منهاج الصالحين - العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين - العبادات13%

منهاج الصالحين - العبادات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183939 / تحميل: 6923
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - العبادات

منهاج الصالحين - العبادات الجزء ١

مؤلف:
العربية

منهاج الصالحين

الجزء الأول

العبادات

السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

٤

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

وبعد..

فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى (محمد سعيد) عفي عنه، نجل سماحة حجة الإسلام والمسلمين آية الله (السيد محمد علي الطباطبائي الحكيم) دامت بركاته: هذه رسالة عملية تشتمل على الاحكام الشرعية للمسائل الّتي تعمّ بها البلوى من أبواب العبادات والمعاملات وغيره.

وقد سميتها (منهاج الصالحين) باسم رسالة سيدنا الاعظم مرجع الطائفة الاُستاذ الجد (السيد محسن الطباطبائي الحكيم) أعلى الله مقامه، لاني وإن خرجت عنها كثيراً في التعبير والتبويب ونظم المسائل، إلا أني قد جاريتها في منهجه، وسرت على ضوئه، واستعنت بكثير من عباراته.

وقد حافظت على هذا الاسم تيمناً به، واعتزازاً بصاحبه، وإبقاءً لذكره، اعترافاً بالفضل، وأداءً للحق.وأسأله تعالى أن يعصمني من الزلل في القول والعمل، ويجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، ولا يحرمني أجره، وأن ينفع به إخواني المؤمنين ويوفقني لخدمتهم، ويجعلني عند حسن ظنهم، ويرزقني مودتهم ودعاءهم.

وأسأله جل شأنه لي ولهم خير العاجلة، وثواب الاجلة، إنه أرحم الراحمين، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.

٥

تمهيد

قد تميَّزت الطائفة الإمامية الإثنا عشرية - أعز الله دعوتها وأعلى كلمتها - بفتح باب الاجتهاد على مرِّ العصور وتعاقب الدهور، وعلى ذلك جرى علماؤها الأبرار، وهم لا يريدون بالاجتهاد التوسع على حساب الحكم الشرعي بما يلائم مستجدات العصر وتطور الزمن، أو إرضاء لعامة الناس، أو للحكام والمتسلطين وغيرهم من أهل النفوذ أو لغير ذلك.

بل الاجتهاد عندهم هو بذل الجهد لمعرفة الحكم الشرعي من منابعه الاصيلة، والحفاظ عليه كأمانة يسأل الله تعالى المجتهد عنها عند ما يقف بين يديه يوم العرض الاكبر، (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئ)، (والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير).

كما تميَّزت هذه الطائفة بالتقليد، الذي هو عبارة عن رجوع عامة الناس الذين لا معرفة لهم بالاحكام الشرعية في أعمالهم - من عبادات ومعاملات وغيرها - للمجتهد المأمون على الحكم الشرعي، الذي لا يفرط فيه تسامحاً في البحث والفحص، أو تبعاً لسلطان، أو إرضاءً لعامة الناس، أو حباً للظهور في ابتداع الجديد، أو في التخفيف والتسهيل، أو لغير ذلك من المكاسب والأغراض المادية والمعنوية. كل ذلك خوفاً من الله تعالى، وفرقاً من عظيم عقابه وشديد نكاله.

٦

ولذا تراهم يُكِنُّون لعلمائهم عامَّة ولمن يقلِّدونه خاصة من الاحترام والتقديس والتعظيم والتبجيل الشيء الكثير.

وحق لهذه الطائفة أن ترفع رأسها فخراً واعتزازاً بمحافظتها على أحكام الله تعالى، واهتمامها بأخذها من منابع التشريع الاصيلة، وصمودها في ذلك متحدية أعاصير الزمن، وظلمات الفتن، على طول المدة وشدة المحنة.

كل ذلك بفضل علمائها المخلصين الذين لا تأخذهم في الله تعالى لومة لائم، وأتباعهم المؤمنين الذين لا يأخذون دينهم إلا ممن هو أهل للامانة في دينه وورعه وقدسيته، رافضين غيرهم ممن لا يتحلى بالامانة والورع، و لا يبالي في أي واد سلك، قد تورط في الشبهة، ووضع نفسه في مواضع التهمة.

وأمام أعينهم في ذلك تعاليم أئمة الهدى من أهل البيت (صلوات الله عليهم) المطابقة لحكم العقل السليم، وللكتاب المجيد وسنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد ورد عنهم (علهيم السلام) في ذلك الشيء الكثير، وفي الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه بعد أن ذم اليهود بتقليدهم لعلمائهم، وشدد عليهم، قال:

«وكذلك عوام اُمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة، والتكالب على حطام الدنيا وحرامه، وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لاصلاح أمره مستحق، وبالترفرف بالبر والاحسان على من تعصبوا له وإن كان للاذلال والاهانة مستحق، فمن قلَّد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمَّهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم، فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لامر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم. فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئاً ولا كرامة...».

فعلى المؤمنين سددهم الله تعالى - العلماء منهم والاتباع - أن يعرفو

٧

عظيم المسؤولية الملقاة على عواتقهم، وثقل الامانة التي حمّلها الله تعالى إياهم. وليكن الهمُّ الأول و الاخير للعالم هو معرفة الحقيقة والحفاظ عليها والوصول للحكم الشرعي من منابعه الاصيلة وبيانه، أداءً للوظيفة الشرعية، من دون اهتمام بكثرة الاتباع والانصار، ولا بالبهرجة وحب الظهور، ولا بغير ذلك من مغريات الدنيا الزائلة ودواعي الشيطان المهلكة، وأمام عينيه قوله تعالى: (ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل * لاخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين).

كما ليكن همّ الأتباع الخروج عن تبعة الأحكام الشرعية بأخذها من العلماء العاملين من أهل الورع والتقوى والنزاهة والإخلاص والإستقامة، وممن لا تنالهم الطعون ولا تلوكهم الألسن، لبعدهم عن الشبهات وعن مواقع التهم، مع كمال التثبت والتروي، ليكونوا بذلك على بصيرة من الخروج عن المسؤولية وقيام العذر لهم بين يدي الله تعالى يوم يعرضون عليه لا يخفى عليه منهم خافية.

ولا يكون اتّباعهم الشخص مبنياً على التسرع والانخداع ببهرجة الأقوال، أو لموافقتهِ لأهوائهم ورغباتهم، فإن الرقيب في جميع ذلك هو الله تعالى المطلع على السرائر والعالم بالخفايا والضمائر ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.

وقد يقف الناس حيارى - لملابسات خاصة وظروف طارئة - أمام كثرة الدعاوى وتعدد الاتجاهات إلا أن ذلك لا ينبغي أن يجرّ للتفريط في الوظيفة والتقصير في أداء الواجب، إذ مهما التبست الامور وشبَّهت الفتن فإن الله جلت آلاؤه لا يضيع حجته، ولا يخفي معالم دينه - بفضله ورحمته إن شاء الله - على من حاول البحث عنها وجهد في الوصول إليه(والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم

٨

سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، (قل فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين).

و نرجو بذلك أن نكون قد قمنا ببعض الواجب في النصح لاخواننا المؤمنين، وتذكيرهم بواجبهم (فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه اُنيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

٩

التقليد

مقدمة

في بعض مسائل التقليد

يبلغ الإنسان الذكر مرتبة التكليف بأحد اُمور:

الأول: الإنبات، وهو ظهور الشعر الخشن على الوجه، أو في منطقة العانة، وهي فوق الذكر ومن جانبيه.

الثاني: خروج المني، سواءً كان بالاحتلام أم بدونه ولو في حال اليقظة.

الثالث: إكمال خمس عشرة سنة قمرية.

أما الاُنثى فتبلغ مرتبة التكليف بإكمال تسع سنين قمرية.

(مسألة ١): إذا بلغ الإنسان مرتبة التكليف ووجب عليه تطبيق أحكام الشريعة وتكاليفها على أعماله أمكنه تطبيقها بأحد وجوه:

الأول: الاجتهاد، بأن ينظر في أدلة الاحكام الشرعية ويعرف بنفسه الحكم منها ويعمل عليه. وهو لا يتيسر إلا لقليل من الناس.

الثاني: الاحتياط، بأن يتحفظ على التكليف في مورد احتماله، سواء قامت عليه حجة أم لم تقم.

١٠

فإن أفتى بعض المجتهدين بحرمة التدخين - مثلاً - وأفتى بعضهم بحليته يلتزم بترك التدخين لاحتمال حرمته. وإن أفتى بعضهم بوجوب تسبيحة واحدة في الصلاة، وأفتى بعضهم بوجوب ثلاث تسبيحات يلتزم بالإتيان بثلاث تسبيحات لاحتمال وجوبه. وإن أفتى بعضهم بوجوب القصر وأفتى بعضهم بوجوب التمام يلتزم بالجمع بين القصر والتمام لاحتمال وجوب كل منهم.

وهكذا كلما احتمل وجود التكليف يحتاط بموافقته. وهذا الطريق يتعذر أو يعسر في حق أكثر الناس.

(مسألة ٢): الاحتياط..

تارة: يكون له جهة واحدة كالاحتياط بترك التدخين لو اختلف المجتهدون في حليته وحرمته.

واُخرى: يكون له أكثر من جهة واحدة، كالاحتياط في مورد الجنابة والحيض: فإن الجنب يجب عليه الغسل ويجزئه عن الوضوء، ففي مورد الاحتياط في الجنابة لا يتم الاحتياط إلا بالجمع بين الغسل والوضوء إذا كان محدثاً بالحدث الاصغر، ولا يجزئ فيه الغسل، وكذا الحائض فإن الاحتياط لها لا يتم إلا بالجمع بين واجبات الطاهر كالصلاة والصيام وتروك الحائض كترك دخول المسجد وتمكين الزوج من الوطء بإذنه وغير ذلك.

كما أن الاحتياط..

تارة: يتعلق بشخص واحد كما هو الغالب في العبادات كالطهارة والصوم والصلاة والمحرمات كشرب العصير ونحوه.

واُخرى: يتعلق بأكثر من شخص، كما هو الغالب في المعاملات، فالاحتياط ببطلان البيع - مثلاً - قائم بالمشتري والبائع مع. فلابد في الخروج عنه من اتفاقهما على تكرار عقد البيع بالوجه المعلوم الصحة، أو على التقايل وفسخ البيع المحتمل

١١

البطلان، ولا يكفي فيه العمل من أحدهما على احتمال بطلان البيع من دون رضا الاخر. وهذا أمر يلزم الالتفات إليه في جميع الاحتياطات الواردة في الرسالة.

الثالث: التقليد، بأن يرجع المكلف فيما لا يعرفه من الاحكام للمجتهد العالم بها الذي يأخذها من أدلتها الشرعية والعقلية المعتبرة، فيعمل بفتاواه فيه. وهذا الطريق هو المتيسر لعامة الناس.

(مسألة ٣): يشترط في المجتهد الذي يصح تقليده اُمور:

الأول والثاني: الذكورة، وطهارة المولد، على الأحوط وجوب.

الثالث: الايمان، وهو الاعتقاد بإمامة الائمة الاثني عشر من أهل البيت صلوات الله عليهم.

الرابع: العدالة بمرتبة عالية، بأن يكون على مرتبة من التقوى تمنعه عادةً من مخالفة التكليف الشرعي ومن الوقوع في المعصية وإن كانت صغيرة، بحيث لو غلبته نوازع النفس ودواعي الشيطان - نادراً - فوقع في المعصية لاسرع للتوبة وأناب لله تعالى.

وأما العدالة المعتبرة في غير المقلَّد كإمام الجماعة والشاهد، فيكفي فيها التقوى المانعة من ارتكاب المعصية الكبيرة، ولا يقدح فيها ارتكاب المعصية الصغيرة من دون إصرار واستهوان.

(مسألة ٤): إذا قلد مجتهداً فمات، وجب البقاء على تقليده إلى أن يظهر من الاحياء من هو أعلم منه بفارق ظاهر ومرتبة معتدّ به. من دون فرق في ذلك بين المسائل التي عمل بها وغيره، ولا بين المسائل التي يعلمها ويذكرها والمسائل التي لم يعلمها أو نسيه.

(مسألة ٥): إذا اختلف المجتهدون في الفتوى، فإن كان أحدهم متفوق

١٢

على الاخرين بمرتبة معتدّ بها وجب اختياره، ومع عدمه فالأحوط وجوباً العمل بأحوط الاقوال، ومع تعذر ذلك أو تعسره - كما هو الغالب - فاللازم اختيار الاعلم ولو بمرتبة ضعيفة، ومع التساوي بينهم يترجح الاورع، ومع عدمه يتخير بين المجتهدين، فيقلد أحدهم، ويعمل بفتاواه.

(مسألة ٦): يثبت اجتهاد المجتهد وأعلميته وعدالته - بالنحو المتقدم - بالعلم الناشئ من المخالطة والإختبار أو من الشياع أو غيرهم. ومع عدمه يكفي فيه شهادة الثقة من أهل الخبرة، إذا استندت إلى الإختبار ونحوه مما يلحق بالحس، ولا يكفي استنادها للحدس والتخمين، ومع اختلاف أهل الخبرة تسقط شهادتهم.

(مسألة ٧): إذا احتمل أعلمية بعض المجتهدين وجب الفحص عنه، فمع ثبوته بالعلم أو غيره مما تقدم في المسألة الخامسة يلزم اختياره، ومع عدم تيسر معرفته بالوجه المتقدم، فإن أمكن العمل بأحوط الاقوال تعيّن، ومع تعذّره أو تعسّره - كما هو الغالب - إن احتمل أعلمية شخص بعينه من دون أن يحتمل أعلمية غيره منه يتعين تقليده.

وإن كان احتمال الاعلمية لاكثر من شخص واحد تعين اختيار من يظن بأعلميته، ومع اختلاط الامر وعدم تيسر الظن بأعلمية أحدهم يتعين اختيار الاورع، ومع عدمه يتخير بينهم، كما سبق في صورة التساوي.

(مسألة ٨): إذا قلد مجتهداً ثم ظهر له أن تقليده لم يكن على الوجه الشرعي لزم العدول عنه وتقليد غيره على الوجه المطلوب شرع.

(مسألة ٩): إذا بقي على تقليد الميت فاستجدت له بعض المسائل التي لا يستطيع معرفة فتوى الميت فيها وجب الرجوع فيها للحي، ومع اختلاف الاحياء يجري ما سبق من الترجيح والتخيير. وكذا لو كان مقلداً للحي وتعذر معرفة رأيه في بعض المسائل.

١٣

(مسألة ١٠): إذا قلد مجتهداً وعمل على رأيه مدة ثم عدل المجتهد عن رأيه اجتزأ المقلد بعمله السابق ولم يجب عليه قضاؤه في العبادات ونحوها مما يمكن فيه التدارك. وكذا لو عدل المقلد من مجتهد إلى آخر إذا كان تقليده الأول على الوجه الشرعي، أو على غير الوجه الشرعي غفلةً من دون تقصير، وأما إذا ابتنى على التسامح والتقصير فهو كما لو عمل من غير تقليد، وسيأتي حكمه.

(مسألة ١١): إذا عمل من غير تقليد مدة من الزمان فليس له الاجتزاء بعمله، بل لابد من الرجوع للمجتهد الجامع للشرائط فعلاً وعرض عمله السابق عليه، فإن أفتى له بصحته أو بعدم وجوب إعادته اجتزأ به، وإلا أعاد.

(مسألة ١٢): من لا يتيسر له الفحص عمن يجب تقليده وأخذ الحكم منه، لبعده عن مراكز الثقافة الدينية، أو لقلة إدراكه كبعض النساء والعوام إذا وثق ببعض المتدينين - من طلاب العلوم الدينية أو غيرهم - في اختيار من يقلده أو في تعيين حكمه الفعلي ليعمل عليه، فأرشده في أمره وعيّن له الحكم أو المجتهد الذي يقلده فعمل على ذلك كان كمن عمل عن تقليد صحيح، وتحمّل الشخص الذي أرشده مسؤولية عمله، فيجب عليه بذل الوسع واستكمال الفحص عن مقتضى الميزان الشرعي أداءً للامانة، وإلا كان خائناً مسؤولاً أمام الله تعالى.

(مسألة ١٣): الوكيل في العمل عن الغير يعمل على طبق تقليد موكِّله أو اجتهاده، إلا مع القرينة الخاصة على ابتناء الوكالة على خلاف ذلك، وكذا الحال في الوصي فإنه يعمل على طبق اجتهاد الموصي أو تقليده، إلا مع القرينة على خلاف ذلك. نعم مع الجهل بتقليد الموكِّل والموصي أو اجتهاده يجوز العمل على طبق اجتهاد الوكيل أو الوصي أو تقليدهم.

وأما الولي - المكلف بالقضاء عن الميت - فيعمل على طبق تقليده أو اجتهاده بنفسه وكذا المتبرع. وأما الاجير فلابد من اتفاقه مع المستأجر على كيفية

١٤

العمل إلا مع الانصراف إلى وجه معيّن تبتني عليه الاجارة ضمن.

(مسألة ١٤): الحاكم الشرعي هو المجتهد العادل، فإنه هو المنصوب من قبل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) للحكم والقضاء. فيجب الترافع إليه عند النزاع والتخاصم، وينفذ حكمه في فصل الخصومة، ولا يجوز ردّ حكمه، بل الراد عليه كالراد على الائمة (عليهم السلام) الذي هو كالراد على الله تعالى وهو على حدّ الشرك بالله، كما في الحديث الشريف.

(مسألة ١٥): لا يجوز الترافع لغير الحاكم الشرعي، بل يحرم المال المأخوذ بحكم ذلك الشخص وإن كان الاخذ محق. نعم إذا علم صاحب الحق بثبوت حقّه جاز له استنقاذه بالترافع لغير الحاكم الشرعي، بشرط تعذّر الترافع عند الحاكم الشرعي إما للعجز عن الوصول إليه أو الخوف من ذلك أو امتناع من عليه الحق من الترافع عنده.

(مسألة ١٦): لا يجوز للمقلد التصدي للقضاء وفصل الخصومة حتى على طبق فتوى مقلَّده، ولا يجوز الترافع له والتحاكم عنده، ولا ينفذ حكمه.

نعم، يجوز له بيان حكم الواقعة على طبق تقليد المتخاصمين، فمع وثوقهما بصدقه ومعرفته يجب عليهما العمل بقوله.

(مسألة ١٧): إذا مات المجتهد انعزل وكيله في الاُمور العامة التي يرجع إليه فيها كتولّي أموال القاصرين والاوقاف التي لا ولي لها وغير ذلك، بل لابد من تجديد وكالته من مجتهد عادل آخر.

(مسألة ١٨): الاحتياط في هذه الرسالة على قسمين:

الأول: الاحتياط الوجوبي، وهو الاحتياط الذي ليس معه فتوى بالسعة ويتخير المكلف بين العمل به والرجوع لمجتهد آخر، الاعلم فالاعلم مع الامكان، على التفصيل المتقدم.

١٥

الثاني: الاحتياط الاستحبابي، وهو الاحتياط الذي معه فتوى بالسعة، كما لو قيل: يجوز كذا والأحوط استحباباً تركه. أو قيل: الأحوط استحباباً ترك الشيء الفلاني وإن كان الظاهر جواز فعله. ويحسن من المكلف العمل بالاحتياط المذكور وإن كان له تركه والعمل على السعة.

(مسألة ١٩): قد يرد الاحتياط الوجوبي في بعض المستحبات، كما إذا قيل: الأحوط وجوباً في سجود الشكر السجود على المساجد السبعة. والمراد بذلك: أن سجود الشكر وإن كان مستحباً يجوز تركه من أصله إلا أن من أراد الإتيان به لا يحرز صحته إلا بالسجود على المساجد السبعة، فلو سجد على الجبهة فقط جاز إلا انه لا يحرز مشروعية سجوده وتحقق وظيفة سجود الشكر المستحب به.

(مسألة ٢٠): قد ترد في الرسالة العبارات التالية: الظاهر كذ، أو: الاظهر كذ، أو: لا يبعد كذ. والمراد بالجميع الفتوى بالامر المذكور. كما قد ترد العبارة التالية، وهي: الأولى كذ، والمراد بذلك رجحان الامر المذكور - ولو من غير جهة الشرع - من دون أن يكون لازم.

(مسألة ٢١): إن كثيراً من المستحبات المذكورة في هذه الرسالة يبتني استحبابها على ذكر العلماء لها أو ورود بعض الاخبار بها وإن لم تكن معتبرة السند، فيحسن الإتيان بها برجاء المطلوبية، وكذا الحال في المكروهات، فيحسن الترك لها برجاء الكراهة، ولا يجوز في المقامين الجزم بالاستحباب والكراهة.

هذ، وقد ورد في الاخبار الكثيرة المعتبرة عن الائمة (عليهم السلام) أن من بلغه ثواب على عمل فعمله كان له أجر ذلك وإن لم يكن الامر على ما بلغه، ومن هنا لا ينبغي الزهد في العمل من أجل ضعف الدليل على استحبابه، لان المهم هو تحصيل الثواب. ومنه سبحانه نستمد العون والتوفيق.

١٦

كتاب الطهارة

وفيه مقاصد:

المقصد الأول

في الماء وأحكامه

ينقسم الماء إلى قسمين:

الأول: الماء المطلق، وهو ما يصح إطلاق لفظ الماء عليه من دون إضافة، كماء المطر وماء البحر وماء النهر وماء الابار والعيون والماء المقطر. فإنه يصح في جميع ذلك أن يقال: هذا ماء.

الثاني: الماء المضاف، وهو ما لا يصح إطلاق لفظ الماء عليه إلا بالاضافة والتقييد، ومنه الماء المعتصر من بعض الاجسام كماء الليمون وماء الرمان وماء العنب، فإنه لا يصح أن يقال: هذا ماء، بل لابد أن يقال: هذا ماء الرمان أو ماء العنب أو نحو ذلك. ومنه الماء الذي يخلط به جسم آخر بقدر معتدّ به بحيث لا يصح إطلاق لفظ الماء عليه إلا مقيَّداً به ومضافاً إليه، كماء السكر وماء الملح. ومحل الكلام هو الأول، وأما الثاني فلا يذكر إلا تبع.

إذا عرفت هذ، فيقع الكلام في ضمن فصول:

١٧

الفصل الأول

في طهارة الماء ونجاسته

الماء طاهر بالاصل، وهو بجميع أقسامه ينجس بملاقاة النجاسة إذا تغير لونه أو طعمه أو رائحته. وأما إذا لم يتغير بها فإنما ينجس بالملاقاة إذا كان قليلاً دون الكرّ ولم يكن له مادة، أما إذا بلغ الكرّ أو كان له مادة فإنه لا ينجس بملاقاة النجاسة من دون تغير. وهو المسمى بالماء المعتصم. هذا في غير المطر. أما المطر، فيأتي الكلام فيه في الفصل الثاني.

(مسألة ١): إنما ينجس الماء القليل بملاقاة النجاسة مع استقراره، أما إذا كان متدافعاً بحيث يصدق عليه الجريان عرفاً باتجاه معيّن فلا ينجس منه إلا موضع الملاقاة، دون ما قبله. فإذا جرى من الاعلى للاسفل، ولاقى الاسفل النجاسة لم ينجس الاعلى، وإذا اندفع من الاسفل للاعلى - كما في النافورات - ولاقى الاعلى النجاسة لم ينجس الاسفل، وكذا إذا جرى من اليمين للشمال ولاقى جانب الشمال النجاسة لم ينجس من جانب اليمين، وهكذ.

(مسألة ٢): الماء القليل كما ينجس بملاقاة النجس ينجس بملاقاة المتنجس بجميع أقسامه.

(مسألة ٣): الكُرّ بحسب الحجم سبعة وعشرون شبراً مكعب. والأحوط وجوباً القياس بالشبر المقارب لربع المتر. وأما الكرّ بحسب الوزن فهو أربعمائة وأربعة وستون كيلو غراماً ومائة غرام، والأحوط استحباباً ما يزيد على ذلك قليلاً حتّى يبلغ أربعمائة وسبعين كيلو غرام.

١٨

(مسألة ٤): المراد بالماء الذي له مادة هو المتصل بغيره بحيث إذا نقص أمدّه، سواء جرى عليه، كالماء الذي تجري عليه الحنفية التي تأخذ من المخازن الكبيرة، أم نبع فيه، كماء الابار والعيون. ولابدّ فيها من اتصال المادة بالماء، ولا يكفي تقاطرها وترشحها عليه من دون اتصال.

(مسألة ٥): المادة إنما تمنع الماء من التنجس بملاقاة النجاسة إذا بلغت وحدها كر، ولا يكفي كرّية مجموع المائين، فإذا كانت المادة ثلاثة أرباع الكُر مثلاً وجرت على ماء يبلغ نصف كُر لم تمنع من تنجسه، بل ينجس بملاقاة النجاسة وإن لم يتغير.

نعم، مع استقرار المائين وعدم تدافع أحدهما على الاخر يكفي كرّية المجموع في اعتصامه وعدم تنجسه بملاقاة النجاسة، كما في الغديرين المتصل أحدهما بالاخر بساقية ضيقة، وكما في المخازن الصغيرة المتصل بعضها ببعض باُنبوب صغير. كما أن المجموع حينئذٍٍ يصلح أن يكون مادة عاصمة، فإذا جرى منه على الماء القليل لم ينجس ذلك الماء بملاقاة النجاسة من دون تغير.

(مسألة ٦): لابد في التغير - الذي ينجس معه الماء وإن كان كر، أو كان له مادة - من أن يكون بأحد الصفات الثلاث - وهي اللون والطعم والرائحة - ولا يكفي التغير بغيرها كالثقل والثخانة وغيرهم. وكذا لابدّ من استناده للنجاسة، ولا يكفي استناده للمتنجس به، فإذا تنجس الدبس مثلاً بملاقاة الميتة، ثم وقع في الماء الكثير فغيَّر طعمه لم ينجس. إلا أن يكون من الكثرة بحدّ يخرج الماء عن كونه ماءً مطلقاً ويجعله ماءً مضاف.

نعم، لو كان التغير بوصف النجاسة الذي يحمله المتنجس تنجس الماء على الأحوط وجوب، كما لو أنتن المتنجس بملاقاة الميتة ثم وقع في الماء الكثير فأنتن الماء. أو لاقى الدمَ المتنجس فغيّر لونه، ثم وقع ذلك المتنجس في الماء

١٩

الكثير فتأثر الماء بلون الدم الذي يحمله المتنجس.

(مسألة ٧): لابدّ في تنجس الماء بالتغير من استناده لملاقاة النجاسة، ولا يكفي فيه التغير بسبب مجاورة النجاسة أو نحوها من دون ملاقاة.

(مسألة ٨): إذا تغير جانب من الماء الكثير بملاقاة النجاسة ولم يتغير الجانب الاخر لم ينجس الجانب غير المتغير إذا كان كراً أو متصلاً بالمادة.

(مسألة ٩): إذا شك في كُرية الماء فلا مجال للبناء على كُرّيته حتى لو كان معلوم الكُرّية سابقاً واُخذ منه حتى شك في بقاء كُرّيته، بل الأحوط وجوباً البناء على عدم كُرّيته، فينجس بملاقاة النجاسة ولو مع عدم التغير، ولا يكون مادة عاصمة للماء القليل.

(مسألة ١٠): إذا شك في أن للماء مادة بنى على عدم كونه ذا مادة. نعم إذا علم بسبق اتصاله بالمادة ثم احتمل انقطاعها عنه، بنى على أن له مادة.

(مسألة ١١): إذا تنجس الماء القليل لم يطهر بإضافة الماء إليه وإن بلغ الكُرّ، كما أن الكُرّ إذا تنجس بالتغير لم يطهر بزوال التغير عنه بنفسه أو بعلاج.

وينحصر تطهير الماء النجس غير المتغير - قليلاً كان أم كثيراً - باتصاله بالكُرّ الطاهر مع استقرار المائين، أو مع جريان الكُرّ الطاهر وتدافعه عليه، أما مع تدافع الماء النجس على الكُرّ الطاهر فلا يكفي الاتصال في تطهير النجس بتمامه، وإنما يطهر منه خصوص ما صار مع الطاهر واستقر معه بعد التدافع.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفصل الثالث و الخمسون في الفتن و الشبه و البدع

١٦١

١ في أوّل الباب الثالث من النهج باب المختار

من حكم امير المؤمنينعليه‌السلام و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله و الكلام القصير الخارج في ساير أغراضه .

قالعليه‌السلام :

كُنْ فِي اَلْفِتْنَةِ كَابْنِ اَللَّبُونِ لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ وَ لاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ قول المصنّف : « باب المختار » هو القسم الأخير من كتابه « من حكم أمير المؤمنينعليه‌السلام » اقتصر عليه في ( المصرية ) و زاد ابن أبي الحديد و ابن ميثم : « و مواعظه » و هو الصحيح لأصحية نسختيهما لا سيما الأخير الذي نسخته بخط المصنف .

و لأنّ فيه مواعظ كثيرة و منها في العنوان ( ١٥٠ ) كلامهعليه‌السلام لرجل سأله أن يعظه الذي قال المصنف فيه « و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة » .

١٦٢

و وصف الشعبي كلامهعليه‌السلام في الحكم و غيرها فقال : تكلّم أمير المؤمنينعليه‌السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة و أيتمن جواهر الحكمة و قطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن ، ثلاث منهن في الحكمة و ثلاث في المناجاة و ثلاث في الأدب ، أما اللائي في الحكمة فقال : قيمة كلّ امرى‏ء ما يحسنه ، و ما هلك امرؤ عرف قدره ، و المرء مخبوء تحت لسانه .

و أما اللائي في المناجاة فقال : اللّهم كفى بي عزّا أن أكون لك عبدا ، و كفى بي فخرا أن تكون لي ربا ، أنت كما أحب فاجعلني كما تحب و أما اللائي في الأدب فقال : امنن على من شئت تكن أميره ، و استغن عمّن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره(١) .

« و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسألته » ترى أجوبة مسألته في العناوين ( ١٦ ) ( ٣٠ ) ( ٩٤ ) ( ١٢٠ ) ( ١٥٠ ) ( ٢٢٧ ) ( ٢٢٩ ) ( ٢٣٥ ) ( ٢٦٦ ) ( ٢٨٧ ) ( ٢٩٤ ) ( ٣٠٠ ) ( ٣١٨ ) ( ٣٥٦ ) ( ٤٧٠ ) .

« و الكلام القصير » كان حاجب هشام بن عبد الملك يأمر منتجعيه بالإيجاز في الكلام ، فقام أعرابي فقال : إنّ اللَّه تعالى جعل العطاء محبة و المنع مبغضة فلأن نحبك خير من أن نبغضك فأعطاه و أجزل له .

« الخارج في سائر أغراضه » أي باقي مقاصده ، و الأصل في ( الغرض ) الهدف و ( سائر ) يأتي بمعنى الجميع و معنى الباقي ، و الأخير هو المراد هنا .

قوله « كن في الفتنة » الأصل في « الفتنة » قولهم « دينار مفتون » فتن بالنار ، و كلّ شي‏ء ادخل النار فقد فتن ، و قالوا « الناس عبيد الفتانين » أي الدرهم و الدينار .

« كابن اللبون » ابن اللبون : ولد الناقة الذكر إذا دخل في الثالثة ، لأن امّه

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق : ١٨٦ .

١٦٣

وضعت غيره فصار لها لبن ، و الانثى بنت اللبون ، و يجمعان بنات اللبون .

« لا ظهر فيركب و لا ضرع فيحلب » نظيره قول حاجب بن زرارة في القعقاع :

ما هو رطب فيعصر و لا يابس فيكسر .

و في المثل : لا تكن حلوا فتزدرد و لا مرّا فتلفظ .

و من الأمثال في الاعتزال قولهم : لا ناقة لي في هذا و لا جمل و قالوا : ان كنت من أهل الفطن فلا تدر حول الفتن .

ثم كما لا ينتفع بابن اللبون لصغره كذلك بالثلب لكبره ، و هو الذي انكسرت أنيابه من شدّة هرمه ، و إنما الانتفاع الكامل بالناب الذي في وسط الشباب ، قال بعضهم :

ألم تر أن الناب يحلب علبة

و يترك ثلب لا ضراب و لا ظهر

قال ابن أبي الحديد : أيام الفتنة هي أيام الخصومة بين رئيسين ضالين يدعوان كلاهما إلى ضلالة ، كفتنة عبد الملك و ابن الزبير و فتنة مروان و الضحاك و فتنة الحجاج و ابن الأشعث ، و أما إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين(١) .

قلت : إن جانبوا العصبية و أرادوا فهم الحقيقة فأول أيام الفتنة أيام أوّلهم ، ففي ( الطبري ) : قال أبو مويهبة مولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعث إليّ النبي من جوف الليل فقال : يا أبا مويهبة إنّي قد امرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال : السّلام عليكم أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم ممّا أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أوّلها ، الآخرة شرّ من الاولى إلى أن قال ثم انصرف فبدأ

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

١٦٤

بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعه الذي قبض فيه(١) .

و في ( بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي ) من رجالهم في ذكره خطبة سيّدة نساء العالمين باتفاق فرق المسلمين لما منعها أبو بكر فدك و في الخطبة : فأنقذكم اللَّه برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد اللتيا و التي ، و بعد ما مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب ، كلّما حشوا نارا للحرب أطفأها و نجم قرن للضلال و فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها ، فلا ينكفي حتى يطأ صماخها بأخمصه و يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللَّه قريبا من رسول اللَّه سيّدا في أولياء اللَّه ، و أنتم في بلهنية و ادعون آمنون ، حتى إذا اختار اللَّه تعالى لنبيه دار أنبيائه ظهرت خلّة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الآفلين و هدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين و للغرة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير أبلكم و أوردتموها غير شربكم ، هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجراح لما يندمل ، بدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إنّ جهنم لمحيطة بالكافرين(٢) .

و روى الإسكافي منهم في نقضه ( عثمانية الجاحظ ) عن أبي رافع قال :

أتيت أبا ذر بالربذة اودّعه ، فلما أردت الانصراف قال لي و لا ناس معي :

ستكون فتنة فاتقوا اللَّه و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه ، فإني سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له : أنت أوّل من آمن بي و أوّل من يصافحني يوم القيامة ، و أنت الصدّيق الأكبر ، و أنت الفاروق الذي تفرّق بين الحق و الباطل ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٣٢ .

( ٢ ) بلاغات النساء لابن طيفور : ١٣ ١٤ .

١٦٥

و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكافرين ، و أنت أخي و وزيري و خير من أترك بعدي(١) .

ثم ما قاله ابن أبي الحديد : من فتنة الحجاج و ابن الأشعث خلاف عقيدة أهل نحلته ، فإنّ عندهم كان قيام ابن الأشعث فتنة ، و أمّا الحجاج فكان عامل من بايعه جميع الناس و كان عندهم خليفة حقّا و أميرا للمؤمنين به .

و كذلك قوله « فتنة عبد الملك و ابن الزبير » غير صحيح عند أهل ملته ، فانّه عندهم كان ابتداء ابن الزبير ولي اللَّه و عبد الملك عدوّ اللَّه ، و لما غلب عبد الملك صار هو ولي اللَّه و ابن الزبير عدوّ اللَّه(٢) .

ففي ( كامل المبرد ) : خرج مصعب بن الزبير إلى باجميراء ، ثم أتى الخوارج خبر مقتله بمسكن و لم يأت المهلب و أصحابه ، فتواقفوا يوما على الخندق ، فناداهم الخوارج : ما تقولون في المصعب ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : ضالّ مضل فلما كان بعد يومين أتى المهلب قتل صعب و إنّ أهل الشام اجتمعوا على عبد الملك ، و ورد عليه كتاب عبد الملك بولايته ، فلما تواقفوا ناداهم الخوارج : ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : لا نخبركم قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : يا أعداء اللَّه بالأمس ضال مضل و اليوم امام هدى ، يا عبيد الدّنيا عليكم لعنة اللَّه(٣) .

و الخوارج و إن طعنوا عليهم بكون ما عليهم خلاف العقل و خلاف الفطرة التي فطر الناس عليها ، إلاّ أنّه يقال لهم : إنّ ذلك لازم لكم أيضا بموافقة العامة في إمامة صديقهم و صديقه ، فلا يمكن القول بالملزوم و ترك اللازم .

____________________

( ١ ) نقض العثمانية لأبي جعفر الإسكافي : ٢٩٠ ملحقة بالعثمانية .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٣ : ١١٠١ ١١٠٢ .

١٦٦

و أما قوله « إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين » فأيضا أهل ملّته غير معترفين به ، فهذا ابن عبد البر من أئمتهم قال في سعد بن أبي وقاص الذي لم يشهد الجمل و صفين مع أمير المؤمنينعليه‌السلام :

كان ممّن قعد و لزم بيته في الفتنة و أمر أهله أن لا يخبروه من أخبار الناس بشي‏ء حتى تجتمع الامة على إمام(١) .

و قال في ترجمة ابن فاروقهم : قيل لنافع : ما بال ابن عمر بايع معاوية و لم يبايع عليّا ؟ فقال : كان ابن عمر لا يعطي يدا في فرقة و لا يمنعها من جماعة ، و لم يبايع معاوية حتى اجتمعوا عليه(٢) .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي يصير معاوية الذي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعنه في غير موطن و عدوّ الدين أولى بالإمامة من أمير المؤمنينعليه‌السلام الذي جعله اللَّه تعالى في كتابه كنفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله .( و أنفسنا و أنفسكم . ) (٣) و جعله النبي بمنزلة نفسه في المتواتر منه في قوله للناس : من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه .

لا يقال : انّما قال « من كنت مولاه فعلي مولاه » لا ما قلت قلت : ما ذكرته ان لم يكن لفظه هو معناه ، ألم يكن قال تلك الجملة بعد قوله للناس « ألست بكم أولى من أنفسكم » و قول الناس له « بلى أنت أولى بنا من أنفسنا » فهل يصير معناها غير ما قلناه .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي هو خلاف ناموس الإنسانية ، حتى ان الحجاج الذي قال عمر بن عبد العزيز الذي هو أحد خلفائهم : لو أنّ جميع الامم جاءت

____________________

( ١ ) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢ : ٦٠٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ٩٥٣ .

( ٣ ) آل عمران : ٦١ .

١٦٧

يوم القيامة كلّ واحدة منهم بشرارهم و جئناهم بالحجاج لغلبنا جميعهم لم يرضه ، فقال الاسكافي أحد أئمتهم في نقض ( عثمانيته ) : امتنع ابن عمر من بيعة عليعليه‌السلام و طرق على الحجاج بابه ليلا ليبايع لعبد الملك كيلا يبيت تلك الليلة بلا إمام ، زعم لأنّه روي ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « من مات و لا إمام له مات ميتة جاهلية »(١) و حتى بلغ من احتقار الحجاج له و استرذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش فقال : اصفق بيدك عليها قال و رواه بعضهم و زاد : و لما خرج قال الحجاج : ما أحمق هذا يترك بيعة علي و يأتيني مبايعا في ليله .

٢ الخطبة ( ٩١ ) إِنَّ اَلْفِتَنَ

إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ وَ يُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ يَحُمْنَ حَوْلَ اَلرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً وَ يُخْطِئْنَ بَلَداً أقول : رواه الثقفي في أول ( غاراته ) باسنادين عن زر بن حبيش عنهعليه‌السلام : الأول عن إسماعيل بن ابان عن عبد الغفار بن القاسم عن المنصور بن عمرو عن ذر و الثاني عن أحمد بن عمران الأنصاري عن أبيه عن أبن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر قال : خطب عليعليه‌السلام بالنهروان إلى أن قال فقام إليه رجل آخر فقال لهعليه‌السلام : حدّثنا عن الفتن قال : ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت ، يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات ، ان الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا و يخطئن اخرى(٢) .

« ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت » في ( نهاية الجزري ) : التشابه قسمان ، قسم إذا ردّ إلى المحكم يفهم معناه ، و قسم لا سبيل إلى معرفة

____________________

( ١ ) نقض العثمانية : ٣٠١ .

( ٢ ) الغارات للثقفي : ٧ .

١٦٨

حقيقته ، فالمتتبع له متتبع للفتنة ، لأنّه لا يكاد ينتهي إلى شي‏ء تسكن إليه نفسه ، و منه حديث ذكر فيه فتنة « تشبه مقبلة و تبين مدبرة » أي أنّها إذا أقبلت شبهت على القوم و أرتهم أنّهم على الحق حتى يدخلوا فيها و يركبوا منها ما لا يجوز ، فإذا أدبرت بان أمرها فعلم من دخل فيها أنّه كان على الخطأ(١) .

« ينكرن مقبلات و يعرفن مدبرات » قد عرفت أنّ ( غارات الثقفي ) رواه « يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات » .

« يحمن حول الرياح » هكذا في ( المصرية )(٢) ، و الصواب : « حوم الرياح » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٣) ، مع أنّه لا معنى لما في ( المصرية ) ، فالفتن لا يدرن حول الرياح بل يدرن حول الناس دور الرياح ، من قولهم « حام الطائر حول الشي‏ء حوما » أي دار .

« يصبن بلدا و يخطئن اخرى » أي كما أن الرياح الشديدة تصيب بلدا و تخطى‏ء بلدا كذلك الفتن يصبن بلدا فيبتلى الناس بوخامتهن و يخطئن بلدا فيسلمون منها .

٣ الحكمة ( ٧٦ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَلْأُمُورَ إِذَا اِشْتَبَهَتْ اُعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا كان العباسيون يدّعون إجراء العدالة إذا ظهروا إلاّ انّه كان حالهم في الآخر معلومة من أوّلها .

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير للجزري ٢ : ٤٤٢ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٢٣٤ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٤٤ الخطبة ( ١٩٢ ) ، أمّا شرح ابن ميثم ٢ : ٣٨٨ ، بلفظ « حول » ، أما الخطبة ٧٤ بلفظ « حوم » .

١٦٩

و لما بايعت الأوس أبا بكر لئلا يصير الأمر إلى الخزرج و كانت بينهما رقابة من الجاهلية ، قال لهم المنذر بن الحباب : فعلتموها أما و اللَّه لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفّهم و لا يسقون الماء .

و صار كما قال(١) .

٤ الحكمة ( ٩٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ اَلْفِتْنَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ وَ لَكِنْ مَنِ اِسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ اَلْفِتَنِ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ١ ٧ ٨ : ٢٨ وَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَ اَلْأَوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ اَلسَّاخِطَ لِرِزْقِهِ وَ اَلرَّاضِيَ بِقِسْمِهِ وَ إِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ لَكِنْ لِتَظْهَرَ اَلْأَفْعَالُ اَلَّتِي بِهَا يُسْتَحَقُّ اَلثَّوَابُ وَ اَلْعِقَابُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ اَلذُّكُورَ وَ يَكْرَهُ اَلْإِنَاثَ وَ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ اَلْمَالِ وَ يَكْرَهُ اِنْثِلاَمَ اَلْحَالِ و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير « لا يقولن أحدكم اللّهم اني أعوذ بك من الفتنة » قال ابن بابويه في ( توحيده ) :

الفتنة على عشرة أوجه : فوجه الضلال ، و الثاني : الاختبار و هو قوله تعالى .( و فتناك فتونا ) .(٢) ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون ) (٣) و الثالث : الحجّة و هو قوله تعالى( ثم لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا

_ ___________________

( ١ ) التوحيد للصدوق : ٣٨٦ .

( ٢ ) طه : ٤٠ .

( ٣ ) العنكبوت : ١ ٢ .

١٧٠

 و اللَّه ربنا ما كنّا مشركين ) (١) و الرابع : الشرك و هو قوله تعالى .( و الفتنة أشدّ من القتل ) .(٢) و الخامس : الكفر و هو قوله تعالى .( ألا في الفتنة سقطوا ) .(٣) و السادس : الإحراق بالنار و هو قوله تعالى( إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ) . .(٤) و السابع : العذاب كقوله تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٥) ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ) (٦) .( و من يرد اللَّه فتنته فلن تملك له من اللَّه شيئا ) . .(٧) و الثامن : القتل كقوله تعالى .( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) .(٨) ( فما آمن لموسى إلاّ ذريّة من قومه على خوف من فرعون و ملئهم أن يفتنهم ) .(٩) و التاسع : الصدّ كقوله تعالى( و ان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا اليك ) .(١٠) و العاشر : شدّة المحنة كقوله تعالى .( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) (١١) ، و قد زاد علي بن ابراهيم وجها آخر ، و هو المحبة كقوله تعالى .( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(١٢) و عندي أنّه المحنة بالنون لا المحبة بالباء لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « الولد مجبنة مبخلة »(١٣) .

____________________

( ١ ) الأنعام : ٢٣ .

( ٢ ) البقرة : ١٩١ .

( ٣ ) التوبة : ٤٩ .

( ٤ ) البروج : ١٠ .

( ٥ ) الذاريات : ١٣ .

( ٦ ) الذاريات : ١٤ .

( ٧ ) المائدة : ٤١ .

( ٨ ) النساء : ١٠١ .

( ٩ ) يونس : ٨٣ .

( ١٠ ) الاسراء : ٧٣ .

( ١١ ) يونس : ٨٥ .

( ١٢ ) الأنفال : ٢٨ .

( ١٣ ) بحار الأنوار ١٠٤ : ٩٧ رواية ٦٠ ب ٢ .

١٧١

قلت : و المفهوم من الخليل أن الأصل في معناه الإحراق ، فقال : الفتن الإحراق(١) ، قال تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٢) ، و ورق فتين أي فضة محرقة و يقال للحرة فتين كأن حجارتها محرقة .

هذا ، و عن الأصمعي لا يقال أفتنته بل فتنته ، ورد عليه بقول أعشى همدان في سعيد بن جبير :

لئن أفتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأمسى قد قلى كلّ مسلم(٣) و عن ام عمرو بنت الأهتم : مررنا بمجلس فيه سعيد بن جبير و نحن جوار و معنا جارية تغني بدف معها و تنشد البيت « لئن أفتنتني . » ، فقال سعيد : كذبتن كذبتن .

« لأنّه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة » و لو بالمال أو الولد ، و لأنّ سنته تعالى فتن عباده و لن تجد لسنته تبديلا ، قال تعالى( أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فَليعلمنَّ اللَّه الذين صدقوا و ليعلَمَنَّ الكاذبين ) (٤) .

« و لكن من استعاذ فليستعذ باللَّه من مضلاّت الفتن » كما في فتنة بني اسرائيل بالعجل الذي أضلّهم السامري به حتى تركوا هارون و أرادوا قتله .

و كما في فتنة المسلمين بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمثل فتنة بني اسرائيل بجعل الثاني الأول عجله حتى تركوا خليفة نبيّهم و أرادوا قتله ، و كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم في المتواتر : لتتبعن بني إسرائيل حذوا بحذو حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه .

____________________

( ١ ) العين لأحمد الفراهيدي ٨ : ١٢٧ مادة ( فتن ) .

( ٢ ) الذاريات : ١٣ .

( ٣ ) العين للفراهيدي ٨ : ١٢٨ مادة ( فتن ) .

( ٤ ) العنكبوت : ٢ ٣ .

١٧٢

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) في قصة السقيفة فأخرجوا عليّا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذن و اللَّه الذي لا إله إلاّ هو لضرب عنقك قال : إذن تقتلون عبد اللَّه و أخا رسوله قال عمر : أما عبد اللَّه فنعم و أما أخو رسوله فلا و أبو بكر ساكت لا يتكلّم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه ؟ فقال : لا اكرهه على شي‏ء ما كانت فاطمة إلى جنبه فلحق علي بقبر رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصيح و يبكي و ينادي : يابن امّ إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني إلى آخر ما ذكر(١) .

هذا ، و روى ( توحيد الصدوق ) أنّه تعالى قال : إنّ من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفّه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالفقر و لو أغنيته لأفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالغنى و لو أفقرته لأفسده ، و ان منهم لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالسقم و لو صححت جسده لأفسده ذلك ، و إنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالصحّة و لو أسقمته لأفسده ، و إنّي ادبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإنّي عليم خبير(٢) .

« فإنّ اللَّه سبحانه يقول( و اعلموا أنّما أموالكم و أولادكم فتنة و أن اللَّه عنده أجر عظيم ) (٣) .

« و معنى ذلك أنّه سبحانه » سقطت كلمة « سبحانه » من ( المصرية )(٤) مع وجودها في ( ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية )(٥) .

____________________

( ١ ) الخلفاء لابن قتيبة : ١٣ .

( ٢ ) التوحيد للصدوق : ٣٩٨ ح ١ .

( ٣ ) الأنفال : ٢٨ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٦٧٧ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٤٨ ، و ابن ميثم ٥ : ٢٨٧ .

١٧٣

« يختبرهم » أي : يمتحنهم .

« بالأموال و الأولاد ليتبيّن الساخط لرزقه » في الأموال .

« و الراضي بقسمه » في الأولاد .

« و إن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم » .( فليعلمن اللَّه الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ) (١) .

« و لكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب و العقاب » لأن الجزاء على العمل لا مجرّد النيّة و مقتضى الطوية ، و إن كان هو تعالى يثيب على مجردهما تفضلا و لا يؤاخذ على صرفهما تكرّما .

« لأنّ بعضهم يحب الذكور و يكره الاناث » حتى قال تعالى( في مثلهم و إذا بُشّر أحدهم بالانثى ظلّ وجهه مسودّا و هو كظيم يتوارى عن القوم من سوء ما بُشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) (٢) .

قالوا : و لحب الناس الذكور و كراهتم للإناث و كان الواجب عليهم التسليم لمشيته تعالى شأنه قدّم عز و جل هبة الإناث على الذكور فقال .( يهب لمن يشاء إناثا و يهب لمن يشاء الذكور ) (٣) .

« و بعضهم يحبّ تثمير المال و يكره انثلام الحال » أي وقوع الخلل فيه ، قال تعالى( و إنّه لحبّ الخير لشديد ) (٤) و فسر الخير هنا بالمال .

و قال تعالى في امتحان عبيده بالمال و الولد و غيرهما( و لنبلونكم بشي‏ء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات

_ ___________________

( ١ ) العنكبوت : ٣ .

( ٢ ) النحل : ٥٨ ٥٩ .

( ٣ ) الشورى : ٤٩ .

( ٤ ) العاديات : ٨ .

١٧٤

 و بشّر الصابرين ) (١) .

« و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير » و لو كان قال ما روي عنهعليه‌السلام بدل ما سمع منهعليه‌السلام كان أحسن .

جعله من غريب التفسير لأنّ المتبادر من كون الأموال فتنة أنّ الانسان يطغى أن رآه استغنى ، و أنّ كثيرا من الناس يميل المال بهم إلى الشهوات كما أنّ كثيرا منهم يصعب عليهم إخراج الحقوق التي أوجب اللَّه تعالى عليهم في المال فيهلكون كما ان المتبادر من كون الأولاد فتنة أنّهم يصيرون سببا للتخلّف عن الجهاد ، و البخل عن الزكاة ، و تحصيل المال لهم من غير طريق المشروع لو ضاق عليه المشروع و لموافقة الآباء غالبا أهواء أبنائهم المهوية ، كما اتفق للزبير مع ابنه ، فقالعليه‌السلام : ما زال الزبير منّا حتى نشأ ابنه الميشوم .

و روت العامة في تفسير الآية عن بريدة : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخطب فجاء الحسن و الحسينعليهما‌السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران ، فنزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهما فأخذهما و وضعهما في حجره على المنبر و قال : صدق اللَّه تعالى( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(٢) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما(٣) .

هذا ، و مما روي عنهعليه‌السلام من غريب التفسير غير ما مرّ أنّهعليه‌السلام قال :

الاستثناء في اليمين متى ما ذكر و لو بعد أربعين صباحا ثم تلا هذه الآية . و اذكر ربّك إذا نسيت .(٤) .

و أنّهعليه‌السلام قال : تستحب المقاربة مع أهله ليلة أول شهر الصيام لقوله

____________________

( ١ ) البقرة : ١٥٥ .

( ٢ ) التغابن : ١٥ .

( ٣ ) سنن الترمذي ٥ : ٦١٦ ح ٣٧٧٤ .

( ٤ ) الكافي ٧ : ٤٤٨ الرواية ٦ ، و الآية ٢٤ من سورة الكهف .

١٧٥

تعالى( اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) . .(١) .

٥ في الخطبة ( ١٤٣ ) منها :

وَ مَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ فَاتَّقُوا اَلْبِدَعَ وَ اِلْزَمُوا اَلْمَهْيَعَ إِنَّ عَوَازِمَ اَلْأُمُورِ أَفْضَلُهَا إِنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا « و ما احدثت بدعة إلاّ ترك بها سنة » قال ابن أبي الحديد : البدعة كلّ ما لم يكن في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمنها الحسن كصلاة التراويح و منها القبيح كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية و إن كانت قد تكلّفت الأعذار عنها(٢) .

قلت : صلاة التراويح أيضا من بدع ، قالعليه‌السلام ترك بها سنة ، و كيف تكون حسنة و كانت تشريعا في قبال الدين ، و إنما التشريع للَّه تعالى( ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إنّ لكم فيه لما تخيرون ) (٣) .

ما كان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشرّع شيئا من قبل نفسه إلاّ بوحي منه تعالى إليه ، فكيف كان لعمر الذي أفحمته مرأة في أنفها فطس في حظره جعل الصداق أكثر من خمسمائة درهم بأنّه تعالى قال .( و آتيتم إحداهن قنطاراً ) .(٤) فقال : كل الناس أفقه من عمر .

و روى سليم بن قيس الهلالي في كتابه أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه

____________________

( ١ ) البقرة : ١٨٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

( ٣ ) القلم : ٣٦ ٣٨ .

( ٤ ) النساء : ٢٠ .

١٧٦

ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها تفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي و قليل من شيعتي ، و اللَّه لقد أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي يا أهل الاسلام لقد غيرت سنّة عمر نهينا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و قد خفت أن يثوروا في ناحية عسكري(١) .

و روى محمد بن علي بن بابويه عن الباقر و الصادقعليهما‌السلام : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان في جماعة بدعة ، و صلاة الضحى بدعة ، ألا و إنّ كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار(٢) .

و روى محمد بن يعقوب الكليني : إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام مر برجل يصلّي الضحى في مسجد الكوفة ، فغمز جنبه بالدرة و قال : نحرت صلاة الأوابين نحرك اللَّه(٣) .

و أما أعمال عثمان و لم قال كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية كنفيه أبا ذر و ضربه عمارا و نهبه بيت المال لأقاربه و توليته لهم حتى يصلّوا بالناس سكارى و يصلّوا الصبح أربعا و يغنوا في الصلاة و غيرها من نظائرها فشنائع ينكرها الموحد و الملحد و المسلم و الكافر .

و أما ما قاله من تكلّف الأعذار الذي نوريهم ، فالتكلّف لعدم منكرية عداوة أبي جهل مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرب إلى العقول منه .

ثم جعلها في عداد البدع كصلاة التراويح في غير محله .

____________________

( ١ ) سليم بن قيس ، لا وجود له في الطبعة النجفية ، لعل المؤلف أخذه من البحار حيث ذكر المجلسي في ٩٦ : ٢٠٣ الرواية ٢١ باب ٢٤ .

( ٢ ) الفقيه للصدوق ٢ : ١٣٧ الرواية ١٩٦٤ باب ٢ .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٤٥٢ رواية ٨ .

١٧٧

« فاتقوا البدع » روى ابن بابويه عن الصادقعليه‌السلام : من مشى إلى صاحب بدعة فوقرها فقد مشى في هدم الإسلام(١) .

« و الزموا المهيع » أي الطريق الواسع و هو طريق الاسلام ، قال تعالى( و إنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) . .(٢) .

« إنّ عوازم الامور أفضلها » قال ابن أبي الحديد : عوازم ما تقادم منها من قولهم « عجوز عوزم » أي مسنّة ، و يجوز أن يكون جمع عازمة بمعنى مفعول أي معزوم عليها ، أي مقطوع معلوم بيقين صحتها ، و الأول أظهر لأن في مقابلته « و ان محدثاتها » و المحدث في مقابلة القدم(٣) .

قلت : بل الظاهر أن « عوازم » محرف « قدائم » جمع قديم للتشابه الخطي بينهما ، لأن العزم في مقابل الرخصة لا المحدث ، يقال عزائم القرآن و رخصه ، ثم جمع العوزم بالعوازم كما قاله غير معلوم .

٦ الخطبة ( ٥٠ ) و من كلام لهعليه‌السلام :

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اَللَّهِ وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً عَلَى غَيْرِ دِينِ اَللَّهِ فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى اَلْمُرْتَادِينَ وَ لَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ اَلْبَاطِلِ اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِينَ وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا

____________________

( ١ ) الفقيه للصدوق ٣ : ٥٧٢ ح ٤٩٥٧ الباب ٢ .

( ٢ ) الأنعام : ١٥٣ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

١٧٨

ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي اَلشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ يَنْجُو اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ ٢ ٤ ٢١ : ١٠١ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنى‏ ٦ ٦ ٢١ : ١٠١ أقول : رواه الكليني في ( بدع كافيه ) بإسنادين عن عاصم بن حميد عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : أيها الناس إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب اللَّه ، يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، فهنا لك استحوذ الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم منه الحسنى(١) .

و رواه في ( روضته ) مع زيادات ، فروى عن سليم بن قيس قال : خطب عليعليه‌السلام فقال : إنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم اللَّه ، يتولى فيها رجال رجالا ، إنّ الحق لو خلص لم يكن اختلاف و لو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجتمعان فيجللان معا ، فهنا لك يستولي الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم الحسنى ، إنّي سمعت رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

كيف أنتم إذا لبستكم فتنة تربو فيها الصغير و يهرم فيها الكبير يجري الناس عليها و يتخذونها سنة ، فإذا غيّر منها شي‏ء قيل قد غيّرت السنّة ، و قد أتى الناس منكرا ثم تشتدّ البلية و تسبى الذريّة و تدقهم الفتنة كما تدقّ النار الحطب و كما تدقّ الرحى بثفالها ، و يتفقهون لغير اللَّه و يتعلمون لغير العمل و يطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .

ثم أقبل بوجهه و حوله ناس من أهل بيته و خاصته و شيعته فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه ناقضين بعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها و حوّلتها إلى مواضعها

____________________

( ١ ) الكافي ١ : ٥٤ رواية ١ و أيضا ٨ : ٥٨ الرواية ٢١ .

١٧٩

و الى ما كانت في عهد رسول اللَّه لتفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي أو مع قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللَّه و سنّة رسوله ، أرأيتم لو أمرت بمقام ابراهيم فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللَّه و رددت فدك إلى ذريّة فاطمة و رددت صاع رسول اللَّه كما كان و أمضيت قطائع أقطعها النبي لأقوام لم تمض لهم و لم تنفذ و رددت دار جعفر إلى ورثته و هدمتها من المسجد و رددت قضايا من الجور قضي بها و نزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن و استقبلت بهن الحكم ( في الفروج و الأحكام ) و سبيت ذراري بني تغلب و رددت ما قسم من أرض خيبر و محيت دواوين العطاء و أعطيت كما كان النبي يعطي بالسوية و لم أجعلها دولة بين الأغنياء و ألقيت المساحة و سويت بين المناكح و أنفذت خمس الرسول كما أنزل اللَّه عز و جل و فرضه و رددته إلى ما كان عليه و سددت ما فتح من الأبواب و فتحت ما سد منه و حرمت المسح على الخفين و حددت على النبيذ و أمرت باحلال المتعتين و أمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات و ألزمت الناس الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم و أخرجت من ادخل مع رسول اللَّه في مسجده ممن كان رسول اللَّه أخرجه و أدخلت من اخرج بعد رسول اللَّه و حملت الناس على حكم القرآن ( في ) الطلاق على السنّة و أخذت الصدقات على أصنافها و حدودها و رددت الوضوء و الغسل و الصلاة إلى مواقيتها و شرائعها و حدودها و رددت أهل نجران إلى مواضعهم و رددت سبايا فارس و سائر الامم إلى كتاب اللَّه و سنّة نبيّه ، إذن لتفرّقوا عني ، و اللَّه لقد أمرت الناس ألا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الاسلام غيّرت سنّة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و لقد خفت أن

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458