -( باب أن من حلف لينحرن ولده لم تنعقد يمينه، وكذا من حلف على ترك الصلح بين الناس)

[١٩٢٠٠] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل حلف أن ينحر ولده، فقال: « ذلك خطوات الشيطان ».

[١٩٢٠١] ٢ - العياشي في تفسيره: عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام :( وَلَا تَجْعَلُوا اللَّـهَ عُرْ‌ضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) (١) قالا: « هو الرجل يصلح بن اثنين، فيحمل ما بينها من الاثم ».

[١٩٢٠٢] ٣ - وعن أيوب قال: سمعتهعليه‌السلام يقول: « لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين [ فان الله يقول ](١) :( وَلَا تَجْعَلُوا اللَّـهَ عُرْ‌ضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) (٢) قال: إذا استعان رجل برجل على صلح بينه وبين رجل، فلا تقولن: ان علي يمينا الا افعل، وهو قول الله:( عُرْ‌ضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّ‌وا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) (٣) ».

__________________

الباب ٣٤

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ١١٢ ح ٣٣٨.

(١) البقرة ٢: ٢٢٤.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١١٢ ح ٣٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقرة ٢: ٢٢٤

(٣) البقرة ٢: ٢٢٤

٧٧

٣٥ -( باب نوادر ما يتعلق بكتاب الايمان)

[١٩٢٠٣] ١ - الصدوق في العيون: عن تميم القرشي، عن أبيه، عن حمدان بن سليمان، عن علي بن محمد بن الجهم، عن الرضاعليه‌السلام ، في قصة آدم وحواء وأكلهما من الشجرة، إلى أن قال: ولما أن وسوس الشيطان إليهما، وقال:( مَا نَهَاكُمَا رَ‌بُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ الشَّجَرَ‌ةِ ) (١) وإنما نهاكما أن تقربا غيرها، ولم ينهكما عن الأكل منها( إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) (٢) ولم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا فدلاهما بغرور فأكلا منها ثقة بيمينه بالله الخبر.

[١٩٢٠٤] ٢ - العياشي في تفسيره: عن مسعد بن صدقة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، رفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن موسى سأل ربه أن يجمع بينه وبين أبيه آدمعليهما‌السلام ، لما عرج به إلى السماء في أمر الصلاة ففعل فقال له موسى: أنت الذي خلقك الله بيده - إلى أن قال فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها، حتى أغراك إبليس فأطعته فأنت الذي أخرجتنا من الجنة بمعصيتك فقال له آدم: ارفق بأبيك يا بني(١) إن عدوي أتاني من وجه المكر والخديعة فحلف لي بالله أنه في مشورته علي لمن الناصحين إلى أن قال - وحلف لي بالله ( كاذبا إنه )(٢) لمن الناصحين، ولم أظن - يا موسى أن أحدا يحلف بالله كاذبا فوثقت بيمينه، فهذا عذري » الخبر.

__________________

الباب ٣٥

(١) - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ١٩٦.

(١) الأعراف ٧: ٢٠.

(٢) الأعراف ٧: ٢٠، ٢١.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٠ ح ١٠، وعنه في البحار ج ١١ ص ١٨٨ ح ٤٤.

(١) في المصدر زيادة: محبة ما لقي في أمر هذه الشجرة يا بني.

(٢) كان في الحجرية: « انه في مشورته علي » وما أثبتناه من المصدر.

٧٨

[١٩٢١٥] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « والحالف بالله الصادق معظم الله ».

[١٩٢٠٦] ٤ - أبو عمرو الكشي في رجاله: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني قال: حدثني جعفر بن محمد المدائني، عن موسى بن القاسم العجلي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « كتب عليعليه‌السلام إلى والي المدينة: لا تعطين سعدا ولا ابن عمر من الفئ شيئا، فأما أسامة بن زيد فإني قد عذرته في اليمين التي كانت عليه ».

[١٩٢٠٧] ٥ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) (١) الآية، أنها نزلت لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من غزاة خيبر، وبعث أسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك، ليدعوهم إلى الاسلام، كان رجل [ من اليهود ](٢) يقال له: مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى، فلما أحس بخيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، جمع أهله وماله في ناحية الجبل فأقبل يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فمر به أسامة بن زيد فطعنه فقتله فلما رجع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره بذلك، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله « قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله » فقال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا من القتل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فلا كشفت الغطاء عن قلبه ولا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في نفسه علمت فحلف! » أسامة بعد ذلك أن لا يقتل أحدا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٧ ح ٣٠٣.

٤ - رجال الكشي ج ١ ص ١٩٧ ح ٨٢.

٥ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٤٨.

(١) النساء ٤: ٩٤.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٧٩

الله، فتخلف عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في حروبه، فأنزل في ذلك( وَلَا تَقُولُوا ) الآية.

[١٩٢٠٨] ٦ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول الله - في حديث - ومن قال: لا وأبي، فليقل: لا إله إلا الله ».

__________________

٦ - الجعفريات ص ١٦٦.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أنحاء العالم الإسلامي بإحضار كبار العلماء من المتمرّسين في مختلف أنواع العلوم بالحضور إلى خراسان ليسألوا الإمام عن أعقد المسائل العلمية، ولمّا حضروا عنده عرض عليهم الأمر، ووعد بالثراء العريض كل مَن يسأل الإمامعليه‌السلام سؤالاً يعجز عن إجابته، والسبب في ذلك - فيما نحسب - يعود إلى ما يلي:

أوّلاً: إنّ المأمون أراد أن ينسف عقيدة الشيعة ويقضي على جميع معالمها فيما إذا عجز الإمام الرضاعليه‌السلام فإنّه يتخذ من ذلك وسيلة لنقض ما تذهب إليه الشيعة من أنّ الإمام أعلم أهل عصره، وأدراهم بجميع أنواع العلوم، ومن الطبيعي أنّ ذلك يؤدّي إلى زعزعة كيان التشيّع، وبطلان عقيدتهم في أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

ثانياً: إنّ الإمام لو عجز عن أجوبة المسائل التي يقدمها العلماء له فإنّ المأمون يكون في سعة من عزله عن ولاية العهد بعد أن استنفذت أغراضه السياسية منها، فقد أظهر للناس في بداية الأمر أنّه إنّما رشّح الإمام لهذا المنصب الخطير لأنّه أعلم الأمّة، ولكن لما ظهر له خلاف ذلك قام بعزله، وفي نفس الوقت تقوم وسائل إعلامه بإذاعة ذلك، والحط من شأن الإمام، وفي ذلك استجابة لعواطف الأسرة العباسية التي غاظها ترشيح المأمون للإمام لولاية العهد.

فعمدت إلى عزله، ومبايعة المغني إبراهيم - كما سنتحدث عن ذلك - وعلى إي حال فقد قام العلماء بالتفتيش عن أعقد المسائل وأكثرها صعوبة وعمقاً في جميع أنواع العلوم، وعرضوها على الإمام فأجاب عنها جواب العالم الخبير المتمرّس فيها، ويقول الرواة: إنّه سُئل عن أكثر من عشرين ألف مسألة في نوب مفرقة عاد فيها بلاط المأمون إلى مركز علمي، وخرجت الوفود العلمية، وهي مليئة بالإعجاب والإكبار بمواهب الإمام وعبقرياته، وأخذت تذيع على الناس ما يملكه الإمام من طاقات هائلة من العلم والفضل كما ذهب معظمهم إلى القول بإمامته، ممّا اضطر المأمون إلى حجب الإمام عن العلماء خوفاً أن يفتتنوا له ولم يذكر الرواة إلا كوكبة يسيرة منها، نعرض لها ولبعض ما أثر عنه هذا الموضوع، وفيما يلي ذلك:

١ - أسئلة عمران الصابئ:

وكان عمران الصابئ من كبار فلاسفة عصر الإمامعليه‌السلام كما كان الزعيم الروحي لطائفة الصابئة، وقد انتدبه المأمون لامتحان الإمام، فاختار له أعمق المسائل الفلسفية وأكثرها تعقيداً وغموضاً. وقد شرحها وعلّق عليها المحقّق الشيخ

١٠١

محمد تقي الجعفري، قال: وقد اشتمل هذا الاحتجاج على أهم المسائل الإلهية وأغمضها، وهي على إطلاقها عويصات في الحكمة المتعالية، قد أتعبت أفكار الباحثين الناظرين في ذلك الفن، ولم يأت هؤلاء الأساطين بأجوبة كافية لتلك المسائل بل تعقبها أسئلة أخرى ربّما تكون أغمض من نفس الأسئلة، وقد وقعت تلك الغوامض موارد لأسئلة عمران في هذه الرواية، وأجاب عنها الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ثامن حجج الله على عباده وأُمنائه في أرضه، وما بيّنه الإمام في هذا الاحتجاج مناهج واضحة لم يطمسها غبار الحجب المادية التي تثيرها العقول المحدودة في معقل المحسوسات المظلمة، هكذا ينكشف عند المتمسّكين بأذيال أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي حقائق ضل في سبيل الوصول إليها الأفكار الناقصة.

( ونعرض للنص الكامل من أسئلة الصابئ وجواب الإمام عنها حسبما ذكره الشيخ الصدوق في (عيون أخبار الرضا) مع مقتطفات من تعليقات الشيخ الجعفري عليها... لقد قدم الوفد الذي كان مع عمران جملة من المسائل، وبعدما أجاب الإمامعليه‌السلام عن أسئلة الوفد الذي هو من كبار علماء النصارى، واليهود والصابئة، قال لهم: ( يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الإسلام، وأراد أن يسأل، فليسأل غير محتشم... )

فانبرى إليه عمران الصابئ، وكان متطلّعاً بصيراً في علم الكلام فخاطب الإمام بأدب وإكبار قائلا: ( يا عالم الناس لولا أنّك دعوت إلى مسألتك، لم أقدم عليك بالمسائل، فلقد دخلت الكوفة والبصرة، والشام، والجزيرة ولقيت المتكلّمين، فلم أقع على أحد يثبت لي واحداً - يعني أنّ الله تعالى واحد لا ثاني له - ليس غيره قائماً بوحدانيته أفتأذن لي أن أسألك... )

عرض الصابئ إلى عمق مسألته، وأنّه لم يهتد لحلها علماء الكوفة والبصرة والشام والجزيرة، ويطلب من الإمامعليه‌السلام حلها، فقابله الإمام ببسمات فيّاضة بالبشر قائلاً: ( إن كان في الجماعة عمران الصابئ فأنت هو... ).

( أنا هو )

١٠٢

سل يا عمران، وعليك بالنصفة، وإيّاك والخطل(١) والجور... ).

وأطرق الصابئ بوجهه إلى الأرض، وقال بنبرات تقطر أدباً وإجلالاً للإمام: ( والله يا سيدي ما أريد إلاّ أن تثبت لي شيئاً أتعلق به فلا أجوزه... )

لقد أعرب الصابئ عن نواياه الحسنة وأنّه يريد الحقيقة، والوصول إلى الواقع، ولا صلة له بغير ذلك، فقالعليه‌السلام : ( سل عمّا بدا لك... ).

وكان المجلس مكتظاً بالعلماء والقادة، وفي طليعتهم المأمون فانضم بعضهم إلى بعض، وانقطعوا عن الكلام ليسمعوا أسئلة الصابئ وجواب الإمام عنها، وتقدّم الصابئ بأسئلته.

س١: ( أخبرني عن الكائن الأوّل، وعمّا خلق... ) أمّا المسؤول عنه في هذه الكلمات فهو الشيء الأوّل والمادة الأُولى التي خلق الله تعالى الأشياء منها، وليس المسؤول عنه وجود الله المبدع العظيم فإنّه من الأمور الواضحة التي لا يشك فيها من يملك وعيه وإرادته، فإنّ جميع ما في الكون تدلّل على وجود خالقها فإنّه من المستحيل أن يوجد المعلول من دون علّته... ولنستمع إلى جواب الإمامعليه‌السلام عن هذه المسألة.

ج ١: ( أمّا الواحد فلم يزل واحداً كائنا، بلا حدود، ولا أعراض، ولا يزال كذلك، ثم خلق خلقاً مبتدعاً مختلفاً بأعراض وحدود مختلفة، لا في شيء أقامه، ولا في شيء حده، ولا على شيء حذاه، ومثله له، فجعل الخلق من بعد ذلك صفوة، وغير صفوة، واختلافاً وائتلافاً، وألواناً وذوقاً وطعماً لا لحاجة كانت منه إلى ذلك، ولا لفضل منزلة لم يبلغها إلاّ به ولا رأي لنفسه فيما خلق زيادة ولا نقصاناً... ).

وحكى هذا المقطع من جواب الإمامعليه‌السلام ما يلي:

أوّلاً: إنّ الله تعالى واحد لا شيء معه، وهو مجرّد من الحدود والأعراض التي هي من صفات الممكن، فهو كائن واحد، ما زال ولا يزال، وليست وحدته عددية أو نوعية أو جنسية، وإنّما بمعنى عدم ارتباطه بأي شيء مادي أو غير مادي، فهو بمرتبة من الكمال لا يشابهه أي شيء من الممكنات التي نسبتها إليه نسبة الصانع إلى المصنوع، فتبارك الله.

ثانياً: إنّ النظرة البدوية في الأشياء أنّ كل صورة لا بد لها من مادة تقوم وتحل

___________________________

(١) الخطل: المنطق الفاسد.

١٠٣

بها، ولكن هذا بالنسبة إلى غير الواجب تعالى أمّا هو فإنّه يخلق الأشياء لا من شيء كان، ولا من شيء خلق، وإنّما يقول للشيء كن فيكون، فقد ابتدع خلق الأشياء لا على شيء حذاه، ومثله له، فهو القوّة الكبرى المبدعة لخلق الأشياء لا لحاجة منه إليها، فهو المصدر الوحيد للفيض على جميع الكائنات.

والتفت الإمامعليه‌السلام إلى عمران فقال له: ( تعقل هذا يا عمران...؟ ).

( نعم والله يا سيدي... ).

( اعلم يا عمران أنّه لو كان خلق ما خلق لحاجة، لم يخلق إلاّ مَن يستعين به على حاجته، ولكان ينبغي أن يخلق أضعاف ما خلق لأنّ الأعوان كلّما كثروا كان صاحبهم أقوى، والحاجة يا عمران لا يسعها لأنّه كان لم يحدث من الخلق شيئاً إلاّ حدثت فيه حاجة أخرى؛ ولذلك أقول: لم يخلق الخلق لحاجة ولكن تقل بالخلق الحوائج بعضهم إلى بعض، وفضل بعضهم على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل، ولا نقمة منه على من أذل... ).

وهذا الكلام متمّم لما قبله من أنّ الله تعالى خلق الخلق في غنى عنهم فهم المحتاجون إلى فيضه ورحمته وعطائه، فهو الجواد المطلق الذي بسط الرحمة والإحسان على جميع الموجودات والكائنات، وكان من فضله أنّه فضّل بعض مخلوقاته على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل، ولا نقمة منه على من أذل.

س ٢: ( يا سيدي هل كان الكائن معلوماً في نفسه عند نفسه..؟ ).

وهذا السؤال عميق للغاية، وتوضيحه - حسبما ذكره الشيخ الجعفري - أن تحصل شيء وتحققه في الانكشاف العلمي كواقع ذلك الشيء ينحل إلى هوية نفسه، وطارديته لغيره، وبذلك يكون محدوداً، فإنّ الحجر ما لم يضف إلى هويته عدم جميع أضداده لا يتحصّل تحصلاً علمياً... فإنّ النفس المعلومة ما لم يلاحظ طرد جميع ما سواها عنها لا تكون معلومة ومحصلة عند العالم وكأنّ هذا هو الموجب لسؤال عمران عن كونه تعالى معلوماً عند نفسه، فحينئذٍ لو أجاب الإمام بثبوته لاستشكل عمران هل كان تحصيل نفسه عند نفسه ملازماً لطرد غيره من المعقولات أم لا؟.

ج ٢: قالعليه‌السلام : ( إنّما يكون المعلمة بالشيء لنفي خلافه، وليكن الشيء نفسه، بما نفى عنه موجوداً، ولم يكن هناك شيء يخالفه، فتدعوه الحاجة إلى

١٠٤

نفي ذلك الشيء عن نفسه بتحديد ما علم منها... والتفت الإمام إلى عمران فقال له: ( أفهمت يا عمران؟... ).

( نعم والله يا سيدي... ).

وحاصل ما أجاب به الإمامعليه‌السلام أنّ ما ذكره الصابئ إنّما يصح فيما لو كان المعلوم مقارناً بعدّة أشياء تخالفه فيلزم حينئذٍ نفي تلك الأشياء لتحصيل المعلوم إلاّ أنّ الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة ما لم يكن هناك شيء يقارنه فلا حاجة إلى نفيه ليقرّر إرادته بذلك النفي.

س ٣: أخبرني بأيّ شيء علم ما علم أبضمير أم بغير ضمير؟

أراد الصابئ بهذا السؤال إلزام الإمام بالقول بالتركيب في ذاته تعالى، من جهة أنّه ذو ضمير.

ج ٣: أرأيت إذا علم بضمير هل يجد بداً من أن يجعل لذلك الضمير حداً تنتهي إليه المعرفة؟ أراد الإمام أنّ ذلك الضمير لا بد أن يعرف حقيقته وماهيته، وقد وجّه الإمام إليه السؤال التالي: ( فما ذلك الضمير؟... ).

فانقطع الصابئ عن الكلام ولم يستطع أن يقول شيئاً، فقد سد الإمام عليه كل نافذة يسلك فيها لإثبات ما يذهب إليه، والتفت الإمام إليه قائلاً: ( لا بأس إن سألتك عن الضمير نفسه فتعرفه بضمير آخر؟ فإن قلت: نعم، أفسدت عليك قولك... ).

وأقام الإمام الحجّة الكاملة والبرهان القاطع على بطلان ما التزم به الصابئ من أنّه تعالى يعلم بواسطة الضمير، وعلى هذا فلا بد من ضمير آخر يقع به الإدراك لذاته تعالى، وهذا الضمير الآخر يتوقّف على ضمير غيره، وهكذا فيلزم التسلسل، وهو ما لا نهاية له، وإن توقف الضمير الثاني على الضمير الأول فيلزم منه الدور والأمران ممّا أجمع على فسادهما، لترتب الأمور الفاسدة عليها حسبما ذكره الفلاسفة والمنطقيون وتمم الإمامعليه‌السلام حجته وبرهانه بقوله: ( يا عمران أليس ينبغي أن تعلم أنّ الواحد ليس يوصف بضمير، وليس يقال له: أكثر من فعل وعمل وصنع، وليس يتوهّم منه مذاهب وتجزية كمذاهب المخلوقين وتجزيتهم، فاعقل ذلك، وابن عليه ما علمت صواباً... ).

١٠٥

أراد لإمامعليه‌السلام أنّ صدور الأفعال والأعمال المختلفة من الله تعالى ليست على غرار غيره من الممكنات التي تحتاج إلى العلل والأسباب كالعقل، وغيره من سائر الجوارح الظاهرية، فإنّه تعالى يستحيل عليه ذلك.

س ٤: ( يا سيدي ألا تخبرني عن حدود خلقه كيف هي؟ وما معانيها؟ وعلى كم نوع يكون؟... ).

واستفسر عمران عن حدود المخلوقات التي تميز بعضها عن بعض فأجابه الإمام:

ج ٤: ( قد سألت فاعلم أنّ حدود خلقه على ستة أنواع: ملموس، وموزون، ومنظور إليه، وما لا ذوق له، وهو الروح، ومنها منظور إليه، وليس له وزن، ولا لمس، ولا حس، ولا لون، ولا ذوق، والتقدير والأعراض، والصور، والطول، والعرض، ومنها العمل والحركات التي تصنع الأشياء وتعملها، وتغيّرها من حال إلى حال وتزيدها، وتنقصها، فأمّا الأعمال والحركات فإنّها تنطلق؛ لأنّه لا وقت لها أكثر من قدر ما يحتاج إليه، فإذا فرغ من الشيء انطلق بالحركة، وبقي الأثر، ويجري مجرى الكلام الذي يذهب ويبقى أثره... ).

وحفل جواب الإمامعليه‌السلام بذكر الخواص والصفات التي تتميّز بها الأشياء سواء أكانت من الكائنات الحيّة أم من غيرها.

س ٥: يا سيدي: ألا تخبرني عن الخالق إذا كان واحداً لا شيء غيره، ولا شيء معه، أليس قد تغيّر بخلقه الخلق... ).

ومعنى هذا السؤال أنّ الحقائق الطبيعية، التي أوجدها الله تعالى، أنّها توجب تغير الخالق العظيم بتغييرها، وهذا إنّما يلزم على القول باتحادها معه تعالى ذاتاً، وهذا مستحيل.

ج ٥: ( قديم لم يتغيّر عزّ وجل بخلقه الخلق، ولكن الخلق يتغيّر، بتغييره... ).

وحاصل جواب الإمامعليه‌السلام أنّ الخالق العظيم لما كان هو الصانع والموجد للأشياء، وهو قديم فلا يلزم منه التغيير بتغيير الممكنات والكائنات.

س ٦: ( يا سيدي فبأي شيء عرفناه؟... ).

ج ٦: ( بغيره... إنّ جميع ما في الكون ممّا يرى، وممّا لا يرى يدلل على وجود الخالق العظيم،

١٠٦

لقد عرفناه بمخلوقاته، وآمنا به بما نشاهده من بدائع صنعته، وقد استبان بصورة واضحة لا غموض فيها في هذه العصور التي غزا الإنسان فيها الفضاء الخارجي، فقد ظهر للبشرية عظيم صنعته تعالى بما أودعه في هذا الفضاء من الكواكب التي لا تحصى ولا تعد، وكلّها تسير بانتظام، ودقّة، ولو اختلفت في مسيرها لحظة لتصادمت، وتلاشت، ولم يبق لها اثر، فسبحان الله المبدع الحكيم.

س ٧: أي شيء غيره؟

ج ٧: ( مشيئته، واسمه وصفته، وما أشبه ذلك، وكل ذلك محدث، مخلوق، مدبّر... ).

لقد عرفنا الله بمشيئته واسمه وصفاته التي دلّت عليه سبحانه، ففي دعاء الصباح: ( يا مَن دلّ على ذاته بذاته ).

وكل ما في الكون من موجودات تستند إليه استناد المصنوع إلى الصناع.

س ٨: يا سيدي أي شيء هو؟

ج ٨: ( هو نور، بمعنى أنّه هادٍ خلقه من أهل السماء، وأهل الأرض، وليس لك عليّ أكثر من توحيدي إيّاه... ).

لقد أراد عمران بسؤاله معرفة حقيقة الله تعالى، متوهّماً أنّه تعالى كسائر الممكنات والموجودات، ولمّا كان ذلك مستحيلاً، إذ كيف يحيط الإنسان الذي لا يعرف ذاته وما فيها من الأجهزة الدقيقة، كيف يعرف حقيقة الخالق العظيم المصور والمبدع للأكوان، وقد أجاب الإمامعليه‌السلام أنّه يعرف بأوصافه الظاهرية من هدايته لخلقه وغير ذلك من الأدلة الصريحة الواضحة التي تنادي بوجود خالقها العظيم.

س ٩: يا سيدي: أليس قد كان ساكتاً قبل الخلق لا ينطق، ثم نطق...

ج ٩: ( لا يكون السكوت إلاّ عن نطق قبله، والمثل في ذلك أنّه لا يقال للسراج: هو ساكت لا ينطق، ولا يقال: إنّ السراج ليضيء، فما يريد أن يفعل بنا لأنّ الضوء من السراج ليس بفعل منه، ولا كون، وإنّما هو ليس شيء غيره، فلمّا استضاء لنا، قلنا: قد أضاء لنا، حتى استضأنا به، فبهذا تستبصر أمرك... ).

ومعنى جواب الإمامعليه‌السلام أنّ السكوت والنطق إنّما يعرضان موضوع قابل لهما، توارد العدم والملكة وحيث إنّ نطق الله تعالى ليس على غرار ما يتصف به الناطقون من الممكنات، فيصح عليه النطق، كما يصح عليه السكوت وقد ذهبت

١٠٧

الشيعة إلى أنّ التكلّم من صفات الأفعال، لا يقوم بذاته تعالى قوام الأوصاف الذاتية، فإنّه تعالى هو الذي خلق النطق والكلام إذا أراده، وقد مثّل الإمامعليه‌السلام لذلك بالسراج فإنّه لا يقال له إنّه ساكت لا ينطق، كما أنّ إسناد الإضافة إلى السراج ليس اختياريا له، هذه بعض الاحتمالات في تفسير كلام الإمامعليه‌السلام .

س ١٠: ( يا سيدي: فإنّ الذي كان عندي أنّ الكائن قد تغيّر في فعله عن حاله بخلقه الخلق... ).

ج ١٠: ( يا عمران في قولك إنّ الكائن يتغيّر في وجه من الوجوه، حتى يصيب الذات منه ما يغيره، هل تجد النار تغيرها تغير نفسها، وهل تجد الحرارة تحرق نفسها؟ أو هل رأيت بصيراً قط رأى بصره؟... ).

إنّ هذا السؤال من عمران قد تقدّم، وقد أجابه الإمامعليه‌السلام وقد زادهعليه‌السلام توضيحاً، فقال له إنّ الكائن لا يتغيّر بوجه من الوجوه، فأفعال النفس - مثلاً - التي تصدر منها لا توجب زيادة فيها ولا نقصاناً، وهناك مثال آخر وهو البصر، فإن صدر الرؤية منه لا توجب زيادة فيه ولا نقصانا.

س ١١: ( ألا تخبرني يا سيدي أهو في الخلق، أم الخلق فيه؟... )

ج ١١: ( أجل هو يا عمران عن ذلك، ليس هو في الخلق، ولا الخلق فيه تعالى عن ذلك، وسأعلمك ما تعرفه، ولا قوّة إلاّ بالله، أخبرني عن المرآة أنت فيها، أم هي فيك؟ فإن كان ليس واحد منكما في صاحبه، فبأي شيء استدللت بها على نفسك يا عمران...؟ ).

لقد أحال الإمامعليه‌السلام حلول الله تعالى في خلقه، وحلولهم فيه، ومثّل لذلك بالصورة التي تنعكس في المرآة فإنّها لا تحل فيها، وكذلك المرآة لا تحل في الصورة، وإنّما النور هو الذي أوجب رؤية الصورة في المرآة، وهو غير حال في شيء منهما، يقول ابن الفارض:

بوحدته دامت لها كل كثرة

فصحت وقد آنت لها كل علة

فقد صار عين الكل فردا لذاته

وإن دخلت أفراده تحت عدة

نظرت فلم أبصر سوى محض وحدة

بغير شريك فد تغطّت بكثرة

وهنا بحوث فلسفية عميقة أعرضنا عن ذكرها إيثاراً للإيجاز.

س ١٢: ( بضوء بيني وبينها... ).

١٠٨

وهذا السؤال مرتبط بما قبله، وقد أوضحناه.

ج ١٢: هل ترى من ذلك الضوء أكثر ممّا تراه في عينك؟

عمران: نعم.

الإمام: فأرناه.

وسكت عمران، ولم يدر ما يقول، فقد سدّ الإمام عليه كل نافذة يسلك منها، وواصل الإمام حديثه قائلاً: ( فلا أرى النور إلاّ وقد دلّك، ودلّ المرآة على أنفسكما من غير أن يكون في واحد منكما، ولهذا أمثال كثيرة غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالاً ولله المثل الأعلى ).

تأجيل المناظرة:

وحضر وقت الصلاة، ولم يجد الإمام بدّاً من تأجيل المناظرة فالتفت إلى المأمون، فقال له: الصلاة حضرت، وخاف عمران من عدم استئناف الحوار بينه وبين الإمام، فقال له: ( يا سيدي لا تقطع عليّ مسألتي، فقد رقّ قلبي... ).

فأوعده الإمامعليه‌السلام بالعودة إلى مناظرته، ونهض الإمام فأدّى فريضة الصلاة.

استئناف المناظرة:

وعادت الجلسة، وقد حضرها المأمون، وكبار العلماء والقادة، والتفت الإمامعليه‌السلام إلى عمران فقال له: ( سل يا عمران... ).

س ١٣: ( يا سيدي ألا تخبرني عن الله عزّ وجل، هل يوحد بحقيقة أو يوحد بوصف؟... ).

ج ١٣: إنّ الله المبدأ، الواحد الكائن الأول، لم يزل واحداً لا شيء معه، فرداً لا ثاني معه، لا معلوماً - يعني بحقيقته - ولا مجهولاً، ولا محكماً، ولا متشابهاً، ولا مذكوراً، ولا منسياً، ولا شيئاً يقع عليه اسم شيء من الأشياء، ولا من وقت كان ولا إلى وقت يكون، ولا بشيء قام، ولا إلى شيء يقوم ولا إلى شيء استند، ولا في شيء استكن، وذلك كلّه قبل لخلق(١) إذ لا شيء غيره، وما أوقعت عليه من الكل

____________________

(١) في نسخة قبل خلقه الخلق.

١٠٩

فهي صفات محدثة، وترجمة يفهم بها مَن فهم. واعلم أنّ الإبداع والمشيئة والإرادة معناها واحد، وأسماؤها ثلاثة، وكان أوّل إبداعه ومشيئته وإرادته التي جعلها أصلاً لكل شيء، ودليلاً على كل شيء مدرك، وفاصلاً لكل مشكل، وبتلك الحروف تفريق كل شيء من اسم حق وباطل أو فعل أو مفعول، أو معنى أو غير معنى، وعليها اجتمعت الأمور كلّها ولم يجعل للحروف في إبداعه لها معنى غير أنفسها، تتناهى ولا وجود لها؛ لأنّها مبدعة بالإبداع. والنور في هذا الموضع أوّل فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض، والحروف هي المفعول التي عليها مدار الكلام، والعبادات كلّها من الله عزّ وجل علّمها خلقه، وهي ثلاثة وثلاثون حرفاً، فمنها ثمانية وعشرون حرفاً تدل على لغات العربية، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على لغات السريانية والعبرانية، ومنها خمسة أحرف متحرفة في ساير اللغات من العجم والأقاليم، واللغات كلها، وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين حرفاً من اللغات فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفاً، فأمّا الخمسة المختلفة ( فيتجنح ) لا يجوز ذكرها أكثر ممّا ذكرناه ثم جعل الحروف بعد إحصائها، وأحكام عدتها فعلامته كقوله عزّ وجل:( كن فيكون ) وكن منه صنع، وما يكون به المصنوع، فالخلق الأوّل من الله عزّ وجلّ الإبداع لا بوزن له، ولا حركة، ولا سمع، ولا لون، ولا حس، والخلق الثاني الحروف، لا وزن لها، ولا لون، وهي مسموعة موصوفة، غير منظور إليها، والخلق الثالث ما كان من الأنواع كلها محسوساً، ملموساً، ذا ذوق منظور إليه والله تبارك وتعالى سابقاً للحروف، والحروف لا تدل على غير نفسها. وبهر المأمون، ولم يفهم أكثر محتويات هذه الكلمات العميقة التي تحتاج إلى وقت طويل لبيانها، وقال للإمام: ( كيف لا تدل - أي الحروف - على غير أنفسها؟... ). فأجابه الإمام موضحاً له الأمر قائلاً:

( إنّ الله تبارك وتعالى لا يجمع منها شيئاً لغير معنى أبداً، فإذا ألف منها أحرفاً أربعة أو خمسة، أو ستة، أو أكثر من ذلك، أو أقل لم يؤلّفها بغير معنى ولم يكن إلاّ لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئاً... ).

س ١٤: كيف لنا بمعرفة ذلك؟...

ج ١٤: أمّا المعرفة فوجه ذلك وبيانه: إنّك تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير

١١٠

نفسها ذكرتها فرداً، فقلت: ا ب ت ث ج ح خ حتى تأتي على آخرها، فلم تجد لها معنى غير أنفسها، وإذا ألفتها وجعلت منها أحرفاً، وجعلتها اسماً وصفة لمعنى، ما طلبت، ووجه ما عنيت، كانت دليلة على معانيها داعية إلى الموصوف بها، أفهمته؟

( نعم ).

وواصل الإمام حديثه في بيان معاني الحروف عند تركيبها قائلاً: ( واعلم أنّه لا يكون صفة لغير موصوف، ولا حد لغير محدود، والصفات والأسماء كلها تدل على الكمال، والوجود ولا مثال على الإحاطة، كما تدل الحدود التي هي التربيع والتثليث، والتسديس؛ لأنّ الله عزّ وجل تدرك معرفته بالصفات والأسماء، ولا تدرك بالتحديد، بالطول والعرض، والقلّة والكثرة، واللون والوزن، وما أشبه ذلك، وليس يحل بالله، وتقدس شيء من ذلك حتى يعرفه خلقه بمعرفتهم أنفسهم بالضرورة التي ذكرنا. ولكن يدل على الله عزّ وجل بصفاته، ويدرك بأسمائه، ويستدل عليه بخلقه حتى لا يحتاج في ذلك الطالب المرتاد إلى رؤية عين، ولا استماع أذن، ولا لمس كف، ولا إحاطة بقلب، ولو كانت صفاته جلّ ثناؤه لا تدل عليه، وأسماؤه لا تدعو إليه، والمعلمة من الخلق لا تدركه لمعناه كانت العبادة من الخلق لأسمائه وصفاته دون معناه، فلولا أنّ ذلك كذلك لكان المعبود الموحد غير الله لأنّ صفاته وأسماءه غيره... أفهمت يا عمران؟ )

( نعم يا سيدي زدني... )

وواصل الإمام حديثه الممتع، وقد استولى على مَن حضر من العلماء والقادة، قائلاً: ( إيّاك وقول الجهّال من أهل العمى والضلال الذين يزعمون أن الله جل وتقدس موجود في الآخرة للحساب في الثواب والعقاب، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ولو كان في الوجود لله عزّ وجل نقص واهتضام لم يوجد في الآخرة أبداً، ولكن القوم تاهوا وعموا، وصموا عن الحق من حيث لا يعلمون، وذلك قوله عزّ وجل:( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) (١) .

يعني أعمى عن الحقائق الموجودة، وقد علم ذوو الألباب أنّ الاستدلال على ما هناك لا

____________________

(١) سورة الإسراء: آية ٧٢.

١١١

يكون إلاّ بما ها هنا، ومَن أخذ علم ذلك برأيه، وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها لم يزدد من علم ذلك إلاّ بعداً؛ لأنّ الله عزّ وجل جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون... ).

س ١٥: ( يا سيدي ألا تخبرني عن الإبداع أخلق هو أم غير خلق؟... ).

علّق الشيخ الجعفري على هذه المسألة بقوله: إنّ هذه المسألة أيضاً ممّا أعيى الأذهان والعقول البشرية؛ لأنّها التي أوجبت افتراق المسالك والفرق المختلفة فمنهم مَن قال: باستحالة الإبداع مطلقاً أكان من الواجب، أم من الممكن، ومن قبيل المواد والصور أو العقول والنفوس وغيرها، ومنهم من جوزه مطلقاً، ومنهم من حصر إمكان الإبداع على الله تعالى على نحو العموم أي إنّه تعالى قادر على أن يبدع أي موجود شاء دون مادة سابقة له، وقع التغير عليه، وقد قالوا: إنّه مقتضى قدرته المطلقة وقابلية الموضوع ومنهم من ذهب مذاهب أخرى(١) .

ج ١٥: بل خلق ساكن، لا يدرك بالسكون، وإنّما صار خلقاً لأنّه شيء محدث، والله تعالى الذي أحدثه فصار خلقاً له، وإنّما هو الله عزّ وجل خلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما، فيما خلق الله عزّ وجل لم يعد أن يكون خلقه، وقد يكون الخلق ساكناً ومتحركاً ومختلفاً ومؤتلفاً ومعلوماً ومتشابهاً، وكل ما وقع عليه حد فهو خلق الله عزّ وجل، واعلم أنّ كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس، وكل حاسة تدل عل ما جعل الله عزّ وجل لها في إدراكها، والفهم من القلب بجميع ذلك كله، واعلم أنّ الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقاً مقدراً بتحديد وتقدير، وكان الذي خلق خلقين اثنين: التقدير والمقدر، وليس في كل واحد منهما لون ولا وزن، ولا ذوق، فجعل أحدهما يدرك بالآخر وجعلهما مدركين بنفسهما، ولم يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه واثبات وجوده فالله تبارك وتعالى فرد واحد لا ثاني معه يقيمه، ولا يعضده، ولا يكنه، والخلق ممّا يمسك بعضه بعضاً بإذن الله تعالى ومشيئته، وإنّما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا وتحيّروا وطلبوا الخلاص من الظلمة بالظلمة في وصفهم الله تعالى بصفة أنفسهم، فازدادوا من الحق بعداً، ولو وصفوا الله عزّ وجل بصفاته،

____________________

(١) تحف العقول (ص ٥٢٧).

١١٢

ووصفوا المخلوقين بصفاتهم لقالوا بالفهم واليقين، ولما اختلفوا، فلمّا طلبوا من ذلك ما تحيروا فيه، ارتبكوا، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم... )

س ١٦: ( أشهد أنّه كما وصفت، ولكن بقيت لي مسألة... ).

( سل عمّا أردت... ).

( أسألك عن الحكيم في أي شيء هو؟ وهل يحيط به شيء؟ وهل يتحوّل من شيء إلى شيء؟ أو به حاجة إلى شيء...؟ ).

ج ١٦: أخبرك يا عمران فاعقل ما سألت عنه، فإنّه مَن أغمض ما يرد على الخلق في مسائلهم، وليس يفهم المتفاوت عقله، العازب حلمه، ولا معجز عن فهمه أولو العقل المنصفون، أمّا أول ذلك فلو كان خلق ما خلق لحاجة منه لجاز لقائل أن يقول: يتحول إلى ما خلق لحاجة إلى ذلك، ولكنّه عزّ وجل لم يخلق شيئاً لحاجة ولم يزل ثابتا لا في شيء، ولا على شيء إلاّ أنّ الخلق يمسك بعضه بعضاً، ويدخل بعضه في بعض، ويخرج منه،

والله جلّ وتقدّس بقدرته يمسك ذلك كله، وليس يدخل في شيء ولا يخرج منه، ولا يؤوده حفظه، ولا يعجز عن إمساكه، ولا يعرف أحد من الخلق كيف ذلك؟ إلاّ الله عزّ وجل، ومن أطلعه عليه من رسله، وأهل سره، والمستحفظين لأمره وخزانه، القائمين بشريعته، وإنّما أمره كلمح البصر أو هو أقرب، إذا شاء شيئا فإنّما يقول له( كن فيكون ) بمشيئته وإرادته وليس شيء أقرب إليه من شيء، ولا شيء أبعد منه من شيء... أفهمت يا عمران؟... ).

( نعم يا سيدي... ).

إنّ الإنسان مهما أوتي من علم فهو عاجز عن معرفة نفسه وما فيها من الأجهزة الدقيقة المذهلة، فكيف ليعرف أو يحيط علماً بالخالق العظيم، مبدع الأكوان، وواهب الحياة، يقول ابن أبي الحديد:

فيك يا أعجوبة الكون غدا الفكر عليلا

فكري كلّما دان شبراً منك راح ميلا

أنت حيّرت ذوي اللب، وبلبلت العقولا

إنّ فكر الإنسان محدود فكيف يعرف حقيقة الله تعالى، نعم عرفناه وآمنّا به بمخلوقاته، فكل ذرّة في هذا الوجود تنادي بوجود الخالق العظيم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماء والأرض.

١١٣

إسلام الصابئ:

ولمّا رأى عمران الصابئ الطاقات الهائلة من العلم التي يتمتع بها الإمامعليه‌السلام ، والتي منها أجوبته الحاسمة من أعمق المسائل الفلسفية التي لا يهتدي لحلّها إلاّ أوصياء الأنبياء الذين منحهم الله العلم وفصل الخطاب، أعلن عمران إسلامه وطفق يقول: ( أشهد أنّ الله تعالى على ما وصفت، ووحدت، وأشهد أنّ محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله عبده المبعوث بالهدى، ودين الحق... ). ثم خرّ ساجداً لله تعالى وأسلم، وبهر العلماء والمتكلمون من علوم الإمام، ومواهبه وعبقرياته، وراحوا يحدثون الناس عن فضل الإمام وسعة علومه، وانصرف المأمون وهو غارق بالألم، قد أترعت نفسه بالحقد والحسد للإمام:

خوف محمد على الإمام:

وخاف عمّ الإمام محمد بن جعفر عليه من المأمون، وكان حاضرا في المجلس، ورأى كيف تغلب على عمران الصابئ الذي هو في طليعة فلاسفة العصر، فاستدعى الحسن بن محمد النوفلي، وكان من أصحاب الإمام فقال له: ( يا نوفلي أما رأيت ما جاء به صديقك - يعني الإمام -؟

لا والله ما ظننت أنّ علي بن موسى الرضا خاض في شيءٍ قط، ولا عرفناه به، إنّه كان يتكلّم بالمدينة، أو يجتمع إليه أصحاب الكلام؟...

( وراح النوفلي يعرفه بعلم الإمام وفضله قائلاً: ( قد كان الحجاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم، وربّما كلم مَن يأتيه يحاججه... ).

وراح محمد يبدي مخاوفه من المأمون على ابن أخيه قائلاً: ( إنّي أخاف عليه أن يحسده هذا الرجل فيسمّه أو يفعل به بليّة، فأشر عليه بالإمساك عن هذه الأشياء... ).

وكان النوفلي يظن خيراً بالمأمون، ولا يخاف منه على الامام، فقال لمحمد: ) ما أراد الرجل - يعني المأمون - إلاّ امتحانه ليعلم هل عنده شيء من علوم آبائه؟... ).

ولم يقنع محمد بكلام النوفلي، فقد كان يظن السوء بالمأمون وراح يقول له: ( قل له: إنّ عمّك قد كره هذا الباب، وأحب أن تمسك عن هذه الأشياء

١١٤

لخصال شتّى... ).

وكان عمّ الإمام مصيباً في حدسه، عالماً بما تكنّه الأسرة العباسية من العداء والحقد لأهل البيتعليهم‌السلام ، وقد أثارت أسئلة الصابئ وإسلامه على يد الإمام أحقاد المأمون فقدم اغتيال الإمام كما سنوضّح ذلك في غضون هذا الكتاب.

ونقل النوفلي كلمات محمد إلى الإمامعليه‌السلام فشكره على ذلك، ودعا له بالخير.

تكريم الإمام لعمران:

وكسب الإمامعليه‌السلام في مناظرته إسلام عمران الذي هو في طليعة علماء عصره، فقد بعث خلفه، فلمّا مثل عنده رحّب به وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم، ودعا له بكسوة فخلعها عليه وأعطاه عشرة آلاف درهم، ففرح عمران بذلك وأخذ يدعو للإمام ويشكره على ذلك قائلاً: ( جُعلت فداك حكيت فعل جدّك أمير المؤمنين عليه السلام ).

وجعل عمران يتردد على الإمام ويكتسب من فيض علومه وصار بعد ذلك فيما يقول المؤرّخون داعية من دعاة الإسلام، وجعل المتكلمون من أصحاب المقالات والبدع يفدون عليه، ويسألونه عن مهام المسائل وهو يجيبهم عنها، حتى اجتنبوه، وأوصله المأمون بعشرة آلاف درهم، كما أعطاه الفضل بن سهل مالاً، وولاه الإمام على صدقات بلخ فأصاب الرغائب(١) .

أسئلة سليمان المروزي:

أمّا سليمان المروزي فكان متضلّعاً بالفلسفة، ومتمرسا في البحوث الكلامية وكان يعد في طليعة علماء خراسان، وقد انتدبه المأمون لامتحان الإمام الرضاعليه‌السلام وقد قابله بحفاوة وتكريم، وقال له: إنّ ابن عمي علي بن موسى الرضا، قدم علي من الحجاز، وهو يحب الكلام وأصحابه، فلا عليك أن تصير إلينا يوم التروية لمناظرته... ).

وخاف سليمان من ذلك، فقد ظن أنّ الإمام سوف يعجز عن أجوبة مسائله فيحقد عليه العلويون، وراح يعتذر من المأمون قائلاً:

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ١ / ١٦٨ - ١٧٨، وذكر الطبرسي ما يقرب من ذلك في الاحتجاج، والمجلسي في البحار، والحسن بن شعبة في تحف العقول.

١١٥

( إنّي أكره أن أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم، فينتقص عند القوم إذا كلّمني، ولا يجوز الانتقاص عليه... ).

وتعهّد له المأمون، ووعده أن لا يصيبه أي أذى أو مكروه قائلاً: ( إنّما وجهت إليه لمعرفتي بقوتك، وليس مرادي إلاّ تقطعه عن حجّة واحدة فقط... ).

وهذا الكلام يدلل على سوء ما يضمره المأمون للإمام، وما يكنّه له من الحقد والعداء، واطمأن سليمان، من أي اعتداء عليه، وراح يقول للمأمون: ( حسبك يا أمير المؤمنين، اجمع بيني وبينه، وخلّني والذم... ).

ووجّه المأمون في الوقت رسوله إلى الإمام يطلب منه الحضور لمناظرة سليمان فأجابه الإمام إلى ذلك، وحضر معه وفد من أعلام أصحابه ضم عمران الصابئ الذي أسلم على يده وجرى حديث بينه وبين سليمان حول البداء، فأنكره سليمان، وأثبته عمران، وطلب سليمان رأي الإمام فيه فأقره، واستدل عليه بآيات من الذكر الحكيم، والتفت المأمون إلى سليمان فقال له: سل أبا الحسن عما بدا لك وعليك بحسن الاستماع والإنصاف، ووجه سليمان الأسئلة التالية للإمامعليه‌السلام :

س ١: ( ما تقول فيمَن جعل الإرادة اسماً وصفة مثل حي، وسميع، وبصير وقدير؟... ).

ج ١: إنّما تقول: حدثت الأشياء واختلفت لأنّه شاء وأراد، ولم تقولوا: حدثت الأشياء واختلفت لأنّه سميع بصير، فهذا دليل على أنّهما - أي الإرادة والمشيئة - ليستا مثل سميع، ولا بصير، ولا قدير.

وانبرى سليمان قائلاً: ( فإنّه لم يزل مريداً... ).

ورد عليه الإمام: ( يا سليمان فإرادته غيره؟... ).

( نعم... ).

وذهب سليمان إلى التعدد مع أنّ الله تعالى متحد مع إرادته، وأبطل الإمام شبهته قائلاً: ( قد أثبت معه شيئاً غيره لم يزل؟... ).

( ما أثبت... ).

١١٦

( أهي - أي الإرادة - محدثة؟... ).

( لا ما هي محدثة... ).

وضيق الإمام على سليمان الخناق، وراحت أقواله تتناقض فتارة يقول بقدم الإرادة، وأخرى يقول بحدوثها، فصاح به المأمون، وطلب منه عدم المكابرة، والإنصاف في حديثه قائلاً: ( عليك بالإنصاف، أما ترى من حولك من أهل النظر؟. )

والتفت المأمون إلى الإمام قائلاً: ( كلّمه يا أبا الحسن، فإنّه متكلّم خراسان ).

وسأله الإمام قائلاً: ( أهي محدثة؟... ).

فأنكر سليمان حدوث الإرادة، فردّ عليه الإمام: ( يا سليمان هي محدثة، فإنّ الشيء إذا لم يكن أزلياً كان محدثاً، وإذا لم يكن محدثاً كان أزلياً... ).

وانبرى سليمان قائلاً:

( إرادته - أي الله - منه؟ كما أنّ سمعه وبصره وعلمه منه ).

وأبطل الإمام عليه قوله، وقائلاً: ( فأراد نفسه؟... ).

( لا... ).

وأخذ الإمام يفند مقالته قائلاً له: ( فليس المريد مثل السميع والبصير ).

وراح سليمان يتخبّط خبط عشواء فقد ضيّق الإمام عليه، وسد كل نافذة يسلك منها، قائلاً: ( إنّما أراد نفسه، كما سمع نفسه، وأبصر نفسه، وعلم نفسه... ).

وانبرى الإمام فأبطل مقالته، قائلاً له: ( ما معنى أراد نفسه؟ أراد أن يكون شيئاً، وأراد أن يكون حياً، أو سميعاً، أو بصيرا أو قديراً؟... ).

ولم يدر سليمان ماذا يقول، فأجاب: ( نعم... ).

١١٧

فقال له الإمام: ( أفبإرادته كان ذلك؟... ).

( نعم... )

وطفق الإمام يبطل مقالته، ويبدي ما فيها من التناقض قائلاً: ( فليس لقولك: أراد أن يكون حياً سميعاً، بصيراً معنى، إذا لم يكن ذلك بإرادته؟... ).

والتبس الأمر على سليمان، وراح يقول: ( بلى قد كان ذلك بإرادته... ). وعجّ المجلس بالضحك، وضحك المأمون والرضاعليه‌السلام من تناقض كلام سليمان، والتفت الإمام إلى الجماعة، وطلب منهم الرفق بسليمان، ثم قال له: ) يا سليمان، فقد حال - أي الله تعالى - عندكم عن حاله وتغير عنها، وهذا ما لا يوصف الله به... ).

وبان العجز على سليمان، وانقطع الكلام، والتفت الإمام إليه ليقيم عليه الحجة قائلاً: ( يا سليمان أسألك عن مسألة...؟ ).

( سل جعلت فداك... ).

( اخبرني عنك وعن أصحابك تكلمون الناس بما تفقهون وتعرفون؟ أو بما لا تفقهون، ولا تعرفون... ).

( بل بما نفقه ونعلم... ).

وأخذ الإمام يقيم الحجّة والبرهان على خطأ ما ذهب إليه سليمان قائلاً: ( فالذي يعلم الناس أنّ المريد غير الإرادة، وأنّ المريد قبل الإرادة، وأنّ الفاعل قبل المفعول، وهذا يبطل قولكم: إنّ الإرادة والمريد شيء واحد... ).

وطفق سليمان قائلاً: ( جعلت فداك، ليس ذلك منه على ما يعرف الناس، ولا على ما يفقهون؟ ).

واندفع الإمام يبطل ما ذهب إليه قائلاً: ( فأراكم ادعيتم علم ذلك بلا معرفة، وقلتم: الإرادة كالسمع والبصر إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف، ولا يعقل... ).

وحار سليمان ولم يطق جواباً أمام هذه الطاقات الهائلة من العلم التي يملكها

١١٨

الإمامعليه‌السلام ، واستأنف الإمام حديثه ليتم عليه الحجة قائلاً: ( يا سليمان هل يعلم الله جميع ما في الجنة والنار؟... ).

وأسرع سليمان قائلاً: ( نعم ).

وانبرى الإمام قائلاً: ( أفيكون ما علم الله تعالى أنه يكون من ذلك؟... ).

( نعم... ).

( فإذا كان حتى لا يبقى منه شيء، إلاّ كان يزيدهم أو يطويه عنهم؟... )

فأجاب سليمان: ( بل يزيدهم... ).

وأبطل الإمام قوله: ( فأراه في قولك: قد زادهم ما لم يكن في علمه، أنّه يكون... ).

وطفق سليمان يقول: ( جعلت فداك فالمريد لا غاية له... ).

ومضى الإمام يفنّد شبه سليمان قائلاً:

( فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما، لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون، تعالى الله عزّ وجل عن ذلك علواً كبيراً... ).

وراح سليمان يعتذر ويوجه ما قاله: ( إنّما قلت: لا يعلمه، لأنه لا غاية لهذا، لان الله عزّ وجل وصفهما بالخلود، وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعاً... ).

وراح الإمامعليه‌السلام يفنّد شبهه وأوصافه قائلاً: ( ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم؛ لأنّه قد يعلم ذلك، ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم، وكذلك قال الله عزّ وجل في كتابه:( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ) (١) وقال لأهل الجنّة:( عَطَاءً غَيْرَ

____________________

(١) سورة النساء / آية ٥٦.

١١٩

مجذوذ ) (١) وقال عزّ وجل:( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) (٢) فهو عزّ وجل يعلم ذلك لا يقطع عنهم الزيادة... أرأيت ما أكل أهل الجنة، وما شربوا يخلف مكانه؟... ).

( بلى... ).

( أفيكون يقطع ذلك عنهم، وقد أخلف مكانه؟... ).

( لا... ).

ومضى الإمامعليه‌السلام يقرّر ما ذهب إليه قائلاً: ( فكذلك كلما يكون فيها إذا أخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم... ).

وراح سليمان يتمسك بالشبه والأوهام ثم يزيله عنها هذه الحجج البالغة التي أقامها الإمام قائلاً: ( بلى يقطعه عنهم، ولا يزيدهم... ).

وانبرى الإمام فأبطل ذلك بقوله: ( إذا يبيد فيها، وهذا يا سليمان إبطال الخلود، وخلاف الكتاب؛ لأنّ الله عزّ وجل يقول:( لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ) (٣) .

ويقول عزّ وجل: (عطاء غير مجذوذ) ويقول عزّ وجل:( وما هم عنها بمخرجين ) (٤).

ويقول عزّ وجل:( خالدين فيها أبداً ) (٥)

ويقول عزّ وجل:( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) .

ووجم سليمان، وحار في الجواب، وراح يسد عليه كل نافذة يسلك فيها لإثبات شبهة قائلاً له: ( يا سليمان ألا تخبرني عن الإرادة أفعل هي أم غير فعل...؟ ).

( بل هي فعل... ).

ورد الإمام عليه: ( فهي محدثة لأنّ الفعل كله محدث... ). إنّ كل ممكن معلول ومصنوع وحادث إمّا واجب الوجود تعالى فهو عارٍ عن

____________________

(١) سورة هود / آية ١٠٨

(٢) سورة الواقعة / آية ٣٣.

(٣) سورة ق / آية ٣٥.

(٤) سورة الحجر / آية ٤٨.

(٥) سورة البينة / آية ٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363