منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 71524
تحميل: 4933


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71524 / تحميل: 4933
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

(مسألة ١٧) : إذا باع شخص فضولاً وقبل الاجازة ملَك المبيع بالشراء أو بغيره لم يصح بيعه الفضولي، حتى لو أجازه. وكذا لو ملكه غير البائع الفضولي، فإنه لا يصح منه إجازة بيع الفضولي السابق على ملكيته للعين.

نعم، إذا كان انتقال العين من المالك الأول للبائع الفضولي أو غيره بالميراث فلصحة بيع الفضولي بالاجازة من المالك الثاني وجه، إلاّ أن الأحوط وجوباً التوقف والرجوع للصلح ونحوه مما يكون مرجعاً عند اشتباه الحقوق.

(مسألة ١٨) : إذا باع الشخص باعتقاد كونه مالكاً أو وكيلاً أو ولياً فتبين عدم كونه كذلك كان البيع فضولي، وتوقف على الاجازة، كماسبق. وإن باع باعتقاد عدم كونه مسلّطاً فتبين كونه ولياً أو وكيلاً وكان البيع مناسباً لولايته أو وكالته نفذ البيع ولم يحتج للاجازة. وإن تبين كونه مالك، فإن ابتنى بيعه على إعمال سلطنته ولو ادعاء، نظيربيع الغاصب نفذ البيع. وإن لم يبتن على ذلك، بل على مجرد إيقاع العقد بانتظار تنفيذ من له السلطنة فالظاهر عدم نفوذ البيع وتوقفه على إجازته، أو إجازة غيره ممن له السلطنة.

(مسألة ١٩) : إذا باع الغاصب المال المغصوب لنفسه لم ينفذ البيع إلاّ بإجازة صاحب المال، فإن أجاز وقع البيع له ودخل الثمن في ملكه، ولا يقع للغاصب ولا يدخل الثمن في ملكه. وكذا الحال في غير الغاصب ممن يبيع مال غيره لنفسه، كالذي يعتقد ملكية مال الغيرخطأً أو تشريع.

(مسألة ٢٠) : من كان عنده مال للغير فاشترى به من دون إذن صاحب المال، فإن نوى الشراء لصاحب المال كان من بيع الفضولي، وتوقف نفوذه على إجازة صاحب المال، وإن نوى الشراء لنفسه، فله صورتان..

الاُولى: أن يشتري بشخص ذلك المال، كما لو قال: اشتريت منك هذا الثوب بهذا الدينار، وفي هذه الصورة يلحقه حكم بيع الفضولي، فيتوقف نفوذه على إجازة صاحب المال.

٤١

الثانية: أن يشتري بالذمة ويدفع مال الغير، كما لو قال: اشتريت منك هذا الثوب بدينار، ثمّ دفع له الدينار الذي هو ملك غيره. وهذه الصورة هي الشائعة، والبيع فيها نافذ بلا حاجة إلى إجازة من صاحب المال، ويكون المبيع للمشتري لا لصاحب المال، غاية الامر أن ذمة المشتري لاتبرأ من الثمن، بل يبقى في ذمته للبايع حتى يجيز صاحب المال، أو يعوض المشتري صاحبَ المال عنه، أو يدفع المشتري الثمن من ملكه.

(مسألة ٢١) : إذالم ينفذ بيع الفضولي لعدم الاجازة، فقبض المشتري المبيع كان قبضه بلا حق، وجرى عليه حكم المغصوب، من حيثية ضمانه وضمان منافعه وغير ذلك، ممايأتي في كتاب الغصب إن شاء الله تعالى، من دون فرق بين العالم بكون البائع فضولياً والجاهل بذلك، وإنما يفترقان في الاثم وعدمه.

نعم، إذا علم المشتري رضا المالك بقبضه للمبيع وبتصرفه فيه جاز له ذلك، وإن لم ينفذ البيع ولم يملكه لعدم الاجازة. بل يكفي الرضا التقديري من الغافل، وذلك بأن يكون بحيث لو علم لرضي، فإنه يجوز التصرف مع ذلك لكل أحد.

وحينئذٍ إن علم أنه يرضى بالتصرف من دون ضمان فلا ضمان، إلاّ أن ينكشف الخطأ فيضمن بالمثل أو القيمة، كما في الغصب، وإن علم أنه يرضى بالتصرف مع الضمان بالمثل أو القيمة تعيّن الضمان بأحد الامرين، إلا أن ينكشف الخطأ فلا ضمان، وإن علم أنه يرضى بالضمان بالاقل من اُجرة المثل أو بالاكثر منها فالأحوط وجوباً التراضي بينهما في الفرق بين اُجرة المثل وأحد الامرين.

(مسألة ٢٢) : لو باع الإنسان ما له السلطنة على بيعه وما ليس له السلطنة على بيعه صفقة واحدة نفذ البيع فيما له السلطنة عليه، وتوقف نفوذه فيما لا سلطنة عليه على إجازة من له السلطنة، ومع عدم الاجازة يكون للمشتري

٤٢

خيار تبعض الصفقة مع جهله بعدم السلطنة على بيع البعض، وكذا مع علمه بذلك إذا كان البيع مشروطاً ولو ضمناً بتمامية المبيع للمشتري، وأما إذا لم يكن مشروطاً بذلك فلا خيار له. وأما طريق معرفة حصة كل منهما من الثمن، فيأتي الكلام فيه في خيار تبعض الصفقة إن شاء الله تعالى.

تتميم: في أولياء العقد

للإنسان أن يتصرف بنفسه أو بوكيله في نفسه وماله، مالم يكن محجوراً عليه لصغر أو جنون أو سفه. والكلام هنا في الأولياء الذين لهم التصرف في شؤون المحجور عليه الراجعة لنفسه وماله.

(مسألة ٢٣) : للاب والجد للاب التصرف في مال الصغير بالبيع والشراء وغيرهم، كما أن لهم التصرف في نفسه بمثل الاطعام والاستخدام والعلاج والاستئجار للقيام ببعض الاعمال، والنكاح على تفصيل يأتي في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى وغير ذلك.

نعم، لا يجوز لهما طلاق زوجته، ولا يلحق به فسخ النكاح بأحد الاسباب المسوّغة له، وهبة المدة في النكاح المنقطع، بل يجوز لهما القيام بهما بالشرط الاتي.

(مسألة ٢٤) : لايعتبر في تصرف الاب والجد لزوم المصلحة للصغير، فيجوز مثلاً بيع ماله بقيمة المثل مع عدم الحاجة للبيع، نعم لابدّ من عدم لزوم المفسدة من التصرف وعدم كونه تفريطاً في حق الصغيرعرف، فلا يجوز التصرف مع المفسدة، كالبيع بأقل من قيمة المثل من دون حاجة، كما لا يجوز التصرف بدون مفسدة مع تيسر التصرف الاصلح والأنفع، كالبيع بقيمة المثل أو بأزيد منها مع تيسر البيع بأكثر من ذلك، لانه تفريط حينئذٍ.

بل الأحوط وجوباً في مثل إعمال الحقوق وإسقاطها كهبة المدة في النكاح

٤٣

المنقطع، والفسخ في مورد الخيار، والاقالة، وإسقاط حق الخيار الاقتصار مع الامرين السابقين على صورة الحاجة العرفية لذلك، بأن يكون عدم القيام بها معرضاً لحدوث مشكلة للصغير، أو حصول مصلحة معتد بها للصغير، ولو بأن يبذل له مال معتد به بأزاء التصرف المذكور.

(مسألة ٢٥) : يجوز للاب والجد نصب القيِّم على اليتيم بعد موتهم، وهو الوصي فيكون له الولاية على التصرف في مال الطفل على النحو المتقدم، من عدم المفسدة وعدم لزوم التفريط.

نعم، الأحوط وجوباً له عدم الاتجار بمال الطفل بضاعة أو مضاربة أو نحوهما إلاّ إذا أجاز له الموصي ذلك بالخصوص، أو مع ضمان الخسران لو وقع وكان العامل مليّاً قادراً على التدارك. ويكون الربح بتمامه لليتيم إلاّ إذا نصّ الموصي على الاذن في المضاربة.

(مسألة ٢٦) : ليس للقيِّم الوصي من قبل الاب أو الجد نصب القيِّم على اليتيم بعد موته والوصية بذلك لغيره. إلاّ إذا نصّ الاب أو الجد على الاذن له في ذلك.

(مسألة ٢٧) : إذا بلغ الصغير مجنوناً استمرت ولاية الاب والجد والوصي منهما عليه، وكذا إذا بلغ غير رشيد في بعض الجهات من الماليات أو غيره، فإن ولايتهم تبقى عليه في تلك الجهة. وأما إذا بلغ رشيداً ثمّ جُنّ فولايته للأولى بميراثه على النهج الآتي في المسألتين الآتـيـتـين.

(مسألة ٢٨) : إذا فَقَد الصغير أو المجنون الاب والجد من قبل الاب والوصي من قبل أحدهما فولايته لمن هو الأولى بميراثه، لكن لا بنحو يجب عليه تولي أمره، بل بمعنى أنه لا يجوز لغيره مزاحمته في ذلك، ولو تولى أمره تعين على غيره استئذانه إذا أراد تولي شيء من أمره. أما إذا لم يتول أمره فلا يجب على غيره استئذانه في إدارة أمره.

٤٤

نعم، الأحوط وجوباً في التصرفات المهمة إشراك العادل بها نظير ما يأتي في المسألة اللاحقة.

(مسألة ٢٩) : إذا لم يتولَّ الأولى بالميراث أمر اليتيم أو المجنون في المسألة السابقة جاز بل استحب لكل أحد كفالته ومخالطته بالمعروف وبالنحو الذي يصلح له، كالنفقة عليه من ماله ـ مع وجوده ـ أو من غيره، وحمله على التكسب بعمل أو غيره، والمحافظة عليه، ومداواته، وتأديبه، ونحو ذلك مما يحتاج إليه، وتقتضيه طبيعة المعاشرة والمخالطة، من دون إفساد أو تفريط بالنحو المتقدم في ولاية الاب والجد. والإنسان على نفسه بصيرة، والرقيب على ذلك هو الله تعالى، فإنه يعلم المصلح من المفسد.

نعم، الأحوط وجوباً في التصرفات المهمة الخارجة عن ذلك مراجعة العادل فيها إن لم يكن المتولي عادلاً مثل قسمة الميراث، وتصفية الاموال ببيع ما لاصلاح في بقائه، ولا يحتاج في جميع ذلك إلى مراجعة الحاكم الشرعي، وإن كان هو الأحوط استحباب. وإذا بلغ اليتيم غير رشيد بقي الحكم السابق عليه. وكذا الحال في المجنون الذي لاولي له.

نعم، لا يجوز تزويجهما عند احتياجهما للزواج إلاّ بمراجعة الحاكم الشرعي مع إمكان ذلك، ومع تعذره يكفي الرجوع للعادل، نظير ما تقدم.

(مسألة ٣٠) : يجب الرجوع للحاكم الشرعي وتثبت له الولاية في اُمور..

الأول: مال الغائب الذي لا يمكن الوصول إليه، ولا لوليّه عند الحاجة إلى التصرف فيه، ومثله المال الذي يتعذر الرجوع لوليه، لغيبة أو خوف أو غيرهم.

نعم، يجوز التصرف الخارجي في الجميع بمثل النقل والاكل و غيرهما إذا أحرز رضا المالك أو الوليّ به ولو تقدير، بأن يكون بحيث لو التفت

٤٥

لرضي بالتصرف.

الثاني: الاموال العامة التي ليس لها مالك خاص، كأموال الخراج.

الثالث: الخمس، على تفصيل تقدم في كتاب الخمس.

الرابع: الاوقاف التي لا ولي لها والاموال التابعة له، على تفصيل يأتي في كتاب الوقف إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٣١) : إذا تعذر الرجوع إلى الحاكم الشرعي في الموارد المتقدمة وجب الرجوع إلى عدول المؤمنين، ومع تعذره يجوز القيام بالتصرف لكل أحد، والأحوط وجوباً الاقتصار فيهما على مقدار الضرورة بحيث يقطع بأهمية التصرف ورضا الشارع الاقدس به، إلى أن يتيسرالرجوع إلى الحاكم الشرعي.

(مسألة ٣٢) : لابدّ في الولي في جميع الطبقات المتقدمة من أن يكون نظره على طبق الموازين العقلائية، فإذا كان شاذاً في اختياره خارجاً عن طريقة العقلاء في نظره سقط عن مقام الولاية، إلاّ أن تكون مخالفته لما عليه عموم العقلاء لاطلاعه على ما خفي عنهم، بحيث لو اطلعوا على ما اطلع عليه لاقروه على تصرفه ووافقوه في اختياره.

(مسألة ٣٣) : المعيار في تشخيص المصلحة وعدم المفسدة على نظر الولي حين إيقاع التصرف، لا على نظر الغير، فإذا باع الولي باعتقاد كون التصرف مصلحة جاز الشراء منه وإن اعتقد المشتري عدم المصلحة أو وجود المفسدة.

بل إن ظهر للولي الخطأ بعد إيقاع التصرف لم ينكشف بطلان التصرف، إلا أن يرجع ذلك للتقصير منه في النظر للمولى عليه، فيبطل التصرف لقصور ولايته حينئذٍ. كما أنه لو تصرف معتقداً ترتّب المفسدة على التصرف لم ينفذ تصرفه وإن كان التصرف صلاحاً في الواقع، وكان موقوفاً على الاجازة، كتصرف غير الولي.

٤٦

(مسألة ٣٤) : إذا وقع التصرف من غير الولي أو من الولي الخارج عن مقتضى ولايته لحقه حكم تصرف الفضولي، فيتوقف نفوذه إذا كان عقداً على تنفيذ من له السلطنة عليه، على النحو السابق في العقد الفضولي، سواءً كان هو المولى عليه إذا ارتفع الحجر عنه كالصبي إذا بلغ، والمجنون إذا أفاق أم وليّه حين إيقاع العقد، أم وليّاً آخر حصلت له الولاية بعد إيقاع العقد، كما لو انعزل من كان ولياً حين العقد بالخيانة فصارت الولاية للحاكم الشرعي فرآى مصلحة المولى عليه في تنفيذ العقد، فمثلاً إذا بيع مال الصغير بدون قيمة المثل تفريط، ثمّ نزل سعر المبيع إلى ما دون الثمن الذي وقع به البيع أمكن للولي تنفيذ البيع المذكور، لكون التنفيذ حينئذٍ مصلحة للصغير.

الفصل الثالث

في شروط العوضين

تمهيد..

لمّا كان البيع من المعاوضات فهو موقوف بطبعه على أن يتعين المبيع لجهة خاصة كي يكون مورداً للمعاوضة، ويترتب على ذلك أمران..

الأول: امتناع بيع المباحات الاصلية، كالسمك في الماء، والطير في الهواء قبل اصطيادهم.

نعم، لا يعتبر أن يكون ملكاً لإنسان خاص بل يكفي تعيّنه لجهة عامة أو خاصة، كالاموال الزكوية، وكالاموال المعينة لجمعيات وهيئات خيرية، ونماء الوقف غير المملوك، وغيره.

(مسألة ١) : لابدّ في التعين للشخص أو للجهة، المصحح لكون المال موضوعاً للبيع من كونه شرعياً بتحقق سببه الشرعي، من حيازة أو إحياء

٤٧

أو غيرهم. ولا يكفي التعين بمقتضى القانون الوضعي، فمثلاً لا يجوز بيع الاراضي الموات المشتراة أو الممنوحة من الدولة وإن تمّ تسجيلها باسم شخص خاص، لعدم كفاية ذلك في ملكها شرع.

نعم، يجوز أخذ المال في مقابل التنازل القانوني عنها للاخرين والاعتراف بها لدافع المال ونقلها له رسميّاً وقانونيّ، وتتوقف ملكيته لها شرعاً على حصول سببها الشرعي وهو الاحياء.

الثاني: أن يدخل الثمن في ملك مَن خرج منه المبيع، فلايقع البيع على أن يدخل الثمن في ملك غير البايع، وعلى ذلك فلو دفع الأب مثلا لولده شيئاً على أن يبيعه الولد ويأخذ ثمنه لنفسه فلايصح ذلك، إلاّ بأحد وجهين..

أحدهما: أن يرجع إلى هبة الاب لولده ذلك الشيء الذي دفعه له، أو الاذن له بتملكه بحيث يملكه قبل البيع، فيبيعه لنفسه ويدخل ثمنه في ملكه. ويترتب على ذلك أنه لو فسخ البيع بإقالة أو خيار رجع المبيع للولد.

ثانيهما: أن يرجع إلى إذن الاب لولده في تملك الثمن بعد البيع، فيقع البيع للاب ويدخل الثمن في ملكه بدلاً عن المبيع، ثم يتملكه الولد هبة من أبيه. ويترتّب على ذلك أنه لو فسخ البيع يبقى الثمن في ملك الولد، ويجب على الاب ضمانه بمثله أو قيمته للمشتري، إلا أن تكون هبة الاب للثمن مشروطة ولو ضمناً بتحمله تبعات المعاملة. ولا يمكن أن يبقى المبيع على ملك الاب إلى حين البيع ثمّ يدخل الثمن بالبيع في ملك الولد رأس.

أما المبيع فمقتضى الوضع الطبيعي للبيع دخوله في ملك مَن خرج منه الثمن، فإذا باع زيد لعمرو ثوباً بعشرة دنانير لعمرو أو في ذمته كان مقتضى إطلاق العقد بطبعه صيرورة الثوب لعمرو بالبيع، لكن يمكن قصد البيع على وجه آخر، بحيث يكون البيع لشخص آخر غير من خرج منه الثمن، وعلى ذلك

٤٨

يمكن أن يدفع الاب مثلاً لولده مالاً ليشتري به الولد شيئاً له من دون أن يملك الولد ذلك المال، بل ينتقل المال من الاب للبايع رأساً في مقابل المبيع الذي ينتقل من البايع للولد.

ويترتّب على ذلك أنه لو فُسخ البيع رجع المبيع من الولد للبايع، ورجع الثمن من البايع للاب دون الولد، وفي مثل هذا البيع يكون أطراف العقد ثلاثة، البايع والمشتري ودافع الثمن، ولابد في صحته من إذنهم أو إجازتهم.

إذا عرفت هذا فالكلام في شروط العوضين يقع في ضمن مسائل..

(مسألة ٢) : الظاهر أنه لا يعتبر في العوضين أن يكونا مال، وهو ما يتنافس العقلاء على تحصيله، فيجوز بيع ما لا ماليّة له كالماء على الشاطىء، وبعض الحشرات والفضلات غير المرغوب في اقتنائها عند عموم العقلاء إذا تعلق الغرض الشخصي بتملكها من مالكه. ويترتّب عليه جميع آثار البيع.

(مسألة ٣) : الظاهر عدم وقوع البيع على المنفعة والعمل، فلا تكون مبيع، بل تكون موضوعاً للإجارة، نعم يجوز أن تكون ثمناً في البيع. ويجوز بيع بقية الاشياء القابلة للانتقال، كالاعيان مثل الثوب والدار والحقوق، كحق الاستثمار في الاراضي الخراجية، وحق أولوية الاستئجار وهو المعروف ب (السرقفلية).

(مسألة ٤) : لا يصح بيع الحق غير القابل للانتقال، كحق الشفعة، نعم يمكن بذل المال في مقابل إسقاطه بنحو من الصلح، ولا يصدق عليه البيع، ولا تجري احكامه، فلا يثبت فيه الخيار مثل. وكذا الحال في جميع موارد إسقاط الحق بالعوض، كإسقاط الحق الثابت بالشرط، ومثله الصلح على عدم إعمال السلطنة الشرعية التي هي نحو من الحكم الشرعي، كالصلح على عدم حيازة بعض المباحات الاصلية، وعلى عدم الدخول في المزايدة في بعض المعاملات، فإن ذلك كله ليس من البيع ولا تترتّب عليه أحكامه.

٤٩

(مسألة ٥) : العين التي يصح معاوضتها على أقسام:

الأول: أن تكون خارجية شخصية، كالثوب الخاص والدرهم الخاص.

الثاني: أن تكون كلية في ضمن موجود خارجي، كما لو كان عنده كيس فيه مائة كيلو من الدقيق فباع كيلوّاً منها بدينار.

الثالث: أن تكون ذمية قبل البيع، كما لو كان له في ذمة زيد كيلو من الدقيق فباعه على عمرو بدينار، أو كان له على زيد دينار فاشترى به منه كيلوّاً من الدقيق.

الرابع: أن تكون ذمية بالبيع، كما لو باع الثوب على زيد بعشرة دنانير في ذمته. نعم لا يجوز بيع الدين بالدين إذا كانا ثابتين قبل البيع، على ما يأتي تفصيل الكلام فيه في كتاب الدين.

(مسألة ٦) : لا يجوز بيع الارض الخراجية، وهي التي افتتحها المسلمون بالقتال مع الكفار وكانت عامرة حين الفتح، لانها متروكة مختصة بعامة المسلمين ما تعاقبوا جيلاً بعد جيل باستمرار الزمان، وليست هي ملكاً لمن هي في يده، بل له حق إعمارها بدفع الخراج للمسلمين بالنحو الذي لا يُجحف به، من دون فرق في عدم جواز البيع بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبايع من بناء أو شجر أو غيرهما وأن لا تكون فيها آثار مملوكة له.

نعم، للذي هي في يَده أولوية التصرف فيها بعمارتها واستغلاله، وهي نحو من الحق له في الأرض لا يجوز مزاحمته فيه. وحينئذٍ يجوز شراء هذا الحق منه، ويحلّ للمشتري القيام بعمارتها واستغلالها مع دفع الخراج، وهو حصة مما ينتج منها أو اُجرة معينة.

(مسألة ٧) : يجزي في حلية التصرف في الاراضي الخراجية واستغلالها التعامل عليها مع السلطان المدعي للخلافة أو الولاية الدينية وإن كان ظالماً إذا كان واضعاً يده على الارض مسيطراً عليه، كما يرجع اليه في تحديد الخراج،

٥٠

ويجزي دفعه له، ويحل أخذه منه مجاناً بنحو الجائزة أو بمعاملة معاوضة، بل يجوز للمكلف أن يتقبّل الخراج من السلطان المذكور بمال معين يدفعه إليه.ثمّ يأخذ الخراج ممن يعمر الأرض بدلاً من السلطان بالمقدار الذي عيّنه السلطان عليه، ولا يجوز لمن عليه الخراج منع الشخص المذكور من الخراج إذا كان محترم المال.

نعم، إذا كان السلطان ظالم، وأمكن منع الخراج منه وجبت مراجعة الحاكم الشرعي فيه. كما أنه إذا لم تكن الارض تحت يد السلطان المدعي للخلافة أو الولاية الدينية، أو أمكن عدم مراجعته فيها لجهله بأنها خراجية أو نحو ذلك وجب التعامل على الارض مع الحاكم الشرعي، والاتفاق معه على مقدار خراجه، والرجوع إليه في مصرفه.

(مسألة ٨) : من كان بيده أرض خراجية، فتركها وأعرض عن عمارتها واستغلالها إعراضاً منه عنها أو لعجزه عن عمارتها سقط حقه فيه، وجاز لغيره عمارتها والتعامل عليها مع السلطان أو مع الحاكم الشرعي.

نعم، إذا كان تركه لها بسبب مضارة السلطان له، بتثقيل الخراج عليه وإجحافه فيه بقي حقه فيه، ووجب لمن يريد عمارتها إرضاؤه، إلاّ أن تكون مضارة السلطان له سبباً في إعراضه عنها بحيث لاتتعلق نفسه به.

(مسألة ٩) : إذا تُركت الارض الخراجيّة مدة طويلة حتى خربت وماتت ـ ولو بسبب ضعف السلطان أو جوره ـ فالظاهر أنه يجري عليها ما يأتي في حكم الارض الموات.

(مسألة ١٠) : الظاهر أن إحياء الارض الموات موجب لجريان حكم الملك عليها في ثبوت حق للمحيي قابل للبيع والشراء وغيرهما من أنحاء التصرفات المبنية على السلطنة، ولا يوجب ملكية الارض حقيقة، بل هي ملك للامام (عليه السلام)، وليس ثبوت الحق فيها لمن عمّرها إلاّ تفضلاً منهم (عليهم السلام).

٥١

(مسألة ١١) : لو ترك صاحب الارض عمارتها مدة معتداً بها حتى ماتت، بحيث صدق عليها أنها من الارض الموات سقط حقه فيه، سواءً كان ذلك للاعراض عن نفس الارض أو عن عمارته، أم كان للعجز عن عمارته، أم لداع آخر، كالانشغال بما هو أهم.

وحينئذٍ يجوز لغيره عمارته، ويثبت حقه فيه، ولا يجب عليه استئذان الأول، ولا دفع الاُجرة له عن استغلالها والانتفاع به، وإن كان الأحوط استحباباً دفع الاُجرة له، وأحوط منه استحباباً أيضاً إرضاؤه عن نفس الارض، أو دفعها له لو أراده. بل الأحوط وجوباً عدم مزاحمته لو أراد عمارتها بعد خرابها قبل أن يعمرها الغير، فلا يسبقه الغير لعمارتها وإحيائه.

(مسألة ١٢) : الظاهر عدم سقوط حق صاحب الارض فيها لو كان خرابها بسبب منع ظالم له من عمارته، فلا يجوز لغيره التصرف فيها حينئذٍ إلاّ بإذنه، إلاّ أن يكون منع الظالم له من عمارتها موجباً لاعراضه عن الارض وعن عمارته، وانصرافه عن ذلك، بحيث لا يستند بقاء الخراب لمنع الظالم وحده، بل للاعراض المذكور أيض، فلا يبقى حقه فيها حينئذٍ، ويجوز للغير عمارته.

(مسألة ١٣) : لابدّ في كل من العوضين أن يكون معين، ولا يجوز أن يكون مردد، فإذا قال: بعتك المتاع بدينار أو عشرة دراهم، أو قال: بعتك الثوب أو الطعام بدينار، فقَبِل، لم يصح البيع، إلاّ أن يرجع إلى توكيل أحد المتبايعين للاخر في إيقاع العقد بالنحو الذي يراه مناسب، وحينئذٍ لا يتم العقد إلا بعد إيقاعه بالوجه الذي يراه.

(مسألة ١٤) : إذا باعه بثمن حالاً وبأزيد منه مؤجلاً فقَبِل، صحّ البيع بالثمن الاقل مع الاجل، فإذا قال مثلاً: بعتك هذا الثوب بدينار حالاً وبدينارين إلى شهر، فقبل المشتري، وقع البيع بالدينار مؤجلاً إلى شهر، والأحوط وجوب

٥٢

الاقتصار على ذلك وعدم التعدي إلى ما يشبهه، كالبيع مؤجلاً بأجلين بثمنين، كما لو قال: بعتك بدينارين إلى شهر وبثلاثة دنانير إلى شهرين، أو البيع بأكثر من ثمنين، كما لو قال: بعتك بدينار حالاً وبدينارين إلى شهر وبثلاثة دنانير إلى شهرين، وغير ذلك. بل يشكل صحة البيع في الجميع لما تقدم في المسألة السابقة.

نعم، لا بأس بالمساومة بنحو الترديد لتعيين الثمن المطلوب على كل تقدير يفرض، ثمّ إيقاع العقد بنحو محدد يتفقان عليه.

(مسألة ١٥) : يجب في المبيع إذا كان من المكيل أو الموزون معرفة كيله أو وزنه عند العقد، ولا يجوز بيعه جزاف، والأحوط وجوباً ذلك في الثمن أيض. بل الأحوط وجوباً عموم اشتراط العلم بمقداركل من العوضين بالنحو الذي يُتعارف تقديره به عند البيع، من كيل أو وزن أو عدّ أو مساحة أو مشاهدة، فلا بيع مع الجهل المطلق بأحد العوضين أو كليهم، مثل البيع بما في الصُّرة، والبيع بقيمة الشراء، وبيع ما في الخزانة، كما لا بيع مع التقدير بما لا يتعارف التقدير به، كالاكتفاء بالمشاهدة في المكيل أو الموزن أو المعدود، والاكتفاء بالكيل في الموزون أو المعدود أو غير ذلك.

نعم، إذا تعارف بيع الشيء في بعض الاحوال مجازفة صح بيعه كذلك، كبيع ثمرة البستان لسنة أو سنتين، وبيع اللبن في الضرع، على ما يأتي التعرض له إن شاء الله تعالى.

(مسألة ١٦) : يترتّب على ما سبق الاشكال فيما قد يجري عليه بعض الناس من البيع بانتظار قائمة الشراء، بأن يوقع الطرفان البيع من دون تعيين للثمن وينتظران في تعيينهِ وصول قائمة الشراء والاطلاع عليه.

(مسألة ١٧) : يمكن التخلص من الإشكال المتقدم بأحد وجهين:

الأول: إيقاع المعاملة بثمن معين مع اشتراط الفسخ لأحد الطرفين أو

٥٣

لكليهما لو ظهر أن الثمن غير مناسب للقائمة.

الثاني: إيقاع المعاملة بثمن معين مع اشتراط التدارك ببذل الفرق من البائع أو المشتري لو ظهر أن الثمن غير مناسب للقائمة.

(مسألة ١٨) : إذا اختلف تقدير الشيء الواحد باختلاف الاحوال لزم تقديره في كل حال بما يتعارف تقديره به في ذلك الحال، كالثمر يباع بالمشاهدة على الشجر أو عند البيع جملة، ويباع بالوزن عند البيع مفرد، كما أنه قد يباع الشيء في حال كيلاً في صناديق أو أكياس، وفي حال بالوزن، وغير ذلك. وكذا الحال في اختلاف البلدان والازمنة، فيراعى في كل بلد وزمان ما يناسبه.

(مسألة ١٩) : يكفي في معرفة المقدار إخبار البايع به، كيلاً أو وزناً أو عداً أو مساحة. نعم إذا اشترى الشيء اعتماداً على إخبار البايع لم يصح منه الاكتفاء بذلك في التعهد بالمقدار لمن يبيعه عليه، إلاّ أن يعلم صدقه. وكذا يجوز الاعتماد على ظهور حال المبيع لو تعارف كونه بقدرخاص، كما قد يتعارف بلوغ كيس الحبوب مائة كيلو، والطاقة من القماش ثلاثين متر، والصندوق من الامتعة بعدد خاص، ونحو ذلك.

(مسألة ٢٠) : إذا ظهر الخطأْ بالنحو الخارج عن المتعارف في الكيل أو الوزن أو غيرهما من جهات معرفة المبيع أو الثمن، فإن كان موضوع المعاملة هو الكلي المقدر بالمقدار الخاص كعشرة كيلوات من الدقيق ومائة دينار وجب إتمام ما نقص وإرجاع ما زاد، وإن كان شخصياً فإن كان الخطأ في المبيع بالزيادة وجب على المشتري إرجاع الزائد للبايع، وإن كان بالنقيصة وجب على البايع إرجاع ما قابلها من الثمن على المشتري، وإن كان الخطأ في الثمن بالزيادة وجب إرجاع الزائد، وان كان بالنقيصة وجب إرجاع ما قابله من المبيع.

نعم، إذا كان الاجتماع مورداً لغرض عقلائي كان لهما الفسخ في مورد

٥٤

وجوب الارجاع.

(مسألة ٢١) : يجوز مع التراضي جعل الكيل طريقاً إلى معرفة العدد، بأن يعدّ ما في مكيال خاص ثم يكيل بحسابه، وكذا يجوز جعله طريقاً إلى معرفة الوزن، بأن يوزن ما في مكيال خاص ثم يكال بحسابه، أو يوزن بعض الاكياس ثم يؤخذ باقيها بحسابه، ولا رجوع مع ذلك لو ظهر الخلاف.

نعم، لابد من كون الفرق المتوقع قليلاً لا ينافي صدق معلومية المقدار عرف، وأن يقع التراضي بذلك من الطرفين، وإلا فلا مجال للاكتفاء بذلك في معرفة المقدار.

(مسألة ٢٢) : يجوز مع التراضي استثناء مقدار معين من الوزن للظروف، كالصناديق والاكياس والقِرَب ونحوه، إذا كانت مجهولة المقدار وتردد المستثنى بين الزيادة والنقصان، ولا رجوع حينئذٍ لو ظهر الخلاف كما في المسألة السابقة. وأما إذا علم أن المستثنى أكثر من مقدار الظرف فإن كان قصدهما بيع تمام الباقي على جهالته أشكل صحته، ويدخل فيما تقدم من بيع المجهول، وإن كان قصدهما بيع المقدار الاقل، وهبة الباقي من البايع للمشتري صح البيع.

(مسألة ٢٣) : إذا اشترى جملة بكيل أو وزن فزاد أو نقص، فإن كان بالمقدار الذي يتعارف فيه الخطأ وكان البناء من المتبايعين على الرضا بالزيادة والنقصان صح البيع، وكفى الوزن والكيل المذكوران، ولا يرجع بالزيادة والنقصان، وإن كان بالنحو الخارج عن المتعارف المبتني على التعمد والاختلاس، أو على الغلط في الحساب، أو نحو ذلك لم يكف في التقدير، ولزم الرجوع بالزيادة والنقصان على نحو ما تقدم في المسألة (٢٠).

(مسألة ٢٤) : يجوز بيع مقدار معين في ضمن مقدار مجهول بلا حاجة إلى عزل المقدار المبيع وتعيينه بأحد الوجوه المتقدمة، بل يدفع الكل على أن يكون

٥٥

المقدار المعيّن منه مبيعاً والزائد هبة من البايع للمشتري، فإذا كان عنده مقدار من الطعام مردد بين العشرة كيلوات فما زاد جاز دفعه بتمامه من دون وزن على أن يكون عشرة كيلوات منه مبيعاً والزائد هبة، لا على أن يكون بتمامه مبيعاً على جهالة مقداره.

(مسألة ٢٥) : إنما يلزم معرفة المقدار بالنحو المتقدم في الثمن والمثمن اللذين يقع عليهما البيع، سواءً كانا شخصيين كبيع الطعام الخاص، والبيع بالدرهم الخاص أم كليين، كبيع مائة كيلو من الطعام، أو البيع بعشرة مثاقيل من الفضة، أمّا بعد تعين الثمن والمثمن في الذمة فلا يلزم التعيين في مقام الوفاء، فيجوز دفع مقدار مجهول وفاءً عما انشغلت به الذمة إذا تراضى به الطرفان على جهالته، كما يجوز الوفاء من غير الجنس مع التراضي، ويرجع إلى نحو من الصلح خارج عن البيع ومترتب عليه.

(مسألة ٢٦) : الذي يلزم أن يَعرف مقدار العوضين بالنحو المتقدم هو المتولي للمعاملة، سواءً كان أصيل، أم وكيلاً مفوضاً في المعاملة، دون الاصيل غير المتولي للمعاملة، ودون الوكيل على إجراء الصيغة فقط.

(مسألة ٢٧) : يجوز إيكال أحد الطرفين للاخر تعيين المثمن أو الثمن، فيدفع المشتري للبايع عشرة دنانير مثلاً ليدفع له ما يقابلها من المكيل أو الموزون بالقدر الذي يراه البايع مناسب، وإن جهله المشتري، أو يأخذ به المشتري القدر الذي يراه مناسب، وإن جهله البايع، كما يجوز أن يدفع البايع للمشتري عشرة كيلوات من الطعام بالثمن الذي يراه المشتري مناسب، وإن جهله البايع، أو يراه البايع مناسب، وإن جهله المشتري.

(مسألة ٢٨) : يجوز بيع جملة مشاهدة مجهولة المقدار على أن كل مقدار منها بثمن معين، فيبيع بيدراً من الطعام مجهول المقدار مثلاً على أن كل طنّ منه بألف دينار، ويبيع طاقة من القماش على أن كل متر منه بعشرة دنانير، ونحو

٥٦

ذلك، ولا تضرُّ جهالة مجموع المقدار والثمن.

(مسألة ٢٩) : قد يؤخذ الوزن أو الكيل أو العدد أو المساحة شرطاً زائداً على المبيع من دون أن يكون به قوام التقدير والكمية المقابلة بالمال، بل لتعلق الغرض بها زائداً على الكمية المأخوذة في البيع، كما لو باعه عشرة كيلوات من الفاكهة على أن يكون عددها مائة، أو باعه مائة بيضة على أن يكون وزنها عشرة كيلوات، أو باعه عشرين متراً من القماش على أن يكون وزنها خمسة كيلوات، أو باعه حيواناً مشاهداً على أن يكون وزنه خمسين كيلو، ونحو ذلك.

وحينئذٍ لو تخلف الشرط المذكورلم يبطل البيع، ولم ينقص شيء من الثمن، بل يثبت به خيار تخلف الوصف فيتخير المشترط بين الفسخ والرضا بالعقد بتمام الثمن.

هذا إذا كان المبيع شخصي، وإن كان كلياً قد اُخذت فيه إحدى الخصوصيات المذكورة وكان المدفوع للمشتري فاقداً لها فلا خيار حينئذٍ، بل يتعين الابدال بالواجد للخصوصية المشروطة.

(مسألة ٣٠) : لا يعتبر رؤية العوضين إذالم تتوقف عليها معرفة مقدارهما وصفاتهما الدخيلة في الرغبة فيهما لانضباطه، كبعض المصنوعات في زماننا مماله ماركة معينة عرف به، بل الظاهر عدم اعتبارالرؤية أيضاً فيما إذا لم يتوقف عليها معرفة المقدار بأحد الوجوه المتقدمة حتى لو توقف عليها معرفة الصفات التي تختلف فيها الرغبات من اللون والطعم وغيره. غاية الامر أنه لو اشترطت صفات خاصة ولو ضمناً فتخلفها موجب للخيار في حق المشترط له، وأما بالاضافة إلى الصفات الاُخرى غير المشترطة والتي تختلف فيها الرغبات فالظاهر ثبوت خيار الرؤية في حق المشتري إذا لم ير المبيع، وهو الأحوط وجوباً في حق البايع إذا لم ير الثمن، فلابد في الخروج عن الاحتياط المذكور بالتراضي بينهما في فسخ العقد أو إقراره. ويأتي الكلام في خيار الرؤية عند الكلام في الخيارات إن شاء الله تعالى.

٥٧

(مسألة ٣١) : الظاهر عدم اشتراط معرفة جنس العوضين وصفاتهم، كاللون والطعم والجودة والرداءة والرقة والغلظة والرطوبة واليبوسة وغيرها إذا اختلفت القيمة باختلافه، فضلاً عمّا لا أثر له في اختلاف القيمة، وإن اختلفت فيه الرغبات الشخصية.

نعم، إذا اشتُرط وصف خاص في أحد العوضين صريحاً أو ضمناً كان تخلفه موجباً للخيار للمشترِط. كما أنه إذا ظهر أن أحد العوضين معيب جرى عليه حكم العيب الذي يأتي عند الكلام في الخيارات إن شاء الله تعالى. هذا كله مع رؤية العوضين، أما مع عدم رؤيتهما فقد تقدم الحكم في المسألة السابقة.

(مسألة ٣٢) : ما يتعارف بيعهُ مع جهالة مقداره وتعذر معرفته حتى بالمشاهدة كاللبن في الضرع، والجنين في بطن الحيوان، والسمك في الماء المملوك إن علم بسلامة شيء منه جاز بيعهُ، وإلا وجب ضم شيء إليه معلوم الحصول، ويكون البيع للمجموع، ولا يضر فيه الجهالة حينئذٍ. كما لا يجب حينئذٍ وجود المبيع عند البيع، بل يكفي وجوده بعد ذلك، كبيع صوف قطيع غنم قبل ظهوره، وبيع أولادها قبل أن تحمل به. ويستثنى من ذلك الزرع والثمر، حيث يأتي الكلام فيهما في فصل بيع الثمار إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٣٣) : يعتبر في المبيع أن يكون بحيث يقدر المشتري على تحصيله، فلو لم يكن كذلك لم يجز بيعه، كالعبد الابق والجمل الشارد والمال الضائع.

نعم، إذا كان المال محفوظاً في نفسه إلا أن عدم تحصيله لقصور في البايع كالسجين الذي لا يعلم بإطلاق سراحه قبل تلف المال فالظاهر جواز بيعه وصحته، غاية الامر أن المال لو تلف قبل قبض المشتري كان على البايع، ورجع الثمن للمشتري، كما يأتي في أحكام القبض إن شاء الله تعالى.

كما أنه يجوز في القسم الأول بيعهُ مع الضميمة المضمونة الحصول نظير

٥٨

ما تقدم في المسألة السابقة، وحينئذٍ لو تلف المال غير المضمون حين البيع لم يكن على البايع، ولم يرجع المشتري بشىء من الثمن، بل يكفي أخذه للضميمه.

(مسألة ٣٤) : الأحوط وجوباً جريان ذلك في الثمن أيض، فلابد من كونه بحيث يقدر البايع على تحصيله، على التفصيل المتقدم.

(مسألة ٣٥) : يعتبر في كل من العوضين أن يكون طلقاً ويترتب على ذلك اُمور..

الأول: أنه لا يجوز بيع ما تعلق به حق الغير، ولا جعله ثمناً في البيع إذا كان البيع منافياً للحق، كبيع العين المرهونة، والعين المشروط عدم بيعه، ونحو ذلك. ولو وقع البيع في ذلك كان من بيع الفضولي الموقوف نفوذه على إجازة صاحب الحق، نظير ما تقدم في شروط المتبايعين.

الثاني: أنه لا يجوز بيع العين المنذورة لجهة خاصة ينافيها البيع، مثل نذر التصدق به، أو صرفها في جهة خاصة راجحة. وكذا نذر عدم بيعها إذا كان نافذاً لكون البيع مرجوحاً شرع، فإن البيع يبطل في الجميع. وأما اليمين والعهد اللذان يجب الوفاء بهما فهما يوجبان حرمة البيع ووجوب الكفارة به من دون أن يكون باطل.

الثالث: أنه لا يجوز بيع الوقف، على تفصيل يأتي في كتاب الوقف إن شاء الله تعالى، ولا بيع اُمّ الولد وهي الجارية التي يستولدها المالك، على تفصيل لا مجال لاستقصائه لندرة الابتلاء بذلك في عصورنا هذه.

٥٩

الفصل الرابع

في الخيارات

البيع من العقود اللازمة سواءً كان إنشاؤه باللفظ، أم بغيره، كالمعاطاة. وحينئذٍ لا يصح فسخه إلاّ بالتقايل برضا الطرفين، أو بثبوت الخيار لهما أو لاحدهم، والخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه أو إقراره والرضا به وإلزامه بحيث يمتنع بعده الرد، والخيارات عشرة..

الأول: ما يسمى بخيار المجلس

والمدار فيه على بقاء المتبايعين مجتمعين بأجسامهما من حين إيقاع عقد البيع، سواءً بقيا في مكانهم، أم انتقلا عنه مصطحبين، ماشيين أو راكبين أو غير ذلك، فإذا افترقا سقط هذا الخيار.

(مسألة ١) : الظاهر أن الموت بحكم الافتراق، فيسقط به الخيار.

(مسألة ٢) : إذا أوقع المتبايعان العقد وهما متفرقان فلا خيار لهم، كما لو أوقعاه وهما في مكانين متباعدين باتصال هاتفي، أو بالمراسلة بأن وقّع أحدهما على ورقة البيع فاُرسلت للاخر فوقّعه، أو غير ذلك.

(مسألة ٣) : إذا كان المباشر للعقد الوكيل أو الولي فالخيار للموكِّل أو المولّى عليه، وقيام الوكيل والولي بإعمال الخيار إنما يكون بدلاً عمن له الخيار، لا لان الخيار له، فيجب عليه ملاحظة مصلحة الاصيل في إعمال حق الخيار لا مصلحة نفسه، ولذا إذا كانت وكالة الوكيل تقصر عن إعمال حق الخيارلم يكن له إعماله، ولا ينفذ فسخه.

٦٠