منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 71549
تحميل: 4933


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71549 / تحميل: 4933
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

نعم إذا كان ترك العدوان المحرم أحد ركني العقد فالظاهر عدم صحته، كما إذا اتفق صاحب الحق مع الطرف الاخر على أن يدفع صاحب الحق شيئاً له في مقابل أن لا يعتدي عليه بشتم أو ضرب أو رفع لحاكم الجور أو غير ذلك، فيكون دفع المال في مقابل عدم العدوان، لا من باب الصلح بين الطرفين. وكذا لو كان صاحب الحق مكرهاً على الصلح بالوجه المذكور لتهديد الطرف الاخر بالاضرار به إذا لم يصالحه ولو برفع أمره لحاكم الجور، لبطلان العقد مع الاكراه.

(مسألة ٣) : يجوز لصاحب الحق أن يصالح ـ تفادياً للنزاع ـ بما يشاء، وكذا لوكيله بإذنه. أما الولي فلا يصح منه الصلح المذكور إلا إذا كان بنظره صلاحاً للمولى عليه، كما إذا لم يأمن القدرة على إثبات الحق له، أو كان ما يبذله عند الصلح دون مؤنة إثبات الحق أو بقدره، أو خاف على المولّى عليه من بقاء النزاع والخصومة، أو كان في الخصومة حرج على الولي لا يجب عليه تحمله لصالح المولّى عليه. أما إذا كان لمصلحة الولي نفسه ـ تجنباً للخصومة أو غير ذلك ـ دون المولّى عليه فلا يجوز له أن يصالح على بذل مال من المولّى عليه إلا أن يضمنه له.

(مسألة ٤) : يجوز الصلح بنحو يقتضي تمييز الحق المشاع، كما إذا اشترك شخصان في فرس وبقرة فاصطلحا على أن تكون لاحدهما الفرس وللاخر البقرة، ولا يكون ذلك من القسمة.

(مسألة ٥) : يجوز الصلح عند اشتباه الحقوق بنحو يقتضي تعيين ما يستحقه كل طرف من أطراف الاشتباه، كما إذا كان لاحد شخصين كتاب وللاخر ثوب واشتبه مالك الكتاب بمالك الثوب، فيتصالحان على أن يكون لاحدهما المعين الثوب وللاخر الكتاب.

(مسألة ٦) : يجوز الصلح من صاحب الحق ومن وليه عند الشك في ثبوت

٢٦١

الحق بنحو يقتضي رفع الشك، كما لو شك في اقتراض زيد من عمرو مبلغاً من المال أو في وفاء القرض المذكور بعد ثبوته، فيتصالحان على ثبوت نصفه مثل. وفائدة الصلح المذكور الحل واقعاً في المقدار المتصالح عليه بحيث لو انكشف الحال بعد ذلك لم يخرج عن مقتضى الصلح، أما بدونه فالعمل لصالح أحد الشخصين في تمام الحق المشتبه وإن كان لازماً بمقتضى الاصل إلا أنه يقتضي الحل ظاهراً ما دام الجهل باقي، ولا يقتضي الحل واقع.

وهذه جهة مهمة كما قد تدعو صاحب الحق للتنازل عن بعض حقه قد تكون مصححة للتنازل بنظر الولي في حق المولّى عليه. وعلى ذلك قد تجري المصالحة مع الحاكم الشرعي في تعيين الحق الشرعي الذي له الولاية عليه.

نعم، مقتضى الانصاف وطبيعة الاشتباه الصلح بالتناصف مع تساوي الاحتمالين في القوة والضعف، ومع اختلافهما يكون التفاضل لصالح من كان الاحتمال في جانبه أقوى بنسبة قوة الاحتمال المذكور، مثلاً: إذا كان احتمال ثبوت الحق بنسبة خمسة وسبعين بالمائة واحتمال عدمه بنسبة خمسة وعشرين بالمائة يكون الصلح على ثبوت ثلاثة أرباع الحق المشتبه. وربما تكون هناك جهات ملحوظة لصاحب الحق أو وليه تقتضي الخروج عن ذلك.

(مسألة ٧) : يجوز الصلح عن الحق الثابت المعلوم ببعضه فتبرأ ذمة من عليه الحق من الباقي، لكن بشرطين..

الأول: علم من له الحق بمقداره، أما لو كان جاهلاً به ولم يعلم به إلا من عليه الحق فلا يصح الصلح المذكور، نعم لو كان صاحب الحق راضياً بالصلح حتى مع علم من عليه الحق بالمقدار فيصح الصلح حينئذٍ.

الثاني: أن يكون الصلح حقيقياً راجعاً إلى إبراء من له الحق لمن عليه الحق من بعضه بطيبة نفسه، أما إذا كان لمجرد استنقاذ من له الحق لبعض حقه لامتناع

٢٦٢

من عليه الحق من أدائه بتمامه فالصلح المذكور صوري ولا يصح حقيقة، بل يبقى من عليه الحق مشغول الذمة بالباقي، وكأنه إلى هذا يشير قول الامام الصادق (عليه السلام) في الحديث الصحيح: «إذا كان لرجل على رجل دين فمطله حتى مات، ثم صالح ورثته على شيء، فالذي أخذ الورثة لهم، وما بقي فللميت حتى يستوفيه منه في الاخرة، وإن هو لم يصالحهم على شيء حتى مات ولم يقض عنه فهو كله للميت يأخذه به».

ولا يخفى أن الصلح بالوجه الصحيح على تبعيض الحق إنما يصح من صاحب الحق، لانه مسلط على ماله فله التنازل عنه كله فضلاً عن بعضه. أما من الولي فلا يصح بمقتضى طبيعة ولايته، لان وظيفته ملاحظة مصلحة المولى عليه، والتنازل عن بعض حقه ليس من مصلحته.

نعم، قد يتجه منه الصلح بالنحو المذكور إذا اُحرج، من باب استنقاذ الحق لامتناع من عليه من أدائه بتمامه. لكن الصلح المذكور صوري لا يصح حينئذٍ حقيقة ولا يترتب عليه براءة ذمته من بعض الحق، كما سبق. وعلى ذلك يشكل المصالحة مع الحاكم الشرعي على إسقاط بعض الحق الشرعي، كما قد يتردد على ألسنة كثير من الناس، إلا أن يلحظ الولي المأمون جهات خاصة في صالح الحق مصححة للتنازل عن بعض الحق ويرى أن ملاحظتها مقتضى ولايته، فيعمل على ذلك، وهو أمر لا يتسنى لنا فعلاً استيضاحه.

ومنه سبحانه نستمد العون والتسديد.

والحمد لله رب العالمين

٢٦٣

كتاب الوكالة

وهي عقد يقتضي قيام الوكيل مقام الموكل، نظير قيام الولي مقام المولّى عليه، فيترتب أثرها المذكور بمجرد العقد قبل وقوع التصرف، وهذا بخلاف الاذن في التصرف، فإنه لا يقتضي ذلك، بل هو إيقاع من الاذن يقتضي سلطنة المأذون على التصرف المأذون فيه من دون أن يقتضي قيامه مقامه. ويظهر الاثر في الوكالة التفويضية على الشيء بنحو الاطلاق كتوكيل الشخص في الاُمور المالية المتعلقة به وتوكيل الولي فيما هو مولّىً عليه، حيث يجب على الوكيل القيام بما يجب على الموكل القيام به، ولا يجب ذلك على المأذون من دون توكيل، وإن جاز له الاتيان بالامر المأذون فيه ويصح منه.

(مسألة ١) : الوكالة كسائر العقود لابدّ من إنشائه، ويكفي فيها كل ما يدل على الالتزام بها من الوكيل والموكل من قول أو فعل. كما أن الأحوط وجوباً فيها التنجيز، فلا تصح مع تعليقها على أمر غير معلوم الحصول، نعم لا بأس بتعليق الامر الموكل فيه.

(مسألة ٢) : يعتبر في الوكالة كمال الوكيل والموكل بالبلوغ والعقل أوإذن وليهم، ولا تصح بدون أحد الامرين. نعم إذا وكل شخص طفلاً مميزاً أو مجنوناً مميزاً بحيث يتأتى منهما القصد للتصرف الموكَّل فيه وإنشاؤه نفذ تصرفهما عليه وإن لم يأذن وليهما في توكيلهم، لكنه ليس لصحة الوكالة، بل لتحقق الاذن منه لهما بالتصرف تبعاً لتوكيلهم، ولا يعتبر في نفوذ تصرف المأذون كماله ولا إذن

٢٦٤

وليه، بل يكفي التمييز الذي يتحقق معه القصد للتصرف المأذون فيه.

(مسألة ٣) : يعتبر في نفوذ تصرف الوكيل سلطنة الموكِّل على ذلك التصرف، فإذا وكلت البكر الرشيدة ذات الولي مثلاً شخصاً في تزويجها صحت وكالته، ولا ينفذ تزويجه لها إلا برضا وليه، وإذا وكل الراهن شخصاً في بيع العين المرهونة صحت وكالته ولا ينفذ بيعه لها إلا باذن المرتهن. نعم إذا كان قصور سلطنة الموكِّل لعدم كماله ـ كالصبي والمجنون ـ كفى صدور الوكالة عن الولي في نفوذ تصرف الوكيل، ولا يحتاج إلى إذن الولي فيه.

(مسألة ٤) : يعتبر في الموكِّل عدم الحجر بسفه إذا كانت الوكالة في الماليات، فإذا وكَّل السفيهُ لم تصح الوكالة، ولا يصح من الوكيل التصرف حتى بعد ارتفاع سفه الموكِّل. أما الحجر بالفلس أو نحوه مما تقدم في كتاب الحجر فالظاهر أنه غير مانع من صحة الوكالة وإنما يمنع من نفوذ تصرف الوكيل في مورد عدم نفوذ تصرف الموكِّل.

(مسألة ٥) : الوكالة من العقود الجائزة، بمعنى أن لكل منهما متى شاء عزل الوكيل عن وكالته. نعم لا ينفذ عزل الموكِّل للوكيل إلا بعد أن يعلم الوكيل بالعزل، أو يخبره به ثقة.

(مسألة ٦) : إذا اشترط أحدهما عدم عزل الوكيل أبد، أو إلى أمد خاص في ضمن عقد آخر لزم ولم ينفذ العزل، بل الظاهر لزومه إذا اشترط ذلك في عقد الوكالة بنفسه.

(مسألة ٧) : تبطل الوكالة بموت الوكيل ولا تنتقل لورثته، كما تبطل بموت الموكِّل، إلا أن تبتني على العموم لما بعد الموت، فترجع إلى كون الشخص وكيلاً حال الحياة وصياً بعد الموت، فيلحقه بعد موت الموكِّل حكم الوصي.

(مسألة ٨) : المشهور بطلان الوكالة بجنون الموكِّل والاغماء عليه وإن كان

٢٦٥

موقتين، لكن المتيقن من ذلك عدم جواز التصرف للوكيل حال الجنون، لقصور سلطنة الموكِّل من دون ان تبطل الوكالة، فإذا ارتفع الجنون وعادت سلطنة الموكِّل جاز للوكيل التصرف. بل إذا كان الموكِّل ملتفتاً لاحتمال طروء الجنون عليه، وعمم الوكالة له كان مرجعها إلى جعل الوكيل ولياً على التصرف حال الجنون، والظاهر نفوذ الجعل المذكور واغناؤه عن ولاية الولي الشرعي، فيجوز التصرف للوكيل حتى حال الجنون. وأما الاغماء فإن كان مستحكماً طويل الامد فهو بحكم الجنون، وإن كان طارئاً موقتاً فهو بحكم النوم لا ينافي سلطنة المغمى عليه عرف، ولا يمنع الوكيل من التصرف، فضلاً عن أن يبطل وكالته.

(مسألة ٩) : المشهور بطلان الوكالة بجنون الوكيل والاغماء عليه وإن كانا موقتين، لكنه ممنوع. نعم إذا كانا مستحكمين طويلي الامد فقد يكون إطلاق الوكالة منصرفاً عنهم، فيكون بطلان الوكالة معهما لقصورها عنهما ابتداءً، لا لكونهما مبطلين له.

(مسألة ١٠) : يجوز للولي أن يوكل غيره، وله صورتان..

الاُولى: أن يوكل عن نفسه، وحينئذٍ تبطل وكالة وكيله بخروجه عن الولاية.

الثانية: أن يوكل عن المولّى عليه، وحينئذٍ لا تبطل الوكالة بخروجه عن الولاية، بل لابدّ في بطلانها من عزل الوكيل من قبل من بيده الامر بعد خروج الولي عن الولاية، إلا أن يكون توكيله عن المولى عليه مختصاً بحال ولايته عليه، فيكون خروجه عن الولاية موجباً لانتهاء أمد الوكالة. ويجري نظير ذلك في توكيل الوكيل، حيث قد يوكل عن نفسه وقد يوكل عن الموكل. ولابدّ في جميع ذلك من كون التوكيل داخلاً في عموم الولاية والوكالة الاُولى، أما إذا كان خارجاً عن مقتضاهما فهو لاغ ولا يترتب عليه الاثر حال الولاية والوكالة الاُولى، فضلاً عما بعد الخروج عنهم.

٢٦٦

(مسألة ١١) : يصح التوكيل في كل ما لا يتعلق غرض الشارع الاقدس بمباشرة الموكل له بنفسه، بل يكفي في انتسابه إليه وقوعه عن أمره نيابة عنه، بحيث يكون نسبته للمباشر في طول نسبته إليه، سواءً كان أمراً اعتباري، كإيقاع العقود والايقاعات، أم حقيقياً خارجي، كقبض المبيع والموهوب وإقباضهم، وأداء كثير من الواجبات والمستحبات. ومع عدم تنصيص الشارع الاقدس على ذلك بالخصوص يكتفى فيه ببناء المتشرعة، ومع عدم وضوح بنائهم يكتفى فيه ببناء العرف.

وقد تعرضنا ـ تبعاً للفقهاء (رضوان الله عليهم) ـ في أبواب الفقه المختلفة لكثير من الموضوعات الشرعية التي تقبل الوكالة والتي لا تقبله.

(مسألة ١٢) : لا يجب في الامر الموكَّل عليه أن يكون متحقق الموضوع حين الوكالة، كما في التوكيل في الانفاق على الزوجة التي هي في حبال الموكل فعل، أو في طلاقه، بل يجوز التوكيل فيما لم يتحقق موضوعه بعد على تقدير تحقق موضوعه، سواءً عمت الوكالة تحقيق الموضوع، كما لو وكله في شراء البضاعة ثم بيعه، أو في تزويج المرأة ثم الانفاق عليها أو طلاقه، أم ل، كما لو وكله في بيع البضائع التي سيشتريه، أو في الانفاق على الزوجة التي سوف يتزوجها من دون أن يوكله في الشراء والتزويج.

(مسألة ١٣) : يجوز للوكيل مع إطلاق الوكالة اختيار أي فرد شاء، ولا يجوز مع تقييدها الخروج عما عُيّن له، ولو خرج عنه لم ينفذ تصرفه إلا بإجازة الموكِّل. والمرجع في تحديد مفاد الوكالة سعة وضيقاً هو العرف حسبما يفهم من إطلاق الكلام بضميمة القرائن المقالية والحالية المحيطة به، ومنها التعارف وشاهد الحال وغير ذلك مما لا مجال لاعطاء الضابط له.

(مسألة ١٤) : إذا كانت الوكالة متعلقة بعين للموكِّل يسلمها للوكيل

٢٦٧

ـ كما لو دفع إليه مالا ليشتري به بضاعة، أو بضاعة ليبيعها أو يصلحه، أوحيواناً ليطعمه أو ليرعاه ـ فالعين المذكورة أمانة بيد الوكيل لا يضمنها إلا بالتعدي عما عينه الموكِّل ـ ولو من دون تعمد ـ أو التفريط فيه، على نحو ما سبق في جميع الامانات. وإذا تعدّى فيها أو فرط كان ضامناً من دون أن ينعزل عن الوكالة فيما وكِّل فيه.

(مسألة ١٥) : إذا طرأ ما لا يمكن معه العمل على مقتضى الوكالة، ولم يمكن إرجاع العين للمالك أو حفظها له أو مراجعته فيه، وجب على الوكيل العمل بما تقتضيه مصلحة المالك بعد مراجعة الحاكم الشرعي مع تيسره، ولا ضمان عليه حينئذٍ، بل إذا لم يفعل تهاوناً ضمن. مثلاً: إذا دفع الموكل للوكيل نقداً ليشتري به بضاعة معينة، فصار النقد في معرض النهب أو السقوط عن المالية بإسقاط الدولة له أو نحو ذلك مما لا يتيسر معه شراء البضاعة المعينة فاللازم على الوكيل فعل ما يراه صلاح، كإبدال النقد بنقد آخر أو إقراضه أو شراء بضاعة اُخرى أو غير ذلك.

(مسألة ١٦) : إذا ادّعى شخص الوكالة عن شخص من أجل أن يوقع معاملة من عقد أو إيقاع عنه، فإن كان التصرف بما تحت يده من مال ذلك الشخص جاز تصديقه وترتيب الاثر على معاملته، فيجوز الشراء منه والبيع عليه بالثمن الذي تحت يده، وترتيب أثر الوقف عليه إذا أوقفه وغير ذلك، بل يجوز إيقاع المعاملة في ذمة ذلك الشخص على أن يقبض المال مما تحت يده، كما إذا كان عنده ألف دينار لذلك الشخص فاشترى بضاعة بألف دينار في ذمته ودفع تلك الالف وفاء عنه، بل يجوز في المثال إيقاع المعاملة معه وإن لم يكن تحت يده ألف دينار له، وإنما جاء بها ودفعها بعد ذلك.

بل لا حاجة في جميع ذلك إلى دعواه الوكالة صريحاً في نفوذ تصرفه ظاهر

٢٦٨

بعد كونه صاحب يد، فإن مقتضى يده سلطنته على التصرف فيما تحت يده ونفوذ تصرفه فيه، فمن جلس في متجر غيره وأخذ يبيع ويشتري ويتصدق مما في المتجر جاز البناء على صحة تصرفه والتعامل معه وإن لم يدّع الوكالة صريح.

نعم، إذا أنكر المالك الوكالة بعد ذلك كان القول قوله حتى إذا كان صاحب اليد قد ادّعى الوكالة.

وأما إذا لم يكن تصرفه فيما تحت يده، بل فيما هو خارج عنه، فلا مجال لتصديقه وترتيب الاثر على تصرفه ـ بنحو يلزم به ذلك الشخص ـ من دون حجة شرعية، فمن مرّ على متجر قد تركه صاحبه فجاء شخص آخر من جيران ذلك المتجر أو عابر عليه فأراد أن يبيعه شيئاً مما في المتجر من دون أن يضع يده عليه لم يكن له أن يشتري منه ويبني على صحة البيع بنحو يجوز له أخذ ذلك الشيء الذي باعه له، ومن اشترى لشخص في ذمته من دون أن يكون له مال عنده لم يكن للبايع البناء على استحقاقه الثمن في ذمة ذلك الشخص، بحيث له مطالبته أو أخذ مقدار ذلك الثمن منه مقاصة أو من وارثه، بل لو قال ذلك الشخص: إن كنت مديناً لك فخذ من مالي ما يفي بدينك، لم يجز له أخذ شيء منه، إذ لا حجة له على كونه مديناً له. نعم يجوز ترتيب الاثر على البيع في حق مدعي الوكالة نفسه كما يأتي.

(مسألة ١٧) : إذا أجرى الوكيل المعاملة كان مسؤولاً بها وبتبعاته، فيجوز مطالبته بالثمن إن امتنع الموكِّل من تسليمه ـ عصياناً أو لانكار الوكالة ـ فإن كان ذمياً دفعه عن الموكِّل، وإن كان عيناً خارجية دفع بدله، كما يجوز مطالبته بأرش العيب في المبيع، وبالثمن عند حصول سبب الفسخ، وبالمهر في النكاح، وغير ذلك. نعم إذا قامت قرينة على عدم مسؤوليته بالمعاملة فلا رجوع عليه، كما إذا كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط، أو صرّح بعدم مسؤوليته

٢٦٩

بالمعاملة أو تبعاته، أو أقام البينة أو نحوها من الشواهد على الوكالة من أجل التنبيه على أن المسؤول بالمعاملة هو الموكِّل لا غير، أو نحو ذلك.

(مسألة ١٨) : لا بأس بجعل الموكِّل الاجر للوكيل، فإن كان الاجر على نفس الوكالة استحقه بها ولم ينظر لخصوصيات العمل، كما إذا جعله وكيلاً للقيام عنه بما يناسب عند الحاجة، وعين له في كل شهر مثلاً مبلغاً من المال، وإن كان الاجر على العمل الموكل عليه استحقه به، كما إذا عين للوكيل عنه في إجراء المعاملات مبلغاً من المال لكل معاملة يقوم به.

(مسألة ١٩) : إذا كان الامر الموكَّل فيه مما يمكن وقوعه للوكيل والموكِّل، كحيازة المباحات وإحياء الموات والشراء في الذمة، فالقول قول الوكيل في تعيين من أوقع له ذلك الامر.

٢٧٠

كتاب الهبة

وهي عقد يتضمن تمليك عين لا على نحو المعاوضة، بل مجان، ولا على نحو التصدق الذي هو نحو من العبادة المشروطة بالتقرب.

وطرفا العقد هما الواهب والموهوب، فلابدّ من إنشاء المضمون منهما أو من وكيلهما أو من وليهم.

ويكفي فيه كل ما يدل على الالتزام بالمضمون المذكور من قول أو فعل، كما هو الحال في سائر العقود، فيكفي في الايجاب مثلاً من الواهب إرسال العين الموهوبة للموهوب بقصد الهبة، وفي القبول من الموهوب أخذها على ذلك.

(مسألة ١) : إذا وقعت الهبة على نحو القربة لم تكن صدقه، بل الصدقة ماهية خاصة لابدّ في وقوعها من قصد عنوانها ولو إجمال، ولا يكفي فيها قصد التمليك المجاني على نحو القربة.

(مسألة ٢) : يعتبر في الواهب والموهوب الكمال بالبلوغ والعقل، ومع عدمه يقوم الولي مقامهم. كما لابدّ في الواهب من عدم الحجر بسفه أو فلس، على الكلام المتقدم في كتاب الحجر.

(مسألة ٣) : يعتبر في صحة الهبة قبض الموهوب للعين الموهوبة بإذن الواهب، فلو مات الواهب قبل القبض بطلت الهبة، وكانت العين الموهوبة ميراث. ويكفي قبض وكيل الموهوب ووليه عنه.

(مسألة ٤) : لا يعتبر في القبض الفورية، ولا كونه في مجلس العقد.

(مسألة ٥) : إذا حصل القبض صحت الهبة وملك الموهوب العين

٢٧١

الموهوبة من حينه، لا من حين العقد، فإذا حصل لها نماء بعد العقد قبل القبض فهو للواهب.

(مسألة ٦) : إذا كانت العين الموهوبة حين الهبة في يد الموهوب أو يد وليه أو وكيله صحت الهبة، ولا تحتاج إلى قبض جديد. فإذا وهب الولي ما تحت يده للمولى عليه صحت الهبة، ولم يحتج لقبضه لها عنه بعد ذلك.

(مسألة ٧) : لا يكفي في القبض هنا التخلية بين الموهوب والعين الموهوبة، ولا التسجيل الرسمي، بل لابدّ من خروجها عن حوزة الواهب واستيلاء الموهوب عليها خارجاً بحيث يصدق أنها في حوزته عرف.

(مسألة ٨) : لابدّ في الموهوب من أن يكون عين، ولا تصح هبة المنفعة.

(مسألة ٩) : تصح هبة الحصة المشاعة ويكون قبضها بقبض العين بتمامه.

(مسألة ١٠) : تصح هبة ما في الذمة لغير من هو في ذمته، ويكون قبضه بقبض ما يتحقق به وفاؤه، فإذا كان لزيد على عمرو مبلغ من المال كان له أن يهبه لبكر، فتصح الهبة بقبض بكر المال من عمرو. أما إذا وهبه لمن هو في ذمته فإنه يصح من دون حاجة للقبض ويكون بحكم الابراء.

(مسألة ١١) : إذا وقعت الهبة وصحت بالقبض لم تلزم، وكان للواهب الرجوع فيه، الاّ في موارد :

الأول: أن يكون الموهوب له رحماً ذا قرابة، والمدار فيه على الصدق العرفي.

الثاني: أن يعوض الواهب عن هبته.

الثالث: أن تتغير العين الموهوبة عن حالها التي كانت عليه حين الهبة، كما لو قطع الثوب أو خيط أو طحن الحب أو خبز الدقيق أو طبخ الطعام أو ذبح الحيوان أو انكسر الاناء أو نحو ذلك، سواءً كان ذلك بفعل الموهوب أم ل.

٢٧٢

(مسألة ١٢) : الظاهر عدم إلحاق الزوج والزوجة بذي الرحم، فيجوز لكل منهما الرجوع فيما يهبه للاخر.

(مسألة ١٣) : لا يعتبر في العوض أن يكون عين، بل يكفي كل ما يصدق به التعويض والجزاء عن الهبة، عيناً كان أو منفعة أو عمل، سواءً كان تعويضه بتمليكه ذلك الشيء، أم ببذله له حتى استوفاه من دون أن يتملكه، بل حتى مثل بيعه شيئاً يرغب في شرائه أو شراء شيء منه يرغب في بيعه. نعم لابدّ في الجميع من أن يصدر بعنوان التعويض والجزاء، والأحوط وجوباً توقف اللزوم على أن يقبله الواهب بالعنوان المذكور أيض، أما إذا دفع إليه بعنوان التعويض وقبله لا بالعنوان المذكور، للغفلة عن قصد الدافع ففي الاجتزاء به في لزوم الهبة إشكال.

(مسألة ١٤) الأحوط وجوباً أن يكون التعويض من الموهوب، وفي الاجتزاء بالتعويض من غيره ـ كالاب والاخ والاجنبي ـ إشكال.

(مسألة ١٥) : إذا مات الواهب قبل الرجوع بالهبة فليس لورثته الرجوع به.

(مسألة ١٦) : إذا مات الموهوب قبل الرجوع بالهبة انتقلت العين الموهوبة لورثته وليس للواهب الرجوع بها عليهم. وكذا اذا خرجت عن ملك الموهوب ببيع أو هبة أو غيرهما فإنه ليس للواهب الرجوع عليه لا بعينها ولا ببدله، أما إذا رجعت إليه بفسخ أو شراء أو غيرهما ففي جواز رجوع الواهب بها إشكال.

(مسألة ١٧) : إذا كانت الهبة مشروطة بشرط وجب على المشروط عليه القيام بالشرط ما دامت الهبة باقية لم يرجع فيه، ومع عدم قيامه بالشرط يثبت للاخر خيار تخلف الشرط حتى مع أحد الملزمات المتقدمة. أما مع قيامه بالشرط فلا يثبت الخيار المذكور، وتبقى الهبة على الحكم المتقدم.

(مسألة ١٨) : يكره للشخص تفضيل بعض أولاده على بعض في العطية إذا كان معسر، بل قيل إنه مكروه مطلق، لكن لا إشكال في جوازه، كما يجوز له ذلك في نسائه.

٢٧٣

كتاب الوقوف والصدقات

تشترك الصدقات جميعاً في ابتنائها على خروج المالك عن ملكه وعدم انتفاعه به، إلا أنها على قسمين:

الأول: ما يبتني على حبس العين من أجل استيفاء منفعتها أو نمائها تدريجاً في الجهة المتصدق عليه.

الثاني: ما لا يبتني على ذلك، بل على مجرد خروج المال عن ملك مالكه، مع بقائه على ما هو عليه صالحاً للتصرف في الوجوه المختلفة والتنقل بينه.

والأول هو الوقف وما اُلحق به، والثاني بقية الصدقات.

فيقع الكلام في القسمين معاً في ضمن مبحثين..

المبحث الأول

في الوقف وما اُلحق به

الوقف عبارة عن إخراج العين عن ملك مالكها وتحبيسها من أجل استيفاء منفعتها أو نمائها مع تسبيل تلك المنفعة أو النماء وبذلهما لجهة معينة عامة أو خاصة. ويقع الكلام فيه ضمن فصول.

٢٧٤

الفصل الأول

في أقسام الوقف

الوقف على قسمين..

القسمالأول: ما كان متقوماً بحفظ عنوان خاص من دون نظر إلى موقوف عليه تعود المنفعة إليه. وهو وقف المسجد، فإنه يتقوم بعنوانه من دون نظر إلى منفعة خاصة ترجع لموقوف عليه خاص، والانتفاع به للمصلين ونحوهم من توابع العنوان المذكور لا من مقوماته.

والظاهر أن مثله في ذلك وقف المشاهد المشرفة التابعة للمراقد المقدسة ونحوه، فإن المنظور فيها عنوان الحرم للمرقد المذكور أو نحوه، وانتفاع الزوار وغيرهم بها من توابع ذلك لا من مقوماته.

وكذا ما تعارف في بعض البلاد النائية عنها من جعل شبيه للمرقد والحرم الخاص، أو جعل مكان منسوب للنبي أو للامام أو الولي نحوَ نسبة يقصد منها تشريف المكان بنسبته له إعلاءً لذكره وشداً لقلوب الناس نحوه، فإن الوقف في جميع ذلك متقوم بحفظ العنوان الخاص، وليس انتفاع من ينتفع بالمكان إلا تابعاً لذلك من دون أن يكون مقوماً له. ولا تملك المنفعة في مثل ذلك، ولا تقع مورداً للمعاوضة، كما لا تقع مورداً للضمان بالغصب أو الاستيفاء.

(مسألة ١) : إذا وُقف مكان للمصلين أو الزائرين أو الداعين أو المنشغلين بالثناء على الله تعالى، أو على صاحب المرقد لم يكن المكان المذكور مسجداً ولا حرماً ولا نحوه مما تقدم ذكره، ولا يكون الوقف المذكور من هذا القسم، بل من القسم الآتي.

٢٧٥

(مسألة ٢) : لا يصح هذا القسم من الوقف مع عدم مشروعية العنوان، لكونه شعاراً مشيداً بدعوة باطلة يعلم من الشارع الاقدس عدم الرضا بتشييده، كالاماكن المختصة بالاديان الوثنية والمنسوخة والمبتدعة التي يكون اختصاصها بتلك الاديان كاختصاص المساجد بدين الإسلام، وكالمشاهد التابعة لمراقد أهل الكفر والضلال والبدع، ونحو ذلك. نعم لا بأس بما كان منها يمثل حقاً قد استغله أهل الضلال، كالمساجد التي يستغلها المخالفون، والمساجد التابعة للاديان المنسوخة قبل نسخها التي هي في الحقيقة مساجد تابعة للإسلام الذي هو دين الفطرة وقد استغلها المنتسبون لتلك الاديان بعد نسخه، وكالمشاهد التابعة لمراقد المؤمنين التي يستغلها أهل البدع والضلال، فإنه يصح وقفه، وإن كان استغلالها من أهل الدعوة الباطلة غير شرعي.

القسمالثاني: ما كان مبتنياً على وجود موقوف عليه تعود المنفعة أو الثمرة إليه، وله صور ثلاث..

الاُولى: أن يبتني على بذل المنفعة أو الثمرة لهم ليستوفوها وينتفعوا بها بأنفسهم من دون أن يتملكوه، كوقف المدارس على طلاب العلم، ووقف الخانات والمنازل على الزائرين أو المسافرين أو الفقراء، ووقف كتب العلم أو الادعية أو الزيارات على أهل العلم أو المؤمنين أو الزائرين، ووقف الاشجار والمياه على العابرين، ونحو ذلك.

ومنه بعض أنواع الوقف الذرّي كوقف الدار على أولاده ليسكنوه، ووقف البستان عليهم ليأكلوا ثمرته. ولا تصح المعاوضة في ذلك على المنفعة أو الثمرة من قبل الموقوف عليهم ولا من قبل الولي، كما أنهما لا يكونان مضمونين على الغير بالغصب أو الاستيفاء أو الاتلاف.

الثانية: أن يبتني على ملكية المنفعة أو الثمرة لهم، كما لو قال: الدار وقف

٢٧٦

على أولادي على أن تكون منفعتها لهم، أو: البستان وقف على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم، وحينئذٍ يترتب أثر ملكهم لها وإن لم يقبضوه، وتجب فيها الزكاة والخمس بشروطهم، كما يجوز لهم المعاوضة عليها بأنفسهم أو بتوسط وليّ الوقف حسب شرط الواقف. وتكون مضمونة لهم على الغير بالغصب أو الاستيفاء أو الاتلاف.

(مسألة ٣) : الظاهر عدم إرادة هذه الصورة إذا كان الموقوف عليه عنواناً عاماً غير منحصر الافراد عرفاً كالعلماء والسادة والفقراء والزوار ونحوهم. وإنما يمكن إرادة هذه الصورة مع انحصار الموقوف عليهم بعدد تنقسم عليه المنفعة أو الثمرة حسب السهام التي يعينها الواقف.

الثالثة: أن يبتني على تمليك الولي المنفعة أو الثمرة لهم بنفسها أو ببدله، بحيث لا يتحقق الملك ولا تترتب آثاره بمجرد وجود المنفعة أو الثمرة، بل بعد تمليك الولي وقسمته لها عليهم. والظاهر الضمان فيها حتى بطروء سببه قبل تمليكهم، فيجب على الولي تمليكهم البدل كما كان يجب عليه تمليكهم الاصل.

(مسألة ٤) : لا يصح الوقف في هذا القسم بصوره الثلاث مع حرمة المنفعة المعينة في الوقف، كوقف آلات اللهو والقمار، وكذا مع حرمة الصرف المقصود منه، كالوقف على طبع كتب الضلال وعلى إعانة الداعين إليه وعلى ترويج الفسق والفجور وإعانة الظالمين ونحو ذلك.

٢٧٧

الفصل الثاني

في إنشاء الوقف وشروطه

لا يتحقق الوقف إلا بإنشاء الواقف له، وذلك بفعل ما يدل عليه بداعي جعله له وإبراز التزامه به، كما هو الحال في سائر الاُمور الانشائية من العقود والايقاعات.

والانشاء المذكور يكون بأحد أمرين:

الأول: القول بمثل: وقفت كذ، أو حبسته وسبلته، أو نحوهما بداعي جعل ذلك، لا الاخبار عنه نظير إخبار الاجنبي.

الثاني: الفعل، كالتوقيع على ورقة الوقفية لبيان الالتزام بمضمونه، ودفع العين الموقوفة لمن يتولى استغلالها في الجهة التي وقفت عليه، كولي الوقف أو وليّ تلك الجهة، ومثل فرش الفراش في المسجد أو المشهد أو نحوهم، أونصب السراج فيه بداعي جعله وقفاً عليه، ومثل الاذن في الانتفاع بالوقف بالوجه المناسب له ولو بمثل فتح باب المسجد ليصلي الناس فيه، إلى غير ذلك مما يصدر من الواقف بداعي جعل الوقف وبيان الالتزام به.

(مسألة ١) : يكفي في إنشاء الوقف قيام وكيل الواقف به، ولا يجب مباشرة المالك له.

(مسألة ٢) : الوقف من الايقاعات، لا من العقود، فلا يحتاج إلى قبول الموقوف عليهم، سواءً كان وقفاً عاماً ـ كالوقف على الفقراء أو المسجد أو المشهد ـ أم خاص، كالوقف على ذرية شخص معين. نعم لابد مع منافاته لحق الغير من

٢٧٨

إذن من له الولاية على ذلك الحق، فإذا أراد أن يوقف فراشاً على أن يفرش في دار زيد، أو ثلاجة على أن تنصب في المسجد، أو مشربة على أن توضع في الطريق بنحو قد تزاحم المارة، فاللازم إذن مالك المكان أو وليه في ذلك. لكن الاذن المذكور ليس شرطاً في صحة الوقف، بل شرط في جوازالعمل بمقتضاه ما دام حاصل، فإذا ارتفع الاذن تعذر العمل بمقتضى الوقف، وقد يستتبع ذلك بطلانه.

(مسألة ٣) : الأحوط وجوباً اشتراط الوقف بقصد القربة، لكن الظاهر أنه يكفي وإن صدر ممن لا تصح عبادته كالكافر.

(مسألة ٤) : يعتبر في صحة الوقف القبض في حياة الواقف، فإذا مات قبله لم يصح الوقف، بل تصير العين الموقوفة ميراث، والأحوط وجوباً كون القبض بإذن الواقف، كما أن له الرجوع في الوقف قبل القبض.

(مسألة ٥) : إذا نصب الواقف قيماً على الوقف ـ ولو كان هو الواقف نفسه ـ كفى قبضه، بل الأحوط وجوباً عدم الاجتزاء بقبض الموقوف عليهم حينئذٍ.

(مسألة ٦) : إذا لم ينصب الواقف قيماً على الوقف كفى قبض الطبقة الاُولى من الموقوف عليهم أو قبض وكيلهم أو وليهم عنهم، فإن كانوا تحت ولاية الواقف ـ كأولاده الصغار ـ كفى قبضه عن قبضهم. وحينئذٍ لو لم تكن العين الموقوفة تحت يد الواقف فلابد في صحة الوقف من قبضه له.

(مسألة ٧) : في الوقف على الجهات العامة إذا لم ينصب الواقف قيماً فالأحوط وجوباً عدم صحة الوقف إلا بحصول التصرف المناسب للوقف، كالصلاة في المسجد، والدفن في المقبرة، والسكنى من المسافرين في الخان الموقوف عليهم، والصلاة أو إقامة الم آتم في الحسينية، ونحو ذلك. أما إذا لم يبتن الوقف على تصرف مناسب في العين الموقوفة، كما لو وقف بستانه على أن تكون ثمرته للفقراء فالأحوط وجوباً عدم صحة الوقف إلا مع الجري على

٢٧٩

مقتضى الوقف. نعم إذا رجع عدم نصب القيم إلى كون الواقف هو القيم كفى قبضه في الجميع. وعلى كل حال لا يحتاج إلى قبض الحاكم الشرعي، بل لا أثر له.

(مسألة ٨) : في الوقف التابع لوقف آخر يكفي عن القبض جعله على النحو الذي وقف عليه، كالمشهد يبنى تبعاً للمرقد، وتوسعة المسجد بما يلحق به، وبناء حائط المكان الموقوف، ونصب الباب الموقوفة له فيه، ووضع الفراش في المسجد الموقوف عليه، ونصب السراج والمروحة الموقوفين عليه فيه، إلى غير ذلك.

(مسألة ٩) : في الوقف على جماعة مخصوصين لا يكفي قبض بعضهم من الطبقة الاُولى إلا في حصته من الوقف.

(مسألة ١٠) : لا يكفي في القبض في المقام رفع الواقف يده عن العين الموقوفة والتخلية بينها وبين الموقوف عليه، كما لا يكفي فيه التسجيل الرسمي، ولا بذل الثمرة أو المنفعة للموقوف عليهم وأخذهم أو استيفاؤهم له، بل لابد فيه من استيلاء القابض على العين الموقوفة خارج، بحيث تكون في حوزته عرف.

(مسألة ١١) : لا يعتبر إمكان القبض حين الوقف، ولا كون العين الموقوفة تحت سيطرة الواقف، بل يكفي تحقق القبض أو ما هو بمنزلته بعد ذلك وإن كان متعذراً حين الوقف، فيصح وقف الحيوان الشارد والعين المغصوبة ونحوهما مما لا سيطرة للواقف عليه، والوقف على الغائب والسجين ونحوهما ممن لا يستطيع القبض. غاية الامر أنه لابد من تحقق القبض في جميع ذلك ولو بعد الوقف بزمان طويل إذا بقي الواقف ولم يرجع في وقفه.

(مسألة ١٢) : يعتبر في الوقف التأبيد، فلو وقته بمدة لم يقع وقف، بل يحمل على التحبيس ويصح، إلا أن يعلم إرادة الوقف فيبطل. ويجري ذلك فيما يوقف على من يتوقع انقراضه، وأما ما يوقف على من لا يتوقع انقراضه فاتفق انقراضه فالظاهر أنه يكون وقف، ويرجع بعد الانقراض صدقة.

٢٨٠