موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 311
المشاهدات: 56788
تحميل: 7138


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 56788 / تحميل: 7138
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

صناديد قريش (1) .

170 - الإمام عليّ (عليه السلام) - حينما رجع من غزوة أُحد وأعطى فاطمة (عليها السلام) سيفه:

أفاطمُ هاكِ السيفَ غيرَ ذميمِ

فلستُ برعديدٍ ولا بمُليمِ

لَعمري لقد قاتلتُ في حُبّ أحمدٍ

وطاعة ربٍّ بالعباد رحيمِ

وسيفي بكفّي كالشهاب أهزّهُ

أجُذّ به مِن عاتقٍ وصميمِ

فما زلت حتى فَضَّ ربّي جموعهم

وحتى شَفَينا نفس كلّ حليمِ (2)

171 - المغازي عن الإمام عليّ (عليه السلام): لمّا كان يوم أُحد وجال الناس تلك الجولة، أقبَل أُميّة بن أبي حذيفة بن المغيرة، وهو دارع مقنّع في الحديد، ما يُرى منه إلاّ عيناه، وهو يقول: يومٌ بيومِ بدر، فيعترض له رجل من المسلمين فيقتله أُميّة.

قال عليّ (عليه السلام): (وأصمِد له فأضربه بالسيف على هامته وعليه بيضة وتحت البيضة مِغفَر، فنبا سيفي، وكنت رجُلاً قصيراً، ويضربني بسيفه فأتّقي بالدَّرَقة، فلخج (3) سيفه فأضربه - وكانت دِرعه مشمّرة - فأقطع رِجْليه، ووقع فجعل يعالج سيفه حتى خلّصه من الدَّرَقة (4) ، وجعل يناوشني وهو بارك على رُكبتيه، حتى نظرت إلى فتقٍ تحت إبطه فأخشّ بالسيف فيه، فمال ومات وانصرفت عنه) (5) .

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 89، وراجع إعلام الورى: 1 / 378، وشرح الأخبار: 1 / 286 / 280، ودعائم الإسلام: 1/374، والمناقب للكوفي: 1/466/369 وص 477/382 وص 485/392، وبحار الأنوار: 20/87.

(2) تاريخ الطبري: 2 / 533، بشارة المصطفى: 187 عن أبي رافع نحوه.

(3) أي نشِب فيه (النهاية: 4 / 236).

(4) الدَّرَقة: تُرْس من جلود ليس فيه خشب ولا عَقَب (لسان العرب: 10 / 95).

(5) المغازي: 1 / 279، الإرشاد: 1 / 88 عن أبي عبيدة عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) نحوه.

٢٠١

172 - الإرشاد عن سعيد بن المسيّب: لو رأيت مقام عليّ يوم أُحد لوجدته قائماً على ميمنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يذبّ عنه بالسيف وقد ولّى غيره الأدبار (1) .

173 - الإمام الباقر (عليه السلام): (أصاب عليّاً (عليه السلام) يوم أُحد ستّون جِراحة) (2) .

174 - تفسير القمّي عن أبي واثلة شقيق بن سلمة - في عليّ (عليه السلام): أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورِجْليه تسعون جِراحة (3) .

175 - أُسد الغابة عن سعيد بن المسيّب: لقد أصابت عليّاً يوم أُحد ستّ عشرة ضربة، كلّ ضربة تلزمه الأرض، فما كان يرفعه إلاّ جبريل (عليه السلام) (4) .

176 - السيرة النبويّة عن ابن إسحاق: لمّا انصرف أبو سفيان ومن معه نادى: إنّ موعدكم بَدْر للعام القابل، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لرجُل من أصحابه: قل: نعم، هو بيننا وبينكم موعد.

ثمّ بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّ بن أبي طالب فقال: (اُخرج في آثار القوم، فانظر ماذا يصنعون وما يريدون، فإنْ كانوا قد جنّبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنّهم يريدون مكّة، وإنْ ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنّهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنّ إليهم فيها، ثمّ لأُناجزنّهم!)

قال عليّ: (فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنّبوا الخيل وامتطوا

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 88.

(2) مجمع البيان: 2 / 852 عن أبان بن عثمان، بحار الأنوار: 41 / 3 / 4.

(3) تفسير القمّي: 1 / 116، بحار الأنوار: 20 / 54 / 3.

(4) أُسد الغابة: 4 / 93 / 3789، شرح الأخبار: 2 / 415 / 762 عن سعد بن المسيّب، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 240 كلاهما نحوه.

٢٠٢

الإبِل ووجّهوا إلى مكّة) (1) .

177 - الإمام عليّ (عليه السلام): (لمّا أنزل الله سبحانه قوله: ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) (2) علمتُ أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) بين أظهُرنا، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها؟ فقال:

يا عليّ، إنّ أُمّتي سيُفتَنون من بعدي. فقلت: يا رسول الله، أوَليس قد قلتَ لي يوم أُحد حيث استُشهِدَ مَن استشهد من المسلمين، وحِيزَتْ عنّي الشهادة، فشقّ ذلك عليَّ، فقلت لي: أبشِر؛ فإنّ الشهادة مِن ورائك.

فقال لي: إنّ ذلك لكذلك، فكيف صبرك إذن؟ فقلتُ: يا رسول الله، ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البُشرى والشُكر) (3) .

____________________

(1) السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 100، تاريخ الطبري: 2 / 527، الكامل في التاريخ: 1 / 556 نحوه.

(2) العنكبوت: 1 و2.

(3) نهج البلاغة: الخطبة 156.

٢٠٣

٢٠٤

الفصل الخامس

  إرغام العدوّ على التسليم في غزوتَين

5 / 1

غزوة بني النضِير

كان بنو النضير قد عقدوا حِلفاً مع المسلمين، ثمّ همّوا بقتْل النبيّ (صلّى الله عليه وآله). وكان (صلّى الله عليه وآله) قد عرف تحرّكاتهم السرّيّة بعد أُحد، فقصد حِصْنهم؛ لتقصّي الحقيقة، وكان مطلبه الظاهري دفْع دِية رجُلَين من قبيلة بني عامر.

تظاهر بنو النضير باستقباله (صلّى الله عليه وآله) في مشارف الحِصن، ولمّا نام (صلّى الله عليه وآله) مع أصحابه في ظِلّ الحصن، خطّطوا لقتله، لكنّه علِم بمكيدتهم حين مهّدوا لتنفيذها فيمّم المدينة على غفلة منهم (1)بعد أنْ نقضوا حِلفهم ونكثوا عهدهم، فأمر بإجلائهم عن بيوتهم، وترحيلهم عن ديارهم، فكابروا ولجّوا، فحاصرهم في ربيع الأوّل

____________________

(1) تاريخ الطبري: 2 / 551، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 199، الكامل في التاريخ: 1 / 564.

٢٠٥

سنة (4) من الهجرة (1) . وفى ضوء بعض المعلومات التاريخيّة نزحوا عن ديارهم أذلّةً صاغرين بعد أنْ قتَل عشرة منهم (2) .

178 - الإرشاد: لمّا توجّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى بني النضِير، عَمِل على حصارهم، فضرب قبّته في أقصى بني حُطَمة من البطحاء، فلّما أقبل الليل رماه رجلٌ من بني النضير بسهم فأصاب القُبّة، فأمر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنْ تحوّل قبّته إلى السفْح، وأحاط به المهاجرون والأنصار.

فلمّا اختلط الظلام فقدوا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال الناس: يا رسول الله، لا نرى عليّاً؟ فقال (صلّى الله عليه وآله): (أراه في بعض ما يُصلح شأنكم). فلم يلبث أنْ جاء برأس اليهودي الذي رمى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) - وكان يقال له: عزورا - فطرحه بين يدي النبيّ (صلّى الله عليه وآله). فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (كيف صنعت؟) فقال: (إنّي رأيت هذا الخبيث جريئاً شجاعاً، فكَمَنت له وقلت: ما أجرأه أنْ يخرج إذا اختلط الظلام يطلب منّا غُرّة (3) ، فأقبل مُصلِتاً سيفه في تسعة نفر من أصحابه اليهود، فشددت عليه فقتلته وأفلت أصحابه ولم يبرحوا قريباً، فابعثْ معي نفراً؛ فإنّي أرجو أنْ أظفر بهم!).

فبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) معه عشرةً، فيهم: أبو دجانة سِماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، فأدركوهم قبل أن يَلِجوا الحِصن، فقتلوهم وجاؤوا برؤوسهم إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فأمر أنْ تُطرح في بعض آبار بني حُطَمة.

وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير (4) .

____________________

(1) تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 245، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 200.

(2) الإرشاد: 1 / 92 و93، المغازي: 1 / 371.

(3) الغُرّة: الغفلة (النهاية: 3 / 355).

(4) الإرشاد: 1 / 92، المغازي: 1 / 371 نحوه.

٢٠٦

5 / 2

غزوة بني قُرَيظة

أخفقَت المؤامرة الكبرى التي تآزر عليها المشركون واليهود في غزوة الخندق، ونكث بنو قريظة حِلفهم الذي كان قد عقدوه مع المسلمين على عدم التعرّض لهم، ومالَؤوا المشركين ضدّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) (1) ، فعزم (صلّى الله عليه وآله) في غد ذلك اليوم الذي فَرّ فيه المشركون على اقتحام حِصن بني قريظة، وهو آخر وَكْر فساد لليهود قُرب المدينة (2) . وبعد أنْ صلّى (صلّى الله عليه وآله) صلاة الظُهر، أصدر أمره بالتعبئة العسكريّة، وأخبر المسلمين بإقامة صلاة العصر في حيّ (بني قريظة) (3) .

وتجلّت شخصيّة الإمام (عليه السلام) في هذا التحرّك أيضاً، وكان دَوره فيه لافتاً للنظر لأمور:

1 - كانت راية الإسلام الخفّاقة بيده المقتدرة (4) .

2 - كان آمراً على مقدّمة الجيش (5) .

3 - كان بنو قريظة قد تسامعوا به، ولمّا رأوه، قالوا: جاء قاتل عمرو بن

____________________

(1) تاريخ الطبري: 2 / 571، المغازي: 2 / 455، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 287، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 231، الكامل في التاريخ: 1 / 569، تاريخ اليعقوبي: 2 / 52.

(2) تاريخ الطبري: 2 / 581 وص 583، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 244، المغازي: 2 / 497، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 307 وص 309، الكامل في التاريخ: 1 / 573.

(3) تاريخ الطبري: 2 / 581، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 245، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 308.

(4) الطبقات الكبرى: 2 / 74، تاريخ الطبري: 2 / 582، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 311، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 245، الكامل في التاريخ: 1 / 573، تاريخ اليعقوبي: 2 / 52.

(5) تاريخ الطبري: 2 / 582، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 245، المغازي: 2 / 499، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 311، الكامل في التاريخ: 1 / 573، الإرشاد: 1 / 109.

٢٠٧

عبد ودّ. يقول ابن هشام: نزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ؛ لأنّ عليّ بن أبي طالب قال: (و الله لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حِصنهم) (1) .

4 - رضي اليهود بحُكم سعد بن معاذ فيهم؛ إذ كانوا يظنّون أنّه سيحكم لهم بسبب الأواصر القديمة التي كانت تربطهم به، لكنّه حكَم بقتْل رجالهم، ومصادرة أموالهم، وسبْيِ ذراريهم (2) .

179 - الإرشاد: لمّا انهزم الأحزاب وولّوا عن المسلمين الدبُر، عَمِل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على قصد بني قُرَيظة، وأنفذ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إليهم في ثلاثين من الخَزرج، فقال له: اُنظر بني قُرَيظة هل تركوا حصونهم!.

فلمّا شارف سوْرَهم سمِع منهم الهجْر (3) ، فرجع إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فأخبره، فقال: (دَعْهم، فإنّ الله سيُمكّن منهم، إنّ الذي أمكنك من عمرو بن عبد ودّ لا يخذلك، فقفْ حتى يجتمع الناس إليك، وأبشرْ بنصر الله؛ فإنّ الله قد نصرني بالرعب بين يديّ مسيرة شهر).

قال عليّ (عليه السلام): (فاجتمع الناس إليّ، وسرت حتى دنَوتُ من سوْرِهم، فأشرفوا علَيَّ، فحين رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو، وقال آخَر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو، وجعل بعضهم يصيح ببعض ويقولون ذلك، وألقى الله في قلوبهم الرعب، وسمعت راجزاً يرجز:

قَتَل عليٌّ عَمْراً

صادَ علىٌّ صَقْراً

قَصَمَ عليٌّ ظَهْراً

أبرَم علىٌّ أمْراً

هَتَك عليٌّ سِتْراً

____________________

(1) السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 251، الإرشاد: 1 / 109.

(2) الإرشاد: 1 / 111.

(3) هو الخَنا والقبيحُ من القول (النهاية: 5 / 245).

٢٠٨

فقلت: الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشِرك. وكان النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال لي حين توجّهت إلى بني قُرَيظة: سِرْ على بركة الله؛ فإنّ الله قد وعدك أرضهم وديارهم. فسِرت مستيقناً لنصر الله عزّ وجلّ حتى رَكزت الراية في أصل الحِصن) (1) .

180 - السيرة النبويّة - في ذِكر نزول بني قُرَيظة على حُكم سعد بن معاذ -: إنّ عليّ بن أبي طالب صاح وهم محاصروا بني قريظة: (يا كتيبة الإيمان). وتقدّم هو والزبير بن العوّام وقال: (والله لأذوقنّ ما ذاق حمزة، أو لأفتحنّ حصنهم)، فقالوا: يا محمّد، ننزل على حُكم سعد بن معاذ (2) .

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 109، كشف اليقين: 158 / 170، بحار الأنوار: 2 / 262 / 19.

(2) السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 251، البداية والنهاية: 4 / 122. وممّا تجدر الإشارة إليه هنا هو أنّهم إنّما رضوا بحُكم سعد بن معاذ رجاء العفو عنهم؛ وذلك لوجود مودّة قديمة بينه وبينهم مِن قَبل الإسلام، ولكنّ سعداً حكَم بقتل الرجال وسبْيِ النساء وغنيمة الأموال.

٢٠٩

٢١٠

الفصل السادس

  الضربة المصيريّة في غزوة الخندق

عندما نزح بنو النضير عن أطراف المدينة، توجّه قِسم منهم إلى خيبر، وقِسم إلى الشام، وطفق رؤساؤهم يحرّضون المشركين ويشجّعونهم على التحالف مع اليهود، وتهيئة جيش من جميع القبائل لمهاجمة المدينة بمؤازرة اليهود (1).

وهكذا كان؛ فقد تهيّأ جيش ضخم قوامه عشرة آلاف، ضمّ كافّة المعارضين للحكومة الإسلاميّة الجديدة التي أسّسها النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في المدينة وبدأ زحفه نحو المدينة (2) ؛ ومن هنا عُرفت هذه الغزوة بغزوة الأحزاب.

وقد شاور النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أصحابه حول كيفيّة مواجهة العدوّ، فاقترح سلمان حفْر خندَقٍ في مدخل المدينة؛ لتعويق العدوّ. وتحقّق ما أراد، وأمَر (صلّى الله عليه وآله) أصحابه بحفْر

____________________

(1) تاريخ الطبري: 2 / 565، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 225، الكامل في التاريخ: 1 / 568، المغازي: 2 / 441، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 283.

(2) تاريخ الطبري: 2 / 570، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 230، المغازي: 2 / 444، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 284 وص 287.

٢١١

  الخندق، واشترك هو معهم في الحفْر(1) ، فتعوّق جيش العدوّ، الذي كان يهمّ بمهاجمة المدينة بكلّ غرور وخُيَلاء، خلف الخندق، وظلّ على هذه الحال شهراً تقريباً (2) ، حتى وقع في مأزِق بسبب صعوبة الإمداد.

وفى ذات يوم عبَر عمرو بن عبد ودّ الخندق ومعه عدد من فرسان العدوّ وشجعانه المشهورين (3) ، وصاروا أمام المسلمين، وطلبوا أنْ يبرز إليهم أقرانهم، فلم يُجِبهم أَحد، وكرّروا نداءهم غير مرّة، وكان لعمرو صِيته المخيف، ففزع منه الجميع، وحُبست الأنفاس في الصدور، ولم تلقَ نداءاته المغرورة جواباً، فأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنْ يقوم إليه أحد ويقتلع شرّه، فلم يقُم إلاّ أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) (4) . ولمّا تقابلا قال (صلّى الله عليه وآله) عبارته الخالدة:

(برَز الإيمانُ كلُّه إلى الشِركِ كلِّه) (5) .

وبعد قتال شديد عاجلَه الإمام بهجمة سريعة، فقضى عليه، وبلغَت صيحة

____________________

(1) تاريخ الطبري: 2 / 566، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 226، الكامل في التاريخ: 1 / 568، المغازي: 2 / 445 وص 454.

(2) تاريخ الطبري: 2 / 572، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 233، الكامل في التاريخ: 1 / 569، الإرشاد: 1 / 96.

(3) تاريخ الطبري: 2 / 574، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 235، الكامل في التاريخ: 1 / 570، المغازي: 2 / 470، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 290، تاريخ اليعقوبي: 2 / 50.

(4) السُنن الكبرى: 9 / 223 / 18350، المغازي: 2 / 470، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 235 و236، الإرشاد: 1 / 100.

(5) شرح نهج البلاغة: 19 / 61، كنز الفوائد: 1 / 297، الطرائف: 35، إرشاد القلوب: 244، عوالي اللآلي: 4 / 88 / 113 وفيه (الكُفر) بدل (الشِرك).

٢١٢

(الله أكبر) عنان السماء، فلاذَ أصحابه بالفرار (1) . وتبدّد جيش الأحزاب على ما كان عليه من شوكة وأُبّهة خياليّة.

ويمكننا أنْ نفهْرِس دَور الإمام العظيم في هذه الحرب على النحو الآتي:

1 - لمّا عبَر عمرو بن عبد ودّ وأصحابه من موضع ضيّق من الخندق، استقرّ الإمام (عليه السلام) هناك مع جماعة، فلم يتيسّر للمشركين العبور بعدئذ (2) .

2 - كان قتل عمرو بن عبد ودّ مهمّاً وحاسماً ومصيريّاً إلى درجة أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال:

(لَمبارزةُ عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أُمّتي إلى يوم القيامة) (3) .

وفى رواية:

(لَضربةُ عليّ لعمرو يوم الخندق تعدل عبادة الثقلَين) (4) .

وحينما تجدّل صنديد العرب صريعاً بصَق في وجه الإمام آيِساً بائساً، فوقف صلوات الله عليه، وتمهّل ولم يبادر إلى حزّ رأسه؛ لئلاّ يكون في عمَله ذرّةٌ من غضب.

____________________

(1) تاريخ الطبري: 2 / 574، الكامل في التاريخ: 1 / 570، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 236، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 290.

(2) تاريخ الطبري: 2 / 574، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 235، الكامل في التاريخ: 1 / 570، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 290، الإرشاد: 1 / 98.

(3) المستدرك على الصحيحين: 3 / 34 / 4327، تاريخ بغداد: 13 / 19 / 6978، شواهد التنزيل: 2/14/636، المناقب للخوارزمي: 107/112، الفردوس: 3/455/5406، إرشاد القلوب: 245.

(4) عوالي اللآلي: 4 / 86 / 102، وراجع الطرائف: 519، والمستدرك على الصحيحين: 3/34/4328.

٢١٣

3 - وبعد أنْ جدّله وصرعه، وولّى أصحابه مُدبرين تبِعهم (1) ، وقتل منهم نوفل بن عبد الله (2) .

4 - لمّا ضرب الإمام (عليه السلام) رِجْل عمرو وقضى عليه، ألقى تراب الذلّ والخوف والرعب على وجوه المشركين، وأقعدهم حيارى مهزومين منهارين (3) .

5 - قتل الإمام (عليه السلام) عمْرواً، بَيد أنّه تَرفَّع عن سلْب دِرعه الثمين إذ (كان يضرب بسيفه من أجل الحقّ) لا غيره... ولم يخفَ كلّ هذا الترفُّع والجلال والشَمَم عن الأنظار، حتى إنّ أُخت عمرو نفسها أثنَت عليه (4) .

181 - تاريخ اليعقوبي: كانت وقعة الخندق... في السنة السادسة بعد مقدم رسول الله بالمدينة بخمسة وخمسين شهراً، وكانت قريش تبعث إلى اليهود وسائر القبائل فحرّضوهم على قتال رسول الله، فاجتمع خلقٌ من قريش إلى موضعٍ يقال له: سَلْع (5) ، وأشار عليه سلمان الفارسي أنْ يحفر خندَقاً، فحفَر الخندق، وجعل لكلّ قبيلة حدّاً يحفرون إليه، وحفَر رسول الله معهم حتى فرغ من حفْر الخندق، وجعل له أبواباً، وجعل على الأبواب حرساً، من كلّ قبيلة رجُلاً، وجعل عليهم الزبير بن العوّام، وأمره إنْ رأى قتالاً أنْ يقاتل. وكانت عدّة المسلمين سبعمِئة رجُل.

ووافى المشركون فأنكروا أمْر الخندق، وقالوا: ما كانت العرب تعرف هذا!.

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 102.

(2) تاريخ الطبري: 2 / 574، الإرشاد: 1 / 105، تاريخ اليعقوبي: 2 / 50.

(3) كنز الفوائد: 1 / 298.

(4) الإرشاد: 1 / 107، المستدرك على الصحيحين: 3 / 36 / 4330.

(5) موضع بقرب المدينة (معجم البلدان: 3 / 236).

٢١٤

وأقاموا خمسة أيّام، فلمّا كان اليوم الخامس خرج عمرو بن عبد ودّ وأربعة نفر من المشركين: نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومى، وعكرمة بن أبى جهل، وضرار بن الحطّاب الفهري، وهبيرة بن أبى وهب المخزومي. فخرج عليّ بن أبي طالب إلى عمرو بن عبد ودّ فبارزه وقتله، وانهزم الباقون، وكَبا (1) بنوفل بن عبد الله بن المغيرة فرسُه، فلحقه عليّ فقتله (2) .

182 - السُنن الكبرى عن ابن إسحاق: خرج - يعني يوم الخندق - عمرو بن عبد ودّ فنادى: مَن يبارز؟ فقام عليّ (رضي الله عنه) وهو مقنّع في الحديد فقال: (أنا لها يا نبيّ الله )، فقال: (إنّه عمرو، اجلسْ).

ونادى عمرو: ألا رجُل! وهو يؤنّبهم ويقول: أين جَنّتكم التي تزعمون أنّه مَن قُتِل منكم دخلَها؟ أفَلا يبرز إليّ رجُل؟! فقام عليّ (رضي الله عنه) فقال: (أنا يا رسول الله)، فقال: (اجلسْ).

ثمّ نادى الثالثة وذكَر شِعراً، فقام عليّ فقال: (يا رسول الله، أنا)، فقال: (إنّه عمرو!) قال: (وإنْ كان عمرو!)، فأَذِن له رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فمشى إليه حتى أتاه وذَكر شِعراً.

فقال له عمرو: مَن أنت؟

قال: (أنا عليّ).

قال: ابن عبد مناف؟

فقال: (أنا عليّ بن أبي طالب).

____________________

(1) الكَبْوة: السقوط للوجه، كَبا لوجهه: سقط. وكَبا - أيضاً -: عَثَر (لسان العرب: 15 / 213).

(2) تاريخ اليعقوبي: 2 / 50.

٢١٥

فقال: غيرك يا بن أخي من أعمامك من هو أسنّ منك؛ فإنّي أكره أنْ أُهريق دمك.

فقال عليّ (رضي الله عنه): (لكنّي والله ما أكره أنْ أُهريق دمك!).

فغضب فنزل وسلّ سيفه كأنّه شعلة نار، ثمّ أقبل نحو عليّ (رضي الله عنه) مغضباً، واستقبله عليّ (رضي الله عنه) بدَرقته، فضربه عمرو في الدرقة فقدَّها وأثبَت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجّه، وضربه عليّ (رضي الله عنه) على حبل العاتق فسقط وثار العَجاج، وسمِع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) التكبير، فعرف أنّ عليّاً (رضي الله عنه) قد قتله (1) .

183 - الإرشاد عن الزهري: جاء عمرو بن عبد ودّ وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة ابن أبي وهب ونوفل بن عبد الله بن المغيرة وضرار بن الخطّاب - في يوم الأحزاب - إلى الخندق، فجعلوا يطوفون به؛ يطلبون مضيقاً منه فيعبرون، حتى انتهوا إلى مكان أَكرهوا خيولهم فيه فعبَرت، وجعلوا يجولون بخيْلهم فيما بين الخندق وسَلْع، والمسلمون وقوف لا يُقدِم واحد منهم عليهم. وجعل عمرو بن عبد ودّ يدعو إلى البِراز ويُعرِّض بالمسلمين ويقول:

ولقد بُححت من الندا ء بجمعِهمْ هل من مبارزْ

في كلّ ذلك يقوم عليّ بن أبي طالب من بينهم ليبارزه، فيأمره رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالجلوس؛ انتظاراً منه ليتحرّك غيره، والمسلمون كأنّ على رؤسهم الطير؛ لمكان عمرو بن عبد ودّ، والخوف منه، وممّن معه ووراءه.

فلمّا طال نداء عمرو بالبراز وتتابع قيام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (اُدنُ منّي يا عليّ)، فدنا منه، فنزع عمامته من رأسه وعمّمه بها، وأعطاه سيفه،

____________________

(1) السُنن الكبرى: 9 / 223 / 18350.

٢١٦

وقال له: (امضِ لشأنِك)، ثمّ قال: (اللهمّ أعِنه). فسعى نحو عمرو ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري؛ لينظر ما يكون منه ومن عمرو، فلمّا انتهى أمير المؤمنين (عليه السلام) إليه قال له: (يا عمرو، إنّك كنت في الجاهليّة تقول: لا يدعوني أحدٌ إلى ثلاث إلاّ قبلتُها أو واحدة منها!) قال: أجل. قال: (فإنّي أدعوك إلى شهادة أنْ لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وأن تُسلِم لربّ العالمين).

قال: يا بن أخ أخِّر هذه عنّي. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): (أما إنّها خيرٌ لك لو أخذتها)، ثمّ قال: (فهاهنا أخرى). قال: ما هي؟ قال: ترجع من حيث جئت. قال: لا تُحدّث نساء قريش بهذا أبداً. قال: (فهاهنا أُخرى). قال: ما هي؟ قال: (تنزل فتقاتلني).

فضحك عمرو وقال: إنّ هذه الخصلة، ما كنت أظنّ أنّ أحداً من العرب يرومَني عليها! وإنّي لأكره أنْ أقتل الرجُل الكريم مثلَك، وقد كان أبوك لي نديماً. قال عليّ (عليه السلام): (لكنّي أحبّ أنْ أقتلك، فانزل إنْ شئت!) فأسف عمرو ونزل، وضرب وجه فرَسِه حتى رجع.

فقال جابر (رحمة الله): وثارت بينهما قترة؛ فما رأيتهما، وسمعت التكبير تحتها، فعلمت أنّ عليّاً (عليه السلام) قد قتله، وانكشف أصحابه حتى طفرَت خيولهم الخندق، وتبادر المسلمون حين سمِعوا التكبير ينظرون ما صنَع القوم، فوجدوا نوفل بن عبد الله في جوف الخندق لم ينهض به فرَسُه، فجعلوا يرمونه بالحجارة، فقال لهم: قتلةٌ أجمَل من هذه! ينزل بعضكم أقاتله!! فنزل إليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فضربه حتى قتله. ولحِق هبيرة فأعجزه، فضرب قربوس (1) سرْجه، وسقطت دِرع كانت عليه، وفَرّ عكرمة، وهرب ضرار بن الخطّاب.

____________________

(1) القَرَبوس: حِنو السرْج (لسان العرب: 6 / 172).

٢١٧

فقال جابر: فما شبّهت قتْل عليّ عمراً إلاّ بما قصّ الله تعالى من قصّة داود وجالوت، حيث يقول: ( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ ) (1)(2) .

184 - المستدرك على الصحيحين عن ابن إسحاق: ثمّ أقبل عليّ (رضي الله عنه) [أي بعد قتْله عمرواً] نحو رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ووجْهه يتهلّل، فقال عُمَر بن الخطّاب: هلاّ أسلبتَه دِرعه؛ فليس للعرب درعاً خيراً منها! فقال: ضربته فاتّقاني بسَوءته، واستحييت ابن عمّي أنْ أستلبه (3) .

185 - المناقب لابن شهر آشوب: لمّا أدرك [عليّ (عليه السلام) ] عمرو بن عبد ودّ لم يضربه، فوقعوا في عليّ (عليه السلام)، فردّ عنه حذيفة، فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (مَه يا حذيفة؛ فإنّ عليّاً سيذكر سبب وقْفته ، ثمّ إنّه ضربه)، فلمّا جاء سأله النبيّ (صلّى الله عليه وآله) عن ذلك، فقال: (قد كان شتَم أُمّي، وتفَل في وجهي، فخشيت أنْ أضربه لحظّ نفسي، فتركته حتى سكَن ما بي، ثمّ قتلته في الله) (4) .

186 - الإرشاد عن أبي الحسن المدائني: لمّا قتَل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) عمرو بن عبد ودّ نُعي إلى أُخته، فقالت: من ذا الذي اجترأ عليه؟! فقالوا: ابن أبي طالب. فقالت: لم يعدُ يومَه [ إلاّ ] (5) على يدِ كُفءٍ كريم، لا رقأت دمعتي إنْ هرقتُها عليه؛ قتَل الأبطال، وبارَز الأقران، وكانت منيّته على يدِ كُفء كريمِ

____________________

(1) البقرة: 251.

(2) الإرشاد: 1 / 100، إعلام الورى: 1 / 380، كشف الغمّة: 1 / 204 نحوه، وراجع المستدرك على الصحيحين: 3 / 35 / 4329، والمغازي: 2 / 470.

(3) المستدرك على الصحيحين: 3 / 35 / 4329.

(4) المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 115، الدرجات الرفيعة: 287، كيمياي سعادت: 1 / 571.

(5) أثبتنا ما بين المعقوفين من إرشاد القلوب.

٢١٨

قومه، ما سمعت أفخر من هذا يا بَني عامر! ثمّ أنشأت تقول:

لو كان قاتل عمرو غير قاتلهِ

لكنتُ أبكي عليه آخرَ الأبدِ

لكنّ قاتل عمرٍ ولا يُعابُ بهِ

مَن كان يُدعى قديماً بيضةَ البلدِ (1)

187 - الإمام عليّ (عليه السلام): (إنّي قتلتُ عمرو بن عبد ودّ، وكان يُعدّ بألف رجُل) (2) .

188 - رسول الله (صلّى الله عليه وآله) - عند مبارزة الإمام عليّ (عليه السلام) عمرواً: (برَز الإيمان كلُّه إلى الشِرك كلِّهِ) (3) .

189 - عنه (صلّى الله عليه وآله): (لَمبارزةُ عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أُمّتي إلى يوم القيامة) (4) .

190 - عنه (صلّى الله عليه وآله): (لَضربةُ عليٍّ لعمرو يوم الخندق تعدلُ عبادة الثقلَين) (5) .

191 - المستدرك على الصحيحين: قد ذكرت في مقتل عمرو بن عبد ودّ من الأحاديث المسندة وَمْعاً (6) - عن عروة بن الزبير وموسى بن عقبة ومحمّد بن إسحاق بن يسار ما بلغني - ليتقرّر عند المنصف من أهل العِلم أنّ عمرو بن

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 107، إرشاد القلوب: 245، وراجع المستدرك على الصحيحين: 3 / 36 / 4329.

(2) الخصال: 579 / 1 عن مكحول.

(3) كنز الفوائد: 1 / 297، الطرائف: 35، إرشاد القلوب: 244، تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 451 / 11 عن حذيفة، عوالي اللآلي: 4 / 88 / 113 وفيه (الكفر) بدل (الشِرك)، شرح نهج البلاغة: 19 / 61.

(4) المستدرك على الصحيحين: 3 / 34 / 4327، تاريخ بغداد: 13 / 19 / 6978، شواهد التنزيل: 2 / 14 / 636، المناقب للخوارزمي: 107 / 112 كلّها عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه، الفردوس: 3 / 455 / 5406 عن معاوية بن حيدة، ينابيع المودّة: 1 / 412 / 5 عن حذيفة بن اليمان، إرشاد القلوب: 245.

(5) عوالي اللآلي: 4 / 86 / 102.

(6) الوَمعة: الدفعة من الماء (تاج العروس: 11 / 534).

٢١٩

عبد ودّ لم يقتله ولم يشترك (1) في قتلِه غير أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وإنّما حمَلَني على هذا الاستقصاء فيه قول مَن قال من الخوارج: (إنّ محمّد بن مسلمة - أيضاً - ضربه ضربة وأخذ بعض السلْب)، ووالله ما بلغنا هذا عن أحد من الصحابة والتابعين، وكيف يجوز هذا وعليّ (رضي الله عنه) يقول: (ما بلغنا أنّي ترفّعت عن سلب ابن عمّي فتركته!)؟! وهذا جوابه لأمير المؤمنين عمر بن الخطّاب بحضرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) (2) .

192 - شرح نهج البلاغة عن أبى بكر بن عيّاش: لقد ضرب عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) ضربةً ما كان في الإسلام أيمنَ منها؛ ضربَته عَمرواً يوم الخندق (3) .

____________________

(1) في الطبعة المعتمدة: (نشترك)، والتصحيح من طبعة أخرى.

(2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 36 / 4331، وراجع تاريخ الطبري: 2 / 574، والسيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 235، وتاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 290.

(3) شرح نهج البلاغة: 19 / 61، الإرشاد: 1 / 105 وفيه (أعزّ) بدل (أيمن).

٢٢٠