موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ18%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59937 / تحميل: 7769
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

موسوعة

الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)

في الكتاب والسُنّة والتاريخ

محمد الريشهري

بمساعدة

محمد كاظم الطباطبائي - محمود الطباطبائي

المجلّد الأوّل

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

٤

الإهداء

يا بقيّة الله.. يا سليل رسول الله.. ويا حبيب فاطمة الزهراء وعليّ المرتضى.

سيّدي.. يا مَن ذِكرَك يجعل القلب يفيض بحبّ الجمال، ويشدو صوب المكرَمات، ويتطلّع إلى العدل والخير.

إيهٍ (يا شمس المغرب) ، ويا مَن التفكير بغاياتك الشاهقة النبيلة، مطالعَ نورٍ تتفجّر براكينَ حماسة وإيمان.

إيهٍ (يا مَن يملأ الأرض عدلاً)، ويا مَن ظهورك تتويجٌ لغايات النبيّين، وحضورك تأسيسٌ لـ (يوم الخلاص) الموعود.

يا آخِرَ أملٍ أنتَ، ويا أغلى هِبات السماء، يا مَن اسمك يملأ النفوس أمَلاً، وَذِكرك ينثر على العاشقين عِطراً روحيّاً فوّاحاً، يجذبهم صَوب الشمس.

بعد سنوات طويلة من الجُهد المثابر الخاضع الدؤوب، وحيث تمّت صفحات هذا الكتاب، وهي تتضوّع في كلّ جزءٍ جزء باسم علي بن أبي طالب رمْز العدالة الشاهق، ومثال الحقّ والإيمان النابض، ها أنا أرفع

٥

  بضاعتي المُزجاة، وأتطلّع إليك - يا أيّها العزيز - بكفٍّ ممدودة مِلؤها الرجاء.

أهتفُ وأقول، بخشوعٍ آسر ودمعٍ هَطول:

سيّدي.. أيّها اللواء المنشور

والعلَم المركوز

يا مَظهر الرحمة الفيّاضة، والحنان الكبير

يا مَلاذ أهل الضُرّ والبلوى، وصريخ المكروبين

يا سَطْعة نورٍ متفجّر في وهْدةِ الدَيجور

ويا شمساً طالعة في أُفقِ الوجود.

تقبّل - سيّدي - هذه الهديّة المتواضعة، وحفّها منك بنظرة رعايةٍ كريمة، واجعلنا من المشمولين بضراعاتك، وحقّق لنا أمل الوصال، وأذِقنا طعْم اللقاء.

٦

المدخل

٧

٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله، وصلّى الله على سيّد المرسلين، وخاتم الأنبياء محمّد، وأهل بيته الطيّبين الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجْس وطهّرهم تطهيراً.

قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله): (علي آيةُ الحقّ، وراية الهدي).

ماذا أقول في عليّ (عليه السلام) والحديث عنه صعبٌ شاقّ؟! ثمّ هو أصعب إذا ما رامَت الكلمات أنْ تتسلّق صَوب ذُراه الشاهقة، وتطمع أنْ تكون خليقة بتلك الشخصيّة المتألّقة.

النظر إلى شخصيّة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) محنةٌ للفِكر، وتملّي أبعاد هذا الرجُل الشاهق يتطلّب طاقة لا تحتمِلَها إلاّ الجبال الرواسي، أمّا الحديث عن بعض عظمته الباهرة، وما تحظى به هذه الشخصيّة المتوهِّجة في التاريخ الإنساني من جلالٍ وجمال، فهو خليقٌ بكلامٍ آخَر، ويحتاج

٩

إلى لغةٍ أُخرى؛ لُغة تتناهى في امتدادها حتى تبلغ (الوجود) سعةً، عساها - عندئذٍ - أنْ تُدرك شيئاً ضئيلاً من كلّ هذه الفضيلة التي تُحيط تلك الشخصيّة (العملاقة)، وما يحظى به من سمُوّ ومناقب لا نظير لها، ثمّ عساها أنْ تؤلّف كلاماً يرتقي إلى مدى هذا الإنسان الإلهي، ويكون جديراً به.

أمّا أُولئك الذين سلّحتهم بصيرتهم بفكرٍ نافذ عن الإمام، وأدركوا - إلى حدٍّ ما - أبعاده الوجوديّة، فما لبِثوا أنْ اضطرموا بمحنة العجْز وقد لاذوا بالصمت، ثمّ ما برحوا يجهرون أنّ هذا الصمت لم يكن إباءً عن إظهار فضائل الإمام بقدَر ما كان ينمّ عمّا اعتوَرهم من عجْز، وهو إلى ذلك يُنبئ عن حَيرةٍ استحوَذَت عليهم وهم لا يدرون كيف يصبّون كلّ هذه الفضائل العَليّة في حدود الكلمات، وكيف يعبّرون عن معانيها البليغة من خلال الألفاظ!.

أجَل، لم يكن قلّة أُولئك الذين أُشربوا في أعماق نفوسهم هذا المعنى الرفيع للمتنبّي، وهو يصدع:

وتركتُ مدْحي للوصيّ تعمُّداً

إذ كان نوراً مستطيلاً شاملا

وإذا استطال الشيء قام بنفسهِ

وصفاتُ ضوء الشمس تذهبُ باطلا

مَنْ يريد أنْ يتحدّث عن جلال عليّ وفضائله يستبدّ به العجز، وتطوّقه الحَيرة؛ فلا يدري ما يقول!.

هي محنةٌ كبيرة لا تستثني أحداً، أنْ ينطق الإنسان بكلامٍ يرتفع إلى مستوى هذه (الظاهرة الوجوديّة المذهلة)، وهو عجْزٌ كبير مدهش يعتري

١٠

الجميع مهما كانت القابليّة وبلَغ الاستعداد.

ولا ريب أنّ أبا إسحاق النظّام كان قد لبَث يفكِّر طويلاً، وطوى نفسه على تأمّل عميق مترامي الأطراف في أبعاد هذه الشخصيّة ومكوّناتها، قبل أنْ يقول: (عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) محنة على المتكلِّم؛ إن وفّاه حقّه غَلا، وإنْ بخَسَه حقّه أساء!).

عليٌّ (عليه السلام) في سُوح القتال اللاحِبة هو الأكثر جهاداً، والأمضى عَزماً، والأشدّ توثّباً. وهو في مضمار الحياة الوجهُ المفعم بالأُلفة؛ حيث لا يرتقي إليه إنسان بالخلُق الرفيع. وفي جوف الليل الأوّاب المتبتِّل، أعبَد المتبتِّلين، وأكثر القلوب ولَهَاً بربّه، وبإزاء خلْق الله هو أرفَق إنسان على هذه البسيطة بالإنسان، يفيض بالعطوفة واللِين. وهو الأصلب في ميدان إحقاق الحقّ في غير مداجاة، المنافح عنه في غير هروب.

أمّا في البلاغة والتوفّر علي بدائع الخطابة وضُروب الحِكمة وفنون الكلام، فليس له نظير، وهو فارس هذا الميدان، والأمكَن فيه من كلّ أحد. ولله دَرّ الشاعر العلَوي، وهو يقول في ذلك:

كم له شمسُ حِكمة تتمنّى

غرّةُ الشمس أنْ تكون سماها

تُري، هل يمكن لإنسان أنْ يُشرِف على منعرجات التاريخ، ولا تشدّه تلك القمّة الشاهقة في مضمار الكرامة والحريّة والإنسانيّة، وهي تسمو على كلّ ما سِواها!.

وهل يسوغ لإنسان أنْ يمدّ بَصَره إلى صحراء الحياة، ثمّ لا يرفرف

١١

قلْبُه صوب هذا المظهر المتألِّق بالحبّ والعبادة، المملوء بالجهاد والمروءة، أو لا يُبصر هذا المثال المترَع بالصدق والإيثار، وبالإيمان والجلال!.

ثمّ هل يمكن لكاتب أنْ يخطّ صفحات بقلَمه، ولا يهوي فؤاده أنْ يُعطّر بضاعته بعبيرٍ يتضوّع بذِكر عليّ، ويخلط كلماته بشَذىً يفوح بنسائم حياته التي يغمرها التوثّب، ويحيط بها الإقدام من كلّ حَدَب، ويجلّلها الجهاد والإيثار من كلّ صَوب؟!.

في ظنّي أنّ جميع أُولئك الذين فكّروا وتأمّلوا، ثمّ استذاقوا طعْم هذه الظاهرة الوجوديّة المذهلة، إنّما يخامرهم اعتقاد يفيد: وأنّى للقطرة الوحيدة التائهة أنْ تُثني على البحر! وأنّى للذرّة العالقة أنْ تنشد المديح بالشمس!.

وأمّا كاتب هذه السطور:

فلم يكن يدُر بخلَدِه قطّ أنْ يخطّ يوماً كلاماً جديراً في وصف تلك الشمس الساطعة، كما لم يخطر بِبالِه أبداً أنْ يكون له حظّ في حمْل قبضة من قبَس كتلة الحقّ المتوهِّجة تلك، أو أنْ يكون له نصيب في بثّ شيء من أَريج بحر فضائلها الزخّار، وأنْ يُسهِم في نشر أثارة من مناقبها المتضوّعة بعبيرٍ فوّاح.

هكذا دالت الحال ومرّت الأيّام بانتظار موعد في ضمير الغيب مرتقب!.

فقد قُدِّر لي وأنا أشتغل بتدوين (ميزان الحكمة) أنْ أُلْقي نظرةً من بعيد

١٢

على هذا البحر الزخّار، بحُكم ضرورة أمْلَتها هيكليّة الكتاب، وساقت منهجيّاً إلى مدخل بعنوان: (الإمامة).

أجل، لم يسمح (المدخل) بأكثر من نظرةٍ من بعيد إلى البحر اللُجّي، أطلّت على شخصيّة الإمام الأخّاذة عِبر الكلام الإلهي والنبَوي، قد سمحت بتثبيت ومْضات من سيرة ذلك العظيم على أساس ما تحكيه روايات المعصومين (عليهم السلام).

مرّة أُخرى شاء التقدير الإلهي أنْ تتّسع موسوعة (ميزان الحِكمة) (التي تجدَّد طبْعها - بفضْل الله - مرّات، وراحت تتخطّى الحدود وتصل إلى أقصى النقاط، وهي تستجيب بقدَرها لتطلّعات الباحثين عن المعرفة الدينيّة) وتمتدّ فصولها وتزداد.

بعد تأمّل طويل انطلقَت بكاتب هذه السطور همّتُه، وتبدّل العزْم إلى قرار بالعمل يقضي بإضافة هذا الجزء.

كانت الرحلة بعيدة المدى، وبدا الطريق طويلاً وأنا حديث العهد به، لولا أنْ تداركتني رعاية خاصّة من الإمام، ولا غَروَ وهو كهف السائرين على الحقّ ومَلاذهم، ثمّ اكتنفَتْني هِمَمٌ كبيرة برَزت من فُضلاءَ كرام.

وبين هذا وذاك أينَع ذلك الجهد وأثمَر بعد سنوات حصيلةً تحمِلُ عنوان: (موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب في الكتاب والسُنّة والتاريخ) هي ذي التي بين أيديكم.

ثمّ شاءت المقادير مرّة أُخرى أنْ يقترن طبع الموسوعة في السنة التي

١٣

توشّحت باسم مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث راحت هذه المناسبة تستقطب إليها أُلوف الجهود والهِمَم (١) .

وها أنا ذا أتوجّه إلى الله سُبحانه شاكراً أنعُمَه من أعماق وجودي وقد حالَفني توفيقه في المُضيّ قُدُماً لإنجاز هذا المشروع المهمّ؛ حيث هوّن العقَبات، وذلّل الصِعاب، ويسَّر العسير.

إنّ (موسوعة الإمام) لهي إلى هذا العاشق الولِه بذِكر عليّ (عليه السلام) أعذب شيء في حياته وأحلاه، وأدعى حصيلة تبعث على الفخر في سِنيّ عُمره، حيث بلغت نهايتها بفضل الله سبحانه، ومعونة خالصة أسداها عدد من الفضلاء.

أجل، إنّ (موسوعة الإمام علي بن أبي طالب) تجسِّد من الأُمنيات في حياتي ما هو أرفعها وأسماها، وتستجيب من تطلّعاتي إلى ما هو أبعدها مدىً.

وما كان ذلك يتحقّق لولا فضل الله وتوفيقه، فله حمْدي، وعليه ثنائي أُزجيه خاشعاً بكلّ وجودي.

وما كان ليتمّ لولا رعاية خاصّة كنفَني بها المولى أمير المؤمنين، فله شكري، وعليه سلامي، فلولا ما فاء به من رعاية وتسديد، ولولا مدَده

____________________

(١) أطلق قائد الثورة الإسلاميّة آية الله السيّد الخامنئي - حفظه الله تعالى - على العام الإيراني الحالي (١٣٧٩ هـ. ش) (عام الإمام علي (عليه السلام)) و (عام الولاية)؛ وذلك لحلول عيد الغدير فيه مرّتين؛ فبداية العام الحالي في ١٣ ذي الحجّة ١٤٢١ هـ. ق، ونهايته في ٢٤ ذي الحجّة ١٤٢٢ هـ. ق، فيكون يوم الغدير (١٨ ذي الحجّة) قد حلّ في الشهرين الأوّل والأخير من هذا العام.

١٤

الذي أسداه في تذليل العقبات الكؤود وتيسيرها؛ لَما رسَت (الموسوعة) على هذا الشكل.

وحسبُ هذه الكلمات أنّها رسالة اعتذار تومئ إلى تقصير صاحبها، ثمّ حسْبها ما تُبديه من ثَناء عاطر مقرون بالخشوع والجلال لكلّ هذه الرعاية الحافلة من أجل بلوغ المقصد.

إنّ (موسوعة الإمام) هي إطلالة على حياة أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما هي نافذة تُشرف على السيرة العلَويّة، وتتطلّع إلى تاريخ حياة أكمل إنسان، وأعظم المؤمنين وأبرز شخصيّة في تاريخ الإسلام بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

وتهدف (موسوعة الإمام) أنْ تترسّم السبيل إلى أعظم تعاليم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وأبلغها عِظة وتذكيراً. كما توفّرت على بيان أجزاء من حياة أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيرته البيضاء الوضّاءة.

وتسعى (موسوعة الإمام) من خلال استجلاء المعالم الملكوتيّة لإمام الإنسانيّة، وتتطلّع عِبر تدوين الخصائص العلميّة والأخلاقيّة والعمليّة لحياته التي تفيض بالتوثّب والإيمان، وتصبو عِبر تبيين ما بذَله (صوت العدالة الإنسانيّة) من جهود مذهلة؛ لبَسْط العدل وإرساء حاكميّة الحقّ، إلى الجواب عمليّاً على السؤال التالي: لماذا جَعَل الكتابُ الإلهي عليّ بن أبي طالب شاهداً إلى جوار الله على الرسالة؟.

لقد انطلقت (الموسوعة) من خلال الاستناد إلى عرضٍ جديد، وهيكليّة مبتكرة، ومنهج مستحدَث فاعل، لتقسيم السيرة العلويّة إلى ستّةَ

١٥

عشَر قِسماً، تضعها بين يدي الباحثين والمتطلِّعين إلى المعارف العلويّة، وتُقدّمها إلى الولِهين بحبّ عليّ (عليه السلام)، وإلى طلاّب الحقّ والحقيقة.

وفيما يلي نقدِّم استعراضاً عامّاً لمحتويات هذه الأقسام:

القسم الأوّل: أُسرة الإمام عليّ

توفّر هذا القسم على بيان منحدر الإمام عليّ (عليه السلام) وأُسرته، كما تناول المحيط الذي ترعرع به وحياته الخاصّة، ودار الحديث فيه أيضاً عن شخصيّة والدَيه، وعن أسماء الإمام وكُناه وألقابه وشمائله وأوصافه وزواجه وزوجاته وأولاده.

لقد اتّضح من هذا القسم أنّ الإمام نشأ في أُسرة كريمة، وترعرع في محيط طاهر زكي؛ فأسلافه الكرام من الآباء والأجداد موحِّدون بأجمعهم، طاهرون لم تخالطهم أدناس الجاهليّة، مضَوا وكلُّهُم ثبات في سبيل الله.

كما كشف هذا القسم عن أُصول كريمة تكتنف هذا الموحِّد العظيم في تاريخ الإسلام، فلم يلوِّث الشِرك أحداً من أسلافه قطّ، ولم يكن لمواضعات البيئة وتلوّثاتها الفكريّة والعقيديّة نصيب في حياتهم. فهذا هو الإمام، وقد انبثق من حضن والدٍ مؤمن جَلِدٍ قويّ الشكيمة منافح عن الحقّ، ووالدة كريمةِ المَحتَد صافية الفطرة مؤمنة بالمعاد.

ثمّ مضت حياته مع زوجةٍ هي أتقى وأطهر امرأة في نساء عصره، وهي سيّدة نساء العالَمين، وقد كان زواجاً بدأ بأمر الله سُبحانه وحفّته هالة من

١٦

القداسة والخشوع، فانشقّ عن ذرّيّةٍ كريمة كان لها اليد الطولى في صُنع التاريخ، وهي إلى ذلك المصداق الأسمى لـ (الكوثر).

أمّا كُناه وألقابه فقد اختارها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) غالباً، وهي جميعاً تومئ إلى فضائله الرفيعة التي تتألّق عظمة، وإلى موضعه المنيف الشاهق في الإسلام والتاريخ.

حياة لم تهبط عن مستوى العظمة لحظة، ولم تتعثّر بصاحبها قطّ.

القِسم الثاني: الإمام عليّ مع النبيّ

يوم قَرع صوت السماء فؤاد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهبط إليه أمْر الرسالة، ثمّ أعلن دعوته التاريخيّة، كانت الجزيرة العربيّة تغطّ في ظلام دامس، ويحيطها الجهل من كلّ حدَبٍ وصَوب.

لقد واجه القوم بِعثة نبيّ الحرّيّة والكرامة بالرفْض والتكذيب، ثمّ اشتدّت عليه سفاهات القوم وتكالب الطُغاة.

وها هو ذا عليّ اختار موقفه إلى جوار النبيّ منذ الأيّام الأُولى لهذه النهضة الربّانيّة. وقد صَحِب أمير المؤمنين (عليه السلام) رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولم ينفصل عنه لحظة، بل راح ينافح ويتفانى في الدفاع عنه دون تعب أو كلَل.

وما توفّر عليه هذا القِسم هو بيان الموقع الرفيع الذي تبوّأه الإمام في إرساء النهضة الإسلاميّة، والدَور البنّاء الذي اضطلع به في دوام هذه الحركة الربّانيّة على عصر رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

١٧

يكشف هذا القسم أنّ عليّاً (عليه السلام) كان إلى جوار النبيّ لم يفارقه منذ البِعثة حتى الوفاة، باذلاً نفسه وأقصى ما يستطيع في سبيل تحقيق حاكميّة الإسلام في المجتمع، فهو مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله ) في المشاهد جميعاً وعند المنعطفات الخطرة، وهو السبّاق الذي يثِب مبادراً في المواطن الصعبة كلّها وعند العقبات الكؤود التي تعتري حركة الإسلام.

يُسفر هذا القِسم عن أنّ عليّاً (عليه السلام) لم يوفِّر من جهده الدؤوب لحظة، ولم يدّخر من تفانيه المخلص شيئاً، إلاّ وقد بذَله دفاعاً عن هذا الدين، وذَوداً عن نبيّه الكريم (صلّى الله عليه وآله )، وصَوناً لهذه الدعوة الربّانيّة الفتيّة؛ من أجْل أنْ يمتدّ الإسلام وتبلغ هذه الحركة الإلهيّة مَداها.

القِسم الثالث: جهود النبيّ لقيادة الإمام عليّ

الإسلام خاتم الأديان، ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) خاتم النبيّين، والقرآن الحلقة الأخيرة في الكتُب السماويّة.

والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) مبلِّغ لدينٍ اكتسى لون الأبديّة، ولنْ يقوى الزمان على طيّ سِجلِّ حياته، فماذا فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لتأمين مستقبل هذا الدين، وضمان مستقبل أُمّته؟ وما هو التدبير الإلهي في هذا المضمار؟.

أوضحَ هذا القسم الرؤية المستقبليّة التي انطوى عليها الدين الإلهي، وموقع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في المخطّط الربّاني الذي حملَته السماء في هذا المجال.

بكلامٍ آخر، ما عنيَ به هذا الفصل هو الولاية العلَويّة، وإمامة عليّ بن

١٨

أبي طالب (عليه السلام)، التي جاءت في إطار جهود رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في رسم مستقبل الأُمّة.

وفي هذا الاتّجاه استفاض هذا القسم في حَشْد مجموعة الأدلّة العقليّة والنقليّة؛ لإثبات أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يدَع الأُمّة بعده هُملاً دون راع، ولم يعلّق مستقبلها على فراغ من دون برنامج محدّد للقيادة من بعده، بل حدّد مسار المستقبل بدقّة وجلاء من خلال جهدٍ مثابر بذَله طوال ثلاث وعشرين سنة، وعِبر تهيئة الأجواء المناسبة لتعاليم مكثّفة أدْلى بها على نحوِ الإشارة مَرّة، وعلى نحوٍ صريح أغلب المرّات.

كما بيَّن هذا القسم صراحة أنّ (الغدير) لم يكن إلاّ نقطة الذرْوَة على خطّ هذا الجهد المتواصل الطويل، ثمّ عاد يؤكِّد بوضوح أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لم يتوانَ بعد ذلك عن هذا الأمر الخطير، بل دأَب على العناية به والتركيز عليه حتى آخِر لحظات عُمره المبارك.

ومع أنّ الحلقات الأخيرة في التدبير النبويّ؛ كمَيلِه (صلّى الله عليه وآله) إلى تدوين ما كان قد ركّز على ذِكره مرّات خلال السنوات الطويلة الماضية في إطار وصيّةٍ مكتوبة، لم يأتِ بالنتيجة المطلوبة إثْر الفضاء المخرّب الذي أُثير من حوله.

وكذلك انتهت إلى المآل نفسه حلَقةٌ أُخرى على هذا الخطّ تمثّلت بإنفاذ بَعْث أُسامة. إلاّ أنّ ما يُلحَظ أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يُهمِل هاتين الواقعتين، بل راح يُدلي بكلمات وإشارات ومواضع تُزيل السِتار عن سِرّ هذه الحقيقة ورمْزها.

وهذا أيضاً ممّا اضطلع به هذا القِسم مشيراً إلى نتائج مهمّة استندت إلى

١٩

وثائق ثابتة عند الفريقين.

القِسم الرابع: الإمام عليّ بعد النبيّ

أسَفاً أنْ لا يكون قد تحقّق ما ارتجاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وما اختطّه لمستقبل الأمّة، وقد ارتدى سرابيل الخلافة آخَر هو غير مَن اختُصّ به الأمر الإلهي.

أمّا وقد أسفَر المشهد عن هذا، فها هو ذا عليّ يواجه واقعاً كاذباً مريراً مدمِّراً قَلَبَ الحقيقة، وها هو مباشرة أمام لوازم الدين الجديد ومصالحه، وبإزاء أُناس حديثي عهد بالإسلام، فماذا ينبغي له أنْ يفعل؟ وما هو تكليفه الإلهي؟ ما الذي يقتضيه واقع ذلك العصر بما يكتنفه مِن أوضاع خاصّة على المستوَيَين الداخلي والخارجي؟.

لقد نهض هذا القسم بالجواب على هذه الأسئلة وغيرها، ممّا حفَّ السيرة العلَويّة في الفترة التي امتدّت بين وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتى تسنّم الإمام لأزِمَّة الحُكم. كما سَلّط أضواءً كاشفة على عوامل إهمال تعاليم النبيّ حيال مستقبل الأمّة، وأسباب الإغضاء عن توجيهاته (صلّى الله عليه وآله) حول قيادة عليّ (عليه السلام).

وفي إطار متابعة الحوادث التي عصفَت بالحياة الإسلاميّة بعد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) حتى خلافة عثمان وقيام الناس ضدّه، تكفّل هذا القِسم أيضاً ببيان الأجواء التي أحاطت بالمواقف الحكيمة لإمام الحكماء، وتفصيل ملابَسات ذلك.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

الْكِفَايَةِ ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ : قُمْ بِأَمْرِ بَنِي فُلَانٍ ، أَيِ اكْفِهِمْ ، وَالْقَائِمُ مِنَّا قَائِمٌ عَلى سَاقٍ ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ وَلَمْ نَجْمَعِ(١) الْمَعْنى.

وَأَمَّا اللَّطِيفُ ، فَلَيْسَ عَلى قِلَّةٍ وَقَضَافَةٍ(٢) وَصِغَرٍ ، وَلكِنْ ذلِكَ عَلَى النَّفَاذِ فِي الْأَشْيَاءِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُدْرَكَ ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ : لَطُفَ عَنِّي(٣) هذَا الْأَمْرُ ، وَلَطُفَ فُلَانٌ فِي مَذْهَبِهِ وَقَوْلِهِ(٤) ، يُخْبِرُكَ أَنَّهُ غَمَضَ(٥) فِيهِ(٦) الْعَقْلُ وَفَاتَ الطَّلَبُ(٧) ، وَعَادَ مُتَعَمِّقاً مُتَلَطِّفاً لَايُدْرِكُهُ الْوَهْمُ ، فَكَذلِكَ(٨) لَطُفَ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - عَنْ أَنْ يُدْرَكَ بِحَدٍّ ، أَوْ يُحَدَّ بِوَصْفٍ ؛ وَاللَّطَافَةُ مِنَّا : الصِّغَرُ وَالْقِلَّةُ ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.

وَأَمَّا الْخَبِيرُ ، فَالَّذِي لَايَعْزُبُ عَنْهُ شَيْ‌ءٌ ، وَلَا يَفُوتُهُ(٩) ، لَيْسَ(١٠) لِلتَّجْرِبَةِ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ‌

__________________

(١) في التوحيد والعيون : « ولم يجمعنا ». فيالتعليقة للداماد : « لم يجمع ، أي لم يجمعنا المعنى ». وفيشرح المازندراني : « إن كان « جمعنا » بسكون العين كان « لم نجمع » بالنون ، وإن كان بفتحها كان « لم يجمع » بالياء المثنّاة من تحت ، والتقدير : لم يجمعنا المعنى ». ثمّ أيّد الأخير بما فيالعيون والتوحيد وإن عدّه خلاف الظاهر.

(٢) « القضافة » : النحافة والدقّة. قال الداماد فيالتعليقة : « والمراد الضعيف النحيف ». وانظر :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤١٧ ( قضف ).

(٣) في العيون : « عن ».

(٤) فيالتعليقة للداماد : « وفي نسخة : قولك ، بالرفع على أنّه المبتدأ ، أي وقولك هذا يخبرك ».

(٥) في « ف » : « غمّض » بالتشديد. واحتمله المازندراني في شرحه ؛ حيث قال : « ولو كان غمّض كان في الكلام استعارة مكنيّة تخييليّة ، وهو مع ذلك كناية عن عدم إدراك المطلوب ». و « غمض » و « غَمُضَ » : أخفى أمره واشتدّ غورُه ، أو غار. والغموض : الغور. وفي اللغة : غمض في الأرض ، أي ذهب وغاب. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٩٠ ؛شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٦٨ ؛الوافي ، ح ١ ، ص ٤٨٨ ؛لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٠١ ( غمض ).

(٦) في التوحيد والعيون : « فبهر » بدل « فيه ».

(٧) فيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٥٨ : « يمكن أن يقرأ « الطلب » مرفوعاً ومنصوباً. فعلى الأوّل يكون « فات » لازماً ، أي ضاع وذهب الطلب. وعلى الثاني ، فضمير الفاعل إمّا راجع إلى الأمر المطلوب ، أي لايدرك الطلبَ ذلك الأمر أو إلى العقل ».

(٨) في « ب ، ج ، ف ، بح ، بس » وحاشية « ض ، بر ، بف » وشرح المازندراني : « فهكذا ». وفي حاشية « ض » الاُخرى : « وكذلك ». (٩) في التوحيد : + « شي‌ء ».

(١٠) أي ليس خبره بالأشياء وعدمُ بُعد شي‌ء عنه للتجربة.

٣٠١

بِالْأَشْيَاءِ ، فَعِنْدَ(١) التَّجْرِبَةِ وَالِاعْتِبَارِ عِلْمَانِ وَلَوْ لَاهُمَا مَا عُلِمَ ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ ، كَانَ جَاهِلاً وَاللهُ لَمْ يَزَلْ خَبِيراً بِمَا يَخْلُقُ ، وَالْخَبِيرُ مِنَ النَّاسِ : الْمُسْتَخْبِرُ عَنْ جَهْلٍ ، الْمُتَعَلِّمُ ، فَقَدْ(٢) جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.

وَأَمَّا الظَّاهِرُ ، فَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَا الْأَشْيَاءَ بِرُكُوبٍ فَوْقَهَا ، وَقُعُودٍ عَلَيْهَا ، وَتَسَنُّمٍ(٣) لِذُرَاهَا(٤) ، وَلكِنْ ذلِكَ لِقَهْرِهِ وَلِغَلَبَتِهِ(٥) الْأَشْيَاءَ وَقُدْرَتِهِ(٦) عَلَيْهَا ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ : ظَهَرْتُ عَلى أَعْدَائِي ، وَأَظْهَرَنِي اللهُ عَلى خَصْمِي ، يُخْبِرُ عَنِ الْفَلْجِ(٧) وَالْغَلَبَةِ ، فَهكَذَا(٨) ظُهُورُ اللهِ عَلَى الْأَشْيَاءِ(٩) .

وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ الظَّاهِرُ لِمَنْ أَرَادَهُ وَ(١٠) لَا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ ، وَأَنَّهُ مُدَبِّرٌ لِكُلِّ مَا بَرَأَ(١١) ، فَأَيُّ ظَاهِرٍ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ(١٢) مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى؟ لِأَنَّكَ لَاتَعْدَمُ صَنْعَتَهُ(١٣) حَيْثُمَا‌

__________________

(١) في التوحيد : « فيفيده ». وفي العيون : « فتفيده » وفي كليهما : « علماً » بدل « علمان ». واستصحّه السيّد بدر الدين‌في حاشيته ، ص ٩٧ ، ثمّ قال : « أي لولا التجربة والاعتبار لما علم ، بل كان جاهلاً ؛ والله لم يزل خبيراً ».

(٢) في « ب ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » : « وقد ».

(٣) في حاشية « ض » : « تسنيم ». وفيالتعليقة للداماد : « ويروى بالشين المعجمة وبالباء الموحّدة ، والشبم - بفتح‌الباء - : البرد ». و « التسنّم » : العلوّ. وكلّ شي‌ء علا شيئاً فقد تسنّمه ، فيقال : تسنّمه أي علاه ، من السنام وهو أعلى كلّ شي‌ء. اُنظر :النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٠٩ ( سنم ).

(٤) في الشروح : « الذِرى » بضمّ الذال وكسرها ، جمع الذِروة - بهما - وهي أيضاً أعلى الشي‌ء وفوقه ، ولكنّ‌ الموجود في اللغة : الذُرى - بضمِّ الذال - جمع الذِرْوة. قال الخليل : « ولولا الواو كان ينبغي أن تكون جماعة فِعْلة فِعَل ». اُنظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٤٥ ؛ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٦٢٣ ( ذرو ).

(٥) في « ج ، ض ، بر » والعيون : « لغلبة ».

(٦) في « ب ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ج » : « قدرة ».

(٧) « الفلج » : الظفر والفوز. اُنظر :الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٥ ( فلج ).

(٨) في حاشية « بح » : « فكذا ».

(٩) في التوحيد : « الأعداء ».

(١٠) في « بف » والتوحيد والعيون : - « و ».

(١١) في « ج » : « برأه ». وفي « ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والعيون : « يرى ».

(١٢) في العيون : + « أمراً ».

(١٣) في التوحيد : « صنعه ».

٣٠٢

تَوَجَّهْتَ(١) ، وَفِيكَ مِنْ آثَارِهِ مَا يُغْنِيكَ ، وَالظَّاهِرُ مِنَّا : الْبَارِزُ بِنَفْسِهِ ، وَالْمَعْلُومُ بِحَدِّهِ ، فَقَدْ جَمَعَنَا الِاسْمُ وَلَمْ يَجْمَعْنَا(٢) الْمَعْنى.

وَأَمَّا الْبَاطِنُ ، فَلَيْسَ عَلى مَعْنَى الِاسْتِبْطَانِ لِلْأَشْيَاءِ(٣) بِأَنْ يَغُورَ فِيهَا ، وَلكِنْ ذلِكَ مِنْهُ عَلَى اسْتِبْطَانِهِ لِلْأَشْيَاءِ عِلْماً وَحِفْظاً وَتَدْبِيراً ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ : أَبْطَنْتُهُ(٤) : يَعْنِي خَبَرْتُهُ وَعَلِمْتُ مَكْتُومَ(٥) سِرِّهِ ، وَالْبَاطِنُ مِنَّا : الْغَائِبُ(٦) فِي الشَّيْ‌ءِ ، الْمُسْتَتِرُ ، وَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.

وَأَمَّا الْقَاهِرُ ، فَلَيْسَ(٧) عَلى مَعْنى عِلَاجٍ(٨) وَنَصَبٍ(٩) وَاحْتِيَالٍ وَمُدَارَاةٍ(١٠) وَمَكْرٍ(١١) ، كَمَا يَقْهَرُ الْعِبَادُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، وَالْمَقْهُورُ مِنْهُمْ يَعُودُ قَاهِراً ، وَالْقَاهِرُ يَعُودُ مَقْهُوراً ، وَلكِنْ ذلِكَ‌

__________________

(١) يجوز فيه « توجّهَتْ » بالتأنيث أيضاً.

(٢) في « ج » : « لايجمعنا ». وفي « ف » : « لم نجمع ».

(٣) في « بر » : « بالأشياء ». وفي حاشية « ف » : « في الأشياء ».

(٤) « بطن » في اللغة بمعنى عَلِمَ ، لا « أبطن » ؛ فلذا قال الداماد والفيض : فلعلّه بمعنى بطنته ، أو الهمزة للاستفهام‌ و الفعل مجرّد ، ولكنّ المازندراني ردّ هذا بأنّ الكلام صادر عن معدن الفصاحة والبلاغة ، فلا نحتاج إلى التكلّف. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٩٣ ؛شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٧٣ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٤٨٩ ؛الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٧٩ ( بطن ). (٥) في حاشية « ف ، بح » : « مكنون ».

(٦) في التوحيد والعيون : « منا بمعنى الغائر » بدل « منّا الغائب ». وفي حاشية ميرزا رفيعا : « الغائر ».

(٧) في حاشية « ف » : « فإنّه ليس ».

(٨) فيمرآة العقول : « العلاج : العمل والمزاولة بالجوارح ». وهكذا في اللغة بدون قيد الجوارح. اُنظر :الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٠ ( علج ).

(٩) في الوافي : « تصلّب ». و « النَصَب » : التعب. و « النَصْب » : المعاداة. و « النُصْب » : الشرّ والبلاء. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٧٣ ؛الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ( نصب ).

(١٠) فيالصحاح : مداراة الناس تهمز ولا تهمز ، وهي المداجاة والملاينة. وفي المغرب : المداراة : المعاقلة ، أي المجالسة والمخالطة ، وبالهمزة : مدافعة ذي حقّ عن حقّه. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٧٣ ؛الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٣٥ ؛المغرب ، ص ١٦٣ ( درى ).

(١١) فيشرح المازندراني : « الاحتيال والمكر متقاربان. قال فيالصحاح : المكر : الاحتيال والخديعة. ولا يبعد أن يقال : الاحتيال هو استعمال الرويّة وأخذ الحيلة لدفع ضرر الغير عن نفسه ؛ والمكر استعمال الرويّة وارتكاب الخديعة لإيصال الضرر إلى الغير ». اُنظر :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨١٩ ( مكر ).

٣٠٣

مِنَ اللهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - عَلى أَنَّ جَمِيعَ مَا خَلَقَ مُلَبَّسٌ(١) بِهِ الذُّلُّ لِفَاعِلِهِ ، وَقِلَّةُ(٢) الِامْتِنَاعِ لِمَا أَرَادَ بِهِ ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ(٣) : « كُنْ » فَيَكُونُ ، وَالْقَاهِرُ مِنَّا عَلى مَا ذَكَرْتُ وَوَصَفْتُ ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.

وَهكَذَا جَمِيعُ الْأَسْمَاءِ وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَسْتَجْمِعْهَا(٤) كُلَّهَا ، فَقَدْ يَكْتَفِي الِاعْتِبَارُ(٥) بِمَا أَلْقَيْنَا(٦) إِلَيْكَ ، وَاللهُ عَوْنُكَ وَعَوْنُنَا فِي إِرْشَادِنَا وَتَوْفِيقِنَا ».(٧)

١٨ - بَابُ تَأْوِيلِ الصَّمَدِ‌

٣٢٦/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ - وَلَقَبُهُ شَبَابٌ الصَّيْرَفِيُّ - ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِيعليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا الصَّمَدُ(٨) ؟ قَالَ : « السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ‌

__________________

(١) في حاشية « ض » : « متلبّس بالذلّ ». وفي التوحيد والعيون : « ملتبس ». وفيشرح المازندراني : « مُلْبَس ، اسم‌ مفعول من الإلباس ، والذلّ فاعله ».

(٢) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّه عطف على « الذلّ » وعطفه على « أنّ » أيضاً محتمل ».

(٣) في التوحيد والعيون : « طرفة عين غير أنّه يقول له » بدل « طرفة عين أن يقول له ».

(٤) في التوحيد والعيون : « لم نسمّها ».

(٥) في « ب » : « فقد نكتفي بالاعتبار ». وفي « و ، بر ، بح » وحاشية « ض ، بس » : « فقد يكتفى بالاعتبار ». وفي حاشية « بح » : « فقد يكفي الاعتبار ». وفي التوحيد : « فقد يكتفي للاعتبار ».

(٦) في « ض ، بس » : « ألقيناه ».

(٧)التوحيد ، ص ١٨٦ ، ح ٢ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٤٥ ، ح ٥٠ ، بسنده فيهما عن الكليني ، عن عليّ بن محمّد ، عن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن خالد ، عن الرضاعليه‌السلام .الوافي ، ج ١ ، ص ٤٨٤ ، ح ٣٩٤.

(٨) اختلف في معنى « الصمد ». فقيل : إنّه بمعنى المفعول من صَمَد ، بمعنى قَصَد ، وهو السيّد المقصود إليه في‌الحوائج ، كما في هذا الحديث. وقيل : الصمد ، هو الذي لاجوف له ، وهو مجاز عن أنّه تعالى أحديّ الذات ، أحديّ المعنى. وقيل : الصمد ، هو الأملس من الحجر لايقبل الغبار ولا يدخله ولا يخرج منه شي‌ء ، فهو كناية عن عدم الانفعال والتأثّر عن الغير. اُنظر :مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٦٠ ؛الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٨٠ ؛لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ ( صمد ).

٣٠٤

فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ».(١)

٣٢٧/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ شَيْ‌ءٍ مِنَ التَّوْحِيدِ ، فَقَالَ : « إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ الَّتِي يُدْعى بِهَا ، وَتَعَالى فِي عُلُوِّ كُنْهِهِ - وَاحِدٌ(٢) تَوَحَّدَ بِالتَّوْحِيدِ فِي تَوَحُّدِهِ ، ثُمَّ أَجْرَاهُ عَلى خَلْقِهِ ؛ فَهُوَ وَاحِدٌ(٣) ، صَمَدٌ ، قُدُّوسٌ ، يَعْبُدُهُ كُلُّ شَيْ‌ءٍ ، وَيَصْمُدُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْ‌ءٍ ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْ‌ءٍ عِلْماً ».(٤)

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُلَيْنِي(٥) :

فَهذَا هُوَ الْمَعْنَى الصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِ الصَّمَدِ ، لَامَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُشَبِّهَةُ أَنَّ(٦) تَأْوِيلَ الصَّمَدِ : الْمُصْمَتُ الَّذِي لَاجَوْفَ لَهُ ؛ لِأَنَّ ذلِكَ لَايَكُونُ إِلَّا مِنْ صِفَةِ الْجِسْمِ ، وَاللهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ - مُتَعَالٍ عَنْ ذلِكَ ، هُوَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ(٧) أَنْ تَقَعَ(٨) الْأَوْهَامُ عَلى صِفَتِهِ ، أَوْ تُدْرِكَ(٩) كُنْهَ عَظَمَتِهِ ، وَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ الصَّمَدِ فِي صِفَةِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - الْمُصْمَتَ ، لَكَانَ مُخَالِفاً لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ ) (١٠) لِأَنَّ ذلِكَ مِنْ صِفَةِ الْأَجْسَامِ الْمُصْمَتَةِ الَّتِي لَا‌

__________________

(١)التوحيد ، ص ٩٤ ، ح ١٠ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٦ ، ح ٢ ، بسنده فيهما عن الكليني ، عن عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٧٨ ، ح ٣٩١.

(٢) في المحاسن والتوحيد ، ص ١٣٦ : « أحد ».

(٣) في المحاسن والتوحيد ، ص ١٣٦ : « أحد ».

(٤)المحاسن ، ص ٢٤١ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٢٦.التوحيد ، ص ٩٣ ، ح ٩ ، بسنده عن محمّد بن عيسى ؛ وفيه ، ص ١٣٦ ، ح ٧ ، بسنده عن يونس ، عن أبي الحسن ، عن جابر وفي كلّها مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٧٨ ، ح ٣٩٢.

(٥) هكذا في « ف » وحاشية « ج ». وفي سائر النسخ والمطبوع : - « قال أبو جعفر الكليني ».

(٦) في « ف » : « من أنّ ».

(٧) في « ج » : - « من ».

(٨) في « ف ، بح ، بس » : « يقع ».

(٩) في « ف ، بس » : « يدرك ».

(١٠) الشورى (٤٢) : ١١.

٣٠٥

أَجْوَافَ لَهَا ، مِثْلِ الْحَجَرِ(١) وَالْحَدِيدِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُصْمَتَةِ الَّتِي لَا أَجْوَافَ لَهَا ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً ، فَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ مِنْ(٢) ذَلِكَ ، فَالْعَالِمُعليه‌السلام أَعْلَمُ بِمَا قَالَ. وَهذَا الَّذِي قَالَعليه‌السلام - أَنَّ(٣) الصَّمَدَ هُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ - هُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ ) .

وَالْمَصْمُودُ إِلَيْهِ : الْمَقْصُودُ فِي اللُّغَةِ.

قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي بَعْضِ مَا كَانَ يَمْدَحُ بِهِ النَّبِيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله مِنْ شِعْرِهِ(٤) :

وبِالْجَمْرَةِ الْقُصْوى إِذَا صَمَدُوا لَهَا

يَؤُمُّونَ(٥) قَذْفاً(٦) رَأْسَهَا بِالْجَنَادِلِ(٧)

         

__________________

(١) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٨٠ : « قوله : « مثل الحجر » إلى قوله : « لها » في بعض الكتب نسخة وفي بعضها أصل ». (٢) في حاشية « بح » : « في ».

(٣) « أنّ » بدل من مفعول « قال » المحذوف الراجع إلى الموصول وليس مقولَ قال.

(٤) في « ب ، بر ، بف » : « الشعر ».

(٥) في حاشية « ض » : « يرومون ». وفي « بر » وشرح صدر المتألّهين : « يرمون ».

(٦) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ف ، و ، بح » وشرح المازندراني والوافي وكثير من المصادر. وفي « بح » وحاشية « ج ، بر » وشرح صدر المتألّهين : « رضحاً » بمعنى الكسر. وفي « ف ، و » وحاشية « ض ، بف » والمطبوع : « رضخاً » بمعنى الرمي بالحجارة ؛ كالقذف.

(٧) الوزن : بحر طويل. والقائل : أبوطالبرضي‌الله‌عنه ، وهو عبد مناف بن عبد المطّلب بن هاشم ، عمّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووالد أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، من سادات قريش ورؤسائها ، ومن أبرز خطبائها العقلاء ، وحكمائها الاُباة ، وشعرائها المبدعين كفل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد وفاة عبدالمطّلب ، وأحبّه حبّاً شديداً ، وقدّمه على ولده جميعاً ، فكان لاينام إلّا إلى جنبه ، وكان يخرجه معه.

ولـمّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالإسلام وبدأ بالدعوة إليه كان أبوطالب المحامي الأوّل للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والمدافع عنه وعن أصحابه من المؤمنين. وكان يحرّض بني هاشم وأحلافهم من بني المطّلب على نصرته.

قال ابن سعد : ثمّ إنّ أبا طالب دعا بني عبد المطّلب ، فقال : لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما اتّبعتم أمره ، فاتّبعوه وأعينوه ترشدوا.

وقد تحمّل أبوطالب ورهطه الهاشميّون مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الحصار العسير في شعب أبي طالب. وبعد ثلاث سنوات من الحصار لبّى أبوطالب نداء ربّه وذلك في السنة العاشرة للبعثة النبويّة المباركة ، وتولّى غسله وتكفينه وتحنيطه ابنه أميرالمؤمنينعليه‌السلام بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أما والله لأشفعنّ لعمّي شفاعة يعجب منها أهل =

٣٠٦

__________________

= الثقلين ». وعندها صبّت قريش حممها على النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى قال : « ما نالت قريش منّي شيئاً أكرهه حتّى مات أبوطالب ». ( اُنظر : ترجمته فيسيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ١٨٩ ؛الطبقات الكبرى لابن سعد ، ج ١ ، ص ١١٩ ؛الكامل في التاريخ ، ج ٢ ، ص ٩٠ ؛الإصابة لابن حجر ، ج ٤ ، ص ١١٥ ؛الأعلام للزركلي ، ج ٤ ، ص ١٦٦ ؛شرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد ، ج ١٤ ، ص ٧٦ - ٧٧ ؛إيمان أبي طالب للمفيد ، ص ٢٥ - ٢٦ ).

أمّا إيمانهرضي‌الله‌عنه فهو مفروغ عنه ، إلّا أنّه كان يكتم إيمانه لمصالح خاصّة اقتضتها الظروف الموضوعيّة التي واجهها النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله في بداية دعوته.

ويدلّ على إيمانه سيرته العمليّة في تعامله مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته ، ومن تصفّح ديوان شعره يجد صريح إقراره بالتوحيد ، واعترافه بالنبوّة ولايجد ذلك إلّامكابر أو معاند للحقّ ، وقد كتب جملة من كبار علماء الإسلام في سيرة أبي طالب وما يثبت إسلامه وحسن إيمانه. ( عدّ الشيخ المفيد في مقدّمة رسالته إيمان أبي طالب ، سبعة وثلاثين كتاباً مصنّفاً فيإيمان أبي طالب ، والرسالة من تحقيق قسم الدراسات الإسلاميّة في مؤسّسة البعثة ، وانظر : مجلّةتراثنا ، العددين ٦٣ و ٦٤ ، الصفحات ١٦٣ - ٢٣٣ مقال : معجم ما أُلّف عن أبي طالبعليه‌السلام ، بقلم عبدالله صالح المنتفكى ).

وهذا البيت من قصيدة أبي طالب اللاميّة المشهورة والتي تدلّ على صريح إيمانه بالله وإقراره بالنبوّة.

وروى أبوهفّان منها (١١١) بيتاً ، ورواها ابن إسحاق والواقدي وابن هشام واليعقوبي وأبو الفرج الأصفهاني والماوردي والسهيلي وابن كثير والذهبي والسيوطي والحلبي والبغدادي وغيرهم.

وتجد بعض أبياتها في مسند أحمد ، وصحيح البخاري ، وسنن ابن ماجة ، ودلائل النبوّة وغيرها. (شعر أبي طالب وأخباره لأبي هفّان ، ص ٢٦ و ٣٣ ؛السيرة النبويّة لابن إسحاق ، ص ١٥٦ ؛المغازي للواقدي ، ج ١ ، ص ٧٠ ؛السيرة النبويّة لابن هشام ، ج ١ ، ص ٢٩١ - ٢٩٩ ؛تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ، ص ٢٥ ؛الأغاني لأبي الفرج ، ج ١٨ ، ص ٢٠٦ ؛أعلام النبوّة للماوردي ، ص ١٧٢ ؛الروض الأنف ، ج ٢ ، ص ١٣ ؛البداية والنهاية ، ج ١ ، ص ١٥٤ ؛ وج ٢ ، ص ١٧٨ و ٢٣٦ ؛ وج ٣ ، ص ٥١ ؛ وج ٦ ، ص ٤٦ و ٩٣ و ٢٦٩ ؛الخصائص الكبرى للسيوطي ، ج ١ ، ص ١٤٦ ؛السيرة النبويّة للحلبي ، ج ١ ، ص ١٠٩ ؛خزانة الأدب ، ج ٢ ، ص ٥٦ و ٧٥ ؛ وج ٦ ، ص ١٦٩ ؛مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٩٣ ؛صحيح البخاري ، ج ٢ ، ص ٥٠٨ ؛إيمان أبي طالب للمفيد ، ص ١٨ و ٢١ ؛الأمالي للطوسي ، ص ٧٦ ، ح ١١٠ ؛كنز الفوائد للكراجكي ، ج ١ ، ص ١٧٩ ؛الغدير للأميني ، ج ٢ ، ص ٤ ؛ وج ٧ ، ص ٣٤٦ و ٣٧٤ و ٣٧٥ و ٣٩١ ؛ وغيرها كثير ).

وقد تعرّض لشرح هذه القصيدة الكثير من العلماء ، منهم : السهيلي فيالروض الأنف ، والبغدادي فيالخزانة ، واللكهنوي فيشرح قصيدة أبي طالب ، وعلي فهمي فيطلبة الطالب بشرح لاميّة أبي طالب . ( اُنظر :شعر أبي طالب وأخباره لأبي هفّان ، هامش ص ٣٥ ).

وهذا البيت موجود في الديوان إلّا أنّ فيه : « وبالجمرة الكبرى » بدل « وبالجمرة القصوى ». (شعر أبي طالب =

٣٠٧

يَعْنِي قَصَدُوا نَحْوَهَا يَرْمُونَهَا بِالْجَنَادِلِ ، يَعْنِي الْحَصَى الصِّغَارَ الَّتِي تُسَمّى بِالْجِمَارِ.

وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ شِعْراً(١) :

مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ بَيْتاً ظَاهِراً

لِلّهِ فِي أَكْنَافِ مَكَّةَ يُصْمَدُ(٢)

يَعْنِي : يُقْصَدُ(٣) .

وَقَالَ الزِّبْرِقَانُ(٤) :

[ ]

وَلَا رَهِيبَةَ(٥) إلّا سَيِّدٌ صَمَدٌ(٦)

__________________

= وأخباره ، ص ٢٤ ).

شرح الغريب منه : الجمرة : الحصاة ، وموضع رمي الجمار بمنى ، وهي ثلاث جمرات : الاُولى والوسطى والكبرى ، وهي جمرة العقبة ، والقصوى : البعيدة. (الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٦٣ ، قصو ) ولعلّ المراد بها جمرة العقبة. وصمدوا لها : قصدوا نحوها (الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٩٩ ، صمد ). وأمّ الشي‌ء : قصده (لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٢ ، أمم ). والقذف والرضخ : الرمي بالحجارة (لسان العرب ، ج ٣ ، ص ١٨ ، رضخ ). والجنادل : جمع جندل ، وهو الحصاة أو الحجارة الصغيرة التي تسمّى بالجمار. ( اُنظر :لسان العرب ، ج ١١ ، ص ١٢٨ ، جندل ).

الشاهد فيه : قوله : ( صمدوا لها ) أي : قصدوا لها ، وقد أورده الشيخ الكليني شاهداً على هذا المعنى المتحقّق في اللغة ، والذي دلّت عليه أحاديث المعصومين : في بيان معنى الصمد.

(١) في « ب ، ج ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : - « شعراً ».

(٢) البيت من البحر الكامل. والقائل من شعراء الجاهليّة كما نسبه الشيخ الكلينيقدس‌سره . والأكناف : جمع كنف ، وكنف الشي‌ء : جانبه أو ناصيته. ويصمد بمعنى يقصد كما في المتن (النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٠٥ كنف ؛ وج ٣ ، ص ٥٢ ، صمد ). (٣) في « ج » : « يقصده ».

(٤) هكذا في « ح ، ش ، ض ، بح ، بس ، بش ، بو ، جس ، جم ، جه ، جو ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « ابن الزبرقان ». وسيأتي الكلام عنه في التعليقة الآتية.

(٥) في « ف » : « رهبة ». وفي شرح صدر المتألّهين والوافي : « رهينة ». وفي شرح المازندراني : « رُهَيْبة - على التصغير - : اسم رجل ». وقال المحقّق الشعراني في هامششرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٨٤ : « لم نَر في رجال العرب اسم رُهيبة ».

(٦) هذا هو عجز بيت صدره : « سيروا جميعاً بنصف الليل واعتمدوا ».

الوزن : بسيط. وقائله : الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس التميمي السعدي ، واسمه حصين بن بدر ولقّب بالزبرقان لجماله ؛ لأنّ الزبرقان في اللغة يعني البدر ليلة تمامه. وقيل : الزبرقان : الخفيف اللحية ، وقد كان هو =

٣٠٨

وَقَالَ شَدَّادُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ :

علَوْتُهُ(١) بِحُسَامٍ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ

خُذْهَا حُذَيْفُ فَأَنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ(٢)

__________________

= كذلك. وقيل : سمّي كذلك ؛ لأنّه لبس عمامة مزبرقة بالزعفران ، يقال : زبرق الثوب ، إذا صبغه بصفرة أو حمرة. ( اُنظر :لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٣٧ - ١٣٨ ؛الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٨٨ - ١٤٨٩ ، زبرق ).

والزبرقان : صحابي ، كان ينزل مع قومه في بادية البصرة ، فوفد على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو وقومه ، وكان هو أحد ساداتهم ، فأسلموا سنة ٩ ه‍ فجعله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على صدقات قومه ، وكفّ بصره في آخر عمره فتوفّي نحو سنة ٤٥ ه‍ ، وكان فصيحاً شاعراً. (اُسد الغابة ، ج ٢ ، ص ١٩٤ ؛الإصابة ، ج ١ ، ص ٥٤٣ ؛جمهرة أنساب العرب ، ص ٢١٨ ؛زهر الآداب ، ج ١ ، ص ٣٩ ؛خزانة الأدب ، ج ٣ ، ص ٢٠٧ ؛لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٣٨ ، زبرق ؛شعراء النصرانيّة ، ج ٢ ، ص ٢٩ و ٣٧ ؛الأعلام للزركلي ، ج ٣ ، ص ٤١ ).

وقد أورده أبوعبيدة فيمجاز القرآن والقالي فيالأمالي والطبري والطوسي والطبرسي والقرطبي في تفاسيرهم وياقوت الحموي فيمعجم البلدان وغيرهم. (مجاز القرآن ، ج ٢ ، ص ٣١٦ و ٩٥١ ؛الأمالي للقالي ، ج ٢ ، ص ٢٨٨ ؛تفسير الطبري ، ج ٣٠ ، ص ٢٢٤ ؛التبيان ، ج ١٠ ، ص ٤٣١ ؛معجم البيان ، ج ١ ، ص ٨٥٧ ؛تفسير القرطبي ، ج ٢٠ ، ص ٢٤٥ ؛معجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٩٣ ؛شعراء النصرانيّة ، ج ٢ ، ص ٣٦ ).

وجميع هؤلاء نسبوه إلى الزبرقان ، ولكنّ الموجود فيالكافي المطبوع نسبته إلى ابن الزبرقان ، والأوّل هو الصحيح.

شرح الغريب منه : البيت من قصيدة قالها الشاعر حينما حمل صدقات قومه إلى أبي بكر ، وقد روى بعض أبياتها فيمعجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٨٢. و « رهيبة » اسم رجل ، لكنّه لم يوجد في أعلام العرب - قسم الرجال - والموجود في جميع المصادر التي نقلت هذا البيت : « رهينة ».

والصمد : السيّد المصمود إليه في الحوائج ، وقيل : الكامل الذي لا عيب فيه. (لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ - ٢٥٩ ، صمد ). والشاهد فيه : قوله : « الصمد » أي المصمود إليه ، أو المقصود في الحوائج.

(١) في شرح المازندراني : « وعلوته ».

(٢) الوزن : بسيط. والقائل : هو شدّاد بن معاوية في حذيفة بن بدر ، وشدّاد بن معاوية هو أبو عنترة الشاعر الجاهلي المشهور بشجاعته ، ويعدّ شدّاد أحد قادة بني عبس الفرسان في حرب داحس والغبراء التي كانت بين عبس وذبيان.

لكنّ الموجود فيالعقد الفريد ، ج ٦ ، ص ١٨ - ٢٠ : أنّ قاتل حذيفة بن بدر الوارد اسمه في البيت هو عمرو بن الأسلع العبسي والحارث بن زهير ، فقال عمرو بن الأسلع مفتخراً على بني ذبيان :

إنّ السماء وإنّ الأرض شاهدةٌ

والله يشهدُ والإنسانُ والبلدُ

أنّي جزيتُ بني بدر بسعيهم

يوم الهباءة قتلاً ماله قَودُ

٣٠٩

وَمِثْلُ هذَا كَثِيرٌ ، وَاللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - هُوَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ الَّذِي جَمِيعُ الْخَلْقِ - مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ - إِلَيْهِ يَصْمُدُونَ فِي الْحَوَائِجِ ، وَإِلَيْهِ يَلْجَؤُونَ(١) عِنْدَ(٢) الشَّدَائِدِ ، وَمِنْهُ يَرْجُونَ الرَّخَاءَ وَدَوَامَ النَّعْمَاءِ لِيَدْفَعَ عَنْهُمُ الشَّدَائِدَ.

١٩ - بَابُ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ‌

٣٢٨/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبَّاسٍ الْجَرَاذِينِيِّ(٣) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ‌

__________________

لـمّا التقينا على أرجاء جُمّتها

والمشرفيّة في أيماننا تَقِدُ

علوته بحسامٍ ثمّ قلت له

خذها حذيف فأنت السيّد الصمدُ

وكذا نسبه إلى عمرو بن الأسلع الفيروزآبادي فيبصائر ذوي التمييز ، ج ٣ ، ص ٤٤٠ ، والاُستاذ أحمد عبد الغفور العطّار محقّق كتاب صحاح الجوهري (الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٤٩ ، صمد ).

أمّا باقي المصادر التي أوردت هذا البيت والتي سنذكرها فلم تنسبه إلى أحد ، وذلك ممّا يقلّل احتمال الجزم بنسبته إلى أحد الرجلين ، ولعلّ الذي ضرب حذيفة بن بدر الفزاري هو شدّاد بن معاوية ؛ لأنّه كان أحد فرسان يوم الهباءة. ونسب ابن الأثير الضرب إلى قرواش بن عمرو بن الأسلع ، دون أن يذكر الشعر (الكامل في التاريخ ، ج ١ ، ص ٥٧٩ ). وعليه تكون نسبة الضرب غير ثابتة في المصادر التاريخيّة ، وتتبعها نسبة البيت.

وجاء هذا البيت في عدّة كتب ، منها :الأمالي للقالي ، ج ٢ ، ص ٢٨٨ ؛مجمل اللغة ، ج ٣ ، ص ٢٤١ ؛معجم مقاييس اللغة ، ج ٣ ، ص ٣١٠ ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٩٩ ؛لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ ؛بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي ، ج ٣ ، ص ٤٤٠ ؛تفسير القرطبي ، ج ٢٠ ، ص ٢٤٥ ؛العقد الفريد ، ج ٦ ، ص ٢٠ ؛تاج العروس ، ج ٨ ، ص ٢٩٥ ، وغيرها.

شرح الغريب : علاه بالسيف : ضربه ، والحسام : السيف القاطع ، وحسام السيف أيضاً : طرفه الذي يضرب به (الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٩٩ ، حسم ).

وحذيف منادى مرخّم ، وهو حذيفة بن بدر الفزاري الذي قاد بني فزارة ومرّة يوم النسار ويوم الجفار ، وفي حرب داحس والغبراء حتّى قتل فيها يوم الهباءة. والصمد : السيّد المقصود في الحوائج.لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ ، ( صمد ).

(١) في حاشية « ض » : « وعليه يلحّون ».

(٢) في « ب ، بر ، بف » : « في ».

(٣) هكذا في « ألف ، ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بس ، بف ، جر » وحاشية « بر » والوافي والطبعة الحجريّة من =

٣١٠

الْجَعْفَرِيِّ(١) :

عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَعليه‌السلام ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَهُ قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ(٢) الدُّنْيَا ، فَقَالَ : « إِنَّ اللهَ لَايَنْزِلُ(٣) ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلى أَنْ يَنْزِلَ ، إِنَّمَا مَنْظَرُهُ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ سَوَاءٌ ، لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ قَرِيبٌ(٤) ، وَلَمْ يَقْرُبْ مِنْهُ بَعِيدٌ(٥) ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلى شَيْ‌ءٍ ، بَلْ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ ذُو الطَّوْلِ(٦) ، لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

أَمَّا قَوْلُ الْوَاصِفِينَ(٧) : إِنَّهُ يَنْزِلُ تَبَارَكَ وَتَعَالى(٨) ، فَإِنَّمَا يَقُولُ ذلِكَ مَنْ يَنْسُبُهُ إِلى نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ ، وَكُلُّ مُتَحَرِّكٍ مُحْتَاجٌ(٩) إِلى مَنْ يُحَرِّكُهُ أَوْ يَتَحَرَّكُ بِهِ(١٠) ، فَمَنْ ظَنَّ بِاللهِ الظُّنُونَ ، هَلَكَ(١١) ؛ فَاحْذَرُوا فِي صِفَاتِهِ مِنْ أَنْ تَقِفُوا(١٢) لَهُ عَلى حَدٍّ تَحُدُّونَهُ(١٣) بِنَقْصٍ ، أَوْ‌

__________________

= الكافي. وفي « بر » : « الجراديني ». وفي المطبوع : « الخراذيني ». ولم يُعلم ضبطه بالجزم ، وفي « ج ، و » : « الجُراذيني » بضمّ الجيم.

وعليّ بن العبّاس هذا ، هو عليّ بن العبّاس الجراذيني الرازي. راجع :رجال النجاشي ، ص ٢٥٥ ، الرقم ٦٦٨ ؛الرجال لابن الغضائري ، ص ٧٩ ، الرقم ٩٥.

(١) في « بر » : « الجعفي ». والظاهر أن يعقوب هذا ، هو يعقوب بن جعفر بن إبراهيم بن محمّد الجعفري ، من وُلْد جعفرٍ الطيّار. راجع :تهذيب الأنساب ، ص ٣٢٩ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٤ ، ص ٣٢٠ ، الرقم ٢٨١٠.

(٢) في « ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ف » : « سماء ».

(٣) في « بح » : « لايبرح ».

(٤) في حاشية « ج » : + « منّا ».

(٥) في حاشية « ج » : + « منّا ».

(٦) « الطَوْل » : المنّ والفضل والإعطاء والإنعام. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ١٧٥٥ ( منن ).

(٧) في « ف » : + « له ».

(٨) في « ف » والتوحيد : « إنّه تبارك وتعالى ينزل ».

(٩) في « ج ، بح » : « يحتاج ».

(١٠) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٩٣ : « وفي العطف مناقشة يمكن دفعها بتقدير الموصول ، أي ما يتحرّك به ، أو يجعل « من » شاملة لغير العاقل على التغليب ».

(١١) في « ج » والتوحيد : « فهلك ».

(١٢) في حاشية « ج » : « تقعوا ». وفيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٦٤ : « قوله : من أن يقفوا ، من وقف يقف ، أي يقوموا في الوصف له وتوصيفه على حدّ ، فتحدّونه بنقص أو زيادة. ويحتمل أن يكون من قفا يقفو ، أي تتّبعوا له في البحث عن صفاته تتبّعاً على حدّ تحدّونه بنقص أو زيادة ».

(١٣) فيشرح المازندراني : « تحدّونه ، استيناف لبيان الوقوف ، أو حال عن فاعل تقفوا ».

٣١١