منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 71511
تحميل: 4932


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71511 / تحميل: 4932
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

منهاج الصالحين

الجزء الثاني

المعاملات

السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين أجمعين إلى يوم الدين.

٥

٦

كتاب التجارة

وفيه مقدمة، وفصول، وخاتمة..

مقدمة في المكاسب

التكسّب وطلب الرزق من المستحبات المؤكّدة، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «العبادة سبعون جزءً أفضلها طلب الحلال». وعن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «من طلب الدنيا استعفافاً عن الناس وسعياً على أهله وتعطفاً على جاره لقي الله عزّوجل يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر». وعن الامام الكاظم (عليه السلام) أنه قال: «من طلب هذا الرزق من حلّه ليعود به على نفسه وعياله كان كالمجاهد في سبيل الله». والأخبار في ذلك كثيرة لا يسع المقام استقصاءه.

لكن يجب التحفظ من وجوه الحرام والحذر منه، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه خطب في حجّة الوداع فقال: «ألا إنّ الروح الامين نفث في رُوعي أنه لاتموت نفس حتّى تستكمل رزقها فاتّقوا الله وأجملوا في الطلب، ولايحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن الله تبارك وتعالى قسّم الارزاق بين خلقه حلالاً ولم يقسّمها حرام، فمن اتقى الله وصبر أتاه الله برزقه من حله، ومن هتك حجاب الستر وعجّل فأخذه من غير حلّه قصّ به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة ». والاخبار في ذلك كثيرة لا تحصى.

ولا يتيسر التحفظ من الحرام في المكاسب وغيرها إلا بالتفقه في الدين

٧

وتعلم أحكام الشرع المبين، فعلى المؤمنين أعزّهم الله تعالى شدّة الاهتمام بذلك وعدم التساهل والتسامح فيه، لتُحفظ حدود الله تعالى وتُقام أحكامه وتطيب المكاسب وتهن.

فعن الاصبغ بن نباتة أنّه قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول على المنبر: «يا معشر التجار الفقه ثمّ المتجر، الفقه ثمّ المتجر، الفقه ثمّ المتجر. والله لَلربا في هذه الاُمّة أخفى من دبيب النمل على الصف، شوبوا أيمانكم بالصدق، التاجر فاجر، والفاجر في النار، إلاّ من أخذ الحق وأعطى الحق».

وعنه (عليه السلام) أنّه قال: «من اتّجربغير علم ارتطم في الربا ثمّ ارتطم». ومن المؤسف أن نرى اليوم كثيراً من المتديّنين يوقع المعاملة ثمّ يسأل عن حكمه، وإذا به قد تورّط في مشكلة شرعيّة يصعب حلّها والتخلّص من تبعته، وكان بوسعه أن يتجنب ذلك بالسؤال قبل العمل والتفقه قبل التورّط. ونسأله سبحانه التوفيق والتسديد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ويقع الكلام في هذه المقدّمة في مقامين..

٨

المقام الأول

في المكاسب المحرّمة

وفيه مسائل..

(مسألة ١) : يحرم بيع الخمر وكل مسكر، وثمنه حرام، بل هو من السحت الذي يكون أكله من الكبائر، كماتقدّم في كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(مسألة ٢) : لا يجوز بيع الخنزير وثمنه حرام.

(مسألة ٣) : إذا باع الكافر الخمر أو الخنزير ثمّ أسلم جاز له أكل الثمن.

(مسألة ٤) : إذاباع المسلم أو الكافر خمراً أو خنزيراً كان الثمن حراماً عليه. لكن لو دفعه لمسلم هبة أو وفاءاً لدين أوثمناً فى بيع أو غير ذلك حلّ للآخذ.

(مسألة ٥) : يحرم بيع الميتة، وثمنها حرام، بل هو من السحت، كما تقدّم أيض. والأحوط وجوباً عموم ذلك للميتة الطاهرة، كميتة السمك والجراد.

(مسألة ٦) : يجوز بيع ما لا تحلّه الحياة من أجزاء الميتة.

(مسألة ٧) : إذا اختلط الميت بالمذكّى وتعذّر تمييز أحدهما من الاخر جاز بيع الجميع ممّن يستحل الميتة من ذوي الاديان والمذاهب الاُخرى، ويحلّ الثمن. وفي جواز ذلك في غير الميتة ممّا يحرم أكله إذا اختلط بالحلال إشكال.

(مسألة ٨) : يحرم بيع الكلب وثمنه حرام، بل هو من السحت كما تقدّم. إلاّ كلب الصيد، وهو الكلب المعلّم الذي يحسن الاصطياد فإنّه يجوز بيعه وإن لم يكن سلوقيّ. ولا يجوز بيع ما لم يتعلم وإن كان سلوقيّ. كما لا يجوز بيع كلب الحراسة.

٩

(مسألة ٩) : يجوز بيع السباع وغيرها من الحيوانات المحرمّة الاكل إذا لم ينحصر الغرض الظاهر منها بالوجه المحرّم من الاكل أوغيره.

نعم، الأحوط وجوباَ عدم بيع القرد.

(مسألة ١٠) : يجوز بيع الاعيان النجسة غير ما تقدّم إذا كانت لها منفعة محللة معتدّ بها بحيث تقصد منها نوع، كالعذرة والدم للتسميد والتزريق. وأمّا إذالم تكن لها منفعة محللة بالنحو المذكور إمّا لانحصار منفعتها بالحرام، أولكون منفعتها المحللة غير معتدّ بها ولا مقصودة منها فلا يجوز بيعه.

وكذا الحال في الاعيان الطاهرة، فلا يجوز بيع السمك المحرّم الاكل إذا انحصر الغرض المعتدّ به والمقصود منه نوعاً بالاكل. ولاعبرة بالفوائد المحلّلة النادرة المغفول عنها نوع.

(مسألة ١١) : إذا كان الشيء مما تنحصر منفعته نوعاً بالحرام كالاكل للميتة والجرّي والشرب للفقاع وكان هناك من يستحله من أهل الاديان والمذاهب الاُخرى ففي جواز بيعه على المستحل نفسه أو على من يبيعه عليه إشكال، فالأحوط وجوباً عدم بيعه وعدم تسليمه له.

نعم، إذا أقدم المكلف تسامحاً على بيعه ممن يستحله وعلى تسليمه جاز له أخذ الثمن منه، ويملكه بأخذه من باب الالزام، كما يأتي في آخر الكلام في المكاسب المحرمة إن شاء الله تعالى.

(مسألة ١٢) : كما يحرم بيع الاُمور المتقدّمة يحرم شراؤها وجعلها اُجرة في الإجارة وعوضاً عن العمل في الجعالة وفي الطلاق الخلعي وجعلها مهراً في النكاح ودفعها وفاءً عن الدين وغير ذلك من وجوه الكسب.

نعم، إذا أمكن تحويل الخمر خلاً جاز أخذها وفاءً عن الدين، ولابدّ حينئذٍ من تحويله، ولا يجوز بيعها قبل ذلك.

١٠

(مسألة ١٣) : الاُمور المتقدّمة وإن حرم التكسب بها والتعامل عليها إلاّ أنّها تملك في أنفسها بحيازتها أو بملكيّة اُصولها المحلّلة، كما لو حاز الإنسان كلباً سائباً أوحيواناً محرّم الاكل، أومات له حيوان مملوك، أو صنع خمراً من أعيان مملوكة، كما أنّها تملك بأسباب الملك القهريّة كالميراث، وحينئذٍ يختصّ المالك بالسلطنة عليها ويجوز له الانتفاع بها بوجه محلّل كالتسميد بالميتة وبما يحرم أكله، وتدريب الكلب على الحراسة، وتحويل الخمر خلاً وغير ذلك. ولا يحلّ لاحد مزاحمته فيه وأخذه منه أوالتصرّف فيه بغير إذنه. ويجوز لغيره بذل المال له في مقابل رفع يده عنه أوالانتفاع به من دون أن يكون المال عوضاً عنه.

لكن الأحوط وجوباً الاقتصار في ذلك على ما إذالم يكن الغرض من ذلك الانتفاع بالوجه المحرّم.

(مسألة ١٤) : الاعيان المتنجسّة إن لم تكن قابلة للتطهير كالزيت والعسل، ولم يكن لها منفعة محلّلة معتدّ بها لم يجز بيعه، كما تقدّم في الاعيان النجسة.

وإن كانت قابلة للتطهير أوكان لها في حال نجاستها منفعة محلّلة معتدّ به، كالزيت والنفط اللذين يوقد بهما جاز بيعهم. ويجب إعلام المشتري بنجاستهما إذا كانت ممّا يؤكل أويشرب، وكذا إذا كانت عيباً يكون إخفاؤه تدليس، بل مطلقاً على الأحوط وجوب.

(مسألة ١٥) : يحرم التكسّب بالآلات والأشياء المعدّة بهيئاتها للحرام، كهياكل العبادة المحرّمة مثل الاصنام والصلبان والشعارات المتّخذة لتقوية الباطل و الضلال، وآلات القمار، وآلات اللّهو المحرّمة كالالات الموسيقيّة، وكتب الضلال، ونحو ذلك.

ولا بأس ببيعها إذا لم يبتن البيع على احترام الهيئة المذكورة، كبيع صنم الذهب أوالخشب بما هو ذهب أوخشب لا يُهتمّ بحفظ هيئته، وبيع الكتاب بما هو ورق لا يهتمّ بكتابته.

١١

وكذا إذا كان مبنيّاً على احترام الهيئة، لكن لا بلحاظ الجهة المحرِّمة له، لاغفالها عرفاً بل لجهة اُخرى يهتمّ بها من لا يهتمّ بالجهة المحرّمة، ككونها من الاثار القديمة، أوالتحفيات الفنيّة، أولكون بقاء الهيئة موجباً لزيادة قيمة المادة، كما لو كانت من الاحجار الكريمة التي تزيد قيمتها كلّما كبر حجمه، أولترتّب نفع عليها غير الجهة المحرَّمة كبعض الالات الزراعيّة والصناعيّة التي هي بهيئة الصليب مثل، وكبعض المصوغات التي يقصد التزيّن بها من دون نظر للجهة المحرَّمة، وككتب الضلال التي يراد بها الاطّلاع على ما يقوله أصحابها أونقضه أونحو ذلك.

لكن الأحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا لم يعلم بترتّب الاستعمال المحرّم على البيع حينئذٍ، وعلى ما إذا لم يلزم من البيع بالهيئة المذكورة ترويج الباطل وتقويته لكونه شعاراً له ولو مع عدم ترتّب الاستعمال المحّرم. بل لا إشكال في حرمة البيع تكليفاً حينئذٍ في الثاني، وإنّما الاشكال في البطلان.

(مسألة ١٦) :كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم صنعها إذا ابتنى على تحقيق الغرض المحرّم به، بل قد يجب إتلافها بإتلاف هيئاتها إذا كان بقاؤها موجباً لترويج الباطل وتقوية الحرام.

ولا يجب فيما عدا ذلك، كما إذا كان الغرض من حفظها حفظ آثار الشخص الذي كان يستغلها كسائر متروكاته المختصة به، بل قد يجوز صنعها حينئذٍ، كما لو كان الغرض منه عرض نمط حياة شخص خاص أومجتمع خاص وتصوير ذلك، من دون أن يبتني على ترتّب الحرام عليه. إلاّ أن يلزم من ذلك ترويج الباطل وتقويته، فيحرم، نظير ما سبق.

(مسألة ١٧) : غش المسلم حرام يستحق به العقاب، بل هو من المحرمات المؤكدة، وقد تظافرت النصوص بأن من غشّ المسلمين فليس منهم. وهو إظهار خلاف الواقع له بنحو يحمله على الاقدام على فعل مرجوح لايقدم عليه

١٢

لولا ذلك. ولابدّ فيه من اُمور:

الأول: علم الغاشّ بالواقع وقصده إظهارخلافه.

الثاني: جهل المغشوش بالواقع وتوهّمه خلافه بسبب تدليس المدلِّس، فلو علم بالواقع لم يصدق الغشّ، وكذا لو جهله لكن لم يستند خطاؤه فيه لفعل المدلّس بل لامر آخر لادخل له فيه، كما لو تظاهر المريض بالعافية لاخفاء مرضه فلم يعتمد الطرف الاخر على ظهور حاله، بل فحصه فأخطأ في فحصه.

الثالث: أن يترتّب على ذلك وقوع المغشوش في أمر يكرهه ولا يقدم عليه لولا الغشّ، كتزوّج المرأة المريضة، وشراء المتاع المعيب، واستعمال الماء النجس، ونحو ذلك. أمّا لو لم يترتب شيء من ذلك ولم تكن فائدة إخفاء الواقع إلاّ التجمل، أو دفع عدوان الغير، أو نحو ذلك فليس إظهار خلاف الواقع من الغشّ المحرّم.

(مسألة ١٨) : الغشّ في المعاملة إن أوجب الاخلال بركن من أركانها ـ كالعوض أوالمعوّض ـ كان مبطلاً له، كما لو غشّ الدبس فأوهم أنه عسل واشتراه المشتري على ذلك.

وإن لم يوجب ذلك لكن أوجب إخفاء عيب كانت المعاملة صحيحة، وثبت خيارالعيب الذي يأتي الكلام فيه في مبحث الخيار من كتاب البيع.

وإن لم يوجب ذلك أيضاً وإنّما أوجب إظهار صفة كمالية، أو صنف خاص يرغب فيه المشتري، وقد ابتنت المعاملة عليه صحت المعاملة أيض، وثبت خيار تخلف الوصف لا خيار العيب.

(مسألة ١٩) : لا يجب إتلاف النقود المغشوشة. نعم لا يجوز التعامل بها مع جهل الطرف الاخر، للزوم الغشّ المحرّم، ويجري فيها ما تقدم، سواءً كان حصولها عند الشخص عن علم بها أم كان مغشوشاً فيه، فإنه لا يحلّ

١٣

للمغشوش بشيء أن يغشّ به غيره، كما لا يحلّ للمظلوم أن يظلم غير ظالمه.

(مسألة ٢٠) : الظاهر جواز بيع المصحف الشريف وشرائه على كراهة، خصوصاً في البيع. فالأولى إيقاع المعاملة على الغلاف ونحوه مما هو خارج عن المصحف مع بذل المصحف تبع، أو دفع المصحف بعنوان الهبة المشروطة بعوض.

(مسألة ٢١) : يحرم بيع المصحف الشريف على الكافر إذا استلزم إهانته وهتكه، أمّا إذالم يلزم منه ذلك فلابأس به، بل قد يرجح، كما إذا كان مظنّة للاهتداء به وسبباً لعلوّ الإسلام وظهور حجته.

(مسألة ٢٢) : لا بأس ببيع ما يتّخذ منه الحرام والحلال ممّن يُعلم أنه يتّخذ منه الحرام، كبيع العنب والتمر والعصير ممّن يُعلم أنه يصنعه خمر، وبيع الخشب ممّن يُعلم أنه يصنعه عوداً أو آلة قمار ونحوها من الالات المحرّمة.

ويستثنى من ذلك بيع الخشب ونحوه ممّن يتخذه أصناماً أو صلبان، فإنه يحرم ويبطل، بل الأحوط وجوباً العموم لجميع أنواع آلات العبادة المبتدعة في الاديان غير الصحيحة.

كما يستثنى من ذلك أيضاً ما إذا لزم من البيع التشجيع على الحرام، أوكان في تركه ردع عن الحرام ونهي عن المنكر، فإنه يحرم ذلك حتى في مثل بيع العنب ممّن يصنعه خمر.

(مسألة ٢٣) : إذا باع ما يتّخذ منه الحلال والحرام واشترط في البيع اتخاذ الحرام منه كان الشرط حراماً باطلاً ولم يجب الوفاء به، من دون أن يبطل البيع.

(مسألة ٢٤) : تحرم وتبطل إجارة الاعيان للمنافع المحرّمة، كإجارة الدار لشرب الخمر أو الدعارة، وإجارة الحانوت لبيع الخمر، وإجارة السيارة للنقل المحرم. وتجوز إجارتها بوجه مطلق ممّن يستغلها في الحرام من دون أن يؤخذ ذلك في عقد الإجارة وإن علم حين العقد بحصول ذلك منه.

١٤

نعم، إذا لزم من الإجارة التشجيع على الحرام حرمت، وكذا إذا كان في تركها ردع عن الحرام ونهي عن المنكر.

(مسألة ٢٥) : تحرم الرشوة في الحكم من الراشي والمرتشي، ولايحل أكلها للمرتشي، والمراد بها ما يبذل للقاضي من أجل الحكم لاحد الخصمين، حقاً كان أو باطل.

نعم، إذا توقف استنقاذ الحق على ذلك جاز دفعها من الراشي وحرمت على المرتشي.

(مسألة ٢٦) : تحرم الرشوة من الراشي والمرتشي في غير الحكم والقضاء في مقابل أخذ حق الغير ظلم، ولا تحرم على الدافع من أجل استنقاذ الحق أو دفع الظلم.

(مسألة ٢٧) : يحرم التكسب بالمراهنة في القمار وغيره، والمال المأخوذ به حرام لايملكه الفائز، سواءً ابتنى على عمل من المتراهنين أو من أحدهما كالرهن على حمل الحجر الثقيل وعلى المسابقة في الشعر أو في السباحة أو في الركض أم لم يبتن على ذلك، كالرهن على مطر السماء، وقدوم المسافر، وسبق غير المتراهنين ومنه (الرايسز) المعروف في هذه العصور. ويستثنى من حرمة الرهن السبق والرماية على ما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٢٨) : اليانصيب إن كان لشركة تابعة لحكومة لا تقوم على أساس ديني ولا تدعي لنفسها الولاية الدينية جرى على أوراقه وعلى الجائزة المستحصلة به مايجري على جميع ما يؤخذ من الجهات الحكومية المذكورة على ما يأتي في المسألة (٥٩).

وإن كان لشركة أو جهة أهلية أو لشركة تابعة لحكومة تقوم على أساس ديني فله صور..

الاُولى: أن ترجع إلى التراهن بين المشتركين لكسب الغالب منهم

١٥

بالقرعة، بحيث يبقى المال المدفوع كله أو بعضه موقوفاً غير مملوك لاحد حتى يملكه الفائز بالقرعة. ولا تكون ورقة اليانصيب إلاّ وثيقة لاثبات الدخول في المسابقة من دون أن تكون مقابلة بالمال المدفوع.

وهذه الصورة داخلة في المراهنة المحرمة التي سبق الكلام فيه.

الثانية: أن ترجع إلى بذل المال للجهة الخاصة أو العامة وتعيينه لها بشرط أن تقوم تلك الجهة بالاقراع بين المشتركين وتمليك الجائزة للفائز، بحيث يتعين المال بتمامه لتلك الجهة بمجرد دفعه، ويكون الاقراع شرطاً زائداً على التمليك يلزم الوفاء به ولايوجب تخلّفه إلاّ الخيار.

والظاهر حلية المعاملة في هذه الصورة و تملك الاطراف للمال المأخوذ بموجبه، سواءً كانت ورقة اليانصيب مبذولة للمشارك من الجهة التي تقوم باليانصيب لمجرد التوثيق لاثبات مشاركته من دون أن تكون مقابلة بالمال المدفوع، بل يكون المال هبة للجهة مشروطة بالاقراع، أم كانت الورقة مبيعة من قبل الجهة المذكورة، بحيث يكون المال المدفوع ثمناً لها ويكون بيعها هو المشروط بالاقراع.

الثالثة: أن ترجع إلى بذل المال للجهة الخاصة أو العامة بنحو الهبة أو الشراء من دون شرط للاقراع ولا للجائزة. ويكون الاقراع والجائزة إحساناً ابتدائياً من الجهة القائمة به للتشجيع على البذل المذكور من دون أن تكون ملزمة به بعقد أو شرط لازمين، سواءً سبق منها الوعد بهما قبل البذل أم لم يسبق.

ولاإشكال في صحة المعاملة في هذه الصورة وتملك الاطراف للمال المأخوذ بموجبه.

وتجري هذه الصور الثلاث وتترتّب أحكامها السابقة في جميع المسابقات العلمية والفنية والعملية، التي تُبذل فيها الجوائز للسابقين، فإن ابتنت على

١٦

استحقاق السابق للجائزة بمجرد سبقه كانت من الصورة الاُولى، وإن ابتنت على قيام كل مشارك بالعمل المطلوب منه وبذله للجهة القائمة بالمسابقة بشرط بذل الجائزة له إن سبق كانت من الصورة الثانية، وإن ابتنت على قيام كل مشارك بالعمل المطلوب منه بلاشرط مع كون بذل الجائزة للسابق إحساناً إبتدائياً للتشجيع على المشاركة من دون شرط كانت من الصورة الثالثة.

(مسألة ٢٩) : لا بأس بعقود التأمين على الحياة وعلى الحوادث من غرق وحرق وسرقة وغيرها إذا ابتنت على التعاقد بين الطرفين على أن يدفع المؤمّن على حياته أو داره أو محله أو سيارته أو غيرها مبلغاً من المال معيناً مقطوع، أو أن يدفع في كل سنة مثلاً مبلغاً من المال وفي قبال ذلك يتعهد الطرف الاخر المؤمَّن عنده بتدارك الضرر الواقع بقيمته حين حدوثه أو بمبلغ معيّن.

(مسألة ٣٠) : لا يجوز التكسّب بالاذان وأخذ الاُجرة عليه، سواءً كان بإجارة أم جعالة، وكذا الحال في الصلاة والصوم والحج واجبة أو مندوبة، بل جميع العبادات التي لم يثبت مشروعية النيابة فيها على الأحوط وجوب.

نعم، ما يقبل النيابة يجوز أخذ الاُجرة عليه ويقع امتثالاً عن المنوب عنه.

(مسألة ٣١) : لا يجوز أخذ الاُجرة على القضاء، والأحوط وجوباً عدم أخذها على بيان الحكم الشرعي الذي يحتاج الجاهل لمعرفته ولو لكونه في معرض الحاجة للعمل به، وأمّا ما لا يحتاج إليه للعمل بل يكون تعلمه لمجرد التفقّه أو لنفع الغير فالظاهر جواز أخذ الاُجرة على تعليمه.

نعم، لا يجوز امتناع العالم بالحكم الشرعي عن تعليمه عند السؤال عنه من دون أجر، إلا أن يكون قضاء الوقت في بيانه حرجاً لكونه شاغلاً عن طلب المعاش، أو لغير ذلك.

(مسألة ٣٢) : لابأس بارتزاق القاضي والفقيه من الاموال العامة مع عدم

١٧

التمكن من الجمع بين التكسب والقيام بوظيفتهم، والأحوط وجوباً الاقتصار على صورة حاجتهما للمال بالمقدار اللائق بشأنهم.

نعم، يجوز دفع المال لهما تشجيعاً لا بعنوان الارتزاق مع وجود المصلحة في ذلك.وتشخيص ذلك موكول لولي الأموال المذكورة.

(مسألة ٣٣) : الظاهر جواز أخذ الاُجرة على تعليم القرآن، وإن كان الأولى عدم المشارطة في تعيين الاجر، بل يرضى بما يدفع له.وأولى منه عدم أخذ شيء عليه حتى الهدية.

(مسألة ٣٤) : لا بأس بالتكسب بالاُمور الراجحة التي لم يثبت وجوب إيقاعها مجان، كقراءة المواعظ ومصائب أهل البيت (عليهم السلام) وفضائلهم وغيرذلك. وإن كان الأولى عدم المشارطة في ذلك، بل عدم أخذ الاُجرة، ويكون الدفع والاخذ بعنوان الهدية.

(مسألة ٣٥) : يجوز أخذ الاُجرة على إيقاع عقد النكاح وصيغة الطلاق وجميع العقود والايقاعات. وأما تعليم الصيغ المذكورة فيجري فيه ما تقدم في المسألة (٣١).

(مسألة ٣٦) : تحرم ولا تصح الإجارة على المنافع والاعمال المحرّمة كما يحرم التكسب بها بغير الإجارة كالجعالة، فلا يستحق فاعلها الجعل ولا الاجر.

نعم إذا كان العامل بها جاهلاً بالحرمة استحق الاقل من الاجر المبذول والاجر المقابل عرفاً للجهد الذي بذله العامل من دون خصوصية الفعل الخاص.

١٨

تتميم

فيه أمران..

الأمر الأول

في بعض الأعمال المحرمة

قد جرى الفقهاء قدّس الله أسرارهم على ذكر جملة من المحرمات هنا لبيان حرمة أخذ الاُجرة عليه، لكنّا ذكرنا جملة منها في كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عند التعرّض للكبائر.

وينبغي التعرّض هنا لغيرها مما يناسب المقام، وذلك في ضمن مسائل..

(مسألة ٣٧) :يحرم تدليس الماشطة ونحوها كالحلاّق، وذلك بإخفاء عيب موجود، أو إظهار حسن لاواقع له، ولابدّ فيه من أن يكون الغرض منه إيقاع الغير فيما لا يقدم عليه لولا العمل المذكور، كالتزويج من الشخص الذي يفعل به ذلك، حيث يدخل في الغشّ الذي سبق حرمته.

أما إذالم يكن الغرض منه ذلك فلا بأس به، كما لو تزوج الشخص المعيب فأراد إخفاء عيبه عن صاحبه بعد الزواج من دون أن يستلزم ذلك إقدام صاحبه على محذور لا يقدم عليه لو علم بالحال، ولاتكون فائدة إخفاء الواقع إلاّ تجنب النفرة وحصول الاُلفة وحسن المعاشرة.

وكذا لو أراد الشخص التجمل لصاحبه مع علمه بالعيب، أو التجمّل لغيره من الناس ممّن لا علاقة له به ولو مع جهلهم بالعيب ونحو ذلك، لخروج ذلك كله عن الغشّ المحرّم كما يظهر ممّا سبق في المسألة (١٧).

(مسألة ٣٨) : لا بأس بما تزيّنت به المرأة. نعم يكره وصل شعرها بشعر امرأة غيره، بل الأحوط استحباباً تركه.

(مسألة ٣٩) : يحرم على الرجل حلق اللحية إلاّ أن يخشى الضرر المعتدّ

١٩

به من بقائه، وأمّا سخرية الاخرين فاهتمام المؤمن بها يبتني غالباً على ضعف النفس والشعور بالنقص وعدم الاعتزاز بدينه ومبدئه، وإلاّ فمن قويت نفسه واعتزّ بدينه ومبدئه يردّ كما ردّ النبي نوح (عليه السلام) قومه إذ قال: (إن تسخروا منا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون).

نعم، مع الخوف وعدم القدرة على الجواب والتغيير قد تبلغ السخرية حدَّ الضرر المعتد به فيجوز لاجله حلق اللحية. وذلك كله من فساد الزمان بفساد أهله، ولا حول ولا قوة إلاّبالله العلي العظيم.

(مسألة ٤٠) : يكفي في مسوّغ حلق اللحية خوف الضرر في خصوص حال يتعلق الغرض العقلائي بالوقوع فيه وإن لم يضطر إليه شرعاً أوعرف، فمن خاف من بقاء لحيته عند ملاقاة جائر جاز له حلقها عند ملاقاته إذا كان له غرض شرعي أوعرفي معتدٌ به في ملاقاته، وإن لم يبلغ الغرض في ملاقاته حدَّ الوجوب الشرعي أو الضرورة العرفية.

(مسألة ٤١) : الحدّ اللازم في طول اللحية ما يصدق معه عرفاً عدم كون الشخص حالقاً لحيته. ويكره الزيادة في طولها على قبضة الكف.

(مسألة ٤٢) : يجوز حلق العارضين وإبقاء الذقن إذا كان الباقي مقداراً معتدّاً به، كما يجوز تحديد اللحية وأخذ الشعر عند التحديد بأيّ وجه، كالحلق والنتف والحف بخيط وغيرذلك. وإن كان الأولى للرجل الحفاظ على ما هو الانسب برجولته.

(مسألة ٤٣) : لا يجوز تشبّه الرجال بالنساء بقصد التخنث، ولا تشبّه النساء بالرجال بقصد التذكر والاسترجال، سواءً كان باللباس أم الزينة أم الكلام أم بغيرذلك. ولابأس بفعل كل من الصنفين ما يناسب الاخر لغرض آخر، كالمعاونة في بعض الاعمال والتنكر لغرض م، وكذا مثل لبس الرجل

٢٠