منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

منهاج الصالحين - المعاملات11%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 76693 / تحميل: 5311
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ويبقى الباقي للاخوال. وحينئذٍ يقتسمون المال بالسوية. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الاخوال جميعاً إخوة لاُم الميت من أبويها أو من أبيها فقط أو من اُمها فقط، وأن يكونوا مختلفين.

نعم لا يرث المتقرب بالاب فقط مع وجود المتقرب بالابوين، أما المتقرب بالاُم فإنه يرث مع كل منهم، نظير ما تقدم في الاعمام.

(مسألة ٦٣): إذا اجتمع العم أو الاعمام مع الخال أو الاخوال، كان للخال أو الاخوال الثلث، يقسم بينهم على النهج المتقدم، وللعم أو الاعمام الباقي يقسم بينهم على النهج المتقدم. إلا أن يكون معهم زوج أو زوجة، فيكون للزوج النصف وللزوجة الربع، وللاخوال الثلث، وللاعمام الباقي، فيقع النقص على الاعمام وحدهم.

(مسألة ٦٤): أولاد الاعمام والعمات والاخوال والخالات يقومون مقام الاعمام والعمات والاخوال والخالات عند فقدهم جميع، ولا يرثون مع وجود بعضهم، فلا يرث ولد العم مع وجود أبيه أو غيره من الاعمام. بل لا يرث ولد العم مع الخال. وكذا الحال في ولد الخال، فإنه لا يرث مع وجود أبيه أو غيره من الاخوال، ولا مع وجود العم.

(مسألة ٦٥): يستثنى مما تقدم ما إذا ترك الميت عمه أخا أبيه لابيه فقط وابن عمه أخي أبيه لابيه واُمه، فإن ابن العم يمنع العم حينئذٍ. ولو كان معهما خال أو خالة حجب ابن العم وكان الميراث للعم والخال أو الخالة. ولو تعدد العم أو ابن العم أو كان معهما زوج أو زوجة ففي حجب العم وميراث ابن العم إشكال، والأحوط وجوباً التصالح.

(مسألة ٦٦): يرث أولاد الاعمام والاخوال ميراث من يتقربون به على النحو المتقدم في ميراث أولاد الاخوة، ويقتسمونه بينهم لو تعددوا على النحو

٢٤١

المتقدم هناك. فراجع المسألتين الاخيرتين من الفصل السابق.

(مسألة ٦٧): الاعمام والاخوال طبقات مترتبة، فأعمام الميت وأخواله مقدمون على أعمام أبويه وأخوالهم، وأعمام الابوين وأخوالهما مقدمون على أعمام الاجداد وأخوالهم وهكذ، وكل طبقة لا ترث إلا مع فقد جميع أفراد الطبقة السابقة عليه. بل أولاد كل طبقة وإن نزلوا يقومون مقام آبائهم، ويقدمون على الطبقة اللاحقة. وكل صنف منهم يرث نصيب من يتقرب به. ويقتسمون النصيب بينهم مع تعددهم على النهج المتقدم في ميراث أولاد الاخوة المتقدم في المسألة الاخيرة من الفصل السابق.

(مسألة ٦٨): قد يجتمع لوارث جهتان، وذلك على صور..

الاُولى: أن يكونا من نوع واحد، كالجدودة في مثل الجد للاب وللاُم.

الثانية: أن يكونا من نوعين من طبقة واحدة، كالخؤولة والعمومة. ومثاله ما إذا كان زيد أخا عمرو لابيه، وهند اُخت عمرو لاُمه، فتزوج زيد هنداً فأولدها بكر، فإن عمر يكون عم بكر وخاله، ومثل ذلك ما إذا كان الشخص عم أبي الميت وخال اُمه أو بالعكس.

الثالثة: أن تكون إحدى الجهتين نسباً والاُخرى سبب، كالقرابة والزوجية، كما لو كان الزوجان ابني عم. وفي الصور الثلاث يتعين الميراث من كلتا الجهتين، إلا أن تكون إحداهما مانعة من الاُخرى، فيرث بالجهة المانعة دون الممنوعة، كما في أخ هو ابن عم، كما لو تزوج زيد هنداً فأولدها عمر، ثم تزوجها أخوه فأولدها بكر، فإن بكراً أخو عمرو لاُمه وابن عمه.

٢٤٢

الفصل السادس

في الميراث بالولاء

وقد تقدم أن الولاء متأخر عن مراتب النسب الثلاث، فلا يكون سبباً للميراث مع وجود أحده. كما تقدم أنه ثلاث مراتب أيض، ولا ترث المتأخرة شيئاً مع وجود المتقدمة.

الاُولى: ولاء العتق. فإن من أعتق عبداً كان له ميراثه بشروط أعرضنا عن ذكرها كما أعرضنا عن فروع ذلك، لندرة الابتلاء بالعتق في عصورنا أو عدمه.

الثانية: ولاء ضمان الجريرة. والمراد بالجريرة دية قتل الخطأ الذي تتحمله عاقلة القاتل، وهم ورثته على تفصيل يأتي في كتاب الديات إن شاء الله تعالى، فإذا لم يكن للانسان وارث نسبي، ولا معتق وارث فإن له أن يتولى شخصاً على أن يضمن جريرته، فإن فعل ذلك كان الضامن وارثاً له.

(مسألة ٦٩): لابد في حصول الولاء من ضمان الجريرة، فيترتب عليه الميراث، من دون حاجة للتنصيص عليه. نعم لا يضر التنصيص عليه مع ضمان الجريرة. ولا يكفي في الولاء الالتزام بالارث وحده من دون ذكر ضمان الجريرة، فإن اقتصر على الالتزام بالارث لم يترتب الميراث، فضلاً عن ضمان الجريرة.

(مسألة ٧٠): ضمان الجريرة من العقود. فهو عقد يتضمن الولاء من شخص لآخر على أن يضمن جريرته، ولابد فيه من الايجاب والقبول كسائر العقود، فيقول الضامن مثلاً: واليتك على أن أعقل عنك وأضمن جريرتك، فيقول المضمون: قبلت، أو يقول المضمون عنه: واليتك على أن تعقل عني وتضمن جريرتي، فيقول الضامن: قبلت.

٢٤٣

(مسألة ٧١): يمكن فسخ عقد ضمان الجريرة بالتقايل من الطرفين. بل في لزومه في حق كل منهما بحيث ليس له فسخه من دون رضا الطرف الآخر إشكال، واللازم الاحتياط.

(مسألة ٧٢): يشترط في المضمون عنه أن لا يكون له من يعقل عنه من الارحام أو المعتق. وفي اشتراط عدم الوارث له وإن لم يكن عليه عقل كالنساء إشكال، وكذا الاشكال في بطلان عقد ضمان الجريرة لو حصل العاقل او الوارث من الارحام وتجدد بعد العقد.

(مسألة ٧٣): ضمان الجريرة إنما يقتضي ميراث الضامن للمضمون، ولا يقتضي ميراث المضمون للضامن، إلا أن يكون الضمان من الطرفين.

(مسألة ٧٤): إذا مات ضامن الجريرة لم ينتقل الضمان لورثته.

(مسألة ٧٥): ضامن الجريرة يرث جميع المال، إلا أن يكون معه زوج أو زوجة، فيكون للزوج النصف وللزوجة الربع، ولضامن الجريرة الباقي.

الثالثة: ولاء الامامة. فإن الامام وارث من لا وارث له من المراتب السابقة للنسب والولاء.

(مسألة ٧٦): إذا لم يكن للميت وارث إلا الزوجة كان لها الربع، والباقي للامام. أما إذا انحصر الميراث بالزوج فإنه له النصف بالاصل، ويرد عليه النصف الثاني أيض، ولا يرثه الامام.

(مسألة ٧٧): إذا أوصى من لا واث له بماله كله في المسلمين والمساكين وابن السبيل نفذت وصيته ولم يكن للامام شيء. أما إذا أوصى بجميع ماله في غير ذلك فلا تنفذ وصيته إلا في الثلث، وكان الباقي للامام.

(مسألة ٧٨): إذا كان الامام ظاهراً كان الميراث له يعمل به ما يشاء.

٢٤٤

وقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يفرقه في فقراء أهل بلد الميت. وأما في عصر الغيبة فيجري عليه حكم سهم الامام عليه السلام من الخمس يراجع فيه الحاكم الشرعي وعليه أن يتولى صرفه في مصارف السهم المذكور. والاولى صرفه في المحتاجين من أهل بلد الميت.

(مسألة ٧٩): المراد بمن لا وارث له من يعلم بعدم الوارث له من الارحام المسلمين والمعتق وضامن الجريرة، كالذي يسلم من الكفار وحده ويموت قبل أن يحصل له وارث مسلم من الطبقات السابقة أو ينفرد بنسبه حتى يبعد من يشاركه في النسب بحيث لايصدق عليه أنه رحمه. ويلحق به اللقيط قبل أن يعرف أهله، دون من كان له وارث من المسلمين إلا أنه لا يعرف بسبب انقطاعه عن أهله وبعده عنهم كالمسافر المنقطع والحاضر المنحاز عن أهله لخوف أو نحوه، بحيث لا يعرف أهله، فإن مثل هذا لا يرثه الامام، بل يرثه أهله وإن كانوا مجهولين، فيجري على تركته حكم مجهول المالك من وجوب الفحص عن صاحبه. ومع اليأس عن العثور عليه يجوز أن يتصدق به على الفقراء عن صاحبه، على ما تقدم في ذيل كتاب اللقطة.

الفصل السابع

في ميراث الازواج

الزوجية من أسباب التوارث بين الزوجين إذا كانت دائمة، أما إذا كانت منقطعة فلا توجب التوارث إلا مع اشتراطه في عقد الزواج، وفي صحة اشتراط الميراث لاحدهما دون الآخر إشكال.

(مسألة ٨٠): لا يشترط في توارث الزوجين الدخول، فلو مات أحدهما قبل الدخول ورثه الآخر، إلا في زواج المريض فإنه لا يصح من دون دخول، فلا

٢٤٥

يترتب عليه الميراث، كما تقدم في أواخر فصل العيوب والشروط من كتاب النكاح.

(مسألة ٨١): يلحق بالزوجية العدة الرجعية، فإنها بحكم الزوجية يثبت التوارث مع موت أحد الزوجين فيه. كما تقدم في أواخر الفصل االرابع من كتاب الطلاق. كما يلحق بها المطلقة من قبل المريض إلى سنة بشروط تقدمت في آخر الفصل الثالث من كتاب الطلاق أيض.

(مسألة ٨٢): مما تقدم يظهر أن للزوج النصف من زوجته إذا لم يكن لها ولد ذكر ولا اُنثى، وإن نزل كولد الولد، والربع إذا كان لها ولد. وللزوجة الربع من زوجها إذا لم يكن له ولد، والثمن إذا كان له ولد. ولا ينقصان عن ذلك ولا يزادان مع جميع طبقات الميراث. إلا الزوج مع عدم وجود وارث للزوجة غير الامام، فإنه له تمام المال، وليس للامام شيء، كما تقدم في الفصل السابق.

(مسألة ٨٣): مع تعدد الزوجات وما اُلحق بهن يشتركن في سهم الزوجية المتقدم بالتساوي.

(مسألة ٨٤): الزوج كسائر الورثة يرث نصيبه من جميع ما تتركه الزوجة من الارض وغيرها من المنقول وغيره. أما الزوجة فإنما ترث نصيبها من المنقول - كالنقود والبضائع والسفن والحيوانات وغيرها - دون الارض المجردة أو العامرة بالبناء أو الزرع أو نحوهم، فإنها لا ترث من عينها ولا من قيمته. نعم ترث مما ثبت فيها من البناء والشجر والاخشاب والالات ونحوه. وللوارث دفع قيمة ذلك ويجب عليها القبول به.

(مسألة ٨٥): الثابت في الارض إن كان تابعاً لها أو للبناء عرفاً لم تستحق الزوجة من عينه بل من قيمته كعريش العنب والناعور وتجهيز الماء والكهرباء والابواب والمغاسل ونحوه. وإن لم يكن تابعاً لها وإنما ثبت فيها لتوقف أداء وظيفته على ذلك، فالظاهر أنها تستحق سهمها من عينه كالمعامل المنصوبة في

٢٤٦

الارض والمكائن الزراعية ونحوه، فليس للوارث إلزامها بقبول القيمة.

(مسألة ٨٦): كيفية التقويم في البناء أن تُقوّم أجزاؤه بذاتها لا بما أنها مبنية. وفي مثل النخل والشجر أن يقوّم بما هو نخل أو شجر أو نحوها غير مستحق للبقاء في الارض.

(مسألة ٨٧): ترث الزوجة من عين ثمرة النخل والشجر والزرع الموجودة حال موت الزوج، وليس للوارث إجبارها على القيمة.

(مسألة ٨٨): إذا لم يدفع الوارث القيمة فإن كان عن تراض منه ومنها واتفاق بينهما فهما على اتفاقهم. وإن لم يكن عن تراض منهما كان لها سهمها من اُجرة أجزاء البناء على من استوفى منفعته. ولها سهمها من عين ثمرة الشجر ونحوه.

(مسألة ٨٩): إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء قبل دفع القيمة للزوجة فالظاهر أن لها المطالبة بسهمها من العين وليس للوارث إجبارها على أخذ القيمة. بخلاف ما إذا كان البناء مستعداً للانهدام والشجر مستعداً للقلع أو القطع، فإنه ليس لها المطالبة بسهمها من العين، بل للوارث إجبارها على أخذ القيمة. نعم إذا خرج الشجر عن كونه شجراً بل صار حطباً فالظاهر أنه كالثمر تستحق سهمها من عينه وليس للوارث إجبارها على أخذ قيمته.

(مسألة ٩٠): القنوات والعيون والآبار ترث الزوجة من آلاته، وللوارث إجبارها على أخذ القيمة. أما الماء الموجود فيها فإنها ترث من عينه، وليس للوارث إجبارها على أخذ قيمته.

(مسألة ٩١): إذا حفر سرداباً أو بئراً قبل أن يصل إلى حد النبع فإن كان فيه بناء استحقت منه، وكان للوارث إجبارها على أخذ القيمة، وإن لم يكن فيه بناء فلا تستحق منه شيئاً - كالارض - حتى لو كان له قيمة في نفسه أو كان سبباً في زيادة قيمة الارض التي حفر فيه. ومثل ذلك ما إذا شق في الارض طريقاً أو

٢٤٧

أنشأ فيها سدة ترابية أو نحو ذلك.

(مسألة ٩٢): إذا لم يدفع الوارث القيمة للزوجة فإن كان ذلك عن رضا منه بمشاركتها في العين وإسقاط منه لحقه في التبديل بالقيمة نفذ ذلك عليها وعليه وليس له الرجوع فيه، وإن لم يكن كذلك، بل كان عن عجز منه عن القيمة أو تسويف منه في دفعها فلا يلزم بذلك، وله دفع القيمة متى شاء.

(مسألة ٩٣): المدار في القيمة على قيمة يوم الدفع. إلا أن يتصالح الوارث والزوجة على قيمة معينة قبل الدفع، فتلزم عملاً بمقتضى الصلح.

(مسألة ٩٤): الزوجة وإن كانت لا ترث من الارض - كما سبق - إلا أنها ترث من الحقوق المتعلقة بالارض كحق السرقفلية وحق الخيار الذي لا يشترط فيه المباشرة وينتقل للوارث، فإذا باع الزوج الارض أو اشتراها بخيار إلى أجل ثم مات ورثت الزوجة الحق المذكور ولم يختص به غيرها من الورثة، بل هي مثلهم في السلطنة على إعمال الحق المذكور بالنحو الذي يأتي توضيحه في الخاتمة إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٩٥): ما يخرج من أصل التركة كالديون والواجبات المالية يؤخذ من أرض وغيرها من أقسام التركة بالنسبة، فإذا كان مجموع التركة مثلاً مائة وعشرين ألف دينار ثلثها أرض وثلثاها غير أرض، وكانت الاُمور المذكورة من الديون وغيرها بقدر أربعين ألف دينار، فثلثها يخرج من الارض، وثلثاها من الباقي لعدم المرجح، وعليه يكون ثُمن الزوجة ثلثي العشرة آلاف دينار. ولا مجال لآخراجها بأجمعها من غير الارض المستلزم لكون ثمن الزوجة خمسة آلاف دينار، لأن في ذلك إجحافاً بالزوجة، ولا لآخراجها بأجمعها من الارض المستلزم لكون ثمن الزوجة عشرة آلاف دينار تامة، لأن في ذلك اجحافاً ببقية الورثة. وهذا أمر قد يغفل عنه.

٢٤٨

الفصل الثامن

في ميراث ولد الملاعنة والزن

والحمل والمفقود

(مسألة ٩٦): تقدم في فصل اللعان من كتاب الطلاق أن ولد الملاعنة ترثه اُمه ومن يتقرب بها - كالاخوة للاُم والجد للاُم والاخوال - دون الاب ومن يتقرب به - كالاخوة للاب والجد للاب والاعمام - وعلى ذلك يكون إخوته لابويه بحكم إخوته لاُمه، فيشاركون إخوته لاُمه في ميراثهم، وتكون قسمة الميراث بين الجميع بالسوية.

(مسألة ٩٧): كما ترثه اُمه ومن يتقرب بها يرثه بقية الورثة غير الاب ومن يتقرب به كالزوجين وضامن الجريرة والامام. وعلى ذلك يفرض كما لو لم يكن له أب ولا من يتقرب به وتجري على تركته قسمة المواريث في حق غيرهم وفق الضوابط المتقدمة فيمن لم يكن له أب ولا من يتقرب به، فلا نطيل بإعادته.

(مسألة ٩٨): لا يرث ولد الملاعنة أباه، ولا قرابة أبيه كإخوته من أبيه وجده لابيه وأعمامه، ولا يرثه أبوه ولا أحد منهم.

(مسألة ٩٩): إذا ادعى الاب بعد الملاعنة الولد وأكذب نفسه اُلحق الولد بالاب وورث الاب دون قرابة الاب، فإنه لا يرثهم بذلك. أما الاب فلا يرث الولد إذا ادعاه.

(مسألة ١٠٠): يرث ولد الملاعنة اُمه وإخوته من اُمه وإخوته من أبيه واُمه، لكن يحكم عليه بأنه أخوهم من اُمهم لا غير.

٢٤٩

(مسألة ١٠١): يرث ولد الملاعنة جده لاُمه مطلق، وكذا يرث أخواله إذا ادعاه أبوه بعد الملاعنة. وأما إذا لم يدعه أبوه ففي ميراثه من أخواله إشكال، فاللازم الاحتياط.

(مسألة ١٠٢): يرث ولد الملاعنة بقية الناس ويرثونه بأسباب الميراث الشرعية كالزوجية والولاء.

(مسألة ١٠٣): إذا تبرَّأ الاب من جريرة ابنه ومن ميراثه فلا أثر للتبرؤ من الميراث، فإن مات الولد ورثه أقرب الناس إليه سواءً كان الاب أم غيره.

(مسألة ١٠٤): ولد الزنا لا يرثه أبوه الزاني ولا من يتقرب به ولا يرثهم هو، ولا ترثه اُمه الزانية ولا من يتقرب بها ولا يرثهم هو، بل يثبت التوارث بينه وبين غيرهم من الورثة كأولاده والزوج أو الزوجة، كما يورث ويرث بالولاء كولاء ضمان الجريرة والامامة على النحو المتقدم في غيره. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في أوائل أحكام الاولاد من كتاب النكاح.

(مسألة ١٠٥): إذا كان الزنا من أحد الابوين مع الشبهة من الآخر ثبت التوارث بينه وبين صاحب الشبهة ومن يتقرب به دون الزاني ومن يتقرب به، كما تقدم هناك أيض.

(مسألة ١٠٦): الحمل حين موت المورث يرث منه إذا سقط حياً بأن صاح أو تحرك حركة الحياة أو غير ذلك مما يعلم منه حياته. أما إذا سقط ميتاً فإنه لا يرث وإن كان حياً قبل انفصاله عن اُمه وتمام ولادته.

(مسألة ١٠٧): تثبت حياة المولود بالبينة وهي رجلان عدلان. كما تثبت بشهادة أربع نساء. ولو شهدت امرأة واحدة ثبت بشهادتها ربع الميراث، فإن كانتا اثنتين ثبت نصف الميراث، فإن كنّ ثلاثاً ثبت ثلاثة أرباع الميراث. نعم لو حصل العلم بقولها أو قولهن ثبت له تمام الميراث في حق من حصل له العلم.

٢٥٠

(مسألة ١٠٨): إذا سقط حياً فورث سهمه ثم مات ورثه أقرب الناس إليه.

(مسألة ١٠٩): إذا علم باتحاد الحمل عزل له عند قسمة الميراث سهم واحد، وإن علم بتعدده عزل له بقدره، ولو شك في ذلك اقتصر على الاقل. إلا أن يرضى الورثة بعزل الأكثر احتياط. كما أنه إن علم بكونه ذكراً عزل له سهم الذكر، وإن علم بأنه اُنثى عزل له سهم الاُنثى، وإن جهل حاله عزل له سهم الذكر احتياطاً حتى يتبين الحال. فإن تبين حاله عمل عليه. وإن مات ولم يتبين حاله تعين الصلح بين وارثه وبقية الورثة.

(مسألة ١١٠): المفقود لغيبة ونحوها إذا لم يعلم حياته ولا موته يتربص بماله أربع سنين مع الفحص عنه في الارض، وعشر سنين من دون فحص ولو لتعذر الفحص، ثم يحكم بموته، فيدفع ماله لوارثه بعد مدة التربص. كما أنه إذا مات له مورث قبل مضي مدة التربص حكم بإرثه منه. أما إذا مات بعد مدة التربص فلا يحكم بإرثه منه. وقد تقدم في أواخر كتاب الدين ما ينفع في المقام، لأن المقامين من باب واحد.

هذا إذا لم يكن له من يكلف بالانفاق عليه، أما مع وجوده - كما لو كان له أولاد محتاجين - فيجوز الانفاق عليه من ماله قبل مدة التربص.

(مسألة ١١١): إذا تعارف اثنان بالنسب وتصادقا عليه توارث، على تفصيل تقدم في فصل أحكام الاولاد من كتاب النكاح.

٢٥١

الفصل التاسع

في ميراث الخنثى وما يشبهه

المعيار في الذكورة والاُنوثة في الانسان شرعاً على العضو الذكري والعضو الاُنثوي، فواجد العضو الذكري وحده ذكر، تترتب عليه أحكام الذكر شرع، وواجد العضو الاُنثوي وحده اُنثى تترتب عليه أحكام الاُنثى شرع، ولا عبرة بغير ذلك من لوازم الذكورة والاُنوثة الغالبية ظاهرة كانت - كاللحية في الذكر وكبر الثديين في الاُنثى - أو خفية كالاحساسات الغريزية التي يدركها الشخص نفسه وكالهرمونات الذكرية والاُنثوية التي يعرفها أهل الاختصاص في زماننا هذ، لامكان الشذوذ الخلقي في اللوازم المذكورة.

ويترتب على ذلك أمران..

الأول: أنه لا يتحول الذكر اُنثى ولا الاُنثى ذكراً بعملية جراحية أو أدوية تستهدف الفوارق الجسدية بين الجنسين. نعم لو تبدل الحال خلقياً بمعجزة أو نحوها تحقق التحول عرف، إلا أن ذلك لو وقع فهو شذوذ في التكوين لا يخضع لسيطرة الانسان.

الثاني: أن الخنثى هو الانسان الواجد للعضوين مع، ولا عبرة بغيرهما من الخواص مهما كانت. وحينئذٍ إن علم بأنه من أحد الجنسين، لعدم كون العضو الآخر حقيقي، وإنما هو بصورة العضو عمل على العلم المذكور. وإلا فلا طريق للعلم بأنه من أحد الجنسين، مع قطع النظر عن الامارات الاتية، لانه بعد كون معيار الجنس هو العضو دون بقية الخواص، وفرض وجود العضوين مع،

٢٥٢

كيف يتيسر العلم بأنه من أحد الجنسين !. ومن ثم لابد من النظر في العلامات الشرعية. وهو ما عقد له هذا الفصل..

(مسألة ١١٢): الخنثى إن كان يبول من فرج الرجال دون فرج النساء اُلحق بالرجال واستحق ميراثهم، وإن كان يبول من فرج النساء دون فرج الرجال اُلحق بالنساء واستحق ميراثهن.

(مسألة ١١٣): الخنثى إن كان يبول من الفرجين معاً كان العمل على ما يسبق منه البول. فإن كانا سواءً في ذلك فالعمل على ما ينبعث منه البول ويقوى اندفاعه.

(مسألة ١١٤): إذا لم يعلم حال الخنثى من جهة البول، فإن تيسر عدّ أضلاعه من الجانبين، فإن اختلفت بأن كانت سبعة عشر تسعة في اليمين وثمانية في اليسار فهو رجل، وإن تساوت بأن كانت ثمانية عشر في كل جانب تسعة فهو اُنثى.

(مسألة ١١٥): إذا لم يتيسر الرجوع للامارات السابقة في تعيين حال الخنثى إما لتعارضها أو لعدم وضوحه، كما لو مات قبل أن يبول أولم يتضح عدد أضلاعه، صار الخنثى مشكلاً الذي يأتي حكمه.

(مسألة ١١٦): يعطى الخنثى المشكل نصف نصيب الذكر ونصف نصيب الاُنثى. وذلك بأن يفرض ذكراً ويقسم الميراث بينه وبين بقية الورثة على الفرض المذكور، ثم يفرض اُنثى ويقسم الميراث بينه وبين بقية الورثة على الفرض المذكور. ثم يعطى هو وبقية الورثة نصف كل من السهمين الحاصل في الفرضين. مثلاً إذا ترك الميت ولداً ذكراً وخنثى، يقسم الميراث اثني عشر سهم، فإذا فرض الخنثى ذكراً كان له ستة وللذكر ستة، وإذا فرض الخنثى اُنثى كان له أربعة وللذكر ثمانية، فيعطى الخنثى نصف كل من السهمين، وهو خمسة ويعطى الذكر نصف كل من السهمين، وهو سبعة. وإذا ترك الميت ذكرين وخنثى يقسم الميراث ثلاثين سهماً فإذا فرض الخنثى ذكراً كان له عشرة، ولكل من الذكرين

٢٥٣

عشرة، وإذا فرض الخنثى اُنثى كان له ستة، ولكل من الذكرين اثنى عشر، فيعطى الخنثى نصف كل من السهمين، وهو ثمانية، ويعطى كل من الذكرين نصف كل من السهمين وهو أحد عشر. وإذا ترك الميت أباً وولداً خنثى يقسم الميراث أربعة وعشرين سهم، فإذا فرض الخنثى ذكراً كان له عشرون وللاب أربعة، وإذا فرض الخنثى اُنثى كان له ثمانية عشر وللاب ستة، فيعطى الخنثى نصف كل من السهمين وهو تسعة عشر، ويعطى الاب نصف كل من السهمين وهو خمسة. وعلى هذا تجري قسمة الميراث في جميع فروض المسألة.

(مسألة ١١٧): من ليس له عضو الذكر ولا عضو الاُنثى يورث بالقرعة يكتب على سهم (عبد الله) وعلى سهم (أمة الله) ثم يدعو المقرع الله ويبتهل إليه في كشف الحال، ثم يطرح السهمان في سهام ليس عليها كتابة ثم تشوش السهام ثم يأخذ المقرع سهماً فسهماً حتى يقع على أحد السهمين المكتوب عليهما فأيهما خرج أولاً عمل عليه، وورث المولود على مقتضاه.

(مسألة ١١٨): الأحوط وجوباً أن يكون الاقتراع برضا الورثة كلهم عند إرادة معرفة الحال من أجل قسمة المال، ولا يكتفى بتسرع شخص بالاقتراع من دون مراجعتهم. بل الأحوط وجوباً أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة ١١٩): يستحب أن يقول المقرع عند الدعاء: (اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن لنا أمر هذا المولود حتى كيف يورث ما فرضت له في الكتاب).

(مسألة ١٢٠): إذا لم يعلم حال المولود أنه ذكر أو اُنثى لموانع خارجية، كما لو غرق أو أكله السبع أو نحو ذلك، ففي الرجوع للقرعة - كما في الفاقد للعضوين - أو للتنصيف - كما في الخنثى المشكل - وجهان فلا يترك الاحتياط بالتصالح.

(مسألة ١٢١): من له رأسان على صدر واحد أو بدنان على حقو واحد

٢٥٤

يترك حتى ينام ثم ينبه، فإن انتبها جميعاً كان له ميراث واحد، وإن انتبه أحدهما دون الآخر كان له ميراث اثنين. والظاهر التعدي من الميراث إلى سائر أحكام الواحد والمتعدد.

الفصل العاشر

في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

الغرقى والمهدوم عليهم إن علم بالمتقدم منهم موتاً والمتأخر ورث المتأخر من المتقدم ولم يرث المتقدم من المتأخر، وإن علم بتقارنهم في الموت لم يرث بعضهم من بعض، وإن جهل المتقدم والمتأخر ورث بعضهم بعض.

(مسألة ١٢٢): كيفية التوراث بينهم أن يفرض كل طرف حياً حين موت الآخر، فيرث من مال الآخر الاصلي الذي كان له في حياته، ثم يعكس الفرض، فيفرض الآخر حياً حين موت صاحبه، فيرث من ماله الذي كان له في حياته دون المال الذي ورثه من الاول. مثلاً: إذا غرق الزوجان وكان للزوج أربعمائة دينار وللزوجة أربعة آلاف درهم، ولم يكن لهما أولاد، فرض الزوج حياً حين موت زوجته فيرث منها ألفا درهم، ثم فرضت الزوجة حية حين موت زوجها فترث منه مائة دينار، فيدفع لورثة الزوج الآخرين ثلاثمائة دينار بقية تركته الاصلية وألفا دينار التي ورثها من زوجته، ويدفع لورثة الزوجة ألفا درهم بقية تركتها الاصلية ومائة دينار التي ورثتها من زوجه.

ويجري هذا لو كان الغرقى أو المهدوم عليهم الذين يرث بعضهم من بعض أكثر من اثنين، كأب واُم وولدهم. فيفرض الاُم والولد حيين حين موت الاب فيرثان من ماله الاصلي، ويفرض الاب والولد حيين حين موت الاُم فيرثان من مالها الاصلي، ويفرض الاب والاُم حيين حين موت الولد فيرثان

٢٥٥

من ماله الاصلي، ثم يدفع لوارث كل منهم غير الغريق بقية مال مورثه الاصلي وما ورثه من الغريقين الآخرين.

(مسألة ١٢٣): كما يفرض كل طرف حياً حين موت الآخر من أجل ميراثه منه، كذلك يفرض حياً من أجل ميراث الحي غير الغريق من المال الاصلي للغريق لو كان لحياته أثر في ذلك. مثلاً: إذا غرقت الزوجة مع ابنتها من غير الزوج ولم يكن لها ذرية غيرها وبقي الزوج، فالزوج يرث من المال الاصلي للزوجة الربع لا النصف، للحكم ببقاء بنتها حين موته، والثلاثة الارباع الباقية من مال الزوجة للبنت الغريقة مع اُمها تدفع لورثة البنت. كما أنه لو كان للبنت في الفرض مال أصلي فلا يكون بتمامه لابيه، بل له منه الثلثان، للحكم بحياة اُمها حين موتها فترث من المال المذكور الثلث، ويكون لورثة الاُم، ومنهم الزوج.

(مسألة ١٢٤): كما يفرض كل طرف حياً من أجل ميراثه من الآخر ومن أجل ميراث الحي منه - كما تقدم - كذلك يفرض حياً من أجل منع ميراث غريق آخر منه لو كان حاجباً له. مثلاً: لو غرق أب وولداه، فلا توارث بين الولدين الاخوين، للحكم بحياة الاب عند موت كل منهما فيكون حاجباً للآخر، لأن الاب يحجب الاخ، فيحكم في الفرض مع تأخر الورثة الاحياء لكل منهم عن صاحبيه طبقة بانتقال المال الاصلي لكل من الولدين للاب، وبانتقال المال الاصلي للاب لهما مع. مثلاً: إذا كان للاب غنم، وللولد الكبير ألف دينار وللصغير ألف درهم حكم بميراث الاب من الولدين الدراهم والدنانير، وبميراثهما من أبيهما الغنم بالتناصف. والظاهر عدم ميراث كل منهما من الاب ما ورثه الاب من الآخر. فلا يرث الكبير من أبيه الدراهم التي ورثها من الصغير، ولا يرث الصغير من أبيه الدنانير التي ورثها من الكبير، بل يقتصر ميراثهما على الغنم يدفع لورثة كل منهما حصته منه ويختص الوارث الحي للاب بالدراهم والدنانير.

٢٥٦

(مسألة ١٢٥): لا يشترط في ميراث بعضهم من بعض التوارث من الجانبين، بل لو كان أحد الطرفين يرث من الآخر دون العكس ثبت الميراث كذلك، فلو غرق أخوان لاحدهما أولاد دون الآخر ورث صاحب الاولاد أخاه ولم يرثه أخوه، بل يكون ميراثه لاولاده، فيصير لهم ماله الذي كان عنده في حياته وما ورثه من أخيه الغريق معه.

(مسألة ١٢٦): لا يشترط في ميراث بعضهم من بعض أن يكون لكل من الطرفين مال، فلو كان لاحد الطرفين مال دون الآخر ورث من ليس له مال من صاحبه ولم يرث صاحبه منه، فيكون المال لوارث من ليس له مال، ولا يبقى لوارث من له مال شيء إذا كان الغريق حاجباً له. مثلاً: إذا غرق أخوان لاُم ولكل منهما عم ليس له وارث غيره بعد الاخ وكان لاحدهما مال دون الآخر فالمال يصير لعم من ليس له مال، ولا يبقى لعم من له مال شيء.

(مسألة ١٢٧): إذا مات المتوارثون بغير الغرق والهدم، فهنا صور..

الاوُلى: أن يعلم بالمتقدم والمتأخر، ولا إشكال في ميراث المتأخر من المتقدم دون العكس.

الثانية: أن يعلم بالتقارن، ولا إشكال - حينئذٍ - في عدم الثوارث، نظير ما تقدم في الغرقى والمهدوم عليهم.

الثالثة: أن يتردد الامر بين التقارن وعدمه. وحينئذٍ إن علم تاريخ موت بعضهم وجهل تاريخ موت الآخر حكم بميراث مجهول تاريخ الموت من معلوم تاريخ الموت دون العكس، فإذا مات الاب والابن وعلم بأن الاب مات عند الزوال ولم يعلم بتاريخ موت الابن حكم بميراث الابن من الاب وعدم ميراث الاب من الابن. وإن جهل تاريخ موت كل منهما حكم بعدم التوارث منه، فكل منهما لا يرث الآخر.

٢٥٧

الرابعة: أن يعلم بعدم التقارن مع الجهل بالمتقدم والمتأخر، فإن علم بتاريخ موت أحدهم وجهل تاريخ موت الآخر حكم بميراث مجهول تاريخ الموت من معلوم تاريخ الموت، نظير ما سبق في الصورة الثالثة. وإن جهل تاريخ الموت في الكل فقيل بالرجوع للقرعة في تعيين الوارث. ولكن الظاهر عدم الرجوع إليه، بل يحكم بعدم التوارث. وإن كان الأحوط استحباباً الصلح ولو بالرجوع للقرعة.

هذا كله في فرض التوارث من الجانبين، أما إذا كان الميراث من جانب واحد - كما إذا مات أخوان لاحدهما أولاد دون الآخر - فمع العلم بالتقارن لا ميراث كما تقدم. ومع عدم العلم به أو العلم بعدمه فإن علم تاريخ موت المورث وجهل تاريخ موت الآخر حكم بالميراث. وإن جهل التاريخان فلا ميراث، وإن كان الأحوط استحباباً التصالح.

ثم أنه لا يفرق في هذه المسألة بتفاصيلها بين موتهم جميعاً حتف الانف، وموتهم جميعاً بسبب غير الغرق والهدم - كالقتل في الحرب وافتراس السباع - واختلافهم بأن مات بعضهم حتف أنفه وبعضهم بسبب غير الغرق والهدم، أو بسبب الغرق أو الهدم، بل وكذا لو مات بعضهم بالغرق وبعضهم بالهدم. فالمعيار في هذه المسألة على عدم موتهم جميعاً بالغرق وعدم موتهم جميعاً بالهدم.

٢٥٨

خاتمة

فيها مسائل:

الاُولى: سهام المواريث المتقدمة إنما تجري فيما يقبل القسمة عرفاً ولو بنحو الاشاعة وهي الاموال عيناً كانت أو ديناً أو منفعة، وكذا الحقوق المقابلة بالمال، كحق السرقفلية الذي تقدم الكلام فيه في آخر كتاب الاجارة، فلو بيع قسـم الثمن بين الورثة قسمة سهام المواريث. أما الحقوق غير المقابلة بالمال - كحق القصاص والخيار - فهي لا تقبل القسمة، حتى بنحو الاشاعة، ولا تجري السهام فيه، بل يشترك فيها الورثة بنحو المجموعية، فالحق الواحد يكون ملكاً لجميع الورثة ويكون تحت سلطنة الكل بنحو المجموعية فليس لكل منهم إعماله أو إسقاطه إلا برضا الآخرين. أما لو صالحوا عنه بمال قابل للقسمة ففي جريان سهام المواريث فيه إشكال، بل الظاهر قسمته بين الكل بالتساوي، إلا مع قيام القرينة على ابتناء الصلح من الكل على قسمته قسمة المواريث، فيكون العمل على ذلك.

الثانية: سهام المواريث المتقدمة إنما تجري بعد خروج الديون والواجبات المالية وواجبات التجهيز والوصية، فالمراد بالثلث أو السدس مثلاً في المواريث هو الثلث أو السدس من الباقي بعد إخراج الاُمور المذكورة، لا من أصل التركة. ولعل هذا من الواضحات.

الثالثة: يلحق بمال الميت الذي يجري عليه الميراث وتنفذ منه الوصايا والديون دية قتله، سواءً كانت مستحقة ابتداء وهي دية الخطأ أم كانت بدلاً عن القصاص في القتل العمدي إذا رضي أولياء الميت. وأما دية الجروح والاعضاء فما كان منها بسبب العدوان عليه في حياته فهو قد ملكه قبل موته وصار من

٢٥٩

أمواله الحقيقية التي تركه. وما كان منها بسبب العدوان عليه بعد وفاته ينفق في وجوه البر عنه، ولا يلحق بأمواله ولا يجري عليه الميراث. نعم يوفى منه ديونه لو انحصر وفاؤه به، لانه من أفضل وجوه البر.

الرابعة: يرث الدية كل من يرث المال عدا الاخوة للاُم فقط، فإنهم لا يرثون منه. وألحق بهم المشهور كل من يتقرب بالاُم فقط كالاخوال وأبنائهم، ولا يخلو عن إشكال. بل الاظهر عدم إلحاقهم بالاخوة، بل هم يرثون من الدية كغيرهم من الورثة.

الخامسة: قد تختلف قسمة المواريث عند المخالفين عن قسمتها عندن، وحينئذٍ إذا ثبت للمؤمن حق بمقتضى قسمتها عندهم لا يثبت بمقتضى قسمتها عندنا جاز له الاخذ به إلزاماً لهم بمقتضى دينهم. والملزم بذلك هو الوارث الذي يدخل عليه النقص ويأخذ المؤمن منه ما يستحقه في مذهبه، لا الميت، فلابد من كون الوارث المذكور مخالفاً ليلزم بمقتضى مذهبه، سواء كان الميت مؤمناً أم مخالف، ولا أثر لكون الميت مخالفاً في ذلك.

السادسة: لما كان الميراث يجري على ما يملكه الميت فلا تورث الاراضي الميتة التي قد سبق تسجيلها باسم الميت شراء من الدولة أو هبة منها لعدم ملكيته له، كما سبق في أول كتاب إحياء الموات. بل هي على إباحتها الاصلية يملكها كل من يحييها وليس للورثة منعه منه. نعم لا يجب عليهم التنازل للمحيي بالطابو ولهم أخذ مال في مقابل ذلك.

كما أن الارصدة التي في البنوك التابعة لجهات غير مالكة لا يجري عليها التوارث وما يؤخذ في مقابلها إما مباح أصلي أو مجهول المالك. نعم الأحوط وجوباً لمن يقبض المال أن يدفعه للورثة على نحو سهام المواريث وعدم خروجه في المال المذكور عن مقتضاه.

والحمد لله رب العالمين

٢٦٠

كتاب القصاص والديات

قد شدد الله تعالى في كتابه المجيد وعلى لسان رسوله الامين والائمة من أهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين في دم المؤمن وانتهاك حرمته وأكد على ذلك، فقد قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميع)، وعن الامام زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يغرنكم رحب الذراعين بالدم، فإن له عند الله قاتلاً لا يموت، قالوا: يا رسول الله وما قاتل لا يموت؟ فقال: النار»، وفي عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) لمالك الاشتر (رضوان الله عليه): «إياك والدماء وسفكها بغير حله، فإنه ليس شيء أدنى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقه، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة»، وعن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «من قتل مؤمناً متعمداً أثبت الله على قاتله جميع الذنوب، وبرئ المقتول منه. وذلك قول الله عزوجل: (إني اُريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار)».. إلى غير ذلك.

بل ورد التشديد في الاعانة على قتل المؤمن والاشتراك فيه والرضا به، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «والذي بعثني بالحق لو أن أهل السماء والارض شركوا في دم امرئ مسلم ورضوا به لأكبهم الله على مناخرهم [وجوههم] في النار»،

٢٦١

وعن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «إن الرجل ليأتي يوم القيامة ومعه قدر محجمة من دم فيقول: والله ما قتلت ولا شركت في دم، فيقال: بلى ذكرت عبدي فلاناً فترقى في ذلك حتى قتل فأصابك من دمه»، وعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «من أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله»... إلى غيرذلك.

وكذا يحرم إيواء القاتل ومنعه من أولياء المقتول، كما تظافرت بذلك الاخبار عن أهل بيت العصمة الاطهار صلوات الله عليهم أجمعين.

لكن الجرم مهما عظم فباب التوبة منه مفتوح، رحمة من الله تعالى بعباده واستصلاحاً لامرهم وإبعاداً لهم عن القنوط المهلك. نعم التوبة مشروطة..

أولاً: بتسليم المعتدي نفسه لاولياء المقتول، فإن شاؤوا اقتصو، وإن شاؤوا أخذوا الدية، وإن شاؤوا عفو.

وثانياً: بأداء الكفارة إن رضي أولياء المقتول بالدية ولم يقتصو، وقد تقدم التعرض لها في كتاب الكفارات.

وقد جعل الله سبحانه القصاص حقاً لاولياء المقتول على القاتل وثقّل في الدية تعظيماً لحرمة القتل وردعاً عنه، قال عز اسمه: (ولكم في القصاص حياة يا اُولي الالباب).

كما أنه تعالى قد خص القصاص بالمعتدي ولم يرض به على غيره عدلاً منه تعالى في الحكم، قال عز اسمه: (ولا تزر وازرة وزر اُخرى)، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن أعتى الناس على الله عزوجل من قتل غير قاتله ومن ضرب من لم يضربه» والاخبار في ذلك كثيرة.

لكن مع كل ذلك نرى كثيراً من الناس ينتهكون حرمات الله تعالى

٢٦٢

ويتعدون حدوده - استخفافاً وتهاوناً وطغياناً وتجبراً - فهم يستخفون بالدماء ويتسرعون في إهراقها ثم هم يمنعون القاتل من أن يقتص منه ويدافعون عنه عصبية وحمية. كما أنهم يعصبون الدم بغير القاتل من الاهل والعشيرة ويقتصون منهم، رجوعاً لعادات الجاهلية الجَهْلاء، واندفاعاً وراء العصبية الحمقاء، واستجابة لدعوة الشيطان الرجيم، وعزوفاً عن دين الله القويم وصراطه المستقيم (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)، و(إن الذين يحادُّون الله ورسوله اُولئك في الاذلين * كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز)، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد رأينا أن نقتصر في هذا الكتاب على المهم من أحكام القصاص والديات على ما هو مورد للابتلاء من ذلك سداً لحاجة المؤمنين، مع إيكال بقية الفروع والاحكام للمطولات، حيث يضيق المقام عن استقصاء الكلام فيه. ومنه سبحانه نستمد العون والتوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ويقع الكلام في ذلك في قسمين..

٢٦٣

القسم الأول

في القصاص

وهو جزاء الجناية على البدن بمثله، والكلام فيه في ضمن فصول..

الفصل الأول

في قصاص النفس

من قتل نفساً كان لاولياء المقتول الاقتصاص منه وقتله بشروط..

الأول: أن يكون كامل، بأن يكون عاقلاً بالغ، فلا قصاص على المجنون وإن كان عامداً وكذا الصبي، وإن بلغ خمسة أشبار على الأحوط وجوب.

(مسألة ١): في ثبوت القصاص على السكران إذا بلغ حداً لا يعتد بقصده عن العقلاء إشكال. نعم لو كان يعلم من نفسه أنه إذا سكر اعتدى فأقدم على السكر كان عليه القصاص. كما أنه إذا لم يكن سكره أثر في جنايته فلا إشكال في عدم القصاص عليه. كما إذا رمى بما لايقتل عادةً فقتل اتفاقاً أو رمى حيواناً فأصاب إنسان، كما يتحقق ذلك من السكران كثير.

الثاني: أن يكون القتل عمد، فإن لم يكن عمداً لم يكن عليه قصاص. بل تثبت بقتله الدية على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٢): القتل على أنحاء ثلاثة..

٢٦٤

الأول: العمد، ويتحقق بالقصد للقتل وإن كان بفعل ما لا يوجبه عادة، كما إذا رمى رجلاً بحصاة صغيرة أو ضربه بعصا صغيرة ضربة خفيفة أو دفعه دفعاً خفيفاً فصادف قتله بذلك. كما يتحقق بالقصد إلى إصابة المقتول بما يتوقع به القتل عادة، بحيث لا يستغرب تحقق القتل به، وإن لم يقصد بذلك القتل.

الثاني: الشبيه بالعمد، ويتحقق بما إذا قصد إصابة المجني عليه بما لا يوجب القتل عادة من دون أن يقصد به القتل فصادف حصول القتل.

الثالث: الخطأ المحض، وهو الذي لا يقصد به إصابة المجني عليه، كما لو رمى شاة أو كافراً مهدور الدم فأصاب إنساناً مسلماً فقتله. وأولى من ذلك ما إذا لم يقصد به الفعل الذي تحقق به القتل، كما إذا مشى على سقف فخسفه فوقع على شخص فقتله، أو أخذ السلاح الناري ليصلحه فانطلقت منه رصاصة فأصابت شخصاً فقتلته ونحو ذلك.

الثالث: أن يكون المقتول حراً إن كان القاتل حر، فلا يقتص من الحر بقتل العبد ويقتص من العبد بقتل الحر أو العبد. ولا مجال لاطالة الكلام في ذلك وفي فروعه بعد عدم الابتلاء به أو ندرته.

الرابع: أن يكون المقتول مسلماً إن كان القاتل مسلم، فلا يقتص من المسلم بقتل الكافر، ويقتص من الكافر بقتل المسلم والكافر.

(مسألة ٣): إذا قتل الكافر المسلم دفع الكافر إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا استرقوه وإن شاؤوا عفو. وكذا يدفع لهم ماله. وإن أسلم قبل الاسترقاق لم يسترق، وكان لهم القتل أو العفو.

(مسألة ٤): إذا قتل الكافر كافراً اقتص منه إلا أن يسلم القاتل قبل القصاص فلا يقتل حينئذٍ، بل ليس لاولياء المقتول إلا الدية إن كان للمقتول دية.

(مسألة ٥): إذا تعمد المسلم قتل الذمي اقتص منه بعد أن يعطى فضل

٢٦٥

ما بين دية المسلم والذمي، فإن دية الذمي ثمانمائة درهم، على ما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.

الخامس: أن لا يكون القاتل أباً للمقتول، فلا يقتص من الاب لو قتل ابنه، ويقتص من الابن لو قتل أباه، كما يقتص من الاُم لو قتلت ولده، ومن الولد لو قتل اُمه، لكن بعد رد فاضل الدية إن كان ذكر.

السادس: أن لا يكون المقتول مجنون، فإن من قتل مجنوناً لا يقتص منه.

(مسألة ٦): الأحوط وجوباً عدم الاقتصاص من الرجل إذا قتل الطفل غير البالغ.

السابع: أن يكون القاتل مبصر، فإن كان أعمى فلا قصاص، بل تثبت الدية وتحملها عاقلته، لانه في حكم قتل الخط.

الثامن: أن يكون القتل محرم، فلو كان سائغاً في حق القاتل فلا قصاص، كما في سابّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة (عليهم السلام) ، والمرتد الفطري قبل توبته، والمقتول بقصاص أو حدّ، والمهاجم لو قُتل دفاع.

(مسألة ٧): الظاهر ثبوت القصاص بقتل من عليه القتل حداً - كاللائط والزاني المحصن - إذا تولاه من ليس له إقامة الحد. وكذا بقتل من عليه قصاص إذا تولاه من ليس له القصاص من دون توكيل منه.

(مسألة ٨): إذا قتل المولود الشرعي ولد الزنا المحكوم بإسلامه ثبت لوليه القصاص، ولكن يعطى للقاتل فاضل الدية، فإن دية ولد الزنا ثمانمائة درهم كما يأتي.

(مسألة ٩): يثبت القصاص على الرجل بقتله للرجل وللمرأة، ويثبت القصاص على المرأة بقتلها للرجل وللمرأة. لكن لو قتل الرجل المرأة لم يقتل به

٢٦٦

إلا بعد دفع فاضل الدية له، فإن دية المرأة نصف دية الرجل. أما لو قتلت المرأة الرجل فهي تقتل به لا غير، ولا يجب عليها دفع فاضل الدية لاوليائه.

(مسألة ١٠): إذا اجتمع اثنان على قتل واحد فأمسكه أحدهما وقتله الآخر كان القصاص على القاتل، وكان على من أمسكه أن يخلَّد في السجن حتى يموت عقوبة وحدّ، فإن كان معهم ثالث ينظر إليهم لا يغير عليهم وهو يقدر على التغيير كانت عقوبته أن تسمل عيناه.

(مسألة ١١): إذا أمر رجل رجلاً بقتل رجل آخر فقتله كان على القاتل القصاص، وعلى الامر أن يخلّد في السجن حداً وعقوبة. إلا أن يكون المأمور عبداً للامر، فيقتل الامر ويخلّد العبد في السجن. ويجري ذلك فيما لو كان الامر أو المأمور أو المقتول امرأة. أما لو كان المأمور صغيراً غير مميز أو مجنوناً كذلك فيقتل الامر مطلقاً ولا شيء على المأمور. وأما لو كان المأمور صبياً مميزاً فلا قصاص على الامر ولا على المأمور، بل يخلّد الامر في السجن، وتثبت الدية على المأمور تؤديها عنه عاقلته، كما يظهر مما يأتي في الديات.

(مسألة ١٢): إذا اشترك أكثر من واحد في قتل واحد ثبت القصاص عليهم. وحينئذٍ يتخير الولي في استيفائه بين وجوه..

الأول: أن يقتص منهم جميعاً بعد رد فاضل الدية على كل منهم، فإذا كانا اثنين رد عليها دية تامة بينهم، وإن كانوا ثلاثة رد عليهم ديتان بينهم، لكل منهم ثلثا دية، وإن كانوا أربعة رد عليهم ثلاث ديات بينهم لكل منهم ثلاثة أرباع الدية، وهكذ.

الثاني: أن يقتص من واحد منهم، وحينئذٍ يجب على من بقي أن يرد على ولي المقتص منه ما فضل من الدية، فإن كان من بقي واحداً دفع إليه نصف الدية، وإن كانا اثنين دفع كل واحد منهما ثلث الدية، وإن كانوا ثلاثة دفع إليه

٢٦٧

كل منهم ربع الدية، وهكذ.

الثالث: أن يقتص من بعضهم أكثر من واحد. مثلاً إذا كان المشتركون في القتل أربعة كان له أن يقتص من اثنين، بعد أن يدفع لكل منهما نصف الدية، ويدفع الاثنان الباقيان كل منهما ربع الدية لوليي المقتص منهما فيكون لكل واحد من المقتولين المقتص منهما ثلاثة أرباع الدية، وهكذا بقية الصور المتصورة.

والضابط أن على كل مشترك من دم القتيل بنسبة شركته، فإن استوفى منه أكثر من ذلك بالاقتصاص منه كان له الفاضل من الدية على المستوفي للقصاص وعلى من لم يقتص منه ممن شارك في القتل بنسبة شركتهم. ومن ذلك يظهر أنه لو كان المشترك في القتل امرأة فقد لا يكون لها رد مع الاقتصاص منه، لأن ديتها نصف دية الرجل، فلو كان القاتل للرجل امرأتين كان لولي القتيل قتلهما معاً من دون رد عليهم. ولو كان القاتل رجلاً وامرأة كان له قتل الرجل وترد المرأة على ولي الرجل نصف الدية، وله قتل المرأة، ويرد الرجل نصف الدية على ولي القتيل لا على ولي المرأة، وعلى هذا النهج تجري بقية الصور المتصورة.

(مسألة ١٣): في كل مورد يجوز القصاص مع رد الولي فاضل الدية، يتعين تقديم رد الفاضل للجاني ثم الاقتصاص منه، ولا يحل الاقتصاص منه قبل الرد. أما لو كان الرد من غير الولي - كما تقدم في المسألة السابقة - فلا يتوقف الاقتصاص على تقديم الرد، بل يجوز الاقتصاص للولي قبله، ويجب بعده أن يرد بقية الجناة على ورثة المقتص منه.

(مسألة ١٤): إذا قتل الجاني أكثر من واحد كان لاولياء كل قتيل الاقتصاص منه. فإن اجتمعوا على الاقتصاص منه فلا شيء لهم. وإن عفا بعضهم أو رضي بالدية وقبل بها الجاني لم يسقط حق الباقين من القصاص. وإن سبق بعضهم بالقصاص من دون مراجعة الباقين فقد استوفى حقه. وهل

٢٦٨

يسقط حق الباقين، أو ينتقلون للدية - كما فيمن تعذر الاقتصاص منه - وجهان أقواهما الثاني.

(مسألة ١٥): المسلمون تتكافأ دماؤهم، فكل مسلم محترم الدم يثبت القصاص بقتله مهما كان نسبه ومن أي فرقة كان، بعد مراعاة الشروط المتقدمة.

الفصل الثاني

في أحكام القصاص

(مسألة ١٦): لا يثبت القصاص إلا بعد موت المجني عليه، فمن اقتص قبله بعد الجناية كان ظالماً للجاني وكان لولي الجاني حينئذٍ القصاص من المقتص، أو الرضا بالدية أو العفو. نعم إذا مات المجني عليه الاول بعد قتل الجاني ثبتت ديته في مال الجاني المقتول.

(مسألة ١٧): لا يستحق ولي المقتول مع القتل العمدي إلا القصاص. وليس له الالزام بالدية بدلاً عن القصاص إلا برضا الجاني. وحينئذٍ فلهما التراضي بما زاد على الدية أو نقص عنه.

(مسألة ١٨): إذا توقف القصاص من ولي المقتول على رده فاضل الدية للجاني كان لولي المقتول الخيار بين القصاص مع الرد وأخذ الدية، وليس للجاني الامتناع من الدية.

(مسألة ١٩): إذا تعذر القصاص في قتل العمد للخوف من القاتل أو موته أو لمنع السلطان من القصاص أو نحو ذلك ثبتت الدية في ماله، فإن لم يكن له مال بقيت في ذمته كسائر ديونه. نعم إذا هرب القاتل فلم يقدر عليه ولم يكن له مال اُخذت الدية من قرابته الاقرب له فالاقرب، فإن لم يكن له قرابة كانت

٢٦٩

الدية على الامام، ولا يتعدى لغير ذلك من صور تعدد القصاص.

(مسألة ٢٠): إذا صالح الجاني على الدية ثم امتنع من أدائها فلا يعود حق القصاص ويبقى مطالباً بالدية، وكذا إذا عجز عن أدائها فإنها تبقى في ذمته كسائر ديونه ولا يتحملها عاقلته عنه ولا الامام.

(مسألة ٢١): إذا أراد ولي المقتول القصاص من القاتل، فخلصه شخص أو قوم حتى امتنع الاقتصاص على الولي اُلزم الذي خلصه بإرجاعه وحبس حتى يحضره، فإن فدى نفسه بالدية ورضي بها ولي المقتول فذاك، وإن لم يفعل حتى مات القاتل اُلزم بالدية.

(مسألة ٢٢): يثبت حق القصاص لولي الميت وهو وارث المال وفي ثبوته للزوج والزوجة إشكال، نعم هما يرثان من الدية لو رضي بها الوارث بدلاً عن القصاص. وكذا من الدية الثابتة ابتداء، وهي دية الخط. وأما ما تعارف عند كثير من القبائل من إناطة الامر بغير الوارث، كرئيس القبيلة وأكابرها فهو من عادات الجاهلية التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان. واللازم على المؤمنين نبذ ذلك والرضوخ لاحكام الله تعالى والمحافظة على حدوده لينالوا بذلك رضاه ويستحقوا رحمته، وإلا تعرضوا لنقمة الله تعالى وعقابه في الدنيا والآخرة.

(مسألة ٢٣): لولي الميت القصاص، وأخذ الدية برضا الجاني وبدونه على اختلاف الصور المتقدمة. كما أن له العفو، إلا الامام فإنه ليس له العفو، بل لابد له إما من القصاص أو أخذ الدية.

(مسألة ٢٤): إذا كان المقتول مسلماً وليس له أولياء من المسلمين إلا الامام وكان له أولياء من أهل الذمة عرض عليهم الامام الاسلام فمن أسلم منهم فهو وليه، فإن شاء اقتص وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية، وإن لم يسلم منهم أحد كان الامر للامام، وليس له إلا القصاص أوأخذ الدية، كما تقدم.

٢٧٠

(مسألة ٢٥): إذا كان ولي المقتول مولى عليه لصغر أو جنون فالظاهر أن لوليه العمل على ما فيه صلاحه من القصاص أو الدية أو العفو. والأحوط وجوباً له الاقتصار على مقتضى المصلحة المهمة التي يكون تفويتها تفريطاً في حقه عرف. ومع عدم وضوحها للولي ينتظر به حتى يرتفع الحجر عنه فيعمل حقه بنفسه.

(مسألة ٢٦): إذا كان ولي الميت محجوراً عليه لسفه أو فلس لم يمنعه ذلك من طلب القصاص، كما لا يمنعه من الرضا بالدية.

(مسألة ٢٧): يجوز لولي الميت المبادرة بالقصاص وإن كان الاولى استئذان الامام، أو نائبه الخاص، وفي عصر الغيبة يستأذن الحاكم الشرعي.

(مسألة ٢٨): إذا تعدد الاولياء كان لكل منهم الاقتصاص من القاتل منفرد، لكن مع ملاحظة حق الآخرين، فإن رضوا بالقصاص فذاك، وإن أراد بعضهم الدية دفع له سهمه منه، وإن عفا بعضهم دفع سهمه من الدية لاولياء المقتص منه. وإن كان بعضهم غائباً لم يبطل حقه، بل ينتظر حتى يحضر فيعمل حقه، وكذا إذا كان مجنوناً أو صغيراً فإنه لا يبطل حقه بل يعمله وليه أو ينتظر به ارتفاع الحجر عنه، كما تقدم.

(مسألة ٢٩): للولي استيفاء القصاص بنفسه مباشرة، أو بتوكيل غيره على أن يقوم به مجاناً أو باُجرة، وتكون الاُجرة عليه لا على المقتص منه.

(مسألة ٣٠): إذا كان المقتول ناقصاً - كمقطوع اليد أو الرجل أو فاقد العين - ثبت القصاص أو الدية على قاتله وإن كان تاماً ولا يجب على أولياء المقتول رد دية العضو الناقص على القاتل. نعم إذا كان المقتول مقطوع اليد اليمنى قصاصاً أو كان قد جني عليه في قطعها فأخذ ديتها كان على أوليائه رد دية اليد قبل القصاص، وإذا أخذوا الدية استثنوا دية اليد. وفي عموم ذلك لليد

٢٧١

اليسرى فضلاً عن بقية الاعضاء إشكال، بل منع.

(مسألة ٣١): المقتول عمداً إن كان عليه دين وليس له مال فلاوليائه القصاص ولا يضمنون الدين. نعم إذا عفوا في قتل العمد والخطأ ضمنوا الدين. ولو أخذوا الدية كان عليهم وفاء الدين منه.

(مسألة ٣٢): اللازم في القصاص قتل الجاني بما يجهز عليه من دون تعذيب ومثلة ونحوهما حتى لو كان قد قتل المجني عليه بالوجه المذكور. والمشهور أنه لا يقتص منه إلا بالسيف، ولكن الظاهر الاكتفاء بكل ما يجهز عليه كالسلاح الناري. هذا كله مع استسلامه للقصاص جبراً أو اختيار، أما مع امتناعه بحيث لا يمكن الاقتصاص منه إلا مباغتة فالظاهر جواز ما تيسر من الوجوه مع تحري الابعد عن التعذيب والاقرب للاجهاز.

(مسألة ٣٣): إذا أراد ولي الدم أن يقتص من الجاني فضربه ضربة غير قاتلة كان ضامناً لما حصل منه، فإن كان عامداً وكانت الضربة مما يقتص فيه كان على ولي الدم القصاص، وإلا كان عليه دية الضربة له، ثم يقتص منه. نعم إذا ضربه ضربة قاتلة حتى ظن أنه أجهز عليه لكنه عولج فبرئ فالأحوط وجوباً سقوط القصاص بذلك.

(مسألة ٣٤): ليس للمجني عليه قبل موته حق العفو أواختيار القصاص أو الدية، ولو اختار شيئاً من ذلك فلا أثر له، بل يبقى الحق للولي.

٢٧٢

الفصل الثالث

في قصاص الطرف

والمراد منه ما لا تبلغ فيه الجناية إزهاق النفس، سواءً اقتضت إتلاف عضو - كاليد والعين - أم ل، بل مجرد الاعتداء على البدن بمثل الجرح والخدش. فإنه يثبت في ذلك القصاص بالمثل في الجملة على تفصيل يتضح مما يأتي.

(مسألة ٣٥): يشترط في قصاص الطرف ما يشترط في قصاص النفس من كمال الجاني - بالبلوغ والعقل - وعمده، وحرية المجني عليه إذا كان الجاني حر، وإسلامه إذا كان الجاني مسلم، وعدم كون الجاني أباً للمجنى عليه وعدم كون المجني عليه، مجنوناً بل ولا صبياً على الأحوط وجوب، وأن يكون الجاني مبصر، وأن تكون الجناية محرمة، على التفصيل المتقدم هناك.

(مسألة ٣٦): الظاهر أن الجناية عمداً على الطرف موجبة لتخيير المجني عليه بين القصاص والدية، فإن اختار الدية فليس للجاني الامتناع، بخلاف الجناية على النفس، كما تقدم.

(مسألة ٣٧): إذا جنت المرأة على الرجل كان له القصاص بالمثل لا غير، وإذا جنى الرجل على المرأة كان لها القصاص منه بلا رد ما لم تبلغ دية الجناية ثلث دية قتل الرجل، فإذا بلغت ثلث الدية نزلت ديتها إلى النصف وكان عليها رد فاضل الدية. فمثلاً: إذا قطع الرجل إصبعاً أو إصبعين أو ثلاثاً من أصابع المرأة كان لها القصاص من دون رد، فإن قطع أربعاً كان لها القصاص مع رد نصف دية الاصابع المذكورة. وإذا فقأ الرجل عين المرأة أو قطع رجلها كان لها القصاص بفقء عينه أو قطع رجله مع رد نصف دية العين والرجل، وهو ربع

٢٧٣

دية النفس، وهكذ.

(مسألة ٣٨): المعيار في بلوغ الثلث وعدمه على وحدة الجناية عرفاً وتعدده، فإذا كان قطع الاربع الاصابع دفعة واحدة عرفاً كانت الجناية أكثر من الثلث وثبت الرد، أما إذا كان متفرقاً بحيث تعد جنايات متعددة فكل جناية دون الثلث ولا ردّ فيه.

(مسألة ٣٩): لا يشترط في القصاص في الاطراف التساوي في السلامة والعيب، فيقتص للمعيبة بالسليمة وللسليمة بالمعيبة بلا رد. نعم إذا كانت اليد شلاء فالأحوط وجوباً عدم القصاص فيه، بل الدية وهي ثلث دية اليد الصحيحة.

(مسألة ٤٠): تقطع اليد باليد، فإن كان للجاني مماثل للمقطوع من حيثية اليمين واليسار كان هو المقدم في القصاص، فتقطع اليمين باليمين واليسار باليسار، وإلا سقطت المماثلة في ذلك، فإن لم يكن للجاني يد قطعت رجله مع مراعاة المماثلة من حيثية اليمين واليسار مع الامكان، ويسقط مع التعذر.

(مسألة ٤١): إذا فقأ الاعور عيناً واحدة من ذي عينين كان له القصاص، فيفقأ عينه وإن صار أعمى. وأظهر من ذلك ما لو فقأ عين أعور مثله.

(مسألة ٤٢): إذا فقأ صحيح العينين العين الصحيحة من الاعور تخير المجني عليه بين القصاص من إحدى عيني الجاني مع أخذ نصف دية الانسان وأخذ دية تامة من دون قصاص. نعم لو كان عور الاعور لجناية جان فالأحوط وجوباً مع اقتصاصه عدم أخذ فاضل الدية.

(مسألة ٤٣): في إذهاب الرؤية من العين مع بقائها القصاص إن أمكن من دون تعد على الجاني بأكثر مما جنى ومع خوف التعدي تتعين الدية. وكذا الحال في جميع منافع الاعضاء إذا ذهبت مع بقاء العضو سالم.

٢٧٤

(مسألة ٤٤): يثبت القصاص في إزالة الشعر إذا لم يكن فيه إفساد لمحله بل كان ينبت ثاني. وكذا إذا كان فيه إفساد لمحله بحيث لا ينبت ثانياً إن أمكن القصاص، وإلا تعينت الدية.

(مسألة ٤٥): يثبت القصاص في قطع الذكر من الرجل والفرج من المرأة بالمثل، أما لو قطع الرجل فرج المرأة أو المرأة فرج الرجل فلا قصاص، بل تتعين الدية. نعم إذا قطع الرجل فرج امرأته وامتنع عن دفع الدية كان للمرأة القصاص بقطع ذكره.

(مسألة ٤٦): يثبت القصاص في الاسنان ذات الاُصول الثابتة في أصل الفك. ولا يسقطه نباتها بعد ذلك وإن عادت كحالها الاول. نعم الأحوط وجوباً عدم القصاص إذا كانت لغير البالغ، لما تقدم في شروط القصاص. وأما الاسنان النابتة في اللحم غير ذات الاُصول - المسماة بالاسنان اللبنية - فالظاهر وجوب القصاص فيها بمثلها إذا كان الجاني والمجني عليه كبيرين، وإن كان الفرض نادر. أما القصاص عنها بالسن الاصلية فهو لا يخلو عن إشكال. والأحوط وجوباً عدمه، والرجوع إلى الدية سواءً عادت أم لم تعد.

(مسألة ٤٧): لابد من المماثلة في قصاص الاسنان، فلا يقتص لاسنان المقدم بالطواحن ولا العكس، ولا يقتص بشيء منها بالانياب ولا العكس، بل الأحوط وجوباً عدم الاقتصاص للعليا بالسفلى وبالعكس. بل وعدم الاقتصاص للثنيتين المتوسطتين بالرباعيتين اللتين على جانبيهما وبالعكس، بل يرضى في جميع ذلك بالدية. نعم الظاهر عدم إخلال اختلاف الجانب بالمماثلة عرف، فيقتص لما في الجانب الايمن بما في الجانب الايسر وبالعكس. وإن كان الأحوط وجوباً الحفاظ على المماثلة في الجانب مع الامكان وعدم الاخلال بها إلا مع التعذر كما إذا لم يكن للجاني سن مماثل في الجانب الذي اعتدي على مثله في

٢٧٥

المجني عليه. ويجري جميع ذلك في الاصابع وفي جميع الاطراف.

(مسألة ٤٨): إذا قطع شيء من جسد الانسان أو شق ثم اُلصق واُعيد إلى ما كان عليه قبل الجناية - كما يشيع ذلك في عصورنا - فالظاهر سقوط القصاص. بل يشكل ثبوت الدية، ويحتمل الرجوع للحكومة التي يأتي الكلام فيها في الديات، فاللازم التصالح. نعم إذا اُصلح النقص بأجنبي لم يمنع من القصاص، كما لو فقأ عينه فزرع عين حي أو ميت بدله، أو قطعت شحمة اُذنه فوضع بدلها لحمة من بدنه أو بدن غيره بعملية تجميل أو نحو ذلك.

(مسألة ٤٩): إذا جنى بما يستوجب القطع أو الشق ثم اقتص منه فأراد إصلاحة بإلصاقه وإعادته على ما كان عليه قبل القصاص لم يمكّن من ذلك، ولو فعل اُعيد القصاص عليه لابقاء النقص. نعم في منعه من إصلاح النقص بأجنبي - نظير ما تقدم في المسألة السابقة - إشكال، والاظهر العدم.

(مسألة ٥٠): إذا قطع منه شيء واقتص لنفسه ثم تسنى للمجني عليه أن يعيد ما قطع منه بنفسه ورجع الحال إلى ما كان عليه قبل الجناية، فإن كان يعلم قبل الاقتصاص بقدرته على الاصلاح وحصوله منه ثم اقتص بنفسه كان عليه القصاص، وإن لم يعلم بذلك أو وكّل شخصاً بالقصاص ولم يباشره فلا قصاص عليه، بل الدية إن كان قد اقتص بنفسه جاهلاً بالحال. وإن قام غيره مقامه في الاقتصاص فلا دية عليه أيض، بل يتحملها المباشر، إلا أن يكون تابعاً للامام فتكون على بيت مال المسلمين. نعم إذا كان المجني عليه غارّاً لمطالبته بالقصاص مع علمه بحصول الاصلاح كان لمن يؤدي الدية الرجوع بها عليه. وعلى كل حال ليس للمقتص منه منع المجني عليه من الاصلاح، فضلاً عن أن يلزمه بعد حصول الاصلاح بإرجاع الحال إلى ما كان قبله.

(مسألة ٥١): لا يثبت القصاص في الجراح والشجاج مع انضباطها وعدم

٢٧٦

كون القصاص معرضاً للنفس للهلاك أو معرضاً للعضو التلف أو الضرر.

(مسألة ٥٢): لا يثبت القصاص في الجرح الواصل للجوف ولا الناقل للعظم عن محله، ولا الواصل لاُم الرأس، ولا الهاشم للعظم.

(مسألة ٥٣): لا يثبت القصاص في كسر العظم حتى كسر الذراع على الأحوط وجوب.

(مسألة ٥٤): في الجراح والشجاج التي يثبت فيها القصاص لابد من مساواة القصاص للجناية طولاً وعرضاً وعمقاً وتكفي المساواة العرفية. كما أنه يجوز الاقتصاص بالاقل. وفي استحقاق الدية للزائد إشكال.

(مسألة ٥٥): إذا اقتص من الجاني فسرت الجناية عليه بوجه غير متوقع لطوارئ خارجية فمات أو تلف عضو منه أو نحو ذلك فلا قصاص له ولا دية. وكذا إذا سرت الجناية بنفسها بوجه غير متوقع لا لطوارئ خارجية وكان القصاص بأمر الامام أو الحاكم الشرعي. وأما إذا لم يكن بأمره فلا قصاص، وفي سقوط الدية للسراية إشكال، فاللازم التصالح.

(مسألة ٥٦): في ثبوت القصاص في الضرب بالسوط وغيره، وفي اللطمة ونحوها إشكال، والأحوط وجوباً الاقتصار على الدية.

خاتمة

فيها مسائل..

الاُولى: إذا لجأ الجاني لحرم مكة المعظمة لم يقتص منه في النفس ولا في الجراح ولا في غيره، بل لا يبايع ولا يشارى ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلم حتى يخرج منه. نعم إذا جنى في الحرم اقتص منه فيه. ولا يلحق بالحرم المذكور

٢٧٧

حرمُ المدينة المشرفة ولا مشاهد الائمة (عليهم السلام) ، إلا أن يلزم من القصاص فيها هتكه، فيحرم.

الثانية: يستحب العفو عن القصاص في النفس والطرف وغيرهم، كما حثّ على ذلك الكتاب المجيد وتظافرت به الاخبار، قال تعالى:(وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم). وفي الحديث: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل: (فمن تصدق به فهو كفارة له) قال: يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفى عنه من جراح أو غيره». ويتأكد ذلك في النادم التائب، فإن في الندم وتأنيب الضمير من الالم النفسي ما قد يزيد على العقاب البدني. وخصوصاً إذا استسلم للقصاص الذي فيه من كسر النفس والاقدام على تحمل المشقة ما يطفئ غضب المعتدى عليه ويشفي غيضه وما يستحق به المستسلم للشكر الجزيل والجزاء الجميل.

الثالثة: إذا عفا من بيده القصاص عن القصاص فليس له الرجوع في ذلك، لأن حقه قد سقط بالعفو ولا يعود بعد سقوطه، قال تعالى: (فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم)، وعن الامام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الاية أنه قال: «هو الرجل يقبل الدية أو يعفو أو يصالح ثم يعتدي، فله عذاب أليم، كما قال الله عزوجل».

٢٧٨

القسم الثاني

في الديات

الدية هي المال المفروض تداركاً للجناية الواردة على النفس أو البدن. وهي تثبت بالاصل في مورد الخط، ومع العمد في مورد لا قصاص فيه. كما تثبت شرعاً بدلاً عن القصاص في مورد تعذره، وتثبت بالتراضي بدلاً عن القصاص مع إمكانه، كما يتضح مما تقدم.

ويقع الكلام فيها في ضمن فصول.

الفصل الاول

في دية النفس

(مسألة ٥٧): دية قتل المسلم عمداً أحد اُمور..

الأول: مائة من الابل. ولابد من كونها مسنة. والأحوط وجوباً أن تكون داخلة في السنة السادسة، وأن تكون فحولة لا إناث.

الثاني: مائتان من البقر. ويكفي فيه ما يصدق عليه أنه بقر. وإن كان الأحوط استحباباً أن تكون إناثاً مسنّة، وهي الداخلة في السنة الثالثة.

الثالث: ألف من الغنم. ويكفي فيه ما يصدق أنه شاة.

الرابع: ألف دينار ذهب. وقد تقدم في كتاب الزكاة أن الدينار أربعة

٢٧٩

غرامات وربع تقريب، فتكون الدية أربعة كيلوات من الذهب وربع الكيلو تقريب.

الخامس: عشرة آلاف درهم فضة. وقد تقدم في كتابي الزكاة واللقطة أن الدرهم ثلاثة غرامات إلا ربع عشر الغرام تقريب، فتكون الدية ثلاثين كيلواً إلا ربع الكيلو من الفضة تقريب.

السادس: مائتا حلّة، وكل حلة ثوبان إزار ورداء. والأحوط وجوباً الاقتصار على برود اليمن.

(مسألة ٥٨): الأحوط وجوباً الاقتصار في كل خصلة من خصال الدية الستة على من يناسبه، فيؤخذ من أهل الابل - وهم أهل البوادي - الابل، ومن أهل البقر البقر، ومن أهل الغنم الغنم، ومن أهل الدنانير الدنانير، ومن أهل الدراهم الدراهم، ومن أهل الحلل الحلل، وإن كان بعض الناس من أهل أكثر من نوع واحد خيّر بينهم. نعم من لم يكن من أهل شيء من هذه الخصال كأهل المدن في زماننا - يتخير بين الخصال الستّ.

(مسألة ٥٩): في مورد ثبوت التخيير فالذي يخير هو الجاني ومن يقوم مقامه ممن يكلف بدفع الدية، لا من يستحق الدية. نعم إذا ثبتت الدية بالصلح بدل القصاص أمكن جعلها على وجه آخر، كما يمكن الزيادة على الدية.

(مسألة ٦٠): دية العمد يؤديها الجاني نفسه. نعم إذا ثبتت بالصلح بدل القصاص أمكن أن تجعل على غيره.

(مسألة ٦١): تؤدى دية العمد في سنة. والمراد بذلك أنها تؤدى في سنة من حين ثبوتها لا من حين حصول القتل. نعم إذا ثبتت بالصلح بدل القصاص أمكن تحديد مدة أدائها على خلاف ذلك.

(مسألة ٦٢): تقدم في أول الكلام في القصاص أن الخطأ على قسمين..

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333