منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 71538
تحميل: 4933


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71538 / تحميل: 4933
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

عارية في أيديهم، أو غاصبين له، أو غيرذلك ـ ثبتت الوقفية في تمام العين بإخبار بعضهم به، إلا أن يكذبه الاخـرون، فلا تثبت الوقفية في شيء منها حينئذٍ. وإن اتفقـوا على الوقفـية واختلفـوا في كيفيـتها لم تثبت إحدى الكيفيتين.

(مسألة ٣) : لا فرق في إخبار صاحب اليد بين أن يكون بالقول، وأن يكون بالكتابة ونحوها من طرق الاخبار. بل يكفي تصرفه في العين ومعاملته لها معاملة الوقف، أو معاملة وقف خاص، كمسجد أو حسينية أو وقف تشريكي أو ترتيبي أو غير ذلك من كيفيات الوقف. نعم لابد من ظهور حاله في التصرف في بنائه على ما يناسب تصرفه وجزمه به، أما لو احتمل صدور التصرف منه لمجرد الاحتياط تبعاً للاحتمال فلا يترتب عليه شيء.

(مسألة ٤) : إذا كانت هناك عين صالحة للوقفية قد كتب عليها أنها وقف واحتمل أنها صادقة وأن العين وقف، فالكتابة المذكورة..

تارة: لا تصدر عادة إلا ممن يضع يده على العين، بحيث تكون العين حين الكتابة تحت يده وفي سيطرته، كما هو الظاهر في الاشياء الصغيرة كالانـاء والكتاب ونحوهم، وكذا في الاشياء الكبـيرة ـ كالدار والعقار ـ إذا كانـت الكتابة محتاجة لعناية كالكتابة بالكاشي المثبتة في البناء ونحوه.

واُخرى: لا تكون الكتابة كذلك، كالكتابة على الدار من الخارج بالفحم. ولا عبرة بالثانية، أما الاُولى فالظاهر أنها توجب الحكم بوقفية العين المذكورة.

نعم، إذا كانت العين بيد شخص وادعى ملكيته، واعتذر عن الكتابة بعذر مقبول صُدّق وحكم بملكيته، وترتبت أحكامه. وكذا إذا ادعى أنه قد اشتراه لتحقق المبرر لبيع الوقف.

(مسألة ٥) : إذا وجدت ورقة بخط شخص تتضمن أن العين الفلانية وقف، وكانت العين المذكورة في ملكه أو تحت ولايته بحيث له وقفه، فإن ظهر

٣٠١

من حال الكتابة أنها صادرة بداعي الاخبار بصدور الوقفية أو بداعي إنشائها ثبتت الوقفية بذلك، وإن لم يظهر ذلك فلا تثبت بها الوقفية، كما إذا احتمل صدورها لمجرد تعلم الانشاء، أو لكتابة مسودة الوقفية لعرضها على بعض الناس واستشارتهم فيه، على أن يتم إنشاؤها بعد ذلك عند اتضاح رجحانها أو حصول بعض التعديلات عليه.

(مسألة ٦) : المتّبع في تعيين نوع الوقف وكيفيته وخصوصياته ظاهر كلام الواقف المتحصل منه بعد ملاحظة القرائن العامة والخاصة المحيطة به، وقد تعرض فقهاؤنا (رضي الله تعالى عنهم) لمفاد جملة من العبارات، وقد أعرضنا عن ذلك لان المعيار في مفاد العبارات المذكورة في كلامهم على ما ذكرن، وهو أمر لا ينضبط، لعدم انضباط القرائن.

(مسألة ٧) : تثبت الوقفية بتصرف الناس في العين على أنها وقف لهم، يستحقون التصرف فيه جيلاً بعد جيل من دون مزاحم ومانع ومعارض، كما يثبت عموم الوقفية وخصوصها وجميع خصوصياتها بذلك أيض، فالاماكن العامة التي يتصرف الناس فيها على أنها وقف لهم من دون مزاحم يبنى على وقفيتها بما يناسب تصرفهم، ولا يحتاج إلى مثبت آخر من بينة أو إقرار أو غيرهم. ولا ترفع اليد عن ظاهر التصرف المذكور إلا بشواهد وقرائن تكشف عن عدم وقوعه في محله.

والحمد لله رب العالمين

٣٠٢

الفصل التاسع

في الحبس والسكنى والعمرى والرقبى

وهي تشترك مع الوقف في تحبيس العين من أجل استيفاء المنفعة تدريج، إلا أنها تخالفه في عدم ابتنائها على إخراج العين عن ملك مالكه، بل تبقى في ملكه فتكون موروثة لورثته، وليس لمن حبست له التصرف بها في مدة الحبس تصرف المالك بالبيع والشراء ونحوهم.

(مسألة ١) : التحبيس عبارة عن التصدق بمنفعة العين وحدها وقصرها على شخص أو أشخاص محصورين، أو على جهة معينة عامة يصح الوقف عليه، كالفقراء والعلماء والحجاج والزوّار وسبيل الله تعالى وخدمة المسجد وغيره.

(مسألة ٢) : لابد في التحبيس من إنشاء مضمونه بما يدل عليه من قول أوفعل، على نحو ما تقدم في الوقف وغيره، كما إذا قال: حبّست فرسي على زيد، أو في سبيل الله تعالى، أودَفَع فرسه لزيد بنيّة تحبيسها عليه، أونحوذلك.

(مسألة ٣) : لابد في لزوم التحبيس من قصد القربة والقبض، على النهج المتقدم هناك. وفي اشتراط القبول فيه إشكال.

(مسألة ٤) : إذا حبس المالك ملكه مدة معينة لزم في المدة المذكورة، وليس له الرجوع عنه قبل مضيه، وإذا مات قبل مضيها فليس لوارثه الرجوع فيه، فإذا مضت المدة عادت المنفعة له أو لوارثه.

(مسألة ٥) : إذا أطلق المالك التحبيس ولم يوقّته بمدة معينة وكانت الجهة التي حبسه لها محدودة لا دوام لها ـ كشخص معين ـ لم ينفذ بعد موت الحابس، بل يرجع ميراثاً لورثته. والظاهر لزومه عليه في حياته، وليس له الرجوع فيه.

٣٠٣

نعم، له الرجوع متى شاء إن اقتصر على بذل ملكه للمنفعة الخاصة، كما لو أسكن شخصاً الدار أو أخدمه عبده أو استخدم سيارته أو دابته في نقل الحجاج أو الزوّار، من دون أن ينشئ التحبيس ويلتزم به.

(مسألة ٦) : إذا أطلق المالك التحبيس ولم يوقّته بمدة معينة ولم تكن الجهة التي حبسه لها محدودة، بل كان من شأنها الدوام ـ كالعلماء والفقراء وخدمة المسجد ـ فهل يبقى التحبيس مع إطلاقه نافذاً ما دامت العين باقية، ولا يظهر الفرق بينه وبين الوقف عملاً إذا سقطت العين عن الانتفاع المقصود، حيث تبقى صدقة في الوقف وتبقى ملكاً لمن حبّسها في التحبيس، أو يبطل التحبيس بموت الحابس كما في الصورة السابقة وجهان أقواهما الثاني. وكذا الحال إذا صرح الحابس بالدوام والتأبيد.

(مسألة ٧) : من أفراد الحبس السكنى وهي تختص بالمسكن، وتتضمن جعل حق السكن لشخص معيّن، وتجري فيها الاحكام المتقدمة.

(مسألة ٨) : إذا قيّد الحبس ـ في المسكن وغيره ـ بمدة معينة ـ كعشر سنين مثلاً ـ قيل له أيضاً: رقبى، وإذا قيّده بعمر الحابس أو عمر المحبَّس عليه قيل له: عمرى. ويختص الجميع بما إذا كان المحبَّس عليه شخصاً معين، أما إذا كان عنواناً عاماً فلا يطلق عليه إلا الحبس.

(مسألة ٩) : حيث سبق عدم خروج العين في الحبس وما اُلحق به عن ملك المالك فللمالك بيع العين مسلوبة المنفعة من دون أن يبطل التحبيس أو ينافيه. أما المحبَّس عليه فليس له أن يبيع المنفعة، أو يصالح عليها أو على إسقاطه، لعدم وضوح كونه مالكاً له، بل يشكل جواز المصالحة معه على أن لا ينتفع بالعين بنحو يكون للمصالح معه الانتفاع بها بدلاً عنه، لان الظاهر أو المتيقن أن للمحبَّس عليه الانتفاع بالمباشرة، فمع عدم انتفاعه بنفسه تكون المنفعة تحت سلطان المالك المحبِّس تبعاً للعين التي هي ملكه.

٣٠٤

المبحث الثاني

في بقية الصدقات مما لا يبتني

على التحبيس

وهي على قسمين:

القسمالأول: ما يكون صدقة بنفسه من دون أن يضاف إلى متصدَّق عليه، ويكون تمليكه للمستحق أو بذله له أو تسليطه على الانتفاع به متأخراً رتبة وزماناً عن كونه صدقة بنفسه ومتفرّعاً على ذلك، لا مقوّماً ومقارناً له. ومنه الزكاة الواجبة التي جعلها الله تعالى في النصاب المملوك، وزكاة الفطرة التي جعلها في ذمة المكلف، فإنهما متعيّنان بأنفسهم، بل يمكن تعيينهما بالعزل خارجاً قبل أخذ المستحق لهم، ومنه الوقف إذا بطلت وقفيته كما تقدم.

(مسألة ١) : الظاهر مشروعية التصدق بالنحو المذكور، فهو نحو من الايقاع ويكفي فيه إخراج المالك المال عنه وتعيينه في جهة قربية، نظير الوقف، وليس الاختلاف بينهما إلا في ابتناء الوقف على تحبيس العين لاستيفاء النماء أو المنفعة، وعدم ابتناء التصدق المذكور على ذلك، بل على مجرد جعل العين صدقة مطلقة أو مقيدة بمصرف خاص من دون تحبيس أو تمليك، فيخرج المال بذلك عن ملك مالكه ويتعيّن للجهة التي عُيّن له، ولا يجوز للمالك الرجوع فيه بعد تعيينه.

(مسألة ٢) : من الصدقة المطلقة بالمعنى المذكور ما تعارف في عصورنا من عزل مقدار من المال بعنوان الخيرات التي تصلح للصرف في جميع وجوه البر.

٣٠٥

(مسألة ٣) : من الصدقة المقيدة بالمعنى المذكور التبرعات للجهات الخيرية المختلفة، كالمناسبات الحسينية ونحوها مما ينسب للنبي٨ وآله (عليهم السلام) من إطعام أو مجالس أو مواكب عزاء أو أفراح، وكذا ما يخصص لسائر المناسبات الدينية، وكذا التبرع لصنف من المؤمنين ـ كالعلماء والسادة ـ أو لسدّ حاجة شخص معين، كبناء داره أو زواجه أو علاجه أو نحوها إذا ابتنى التبرع على تعيين المال للجهة المذكورة من دون تمليك للشخص حينه، وإلاّ دخل في القسم الثاني من الصدقة. هذا كله إذا ابتنى التبرع على قطع المالك علاقته بالمال وإخراجه عن ملكه، وإلاّ كان وعداً بالبذل عند الحاجة من دون أن يكون المال صدقة قبل الصرف.

(مسألة ٤) : من الصدقة المذكورة التبرع للصناديق الخيرية التي تعارف استحداثها في عصورنا إذا ابتنت على قطع المتبرع علاقته بالمال، أما لو بقي المال له وكان مبنى الصندوق على بذله للتصرف فيه بالاقراض أو المعاوضة أو نحوهما فهو خارج عن ذلك، وراجع إلى التوكيل في التصرف الخاص.

(مسألة ٥) : من الصدقة المذكورة التبرع للجمعيات أو الجهات العامة الخيرية كالمكتبات والمستشفيات والجامعات ونحوه، فإن الظاهركون المال في جميع ذلك صدقة تتعيّن فيما عُيّنت له.

(مسألة ٦) : لابد في لزوم التصدق المذكور من قبض المال الذي تصدق به من قبل من يتولى صرف الصدقة المذكورة أوجمعه، وإذا كان هو المتصدق نفسه كفى قبضه المال بما أنه متعيّن للجهة المتصدق لها وخارج عن ملكه.

(مسألة ٧) : إذا كانت الصدقة المذكورة مقيدة بمصرف خاص فتعذر أو ارتفع موضوعه صرف المال في مصارف الصدقات، والأحوط استحباباً حينئذٍ تحري الاقرب فالاقرب للمصرف الخاص المقيّد به التصدق. وكذا الحال لو كان التعذر وارتفاع الموضوع من أول الامر قبل التصدق.

٣٠٦

(مسألة ٨) : إذا جعل المتصدق الصدقة لله تعالى، من دون نظر لمصرف خاص فالأحوط وجوباً صرف المال في الفقراء والمساكين وابن السبيل.

القسمالثاني: ما يكون صدقة بإضافته لمتصدق عليه وجعله له، نظير الهبة وهي بالمعنى المذكور واجبة في مواردكثيرة، كما في الكفارات وفدية الصيام وغيرهما مما يذكر في أبواب الفقه المتفرقة، أما في غير ذلك فهي من المستحبات المؤكدة، وقد تواتر الترغيب فيها والحث عليها في الكتاب المجيد وأحاديث النبي٨والأئمة من آله (عليهم السلام)، وقد ورد أنها جُنّة من النار، وأن من خُتم له بها دخل الجنة، وأنها تفك من بين لحى سبعين شيطاناً ـ بل سبعمائة ـ كلهم يأمر الإنسان أن لا يفعل، وأنها تقع في يد الله تعالى قبل أن تقع في يد العبد، كما قال عزّ من قائل: ﴿ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات﴾ ولعلّ المراد بذلك أن الله تعالى يحفظها للمتصدق في خزائن رحمته مباشرة، من دون أن يتوسط في إيصالها ملك يرفعه.

كما ورد أنها دواء المريض، وبها تدفع ميتة السوء، والداء والدبيلة ـ وهي الطاعون وخراج ودمّل يظهر في الجوف ويقتل صاحبه غالباً ـ والحرق والغرق والهدم والجنون... إلى أن عدّ سبعين باباً من السوء، وأن بها يؤخر الاجل، ويُقضى الدين، وهي تزيد في المال، وتخلف البركة... إلى غير ذلك مما ورد فيها وفي الحث عليه.

(مسألة ٩) : يستحب افتتاح اليوم بالصدقة، ليدفع بها شره ونحسه، وافتتاح الليل به، ليدفع شره ونحسه، وفي الحديث: «أن صدقة الليل تطفئ غضب الرب، وتمحو الذنب العظيم وتهون الحساب، وصدقة النهار تثمر المال وتزيد في العمر». وأفضلها صدقة السر، فقد ورد أنها تطفئ غضب الرب، وصاحبها أحد السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلاظله.

٣٠٧

(مسألة ١٠) : الظاهر صحة الصدقة المذكورة من الصبي في ماله إذا بلغ عشر سنين ووضَعها في موضعه، ولا يشترط فيها إذن الولي، وذلك من جملة المستثنيات من الحجر على الصبي.

(مسألة ١١) : الصدقة بحسب الاصل من سنخ الهبة مشروطة بالقربة، فهي من العقود تفتقر إلى الايجاب والقبول، وتقع بكل مايدلّ على إنشاء ذلك والالتزام به من قول أو فعل، نظير ما تقدم في جميع العقود، كما أنها مشروطة بالقبض كالهبة. ويلحق بها كل إحسان مالي كإبراء المديون من دينه وإعارة المتاع وبذله لمن يطلبه، وكذا بذل الطعام والشراب ونحوهما وإن لم يكن بنحو التمليك. ولا يلزم فيها حينئذٍ أن تكون عقد، بل قد تكون إيقاع، ولا يجري عليها حكم الهبة، بل يلحق بالصدقة كل إحسان وإن لم يكن مالي، فقد ورد أن كل معروف صدقة، وأن تنحية الأذى عن الطريق صدقة، وأن صنايع المعروف تدفع ميتة السوء ومصارع الهوان.

(مسألة ١٢) : يعتبر في الصدقة قصد القربة، بمعنى عدم ترتب أثر خصوصية الصدقة بدونه، وإن ترتب عليها أثر الهبة حينئذٍ. نعم ليس كل هبة بقصد القربة صدقة، بل الصدقة هبة خاصة يعرفها المتشرعة بمرتكزاتهم.

(مسألة ١٣) : تحلّ صدقة الهاشمي على الهاشمي، مستحبة كانت أو واجبة، حتى الزكاة المفروضة. ولا تحلّ زكاة غير الهاشمي على الهاشمي على ما تقدم في كتاب الزكاة، وتحلّ غيرها من أنواع الصدقة من غير الهاشمي على الهاشمي، واجبة كانت ـ كالكفارات وفدية الصيام ـ أو مستحبة.

نعم ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء ونحوه، مما كان فيه نحو من الذل والهوان على الاخذ ففي جوازه إشكال، والأولى دفعه بعنوان الهبة والهدية وإن كانت قربية، تجنّباً لحرمانه وهوانه.

٣٠٨

(مسألة ١٤) : لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض وإن كانت لاجنبي، حتى قبل التصرف المغير للعين، وبذلك تمتاز عن الهبة.

(مسألة ١٥) : لا تجوز الصدقة التي هي من سنخ الهبة على الغني، وإن دفعت له بعنوان كونها صدقة لم يملكه، ولم تبرأ بها ذمة الدافع إذا كانت واجبة. نعم يستحب التصدق على مجهول الحال إذا سأل، احتياطاً لاحتمال حاجته، وإن لم يحلّ له المال إن كان غني.

(مسألة ١٦) : لا تجوز الصدقة على الناصب، وتجوز على غيره من المخالفين والكفار عند ضرورتهم كسدّ جوعه ورىّ عطشه، كما تجوز الصدقة على مجهول الحال، ولا سيما من وقعت له الرحمة في القلب، وعلى المستضعفين والضعفاء من الشيوخ والنساء والصبيان. والأولى الاقتصار في الصدقة عليهم على القليل.

(مسألة ١٧) : من تصدق بصدقة على شخص وأوصلها له فلم يقبلها وردّها لم يحلّ للمتصدق أكلها وإرجاعها في ماله، بل عليه أن ينفقها في وجوه البر، وتكون من القسم الأول من الصدقة.

نعم حيث تقدم هناك توقف لزوم الصدقة على قبضها فيكفي في القبض هنا قبض الرسول الذي كلّف بإيصاله، كما يكفي قبض من تصدق عليه بها فلم يقبلها وردّه.

(مسألة ١٨) : التوسعة على العيال من غير سرف أفضل من الصدقة على غيرهم، بل يكره لصاحب المال إنفاقه في وجوه البر والمعروف بحيث يبقى هو وعياله من غير شيء، وفي بعض الروايات أنه حينئذٍ ممن لا يستجاب له لو دعا بالرزق.

(مسألة ١٩) : الصدقة على الرحم أفضل من الصدقة على غيره. بل في بعض الروايات: لا يقبل الله الصدقة وذو رحم محتاج. وأفضلها الصدقة على الرحم الكاشح، وهو الذي يضمر لك العداوة، أوالذي يعرض عنك لعداوته،

٣٠٩

ولعل الثاني أقرب.

(مسألة ٢٠) : يستحب التوسط في إيصال الصدقة للمسكين، ففي الخبر: «لو جرى المعروف على ثمانين كفّاً لاُجِروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئ».

(مسألة ٢١) : تكره المسألة مع الحاجة. ويظهر من جملة من النصوص حرمة السؤال مع عدم الحاجة. بل يظهر من بعضها أنه ليس المراد بالحاجة هو الفقر الشرعي، بل الحاجة العرفية القريبة ففي الحديث: «من سأل الناس وعنده قوت ثلاثة أيام لقي الله يوم يلقاه وليس على وجهه لحم».

والحمد لله رب العالمين

٣١٠

كتاب الوصية

وهي عهد الإنسان في حياته بما يريده بعد وفاته، وهي من المستحبات المؤكدة، وقد ورد أنها حق على كل مسلم، وأنه لا ينبغي أن يبيت إلا ووصيته عند رأسه.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصاً في مروته وعقله».

وعنهم (عليهم السلام) : «إن الله تبارك وتعالى يقول: ابن آدم تطولّت عليك بثلاثة: سترت عليك ما لو يعلم به أهلك ما واروك، وأوسعت عليك فاستقرضت منك فلم تقدم خير، وجعلت لك نظرة عند موتك في ثلثك فلم تقدم خير».

وقد تقدم في مقدمة الكلام في غسل الاموات ما ينفع في المقام. ويقع الكلام فيها في ضمن فصول..

٣١١

الفصل الأول

فيما تتحقق به الوصية

الوصية قسمان..

القسمالأول: الوصية التمليكية، وهي عبارة عن أن يجعل شيئاً من تركته لشخص خاص أو لجهة خاصة، وهي نحو من التمليك أو التخصيص المعلق على الموت، ويترتب مضمونها بعد الموت بلا حاجة إلى سبب لايقاعه، كما لو قال: الشيء الفلاني لزيد بعد وفاتي، أو للفقراء أو للمسجد.

فإن الشيء المذكور يتعين فيما عيّن له بعد الوفاة بلا حاجة إلى جعل من الوصي أو الوارث، بل ليس وظيفتهما إلا بذله لمن جُعل له أو فيما جُعل له، لانه مستحق بعد الموت بالوصية نفسه.

القسمالثاني: الوصية العهدية، وهي العهد لشخص معيّن بالولاية على أطفاله القاصرين أو على ما له الحق فيه من تركته لينفذ فيه عهده، وكذا العهد بالتصرف في قسم من تركته بما يريده، سواءً كان التصرف المذكور خارجياً ـ كما لو أوصى بتكفينه بكفن خاص قد أعدّه ـ أم اعتباري، كما لو أوصى بقسم من تركته أن يعطى لزيد، أو يجعل مسجد، أو أن يباع ويوزع ثمنه على الفقراء، أو نحو ذلك. والتصرف الاعتباري في هذا القسم لا ينفذ بنفس الموت، بل لابد من إيقاعه من الوصي أو غيره ممن له ذلك، ولو لم يوقعه من له إيقاعه لم يقع، غاية الامر أن الوصي يكون عاصياً في عدم إيقاعه.

(مسألة ١) : تقدم في مباحث تجهيز الميت الاشكال في نفوذ الوصية بالتجهيز، وأن اللازم معها الجمع بين إذن الولي الشرعي والوصي. نعم إذا أعدّ

٣١٢

الإنسان كفنه وجب تكفينه به.

(مسألة ٢) : يكفي في تحقق الوصية كل ما دلّ عليه، من لفظ صريح أو ظاهر، أو فعل من إشارة أوكتابة أو غيرهم. وإذا وجدت كتابة بخطه تتضمن وصية، فإن ظهر منها أنها صادرة بداعي إنشاء الوصية أو الاخبار بها كفى في ثبوت الوصية، وإلالم تثبت الوصية به، نظير ما تقدم في الوقف.

(مسألة ٣) : لا يعتبر القبول من الموصى له في الوصية التمليكية. والمشهور بطلانها مع رد الموصى له إذا كان شخصاً معيناً أو أشخاصاً معينين، وهو لا يخلو عن إشكال، فاللازم الاحتياط، بل لا إشكال في عدم بطلانها برده لها إذا سبق منه القبول بها في حياة الموصي أو بعد وفاته.

(مسألة ٤) : لو أوصى له بشيئين فردّ أحدهما جرى الاشكال المتقدم فيما ردّ، وصح في الاخر. وكذا الحال فيما إذا أوصى له بشيء واحد فردّ بعضه.

(مسألة ٥) : إذا تضمنت الوصية العهدية أمراً متعلقاً بالغير لم يجب عليه تنفيذه، سواءً كان في صالح ذلك الغير، كما لو أوصى بأن يعطى قسماً من تركته أو يلبس ثيابه، أم لم يكن في صالحه كما لو أوصى بأن يصلي عنه أو يحج عنه. نعم لو أوصى بأن يصلي عليه أو نحوه من واجبات التجهيز فالأحوط وجوباً قيامه به بإذن الولي، إلا أن يلزم الحرج عليه.

(مسألة ٦) : لا يفرق في حكم المسألة السابقة بين الوصي وغيره، وما يأتي من أن الوصي مكلف بتنفيذ وصايا الميت إنما يراد به وجوب السعي عليه لتحصيل من يقوم به، لا أنه ملزم بتحقيقها مطلقاً ولو بمباشرته للعمل الموصى به.

(مسألة ٧) : قد يجب على الغير تنفيذ ما طلبه الموصي بالمباشرة من حيثية اُخرى غير الوصية، كما لو صالحه في حياته على أن يصلي عنه بعد وفاته بمال معين، أو شرط عليه ذلك في ضمن عقد لازم، أو كان المكلف قد ألزم نفسه

٣١٣

بالعمل بتنفيذ ما طلب منه بيمين أو نحوه، لكن ذلك خارج عما نحن فيه من لزوم العمل عليه من حيثية الوصية.

(مسألة ٨) : إذا قال: ليصلِّ زيد بمائة دينار ـ مثلاً ـ لم يجب على زيد الصلاة عنه، كما تقدم، لكن لو صلى عنه استحق المال المجعول لا من حيثية الجعالة، بل من حيثية الوصية، لان الطلب المذكور يرجع إلى الوصية بدفع ذلك المال لزيد على تقدير صلاته عنه كاُجرة للصلاة، وحينئذٍ لابد من تحقق شروط نفوذ الوصية في الوصية المذكورة، ولذا تخرج من الثلث، لا من أصل التركة كالديون.

(مسألة ٩) : لا يتوقف نفوذ وصاية الوصي على قبوله. وإذا ردّلم ينفذ ردّه ووجب عليه أن يقوم بما اُوصي له إلا أن يبلغ الموصىَ ردّه في حال يمكنه أن يوصي إلى غيره.

(مسألة ١٠) : إذا ردّ الوصي وأبلغ الموصي بردّه فإن أعرض الموصي عن وصيته إليه سقطت وصايته، وإن لم يعرض أو أصرّ على وصيته إليه فالظاهر عدم سقوط وصايته، غاية الامر أنه لا يجب عليه القيام بالوصية وله الامتناع من ذلك، فيكون الحال كما لو تعذر على الوصي تنفيذ الوصية، ولو رضي بعد ذلك بالقيام بالوصية كان هو المقدّم على غيره في تنفيذه.

(مسألة ١١) : الظاهر ترتب الاثر المتقدم على الرد حتى لو كان قبل الوصية، فإذا قال زيد لعمرو: لا توصِ إلي، أو: لا أقبل وصيتك إلي، فلم يعتن عمرو وأوصى إليه، لم يكن زيد ملزماً بالقيام بالوصية من دون حاجة إلى أن يبلغه بردّه مرة اُخرى بعد الوصية. وأظهر من ذلك ما إذا أوصى إليه فردّ وأبلغه بالرد فلم يعتن وجدّد الوصية له.

(مسألة ١٢) : الظاهر أن قبول الوصي للوصية لا يمنعه من ردّها فينفذ ردّه بالشرط المتقدم.

٣١٤

(مسألة ١٣) : إذا طلب الوالد من ولده قبول وصيته لم يكن للولد الامتناع والرد. أما إذا أوصى إليه من دون أن يطلب منه القبول فله الرد، على نحو ما تقدم في غيره.

الفصل الثاني

في الموصي

ويعتبر فيه اُمور..

الأول: البلوغ، فلا تنفذ وصية غير البالغ على نحو وصية البالغ. نعم تصح وصية ابن عشر سنين إذا كان قد عقل وكانت وصيته في وجوه الخير والمعروف. بل الأحوط وجوباً نفوذ وصيته باليسير في وجوه الخير والمعروف إذا كان ابن سبع سنين، فعلى الورثة إنفاذ وصيته حينئذٍ عملاً على الاحتياط المذكور.

الثاني: العقل، فلا تصح وصية المجنون والسكران ونحوهما حال فقدهم للعقل. نعم لا تبطل الوصية بطروء شيء من ذلك بعده.

(مسألة ١) : في اشتراط الرشد المالي في الوصية بالمال إشكال. بل الظاهر عدم اشتراطه إذا كانت الوصية في وجوه الخير والمعروف. كما أنه لا يعتبر الرشد المالي في الوصية بغير المال.

الثالث: الاختيار، فلا تصح وصية المكره.

الرابع: الحرية، فلا تصح وصية المملوك إلا بإذن مولاه. ولو أوصى ثمّ تحرر لم تنفذ وصيته إلا أن يجيزه، فتكون الاجازة وصية مستأنفة.

الخامس: أن لا يكون قاتل نفسه، فمن أحدث في نفسه حدثاً برجاء أن

٣١٥

يترتب عليه الموت وكان عاصياً بذلك ثمّ أوصى ومات لم تنفذ وصيته في ماله. وتنفذ فيما عدا ذلك، كما إذا لم يتعمد ما أحدثه في نفسه، أو تعمده لا برجاء الموت، أو تعمده برجاء الموت بوجه يُعذر فيه ولم يكن عاصي، كما لو توقف عليه واجب أهم، أو كان عاصياً بذلك لكنه لم يمت به، بل عوفي منه ثمّ مات بسبب آخر، أو أوصى قبل أن يحدث في نفسه الحدث المذكور ثمّ أحدثه ومات به. نعم في نفوذ وصيته بعد الحدث المذكور في غير المال ـ كالولاية على أطفاله ـ إشكال، فاللازم الاحتياط.

(مسألة ٢) : لا يعتبر في الموصي الايمان، فتصح الوصية من المخالف والكافر. نعم للمؤمن إلزامهما بمقتضى دينهما في حكم الوصية.

الفصل الثالث

في الموصى له

(مسألة ١) : لا تصح الوصية التمليكية ولا العهدية للمعدوم إذا استلزمت تمليكاً لمعدوم، كما إذا قال: إذا متّ فداري لاولاد زيد لكلّ منهم ربع منه، أو قال: إذا متّ فاعطوا داري بعد موتي لأولاد زيد لكلّ منهم ربع منه، وكان ذلك منه بتخيّل أو توقع أن أولاد زيد حين موته أربعة، وكانوا في الواقع ثلاثة.

وتصح فيما عدا ذلك، بأن كان الموصى له معدوماً حين الوصية موجوداً حين موت الموصي، كما لو قال: داري لاولاد زيد الموجودين حين موتي، أو: اعطوها لهم، ولم يكن لزيد أولاد حين الوصية، وإنما وجدوا بعده، أو كان أولاده حين الوصية ثلاثة وحين موت الموصي أربعة، فإن الدار تقسم بين الاربعة أرباعاً لا بين الثلاثة الكبار أثلاث.

ومثل ذلك ما إذا كان الموصى له معدوماً حين الوصية وحين موت

٣١٦

الموصي، إلا أنه موجود حين تحقق التمليك الموصى به، كما لو قال: ثمرة البستان الفلاني في كل عام لمن يوجد في ذلك العام من ذريتي طبقة بعد طبقة، أو: ادفعوا الثمرة المذكورة لهم، فإن الثمرة المتجددة بعد وفاة الموصي تكون لمن هو موجود في عام حصوله، وإن لم يكن موجوداً حين الوصية أو حين موت الموصي.

(مسألة ٢) : إذا أوصى للحمل وصية تمليكية فإن سقط حياً واستهل صحت الوصية، وإلا فإن لم تحلّه الحياة بطلت، وإن حلّته الحياة ومات قبل أن يستهل ففي صحتها إشكال، واللازم الاحتياط.

(مسألة ٣) : تجوز الوصية للوارث، وتستحب الوصية لغيره.

(مسألة ٤) : تجوز الوصية للمخالف والكافر ذمياً كان أو حربي، إلا أن يكون في الوصية ترويج للباطل وتشجيع عليه، فتبطل.

(مسألة ٥) : لا تصح الوصية لمملوك غير الموصي، إلا أن يكون قد اُعتق منه شيء فتصح الوصية بنسبة ما أعتق منه، فإن كان هو الربع مثلاً صحت الوصية في ربعه، وهكذ.

(مسألة ٦) : تصح الوصية لمملوك الموصي على تفصيل غير مهم بعد قلّة الابتلاء بالمسألة أو عدمه.

(مسألة ٧) : إذا مات الموصى له قبل الموصي، فإن رجع الموصي عن وصيته سقطت الوصية، ولو لم يرجع ـ ولو للجهل بموته ـ انتقل المال الموصى به لوارثه. ولا أثر لرد الوارث حينئذٍ، بل هو يملك قهراً على نحو ملكه للميراث.

(مسألة ٨) : لا فرق في ذلك استحقاق وارث الموصى له للوصية على نحو استحقاقه لميراثه منه، فيقسم بين الورثة على نحو قسمة الميراث، ولا تَرث الزوجة منه إن كان أرض، وتوفى منه ديون الموصى له الميت، وتنفذ منه وصاياه، وغير ذلك.

٣١٧

(مسألة ٩) : لا فرق في ذلك بين الوصية التمليكية ـ كما لو قال: هذا لزيد بعد وفاتي ـ والوصية العهدية، كما لو قال: اعطوا هذا لزيد بعد وفاتي.

الفصل الرابع

في الوصي

وهو الذي يجعله الموصي متولياً لتنفيذ وصاياه، سواء كان واحداً أم متعدد. ويعتبر فيه اُمور..

الأول: البلوغ، فلا تصح الوصية إلى الصبي منفرد، ولا منضماً للغير، إذا اُريد بها تصرفه حال صباه. أما إذا اُريد تصرفه بعد البلوغ فالظاهر صحته. كما أنه مع إطلاق الوصية له تصح، لكن ليس له التصرف قبل البلوغ.

نعم، التصرفات الفورية ـ كقضاء الدين وقسمة المال على الورثة، ودفع الغائلة عن المال لو تعرض للخطر ـ يقوم بها غيره من الاوصياء لو كان، ومع عدمه يقوم بها غير الوصي، كما لو لم يكن للميت وصي، أو كان وفقد، أو تعذرت مراجعته على ما يأتي.

(مسألة ١) : إذا اُوصي إلى الصبي والبالغ، فإن نُصّ على عدم التصرف إلا بعد بلوغ الصبي وجب الانتظار، وإن اُطلق استقل البالغ بالتصرف، ولا ينتظر بلوغ الصبي، فإن بلغ الصبي لم يكن له الاعتراض والتبديل فيما أمضاه البالغ، إلا أن يكون البالغ قد خالف وصية الميت، فإنه يرده إلى ما أو صى به.

(مسألة ٢) : إذا اُوصي إلى الصبي والبالغ فمات الصبي قبل البلوغ أو بلغ مجنون، أو نحو ذلك مما يتعذر معه قيامه بالوصية، فإن نصّ على عدم التصرف إلا بعد بلوغ الصبي جرى ما يأتي في حكم تعذر قيام أحد الوصيين بالوصية، وإلا استقل البالغ بالتصرف كما يستقل به قبل بلوغ الصبي على ما تقدم.

٣١٨

الثاني: العقل، فلا تصح الوصية للمجنون، على النحو المتقدم في الصبي.

(مسألة ٣) : إذا أوصى إلى عاقل فجنّ، فإن ظهر من الموصي الاعراض عن الوصية إليه بطلت وصايته، ولم تعد لو عاد إليه عقله، وإلا بقيت وصايته وعمل عليها لو عاد إليه عقله. وأظهر من ذلك ما لو صرح الموصي ببقائه على الوصاية إذا عاد إليه عقله.

الثالث: الحرية، فلا تصح الوصية للمملوك إلا بإذن سيده، وإذا أذن كان له الرجوع عن إذنه ما دام الموصي حي. والأحوط وجوباً الاقتصار في ذلك على ما إذا أبلغ الموصي برجوعه في حال يسعه نصب غيره.

(مسألة ٤) : المشهور اشتراط الإسلام في الوصي إذا كان الموصي مسلم. ولا يخلو عن إشكال، خصوصاً إذا كانت متمحضة في الماليات الراجعة إليه، ولم تتضمن ولاية على مسلم ولا على ماله، بل الظاهر حينئذٍ صحته.

(مسألة ٥) : لا تشترط العدالة في الوصي، بل ولا الوثوق، إلا إذا تضمنت الوصية الولاية على الاطفال، فإنه لا يجوز للموصي جعلها لمن لا يثق به في مراعاة صلاحهم، ولو فعل كان خارجاً عن مقتضى الولاية عليهم، فلا تصح وصيته له، ويكون كما لو لم يوصّ بهم. أما إذا أوصى لمن يثق به فإنّ وصيته تنفذ، ولا ينعزل إلا بظهور تفريطه، على ما يأتي في حكم تقصير الوصي.

(مسألة ٦) : تجوز الوصاية للمرأة على كراهية.

(مسألة ٧) : يجوز للموصي أن يوصي إلى أكثر من واحد بنحو التشريك ـ بحيث لا ينفذ التصرف إلا باجتماعهم ـ أو بنحو الترتيب، أو بنحو يقتضي استقلال كل واحد عند سبقه للتصرف، أو عند حضوره، أو غير ذلك، أو بنحو يقتضي استقلال كل واحد في جهة خاصة أو قسم خاص من التركة. والمتبع في جميع ذلك تصريح الموصي أو ظهور كلامه، ولو بضميمة القرائن الحالية أو المقالية.

٣١٩

(مسألة ٨) : إذا أوصى لاكثر من واحد بنحو التشريك فسقط أحدهم عن مقام الولاية بموت أو مرض أو عجز أو غيره، فإن استفيد من الوصية له مجرد تشريفه وتكريمه استقل الباقون بالولاية، وإن استفيد منها الاهتمام بإعمال نظره توثقاً من الوصي لحسن التصرف وعدم اكتفائه برأي الوصي الاخر فالأحوط وجوباً الرجوع للحاكم الشرعي لتعيين من يقوم مقامه في ذلك. وكذا الحال لو تردد الامر بين الوجهين.

(مسألة ٩) : إذا أوصى لاكثر من واحد بنحو التشريك فتشاحّ الاوصياء لاختلاف نظرهم، فإن كان هناك شيء يجتمعون على صحته تعيّن، كما لو اختار بعضهم إنفاق المال في وجوه البرّ على الاطلاق واختار الاخر إنفاقه على خصوص الفقراء، وإن لم يكن هناك شيء يجتمعون على صحته ـ كما لو اختار بعضهم إنفاق المال على الفقراء واختار الآخر إنفاقه على مجالس سيد الشهداء (عليه السلام) فالأحوط وجوباً الرجوع للحاكم الشرعي.

والأحوط وجوباً للحاكم ـ حينئذٍ ـ محاولة إقناع الاطراف على ما يجتمعون عليه، ومع تعذر ذلك يكون التصرف له، ولا يخرج عن أحد الوجوه التي اختلف الاوصياء فيه، فإن اتّضح له أولوية بعضها عمل عليه، وإلا فالأحوط وجوباً له الرجوع للقرعة في تعيين ما يعمل عليه منه.

(مسألة ١٠) : إذا سقط الوصي عن مقام الولاية بموت أو عجز أو نحوهما فالأحوط وجوباً الاشتراك بين الورثة القابلين للولاية والحاكم الشرعي في تنفيذ الوصية. ولا يشرع ـ حينئذٍ ـ نصب وصي يستقل بالتصرف نظير الوصي الذي عينه الموصي، بل لابد من كون المتصرف وكيلاً عنهم.

(مسألة ١١) : إذا قصّر الوصي في تنفيذ الوصية كان لكل أحد ردعه وخصوصاً الورثة، فإن لم يرتدع أو تشاح مع الورثة كان لهم بالاشتراك مع

٣٢٠