منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

منهاج الصالحين - المعاملات11%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 76895 / تحميل: 5343
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

له في التعريف بها وإجراء أحكامه، فلا تبرأ الذمة إلا بقيامه بذلك، كما هو الحال في سائر الوكلاء.

(مسألة ٤٨): إذا حصل للقطة نماء في مدة التعريف كان للمالك تبعاً للعين فيأخذه معها إذا عثر عليه بالتعريف، وكذا إذا لم يعثر عليه وبقيت العين والنماء عند الملتقط بانتظار العثور على المالك. أما إذا أراد الملتقط تملكها فله تملك النماء معها إذا كان متصلاً به، كالسمن والصوف قبل جزه. أما إذا كان منفصلاً ففي جواز تملكه معها إشكال، والأحوط وجوباً إجراء حكم مجهول المالك عليه، فيقتصر على الصدقة.

(مسألة ٤٩): إذا مات الملتقط بعد تملك اللقطة انتقلت لوارثه مع بقاء عينه، فإن جاء المالك لزم الوارث إرجاعها له مع وجوده، وضمانها من أصل التركة إذا كانت قد تلفت في حياة الملتقط، وكذا إذا كانت قد تلفت بعد وفاته بغير تفريط من الوارث. أما إذا تلفت بتفريط منه فإنه يضمنها من ماله لا من التركة.

هذ، وأما إذا مات الملتقط قبل تملكه للقطة فالأحوط وجوباً أن لا يتملكها الوارث، بل يتم تعريفها إن كان لم يتم، ثم يحفظها للمالك أو يتصدق به، فإن جاء المالك ولم يرض بالصدقة ضمنه.

(مسألة ٥٠): يجري على التقاط الصبي والمجنون ما تقدم في الضالة.

(مسألة ٥١): إذا كانت اللقطة مما يفسد بالبقاء - كالخضر والفواكه والطعام المطبوخ - وجب على الملتقط تقويمها بالثمن على نفسه، ثم يتصرف فيها ثم يعرفها ويقوم الثمن مقامها في الاحكام المتقدمة بعد التعريف.

وأما بيعها على غيره فهو إنما يجوز بثمن المثل فما زاد، وإذا لم يجد من يشتريها بثمن المثل كان النقص عليه. نعم إذا كان الالتقاط بطلب من الحاكم الشرعي لمصلحة المالك بمقتضى ولايته كان له الاتفاق معه على مقدار الثمن

١٨١

الذي يقومها به على نفسه أو يبيعها به على غيره.

ويجري ذلك فيما إذا طرأ عليها ما يمنع من البقاء بعد الالتقاط قبل إكمال التعريف أو بعده.

(مسألة ٥٢): نظير فساد اللقطة بالبقاء العملة إذا تعرضت للسقوط المالية بسبب إلغاء الدولة له. والاعيان التي يتوقع عليها السرقة في ظروف طارئة ونحو ذلك.

(مسألة ٥٣): المال الموجود في الدار العامرة يراجع فيه أهله، فإن أدعو ملكيتهم له أو ملكية غيرهم أو نفوه عنهم أو عن غيرهم صدّقو. وإن جهلوا الامر فإن كانت الدار لايدخلها غيرهم حكم بأنه لهم، وكذا إذا وجد في مكان منها يختص بهم، ولا يدخله غيرهم. وإن كانت الدار يدخلها غيرهم ووجد في مكان منها لايختص بهم، فإن كان الذي يدخلها محصوراً في أشخاص معينين لزم مراجعتهم في المال فإن علم أنه لاحدهم فذاك، وإن تردد بين أكثر من واحد فالأحوط وجوباً التصالح بينهم، وإن كان الذي يدخلها كثير غير محصورين جرى عليه حكم اللقطة في التعريف وغيره.

(مسألة ٥٤): المال الموجود في الدار الخربة التي هجرها أهلها وتركوها إن احتمل العثور على صاحبه بالتعريف عرف به، فإن لم يوجد له صاحب فهو لواجده، ولا ينتظر به سنة. وكذا إذا كان ميؤوساً من العثور على صاحبه بالتعريف. نعم لو هجر الخربة أهلها ولم يتركوها بل بقيت محجوبة لهم يتعاهدونها فهي بحكم الدار العامرة. هذا كله إذا لم يكن مدفون، أما المدفون فقد تقدم حكمه في مسائل الكنز من كتاب الخمس.

(مسألة ٥٥): إذا كان للانسان صندوق أو نحوه محجوب معد لحرز المال وحفظه فوجد فيه مالاً وشك في أنه له أو ل. فإن كان الصندوق مختص

١٨٢

به لا يودع فيه غيره إلا وكالة عنه حكم بأن المال له، ولا يعتني باحتمال كونه لغيره أمانة عنده أو أنه قد سقط من وكيله بلا قصد أو نحو ذلك. وإن كان مشتركاً بينه وبين غيره عرفه ذلك الغير، فإن عرفه فذاك، وإن نفاه عنه وكان الامر منحصراً بينهما صار لصاحب الصندوق، وإن شك ذلك الغير بحيث تردد الامر بينهم، فالأحوط وجوباً التصالح بينهم. أما لو لم يكن الصندوق محجوباً ولم يعد لحرز المال - بل يوضع فيه المال كما يوضع في سائر الامكنة - فإن اختص بأهل الدار فالمال مردد بينهم وإن كان عاماً جرى عليه حكم ما يوجد في الدار التي يدخلها كل أحد. لكنه فرض لا يوجد غالب.

(مسألة ٥٦): إذا غرقت السفينة فما طاف على الماء أو قذف به الماء على الساحل فهو لاهله، فإن عرفوا دفع لهم، ومع الجهل بهم لو أخذه غيرهم جرى عليهم حكم اللقطة، وأما ما بقي في أعماق الماء فإن صار أهله في مقام استخراجه لم يحل لأحد سبقهم إليه، وما تركوه - ولو لعجزهم عن استخراجه - فهو لمن استخرجه بالغوص أو نحوه.

(مسألة ٥٧): إذا تبدل متاع الانسان بمتاع غيره من حذاء أو لباس أو غيرهم، كما يتعارف كثيراً في المواضع العامة. فإن علم أن الذي بدَّله قد تعمَّد ذلك واعتدى عليه جاز للآخر أخذ البدل من باب المقاصة، التي تقدم الكلام فيها في آخر كتاب الدين. فإن كان البدل الباقي أكثر قيمة من متاعه الذي أخذه المتعدي بقي الزائد ملكاً له، فإن عرفه أوصله له، وإن جهله جرى على الزائد حكم مجهول المالك. إلا أن يعلم أن المتعدي تركه ليؤخذ بدلاً عما أخذه فيجوز أخذه بتمامه وإن كان أكثر قيمة.

وإن احتمل غفلته عن ذلك وعدم تعمده جرى على البدل حكم مجهول المالك، فلا يجوز التصرف فيه إلا أن يحرز رضا صاحبه لو علم بالحال. كما يجب الفحص عن المالك، ومع اليأس عن معرفته أو عن الوصول إليه - بعد

١٨٣

الفحص أو بدونه - يستأذن الحاكم الشرعي في أن يستوفي منه قيمة ما أخذه، ويتصدق بالزائد.

تتميم: وفيه أمران..

الأول: لابد في كون الشيء لقطة من أخذ الشخص له حال ضياعه من صاحبه. ولا تصدق في غير ذلك من موارد الجهل بالمالك، كالامانة والمقبوض بالعقد الفاسد والمغصوب والمأخوذ خطأ إذا ضاع أصحابها ولم يعرفو، وكما إذا نسي الشخص متاعه في مكان لغيره أو إذا دفع المشتري للبائع أكثر من مقدار الثمن أو دفع البائع للمشتري أكثر من المقدار الذي اشتراه إلى غير ذلك من موارد وقوع المال بيد غير مالكه. وفي جميع ذلك يجب الفحص عن المالك مع احتمال العثور بالفحص عليه احتمالاً معتداً به، ولا يكتفى بالسنة حتى في المأخوذ من السارق على الأحوط وجوب، ومع تعذر الفحص أو اليأس من العثور على المالك بسببه إن احتمل بوجه معتد به العثور على المالك من دون فحص أو مجيئه بنفسه لطلب ماله وجب انتظاره، ومع اليأس عن معرفة المالك لا يجوز لمن عنده المال تملكه، بل له أن يتصدق به عن المالك لا غير. فإن عثر على المالك بعد التصدق بالمال فالأحوط وجوباً مراجعته فإن رضي بالتصدق كان له أجره، وإن لم يرض ضمن له المتصدق المال وكان أجر الصدقة للمتصدق.

(مسألة ٥٨): يجوز مباشرة من عنده المال للتصدق بنفسه، كما يجوز له التوكيل فيه.

(مسألة ٥٩): لا يجب استئذان الحاكم الشرعي في التصدق بمجهول المالك، كما لا يجزئ الدفع إليه. نعم لو دفع المال إليه - على أنه وكيل عنه في التصدق أو لانه الاعرف بمواقع الصدقة أو لغير ذلك - فتصدق به أجز.

١٨٤

(مسألة ٦٠): يجوز الصدقة بعين المال، كما يجوز الصدقة بثمنه بعد تقويمه على نفسه أو بيعه من غيره. لكن لابد في الابدال بالثمن من وجود مرجح لذلك، كعدم انتفاع الفقير بالعين أو نحو ذلك. كما أن الأحوط وجوباً حينئذٍ استئذان الحاكم الشرعي. وإذا تيسر التصدق بعين المال على الفقير ثم شراؤه منه بما يتفقان عليه كان أولى.

(مسألة ٦١): إذا خشي من بيده المال عليه التلف أو النقص أو نحوهما قبل اليأس من المالك وكانت المصلحة في إبداله بالمثل أو القيمة جاز له ذلك. والأحوط وجوباً حينئذٍ مراجعة الحاكم الشرعي واستئذانه في ذلك مع الامكان.

(مسألة ٦٢): إذا تصرف من بيده المال في المسألتين السابقتين من دون إذن الحاكم الشرعي ثم راجعه فأمضى التصرف نفذ وهكذا الحال في جميع موارد مراجعة الحاكم الشرعي.

(مسألة ٦٣): إذا تعددت الايدي على مجهول المالك كان الكل مسؤولاً به، فإن تصدق به أحدهم أجزأ عن الباقين، وكان للمالك الرجوع على أي منهم شاء، بناء على الاحتياط السابق من الضمان له لو لم يرض بالصدقة. نعم إذا تولى أحدهم التصدق وكالة عمن سبقه فلا ضمان عليه، بل الضمان على الموكل الذي كان المال عنده قبله.

(مسألة ٦٤): إذا أراد من عنده المال المجهول المالك الصدقة به فلا بد من أن يتصدق به على فقير غيره، ولا يجزئ أخذه له على أنه صدقة على نفسه حتى لو كان هو فقيراً ومصرفاً للصدقة. نعم لا بأس بأن يدفعه إلى غيره من أجل أن يتصدق به عليه، لما سبق من أن التصدق وظيفة كل من يكون المال تحت يده. لكن لابد من وقوع التصدق منه استقلال، لا وكالة عمن كان عنده.

(مسألة ٦٥): لا يجري حكم مجهول المالك على الدين المجهول المالك،

١٨٥

كما تقدم في فروع المال المختلط بالحرام من كتاب الخمس، وفي المسألة الثانية والخمسين من كتاب الدين.

الثاني: إذا أعرض المالك عن ملكه جاز لغيره أخذه وتملكه. لكن الاعراض على نحوين..

أحدهما: راجع إلى الاذن في تملك المال الذي يعرض عنه، مثل ما يلقيه أهل الدار في المزابل، وما يلقيه أهل العمل من الالات المستهلكة (السكراب) وما يتركه صاحب القماش عند الخياط من قطع القماش الصغيرة التي لا ينتفع هو بها ونحو ذلك. وحينئذٍ يترتب على ذلك حكم الهبة فيجوز الرجوع فيه ما لم يتصرف الاخذ في العين تصرفاً مغيراً له.

ثانيهما: راجع إلى الاعراض عن المال تخلصاً من كلفته، كترك الحيوان للتخلص من الانفاق عليه وترك المال الذي يغرق بعدم تيسر الغوص له وإخراجه كما تقدم التعرض له آنف، وترك الحيوان في الطريق إذا جهد وأعيى عن السير الذي تقدم التعرض له في الفصل الثاني، وترك الحيوان الوحشي إذا أفلت وفرّ في البيداء ونحو ذلك. والظاهر جواز تملك المال حينئذٍ لمن تكلف تحصيله وأخذه، ولا يحق لصاحبه الاول المطالبة حتى مع بقاء المال على حاله. نعم لابد من إحراز إعراض المالك عنه وعدم سعيه لتحصيله، ولو من ظاهر الحال. أما لو اهتم بتحصيله والبحث عنه فيجب على غيره أن يدفعه له لو تكلف تحصيله، وليس له الامتناع من ذلك ولا المطالبة بما أنفقه في سبيل تحصيله حينئذٍ.

والحمد لله رب العالمين

١٨٦

كتاب الصيد والذباحة

يحرم أكل الميتة كما يأتي، وهي أيضاً نجسة إذا كانت لحيوان ذي نفس سائلة، كما تقدم في محله. والمراد بالميتة في محل الكلام كل حيوان مات من دون تذكية. والكلام هنا فيما تتحقق به التذكية، وهو الصيد والذباحة، فيقع الكلام في بابين..

الباب الاول

في الصيد

وفيه فصلان..

الفصل الاول

في صيد ما له نفس سائلة

ويختص بالحيوان الوحشي الممتنع كأكثر الطيور والبقر والحمار الوحشيين والظبي والأيل ونحوه. دون الحيوانات الاهلية كالابل والبقر والغنم والدجاج ونحوه. وإذا توحش الحيوان الاهلي وامتنع حل بالصيد كالوحشي، وإذا تأهل الوحشي لم يحل بالصيد كالاهلي وكذا إذا لم يمتنع لكونه في قبضة الانسان، كالغزال يصاد ويربط أو يحبس في الحظيرة. وفرخ الحيوان

١٨٧

الوحشي قبل أن يمتنع ويقوى على الفرار فإنه لا يحل بالصيد كالاهلي، وكذا فرخ الطير قبل أن يملك جناحيه ويمتنع بالطيران.

إذا عرفت هذ، فآلة الصيد أمران..

الأول: الحيوان. ويختص بالكلب ولا يحل صيد غيره من سباع الطير والبر، كالصقر والبازي والعقاب والفهد والنمر والذئب والاسد وغيره، إلا إذا اُدركت ذكاته.

(مسألة ١): لا فرق في الكلب بين السلوقي وغيره. نعم الأحوط وجوباً عدم التذكية بالكلب الاسود البهيم، وهو الشديد السواد الذي لا يخالط سواده لون آخر.

(مسألة ٢): يشترط في الكلب الذي يصطاد أن يكون معلم، بأن يتدرب على الصيد لصاحبه ويتعلمه بالتعليم. وهو أمر عرفي يدركه أهله. قيل: وذلك بأن يسترسل إذا اُرسل وينزجر إذا زجر. والظاهر أن ذلك من لوازم التعليم في الجملة. وليس هو تمام معناه.

(مسألة ٣): لابد في حل الصيد بالكلب من أن يسترسل الكلب بإرسال الصائد وتهييجه، بحيث ينسب الصيد للمرسل، ويكون الكلب كالالة له، فلو هاج الكلب بنفسه أو أفلت من صاحبه مع زجره له لم يحل صيده.

(مسألة ٤): لو هاج الكلب بنفسه نحو الصيد فأغراه صاحبه به فأسرع بسبب ذلك إليه فصاده ففي حل الصيد بذلك إشكال. نعم لو كان هياجه بانتظار أمر صاحبه، بحيث لو زجره فانزجر فأغراه صاحبه فاسترسل وصاد حل صيده. وأظهر منه ما إذا زجره فوقف، ثم أرسله فاسترسل وصاد.

(مسألة ٥): إذا أرسله لغرض غير الصيد - كتعليمه على الصيد أو طرد عدو أو مهاجمة سبع - فاصطاد حيواناً لم يحل ما صاده. بل لو أرسله لصيد

١٨٨

حيوان خاص فصاد غيره ففي حل ما صاده إشكال والأحوط وجوباً العدم.

(مسألة ٦): إذا أرسله للصيد من دون أن يرى المرسل صيد، بل برجاء أن يرى الكلب صيد، فصادف أن رآه فصاده حل. وكذا إذا أرسله على شبح برجاء أن يكون حيواناً يصاد، فصادف ذلك وصاده.

(مسألة ٧): لا فرق في المرسل بين أن يكون واحداً ومتعدد، وكذا الحال في الكلب وفي الصيد، فإذا أرسل شخص واحد أو أكثر كلباً معلماً واحداً أو أكثر على حيوان واحد أو أكثر حل الصيد في الجميع. نعم لابد من تمامية الشروط فيها جميع، ولا يحل مع عدم تماميتها في بعضه، كما لو كان غير معلم أو قد هاج بنفسه أو قد أرسله كافر، أو تعمد من أرسله عدم التسمية. نعم إذا علم باستناد موت الصيد لواجد الشرط دون فاقده حل الصيد.

الثاني من آلتي الصيد: السلاح، سواءً كان قاطع، كالسيف والسكين والخنجر، أم شائكاً كالرمح والسهم والحربة ونحوه.

(مسألة ٨): ما كان من السلاح من الحديد ونحوه من الفلزات الصلبة - كالصفر والذهب - أو مشتملاً على نصل من ذلك يحل الصيد به إذا قتله وإن لم يخرق اللحم. نعم الأحوط وجوباً المبادرة لآخراج الدم بالنحو المتعارف وعدم أكل الصيد إذا بقي دمه فيه. وأما ما لا يشتمل على ذلك كالخشب المحدد فلا يحل الصيد به إلا أن يخرق لحمه.

(مسألة ٩): في جواز الصيد بالالات القاطعة والشائكة مما لا يعد سلاحاً إشكال، والأحوط وجوباً العدم، وذلك كالمنجل والمنشار والمزرف والدرنفيس والمخيَط والفالة. إلا أن يتخذ سلاحاً ولو في خصوص مكان، فيحل الصيد به.

(مسألة ١٠): يحل الصيد بالطلقات النارية المتعارفة في زماننا إذا كانت محددة الطرف شائكة. وأما الكروية الشكل ففي الصيد بها إشكال والأحوط

١٨٩

وجوباً العدم. وأشكل منها الطلقات الحارقة إذا لم تكن محددة الطرف وتنفذ في البدن.

(مسألة ١١): لا يحلّ الصيد المقتول بالحجارة والعمود والشرك والحبالة، وكذا بالضرب معترضاً بمثل المسحاة ونحو ذلك مما يصاد به ولا يكون قاطعاً ولا شائك.

(مسألة ١٢): يشترط في حلّ الصيد بالآلة قصد الصائد الصيد به، فلو رمى لا بقصد الصيد فأصاب حيواناً فقتله لم يحل وإن سمى بعد ما رماه. نعم لو رمى وسمى من دون أن يرى صيداً بل برجاء أن يصيب صيداً فأصابه وقتله حل، نظير ما تقدم في الصيد بالكلب.

(مسألة ١٣): إذا رمى صيداً فوصلت الرمية للصيد بمعونة الريح فقتلته، بحيث لولا الريح لما وصلت إليه حل الصيد وكذا إذا اصطدمت بالارض ثم وثبت للصيد فقتلته.

(مسألة ١٤): إذا رمى صيداً فأخطأه وأصاب غيره فقتله حلّ.

(مسألة ١٥): لا فرق في الرامي بين أن يكون واحداً أو متعدداً وكذا الحال في الصيد في الآلة التي يصاد بها نظير ما تقدم في الصيد في الكلب. بل لو اشترك في الصيد الكلب والآلة حل إذا جمعا الشرائط، نظير ما تقدم أيض.

(مسألة ١٦): يشترط في حلّ الصيد إسلام الشخص الذي يتولاه، وهو المرسل للكلب والرامي بالآلة فيحل صيد المسلم مؤمناً كان أو مخالف، كبيراً أو صغيراً مميزاً يتحقق منه القصد للصيد. ولا يحل صيد الكافر، ذمياً كان أو حربي، كتابياً كان أو غيره. ويأتي في الذباحة ما ينفع في المقام.

(مسألة ١٧): يشترط في حلّ الصيد التسمية من الصائد عند إرسال الكلب أو رمي الآلة، أو بعد ذلك قبل إصابتهما للحيوان، فإن تعمد تركها حرم

١٩٠

الصيد حتى لو كان جاهلاً باشتراطه. نعم لو كان من شأنه الإتيان بها لكنه تركها نسياناً حل الصيد سواءً كان يرى اشتراطها أم ل، بل يأتي بها تبركاً أو لبنائه على استحبابه.

(مسألة ١٨): لابد من التسمية من نفس مرسل الصيد، ولا يكفي من غيره عند إرساله الكلب أو رميه بالآلة.

(مسألة ١٩): يكفي في التسمية ذكر الله تعالى في ضمن جملة تتضمن التعظيم، مثل: بسم الله، و: الله أكبر، و: الحمد لله. ويشكل الاكتفاء بذكر الاسم الشريف مجرد، أو مع وصف يتضمن التعظيم من دون أن تتم به جملة، كما لو قال: الله العظيم. وكذا الاكتفاء بالنداء بمثل: يا الله.

(مسألة ٢٠): الأحوط وجوباً الاقتصار في اسمه تعالى على لفظ الجلالة، وعدم الاجتزاء بترجمته بغير العربية من اللغات لاهل تلك اللغة.

(مسألة ٢١): يجوز صيد الأخرس وتسميته بتحريك لسانه وإشارته بتحريك إصبعه.

(مسألة ٢٢): الظاهر لزوم الإتيان بالتسمية بعنوان كونها على الصيد ومن أجله ولا تجزئ التسمية حين الصيد بداع آخر.

(مسألة ٢٣): يشترط في حل الصيد استناد موت الحيوان للسبب المحلل، كجرح الكلب وعقره والاصابة بالسلاح أما إذا استند إلى سبب آخركصدمة أو تردّ من شاهق أو غرق في ماء أو غير ذلك - فلا يحل سواء استند الموت للسبب الآخر وحده أم لهما مع. ولو شك في ذلك حرم ظاهر. إلا مع عدم ظهور السبب الآخر وعدم المثير عرفاً لاحتماله، بحيث يطمأن نوعاً باستناد الموت للسبب المحلل.

(مسألة ٢٤): يحرم الصيد على المحرم ولو في غير الحرم، كما يحرم الصيد

١٩١

في الحرم ولو لغير المحرم. ولا يحل الحيوان حينئذٍ حتى على المحل على ما ذكر في كتاب الحج مفصل.

(مسألة ٢٥): إنما يحل الصيد بالسبب المحلل - من جرح الكلب والاصابة بالسلاح - إذا لم يدرك الصائد ذكاته بالذبح، إما بأن يدركه ميتاً أو حياً في زمن لا يسع الذكاة، وكذا إذا اشتغل بمقدمات التذكية القريبة كسل السكين والاستقبال به فمات. أما إذا أدرك ذكاته فلم يذكه حتى مات فإنه لا يحل، حتى لو كان لعدم وجود آلة التذكية عنده. نعم إذا كان صيده بالكلب ولم يكن له ما يذكيه به كان له أن يغري الكلب به حتى يجهز عليه، ويحل بذلك حينئذٍ.

(مسألة ٢٦): لا يجب مبادرة الصائد للصيد - ليدرك ذكاته - ما دام الصيد ممتنع، فإذا حبسه الكلب أو أقعده أو أثخنه الرمي حتى وقف، فإن علم بأنه لو بادر إليه لم يدرك ذكاته لم يجب عليه المبادرة إليه ويحل بقتل الكلب له أو بنزف دمه حتى يموت، وإن احتمل أنه يدرك ذكاته لو بادر إليه فالأحوط وجوباً المبادرة إليه ليدرك ذكاته فلو لم يبادر إليه حينئذٍ لم يحل، إلا أن يعلم بعد ذلك أنه لو كان قد بادر إليه لم يدرك ذكاته.

نعم لا يضر عدم المبادرة للانشغال بغيره من الصيد فيما لو تعدد الصيد، أو للانشغال بحفظ متاعه من السرقة، أو بإمساك الحيوان الذي يركبه من الشرود ونحو ذلك. وإنما الاشكال في عدم المبادرة اعتباطاً وتسامحاً بانتظار موته بنزف دمه ونحوه.

(مسألة ٢٧): إذا فقد الصيد بعض الشروط المتقدمة فمات حرم، وإن أدرك الصائد أو غيره ذكاته فذكَّاه حلَّ، إلا الصيد في الحرم أو من الحرم فإنه لا يحل على ما يذكر في كتاب الحج.

(مسألة ٢٨): يكفي في إدراك تذكية الحيوان - في المسائل المتقدمة - أن

١٩٢

يدركه حيَّ. ولو شك في ذلك كفى أن يحرك عينه أو يده أو اُذنه أو ذَنَبَه.

(مسألة ٢٩): الصيد إنما يوجب حلية الحيوان من حيثية التذكية، مع حرمته من حيثية نجاسة موضع الدم وموضع عضة الكلب ونحوهم، فلا يحل إلا بعد تطهيره.

(مسألة ٣٠): إذا قطع رأس الصيد فمات حل جميعه، وإن أدركه الصائد وفيه بقية من الحياة ففي وجوب تذكيته من موضع التذكية إن لم يقطع منه إشكال، وإن كان أحوط وجوب. هذا إذا كان الصيد واجداً للشرائط، وإن كان فاقداً لها حرم حتى إذا كان فيه بقية من حياة فذكى في موضع التذكية على الأحوط وجوب.

(مسألة ٣١): إذا قطع عضواً من الصيد غير الرأس كاليد والرجل والذنب أو قطعة منه صغيرة حرم المقطوع وحده وحل ما بقي من الحيوان مع تحقق شروط الصيد أو تذكيته بعد إدراكه حي.

(مسألة ٣٢): إذا قطع الحيوان قطعتين فإن كانتا متقاربتين في المقدار حلتا جميعاً مع تمامية شروط الصيد، والأحوط وجوباً تذكية ما فيه الرأس مع إدراك ذكاته. وإن لم تتم شروط الصيد حرمتا جميعاً حتى ما فيه الرأس وإن أدركه حياً فذبحه بالوجه الشرعي على الأحوط وجوب. وإن اختلفتا قدراً بوجه ظاهر حلت الكبرى إن كانت في جانب الرأس والأحوط وجوباً تذكيتها مع إدراك ذكاته. وفي حلية ما عداها إشكال. هذا مع تمامية شروط الصيد، ومع عدم تماميتها حرم الجميع حتى الكبرى إذا كانت في جانب الرأس مع إدراكها حية وذبحها بالوجه الشرعي على الأحوط وجوب. إلا أن يصدق عليها أنها حيوان ناقص، كما لو قطعت الرجل مع بعض المؤخر فإن الباقي يحل بالتذكية.

(مسألة ٣٣): الصيد بالآلة كما يذكي ما يحل أكل لحمه يذكي ما يحرم أكل

١٩٣

لحمه، فينتفع بجلده. نعم لابد أن يكون الحيوان في نفسه قابلاً للتذكية، ويأتي بيان ذلك في الذباحة. أما الصيد بالكلب فهو يذكي ما يحل أكل لحمه، ولا يذكي ما يحرم أكل لحمه.

(مسألة ٣٤): يملك الانسان الحيوان المباح بالاصل بأخذه له، كما إذا قبض على يده أو رجله أو رماه بانشوطة بنحو يحبسه بذلك، وكذا إذا دخل حجرته فأغلق عليه بابه وحبسه. وكذا إذا نصب شبكة أو شركاً أو نحوهما مما يحبس الحيوان بقصد صيده وأخذه، فإنه يملكه إذا وقع فيها وانحبس. وكذا إذا أرسل عليه الكلب ليصيده به فاستولى عليه وحبسه. وأما إذا رماه فقتله أو أقعده فصيّره غير ممتنع - كما إذا كسر جناحه فمنعه من الطيران أو كسر رجله أو جرحه بنحو يمنعه من العدو - ففي تملكه بمجرد ذلك من دون أن يأخذه ويصير في حوزته إشكال، وكذا إذا عقره الكلب من دون أن يحبسه. فيلزم الاحتياط في ذلك في حق الفاعل بعدم ترتيبه أثر الملكية إلا بعد أخذه له، وفي حق غيره بعدم التصرف فيه ولا التملك إلا بإذنه.

(مسألة ٣٥): إذا توحل الحيوان في أرضه أو انحبس الطائر في بيته أو وثبت السمكة في سفينته لم يملك شيئاً من ذلك، إلا أن يصدر منه ما يحقق أخذه له ناوياً ذلك، كما إذا أغلق الباب على الحيوان أو الطائر أو ساق السفينة والسمكة فيه. أما إذا أعد شيئاً من ذلك ليأخذ به الحيوان - كما إذا أجرى الماء في أرضه فأوحلها وفتح المضيق في بيته لينحبس فيهما الحيوان والطائر، أو وضع سفينته في مكان ليثب فيها السمك - فإنه يملكه حينئذٍ بذلك.

(مسألة ٣٦): أخذ الحيوان في المسألة السابقة إنما يوجب تملك الآخذ له إذا كان بنية تملكه له، كما هو الحال في سائر المباحات الاصلية، أما إذا لم يكن بنية التملك فهو لا يوجب الملك، كما إذا أخذه ليعرف مدى قوته، نظير ما إذا أخذ

١٩٤

حجراً ليرمي به ويعرف مدى رميته.

(مسألة ٣٧): إذا أخذ الحيوان في المسألة السابقة بأحد الوجوه المتقدمة ثم أفلت منه، فإن كان ذلك قبل استحكام الحبس، بحيث لا يصدق معه الاخذ للحيوان وحيازته فالحيوان باق على إباحته الاصلية ولم يملكه الاخذ، بخلاف ما إذا كان بعد استحكام الحبس وصدق الاخذ، كما إذا قبض عليه حتى تعب فضعف عن إمساكه وأفلت، وكما إذا أغلق عليه الباب ثم فتحها شخص ففر الحيوان، أو توحل حتى إذا جف الوحل قوي الحيوان على التخلص منه ونحو ذلك. وحينئذٍ يبقى الحيوان في ملك الاخذ، ولا يجوز لغيره صيده أو قتله إلا أن يأذن في ذلك، أو يتحقق منه الاعراض عن الحيوان - ولو بسبب الافلات - الذي تقدم الكلام فيه في آخر كتاب اللقطة.

(مسألة ٣٨): إذا شك في سبق وضع اليد على الحيوان بني على عدمه، أما إذا علم بذلك فإن عرف صاحب اليد عليه وجب تسليمه له، وإن جهل جرى على الحيوان حكم اللقطة المتقدم. نعم إذا ملك الطائر جناحيه فأخذه شخص ولم يعرف صاحبه جاز له تملكه، كما تقدم في آخر الفصل الثاني من كتاب اللقطة.

(مسألة ٣٩): إذا تبع حيواناً فركض الحيوان حتى أعيى ووقف لم يملكه الذي تبعه حتى يأخذه، فإن سبقه غيره وأخذه ملكه الاخذ، دون الذي تبعه.

(مسألة ٤٠): الصيد بالكلب والالة المغصوبين يحرم من حيثية التصرف بالمغصوب، ويترتب عليه التذكية، كالصيد بالمملوك والمباح. كما أنه لو تحقق به الاخذ - الذي سبق أنه سبب الملك - كان المالك هو الغاصب الاخذ لا صاحب الكلب أو الالة المغصوب منه. نعم يستحق المغصوب منه على الغاصب اُجرة العين المغصوبة التي يتحقق بها الصيد والاخذ.

١٩٥

الفصل الثاني

في صيد ما ليس له نفس سائلة

لما كانت ميتة ما ليس له نفس سائلة طاهرة فلا أثر لتذكيته إلا حل أكله. وحيث يختص ما يحل أكله من غير ذي النفس بالسمك والجراد، فالكلام في المقام إنما هو في تذكيتهما من أجل حل أكلهما فعل.

(مسألة ٤١): ذكاة السمك صيده بأخذه والاستيلاء عليه مع خروجه من الماء حياً سواء كان أخذه قبل خروجه من الماء أم كان خروجه من الماء قبل أخذه. فالاول كما إذا ألقى الصائد شبكة فدخلها السمك ثم أخرجه بها أو نصب شبكة أو صنع حظيرة فدخلها السمك ثم نضب الماء عنه وهو حي. والثاني كما إذا نضب الماء عن السمك من دون صيد أو وثب السمك خارج الماء ثم أخذه شخص قبل أن يموت.

(مسألة ٤٢): إذا نضب الماء عن السمك من دون أن يستولي عليه أحد وهو في الماء فاضطرب خارج الماء إلى أن مات لم يحل حتى لو كان عنده من ينظر إليه، إلا أن يأخذه أو يستولي عليه قبل أن يموت. وكذا إذا وثبت السمكة من الماء إلى الشط أو السفينة، فإنها لا تحل إلا أن تؤخذ وهي حية، ولو بأن يسير بالسفينة ناوياً الاستيلاء على السمك الذي وقع فيه. نعم لو جعلت السفينة في مكان من أجل أن يثب فيها السمك كان وثوبه فيها حينئذٍ أخذاً له، نظير دخوله في الحظيرة التي تجعل لصيد السمك.

(مسألة ٤٣): إذا صيد السمك وهو في الماء بالشبكة أو الحظيرة أو نحوهم، ثم نضب عنه الماء أو اُخرج منه، وقد مات بعضه في الماء حرم الميت منه، وحل الباقي. ومع الشك في أن موته كان وهو في الماء أو بعد خروجه منه،

١٩٦

فإن علم زمان خروجه من الماء وشك في زمان موته حل ظاهر، وإلا حرم.

(مسألة ٤٤): إذا اُخرج السمك من الماء حي، ثم اُرجع إليه فمات فيه حرم، فإذا اضطر صاحبه لارجاعه للماء فليكن ذلك بعد موته ولو بأن يقتله هو بضرب أو غيره. أما إذا مات بعد ذلك خارج الماء فهو حلال وإن لم يخرجه بل خرج بنفسه أو نضب الماء عنه، لانه يكفي في تذكية إخراجه في المرة الاُولى.

(مسألة ٤٥): يجوز صيد السمك بإلقاء السم له - المعروف عندنا بالزهر - في الماء. لكن لا يحل السمك به حتى يخرجه الانسان من الماء حي، سواء كان المخرج له هو الذي ألقى السم أم غيره. ولا يكون السمك ملكاً لملقي السم، بل لمن استولى على السمك وأخذه.

(مسألة ٤٦): لا يشترط في حلّ السمك إذا ذكي بإخراجه من الماء حياً أن يموت بنفسه خارج الماء، فلو مات بالتقطيع أو بشق بطنه أو بضربه على رأسه أو غير ذلك حلّ أيض. بل الظاهر جواز أكله حي، كما إذا ابتلع السمك الصغار وهي أحياء.

(مسألة ٤٧): إذا قطعت السمكة قبل أن تذكى، فإن صدق على القطعة أنها سمكة ناقصة، كما لو قطع ذيلها وحده أو مع قسم قليل من أسفل بدنه، حلت بالتذكية بالنحو المتقدم، وإلا لم تحل كالرأس وحده أو مع قليل من البدن، وكأسفل البدن. وفي البدن بتمامه من دون رأس إشكال، والأحوط وجوباً اجتنابه. أما إذا ذكيت تامة ثم قطعت واُرجعت إلى الماء فما لم يمت منها في الماء حلال، وما مات منها في الماء حرام، حتى لو لم يصدق عليه أنه سمكة ناقصة على الأحوط وجوب.

(مسألة ٤٨): إذا ابتلعت السمكة سمكة اُخرى فصيدت بالوجه المتقدم حلت هي والسمكة التي في جوفه.

(مسألة ٤٩): الظاهر أن تذكية السمك بالوجه المتقدم لا تختص بما

١٩٧

يحل أكله، بل تجري فيما يحرم أكله. نعم في جريانها في غير السمك من حيوان الماء إشكال، خصوصاً ما كان منه يعيش في البر أيضاً كالسلحفاة والسرطان والضفدع. بل الظاهر عدم تذكيته بذلك.

(مسألة ٥٠): صيد الجراد وتذكيته بأخذه حي، فإن مات قبل ذلك فهو ميتة حرام الاكل.

(مسألة ٥١): لا يحلّ الدب، وهو الجراد قبل أن يستقل بالطيران.

(مسألة ٥٢): إذا اشتعلت نار أو اُشعلت في موضع فيه جراد فاحترق لم يحل أكله، وكذا إذا أوجبت هيجان الجراد من موضع آخر وسقوطه فيها فاحترق، سواءً كان القصد من أشعالها مجيء الجراد المذكور، أم كان الغرض منه أمراً آخر فصادف مجيء الجراد لها واحتراقه به.

(مسألة ٥٣): يجوز أن يشوى الجراد والسمك بعد صيدهما وتذكيتهما قبل أن يموت، ولا يحرمان بذلك.

(مسألة ٥٤): لا يشترط في تذكية السمك والجراد وصيدهما التسمية.

(مسألة ٥٥): لا يشترط في تذكية السمك والجراد وصيدهما إسلام الآخذ لهم، فيصح صيد الكافر لهما بأقسامه ذمياً كان أو حربي، كتابياً أو غيره.

(مسألة ٥٦): لا بأس بصيد الصبي والمجنون للسمك والجراد إذا تحقق منهما قصد الاخذ والاستيلاء على ما يصيدانه.

(مسألة ٥٧): لا يحكم بتذكية ما يؤخذ من يد الكافر من السمك والجراد إذا شك في تذكيته حتى إذا أخبر بتذكيته ولم يكن متّهماً إذا لم يوجب خبره العلم. نعم إذا أخبر بأخذه له من المسلم صدق في خبره إذا لم يكن متّهم، وحكم بتذكية ما يؤخذ منه لسبق يد المسلم عليه. وهكذا الحال في جميع ما يؤخذ من الكافر مما لا يحل إلا بالتذكية، وقد تقدم في مبحث نجاسة الميتة الفروع المناسبة للمقام. فراجع.

١٩٨

الباب الثاني

في الذبح

ومحل الكلام هو الذبح الموجب للتذكية الذي يترتب عليه طهارة الحيوان وجواز أكله وبيعه وغير ذلك. والكلام فيه يقع في ضمن فصول..

الفصل الأول

فيما يقبل التذكية

(مسألة ٥٨): كل حيوان محلل الاكل قابل للتذكية. فإن كان له نفس سائلة كان قابلاً للتذكية بالذبح، وبعضه يقبل التذكية بالصيد، كما سبق. وإن لم يكن له نفس سائلة - وهو السمك والجراد - فلا يقبل التذكية بالذبح، بل بالصيد لا غير كما تقدم.

(مسألة ٥٩): ما ليس له نفس سائلة إذا كان محرم الاكل فإن كان سمكاً فقد سبق تذكيته بالصيد، وإن لم يكن سمكاً - كالضفدع والوزغ - فهو لا يقبل التذكية لا بالذبح ولا بالصيد. لكن بعد حرمة أكل الحيوان على كل حال، والاحتياط الوجوبي بعدم استصحاب أجزائه في الصلاة إذا كان له لحم، وطهارة ميتته لا يظهر الاثر لعدم تذكيته إلا في وجوب الاحتياط بعدم بيعه.

(مسألة ٦٠): لا تقع التذكية على نجس العين.

(مسألة ٦١): تقع التذكية بالذبح على ما لا يؤكل لحمه من ذي النفس

١٩٩

سواءً كان له جلد يمكن الانتفاع به بلبس وفرش ونحوهما أم ل، وسواءً كان من السباع أم من الطير أم من الحشرات التي تسكن باطن الارض - كالضب وابن عرس - أم من غيرها كالارنب. فيطهر بالذبح لحمها وجلدها ويجوز بيعه.

الفصل الثاني

في الذابح

(مسألة ٦٢): يشترط في الذابح الاسلام، فلا تصح ذبيحة الكافر وإن كان ذمي، حتى إذا علم أنه قد سمى على ذبيحته.

(مسألة ٦٣): تحل ذبيحة المخالف إلا أن يكون محكوماً بالكفر. نعم هي مكروهة.

(مسألة ٦٤): تحل ذبيحة الصبي إذا كان مميزاً يحسن التذكية. نعم لابد من أن يكون معلناً للاسلام، أو يكون محكوماً بأنه مسلم لكون أحد أبويه مسلم. نعم إذا كان معلناً بالكفر فالظاهر عدم حل ذبيحته وإن كان أحد أبويه مسلم.

(مسألة ٦٥): تحل ذبيحة ولد الزنا إذا كان معلناً للاسلام وإن كان صبي. بل الظاهر كفاية كون أحد أبويه مسلماً في الحكم بإسلامه وإن كان صبياً لم يعلن الاسلام، وكذا إذا كان تابعاً لمسلم. على ما تقدم في مطهرية التبعية من كتاب الطهارة.

(مسألة ٦٦): تحلّ ذبيحة المرأة والاعمى والأغلف والخصي والجنب والحائض والفاسق.

(مسألة ٦٧): تحل ذبيحة ناقص العقل إذا كان مميزاً يتأتى منه قصد الذبح المشروع، أما إذا لم يتحقق منه ذلك - كما في المجنون الصّرف - فلا يصح. وكذا الحال في السكران، فإن سكره قد لا يمنع من تمييزه وقصده الذبح الشرعي

٢٠٠

بالوجه الذي يترتب عليه الاثر عند العقلاء، بخلاف النائم، فإن الظاهر عدم العبرة بقصده.

(مسألة ٦٨): لا بأس بتعدد الذابح، بأن يتولى الذبح اثنان - مثلاً - على سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين معاً ويذبحا مع، أو يأخذ كل منهما سكيناً ويقطع أحدهما بعض الاعضاء والآخر الباقي دفعة واحدة. أو يكون ذلك منهما على التعاقب فيقطع أحدهما بعض الاعضاء ثم يقطع الآخر الباقي. ومن ذلك ما إذا ذبح شخص الحيوان وتركه فظهر النقص في ذبحه فأخذه الآخر وأتم ذبحه. ولابد من تسمية الكل.

(مسألة ٦٩): لا بأس بذبيحة المكره وإن لم يكن إكراهه بحق.

(مسألة ٧٠): لا بأس بذبيحة من لا يعتقد بوجوب التسمية أو يعتقد بعدم وجوبها إذا سمى.

(مسألة ٧١): تحل ذبيحة المعتدي والغاصب للحيوان المذبوح أو لالة الذبح وإن كان آثماً في ذبحه. ومثله ما إذا كان الحيوان منذوراً مثلاً لوجه خاص فذبح على وجه آخر. فالشاة التي ينذر صاحبها - مثلاً - أن يضحي بها لو ذبحت في غير وقت الاُضحية عمداً أو جهلاً أو نسياناً تذكى بالذبح ويحل أكله.

الفصل الثالث

في كيفية الذبح

(مسألة ٧٢): لابد في الذبح من قطع الاعضاء الاربعة، وهي مجرى النفس - الذي قد يسمى بالحلقوم - ومجرى الطعام والشراب - الذي قد يسمى بالمريء - والوَدَجَان، وهما عرقان محيطان بهما يجري فيهما الدم، ولا يكفي شق شيء منها من دون قطع.

٢٠١

(مسألة ٧٣): الظاهر أن قطع الاعضاء المذكورة يتوقف على بقاء (الجوزة) في جانب الرأس، فلو بقي منها شيء في الجسد لم يتم الذبح المذكي، لأن الحلقوم والمريء يبدءان منه، فمع بقاء شيء منها في جانب الرأس يكون موضع الذبح قبلهم، ولا يقطعان حينئذٍ.

(مسألة ٧٤): إذا قطع بعض الاعضاء الاربعة من تحت الجوزة على غير الوجه الشرعي - كما إذا استند إلى افتراس سبع أو ضرب لا يقصد به التذكية أو غير ذلك - لم يكف في التذكية قطع الباقي، بل يحرم الحيوان. نعم إذا شق بعض الاعضاء أو كلها من دون قطع وبقي الحيوان حياً أمكن تذكيته بقطعها من محل الشق أو من فوقه أو تحته.

(مسألة ٧٥): إذا أخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة أو من بعضها أمكنه التدارك ما دام الحيوان حياً فإذا ذبحه من تحت الجوزة ذكي وحل لحمه.

(مسألة ٧٦): لا يجب التتابع العرفي في قطع الاعضاء، فلو قطع بعض الاعضاء من الحيوان فأرسله أو أفلت ثم قبض عليه فقطع الباقي وهو حي ذكي الحيوان وحلّ لحمه.

(مسألة ٧٧): لا يجب في الذبح أن يكون في أعلى الرقبة تحت الجوزة مباشرة، بل يجوز أن يكون أسفل من ذلك إذا تحقق قطع الاعضاء الاربعة.

(مسألة ٧٨): لا يصح الذبح من القف، حتى لو قطعت الاعضاء الاربعة بأن يبدأ من القفا وينتهي بالحلقوم. بل الأحوط وجوباً وضع السكين في ظاهر الرقبة والنزول بها إلى الباطن، ولا يقلب السكين ويدخلها وسط الرقبة تحت الاعضاء ويخرجها إلى الظاهر.

(مسألة ٧٩): الأحوط وجوباً عدم قطع رأس الحيوان عند الذبح، لكن لو حصل ذلك غفلة أو خطأ أو لاسراع السكين لم يحرم الحيوان المذبوح، بل ل

٢٠٢

يحرم حتى لو تعمد ذلك، وإن كان الأحوط استحباباً الترك. ويجري جميع ذلك في النخع الذي هو عبارة عن الوصول بالسكين للنخاع فيقطع قبل أن يموت الحيوان من دون أن يقطع الرأس.

(مسألة ٨٠): يشكل الاكتفاء بقطع الاعضاء الاربعة بنحو القرض بمثل (المقص) و(المقراضة) ونحوهما مما يقطع بجمع الالتين المحددتين لا بإمرار آلة واحدة كالسكين. نعم لا بأس به مع الاضطرار. والمعيار فيه خوف موت الحيوان لو تأخر ذبحه إلى حين القدرة على مثل السكين.

(مسألة ٨١): تختص الابل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر، ولا يجوز ذلك في غيره، حتى الخيل على الأحوط وجوب. فإن ذبحت الابل لم تذك ولم تحل، إلا أن تنحر قبل أن تموت، وإن نحر غيرها لم يذك ولم يحل إلا أن يذبح قبل أن يموت.

(مسألة ٨٢): كيفية النحر أن يطعن الحيوان بالالة - من سكين أو حربة أو غيرهما حتى مثل المزرف والمنجل - في اللبة، وهي الموضع المنخفض في أصل العنق عند وسط أعلى الصدر.

(مسألة ٨٣): إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره جاز تذكيته في غير موضع التذكية بالنحو المتيسر، وحل أكل لحمه. سواءً كان ذلك لاستصعابه وشروده أم لصيرورته في مكان لا يسيطر عليه فيه المذكي، كما لو تردَّى في بئر أو سقط عليه البناء أو نحو ذلك. نعم لابد من تحقق شروط التذكية الاُخرى عدا الاستقبال. كما أنه إذا أدرك ذكاته بعد جرحه أو عقره وجبت تذكيته كالصيد.

(مسألة ٨٤): الجنين إذا ماتت اُمه من دون تذكية فإن استخرج منها حياً واُدركت ذكاته وذكي حلَّ، وإلا كان ميتة محرم. وكذا إذا استخرج من اُمه وهي حية بعملية قيصرية أو نحوها فإنه يحل إذا ذكي بالذبح ، ولا يحل بدون ذلك.

٢٠٣

(مسألة ٨٥): الجنين إذا ذكيت اُمه فمات في بطنها قبل أن يستخرج منها كانت ذكاتها ذكاة له فيحل أكله، وكذا إذا لم تلجه الروح في بطنه.

(مسألة ٨٦): الجنين إذا ذكيت اُمه فاستخرج منها حياً لم يحل إلا بالتذكية، فإن مات قبل أن يذكى فهو ميتة حرام، سواءً ضاق الوقت عن تذكيته أم وسعها ولم يذك تسامحاً أو غفلة.

(مسألة ٨٧): تجب المبادرة بالنحو المتعارف إلى سلخ الذبيحة ثم شق بطنها لآخراج الجنين منها وإدراك تذكيته، فلو لم يبادر بالنحو المتعارف واحتمل موت الجنين بسبب ذلك حكم بعدم ذكاة الجنين وبحرمته. نعم لو علم بعدم إدراكه حياً على كل حال لم تجب المبادرة لآخراجه، وحل حينئذٍ.

(مسألة ٨٨): إنما يجوز أكل الجنين إذا كان تام الخلقة وقد نبت شعره، وإلا لم يحل، سواء ذكي بذكاة اُمه أم بذبحه بنفسه.

(مسألة ٨٩): لا فرق في تذكية الجنين بذكاة اُمه بين محلل الاكل ومحرمه.

الفصل الرابع

في شروط الذبح

وهي اُمور..

الأول: القصد للذبح أو النحر، فلا تحصل التذكية بالذبح أو النحر من غير القاصد، كما لو وقع السكين من يده على الاعضاء الاربعة فقطعه، أو قصد بتحريك السكين أمراً غير الذبح فقطعت الاعضاء الاربعة، وعلى ذلك يبتني ما تقدم من عدم صحة الذبح والنحر من غير المميز، كالمجنون والنائم.

الثاني: أن يكون الذبح أو النحر بالحديد فلا يصح بغيره وإن كان من

٢٠٤

الفلزات الصلبة، كالنحاس والذهب والفضة. هذا مع تيسر الحديد، أما مع تعذره فيجوز الذبح بكل ما يفري الاوداج، كالفلزات الاُخرى والزجاج والعظم والخشب وغيره. وكذا الحال في النحر.

(مسألة ٩٠): يكفي في جواز الذبح بغير الحديد تعذر الحديد حين إرادة الذبح، ولا يشترط الاضطرار للذبح للحاجة للحم أو لخوف موت الحيوان.

(مسألة ٩١): يذكر بعض أهل الخبرة أن الستيل حديد مصفى مشتمل على خليط من مواد اُخرى. كما يذكرون أيضاً أن الحديد المتعارف مشتمل على مواد اُخرى. وحينئذٍ إذا كانت نسبة الخليط في الستيل تقارب نسبة الخليط في الحديد المتعارف فلا بأس بالذبح به ولعل ذلك هو الغالب من أنواع الستيل.

(مسألة ٩٢): الذبح بالسن والظفر - عند تعذر الذبح بالحديد - إن كان بإمرار أحدهما على الاعضاء نظير إمرار السكين فالظاهر جوازه، وإن كان بنحو القرض - كما لو قطعت الاعضاء بالعض أو بجمع الظفرين عليها - أشكل جوازه، لما سبق في الفصل الثالث من الاشكال في قطع الاعضاء بنحو القرض. نعم مع الاضطرار لعدم تيسر الذبح إلا بهذا الوجه وخوف موت الحيوان فلا بأس به، كما تقدم.

الثالث: الاستقبال بالذبيحة بأن توجه للقبلة بمقاديمها ومذبحه، فإن ذبحت نائمة وجهت إلى القبلة معترضة، لكن لا تطرح على قفاه، بل تضجع على جانبها الايمن - بأن يكون رأسها إلى يمين المستقبل، كهيئة الميت حال الدفن - أو على جانبها الايسر - بأن يكون رأسها إلى يسار المستقبل - ليكون مذبحها موجهاً للقبلة.

وإن ذبحت جالسة أو قائمة وجهت بصدرها إلى القبلة، كما هو الحال في الابل حال النحر.

٢٠٥

(مسألة ٩٣): يجوز ذبح الحيوان معلقاً من رجليه أو من رأسه. ويكون الاستقبال به بتوجيه صدره وبطنه إلى القبلة.

(مسألة ٩٤): إذا لم يستقبل الذابح أو الناحر بالحيوان القبلة عالماً عامداً لم يذكه الذبح وحرم أكله، وإن كان ناسياً أو جاهلاً بوجوب الاستقبال ذكاه الذبح وحل أكله، وكذا إذا كان مخطئاً في القبلة بأن وجهها لجهة اعتقد أنها القبلة فتبين الخلاف.

(مسألة ٩٥): إذا جهلت القبلة ولم يتيسر معرفتها قريباً سقط اعتبار الاستقبال، وكذا إذا تعذر الاستقبال لاستصعاب الحيوان أو لخوف موته لو صرف الوقت في توجيهه للقبلة.

(مسألة ٩٦): لا يشترط استقبال الذابح، وإن كان أحوط استحباب.

الرابع: التسمية ممن يباشر الذبح أو النحر أو غيرهما مما يقوم مقامهما عند تعذرهما ولا تجزئ التسمية من غير الذابح، وأظهر في عدم الاجزاء التسمية في المسجل أو نحوه مما يحكي الصوت من دون ان ينطق بها إنسان.

(مسألة ٩٧): لابد من مقارنة التسمية عرفاً للذبح أو النحر أو ما يقوم مقامهم، ولا تجزئ التسمية عند الشروع في المقدمات كسحب الحيوان وربطه وإضجاعه.

(مسألة ٩٨): إذا نسي المذكي التسمية حلت ذبيحته، بخلاف ما لو تركها عمداً ولو بسبب الجهل باشتراطه، نظير ما تقدم في الصيد. وتقدمت هناك فروع اُخرى في التسمية تجري هن.

(مسألة ٩٩): يستحب عند الذبح الصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم.

٢٠٦

(مسألة ١٠٠): من نسي التسمية عند الذبح أو النحر استحب له التسمية متى ذكر، يقول: بسم الله على أوله وعلى آخره. وإن لم يفعل تأكد استحباب التسمية حين الاكل من لحم الحيوان المذبوح.

الخامس: حياة الحيوان حين الذبح على النحو المتقدم في إدراك الذكاة في الصيد.

السادس: خروج الدم المعتدل على النحو المتعارف عند ذبح ذلك الحيوان فإن خرج متثاقلاً لم يذك وحرم أكله وإن علم بحياته حين الذبح.

السابع: حركة الذبيحة بعد الذبح ولو يسير، كما لو تحركت رجلها أو عينه.

(مسألة ١٠١): لا يشترط في حل الذبيحة استقرار الحياة، بمعنى أن يعيش مثلها اليوم والايام، بل يكفي في إدراك ذكاتها حياتها حين الذبح، كما سبق في الشرط الخامس. وعلى هذا لو طرأ عليها ما من شأنه أن يقضي عليها - من جرح أو عقر أو كسر أو غير ذلك - وذبحت بالشروط المتقدمة ذكيت وحلت، بل لو شقت بطنها وخرجت حشوتها ثم ذبحت حلت. وكذا إذا حصل ذلك مقارناً للذبح. نعم لو قطع رأسها وانفصل من فوق المذبح، ففي حل جسدها بقطع الاعضاء الاربعة بالشروط المتقدمة إشكال، والاظهر العدم. وأما الرأس فلا إشكال في عدم حله بذلك. وكذا سائر الاعضاء المنفصلة قبل الذبح - كالرجل والإلية - فإنها لا تذكى ولا تحل بذبح الحيوان إذا كان بعد فصلها منه.

(مسألة ١٠٢): إذا تم ذبح الحيوان بشروطه المتقدمة ثم حصل له قبل موته ما يوجب الموت - كما لو وقع في ماء أو نار أو سقط إلى الارض من شاهق أو نحو ذلك - لم يمنع ذلك من تذكيته بالذبح وحل أكله، بخلاف الصيد فإنه لا يحكم بتذكية الحيوان به إلا أن يعلم استناد موت الحيوان إليه، كما تقدم. نعم يكره هنا أكل الحيوان، بل الأحوط استحباباً تركه.

٢٠٧

(مسألة ١٠٣): إذا قطع من الحيوان شيء بعد ذبحه قبل موته لم يحرم. وإن كان الاولى ترك ذلك، لاحتمال كونه سبباً لايذائه. بل قيل بكراهة قطع شيء منه قبل أن يبرد.

(مسألة ١٠٤): سلخ الذبيحة بعد إكمال ذبحها وقبل موتها لا يوجب حرمته. نعم هو مكروه، بل قيل بكراهة سلخها قبل أن تبرد.

(مسألة ١٠٥): قد ذكر للذبح والنحر آداب، فيستحب في ذبح الغنم ربط يدي الحيوان ورجل واحدة، ثم يمسك صوفه أو شعره بعد ذبحه حتى يبرد. وفي ذبح البقر ربط اليدين والرجلين وإطلاق الذنب، وفي الابل أن تنحر قائمة مع ربط يد واحدة، والاولى أن تكون اليسرى، فإن نحرت باركة ربطت يداها ما بين الخف إلى الركبة. ويستحب إرسال الطير بعد الذبح.

(مسألة ١٠٦): يستحب أن يساق الحيوان للذبح برفق، ويعرض عليه الماء قبل الذبح. وأن تحدّ السكين ويسرع في الذبح ليكون أسهل. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن الله تعالى شأنه كتب عليكم الاحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته».

(مسألة ١٠٧): تكره الذباحة ليل، وكذا في نهار الجمعة إلى الزوال. وأن يذبح الانسان بيده ما ربّاه من النعم. وأن تذبح الشاة عند الشاة والجزور عند الجزور، بل الاولى العموم، فلا يذبح الحيوان عند حيوان ينظر إليه وإن لم يكن من جنسه. كما يكره أن يري الحيوان السكين عند إرادة ذبحه.

(مسألة ١٠٨): إذا شك في التذكية حكم شرعاً بعدمها إلا بحجة شرعية. وقد تقدم في مبحث نجاسة الميتة أن يد المسلم حجة على التذكية، وتقدم جملة من الفروع المتعلقة بذلك فلا نطيل بإعادته.

والحمد لله رب العالمين

٢٠٨

كتاب الأطعمة والأشربة

وفيه فصول:

الفصل الأول

في حيوان البحر

(مسألة ١): لا يحل من حيوان البحر إلا ما له قشر. والمراد بالقشر الصدف الذي يكسو الحيوان ويمكن أن ينفصل عنه، كفلس السمك، وقشر الاربيان الذي يعرف في عصورنا بالروبيان وغيرهم. أما الصدف اللازم للحيوان الملتصق به - كصدف السلحفاة والسرطان والمحار - فلا يكفي في تحليله.

(مسألة ٢): إذا شك في أن للحيوان قشر أو لا حرم أكله. نعم بعض السمك الذي له قشر كثيراً ما يحتك ببعض الاشياء فيسقط قشره، ولذا يبقى عليه شيء من القشر في بعض المواضع التي لا يصلها الحك ويراها الفاحص بالتأمل. وقد تضمنت ذلك الاخبار في سمك أطلقت عليه اسم الكنعت. وأكده في زماننا بعض المستفتين. وعن بعضهم تأكيد ذلك في نوعين من السمك يطلق عليهما (الصافي) و(المزلق). وعلى كل حال فما كان من هذا النوع من السمك حلال. وينبغي التأكد منه.

(مسألة ٣): إذا أخبر من عنده السمك بأن لذلك السمك قشر، أو أنه من النوع الذي له قشر أخذ بقوله إذا لم يكن متهم.

٢٠٩

(مسألة ٤): لا يجوز بيع السمك المحرم الاكل على من يستحله أو على من يبيعه ممن يستحله، إلا أن يكون له منفعة محللة معتد بها غير الاكل، وقد سبقت بعض الفروع المناسبة بذلك في مبحث المكاسب المحرمة.

(مسألة ٥): إذا ابتلعت الحية سمكة ثم ألقتها وقد تسلخت فلوسها فالأحوط وجوباً عدم أكله. أما إذا لم تتسلخ فلوسها فيحل أكلها إذا كانت ذكية، أو ذكيت بعد ذلك بأن اُخذت وهي حية.

(مسألة ٦): بيض السمك تابع للسمك الذي يكون فيه، فإن كان محرماً حرم بيضه، وإن كان حلالاً حل بيضه. وإذا اشتبه حال البيض، وشك في أنه من السمك الحلال أو الحرام حرم أكله.

الفصل الثاني

في حيوان البر

(مسألة ٧): يحرم أكل لحم الانسان.

(مسألة ٨): يحرم من حيوان البر كل ذي ناب، وكل سبع وإن لم يكن له ناب. والمراد بالسبع ما يفترس الحيوان، ويأكل اللحم قوياً كان كالاسد والنمر والذئب، أو ضعيفاً كالضبع والثعلب والسنور.

(مسألة ٩): يحرم من الحيوان المسوخ. وقد ورد في الكتاب المجيد والاخبار الكثيرة أن الله تعالى مسخ جماعات من الناس قد عتوا وتمّردوا على صور بعض الحيوانات. كما ورد أن المسوخ قد هلكت ولم تتناسل، وأن التحريم إنما هو لما مثلت به من الحيوان. وقد عدّ منها من حيوان البر غير السباع: الخنزير والقرد والفيل والدب والارنب والضب والفأرة والعقرب والوزغ.

٢١٠

(مسألة ١٠): يحرم أكل الحشرات كالخنافس والديدان والنمل والقمل وغيره.

(مسألة ١١): يحرم كلما يسكن باطن الارض من صغار الحيوانات كالقنفذ وابن عرس والجرذ واليربوع والحية وغيره.

(مسألة ١٢): يحل لحم النعم الثلاثة: الابل - العراب وهي ذات السنام الواحد، والبخاتي وهي ذات السنامين - والبقر - ومنه الجاموس - والغنم الضأن والمعز.

(مسألة ١٣): يحل لحم الخيل والبغال والحمير، على كراهة في الجميع وتشتد في الاخيرين.

(مسألة ١٤): يحل من الحيوان الوحشي البقر والكباش الجبلية والحمركحمار الزرد - والظباء واليحامير - التي هي نوع من الايل - بل جميع أنواع الايل، والوعل، وما يسانخ ذلك عرف. وفي اختصاص الحل بذلك إشكال.

الفصل الثالث

في الطير

(مسألة ١٥): يحرم السبع من الطير، وهو ما يفترس، ويأكل اللحم، كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق والنسر والحدأة وغيره. وليس منه طير الماء الذي يأكل السمك.

(مسألة ١٦): يحرم من الطير ما يغلب في طيرانه الصفيف، ويحل منه ما يغلب في طيرانه الدفيف والخفوق.

(مسألة ١٧): إذا لم يعلم كيفية طيران الطير أو شاع في طيرانه الصفيف

٢١١

والدفيف مع، فإن لم يكن له حوصلة ولا قانصة ولا صيصية فهو محرم الاكل. والظاهر أن الحوصلة مجمع الحب للطائر الذي يكون في آخر العنق، والقانصة هي العضلة الصلبة التي يهضم بها الطعام، فبعض الطيور له قانصة، وبعضها له معدة كمعدة الانسان وكثير من الحيوانات. أما الصيصية فهي الشوكة التي خلف ساق الطائر خارجة عن الكف.

(مسألة ١٨): اللقلق وإن قيل أن له حوصلة وقانصة وصيصية، إلا أن الظاهر حرمته، لأن الغالب في طيرانه الصفيف.

(مسألة ١٩): يحرم من الطير الخفاش - ومنه الوطواط - والطاووس، والغراب بجميع أنواعه.

(مسألة ٢٠): يحرم من الطير ما كان من سنخ الحشرات كالزنبور والنحل والذباب ونحوه، ولا يحل من هذا السنخ إلا الجراد.

الفصل الرابع

فيما يحرم بالعرض

وهو اُمور..

الأول: الجلال، وهو الذي يتغذى على عذرة الانسان لا يختلط معها غيره. أما إذا كان يختلط معها غيرها فليس هو من الجلال المحرم، إلا أن يكون ذلك نادراً لا يعتد به عرفاً بحيث لا يمنع من صدق أن غذاءه العذرة، فيحرم. كما لابد في صدق الجلال من تغذيه بالعذرة مدة معتداً بها عرف، بحيث يصدق عرفاً أن غذاءه العذرة. ولا يفرق في ذلك بين أنواع الحيوان حتى السمك.

(مسألة ٢١): يرتفع الجلل والتحريم عن الحيوان باستبرائه ومنعه عن

٢١٢

العذرة مدة معتداً به. وقد تقدم في العاشر من المطهرات من مباحث الطهارة من الخبث تحديد مدة الاستبراء، فلا نطيل بإعادته. نعم لم يتقدم منا التعرض لاستبراء السمك. والظاهر أنه يكفي فيه منعه من العذرة وتغذيته بغيرها يوماً وليلة.

(مسألة ٢٢): الأحوط وجوباً حرمة نسل الجلال المتكون منه قبل الاستبراء وعدم حله بالاستبراء.

الثاني: الجدي الذي يرتضع من لبن خنزيرة مدة معتد به. والأحوط وجوباً عموم التحريم لغير الجدي من الحيوانات التي ترتضع من لبن الخنزيرة. كما أن الأحوط وجوباً العموم لشرب اللبن من غير ارتضاع.

(مسألة ٢٣): لا يلحق بالخنزيرة غيرها من الحيوانات النجسة كالكلبة والكافرة التي قيل بنجاسته.

(مسألة ٢٤): يستبرأ الحيوان المذكور بحبسه عن الخنزيرة، وإرضاعه من حيوان من سنخه سبعة أيام. وإن كان استغنى عن الرضاع واللبن يعلف علفاً طاهراً سبعة أيام أيض.

(مسألة ٢٥): كما يحرم الحيوان المذكور يحرم نسله المتكون من منيه قبل أن يستبر، ولا يحل النسل حينئذٍ بالاستبراء. وأما إذا كان المرتضع اُنثى ففي حرمة حملها الذي تعلق به قبل الاستبراء إشكال. وإن كان أحوط وجوب.

الثالث: البهيمة التي يطؤها الرجل، قبلاً أو دبراً والأحوط وجوباً العموم في الواطئ لكل ذكر وإن كان صبي، وفي الموطوء لكل حيوان ذكراً كان أو اُنثى مأكولاً أو غيره حتى الطير. بل العموم لنسل الموطوء، فيحرم أيض.

(مسألة ٢٦): إذا كان الحيوان ميتاً مذكى حلال اللحم لم يحرم بالوطء، ولا تجري عليه الاحكام الاُخرى للموطوء. كما لاتجري الاحكام المذكورة إذا كان الميت حرام اللحم أو غير مذكى.

٢١٣

(مسألة ٢٧): ما يحرم لكونه موطوءاً أو نسلاً لموطوء ليس له استبراء يحلله.

(مسألة ٢٨): إذا كان الموطوء مما يطلب لحمه ذبح، فإن مات اُحرق. وإذا كان الواطئ غير المالك اُغرم قيمته للمالك.

(مسألة ٢٩): إذا كان الحيوان الموطوء مما يطلب ظهره للركوب ولا يطلب لحمه - كالحمار - اُخرج إلى مدينة اُخرى لا يعرف فيها الواطئ، فيباع هناك. وحينئذٍ إن كان الواطئ غير المالك اُغرم قيمته للمالك في المدينة التي وطئ فيه، وتحمل هو نفقة إخراجه وأخذ هو ثمنه بعد بيعه في المدينة الاُخرى. وإن كان الواطئ هو المالك تحمل هو نفقة الآخراج وكان له الثمن بعد البيع. والأحوط وجوباً جريان ذلك فيما يحرم أكل لحمه ولا يطلب ظهره للركوب.

(مسألة ٣٠): إذا اشتبه الموطوء بغيره فيمايؤكل لحمه ويطلب اُخرج بالقرعة.

(مسألة ٣١): إذا شرب الحيوان الذي هو حلال اللحم خمراً لم يحرم لحمه، بل يؤكل بعد أن يغسل على الأحوط استحباب. نعم إذا سكر فذبح حال سكره فالأحوط وجوباً عدم أكل ما في بطنه من القلب والكبد والكرش وغيره. أما لو شرب بولاً أو غيره من المائعات أو أكل نجساً فذبح فإنه يؤكل ما في بطنه بعد غسله وتطهيره من النجاسة مع بقاء عينها وعدم تحلله.

الرابع: الميتة، فإن الحيوان المحلل الاكل إنما يحل بالتذكية، أما إذا صار ميتة - بأن مات من دون تذكيته - فإنه يحرم مطلقاً وينجس إذا كان له نفس سائلة.

(مسألة ٣٢): بحكم الميتة ما يقطع من الحيوان الحي، على تفصيل تقدم في مبحث نجاسة الميتة من مباحث الطهارة من الخبث.

(مسألة ٣٣): يستثنى من نجاسة الميتة ما لا تحله الحياة منه، فهو طاهر وحلال إذا كان مما يؤكل أو يشرب كالبيضة والانفحة واللبن، على ما تقدم تفصيل الكلام في مبحث نجاسة الميتة.

٢١٤

الفصل الخامس

في الجامد

(مسألة ٣٤): البيض والانفحة تابعان للحيوان الذي يتكونان فيه، فما كان من الحيوان المحرم الاكل حرام، وما كان من الحيوان المحلل الاكل حلال.

(مسألة ٣٥): إذا اشتبه البيض بين ما يحل أكله وما يحرم أكله أكل ما اختلف طرفاه وترك ما تساوى طرفاه. هذا إذا كان المحتمل هو الحرمة بالاصل. أما إذا كان المحتمل الحرمة بالعرض - كالجلل - فمع الشك في حال البيض والانفحة يحكم بحليته إلا مع العلم الاجمالي بوجود الحرام فيه فيجتنب الكل. أما الانفحة فإنها مع الاشتباه محكومة بالحل،إلا مع العلم الاجمالي بوجود الحرام فيحرم الكل.

(مسألة ٣٦): يحرم من الذبيحة التي يحل أكلها الفرث والدم والقضيب والاُنثيان والغدد والطحال. والأحوط وجوباً اجتناب الرحم والحياء - وهو فرج الاُنثى - والعلباء - وهي العصبتان خلف الرقبة - والنخاع - وهو المخ الابيض المستطيل في فقار الظهر - والمثانة والمرارة. والأحوط استحباباً اجتناب الحدق والخرز التي في الدماغ. ويكره الكليتان واُذنا القلب.

(مسألة ٣٧): لا فرق في تحريم الاُمور المذكورة بين الحيوان الصغير والكبير. نعم لابد من أن يكون لها فيه وجود عرفي متميز ملتفت إليه، فلو كانت خفية مغفولاً عنها لصغرها لم تحرم، كما في جملة من هذه الاُمور في الحيوانات الصغيرة، وكالغدد الدقيقة في الحيوان الكبير.

(مسألة ٣٨): لا تحرم هذه الاُمور في السمك ونحوه مما لا يذكى بالذبح.

٢١٥

نعم في جواز أكل أو شرب دم السمك إذا كان له وجود معتد به عرفاً إشكال. والأحوط وجوباً تركه. بل يحرم إذا كان مما لا يؤكل لحمه.

(مسألة ٣٩): يعفى عن الدم القليل المتخلف في العروق الدقيقة ونحوه مما يكون عرفاً تابعاً للحم ومن شؤونه من دون أن يكون له وجود عرفي متميز.

(مسألة ٤٠): تحرم الاعيان النجسة كالعذرة، وكذا المتنجسة إذا لم تطهر.

(مسألة ٤١): يحرم أكل الطين. والأحوط وجوباً إلحاق التراب والرمل ونحوهما مما هو من سنخ الارض به. أما بقية المعادن فلا تحرم، إلا أن تكون سبباً في ضرر يحرم إيقاعه بالنفس.

(مسألة ٤٢): يستثنى من حرمة أكل الطين طين قبر الحسين (عليه السلام) ، فإنه يجوز أكله بنية الاستشفاء. ويقتصر على القليل منه بما لا يزيد على مقدار الحمصة. وفي إلحاق طين قبور بقية المعصومين (عليهم السلام) بها إشكال، والاظهر العدم.

(مسألة ٤٣): يجوز الاستشفاء بالطين المأخوذ من مسافة ميل من قبر الحسين (عليه السلام) من جميع الجوانب. ويجوز أكله لذلك. وأفضله ما يؤخذ من مربع سعته سبعون باعاً في سبعين باعاً يتوسطه القبر الشريف. يقارب مربعاً سعته مائة وعشرون متراً في مائة وعشرين متر. وأفضل ذلك ما يؤخذ من عند الرأس الشريف وإن صار متعذراً في زمانن.

هذ، وقد ورد في بعض الاخبار أنه يستشفى بما بينه وبين القبر الشريف أربعة أميال، وحيث لم تتم عندنا حجية الخبر المذكور فلا مجال للاستشفاء بذلك بأكله. نعم لا بأس بالاستشفاء به برجاء الشفاء بوجه غير الاكل ولو بوضعه في ماء حتى يستهلك ثم يشرب الماء.

(مسألة ٤٤): الأحوط وجوباً الاجتناب عن المستقذرات من إفرازات الانسان والحيوان المحلل فضلاً عن المحرم وإن لم تكن نجسة.

(مسألة ٤٥): الظاهر جواز أكل المواد المحروقة، كالخبز واللحم وغيرهم.

٢١٦

الفصل السادس

في المائع

(مسألة ٤٦): يحرم الخمر وكل مسكر، وإن كان جامد. وتختص النجاسة بالمائع بالاصل، نعم يطهر ويحل إذا انقلب خل، وقد تقدم تفصيل ذلك في مباحث الطهارة من الخبث.

(مسألة ٤٧): يحرم الفقاع وهو نجس، كما تقدم.

(مسألة ٤٨): يحرم كل مائع نجس أو متنجس. وقد تقدم تحديد كل منهما في مباحث الطهارة من الخبث.

(مسألة ٤٩): يحرم العصير العنبي إذا غلا بالنار حتى يذهب ثلثاه، وهو الأحوط وجوباً في العصير الزبيبي، والأحوط استحباباً في العصير التمري وقد تقدمت بعض الفروع المتعلقة بذلك عند الكلام في نجاسة الخمر.

(مسألة ٥٠): لا يحرم شيء من أنواع العصير الباقية، ولا شيء من المربيات إذا لم تكن مسكرة وإن شم منها رائحة المسكر.

(مسألة ٥١): اللبن تابع للحيوان الذي يتكون فيه، فيحرم ما كان من حيوان يحرم أكله، ويحل ما كان من حيوان يحل أكله. نعم لبن الانسان حلال.

(مسألة ٥٢): الأحوط وجوباً اجتناب الابوال الطاهرة. نعم يجوز استعمالها للتداوي وإن لم يبلغ مرتبة الضرورة.

(مسألة ٥٣): الظاهر حلية الريق من الحيوان المأكول اللحم. أما من الحيوان غير المأكول اللحم فالأحوط وجوباً اجتنابه إذا كان له وجود معتد به غير مستهلك. نعم يحل ريق الانسان.

٢١٧

الفصل السابع

في بعض الاحكام العامّة

(مسألة ٥٤): يحرم أكل وشرب ما يكون مضراً ضرراً يبلغ حد الخطر والخوف على الحياة، أو على عرض الانسان بحيث يلزم هتكه ووهنه. بل الأحوط وجوباً اجتناب ما يخشى معه من تعطيل إحدى القوى التي أنعم الله تعالى بها على الانسان، إلا لدفع ضرر مساو أو أهم.

(مسألة ٥٥): العادات الضارة - كالتدخين والافيون - لا تحرم إلا أن يبلغ احتمال الضرر حداً يصدق معه الخوف من الضرر المحرم بسبب استعمال الشيء، ولا تحرم بدون ذلك، كما إذا كانت من سنخ المعد والمهيّئ للضرر بحيث لا يترتب عليه الضرر إلا بضميمة اُمور غير معلومة الحصول كطول العمر وحدوث بعض المضاعفات في البدن وغير ذلك. نعم إذا كان من شأن تلك العادة الاستحكام بنحو لا يتخلى صاحبها عنها عادة وكان من شأنها أن تجر للمهالك أو الفضائح فالظاهر حرمة الاقدام عليه. كما لا يحسن بالانسان العاقل أن يخضع نفسه لعادة تسيطر عليه وتستعبده وإن لم تكن ضارة بنفسه.

(مسألة ٥٦): إذا انحصر الدواء بأكل ما هو حرام حل بمقدار الحاجة وإن لم يضطر للتداوي من المرض لعدم كونه مهلك. إلا في المسكر ولحم الخنزير وشحمه وغيرهما من أجزائه، فإنه لا يجوز التداوي بها حينئذٍ. نعم مع توقف الحياة عليه فالظاهر جوازه. ويلزم حينئذٍ التأكد من ذلك.

(مسألة ٥٧): الأحوط وجوباً عدم الاكتحال بالمسكر، إلا مع الاضطرار، لتوقف شفاء العين عليه.

٢١٨

(مسألة ٥٨): يجوز للمضطر بل يجب تناول المحرم بقدر ما يمسك رمقه. ويستثنى من ذلك الباغي والعادي فلا يجوز لهما تناول المحرم وإن لزم التلف. نعم لو تابا وعزما على عدم العود لما هما فيه حل لهما بل وجب عليهما تناول ما يسد الرمق.

(مسألة ٥٩): الباغي هو الخارج على الامام الحق، والذي يخرج للصيد بطراً ولهو، لا لأجل الاكل أو التجارة. والعادي هو قاطع الطريق والذي يخرج لأجل السرقة ممن يحرم السرقة منه. وفي شموله لبقية وجوه العدوان على الغير بوجه محرم - كالذي يخرج لقتل محترم الدم أو هتك عرض محترم العرض - إشكال.

(مسألة ٦٠): إنما يحرم سد الرمق على الباغي والعادي إذا كان البغي والعدوان هما منشأ الاضطرار للحرام، أما إذا كان منشأ الاضطرار عاماً حتى في حال عدم البغي والعدوان فالظاهر عدم حرمة سد الرمق على الباغي والعادي، كما في وقت المجاعة العامة.

(مسألة ٦١): يحرم الاكل والشرب وكل تصرف في مال من هو محترم المال إلا بإذنه أو بإحراز رضاه بالتصرف المذكور. ويستثنى من ذلك من تضمَّنته الآية (٦١) من سورة النور، وهم الاباء والاُمهات والاخوة والاخوات والاعمام والعمَّات والاخوال والخالات ومن يتوكل عن المالك على بيته فيدفع إليه مفتاحه والصديق. ويلحق بهم الزوجة والولد. فيجوز الاكل من بيوتهم مع عدم إحراز الرض. نعم يشكل الاكل مع الظن بعدم الرض، فضلاً عن العلم. وكذا مع عدم إحراز رضا صاحب البيت بالدخول فيه.

(مسألة ٦٢): يقتصر في الاكل على الطعام - كالخبز - والادام - كاللحم المطبوخ - والتمر، دون غير ذلك كالحلوى والمربيات ونحوها مما يؤكل بنفسه من دون أن يكون إدام، فإنه لا يجوز أكلها إلا مع العلم برضا صاحبه.

٢١٩

(مسألة ٦٣): يستثنى من عدم جواز الاكل من مال الغير أكل الانسان من ثمرة النخل والشجر والزرع التي يمر به. على ما تقدم في آخر الكلام في بيع الثمار والزرع والخضر من كتاب البيع.

(مسألة ٦٤): يحرم أكل الانسان من طعام لم يدع إليه، وفي الحديث: «من أكل طعاماً لم يدع إليه فإنما أكل قطعة من النار»، كما أن من دعي إلى طعام حرم عليه أن يأخذ ولده معه. نعم يحل الامران مع العلم برضا صاحب الطعام أوقيامه بما يكون قرينة عرفاً على رضاه بذلك.

(مسألة ٦٥): يحرم الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، كما يحرم الاكل منه. نعم يختص ذلك بحال شرب الخمر ولا يعم ما قبل ذلك وإن تهيأ صاحبها لأن يسقي الخمر عليه، كما لا يعم الطعام المجعول عليها بعد شرب الخمر. هذا كله مع قطع النظر عن النهي عن المنكر، أما إذا لزم من الجلوس عليها التشجيع على المنكر أو كان في القيام منها نهياً عنه حرم الجلوس مطلق، بل قد يحرم حينئذٍ الدخول للدار أو مواصلة صاحبه، أو غير ذلك حسب اختلاف المقامات.

الفصل الثامن

في آداب المائدة

واللازم - قبل النظر فيها - الاهتمام بطيب المكسب وحل الطعام وتجنب الحرام، ففي الحديث أن من أدخله بطنه النار فبعداً له. مضافاً إلى ما في ذلك من سوء الاثر في النفس وفي السلوك. بل عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «كسب الحرام يبين في الذرية».

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333