منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 71551
تحميل: 4933


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71551 / تحميل: 4933
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

(مسألة ٧) : في صحة الاقالة في العقد مع موت أحد المتعاقدين وقيام وارثه مقامه إشكـال، والأحوط وجوباً العدم.

(مسألة ٨) : تصح الاقالة في بعض مضمون العقد إذا كان مبنياً على الانحلال، بحيث يرجع عرفاً إلى عقدين، أما مع الارتباطية في المضمون الواحد، بحيث يكون العقد واحداً عرفاً ففي صحة الاقالة إشكال، والأحوط وجوباً العدم.

(مسألة ٩) : في صحة الاقالة مع تلف أحد العوضين أو كليهما إشكال، والأحوط وجوباً العدم. نعم إذا كان التالف من سنخ الاثمان التي يقصد ماليتها من دون نظر إلى خصوصيتها كالنقود فلا يمنع تلفه من الاقالة. وفي حكم التلف خروج العوض عن ملك صاحبه ببيع أو هبة أو غيرهم، بحيث لا يمكن رجوعه إلى مالكه الأول بالاقالة.

(مسألة ١٠) : إذا تغيّر أحد العوضين أو تعيّب لم يمنع ذلك من الاقالة، لكن لا يستحق مالكه الأول الارش إلاّ بمصالحة ونحوها مما تقدم في المسألة (٥). ولو حصلت الاقالة جهلاً من المقيل أو المستقيل بحصول التغير أو العيب بطلت الاقالة.

(مسألة ١١) : يتحقق الغرض المهم من الاقالة بالبيع ثاني، فيمكن اختياره مع عدم تيسر الاقالة بالوجه المشروع، أو مع عدم كون الوجه المشروع ملائماً لاحد الطرفين، فبدلاً من الاقالة بوضيعة من الثمن مثلاً يمكن للمشتري بيع المبيع على البايع بأقل من الثمن الذي اشتراه به. وهكذا في جميع موارد الاشكال المتقدمة في صحة الاقالة. نعم يجري عليه حينئذٍ أحكام البيع من الخيار والفسخ والاقالة وغيره.

والحمد لله رب العالمين.

١٢١

تتميم: في الشفعة

وهي حق الشريك في أخذ حصة شريكه إذا أراد بيعها من ثالث بالثمن. فإذا كانت الدار مثلاً مشتركة بين زيد وعمرو، فأراد زيد بيع حصة منها على بكر كان لعمرو أخذ الحصة المذكورة بالثمن الذي يقع الشراء به، فإذا وقع الشراء كان منافياً للحق المذكور، فللشريك إعمال حقه بأخذ المبيع سواءً كان قابلاً للقسمة أم ل، وسواءً كان منقولاً أم ل. نعم لا تثبت في السفينة والنهر والطريق والرحى والحمام.

وبقية الكلام فيها في ضمن مقامات..

المقام الأول

في تحديد الحق المذكور

المشهور أن حق الشفعة يثبت ببيع الشريك حصته، فقبل البيع لا موضوع للحق المذكور، وإنما يثبت بعد البيع، فهو حق للشريك على المشتري، يقتضي سلطنة الشريك على أخذ الحصة التي اشتراها من شريكه بالثمن الذي دفعه له.

لكن الظاهر أن الحق المذكور سابق على البيع يثبت عند إرادة الشريك بيع حصته من ثالث بثمن معين، فهو حق للشريك على شريكه يقتضي أولوية الشريك بالشراء من غيره. فإن أقدم الشريك على بيع حصته من ثالث كان له انتزاعها منه بالثمن الذي دفعه. وعلى ذلك فإعمال الشريك الحق المذكور يكون بأحد أمرين مترتبين..

الأول: السبق إلى شراء الحصة من شريكه بالثمن الذي يريد بيعه به على الثالث. وذلك من أفراد البيع الذي هو من العقود، ويعتبر فيه ما تقدم في البيع من رضا الطرفين وغيره.

١٢٢

الثاني: انتزاع الحصة من المشتري بالثمن الذي دفعه قهراً عليه، وهو من سنخ الايقاع الذي يكفي فيه إنشاء المضمون من طرف واحد، وهو الشريك في المقام. ويقع بكل ما يدل على ذلك من قول أو فعل، فيقع بمثل قوله: أخذت المبيع بالثمن، وقوله: شفعت في البيع، كما يقع بمثل دفع الثمن للمشتري، أو الاستقلال بالمبيع مع بذل الثمن، إذا قصد بهما إنشاء المضمون المذكور. ولا يعتبر فيه العلم بقدر الثمن الذي وقع عليه البيع.

(مسألة ١) : لما كانت الشفعة من الحقوق فهي تسقط بالاسقاط عند إرادة الشريك البيع، أو بعد تحقق البيع، فإذا أراد الشريك بيع الحصة بثمن خاص وعرض ذلك على شريكه فأسقط حقه كان للشريك البيع على الثالث فإن باع لزم البيع، ولم يكن للشريك بعد ذلك حق الشفعة وانتزاع المبيع بالثمن. وكذلك إذا أسقط الحق المذكور بعد البيع فإنه ليس له الرجوع وانتزاع المبيع.

(مسألة ٢) : يكفي في إسقاط الحق المذكور كل ما يدل عليه ولو بأن يحضر البيع أو يشهد عليه بنحو يظهر منه إقراره والرضا به.

(مسألة ٣) : إذا كان المال مشتركاً بين الولي والمولّى عليه، فباع الولي حصته من ثالث لم يكن له المطالبة بحق الشفعة في حق المولّى عليه، لظهور حاله في إسقاط الحق المذكور. إلاّ أن يكون غافلاً عن ذلك، أو كان مفرطاً في حق المولّى عليه وخارجاً عن مقتضى ولايته، فلا أثر لاسقاطه.

(مسألة ٤) : الظاهر ابتناء حق الشفعة على الفور العرفي بعد علم الشريك بإرادة شريكه للبيع، أو بإيقاعه له بخصوصياته من الثمن والمشتري ونحوهما مما له دخل في الرغبة في إعمال الحق، وبعد علمه أيضاً بثبوت الحق المذكور له، فإذا لم يبادر مع ذلك للاخذ بالشفعة سقط حقه فيه. نعم إذا كان عاجزاً عن الاخذ بها لحبس أو غيبة أو نحوهما فلا يكون عدم المبادرة مسقطاً لحقه، إلاّ مع طول

١٢٣

المدة بحيث يضر بالشريك أو بمن يشتري منه.

(مسألة ٥) : تختص الشفعة بالبيع، ولا تجزي في غيره من أسباب التمليك لحصة الشريك المشاعة، كما لو جعلت مهراً في النكاح أو ملكت للغير بهبة أو صلح أو غيرهم.

المقام الثاني

في الشفيع

وهو الشريك الذي له حق الشفعة. ويعتبر فيه اُمور..

الأول: الإسلام، فلا شفعة للكافر إذا كان كل من البايع والمشتري مسلم، بل الأحوط وجوباً ذلك إذا كان أحدهما مسلم. نعم تثبت الشفعة للكافر إذا كان البايع والمشتري معاً كافرين.

الثاني: أن يكون أحد شريكين لا أكثر، فإذا كان الشركاء أكثر من واحد لم يكن لاحدهم شفعة، سواءً باع الكلُّ وبقي واحد أم باع البعضُ وبقي أكثر من واحد. ويستثنى من ذلك ما يأتي فيما لو اشترك جماعة في الطريق.

(مسألة ٦) : إذا باع أحد الشريكين بعض حصته ففي ثبوت الشفعة للشريك إشكال. وكذا إذا باع تمام حصته من شخصين على نحو التعاقب. نعم إذا باع تمام حصته من شخصين أو أكثر دفعة واحدة كان للشريك الاخذ بالشفعة. وكذا إذا باعه من شخص واحد ولو تدريج.

(مسألة ٧) : إذا كانت العين مشتركة بين الوقف والملك فلا شفعة فيه، سواء كان المبيع هو الملك أم الوقف في مورد جواز بيعه.

(مسألة ٨) : لا تثبت الشفعة بالجوار من دون شركة، فإذا باع أحد

١٢٤

الجارين داره أو محل عمله المختص به فليس لجاره حق الشفعة، من دون فرق بين اختصاص كل منهما بماله من أول الامر وسبق الشركة بينهما إذا وقع البيع من الجـار بعد القسمة وتعيين حصة كل منهم.

(مسألة ٩) : إذا كانت داران أو أكثر كل منها مختصة بشخص، وكان لها جميعاً طريق واحـد يشترك فيه كلهم ففي المقام صورتان..

الاُولى: أن يبيع أحدهم داره دون حصته من الطريق المشترك. ولا شفعة للاخرين حينئذٍ، لا في الدار ولا في الطريق، نعم يبقى للبايع حصته من الطريق، فله الانتفاع به بالمرور فيه والجلوس على باب الدار التي باعه، وعلى المشتري أن يتجنب المرور في الطريق بغير إذنهم، بل يفتح باباً اُخرى في طريق آخر أو تبقى داره بلا باب. وفي جواز دخوله لداره في الطريق بإذن البايع بلحاظ حصته منه إشكال، وكذا الاشكال في جواز تصرفه فيه لو ملكه من قبله بغير البيع. نعم ليس لهم الشفعة في الطريق حينئذٍ.

الثانية: أن يبيع أحدهم داره مع حصته من الطريق. وحينئذٍ تثبت لهم الشفعة في مجموع الدار والطريق. ولكل منهم الاخذ به، ومع تشاحهم إذا كانوا أكثر من واحد يتعين اشتراكهم في حق الشفعة المذكور، فتكون الدار والحصة التابعة لها من الطريق لهم جميع.

(مسألة ١٠) : الظاهر اختصاص الحكم المذكور بالدور ولا يجري في غيرها كالمحلات التجارية ونحوه. إلاّ إذا صدق عليها أنها دور.

(مسألة ١١) : الظاهر اختصاص الحكم المذكور بالاشتراك في الطريق، ولا يعم غيره كالنهر والبئر ونحوه. نعم للشريك الشفعة في الامر المشترك فقط إذا كان بين شريكين لا أكثر، على نحو ما تقدم. فيأخذه بحصته من الثمن بعد توزيع الثمن عليه وعلى الدار.

١٢٥

(مسألة ١٢) : إذا اشترك شخصان أو أكثر في طريق دور فباع أحدهم حصته منه دون الدار كان للاخرين الشفعة. وأما إذا كان الطريق لغير الدور فتختص الشفعة بالشريكين، ولا تعمّ الاكثر، نظير ما تقدم في المسألة السابقة.

الثالث: أداء الثمن، فلا تثبت للعاجز عن الثمن ولا للمماطل به. وإذا بذل الرهن أو أتى بضامن يضمنه عنه من دون أن يؤديه لم تجب إجابته.

(مسألة ١٣) : إذا ادعى حضور الثمن في البلد واحتياج تهيئته إلى مدة اُجّل ثلاثة أيام من حين إرادة الشريك البيع بعد إعلانه بذلك، فإن جاء بالثمن، وإلاّ فلا شفعة له. والمراد بالايام الثلاثة ما سبق في الايام الثلاثة التي يثبت فيها خيار الحيوان.

(مسألة ١٤) : إذا ادّعى الشفيع أن الثمن في بلد آخر انتظر به مدة ذهابه لذلك البلد ورجوعه وزيادة ثلاثة أيام، فإن جاء بالثمن وإلاّ فلا شفعة له. والمراد بمدة الذهاب والرجوع مدة قطع الطريق فقط، لا ما يعمّ مدة تهيئة جواز السفر والحصول على بطاقته ونحو ذلك مما تعارف في عصورن.

(مسألة ١٥) : إذا كان الشريك غائباً عن البلد وقت البيع ثبت له حق الشفعة إذا علم بإرادة الشريك للبيع أو بإيقاعه وله في غيبته، مع قدرته على الاخذ بها بالتوكيل أو بالاتصال المباشر بالمشتري، وله تأجيل الثمن إن كان الثمن في البلد ثلاثة أيام، وإن كان في غيره كان له التأجيل بمقدار وصوله للبلد مع زيادة ثلاثة أيام، على نحو ما تقدم. ولو تعذر عليه الاخذ بها في غيبته كان له الاخذ إذا رجع. وكذا إذا لم يعلم بالبيع حتى رجع.

(مسألة ١٦) : تثبت الشفعة للمحجور عليه ويأخذ بها عنه وليه، أو يأذن له في الاخذ بها إن كان يحسن معناها والاخذ به. فإن أسقطها الولي أو لم يبادر للاخذ بها سقط حق المولّى عليه فيه، إلاّ أن يكون ذلك من الولي للتفريط في حق المولى عليه والخروج عن مقتضى ولايته.

١٢٦

المقام الثالث

في الأخذ بالشفعة

(مسألة ١٧) : ليـس للشفيع التبعـيض في المبيع، بل إما أن يأخذه بتمامه أو يدع.

(مسألة ١٨) : الشفيع يأخذ بقدر الثمن لا بأقل منه ولا بأكثر، سواء كان البيع غبنياً للبايع أو المشتري أم لم يكن. وإذا تنازل البايع للمشتري عن بعض الثمن لم يكن للشفيع تنقيصه.

(مسألة ١٩) : إذا غرم المشتري شيئاً زائداً على الثمن كاُجرة الدلاّل ومصارف التسجيل لم يجب على الشفيع تداركه.نعم ليس للشفيع إلزام المشتري ولا البايع بالاعتراف له رسمي.

(مسألة ٢٠) : لابدّ في ثبوت الشفعة من كون الثمن مثلي، ولا تثبث إذا كان قيمي.

(مسألة ٢١) : يشكل ثبوت الشفعة إذا اشتمل البيع على شرط للبايع على المشتري، كما لو باع الشريك حصته بألف دينار واشترط على المشتري أن يخيط ثوبه.

(مسألة ٢٢) : إذا اشترط المشتري على البايع شيئاً لم يجب مثله على المشتري للشفيع، فإذا باع الشريك حصته بألف دينار واشترط المشتري على البايع أن يخيط ثوبه فأخذ الشفيع بالشفعة لم يجب على المشترى أن يخيط له ثوباً ولا أن يعوضه باُجرته.

(مسألة ٢٣) : إذا تصرّف المشتري في الحصة مع ثبوت حق الشفعة تصرف

١٢٧

منافياً للحق المذكور كما لو أوقفها أو وهبها أو جعلها صداقاً لم يبطل حق الشفيع بالشفعة، بل له الاخذ بها فيبطل التصرف المذكور.

(مسألة ٢٤) : إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط، بل جاز للشفيع الاخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني، وله الاخذ من المشتري الثاني بالثمن الثاني فيسقط حقه من الشفعة في الأول. وهكذا لو تعاقبت البيوع، فإنه يكون له الاخذ بالشفعة في السابق فيبطل ما بعده وله الاخذ بها في اللاحق فيسقط حقه في الشفعة من السابق. هذا ولو وقع بعضها بإذنه سقط حقه من الشفعة فيها وفيما قبلها إذا كان يعلم به.

(مسألة ٢٥) : إذا باع أحد الشريكين نصيبه وكان للاخر الشفعة، فإذا باع الاخر حصته قبل أن يأخذ بالشفعة سقط حقه فيه، وإن كان جاهلاً بالبيع الأول.

(مسألة ٢٦) : إذا تلف تمام المبيع قبل الاخذ بالشفعة سقطت، وإذا تلف بعضه أو تعيّب لم تسقط وجاز للشفيع الاخذ لكن بتمام الثمن من دون أرش النقص، ولا ضمان على المشتري.

(مسألة ٢٧) : إذا كان الثمن مؤجلاً جاز للشفيع الاخذ بالشفعة مع تأجيل الثمن للاجل الذي اُخذ في البيع. وليس للمشتري إلزامه بالرهن أو الكفيل أو نحوهما مما يوجب التوثق على الثمن. نعم لو لم يكن مقدماً على الضرر المذكور لجهله بثبوت حق الشفعة للشبهة الحكمية أو الموضوعية كان له خيار تخلف الوصف في البيع، كما تثبت سائر الخيارات، ومع الفسخ ترجع العين للبايع بالثمن، ويبطل حق الشفعة.

١٢٨

(مسألة ٢٨) : الظاهر أن حق الشفعة لا يورث، فإذا باع أحد الشريكين حصته من ثالث، فمات الشريك قبل أن يأخذ بالشفعة لم يكن لوارثه واحداً كان أو متعدداً أن يأخذ بالشفعة. نعم لو مات قبل البيع وكان وارثه واحداً كان له الاخذ بالشفعة لو بقي الشريك على إرادة البيع أو باع، لكنه حينئذٍ يكون شفيعاً

بالاصل لا وارثاً للشفعة. كما أنه لو مات الشريك بعد الاخذ بالشفعة كانت الحصة لورثته وإن تعدّدو، لكنه من إرث المال، لا من إرث حق الشفعة.

(مسألة ٢٩) : إذا تقايل الشريك البايع والمشتري قبل أخذ الشريك الاخر بالشفعة ففي بقاء حق الشفعة بحيث يكون للشريك الاخر الاخذ بها المستلزم لبطلان الاقالة إشكال، فالأحوط وجوباً التصالح.

(مسألة ٣٠) : الظاهر عدم ثبوت خيار العيب للشفيع إذا أخذ المبيع من المشتري. وفي ثبوت الارش له إذا أخذه المشتري من الشريك إشكال، فالأحوط وجوباً التصالح.

والحمد لله رب العالمين.

١٢٩

كتاب الإجارة

وفيه فصول..

الفصل الأول

في حقيقة الإجارة وشروط

العقد والمتعاقدين

الإجارة هي المعاوضة على منافع الاعيان، سواء كانت المنفعة عملاً ـ كالإجارة على الخياطة ـ أم غير ذلك، كإجارة المساكن والملابس والدواب والمعامل وغيره.

(مسألة ١) : لابدّ في الإجارة من كون المنفعة ملحوظة بالاصل ومعوضة بالثمن، أما إذا كانت عوضاً عن تمليك شيء أو شرطاً في تمليكه فلا تكون المعاملة إجارة، بل بيعاً أو هبة مشروطة أو صلح، وخرجت عن محل الكلام.

(مسألة ٢) : تبتني الإجارة على تمليك المنفعة بالعوض، من دون أن تخرج العين ذات المنفعة عمّا كانت عليه من كونها ملكاً للمؤجر أو غيره، أو وقف، أو غير ذلك، فيجب إرجاعها بنفسها بعد استيفاء المنفعة. وعلى ذلك لا يجوز إجارة الارض ـ مثلاً ـ على أن توقف مسجداً أو مصلّىً أو غير ذلك. نعم لا بأس بإجارتها لتكون مصلّىً أو نحوه مدة معينة.

(مسألة ٣) : لا يجوز استئجار العين ذات النماء بنحو يقتضي ملكية النماء،

١٣٠

كاستئجار الشجر للثمر والشاة للّبن، والبئر للماء، إلاّ أن يرجع إلى بيع النماء قبل ظهوره، فيجوز على ما تقدم في المسألة (٣٢) من الفصل الثالث من كتاب البيع. نعم لا بأس باستئجار العين المذكورة للانتفاع بنمائها بمثل الاكل والشرب من دون أن يملك.

(مسألة ٤) تكرر على ألسنة بعض الناس إطلاق إجارة النقد أو الذهب أو نحوهما على دفع الاُمور المذكورة ليتعامل بها بالبيع والشراء ونحوهما أو ليعمل فيها بمثل الصياغة ونحوها ثم إرجاع مثلها بعد مضي المدة المضروبة. ولا يخفى أن الاطلاق المذكور تسامحي، لخروج المعاملة المذكورة عن الإجارة في الحقيقة من وجهين:

الأول: ابتناؤها على تملك الاعيان بأنفسه، وترتيب آثار الملك عليها كالبيع والاستهلاك وغيرهم.

الثاني: عدم رجوعها بأعيانها بعد انقضاء المدة وإنما يسترجع مثله. وليست هذه المعاملة في الحقيقة إلاّ اقتراضاً للاُمور المذكورة فيتملكها المقترض ويتصرف بها تصرف المالك، وتنشغل ذمته بمثله، فيجب عليه إرجاعه لا إرجاعها بأعيانه. وعلى ذلك تكون الاُجرة في الحقيقة فائدة في مقابل القرض المذكور، وتدخل المعاملة في القرض الربوي المحرم.

نعم تصدق الإجارة حقيقة في مثل إجارة الذهب المصوغ للبسه والتزيّن به مدة باُجرة، على أن يبقى على ملك صاحبه ويرجع إليه بعينه بعد انقضاء المدة.

(مسألة ٥) : الإجارة تبتني على ملكية المستأجر للمنفعة والمؤجر للثمن بمجرد وقوعها قبل استيفاء المنفعة، حيث يُلزَم كل من المتعاقدين بملكية المنفعة في مقابل الثمن، ولذا كانت من العقود التي يجب الوفاء بها بتسليم كل من العوضين لصاحبه. وهناك طرق اُخرى لاستحقاق الاجر على المنفعة لا تبتني

١٣١

على الالزام والالتزام، كالجعالة والاستيفاء بالضمان والاباحة بالضمان. ويأتي الكلام فيها في خاتمة كتاب الإجارة إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٦) : حيث كانت الإجارة من العقود، فلابدّ في تحققها من التزام المؤجر والمستأجر بها وإبرازهما للالتزام المذكور بالعقد المتضمن لذلك باللفظ أو بغيره، على النحو المتقدم في عقد البيع وبالشروط المتقدمة فيه، وتجري هنا جميع الفروع الجارية هناك، فلتراجع.

(مسألة ٧) : يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في البيع، وتجري هنا جميع الفروع المتقدمة هناك للفضولي والمكره وغيرهم.

(مسألة ٨) : يكفي في صحة الإجارة ملكية المؤجر للمنفعة أو ولايته عليه، وإن لم يملك العين كالموقوف عليه والمستأجر، على تفصيل يأتي في محله.

الفصل الثاني

في شروط العوضين

حيث سبق أن موضوع الإجارة هو المنفعة دون العين، فلابدّ..

أولاً: من استقلال المنفعة عن العين، بحيث يمكن استيفاؤها مع بقاء العين، فلا يصح مثل إجارة الخبز لان يؤكل والمال لان يباع، نظير ما تقدم.

وثانياً: أن تكون العين صالحة للمنفعة الخاصة، فلا يصح إجارة الارض للزراعة إذا كانت غير قابلة لان تزرع، ولو خرجت بعد الإجارة عن القابلية المذكورة في الوقت المطلوب انكشف بطلانها من أول الامر.

إذا عرفت هذا فيعتبر في المنفعة ـ مضافاً إلى ذلك ـ اُمور..

الأول: التعيين، فلو كانت مرددة لا تعيّن لها في الواقع بطلت الإجارة، كم

١٣٢

لو آجره على أن يخيط أحد الثوبين أو استأجر منه إحدى السيارتين. إلاّ أن يرجع إلى إرادة القدر المشترك بين المنفعتين، نظير الواجب التخييري، فتصح حينئذٍ.

(مسألة ١) : كما يعتبر التعيين في المنفعة يعتبر في الثمن، فلا تصح الإجارة مع تردده وعدم تعيينه بحدود واقعية، كما لو تردد الثمن بين دينار ذهبي وعشرة دراهم فضيّة. إلاّ أن يرجع إلى إرادة القدر المشترك، نظير ما تقدم في المنفعة.

(مسألة ٢) : إذا تردد الثمن تبعاً لتردد المنفعة كما لو قال: إن نقلت المتاع يوم الجمعة كان لك عشرة دراهم وإن نقلته يوم السبت كان لك خمسة دراهم، صح جعالة.

وأما صحته إجارة ـ بحيث يلزم كل منهما بالمضمون ـ فتتوقف على رجوع كل من الثمنين والمنفعتين إلى قدر مشترك يكون هو اللازم بالعقد، وتكون الخصوصية الاُخرى زائدة ملحوظة بنحو الشرط، كما قد يوجّه في المثال السابق بأن يراد إجارته على أصل النقل في أحد اليومين بخمسة دراهم مع اشتراط زيادة خمسة دراهم لو عجل بالنقل يوم الجمعة.

ولا تصح إجارة بدون ذلك، كما لو قال: إن نقلت المتاع يوم الجمعة كان لك ديناران وإن نقلته يوم السبت كان لك عشرة دراهم. بل لا يصح حينئذٍ إلاّ جعالة لا يلزم بها أحد الطرفين.

(مسألة ٣) : ليس من الترديد ما إذا استؤجر على العمل بوجه خاص مع اشتراط زيادة الاُجرة أو نقصها لو جىء به بوجه آخر، بل تصح الإجارة ويلزم الشرط حينئذٍ، كمالو قال: آجرتك على نقل المتاع يوم السبت بعشرة دراهم على أنك إن نقلته يوم الجمعة كان لك عشرون أو إن نقلته يوم الاحد كان لك خمسة. أو قال: آجرتك على أن تصبغ الثوب بالسواد بعشرة دراهم على أنك إن صبغته بالخضرة كان لك خمسة عشر درهم، أو إن صبغته بالحمرة كان لك ثمانية دراهم.

١٣٣

نعم لا يصح الشرط إن كان موجباً لسقوط الثمن بتمامه.

الثاني: أن تكون محلّلة فلا تصح إجارة الاماكن لاحراز ما يحرم إحرازه ـ كالخمر ـ أو للقيام فيها بأعمال محرمة كالغناء، ولا تصح الإجارة على الاعمال المحرمة، كقتل النفس المحترمة والغناء وصنع الخمر وسقيها وغير ذلك، بل لا يستحق الاجر بها حتى مع الجعالة ونحوه. وقد تقدم في المكاسب المحرمة ما ينفع في المقام.

الثالث: أن لا يتوقف تسليمها على فعل الحرام، كاستئجار الحائض لكنس المسجد، فإنّ كنس المسجد وإن لم يكن محرماً عليها إلاّ أنه موقوف على دخولها للمسجد وهو محرم. وأما لو توقف تسلم المنفعة على فعل الحرام فالظاهر عدم بطلان الإجارة، كما لو استأجر الدار وتوقفت سكناها على المرور بالارض المغصوبة. نعم لو كان المستأجر جاهلاً بذلك كان له الفسخ بخيار العيب.

الرابع: القدرة الخارجية على استلام المنفعة على الأحوط وجوب، فلا تصح الإجارة بدون ذلك وإن احتمل القدرة عليه في وقته كإجارة الجمل الشارد والعبد الابق. بل لو جهل المستأجر تعذر الاستلام كان له الفسخ قطعاً لو فرض صحة الإجارة.

الخامس: أن لا تكون المنفعة منافية لحق الغير، كحق الزوج والمولى والمستأجر السابق، وإلاّ توقف نفوذها على إذن صاحب الحق. نعم لو آجرت المرأة نفسها قبل التزويج لم يمنع التزويج من نفوذ الإجارة وإن كانت المنفعة منافية لحق الزوج.

(مسألة ٤) : الظاهر جواز الإجارة على المنفعة ـ التي يتعذر على المؤجر تسليمها ـ مع الضميمة المعلومة الحصول، عيناً كانت تلك الضميمة أو منفعة، كما لو باعه ثوباً تحت يده وآجره عبداً آبقاً بألف دينار، وكما لو آجره جملين

١٣٤

أحدهما شارد والاخر غير شارد بمائة دينار.

(مسألة ٥) : الأحوط وجوباً جريان ذلك في الثمن أيض، وقد تقدم نظير ذلك في البيع.

(مسألة ٦) : الأحوط وجوباً العلم بمقدار المنفعة في الجملة، ولا ملزم بالمداقة في ذلك، فلا تضر الجهالة بالنحو الذي لا يوجب التغرير بالمال عرف، كاستئجار الدابة والسيارة إلى بلد معهود وإن لم تعرف المسافة دقة، أو لحمل ما تطيقه وإن لم يعلم بمقدار طاقتها دقة، واستئجار المنزل في موسم خاص وإن لم يعلم عدد الايام، واستئجار العامل لتصليح الالة المعيبة وإن لم يعلم مقدار العيب ولا مقدار الجهد المبذول لاصلاحه دقة، واستئجار المضخة لسحب المياه مدة معينة وإن لم تعرف المدة التي يمكن الانتفاع بها فيها لعدم تحديد أيام تواجد الماء القابل للسحب، ولا أيام اتصال التيار الكهربائي الذي يتوقف عليه عمله، ونحو ذلك مما يتسامح فيه العقلاء ويتعارف بينهم الاقدام على الإجارة مع الجهل به.

(مسألة ٧) : الأحوط وجوباً اعتبار العلم بمقدار الثمن، على التفصيل المتقدم في ثمن المبيع.

(مسألة ٨) : إذا قال: آجرتك الدار كل شهر بكذ، فالظاهر رجوعه للإجارة في الشهر الأول، والاذن باستيفاء المنفعة بأجر مخصوص في بقية الشهور، الذي تقدمت الاشارة إليه في المسألة (٥) من الفصل الأول.

(مسألة ٩) : لا يعتبر اتصال مدة الإجارة بالعقد، فيجوز أن يؤجر في شوال داره على أن يسكنها في ذي الحجة. نعم إذا اُطلقت الإجارة كان ظاهرها إرادة الزمان المتصل بالعقد.

(مسألة ١٠) : يجوز إجارة الحصة المشاعة من العين، فيجوز لمالك نصف

١٣٥

الدار إجارة النصف الراجع إليه، فيقتسم الشريك المنفعة مع المستأجر كما كان يقتسمها مع شريكه. نعم لا يجوز للشريك المؤجر تسليم العين للمستأجر إلاّ باذن شريكه.

(مسألة ١١) : يجوز أن يستأجر أكثر من واحد عيناً واحدة، وتكون منفعتها مشتركة بينهم بالنسبة.كما يجوز أن يُستأجر أكثر من واحد لعمل واحد يشتركون بالقيام به.

(مسألة ١٢) : لا تجوز إجارة الارض للزرع بمقدار معين مما يحصل منه، حنطة كان أو شعيراً أو غيرهما من الطعام، بل الأحوط وجوباً العموم لغير الطعام من أنواع الزرع. كما أن الأحوط وجوباً أيضاً العموم لما يحصل من أرض خاصة غيره، بل العموم لكل ما لا وجود له في الخارج، مما سيوجد من دون أن يكون ذمي. نعم تجوز إجارتها بحصة مشاعة مما يحصل منه، كالثلث والربع فتشبه المزارعة.

الفصل الثالث

في لزوم الإجارة

الإجارة من العقود اللازمة، فلا يصح فسخها إلاّ بالتقايل برضا الطرفين أو بثبوت الخيار لهما أو لاحدهم.

(مسألة ١) : يجري في الإجارة خيار الغبن وخيار الشرط وخيار العيب وخيار تخلّف الوصف وخيار تبعّض الصفقة وخيار تخلّف الشرط، وقد تقدم تفصيل الكلام فيها في البيع. كما يجري خيار عدم تسليم العوضين، دون خيار التأخير على ما يتضح بمراجعة ما تقدم في البيع. ولا يجري فيها خيار المجلس ولا خيار الحيوان ولا خيار الرؤية.

١٣٦

(مسألة ٢) : إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً وكان جاهلاً به حين العقد، فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة ـ كخراب بعض بيوت الدارـ قسطت الاُجرة ورجع على المؤجر من الاُجرة بما يقابل المنفعة الفائتة، وكان له وللمؤجر مع ذلك خيار تبعض الصفقة، وإن لم يوجب فوت بعض المنفعة لكن كان موجباً لعيب في المنفعة ـ مثل عرج الدابة ـ كان له الفسخ بخيار العيب من دون الأرش، وإن لم يوجب ذلك أيضاً إلاّ أنه كان موجباً لنقص الاجرة كان له الفسخ أيضاً لكن بخيار تخلف الوصف، وهو وصف السلامة الذي يبتني عليه العقد ضمناًوإن لم يصرح به في متن العقد. أما إذالم يوجب شيئاً من ذلك فلا خيار.

(مسألة ٣) : إذا كان موضوع الإجارة عيناً كلية فدفع المؤجر عيناً معيبة لم يكن للمستأجر الفسخ في جميع الصور المتقدمة، بل له المطالبة بالصحيح، ومع تعذره أو امتناع المؤجر من إبدال العين يكون له الخيار في أصل العقد.

(مسألة ٤) : إذا وجد المؤجر عيباً في الاُجرة، فإن كانت أمراً كلياً كان له المطالبة بالبدل، وإن كانت أمراً شخصياً كان له الفسخ. وإن تصرف فيها تصرفاً موجباً لاختلاف الرغبة فيها فالأحوط وجوباً التراضي بينهم.

(مسألة ٥) : يجوز للمالك أن يبيع العين المستأجرة قبل انقضاء مدة الإجارة على المستأجر وغيره، ولا تبطل الإجارة بذلك، بل تنتقل إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة، نعم على البايع أن يعلم المشتري بأنها مستأجرة للاجل الخاص، فإن جهل المشتري بأنها مستأجرة، أو اعتقد قلّة المدة كان له فسخ البيع، وليس له المطالبة بالارش أو الاُجرة التي تخص المدة الباقية.

(مسألة ٦) : إذا فسخت الإجارة بعد البيع بخيار أو تقايل رجعت المنفعة إلى البايع دون المشتري.

(مسألة ٧) : لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا المستأجر، إلاّ إذا اُخذت خصوصية أحدهما في المنفعة التي هي موضوع الإجارة، كما إذا آجر نفسه للعمل

١٣٧

بنفسه، أو استأجر الدار ليسكنها بنفسه، حيث يتعذر استيفاء المنفعة حينئذٍ. وذلك مبطل للإجارة على ما يأتي بتفصيل في الفصل الرابع إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٨) : في ولاية وليّ الصبي ـ كالاب والجد ـ على إجارة الصبي بنفسه، أو إجارة ماله مدة تزيد على صباه إشكال، فالأحوط وجوباً الاقتصار في ذلك على مقدار الضرورة العرفية اللازمة من تعرض النفس أو المال أو العرض للضرر المهم.

(مسألة ٩) : لا أثر لموت الوليّ والوكيل الذي يتولّى الإجارة.

الفصل الرابع

في أحكام التسليم في الإجارة

إذا وقع عقد الإجارة مَلَك المستأجر المنفعة ومَلَك المؤجر الاُجرة، كما هو مقتضى المعاوضة، ووجب على كل منهما تسليم ما عليه للاخر. لكن حيث كانت المنفعة تدريجية الحصول فلا مجال للتقارن بينهما في التسليم والتسلّم ـ كما هو الواجب في المعاوضة بين الاعيان ـ بل لابدّ من تقديم أحدهم، وهو تابع لما يتفقان عليه في العقد صريح، أو ارتكازاً تبعاً للعرف والعادة، أو تقتضيه القرائن الخاصة.

(مسألة ١) : إذا امتنع أحد المتعاقدين من التسليم في الوقت المستحق عصى وكان للاخر إجباره. ولو ظهر عليه الامتناع من التسليم في وقته كان للاخر التوقف عن التسليم وطلبُ الاستيثاق لنفسه.

(مسألة ٢) : إذا امتنع المؤجر من تسليم المنفعة في الوقت المستحق مع بذل المستأجر الاُجرة كان للمستأجر الفسخ والرجوع بالاُجرة وله الانتظار حتى ينتهي أمد الإجارة فتنفسخ قهر، ولا مجال للبناء ـ حينئذٍ ـ على صحة الإجارة

١٣٨

وضمان المؤجر للمنفعة بنحو يقتضي دفع اُجرة المثل له.

(مسألة ٣) : إذا امتنع المستأجر من تسليم الاُجرة في الوقت المستحق، فإن لم يكن استوفى المنفعة كان للمؤجر الفسخ فترجع المنفعة له. وإن كان قد استوفاها ففي جواز الفسخ للمؤجر والرجوع لاُجرة المثل إشكال، والأحوط وجوباً الاقتصار على المطالبة بالاُجرة المسماة.

(مسألة ٤) :تقدم أن المؤجريملك الاُجرة بالإجارة، إلاّ أن ملكيته لهالاتستقر إلاّ بتسليمه المنفعة، ومع عدم تسليمه لها يكون للمستأجر الرجوع بالاُجرة. ويأتي الكلام في المسائل الاتية في معيار التسليم الذي تستقر به الاُجرة.

(مسألة ٥) : إذا كانت المنفعة التي هي موضوع الإجارة محددة بوقت خاص مساو لها كفى في تسليمها ـ الموجب لاستقرار الاُجرة للمؤجر على المستأجر ـ بذل المؤجر للعين، سواءً استوفى المستأجر المنفعة منها مع ذلك أم لم يستوفها وفرط فيه، فإذا استأجر الدار على أن يسكنها في شهر شعبان، أوالسيارة على أن يستغلّها يوم العيد فسلّمه المؤجر الدار في الشهر المذكور والسيارة في اليوم المذكور استحق عليه الاُجرة وإن لم ينتفع بهما عنده.

(مسألة ٦) : قد تكون المنفعة محددة بوقت أوسع منه، كما إذا استأجر الدار على أن يسكنها اُسبوعاً من شهر شعبان، أو السيارة على أن ينقل متاعه بها يوماً في ضمن الاُسبوع، فالظاهر أنه لا مجال لاطلاق المنفعة في مثل ذلك، بل لابدّ من تقييدها بإناطة تعيين وقت المنفعة بارادة المؤجر فقط أو المستأجر فقط أو إرادتهما معاً أو إرادة أىّ منهما حسبما تقتضيه قرائن المقام المختلفة. وحينئذٍ يجري مع تعيين من بيده التعيين حكم المسألة السابقة من الاكتفاء في استقرار الاُجرة بالبذل في المدة المعينة.

(مسألة ٧) : إذا لم تحدّد المنفعة ـ صريحاً أو ضمناً ـ بوقت خاص فمقتضى

١٣٩

إطلاق العقد التعجيل، لكن لا بمعنى تقييد المنفعة به بحيث ينتهي أمدها لو لم يعجل، بل بمعنى استحقاق المطالبة بها فوراً ففور، والاكتفاء بالبذل فيها كذلك، فإذا تحقق البذل من المؤجر في أىّ وقت استحق الاُجرة، إلاّ أن تقوم القرينة على التقييد بحال خاص كاستئذان المستأجر أو طلبه أو غير ذلك.

(مسألة ٨) : في الإجارة على الاعمال يكفي في استقرار الاُجرة حضور العامل وبذل نفسه للعمل ومضي المدة المطلوبة للعمل، فإذا استأجره على أن يبني في داره أو يخيط ثيابه أو غير ذلك فحضر للعمل في الوقت المناسب ـ حسبما تقدم في المسائل الثلاث السابقة ـ وبذل نفسه في تمام المدة استقرت الاُجرة على المستأجر، سواءً استوفى عمله أم لم يستوفه. بل لو انشغل الاجير في الوقت المذكور بعمل آخر لنفسه غير مناف لبذل نفسه للعمل المستأجر عليه لم يمنع من استقرار الاجرة.

(مسألة ٩) : إذا كانت العين المستأجرة كلية كفى في التسليم واستقرار الاُجرة تسليم فرد منه، وبذله لاستيفاء المنفعة منه في الوقت المناسب للإجارة ـ حسبما تقدم ـ وكذا إذا كان الاجير كلي، كما لو استأجره على أن يبني داره بنفسه أو بشخص آخر بدلاً عنه، فإنه يكفي في استقرار الاُجرة حينئذٍ تهيئة عامل خاص للبناء وحضوره للعمل في الوقت المناسب، حسبما تقدم.

(مسألة ١٠) : إذا كان العمل قائماً بعين مملوكة للمستأجر تحت يد الاجير كفى في تسليمه واستقرار الاُجرة إنجاز العمل في تلك العين، فلو دفع له ثوبه ليخيطه أو سيارته ليصلحها استقرت له الاُجرة بخياطة الثوب وتصليح السيارة، ولا يتوقف مع ذلك على إرجاع العين التي يقوم بها العمل ـ كالثوب والسيارة في المثال ـ للمستأجر. وعلى ذلك لو تلفت عنده لم تسقط الاُجرة، غاية الامر أن تلفها إذا كان بفعله أو بتفريط منه كان ضامناً لها بما لها من الصفة الحاصلة بسبب العمل.

١٤٠