منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 71540
تحميل: 4933


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71540 / تحميل: 4933
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

ثوب المرأة أو العكس للتستر أو التدفئة أو غيرهم.

(مسألة ٤٤) : يحرم تصوير ذي الروح من الإنسان والحيوان، سواءً كان مجسماً أم ل. ولابأس بتصوير بعض ذي الروح وعضو منه كالرأس والرجل، أمّا إذا صدق عليه أنه تصويرحيوان ناقص فهو حرام، كتصوير حيوان مقطوع اليد أوالرجل. وأظهر من ذلك تصويرحيوان على هيئة خاصة تقتضي عدم ظهور بعض أعضائه، كتصوير شخص جالس، أو بارز من نافذة قد اختفى أسفل جسده خلف الجدار، ومنه تصوير الشخص إلى صدره مثل. نعم الظاهر جواز تصوير الجسد المقطوع الرأس.

(مسألة ٤٥) : الظاهر أن المحرّم ليس هو إيجاد الصورة بأيّ وجه اتفق، بل تصوير الصورة، بحيث يكون الإنسان مصوّراً لها بأن تستند إليه هندستها وتنظيم أبعاده، فلا يحرم التصوير الفوتوغرافي، ولا طبع الصور ولا استنساخه، ولا جمع الاجزاء المتفرقة للصورة بنحو تتمّ بها الصورة كما في تركيب المكعبات المتعارف في زمانن.

نعم، إذا كانت الاجزاء دقيقة جداً فالأحوط وجوباً اجتناب تركيبها بنحو تتمّ بها الصورة.

(مسألة ٤٦) : الأحوط وجوباً اجتناب تصوير الصور الوهمية لذوات الارواح، كتصوير حيوان مركب من حيوانين وتصوير حيوان وهمي كالعنقاء والغول وتصوير الملائكة والجن.

(مسألة ٤٧) : تصوير الكاريكاتير المتعارف في عصورنا إن كان عرفاً تصويراً لحيوان مشوّه كان حراماً وإلاّ كان حلالاً وإن اشتمل على ملامح الحيوان العامة.

(مسألة ٤٨) : يجوز على كراهية اقتناء الصور، كما يجوز بيعها وشراؤه

٢١

من دون أن يقتضي صنعه. أمّا إذا اقتضى البيع صنعها فهو باطل، كما لو باع الصور بنحو بيع الكلي في الذمة ولم يمكن تسليمها إلاّ بصنعه.

(مسألة ٤٩) : يحرم سبّ المؤمن وذمّه وهجاؤه وإهانته وهتكه ونحو ذلك من أنحاء التعدي عليه. نعم قد يجوز ذلك لدفع الضرر الاهم عنه أو عن غيره من المؤمنين. وكذا يجوز ذلك لتنفير الناس عنه دفعاً لضرره على الدين،كما لو ابتدع بدعة أو دعا إلى ضلالة.

(مسألة ٥٠) : مدح من لا يستحق المدح إن كان بنحو الخبر الكاذب حرم مطلق، وإن كان بوجه آخـر كالبيان المبني على المبالغة والتخييل والمدح بنحو الإنشاء لا الإخبار فلا بأس به، إلاّ أن يترتب عليه محرم آخركترويج الباطل والتشجيع عليه.

(مسألة ٥١) : المشهور حرمة الشعبذة، وهي إراءة غير الواقع واقعاً بسبب خفة الحركة وسرعتها بنحو يخرج عن المتعارف. لكن المتيقن من حرمته ما إذا لزم منه أمر آخر محرم كالاضرار بالمؤمن. كما أن الأحوط وجوباً تركها إذا كانت بداعي بيان قدرة المشعوِذ على الامر الخارق للعادة. أمّا إذالم يكن بداعي بيان ذلك، بل ابتنى على أن ما يقع إيهام لا واقع له من دون أن يلزم منه أمر آخرمحرم فالظاهر جوازه.

(مسألة ٥٢) : يحرم طبع كتب الضلال والفساد ونشرها وحفظها والدعاية لها وسائر وجوه ترويجها إذا خيف ترتّب الضلال أو الفساد على ذلك، أوكان فيه تقوية للباطل وترويج له. ولا بأس بما لايخاف منه على شيء من ذلك، بل يرجح لو ترتّب عليه أمر راجح، كاقتنائها للاطلاع على مضامينها الباطلة من أجل ردّها ودفع شبهه.

(مسألة ٥٣) : تحرم القيافة، وهي إلحاق الناس بعضهم ببعض استناداً إلى

٢٢

علامات خاصة، إذا كان الإلحاق بنحو الجزم، كما يحرم تصديق القائف حينئذٍ، ويحرم التكسب بذلك. ولا يحرم شيء من ذلك إذا لم يكن الالحاق بنحو الجزم واليقين من دون ترتّب أثر مخالف لمقتضى الطرق والموازين الشرعية. نعم يكره إتيانهم والرجوع إليهم حينئذٍ.

(مسألة ٥٤) : تعارف في عصورنا إخبار بعض الناس عن اُمور مجهولة اعتماداً على طرق خاصة غير مبتنية على الحس أو التجربة أو نحوهما من الطرق العقلائية، كالاخبار من طريق نشر بعض الاشياء المختلفة من خرز وحصى وغيره، ومن طريق قراءة الفنجان، أو غيرهم. والظاهر حرمة الاخبار بطريق الجزم وحرمة التصديق به كذلك وحرمة التكسب بذلك.

نعم، لا يحرم شيء منها إذا لم يكن الاخبار أو التصديق بنحو الجزم، نظير ما تقدم في القيافة.

(مسألة ٥٥) : يدعي بعض الناس القدرة على تحضير الجن، ولا يسعنا إنكار ذلك، فإن صدقوا فتحضيرهم إن كان بطريق السحر كان محرم، وإن لم يكن بطريق السحر فهو حلال إذا لم يستتبع إيذاء مؤمن، ولا بأس بالاستعانة بهم في الاُمور المحللة. ويجري على الاخبار عن الاُمور الغيبية من طريقهم ما تقدم في حكم المسألتين السابقتين.

(مسألة ٥٦) : اشتهرت في هذه الايام دعوى تحضير أرواح الموتى وأخذ المعلومات منهم، ويجري على الاخبار اعتماداً عليهم ما تقدم في حكم المسائل السابقة.

وأما نفس التحضير فهو حلال إذا لم يستلزم إيذاء مؤمن، وإن كانت قناعتنا الشخصية على أنه لا أصل لذلك، وأن من يدعي هذه الاُمور بين دجال كاذب ومتخيل واهم قد لبست عليه نفسه وشبهت عليه، وإن فرض أن هناك

٢٣

بعض الاُمور الحقيقية فهي اُمور شيطانية، فالحضور للشياطين لا للارواح التي زعم إحضاره، كما قد يناسبه أن كل فئة وأهل دين توحي إليهم الارواح التي يزعمون تحضيرها ما يناسب عقائدهم، حقةً كانت أو باطلةً، مع أن الحقيقة التي تنكشف بعد الموت واحدة لا لبس فيه.

ومن ثَمّ ينبغي الاحتياط والحذر من التصديق نتيجة تجربة صدق الخبر في بعض المرات، فإن ذلك قد يكون من الشيطان، استدراجاً حتى يستحكم حسن الظن بهذه الاُمور ويستسلم السامع لها ويؤخذ بها ولا يستطيع الافلات منه، فإذا تمّ له ذلك سيطر عليه وقاده إلى ما يريد من ضلالات ومحرمات، وشغله عن نفسه ودينه كما يشاء فخسر الدنيا والاخرة، ذلك هو الخسران المبين.

والاخطر من ذلك والاكذب ما شاع في زماننا هذا من دعوى إفاضة بعض الائمة (عليهم السلام) والأولياء على بعض الناس من أنوارهم، أو حلول أرواحهم فيهم متلبسين بهم فينطقون عنهم ـ كما يزعمون ـ مخبرين ببعض الاُمور المجهولة أو آمرين أو ناهين، بنحو يثير الانتباه ويلفت النظر ويستجلب بعض المغفلين السذّج فيعملون على ذلك مطيعين مصدقين وكأنهم يطيعون الامام أو الولي ويصدقونه.

وقد رأينا من قاده ذلك للسرقة وانتهاك الحرمات عن حسن نية، ولو تأمل قليلاً لأدرك التخليط في ذلك، وإلا فما بال هذه الذوات الطاهرة تفيض أنوارها على النساء وضعاف البصيرة وتتجسد فيهم وتترك ذوي النفوس العالية والشخصية القوية من علماء الدين ورجال الفكر المتدينين.

على أن تجسد أرواحهم ـ كما يزعمون ـ في أشخاص غيرهم أمر مرفوض دينياً وعقيدياً أشد الرفض، وليس ذلك إلا من عمل الشيطان وكيده ووساوسه وتخييلاته، ولذا شاع في الاوساط التي يضعف فيها الدين، وتُجهل تعاليمه،

٢٤

وتخفى معالمه، ويقل المرشدون، حيث يكون ذلك مرتعاً خصباً للشيطان، وبيئة صالحة لكيده في تضليل الناس والعبث بهم، نعوذ بالله تعالى من كيده ومكره، ونسأله العصمة والسداد إنه أرحم الراحمين، ووليّ المؤمنين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

(مسألة ٥٧) : المشهور حرمة النجش. قيل: وهو أن يزيد الشخص في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءه، بل ليسمعه غيره فيزيد لزيادته، أو هو مدح سلعة الغير للترغيب في شرائه.

والظاهر أن المعيار في الحرمة على تحقق الغش بذلك، بأن يكون الغرض من أحد الامرين إيهام الغير جودة السلعة ليشتريها بأكثر من ثمنه. أو إيهامه أنه مطلوبة ولها سوق تنفق فيه ليشتريها بثمنها ويتكسب بها من دون أن تكون كذلك. أما اذا كان الغرض من ذلك التنبيه للسلعة الكاسدة وانفاقها وبيعها بثمنها أو بما دونه من دون إيهام لشيء مخالف للواقع، لعدم تحقق الغش، كما يظهر مما تقدم في المسألة (١٧).

(مسألة ٥٨) : لا بأس بالنياحة وبالتكسب به. وإن كان الأولى عدم المشارطة في ذلك والرضا بما يدفع له، نعم قد تحرم النياحة لاشتمالها على خصوصية محرمة، كالنياحة بالكذب أو بالمدح بصفات مذمومة شرع، كالسلب والنهب وحسن الغناء ونحو ذلك مما يستلزم المدح به الترويج للحرام والتشجيع عليه، وكذا إذا كان المرثي ممن يلزم من مدحه ترويج الباطل وتقويته، لكونه علماً للضلال أو مشهوراً بالفسق وانتهاك الحرمات أو نحو ذلك.

٢٥

الأمر الثاني

في حكم التعامل مع من يتعرض

في كسبه للحرام

(مسألة ٥٩) : ما تأخذه الحكومة التي تقوم على أساس ديني وتدّعي لنفسها الولاية الدينية من الضرائب الشرعية المجعولة على الاراضي الخراجيّة والاموال يقع عما عيّنته وتبرأ ذمة من عليه تلك الضريبة بأخذ الحكومة له، سواءً كانت تلك الدولة محقّة في دعواها الولاية أم مبطلة وظالمة. ويكون الوزر في الصورة الثانية على الحاكم لا غير. كما يجوز للغير أخذه من الحكومة المذكورة، سواءً دفعته الحكومة له جائزة وهديّة مجانية أم بمعاملة معاوضية. بل إذا قاطعت الحكومة المذكورة شخصاً آخر عن تلك الضريبة بمبلغ معين من المال يدفعه لها صحت المقاطعة، وكان لذلك الشخص أخذ الضريبة من الشخص الذي وجبت عليه. ووجب على من عليه تلك الضريبة دفعها له. وتبرأ ذمته أيضاً بذلك.

وأما إذا لم تدّعِ الحكومة لنفسها الولاية الدينية، بل ابتنت سلطتها على القوانين الوضعية فالظاهر عدم براءة الذمة من الضريبة بدفعها إليه.

وأظهر من ذلك ما إذا لم تؤخذ الضريبة بعنوان كونها الضريبة الشرعية المعهودة، بل بعنوان آخر تقتضيه القوانين الوضعية، فإنها لا تجزي عن الضريبة الشرعية، حتى لو كان الآخذ حكومة تدّعي الخلافة أو الولاية الدينية. ولا تخرج الضريبة المأخوذة عن ملك الدافع، فيحرم التصرف فيها إذا كان محترم المال مع العلم بها وتعيينه.

٢٦

(مسألة ٦٠) : المراد بالضريبة الشرعية في المسألة السابقة هي الزكاة وضريبة الارض الخراجية الزراعية، سواءً كانت نقدية بمقدارمعيّن من المال، كما لو جعل على كل دونم عشرة دنانير مثلاً وهي المسماة بالخراج، أم حصة من الثمرة كالربع والثلث وهي المسماة بالمقاسمة. وأما بقية الحقوق والضرائب الشرعية كالخمس والكفارات فلا يجري عليها الحكم السابق، بل لابدّ من أدائها بالوجه المقرّر شرع.

(مسألة ٦١) : يصح التعامل مع من يبتلي في أمواله بالحرام كالمرابي والمقامر والسارق وبائع الخمر وغيرهم، كما يجوز الانتفاع بماله والتصرف فيه بإذنه بمثل الدخول في داره أو محله والركوب في سيارته والاكل من طعامه وغيره، ويجوز أيضاً أخذ المال منه وتملكه بهبة أو معاوضة أو غيرهم، إلاّ أن يعلم بحرمة المال بعينه فلا يجوز التصرف فيه ولا أخذه إلاّ بمراجعة مالكه الحقيقي أو وليه مع معرفته ولو جهل المالك فإن أمكن الفحص عنه وجب، ومع اليأس من معرفته والوصول إليه يجب على من يقع المال تحت يده التصدق به عن صاحبه على الفقراء. ولو صادف أن عرف المالك بعدذلك ولم يرض بالتصدق فالأحوط وجوباً الضمان له.

وهذا هو الحكم في كل مال مجهول المالك يقع تحت يد المكلف. وأما التصرف بالمال المجهول المالك من دون أن يتصدق به كالدور والمحلاّت وغيرها فلابدّ في جوازه من الرجوع للحاكم الشرعي.

(مسألة ٦٢) : لا فرق في حكم المسألة السابقة بين كون من يبتلي في أمواله بالحرام شخصاً خاصاً وكونه جهة عامة، كالدولة.

نعم، الدولة التي لا تقوم على أساس ديني ولاتدّعي لنفسها الولاية الدينية، بل تبتني سلطتها على القوانين الوضعية فالمال المأخوذ منها إن كان ملك

٢٧

لها من دون أن يكون مسبوقاً بملك مسلم جاز تملكه منها بالوجه القانوني، كالنقود غير المستعملة (البلوك) والمواد التي تستوردها من الحكومات أو الشعوب غير المسلمة.

وإن كان مسبوقاً بملك مسلم مجهول جرى عليه حكم مجهول المالك الذي تقدم في المسألة السابقة، كالنقود المستعملة التي تعاقبت عليها أيدي المسلمين بوجوه لا يعلم الحرام منها من الحلال، وكالمواد المشتراة من المسلمين من دون ضبط للمالك أوالغاصب أوالمختلس أونحوهما ممّن لايبالي كيف يكتسب المال.

نعم، إذا كانت مشتراة ممن يرى نفوذ المعاملة مع تلك الدولة من فِرق المسلمين أو الاديان الاُخرى جاز أخذه منها وتملكه بمقتضى قاعدة الالزام.

(مسألة ٦٣) : المال المأخوذ من الدولة التي لا تدعي لنفسها الخلافة أو الولاية الدينية وإن جرى عليه حكم مجهول المالك فيجب التصدق به على الفقير إلا أن الأحوط وجوباً صرفه في الجهة التي تملكه قانوناً إذا كانت محترمة بعد إجراء وظيفة مجهول المالك عليه، فإذا طلب شخص من آخر قبض مبلغ عنه من البنك مثلاً فقبضه فاللازم على القابض بعد إجراء وظيفة مجهول المالك على المبلغ دفعه للشخص الذي طلب منه قبض المبلغ، وإذا كان قد عيّن صرف المبلغ المذكور في وفاء دينه أو الانفاق على أهله صرفه فيما عيّنه، إلا في موارد خاصة لايتيسر ضبطها يراجع فيها الحاكم الشرعي.

(مسألة ٦٤) : مما سبق يظهر أن من أجرى معاملة صحيحة أو باطلة تقتضي استحقاق المال عليه فدفع المال بالتحويل على البنك التابع للدولة التي لا تبتني على كيان ديني ولا تدّعي لنفسها الولاية الدينية لم يبرأ بأخذ المستحق للمال من البنك المذكور، لكون المال مجهول المالك.

نعم، إذا أخذه المستحق للمال وأجرى عليه وظيفة مجهول المالك ثم

٢٨

احتسبه بعد ذلك وفاءً عمن عليه الحق الذي أجرى المعاملة معه برئت ذمة من عليه الحق بذلك. ولعل الأولى في دفع المحذور المذكور أن يتصالح الطرفان على براءة ذمة من عليه الحق في مقابل تسليطه لمن له الحق على أخذ المال من البنك بدفعه الصك له مثل، فيكون دفعه للصك بنفسه سبباً لبراءة ذمته من الحق الذي عليه، بلا حاجة إلى احتسابه عليه بعد إجراء وظيفة مجهول المالك عليه، وإنما يحتاج آخذ المال لإجراء وظيفة مجهول المالك من أجل تحليل المال له لا غير.

(مسألة ٦٥) :إذا كان المال مشتركاً بين الجهة غيرالمالكة والجهة المالكة، كأموال الشركات المختلطة جرى عليه حكم مجهول المالك في حصة الجهة غير المالكة وحكم معلوم المالك في حصة الجهة المالكة.

نعم، إذا حوّلت الشركة المذكورة المال المستحق عليها على جهة غير مالكة فأخذ المال من تلك الجهة جرى عليه حكم مجهول المالك بتمامه.

(مسألة ٦٦) : إذا اكتسب المؤمن المال بأحد الوجوه المحرمة السابقة وغيرها من مخالف في الدين يرى بمقتضى دينه صحة المعاملة واستحقاق المال عليه بموجبهاحلّ للمؤمن أخذ المال إلزاماً للمخالف بحكم دينه وإن كان إيقاع المعاملة محرم، فإذا باع المؤمن الخمر والخنزير مثلاً ممّن يرى جواز البيع المذكور كان إيقاع المعاملة محرماً وتسليم المبيع حرام، لكن لو فعل المؤمن ذلك عصياناً أو جهلاً حلّ له أخذ الثمن وتملُّكه من الشخص المذكور.

وإذا وقع في يد المؤمن مال لمخالف له في الدين بوجه غير مشروع وكان صاحب المال يراه مشروعاً بمقتضى دينه حلّ للمؤمن أخذه وتملكه منه أو التصرف فيه. كما أنه إذا اكتسب المال بمعاملة غير مشروعة من مخالف في الدين غير محترم المال جاز أخذ المال منه من باب الاستنقاذ وإن لم يكن حلالاً في دين الشخص المذكور.

٢٩

(مسألة ٦٧) : إذا دفع إنسان مالاً إلى آخر لينفقه في طائفة من الناس ـ كالسادة أو الفقراء ـ وكان المدفوع له منهم، فإن ظهر من الدافع أن مراده صرف المال فيهم كيف اتفق بنحو يشمل أخذه لنفسه معهم جاز له الأخذ منه، وإن لم يظهر منه ذلك بل اشتبه المراد، أوكان ظاهر الحال إرادة صرفه في غيره بحيث يكون واسطة في الإيصال لا غير لم يحل له الأخذ من المال.

وكذا الحال فيما لو دفع له بضاعة ليبيعها أو مالاً ليشتري به، حيث لا يجوز له شراء البضاعة لنفسه، ولا الشراء بالمال من نفسه إلاّمع فهم العموم له وظهور حال الدافع في ذلك. ويجري ذلك في جميع النظائر.

المقام الثاني

في آداب التجارة

(مسألة ٦٨) : يستحب ذكر الله تعالى في الاسواق، وطلب الخيرة منه، والدعاء بالمأثور، ومنه الشهادتان. كما يستحب عند الشراء التكبير ثلاث، والدعاء بالمأثور أيض، وأن يستدرّ الرزق بالدعاء، وأن يرجو في نفسه الرزق من حيث لا يحتسب، ولا يعتمد على حذقه وكدّه ولا يطمئن إليهم.

(مسألة ٦٩) : ينبغي للمتكسّب أن يقصد بكسبه الاستعفاف عن الناس، والتوسعة على العيال، والقيام بأعمال الخير والبر، فإن ذلك من طلب الاخرة. ولا ينبغي له أن يكون همّه الجمع والادخار.

(مسألة ٧٠) : يستحب الاجمال في الطلب، فإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقه، وفي حديث الامام الصادق (عليه السلام) : «ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيّع ودون طلب الحريص».

٣٠

(مسألة ٧١) : يستحب التعامل مع من نشأ في الخير. ويكره التعامل مع مستجدّ النعمة، ومخالطة السفلة.

(مسألة ٧٢) : يستحب التوثّق بالكتابة عند المعاملة.

(مسألة ٧٣) : يستحب الاحسان في البيع والتسامح فيه، وأن يعطي زائد، وأن يبادر للبيع عند حصول الربح، وأن لايزهد في الربح والاسترزاق به وإن قلّ.

(مسألة ٧٤) : يستحب إقالة النادم.وهي رفع اليد عن البيع وفسخه عند طلب أحد المتبايعين. ففي الحديث: «أيّما عبد أقال مسلماً في بيع أقاله الله عثرته يوم القيامة ». ويأتي الكلام في أحكامها في الفصل الرابع عشر إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٧٥) : يستحب للمشتري المماكسة والتحفظ من الغبن، إلا في شراء الاُضحية، والكفن، والعبيد، ومصارف الحج فإنه يكره المماكسة فيه.

(مسألة ٧٦) : صاحب السلعة أولى بالسوم بأن يبدأ ببيان الثمن الذي يطلبه، ولا يكون المشتري هو البادي ببيان الثمن الذي يدفعه.

(مسألة ٧٧) : ينبغي للتاجر أن لايشتغل بتجارته عن أداء الصلاة في أول وقته، بل ينبغي ذلك لجميع أهل الأعمال، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) : «ليس عمل أحب إلى الله عزّوجلّ من الصلاة فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من اُمور الدني، فإن الله عزّ وجلّ ذمّ أقواماً فقال: (الذين هم عن صلاتهم ساهون)يعني: أنهم غافلون، استهانوا بأوقاته».

(مسألة ٧٨) : يكره للإنسان أن يكون أول داخل للسوق وآخر خارج منه، كما يكره السوم ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس.

(مسألة ٧٩) : يكره للبائع أن يمدح سلعته، وللمشتري أن يذمّه، وكذا كتمان العيب إذالم يؤدِّ إلى الغشّ، والاّ حرم، والحلف في البيع والشراء صدق، وإن كان كذباً حرم.

٣١

(مسألة ٨٠) : يكره للبائع الربح بمثل الثمن فما زاد، ويستحب الرفق في الربح على المؤمن إذا اشترى للتجارة، ويكره الربح عليه فيما يشتريه لغيرها إلاّ بمقدار الحاجة، كما يكره ربح البائع على من يعده بالاحسان إن اشترى منه، ويكره أيضاً التفريق بين المشتري المماكس وغيره في الربح.

(مسألة ٨١) : يكره للمشتري طلب الوضيعة من الثمن بعد العقد، وقبولها إذا ردّها عليه البائع.

(مسألة ٨٢) : يكره الشكوى من عدم الربح ومن الإنفاق من رأس المال، ففي الحديث: «إن من شكى من ذلك فقد شكى الله تعالى». ولا بأس ببيانه كحقيقة واقعة من دون أن يتضمن الشكوى، خصوصاً مع استدراك ذلك بحمده تعالى وشكره على ما رزق ويسّر، فإن نعمه لا تحصى ولا ينبغي أن تنسى.

(مسألة ٨٣) : يكره الدخول في سوم المؤمن. والمراد به أن يرى اثنين يتساومان في بيع وشراء فيدخل قبل أن ينتهي الامر بينهما بالقبول أو الرد، ويطلب أن يكون هو المشتري أو البائع بدلاً من أحدهم. ولا بأس به إذا ابتنى بيع المتاع على طلب الزيادة، وهو البيع في المزاد.

(مسألة ٨٤) : يكره أن يتوكل أحد من أهل المدينة للاعراب وأهل البوادي في بيع ما يأتون به للمدينة من البضائع. بل يتركون ليبيعوها بأنفسهم.

(مسألة ٨٥) :يكره تلقي الركبان، وهم الذين يجلبون البضائع للبلد، والمراد بتلقيهم الخروج لاستقبالهم، ومبادرتهم بالشراء منهم قبل دخول البلد. ولا يكره ذلك لو صادف لقاءهم خارج البلد من دون قصد. وحدّ التلقي أربعة فراسخ، فإن زاد على ذلك كان من جلب البضاعة المستحب.

(مسألة ٨٦) : يكره الاحتكار، وهو حبس الطعام لطلب الزيادة في الخصب أربعين يوماً وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام، بل يحرم حبس الطعام مطلقاً

٣٢

مع حاجة الناس له وعدم الباذل، بحيث يوجب الضيق على الناس، والمراد بالطعام الحنطة والشعير والتمر والزبيب والزيت والسمن.

(مسألة ٨٧) : في مورد الاحتكار المحرّم يجبر المحتكر على البيع من دون أن يحدد السعر عليه، إلاّ أن يكون السعر الذي يطلبه مجحفاً بالعامة، فيحددالسعر عليه بنحو لا يجحف به ولا بهم.

(مسألة ٨٨) : الذي يجبر المحتكر ويحدد السعر عليه في مورد الاجحاف هو الحاكم الشرعي مع تيسر الرجوع إليه، ومع عدم تيسر الرجوع إليه يقوم بذلك عدول المؤمنين.

(مسألة ٨٩) : يحرم الاحتكار إذا كان موجباً لتلف النفوس المحترمة، أو الضرر المهم بهم الذي يجب دفعه كالامراض الصعبة وتعطيل بعض الاعضاء، أو كان موجباً للهرج والمرج واختلال النظام. من دون فرق بين الطعام وغيره كالدواء واللباس وغيرهم. بل حتى الاعمال كعلاج الامراض والنقل وغيرهم، فيحرم الامتناع عنها إذا أوجب ذلك. ولابدّ في الثمن حينئذٍ من أن يكون بنحو لا يلزم منه أحد المحذورين المذكورين.

٣٣

الفصل الأول

في عقد البيع

لابد في تحقق البيع من التزام الطرفين به و إبرازهما الالتزام المذكور بما يدلّ على جعل المضمون وإيجاده في الخارج ادعاءً، المعبر عنه بالانشاء. وهذا هو اللازم في جميع العقود.

(مسألة ١) : يقع البيع بكل ما يدلّ على الالتزام المذكور من الطرفين من لفظ أو إشارة أو كتابة كالتوقيع من الطرفين على ورقة البيع أو فعل آخر، كتسليم أحد العوضين من الثمن أو المثمن وتسلّمه، المسمّى بالمعاطاة، ونحو ذلك.

(مسألة ٢) : لا يشترط في اللفظ العربية، فيقع بأيّة لغة كانت، كما يقع بالملحون والكنايات وغيرها ممّا يتضمن إبراز الالتزام النفسي بالبيع وجعل مضمونه.

(مسألة ٣) : إذا طلب أحد الطرفين من الاخر أن يبيعه شيئاً فقال: بعتك هذا الشيء، لم يكف في تحقق البيع مالم يظهر من الطالب القبول والرضا بالبيع. أما لو لم يظهر منه ذلك أوصرّح رأساً بالرد فلا بيع.

(مسألة ٤) : إذا كان أحد الطرفين وكيلاً عن الاخر كفى التزامه بالبيع عن نفسه وعن موكله وإنشاؤه له، بلا حاجة إلى إنشاء القبول عن الاخر.

نعم، إذا غفل عن وكالته فالتزم بالبيع وأنشأه عن نفسه بانتظار قبول الاخر فلا يقع البيع مالم يتحقق القبول عن الاخر أو منه. وهكذا الحال في الوكيل عن الطرفين، والوليّ عليهم، ونحوهما من موارد تولّي الشخص الواحد لطرفي العقد.

٣٤

(مسألة ٥) : يشترط في عقد البيع ابتناء التزام الطرفين بالمضمون على التزام الاخر به، فلو التزم كل منهما بالمضمون ابتداءً بانتظار قبول الاخرلم يقع العقد إلاّ أن يطّلع أحدهما على التزام الاخر ويرضى به. مثلاً إذا كتب الوسيط ورقة البيع ووقّعها أحد الطرفين بانتظار توقيع صاحبه، وصادف أن وسيطاً آخر كتب ورقة أخرى للبيع ووقّعها الطرف الثاني بانتظار توقيع صاحبه من دون أن يعلم بتوقيعه لم يقع البيع حتى يعلم أحد الطرفين بتوقيع الاخر ويرضى بالمعاملة. وهكذا الحال في جميع العقود.

(مسألة ٦) : لا يشترط في البيع التخاطب بين الطرفين ولا وحدة المجلس، ولا الموالاة بين الالتزام من الطرفين. فيقع البيع مثلاً بكتابة مضمونه في ورقة و توقيع أحد الطرفين فيها ثمّ ارسالها للاخر فيوقع فيه.

نعم، لابدّ من بقاء الطرف الأول على التزامه حتى يقبل الاخر، فلو عدل الطرف الأول عن التزامه قبل صدور القبول من الاخرلم يقع البيع حتى لو لم يعلم الطرف الثاني حين قبوله بعدول الأول. ولو ادعى العدول قُبِل منه إلاّ أن يُعلم بكذبه.ولو شُك في زمان العدول وأنه قبل قبول الثاني أوبعده بُني على عدم صحة البيع. وهكذا الحال في جميع العقود.

(مسألة ٧) : لابدّ في صحة البيع من اتفاق المتبايعين على مضمون واحد، بحيث يتطابق ما يلتزم به أحدهما مع ما يلتزم به الاخر في الثمن والمثمن و غيرهمامن الخصوصيات المأخوذة في البيع، كالشرط والوصف والاجل وغيره، فإذا اختلفا في شيء من المضمون بطل البيع. ولو اختلفا في الاجمال والتفصيل، كما لو قال: بعتك الثوب بدينار، فقال: اشتريت كل ربع منه بربع دينار، فإن ابتنى التفصيل على الارتباطية بحيث يرجع إلى وحدة البيع في مجموع الاجزاء صحّ البيع، وإن رجع إلى الانحلال وإلى تعدد البيع بتعدد الاجزاء

٣٥

بطل. وهكذا الحال في جميع العقود.

(مسألة ٨) : يشترط في البيع التنجيز، فلا يصح البيع معلقاً على أمر غير حاصل حين العقد، سواءً علم حصوله كالبيع معلقاً على طلوع الهلال أم لم يعلم، كالبيع معلقاً على قدوم المسافر. بل الأحوط وجوباً عدم البيع معلقاً على أمر حاصل مجهول الحصول، كما لو قال: بعتك إن كان ما وُلد لي ذكر.

نعم، يصح البيع معلقاً على مجهول إذا كان المجهول شرطاً في صحة البيع، كما لو قال: بعتك هذا الثوب إن كان لي.وكذا يصح إذا كان معلقاً على أمر معلوم الحصول حين العقد، وإن لم يكن شرطاً في صحة العقد.

وهكذا الحال في جميع العقود والايقاعات، عدا الوصية التمليكية وهي التمليك معلقاً على الموت والتدبير، وهو عتق العبد معلّقاً على الموت والنذر المعلّق على حصول شيء غير حاصل.

الفصل الثاني

في شروط المتبايعين

يعتبر في المتبايعين اُمور..

الأول: البلوغ بأحد الاُمور المتقدمة في أول مباحث الاجتهاد والتقليد، فلا يصح بيع الصبي وشراؤه لنفسه وإن كان مميزاً يفهم معنى البيع والشراء، ويدرك موارد النفع والضرر الماليين.بل لابد في ذلك من إذن الولي، ويأتي في كتاب الحجر بعض الفروع المتعلقة بذلك إن شاء الله تعالى.

الثاني: العقل فلا يصح عقد المجنون. ويأتي في كتاب الحجر بعض الفروع المتعلقة بذلك إن شاء الله تعالى.

٣٦

الثالث: الاختيار، فلا يصح بيع المكرَه وشراؤه، وهو الذي يأمره غيره بالبيع أو الشراء المكروه له على نحو يخاف من ترتّب الضرر بمخالفته.نعم إذا كان الاكراه بحق لم يمنع من صحة البيع.

(مسألة ١) : المراد من الضرر الذي يتوقف صدق الاكراه معه ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه وبعض مَن يتعلق به ممن يهمّه أمره كولده وأبويه وإخوته، بل الظاهر أنه يعمّ من يجب عليه دفع الضرر المعتد به عنه شرع، كما لو هدّده بقتل مؤمن لا يعرفه، بل يعمّ من يحسن منه شرعاً دفع الضرر عنه، كما لو هدّده بنهب مال مؤمن لايعرفه.

(مسألة ٢) : لو قدر على دفع ضررالمكرِه بالاستعانة بالغير من دون محذور والتفت لذلك، ولكنه لم يفعل وأوقع البيع فالظاهر عدم صدق الاكراه، وصحة البيع حينئذٍ. وكذا إذا قدر على إيهام المكرِه أنه فعل ما أكرهه عليه والتفت لذلك ولم يفعل، بل أوقع البيع. ومنه إذا قدر على التورية كما لو قصد بقوله: (بعتُ) الاخباردون الانشاء والتفت إليه، ولم يخش ظهور الحال والوقوع في الضرر، فإنه إذا لم يورِّ حينئذٍ وباع قاصداً البيع صحَّ لعدم صدق الاكراه.

(مسألة ٣) : إذا أمره الغير بالبيع وخاف من ترتّب الضرر بمخالفته، لكنه باع برضاه من دون أن يستند البيع لأمر الغير صحَّ البيع. وكذا إذا استند في بيعه لامر الغير دفعاً للضرر المترتب على مخالفته، لكنه التفت إلى أنه لا يصح شرعاً فأوقع البيع راضياً به دفعاً للمشاكل الشرعية المترتبة على بطلان المعاملة.

(مسألة ٤) : إذا اُكره على بعض الخصوصيات في البيع كالثمن والزمان والمكان من دون أن يُكره على أصل البيع، بل كان له تركه، فباع بالخصوصية التي اُكره عليها صحّ البيع. كما لو حُدد له الثمن من دون أن يُلزم بالبيع به، بل كان له ترك البيع رأس، فإنه لو اختارالبيع بالثمن المحدد صحّ البيع.

٣٧

(مسألة ٥) : الاكراه إنما يُبطل البيع إذا وقع على من له البيع أو على وليه أو وكيله مع عدم رضا الموكِّل بالبيع، أما إذا وقع على الوكيل مع رضا الموكِّل بالبيع فالبيع صحيح. وكذا إذا أكره صاحب المال أو وليه أو وكيله شخصاً في أن يبيع عنه فباع، فإن البيع يصح حينئذٍ، ولا يبطله الاكراه.

(مسألة ٦) : يصح بيع المكرَه بالاجازة اللاحقة منه أو من وكيله أو وليه.

(مسألة ٧) : لما كان البيع مع إكراه أحد الطرفين فاسداً فكما يبقى المكرَه مالكاً لما يؤخذ منه من ثمن أو مثمن يبقى الطرف الاخر مالكاً لما يدفعه للمكرَه، وحينئذٍ إن كان الطرف الاخر عالماً بالإكراه وبفساد العقد، وتعمد أخذ ما أخذ غصباً كان للمكرَه تملك ما أخذه منه من باب المقاصة، فإن كان ما أخذه مساوياً لما أخذه الطرف الآخر في القيمة فقد استكمل حقه ولا شيء عليه، وإن كان ما أخذه أقل قيمة بقي له عند الطرف الاخر فرق ما بينهم، وإن كان ما أخذه أكثر قيمة استحق مقدار ما أخذ منه بالمقاصة، وبقي الزائد ملكاً لصاحبه، لكن لا يضمنه الآخذ لو تلف لعدم تعدّيه في أخذه. وبوسع المكرَه تملك تمام الثمن بتصحيح البيع بإجازته له لاحق، كما تقدم في المسألة السابقة.

وإن كان الطرف الآخر جاهلاً بالإكراه، أو بفساد البيع بقي ما دفعه للمكرَه في ملكه ولم يكن للمكرَه تملكه من باب المقاصة، بل يجب عليه إرجاعه لصاحبه ومراجعته فيه. ومع تعذر مراجعته لعدم معرفته أو لانقطاع خبره أو لغيرذلك فاللازم مراجعة الحاكم الشرعي فيه، لانه ولي الغائب، وبوسع المكرَه حينئذٍ تجنب ذلك بتصحيح البيع بإجازته اللاحقة، كما تقدم.

(مسألة ٨) : إذا اضطر للبيع من غير جهة الاكراه لم يبطل البيع، كما لو اضطر لبيع داره لمعالجة مريضه أو تحصيل قوت عياله. وكذا لو كان من جهة الاكراه على أمر غير البيع، كما لو أكرهه الجائر على دفع مال، ولم يمكنه دفعه إلاّ ببيع داره.

٣٨

(مسألة ٩) : يجوزالشراء ممن يقبل بالثمن القليل لاضطراره للبيع. وكذا البيع ممن يقبل بالثمن الكثير لاضطراره للشراء. نعم يكره استغلال اضطراره بحيث يكون تقليل الثمن في الأول وزيادته في الثاني لاجل اضطراره، أمّا إذا كان بداع آخر، كعدم الرغبة في الشراء أو البيع فلا كراهة. وكذا إذا كان الاضطرار للبيع أو الشراء موجبين لهبوط السعر السوقي أو ارتفاعه.

الرابع: السلطنة على التصرف في المبيع أو الثمن، لكونه مملوكاً له أو في ذمته من دون أن يكون محجوراً عليه، أو لكونه وكيلاً على المال أو مأذوناً في التصرف فيه ممن له التوكيل والاذن، أو لكونه ولياً عليه. فلو لم يكن كذلك لم ينفذ البيع، كما لو باع الاجنبي أو المالك المحجور عليه لصغر أو سفه أو غيرهم. وهو المسمى عندهم ببيع الفضولي وشرائه.

(مسألة ١٠) : لا يكفي في خروج البيع أو الشراء عن كونه فضولياً العلم برضا من له السلطنة عليه به، بحيث لو التفت إليه لاذن فيه، بل لابدّ من إعمال سلطنته فيه، بإذنه في البيع أو توكيله على إيقاعه، ولو كان مستفاداً من شاهد الحال كما لو رأى صاحب المحل ولده يبيع له ويشتري وتكرر ذلك منه ولم ينكرعليه مع قدرته على الانكار، حيث يظهر منه إذنه له في القيام مقامه في إدارة المحل.

(مسألة ١١) : بيع الفضولي وشراؤه وإن كان موقوفاً غير نافذ إلاّ أنه لا يبطل رأساً بحيث يبطل التنفيذ والتصحيح، بل ينفذ بإجازة من له السلطنة، من مالك أو وكيل أو ولي أو غيرهم.

(مسألة ١٢) : لابدّ في تصحيح عقد الفضولي بالاجازة من بقاء الطرف الاخر على التزامه بالبيع إلى حين الاجازة، فلو أعرض عنه لم تنفع الاجازة في تصحيحه، فإذا باع الفضولي دار زيد على عمرو فأعرض عمرو عن البيع قبل إجازة زيد للبيع لم تنفع إجازة زيد بعد إعراض عمرو في صحة البيع.

٣٩

(مسألة ١٣) : يكفي في الاجازة كل ما يصلح لبيان إمضاء من له السلطنة للعقد من قول أو فعل، كقبض الثمن، وتسليم المبيع، وغيرهم. بل يكفي سكوته عنه وعدم ردّه بعد علمه به إذا كان كاشفاً عن إقراره وتنفيذه له. أما مجرد الرضا الباطني بالعقد، مع عدم المبرز لاقرار العقد والرضا به فلا يكفي في إجازة العقد ونفوذه.

(مسألة ١٤) : ينفذ عقد الفضولي بإجازة من له السلطنة، سواءً سبق منه أو من غيره من ذوي السلطنة المنع عن إيقاعه أو الرد له بعد وقوعه، أم لم يسبق شيء منهم.

(مسألة ١٥) : إجازة عقد الفضولي تقتضي نفوذه وترتّب جميع أثار صحته من حين وقوعه، لا من حين إجازته فقط، فإذا باع الفضولي الدابة مثل، وحصلت الاجازة بعد مدة من الزمن حُكم بملكية المشتري لها من حين العقد، فتكون نماءاتها كالولد واللبن ومنافعها من حين العقد للمشتري، ولو اعتدى عليها شخص بعد العقد وقبل الاجازة فأتلف منها شيئاً كان ضامناً للمشتري لا للمالك الأول، وهكذا الحال في بقية الاثار.كما أنه يُحكم بملكية البائع للثمن من حين وقوع العقد وتترتّب آثارذلك.

(مسألة ١٦) : إذا باع الفضولي العين من شخص ثمّ أخرجها المالك أو من يقوم مقامه عن ملكه ببيع أو هبة أو غيرهما قبل إجازة بيع الفضولي فلا مجال لاجازته بعد ذلك. أما إذا آجر المالك أو من يقوم مقامه العين من دون أن تخرج عن ملكه فالظاهر أن له إجازة العقد الفضولي، فإذا أجازه صحّ، غايته أن يكون للمشتري حينئذٍ الخيار، وله فسخ البيع للعيب. وكذا الحال في كل تصرف من المالك في العين يوجب نقصاً فيها من دون أن يوجب سلب سلطنته على بيعها كالرهن، بل حتى التصرف الخارجي فيها منه أو من غيره، كهدم الدار، أو تغيير صورته، وخياطة الثوب، ونحوه.

٤٠