منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

منهاج الصالحين - المعاملات23%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 76866 / تحميل: 5337
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

مؤلف:
العربية

منهاج الصالحين

الجزء الثالث

المعاملات

السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

٤

كتاب النكاح

٥

٦

كتاب النكاح

وهو رباط شريف شرعه الله تعالى رحمة بعباده، لبقاء النوع الانساني وتنظيم الغرائز التي أودعها فيه، حفاظاً على عفة الانسان ودينه، وأنساً لوحشته، ووصلاً لوحدته ونظماً لحياته. قال تعالى:( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون ) ، وقال عز اسمه:( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لايات لقوم يتفكّرون ) .

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من تزوج أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الباقي». وقال الامام الباقر (عليه السلام): «ما أفاد عبد فائدة خيراً من زوجة صالحة إذا رآها سرته وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله».

وهو من المستحبات المؤكدة بل يكره تركه. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما بني بناء في الاسلام أحب إلى الله عزوجل من التزويج»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحب أن يكون على فطرتي فليستن بسنتي وإن من سنتي النكاح»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحب أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليلقه بزوجة».

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ركعتان يصليهما متزوج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره». وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «رذال موتاكم العزاب»، والنصوص في ذلك ونحوه لا تحصى كثرة.

٧

وقد تضمن جملة منها النهي عن ترك الزواج خوف الفقر، وأن من فعل ذلك فقد ساء ظنه بالله تعالى. بل ورد فيها أن الزواج من أسباب الرزق، وأن الرزق مع النساء والعيال... إلى غير ذلك. فعلى المؤمنين وفقهم الله تعالى الاهتمام بتسهيل أمر الزواج بتخفيف قيوده وتقليل نفقاته والتعاون عليه، إقامة للسنة ودفعاً للفساد والفتنة.

ومن عجز عن الزواج فعليه أن يدّرع التقوى والصبر، ويبعد نفسه عن مواقع المعصية والفتنة، ويحذر من كيد الشيطان وغروره، ويكبح جماح النفس الامّارة بالسوء، ويتحلى بالعفة والفضيلة، ويربأ بنفسه عن السقوط في

مهاوي الخسة والرذيلة متمسكاً بوصية الله تعالى له، حيث يقول: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتّى يغنيهم الله من فضله). وقد ورد عنهم (عليهم السلام): أنه يستحب الاستعانة على العزوبية بالصيام وتوفير الشعر، وأن بهما تخف حدة الحاجة للنكاح.

ونسأله سبحانه أن يعين شباب المؤمنين في بليتهم، ويعصمهم في محنتهم ويزيدهم إيماناً وتسليماً (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكَّل على الله فهو حسبه إنَّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدر).

وينبغي - مقدمة للكلام في المقام - التعرض لحكم العلاقة بين الجنسين، وبين أفراد الجنس الواحد، مع قطع النظر عن الزواج، ثم الكلام في النكاح في فصول تتضمن آدابه وأركانه وأقسامه وشروطه وأحكامه ونحوه.

٨

مقدّمة في العلاقة بين الجنسين

وبين أفراد الجنس الواحد

(مسألة ١): يحرم على الرجل والمرأة التلذذ الجنسي بغير الزوجة والزوج ونحوهم، سواءً كان مماثل، كالرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، أم مخالفاً محرماً أو غير محرم. بل الظاهر عدم جواز التلذذ المذكور بغير الانسان، كالبهائم والتماثيل المجسمة والصور غير المجسمة.

(مسألة ٢): لا فرق في حرمة التلذذ المذكور بين أن يكون باللمس والتقبيل والنظر والسماع، كما لا فرق بين أن يكون بقصد الانزال وغيره.

(مسألة ٣): إذا كانت الاُمور المذكورة مبنية على الاعجاب بجمال المنظور أو الملموس أو المسموع من دون أن تصل إلى التلذذ الجنسي فلا تحرم، لكن ينبغي الحذر من الوصول إلى التلذذ الجنسي، فالاولى التجنب حذراً من الوقوع فيه. هذا كله في المماثل وأما في غيره فيلحقه ما يأتي.

(مسألة ٤): يحرم على الانسان - رجلاً كان أو امرأة - التلذذ بمس عضوه الجنسي، ببعض جسده أو بغيره، وإن لم يبلغ حد الانزال، فضلاً عما إذا بلغ ذلك. بل الأحوط وجوباً العموم للتلذذ بالنظر. نعم يستثنى من ذلك العبث بالعضو الجنسي للاستعانة على الوطء المحلل واستكمالاً للتلذذ به من دون أن يبلغ حد الانزال.

(مسألة ٥): يجب على المرأة ستر جميع جسدها وشعرها عن غير المحرم من الرجال عدا الوجه والكفين. وأما القدمان فالأحوط وجوباً سترهم. نعم

٩

إذا قعدت عن النكاح جاز لها أن تكشف رأسها وذراعيها من دون زينة غير ما يأتي، وإن كان الافضل لها ستر ذلك.

(مسألة ٦): يجوز للمرأة التزين في الموضع الذي يحل كشفه من بدنها بالكحل والخاتم والسوار، ولا يحل ما زاد على ذلك كالمكياج المتعارف في عصورن. نعم يحل على كراهة زينة الثياب الظاهرة، سواءً كانت بمثل التلوين والتطريز أم بكيفية الخياطة والتفصيل، إلا ما كان مظنة الاثارة والفتنة فالأحوط وجوباً تجنبه. كما أن الأحوط وجوباً لها عدم استعمال الطيب بحيث يشمه الاجنبي.

(مسألة ٧): لا يجب التستر عن غير ذي الاربة من الرجال، وهو الذي لا رغبة له في النساء. والأحوط وجوباً الاقتصار على من استمر على ذلك من طفولته لنقص في إدراكه ولبلاهته، دون مثل الشيخ والمريض.

(مسألة ٨): لا يجب على المرأة التستر عن المحارم، وهم الذين يحرم نكاحهم لها بالنسب أو الرضاع المحرِّم كالاب والولد والاخ والعم. وكذا المحارم بالسبب، وهم الذين يحرم نكاحهم لها مؤبداً بسبب عقد النكاح الصحيح، كأب الزوج وابنه وزوج البنت وزوج الاُم المدخول به، أو بسبب وطء مشروع كموطوءة الاب والابن بالملك. دون ما يحرم بسبب عقد نكاح غير مشروع كنكاح ذات البعل أو في العدة أو بسبب وطء محرم كاللواط بالاخ، أو بسبب آخر كالطلاق تسع، فضلاً عما يحرم مؤقتاً كالمطلقة ثلاثاً وبنت الزوجة غير المدخول بها واُخت الزوجة.

(مسألة ٩): يستثنى من جواز التكشف للمحارم ومن جواز النظر إليهم العورة على ما تقدم في أحكام التخلي من كتاب الطهارة. كما أن الأحوط وجوباً ترك ما كان مظنة الاثارة والفتنة من التخلع والتزين، نظير ما تقدم في غير المحارم.

(مسألة ١٠): يحرم على الرجل النظر لما يجب ستره من جسد المرأة، إل

١٠

أن تكون متكشفة بحيث إذا نهيت لا تنتهي ولا تتستر، من دون فرق في ذلك بين كون تكشفها لاعتقاد الحل وأن يكون تسامحاً وعصيان. أما إذا كان تكشفها غفلة عن وجود الناظر بحيث لو نبهت لاستترت فلا يجوز النظر إليها إذا كانت مسلمة، بل حتى إذا كانت كافرة على الأحوط وجوب.

(مسألة ١١): الأحوط وجوباً عموم وجوب الستر وحرمة النظر لصورة المرأة في المرآة ونحوها مما يحكي حكاية تامة، بل الأحوط وجوباً العموم لمثل الماء الصافي مما يحكي حكاية ناقصة، إلا أن لا تتميز الصورة حينئذٍٍ، بل تكون شبحاً لا غير. وأما الصورة التلفزيونية والفتوغرافية ونحوهما فالظاهر جواز النظر إليه، وإن كان الأحوط استحباباً تركه إذا لم تتعمد المرأة بذل الصورة. بل يحرم إذا كانت مؤمنة وكان النظر هتكاً لها وتوهيناً عرف، كما قد يكون ذلك فيما إذا كانت مصونة في نفسها وكانت الصورة معرفة له.

(مسألة ١٢): يجوز نظر المرأة للرجل الاجنبي، والأحوط وجوباً أن لا تملأ نظرها منه وتتأمله.

(مسألة ١٣): يحرم على كل من الرجل والمرأة الاجنبيين مس أحدهما الآخر، من دون فرق بين ما يحل النظر له من المرأة وغيره، فلا يجوز لهما المصافحة. ولا يسوّغ ذلك كونه في بعض الاوساط والاعراف البعيدة عن الدين من جملة آداب المعاشرة، بحيث يُرمى تاركه بسوء الخلق ومجانبة الادب، فإن في الجري على تلك الاعراف في مثل ذلك تضييعاً لتعاليم الدين وطمساً لمعالمه وانصهاراً بتقاليد الكفر وتبعية له، بل يلزم الاصرار على تطبيق الحكم الشرعي والعمل عليه بلطف ووداعة وأدب، حتى يشيع ويعرف حاله على حقيقته، ويصير التزام المسلم به علامة على قوة شخصيته وتمسكه بدينه واعتزازه بمبدئه، وتسامحه فيه علامة على ضعف شخصيته وتحلله.

(مسألة ١٤): الظاهر عدم وجوب ستر الشعر والجزء المفصولين من

١١

المرأة عن الرجل وجواز نظره إليه. نعم إذا كانت المرأة الميتة مقطعة الاعضاء فالأحوط وجوباً عدم النظر إلى أعضائها المعتد بها المقومة لجسدها عرف، بل إذا صدق على النظر إليها النظر للمرأة الميتة فالظاهر حرمته.

(مسألة ١٥): إذا اضطر للنظر المحرم لعلاج أونحوه، فإن أمكن الاكتفاء بالنظر للصورة المنعكسة في المرآة تعين، وإلا حلّ النظر للجسد بنفسه، ويقتصر على مورد الاضطرار من حيثية المقدار المنظور إليه ومدة النظر وزمانه. وهكذا الحال في المس.

(مسألة ١٦): ليس من الاضطرار المسوغ للنظر والمس المحرمين الاختلاط العائلي، لاجتماع العوائل في بيت واحد، أو لتآلفها وكثرة الاجتماع والتزاور بينه. وما تعارف - نتيجة لذلك - من التسامح في الحجاب والنظر بين الرجل وزوجة أخيه أو اُخت زوجته أو بنت عمه أو نحوهم من الاقارب بل الاصدقاء لا مسوغ له. ومن الغريب تعارف ذلك بين بعض العوائل المحترمة والمعروفة بالتدين والالتزام والاحتشام. والانكى من ذلك والامض رفع الحواجز في مناسبات الافراح والاعراس حيث يستخف الفرح أهله فيدخل الشباب وهم في أوج حيويتهم ونشاطهم على النساء المتبرجات بملابسهن الفاضحة وزينتهن الصارخة على أتم الوجوه وأدعاها للفتنة والاثارة، تغاضياً عن مقتضيات الغيرة والعفة، وخروجاً عن قوانين الشرع الشريف، ونبذاً لتعاليم الدين الحنيف، كفراً لنعمة الله تعالى بمعصيته وانتهاك حرمته وتعدي حدوده في موقف هو أدعى لشكره تعالى بطاعته والخضوع لارادته والوقوف عند أمره ونهيه، استيجاباً لرحمته واستزادة من نعمته كما قال جلت أسماؤه وعظمت آلاؤه: (لئن شكرتم لازيدنّكم ولئن كفرتم إنَّ عذابي لشديد).

(مسألة ١٧): يجوز للرجل سماع صوت المرأة الاجنبية، وللمرأة سماع

١٢

صوت الرجل الاجنبي. نعم لابد من عدم التلذذ الجنسي بذلك كما تقدم.

(مسألة ١٨): يكره للرجل النظر لادبار النساء.

(مسألة ١٩): يكره اختلاط الرجال بالنساء الاجنبيات، وفي حديث سيدة النساء J قالت: «خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال» بل قد يحرم إذا كان مظنة للفتنة والفساد، خصوصاً ما يبتني منه على التزاحم والتضام.

(مسألة ٢٠): يكره للرجل الجلوس في مكان المرأة إذا قامت عنه حتى يبرد.

الفصل الاول

في آداب النكاح وسننه وما يناسب ذلك

(مسألة ٢١): يستحب للرجل عند إرادة التزويج أن يصلي ركعتين ويحمد الله تعالى ويقول: «اللهم إني اُريد أن أتزوج، اللهم فقدّر لي من النساء أعفهن فرجاً وأحفظهن لي في نفسها وفي مالي وأوسعهن رزقاً وأعظمهن بركة، وأقدر لي منها ولداً طيباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتى».

(مسألة ٢٢): يجوز للرجل النظر للمرأة التي يريد الزواج منه، والأحوط وجوباً الاقتصار على ما يتعارف كشفه عند لبس ثياب البيت كالعضدين والساقين والرأس وقسم من الصدر، دون ما يتعارف ستره بالثياب، ولا بأس بترقيق الثياب وكونها بحيث تحكي حجم البدن. نعم لابد من الاقتصار على ما يعرف به حالها وعدم الاستزادة من النظر عن قدر الحاجة.

(مسألة ٢٣): يستحب اختيار البكر الجميلة الطيبة الريح الطيبة الطبخ الضحوك العفيفة الهينة اللينة الودود الكريمة الاصل ذات الدين والخلق والتي تعين زوجها وتحفظه في غيبته. وفي الحديث: «إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلد».

١٣

(مسألة ٢٤): يكره اختيار المرأة لمالها وجماله، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «من تزوج امرأة لمالها وكله الله إليه، ومن تزوجها لجمالها رأى فيها ما يكره، ومن تزوجها لدينها جمع الله له ذلك». كما يكره تزوج المرأة الحسناء السيئة الاصل، وقد شبهها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبتة الخضراء في المزبلة. ويكره تزوّج الحمقاء، وقد ورد أن الاحمق قد ينجب والحمقاء لا تنجب.

(مسألة ٢٥): يستحب اختيار المرأة الولود ويكره تزوّج العقيمة وإن كانت جميلة.

(مسألة ٢٦): يستحب الاشهاد على العقد والاعلان به، والخطبة أمام العقد، وأقلها حمد الله تعالى. كما يستحب الوليمة فيه نهاراً يوماً أو يومين، ويكره ما زاد على ذلك.

(مسألة ٢٧): يستحب زف المرأة وإدخالها على زوجها ليل. ويستحب للزوج صلاة ركعتين عند ذلك وأن يدعو بالمأثور وقد ورد عدة صور لذلك، ومنها أن يأخذ بناصيتها مستقبل القبلة ويقول: اللهم بأمانتك أخذتها وبكلماتك استحللته، فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً تقياً من شيعة آل محمد، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيب». وقد ورد عن الامام الباقر (عليه السلام) لجلب الالفة بين الزوجين قال: «إذا دخلت فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضئة، ثم أنت لا تصل إليها حتى تتوضأ وتصلي ركعتين ثم مرهم أن يأمروها أن تصلي أيضاً ركعتين، ثم مجّد الله وصل على محمد وآل محمد، ثم ادع الله ومر من معها أن يؤمّنوا على دعائك. وقل: «اللهم ارزقني إلفها وودها ورضاها ورضني به، ثم اجمع بيننا بأحسن اجتماع وأسر ائتلاف، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام».

(مسألة ٢٨): يكره دخول الرجل بالمرأة ليلة الاربعاء.

١٤

(مسألة ٢٩): أكد الاسلام على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة من أهل بيته (عليهم السلام) على نبذ فوارق النسب في النكاح وأن المؤمن كفء المؤمنة. كما أكد على أنه ينبغي الاهتمام بالدين والخلق والامانة والعفة، وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنهم (عليهم السلام) في نصوص كثيرة: «إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ». فلا ينبغي رد الخاطب المؤمن إذا كان متديناً حسن الخلق، خصوصاً إذا كان ذا يسار، بحيث ينهض بمعاشه ومعاش عياله. وأما ما تعارف عند بعض القبائل من عدم تزويج بناتهم لغيرهم اعتزازاً بأنفسهم وترفعاً وتعالياً عن غيرهم أو قصر بناتهم على فئة خاصة من الناس فهو استجابة لدعوة الشيطان للعصبية الجاهلية، مع ما يترتب على ذلك من تعطيل النساء وحرمانهن من أهم حقوقهن، فإن صبرن ظلمن ظلم من لا يجد ناصراً إلا الله تعالى وهو أفحش الظلم، وإن خرجن عن ذلك فهو الجريمة والاثم منهن ومن القبيلة والعار والشنار عليهن وعليه، ثم ردود الفعل الظالمة التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون).

(مسألة ٣٠): ما تعارف عند كثير من المؤمنين من عدم الاستجابة لتزويج الخاطب الذي يرتضونه إلا بعد الاستخارة بالوجه المتعارف في زمانن، ليس له أساس شرعي، ولا يناسب النصوص المشار إليها آنف. نعم يحسن في الزواج وفي جميع الاُمور الاستخارة بمعنى طلب الخيرة من الله تعالى بالوجه المتقدم في مبحث صلاة الاستخارة من الصلوات المستحبة.

(مسألة ٣١): يكره تزويج شارب الخمر وسيّئ الخلق والمخنث، بل كل من ليس له التزام ديني. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «النكاح رق، فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقه، فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته».

١٥

(مسألة ٣٢): يكره للمرأة تعطيل نفسها عن الزواج، وعن الزينة لزوجها وإن كانت مسنة.

(مسألة ٣٣): يستحب تعجيل زواج البنت، وعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته». بل يكره تأخيرها إذا أدركت وحاضت.

(مسألة ٣٤): يكره إيقاع عقد الزواج إذا كان القمر في برج العقرب، كما يكره في محاق الشهر، وهو آخره عند عدم ظهور القمر ودخوله في شعاع الشمس.

(مسألة ٣٥): يكره الجماع ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، وحين اصفرار الشمس عند طلوعها وغروبه، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي الليلة التي ينخسف فيها القمر، وفي الليلة وفي اليوم اللذين يكون فيهما الزلزلة، وخصوصاً حال الزلزلة، وفي حال هياج الريح السوداء والصفراء والحمراء، وفي محاق الشهر. ويكره الجماع أيضاً في أول ليلة من الشهر الهلالي وليلة النصف منه، ويستثنى من ذلك أول ليلة من شهر رمضان المبارك، فقد ورد في بعض الروايات استحباب الجماع فيه.

(مسألة ٣٦): يكره الجماع مستقبل القبلة ومستدبره، وفي السفينة، وعلى ظهر طريق عامر، وتحت السماء.

(مسألة ٣٧): يكره الجماع بعد الاحتلام قبل الغسل منه، وحين الاختضاب قبل أن يأخذ الخضاب مأخذه.

(مسألة ٣٨): يكره الجماع عاري، ومن قيام. كما يكره الكلام حال الجماع بغير ذكر الله تعالى، ولبس خاتم فيه ذكر الله تعالى أو شيء من القرآن.

(مسألة ٣٩): يكره نظر الزوج لفرج امرأته خصوصاً حال الجماع.

(مسألة ٤٠): يستحب التستر بالجماع، ويكره الجماع في بيت فيه أحد

١٦

يصف حالهما ويسمع نفسهما وإن كان صبي. وتستحب التسمية عند الجماع والاستعاذة من الشيطان، والدعاء بالمأثور، ومنه أن يقول: «بسم الله وبالله اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني».

(مسألة ٤١): يستحب أن يختص كل من الرجل والمرأة بخرقة للتمسح بها بعد الجماع، ويكره اشتراكهما بخرقة واحدة يتمسحان بها مع، وفي النصوص أن ذلك من أسباب النفرة والبغضاء بينهم.

(مسألة ٤٢): يستحب لمن رأى امرأة فأعجبته أن يجامع زوجته. نعم يكره أن يجامع الرجل امرأته بشهوة غيره. والظاهر أن المراد به ما إذا كان الداعي للجماع هو شهوة امرأة أجنبية خاصة اشباعاً لتلك الشهوة، بل ينتظر حينئذٍ حتى تهدأ فورة الشهوة بما يشغله عنه. أما الاول فالمراد به أن يكون الجماع لاشباع الشهوة حذراً من تعلق النفس بالاجنبية من دون أن تكون قد تعلقت بها فعل.

(مسألة ٤٣): يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلاً حتى يعلمهم.

(مسألة ٤٤): يجوز لكل من الزوجين التلذذ الجنسي بما يشاء من جسد الآخر، صغيراً كان أو كبيراً بجميع وجوه التلذذ من النظر واللمس والتقبيل وغيره، كما يجوز له الانزال بذلك. نعم يكره للرجل وطء الزوجة في دبره. بل يحرم إذا لم يكن برضاه.

(مسألة ٤٥): لا يجوز الدخول بالزوجة قبل أن يتم لها تسع سنين قمرية. لكن لو دخل بها لم تحرم عليه مؤبداً حتى لو أفضاه. كما أنه يجوز له الاستمتاع بها بغير الوطء.

(مسألة ٤٦): يجوز العزل عند الوطء بإخراج الذكر من الفرج وإراقة المني خارجه. نعم يكره العزل عن الحرة إذا لم يشترط ذلك عليها ولم ترض به، خصوصاً إذا كانت ممن يتوقع حملها وكانت ترضع ولدها ولم تكن سليطة

١٧

ولا بذيئة. والسليطة هي طويلة اللسان الصخابة. والبذيئة هي ذات الكلام الفاحش السافل.

(مسألة ٤٧): الامتناع عن الانجاب إن كان بتعقيم أحد الطرفين، بأن يتعطل جهازه التناسلي فلا ينجب أبداً فالأحوط وجوباً الاقتصار فيه على لزوم الضرر البدني من الاستمرار في الانجاب. وإن كان بتوقفه عن الانجاب مؤقتاً جاز اختيار، إلا أن يستلزم كشف العورة المحرم - كما لو توقف على الاستعانة بالطبيب أو الطبيبة - فيقتصر فيه على مورد الحاجة العرفية، بحيث يلزم من الانجاب الحرج أو الضرر.

(مسألة ٤٨): لا يجوز للمرأة الامتناع عن الحمل بما ينافي حق الزوج في الاستمتاع - كالعزل وعدم التمكين من الوطء في الوقت الذي يتوقع فيه قابلية البويضة للاخصاب - إلا برضا الزوج أو باشتراط ذلك عليه في عقد النكاح أو غيره من العقود اللازمة. وأما بالطرق الاُخرى غير المنافية للاستمتاع فالأحوط وجوباً استئذان الزوج في ذلك، إلا أن يكون الحمل مضراً بها فلا يجب استئذان الزوج حينئذٍ.

(مسألة ٤٩): المراد بالامتناع عن الانجاب في المسألة السابقة هو فعل ما يمنع من انعقاد النطفة وتلقيح البويضة به. أما بعد انعقاد النطفة وتلقيح البويضة بها فلا يجوز الاجهاض مهما قصرت المدة، ولا يسوغه تشوه الجنين ولا مرض المرأة أو إجهادها ولا الضائقة الاقتصادية، قال تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم).

نعم يجوز مع الاطمئنان بتعرض الاُم للموت بدونه، بحيث يدور الامر بين موتها مع الجنين وموت الجنين وحده. ولابد من التثبت في ذلك.

(مسألة ٥٠): في مورد حرمة الاجهاض تجب الدية به، ويتحملها المباشر

١٨

الذي يستند الاجهاض لفعله، كالمرأة إذا شربت الدواء أو تحركت حركة عنيفة فأجهضت، وكالطبيبة إذا قامت بعملية الاجهاض. ولا يتحملها الذي يأذن به أو يطلب من الغير إيقاعه، كما لا تتحملها المرأة إذا سلمت نفسها للطبيبة فقامت بعملية الاجهاض، وإن كان ذلك كله محرم.

(مسألة ٥١): يجب على الزوجة تمكين الزوج من الوطء وغيره من الاستمتاعات في أي وقت شاء، وعلى أي حال كانت. ويحرم عليها الامتناع من ذلك مغاضبة أو للانشغال عنه، أو لخوف الحمل أو لغير ذلك. بل يستحب لها التزين والتطيب والتهيؤ له، بل عرض نفسها عليه. نعم إذا خافت على نفسها الضرر جاز لها الامتناع مما تخاف منه.

الفصل الثاني

في عقد النكاح

يحل النكاح بأحد وجهين..

الأول: الزواج.

الثاني: ملك اليمين.

وحيث يندر الابتلاء بالثاني في زمانن، فالمناسب الاقتصار على الاول.

وهو عقد يتضمن علقة خاصة معروفة بين الرجل والمرأة،بل مطلق الذكر والاُنثى وإن كانا صغيرين. وهو على قسمين..

الأول: الدائم.

الثاني: المنقطع.. والكلام هنا في الاول.

(مسألة ٥٢): لابد في هذا العقد من إنشائه باللفظ، فلا يقع بدونه، وإن

١٩

دلّ على إنشاء المضمون والالتزام به، كالتوقيع على ورقة العقد. وبذلك يخالف سائر العقود. نعم مع تعذر العقد - لخرس ونحوه - تجزئ الإشارة المفهمة له.

(مسألة ٥٣): لا يشترط في عقد النكاح العربية، فيجوز إيقاعة بكل لغة، وإن كان الأحوط استحباباً الإتيان به بالعربية مع الامكان.

(مسألة ٥٤): العقد عبارة عن الايجاب من أحد الطرفين والقبول من الآخر بأي وجه وقع، وذلك يكون..

تارة: بالايجاب من المرأة والقبول من الرجل بأن تقول: زوجتك نفسي بمهر كذ، فيقول: نعم أو رضيت أو قبلت.

واُخرى: بالايجاب من الرجل والقبول من المرأة بأن يقول: تزوجتك بمهر كذا فتقول: نعم، أو نحو ذلك.

(مسألة ٥٥): لا يتعين في الايجاب لفظ التزويج، بل يقع بلفظ النكاح وغيره مما يؤدي معنى الزواج، كما لو قالت المرأة: أنكحتك نفسي، أو قال الرجل: أنكحك، أو نحو ذلك.

(مسألة ٥٦): لا يشترط في عقد النكاح موافقة القواعد الاعرابية، بل يقع مع اللحن إذا قصد بالكلام إنشاء عقد الزواج به وكان مؤدياً لذلك عرف.

(مسألة ٥٧): لا يشترط الايجاب بلفظ الماضي، فكما يقع بمثل: تزوجت فلانة وزوجت فلاناً فلانة أو من فلانة وأنكحت فلاناً فلانة، يقع بمثل: أتزوج فلانة، واُزوج فلاناً فلانة أو من فلانة، وأنكح فلاناً فلانة.

(مسألة ٥٨): يصح إيقاع عقد النكاح من الطرفين مباشرة، فيقول الرجل: تزوجتك، أو تقول المرأة: زوجتك نفسي، ويقبل الطرف الآخر بنفسه، كما يصح إيقاعه ممن يقوم مقامهما كالولي والوكيل، فيقول ولي أحد الطرفين أو

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( أحكام الصلاة )

الصلوات الواجبة في زمان غيبة امام العصر ـ عجل الله فرجه الشريف ـ خمسة انواع :

(1) الصلوات اليومية وتندرج فيها صلاة الجمعة كما سيأتي.

(2) صلاة الآيات.

(3) صلاة الطواف الواجب.

(4) الصلاة الواجبة بالاجارة والنذر ، والعهد واليمين ونحو ذلك.

(5) الصلاة على الميت ، وتضاف إلى هذه : الصلاة الفائتة عن الوالد فان ـ الأحوط وجوباً ـ ان يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله.

١٠١

( صلاة الجمعة )

وهي ركعتان كصلاة الصبح ، وتجب قبلها خطبتان يلقيهما الإمام ففي الأولى : منهما يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أئمة المسلمين ـ والأحوط استحباباً ـ أن يضم إلى ذلك الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.

( مسألة 176 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ إتيان الحمد والصلاة من الخطبة باللغة العربية ، وأما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ فيما إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.

( مسألة 177 ) : صلاة الجمعة واجبة تخييراً ، ومعنى ذلك ان المكلف يوم الجمعة مخير بين الاتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شروطها الآتية ، وبين الاتيان بصلاة الظهر ولكن الإتيان بالجمعة أفضل ، فإذا أتى بها بشروطها أجزأت عن الظهر.

( مسألة 178 ) : تعتبر في صحة صلاة الجمعة الجماعة ، فلا تصح فرادى.

( مسألة 179 ) : يشترط في جماعة الجمعة عدد خاص وهو خمسة نفر

١٠٢

أحدهم الامام ، فلا تصح الجمعة ما لم يكن المجتمعون خمسة نفر من المسلمين أحدهم الإمام.

( مسألة 180 ) : يشترط في صحة صلاة الجمعة استجماعها للأمور الآتية المعتبرة في صلاة الجماعة ، ومنها ان يكون الإمام جامعاً لشروط الإمامة من العدالة وغيرها ، فلا تصح الجمعة إذا لم يكن الامام جامعاً للشروط.

( مسألة 181 ) : تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها وبين جمعة اخرى اقل من فرسخ ( ½5 كم تقريباً ) ، فلو اقيمت جمعة اخرى فيما دون فرسخ بطلتا جميعاً إن كانتا مقترنتين زماناً ، وأما إذا كانت أحداهما سابقة على الاُخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة.

( مسألة 182 ) : اقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة اخرى في تلك المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط ، وأما إذا لم تكن واجدة لها فلا تمنع عن ذلك.

( مسألة 183 ) : إذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من اقامها الامامعليه‌السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً ، وان كان غيره لم يجب الحضور ، بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر ولو في اول وقتها.

( مسألة 184 ) : لا يجب الحضور على المرأة ولا على المسافر ـ وإن كانت وظيفته الاتمام ـ ولا على المريض ، ولا على الأعمى ، ولا على الشيخ الكبير ، ولا على من كان بينه وبين الجمعة اكثر من فرسخين ( 11 كم تقريباً ) ولا على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر ، أو برد شديد ، أو نحوهما ، فهؤلاء جميعاً لا يجب عليهم الحضور في صلاة الجمعة حتى في فرض وجوبها تعييناً الذي تقدم بيانه في المسألة السابقة.

١٠٣

( النوافل اليومية )

يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة : ثمان ركعات لصلاة الظهر قبلها ، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس وتحسبان بركعة ، وثمان ركعات نافلة الليل ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بها بعد منتصف الليل والأفضل اداؤها قريباً من الفجر الصادق ، وركعتا الشفع بعد صلاة الليل ، وركعة الوتر بعد الشفع ، وركعتان نافلة الفجر قبل فريضته ، ولا يبعد ان يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل ـ بعد مضي مقدار يتمكن المكلف من الاتيان بها ـ ويمتد إلى قبيل طلوع الشمس.

( مسألة 185 ) : النوافل ركعتان ركعتان ـ إلاّ صلاة الوتر فإنها ركعة واحدة ويجوز الاتيان بها متصلة بالشفع أيضاً ـ ويستحب فيها القنوت ولكن يؤتى به في صلاة الشفع رجاءً ، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة ، كما يجوز الاكتفاء ببعض انواعها دون بعض ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر بل على الوتر خاصة ، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل ركعتين ، وإذا اريد التبعيض في غير هذه الموارد ـ فالأحوط لزوماً ـ الاتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.

والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي : « لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ

١٠٤

الكَريم ، لا إله إلاّ اللهُ العَليّ العَظيم ، سُبْحانَ اللهِ رَبِّ السمواتِ السَبْع ، وَربّ الأرضينَ السبع ، وَما فيهن وما بَيْنَهُنّ ، وَرَبُّ العَرش العَظيم ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين » ، وان يدعو لأربعين مؤمناً ، وان يقول : « أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَأَتوبُ إليه » سبعين مرة ، وأن يقول : « هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّار » سبع مرات ، وأن يقول : « العفو » ثلاثمائة مرة.

( مسألة 186 ) : تسقط ـ في السفر ـ نوافل الظهر والعصر بل والعشاء أيضاً ، ولا تسقط بقية النوافل ، ويجوز أن يأتي بنافلة العشاء رجاءً.

( مسألة 187 ) : صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء ، يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد( وَذَا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَليه ، فَنَادى في الظُّـلُماتِ اَنْ لا إلهَ إلاّ أنت سُبْحانَك إنّي كُنْتُ من الظّالِمين ،فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجّيْناهُ مِنَ الغَمّ وَكَذَلِكَ نُنْجي المُؤمِنين ) ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الحمد( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعْلَمُها إلاّ هو ،وَيَعْلَمُ مَا في البَرِّ والبَحرِ ،وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُها ،ولا حَبّةٍ في ظُلُماتِ الأرضِ ،ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتَابٍ مُبِين ) ثم يقنت فيقول : « اللّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ بِمَفاتِحِ الغَيبِ التي لا يَعْلَمُها إلاّ أَنْتَ أنْ تُصلي عَلى مُحمد وَآل مُحمد » ويطلب حاجته ويقول : « اللّهم أنت وَليّ نِعْمَتي والقادِرُ على طَلِبَتي تَعْلَمُ حاجَتي فَاسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي » ويجوز أن يأتي بهاتين الركعتين بقصد نافلة المغرب أيضاً فتجزى عنهما جميعاً.

١٠٥

( مقدمات الصلاة )

مقدمات الصلاة خمس :

1 ـ الوقت

( مسألة 188 ) : وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب ، وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص صلاة العصر من آخره بمقدار ادائها ، ولا تزاحم كل منهما الاُخرى وقت اختصاصها ، ولو صلى الظهر قبل الزوال معتقداً دخول الوقت ثم علم بدخوله وهو في الصلاة صحت صلاته ، وجاز له الاتيان بصلاة العصر بعدها وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ إتمامها وإعادتها.

( مسألة 189 ) : يعتبر الترتيب بين الصلاتين ، فلا يجوز تقديم العصر على الظهر عمداً ، نعم إذا صلى العصر قبل ان يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت صلاته ، فإن التفت في اثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته وإن التفت بعد الفراغ صحت عصراً وأتى بالظهر بعدها.

( مسألة 190 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تأخير صلاة الظهرين إلى سقوط قرص الشمس ، نعم مع الشك في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالأبنية ونحوها يجوز التأخير والاتيان بهما قبل زوال الحمرة المشرقية.

( مسألة 191 ) : وقت صلاة العشاءين للمختار من أول المغرب إلى نصف الليل ( منتصف ما بين غروب الشمس والفجر ) وتختص صلاة

١٠٦

المغرب من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها نظير ما تقدم في الظهرين ، وأما المضطر لنوم أو نسيان ، أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر ، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، ويعتبر الترتيب بينهما ، ولكنه لو صلى العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه ولم يتذكر حتى فرغ منها صحت صلاته ، وأتى بصلاة المغرب بعدها ولو كان في الوقت المختص بالعشاء.

( مسألة 192 ) : لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط قرص الشمس واحتمال استتاره بحاجب كالجبال ، والأبنية والأشجار بل ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقديمها عليه حتى مع العلم بسقوط القرص ، والأولى عدم تأخيرها عن ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية.

( مسألة 193 ) : إذا دخل في صلاة العشاء ، ثم تذكر انه لم يصلّ المغرب عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل ان يدخل في ركوع الركعة الرابعة ، وإذا كان تذكره بعده صحت صلاته عشاءً ويأتي بعدها بصلاة المغرب ، وقد مرّ آنفاً حكم التذكر بعد الصلاة.

( مسألة 194 ) : إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء إختياراً حتى انتصف الليل ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يصليها قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة ، من دون نية الأداء أو القضاء ، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب ـ احتياطاً وجوبياً ـ.

( مسألة 195 ) : وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ، ويعرف الفجر باعتراض البياض في الاُفق المتزايد وضوحاً وجلاءً ويسمى بالفجر الصادق.

١٠٧

( مسألة 196 ) : وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الاتيان بصلاة الظهر.

( مسألة 197 ) : يعتبر في جواز الدخول في الصلاة ان يستيقن بدخول الوقت ، أو تقوم به البينة ، ويجتزأ بالاطمينان الحاصل من اذان الثقة العارف بالوقت ، أو من اخباره أو من سائر المناشىء العقلائية ، ولا يكتفى بالظن وان كان للمكلف مانع شخصي عن معرفة الوقت ، كالعمى والحبس ، بل وان كان المانع نوعياً ـ كالغيم ـ على ـ الأحوط لزوماً ـ فلا بد في الحالتين من تأخير الصلاة إلى حين الاطمينان لدخول الوقت.

( مسألة 198 ) : إذا صلى معتقداً دخول الوقت بأحد الأمور المذكورة ثم انكشف له أنّ الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته ، نعم إذا علم أنّ الوقت قد دخل وهو في الصلاة صحت صلاته ، وإذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء لم تصح ولزمه اعادتها.

( مسألة 199 ) : لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختياراً ، ولا بد من الاتيان بجميعها في الوقت ، ولكنه لو أخرها عصياناً أو نسياناً حتى ضاق الوقت وتمكن من الاتيان بها فيه ولو بركعة وجبت المبادرة إليها وكانت الصلاة اداءً.

( مسألة 200 ) : يجوز التنفّل في وقت الفريضة ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بالفريضة أوّلاً في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.

2 ـ القبلة وأحكامها

( مسألة 201 ) : يجب استقبال القبلة مع الإمكان في جميع الفرائض

١٠٨

وتوابعها من الأجزاء المنسية ، وصلاة الاحتياط ، دون سجدتي السهو ، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي أو الركوب ـ والأحوط وجوباً ـ اعتباره فيها حال الاستقرار ، والقبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ويتحقق استقباله بمحاذاة عينه مع التمكن من تمييزها ، والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.

( مسألة 202 ) : ما كان من الصلوات واجبة زمان حضور الامامعليه‌السلام كصلاة العيدين يعتبر فيها استقبال القبلة وان كانت مستحبة فعلاً ، وأما ما عرض عليه الوجوب بنذر وشبهه فلا يعتبر فيه الاستقبال حال المشي والركوب.

( مسألة 203 ) : يجب العلم باستقبال القبلة ، وتقوم البينة مقامه إذا كانت مستندة إلى المبادىء الحسية أو ما بحكمها ، كالاعتماد على الآلات المستحدثة لتعيين القبلة ، والظاهر حجيّة قول الثقة من أهل الخبرة في تعيين القبلة ، وان لم يفد الظن حتى مع التمكن من تحصيل العلم بها ، ومع عدم التمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه يجب ان يبذل المكلف جهده في معرفتها ويعمل على ما يحصل له من الظن ، ومع عدم التمكن منه أيضاً يجزئ التوجه إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه ـ والأحوط استحباباً ـ ان يصلي إلى أربع جهات.

( مسألة 204 ) : إذا ثبت له بوجه شرعي ان القبلة في جهة فصلى إليها ، ثم إنكشف له الخلاف فان كان انحرافه عنها لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة وأتم صلاته فيما إذا كان الانكشاف اثناء الصلاة ، وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب الاعادة ، وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار أو كانت صلاته إلى دبر القبلة ، فان كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها ،

١٠٩

ولا يجب القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت وان كان ـ أحوط استحباباً ـ.

3 ـ الطهارة في الصلاة

( مسألة 205 ) : تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر وطهارة اللباس ، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس كالقلنسوة ، والتكة ، والجورب ، بشرط أن لا يكون متخذاً من الميتة النجسة ، ولا نجس العين ، كالكلب على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بأس بحمل النجس والمتنجس في الصلاة كان يضع منديله المتنجس في جيبه.

( مسألة 206 ) : لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح قبل البرء ، ولا سيما إذا كان التطهير أو التبديل حرجياً نوعاً ، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به وله ثبات واستقرار ، وأما الجروح الجزئية فيجب تطهيرها إلاّ فيما سيأتي.

( مسألة 207 ) : لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان اقل من الدرهم ـ أي ما يساوي عقد الابهام ـ بلا فرق بين اللباس والبدن ، ولا بين اقسام الدم ، ويستثنى من ذلك دم الحيض ، ويلحق به ـ على الأحوط لزوماً ـ دم نجس العين والميتة والسباع ، بل مطلق غير مأكول اللحم ، ودم النفاس والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً ، وإذا شك في دم انه أقل من الدرهم أم لا بنى على العفو عنه ، إلاّ إذا كان مسبوقاً بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه ، وإذا علم انه اقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فلا بأس بالصلاة فيه.

١١٠

( مسألة 208 ) : إذا صلى جاهلاً بنجاسة البدن أو اللباس ، ثم علم بها بعد الفراغ منها صحت صلاته إذا لم يكن شاكاً فيها قبل الصلاة ، أو شك وفحص ولم يحصل له العلم بها ، وأما الشاك غير المتفحص ـ فالأحوط لزوماً ـ فيما إذا وجد النجاسة بعد الصلاة ان يعيدها في الوقت ويقضيها في خارجه ، وإذا علم بالنجاسة في الأثناء فان احتمل حدوثها بعد الدخول في الصلاة وتمكن من التجنب عنها بالتبديل أو التطهير ، أو النزع على نحو لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتم صلاته ولا شيء عليه ، وان لم يتمكن منه فان كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان ضيقاً اتمها مع النجاسة ولا شيء عليه ، وإن علم ان النجاسة كانت قبل الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ استينافها مع سعة الوقت ، وأما مع ضيقه حتى عن ادراك ركعة فإن أمكن التجنب عن النجاسة بالتبديل أو التطهير أو النزع ، من غير لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة ، وإلاّ صلى معها وتصح صلاته.

( مسألة 209 ) : إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى ، فان كان نسيانه ناشئاً عن الاهمال وعدم التحفظ ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيد الصلاة ، سواءً تذكر في اثنائها أم بعد الفراغ منها ، وهكذا لو تذكر بعد مضي الوقت ، وأما إذا لم يكن منشأ نسيانه الاهمال فحكمه حكم الجاهل بالموضوع وقد تقدم في المسألة السابقة.

( مسألة 210 ) : تجب في الصلاة الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم ، وقد مرّ تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.

4 ـ مكان المصلي

( مسألة 211 ) : يعتبر في مكان المصلي اباحته ، فلا تصح الصلاة في

١١١

المكان المغصوب على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان الركوع والسجود بالإيماء ، ويختص هذا الحكم بالعالم العامد ، فلو صلى من المغصوب غافلاً أو جاهلاً بغصبيته ، أو ناسياً لها ولم يكن هو الغاصب صحت صلاته.

( مسألة 212 ) : إذا أوصى الميت بصرف الثلث من تركته في مصرف ما وعيّن الثلث من دار أو بستان أو دكان ونحوها لم يجز التصرف فيه قبل اخراج الثلث ، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ، أو الصلاة في ذلك المكان.

( مسألة 213 ) : إذا كان الميت مشغول الذمة بدين أو زكاة أو نحوهما من الحقوق المالية ـ عدا الخمس ـ لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها ، سواء أكان مستوعباً لها أم لا ، وأما التصرف بمثل الصلاة في داره فالظاهر جوازه باذن الورثة. وإذا كان مشغول الذمة بالخمس فان كان ممن يدفع الخمس جرى عليه ما تقدم ، وان كان ممن لا يدفعه ـ عصياناً أو اعتقاداً منه بعدم وجوبه ـ لم يجب على وارثه المؤمن ابراء ذمته وجاز له التصرف في التركة.

( مسألة 214 ) : لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلاّ برضاه وطيب نفسه ، وهو يستكشف بوجوه :

(1) الإذن الصريح من المالك.

(2) الإذن بالفحوى ، فلو أذن له بالتصرف في داره ـ مثلاً ـ بالجلوس والأكل والشرب والنوم فيها ، وقطع بكونه ملازماً للاذن بالصلاة جاز له أن يصلي فيها ، وان لم يأذن للصلاة صريحاً.

(3) شاهد الحال ، وذلك بأن تدل القرائن على رضا المالك بالتصرف في ماله ولو لم يكن ملتفتاً إليه فعلاً لنوم أو غفلة بحيث يعلم او يطمأن بانّه

١١٢

لو التفت لأذن.

( مسألة 215 ) : لا بأس بالصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً ، كما لا بأس بالوضوء من مائها وان لم يعلم رضا المالك به ، بل وان علم كراهته ـ سواء أكان كاملاً أم قاصراً ، صغيراً أم مجنوناً ـ وبحكمها أيضاً الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها وإن لم يعلم رضا المالك ، نعم إذا علم كراهته أو كان قاصراً ـ فالأحوط لزوماً ـ الاجتناب عنها ، ولا بأس أيضاً بالصلاة في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها ما لم يحرز كراهة المالك ، وتلك البيوت بيوت الأب والأم ، والأخ والاخت ، والعم والعمة ، والخال والخالة والصديق ، والبيت الذي يكون مفتاحه بيد الانسان.

( مسألة 216 ) : الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو الأرض مغصوباً ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 217 ) : الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر التصرفات ، إذا لم يأذن جميع الشركاء ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 218 ) : العبرة في الأرض المستأجرة باجازة المستأجر دون المؤجر.

( مسألة 219 ) : إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق الغير وكان الحق مما ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى بمثل الصلاة فيه ـ كحق السكنى ـ فلا بد في جواز التصرف فيها من اجازة المالك وذي الحق معاً.

( مسألة 220 ) : المحبوس في الأرض المغصوبة ـ إذا لم يتمكن من

١١٣

التخلص من دون ضرر أو حرج ـ تصح صلاته فيها ، ويصلي صلاة المختار إذا لم تستلزم تصرفاً زائداً على الكون فيها على الوجه المتعارف ، وإلاّ صلى بما يمكنه من دون تصرف زائد.

( مسألة 221 ) : يعتبر في مكان المصلي ان لا يكون نجساً على نحو تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن نجاسة غير معفو عنها ، ومع عدم السراية كذلك لا بأس بالصلاة عليها ، نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة كما سيأتي.

( مسألة 222 ) : لا يجوز استدبار قبور المعصومين : في حال الصلاة وغيرها إذا عدّ هتكاً لحرمتهم واساءة للأدب معهم.

( مسألة 223 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقدم المرأة على الرجل ولا محاذاتهما في الصلاة في مكان واحد فيلزم ، تأخرها عنه ـ ولو بمقدار يكون مسجد جبهتها محاذياً لركبتيه في حال السجود ـ أو يكون بينهما حائل ، أو مسافة أكثر من عشرة اذرع بذراع اليد ( ½4 متراً تقريباً ).

( مسألة 224 ) : تستحب الصلاة في المساجد للرجال والنساء ، وان كان الأفضل للمرأة ان تختار الصلاة في المكان الأستر حتى في بيتها.

5 ـ لباس المصلي

( مسألة 225 ) : يعتبر في الصلاة ستر العورة ، وهي في الرجل القبل ( القضيب والبيضتان ) والدبر ، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه ـ بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ واليدين إلى الزند ، والرجلين إلى أول جزء من الساق ، ولا يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في

١١٤

صلاة غير البالغة.

( مسألة 226 ) : يكفي في الساتر الصلاتي في حال الإختيار مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً ، كالورق والحشيش ، والقطن والصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، وأما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين ونحوه.

( مسألة 227 ) : إذا انكشف له اثناء الصلاة ان عورته لم تستر فعلاً وجبت المبادرة إلى سترها ـ مع عدم الاشتغال بشيء من الصلاة في حال الانكشاف على ـ الأحوط لزوماً ـ وتصح صلاته ، كما تصح أيضاً إذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة.

( مسألة 228 ) : إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميِّز ـ إما لعدم وجوده أو لظلمة ـ أو نحوها ـ اتى بها كذلك ، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدوّ سوءته ترك القيام والركوع والسجود صلى جالساً مومياً ، ولو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه واتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع والسجود ، ويجلس بدلاً عن القيام ، ـ والأحوط لزوماً ـ للعاري ستر السوأتين ببعض اعضائه كاليد في حال القيام ، والفخذين في حال الجلوس.

١١٥

( شروط لباس المصلي )

يشترط في لباس المصلي أمور :

( الأوّل ) : الطهارة وقد مرّ تفصيله في المسألة (205) وما بعدها.

( الثاني ) : اباحته على ـ الأحوط لزوماً ـ فيما كان ساتراً للعورة فعلاً واستحباباً في غيره.

( مسألة 229 ) : إذا صلى في ثوب جاهلاً بغصبيته ثم انكشف له ذلك صحت صلاته ، وكذلك إذا كان ناسياً وتذكر بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ إعادتها.

( مسألة 230 ) : إذا اشترى ثوباً بما فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، وأما إذا اشترى بما فيه حق الزكاة فلا يلحقه حكمه كما سيأتي في المسألة (551).

( الثالث ) : أن لا يكون من اجزاء الميتة التي تحلها الحياة من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، ويختص هذا الحكم بالميتة النجسة وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضاً ، وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه ـ كالشعر والصوف ـ فلا بأس بالصلاة فيه.

( مسألة 231 ) : يجوز حمل ما تحله الحياة من اجزاء الميتة النجسة في الصلاة وان كان ملبوساً ، كأن يضع الثوب المتخذ من جلد الميتة في جيبه.

١١٦

( مسألة 232 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم عليه بالتذكية ويجوز اكله بشرط اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية ، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، وما يوجد في سوق المسلمين إذا لم يعلم ان المأخوذ منه غير مسلم ، وأما ما يوجد مطروحاً في أرضهم فيحكم بطهارته ولا يحكم بحليته على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ مع الاطمينان بسبق احد الأمور الثلاثة.

( مسألة 233 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد الكافر أو المجهول إسلامه ، وما وجد في بلاد الكفر ، وما اخذ من يد المسلم مما علم انه قد أخذه من يد الكافر ولم يحرز تذكيته لا يجوز أكله ، ولكن يجوز بيعه ويحكم بطهارته وبجواز الصلاة فيه إذا احتمل ان يكون مأخوذاً من الحيوان المذكى.

( مسألة 234 ) : تجوز الصلاة في ما لم يحرز انه جلد حيوان ، وان اخذ من يد الكافر.

( مسألة 235 ) : إذا صلى في ثوب ثم علم بعد الصلاة أنه كان متخذاً من الميتة النجسة صحت صلاته ، إلاّ اذا كان شاكاً ولم يفحص قبل الدخول في الصلاة حسبما تقدم في المسألة (208) ، واما إذا نسي ذلك وتذكره بعد الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ إعادتها ـ سواء أكان الثوب مما تتم فيه الصلاة أم لا ـ إذا كان نسيانه ناشئاً من اهماله وعدم تحفظه وإلاّ فلا شيء عليه.

( الرابع ) : ان لا يكون من اجزاء السباع ، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على ـ الأحوط وجوباً ـ ويختص المنع بما تتم الصلاة فيه وان كان الاجتناب عن غيره أيضاً ـ أحوط استحباباً ـ وتجوز الصلاة في جلد

١١٧

الخز والسنجاب ووبرهما وإن كانا من غير مأكول اللحم.

( مسألة 236 ) : لا بأس بالصلاة في شعر الانسان ، سواء أكان من نفس المصلي أو من غيره.

( مسألة 237 ) : لا بأس بالصلاة في الشمع والعسل ، والحرير غير الخالص ودم البق والبرغوث والقمل ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها.

( مسألة 238 ) : لا بأس بالصلاة في ما يحتمل انه من غير مأكول اللحم ، وكذلك ما لا يعلم انه من أجزاء الحيوان. وما لا يعلم كون الحيوان المتخذ منه ذا لحم عرفاً.

( مسألة 239 ) : إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلاً أو نسياناً حتى فرغ من الصلاة صحت صلاته إلاّ إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير فانه تجب عليه الاعادة.

( الخامس ) : ان لا يكون لباس الرجل من الذهب الخالص ، أو المغشوش دون الممّوه والمطّلي الذي يعد الذهب فيه لوناً محضاً ، والمراد باللباس هنا كل ما يطلق على استعماله عنوان ( اللبس ) عرفاً وان لم يكن من الثياب كالخاتم والزناجير المعلقة ، والساعة اليدوية ، نعم لا بأس بحمل الذهب في الصلاة ، ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية الجيبية.

( مسألة 240 ) : يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضاً ، والأحوط لزوماً ترك التزيُّن به مطلقاً حتى فيما لا يطلق عليه اللبس عرفاً كجعل ازرار اللباس من الذهب ، أو جعل مقدم الاسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه.

١١٨

( مسألة 241 ) : إذا شك في فلزّ ولم يعلم انه من الذهب جاز لبسه في نفسه ولا يضر بالصلاة.

( مسألة 242 ) : لا فرق في حرمة لبس الذهب وابطاله الصلاة بين أن يكون ظاهراً أو لا.

( مسألة 243 ) : إذا صلى في فلزّ لم يعلم انه من الذهب أو نسيه ثم التفت إليه بعد الصلاة صحت صلاته.

( السادس ) : ان لا يكون لباس الرجل الذي تتم فيه الصلاة من الحرير الخالص ، وأما إذا امتزج بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.

( مسألة 244 ) : لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحوه من الحرير الخالص ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يزيد عرضه على أربعة اصابع مضمومة.

( مسألة 245 ) : لا بأس بحمل الحرير في الصلاة ، وان كان مما تتم الصلاة فيه.

( مسألة 246 ) : لا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص في غير حال الصلاة أيضاً ، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض ونحوهما ، وفي هذه الموارد تجوز الصلاة فيه أيضاً.

( مسألة 247 ) : إذا صلى في الحرير جهلاً أو نسياناً ، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة صحت صلاته.

( مسألة 248 ) : إذا شك في لباس ولم يعلم انه من الحرير ، جاز لبسه والصلاة فيه.

١١٩

( مسألة 249 ) : تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال ـ كما تقدم ـ ولا بأس به للنساء في الصلاة وفي غيرها ، وكذلك الأطفال الذكور فيجوز للولي ان يلبسهم الذهب والحرير وتصح صلاتهم فيهما.

( مسألة 250 ) : يحرم لبس لباس الشهرة ، وهو اللباس الذي يظهر المؤمن في شنعة وقباحة وفظاعة عند الناس ، لحرمة هتك المؤمن نفسه واذلاله اياها.

( مسألة 251 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ ان لا يتزيّ اي من الرجل والمرأة بزيّ الآخر في اللباس ، وأما لبس الرجل بعض ملابس المرأة لغرض آخر ـ وكذا العكس ـ فلا بأس به ، وفيما إذا حرم اللبس لم يضر بصحة الصلاة مطلقاً وإن كان ساتراً له حالها.

( مسألة 252 ) : إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير ، أو الذهب أو السباع صلى عارياً ، وإذا انحصر بما عدا السباع من غير مأكول اللحم من الحيوان ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً ، وإذا انحصر في النجس جاز الصلاة فيه.

( مسألة 253 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل حصوله عليه في آخر الوقت ، أما لو يئس عن حصوله عليه فله ان يصلي عارياً ولا تلزمه اعادتها لو صادف فحصل على الساتر في الوقت.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333