موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ18%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 60003 / تحميل: 7778
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

٧١ - الطبقات الكبرى عن عطاء: خطَب عليّ فاطمة، فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إنّ عليّاً يذكرك!) فسكتت، فزوّجها (١) .

٧٢ - رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إنّ الله أمَرني أنْ أُزوّج فاطمة من عليّ) (٢) .

٧٣ - عنه (صلّى الله عليه وآله): (إنّما أنا بشَر مثلُكم أتزوّج فيكم وأُزوّجكم، إلاّ فاطمة فإنّ تزويجها نزل من السماء) (٣) .

٧٤ - عنه (صلّى الله عليه وآله) - لفاطمة (عليها السلام) -: (والله، ما ألَوْت (٤) أنْ أُزوّجك خير أهلي) (٥) .

٧٥ - عنه (صلّى الله عليه وآله): ( يا فاطمة، أما إنّي ما ألَيْت أنْ أنكحتُكِ خير أهلي) (٦) .

٧٦ - عنه (صلّى الله عليه وآله) - لفاطمة (عليها السلام) -: (فما ألَوتكِ في نفسي وقد أصبت لكِ خير أهلي) (٧) .

٧٧ - الإمام الصادق (عليه السلام): (لولا أنّ الله تبارك وتعالى خلَق أمير المؤمنين (عليه السلام)

____________________

(١) الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٠، ذخائر العقبى: ٦٩، كشف الغمّة: ١ / ٣٦٥.

(٢) المعجم الكبير: ١٠ / ١٥٦ / ١٠٣٠٥ عن عبد الله بن مسعود، ذخائر العقبى: ٧٠ عن أنس، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٥٠ عن الإمام الرضا (عليه السلام) عنه (صلّى الله عليه وآله) وعن عبد الله بن مسعود وعن أنَس بن مالك.

(٣) الكافي: ٥ / ٥٦٨ / ٥٤ عن أبان بن تغلب عن الإمام الباقر (عليه السلام)، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٣٩٣ / ٤٣٨٢، مكارم الأخلاق: ١ / ٤٤٥ / ١٥٢٨.

(٤) ألا الرجلُ وألَّى: إذا قصَّر وترك الجُهد (لسان العرب: ١٤ / ٤١).

(٥) خصائص أمير المؤمنين للنسائي: ٢٣٣ / ١٢٥ عن ابن عبّاس، الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٤ عن أُمّ أيمن، وراجع كنز العمّال: ١١ / ٦٠٥ / ٣٢٩٢٦، والكافي: ٥ / ٣٧٨ / ٦.

(٦) الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٤ عن عكرمة، كنز العمّال: ١١ / ٦٠٦ / ٣٢٩٣٠.

(٧) المعجم الكبير: ٢٢ / ٤١٢ / ١٠٢٢، كنز العمّال: ١١ / ٦٠٦ / ٣٢٩٢٨، كفاية الطالب: ٣٠٦، كشف الغمّة: ١ / ٣٧١ وفيهما (ولقد أصبت بكِ القدر وزوّجتك خير أهلي) بدل (أصبت لك خير أهلي)، شرح الأخبار: ٢ / ٣٥٨ / ٧١٣ نحوه وكلّها عن ابن عبّاس.

١٠١

لفاطمة؛ ما كان لها كفوٌ على ظهْر الأرض من آدم ومَن دونه) (١) .

٧٨ - الإمام عليّ (عليه السلام): (قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا عليّ، لقد عاتبَتني رجالٌ من قريش في أمر فاطمة (عليها السلام) وقالوا: خطبناها إليك فمنعتَنا، وتزوّجَت عليّاً، فقلت لهم: والله ما أنا منعتكم وزوّجته، بل الله تعالى منعَكم وزوّجه، فهبط علَيَّ جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمّد، إنّ الله جلّ جلاله يقول: لو لم أخلُقْ عليّاً لَما كان لفاطمة ابنتك كفؤ على وجه الأرض، آدم فمَن دونه) (٢) .

٧٩ - عنه (عليه السلام): (لمّا أدركت فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مدرَك النساء، خطبَها أكابر قريش من أهل الفضل والسابقة في الإسلام والشرف والمال، وكان كلّما ذكَرها رجلٌ من قريش لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) أعرض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عنه بوجهه، حتى كان الرجل منهم يظنّ في نفسه أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ساخط عليه، أو قد نزل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فيه وحي من السماء) (٣) .

٨٠ - السُنن الكبرى عن مجاهد عن الإمام عليّ (عليه السلام): (لقد خُطبَت فاطمة بنت النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فقالت لي مولاة: هل علِمتَ أنّ فاطمة تُخطَب؟ قلت: لا - أو نعم - قالت: فاخطبْها إليه، قال: قلت: وهل عندي شيء أخطبها عليه! قال: فو الله ما زالت ترجّيني حتى دخلتُ عليه - وكنّا نجلّه ونعظّمه - فلمّا جلستُ بين يديه

____________________

(١) الكافي: ١ / ٤٦١ / ١٠ عن يونس بن ظبيان، تهذيب الأحكام: ٧ / ٤٧٠ / ١٨٨٢ عن المفضّل، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٣٩٣ / ٤٣٨٣ وفيه (خلَق فاطمة لعليّ) بدل (خلَق أمير المؤمنين (عليه السلام) لفاطمة)، الأمالي للطوسي: ٤٣ / ٤٦ وفيه (على الأرض) بدل (على ظهر الأرض...)، بشارة المصطفى: ٢٦٧ وفيه (من الأرض) بدل (على ظهر الأرض...) وكلاهما عن يونس بن ظبيان.

(٢) عيون أخبار الرضا: ١ / ٢٢٥ / ٣ عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام).

(٣) المناقب للخوارزمي: ٣٤٣ / ٣٦٤، كشف الغمّة: ١ / ٣٥٣.

١٠٢

أُلجمتُ حتى ما استطعت الكلام، قال: هل لك من حاجة؟ فسكتُّ، فقالها ثلاث مرّات، قال: لعلّك جئت تخطب فاطمة! قلت: نعم يا رسول الله، قال: هل عندك من شيء تستحلّها به؟ قال: قلت: لا والله يا رسول الله، قال: فما فعلتَ بالدرع التي كنتُ سلّحتُكها؟ قال عليّ: والله إنّها لدرعٌ حُطَمِيّة (١) ما ثمنها إلاّ أربعمِئة درهم! قال: اذهب فقد زوّجتكها، وابعث بها إليها فاستحلّها به) (٢) .

٨١ - الأمالي للطوسي عن الضحّاك بن مزاحم: سمعت عليّ بن أبى طالب (عليه السلام) يقول: (أتاني أبو بكر وعمَر فقالا: لو أتيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فذكرت له فاطمة. قال: فأتيته، فلمّا رآني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ضحك، ثمّ قال: ما جاء بك يا أبا الحسن؟ وما حاجتك؟ قال: فذكرت له قرابتي وقِدَمي في الإسلام ونُصرتي له وجهادي، فقال: يا عليّ، صدقت فأنت أفضل ممّا تذكر.

فقلت: يا رسول الله، فاطمة تزوّجنيها؟ فقال: يا عليّ، إنّه قد ذكَرها قبلك رجالٌ فذكرتُ ذلك لها، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رِسلِك حتى أخرج إليك. فدخل عليها فقامت إليه، فأخذت رداءه ونزعت نعلَيه، وأتته بالوضوء، فوضّأته بيدها وغسلت رِجْليه، ثمّ قعدت، فقال لها: يا فاطمة، فقالت: لبّيك! حاجتك يا رسول الله؟ قال: إنّ عليّ بن أبي طالب مَن قد عرفت قرابته وفضْله وإسلامه، وإنّي قد سألت ربّي أنْ يزوّجك خير خلْقه وأحبّهم إليه،

____________________

(١) دِرعٌ حُطَميّة: هي منسوبة إلي بطن من عبد القيس يقال لهم: حُطَمة بن محارب، كانوا يعملون الدروع (النهاية: ١ / ٤٠٢).

(٢) السنن الكبرى: ٧ / ٣٨٣ / ١٤٣٥١، المناقب للخوارزمي: ٣٣٥ / ٣٥٦، الأخبار الموفّقيّات: ٣٧٥ / ٢٣٠ نحوه، البداية والنهاية: ٣ / ٣٤٦، كشف الغمّة: ١ / ٣٦٤، وراجع مسند ابن حنبل: ١ / ١٧٤ / ٦٠٣، والطبقات الكبرى: ٨ / ٢٠.

١٠٣

وقد ذكَر من أمرك شيئاً، فما تَرَين؟ فسكَتَت ولم تولِّ وجهها، ولم يرَ فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كراهة، فقام وهو يقول: الله أكبر! سكوتها إقرارها.

فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمّد، زوِّجها عليّ بن أبي طالب؛ فإنّ الله قد رضيَها له ورضيَه لها) (١) .

٨٢ - الكافي عن سعيد بن المسيّب: قلت لعليّ بن الحسين (عليهما السلام): فمتى زوّج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاطمة من عليّ (عليهما السلام)؟ فقال: (بالمدينة بعد الهجرة بسنة، وكان لها يومئذٍ تسع سنين) (٢) .

٨٣ - تاريخ اليعقوبي - في ذِكر زواج فاطمة (عليها السلام) -: زوّجها رسول الله من عليّ بعد قدومه بشهرَين، وقد كان جماعة من المهاجرين خطبوها إلى رسول الله، فلمّا زوّجها عليّاً قالوا في ذلك، فقال رسول الله: (ما أنا زوّجته ولكنّ الله زوّجه) (٣) .

٨٤ - الأمالي للطوسي: روي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل بفاطمة (عليها السلام) بعد وفاة أُختها رقيّة زوجة عثمان بستّة عشر يوماً، وذلك بعد رجوعه من بدْر، وذلك لأيّام خلَت من شوّال.

وروي أنّه دخل بها يوم الثلاثاء لستٍّ خلَون من ذي الحجّة. والله تعالى أعلم (٤) .

٨٥ - المعجم الأوسط عن جابر بن عبد الله: حضرنا عُرس عليّ بن أبي طالب

____________________

(١) الأمالي للطوسي: ٣٩ / ٤٤، بشارة المصطفى: ٢٦١.

(٢) الكافي: ٨ / ٣٤٠ / ٥٣٦، مختصر بصائر الدرجات: ١٣٠، وراجع كشف الغمّة: ١ / ٣٦٤.

(٣) تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٤١.

(٤) الأمالي للطوسي: ٤٣ / ٤٧، بشارة المصطفى: ٢٦٧.

١٠٤

وفاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فما رأينا عُرساً كان أحسن منه حَيساً (١) ، وهيّأ لنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) زيتاً وتمراً فأكلنا. وكان فراشهما ليلة عرسهما إهاب (٢) كبش (٣) .

٨٦ - الطبقات الكبرى عن أسماء بنت عُميس - لأُمّ جعفر -: جُهِّزت جدّتك فاطمة إلى جدّك عليّ، وما كان حشْو فراشهما ووسائدهما إلاّ الليف. ولقد أَولم عليّ على فاطمة، فما كانت وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته، رهن دِرْعه عند يهودي بشطْر (٤) شعير (٥) .

٨٧ - سنن ابن ماجة عن عائشة وأُمّ سلمة: أمرنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنْ نجهّز فاطمة حتى ندخلها على عليّ. فعمدنا إلى البيت ففرشناه تراباً ليِّناً من أعراض (٦) البطحاء، ثمّ حشونا مِرفقتين ليفاً فنفشناه بأيدينا، ثمّ أطعمنا تمراً وزبيباً، وسقينا ماءً عذباً، وعمَدنا إلى عودٍ فعرضناه في جانب البيت ليُلقى عليه الثوب ويعلَّق عليه السقاء. فما رأينا عرساً أحسن من عُرس فاطمة (٧) (٨) .

____________________

(١) الحَيس: التمر البَرْني والأقِط يُدَقّان ويُعجنان بالسَمْن عجناً شديداً حتى يَنْدُر النوى منه نواةً نواة، ثمّ يُسوَّى كالثريد (لسان العرب: ٦ / ٦١).

(٢) الإهاب: الجِلد (النهاية: ١ / ٨٣).

(٣) المعجم الأوسط: ٦ / ٢٩٠ / ٦٤٤١، مجمع الزوائد: ٩ / ٣٣٦ / ١٥٢١٥ نحوه، وراجع ذخائر العقبى: ٧٤.

(٤) الشَطْرُ: النصفُ، ومنه (أنّه رَهَن درعه بشطر من شعير) قيل: أراد نِصف مَكُّوك، وقيل: أراد نصفَ وَسَق (النهاية: ٢ / ٤٧٣).

(٥) الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٣، ذخائر العقبى: ٧٤ وفيه من (و لقد أَولم..).

(٦) الأعراض: جمع عُرْض، وهو الناحية (النهاية: ٣ / ٢١٠).

(٧) سنن ابن ماجة: ١ / ٦١٦ / ١٩١١.

(٨) بمراجعة تراجم رواة هذه الأحاديث، أعني: أسماء بنت عميس، وأُمّ سلمة، وسلمان الفارسي، نجد أنّ أسماء كانت في السنة الأولى والثانية للهجرة في الحبشة، وأنّ أُمّ سلمة لم تكن زوجاً للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) تلك الفترة، وأنّ سلمان لم يأتِ للمدينة بعدُ، فمن هنا لابدّ من التأمّل والتشكيك في حضورهم زواج الزهراء (عليها السلام).

١٠٥

٨٨ - الإمام عليّ (عليه السلام): (لمّا أردت أنْ أجمع فاطمة أعطاني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مِصْراً(١) مِن ذهب، فقال: ابتع بهذا طعاماً لوليمتك).

قال: (فخرجت إلى محافل الأنصار، فجئت إلى محمّد بن مسلمة في جَرِين(٢) له قد فُرِّغ من طعامه، فقلت له: بِعني بهذا المِصر طعاماً، فأعطاني، حتى إذا جعلتُ طعامي قال: من أنت؟ قلت: عليّ بن أبي طالب. فقال: ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ فقلت: نعم. قال: وما تصنع بهذا الطعام؟ قلت: أعرُس. فقال: وبمَن؟ فقلت: بابنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

قال: فهذا الطعام وهذا المِصر الذهب فخُذه فهُما لك. فأخذته ورجعت، فجمعت أهلي إليّ).

وكان بيت فاطمة لحارثة بن النعمان، فسألَت فاطمة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنْ يحوّله، فقال لها: لقد استحييت من حارثة ممّا يتحوّل لنا عن بيوته. فلمّا سمِع بذلك حارثة انتقل منه، وأسكنه فاطمة (٣) .

٨٩ - المصنّف عن ابن عبّاس: دعا [النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ] بلالاً فقال: (يا بلال، إنّي قد زوّجت ابنتي ابنَ عمّي، وأنا أُحبّ أنْ يكون من سنّة أُمّتي إطعام الطعام عند النكاح، فائتِ الغنم، فخُذ شاة وأربعة أمداد أو خمسة، فاجعل لي قصعة لعلّي

____________________

(١) المِصْر: الوعاء (لسان العرب: ٥ / ١٧٧).

(٢) الجَرِين: موضع تجفيف التمر، وهو له كالبَيدَر للحِنطة (النهاية: ١ / ٢٦٣).

(٣) الأخبار الموفّقيّات: ٣٧٥ / ٢٣١ عن عبد الله بن أبى بكر.

١٠٦

أجمع عليها المهاجرين والأنصار، فإذا فرغت منها فآذنّي بها).

فانطلق، ففعل ما أمره، ثمّ أتاه بقصعة، فوضعها بين يديه، فطعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في رأسها، ثمّ قال: (أدخِل عليَّ الناس زُفّةً زُفّة (١) ، ولا تغادرنّ زفّة إلى غيرها) - يعني إذا فرغت زفّة لم تعد ثانية - فجعل الناس يرِدون؛ كلّما فرغت زفّة وردت أُخرى حتى فرغ الناس.

ثمّ عمد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) إلى ما فَضُل منها، فتفَلَ فيها وبارك، وقال: (يا بلال، احملها إلى أُمّهاتك وقل لهنّ: كُلْن وأطعِمْن مَن غَشِيكنّ) (٢) .

٩٠ - مَن لا يحضره الفقيه عن جابر بن عبد الله الأنصاري - في ذِكر زواج فاطمة (عليها السلام) -: لمّا كانت ليلة الزفاف أُتيَ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ببغْلته الشهباء وثُني عليها قطيفة، وقال لفاطمة (عليها السلام): اركبي، وأمر سلمان أنْ يقودها، والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) يسوقها.

فبينا هو في بعض الطريق إذ سمِع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وَجْبَة (٣) ، فإذا هو بجبرئيل (عليه السلام) في سبعين ألفاً وميكائيل في سبعين ألفاً، فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (ما أهبطكم إلى الأرض؟!) قالوا: جئنا نزفّ فاطمة (عليها السلام) إلى زوجها. وكبّر جبرئيل (عليه السلام)، وكبّر ميكائيل (عليه السلام)، وكبّرت الملائكة، وكبّر محمّد (صلّى الله عليه وآله). فوُضع التكبير على العرائس من تلك الليلة (٤) .

____________________

(١) زُفّةً زُفّة: أي طائفة بعد طائفة، وزمرة بعد زمرة (النهاية: ٢ / ٣٠٥).

(٢) المصنّف لعبد الرزّاق: ٥ / ٤٨٧ / ٩٧٨٢، المعجم الكبير: ٢٢ / ٤١١ / ١٠٢٢ وج ٢٤ / ٣٦٢١٣٣، المناقب للخوارزمي: ٣٣٨ / ٣٥٩.

(٣) الوَجْبَة: صوت السقوط (النهاية: ٥ / ١٥٤).

(٤) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٤٠١ / ٤٤٠٢، الأمالي للطوسي: ٢٥٨ / ٤٦٤، مكارم الأخلاق: ١ / ٤٥٢ / ١٥٤٧، كشف الغمّة: ١ / ٣٦٩ نحوه، تاريخ دمشق: ٤٢ / ١٢٧ / ٨٤٩٨، وراجع روضة الواعظين: ١٦٣.

١٠٧

٩١ - الإمام عليّ (عليه السلام) - في ذِكر زواجه من فاطمة (عليها السلام) -: (... ثمّ صاح بي رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا عليّ، فقلت: لبّيك يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله)! قال: اُدخل بيتك والطف بزوجتك وارفق بها؛ فإنّ فاطمة بضعة منّي، يؤلمني ما يؤلمها ويسرّني ما يسرّها، أستودعكما الله وأستخلفه عليكما) (١) .

راجع: القسم التاسع / عليٌّ عن لسان النبيّ / المكانة السياسيّة والاجتماعيّة / وخيرة الله.

. الأسرة / أعزّ عليّ من فاطمة /

٣ / ٢

زوجاته بعد فاطمة بنت رسول الله

عاش الإمام (عليه السلام) تسع سنين مع فاطمة (عليها السلام)، ولم يتزوّج في حياتها غيرها. وبعد وفاتها (عليها السلام) تزوّج عدداً من النساء، وفيما يأتي أسماؤهنّ (٢) :

١ - أُمامة بنت أبي العاص.

٢ - أسماء بنت عُمَيس.

٣ - فاطمة أُمّ البنين.

٤ - أُمّ سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.

٥ - خولة بنت جعفر بن قيس.

____________________

(١) المناقب للخوارزمي: ٣٥٣ / ٣٦٤، كشف الغمّة: ١ / ٣٦٣.

(٢) لمزيد الاطّلاع على أسماء أزواج الإمام (عليه السلام) راجع: الطبقات الكبرى: ٣ / ١٩، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١١ - ٤١٧، مروج الذهب: ٢ / ٧٣، المعارف لابن قتيبة: ٢١٠ و٢١١، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٣ - ١٥٥، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤٠ و٤٤١، صفة الصفوة: ١ / ١٣٠ و١٣١، البداية والنهاية: ٣٣٢٧، الإرشاد: ١ / ٣٥٤، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٢١٣، العمدة: ٣٠، تاج المواليد: ٩٤ و ٩٥، تاريخ مواليد الأئمّة (عليهم السلام): ١٧٠ و١٧١.

١٠٨

٦ - الصَهْباء بنت ربيعة.

٧ - ليلى بنت مسعود.

٨ - محيّاة بنت امرئ القيس (١) .

وكان له غيرهنّ سبع عشرة سُرِّيّة (٢) بعضهنّ أُمّهات ولَد.

وكانت أزواجه عند استشهاده: أُمامة، وأُمّ البنين، وأسماء بنت عُميس، وليلى بنت مسعود (٣) .

٩٢ - الإمام الباقر (عليه السلام): (كان لعليّ سبع عشرة سرّيّة) (٤) .

٩٣ - المناقب لابن شهر آشوب: توفّيَ عن أربعة: أُمامة - وأُمّها زينب بنت

____________________

(١) عبد الجبّار بن منظور عن عوف بن خارجة قال: إنّي والله لَعِند عُمَر في خلافته إذ أقبل رجُل أمعَر يتخطّى رقاب الناس، حتى قام بين يدَي عُمَر، فحيّاه بتحيّة الخلافة، فقال: مَن أنت؟ قال: امرؤ نصراني، وأنا امرؤ القيس بن عدِيّ الكلبي، فلم يعرفه عُمَر. فقال له رجل: هذا صاحب بكر بن وائل الذي أغار عليهم في الجاهليّة، قال: فما تريد؟ قال: أُريد الإسلام، فعرَضه عليه فقَبِله، ثمّ دعا له برُمح فعقَد له على من أسلم من قضاعة، فأدبر الشيخ واللواء يهتزّ على رأسه. قال عوف: ما رأيت رجُلاً لم يصلِّ صلاةً أُمِّر على جماعة من المسلمين قبْله. قال: ونهض عليّ وابناه حتى أدركه، فقال له: (أنا عليّ بن أبي طالب ابن عمّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وهذان ابناي من ابنته، وقد رغِبْنا في صهرك فأنكِحنا). قال: قد أنكحتك يا علىّ المحيّاة ابنة امرئ القيس، وأنكحتك يا حسن سلمى بنت امرئ القيس، وأنكحتك يا حسين الرباب بنت امرئ القيس (الإصابة: ١ / ٣٥٥ / ٤٨٧).

(٢) السُرِّيَّة: الأمَة التي بَوَّأتَها بيتاً (تاج العروس: ٦ / ٥١٤).

(٣) تاريخ مواليد الأئمّة (عليهم السلام): ١٧٢، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥.

(٤) تاريخ الإسلام للذهبي: ٣ / ٦٥٢ عن الإمام الصادق (عليه السلام)، البداية والنهاية: ٧ / ٣٣٣ من دون إسناد إلى المعصوم، دعائم الإسلام: ٢ / ١٩٢ / ٦٩٦ عن الإمام الصادق (عليه السلام) وفيهما (ترك عليّ أربع نسوة وتسع عشرة سرّيّة).

١٠٩

النبيّ - وأسماء بنت عُميس، وليلى التميميّة، وأُمّ البنين الكلابيّة (١) .

ونتحدّث فيما يأتي بإيجاز عن ثلاث من أشهرهنّ:

أ: أُمامة بنت أبي العاص:

هي بنت زينب بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله). وكانت زينب قد تزوّجت أبا العاص قبل الإسلام. وأبو العاص هو ابن أُخت خديجة (عليها السلام).

أنجبت زينب ولَدَين هما: عليّ الذي مات صغيراً، وأُمامة التي كان يحبّها النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ويلاطفها. وتزوّجها الإمام (عليه السلام) بوصيّة الزهراء (عليها السلام) إذ أوصته أنْ يتزوّجها، وقالت: إنّها تكون لولَديَّ مثْلي (٢) .

ونقلت بعض الروايات أنّ الإمام (عليه السلام) أولَدها محمّداً الذي كان يسمّى محمّد بن عليّ الأوسط (٣) .

٩٤ - أُسد الغابة: تزوّجها عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بعد موت فاطمة (عليها السلام)، وكانت فاطمة وصّت عليّاً أنْ يتزوّجها. فلمّا توفّيت فاطمة تزوّجها، زوّجها منه الزبير ابن العوّام؛ لأنّ أباها قد أوصاه بها.

فلمّا جُرح عليّ خاف أنْ يتزوّجها معاوية، فأمر المغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطّلب أنْ يتزوّجها بعده. فلمّا توفّي عليّ وقضت العدّة تزوّجها المغيرة، فولدت له يحيى، وبه كان يكنّى، فهلكَت عند المغيرة (٤) .

____________________

(١) المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥.

(٢) روضة الواعظين: ١٦٨، كتاب سليم بن قيس: ٢ / ٨٧٠ / ٤٨، وراجع علل الشرائع: ١٨٨ / ٢.

(٣) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤.

(٤) أُسد الغابة: ٧ / ٢٠ / ٦٧٢٤، الإصابة: ٨ / ٢٥ / ١٠٨٢٨، الاستيعاب: ٤ / ٣٥١ / ٣٢٧٠ كلاهما نحوه.

١١٠

ب: أسماء بنت عُميس الخثعميّة:

وهي من النساء العظيمات في التاريخ الإسلامي، وكانت من أُولَيات النساء اللائي آمَنَّ بالنبي (صلّى الله عليه وآله).

تزوّجت أسماءُ جعفرَ بن أبي طالب، وهاجرت معه إلى الحبشة، وأنجبت منه ثلاثة أولاد، هم: عبد الله، وعَون، ومحمّد (١).

ولمّا استُشهِد جعفر تزوّجها أبو بكر، فأولَدها محمّداً البطل الثابت على ولاء عليّ (عليه السلام) (٢) .

وكانت رفيقة الزهراء (عليها السلام) وصاحبتها (٣) . وهي التي اقترحت عليها أنْ يوضع جثمانها الطاهر في التابوت، وأعانت الإمام (عليه السلام) على غُسلها (عليها السلام) (٤) .

وبعد وفاة أبي بكر تزوّجها الإمام (عليه السلام) (٥) ، فأولدها يحيى (٦) . وظلّت مع الإمام (عليه السلام)

____________________

(١) المعجم الكبير: ٢٤ / ١٣١ / ٣٥٨، الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٨٠، تهذيب الكمال: ٣٥/١٢٧/٧٧٨٤، مروج الذهب: ٣ / ٧٣، سيَر أعلام النبلاء: ٢ / ٢٨٣ / ٥١، أُسد الغابة: ٧ / ١٣ / ٦٧١٣، الاستيعاب: ٤ / ٣٤٨ / ٣٢٦٤، الإصابة: ٨ / ١٥ / ١٠٨٠٩.

(٢) الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٨٢، تهذيب الكمال: ٣٥ / ١٢٧ / ٧٧٨٤، تاريخ الطبري: ٣ / ٤٢٦، مروج الذهب: ٣/٧٣، أُسد الغابة: ٧/١٣/٦٧١٣، الاستيعاب: ٤/٣٤٨/٣٢٦٤، الإصابة: ٨/١٥/١٠٨٠٩.

(٣) الأمالي للمفيد: ٢٨١ / ٧، الأمالي للطوسي: ١٠٩ / ١٦٦.

(٤) أنساب الأشراف: ٢ / ٣٤،المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٧٩ / ٤٧٦٩، دلائل الإمامة: ١٣٦، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٦٤.

(٥) الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٨٥، تهذيب الكمال: ٣٥ / ١٢٧ / ٧٧٨٤، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤٠، حلية الأولياء: ٢ / ٧٥ / ١٥٨، سير أعلام النبلاء: ٢ / ٢٨٣ / ٥١، أُسد الغابة: ٧ / ١٣ / ٦٧١٣، الاستيعاب: ٤ / ٣٤٨ / ٣٢٦٤، الإصابة: ٨ / ١٥ / ١٠٨٠٩.

(٦) تهذيب الكمال: ٣٥ / ١٢٧ / ٧٧٨٤، المعارف لابن قتيبة: ٢١٠، مروج الذهب: ٣ / ٧٣، أُسد الغابة: ٧ / ١٣ / ٦٧١٣، الاستيعاب: ٤ / ٣٤٨ / ٣٢٦٤، الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٨٥، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤، سير أعلام النبلاء: ٢ / ٢٨٦ / ٥١، الإصابة: ٨ / ١٥ / ١٠٨٠٩، المحبّر: ١٠٨ وفى الخمسة الأخيرة (يحيى وعون)، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤٠ وفيه (محمّد الأصغر ويحيى)، الإرشاد: ١ / ٣٥٤، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٢١٣ وفيه (عثمان ويحيى).

١١١

حتى استشهاده (١) .

وهي من رُواة الحديث، وممّن روَت حديث ردّ الشمس (٢) .

٩٥ - تهذيب الكمال - في ترجمة أسماء بنت عميس -: كانت أوّلاً تحت جعفر ابن أبي طالب، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، ثمّ قُتل عنها يوم مؤتة، فتزوّجها أبو بكر الصدّيق، فمات عنها، ثمّ تزوّجها عليّ بن أبي طالب.

وولدَت لجعفر: عبد الله بن جعفر، وعون بن جعفر، ومحمّد بن جعفر. وولدت لأبي بكر: محمّد بن أبي بكر في حجّة الوداع. وولدَت لعليّ يحيى بن عليّ. فهم إخوة لأُمّ (٣) .

٩٦ - صحيح البخاري عن أبي موسى: دخلت أسماء بنت عُميس - وهي ممّن قدِم معنا - على حفْصة زوج النبيّ (صلّى الله عليه وآله) زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عُمَر على حفصة وأسماء عندها، فقال عُمَر حين رأى أسماء: مَن هذه؟ قالت: أسماء بنت عُميس. قال عُمَر: الحبشيّة هذه؟ البحريّة هذه؟ قالت أسماء: نعم. قال: سبقناكم بالهجرة؛ فنحن أحقّ برسول الله (صلّى الله عليه وآله) منكم!

____________________

(١) تاريخ مواليد الأئمّة (عليهم السلام): ١٧٢، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥.

(٢) راجع: القسم الثالث عشر / ردّ الشمس له / ردّ الشمس في عهد النبيّ.

(٣) تهذيب الكمال: ٣٥ / ١٢٧ / ٧٧٨٤، أُسد الغابة: ٧ / ١٣ / ٦٧١٣، الاستيعاب: ٤ / ٣٤٨ / ٣٢٦٤ كلاهما نحوه.

١١٢

فغضبت وقالت: كلاّ والله! كنتم مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يطعم جائعكم ويعِظ جاهلكم، وكنّا في دار - أو في أرض - البُعَداء البُغَضاء بالحبَشة؛ وذلك في الله وفي رسوله (صلّى الله عليه وآله)، وأيم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلتَ لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ونحن كنّا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) وأسأله، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه!.

فلمّا جاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قالت: يا نبيّ الله، إنّ عُمَر قال كذا وكذا.

قال: (فما قلتِ له؟)

قالت: قلت له كذا وكذا.

قال: (ليس بأحقّ بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان) (١) .

ج: أُمّ البنين بنت حِزام:

وكانت من الشخصيّات المتألّقة في التاريخ الإسلامي. وتنتسب إلى أُسرة لا نظير لها في الشجاعة والشهامة والقتال. ولمّا عزم الإمام (عليه السلام) على الزواج بعد رحيل الزهراء (عليها السلام) دعا عقيلاً، وطلب منه أنْ يختار له امرأة من قبيلة معروفة بالشجاعة؛ لِتَلِد له فرساناً صناديد. ولمّا كان عقيل عالماً بارعاً في الأنساب فقد اختار أُمّ البنين، وذكر أنّ آباءها من أشجع العرب وأثبتهم وأشدّهم قتالاً (٢) .

____________________

(١) صحيح البخاري: ٤ / ١٥٤٦ / ٣٩٩٠، صحيح مسلم: ٤ / ١٩٤٦ / ٢٥٠٣، وراجع الطبقات الكبرى: ٨ / ٢٨١، وسيَر أعلام النبلاء: ٢ / ٢٨٣ / ٥١.

(٢) عمدة الطالب: ٣٥٧.

١١٣

وكانت أُمّ البنين شاعرة مُفوّهة، جليلة. أرسلت أولادها الأربعة إلى كربلاء في ركْب الإمام الحسين (عليه السلام).

وكانت تمضي وقتها في البقيع؛ تنشد الشِعر في رثاء أولادها باكية عليهم (١) ، والناس يجتمعون ويتألّمون ويبكون، ويطّلعون على قبائح بني أُميّة وممارساتهم الدنيئة. وهكذا استطاعت أنْ تبلّغهم نداء أولادها وهدَفهم.

____________________

(١) مقاتل الطالبيّين: ٩٠.

١١٤

الفصل الرابع

الأولاد

لم تتّفق كلمة المؤرّخين على عدد موحّد فيما يخصّ عدد أولاده (عليه السلام)، فقد ذكر الشيخ المفيد أنّ عددهم سبعة وعشرون ولداً ذَكَراً وأُنثى (١) ، فيما ذكر ابن سعد أنّهم يبلغون أربعةً وثلاثين ولداً (٢) ، وذكر المزّي أنّ عددهم تسعة وثلاثون ولداً (٣) .

ويمكن عزْو الاختلاف الموجود في الكتب التاريخيّة حول عدد أولاد الإمام، إلى تداخل الأسماء مع الكُنى وتكرار البعض منها. وقد تبيّن لنا بعد الفحص والتمحيص أنّ عددهم كان يبلغ أربعةً وثلاثين ولداً، وهم كلّ من:

١ - الإمام الحسن (عليه السلام).

٢ - الإمام الحسين (عليه السلام).

____________________

(١) الإرشاد: ١ / ٣٥٤.

(٢) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠.

(٣) تهذيب الكمال: ٢٠ / ٤٧٩ / ٤٠٨٩.

١١٥

٣ - زينب.

٤ - أُمّ كلثوم.

٥ - المحسّن (١)(٢) .

أُمّهم فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله). ومُحسّن ولدَها الآخِر الذي سُقط وقُتل في هجوم الغوغاء على بيت الوحي (٣) .

٦ - العبّاس.

٧ - عبد الله.

٨ - عثمان.

٩ - جعفر.

أُمّهم أُمّ البنين بنت حِزام. وكلّهم قُتلوا مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء.

١٠ - محمّد ابن الحنفيّة: أُمّه خولة بنت جعفر بن قيس.

١١ - أبو بكر: أُمّه ليلى، ولعلّها ابنة مسعود الدارميّة. قُتل مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء (٤) .

____________________

(١) ضبط هذا الاسم في أكثر المصادر بالتشديد، وصرّح ابن حجر في الإصابة: (المحسّن - بتشديد السين المهملة)، ولكن جاء في تهذيب الكمال وأنساب الأشراف وتاريخ الطبري بدون التشديد.

(٢) تهذيب الكمال: ٢٠ / ٤٧٩، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١١، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٣، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤٠، أُسد الغابة: ٥ / ٧٠ / ٤٦٩٥، الإصابة: ٦ / ١٩١ / ٨٣٠٨، الإرشاد: ١ / ٣٥٥، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٢١٣.

(٣) تلخيص الشافي: ٣ / ١٥٦، معاني الأخبار: ٢٠٦، دلائل الإمامة: ١٣٤ / ٤٣، الاختصاص: ١٨٥، الاحتجاج: ١ / ٢١٢ / ٣٨، إثبات الوصيّة: ١٥٥، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٥٨، البدء والتاريخ: ٥ / ٢٠، وراجع كتاب (مأساة الزهراء): ٢ / ١١١ - ١٤٧.

(٤) الطبقات الكبرى: ٣ / ١٩، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤ وص ٤٦٨، الكامل في التاريخ: ٢ / ٥٨٤٤٠، مقتل الحسين للخوارزمي: ٢ / ٢٨ وفيه اسمه عبد الله، مقاتل الطالبيّين: ٩١، الإرشاد: ١ / ٣٥٤، تاج المواليد: ٩٥، العمدة: ٣٠ وفى الثلاثة الأخيرة اسمه محمّد الأصغر.

١١٦

١٢ - عبيد الله: أُمّه ليلى. قُتل مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء (١) .

١٣ - محمّد الأصغر: أُمّه أُمّ ولد. قُتل مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء (٢) .

١٤ - يحيى: أُمّه أسماء بنت عميس. مات في حياة الإمام (عليه السلام) (٣) .

١٥ - عون: أُمّه أسماء بنت عميس (٤) .

١٦ - محمّد الأوسط: أُمّه أُمامة (٥) .

١٧ - عُمَر: أُمّه الصهباء التغلبيّة؛ أُمّ حبيب (٦) .

١٨ - رقيّة: أُمّها الصهباء التغلبيّة؛ أُمّ حبيب. وهي زوجة مسلم بن عقيل (٧) ، وله

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤٠، الإرشاد: ١ / ٣٥٤، تاج المواليد: ٩٥، العمدة: ٣٠.

اعتبرته بعض المصادر من أفراد جيش مصعب بن الزبير، وقد قتُل في حرْبه ضدّ المختار (الطبقات الكبرى: ٥ / ١١٨ وج ٣/١٩، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٢، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤٠).

(٢) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٣ وفيه (أُمّه ورقاء أُمّ ولد)، مقاتل الطالبيّين: ٩٠.

(٣) إعلام الورى: ١ / ٣٩٦، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥، تهذيب الكمال: ٢٠ / ٤٧٩، نسب قريش: ٤٤.

(٤) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٣، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤.

(٥) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٤، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤.

(٦) على الرغم من دعوة الإمام الحسين (عليه السلام) إيّاه، إلاّ أنّه لم يشهد واقعة كربلاء، وعاش دهراً طويلاً، وبايع عبد الله بن الزبير والحجّاج.(سرّ السلسلة العلويّة: ٩٦ و٩٧، عمدة الطالب: ٣٦٢).

(٧) أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٣، المعارف لابن قتيبة: ٢٠٤، نسب قريش: ٤٥، المحبّر: ٥٦، إعلام الورى: ١ / ٣٩٧.

١١٧

منها ثلاثة أولاد (١) ، استُشهد منهم عبد الله في كربلاء (٢) .

١٩ - أُمّ الحسن: أُمّها أُمّ سعيد (٣) . كانت زوجة جَعدة بن هُبيرة - ابن أُخت الإمام (عليه السلام) - ثمّ تزوّجها جعفر بن عقيل. واستُشهد جعفر في واقعة الطفّ (٤) . وكانت أُمّ الحسن في سبايا كربلاء (٥) .

٢٠ - أُمّ هانئ: تزوّجها عبد الله الأكبر بن عقيل (٦) الذي قُتل مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء (٧) مع ابنه محمّد (٨) .

٢١ - فاطمة: تزوّجها محمّد بن أبي سعيد بن عقيل (٩) الذي قُتل مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء (١٠) .

____________________

(١) نسب قريش: ٤٥، إعلام الورى: ١ / ٣٩٧.

(٢) تاريخ الطبري: ٥ / ٤٦٩، الكامل في التاريخ: ٢ / ٥٨٢، مقاتل الطالبيّين: ٩٨، الفتوح: ٥ / ١١٠، مقتل الحسين للخوارزمي: ٢ / ٢٦، الإرشاد: ٢ / ١٠٧، المناقب لابن شهر آشوب: ٤ / ١٠٥، إعلام الورى: ١ / ٣٩٧، شرح الأخبار: ٣ / ١٩٥.

(٣) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤، مروج الذهب: ٣ / ٧٣، المعارف لابن قتيبة: ٢١١، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٤، نسب قريش: ٤٥ وفيهما (أُمّ الحسين) بدل (أُمّ الحسن)، الإرشاد: ١ / ٣٥٤.

(٤) أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٤، وراجع المعارف لابن قتيبة: ٢١١، ونسب قريش: ٤٥، والمحبّر: ٥٦.

(٥) شرح الأخبار: ٣ / ١٩٨.

(٦) نسب قريش: ٤٥، المحبّر: ٥٦، إعلام الورى: ١ / ٣٩٧.

(٧) تاريخ الطبري: ٥ / ٤٦٩، الكامل في التاريخ: ٢ / ٥٨٢، مقاتل الطالبيّين: ٩٧، المناقب لابن شهر آشوب: ٤ / ١٠٦.

(٨) نسب قريش: ٤٥، إعلام الورى: ١ / ٣٩٧.

(٩) الطبقات الكبرى: ٨ / ٤٦٥، نسب قريش: ٤٦، المحبّر: ٥٦، المجدي: ١٨ وفيه (أبو سعيد بن عقيل)، إعلام الورى: ١ / ٣٩٧، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥ وفيه (محمّد بن عقيل).

(١٠) تاريخ الطبري: ٥ / ٤٦٩، الكامل في التاريخ: ٢ / ٥٨٢، المحبّر: ٤٩١، مقاتل الطالبيّين: ٩٨.

١١٨

٢٢ - زينب الصغرى (١) : تزوّجها محمّد بن عقيل (٢) .

٢٣ - ميمونة: تزوّجها عبد الله بن عقيل (٣) .

٢٤ - نفيسة: تزوّجها عبد الله بن عقيل (٤) .

٢٥ - خديجة: تزوّجها عبد الرحمان بن عقيل (٥) .

٢٦ - أُمامة: تزوّجها الصلت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب (٦) . ماتت في حياة الإمام (عليه السلام) (٧) .

٢٧ - رملة الكبرى: أُمّها أُمّ سعيد (٨) . تزوّجها عبد الله بن أبى سفيان بن الحارث

____________________

(١) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٥، المعارف لابن قتيبة: ٢١١، الإرشاد: ١ / ٣٥٤.

(٢) أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٤، المعارف لابن قتيبة: ٢٠٤، نسب قريش: ٤٥، المجدي: ١٨.

(٣) أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٤، المعارف لابن قتيبة: ٢٠٥، نسب قريش: ٤٥، المحبّر: ٥٦، المجدي: ١٨ وفيه (عبد الله الأكبر بن عقيل)، إعلام الورى: ١ / ٣٩٧، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥ وفيه (عقيل بن عبد الله بن عقيل).

(٤) نسب قريش: ٤٥، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٥ وفيه (إنّ زوجها تمام بن العبّاس)، المجدي: ١٨ وفيه (عبد الله بن عقيل الأصغر)، إعلام الورى: ١ / ٣٩٧.

(٥) أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٥، المعارف لابن قتيبة: ٢٠٥، نسب قريش: ٤٥، المحبّر: ٥٧.

(٦) نسب قريش: ٤٦، المحبّر: ٥٧، المجدي: ١٨ وفيه (الصليب) بدل (الصلت)، إعلام الورى: ١ / ٣٩٨.

(٧) المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥.

(٨) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٤، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٤، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤١، المعارف لابن قتيبة: ٢١١، مروج الذهب: ٣ / ٧٣، الإرشاد: ١ / ٣٥٤ وليس في الثلاثة (الكبرى).

١١٩

ابن عبد المطّلب (١) .

٢٨ - جُمانة (٢) : ماتت في حياة الإمام (عليه السلام) (٣) .

٢٩ - أُمّ سلمة (٤) .

٣٠ - رقيّة الصغرى (٥) .

٣١ - أُمّ كلثوم الصغرى (٦) .

٣٢ - رملة الصغرى (٧) .

٣٣ - أُمّ الكرام (٨) .

____________________

(١) نسب قريش: ٤٥، المحبّر: ٥٦، المجدي: ١٨، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥.

(٢) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٥، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٥، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤١، الإرشاد: ١ / ٣٥٥ وزاد فيه (المكنّاة أُمّ جعفر)، المناقب للكوفي: ٢ / ٥٠ / ٥٣٧ - ٥٤٠.

(٣) المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٣٠٥.

(٤) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٥، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٤١، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٥، المعارف لابن قتيبة: ٢١١، صفة الصفوة: ١ / ١٣١، الإرشاد: ١ / ٣٥٥، المناقب للكوفي: ٢/٥٠ / ٥٣٧ - ٥٤٠.

(٥) الإرشاد: ١ / ٣٥٤، إعلام الورى: ١ / ٣٩٦.

(٦) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٤ وفيه (تزوّجها كثير بن العبّاس قبل أُختها أو بعده)، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٥، صفة الصفوة: ١ / ١٣١، المناقب للكوفي: ٢ / ٥٠.

(٧) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٤، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٥، صفة الصفوة: ١/١٣١، المناقب للكوفي: ٢ / ٥٠ / ٥٣٧ - ٥٤٠.

(٨) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٠، أنساب الأشراف: ٢ / ٤١٥، تاريخ الطبري: ٥ / ١٥٥، المعارف لابن قتيبة: ٢١١، المناقب للكوفي: ٢ / ٥٠ / ٥٣٧ - ٥٤٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وبعد أشهر من القراءة والبحث عن الحقيقة والحوارات الطويلة حدث أمر أعتبره العامل المفصلي في اعتناقي للإسلام. كنت واقفة في غرفة ابني أحاول أن أصلي. وكان أمامي كتاب عن الإسلام مفتوح على فصل «كيفية الصلاة». وقفت هناك أصارع نفسي. لم أكن قد اعتدت الصلاة مباشرة؟. طيلة حياتي علموني أن أصلي ليسوع وهو سيوصل صلاتي إلى الله... لذا خشيت أنني أقوم بأمر خطأ، ولم أشأ أن يغضب يسوع عليّ! وفي تلك اللحظة، خطرت لي فكرة كموجة عاتية. هل يعقل أن الله سيغضب إذا أردت أن أكون أكثر قرباً منه؟ وهل يعقل أن يسوع سيستاء مني إذا حاولت أن أكون أكثر قرباً من الله..؟ أليس ذلك ما يريدني أن أفعله؟ إن الله.. أعلم بنيتي. حتى هذا اليوم، لا زلت أعتقد أن الله.... كان يتحدث إليّ - بهذه القوة كان الشعور والصوت الذي شعرت به في داخلي. ممَّ كنت أخشى؟ كيف يمكنني أن لا أعتنق الإسلام؟ في تلك اللحظة بكيت طويلاً.

كان ذلك ما احتجت سماعه. وعلمت حينها أنه يجب أن أدخل في الإسلام. شعرت بأن ذلك هو الأمر الصائب وما خلا ذلك أمور غير مهمة.

وبعد أن نطقت بالشهادتين أمام المدرسة كلها أصبحت إنسانة أخرى. لم يعد لديَّ ذلك الشعور بعدم الانتماء وبماذا أؤمن، فقد تحرّرت من القلق الذي كان لديَّ من قبل وولىَّ إلى غير رجعة. وعلمت أنني قد اتخذت القرار الصائب.

لم أكن قط على هذا القدر من القرب من الله.. كما أصبحت بعد أن اعتنقت الإسلام. الحمد لله.. أنا إنسانة محظوظة. وأشكركم على السماح لي بمشاطرتكم تجربتي.

٢٢١

بعد رحلة طويلة من البحث والإبحار في عالم الأفكار والأديان:

سفينة المسلم الهندي نيرڤان تحطّ بأمان على شاطئ الإِسلام

· قصة أخرى مشوّقة من قصص المهتدين للإِسلام، ذات دلالات وإيحاءات غنية بالتجارب الإنسانية والمشاعر الإيمانية الفياضة، يسردها بإيجاز للقرّاء المعتنق الجديد للإِسلام، الأخ الهندي نيرفان، بعدما غمرته أنوار الهداية الإلهية وأنقذته من مهاوي التيه والشك والضلال.

متى وكيف بدأت القصة كلها؟ وهل بدأت فعلاً أم كانت مجرد يقظة روحية؟ إنه إدراك للحقيقة التي طالما كانت كامنة في داخلي؟

إسمي نيرڤان، من التابعية الهندية. لقد وُلدت لعائلة مختلطة، فأبي هندوسي وأمي مسلمة. منذ طفولتي أذكر بوضوح أنني لم أتلقَّ أي تربية دينية من أي نوع كانت. فأبي لم يكن هندوسياً متديناً، فيما تخلت أمي عن الإِسلام، لذا فقد تربيتُ في ما يمكن وصفه بالـ «خواء» الديني والروحي، بيد أنني سأظل ممتناً لأبويَّ لزرعهما فيّ القيم الأخلاقية التي ستظل ترشدني طيلة حياتي. فمع أن عائلتي لم تكن متدينة، إلا أنها ربتني على مبادئ أخلاقية جيّدة تتمثّل في طاعة الأبوين، والصدق، والامتناع عن السرقة، وخدمة الناس كان حجر الزاوية لحياتنا اليومية.

أدركت مؤخراً خلال فترة المراهقة أنه كانت تجول في خلدي ألغاز الوجود: ما هي الغاية من الحياة على الأرض؟ هل الموت هو نهاية كل شيء؟ هل هناك إله؟ وقد تحرك شيء ما في أعماقي موجِّهاً عقلي نحو سعي دؤوب طلباً للحقيقة. كنت بحاجة إلى أجوبة منطقية واضحة وشاملة عن كل تلك الأسئلة التي أرّقت حياتي وحيّرت لُبّي. وعزمتُ على خوض المغامرة، مع أنها متاهة معقدة حول اللاهوت، وطقوس الغابرين، والفلسفة.

٢٢٢

إنطلاقاً من الإلحاد، شققت طريقي إلى البوذية، والمسيحية، والهندوسية، إلا أنني لم أجد أي طمأنينة في أي منها. تملّكني شعور بأن الحقيقة موجودة في مكان ما، ربما أمام عينيّ، إلا أنها لا تزال تراوغني. وفي مرحلة معينة، تخليت عن البحث وتملّكني اليأس. فَلُذت بنيتشه، وسارتر، وكانط، وهاديجر، وماركس، وفرويد، وأندريه جيد، وكريشنامورتي... ولَكَم بدا الإلحاد أكثر إغراءً لي! أقوال مثل «الله قد مات»، «الدين أفيون الجماهير»، «الأديان تنبع من الخوف الفطري من الأب في المجتمعات البدائية». كنت أحيا وأموت بكتب نيتشه وموسيقى مارلين مانسون. حتى أنني أخذتُ أقرأ «الكتاب الشيطاني المقدس» وأصبحتُ مهتماً بالويكا أو الوثنية. وقد قادني هذا الأمر إلى اكتشاف الميثولوجيا الإسكندناڤية، وآلهة الرومان والإغريق... بَيْدَ أن ظمأي للروحانية والحقيقة النهائية لم يتوقف.

عندئذٍ حصلت المعجزة! فذات يوم جمعة، قرّرت أن أذهب مع صديق مسلم إلى صلاة الجمعة لمجرد التسلية. لم يكن في نيتي أن أصلّي هناك، فقد كنت مجرد فضولي فيما يتعلق بالممارسات الدينية في الإِسلام. الدين الوحيد الذي لم أبحث فيه - لقد استمعنا إلى خطبة الإمام وأديتُ حركات الصلاة من خلال تقليدي لصديقي (القيام، والركوع والسجود). عند هذه النقطة، عشتُ تجربة سماوية روحية غريبة. لم أسمع أي صوت، ولم أرَ أي نور... شعرتُ فقط بعاطفة سماوية وكأنها تجذبني. وكلما لامست جبهتي الأرض، كنت أشعر وكأنها لا تريد أن تفارقها. لقد أرسل الله هدايته إليّ. ولن أعود لحالي السابق بعد الآن أبداً.

وبعد الصلاة، سألني صديقي عن شعوري، فلم أجبه، لأن لغة البشر لا يمكن أن تعبّر عن تلك العاطفة بشكلٍ كافٍ. ذلك الإحساس بالحبور تملّك عقلي لأيام، وكان يشير إلى اتجاه واضح جداً: «الإِسلام»، فتساءلت «هل أنخرط في البحث من جديد؟» كانت قوة خفية ما تدفعني إلى الأمام وترشدني للقيام بذلك. وبعد فترة قصيرة، ألفيت نفسي غارقاً في مطالعة الكتب الإِسلامية ومعجباً بأركان الإيمان الخمسة، والعقائد، والمعجزات العلمية في القرآن، والكمال الرياضي. وشرعتُ في الصلاة بحماسة والدراسة الجادة للقرآن، ولكن القصة لم تنته هنا.

٢٢٣

لقد سقطتُ مرات عديدة في بحور الشك، والشيطان يطاردني بإغراءاته. أمضيت ليالٍ طويلة أرقاً متسائلاً إذا ما كنت على الصراط المستقيم، وهل كنت أتصرف بتهور أم لا؟ حتى أنني بلغتُ حافة الارتداد وتملّكتني رغبة بالتخلي عن كل شيء. وتزامن ذلك مع مشاكل واجهتها في المنزل لكون عائلتي غير مسلمة، مما جعل ترك الإِسلام يروق لي، فتركتُ الصلاة، المعراج الشريف، وأصبحتُ أناظر المسلمين حول معتقداتهم وأساعد المواقع المعادية للإِسلام على شبكة الإنترنت. إلا أن شيئاً ما في قلبي ما كان ليتركني أتخلى عن الله. وأدركت أن تلك الأوقات العصيبة كانت فترة ابتلاء لي، فهل أنجح أم أفشل؟ أخذت أصلّي ليل نهار، وأتوسل إلى الله طالباً العون. شعرت بالخجل لأنني شككت في كلمة الله وتركتُ نفسي تتأثر بالحملات المعادية للإِسلام. شعرتُ بالغثيان لأنني كنت ضحية الشك في كل مرة، وتوسلت إلى الله طالباً الغفران. ولكن في النهاية غمرني النور.

شيئاً فشيئاً، قوّى الله تعالى إيماني وجعلني أصمد. واجهتُ النقد والقسوة من الآخرين بالصبر والسكينة، فلم أجادل أو أغتاظ قط. وإذا ما غمرتني الكآبة، توجهت إلى الله للهداية والعون. لقد عدت إلى دين الفطرة، فماذا هناك لأخافه، وأدركت أن المغامرة لم تنته... بل هي قد بدأت. رحلة فاتنة في أرجاء معجزات وأطايب الإِسلام.

لم أبلغ نهاية الطريق بعد، ولكنني الآن في حالة سلام مع نفسي ومع الله تعالى.

٢٢٤

الهداية إلى الصراط المستقيم

بقلم الأخت زهراء (جويس سلوتر) سابقاً

· الأخت الأميركية جويس سلوتر (زهراء) لاح لها شعاع الإِسلام في مراحل عديدة مرّت بها خلال حياتها وتجاربها الدينية السابقة، وظل يلاحقها حتى عمّها أخيراً سنا بريقه الساطع. فاهتدت إلى الصراط المستقيم، كما تقول في قصَّتها التالية التي بعثت بها إلى المجلة، وهي تعمل حالياً على إرساء دعائم الإِسلام ونشره في منطقتها في ولاية ميشغان إلى جانب أخواتها في منظمة المسلمات الأميركيات.

لقد وُلدت في تشرين الثاني/نوڤمبر 1947م من أبوين أميركيين، وقد رباني أهلي تربية كاثوليكية وكانت أمي قد اعتنقت الكاثوليكية قبل زواجها بأبي. وهي تنحدر من سلالة من البروتستانت المحافظين جداً وقد درس العديد من أفراد عائلتها في معهد مودي للكتاب المقدس، كما كان بعض أفراد عائلتها من اليهود، وقد شرحت لي أمي بعض الشرائع اليهودية.

ولطالما كنت مهتمة منذ الصغر بثقافات الآخرين. حيث كنت شغوفة بدراسة المعتقدات والممارسات الدينية المختلفة.

وقد أقنعتني عناصر التشابه في العديد من الممارسات والمعتقدات الدينية بأن هناك معتقداً أصلياً تم نسيانه وتغييره عبر الزمن.

لقد تعلمتُ في مدرسة كاثوليكية حتى المرحلة الثانوية. وقد فكرتُ بدايةً في أن أصبح ملتزمة دينياً، غير أنني لم أوفق لذلك مع أنني كنت أواظب على حضور الصلاة في الكنيسة بقلب مؤمن وأتلقى التعاليم الكنسية في الوقت المحدد.

في ذلك الوقت، تعرّفت لأول مرة على الإِسلام، حيث كنت قد بدأتُ بدراسة اللغة الإسبانية في المدرسة الثانوية. وكما هو معلوم فإن شبه الجزيرة الإيبيرية تأثرت إلى حد بعيد بالثقافة الإِسلامية منذ التواجد الإِسلامي في الأندلس.

وللأسف فإنني لدى شروعي في دراستي الجامعية تركتُ ممارساتي الدينية. حتى خلال العديد من المشاكل أثناء زواجي الأول، لم أذهب للصلاة في الكنيسة. كنت أتلو صلاتي بمفردي وأقرأ في الوقت عينه عن الأديان المختلفة.

٢٢٥

وبعدما مررتُ بمرحلة مليئة بالقلق. بدأتُ بالذهاب مجدداً إلى الكنيسة ومررتُ بتجربة «الولادة الجديدة». وهذه هي مرحلة قرب خاص من الله تعالى.

بَيْدَ أن الله تعالى كان قد رسم لي خطة أخرى ليقرّبني منه أكثر، أو هكذا يبدو الأمر لي عندما أعود بالذاكرة. لقد تصادقت ابنتي مع فتاة إيرانية في المدرسة. وقد التقيتُ بأهل تلك الفتاة وتعرفتُ على ثقافتهم. عندها اشتريتُ لأول مرة ترجمة للقرآن الكريم. وبعد حوالى عام انتقلنا إلى سكن آخر، حيث التقيت بإحدى صديقاتي التي كانت متزوجة من إيراني. ومجدداً تعرّفت أكثر على الثقافة الإيرانية وكيفية طهو بعض الأطباق الإيرانية. ومع أن صديقتي لم تكن مسلمة، إلا أنها حدثتني عن الإِسلام، ومجدداً شدّ ذلك اهتمامي. في العام 1997م بدأ يساورني شعور بأن الله تعالى يريدني أن أقوم بأمر ما، شيء أكثر من مجرد إطاعة تعاليم الكنيسة وقوانين البلاد. شعرتُ بأن عليّ أن أبدأ بتعلم قيادة سيارتي بمفردي إلى أماكن بعيدة، لذا كنت أذهب إلى أوماها في نبراسكا للعمل هناك طيلة أسبوع. وذهبتُ للاعتراف في فترة عيد الميلاد وأخبرتُ الكاهن بشعوري بأن لديَّ مهمة خاصة. أعتقد أنه ظن أنني إنسانة «غريبة الأطوار». ثم في كانون الثاني/يناير 1998م، توفي زوجي الثاني إثر ذبحة قلبية. كان عمره 46 عاماً فقط. وعندئذٍ أصبحت قريبة جداً من الله تعالى وقد منحني ذلك قدراً كبيراً من الراحة.

أمضيتُ قسماً كبيراً من وقتي باحثة عما عليّ القيام به لنفسي في ذلك الحين. أصبحتُ نشطة جداً في الكنيسة كالمساعدة في جمع التبرعات لبناء مدرسة، وقد تم انتخابي عضواً في مجلس الرعية. وعبر كنيستي التقيتُ أشخاصاً من سائر أنحاء العالم. وقد تمكنتُ من السفر إلى الهند وإسبانيا.

وفي الهند رأيتُ الناس من جميع الأديان يعيشون معاً منسجمين.

٢٢٦

وفي أيار/مايو 2001م قررت أخيراً الإصغاء لنداء الله وركزت على الصلاة من أجل السلام في العالم. وقد شعرتُ على امتداد السنوات أن لديَّ حافزاً قوياً للعمل من أجل السلام في العالم. وقد بدت تلك مهمة مستحيلة.

في الأعوام القليلة التالية واصلت حياتي كما في السابق، كنت أقرأ عن الأديان الأخرى واستمريت في الأنشطة التطوعية. في العام 2003م بدأتُ بحضور سلسلة من المحاضرات عن الإِسلام في مسجد في بلومنغتون. وبعد أن انتهت السلسلة بدأتُ بحضور جلسات في منزل إحدى الأخوات إلا أنني انتقلت بعد ذلك، لذا توقفتُ عن حضورها. عرفت بأنني سأصبح مسلمة إلا أنني لم أرد أن أستسلم وأتغير. لقد اشتريتُ نسخة من القرآن الكريم ترجمها يوسف علي وقرأتها كلها. وقد قرأتُ سيرة النبي محمد (ص) وكتباً عن الإِسلام. وعندما نفق كلبي، لم أحضر كلباً آخر بل قطة لأنني عرفتُ أن معظم المسلمين يعتقدون أن الكلاب نجسة.

حلّ العام 2006م وتلقيتُ المزيد من الإشارات من الله تعالى ذات مرة كنت وصديقة لي نتحدّث عن المشاكل في العالم الإِسلامي، فقالت لي إننا من غير المسلمين ولا يمكن لنا أن نكون ممن يحمل السلام للعالم الإِسلامي. واتفقنا أن ذلك يحدث فقط من خلال المسلمين أنفسهم. وأدركتُ أنني إذا ما أردت العمل من أجل السلام في العالم فإنه عليّ أن أصبح مسلمة، إلا أن نفسي الضعيفة لم ترغب بالتغيير. وقد تجاهلتُ المزيد من الإلهامات الإلهية التي وصلت إليّ عبر أشخاص في مجموعة دراسة الكتاب المقدس التي كنت أنتمي إليها. إحدى السيدات كانت تقول للجميع باستمرار إن علينا أن نستسلم لمشيئة الله أليس ذلك ما يتضمنه الإِسلام؟ سيدة أخرى قالت اختاروا طريقاً والتزموا به. أليس الإِسلام هو الصراط المستقيم؟ لقد حاولت خلال أعوام أن أحصل على شيء يربطني أكثر بالكنيسة الكاثوليكية، وتقدمت بطلبات لعدة وظائف في أبرشيتنا، إلا أنهم لم يجدوني ملائمة للوظيفة. أعرف أن الله تعالى بمشيئته قد حال دون توظيفي كي أكون حرة أكثر من أجل الإِسلام. ومع ذلك، لم أكن أخال نفسي عنيدة إلا أنني كنت كذلك فعلاً، لم أشأ التخلّي في هذا الوقت عن شرب الكحول وأكل لحم الخنزير ومن ثَمَّ المواظبة على الصلاة اليومية، والالتزام باللباس الشرعي الإِسلامي.

٢٢٧

أخيراً، وخلال حضوري دروساً جامعية، قررت التوقف عن شرب الكحول. وعندما تمكّنتُ من القيام بذلك، عرفتُ أنني قادرة على القيام بأي شيءٍ آخر. ورغم ذلك استمر خوفي من تلك الخطوة. إلى أن دعوت الله تعالى أن يهيء لي معلماً إذا أرادني أن أعتنق الإِسلام. وبما أنني كنت أدرس في جامعة كاثوليكية كنت متأكدة أن معلماً كهذا لن يظهر أبداً.

ولكن الله تعالى يقول في (سورة يس آية 82):﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَیْئًا أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ ﴿82﴾ ﴾ . فقد جاءني المعلم المسلم إلى صف اللاهوت المسيحي الذي كنت أتابع فيه، عندها، أدركتُ أنه لا مكان للتردد بعد الآن، فأدّيت الشهادة لله ولرسوله بعد فترة قصيرة. أعرف الآن أن عليّ الاستمرار في كفاحي كي أكون مسلمة صالحة عاملة ولكني أعرف أني بعون الله وبمساعدة إخواني وأخواتي المسلمين سأظل على الصراط المستقيم.

٢٢٨

(سيريل سفراك)

الشاب الفرنسي المهتدي للإِسلام

هكذا استنار قلبي بنور الإِسلام المتجلّي بالنبي الأكرم (ص) والمتجسّد بنهج أهل البيت (عليهم السلام)

«سيريل سفراك» شاب أخلص قلبه لله منذ طفولته، فأكرمه تعالى بنعمة الإِسلام في شبابه، وبرحمته أصبح شاباً مسلماً فخوراً بانتمائه الجديد رغم انتقادات الكثيرين من حوله لكونه فرنسياً اعتنق الإِسلام.

لكن قلب «سيريل» مطمئن بالإيمان مستنير بكلمة الحق التي تجلت في دين محمد (ص) وتجسدت في نهج آل البيت (عليهم السلام) ، وهو هنا يروي عبر مجلة (نور الإِسلام) قصة هذا التحول نحو الإِسلام الذي يراه: الحب الخالص لله.

يقول «سيريل»: وُلدت عام 1975م في أُسرة لا يؤمن أفرادها حقاً بوجوده تعالى. لم يلق تناولي للقربانة الأولى التي تمثل دخولي إلى الديانة المسيحية أي اعتراض بينهم ولا أي تشجيع. التحقتُ صغيراً بصفوف التعليم الديني. كنت متحمساً جداً فرحاً بما أتلقاه من تعاليم؛ خاصة عندما يتعلق الموضوع بالمسيح (ع) ، كانت معلومات سطحية بعض الشيء، لكنها كانت كافية لتغذي حلم كاهن صغير لا زال في سن الثانية عشر... صرتُ أقرأ التوراة والإنجيل بارتياح كبير حتى تعمّقتُ في قراءتهما، فبدا لي وقتذاك شرخاً كبيراً بين تعاليم الكتب المقدسة والدروس الكنسية، وبدأتُ أطرح على نفسي أسئلة جمة كتحريم زواج رجل الدين، مع أن الزواج خطوة مباركة يحثُّ عليها الدين، أو انتشار الأيقونات والمنحوتات كرموز دينية. حتى في الكنائس. مع أن ذلك لا يتناسب مع ما نص عليه الكتاب المقدس... كثرة الأسئلة، وكثرة التناقضات، دفعت بي إلى التمسك بإيماني (بديني) في حين أسقطت من اهتماماتي تعاليم الكنيسة، فكانت علاقتي بالله مباشرة لا تمر عبر كنيسة ولا تحدها سلطة دينية، هذا الخط الذي رسمته في سن الخامسة عشر، أخلصت له سنين طويلة.

٢٢٩

أذكر أني حين تعرفتُ إلى أصدقاء من «شهود يهوه» كنت أحاججهم بإيماني بالإنجيل، كانت أسئلتهم تحثني على البحث لاستخلاص الأجوبة، ولكن ما تعلمته من خصمي أن العقل هو السبيل لمعرفة الله «وهذا لا زال منهجاً في حياتي الدينية».

خلال أعوام دراستي الجامعية (كنت قد اخترت دراسة علم النفس) تعرفت على صديق سرعان ما صار بمثابة أخ لي، كان يجمعنا، عدا السكن الجامعي، سهرات قضيناها معاً تبادلنا فيها الآراء وأخرى ناقشنا فيها أفكاراً فلسفية لا حدود لها.

كان صديقي مسلماً، يصوم شهر رمضان لا أكثر، لكن إيمانه الداخلي كان يحاكي قناعاتي التي كونتها عن الله، ولما كنت أفتقر إلى كثير من المعلومات حول ديانته (الإِسلام) قدم لي مرة كتاب «القرآن» وعلمني كيفية الوضوء شارحاً لي ضرورة القيام به عند قراءة القرآن. ظل الكتاب على طاولتي شهوراً لم أفتحه، كنت أشعر أني لست جديراً بفتحه، وغاب صديقي عني فجأة.. واختفى! صدفة أخرى جمعتني بسيدة مغربية دعتني لحضور حلقات دينية كانت تعقد في شهر رمضان، بدا لي الحديث عن الإِسلام جلياً، فبادرتُ أطرح أسئلتي وأتعرف أكثر فأكثر على الإِسلام، ولا أنسى أني سمعتُ لأول مرة في حياتي عن الصهيونية العالمية وكان عمري قد تجاوز السابعة والعشرين.... وبدأتُ رحلة البحث عن الحقيقة: صرتُ أنهل من هذا العلم الواسع لأجد الأجوبة الشافية لأسئلتي، وأستغرقُ في البحث والتفكير فتمضي ليالٍ تلو أخرى والتساؤلات تكبر في داخلي، فأرويها بالمعرفة والتزود، ويقيني بوجود دين يجيب على أسئلتي (تطلعاتي وأفكاري) يتأكد يوماً بعد يوم، فعرفت أن الدين الإِسلامي هو آخر الديانات السماوية، وأن الله هو الرب الأوحد لكل هذه الديانات، فاعتقدتُ بذلك، وصرتُ أرى الإِسلام مُكمّلاً لها. ذات يوم تجرأت وفتحت القرآن، ومن قراءتي لأول آياته، تعلقت بكتابي، وصرت أقرأ وأزداد تعلقاً وأتمنى أن أصل إلى آخر صفحاته. فهمتُ أن المسلم يؤمن بوجود المسيح كرسول كريم وهذه الحقيقة لعيسى (ع) لاقت صورة رسمتها سابقاً في داخلي للمسيح الذي آمنت بوجوده على طريقتي (على فطرتي)، وتوضحت أكثر. اعتقدت ببعثة محمد (ص) خاتماً للرسل، صرتُ أراني مسلماً بشكلٍ عفوي وتلقائي؛ فكيف أتعبد؟ تودّدتُ لجار لي، سوري علوي، كنا نتحاور وحين يصعب سؤالي عليه، كان يتصل بأستاذه في سوريا ويجيبني، حدثني كثيراً عن الإمام علي (ع) ، شخصية جذبتني بعفوية، لكن مبالغات جاري وصديقي لم تخفَ عليّ.

٢٣٠

نهج أهل البيت(عليهم السلام) :

واصلت البحث وتعمقت أكثر، وكان طريق أهل البيت بالنسبة لي هو المنهج السليم والنيّر، فخيانة يهوذا في الدين المسيحي حادثة تعيد نفسها بعد وفاة النبي (ص) وانقلاب بعض الأصحاب عليه، وهذه الخيانات يحذرنا منها القرآن الكريم في مواضع عدة، والنبي محمد (ص) الذي تأذى أكثر من كل الأنبياء في حياته، لم يرحمه أتباعه من بعده، فالتيار جرف كثيراً من المسلمين وقلة منهم تمسك بوصاياه. هنا، يرشدنا العقل إلى السبيل القويم، إلى نهج آل محمد (ص) ، ولمَ كان أتباعه الخلّص قلة تفانوا لأجله وما زالوا.

أصداء:

كان لاعتناقي الإِسلام صدى كبيراً لدى مَن حولي: أصدقائي وزملائي في الجامعة على وجه الخصوص. أحدهم (والذي جمعتني به صلة قرابة لاحقاً: صار أخ زوجتي) كان يأتي إليّ يحدثني عن الإِسلام، ونصلي معاً، ويصحح لي ما تعلمته، ويوضح لي الأحكام الشرعية، فصرت أتبع المدرسة الجعفرية. (مدرسة الإمام الصادق (ع) ):

وصارت تعقد في غرفتي حلقات الحوار والنقاشات الفلسفية والتي غالباً ما جمعت الكثير من الشبان والشابات، فكانت فرصتي للتعرف على زوجتي التي كانت وما زالت بالنسبة لي لطفاً إلهياً مباركاً أنار دربي؛ إذ كان لها الفضل أولاً في تعليمي حفظ بعض السور، وكذلك أداء الصلاة باللغة العربية. وفجأة ظهر صديقي وأخي الذي افتقدته طويلاً، أطل هذه المرة بحلة جديدة، فقد التزم دينياً واصطحبني إلى المسجد لأول مرة وشرح لي أحكام صلاة الجماعة، وتزوج هو أيضاً، وكلانا رزق بطفلة، فكبرت عائلتانا في نور الإِسلام.

إلهي وسيدي الذي أدعوه كلما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسري... الحمد لك والشكر لك على ما خلقتني وسوّيتني، وربّيتني وأعطيتني حمداً دائماً لا ينقطع أبداً.. اللّهمّ املأ قلبي حباً لك وخشية منك وتصديقاً لك وإيماناً بك.

٢٣١

قصة إسلام الشاب الأرجنتيني

«محمد عيسى غارسيا»

من آثار السمعة الحسنة التي حققها مسلمو الأرجنتين هي ظاهرة إسلام العديد من المواطنين من أصل أرجنتيني نظراً للقِيَم النبيلة التي لمسوها في الدين الإِسلامي والطابع الأخلاقي السليم لسلوك المهاجرين المسلمين.

في هذا الإطار تلقينا من الأخ الكاتب مجاهد شرارة المقيم في الأرجنتين قصة شيقة عن (محمد عيسى غارسيا) وهو شاب أرجنتيني وجد سعادته كما يقول في الإِسلام بعد بحث طويل عن الحقيقة مقتفياً آثار الصحابي الجليل سلمان الفارسي (رض)

حكاية محمد عيسى أنه ولد لأبوين نصرانيين وقد أمضى طفولته في التردد على الكنيسة، ولمّا بلغ العاشرة من عمره أنهضته نفسه البريئة إلى بداية رحلة جديدة للتأمل في الكون الذي حوله، ورغم صغر سنّه وقصور ذهنه على الاستدلال إلّا أن فطرته لم تكن لتتقبّل عقيدة التثليث فقد كان يميل ببراءته إلى أن عيسى بن مريم (ع) شخصية عظيمة وليس إلهاً، وهذه المسألة هي التي فتحت باب المناقشات والتساؤلات بينه وبين أهله في البيت ومع قساوسة الكنيسة التي يتردد إليها.

لم يجد محمد عيسى غارسيا وهو الطفل البريء جواباً شافياً على تساؤلاته المبكّرة وما يجيش في نفسه، وازدادت حيرته وقلقه عندما لم يعر أهله والكنيسة اهتماماً بسؤاله نظراً لصغر سنّه.

مرّت الأعوام بمحمد عيسى حتى بلغ الخامسة عشر وهو يحمل في نفسه تلك الأسئلة، ودخل الثانوية العامة، وتلقى في أثناء دراسته كلاماً سطحياً عن الإِسلام ومغلوطاً في الكثير من الأحيان، فالكتاب المدرسي يذكر أن المسلمين يعبدون الحجر الأسود ويسجدون للكعبة مصحوباً بصور للمسلمين وهم يصلون ويسجدون ويطوفون حول الكعبة.

٢٣٢

كبر محمد عيسى وكبرت معه حيرته فهو الآن شاب بإمكانه أن يحلّل ويستدل فقد قوِيَ تمسّكه وولعه بالبحث عن الحقيقة. وفي ليلة من ليالي شهر أكتوبر عام 1989 ضاقت به نفسه فالسؤال ما زال يتردد داخله، من هو خالق الكون؟! ووقف في جنح الليل ينظر إلى السماء هاتفاً: «يا أنت الذي خلقتني اهدني للحق وإلّا خذ روحي فإني أعيش حياة ضالة» وانهمرت من عينيه دموع الحيرة ثم استسلم للنوم. وفي الصباح استيقظ على طرق الباب فوجد محمد رجلاً مشرق الوجه يطلب منه أن يحدِّثه لبعض الوقت، وبدأ حديثه بقوله: أنا «ماشوركا»، مسلم جئت لأحدثك عن الإِسلام. وأخذ ماشوركا يحدّثه عن الله ووحدانيته وعظمته وكيف أنه يستحق العبادة ومنزّه عن كل نقص.

انشرح قلب محمد عيسى غارسيا لهذه الكلمات، ونظر إلى السماء متذكراً ما دعا به في الليلة الماضية، وشعر برحمة الله تحفه ونفحات الإيمان تتدافع في قلبه. دام حديث ماشوركا معه ثلاث ساعات بعدها استأذن لصلاة الجمعة. وقبل أن ينصرف طلب غارسيا أن يرافقه إلى المسجد، فقد وجد ضالته ولن يتركها تضيع من بين يديه، واستمع للخطبة التي تحدثت عن الإِسلام. وما إن فرغ المصلّون من الصلاة حتى توجه محمد غارسيا إلى ماشوركا مخاطباً: أريد أن أسلم، ماذا أفعل؟ فقال له: عليك بنطق الشهادتين ثم الاغتسال. ففعل محمد غارسيا ما طلب منه فكبّر المصلّون فرحاً بإسلامه.

طريق الأهل الشائك والهجرة إلى الحقيقة:

تعلّم محمد عيسى غارسيا في المدرسة والبيت الحرية في أن يعتقد ما يريد دون أن يؤثر ذلك في حياة الأسرة، لكن ما حدث بعد إسلامه كان خلاف ذلك، فقد واجهته المصاعب من جميع الجهات؛ فوالدته غضبت منه غضباً شديداً وتوعدته رغم حبها الجمّ له، وقام والده بطرده من المنزل وهو ما زال طالباً لم يتعدَّ 18 عاماً، فخرج حزيناً من بيته مصدوماً من أهله الذين طالما تغنوا بالحرية في المعتقد والسلوك.

٢٣٣

ليس لمحمد عيسى غارسيا أحد يلجأ إليه سوى «ماشوركا» الذي احتضنه ووفر له عملاً بسيطاً في شركة لتصنيع البلاستيك، ومأوى في بيته كي يعيش فيه. ظل محمد عيسى يعمل ويتردد إلى المسجد كي يتعلم العربية وتعاليم الإِسلام، كان جلّ همّه أن يستزيد من المعرفة وينهل من نهج نبي الإِسلام (ص)

رغب محمد عيسى أن يتعلم سيرة النبي (ص) فأقبل على كتاب السيرة النبوية «لمارتن لينكس»، وكلما قرأ عن الاضطهاد الذي تعرض له النبي وكيف صبر عليه، ازداد صلابة في مواجهة الحياة الصعبة التي يعيشها، وبعد فترة اجتهد محمد عيسى في حفظ القرآن والأحاديث النبوية حتى حفظ جزء «عم» و«الأربعون النووية».

ظلّت نفس محمد عيسى تهفو لزيارة البيت الحرام والوقوف أمام مقام الرسول (ص) حتى أتت فرصة الحج عام 1993 ووقف أمام الكعبة يصلّي معلناً أنه لا يسجد لها ولا يعبد الحجر الأسود بل يسجد ويعبد الله وحده.

بعد الحج عزم محمد عيسى على التخصص في علم الحديث بعدما تعلّم اللغة العربية، وكانت ترافقه أمنية في أن يهدي الله أُمه للإِسلام فأخذ يراسلها ويكتب إليها ويتصل بها بين الحين والحين، وفي إحدى المرات فاجأته أُمه بقولها: «لقد أسلمتُ يا محمد» حينها طار قلب محمد فرحاً لإِسلام أُمه.

عاد محمد عيسى عام 2004 إلى الأرجنتين بعد رحلة استغرقت إحدى عشر عاماً، حفظ خلالها عشرة أجزاء من القرآن الكريم وأتقن اللغة العربية، آنذاك حمل محمد عيسى لواء الدعو إلى الله وتبصير الناس بالله وبالإِسلام لكنه واجه ظروفاً صعبة، ولكن من براثن الظلام يتولد الضوء، فكثير من الأرجنتينيين بدأوا يسألونه عن الإِسلام وهو يشرح لهم حقيقة الافتراءات التي ألصقت بهذا الدين الحنيف، حتى أسلم على يديه 70 رجلاً وامرأة خصصوا لهم مكاناً للصلاة في حيّهم، ويقوم محمد عيسى بتدريس العربية للمسلمين الجدد وتعليمهم قراءة القرآن وتعاليم الإِسلام.

٢٣٤

أصبحت الدعوة إلى الإِسلام هي الشغل الشاغل لمحمد عيسى وتطورت أساليبه في التبليغ، فنظراً إلى أنه يجيد اللغة العربية والإسبانية اتجه إلى الترجمة عندما وجد ندرة في الكتب الإِسلامية باللغة الإسبانية، فعمل مديراً لقسم اللغة الإسبانية في الدار العالمية للكتاب الإِسلامي، وقد ترجم حتى الآن أكثر من سبعين كتاباً إسلامياً من العربية إلى الإسبانية، ويناشد محمد عيسى الجميع الحكومات والمؤسسات الإسلامية أن يدعموا الدعوة والتبليغ في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية، وأن تزيد حركة الترجمة وتتسع حتى تشمل جميع الكتب التي تحتضن العلوم الشرعية.

وليس غريباً أن يلوم المسلم الأرجنتيني محمد عيسى المسلمين على تقصيرهم في تبليغ رسالة الإِسلام في أمريكا اللاتينية، بعدما اطلع على عظمة الإِسلام ونجاعته في سعادة الإنسان في هذا العصر، فالمسلمون بنظره لا يقدّرون إسلامهم حق قدره. ويضيف محمد عيسى غارسياً قائلاً: «كثير من الدعاة يسافرون إلى أماكن أخرى من العالم مقابل عدد قليل جداً يأتي إلينا للدعوة إلى الله، وهذا يحزنني كثيراً، فالناس هنا في الأرجنتين، متقبلون للإِسلام ولكنهم يحتاجون إلى من يرشدهم إليه».

نداء إلى المسلمين:

وفي نهاية حديثه معنا قال: «60% من الأرجنتينيين الذين أسلموا تعرفوا على الإِسلام من خلال مواقع الإنترنت، وهناك مواقع إسبانية عن الإِسلام وكذلك منتديات للحوار باللغة الإسبانية، لذلك أناشد الشباب المسلم العربي أن يتعلم اللغة الإسبانية يدخل إلى هذه المواقع ليدعوا إلى الله، أرجو أن تهتموا بأمور المسلمين الجدد في أمريكا اللاتينية ونحن نرحب بكم جميعاً ونود أن نستقبلكم في بيوتنا».

٢٣٥

قصّة قسيس روسي

اعتنق الإسلام بعد صراع ضد الإلحاد :

من هو القسيس المسيحي الروسي الذي اعتنق الإسلام وما هي قصة الشيخ الذي دخل عليه إلى قلب الكنيسة وكان كلامه بمثابة دعوة للهدى، وماذا يفعل بولوسين ورفاقه لنصرة الإسلام في روسيا؟

قال الدكتور في الفلسفة والعلوم السياسية علي فيتشسلاف بولوسين: «لقد تربيت في عائلة غير مؤمنة ولكنني كنت أدرك بإحساسي وجود الله الذي أتوجه إليه في كل ضائقة وسرعان ما تنفرج».

وأضاف بولوسين الذي وضع عدداً من المؤلفات حول علوم الدنيا والآخرة أبرزها كتابه «الخرافات والدين والدولة» الذي صدر في موسكو في عام 9991م إنه التحق بكلية الفلسفة في جامعة موسكو من أجل الوصول إلى معرفة حقيقة الله (سبحانه وتعالى) حيث تخرَّج بعد أن أمعن في دراسة المسيحية الأرثوذكسية وقال «اكتشفت الكثير من التناقضات فيها».

وإبان العهد السوفياتي حيث كانت الشيوعية تمثل الإيديولوجية الرسمية للدولة وكانت الكنيسة الأرثوذكسية تمثل البديل الوحيد الموجود التحق بولوسين بمدرسة الرهبان وأصبح قسيساً في عام 3891م. وأقر بولوسين بأن وضعه كراهب كان يشكِّل رمزاً للصراع ضد الإلحاد وفي الوقت نفسه فإن مقامه كراهب كان يفرض عليه ممارسة طقوس تلبية لاحتياجات الناس المؤمنين التي يقول إنه «لم يقتنع بها مما خلق لديه ازدواجية بين الإيمان الشخصي والواجب الديني الاجتماعي ويعتقد بولوسين أن شكوكه ومواقفه التي لم يكن قادراً على إخفائها كانت السبب وراء إبعاده إلى آسيا الوسطى للخدمة في إحدى الكنائس في طاجكستان «حيث تعرفت لأول مرة وبصورة مباشرة على المسلمين والإسلام الذي بدأت أشعر بانشداد إليه».

وروى بولوسين أن شيخاً وقوراً دخل عليه إلى قلب الكنيسة التي كان يرعى أمورها وبدون أن يقدِّم نفسه «سألني عدة أسئلة أجبته عليها وبعدها قال لي إنك تنظر إلى الأمور بعيون مسلم وستكون إن شاء الله من المسلمين».

٢٣٦

وقال بولوسين: «بدا هذا الأمر عجيباً وغريباً إذ دخل الشيخ إلى قلب الكنيسة بكل احترام ولكنه غير آبه بأي مكروه قد يتعرض إليه ليدعو راعي الكنيسة إلى الإسلام، والعجيب في الأمر أن هذه الدعوة دخلت إلى روحي ولم تلقَ مني أي مقاومة».

وأضاف: إن الأمر الأكثر عجباً أنني لم أرَ هذا الشيخ قبل هذه الحادثة ولا بعدها وبعد وقت أدركت أن مجيئه إليّ كان مثابة «دعوة للهدى».

وبعد آسيا الوسطى تولى بولوسين رعاية كنيسة مهجورة أعيد ترميمها في مدينة كالوغا حيث يعترف بأنه بدأ فيها ممارسة قناعته بالإيمان بعيداً عن الطقوس التي لم يكن يؤمن بها.

وبفضل العلاقة الطيبة التي ارتسمت بينه وبين رواد الكنيسة سارع الناس في سنوات الانفتاح والانعتاق الديني التي دشنتها البيرسترويكا إلى ترشيحه لعضوية البرلمان الروسي في عام 0991م حيث أصبح نائباً في البرلمان وترأس لجنة برلمانية لحرية العقيدة وتفرغ للعمل النيابي بعد أن تقدم بطلب رسمي إلى الكنيسة حرره من التزاماته الشكلية الدينية.

وأضاف أن فترة عمله في البرلمان تُوِّجت بإقرار قانون حول الأديان منح الكثير من التسهيلات للمسلمين وظل العمل به مستمراً حتى عام 7991م.

ويعترف بولوسين أنه انكب في بداية التسعينيات على دراسة المصادر التاريخية القديمة للمسيحية في محاولة للوقوف على تفسيرات للشكوك التي انطوت عليها نفسه ولكن هذه الدراسة المتعمقة زادت شكوكه وعمقتها «حسب قوله».

واستطرد بأن عام 5991م كان عام التحول في قناعاته الدينية حيث توقف تماماً عن ممارسة عمله في الكنيسة وانتقل لدراسة الإسلام وقال: «لكن قراءة القرآن بالترجمة الروسية التي أعدها أغناتي كراتشكوفسكي شوهت المعاني السامية للقرآن التي لم تتضح بأبعادها العظيمة إلّا بعد مراجعة ترجمة عصرية للمعاني القرآنية والمؤلفات الإسلامية حول المسيح واستماعي إلى سلسلة محاضرات حول الدين الإسلامي حيث لم يبقَ لديّ أي شك في اعتناق الإسلام.

٢٣٧

وقال بولوسين «أعلنت إسلامي سراً ولم يكن يعلم به أحد سوى شخصين، وانطوى هذا القرار على خطر يتهدد حياتي وحياة زوجتي التي سبقتني إلى الإسلام وظللت على هذا الحال حتى العام الماضي حيث نطقت علناً بالشهادتين في حديث أدليت به لصحيفة «المسلمون» واتخذت لنفسي اسم علي وزوجتي علية».

ورداً على النظريات الغربية التي ترى أن الصراع بين الأديان والحضارات يبدو حتمياً أعرب بولوسين عن قناعته بأن روسيا تشكل نموذجاً يحتذى للتعايش السلمي بين الإسلام والمسيحية بالرغم من بعض الفترات التاريخية التي ألحقت فيها الدولة أذى بالمسلمين كما حدث في العهد القيصري إبان حكم إيفان الرهيب وغيرها.

وحذر بولوسين من وجود أطراف خارجية تسعى لإثارة النعرات الدينية في روسيا من أجل تقويض الوحدة الوطنية وإضعاف الدولة الروسية.

ويتهم بولوسين الصهيونية بأنها صاحبة المصلحة الأولى في الإيقاع بين المسلمين والمسيحيين في روسيا.

ودحض بولوسين بقوة محاولة إضفاء صفة الإرهاب على الإسلام قائلاً إن الأصولية اليهودية تشكل قمة التطرف لأنها تندرج في الإطار الإيديولوجي للصهيونية وتقوم على الخرافات التي كانت قائمة قبل ثلاثة آلاف عام.

وتساءل «كيف يتحدثون عن الأصولية الإسلامية وكلنا نعرف إن الأصولية اليهودية هي التي أقامت دولة على حساب شعب آخر استناداً إلى روايات خرافية وما زالت تسعى لإقامة دولة إسرائيل الكبرى على حساب الأمة العربية جمعاء».

وعن المهام الملحَّة التي يقوم بها بولوسين لنصرة الإسلام في روسيا قال إن المهمة الملحة تتمثل في «تقديم صورة صحيحة عن الإسلام للمواطنين الروس على جميع الأصعدة بما في ذلك أجهزة الدولة الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية».

وأضاف أننا نقوم بنشر صورة الإسلام المشرقة بصفته ديناً قائماً على المحبة والتعايش السلمي وسط المثقفين الروس وبدأنا بإصدار نشرة الصراط المستقيم التي تتضمن مقالات تطرح نظرة عصرية وحديثة للإسلام في روسيا وموقف المسلمين إزاء معضلات ومشكلات المجتمع الروسي.

٢٣٨

وذكر بولوسين الذي يعمل في الوقت الحاضر مستشاراً لدى رئيس الإدارة الدينية لمسلمي الجزء الأوروبي من روسيا أنه يعمل مع فريق من المسلمين الروس على وضع أسس لبرنامج اجتماعي للمسلمين الروس من أجل طرحه في الأوساط الروسية الرسمية والاجتماعية.

٢٣٩

الأخ الإسباني يوسف فرنانديز

يقول:

· أدركت أن الإسلام هو ما كنت أنتظره منذ فترة طويلة، فهو نهج حياة واضح لا يكتنفه غموض أو أسرار.

· قبل الإسلام كنت شخصاً عصبياً متشائماً لا يرى معنى لوجوده.. وقد أصبحت بعده إنساناً هادئاً وحيوياً وإيجابياً.

· في إسبانيا آفاق الدعوة إلى الإسلام جيّدة على الرغم من أن العمل في هذا المجال ليس كافياً.

يوسف فرنانديز.. أخ مسلم غربي آخر يروي قصّة تحوّله المشوّقة إلى جمال أنوار الإسلام، بعد رحلة طالت مع العقائد والأفكار السائدة في عالم الغرب، التي لم تشفِ غليله، ولم توفّر له قناعة بسلامتها وطمأنينة بصلاحيتها.. وقد تفضّل مشكوراً بالكتابة عن قصّة اعتناقه للإسلام، ليطّلع عليها قرّاء المجلة وكل من هو متيقِّن بعظمة هذا الدين الحنيف.

لقد وُلدت في العام 5691 في أستورياس، وهي منطقة في شمال إسبانيا زُعم أنها مهد الكاثوليكية الوطنية، أي العقيدة السياسية والدينية التي سادت في إسبانيا طيلة خمسة قرون. تقول أساطير الفكر الرسمي القديم إن المسلمين الذين جاؤوا في العام 711 ميلادي إلى إسبانيا عن طريق مضيق جبل طارق واستولوا على معظم أنحاء شبه الجزيرة الأيبيرية في سبع سنوات فقط، قد هُزموا من قبل الملك بيلايو وبعض أتباع المسيحية في كوفادونغا، وهي معقل جبلي في أستورياس. وقد قيل إن ذلك آذن ببدء الـatsiuqnoceR (الاسترداد) أي الحرب المسيحية المقدسة التي استمرت ثمانية قرون لفتح شبه الجزيرة بأكملها والقضاء على الدول الإسلامية فيها. وفي الثاني من كانون الثاني/يناير 2941، سقطت غرناطة؛ وقد مثل هذا التاريخ نهاية العصر الإسلامي المشرق في الأندلس.

بعد ذلك، أصبحت إسبانيا دولة كاثوليكية رسمية وذلك حتى وفاة الدكتاتور فرانشيسكو فرانكو في العام 5791. وفي عام 8791، تمت المصادقة على أول دستور ديمقراطي، وبعد ذلك بعامين صدر أول قانون للحرية الدينية.

نظراً لهذه الحقائق التاريخية، كان من المفترض أن تكون أستورياس مكاناً من الصعب أن يكتشف المرء الإسلام فيه، لا سيما وأن الهويتين الأستورية والإسبانية قد تم ربطهما بالكاثوليكية الوطنية لفترة طويلة.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311