موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ12%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59939 / تحميل: 7770
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

القِسم الخامس: سياسة الإمام عليّ

خمسة وعشرون عاماً مضت على خلافة الخلفاء، وقد اتّسعت الانحرافات، وتفشّى الاعوجاج الذي كان قد بدأ بعد رحيل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، حتى بلغَت الأوضاع في مَداها حدّاً أملى على الإمام عليّ (عليه السلام) أنْ يصِف ما جرى بأنّه (بليّة) (١) ، كتلك التي كانت قبل الإسلام، وذلك في خطاب حماسي خطير ألقاه بِدء الخلافة.

في هذه البُرهة العصيبة ثار الناس ضدَّ الخليفة وضدّ سلوكه ونهْجه في الحُكم، حتى إذا ما قُتِل انثالوا على الإمام بشكلٍ مذهل، وهم يطالبونه باستلام الحُكم.

لقد كان الإمام يُدرِك تماماً أنّ ما ذهب لنْ يعود؛ إذ قلّما عاد شيءٌ أدبَر. وعلى ضوء تقديره للأوضاع التي تناهَت في صعوبتها امتنع في بادئ الأمر عن الاستجابة لهم، بيدَ أنّه لم يجد محيصاً عن إجابتهم بعد أنْ تعاظم إصرار المسلمين، وكَثُر التفافهم حَوله.

كان أوّل ما طالَعهم به في أوّل خطبةٍ له: حديثُه عن التغييرات الواسعة التي يزمَع القيام بها في المجتمع، كما أوضح في الحديث ذاته أُصول منهجه ومرتكزاته.

هذا القِسم يبدأ رِحلته مع الإمام، فيسجِّل في البدْء الأجواء التي لابَسَت وصوله إلى السلطة وتسنّمه للحُكم، ثمّ يُتابع تفصيليّاً انطلاق

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ١٧، الكافي: ٨ / ٦٧ / ٢٣

٢١

حركته الإصلاحيّة، متوفّراً على رصْد أُصول نهْج الإمام ومرتكزات سياسته في التغييرات الواسعة التي قادها، والحركة الإصلاحيّة التي تزعّمها، وما أثارت من أصداء في المجتمع، وما خلّفته من تبِعات عليه.

من بين البحوث الأساسيّة الأُخرى في هذا القِسم رصْد أبرز الأُصول التي اعتمدها الإمام في الإصلاح، على مختلف الصُعُد الثقافيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والقضائيّة والأمنيّة. كما سعى هذا القِسم من الكتاب إلى متابعة رؤى الإمام (عليه السلام) في مجال السياسة، وعوامل استقرار الدوَل، وعوامل انحطاطها وزوالها، وطبيعة تعاون الدوَل بعضها مع بعض وغير ذلك ممّا له صِلة بهذه الدائرة.

القِسم السادس: حروب الإمام عليّ

يوم أنْ مَسَك الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) زِمام الحُكم بيده، وراح يطبّق ما كان قد تحدّث عنه ووعَد الناس به، برز أمامه تدريجيّاً ما كان قد توقّعه؛ فالوضْع لم يحتمل بسْط العدل، ولم يُطِق حركة الإصلاح والمساواة وإلغاء الامتيازات الوهميّة، فأخذت الفِتَن تطلّ برأسها، وبدأت أزَمَات الحُكم.

ما يبعث على الدهشة أنّ أوّل من استجاش الفتنة وأرباها هُم أُولئك النفَر الذين كان لهم الدَور الأكبر في إسقاط الحُكم السابق، وإرساء قواعد الحكم الجديد!.

ميزة هذا القِسم من الموسوعة أنّه تناول بالبحث والتحليل مناشئ هذه الفِتن وجذورها، وتابع مساراتها وما ترتّب عليها من تَبِعات. كما رصد

٢٢

بالتفصيل فِتن (الناكثين) و(القاسطين) و(المارقين)، التي تُعَدّ في حقيقتها انعكاساً لحركة الإمام الإصلاحيّة، ورَدّ فِعل على مواضعه المبدئيّة الصُلبة بإزاء الحقوق الإلهيّة، ودفاعه عن قِيَم الناس وحقوقها.

من النقاط المبدِعة اللامعة في هذا القسم تسليط الضوء على بعض الزوايا الفكريّة والنفسيّة والمواقف السياسيّة لمثيري الفتنة، ومتابعة تجلّيات ذلك بعُمق ودقّة في حركة خوارج النهروان.

إنّ هذا البحث - في الصيغة التي اكتسبتْها هذه الدراسة من خلال معرفة الوثائق التاريخيّة، وتحرّي التوجيهات الروائيّة التي احتوَت هذه الخصائص - لهو حديثٌ مبتكر وتحليلٌ بِكرٌ بديع.

على أنّ هذا القسم برمّته هو أكثر أقسام الكتاب عِظَة، وأعظمها درساً.

القسم السابع: أيّام التّخاذل

اتّسمت السنوات الأُولى لحكم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بأنّها سنوات مواجهة وصِدام مع مثيري الفتنة. هكذا مضت بتمامها، وقد تعب الناس من دوام هذه الفتن وأصابتهم الملالة من المواجهة والاضطراب وعدم الاستقرار. على صعيدٍ آخَر دأب أرباب الفتنة - خاصّة مركزها الأساس في الشام - على إيجاد الأزَمَات على الدوام، وإثارة الفتن باستمرار، وزرْع العقَبات أمام الحكومة المركزيّة.

ويجيء القسم السابع هذا حديثاً عن ذلك العهد. فهذه كلمات الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) تفيض من ألَم الوحدة وحُرقتها، وتبثّ شكواها من

٢٣

مصائب الزمان ودواهيه.

في تلك البُرهة الحالكة من الزمان سقَطت مِصر، فغاب عن الإمام مالك الأشتر، أطهَر الرجال، وأكفأ القادة، وأشجع الخِلاّن، وأَوفاهم بعد أنْ ارتوى بشَهَد الشهادة. فانكمش قلْب الإمام، وأُصيبت روحه الطَهور، والألَم يعتصره من كلّ جانب.

هذا القسم رحلة تسجِّل وحدة الإمام، وهو منظومة رثاء تعزف لظُلامةِ عليّ، كما هو انعكاس لأصوات غربته المتوجِّعة التي راحت تندّ عن نفسه الطهور.

وهذا القسم يُسفر عن مشهدٍ آخَر ليس له شِبهٌ بالمشهد الأوّل الذي رافق بداية عهد الإمام، فالناس لم تَعُد على استعدادها الأوّل لحضور الجبَهات، كما لم تَعُد تستجيب لنداءات الإمام وهُتافاته للجهاد والنفير. والذي يتفحّص ما كان يبثّه الإمام مِراراً من شكوى، يرى فيه خصائص لأهل ذلك العصر وقد آثروا حبَّ الحياة، وراحت أنفسهم ترْنوا إلى الدنيا، وتصْبوا إليها.

في أوضاع كالحة كهذه، استَعَرت بالإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عواطفه النبيلة، وثارت بين جوانحه أحاسيسُهُ الطَهور، فملأت نفسه ألَماً وغضاضةً وهو ينظر إلى جُندِ معاوية تُغير على المدُن المَرّة تِلْو الأُخرى، تُزهِق أرواح الأبرياء، وتُمارِس النهب والسَلب، وتبثّ بين الآمنين الرعب والدمار.

٢٤

راحت أخبار الظلم المرير تصل الإمام، وتنهال عليه وقائع غارات معاوية وتهوّر جُنده واستهتارهم وضحكاتهم المجنونة، فاهتاجته هذه الحال، والتاعَت نفسه وفاضت لها غُصصاً وهو يتأوّه من الأعماق، ولكن لا من مجيب!.

وهكذا مضى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يتمنّى الموت مرّات ومرّات!.

بَيد أنّه لم يهُن ولم تضعف عزيمته لهذه الرزيئة، ولم يذعن إلى الواقع المرير، بل مضى قَويّاً شامخاً مقداماً لم يتخلَّ عن المقاومة حتى آخر لحظة من عُمره.

أجل، هذا أمير المؤمنين يثِبُ كالمنار المضيء آخِر أيّام حياته وهو يهيب بالناس العودة إلى صِفّين مجدّداً، وقد استنفر بكلماته المفعمة بالحماس جيشاً عظيماً إلى هذه المهمّة. فما أنْ انتهى من خطبته - وكانت الأخيرة - إلاّ وعقد للحسين بن عليّ (عليه السلام) ولقيس بن سعد وأبي أيّوب الأنصاري لكلّ واحد في عشرة آلاف مقاتل.

لكن وا أسَفاً! فقد أودَت واقعة استشهاد الإمام (عليه السلام) واغتياله من قِبل شقيٍّ (متنسّك)، بقواعد هذا البرنامج، فانهار ما دبّره الإمام لاستئصال فتنة الشام واجتثاثها من الجذور؛ إذ ما لبثَتْ أنْ تداعَت الجيوش بعد مقتل الإمام وتفرّقت.

لقد توفّر هذا القِسم على تفصيل هذه اللمحات التي جاءت هنا مختصرة، وغاص بالبحث والتحليل مع جذور هذه الوقائع وأجوائها

٢٥

ومساراتها، وما كان قد اكتنفها من أسباب وعوامل.

القِسم الثامن: استشهاد الإمام عليّ

كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هو الذي أخبر باستشهاد الإمام أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام). أمّا الإمام نفسه فقد كان وجوده ينمّ عن صبغة وتكوين خاصّ يشدّه إلى السماء أكثر ممّا يجرّه إلى الأرض ويربطه بها. كان دائماً يتطلّع صَوب الملَكوت، تهفو روحه إلى هناك بانتظار اللحظة التي يعرج بها إلى السماء.

كم كانت عظيمة هذه الرحلة صَوب الملكوت وهي تحمل عليّاً مضرَّجاً بدم الجراح، ومضمَّخاً بالنقيع الأحمر.

ما كان أعظم شَوقه للمنِيّة! فها هو ذا عليّ والسيف الغادر المسموم يرقُد على مِفْرقِه ويشقّ رأسه، يتطلّع إلى الملأ الأعلى، ويهتف في وصف رحلته ويقول: (كطالبٍ وجَد، وغاربٍ ورَد).

القسم الثامن هذا اختصّ بمتابعة ما كان ذَكره رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن استشهاد عليٍّ (عليه السلام)، وما كان يحكيه عليّ عن شهادته. كما تابع بقيّة مكوّنات المشهد؛ إذ وقف في البدء مع واقعة الاغتيال يصفها عن قُرب، ثمّ انتقل مع الإمام المسجّى مع جراحه راصداً جميع ما نطق به من تعاليم ووصايا وحِكَم مُذ هوى على رأسه سيف الغدر حتى لحظة استشهاده، ثمّ انتقل إلى الجانب الآخر متقصّياً ردّ فِعل ألَدّ أعداء عليّ (عليه السلام)، وما نطَق به عندما بلَغه خبر شهادة الإمام.

٢٦

كما لم يهمل واقعة تجهيز أمير المؤمنين (عليه السلام) ودفْنه وإخفاء قَبْره.

واختُتم هذا القسم بذِكر زيارة مرقد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبركات ذلك وما يتّصل بروضته الشريفة.

القِسم التاسع: الآراء حول شخصيّة الإمام

تؤلّف تجلّيات شخصيّة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على لسان الرجال وفي كلمات الرموز الكبيرة، بل وحتى على لسان أعدائه، أحد أهمّ فصول معرفة أبعاد شخصيّته.

ربّما لا نبالغ إذا قلنا: إنّ ما حفَّ شخصيّة عليّ بن أبي طالب، وما قيل فيه وعنه من كلام وأحكام وتجليل وتكريم وخُطَب وقصائد ومدائح، وما أحاط به من ذهول وحَيرة وهُتاف وصمت، فاق الجميع بحيث لا يمكن مقارنته بأيِّ شخصيّةٍ أُخرى في تاريخ الإسلام.

في هذا القسم يطلّ القارئ على شخصيّة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) من خلال ما نطق به القرآن، وما جاء على لسان النبيّ (صلّى الله عليه وآله) والإمام عليّ نفسه، وسيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وصحابة النبيّ، وأهل البيت (عليهم السلام)، وزوجات النبيّ، كما يتطلّع إلى أُفُقها العريض عِبر ما خطّه عدد كبير من الرموز العلميّة والثقافيّة والسياسيّة البارزة، وما جادت به قرائح الشعراء والأُدباء والخطباء، حتى أعداؤه.

ويمضي القارئ في هذا القِسم مع رجال قالوا في عليّ (عليه السلام) كلمات مسفرة كضوء الفجْر، انطلقت من قلوب مفعمة بالشوق والحبّ.

٢٧

وقد ترك بعضهم شهادة صريحة للتاريخ في أنّ فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ومناقبه تعظم على الإحصاء، ولا تقوى الصحُف المكتوبة بأجمعها على استيفائها.

وقالوا: إنّ الصمت أقوى من كلّ حديث عن عليّ (عليه السلام)، وأمضى من كلّ الكلمات.

فهذه كلماتهم تخطّ لعليّ أنّه الأعلم، وهو الأعرف من الجميع بكتاب الله، وعليّ الأشجع في سوح الوغى، وهو أكثر الناس إخلاصاً وتبتّلاً وطاعة.

عليٌّ الهيّن الليّن أكرم الناس خلُقاً، وقلْبه الشاخص إلى ربّه أبداً.

عليّ في مضمار البلاغة بحرٌ لا يُنزَف، وهو سيّد البُلَغاء، وأفصَح الخُطباء.

عليّ المجاهد الذي تَثِبُ به بصيرته، وهو الصلب الذي لا تلين له عريكة، ولا تُوهِنه الصِعاب، مِلؤه إقدام ومَضاء.

وعليّ أعرف الأمّة بالحقّ، وأنفذ الرجال بصيرة.

هذه بعض كلماتهم في عليّ. ولعليّ بعد ذلك كلّ فضيلةٍ وكمالٍ، فله وحده ما كان للصالحين جميعاً.

كان عليٌّ وِتراً التقَت فيه جميع خصال الجمال، وتألّقت في ذُراه الفضائل بأكملها، وحطّت عنده المكارم. وهو في الفتوّة وِتْرٌ لا ندّ له ولا نظير.

٢٨

هذه الحقيقة نلحظها تتوهّج بين ثنايا هذا القِسم عِبر شهادة وأقوال عشرات المفكّرين، تتوزّعهم مختلف الاتّجاهات والرؤى، بل نرى بعضها متضادّاً أحياناً!.

ولا ريبَ أنّ قراءة كلّ هذه الشهادات والأقوال، والاطّلاع على هذه القطوف الدانية من كلمات المدح والإطراء، لهو أمرٌ خليق أنْ يشدّ إليه القارئ ويجذبه إلى دائرة نفوذه.

القسم العاشر: خصائص الإمام عليّ

  عليّ بعد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) هو اللوحة الفريدة الوحيدة التي تتجلّى بها خصائص الإنسان الكامل. وهذه الحقيقة الناصعة الكريمة كانت قد أفصَحت عن نفسها خلال القِسم السابق عِبر ما جاء عن المعصومين (عليهم السلام)، وما نطق به الصحابة والعلماء والفلاسفة والمتكلّمون والباحثون.

ما ينهض به القسم العاشر هو إبانة خصائص الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وتسليط أضواء مكثّفة على ما تحظى به شخصيّته الفذّة من أبعاد ومكوّنات؛ انطلاقاً من هذا طاف القِسم مع الإمام في خصائصه العقيديّة والأخلاقيّة والعلميّة والسياسيّة والاجتماعيّة والفكريّة، التي تتلاقى فيما بينها لتؤلّف صَرْح هذا الرجُل التاريخي الشامخ والمنار المضيء الذي لا نظير له.

يا لروعته وتفرّده! فلم يكفر بالله طرْفة عَين، وهو في ثبات إيمانه، ورسوخ يقينه أمضى من الجبال الرواسي، لا يرقى إلى قمّته أحدٌ قطّ.

٢٩

يعمُر الخُلُق الكريم جنَبات وجوده، وتفوح حياته بالإخلاص والإيثار، وتمتلئ أرجاؤها بالمكرمات.

في محراب العبادة هو الأوّاه المتبتّل أعبَد العابدين، وقلبه المجذوب إلى ربّه أبداً، وهو في الصلاة أخشع المصلّين.

ومَن يُمعن في ميدان السياسة يجده الأصلب، شاهقاً يفوق الجميع، ذكيّاً لا تضارعه الرجال، أدرى الناس بملابسات الزمان.

للمظلومين نصيراً لا يكِلّ عن الانتصاف لهم ولا يملّ، وهو على الظالمين كنارٍ اشتدّت في يومٍ عاصف.

عِلمه الأكمل، وبصيرته الأنفذ، ورؤيته إلى الله وإلى عالَم الوجود والخليقة شفيفة رائقة، سليمة نقيّة، لا تضارعها نظرة ولا يضاهيها نقاء.

أجل، حسْبُ عليّ أنّه كان عليّاً وحسْب، خالصاً لله من دون شَوب، شاهداً على الرسالة، مجسّداً لِقَيمِها الرفيعة ومُثُلها العليا.

وهذا القسم يقدّم هذا جميعاً إلى طلابّ الحقّ والنفوس الظمأى للحقيقة، ويحمله إلى العقول المتلهّفة لمعرفة عليّ، عِبر مرآة متألّقة بنور الآيات الكريمة، ومن خلال النصوص والوقائع التاريخيّة.

القسم الحادي عشر: علوم الإمام عليّ

عليّ (عليه السلام) أعظم تلميذ بزَغ في مدرسة محمّد (صلّى الله عليه وآله). أبصَر فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من الجدارة والاستعداد ما يفوق به كلّ إنسان، ومن القدرة على التعلّم ما

٣٠

لا مدى له، ففاض على روحه علماً غزيراً لا ينضَب، وأراه الحقائق الكبرى الناصعة، وبتعبير النصوص الروائيّة والتاريخيّة لقّنه (ألف باب)، و(ألف حرف)، و(ألف كلمة)، و(ألف حديث) (١)في مضمار معرفة الحقائق وتحرّي العلوم.

عليّ (عليه السلام) باب حكمة النبيّ، ومدخل علم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو خزانة علمه، ووارث علوم جميع النبيّين.

عليّ المؤتمَن على حكمة النبيّ الحافظ لعِلمه، ومن ثَمَّ هو أعلم الأُمّة.

أمير المؤمنين (عليه السلام) أُذُنٌ واعية؛ لذا فهو لا ينسى ما يقرع فؤاده من العلم، وبذلك راحت الحكمة تتفجّر من بين جوانحه، وتفيض نفسه الطهور بحقائق المعرفة.

لكن أسَفاً وما أعظمها لوعة أنْ تكون مقادير الحياة قد غيَّبت أُولئك الرجال، الذين يهيب بهم استعدادهم الوجودي لتلقّي المعرفة العلَويّة الناصعة. ولو كانوا هناك؛ لفاض عليهم الإمام بقبضةٍ من شعاع عِلمه الباهر، ولأشرَق الوجود بقبَسٍ من نور معرفته.

كان عليّ (عليه السلام) يحظى من (عِلم الكتاب) بعِلمه الكامل كلّه. في حين لم يكن لآصف بن برخيا من (علم الكتاب) إلاّ بعضه، فأَهّله أنْ يأتي إلى

____________________

(١) جاءت هذه الألفاظ في نصوص مختلفة، ويمكن أنْ يكون المقصود فيها واحداً.

٣١

سليمان (عليه السلام) بعرش بلقيس في طرفة عين أو أقلّ (١) .

لم يعرف علم عليّ (عليه السلام) مدىً، ولم يوقفه حَدّ، بل امتدّ سعةً حتى تخطّى كلّ العلوم. فهو في الذروة القصوى في علوم القرآن، وفي معارف الشريعة، وعلوم الدين، وعلم البلايا والمنايا، وهو السَنام الأعلى في كلّ معرفة.

هل تجد لعليٍّ نظيراً في معرفة الله، وهو ذا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: (ما عرف الله إلاّ أنا وأنت)؟.

أجل؛ هو ذا كما يقول النبيّ الأقدس، فهذا كلامه في التوحيد ومراتبه، وفي إثبات الصانع وطُرُق الاستدلال عليه، وفي معرفة الله وصفاته يقف في الذروة العليا، وله في نظر الفلاسفة والمتكلِّمين مرتبة سامقة لا تُضاهى.

إنّ ما نطق به الإمام عليّ (عليه السلام) حول الوجود، وما ذكره عن المخلوقات، وما توفّر على إظهاره من نقاط بديعة حيال الخليقة، لهُوَ ينمّ عن إحاطة علميّة بضُروب المعرفة البشريّة.

فكلمات الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن بدء الخليقة، وخلْق الملائكة والسماوات والأرَضين والحيوان، وما فاض به عن المجتمع والنفس وحركة التاريخ، وما أدلى به من إشارات عن الرياضيّات والفيزياء وعلم

____________________

(١) قوله سُبحانه: ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي ) (النمل: ٤٠).

٣٢

الأرض (الجيولوجيا) وغير ذلك ممّا يُعَدّ في حقيقته تنبّؤات علميّة، ويدخل في المعجزات العلميّة للإمام، لهُوَ قَمِين بالإعجاب، وخليق أنْ يملأ النفس خضوعاً ودهشة.

لم يعرف التاريخ على امتداده رجُلاً، عالماً كان أمْ فيلسوفاً أمْ مفكِّراً، ينهض بعلوّ قامته، ويقول بثبات: (سلوني ما تشاؤون). ثمّ لم يعجزه الجواب أبداً، ولم يلبث حتى لحظة واحدة كي يتأمّل بما يجيب.

وهذا القِسم ليس أكثر من إيماءة إلى علوم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو إشارة على استحياء إلى بحْره الزخّار، ونظرة عابرة تومِض من بعيد إلى أُفُق المعرفة العلَويّة.

القسم الثاني عشر: قضايا الإمام عليّ

القضاء صعب، وأصعب منه القضاء الراسخ الذي يستند إلى الصواب والحقّ.

يستند القضاء من جهة إلى علمٍ راسخ، ويتطلّب من جهة أُخرى روحاً كبيرة وشخصيّة ثابتة لا تخشى التهديد ولا تميل إلى التطميع، ولا تطوح بها العلائق والأهواء عن جادّة الحقّ والصواب.

وأقضية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) هي منارات مضيئة في الحياة، وأكاليل رفيعة في رحاب الحياة السياسيّة، وأحرى بها أنْ تكون من أعاجيب التاريخ القضائي.

لقد تناول هذا القسم أقضية الإمام في أربعة فصول، توفّر كلّ واحد منها

٣٣

على بُعد. فقد مرَّ في البدء على الموقع القضائي الذي يحظى به الإمام، وأنّه (أقضى الأُمّة) بمقتضى صريح كلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

ثمّ انعطف إلى بيان أمثلة لأقضية عليّ (عليه السلام) على عهد النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، متابعاً لها وهي تتوالى في عهد خلافته الراشدة؛ لتكشف بأجمعها عن عِلمٍ واسع عميق، وصلابة ماضية في السلوك، وثبات راسخ، وإيثار الحقّ على ما سِواه، والدفاع عن الحقيقة في خِضَمّ الحياة.

القسم الثالث عشر: آيات الإمام عليّ

الإنسان خليفة الله في الأرض. والأبعاد المعنويّة هي أسمى مظهر باهر يتألّق في شخصيّة الإنسان، وإذا ما ارتقى الإنسان على هذا الخطّ وصار قريباً إلى الله عِبر السلوك المعنوي، فسيكون كلّ ما يصدر عنه مُذهلاً عجيباً، وتصير حياته وتعاطيه مع الوجود (تجلّيات) للقدرة الإلهيّة.

حين تُبصر عليّاً (عليه السلام) في هذا المجال تجده (ممسوساً في ذات الله) على حدّ ما نصّ عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في وصفه، وهو أدرى الناس به، وعليّ ثمرة لتربية الرسول. ومن ثَمَّ كان حرِيّاً بحياته أنْ تكون - ولا تزال - مشرقة بأكثر تجلّيات هذا (الخليفة الربّاني) نوراً ووضاءة.

لقد توفّرت فصول هذا القسم على الإيماء إلى أمثلة للقدرة المعنويّة الباهرة، والولاية التكوينيّة التي يحظى بها الإمام، ومرّت على بعض تجلّيات هذا (الخليفة الربّاني)، وما يشعّ به وجوده من مظاهر القدرة والعظَمة الإلهيّة.

٣٤

كان من بين المحطّات التي لبثَتْ عندها فصول هذا القسم: أمثلة لإجابة الدعوات، وإخبار الإمام بالمغيّبات، وبعض ما له من كرامات مثل (ردّ الشمس) التي تعدّ منقبة تختصّ به وحده، وفضيلة تبعث على الدهشة، وتدعو إلى العجَب.

هذا القسم في حقيقة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) رحلة تطوف معه؛ لتُبرز بُعده المعنوي في التعامل مع أُفق الوجود، وتؤشّر إلى موقعه المُنيف في معارج الصعود، وما يحظى به هذا الإنسان الربّاني من مكانة عظيمة على مهاد الأرض، كما تكشف عن دَوره كـ (خليفة إلهي).

القسم الرابع عشر: حبّ الإمام عليّ

الجمال حبيب إلى الإنسان، والإنسان يهفو إلى الجمال، ولن تجد إنساناً يصدّ عن الجمال أو تنكفِئ نفسه عن المكرَمات والفضائل السامقة، أو يُشيح عن المُثل العليا.

هو ذا عليٌّ (عليه السلام) مصدر جميع ضروب الجمال، يتفجّر وجوده بالكمال، وتحتشد فيه جميع الفضائل والمكارم والقِيَم، فأيُّ إنسانٍ يُبصر كلّ هذا التألّق ولا يشدو قلبه إلى عليٍّ حبّاً وإيماناً؟ وأيُّ إنسانٍ له عين بصيرة ويعمى عن ضوء الشمس؟.

دَعْ عنك أُولئك النفر الذين ادلهمّت نفوسهم بظلمةٍ حالكة، فعميت أبصارهم عن رؤية هذا الجمال الباهر الممتد، ولم يُبصروا مظاهره الخلاّبة.

٣٥

وإلاّ لو خُلّيَ الإنسان وإنسانيّته لأُلفي باحثاً عن الجمال أبداً متطلّعاً إليه على الدوام.

كذلك هو عليّ أحبُّ الخلْق إلى الله خالق الجمال وواهب العظمة. كما هو الأحبّ عند الملائكة وعند رسول الله (صلّى الله عليه وآله). وهل يكون هذا إلاّ لجوهر الذات العلَويّة، وللمكانة المكينة التي يحظى بها هذا الإنسان الملكوتي الذي تتقرّب الملائكة - أيضاً - إلى الله بمحبّته؟.

إنّ لحبّ عليّ في ثقافتنا الدينيّة شأناً عظيماً يُبهِر العقول، ويبعث على التأمّل.

وما نهض به هذا القِسم أنّه وثَّقَ لهذه الحقيقة نصوصَها. وقد جاءت النصوص تُفصح دون مواربة ولَبْس أنّ حبّ عليّ حبٌّ لله ولرسوله، وتسجِّل بنصاعة وضّاءة أنّ حبّ عليّ (نعمة) و(فريضة) و(عبادة)، وهو (العروة الوثقى) و(أفضل العمل) و(عنوان صحيفة المؤمن).

فحبُّه إذاً من دين الله بالصميم.

ومع أنّ هذا القِسم لا يدّعي أنّه قد استقصى كلّ النصوص الروائيّة التي لها مَساس بعليّ (عليه السلام) في هذا المجال، إلاّ أنّ ما توفّر على ذِكره أسفَر بوضوح: أنّ حبّ عليّ هو السبيل إلى بلوغ حقائق المعرفة الدينيّة، وهو الذي يشيع السكينة في أرجاء الحياة، وبحبّ عليّ يكتمل الإيمان والعمل، وبه تُرفع أعمالنا مقبولة إلى الله سبحانه، وبحبّ عليّ يستجاب الدعاء وتُغفر الذنوب.

٣٦

وبحبّ عليّ (عليه السلام) تنتشر نسائم السرور على الإنسان عند الموت، وحبّ عليّ لُقيا يُبصِر بها المحتضر وجه المولى عند الممات، وحبّ عليّ جواز لعبور الصراط وللثبات عليه، وهو الجُنّة التي تقي نار جهنّم.

ومِسك الختام: أنّ حبّ عليّ هو الحياة الطيّبة في جنّة الخُلد.

إنّ كلّ ذلك لا يكون إلاّ بحبّ عليّ، وفي ظلال حبّ عليّ (عليه السلام).

لم تتردّد النصوص الروائيّة لحظة وهي تسجّل بثبات راسخ أنّ حبّ عليّ (عليه السلام) هو دليل طهارة المولد، وعلامة على الإيمان والتقوى، وهو عنوان شهرة الإنسان ومعروفيّته في السماوات وعند المَلأ الأعلى، وهو رمْز السعادة.

وبعدُ، فإنّ كلّ هذا الحشد مِن التأكيد على الحبّ العلَوي، ووصْله برباطٍ وثيق مع الحبّ الإلهي، وبحبّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ لهُوَ دليل شاخص على أنّ الحبّ المحمّدي الصحيح لنْ يكون ممكناً من دون الحبّ العلَوي. وما ادّعاء حبّه (صلّى الله عليه وآله) من دون حبّ عليّ (عليه السلام) إلاّ عبَث جزاف ودعوة باطلة.

على أنّ هذا القِسم يعود ليكشف في جوانب أخرى على أنّ حبّ عليّ (عليه السلام) ما كان شعاراً يُرفع وحديثاً يُفترى، بل هو أُسوة يقتدي فيها المحبّ بحياة عليّ، يلتمس هدْيَه في خُطاه، يعيش كما يعيش، ويفكّر كما يفكّر، ويمارس معايير عليّ في الحبّ والولاء، وفي البُغض والبراءة، ويَحثو خُطاه صَوب قِيَمه دائماً وأبداً، وإلاّ كيف يجتمع حبّ عليّ مع حياة سفيانيّة ونهجٍ أُمَويّ؟.

٣٧

آخِر ما يشدّ إليه الانتباه في مادّة هذا القِسم هو التحذير من الغلُوّ؛ فمع كلّ هذا التركيز المكثّف العريض على حبّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وإلى جوار هذه الإشادة بالآثار العظيمة التي يُغدقُها هذا الحبّ على الحياة الماديّة والمعنويّة، جاءت التعاليم النبويّة والعلَويّة والدينيّة تشدّد النكير، وتُعلِن التحذير الكبير من الغلُوِّ بهذا الحبّ. فها هيَ ذي النصوص الحديثيّة تنهى عن الإفراط وتذمّه، وتعدّه انحرافاً يُهيّئ الأجواء إلى انحرافات أكبر.

القِسم الخامس عشر: بُغْض الإمام عليّ

على قدَر ما تكون شخصيّة عليّ الطالعة المهيبة بالغة الروعة والجمال لذوي النفوس الزكيّة، موحِية أخّاذة لذوي الأفكار الرفيعة، محبوبة خلاّبة لذوي الفِطَر النقيّة والطِباع الكريمة، فهي تثير الغيظ في النفوس المدلهمّة المظلمة، وتستجيش عداوة الوصوليّين النفعيّين، وبغضاء ذوي الأغراض الدنيئة الهابطة، والنوازع المنحطّة.

إنّ التاريخ يجهر أنّ أعداء عليّ بن أبي طالب كانوا من حيث التكوين الروحي سُقَماء غير أسْوياء نفسيّاً، ومن حيث التكوين الفكري كانوا منحرفين بعيدين عن الصواب. أمّا من حيث مكوّنات الشخصيّة فقد كانوا أُناساً تستحوذ عليهم الأنانيّة والإثْرة، يُنبئ باطنهم عن الفساد والأغراض الهابطة.

هذا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يستشرف مستقبل الإسلام عِبر مرآة الزمان، يعلم بالفِتن ويعرف مثيريها وأصحابها. وهو ذا يؤكّد في كلّ موقعٍ موقع من

٣٨

أشواط حياته المملوءة عزماً وتوثّباً والتزاماً على حبّ عليّ بن أبي طالب، ويحذّر الناس من بُغضه، وينهاهم عن عداوته وشنآنه.

يسجّل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بصراحة لا يشوبها لَبْسٌ، أنّ بُغض عليّ بن أبي طالب كُفر، وأنّ مَن آذى عليّاً فقد آذاه.

ليس هذا وحده، بل مضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يرسم ثغور الجبهة الاجتماعيّة ويحدّد اصطفافاتها العامّة، بما يُظهر أنّ مَن هو مع عليّ وعلى حبّ عليّ، فهو مع النبيّ نفسه، ومَن يناهض عليّاً ويُعاديه فموقعه في الجبهة التي تعادي النبي وتُناهض رسالته.

لقد أفصحت النصوص المعتبرة عند الفريقين ممّا تقصّاها هذا القِسم، على أنّ أعداء عليّ بن أبي طالب بعيدون عن رحمة الله سُبحانه، وأنّ خسرانهم وسوء منقلبهم أمرٌ قطعيّ لا ريب فيه. فمَن يمُت على بُغض عليّ (عليه السلام) يمُت ميتةً جاهليّة، وبُغْض عليّ علامة تُجهر بنفاق صاحبها وفِسقه وشقائه.

وإذا كان بُغْض عليّ (عليه السلام) يستتبع ميتة جاهليّة؛ فإنّ إنساناً كهذا لنْ ينتفع شيئاً من تظاهره بالإسلام، وهو يُحشَر في القيامة أعمى، ليس من مصير يؤول إليه سوى نارُ جهنّم.

يضع هذا القسم بين يدَي القارئ نصوصاً حديثيّة وروائيّة كثيرة، فيها دلالة على ما سلفت الإشارة إليه. وهو - علاوة على ذلك - يعرّف بعدد من ألدّ أعداء الإمام وأعنف المُبغضين له، كما يمرّ على جماعة من

٣٩

المنحرفين عنه، وعلى القبائل التي كانت تكنُّ له البغضاء، ولا غرابة فقد قيل: (تُعرف الأشياء بأضدادها).

هذا عليٌّ، ولا يلحَق به لاحِق، واسمه الآن يصدح عِبر أُفُق المكان والزمان، ويعلو شاهقاً على ذُرى التاريخ، وهذه تعاليمه وكلماته مسفرة كضوء الفجْر متألّقة على مدار الزمان.

أمّا والأمر كذلك؛ فقد كان حريّاً بهذا القِسم أنْ يلبَث عند تلك الجهود المحمومة كاللهب، وعند تلك الصدور الموبوءة بالحقد، وقد نفثت أحقادها علّها تُطفئ الشعلة المتوقّدة، أو عساها تنال مِن وهَجها شيئاً؛ حتى تستيقن النفوس بوَعد الله الذي وعَده، وكي لا يستريب أحدٌ بقوله سبحانه: ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) . وهكذا كان.

القسم السادس عشر: أصحاب الإمام عليّ وعمّاله

مع هذا القسم يُختَتم الكتاب ويبلُغ نهايته. بعد أنْ لبَث القارئ مع خمسة عشَر قسماً من الموسوعة، وصار على معرفة واسعة ممتدّة بمختلف أبعاد حياة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) المملوءة بالتعاليم الواعية البنّاءة، التي تُنير الحياة وتفتح المغاليق، بعد هذا كلّه آنَ له أنْ يرحل في هذا القسم مع جولة تطوف به على عِدّة من أصحاب عليّ (عليه السلام) وعمّاله، يتعرّف عليهم وينظر إليهم عن كثَب.

____________________

(١) الصفّ: ٨.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

٥٧ ـ ثلاث فضائل للإمامعليه‌السلام لا تضاهى :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٥٨ ط ٢)

ذكر مسلم أن معاوية أمر سعدا بالسبّ فأبى. فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟. فقال : ثلاث قالهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلن أسبّه ، ولئن تكن لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النّعم (أي الحمر الوحشية يضرب بها المثل لقيمتها وندرتها).(١) سمعته يقول لعليعليه‌السلام وقد خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له عليعليه‌السلام :خلّفتني مع النساء والصبيان!. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي. (٢) وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، ويحبّ الله ورسوله. قال : فتطاولنا إليها.فقال : ادعوا إليّ عليا ، فأتاه وبه رمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه. (٣) ولما نزلت( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) [آل عمران : ٦١] دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وعليا والحسن والحسينعليهم‌السلام ، فقال : الله م هؤلاء أهلي.

وقال عبد الله بن عمر : كان لعلي بن أبي طالب ثلاث ، لو كان لي واحدة منهن كانت أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس : تزويجه فاطمة ، وإعطاؤه الراية ، وآية النجوى (إذ لم يعمل بها أحد غيره).

٥٨ ـ أربع مناقب للإمام عليعليه‌السلام :

(النص والاجتهاد)

سئل الحسن البصري فيما يقوله عن فضل عليعليه‌السلام ؟

فقال : ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع :

ـ ائتمانه على (براءة).

ـ وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له في غزوة تبوك وقد خلّفه على المدينة : يا علي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي.

ـ وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الثقلان كتاب الله وعترتي.

ـ وأنه لم يؤمّر عليه أمير قط ، وقد أمّرت الأمراء على غيره.

٥٩ ـ محبة علي بن أبي طالبعليه‌السلام دليل الإيمان وطهارة المولد :

قال الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٩٧ :

ونقل هذه الأحاديث سيد حكماء الإسلام المير داماد في كتابه (تصحيح الإيمان وتقويم الأديان) :

١٤١

في صحيح البخاري وأبي داود ومسند أحمد بن حنبل وفضائل السمعاني وحلية الحافظ أبي نعيم وغيرها من كتب العامة ، من طرائق مختلفات وطرق شتى ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليعليه‌السلام : «لا يحبّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو لا أنت لم يعرف حزب الله».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من زعم أنه آمن بما جئت به وهو يبغض عليا ، فهو كاذب ليس بمؤمن».

وعن أبي سعيد الخدري قال : كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببغضهم عليا.

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بوروا

(أي اختبروا) أولادكم بحب علي بن أبي طالب ، فمن أحبه فاعلموا أنه لرشده ، ومن أبغضه فاعلموا أنه لغيّه».

وروى البيهقي أن الأنصار كانت تقول : إنا كنا لنعرف الرجل لغير أبيه ، لبغضه علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

جملة من فضائل فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٦٠ ـ فضائل فاطمةعليها‌السلام الخاصة :

(مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول لابن طلحة الشافعي)

من حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لفاطمةعليها‌السلام وهو في مرضه الأخير على مسمع من كل زوجاته : «يا فاطمة ، أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمة؟!.».

(أورده البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي)

وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة أن فاطمةعليها‌السلام كانت أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غيرها ، وأنها سيدة نساء أهل الجنّة.

٦١ ـ ابن الحنفية يعترف بفضل الحسينعليه‌السلام وفضل أمه الزهراءعليها‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٤ ص ٦٦)

حدّث الصولي عن الإمام الصادقعليه‌السلام في خبر ، أنه جرى بين الحسينعليه‌السلام

١٤٢

وأخيه محمّد بن الحنفية كلام (أي خصومة). فكتب ابن الحنفية إلى الحسينعليه‌السلام : أما بعد يا أخي ، فإن أبي وأباك عليعليه‌السلام ، لا تفضلني فيه ولا أفضلك ، وأمك فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو كان ملء الأرض ذهبا ملك أمّي ما وفّت بأمّك. فإذا قرأت كتابي هذا فصر إليّ حتّى تترضّاني ، فإنك أحقّ بالفضل مني ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ففعل الحسينعليه‌السلام ذلك ، فلم يجر بعد ذلك بينهما شيء.

٦٢ ـ حبّ فاطمةعليها‌السلام وبغضها ـ ويل لمن يظلم ذريتها :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦ ط ٢)

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لسلمان : يا سلمان ، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي ، ومن أبغضها فهو في النار. يا سلمان حبّ فاطمة ينفع مائة موطن من المواطن ، أيسر تلك المواطن : الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة. فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومن رضيت عنه رضي الله عنه. ومن غضبت عليه غضبت عليه ، ومن غضبت عليه غضب الله عليه.

يا سلمان ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها ، وويل لمن يظلم ذريتها.

فضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام

٦٣ ـ ثواب محبة الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام :

أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عليعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد الحسن والحسينعليه‌السلام وقال : «من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في الجنّة».

٦٤ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو لفاطمة وعليعليهما‌السلام بالبركة في نسلهما :

روى أبو حاتم عن أنس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل على فاطمة وعليعليهما‌السلام بعد زواجهما ، فدعا بماء فتوضأ ، ثم أفرغه على علي وفاطمةعليهما‌السلام وقال : الله م بارك فيهما وبارك عليهما ، وبارك لهما في نسلهما. (وفي رواية) : وبارك لهما في شبليهما (الشبل : ولد الأسد). وهو من الإخبار بالمغيبات ، كما قال جلال الدين السيوطي في (ديوان الحيوان) لأن المراد بالشبلين الحسن والحسينعليهما‌السلام .

١٤٣

٦٥ ـ آدم يسأل الله بالخمسة أن يتوب عليه :

(المنتخب للطريحي ، ص ٧٧ ط ٢)

روى الفقيه المغازلي الشافعي ، بإسناده عن ابن عباس قال : سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سأله بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام إلا تبت عليّ ، فتاب عليه.

٦٦ ـ فضيلة الخمسةعليهم‌السلام على هذه الأمة :

(المصدر السابق ص ١١٠)

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : بي أنذرتم ، ثم بعلي بن أبي طالب اهتديتم ، وقرأ قوله تعالى :( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) [الرعد : ٧]. وبالحسن أعطيتم الإحسان ، وبالحسين تسعدون وبه تشقون. ألا وإنما الحسين باب من أبواب الجنّة ، من عانده حرّم الله عليه رائحة الجنّة.

٦٧ ـ اقتدوا بالشمس والقمر والزهرة والفرقدين :

(شجرة طوبى للمازندراني ، ج ٢ ص ٤٢٦)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا بالشمس ، فإذا غابت الشمس فاقتدوا بالقمر ، فإذا غاب القمر فاقتدوا بالزّهرة ، فإذا غابت الزهرة فاقتدوا بالفرقدين ، فإذا افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة.

فقالوا : يا رسول الله فما الشمس وما القمر ، وما الزّهرة وما الفرقدان؟ ...فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس ، وعليّ القمر ، وفاطمة الزّهرة ، والفرقدان : الحسن والحسين ، وأما النجوم الزاهرة فالأئمة التسعة من صلب الحسين ، والتاسع مهديّهم.

يقول الشيخ محمّد مهدي الحائري المازندراني معقبا على هذا الحديث :

أما الشمس التي هي (النبوة) فغابت بقلب مكمد محزون ، مما قاسىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أمته. وأما الزّهرة التي هي (فاطمة الزهراء) فقد أخمدوا ضوءها وزهرتها باللطم والعصر بين الحائط والباب. وأما القمر وهو (فلك الإمامة) فقد خسفوه بسيف عبد الرحمن بن ملجم. وأما الفرقدان وهما (الحسن والحسين) فغاب أحدهما بقلب مسموم وقد تقيّأ كبده ، وغاب الآخر بعد الظهر من يوم عاشوراء ، وانكسفت الشمس ، وأمطرت السماء دما.

١٤٤

٦٨ ـ المكتوب على باب الجنّة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٤ ط نجف)

عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله ، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على مبغضهم لعنة الله.

فضائل الأئمة الاثني عشر

مدخل :

يقصد بأهل البيتعليهم‌السلام أينما ذكروا مقرونين بأنهم الأمان من الضلال ، وأنهم سفينة نوح ، وأنهم باب حطّة من دخله كان آمنا الخ ، يقصد بهم الأئمة الاثنا عشر حصرا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمةعليها‌السلام ، أو ما نعبّر عنه

(بالمعصومين الأربعة عشر) ، لأنهم لولا العصمة لا تنطبق عليهم تلك الأوصاف وتلك المنزلة.

٦٩ ـ أهل البيتعليهم‌السلام أمان لأهل الأرض :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٣٠)

أخرج أبو عمرو الغفاري عن إياس بن سلمة عن أبيه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأمتي».

وأخرج أحمد بن حنبل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء ، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض».

وفي رواية صحّحها الحاكم على شرط الشيخين ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف».

وقد يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى :( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) [الأنفال:٣٣] أقيم أهل بيته مقامه في الأمان ، لأنهم منه وهو منهم ، كما ورد في بعض الطرق.

٧٠ ـ أهل البيتعليهم‌السلام كسفينة نوح وباب حطّة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٤٩)

أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٤٥

يقول : «إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلفّ عنها غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطةّ في بني إسرائيل ، من دخله غفر له».

٧١ ـ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام هم رجال الأعراف :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٠٧ ط ٢)

عن الإمام محمّد الباقر قال : سأل ابن الكواء أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : ما معنى قوله تعالى :( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) [الأعراف : ٤٦]؟.

فقالعليه‌السلام : نحن أصحاب الأعراف ، نعرف أصحابنا بسيماهم. نقف بين الجنّة والنار فلا يدخل الجنّة إلا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه.

٧٢ ـ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام يحفظون الشريعة :

وأخرج المللا في سيرته عن عمر بن الخطاب (كما في الصواعق المحرقة لابن حجر ، ص ٩٠) أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «في كل خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى اللهعزوجل ، فانظروا من توفدون». صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥ ـ محبة أهل البيتعليه‌السلام

٧٣ ـ محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرض :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ١٥)

إن محبة النبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجبة على كل مسلم ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».

(رواه البخاري عن أنس بن مالك).

وهذا الحديث من جوامع الكلم التي أوتيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد جمع فيه كل أنواع المحبة ، وهي ثلاثة : محبة الإجلال والإعظام كمحبة الولد للوالد ، ومحبة الشفقة والرحمة كمحبة الوالد لولده ، ومحبة المشاكلة والاستحسان كمحبة سائر الناس.فجمعصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصناف المحبة في محبته.

وروى الديلمي والطبراني وأبو الشيخ ابن حبّان والبيهقي مرفوعا ، أن

١٤٦

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ، وأهلي أحبّ إليه من أهله ، وذاتي أحبّ إليه من ذاته».

وروى ابن مسعود : «حب آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما ، خير من عبادة سنة ، ومن مات عليه دخل الجنّة».

٧٤ ـ أحبّوا أهل بيتي لحبّي :

(إحياء الميت للسيوطي ، ص ٢٤٢)

أخرج الترمذي وحسّنه ، والطبراني عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبّوني لحب الله ، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي».

٧٥ ـ محبة أهل النبي جزء من محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٩)

وكان الصحابة الكرام يتمنّون لأقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكثر مما يتمنّونه لأقربائهم ، محبة منهم له وإيثارا له على أنفسهم.

منها قول أبي بكر حين أسلم والده أبو قحافة ، قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثك بالحق ، لإسلام أبي طالب كان أقرّ لعيني من إسلام أبي قحافة ، وذلك أن إسلام أبي طالب كان أقرّ لعينك.

٧٦ ـ فضل محبة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(المصدر السابق)

ومن توقير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبرّه ، توقير آله وذريته وأمهات المؤمنين. وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «معرفة آل محمّد براءة من النار ، وحب آل محمّد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمّد أمان من العذاب».

قال بعضهم :

(معرفتهم) تعني معرفة منزلتهم منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيعرف وجوب إكرامهم وحرمتهم بسببهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أبو بكر : راقبوا محمدا في آل بيته.

وأتى عبد الله بن حسن بن الحسينعليه‌السلام إلى عمر بن عبد العزيز في حاجة.فقال : يا أبا محمّد ، إذا كانت لك حاجة فأرسل إليّ أحضر إليك ، فإني أستحي من الله أن يراك على بابي.

١٤٧

ودخلت بنت أسامة بن زيد مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عمر بن عبد العزيز ، فجعل يدها بين يديه ، ومشى بها حتّى أجلسها في مجلسه ، وجلس بين يديها ، وما ترك لها حاجة إلا قضاها.

يقول الشبراوي في (الإتحاف) ص ١٧ : هذا مع بنت مولاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما بالك بابن بضعته وذريته والمنتمين إلى الزهراء ابنته؟!.

وهذا كله لما وجب لآل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الشرف والمجد لنسبتهم إليه ، وسريان لحمه ودمه الكريمين فيهم. فهم بعضه ، وبعضه في وجوب الإجلال والتعظيم كجميعه ، وحرمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميتا كحرمته حيّا.

٧٧ ـ تفسير آية المودة :

(المصدر السابق ، ص ١٧)

قال تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣]. قال ابن عباس : المعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودّوني في نفسي لقرابتي منكم ، لأنه لم يكن بطن من قريش إلا بينهم وبينهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرابة. لكن الأنسب ما قاله غيره في تفسير الآية ، أن المعنى : قل يا محمّد لأمتك ، لا أطلب منكم على ما جئتكم به من الهدى ، والنجاة من الردى ، عوضا ولا أجرة ولا جزاء ، إلا أن تودّوا قرابتي وعترتي وتحبوهم ، وتعاملوهم بالمعروف والاحسان ، ويكون بينكم وبينهم غاية الودّ والمحبة والصلة.

روايات أخرى :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٠٤)

قال الله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣]. قال في (المواهب) : إن المراد بالقربى من ينتسب إلى جده الأقرب عبد المطلب.

وقال في (الصواعق) : المراد بأهل البيت والآل وذوي القربىعليهم‌السلام في كل ما جاء في فضلهم ، مؤمنو بني هاشم والمطلب.

وينافي هذا ما روى الطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عباس ، أن هذه الآية لما نزلت ، قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الذين نزلت فيهم الآية؟.قال : علي وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام .

١٤٨

٧٨ ـ محبة أهل البيتعليهم‌السلام هي أجر الرسالة المحمدية :

(الفصول المهمة في تأليف الأمة للسيد عبد الحسين شرف الدين ص ٤٠)

أخرج الحاكم (كما في تفسير آية المودة في القربى من مجمع البيان للطبرسي) بالإسناد إلى أبي ثمامة الباهلي ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى ، وخلقت أنا وعليّ من شجرة واحدة. فأنا أصلها ، وعليّ فرعها ، وفاطمة لقاحها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها. فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى. ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام حتّى يصير كالشن (أي الجلد اليابس) البالي ، ثم لم يدرك محبتنا ، أكبّه الله على منخريه في النار ، ثم تلاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢٣) [الشورى : ٢٣].

٧٩ ـ اقتراف الحسنة هو مودّة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٣٩)

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) [الشورى : ٢٣] قال : المودة لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٨٠ ـ أربع يسأل عنها المؤمن يوم القيامة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٤٢ ط نجف)

أنبأني أبو المظفر عبد الملك بن علي الهمداني حدّثني أبو برزة الأسلمي ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن جلوس ذات يوم : والذي نفسي بيده ،

لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأله الله تعالى عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت.

فقال عمر : فما آية حبّكم من بعدكم؟. قال : فوضع يده على رأس عليعليه‌السلام وهو إلى جانبه ، وقال : إن آية حبّي من بعدي حبّ هذا.

ومثل ذلك ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس.

١٤٩

٨١ ـ من أحبّ أهل البيتعليهم‌السلام فله الشفاعة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٥٩)

أخرج الخطيب في تاريخه عن عليعليه‌السلام (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«شفاعتي لأمتي من أحب أهل بيتي».

٨٢ ـ من أحبّ أهل البيتعليهم‌السلام يثبّته الله على الصراط :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٦٣)

أخرج الديلمي عن عليعليه‌السلام ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيّكم ، وحب أهل بيته ، وعلى قراءة القرآن ، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله ، مع أنبيائه وأصفيائه.

٨٣ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسألنا عن اثنين : القرآن والعترة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٦١)

أخرج الطبراني عن المطلب بن عبد الله عن أبيه ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجحفة [غدير خم] فقال : ألست أولى بكم من أنفسكم؟. قالوا : بلى يا رسول الله. قال : فإني سائلكم عن اثنين : عن القرآن وعترتي.

٨٤ ـ لا يدخل الجنة من لم يعرف حق أهل البيتعليهم‌السلام :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٤٥)

وأخرج الطبراني في الأوسط ، ونقله السيوطي في (إحياء الميت) والنبهاني في أربعينه وابن حجر في صواعقه ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الزموا مودتنا أهل البيت ، فإنه من لقي الله وهو يودّنا ، دخل الجنة بشفاعتنا. والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمل عمله إلا بمعرفة حقنا».

٨٥ ـ مودة أهل البيتعليهم‌السلام تطيل العمر :

(قادتنا كيف نعرفهم ، ج ٦)

وروي بإسناده عن عبد الله بن بدر ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أحبّ أن يبارك في أجله ، وأن يمتّع بما خوّله الله تعالى ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة. ومن لم يخلفني فيهم بتّك عمره (أي قطع) ، وورد عليّ يوم القيامة مسودا وجهه».

١٥٠

ـ وفي حديث مشابه : (المنتخب للطريحي ، ص ١٢ ط ٢)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أحبّ أن ينسّأ في أجله (أي يطول عمره) ، وأن يمتّعه الله بما خوّله الله ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة. فمن لم يخلفني فيهم بتر الله عمره ، وورد عليّ يوم القيامة مسودّا وجهه».

ومضامين هذه الأحاديث الشريفة أن أهل البيتعليهم‌السلام

(الذين هم الأئمة الأطهار) هم حجج الله البالغة ، ومناهل شريعته السائغة ، والقائمون مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده في أمره ونهيه ، والممثّلون له بأجلى مظاهر هديه. فالمحب لهم بسبب ذلك محبّ لله ولرسوله ، والمدافع عنهم كالمدافع عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمبغض لهم مبغض لهما.

٨٦ ـ ماذا كان جواب الأمة على طلب نبيّهم :

لقد طلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المسلمين أن يكون أجره على تبليغ الرسالة الإسلامية مودّة قرباه وذريته المختارة ، فماذا كان جوابهم على هذا الطلب ، وما ذا كان ردّهم على هذا الإحسان؟.

فمنذ أن أغمض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه بعد جهاده الكبير ، قام الناس يجرّدون أهل البيتعليهم‌السلام من مكانتهم الرفيعة ومنزلتهم السامية ، ويحرمونهم حقوقهم الدينية والدنيوية ، حتّى بكت فاطمةعليها‌السلام حزنا على فراق أبيها ، وصبر عليعليه‌السلام على طول المدة وشدة المحنة.

ولقد كان في علم الله وعلم رسوله ما ستفعل الأمة بأهله وذريته ، فكان يؤكد الوصيّة بهم ، ولزوم التمسك بحبلهم ، وأنهم الأمان من الضلال ، والنجاة من الغرق وكأن هذه الوصية بهم كانت وصية عليهم. لأن المسلمين عملوا على نقيضها ، فكانت الحجة على الظالمين منهم حجة من أبلغ الحجج. ولا سيما ما فعلوه مع الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ورهطه في كربلاء يوم العاشر من المحرّم.

عقاب من يبغض أهل البيتعليهم‌السلام

٨٧ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام في النار :

(إحياء الميت ، ص ٢٤٢)

أخرج الطبراني والحاكم عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

١٥١

«يا بني عبد المطلب ، إني سألت الله لكم ثلاثا : أن يثّبت قلوبكم ، وأن يعلّم جاهلكم ، ويهدي ضالّكم ، وسألته أن يجعلكم جوداء ونجداء ورحماء. فلو أن رجلا صفن (أي صفّ قدميه) بين الركن والمقام ، فصلّى وصام ، ثم مات وهو مبغض لأهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، دخل النار».

٨٨ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام منافق :(إحياء الميت ، ص ٢٤٣)

أخرج ابن عدي في (الإكليل) عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أبغضنا أهل البيت ، فهو منافق».

٨٩ ـ مبغض العترة أحد ثلاث :(إحياء الميت ، ص ٢٤٤)

أخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عليعليه‌السلام (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لم يعرف حقّ عترتي والأنصار ، فهو لإحدى ثلاث : إما منافق ، وإما لدينه ، وإما لغير طهور». يعني حملته أمه على غير طهر.

٩٠ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام يحشر يهوديا :(إحياء الميت ، ص ٢٤٥)

أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول : «أيها الناس ، من أبغضنا أهل البيت ، حشره الله تعالى يوم القيامة يهوديا».

٩١ ـ غضب الله شديد على من آذى العترة :(إحياء الميت ص ٢٦٥)

أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي».

٩٢ ـ عقوبة من يظلم أهل البيتعليهم‌السلام أو يسبّهم :

(عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ، ج ٢ ص ٣٤ حديث ٦٥)

عن الإمام علي الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«حرّمت الجنة على من ظلم أهل بيتي ، وقاتلهم ، والمعين عليهم ، ومن سبّهم( لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٧٧) [آل عمران : ٧٧].

١٥٢

موالاة أهل البيتعليهم‌السلام

(حديث الثّقلين وحديث الغدير)

٩٣ ـ معنى الموالاة :

ليست الموالاة لأهل البيتعليهم‌السلام مجرد محبتهم والتعاطف معهم ، إنما تعني إضافة لذلك التقيد بأقوالهم والسير على منهاجهم. وهذه الموالاة واجبة على كل مسلم حسب منطوق حديث الثقلين ، الّذي ينص على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك بعد وفاته للأمة شيئين مهمّين غاليين ، إن تمسكوا بهما نجوا ، وإن تركوهما ضلوّا وغووا ، هما القرآن (وهو كتاب الله الصامت) وأئمة أهل البيت (وهم كتاب الله الناطق).

وإذا كانت الموالاة لأهل البيتعليهم‌السلام تعني متابعتهم والتمسك بهم ، فيجب على كل مسلم أن يتعلم فقه الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ويسير عليه ، حتّى يكون مواليا لأهل البيتعليهم‌السلام . أما محبة أهل البيتعليهم‌السلام باللسان بدون السير على نهجهم ، فهذه لا تنفع شيئا ، عدا عن أنها نفاق ظاهري. فأهل الكوفة كلهم كانت قلوبهم مع الحسينعليه‌السلام ، ولكن أسيافهم كانت عليه. فالمحكّ الحقيقي للولاية هو نصرة أهل البيتعليهم‌السلام بالقول والعمل ، والدفاع عنهم ، والبراءة من أعدائهم.

ومن العجب العجاب أن بعض المسلمين كانوا يدّعون محبة أهل البيتعليهم‌السلام ، ثم كانوا يسبّونهم على المنابر ، لا بل إنهم كانوا يرضون عن أعمال الذين حاربوا الإمام علياعليه‌السلام والإمام الحسنعليه‌السلام والإمام الحسينعليه‌السلام ، أمثال معاوية ويزيد وأعوانهم. فما هذا التناقض الغريب ، وكيف يقبله ذو منطق وعقيدة؟.

وإليك بعض الأحاديث الشريفة التي تؤكد على لزوم موالاة أهل البيتعليهم‌السلام والتمسك بهم ومتابعتهم والسير على مذهبهم دون سواهم.

٩٤ ـ ثواب نصرة أهل البيتعليهم‌السلام ، والذين تنالهم شفاعة جدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٥)

روى الناصر للحق عن آبائه رضوان الله عليهم ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، ولو أتوا بذنوب أهل الأرض : الضارب بسيفه أمام ذريتي ، والقاضي لهم حوائجهم ، والساعي لهم في حوائجهم ، والمحبّ لهم بقلبه ولسانه».

١٥٣

جعلنا الله من محبيهم والموالين لهم ، ورزقنا شفاعة جدهم بمنّه وسعة رحمته.

٩٥ ـ ولاية عليعليه‌السلام نسوها :

(تاريخ الشيعة لمحمد حسين المظفر ، ص ٩)

قال أبو سعيد الخدري : أمر الناس بخمس ، فعملوا بأربع وتركوا واحدة. قيل له : وما الأربع؟. قال : الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج. قيل : فما الواحدة التي تركوها؟. قال : ولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قيل له : وإنها لمفروضة معهن؟. قال : نعم هي مفروضة معهن.

٩٦ ـ تمسّكوا بالأئمة من بعدي :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٤٤ ط ٢)

عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : خطب فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة خطبة بليغة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني راحل عن قريب ، ومنطلق للمغيب. وإني أوصيكم في عترتي خيرا ، فلا تخالفوهم ولا تخاصموهم ولا تنابذوهم. وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، والضلالة وأهلها بالنار.

معاشر الناس ، من افتقد منكم الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، وإن افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة (يقصد الأئمة الاثني عشر). أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، والحمد لله رب العالمين.

إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنهم هم الأولياء والأوصياء والخلفاء من بعدي ، أئمة أبرار وأوصياء أطهار ، وهم بعدد أسباط يعقوبعليه‌السلام ، وعدد حواريي عيسىعليه‌السلام ، وعدد نقباء بني إسرائيل.

[وقد مرت رواية مشابهة ، في الفقرة رقم ٤٢ مروية عن سلمان أيضا فراجع]

٩٧ ـ منزلة أهل البيتعليهم‌السلام :

(إسعاف الراغبين لمحمد الصبان ص ١١١)

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ، ومكان العينين من الرأس ، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين».

١٥٤

٩٨ ـ موالاة العترة :

وأخرج الطبراني في الكبير ، والرافعي في مسنده ، بالإسناد إلى ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، وليوال وليّه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ؛ فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي». وهذا الحديث بعين لفظه هو الحديث ٣٨١٩ من (كنز العمال) ج ٦ ص ٢١٧.

٩٩ ـ حديث الثقلين وحديث الغدير :

(المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٥١ ط ٥)

الصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثّقلين (وهما القرآن وأهل البيت) متواترة ، وطرقها عن بضع وعشرين صحابيا متضافرة. وقد صدع بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مواقف له شتى ؛ مرة على منبره في المدينة ، وتارة بعد انصرافه من الطائف ، وتارة يوم عرفة في حجة الوداع ، وتارة يوم غدير خم وهو راجع من حجة الوداع ، وأخرى في حجرته المباركة وهو في مرضه الأخير ، إذ قال : «إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما».

[أخرج هذا الحديث الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري من طريقين :أحدهما في آخر ص ١٧ ، والثاني في آخر ص ٢٦ من الجزء الثالث من مسنده.وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن سعد عن أبي سعيد ، وهو الحديث ٩٤٥ من أحاديث (كنز العمال) ج ١ ص ٤٧].

وأخرج جلال الدين السيوطي في (الدر المنثور) ج ٢ ص ٦٠ أحاديث عديدة ، منها ما خرّجه عن الطبراني عن زيد بن أرقم (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني لكم فرط ، وإنكم واردون عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني في الثّقلين». قيل وما الثقلان يا رسول الله؟ قال :

«الأكبر كتاب اللهعزوجل ، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به لن

١٥٥

تزلوّا ولا تضلوا. والأصغر عترتي ، وإنهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ، وسألت لهما ذلك ربي. فلا تقدّموهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهما فإنهما أعلم منكم».[وذكره في (التعقبات) ج ١ ص ١٨٣ من حديث الثقلين].

وذكر الموفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في (المناقب) حديث الغدير بسنده المتصل عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقمّمن (أي نظّف ما تحت الشجرات من القمامة). ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثّقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». ثم قال : «إن اللهعزوجل مولاي ، وأنا وليّ كل مؤمن ومؤمنة». ثم أخذ بيد عليعليه‌السلام فقال : «من كنت وليّه فهذا وليّه. الله م وال من والاه ، وعاد من عاداه».

تعليق : أحاديث الثقلين وحديث الغدير ، تقرّ بالإمامة لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالبعليه‌السلام نصا لا لبس فيه ، حيث نقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولايته العامة على المسلمين إلى الإمام عليعليه‌السلام حيث قال لهم وهم مجتمعون في غدير خم :«ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟». قالوا : بلى ، الله ورسوله أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قال : «من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه ..." إلى آخر الحديث.

هذا وإن في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الثقلين عن القرآن والعترة : «وإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». حقيقتين هما :

الأولى : أن أهل البيتعليهم‌السلام والقرآن متلازمان ، فكما أن القرآن لا يأتيه الباطل ، فهم منزّهون من الباطل ، ومعصومون من الخطأ والدنس.

والثانية : أنهم مستمرون في ولايتهم إلى يوم القيامة ، وأنهم موجودون دائما ، إما بشكل إمام ظاهر كالإمام عليعليه‌السلام والأئمة من أولاده ، أو بشكل إمام مستتر كالإمام المهديعليه‌السلام ، وهو الإمام الثاني عشر ، الّذي ولد سنة ٢٥٥ ه‍ ، ثم تولى الإمامة سنة ٢٦٠ ه‍ حين توفي والدهعليه‌السلام وغاب الغيبة الصغرى. ثم غاب الغيبة الكبرى وعمره ٧٥ عاما. وهو الآن باعتقادنا حي يرزق ، غائب عن الأنظار ، يظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا. ومن مهماته أن يقيم دولة القرآن ، وأن يأخذ بثأر جده الحسينعليه‌السلام من أعدائه.

١٥٦

١٠٠ ـ روايات أخرى لحديث الثقلين :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمد الصبان ص ١١٠)

عن زيد بن أرقم (قال) قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أيها الناس ، إنما أنا بشر مثلكم ، يوشك أن يأتيني رسول ربيعزوجل فأجيبه. وإني تارك فيكم ثقلين : كتاب الله فيه الهدى والنور ، فتمسّكوا بكتاب اللهعزوجل وخذوا به ؛ وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي «(أي أحذّركم الله في شأن أهل بيتي). ورواه مسلم.

وأخرج الترمذي وحسّنه ، والحاكم عن زيد بن أرقم (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«إني تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما».

١٠١ ـ تواتر حديث الثقلين من طرق السنّة :

(إحياء الميت للسيوطي ، ص ٢٤٠)

وقد ورد حديث الثقلين بصيغة [كتاب الله وعترتي] أيضا فيما أخرجه عيد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت ، وبصيغة [الثقلين : كتاب الله وعترتي] فيما أخرجه أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري ، وبنفس الصيغة ما أخرجه الترمذي عن جابر. وبصيغة : [الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ، فيما أخرجه البزاز عن عليعليه‌السلام . وبصيغة [كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ، وبصيغة [خليفتين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ما أخرجه أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت ، وما أخرجه البارودي عن أبي سعيد الخدري.

١٠٢ ـ ما معنى الثّقلين؟ :

قال ابن حجر في (الصواعق) بعد ذكره لحديث الثقلين : سمّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن والعترة : ثقلين ، لأن الثّقل كل شيء نفيس خطير ، وهذان كذلك ، إذ كل واحد منهما معدن للعلوم الدينية والأسرار العقلية الشرعية ، ولهذا حثّ على الاقتداء والتمسك بهما. وقيل : سمّيا (ثقلين) لثقل وجوب رعاية حقوقهما.

١٠٣ ـ أحاديث في ولاية أهل البيتعليهم‌السلام :

جاء في (الصواعق المحرقة) لابن حجر في ولاية الإمام عليعليه‌السلام وأهل البيتعليهم‌السلام ووجوب الاقتداء بهم :

١٥٧

ـ في الصفحة ١٤ تفسير الآية :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٨٢) [طه : ٨٢]. قال ثابت البناني :( ثُمَّ اهْتَدى ) [طه : ٨٢] يعني إلى ولاية أهل البيتعليهم‌السلام .

ـ وفي الصفحة ٩١ تفسير الآية :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٢٤) [الصافات : ٢٤]. عن أبي سعيد الخدري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٢٤) [الصافات : ٢٤] عن ولاية علي وأهل بيتهعليهم‌السلام .

ـ وفي الصفحة ٩٩ تفسير الآية :( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٧) [البينة : ٧]. أخرج الحافظ جمال الدين الذرندي عن ابن عباس ، أن هذه الآية لما نزلت ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : «هو أنت وشيعتك ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين».

١٠٤ ـ تفسير سورة العصر :

(مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للمجلسي ، ج ٣ ص ٢٥٥)

وفي عليعليه‌السلام نزلت سورة (العصر) وتفسيرها :( وَالْعَصْرِ ) (١) [العصر : ١] أي أقسم برب عصر القيامة( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) (٢) [العصر : ٢] يقصد أعداء آل محمّد( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) [الشعراء : ٢٢٧] بولايتهم ،( وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) [الشعراء : ٢٢٧] بمواساة إخوانهم ،

( وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) [العصر : ٣] في فترة غيبة قائمهم (عج).

١٥٨

أشعار في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام

(هامش الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٩)

١٠٥ ـ أشعار في الموالاة :

قال الإمام الشافعي :

قالوا : ترفّضت ، قلت : كلا

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن تولّيت غير شكّ

خير إمام وخير هاد

إن كان حبّ الوليّ رفضا

فإنني أرفض العباد

وقالرحمه‌الله :

يا راكبا قف بالمحصّب من منى

واهتف بساكن خيفها والناهض

سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضا كملتطم الفرات الفائض

إني أحبّ بني النبيّ المصطفى

وأعدّه من واجبات فرائضي

إن كان رفضا حبّ آل محمّد

فليشهد الثقلان أني رافضي

وقال عن محبة أهل البيتعليهم‌السلام والصلاة عليهم :

يا آل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنّكم

من لا يصلي عليكم لا صلاة له

ومما ينسب إلى الشافعي هذه الأبيات تعليقا على حديث النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تفترق أمّتي ثلاثا وسبعين فرقة ، الناجية منها واحدة». قال :

ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النّجا

وهم آل بيت المصطفى خاتم الرّسل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة

ونيف كما قد جاء في محكم النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرق الهلّاك آل محمّد

أم الفرقة اللائي نجت منهم قل لي

فإن قلت في الناجين فالقول واحد

وإن قلت في الهلّاك حفت عن العدل

إذا كان مولى القوم منهم ، فإنني

رضيت بهم ، لا زال في ظلّهم ظلّي

فخلّ عليّا لي إماما ونسله

وأنت من الباقين في أوسع الحلّ

وله في الولاية مدائح كثيرة ، منها قوله :

١٥٩

إذا في مجلس ذكروا عليّا

وشبليه وفاطمة الزّكيّة

يقال تجاوزوا يا قوم هذا

فهذا من حديث الرافضيّه

هربت من المهيمن من أناس

يرون الرّفض حبّ الفاطميّه

على آل الرسول صلاة ربي

ولعنته لتلك الجاهليه

وقال يرثي الحسينعليه‌السلام من قصيدة :

تأوّب همّي والفؤاد كئيب

وأرّق نومي والرقاد غريب

ومما نفى همّي وشيّب لمّتي

تصاريف أيام ، لهنّ خطوب

فمن مبلغ عني الحسين رسالة

وإن كرهتها أنفس وقلوب

يصلىّ على المبعوث من آل هاشم

ويغزى بنوه ، إنّ ذا لعجيب

لئن كان ذنبي حبّ آل محمّد

فذلك ذنب لست عنه أتوب

هم شفعائي يوم حشري وموقفي

إذا ما بدت للناظرين خطوب

وقالرحمه‌الله :

لقد كتموا آثار آل محمّد

محبّيهم خوفا ، وأعداؤهم بغضا

فأبرز من بين الفريقين نبذة

بها ملأ الله السموات والأرضا

وقال الشيخ أبو بكر بن عربي :

رأيت ولائي آل طه فريضة

على رغم أهل البعد يورثني القربا

فما طلب المبعوث أجرا على الهدى

بتبليغه ، إلا المودة في القربى

وقال أحدهم في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام ومعاداة أعدائهم :

يا بني الزهراء والنور الّذي

ظنّ موسى أنه نار قبس

لا أوالي الدهر من عاداكم

إنه آخر آي من (عبس)

يشير بذلك إلى قوله تعالى :( أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ) (٤٢) [عبس : ٤٢].

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311