منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

منهاج الصالحين - المعاملات11%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 76858 / تحميل: 5332
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بالوجه الذي يترتب عليه الاثر عند العقلاء، بخلاف النائم، فإن الظاهر عدم العبرة بقصده.

(مسألة ٦٨): لا بأس بتعدد الذابح، بأن يتولى الذبح اثنان - مثلاً - على سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين معاً ويذبحا مع، أو يأخذ كل منهما سكيناً ويقطع أحدهما بعض الاعضاء والآخر الباقي دفعة واحدة. أو يكون ذلك منهما على التعاقب فيقطع أحدهما بعض الاعضاء ثم يقطع الآخر الباقي. ومن ذلك ما إذا ذبح شخص الحيوان وتركه فظهر النقص في ذبحه فأخذه الآخر وأتم ذبحه. ولابد من تسمية الكل.

(مسألة ٦٩): لا بأس بذبيحة المكره وإن لم يكن إكراهه بحق.

(مسألة ٧٠): لا بأس بذبيحة من لا يعتقد بوجوب التسمية أو يعتقد بعدم وجوبها إذا سمى.

(مسألة ٧١): تحل ذبيحة المعتدي والغاصب للحيوان المذبوح أو لالة الذبح وإن كان آثماً في ذبحه. ومثله ما إذا كان الحيوان منذوراً مثلاً لوجه خاص فذبح على وجه آخر. فالشاة التي ينذر صاحبها - مثلاً - أن يضحي بها لو ذبحت في غير وقت الاُضحية عمداً أو جهلاً أو نسياناً تذكى بالذبح ويحل أكله.

الفصل الثالث

في كيفية الذبح

(مسألة ٧٢): لابد في الذبح من قطع الاعضاء الاربعة، وهي مجرى النفس - الذي قد يسمى بالحلقوم - ومجرى الطعام والشراب - الذي قد يسمى بالمريء - والوَدَجَان، وهما عرقان محيطان بهما يجري فيهما الدم، ولا يكفي شق شيء منها من دون قطع.

٢٠١

(مسألة ٧٣): الظاهر أن قطع الاعضاء المذكورة يتوقف على بقاء (الجوزة) في جانب الرأس، فلو بقي منها شيء في الجسد لم يتم الذبح المذكي، لأن الحلقوم والمريء يبدءان منه، فمع بقاء شيء منها في جانب الرأس يكون موضع الذبح قبلهم، ولا يقطعان حينئذٍ.

(مسألة ٧٤): إذا قطع بعض الاعضاء الاربعة من تحت الجوزة على غير الوجه الشرعي - كما إذا استند إلى افتراس سبع أو ضرب لا يقصد به التذكية أو غير ذلك - لم يكف في التذكية قطع الباقي، بل يحرم الحيوان. نعم إذا شق بعض الاعضاء أو كلها من دون قطع وبقي الحيوان حياً أمكن تذكيته بقطعها من محل الشق أو من فوقه أو تحته.

(مسألة ٧٥): إذا أخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة أو من بعضها أمكنه التدارك ما دام الحيوان حياً فإذا ذبحه من تحت الجوزة ذكي وحل لحمه.

(مسألة ٧٦): لا يجب التتابع العرفي في قطع الاعضاء، فلو قطع بعض الاعضاء من الحيوان فأرسله أو أفلت ثم قبض عليه فقطع الباقي وهو حي ذكي الحيوان وحلّ لحمه.

(مسألة ٧٧): لا يجب في الذبح أن يكون في أعلى الرقبة تحت الجوزة مباشرة، بل يجوز أن يكون أسفل من ذلك إذا تحقق قطع الاعضاء الاربعة.

(مسألة ٧٨): لا يصح الذبح من القف، حتى لو قطعت الاعضاء الاربعة بأن يبدأ من القفا وينتهي بالحلقوم. بل الأحوط وجوباً وضع السكين في ظاهر الرقبة والنزول بها إلى الباطن، ولا يقلب السكين ويدخلها وسط الرقبة تحت الاعضاء ويخرجها إلى الظاهر.

(مسألة ٧٩): الأحوط وجوباً عدم قطع رأس الحيوان عند الذبح، لكن لو حصل ذلك غفلة أو خطأ أو لاسراع السكين لم يحرم الحيوان المذبوح، بل ل

٢٠٢

يحرم حتى لو تعمد ذلك، وإن كان الأحوط استحباباً الترك. ويجري جميع ذلك في النخع الذي هو عبارة عن الوصول بالسكين للنخاع فيقطع قبل أن يموت الحيوان من دون أن يقطع الرأس.

(مسألة ٨٠): يشكل الاكتفاء بقطع الاعضاء الاربعة بنحو القرض بمثل (المقص) و(المقراضة) ونحوهما مما يقطع بجمع الالتين المحددتين لا بإمرار آلة واحدة كالسكين. نعم لا بأس به مع الاضطرار. والمعيار فيه خوف موت الحيوان لو تأخر ذبحه إلى حين القدرة على مثل السكين.

(مسألة ٨١): تختص الابل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر، ولا يجوز ذلك في غيره، حتى الخيل على الأحوط وجوب. فإن ذبحت الابل لم تذك ولم تحل، إلا أن تنحر قبل أن تموت، وإن نحر غيرها لم يذك ولم يحل إلا أن يذبح قبل أن يموت.

(مسألة ٨٢): كيفية النحر أن يطعن الحيوان بالالة - من سكين أو حربة أو غيرهما حتى مثل المزرف والمنجل - في اللبة، وهي الموضع المنخفض في أصل العنق عند وسط أعلى الصدر.

(مسألة ٨٣): إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره جاز تذكيته في غير موضع التذكية بالنحو المتيسر، وحل أكل لحمه. سواءً كان ذلك لاستصعابه وشروده أم لصيرورته في مكان لا يسيطر عليه فيه المذكي، كما لو تردَّى في بئر أو سقط عليه البناء أو نحو ذلك. نعم لابد من تحقق شروط التذكية الاُخرى عدا الاستقبال. كما أنه إذا أدرك ذكاته بعد جرحه أو عقره وجبت تذكيته كالصيد.

(مسألة ٨٤): الجنين إذا ماتت اُمه من دون تذكية فإن استخرج منها حياً واُدركت ذكاته وذكي حلَّ، وإلا كان ميتة محرم. وكذا إذا استخرج من اُمه وهي حية بعملية قيصرية أو نحوها فإنه يحل إذا ذكي بالذبح ، ولا يحل بدون ذلك.

٢٠٣

(مسألة ٨٥): الجنين إذا ذكيت اُمه فمات في بطنها قبل أن يستخرج منها كانت ذكاتها ذكاة له فيحل أكله، وكذا إذا لم تلجه الروح في بطنه.

(مسألة ٨٦): الجنين إذا ذكيت اُمه فاستخرج منها حياً لم يحل إلا بالتذكية، فإن مات قبل أن يذكى فهو ميتة حرام، سواءً ضاق الوقت عن تذكيته أم وسعها ولم يذك تسامحاً أو غفلة.

(مسألة ٨٧): تجب المبادرة بالنحو المتعارف إلى سلخ الذبيحة ثم شق بطنها لآخراج الجنين منها وإدراك تذكيته، فلو لم يبادر بالنحو المتعارف واحتمل موت الجنين بسبب ذلك حكم بعدم ذكاة الجنين وبحرمته. نعم لو علم بعدم إدراكه حياً على كل حال لم تجب المبادرة لآخراجه، وحل حينئذٍ.

(مسألة ٨٨): إنما يجوز أكل الجنين إذا كان تام الخلقة وقد نبت شعره، وإلا لم يحل، سواء ذكي بذكاة اُمه أم بذبحه بنفسه.

(مسألة ٨٩): لا فرق في تذكية الجنين بذكاة اُمه بين محلل الاكل ومحرمه.

الفصل الرابع

في شروط الذبح

وهي اُمور..

الأول: القصد للذبح أو النحر، فلا تحصل التذكية بالذبح أو النحر من غير القاصد، كما لو وقع السكين من يده على الاعضاء الاربعة فقطعه، أو قصد بتحريك السكين أمراً غير الذبح فقطعت الاعضاء الاربعة، وعلى ذلك يبتني ما تقدم من عدم صحة الذبح والنحر من غير المميز، كالمجنون والنائم.

الثاني: أن يكون الذبح أو النحر بالحديد فلا يصح بغيره وإن كان من

٢٠٤

الفلزات الصلبة، كالنحاس والذهب والفضة. هذا مع تيسر الحديد، أما مع تعذره فيجوز الذبح بكل ما يفري الاوداج، كالفلزات الاُخرى والزجاج والعظم والخشب وغيره. وكذا الحال في النحر.

(مسألة ٩٠): يكفي في جواز الذبح بغير الحديد تعذر الحديد حين إرادة الذبح، ولا يشترط الاضطرار للذبح للحاجة للحم أو لخوف موت الحيوان.

(مسألة ٩١): يذكر بعض أهل الخبرة أن الستيل حديد مصفى مشتمل على خليط من مواد اُخرى. كما يذكرون أيضاً أن الحديد المتعارف مشتمل على مواد اُخرى. وحينئذٍ إذا كانت نسبة الخليط في الستيل تقارب نسبة الخليط في الحديد المتعارف فلا بأس بالذبح به ولعل ذلك هو الغالب من أنواع الستيل.

(مسألة ٩٢): الذبح بالسن والظفر - عند تعذر الذبح بالحديد - إن كان بإمرار أحدهما على الاعضاء نظير إمرار السكين فالظاهر جوازه، وإن كان بنحو القرض - كما لو قطعت الاعضاء بالعض أو بجمع الظفرين عليها - أشكل جوازه، لما سبق في الفصل الثالث من الاشكال في قطع الاعضاء بنحو القرض. نعم مع الاضطرار لعدم تيسر الذبح إلا بهذا الوجه وخوف موت الحيوان فلا بأس به، كما تقدم.

الثالث: الاستقبال بالذبيحة بأن توجه للقبلة بمقاديمها ومذبحه، فإن ذبحت نائمة وجهت إلى القبلة معترضة، لكن لا تطرح على قفاه، بل تضجع على جانبها الايمن - بأن يكون رأسها إلى يمين المستقبل، كهيئة الميت حال الدفن - أو على جانبها الايسر - بأن يكون رأسها إلى يسار المستقبل - ليكون مذبحها موجهاً للقبلة.

وإن ذبحت جالسة أو قائمة وجهت بصدرها إلى القبلة، كما هو الحال في الابل حال النحر.

٢٠٥

(مسألة ٩٣): يجوز ذبح الحيوان معلقاً من رجليه أو من رأسه. ويكون الاستقبال به بتوجيه صدره وبطنه إلى القبلة.

(مسألة ٩٤): إذا لم يستقبل الذابح أو الناحر بالحيوان القبلة عالماً عامداً لم يذكه الذبح وحرم أكله، وإن كان ناسياً أو جاهلاً بوجوب الاستقبال ذكاه الذبح وحل أكله، وكذا إذا كان مخطئاً في القبلة بأن وجهها لجهة اعتقد أنها القبلة فتبين الخلاف.

(مسألة ٩٥): إذا جهلت القبلة ولم يتيسر معرفتها قريباً سقط اعتبار الاستقبال، وكذا إذا تعذر الاستقبال لاستصعاب الحيوان أو لخوف موته لو صرف الوقت في توجيهه للقبلة.

(مسألة ٩٦): لا يشترط استقبال الذابح، وإن كان أحوط استحباب.

الرابع: التسمية ممن يباشر الذبح أو النحر أو غيرهما مما يقوم مقامهما عند تعذرهما ولا تجزئ التسمية من غير الذابح، وأظهر في عدم الاجزاء التسمية في المسجل أو نحوه مما يحكي الصوت من دون ان ينطق بها إنسان.

(مسألة ٩٧): لابد من مقارنة التسمية عرفاً للذبح أو النحر أو ما يقوم مقامهم، ولا تجزئ التسمية عند الشروع في المقدمات كسحب الحيوان وربطه وإضجاعه.

(مسألة ٩٨): إذا نسي المذكي التسمية حلت ذبيحته، بخلاف ما لو تركها عمداً ولو بسبب الجهل باشتراطه، نظير ما تقدم في الصيد. وتقدمت هناك فروع اُخرى في التسمية تجري هن.

(مسألة ٩٩): يستحب عند الذبح الصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم.

٢٠٦

(مسألة ١٠٠): من نسي التسمية عند الذبح أو النحر استحب له التسمية متى ذكر، يقول: بسم الله على أوله وعلى آخره. وإن لم يفعل تأكد استحباب التسمية حين الاكل من لحم الحيوان المذبوح.

الخامس: حياة الحيوان حين الذبح على النحو المتقدم في إدراك الذكاة في الصيد.

السادس: خروج الدم المعتدل على النحو المتعارف عند ذبح ذلك الحيوان فإن خرج متثاقلاً لم يذك وحرم أكله وإن علم بحياته حين الذبح.

السابع: حركة الذبيحة بعد الذبح ولو يسير، كما لو تحركت رجلها أو عينه.

(مسألة ١٠١): لا يشترط في حل الذبيحة استقرار الحياة، بمعنى أن يعيش مثلها اليوم والايام، بل يكفي في إدراك ذكاتها حياتها حين الذبح، كما سبق في الشرط الخامس. وعلى هذا لو طرأ عليها ما من شأنه أن يقضي عليها - من جرح أو عقر أو كسر أو غير ذلك - وذبحت بالشروط المتقدمة ذكيت وحلت، بل لو شقت بطنها وخرجت حشوتها ثم ذبحت حلت. وكذا إذا حصل ذلك مقارناً للذبح. نعم لو قطع رأسها وانفصل من فوق المذبح، ففي حل جسدها بقطع الاعضاء الاربعة بالشروط المتقدمة إشكال، والاظهر العدم. وأما الرأس فلا إشكال في عدم حله بذلك. وكذا سائر الاعضاء المنفصلة قبل الذبح - كالرجل والإلية - فإنها لا تذكى ولا تحل بذبح الحيوان إذا كان بعد فصلها منه.

(مسألة ١٠٢): إذا تم ذبح الحيوان بشروطه المتقدمة ثم حصل له قبل موته ما يوجب الموت - كما لو وقع في ماء أو نار أو سقط إلى الارض من شاهق أو نحو ذلك - لم يمنع ذلك من تذكيته بالذبح وحل أكله، بخلاف الصيد فإنه لا يحكم بتذكية الحيوان به إلا أن يعلم استناد موت الحيوان إليه، كما تقدم. نعم يكره هنا أكل الحيوان، بل الأحوط استحباباً تركه.

٢٠٧

(مسألة ١٠٣): إذا قطع من الحيوان شيء بعد ذبحه قبل موته لم يحرم. وإن كان الاولى ترك ذلك، لاحتمال كونه سبباً لايذائه. بل قيل بكراهة قطع شيء منه قبل أن يبرد.

(مسألة ١٠٤): سلخ الذبيحة بعد إكمال ذبحها وقبل موتها لا يوجب حرمته. نعم هو مكروه، بل قيل بكراهة سلخها قبل أن تبرد.

(مسألة ١٠٥): قد ذكر للذبح والنحر آداب، فيستحب في ذبح الغنم ربط يدي الحيوان ورجل واحدة، ثم يمسك صوفه أو شعره بعد ذبحه حتى يبرد. وفي ذبح البقر ربط اليدين والرجلين وإطلاق الذنب، وفي الابل أن تنحر قائمة مع ربط يد واحدة، والاولى أن تكون اليسرى، فإن نحرت باركة ربطت يداها ما بين الخف إلى الركبة. ويستحب إرسال الطير بعد الذبح.

(مسألة ١٠٦): يستحب أن يساق الحيوان للذبح برفق، ويعرض عليه الماء قبل الذبح. وأن تحدّ السكين ويسرع في الذبح ليكون أسهل. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن الله تعالى شأنه كتب عليكم الاحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته».

(مسألة ١٠٧): تكره الذباحة ليل، وكذا في نهار الجمعة إلى الزوال. وأن يذبح الانسان بيده ما ربّاه من النعم. وأن تذبح الشاة عند الشاة والجزور عند الجزور، بل الاولى العموم، فلا يذبح الحيوان عند حيوان ينظر إليه وإن لم يكن من جنسه. كما يكره أن يري الحيوان السكين عند إرادة ذبحه.

(مسألة ١٠٨): إذا شك في التذكية حكم شرعاً بعدمها إلا بحجة شرعية. وقد تقدم في مبحث نجاسة الميتة أن يد المسلم حجة على التذكية، وتقدم جملة من الفروع المتعلقة بذلك فلا نطيل بإعادته.

والحمد لله رب العالمين

٢٠٨

كتاب الأطعمة والأشربة

وفيه فصول:

الفصل الأول

في حيوان البحر

(مسألة ١): لا يحل من حيوان البحر إلا ما له قشر. والمراد بالقشر الصدف الذي يكسو الحيوان ويمكن أن ينفصل عنه، كفلس السمك، وقشر الاربيان الذي يعرف في عصورنا بالروبيان وغيرهم. أما الصدف اللازم للحيوان الملتصق به - كصدف السلحفاة والسرطان والمحار - فلا يكفي في تحليله.

(مسألة ٢): إذا شك في أن للحيوان قشر أو لا حرم أكله. نعم بعض السمك الذي له قشر كثيراً ما يحتك ببعض الاشياء فيسقط قشره، ولذا يبقى عليه شيء من القشر في بعض المواضع التي لا يصلها الحك ويراها الفاحص بالتأمل. وقد تضمنت ذلك الاخبار في سمك أطلقت عليه اسم الكنعت. وأكده في زماننا بعض المستفتين. وعن بعضهم تأكيد ذلك في نوعين من السمك يطلق عليهما (الصافي) و(المزلق). وعلى كل حال فما كان من هذا النوع من السمك حلال. وينبغي التأكد منه.

(مسألة ٣): إذا أخبر من عنده السمك بأن لذلك السمك قشر، أو أنه من النوع الذي له قشر أخذ بقوله إذا لم يكن متهم.

٢٠٩

(مسألة ٤): لا يجوز بيع السمك المحرم الاكل على من يستحله أو على من يبيعه ممن يستحله، إلا أن يكون له منفعة محللة معتد بها غير الاكل، وقد سبقت بعض الفروع المناسبة بذلك في مبحث المكاسب المحرمة.

(مسألة ٥): إذا ابتلعت الحية سمكة ثم ألقتها وقد تسلخت فلوسها فالأحوط وجوباً عدم أكله. أما إذا لم تتسلخ فلوسها فيحل أكلها إذا كانت ذكية، أو ذكيت بعد ذلك بأن اُخذت وهي حية.

(مسألة ٦): بيض السمك تابع للسمك الذي يكون فيه، فإن كان محرماً حرم بيضه، وإن كان حلالاً حل بيضه. وإذا اشتبه حال البيض، وشك في أنه من السمك الحلال أو الحرام حرم أكله.

الفصل الثاني

في حيوان البر

(مسألة ٧): يحرم أكل لحم الانسان.

(مسألة ٨): يحرم من حيوان البر كل ذي ناب، وكل سبع وإن لم يكن له ناب. والمراد بالسبع ما يفترس الحيوان، ويأكل اللحم قوياً كان كالاسد والنمر والذئب، أو ضعيفاً كالضبع والثعلب والسنور.

(مسألة ٩): يحرم من الحيوان المسوخ. وقد ورد في الكتاب المجيد والاخبار الكثيرة أن الله تعالى مسخ جماعات من الناس قد عتوا وتمّردوا على صور بعض الحيوانات. كما ورد أن المسوخ قد هلكت ولم تتناسل، وأن التحريم إنما هو لما مثلت به من الحيوان. وقد عدّ منها من حيوان البر غير السباع: الخنزير والقرد والفيل والدب والارنب والضب والفأرة والعقرب والوزغ.

٢١٠

(مسألة ١٠): يحرم أكل الحشرات كالخنافس والديدان والنمل والقمل وغيره.

(مسألة ١١): يحرم كلما يسكن باطن الارض من صغار الحيوانات كالقنفذ وابن عرس والجرذ واليربوع والحية وغيره.

(مسألة ١٢): يحل لحم النعم الثلاثة: الابل - العراب وهي ذات السنام الواحد، والبخاتي وهي ذات السنامين - والبقر - ومنه الجاموس - والغنم الضأن والمعز.

(مسألة ١٣): يحل لحم الخيل والبغال والحمير، على كراهة في الجميع وتشتد في الاخيرين.

(مسألة ١٤): يحل من الحيوان الوحشي البقر والكباش الجبلية والحمركحمار الزرد - والظباء واليحامير - التي هي نوع من الايل - بل جميع أنواع الايل، والوعل، وما يسانخ ذلك عرف. وفي اختصاص الحل بذلك إشكال.

الفصل الثالث

في الطير

(مسألة ١٥): يحرم السبع من الطير، وهو ما يفترس، ويأكل اللحم، كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق والنسر والحدأة وغيره. وليس منه طير الماء الذي يأكل السمك.

(مسألة ١٦): يحرم من الطير ما يغلب في طيرانه الصفيف، ويحل منه ما يغلب في طيرانه الدفيف والخفوق.

(مسألة ١٧): إذا لم يعلم كيفية طيران الطير أو شاع في طيرانه الصفيف

٢١١

والدفيف مع، فإن لم يكن له حوصلة ولا قانصة ولا صيصية فهو محرم الاكل. والظاهر أن الحوصلة مجمع الحب للطائر الذي يكون في آخر العنق، والقانصة هي العضلة الصلبة التي يهضم بها الطعام، فبعض الطيور له قانصة، وبعضها له معدة كمعدة الانسان وكثير من الحيوانات. أما الصيصية فهي الشوكة التي خلف ساق الطائر خارجة عن الكف.

(مسألة ١٨): اللقلق وإن قيل أن له حوصلة وقانصة وصيصية، إلا أن الظاهر حرمته، لأن الغالب في طيرانه الصفيف.

(مسألة ١٩): يحرم من الطير الخفاش - ومنه الوطواط - والطاووس، والغراب بجميع أنواعه.

(مسألة ٢٠): يحرم من الطير ما كان من سنخ الحشرات كالزنبور والنحل والذباب ونحوه، ولا يحل من هذا السنخ إلا الجراد.

الفصل الرابع

فيما يحرم بالعرض

وهو اُمور..

الأول: الجلال، وهو الذي يتغذى على عذرة الانسان لا يختلط معها غيره. أما إذا كان يختلط معها غيرها فليس هو من الجلال المحرم، إلا أن يكون ذلك نادراً لا يعتد به عرفاً بحيث لا يمنع من صدق أن غذاءه العذرة، فيحرم. كما لابد في صدق الجلال من تغذيه بالعذرة مدة معتداً بها عرف، بحيث يصدق عرفاً أن غذاءه العذرة. ولا يفرق في ذلك بين أنواع الحيوان حتى السمك.

(مسألة ٢١): يرتفع الجلل والتحريم عن الحيوان باستبرائه ومنعه عن

٢١٢

العذرة مدة معتداً به. وقد تقدم في العاشر من المطهرات من مباحث الطهارة من الخبث تحديد مدة الاستبراء، فلا نطيل بإعادته. نعم لم يتقدم منا التعرض لاستبراء السمك. والظاهر أنه يكفي فيه منعه من العذرة وتغذيته بغيرها يوماً وليلة.

(مسألة ٢٢): الأحوط وجوباً حرمة نسل الجلال المتكون منه قبل الاستبراء وعدم حله بالاستبراء.

الثاني: الجدي الذي يرتضع من لبن خنزيرة مدة معتد به. والأحوط وجوباً عموم التحريم لغير الجدي من الحيوانات التي ترتضع من لبن الخنزيرة. كما أن الأحوط وجوباً العموم لشرب اللبن من غير ارتضاع.

(مسألة ٢٣): لا يلحق بالخنزيرة غيرها من الحيوانات النجسة كالكلبة والكافرة التي قيل بنجاسته.

(مسألة ٢٤): يستبرأ الحيوان المذكور بحبسه عن الخنزيرة، وإرضاعه من حيوان من سنخه سبعة أيام. وإن كان استغنى عن الرضاع واللبن يعلف علفاً طاهراً سبعة أيام أيض.

(مسألة ٢٥): كما يحرم الحيوان المذكور يحرم نسله المتكون من منيه قبل أن يستبر، ولا يحل النسل حينئذٍ بالاستبراء. وأما إذا كان المرتضع اُنثى ففي حرمة حملها الذي تعلق به قبل الاستبراء إشكال. وإن كان أحوط وجوب.

الثالث: البهيمة التي يطؤها الرجل، قبلاً أو دبراً والأحوط وجوباً العموم في الواطئ لكل ذكر وإن كان صبي، وفي الموطوء لكل حيوان ذكراً كان أو اُنثى مأكولاً أو غيره حتى الطير. بل العموم لنسل الموطوء، فيحرم أيض.

(مسألة ٢٦): إذا كان الحيوان ميتاً مذكى حلال اللحم لم يحرم بالوطء، ولا تجري عليه الاحكام الاُخرى للموطوء. كما لاتجري الاحكام المذكورة إذا كان الميت حرام اللحم أو غير مذكى.

٢١٣

(مسألة ٢٧): ما يحرم لكونه موطوءاً أو نسلاً لموطوء ليس له استبراء يحلله.

(مسألة ٢٨): إذا كان الموطوء مما يطلب لحمه ذبح، فإن مات اُحرق. وإذا كان الواطئ غير المالك اُغرم قيمته للمالك.

(مسألة ٢٩): إذا كان الحيوان الموطوء مما يطلب ظهره للركوب ولا يطلب لحمه - كالحمار - اُخرج إلى مدينة اُخرى لا يعرف فيها الواطئ، فيباع هناك. وحينئذٍ إن كان الواطئ غير المالك اُغرم قيمته للمالك في المدينة التي وطئ فيه، وتحمل هو نفقة إخراجه وأخذ هو ثمنه بعد بيعه في المدينة الاُخرى. وإن كان الواطئ هو المالك تحمل هو نفقة الآخراج وكان له الثمن بعد البيع. والأحوط وجوباً جريان ذلك فيما يحرم أكل لحمه ولا يطلب ظهره للركوب.

(مسألة ٣٠): إذا اشتبه الموطوء بغيره فيمايؤكل لحمه ويطلب اُخرج بالقرعة.

(مسألة ٣١): إذا شرب الحيوان الذي هو حلال اللحم خمراً لم يحرم لحمه، بل يؤكل بعد أن يغسل على الأحوط استحباب. نعم إذا سكر فذبح حال سكره فالأحوط وجوباً عدم أكل ما في بطنه من القلب والكبد والكرش وغيره. أما لو شرب بولاً أو غيره من المائعات أو أكل نجساً فذبح فإنه يؤكل ما في بطنه بعد غسله وتطهيره من النجاسة مع بقاء عينها وعدم تحلله.

الرابع: الميتة، فإن الحيوان المحلل الاكل إنما يحل بالتذكية، أما إذا صار ميتة - بأن مات من دون تذكيته - فإنه يحرم مطلقاً وينجس إذا كان له نفس سائلة.

(مسألة ٣٢): بحكم الميتة ما يقطع من الحيوان الحي، على تفصيل تقدم في مبحث نجاسة الميتة من مباحث الطهارة من الخبث.

(مسألة ٣٣): يستثنى من نجاسة الميتة ما لا تحله الحياة منه، فهو طاهر وحلال إذا كان مما يؤكل أو يشرب كالبيضة والانفحة واللبن، على ما تقدم تفصيل الكلام في مبحث نجاسة الميتة.

٢١٤

الفصل الخامس

في الجامد

(مسألة ٣٤): البيض والانفحة تابعان للحيوان الذي يتكونان فيه، فما كان من الحيوان المحرم الاكل حرام، وما كان من الحيوان المحلل الاكل حلال.

(مسألة ٣٥): إذا اشتبه البيض بين ما يحل أكله وما يحرم أكله أكل ما اختلف طرفاه وترك ما تساوى طرفاه. هذا إذا كان المحتمل هو الحرمة بالاصل. أما إذا كان المحتمل الحرمة بالعرض - كالجلل - فمع الشك في حال البيض والانفحة يحكم بحليته إلا مع العلم الاجمالي بوجود الحرام فيه فيجتنب الكل. أما الانفحة فإنها مع الاشتباه محكومة بالحل،إلا مع العلم الاجمالي بوجود الحرام فيحرم الكل.

(مسألة ٣٦): يحرم من الذبيحة التي يحل أكلها الفرث والدم والقضيب والاُنثيان والغدد والطحال. والأحوط وجوباً اجتناب الرحم والحياء - وهو فرج الاُنثى - والعلباء - وهي العصبتان خلف الرقبة - والنخاع - وهو المخ الابيض المستطيل في فقار الظهر - والمثانة والمرارة. والأحوط استحباباً اجتناب الحدق والخرز التي في الدماغ. ويكره الكليتان واُذنا القلب.

(مسألة ٣٧): لا فرق في تحريم الاُمور المذكورة بين الحيوان الصغير والكبير. نعم لابد من أن يكون لها فيه وجود عرفي متميز ملتفت إليه، فلو كانت خفية مغفولاً عنها لصغرها لم تحرم، كما في جملة من هذه الاُمور في الحيوانات الصغيرة، وكالغدد الدقيقة في الحيوان الكبير.

(مسألة ٣٨): لا تحرم هذه الاُمور في السمك ونحوه مما لا يذكى بالذبح.

٢١٥

نعم في جواز أكل أو شرب دم السمك إذا كان له وجود معتد به عرفاً إشكال. والأحوط وجوباً تركه. بل يحرم إذا كان مما لا يؤكل لحمه.

(مسألة ٣٩): يعفى عن الدم القليل المتخلف في العروق الدقيقة ونحوه مما يكون عرفاً تابعاً للحم ومن شؤونه من دون أن يكون له وجود عرفي متميز.

(مسألة ٤٠): تحرم الاعيان النجسة كالعذرة، وكذا المتنجسة إذا لم تطهر.

(مسألة ٤١): يحرم أكل الطين. والأحوط وجوباً إلحاق التراب والرمل ونحوهما مما هو من سنخ الارض به. أما بقية المعادن فلا تحرم، إلا أن تكون سبباً في ضرر يحرم إيقاعه بالنفس.

(مسألة ٤٢): يستثنى من حرمة أكل الطين طين قبر الحسين (عليه السلام) ، فإنه يجوز أكله بنية الاستشفاء. ويقتصر على القليل منه بما لا يزيد على مقدار الحمصة. وفي إلحاق طين قبور بقية المعصومين (عليهم السلام) بها إشكال، والاظهر العدم.

(مسألة ٤٣): يجوز الاستشفاء بالطين المأخوذ من مسافة ميل من قبر الحسين (عليه السلام) من جميع الجوانب. ويجوز أكله لذلك. وأفضله ما يؤخذ من مربع سعته سبعون باعاً في سبعين باعاً يتوسطه القبر الشريف. يقارب مربعاً سعته مائة وعشرون متراً في مائة وعشرين متر. وأفضل ذلك ما يؤخذ من عند الرأس الشريف وإن صار متعذراً في زمانن.

هذ، وقد ورد في بعض الاخبار أنه يستشفى بما بينه وبين القبر الشريف أربعة أميال، وحيث لم تتم عندنا حجية الخبر المذكور فلا مجال للاستشفاء بذلك بأكله. نعم لا بأس بالاستشفاء به برجاء الشفاء بوجه غير الاكل ولو بوضعه في ماء حتى يستهلك ثم يشرب الماء.

(مسألة ٤٤): الأحوط وجوباً الاجتناب عن المستقذرات من إفرازات الانسان والحيوان المحلل فضلاً عن المحرم وإن لم تكن نجسة.

(مسألة ٤٥): الظاهر جواز أكل المواد المحروقة، كالخبز واللحم وغيرهم.

٢١٦

الفصل السادس

في المائع

(مسألة ٤٦): يحرم الخمر وكل مسكر، وإن كان جامد. وتختص النجاسة بالمائع بالاصل، نعم يطهر ويحل إذا انقلب خل، وقد تقدم تفصيل ذلك في مباحث الطهارة من الخبث.

(مسألة ٤٧): يحرم الفقاع وهو نجس، كما تقدم.

(مسألة ٤٨): يحرم كل مائع نجس أو متنجس. وقد تقدم تحديد كل منهما في مباحث الطهارة من الخبث.

(مسألة ٤٩): يحرم العصير العنبي إذا غلا بالنار حتى يذهب ثلثاه، وهو الأحوط وجوباً في العصير الزبيبي، والأحوط استحباباً في العصير التمري وقد تقدمت بعض الفروع المتعلقة بذلك عند الكلام في نجاسة الخمر.

(مسألة ٥٠): لا يحرم شيء من أنواع العصير الباقية، ولا شيء من المربيات إذا لم تكن مسكرة وإن شم منها رائحة المسكر.

(مسألة ٥١): اللبن تابع للحيوان الذي يتكون فيه، فيحرم ما كان من حيوان يحرم أكله، ويحل ما كان من حيوان يحل أكله. نعم لبن الانسان حلال.

(مسألة ٥٢): الأحوط وجوباً اجتناب الابوال الطاهرة. نعم يجوز استعمالها للتداوي وإن لم يبلغ مرتبة الضرورة.

(مسألة ٥٣): الظاهر حلية الريق من الحيوان المأكول اللحم. أما من الحيوان غير المأكول اللحم فالأحوط وجوباً اجتنابه إذا كان له وجود معتد به غير مستهلك. نعم يحل ريق الانسان.

٢١٧

الفصل السابع

في بعض الاحكام العامّة

(مسألة ٥٤): يحرم أكل وشرب ما يكون مضراً ضرراً يبلغ حد الخطر والخوف على الحياة، أو على عرض الانسان بحيث يلزم هتكه ووهنه. بل الأحوط وجوباً اجتناب ما يخشى معه من تعطيل إحدى القوى التي أنعم الله تعالى بها على الانسان، إلا لدفع ضرر مساو أو أهم.

(مسألة ٥٥): العادات الضارة - كالتدخين والافيون - لا تحرم إلا أن يبلغ احتمال الضرر حداً يصدق معه الخوف من الضرر المحرم بسبب استعمال الشيء، ولا تحرم بدون ذلك، كما إذا كانت من سنخ المعد والمهيّئ للضرر بحيث لا يترتب عليه الضرر إلا بضميمة اُمور غير معلومة الحصول كطول العمر وحدوث بعض المضاعفات في البدن وغير ذلك. نعم إذا كان من شأن تلك العادة الاستحكام بنحو لا يتخلى صاحبها عنها عادة وكان من شأنها أن تجر للمهالك أو الفضائح فالظاهر حرمة الاقدام عليه. كما لا يحسن بالانسان العاقل أن يخضع نفسه لعادة تسيطر عليه وتستعبده وإن لم تكن ضارة بنفسه.

(مسألة ٥٦): إذا انحصر الدواء بأكل ما هو حرام حل بمقدار الحاجة وإن لم يضطر للتداوي من المرض لعدم كونه مهلك. إلا في المسكر ولحم الخنزير وشحمه وغيرهما من أجزائه، فإنه لا يجوز التداوي بها حينئذٍ. نعم مع توقف الحياة عليه فالظاهر جوازه. ويلزم حينئذٍ التأكد من ذلك.

(مسألة ٥٧): الأحوط وجوباً عدم الاكتحال بالمسكر، إلا مع الاضطرار، لتوقف شفاء العين عليه.

٢١٨

(مسألة ٥٨): يجوز للمضطر بل يجب تناول المحرم بقدر ما يمسك رمقه. ويستثنى من ذلك الباغي والعادي فلا يجوز لهما تناول المحرم وإن لزم التلف. نعم لو تابا وعزما على عدم العود لما هما فيه حل لهما بل وجب عليهما تناول ما يسد الرمق.

(مسألة ٥٩): الباغي هو الخارج على الامام الحق، والذي يخرج للصيد بطراً ولهو، لا لأجل الاكل أو التجارة. والعادي هو قاطع الطريق والذي يخرج لأجل السرقة ممن يحرم السرقة منه. وفي شموله لبقية وجوه العدوان على الغير بوجه محرم - كالذي يخرج لقتل محترم الدم أو هتك عرض محترم العرض - إشكال.

(مسألة ٦٠): إنما يحرم سد الرمق على الباغي والعادي إذا كان البغي والعدوان هما منشأ الاضطرار للحرام، أما إذا كان منشأ الاضطرار عاماً حتى في حال عدم البغي والعدوان فالظاهر عدم حرمة سد الرمق على الباغي والعادي، كما في وقت المجاعة العامة.

(مسألة ٦١): يحرم الاكل والشرب وكل تصرف في مال من هو محترم المال إلا بإذنه أو بإحراز رضاه بالتصرف المذكور. ويستثنى من ذلك من تضمَّنته الآية (٦١) من سورة النور، وهم الاباء والاُمهات والاخوة والاخوات والاعمام والعمَّات والاخوال والخالات ومن يتوكل عن المالك على بيته فيدفع إليه مفتاحه والصديق. ويلحق بهم الزوجة والولد. فيجوز الاكل من بيوتهم مع عدم إحراز الرض. نعم يشكل الاكل مع الظن بعدم الرض، فضلاً عن العلم. وكذا مع عدم إحراز رضا صاحب البيت بالدخول فيه.

(مسألة ٦٢): يقتصر في الاكل على الطعام - كالخبز - والادام - كاللحم المطبوخ - والتمر، دون غير ذلك كالحلوى والمربيات ونحوها مما يؤكل بنفسه من دون أن يكون إدام، فإنه لا يجوز أكلها إلا مع العلم برضا صاحبه.

٢١٩

(مسألة ٦٣): يستثنى من عدم جواز الاكل من مال الغير أكل الانسان من ثمرة النخل والشجر والزرع التي يمر به. على ما تقدم في آخر الكلام في بيع الثمار والزرع والخضر من كتاب البيع.

(مسألة ٦٤): يحرم أكل الانسان من طعام لم يدع إليه، وفي الحديث: «من أكل طعاماً لم يدع إليه فإنما أكل قطعة من النار»، كما أن من دعي إلى طعام حرم عليه أن يأخذ ولده معه. نعم يحل الامران مع العلم برضا صاحب الطعام أوقيامه بما يكون قرينة عرفاً على رضاه بذلك.

(مسألة ٦٥): يحرم الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، كما يحرم الاكل منه. نعم يختص ذلك بحال شرب الخمر ولا يعم ما قبل ذلك وإن تهيأ صاحبها لأن يسقي الخمر عليه، كما لا يعم الطعام المجعول عليها بعد شرب الخمر. هذا كله مع قطع النظر عن النهي عن المنكر، أما إذا لزم من الجلوس عليها التشجيع على المنكر أو كان في القيام منها نهياً عنه حرم الجلوس مطلق، بل قد يحرم حينئذٍ الدخول للدار أو مواصلة صاحبه، أو غير ذلك حسب اختلاف المقامات.

الفصل الثامن

في آداب المائدة

واللازم - قبل النظر فيها - الاهتمام بطيب المكسب وحل الطعام وتجنب الحرام، ففي الحديث أن من أدخله بطنه النار فبعداً له. مضافاً إلى ما في ذلك من سوء الاثر في النفس وفي السلوك. بل عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «كسب الحرام يبين في الذرية».

٢٢٠

إذا عرفت هذ، فلندخل فيما عقد له هذا الفصل.

(مسألة ٦٦): يستحب الاقتصاد في الاكل ويكره الاسراف والافراط فيه، والامتلاء من الطعام. قال الله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحبّ المسرفين). وفي الحديث عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: «أقرب ما يكون العبد من الله إذا خفَّ بطنه، وأبغض ما يكون العبد من الله إذا امتلا بطنه»، وعنه (عليه السلام) قال: «ليس بدّ لابن آدم من أكلة يقيم بها صلبه، فإذا أكل أحدكم طعاماً فليجعل ثلث بطنه للطعام وثلث بطنه للشراب وثلث بطنه للنفس، ولا تسمنوا تسمّن الخنازير للذبح»، وفي وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام): «لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه وجوِّد المضغ...».

(مسألة ٦٧): يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده، والاستلقاء بعده ووضع الرجل اليمنى على اليسرى حين الاستلقاء.

(مسألة ٦٨): يستحب التسمية قبل الطعام والتحميد بعده، بل يستحب التحميد قبله أيضاً وفي أثنائه. ومن نسي التسمية في أول الطعام أتى بها متى ذكر يقول: «بسم الله على أوله وآخره».

(مسألة ٦٩): يستحب الاكل والشرب باليمنى ويكره باليسرى، إلا في العنب والرمان فيؤكلان باليدين مع.

(مسألة ٧٠): يستحب البدء بالملح والختم به، أو البدء بالخل والختم به، أو البدء بالملح والختم بالخل. والاول أفضل.

(مسألة ٧١): يستحب استقصاء الطعام عند الاكل تكريماً له وعدم ترك شيء منه وإن قلّ، وذلك باُمور..

الأول: مص الاصابع، ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «فمن

٢٢١

مص أصابعه التي أكل بها قال الله عزوجل: بارك الله فيك»، وعن الامام الصادق (عليه السلام): «إني لالحس أصابعي من المأدوم حتى أخاف أن يرى خادمي أن ذلك من الجشع».

الثاني: لطع الاناء، فعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلطع القصعة ويقول: من لطع القصعة فكأنما تصدق بثمنه».

الثالث: استقصاء الفاكهة من قشره، وعدم رمي القشر وفيه شيء منه.

الرابع: تتبع ما يسقط من الطعام في المنزل مهما كان قليل، فقد أكدت الاخبار على ذلك، وأنه شفاء من كل داء، وأنه ينفي الفقر عمن أكله ومن ولده وولد ولده إلى السابع، وأنه يكثر الولد، وأنه مهور الحور العين. وعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه كان يتتبع من الطعام الذي يسقط من الخوان مثل السمسمة فيأكله، وعنه (عليه السلام) أنه قال: «إني لاجد الشيء اليسير يقع من الخوان فاُعيده فيضحك الخادم».

بل اللازم احترام الطعام وتكريمه كأدب عام لا يختص بالمائدة، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «من وجد تمرة أو كسرة ملقاة فأكلها لم تستقر في جوفه حتى يغفر الله له». وفي بعض الاخبار أنه تجب له بذلك الجنة. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «من وجد كسرة فأكلها كان له حسنة، ومن وجدها في قذر فغسلها ثم رفعها كان له سبعون حسنة». وعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عائشة فرآى كسرة كاد أن يطأها فأخذها وأكله، وقال: يا حميراء أكرمي جوار نعم الله عليك، فإنها لم تنفر عن قوم فكادت تعود إليهم».

ومما يؤسف له تسامح الناس في ذلك كثير، خصوصاً أهل النعم منهم، بطراً وأشراً وكفراً بنعمة الله تعالى واستهواناً به، وأمناً من مكر الله تعالى ومن تغييره ما بهم من نعمة. فما أكثر ما اُلقي منها في الطرق والمزابل، وما أكثر م

٢٢٢

استهين بها بصورة تقشعر لها الابدان، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ونعوذ به من حلول سخطه وتحويل عافيته وسلب نعمته.

(مسألة ٧٢): يستحب تخليل الاسنان بعد الطعام بالعيدان لآخراج ما تبقى فيه، وقد ورد التأكيد عليه في الاخبار وأنه مصلحة للثة ومجلبة للرزق، وأن تركه يوجب تغير رائحة الفم فيتأذى بذلك المَلَك. ويجوز التخلل بكل عود. لكن يكره بعود الريحان والرمان والقصب والخوص والآس والطرفاء.

(مسألة ٧٣): يستحب أكل بقايا الطعام في الفم مما يناله اللسان، وإلقاء ما أخرجه الخلال منه ويكره أكله.

وهناك آداب ومستحبات كثيرة للمائدة وللطعام لا يسع المقام استقصاءه، فلتطلب من المطولات.

ومنه سبحانه نستمد العون والتوفيق، وله الحمد.

٢٢٣

كتاب الميراث

وهو ما حصله الانسان بجده أو جَمَعه بكده وأتعب فيه بدنه وأجهد فيه نفسه، وربما يكون قد أغمض في مطالبه لا يهمه أن حصله من حلال أو حرام، سالكاً في ذلك طرق الشبهات والآثام، أو يكون قد بخل به على نفسه، فلم ينتفع به في دنياه ولا في آخرته، ثم يتركه لمن بعده - بعد أن تحمل تبعته - يأكلونه ويتنعمون به، فيكون المهنأ لغيره والوزر على ظهره.

فعلى العاقل الرشيد الاهتمام بأمرين..

الأول: طيب المكسب وحل المال الذي يتركه، وأداء حق الله تعالى فيه، والخروج عن تبعاته، واكتساب ما يتيسر له من الحسنات به، ولا يبخل على نفسه بماله، فإنه ليس له من ماله إلا ما قدم.

الثاني: أن يكون ورثته أهلاً للاحسان لحاجتهم وتدينهم وحسن تصرفهم فلا يضيع المال فيهم، بل يؤجر على تركه لهم وتعففهم به عما عند الناس، واستغنائهم بسببه عنهم. ونسأله تعالى التسديد والتوفيق وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة.

ويقع الكلام في كتاب الميراث في ضمن فصول..

٢٢٤

الفصل الاول

في موجبات الإرث

وهي قسمان..

الأول: النسب، وله ثلاث مراتب، لا ترث المتأخرة شيئاً مع ميراث السابقة وإن بقي منها واحد، إلا أن تنعدم السابقة أو تكون ممنوعة من الميراث لاحد موانع الارث الآتية.

الاُولى:الاب والاُم - دون الاجداد والجدات - والاولاد وإن نزلوا ذكوراً وإناث.

الثانية: الاجداد والجدات وإن علوا - كآباء الاجداد وأجدادهم - والاخوة والاخوات، ويلحق بهم أولادهم وإن نزلو، كأولاد أولادهم، وأولاد أولاد أولادهم.

الثالثة: الاعمام والاخوال وإن علو، كأعمام الاباء والاُمهات وأخوالهم، وأعمام الاجداد والجدات وأخوالهم، ويلحق بهم أولادهم وإن نزلو.

القسمالثاني: السبب. وهو الزوجية والولاء. وللولاء مراتب ثلاث: لا ترث المتأخرة شيئاً مع السابقة:

الاُولى: ولاء العتق.

الثانية: ولاء ضمان الجريرة.

الثالثة: ولاء الامامة. وجميعها متأخرة عن مراتب النسب. أما الزوجية فهي سبب للميراث مع جميع المراتب.

٢٢٥

الفصل الثاني

في موانع الإرث

وهي ثلاثة..

الأول: الكفر، فلا يرث الكافر المسلم، ويرث المسلم الكافر. من دون فرق في الكافر بين أقسامه ولا في المسلم بين المؤمن والمخالف.

(مسألة ١): لا يحجب الكافر المسلم، بل يحجب المسلم الكافر وإن كان الميت كافر، سواءً كان الوارث المسلم مساوياً للوارث الكافر في الطبقة أم أبعد منه، فإذا مات مسلم أو كافر وله ولد كافر وولد مسلم كان الميراث للمسلم دون الكافر، وكذا إذا كان له ولد كافر وأخ أو ابن أخ مسلم، فإن الميراث يكون للمسلم دون الكافر.

(مسألة ٢): يستثنى مما تقدم ما إذا كان الميت كافراً وله أولاد صغار وورثة مسلمون أبعد منه طبقة، فإن على المسلمين أن ينفقوا من تركته على أولاده الصغار حتى يكبروا فإن أسلموا كان لهم ميراث أبيهم، وإن لم يسلموا أخذ ورثته المسلمون بقية ميراثه. وإن أسلم أولاده وهم صغار دفعت التركة للحاكم الشرعي وأنفق عليهم منها حتى يكبرو، فإن بقوا على الاسلام دفع إليهم ميراث أبيهم، وإن لم يبقوا عليه دفع ما تبقى من تركته لورثته المسلمين.

(مسألة ٣): إذا انحصر الوارث المسلم للكافر بالامام لم يحجب ورثته الكفار. ويستثنى من ذلك ما إذا ارتد المسلم عن فطرة وكان له ورثة كفار وانحصر وارثه المسلم بالامام، فإن ميراثه بسبب الارتداد لما اكتسبه قبل ارتداده يكون للامام لا لورثته الكفار، أما ميراثه بالموت لما اكتسبه بعد ارتداده فإنه

٢٢٦

يكون لورثته الكفار، دون الامام. وكذا المرتد الملي فإن ميراثه بالموت لما ملكه حال إسلامه وبعد ارتداده يكون لورثته الكفار دون الامام. وقد تقدم جملة من أحكام الارتداد في مبحث ما يحرم بالكفر من كتاب النكاح.

(مسألة ٤): مع تعدد الوارث المسلم إذا أسلم الوارث الكافر قبل قسمة الميراث ورث، فإن كان هو أقرب ممن سبقه من المسلمين حاز الميراث كله دونهم، وإن كان في طبقتهم شاركهم في الميراث. وأما مع اتحاد الوارث المسلم فإن الميراث له، وإسلام الوارث الكافر لا يوجب ميراثه. نعم إذا لم يكن للميت وارث وكان ميراثه للامام فإن الوارث الكافر إذا أسلم يحوز الميراث من الامام ما دامت التركة موجودة ولم ينفقها الامام، أما إذا أنفقها وخرجت عنه فلا شيء للذي أسلم.

(مسألة ٥): إذا انحصر الوارث بالزوج فحيث يكون الميراث كله - كما يأتي في ميراث الازواج - فهو بحكم الوارث الواحد الذي سبق أن إسلام الوارث الكافر لا يمنعه من الميراث ولا يستحق الكافر معه بإسلامه شيئ. أما إذا انحصر الوارث بالزوجة فحيث إنها لا تستحق إلا الربع والباقي للامام يجري حكم تعدد الوارث، فإن أسلم الوارث الكافر قبل قسمتها مع الامام ورث، وإن أسلم بعد قسمتها مع الامام لم يرث.

(مسألة ٦): يلحق بالقسمة سائر وجوه تصفية الميراث المشترك، كما إذا وهب بعض الورثة حصته المشاعة للباقين، أو صالح عليها بمال أو أوقفها أو غير ذلك.

(مسألة ٧): إذا أسلم الكافر بعد قسمة بعض التركة دون بعضها فالظاهر جريان حكم عدم القسمة، فيرث من الكل حتى ما قسم.

(مسألة ٨): إذا قسم بعض الورثة وأخذ حصته وبقي باقي التركة مشاع

٢٢٧

بين الباقين فهو بحكم عدم القسمة، كما إذا ترك الميت ثلاثة إخوة فاتفقوا على تعيين حصة أحدهم وبقي اثنان شريكين في باقي التركة فإن الوارث الكافر يختص بالميراث أو يشارك فيه بالاضافة إلى تمام التركة حتى الحصة التي اختص بها أحد الاخوة.

(مسألة ٩): إذا تصرف الورثة بأجمعهم في عين التركة قبل القسمة تصرفاً مخرجاً عن الملك فإن كان بعوض جرى على العوض حكم التركة فإذا أسلم الوارث قبل قسمته ورث منه، وإذا أسلم بعد قسمته لم يرث. وإن كان التصرف من دون عوض - كالصدقة والهبة - فالظاهر نفوذ التصرف منهم وعدم ضمانهم للعوض لو أسلم الوارث الكافر. وكذاالحال في التصرف المتلف للعين كالاكل، فإنه لا ضمان معه. ويجري ذلك في تصرف بعضهم في حصته في المسألتين السابقتين، فإنه إن كان تصرفاً بعوض جرى على العوض حكم الميراث في حق من يسلم، وإن كان تصرفاً متلفاً أو مخرجاً عن الملك من غير عوض فلا ضمان على المتصرف، وإنما يجري حكم الميراث في حق من أسلم على الباقي من التركة لا غير.

(مسألة ١٠): إذا تصرف بعض الورثة في التركة تصرفاً متلفاً للعين أو ناقلاً لها من دون رضا البقية، فإن كان الباقي واحداً كان التصرف المذكور بمنزلة القسمة، وإن كان الباقي متعدداً لم تتم القسمة إلا أن يقسم الباقون حصصهم من التركة أو من عوضه.

(مسألة ١١): المراد من المسلم والكافر الوارث والموروث ما يعم المسلم والكافر تبعاً كالطفل والمجنون المتصل جنونه بصغره اللذين يكفي في الحكم بإسلامهما انعقاد نطفتهما من أب مسلم، كما يكفي إسلام أبيهما أو من يكفلهما في الحكم بإسلامهما تبع، كما تقدم في الثامن من المطهرات، من مباحث الطهارة

٢٢٨

من الخبث.

الثاني من موانع الارث: القتل، فلا يرث القاتل من المقتول إذا كان قتله بلا حق وإن كان خط، أما إذا كان بحق فهو يرثه، كما لو كان قصاصاً أو دفاعاً أو لهدر دمه بمثل سبه لله تعالى أو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو غير ذلك.

(مسألة ١٢): لا فرق في القتل بين القتل بالمباشرة، كما لو رماه بطلقة فمات، والتسبيب، كما لو كتفه وألقاه للاسد فافترسه.

(مسألة ١٣): لو أمر غيره بقتل رجل فامتثل أمره وقتله فعل حرام، إلا أنه لا يكون قاتل، ولا يمنع ذلك من ميراثه من المقتول.

(مسألة ١٤): إذا اشترك جماعة في قتل واحد حرموا كلهم من إرثه.

(مسألة ١٥): القاتل كما لا يرث من المقتول لا يحجب غيره عن ميراثه ممن هو أبعد منه وإن كان متقرباً به، فإذا قتل الاب ولده فإن كانت له اُم وأولاد كان ميراثه لهم، وإلا كان ميراثه للجد والاخوان، ثم لمن بعدهم من طبقات الورثة. وإذا قتل الولد أباه ولم يكن له أولاد غيره كان ميراثه لولد الولد مع وجوده، ثم لمن بعدهم من طبقات الورثة، ولو لم يكن له وارث غير القاتل إلا الامام كان الميراث للامام.

الثالث من موانع الارث: الرق، فلا يرث العبد وإن انحصر به الميراث. وحيث كان الابتلاء بذلك نادراً أو منعدماً في زماننا فلا نطيل بذكر فروعه.

٢٢٩

الفصل الثالث

في ميراث المرتبة الاُولى

وهم الاب والاُم والابناء كما تقدم.

(مسألة ١٦): للاب المنفرد تمام المال وكذا للاُم المنفردة. ولو كان مع أحدهما زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع والباقي لاحد الابوين.

(مسألة ١٧): للولد المنفرد تمام المال، وكذا للبنت المنفردة. ولو كان مع أحدهما زوج أو زوجة كان للزوج الربع وللزوجة الثمن والباقي للابن أو البنت. ولا ينتقل شيء من الميراث للمراتب اللاحقة، لما سبق في الفصل الاول من أن المرتبة اللاحقة لا ترث مع إرث السابقة وإن بقي منها واحد.

(مسألة ١٨): إذا انفرد الابوان بالميراث كان للاب الثلثان وللاُم الثلث، إلا أن يكون للميت إخوة، فيحجبون الاُم عما زاد عن السدس، ويكون الباقي للاب، وذلك بشروط..

الأول: أن يكونوا للاب أو للابوين، فلا يحجب الاخوة للاُم وحده.

الثاني: أن يكونوا أخوين فما زاد، أو ما هو بمنزلتهم، وهو الاخ والاُختان، أو أربع أخوات، فلا يحجب الاخ الواحد أو مع اُخت واحدة، ولا ثلاث أخوات فما دون.

الثالث: أن يكونوا أحياء منفصلين بالولادة، لا حمل.

الرابع: أن لا يكونوا مماليك ولا كفرة، وفي اشتراط أن لا يكونوا قاتلين للميت إشكال. والاظهر عدم الاشتراط، بل يحجب القاتل. فإذا تمت هذه

٢٣٠

الشروط حجب الاخوة الاُم عما زاد عن السدس هنا وفي جميع صور وجود الاب. أما مع فقد الاب فلا يحجبونه.

(مسألة ١٩): إذا كان الوارث الابوان مع زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، وللاُم الثلث أو السدس - على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة - والباقي للاب

(مسألة ٢٠): إذا تعدد الابناء الذكور واختص الميراث بهم كان المال بينهم بالسوية، وكذا إذا تعددت البنات واختص الميراث بهن. وإذا كان معهم زوج أو زوجة كان للزوج الربع وللزوجة الثمن، وكان الباقي بين الابناء أو البنات بالسوية.

(مسألة ٢١): إذا اجتمع الابناء الذكور والاناث وانحصر الميراث بهم كان المال بينهم للذكر مثل حظ الاُنثيين. وإذا كان معهم زوج أو زوجة، كان للزوج الربع وللزوجة الثمن، والباقي بين الابناء والبنات للذكر مثل حظ الاُنثيين.

(مسألة ٢٢): إذا ترك الميت أحد الابوين مع ابن واحد أو أبناء متعددين كان لاحد الابوين السدس، والباقي للابن أو الابناء يقسم بينهم بالسوية. ولوكان هناك أيضاً زوج أو زوجة كان للزوج الربع وللزوجة الثمن ولاحد الابوين السدس والباقي للابن أو الابناء يقسم بينهم بالسوية.

(مسألة ٢٣): إذا ترك الميت أبوين مع ابن واحد أو أبناء متعددين كان لكل واحد من الابوين السدس، والباقي للابن أو الابناء يقسم بينهم بالسوية. ولو كان هناك أيضاً زوج أو زوجة كان للزوج الربع وللزوجة الثمن، ولكل واحد من الابوين السدس، والباقي للابن أو الابناء يقسم بينهم بالسوية.

(مسألة ٢٤): إذا ترك الميت أحد الابوين مع بنت واحدة كان لاحد الابوين الربع وللبنت الباقي. ولو كان معهما زوج أو زوجة كان للزوج الربع، وللزوجة الثمن، والباقي بين أحد الابوين والبنت، لاحد الابوين ربعه وللبنت ثلاثة أرباعه.

٢٣١

(مسألة ٢٥): إذا ترك الميت أبوين مع بنت واحدة كان لكل واحد من الابوين خمس، وللبنت ثلاثة أخماس. ولو كان معهم زوج كان له الربع، ولكل واحد من الابوين السدس، والباقي للبنت. أما لو كان معهم زوجة فإنه يكون لها الثمن، والباقي يقسم أخماس، لكل واحد من الابوين خمسه، وللبنت ثلاثة أخماسه.

(مسألة ٢٦): إذا ترك الميت أحد الابوين مع بنتين أو أكثر كان لاحد الابوين الخمس، والباقي للبنات تقسم بينهن بالسوية. فإن كان معهم زوج كان له الربع، ولاحد الابوين السدس، والباقي للبنات يقسم بينهن بالسوية، أما لو كان معهم زوجة فلها الثمن، والباقي بين أحد الابوين والبنات، لاحد الابوين خمسه وللبنات أربعة أخماسه، تقسم بينهن بالسوية أيض.

(مسألة ٢٧): إذا ترك الميت أبوين مع بنتين أو أكثر كان لكل واحد من الابوين السدس، والباقي للبنات يقسم بينهن بالسوية. فإن كان معهم زوج أو زوجة كان للزوج الربع وللزوجة الثمن ولكل واحد من الابوين السدس والباقي للبنات يقسم بينهن بالسوية أيض.

(مسألة ٢٨): إذا ترك الميت أحد الابوين أو كليهما مع ابن واحد أو أكثر أو بنت واحدة أو أكثر كان لكل واحد من الابوين السدس، والباقي للابناء للذكر مثل حظ الاُنثيين. فإن كان معهم زوج أو زوجة كان للزوج الربع وللزوجة الثمن ولكل واحد من الابوين السدس والباقي للابناء للذكر مثل حظ الاُنثيين أيض.

(مسألة ٢٩): أولاد الاولاد يقومون مقام الاولاد عند عدمهم، ويحجبون المرتبة الثانية - وهي الاجداد والاخوان - ويأخذ كل فريق منهم نصيب من يتقرب به، فأولاد الابن يأخذون نصيب أبيهم، وأولاد البنت يأخذون نصيب اُمهم، وذلك بأن يفرض من يتقربون به موجود، فما يستحقه من الميراث يستحقه المتقربون به، فإذا كان للميت أولاد كثيرون قد توفوا في حياته ولم

٢٣٢

يعقب عقباً باقياً إلا بعضهم فرض ذلك البعض موجوداً وحده حين وفاته فما يستحقه من الميراث يستحقه عقبه، دون غيرهم من ورثته، كالزوج والزوجة.

(مسألة ٣٠): لا يتوقف ميراث أولاد الاولاد على فقد الابوين، بل يرثون معهما ويحجبونهما عما زاد على السدس، كما أنهم يحجبون الزوجين عن نصيبهما الاعلى وهو النصف والربع، وينزلونهما إلى النصيب الادنى وهو الربع والثمن.

(مسألة ٣١): إنما يرث أولاد الاولاد إذا لم يكن للميت ولد للصلب، وإلا حجبهم وكان الميراث له دونهم وإن كان واحداً واُنثى، لانه أقرب منهم للميت من حيثية البنوة.

(مسألة ٣٢): أولاد أولاد الاولاد مهما نزلوا يقومون مقام آبائهم، طبقة بعد طبقة، فترث الطبقة اللاحقة عند فقد الطبقة السابقة، ولا ترث مع وجودهاوإن كان الموجود واحداً واُنثى ، لانها أقرب منها للميت.

(مسألة ٣٣): يقتسم أولاد كل ولد مع تعددهم نصيب أبيهم أو اُمهم بينهم، فإن اتحدوا جنساً كان بينهم بالسوية، وإن اختلفوا كان بينهم للذكر مثل حظ الاُنثيين.

(مسألة ٣٤): يختص الولد الذكر الاكبر بالحبوة، وهي مصحف أبيه الميت وخاتمه وسيفه وثيابه. ويستحب لبقية الورثة أن يعطوه بقية أقسام السلاح الذي للميت وكتب العلم التي اتخذها للانتفاع والراحلة - وهي البعير الذي كان الميت يتخذه لسفره - والرحل، وهو ما يجعل على ظهر البعير حين الركوب، بل الأحوط استحباباً العموم لكل ما يختص الميت به من الاثاث، خصوصاً ما يختص به في سفره.

(مسألة ٣٥): لايشترط في استحقاق الولد الاكبر للحبوة أن يكون بالغاً ولا رشيد، فيستحقها الصبي، بل الحمل، والسفيه، بل المجنون.

(مسألة ٣٦): لا يشترط في استحقاق الحبوة أن يترك الميت غيرها مما يكون

٢٣٣

لبقية الورثة، فلو انحصرت التركة بها كانت للولد الاكبر ولم يستحق غيره شيئ.

(مسألة ٣٧): لا يبتني استحقاقه للحبوة على تعويضه للورثة ما يقابلها من التركة، بل يستحقها بتمامها من أصل التركة، زائداً على حصته من غيره. نعم هي متأخرة عن الدين المستوعب للتركة، فإذا أرادها كان عليه أن يؤدي ما يقابلها من الدين. ولو كان الدين مستوعباً لبقية التركة ولبعض الحبوة كان مقدماً عليها وكان على المحبو أن يفي ما يقابل ذلك البعض من الدين، فإذا كان مجموع التركة ثلاثين، وما يقابل الحبوة منها عشرة، وكان الدين خمسة وعشرين لحق الحبوة خمسة من الدين، فإذا وفاها استقل بالحبوة. أما إذا كان الدين ينقص عن مقدار الحبوة من التركة فلا يلحق الحبوة منه شيء ووجب وفاؤه من غيره. نعم إذا امتنع الورثة من الوفاء لم يستقل بالحبوة إلا بعد وفائه. فإن وفاه فالظاهر عدم جواز رجوعه على الورثة، وإن أرجع للحاكم الشرعي كان له ترخيصه في الوفاء بنية الرجوع عليهم فله الرجوع حينئذٍ، ويجري هذا في واجبات التجهيز التي تخرج من أصل التركة، فإنها تخرج مما عدا الحبوة مع وفائه به، ولا تخرج من الحبوة إلا مع عدم وفاء ما عدا الحبوة به.

(مسألة ٣٨): في جواز الوصية بأعيان الحبوة لغير الولد الاكبر إشكال، فاللازم الاحتياط بعدم الوصية بها لغيره، أو بإمضاء الولد الاكبر للوصية المذكورة، أو بالتصالح بين الولد الاكبر والموصى له به. ويجري ذلك في الوصية بثلث جميع التركة بنحو يشمله، فيجري الاحتياط المذكور بالاضافة إلى ثلث الحبوة.

(مسألة ٣٩): إذا كانت أعيان الحبوة مرهونة على دين في ذمة الميت وجب على الورثة وفاء الدين من غير الحبوة مع سعته لوفائه كسائر الديون. لكن ذلك لا يوجب حقاً للمحبو عليهم بحيث له إلزامهم به أو يكون له الوفاء عنهم والرجوع عليهم. أما إذا كان الدين في ذمة غير الميت فيقوم المحبو مقام الميت

٢٣٤

حسب اتفاقه مع المدين الذي سلطه على رهن الاعيان المذكورة.

(مسألة ٤٠): الظاهر دخول القلنسوة والجورب والنعل في الحبوة، لتبعيتها للثياب. وكذا غمد السيف لتبعيته للسيف.

(مسألة ٤١): المراد بالثياب هي التي كان الميت يلبسها معداً لها للبس، دون ما أعده للّبس ولم يلبسه أو لبسه صدفة من دون إعداد للّبس، أو لبسه ثم أعرض عنه وتركه، فضلاً عما اتخذه للادخار أو التجارة، وكذا الحال في الخاتم.

(مسألة ٤٢): المراد بالمصحف هو المصحف الذي كان الميت يقرأ فيه معداً له لذلك،على نحوما تقدم في الثياب. والمراد بالسيف هو الذي اتخذه لنفسه ليقاتل به.

(مسألة ٤٣): إذا تعدد المصحف أو الخاتم أو السيف كان الجميع حبوة.

(مسألة ٤٤): المراد بالولد الاكبر هو الاسبق ولادة لا علوق.

(مسألة ٤٥): إذا تعدد الولد الاكبر للميت بأن ولد له أكثر من واحد في وقت واحد. فالظاهر اشتراكهم في الحبوة.

(مسألة ٤٦): تختص الحبوة بولد الصلب، ولا يستحقها الاكبر من أولاد الاولاد، ولا من أولاد الولد الاكبر.

(مسألة ٤٧): قيل: يستحب لكل من الابوين الوارثين لولدهما إطعام الجد والجدة المتقرب به سدس الاصل إذا زاد نصيبه عن السدس.

٢٣٥

الفصل الرابع

في ميراث المرتبة الثانية

وهي الاخوة والاجداد. وقد سبق أنها لا ترث مع المرتبة السابقة، وإنما ترث مع فقده.

(مسألة ٤٨): إذا ترك الميت أخاً واحداً أو اُخت، أو جداً أو جدة، كان له المال كله. سواء كان الاخ والاُخت للاب والاُم، أم للاب وحده، أم للاُم وحده، وسواءً كان الجد أو الجدة للاب أم للاُم. فإن كان معه زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، والباقي للاخ أو الاُخت أو الجد أو الجدة.

(مسألة ٤٩): إذا ترك الميت إخوة فقط فالمال كله لهم، فإن كانوا كلهم للابوين قسّم المال مع اتحاد الجنس بينهم بالسوية، ومع اختلافه للذكر مثل حظ الاُنثيين. وكذا إن كانوا كلهم للاب فقط. أما إذا كانوا للاُم فقط فالمال يقسم بينهم بالسوية حتى مع اختلافهم في الجنس. فإن كان مع الاخوة زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، والباقي يكون للاخوة على النحو المتقدم.

(مسألة ٥٠): لا يرث الاخوة والاخوات للاب فقط مع الاخوة والاخوات للابوين، وإنما يرثون مع فقدهم. أما الاخوة للاُم فقط فإنهم يرثون مع الاخوة للابوين ومع الاخوة للاب فقط.

(مسألة ٥١): إذا ترك الميت إخوة بعضهم من الابوين أو الاب فقط وبعضهم من الاُم، فإن كان الذي من الاُم واحداً - ذكراً أو اُنثى - كان له السدس، وإن كان متعدداً كان له الثلث يقسم بينهم بالسوية. والباقي للذي

٢٣٦

من الابوين أو الاب فقط، فإن كان واحداً انفرد به، وإن كان متعدداً متحد الجنس قسّم بينهم بالسوية، وإن كان متعدداً مختلف الجنس قسّم بينهم للذكر مثل حظ الاُنثيين. فإن كان مع الاخوة في مفروض هذه المسألة زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، وللاخوة من الاُم نصيبهم المتقدم - وهو السدس مع الاتحاد والثلث مع التعدد - والباقي للاخوة من الابوين أو الاب.

(مسألة ٥٢): حيث سبق أن الاجداد في مرتبة الاخوة فلا يفرق في ذلك بين الجد القريب والجد البعيد، كأب الجد وجده واُم الجد أو الجدة وجدهم. نعم يحجب الجدُّ القريب الجد البعيد، فلا يرث البعيد مع وجود من هو أقرب منه، سواء كان الاقرب سبباً لاتصال الابعد بالميت، كأب الاب مع جد الاب، أم لم يكن كأب الاُم مع جد الاب.

(مسألة ٥٣): إذا ترك الميت جداً وجدة للاب وانحصر ميراثه بهما كان المال بينهما للجد الثلثان وللجدة الثلث، فإن كان معهما زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، والباقي بين الجدين للجد ثلثاه وللجدة ثلثه.

(مسألة ٥٤): إذا ترك الميت جداً وجدة للاُم وانحصر ميراثه بهما كان المال بينهما بالسوية. وإذا كان معهما زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع والباقي للجدين بالسوية.

(مسألة ٥٥): قد يترك الميت أجداداً بعضهم للاُم وبعضهم للاب أو الابوين، وذلك لا يكون في الجد إلا إذا كان بعيداً كجد الاب والاُم. وحينئذٍ إذا انحصر الميراث بهم كان للذي من قبل الاُم الثلث فإن كان واحداً انفرد به، وإن كان متعدداً اقتسموه بالسوية. والباقي للذي هو من قبل الاب أو الابوين، فإن كان واحداً انفرد به، وإن كان متعدداً فإن اتحدوا في الجنس كان بينهم بالسوية وإن اختلفوا اقتسموه بالتفاضل للذكر مثل حظ الاُنثيين. فإن كان معهم زوج

٢٣٧

أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع. ولمن هو من قبل الاُم من الاجداد الثلث على النحو المتقدم. والباقي لمن هو من قبل الاب من الاجداد على النحو المتقدم أيض.

(مسألة ٥٦): إذا اجتمع الجد أو الجدة - واحداً أو متعدداً - مع الاخ أو الاُخت - واحداً أو متعدداً - فالمشهور أن الجد كواحد من الاخوة، فإن كان الجد للاُم قاسم الاخوة من الاُم نصيبهم المتقدم بالتساوي، وإن كان الجد للاب قاسم الاخوة من الاب نصيبهم المتقدم بالتساوي مع اتحاد الجنس، وبالتفاضل - للذكر مثل حظ الاُنثيين - مع اختلاف الجنس، كالجدة مع الاخوة، والجد مع الاخوات. وإن اجتمع الجد أو الجدة للاب مع الاخوة للاُم وحدهم كان كما لو اجتمع الاخ أو الاُخت للاب مع الاخوة للاُم، وإن اجتمع الجد أو الجدة للاُم مع الاخوة للاب وحدهم كان كما لو اجتمع الاخ للاُم مع الاخوة للاب.

ولكن الذي يظهر من النصوص أن الجد مطلقاً - للاب كان أو للاُم - مع الاخوة كواحد من الاخوة للاب، والجدة كواحدة من الاخوات للاب. ولا يكونان كواحد من الاخوة للاُم. وعليه إن انحصر الميراث بالجد - حتى لو كان للاُم - والاخوة للاب كان كواحد منهم يقسم الميراث بينهم للذكر مثل حظ الاُنثيين، وإن كان معهم أخ أو إخوة للاُم كان للاخ أو الاخوة للاُم نصيبهم المتقدم - من السدس أو الثلث - والباقي للجد والاخوة من الاب، وإن كان معهم زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، والباقي للجد والاخوة من الاب. وإن انحصر الميراث بالجد - حتى لو كان للاُم - والاخ أو الاخوة للاُم كان للاخ أو الاخوة للاُم نصيبهم المتقدم، والباقي للجد، وإن كان معهم زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، وللاخ أو الاخوة للاُم نصيبهم المتقدم والباقي للجد.

٢٣٨

ويتعين العمل على ذلك، وإن كان الاحتياط بالصلح حسناً جد.

(مسألة ٥٧): يقوم أولاد الاخوة مقام الاخوة عند فقد الاخوة بأجمعهم فيشاركون الجد مع وجوده، ويستقلون بالميراث مع فقده. ويحجبون المرتبة الثالثة، وهي الاعمام والاخوال. أما مع وجود بعض الاخوة فلا يرث أولاد الاخوة وإن كانوا ولداً لغير الموجود. من دون فرق بين أقسام الاخوة من كونهم للابوين أو لاحدهم. فإذا وجد الاخ أو الاُخت للاب فقط أو للاُم فقط لم يرث أولاد الاخوة للابوين مع فقد آبائهم.

وهكذا الحال في أولاد أولاد الاخوة مهما نزلوا فإنهم يرثون - ويشاركون الجد - مع فقد من هو أعلى منهم طبقة ولا يرثون مع وجود بعض من هو أقرب منهم طبقة.

(مسألة ٥٨): يرث أولاد الاخوة والاخوات نصيب من يتقربون به بأن يفرض آباؤهم ورثة للميت، فما يرثه كل منهم يرثه ولده، فإذا كان للميت مثلاً خمسة إخوة قد أعقب منهم عقباً باقياً اثنان اُخت لابيه وأخ لاُمه، يفرض الاخوان المذكوران هما الوارثان للميت، وحيث كان ميراث الاخ للاُم السدس وللاُخت من الاب الباقي، يكون ميراث عقب الاخ للاُم السدس وإن كثرو، والباقي لعقب الاُخت للاب وإن كان واحداً ذكراً أو اُنثى.

(مسألة ٥٩): إذا كان عقب الاخ أو الاُخت واحداً انفرد بحصة من يتقرب به. وإن كان متعدداً اقتسموه بالسوية إن كان من يتقربون به أخاً أو اُختاً للميت من طرف اُمه فقط. وكذا إذا كان من يتقربون به أخاً أو اُختاً للميت من طرف أبيه، إذا كان العقب متحدين في الجنس، وإذا كانوا مختلفين في الجنس فالمشهور أنهم يقتسمونه بالتفاضل للذكر مثل حظ الاُنثيين، ولا يخلو من إشكال، فالأحوط وجوباً التصالح بينهم.

٢٣٩

الفصل الخامس

في ميراث المرتبة الثالثة

وهي الاعمام والاخوال، وقد تقدم أنها لا ترث مع وجود المرتبة الثانية.

(مسألة ٦٠): إذا ترك الميت عماً واحداً أو عمة واحدة أو خالاً واحداً أو خالة واحدة كان له الميراث كله. فإن كان معه زوج أو زوجة كان للزوج النصف وللزوجة الربع، والباقي للعم أو العمة أو الخال أو الخالة.

(مسألة ٦١): إذا تعدد الاعمام وانحصر الميراث بهم في طبقتهم كان لهم المال كله، إلا أن يكون معهم زوج أو زوجة فيستثنى نصيبهما المتقدم، ويبقى الباقي للاعمام. وحينئذٍ إن اتحدوا في الجنس - بأن كانوا كلهم ذكوراً أو إناثاً - كان المال بينهم بالسوية، وإن اختلفوا في الجنس كان المال بينهم للذكر مثل حظ الاُنثيين، فإن ترك عماً وعمة مثلاً كان للعم الثلثان وللعمة الثلث. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الاعمام جميعاً إخوة لاب الميت من أبويه أو من أبيه فقط أو من اُمه فقط، وأن يكونوا مختلفين.

نعم لا يرث المتقرب بالاب فقط مع وجود المتقرب بالابوين وإنما يرث مع فقده فيقوم مقامه، أما المتقرب بالاُم فقط فإنه يرث مع كل منهم،نظير ما تقدم في الاخوة. ولا يفرق في ذلك بين صورة انحصار الميراث بالاعمام - كما هو المفروض في هذه المسألة - ومشاركة الاخوال لهم.

(مسألة ٦٢): إذا تعدد الاخوال وانحصر الميراث بهم في طبقتهم كان لهم المال كله، إلا أن يكون معهم زوج أو زوجة، فيستثنى نصبيهما المتقدم،

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333