العباس (عليه السلام) رجل العقيدة والجهاد

العباس (عليه السلام) رجل العقيدة والجهاد0%

العباس (عليه السلام) رجل العقيدة والجهاد مؤلف:
الناشر: مؤسسة محبّين للطباعة والنشر
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 216

العباس (عليه السلام) رجل العقيدة والجهاد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمّد علي يوسف الاشيقر
الناشر: مؤسسة محبّين للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 216
المشاهدات: 42914
تحميل: 7184

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 216 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42914 / تحميل: 7184
الحجم الحجم الحجم
العباس (عليه السلام) رجل العقيدة والجهاد

العباس (عليه السلام) رجل العقيدة والجهاد

مؤلف:
الناشر: مؤسسة محبّين للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأخوين الحسين والعباس (عليهما السّلام) مع بقية أقربائها المدينة المنوّرة إلى مكة المكرّمة، ومن الأخيرة إلى كربلاء، وتفاصيل استشهاد الجميع على هذه الأرض الطاهرة، ووقائع رحيل ما تبقّى من أهل البيت (عليهم السّلام) من الأطفال والنسوة كأسرى حرب من كربلاء إلى الكوفة، ومن ثمّ إلى الشام برفقة رؤوس الشهداء وفي طليعتها رأسي الحسين والعباس (عليهما السّلام) والمرفوعة على رؤوس الرماح لتطال السماء، ومن ثمّ مسيرة هذا الركب إلى المدينة المنوّرة حيث مكان الانطلاق الأول، حيث يمكن تسمية كلّ ما سجّل وكتب عن هذه المشاهد المؤلمة والمحزنة بـ «الأدب الحسيني».

ولقد آثرنا هنا أن ننقل فيما يلي بعض ما نظمه الشعراء من شعر يعبّر عن مشاعرهم وأحاسيسهم إزاء ما أصاب العبّاس بن علي (عليهما السّلام) من مآسي وكوارث على أرض كربلاء، والتي هزّتهم وأخذت منهم كلّ مأخذ.

علماً بأنّ هذا الشعر عندما يؤرّخ للعباس (عليه السّلام) ومصابه فإنّه يشير في نفس الوقت إلى أخيه الحسين (عليه السّلام) في كثير أو قليل؛ بسبب أنّ مصاب الأخوين متلازمان ولا يمكن إبعاد أو فصل أحدهما عن الآخر، إلاّ كما يفصل نور الشمس عن الشمس نفسها، وإنّ مصابهما ورزيتهما هما من العظمة والمكانة ما أنست سواهما، وفي ذلك يقول الشاعر الأعسم:

أنست رزيّتكم رزايانا التي سلفت وهوّنت الرزايا الآتيهْ

وما نظم من الشعر في حقّ العبّاس (عليه السّلام) والذي اخترناه في هذا البحث هو: يقول حفيد العبّاس (عليه السّلام) محمّد بن الفضل بن الحسين بن عبد الله في شأن جدّه الأعلى:

٢٠١

إنّي لأذكرُ للعباسَ موقفَه بكربلاءَ وهامَ القومِ يختطفُ

يحمي الحسينَ ويحميه على ظمأٍ ولا يولّي ولا يثني فيختلفُ

ولا أرى مشهداً يوماً كمشهده مع الحسينِ عليه الفضلُ والشرفُ

أكرم بهِ مشهداً بانت فضيلتُه وما أضاعَ لهُ أفعالهُ خلفُ

ونظم حفيده الفضل بن الحسين يقول:

أحقّ الناس أن يُبكى عليه فتىً أبكى الحسينَ بكربلاءِ

أخوه وابنُ والده عليٍّ أبو الفضل المضرّج بالدماءِ

ومَنْ واساه لا يثنيه شيءٌ وجاد لهُ على عطشٍ بماءِ

وللسيد جعفر الحلّي قصيدة عصماء في رثاء العبّاس (عليه السّلام) طالما يردّدها الخطباء في مجالسهم، ولقد جاء في بعضها:

وقعَ العذابُ على جيوشِ أميّةٍ من باسلٍ هو في الوقائعِ معلمُ

عبست وجوهُ القومِ خوفَ المو تِ والعباسُ فيهم ضاحكٌ متبسّمُ

أوَ تشتكي العطشَ الفواطمُ عنده وبصدرِ صعدتهِ الفراتُ المفعمُ

قلبَ اليمينَ على الشمالِ وغاصَ في ال أوساطِ يحصدُ للرؤوسِ ويحطمُ

ولو استقى نهرَ المجرّة لارتقى وطويلُ ذابلهِ إليها سلّمُ

لو سدّ ذو القرنينِ دون وروده نسفتهُ همّتهُ بما هو أعظمُ

في كفّهِ اليسرى السقاء يقلّهُ وبكفّهِ اليمنى الحسامُ المخذّمُ

بطلٌ إذا ركبَ المطهمَ خلتهُ جبلٌ أشمُّ يخفُّ فيهِ مطهّمُ

ما شدّ غضباناً على ملمومةٍ إلاّ وحلّ بها البلاءُ المبرمُ

قسماً بصارمهِ الصقيلِ وإنني في غيرِ صاعقةِ السما لا أقسمُ

لولا القضا لمحا الوجودَ بسيفهِ واللهُ يقضي ما يشاءُ ويحكمُ

صبغَ الخيولَ برمحهِ حتّى غدا سيّانُ أشقرُ لونها والأدهمُ

٢٠٢

وهوى بجنبِ العلقمي فليته للشاربينَ به يدافُ العلقمُ

وغدا يهمّ بأن يصولَ فلم يطق كالليث إذ أظفارهُ تتقلّمُ

فمشى لمصرعهِ الحسينُ وطرفُه بينَ الخيامِ وبينهُ متقسّمُ

ألفاهُ محجوبَ الجمالِ كأنّه بدرٌ بمنحطمِ الوشيجِ ملثّمُ

فأكبَّ منحنياً عليهِ ودمعه صبغَ البسيطَ كأنّما هو عندمُ

قد رامَ يلثمُهُ فلم يرَ موضعاً لم يدمه عضّ السلاحِ فيلثمُ

نادى وقد ملأ البواديَ صيحةً صمُّ الصخورِ لهولها تتألّمُ

أأخي مَنْ يحمي بناتَ محمدٍ إذ صرنَ يسترحمنَ مَنْ لا يرحمُ

أأخي يُهنيكَ النعيمُ ولم أخل ترضى بأن أُرزى وأنتَ منعّمُ

ما خلتُ بعدكَ أن تُشلَّ سواعدي وتكفَّ باصرتي وظهري يُقصمُ

هذا حسامُكَ مَنْ يذلّ بهِ العدى ولواك هذا مَنْ به يتقدّمُ

يا مالكاً صدرَ الشريعةِ إنّني لقليل عمري في بكاكَ متمّمُ

بطلٌ تورّثَ من أبيهِ شجاعةً فيها اُنوفُ بني الضلالةِ تُرغمُ

وللسيد راضي السيد صالح القزويني هذه القصيدة البليغة، ونقتطف منها هذه الأبيات:

أبا الفضل يا مَنْ أسسَ الفضلَ والإبا أبى الفضلُ إلاّ أن تكون له أبا

تطلّبتَ أسبابَ العُلا فبلغتها وما كلّ ساعٍ بالغٌ ما تطلّبا

ودون احتمال الضيمِ عزٌّ ومنعةٌ تخيّرت أطرافَ الأسنّةِ مركبا

وقفتَ بمستنِّ النزالِ ولم تجد سوى الموت في الهيجا من الضيمِ مهربا

إلى أن وردت الموتَ والموتُ عادة لكم عرفت تحتَ الأسنّةِ والظّبا

بنفسي الذي واسى أخاه بنفسه وقام بما سنّ الإخاءُ واوجبا

ولم أنسه والماء ملّ مزاده يقلّبُ طرفَ الطرفِ شرقاً ومغربا

٢٠٣

ما ذاقَ طعمَ الماءِ وهو بقربه ولكن رأى طعمَ المنيّةِ أعذبا

وللخطيب المصقع الشيخ حسن بن محمّد أبو الحبّ الكبير هذه القصيدة البليغة، وندرج منها هذه الأبيات:

إذا كانَ ساقي الحوضِ في الحشرِ حيدرٌ فساقي عطاشى كربلاء أبو الفضلِ

على أنّ ساقي الناس في الحشرِ قلبه مريعٌ وهذا بالظما قلبهُ يغلي

جزى اللهُ عنهم في المواساةِ عمّهم (أبا الفضلِ) خيراً لو شهدت أبا الفضلِ

وقفتُ على ماءِ الفراتِ ولم أزل أقولُ لهُ والقولُ يحسنهُ مثلي

علامكَ تجري لا جريتَ لواردٍ وأدركتَ يوماً بعضَ عاركَ بالغسلِ

إذ أنشقت أكبادُ آلِ محمد لهيباً ولا ابتلّت بغلٍّ ولا نهلِ

لقد كانَ سيفاً صاغهُ بيمينه (عليٌّ) فلم يحتج شباه إلى الصقلِ

يميناً بيمناك القطيعة والتي تسمّى شمالاً وهي جامعةُ الشملِ

إذا عُدّ أبناءُ النبيِّ محمّدٍ رآهُ أخاهم مَنْ رآه بلا فصلِ

بصبركَ دونَ ابن النبي بكربلا على الهولِ أمرٌ لا يحيطُ بهِ عقلي

ولم أرَ ظامٍ حولهُ الماءُ قلبه ولم يروي منهُ وهو ذا مهجةٍ تغلي

أخي كنتَ لي درعاً ونصلاً كلاهما فقدتُ فلا درعي لديّ ولا نصلي

وللخطيب الشيخ محمّد علي اليعقوبي قصيدة مهمّة في رثاء العبّاس (عليه السّلام)، نورد منها هذه الأبيات:

إذا ركعَ السيفُ في كفّه هوت هامُهم سجّداً ركعّا

وحولَ الشريعةِ تحمي الفرات جموعٌ أبى البغيُ أن تُجمعا

وآبَ ولم يُروَ من شربةٍ وجرّعهُ الموتُ ما جرّعا

فخرّ على ضفّةِ العلقمي صريعاً فأعظم بهِ مصرعا

فما كان أشجى لقلبِ الحسين وآلمَ منهُ ولا أفظعا

٢٠٤

وللشيخ حسون الحلّي هذه القصيدة:

رأى دمهُ للقنا منهلاً وأوصالهُ للظّبا مرتعا

قطيع اليمين عفير الجبين تشقّ النصالُ لهُ مضجعا

أبدرَ العشيرةِ من هاشمٍ أفلتَ وهيهاتَ أن تطلعا

فقدتكَ يابنَ أبي واحداً ثكلت بهِ مضراً أجمعا

قصمت القرى وهدمت القوى وأحنيت فوق الجوى الأضلعا

لقد هجعت أعينُ الشامتين واُخرى لفقدكَ لن تهجعا

أساقي العطاشى لقد كضّها ال ظمأ فاستقت بعدكَ الأدمعا

حميتَ الظعينةَ من يثربٍ وأنزلتها الجانبَ الأمنعا

أبا الفضلِ ما لي مغيثٌ سواك إذا الدهرُ في صرفهِ جعجعا

وكيف يردّ دعائي الإله وقد جئتهُ فيكَ مستشفعا

لم أنسَ ناصرَ دينِ اللهِ منفرداً وفيهِ أحدقَ أهلُ الشركِ والإحنِ

لهفي له مذ رأى العباسَ منجدلاً فوقَ الصعيدِ سليباً عافرَ البدنِ

نادى بصوتٍ يذيبُ الصخرَ يا عضدي ويا معيني ويا كهفي ومؤتمني

عباسُ قد كنتَ لي عضداً أصولُ به وكنتَ لي جنّةً من أمنع الجننِ

عباسُ هذي جيوشُ الكفرِ قد زحفت نحوي بثاراتِ يومِ الفتحِ تطلبني

كسرتَ ظهري وقلّت حيلتي وبما قاسيتُ سرت ذوو الأحقادِ والضغنِ

بقيتُ بعدكَ بينَ القومِ منفرداً اُقلّب الطرفَ لا حامٍ فيسعدني

وللشاعر محمّد رضا الأزري هذه القصيدة، والتي ننقل بعض أبياتها في أدناه:

فانهض إلى الذكرِ الجميلِ مشمّراً فالذكرُ أبقى ما اقتنتهُ كرامُها

أوَما أتاكَ حديثُ وقعةِ كربلا أنّى وقد بلغَ السماءَ قتامُها

يومٌ أبو الفضلِ استجارَ بهِ الهدى والشمسُ من كدرِ العجاجِ لثامُها

٢٠٥

فحمى عرينهُ ودمدمَ دونها! ويذبَّ من دونِ الثرى ضرغامُها

وأبت نقيبتهُ الزكيّة ريّها وحشا ابنُ فاطمةٍ يشبُّ ضرامُها

اليوم سارَ عن الكتائبِ كبشُها اليوم بانَ عن الهداةِ إمامُها

اليوم آلَ إلى التفرّقِ جمعنا اليوم حلّ عن البنودِ نظامُها

اليوم نامتَ أعينٌ بكَ لم تنم وتسهّدت اُخرى فعزَّ منامُها

ولكم لهُ من غضبةٍ مضريّةٍ قد كادَ يلحقُ بالسحابِ ضرامُها

أشقيقَ روحي هل تراكَ علمتَ إذ غودرتَ وانثالت عليكَ لئامُها

اللهُ أكبرُ أيّ بدرٍ خرّ من اُفقِ الهدايةِ فاستشاطَ ظلامُها

قد خلتُ أُطبقتِ السماءُ على الثرى أو دكدكت فوقَ الربى أعلامُها

لكن أهانَ الخطبَ عندي أنّني بكَ لاحقٌ أمراً قضى علاّمُها

أوَ لم تكن تدري قريشٌ أنّه طلاّعُ كلِّ ثنيّةٍ مقدامُها

وللشاعر محمّد الخليل هذه الأبيات من الشعر في رثاء العبّاس (عليه السّلام):

حتى هوى وهو مقطوعُ اليدين إلى جنبِ الشريعةِ مطروحاً مع العلمِ

نادى أخاه ألا ادركني فقد بلغت منّي اُميّة ما رامتهُ من قدمِ

فأسرعَ السبطُ محنيّاً لهُ وهوى من فوقهِ بفؤادٍ منهُ مضطرمِ

وصاحَ والقلبُ خفّاقٌ ومهجتُه ذابت بدمعٍ على الخدّينِ منسجمِ

عباسُ أنتَ عمادي أنتَ مستندي وأنتَ جامعُ شملي أنتَ معتصمي

اليوم خلّفتَ عينَ الدينِ ساهرةً اليوم نامت عيونٌ فيكَ لم تنمِ

اليوم في قتلكَ الأعداءُ قد شمتت اليوم خلّفتني فرداً بغيرِ حمي

إنّ الرزايا وإن حلّت لَرزؤكَ قد أحنى ضلوعي وأجرى عيني بدمِ!

٢٠٦

وللشاعر السيد مهدي الأعرجي هذه الأبيات في رثاء أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام):

تاللهِ لا أنسى (أبا الفضل) الذي بحسامهِ الموتُ الزؤامُ مجسّمُ

يسطو عليهم كالهزبرِ بسيفهِ فتراهُ يهدرُ مغضباً ويدمدمُ

يرمي الشرارَ حسامهُ فتخالها شُهباً لشيطانِ الكريهةِ يرجمُ

حتى إذا ملكَ الفراتَ بسيفهِ وفؤادهُ بلظى الظما يتضرّمُ

فأرادَ منهُ الشربَ لكن صدّهُ عن شربهِ الأمرُ الأهمُّ الأعظمُ

وغدا يلومُ النفسَ منهُ قائلاً تَردينهُ وعلى الحسينِ يُحرّمُ

يا نفسُ هوني بعدهُ فلو انّ مَنْ في الكونِ يفنى وابنُ أحمدَ يسلمُ

أردوهُ مقطوعَ اليدينِ على الثرى والرأسُ منهُ بالعمودِ مهشّمُ

فأتى إليهِ السبطُ يندبُ قائلاً والظهرُ حزناً كادَ منهُ يقصمُ

يا مالكاً صدرَ الشريعةِ إنّني لقليل عمري في بكاكَ متمّمُ

ونظم الشاعر الشيخ عبد المنعم الفرطوسي حول بسالة العبّاس (عليه السّلام) وشجاعته يقول:

علمٌ للجهادِ في كلِّ زحفٍ علمٌ في الثباتِ عند اللقاءِ

قد نما فيه كلّ بأسٍ وعزٍّ من علي بنجعةٍ وإباءِ

هو ثبتُ الجنانِ في كلّ روعٍ وهو روعُ الجنانِ في كلِّ راءِ

فارتقى صهوةَ الجوادِ مطلاً علماً فوقَ قلعةٍ شمّاءِ

وتجلّى والحربُ ليلٌ قتامٌ قمرٌ في غياهبِ الظلماءِ

فاستطارت من الكماةِ قلوبٌ اُفرغت من ضلوعها كالهواءِ

وتهاوت جسومُهم وهي صرعى واستطارت رؤوسُهم كالهباءِ

وهو يرمي الكتائبَ السود رجماً بالمنايا من اليدِ البيضاءِ

٢٠٧

ونظم آية الله الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء هذه الأبيات في شأن العبّاس (عليه السّلام):

وتعبسُ من خوفٍ وجوهُ اُميّة إذا كرّ عباسُ الوغى يتبسّمُ

أبو الفضلِ تأبى غيرةُ الفضلِ والإبا أباً فهو إمّا عنه أم فيه يرسمُ

عليمٌ بتأويلِ المنيّةِ سيفُهُ نزولٌ على مَنْ بالكريهةِ معلمُ

ويمضي إلى الهيجاء مستقبلُ العدى بماضٍ بهِ أمرُ المنيّةِ مبرمُ

وإن سمعَ الأطفالَ تصرخُ للظما تصارخَ منهُ الجحفلُ المتضخّمُ

وصالَ عليهم صولةَ الليثِ مغضباً يحمحمُ من طولِ الطوى ويدمدمُ

وراحَ لموردِ المستقى حامل السقا! وأصدرَ عنهُ وهو بالماءِ مفعمُ

ومذ خاضَ نهرَ العلقمي تذكّرَ ال حسينَ فولّى عنهُ والريقُ علقمُ

وأضحى ابن ساقي الحوضِ سقّا ابن أحمد يروّي عطاشى المصطفى الطهرِ إن ظموا

أبا الفضلِ تهنيكَ الوراثةُ من أبٍ ويهني أباكَ الفضلُ أنّك له اسمُ!

وللشاعر الشيخ حسن قفطان هذه الأبيات:

هيهات أن تجفو السهادَ جفوني أو أنّ داعيةَ الأسى تجفوني

أنّى ويومُ الطفِّ أضرمَ في الحشا جذواتِ وجدٍ من لظى سجّينِ

يومٌ أبو الفضلِ استفزّت بأسَه فتيانُ فاطمَ من بني ياسينِ

حتى إذا قطعوا عليهِ طريقه بسدادِ جيشٍ بارزٍ وكمينِ

حسموا يديهِ وهامهُ ضربوهُ في عمدِ الحديدِ فخرَّ خيرُ طعينِ

ومشى إليهِ السبطُ ينعاهُ كسر تَ الآنَ ظهري يا أخي ومعيني

عباسُ كبشُ كتيبتي وكنانتي وسريُّ قومي بل أعزُّ حصوني

يا ساعدي في كلّ معتركٍ به أسطوا وسيفَ حمايتي بيميني

لمَنْ اللوا أعطي ومَنْ هو جامعٌ شملي وفي ضنكِ الزحامِ يقيني

لكَ موقفٌ بالطفّ أنسى أهلَه حربَ العراقِ بملتقى صفّينِ

فمَنْ مبلغٌ أمَّ البنينَ رسالةً عن والهٍ بشجائهِ مرهونِ

لا تسأل الركبانَ عن أبنائِها في كربلاء وهم أعزّ بنينِ

تأتي لأرضِ الطفِّ تنظرُ ولدها ثاوينَ بين مبضّعٍ وطعينِ

٢٠٨

وللشاعر الكربلائي الحاج جواد بدقت هذه القصيدة في رثاء العبّاس (عليه السّلام):

أبا الفضلِ في يومٍ بهِ جمع القضا وعاثت بكلِّ العالمينَ عظائمُهْ

أقامَ مقاماً يملأ الكونَ سبقه وحسبكَ ممّا كان إن هو قائمُهْ

فنازلها حرباً تذوبُ لهولهِ ال سماواتِ لولا أنّه هو حاجمُهْ

فأرسله في الجيشِ حتّى تفلّلت حدودُ مواضيهِ وخارت ضراغمُهْ

فأحرز مجرى الماء كفٌّ يفوقه بمجرى الندى في بعضِ ما هو ساجمُهْ

تنازلهُ الآساد علماً بأنّه يصادمُ محتومَ القضا مَنْ يصادمُهْ

فأمضى بهم عزماً ترى دونهُ الردى وإنّ الردى أن لا تهبّ عزائمُهْ

إلى أن أشادَ الشركُ حاسم باعه وقد حسمَ الدينَ الحنيفيَّ حاسمُهْ

وأهوى فماد العرشُ حزناً له وهل وأنّى لعرش إن هوين دعائمُهْ

كما ونظم الشاعر الأديب السيد سلمان هادي آل طعمة حول العبّاس (عليه السّلام) هذه الأبيات:

جرى القضا وأي خطبٍ قد جرى فهدّ من ساقي عطاشى كربلا

لم أنسهُ يدعو أخاه السبط هل من شربةٍ أسقى بها على الظما

خاضَ غمارَ الموتِ وهو باسمٌ وعبّسَ القومُ وفرّوا مذ سطا

صالَ أبو الفضلِ على أعدائه صولةَ ليثٍ في عراصِ نينوى

قضى بجنبِ العلقمي ظامياً وذادَ عن ماءِ الفراتِ ما ارتوى

حزّ أبيّ الضيمِ عن جوادهِ مقطّع الأعضاءِ مسلوبَ الردا

مادت لرزئهِ السماواتِ العلا وزلزلَ الكونُ وضجّت الملا

يا وقعةَ الطفِّ وما أعظمها من وقعةٍ دهماءَ أورت الحشا

ونظم شاعر آخر هذه القصيدة، وأرادها أن تكون معبّرة عن لسان الحوراء زينب (عليها السّلام):

٢٠٩

لهفي على العباسِ لمّا أن دنا نحو الفراتِ بقلبهِ الحرّانِ

فأرادَ شربَ الماءِ وقالَ لنفسهِ وا لهفتا للسيّدِ العطشانِ

عافَ الشرابَ ولم يبلَّ أوامه وجدا لوجدِ أخيهِ والإخوانِ

لهفي على العباسِ وهو معفّرٌ ومخضّبٌ من جسمهِ بالقاني

أبكي لمَنْ يبكي الحسينُ لقتلهِ ومدامعي تهمي من الأجفانِ

أبكي لمَنْ نصرَ الحسينَ مجاهداً لا يخشى من صارمٍ وسنانِ!

لهفي على العباسِ إذ حاطوا بهِ من كلِّ فجٍّ أقبلوا ومكانِ

حاطوا بهِ واستفردوهُ وخرّقوا قرباً ملاها قاصد النسوانِ

ثاروا عليه بطعنهم وبضربهمْ وبطعنهمْ أردوه في الميدانِ

وهواهُ آخرُ ضربةً في رأسهِ حتى رماهُ بحومةِ الجولاني

فأتى الحسينُ إليهِ وهو مسارعٌ فرأى أخاهُ مكابدَ الحدثانِ

فبكى وقالَ جُزيتَ خيراً من أخٍ واسى أخاهُ بشدّةٍ وهواني

أدّيتَ حقّاً للاُخوّةِ يا أخي وحظيت وصلَ الحورِ والولداني

واللهِ تلكَ مصيبةٌ لم أنسها إلاّ إذا أُدرجتُ في الأكفاني

٢١٠

زيارة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام)

« السّلام عليك أيّها العبدُ الصالحُ، المطيعُ لله ولرسولهِ، ولأميرِ المؤمنينَ والحسنِ والحسينِ (صلّى الله عليهم وسلّم)، السّلام عليك ورحمة الله وبركاته، ومغفرته ورضوانُهُ، وعلى روحكَ وبدنِكَ. أشهدُ واُشهِدُ اللهَ أنَّكَ مَضيتَ على ما مضى به البدريّون، والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون له في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرةِ أوليائه، الذابّون عن أحبّائه، فجزاك الله أفضل الجزاء، وأكثر الجزاء، وأوفرَ الجزاءِ، وأوفى جزاءِ أحدٍ ممَّنْ وفى بِبَيعته، واستجابَ له دعوتهُ، وأطاعَ وُلاة أمرِهِ.

أشهدُ أنّكَ قد بالغتَ في النصيحة، وأعطيتَ غاية المجهودِ، فبعثك الله في الشهداءِ، وجعل روحك مع أرواح السعداء، وأعطاك من جنّانه أفسحها منزلاً، وأفضلها غُرَفاً، ورفع ذكركَ في علّيين، وحشرك مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسُنَ اُولئك رفيقاً. أشهد أنّك لَم تَهِنْ ولم تنكُلْ، وأنّكَ مضيتَ على بصيرةٍ من أمرك، مُقتدياً بالصالحين، ومُتّبِعاً للنبيّين، فجمع اللهُ بيننا وبينك وبين رسوله وأوليائهِ في منازل المُخبتين، فإنّه أرحم الراحمين ».

« السّلام عليك يا أبا الفضل العبّاس بن أمير المؤمنين، السّلام عليك يابن سيّد الوصيّين، السّلام عليك يابن أوّل القوم إسلاماً، وأقدمهم إيماناً، وأقومهم بدين الله، وأحوطهم على الإسلام. أشهد لقد نصحت لله ولرسوله ولأخيك، فنعم الأخ المواسي، فلعن الله أمّةً قتلتكَ، ولعن الله أمّة ظلمتكَ، ولعن الله أمّةً استحلّت منك المحارم، وانتهكتْ حُرمة الإسلام، فنعم الصابرُ المجاهدُ، المحامي الناصر، والأخُ الدافع عن

٢١١

أخيه، المجيبُ إلى طاعة ربّه، الراغبُ فيما زهد فيه غيره من الثواب الجزيل، والثناء الجميل، وألحقكَ الله بدرجة آبائك في جنّات النّعيم ».

« اللّهمّ إنّي تعرّضت لزيارة أوليائك؛ رغبة في ثوابك، ورجاءً لمغفرتك، وجزيل إحسانك، فأسألك أن تصلّيَ على محمّد وآله الطاهرين، وأن تجعل رزقي بهم دارّاً، وعيشي بهم قارّاً، وزيارتي بهم مقبولة، وحياتي بهم طيّبة، وأدرجني إدراج المكرَمين، واجعلني ممّن ينقلب من زيارة مشاهد أحبّائك مفلحاً منجحاً، قد استوجب غفران الذنوب، وستر العيوب، وكشف الكروب، إنّك أهل التقوى وأهل المغفرة ».

٢١٢

المصادر والمراجع

١ - العبّاس بن علي / رائد الكرامة والفداء في الإسلام - الشيخ باقر شريف القرشي.

٢ - العبّاس بن علي بن أبي طالب / قمر بني هاشم - محمّد كامل حسن المحامي.

٣ - قمر بني هاشم - عبد الرزاق الموسوي المقرّم.

٤ - العبّاس / بطولة الروح وشجاعة السيف - محمّد هادي.

٥ - السرّ الفيّاض / سيدنا ومولانا أبو الفضل العبّاس - السيد أحمد شكر الحسني.

٦ - العبّاس بن علي / بطل الحقّ والحرية - عبد الحميد المهاجر.

٧ - العبّاس بن علي / جهاد وتضحية - سعيد رشيد زميزم.

٨ - اُمّ البنين - سلمان هادي آل طعمة.

٩ - سيرة اُمّ البنين - حيدر المرجاني.

١٠ - مدينة الحسين - محمّد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة.

١١ - تاريخ مرقد الحسين والعباس - سلمان هادي آل طعمة.

١٢ - نفحات الإيمان في خيرات شعبان - فخر الدين حميد زني.

٢١٣

كتب للمؤلّف

١ - لمحات من تاريخ القرآن.

٢ - أضواء على شبه القارة الهندية.

٣ - الإمام علي (عليه السّلام)... من الكعبة إلى الغري.

٤ - الحسين (عليه السّلام)... ثورة دائمة.

٥ - تاريخ المساجد في الإسلام.

٦ - تاريخ التصوّف في الإسلام.

٧ - عمار بن ياسر... صوت لم يخمد، وسيف لم يغمد.

٨ - اليمن.. بين مفاخر الأجداد ومآثر الأحفاد.

٩ - زيد والزيديّة.

١٠ - العبّاس... رجل العقيدة والجهاد، (هذا الكتاب).

١١ - مسلم بن عقيل - بريق النبوّة في ظلمات الكوفة.

١٢ - المختار الثقفي... ثائر بني ثقيف.

١٣ - الأمثال والكنايات الشعبيّة الشائعة في وادي الفرات.

١٤ - الموجز في أحكام ومسائل وآداب المساجد والجماعة.

١٥ - جعفر الطيار طليعة شهداء الفتح الإسلامي.

١٦ - حمزة بن عبد المطلب شهيد المبدأ والعقيدة.

والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

٢١٤

الفهرس

الإهداء ٥

حكمة الكتاب ٦

تقريض ٧

كلمة حول الكتاب ٩

مقدّمة الكتاب ١٢

من مكّة إلى دار الهجرة ١٦

في رحاب اُمّ البنين ٢٦

اُمّ البنين تُزفّ إلى عليٍّ (عليه السّلام) ٣٢

ولمّا بلغ أشده واستوى ٣٩

إخوة العبّاس (عليه السّلام) وأخواته ٥٦

العبّاس (عليه السّلام) في رفقة والده ٥٩

المدينة بعد هلاك معاوية ٦٥

المسيرة الطويلة ٧٢

عند أعتاب كربلاء ٨٨

بدء العدّ التنازلي ١٠١

إنّ الذين يبايعونك ١١٠

ما قبل ساعة الصفر ١١٨

الملحمة الكبرى ١٢٧

ما بعد الملحمة ١٤٣

كرامات العبّاس (عليه السّلام) ١٥٠

ما يُنسب إلى العبّاس ١٦٩

٢١٥

تاريخ الروضة العباسيّة ١٧٩

سدنة الروضة العباسيّة ١٨٨

تطوير الروضة العباسيّة ١٩٣

أمّا مقترحاتنا ١٩٨

أروع ما قيل في رثاء العبّاس (عليه السّلام) ٢٠٠

زيارة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ٢١١

المصادر والمراجع ٢١٣

كتب للمؤلّف ٢١٤

٢١٦