موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ18%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59997 / تحميل: 7774
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( أحكام الصلاة )

الصلوات الواجبة في زمان غيبة امام العصر ـ عجل الله فرجه الشريف ـ خمسة انواع :

(1) الصلوات اليومية وتندرج فيها صلاة الجمعة كما سيأتي.

(2) صلاة الآيات.

(3) صلاة الطواف الواجب.

(4) الصلاة الواجبة بالاجارة والنذر ، والعهد واليمين ونحو ذلك.

(5) الصلاة على الميت ، وتضاف إلى هذه : الصلاة الفائتة عن الوالد فان ـ الأحوط وجوباً ـ ان يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله.

١٠١

( صلاة الجمعة )

وهي ركعتان كصلاة الصبح ، وتجب قبلها خطبتان يلقيهما الإمام ففي الأولى : منهما يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أئمة المسلمين ـ والأحوط استحباباً ـ أن يضم إلى ذلك الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.

( مسألة 176 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ إتيان الحمد والصلاة من الخطبة باللغة العربية ، وأما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ فيما إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.

( مسألة 177 ) : صلاة الجمعة واجبة تخييراً ، ومعنى ذلك ان المكلف يوم الجمعة مخير بين الاتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شروطها الآتية ، وبين الاتيان بصلاة الظهر ولكن الإتيان بالجمعة أفضل ، فإذا أتى بها بشروطها أجزأت عن الظهر.

( مسألة 178 ) : تعتبر في صحة صلاة الجمعة الجماعة ، فلا تصح فرادى.

( مسألة 179 ) : يشترط في جماعة الجمعة عدد خاص وهو خمسة نفر

١٠٢

أحدهم الامام ، فلا تصح الجمعة ما لم يكن المجتمعون خمسة نفر من المسلمين أحدهم الإمام.

( مسألة 180 ) : يشترط في صحة صلاة الجمعة استجماعها للأمور الآتية المعتبرة في صلاة الجماعة ، ومنها ان يكون الإمام جامعاً لشروط الإمامة من العدالة وغيرها ، فلا تصح الجمعة إذا لم يكن الامام جامعاً للشروط.

( مسألة 181 ) : تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها وبين جمعة اخرى اقل من فرسخ ( ½5 كم تقريباً ) ، فلو اقيمت جمعة اخرى فيما دون فرسخ بطلتا جميعاً إن كانتا مقترنتين زماناً ، وأما إذا كانت أحداهما سابقة على الاُخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة.

( مسألة 182 ) : اقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة اخرى في تلك المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط ، وأما إذا لم تكن واجدة لها فلا تمنع عن ذلك.

( مسألة 183 ) : إذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من اقامها الامامعليه‌السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً ، وان كان غيره لم يجب الحضور ، بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر ولو في اول وقتها.

( مسألة 184 ) : لا يجب الحضور على المرأة ولا على المسافر ـ وإن كانت وظيفته الاتمام ـ ولا على المريض ، ولا على الأعمى ، ولا على الشيخ الكبير ، ولا على من كان بينه وبين الجمعة اكثر من فرسخين ( 11 كم تقريباً ) ولا على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر ، أو برد شديد ، أو نحوهما ، فهؤلاء جميعاً لا يجب عليهم الحضور في صلاة الجمعة حتى في فرض وجوبها تعييناً الذي تقدم بيانه في المسألة السابقة.

١٠٣

( النوافل اليومية )

يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة : ثمان ركعات لصلاة الظهر قبلها ، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس وتحسبان بركعة ، وثمان ركعات نافلة الليل ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بها بعد منتصف الليل والأفضل اداؤها قريباً من الفجر الصادق ، وركعتا الشفع بعد صلاة الليل ، وركعة الوتر بعد الشفع ، وركعتان نافلة الفجر قبل فريضته ، ولا يبعد ان يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل ـ بعد مضي مقدار يتمكن المكلف من الاتيان بها ـ ويمتد إلى قبيل طلوع الشمس.

( مسألة 185 ) : النوافل ركعتان ركعتان ـ إلاّ صلاة الوتر فإنها ركعة واحدة ويجوز الاتيان بها متصلة بالشفع أيضاً ـ ويستحب فيها القنوت ولكن يؤتى به في صلاة الشفع رجاءً ، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة ، كما يجوز الاكتفاء ببعض انواعها دون بعض ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر بل على الوتر خاصة ، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل ركعتين ، وإذا اريد التبعيض في غير هذه الموارد ـ فالأحوط لزوماً ـ الاتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.

والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي : « لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ

١٠٤

الكَريم ، لا إله إلاّ اللهُ العَليّ العَظيم ، سُبْحانَ اللهِ رَبِّ السمواتِ السَبْع ، وَربّ الأرضينَ السبع ، وَما فيهن وما بَيْنَهُنّ ، وَرَبُّ العَرش العَظيم ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين » ، وان يدعو لأربعين مؤمناً ، وان يقول : « أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَأَتوبُ إليه » سبعين مرة ، وأن يقول : « هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّار » سبع مرات ، وأن يقول : « العفو » ثلاثمائة مرة.

( مسألة 186 ) : تسقط ـ في السفر ـ نوافل الظهر والعصر بل والعشاء أيضاً ، ولا تسقط بقية النوافل ، ويجوز أن يأتي بنافلة العشاء رجاءً.

( مسألة 187 ) : صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء ، يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد( وَذَا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَليه ، فَنَادى في الظُّـلُماتِ اَنْ لا إلهَ إلاّ أنت سُبْحانَك إنّي كُنْتُ من الظّالِمين ،فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجّيْناهُ مِنَ الغَمّ وَكَذَلِكَ نُنْجي المُؤمِنين ) ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الحمد( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعْلَمُها إلاّ هو ،وَيَعْلَمُ مَا في البَرِّ والبَحرِ ،وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُها ،ولا حَبّةٍ في ظُلُماتِ الأرضِ ،ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتَابٍ مُبِين ) ثم يقنت فيقول : « اللّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ بِمَفاتِحِ الغَيبِ التي لا يَعْلَمُها إلاّ أَنْتَ أنْ تُصلي عَلى مُحمد وَآل مُحمد » ويطلب حاجته ويقول : « اللّهم أنت وَليّ نِعْمَتي والقادِرُ على طَلِبَتي تَعْلَمُ حاجَتي فَاسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي » ويجوز أن يأتي بهاتين الركعتين بقصد نافلة المغرب أيضاً فتجزى عنهما جميعاً.

١٠٥

( مقدمات الصلاة )

مقدمات الصلاة خمس :

1 ـ الوقت

( مسألة 188 ) : وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب ، وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص صلاة العصر من آخره بمقدار ادائها ، ولا تزاحم كل منهما الاُخرى وقت اختصاصها ، ولو صلى الظهر قبل الزوال معتقداً دخول الوقت ثم علم بدخوله وهو في الصلاة صحت صلاته ، وجاز له الاتيان بصلاة العصر بعدها وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ إتمامها وإعادتها.

( مسألة 189 ) : يعتبر الترتيب بين الصلاتين ، فلا يجوز تقديم العصر على الظهر عمداً ، نعم إذا صلى العصر قبل ان يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت صلاته ، فإن التفت في اثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته وإن التفت بعد الفراغ صحت عصراً وأتى بالظهر بعدها.

( مسألة 190 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تأخير صلاة الظهرين إلى سقوط قرص الشمس ، نعم مع الشك في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالأبنية ونحوها يجوز التأخير والاتيان بهما قبل زوال الحمرة المشرقية.

( مسألة 191 ) : وقت صلاة العشاءين للمختار من أول المغرب إلى نصف الليل ( منتصف ما بين غروب الشمس والفجر ) وتختص صلاة

١٠٦

المغرب من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها نظير ما تقدم في الظهرين ، وأما المضطر لنوم أو نسيان ، أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر ، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، ويعتبر الترتيب بينهما ، ولكنه لو صلى العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه ولم يتذكر حتى فرغ منها صحت صلاته ، وأتى بصلاة المغرب بعدها ولو كان في الوقت المختص بالعشاء.

( مسألة 192 ) : لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط قرص الشمس واحتمال استتاره بحاجب كالجبال ، والأبنية والأشجار بل ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقديمها عليه حتى مع العلم بسقوط القرص ، والأولى عدم تأخيرها عن ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية.

( مسألة 193 ) : إذا دخل في صلاة العشاء ، ثم تذكر انه لم يصلّ المغرب عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل ان يدخل في ركوع الركعة الرابعة ، وإذا كان تذكره بعده صحت صلاته عشاءً ويأتي بعدها بصلاة المغرب ، وقد مرّ آنفاً حكم التذكر بعد الصلاة.

( مسألة 194 ) : إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء إختياراً حتى انتصف الليل ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يصليها قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة ، من دون نية الأداء أو القضاء ، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب ـ احتياطاً وجوبياً ـ.

( مسألة 195 ) : وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ، ويعرف الفجر باعتراض البياض في الاُفق المتزايد وضوحاً وجلاءً ويسمى بالفجر الصادق.

١٠٧

( مسألة 196 ) : وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الاتيان بصلاة الظهر.

( مسألة 197 ) : يعتبر في جواز الدخول في الصلاة ان يستيقن بدخول الوقت ، أو تقوم به البينة ، ويجتزأ بالاطمينان الحاصل من اذان الثقة العارف بالوقت ، أو من اخباره أو من سائر المناشىء العقلائية ، ولا يكتفى بالظن وان كان للمكلف مانع شخصي عن معرفة الوقت ، كالعمى والحبس ، بل وان كان المانع نوعياً ـ كالغيم ـ على ـ الأحوط لزوماً ـ فلا بد في الحالتين من تأخير الصلاة إلى حين الاطمينان لدخول الوقت.

( مسألة 198 ) : إذا صلى معتقداً دخول الوقت بأحد الأمور المذكورة ثم انكشف له أنّ الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته ، نعم إذا علم أنّ الوقت قد دخل وهو في الصلاة صحت صلاته ، وإذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء لم تصح ولزمه اعادتها.

( مسألة 199 ) : لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختياراً ، ولا بد من الاتيان بجميعها في الوقت ، ولكنه لو أخرها عصياناً أو نسياناً حتى ضاق الوقت وتمكن من الاتيان بها فيه ولو بركعة وجبت المبادرة إليها وكانت الصلاة اداءً.

( مسألة 200 ) : يجوز التنفّل في وقت الفريضة ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بالفريضة أوّلاً في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.

2 ـ القبلة وأحكامها

( مسألة 201 ) : يجب استقبال القبلة مع الإمكان في جميع الفرائض

١٠٨

وتوابعها من الأجزاء المنسية ، وصلاة الاحتياط ، دون سجدتي السهو ، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي أو الركوب ـ والأحوط وجوباً ـ اعتباره فيها حال الاستقرار ، والقبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ويتحقق استقباله بمحاذاة عينه مع التمكن من تمييزها ، والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.

( مسألة 202 ) : ما كان من الصلوات واجبة زمان حضور الامامعليه‌السلام كصلاة العيدين يعتبر فيها استقبال القبلة وان كانت مستحبة فعلاً ، وأما ما عرض عليه الوجوب بنذر وشبهه فلا يعتبر فيه الاستقبال حال المشي والركوب.

( مسألة 203 ) : يجب العلم باستقبال القبلة ، وتقوم البينة مقامه إذا كانت مستندة إلى المبادىء الحسية أو ما بحكمها ، كالاعتماد على الآلات المستحدثة لتعيين القبلة ، والظاهر حجيّة قول الثقة من أهل الخبرة في تعيين القبلة ، وان لم يفد الظن حتى مع التمكن من تحصيل العلم بها ، ومع عدم التمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه يجب ان يبذل المكلف جهده في معرفتها ويعمل على ما يحصل له من الظن ، ومع عدم التمكن منه أيضاً يجزئ التوجه إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه ـ والأحوط استحباباً ـ ان يصلي إلى أربع جهات.

( مسألة 204 ) : إذا ثبت له بوجه شرعي ان القبلة في جهة فصلى إليها ، ثم إنكشف له الخلاف فان كان انحرافه عنها لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة وأتم صلاته فيما إذا كان الانكشاف اثناء الصلاة ، وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب الاعادة ، وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار أو كانت صلاته إلى دبر القبلة ، فان كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها ،

١٠٩

ولا يجب القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت وان كان ـ أحوط استحباباً ـ.

3 ـ الطهارة في الصلاة

( مسألة 205 ) : تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر وطهارة اللباس ، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس كالقلنسوة ، والتكة ، والجورب ، بشرط أن لا يكون متخذاً من الميتة النجسة ، ولا نجس العين ، كالكلب على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بأس بحمل النجس والمتنجس في الصلاة كان يضع منديله المتنجس في جيبه.

( مسألة 206 ) : لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح قبل البرء ، ولا سيما إذا كان التطهير أو التبديل حرجياً نوعاً ، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به وله ثبات واستقرار ، وأما الجروح الجزئية فيجب تطهيرها إلاّ فيما سيأتي.

( مسألة 207 ) : لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان اقل من الدرهم ـ أي ما يساوي عقد الابهام ـ بلا فرق بين اللباس والبدن ، ولا بين اقسام الدم ، ويستثنى من ذلك دم الحيض ، ويلحق به ـ على الأحوط لزوماً ـ دم نجس العين والميتة والسباع ، بل مطلق غير مأكول اللحم ، ودم النفاس والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً ، وإذا شك في دم انه أقل من الدرهم أم لا بنى على العفو عنه ، إلاّ إذا كان مسبوقاً بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه ، وإذا علم انه اقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فلا بأس بالصلاة فيه.

١١٠

( مسألة 208 ) : إذا صلى جاهلاً بنجاسة البدن أو اللباس ، ثم علم بها بعد الفراغ منها صحت صلاته إذا لم يكن شاكاً فيها قبل الصلاة ، أو شك وفحص ولم يحصل له العلم بها ، وأما الشاك غير المتفحص ـ فالأحوط لزوماً ـ فيما إذا وجد النجاسة بعد الصلاة ان يعيدها في الوقت ويقضيها في خارجه ، وإذا علم بالنجاسة في الأثناء فان احتمل حدوثها بعد الدخول في الصلاة وتمكن من التجنب عنها بالتبديل أو التطهير ، أو النزع على نحو لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتم صلاته ولا شيء عليه ، وان لم يتمكن منه فان كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان ضيقاً اتمها مع النجاسة ولا شيء عليه ، وإن علم ان النجاسة كانت قبل الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ استينافها مع سعة الوقت ، وأما مع ضيقه حتى عن ادراك ركعة فإن أمكن التجنب عن النجاسة بالتبديل أو التطهير أو النزع ، من غير لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة ، وإلاّ صلى معها وتصح صلاته.

( مسألة 209 ) : إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى ، فان كان نسيانه ناشئاً عن الاهمال وعدم التحفظ ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيد الصلاة ، سواءً تذكر في اثنائها أم بعد الفراغ منها ، وهكذا لو تذكر بعد مضي الوقت ، وأما إذا لم يكن منشأ نسيانه الاهمال فحكمه حكم الجاهل بالموضوع وقد تقدم في المسألة السابقة.

( مسألة 210 ) : تجب في الصلاة الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم ، وقد مرّ تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.

4 ـ مكان المصلي

( مسألة 211 ) : يعتبر في مكان المصلي اباحته ، فلا تصح الصلاة في

١١١

المكان المغصوب على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان الركوع والسجود بالإيماء ، ويختص هذا الحكم بالعالم العامد ، فلو صلى من المغصوب غافلاً أو جاهلاً بغصبيته ، أو ناسياً لها ولم يكن هو الغاصب صحت صلاته.

( مسألة 212 ) : إذا أوصى الميت بصرف الثلث من تركته في مصرف ما وعيّن الثلث من دار أو بستان أو دكان ونحوها لم يجز التصرف فيه قبل اخراج الثلث ، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ، أو الصلاة في ذلك المكان.

( مسألة 213 ) : إذا كان الميت مشغول الذمة بدين أو زكاة أو نحوهما من الحقوق المالية ـ عدا الخمس ـ لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها ، سواء أكان مستوعباً لها أم لا ، وأما التصرف بمثل الصلاة في داره فالظاهر جوازه باذن الورثة. وإذا كان مشغول الذمة بالخمس فان كان ممن يدفع الخمس جرى عليه ما تقدم ، وان كان ممن لا يدفعه ـ عصياناً أو اعتقاداً منه بعدم وجوبه ـ لم يجب على وارثه المؤمن ابراء ذمته وجاز له التصرف في التركة.

( مسألة 214 ) : لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلاّ برضاه وطيب نفسه ، وهو يستكشف بوجوه :

(1) الإذن الصريح من المالك.

(2) الإذن بالفحوى ، فلو أذن له بالتصرف في داره ـ مثلاً ـ بالجلوس والأكل والشرب والنوم فيها ، وقطع بكونه ملازماً للاذن بالصلاة جاز له أن يصلي فيها ، وان لم يأذن للصلاة صريحاً.

(3) شاهد الحال ، وذلك بأن تدل القرائن على رضا المالك بالتصرف في ماله ولو لم يكن ملتفتاً إليه فعلاً لنوم أو غفلة بحيث يعلم او يطمأن بانّه

١١٢

لو التفت لأذن.

( مسألة 215 ) : لا بأس بالصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً ، كما لا بأس بالوضوء من مائها وان لم يعلم رضا المالك به ، بل وان علم كراهته ـ سواء أكان كاملاً أم قاصراً ، صغيراً أم مجنوناً ـ وبحكمها أيضاً الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها وإن لم يعلم رضا المالك ، نعم إذا علم كراهته أو كان قاصراً ـ فالأحوط لزوماً ـ الاجتناب عنها ، ولا بأس أيضاً بالصلاة في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها ما لم يحرز كراهة المالك ، وتلك البيوت بيوت الأب والأم ، والأخ والاخت ، والعم والعمة ، والخال والخالة والصديق ، والبيت الذي يكون مفتاحه بيد الانسان.

( مسألة 216 ) : الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو الأرض مغصوباً ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 217 ) : الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر التصرفات ، إذا لم يأذن جميع الشركاء ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 218 ) : العبرة في الأرض المستأجرة باجازة المستأجر دون المؤجر.

( مسألة 219 ) : إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق الغير وكان الحق مما ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى بمثل الصلاة فيه ـ كحق السكنى ـ فلا بد في جواز التصرف فيها من اجازة المالك وذي الحق معاً.

( مسألة 220 ) : المحبوس في الأرض المغصوبة ـ إذا لم يتمكن من

١١٣

التخلص من دون ضرر أو حرج ـ تصح صلاته فيها ، ويصلي صلاة المختار إذا لم تستلزم تصرفاً زائداً على الكون فيها على الوجه المتعارف ، وإلاّ صلى بما يمكنه من دون تصرف زائد.

( مسألة 221 ) : يعتبر في مكان المصلي ان لا يكون نجساً على نحو تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن نجاسة غير معفو عنها ، ومع عدم السراية كذلك لا بأس بالصلاة عليها ، نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة كما سيأتي.

( مسألة 222 ) : لا يجوز استدبار قبور المعصومين : في حال الصلاة وغيرها إذا عدّ هتكاً لحرمتهم واساءة للأدب معهم.

( مسألة 223 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقدم المرأة على الرجل ولا محاذاتهما في الصلاة في مكان واحد فيلزم ، تأخرها عنه ـ ولو بمقدار يكون مسجد جبهتها محاذياً لركبتيه في حال السجود ـ أو يكون بينهما حائل ، أو مسافة أكثر من عشرة اذرع بذراع اليد ( ½4 متراً تقريباً ).

( مسألة 224 ) : تستحب الصلاة في المساجد للرجال والنساء ، وان كان الأفضل للمرأة ان تختار الصلاة في المكان الأستر حتى في بيتها.

5 ـ لباس المصلي

( مسألة 225 ) : يعتبر في الصلاة ستر العورة ، وهي في الرجل القبل ( القضيب والبيضتان ) والدبر ، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه ـ بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ واليدين إلى الزند ، والرجلين إلى أول جزء من الساق ، ولا يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في

١١٤

صلاة غير البالغة.

( مسألة 226 ) : يكفي في الساتر الصلاتي في حال الإختيار مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً ، كالورق والحشيش ، والقطن والصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، وأما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين ونحوه.

( مسألة 227 ) : إذا انكشف له اثناء الصلاة ان عورته لم تستر فعلاً وجبت المبادرة إلى سترها ـ مع عدم الاشتغال بشيء من الصلاة في حال الانكشاف على ـ الأحوط لزوماً ـ وتصح صلاته ، كما تصح أيضاً إذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة.

( مسألة 228 ) : إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميِّز ـ إما لعدم وجوده أو لظلمة ـ أو نحوها ـ اتى بها كذلك ، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدوّ سوءته ترك القيام والركوع والسجود صلى جالساً مومياً ، ولو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه واتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع والسجود ، ويجلس بدلاً عن القيام ، ـ والأحوط لزوماً ـ للعاري ستر السوأتين ببعض اعضائه كاليد في حال القيام ، والفخذين في حال الجلوس.

١١٥

( شروط لباس المصلي )

يشترط في لباس المصلي أمور :

( الأوّل ) : الطهارة وقد مرّ تفصيله في المسألة (205) وما بعدها.

( الثاني ) : اباحته على ـ الأحوط لزوماً ـ فيما كان ساتراً للعورة فعلاً واستحباباً في غيره.

( مسألة 229 ) : إذا صلى في ثوب جاهلاً بغصبيته ثم انكشف له ذلك صحت صلاته ، وكذلك إذا كان ناسياً وتذكر بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ إعادتها.

( مسألة 230 ) : إذا اشترى ثوباً بما فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، وأما إذا اشترى بما فيه حق الزكاة فلا يلحقه حكمه كما سيأتي في المسألة (551).

( الثالث ) : أن لا يكون من اجزاء الميتة التي تحلها الحياة من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، ويختص هذا الحكم بالميتة النجسة وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضاً ، وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه ـ كالشعر والصوف ـ فلا بأس بالصلاة فيه.

( مسألة 231 ) : يجوز حمل ما تحله الحياة من اجزاء الميتة النجسة في الصلاة وان كان ملبوساً ، كأن يضع الثوب المتخذ من جلد الميتة في جيبه.

١١٦

( مسألة 232 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم عليه بالتذكية ويجوز اكله بشرط اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية ، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، وما يوجد في سوق المسلمين إذا لم يعلم ان المأخوذ منه غير مسلم ، وأما ما يوجد مطروحاً في أرضهم فيحكم بطهارته ولا يحكم بحليته على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ مع الاطمينان بسبق احد الأمور الثلاثة.

( مسألة 233 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد الكافر أو المجهول إسلامه ، وما وجد في بلاد الكفر ، وما اخذ من يد المسلم مما علم انه قد أخذه من يد الكافر ولم يحرز تذكيته لا يجوز أكله ، ولكن يجوز بيعه ويحكم بطهارته وبجواز الصلاة فيه إذا احتمل ان يكون مأخوذاً من الحيوان المذكى.

( مسألة 234 ) : تجوز الصلاة في ما لم يحرز انه جلد حيوان ، وان اخذ من يد الكافر.

( مسألة 235 ) : إذا صلى في ثوب ثم علم بعد الصلاة أنه كان متخذاً من الميتة النجسة صحت صلاته ، إلاّ اذا كان شاكاً ولم يفحص قبل الدخول في الصلاة حسبما تقدم في المسألة (208) ، واما إذا نسي ذلك وتذكره بعد الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ إعادتها ـ سواء أكان الثوب مما تتم فيه الصلاة أم لا ـ إذا كان نسيانه ناشئاً من اهماله وعدم تحفظه وإلاّ فلا شيء عليه.

( الرابع ) : ان لا يكون من اجزاء السباع ، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على ـ الأحوط وجوباً ـ ويختص المنع بما تتم الصلاة فيه وان كان الاجتناب عن غيره أيضاً ـ أحوط استحباباً ـ وتجوز الصلاة في جلد

١١٧

الخز والسنجاب ووبرهما وإن كانا من غير مأكول اللحم.

( مسألة 236 ) : لا بأس بالصلاة في شعر الانسان ، سواء أكان من نفس المصلي أو من غيره.

( مسألة 237 ) : لا بأس بالصلاة في الشمع والعسل ، والحرير غير الخالص ودم البق والبرغوث والقمل ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها.

( مسألة 238 ) : لا بأس بالصلاة في ما يحتمل انه من غير مأكول اللحم ، وكذلك ما لا يعلم انه من أجزاء الحيوان. وما لا يعلم كون الحيوان المتخذ منه ذا لحم عرفاً.

( مسألة 239 ) : إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلاً أو نسياناً حتى فرغ من الصلاة صحت صلاته إلاّ إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير فانه تجب عليه الاعادة.

( الخامس ) : ان لا يكون لباس الرجل من الذهب الخالص ، أو المغشوش دون الممّوه والمطّلي الذي يعد الذهب فيه لوناً محضاً ، والمراد باللباس هنا كل ما يطلق على استعماله عنوان ( اللبس ) عرفاً وان لم يكن من الثياب كالخاتم والزناجير المعلقة ، والساعة اليدوية ، نعم لا بأس بحمل الذهب في الصلاة ، ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية الجيبية.

( مسألة 240 ) : يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضاً ، والأحوط لزوماً ترك التزيُّن به مطلقاً حتى فيما لا يطلق عليه اللبس عرفاً كجعل ازرار اللباس من الذهب ، أو جعل مقدم الاسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه.

١١٨

( مسألة 241 ) : إذا شك في فلزّ ولم يعلم انه من الذهب جاز لبسه في نفسه ولا يضر بالصلاة.

( مسألة 242 ) : لا فرق في حرمة لبس الذهب وابطاله الصلاة بين أن يكون ظاهراً أو لا.

( مسألة 243 ) : إذا صلى في فلزّ لم يعلم انه من الذهب أو نسيه ثم التفت إليه بعد الصلاة صحت صلاته.

( السادس ) : ان لا يكون لباس الرجل الذي تتم فيه الصلاة من الحرير الخالص ، وأما إذا امتزج بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.

( مسألة 244 ) : لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحوه من الحرير الخالص ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يزيد عرضه على أربعة اصابع مضمومة.

( مسألة 245 ) : لا بأس بحمل الحرير في الصلاة ، وان كان مما تتم الصلاة فيه.

( مسألة 246 ) : لا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص في غير حال الصلاة أيضاً ، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض ونحوهما ، وفي هذه الموارد تجوز الصلاة فيه أيضاً.

( مسألة 247 ) : إذا صلى في الحرير جهلاً أو نسياناً ، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة صحت صلاته.

( مسألة 248 ) : إذا شك في لباس ولم يعلم انه من الحرير ، جاز لبسه والصلاة فيه.

١١٩

( مسألة 249 ) : تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال ـ كما تقدم ـ ولا بأس به للنساء في الصلاة وفي غيرها ، وكذلك الأطفال الذكور فيجوز للولي ان يلبسهم الذهب والحرير وتصح صلاتهم فيهما.

( مسألة 250 ) : يحرم لبس لباس الشهرة ، وهو اللباس الذي يظهر المؤمن في شنعة وقباحة وفظاعة عند الناس ، لحرمة هتك المؤمن نفسه واذلاله اياها.

( مسألة 251 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ ان لا يتزيّ اي من الرجل والمرأة بزيّ الآخر في اللباس ، وأما لبس الرجل بعض ملابس المرأة لغرض آخر ـ وكذا العكس ـ فلا بأس به ، وفيما إذا حرم اللبس لم يضر بصحة الصلاة مطلقاً وإن كان ساتراً له حالها.

( مسألة 252 ) : إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير ، أو الذهب أو السباع صلى عارياً ، وإذا انحصر بما عدا السباع من غير مأكول اللحم من الحيوان ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً ، وإذا انحصر في النجس جاز الصلاة فيه.

( مسألة 253 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل حصوله عليه في آخر الوقت ، أما لو يئس عن حصوله عليه فله ان يصلي عارياً ولا تلزمه اعادتها لو صادف فحصل على الساتر في الوقت.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

صناديد قريش (١) .

١٧٠ - الإمام عليّ (عليه السلام) - حينما رجع من غزوة أُحد وأعطى فاطمة (عليها السلام) سيفه:

أفاطمُ هاكِ السيفَ غيرَ ذميمِ

فلستُ برعديدٍ ولا بمُليمِ

لَعمري لقد قاتلتُ في حُبّ أحمدٍ

وطاعة ربٍّ بالعباد رحيمِ

وسيفي بكفّي كالشهاب أهزّهُ

أجُذّ به مِن عاتقٍ وصميمِ

فما زلت حتى فَضَّ ربّي جموعهم

وحتى شَفَينا نفس كلّ حليمِ (٢)

١٧١ - المغازي عن الإمام عليّ (عليه السلام): لمّا كان يوم أُحد وجال الناس تلك الجولة، أقبَل أُميّة بن أبي حذيفة بن المغيرة، وهو دارع مقنّع في الحديد، ما يُرى منه إلاّ عيناه، وهو يقول: يومٌ بيومِ بدر، فيعترض له رجل من المسلمين فيقتله أُميّة.

قال عليّ (عليه السلام): (وأصمِد له فأضربه بالسيف على هامته وعليه بيضة وتحت البيضة مِغفَر، فنبا سيفي، وكنت رجُلاً قصيراً، ويضربني بسيفه فأتّقي بالدَّرَقة، فلخج (٣) سيفه فأضربه - وكانت دِرعه مشمّرة - فأقطع رِجْليه، ووقع فجعل يعالج سيفه حتى خلّصه من الدَّرَقة (٤) ، وجعل يناوشني وهو بارك على رُكبتيه، حتى نظرت إلى فتقٍ تحت إبطه فأخشّ بالسيف فيه، فمال ومات وانصرفت عنه) (٥) .

____________________

(١) الإرشاد: ١ / ٨٩، وراجع إعلام الورى: ١ / ٣٧٨، وشرح الأخبار: ١ / ٢٨٦ / ٢٨٠، ودعائم الإسلام: ١/٣٧٤، والمناقب للكوفي: ١/٤٦٦/٣٦٩ وص ٤٧٧/٣٨٢ وص ٤٨٥/٣٩٢، وبحار الأنوار: ٢٠/٨٧.

(٢) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٣٣، بشارة المصطفى: ١٨٧ عن أبي رافع نحوه.

(٣) أي نشِب فيه (النهاية: ٤ / ٢٣٦).

(٤) الدَّرَقة: تُرْس من جلود ليس فيه خشب ولا عَقَب (لسان العرب: ١٠ / ٩٥).

(٥) المغازي: ١ / ٢٧٩، الإرشاد: ١ / ٨٨ عن أبي عبيدة عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) نحوه.

٢٠١

١٧٢ - الإرشاد عن سعيد بن المسيّب: لو رأيت مقام عليّ يوم أُحد لوجدته قائماً على ميمنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يذبّ عنه بالسيف وقد ولّى غيره الأدبار (١) .

١٧٣ - الإمام الباقر (عليه السلام): (أصاب عليّاً (عليه السلام) يوم أُحد ستّون جِراحة) (٢) .

١٧٤ - تفسير القمّي عن أبي واثلة شقيق بن سلمة - في عليّ (عليه السلام): أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورِجْليه تسعون جِراحة (٣) .

١٧٥ - أُسد الغابة عن سعيد بن المسيّب: لقد أصابت عليّاً يوم أُحد ستّ عشرة ضربة، كلّ ضربة تلزمه الأرض، فما كان يرفعه إلاّ جبريل (عليه السلام) (٤) .

١٧٦ - السيرة النبويّة عن ابن إسحاق: لمّا انصرف أبو سفيان ومن معه نادى: إنّ موعدكم بَدْر للعام القابل، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لرجُل من أصحابه: قل: نعم، هو بيننا وبينكم موعد.

ثمّ بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّ بن أبي طالب فقال: (اُخرج في آثار القوم، فانظر ماذا يصنعون وما يريدون، فإنْ كانوا قد جنّبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنّهم يريدون مكّة، وإنْ ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنّهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنّ إليهم فيها، ثمّ لأُناجزنّهم!)

قال عليّ: (فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنّبوا الخيل وامتطوا

____________________

(١) الإرشاد: ١ / ٨٨.

(٢) مجمع البيان: ٢ / ٨٥٢ عن أبان بن عثمان، بحار الأنوار: ٤١ / ٣ / ٤.

(٣) تفسير القمّي: ١ / ١١٦، بحار الأنوار: ٢٠ / ٥٤ / ٣.

(٤) أُسد الغابة: ٤ / ٩٣ / ٣٧٨٩، شرح الأخبار: ٢ / ٤١٥ / ٧٦٢ عن سعد بن المسيّب، المناقب لابن شهر آشوب: ٢ / ٢٤٠ كلاهما نحوه.

٢٠٢

الإبِل ووجّهوا إلى مكّة) (١) .

١٧٧ - الإمام عليّ (عليه السلام): (لمّا أنزل الله سبحانه قوله: ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) (٢) علمتُ أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) بين أظهُرنا، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها؟ فقال:

يا عليّ، إنّ أُمّتي سيُفتَنون من بعدي. فقلت: يا رسول الله، أوَليس قد قلتَ لي يوم أُحد حيث استُشهِدَ مَن استشهد من المسلمين، وحِيزَتْ عنّي الشهادة، فشقّ ذلك عليَّ، فقلت لي: أبشِر؛ فإنّ الشهادة مِن ورائك.

فقال لي: إنّ ذلك لكذلك، فكيف صبرك إذن؟ فقلتُ: يا رسول الله، ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البُشرى والشُكر) (٣) .

____________________

(١) السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ١٠٠، تاريخ الطبري: ٢ / ٥٢٧، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٥٦ نحوه.

(٢) العنكبوت: ١ و٢.

(٣) نهج البلاغة: الخطبة ١٥٦.

٢٠٣

٢٠٤

الفصل الخامس

  إرغام العدوّ على التسليم في غزوتَين

٥ / ١

غزوة بني النضِير

كان بنو النضير قد عقدوا حِلفاً مع المسلمين، ثمّ همّوا بقتْل النبيّ (صلّى الله عليه وآله). وكان (صلّى الله عليه وآله) قد عرف تحرّكاتهم السرّيّة بعد أُحد، فقصد حِصْنهم؛ لتقصّي الحقيقة، وكان مطلبه الظاهري دفْع دِية رجُلَين من قبيلة بني عامر.

تظاهر بنو النضير باستقباله (صلّى الله عليه وآله) في مشارف الحِصن، ولمّا نام (صلّى الله عليه وآله) مع أصحابه في ظِلّ الحصن، خطّطوا لقتله، لكنّه علِم بمكيدتهم حين مهّدوا لتنفيذها فيمّم المدينة على غفلة منهم (١)بعد أنْ نقضوا حِلفهم ونكثوا عهدهم، فأمر بإجلائهم عن بيوتهم، وترحيلهم عن ديارهم، فكابروا ولجّوا، فحاصرهم في ربيع الأوّل

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٥١، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ١٩٩، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٦٤.

٢٠٥

سنة (٤) من الهجرة (١) . وفى ضوء بعض المعلومات التاريخيّة نزحوا عن ديارهم أذلّةً صاغرين بعد أنْ قتَل عشرة منهم (٢) .

١٧٨ - الإرشاد: لمّا توجّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى بني النضِير، عَمِل على حصارهم، فضرب قبّته في أقصى بني حُطَمة من البطحاء، فلّما أقبل الليل رماه رجلٌ من بني النضير بسهم فأصاب القُبّة، فأمر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنْ تحوّل قبّته إلى السفْح، وأحاط به المهاجرون والأنصار.

فلمّا اختلط الظلام فقدوا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال الناس: يا رسول الله، لا نرى عليّاً؟ فقال (صلّى الله عليه وآله): (أراه في بعض ما يُصلح شأنكم). فلم يلبث أنْ جاء برأس اليهودي الذي رمى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) - وكان يقال له: عزورا - فطرحه بين يدي النبيّ (صلّى الله عليه وآله). فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (كيف صنعت؟) فقال: (إنّي رأيت هذا الخبيث جريئاً شجاعاً، فكَمَنت له وقلت: ما أجرأه أنْ يخرج إذا اختلط الظلام يطلب منّا غُرّة (٣) ، فأقبل مُصلِتاً سيفه في تسعة نفر من أصحابه اليهود، فشددت عليه فقتلته وأفلت أصحابه ولم يبرحوا قريباً، فابعثْ معي نفراً؛ فإنّي أرجو أنْ أظفر بهم!).

فبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) معه عشرةً، فيهم: أبو دجانة سِماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، فأدركوهم قبل أن يَلِجوا الحِصن، فقتلوهم وجاؤوا برؤوسهم إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فأمر أنْ تُطرح في بعض آبار بني حُطَمة.

وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير (٤) .

____________________

(١) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٢٤٥، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٠٠.

(٢) الإرشاد: ١ / ٩٢ و٩٣، المغازي: ١ / ٣٧١.

(٣) الغُرّة: الغفلة (النهاية: ٣ / ٣٥٥).

(٤) الإرشاد: ١ / ٩٢، المغازي: ١ / ٣٧١ نحوه.

٢٠٦

٥ / ٢

غزوة بني قُرَيظة

أخفقَت المؤامرة الكبرى التي تآزر عليها المشركون واليهود في غزوة الخندق، ونكث بنو قريظة حِلفهم الذي كان قد عقدوه مع المسلمين على عدم التعرّض لهم، ومالَؤوا المشركين ضدّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) (١) ، فعزم (صلّى الله عليه وآله) في غد ذلك اليوم الذي فَرّ فيه المشركون على اقتحام حِصن بني قريظة، وهو آخر وَكْر فساد لليهود قُرب المدينة (٢) . وبعد أنْ صلّى (صلّى الله عليه وآله) صلاة الظُهر، أصدر أمره بالتعبئة العسكريّة، وأخبر المسلمين بإقامة صلاة العصر في حيّ (بني قريظة) (٣) .

وتجلّت شخصيّة الإمام (عليه السلام) في هذا التحرّك أيضاً، وكان دَوره فيه لافتاً للنظر لأمور:

١ - كانت راية الإسلام الخفّاقة بيده المقتدرة (٤) .

٢ - كان آمراً على مقدّمة الجيش (٥) .

٣ - كان بنو قريظة قد تسامعوا به، ولمّا رأوه، قالوا: جاء قاتل عمرو بن

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧١، المغازي: ٢ / ٤٥٥، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٢٨٧، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٣١، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٦٩، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٥٢.

(٢) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٨١ وص ٥٨٣، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٤٤، المغازي: ٢ / ٤٩٧، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٣٠٧ وص ٣٠٩، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٧٣.

(٣) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٨١، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٤٥، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٣٠٨.

(٤) الطبقات الكبرى: ٢ / ٧٤، تاريخ الطبري: ٢ / ٥٨٢، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٣١١، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٤٥، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٧٣، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٥٢.

(٥) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٨٢، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٤٥، المغازي: ٢ / ٤٩٩، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٣١١، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٧٣، الإرشاد: ١ / ١٠٩.

٢٠٧

عبد ودّ. يقول ابن هشام: نزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ؛ لأنّ عليّ بن أبي طالب قال: (و الله لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حِصنهم) (١) .

٤ - رضي اليهود بحُكم سعد بن معاذ فيهم؛ إذ كانوا يظنّون أنّه سيحكم لهم بسبب الأواصر القديمة التي كانت تربطهم به، لكنّه حكَم بقتْل رجالهم، ومصادرة أموالهم، وسبْيِ ذراريهم (٢) .

١٧٩ - الإرشاد: لمّا انهزم الأحزاب وولّوا عن المسلمين الدبُر، عَمِل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على قصد بني قُرَيظة، وأنفذ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إليهم في ثلاثين من الخَزرج، فقال له: اُنظر بني قُرَيظة هل تركوا حصونهم!.

فلمّا شارف سوْرَهم سمِع منهم الهجْر (٣) ، فرجع إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فأخبره، فقال: (دَعْهم، فإنّ الله سيُمكّن منهم، إنّ الذي أمكنك من عمرو بن عبد ودّ لا يخذلك، فقفْ حتى يجتمع الناس إليك، وأبشرْ بنصر الله؛ فإنّ الله قد نصرني بالرعب بين يديّ مسيرة شهر).

قال عليّ (عليه السلام): (فاجتمع الناس إليّ، وسرت حتى دنَوتُ من سوْرِهم، فأشرفوا علَيَّ، فحين رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو، وقال آخَر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو، وجعل بعضهم يصيح ببعض ويقولون ذلك، وألقى الله في قلوبهم الرعب، وسمعت راجزاً يرجز:

قَتَل عليٌّ عَمْراً

صادَ علىٌّ صَقْراً

قَصَمَ عليٌّ ظَهْراً

أبرَم علىٌّ أمْراً

هَتَك عليٌّ سِتْراً

____________________

(١) السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٥١، الإرشاد: ١ / ١٠٩.

(٢) الإرشاد: ١ / ١١١.

(٣) هو الخَنا والقبيحُ من القول (النهاية: ٥ / ٢٤٥).

٢٠٨

فقلت: الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشِرك. وكان النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال لي حين توجّهت إلى بني قُرَيظة: سِرْ على بركة الله؛ فإنّ الله قد وعدك أرضهم وديارهم. فسِرت مستيقناً لنصر الله عزّ وجلّ حتى رَكزت الراية في أصل الحِصن) (١) .

١٨٠ - السيرة النبويّة - في ذِكر نزول بني قُرَيظة على حُكم سعد بن معاذ -: إنّ عليّ بن أبي طالب صاح وهم محاصروا بني قريظة: (يا كتيبة الإيمان). وتقدّم هو والزبير بن العوّام وقال: (والله لأذوقنّ ما ذاق حمزة، أو لأفتحنّ حصنهم)، فقالوا: يا محمّد، ننزل على حُكم سعد بن معاذ (٢) .

____________________

(١) الإرشاد: ١ / ١٠٩، كشف اليقين: ١٥٨ / ١٧٠، بحار الأنوار: ٢ / ٢٦٢ / ١٩.

(٢) السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٥١، البداية والنهاية: ٤ / ١٢٢. وممّا تجدر الإشارة إليه هنا هو أنّهم إنّما رضوا بحُكم سعد بن معاذ رجاء العفو عنهم؛ وذلك لوجود مودّة قديمة بينه وبينهم مِن قَبل الإسلام، ولكنّ سعداً حكَم بقتل الرجال وسبْيِ النساء وغنيمة الأموال.

٢٠٩

٢١٠

الفصل السادس

  الضربة المصيريّة في غزوة الخندق

عندما نزح بنو النضير عن أطراف المدينة، توجّه قِسم منهم إلى خيبر، وقِسم إلى الشام، وطفق رؤساؤهم يحرّضون المشركين ويشجّعونهم على التحالف مع اليهود، وتهيئة جيش من جميع القبائل لمهاجمة المدينة بمؤازرة اليهود (١).

وهكذا كان؛ فقد تهيّأ جيش ضخم قوامه عشرة آلاف، ضمّ كافّة المعارضين للحكومة الإسلاميّة الجديدة التي أسّسها النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في المدينة وبدأ زحفه نحو المدينة (٢) ؛ ومن هنا عُرفت هذه الغزوة بغزوة الأحزاب.

وقد شاور النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أصحابه حول كيفيّة مواجهة العدوّ، فاقترح سلمان حفْر خندَقٍ في مدخل المدينة؛ لتعويق العدوّ. وتحقّق ما أراد، وأمَر (صلّى الله عليه وآله) أصحابه بحفْر

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٦٥، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٢٥، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٦٨، المغازي: ٢ / ٤٤١، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٢٨٣.

(٢) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧٠، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٣٠، المغازي: ٢ / ٤٤٤، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٢٨٤ وص ٢٨٧.

٢١١

  الخندق، واشترك هو معهم في الحفْر(١) ، فتعوّق جيش العدوّ، الذي كان يهمّ بمهاجمة المدينة بكلّ غرور وخُيَلاء، خلف الخندق، وظلّ على هذه الحال شهراً تقريباً (٢) ، حتى وقع في مأزِق بسبب صعوبة الإمداد.

وفى ذات يوم عبَر عمرو بن عبد ودّ الخندق ومعه عدد من فرسان العدوّ وشجعانه المشهورين (٣) ، وصاروا أمام المسلمين، وطلبوا أنْ يبرز إليهم أقرانهم، فلم يُجِبهم أَحد، وكرّروا نداءهم غير مرّة، وكان لعمرو صِيته المخيف، ففزع منه الجميع، وحُبست الأنفاس في الصدور، ولم تلقَ نداءاته المغرورة جواباً، فأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنْ يقوم إليه أحد ويقتلع شرّه، فلم يقُم إلاّ أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) (٤) . ولمّا تقابلا قال (صلّى الله عليه وآله) عبارته الخالدة:

(برَز الإيمانُ كلُّه إلى الشِركِ كلِّه) (٥) .

وبعد قتال شديد عاجلَه الإمام بهجمة سريعة، فقضى عليه، وبلغَت صيحة

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٦٦، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٢٦، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٦٨، المغازي: ٢ / ٤٤٥ وص ٤٥٤.

(٢) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧٢، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٣٣، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٦٩، الإرشاد: ١ / ٩٦.

(٣) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧٤، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٣٥، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٧٠، المغازي: ٢ / ٤٧٠، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٢٩٠، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٥٠.

(٤) السُنن الكبرى: ٩ / ٢٢٣ / ١٨٣٥٠، المغازي: ٢ / ٤٧٠، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٣٥ و٢٣٦، الإرشاد: ١ / ١٠٠.

(٥) شرح نهج البلاغة: ١٩ / ٦١، كنز الفوائد: ١ / ٢٩٧، الطرائف: ٣٥، إرشاد القلوب: ٢٤٤، عوالي اللآلي: ٤ / ٨٨ / ١١٣ وفيه (الكُفر) بدل (الشِرك).

٢١٢

(الله أكبر) عنان السماء، فلاذَ أصحابه بالفرار (١) . وتبدّد جيش الأحزاب على ما كان عليه من شوكة وأُبّهة خياليّة.

ويمكننا أنْ نفهْرِس دَور الإمام العظيم في هذه الحرب على النحو الآتي:

١ - لمّا عبَر عمرو بن عبد ودّ وأصحابه من موضع ضيّق من الخندق، استقرّ الإمام (عليه السلام) هناك مع جماعة، فلم يتيسّر للمشركين العبور بعدئذ (٢) .

٢ - كان قتل عمرو بن عبد ودّ مهمّاً وحاسماً ومصيريّاً إلى درجة أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال:

(لَمبارزةُ عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أُمّتي إلى يوم القيامة) (٣) .

وفى رواية:

(لَضربةُ عليّ لعمرو يوم الخندق تعدل عبادة الثقلَين) (٤) .

وحينما تجدّل صنديد العرب صريعاً بصَق في وجه الإمام آيِساً بائساً، فوقف صلوات الله عليه، وتمهّل ولم يبادر إلى حزّ رأسه؛ لئلاّ يكون في عمَله ذرّةٌ من غضب.

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧٤، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٧٠، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٣٦، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٢٩٠.

(٢) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧٤، السيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٣٥، الكامل في التاريخ: ١ / ٥٧٠، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٢٩٠، الإرشاد: ١ / ٩٨.

(٣) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ٣٤ / ٤٣٢٧، تاريخ بغداد: ١٣ / ١٩ / ٦٩٧٨، شواهد التنزيل: ٢/١٤/٦٣٦، المناقب للخوارزمي: ١٠٧/١١٢، الفردوس: ٣/٤٥٥/٥٤٠٦، إرشاد القلوب: ٢٤٥.

(٤) عوالي اللآلي: ٤ / ٨٦ / ١٠٢، وراجع الطرائف: ٥١٩، والمستدرك على الصحيحين: ٣/٣٤/٤٣٢٨.

٢١٣

٣ - وبعد أنْ جدّله وصرعه، وولّى أصحابه مُدبرين تبِعهم (١) ، وقتل منهم نوفل بن عبد الله (٢) .

٤ - لمّا ضرب الإمام (عليه السلام) رِجْل عمرو وقضى عليه، ألقى تراب الذلّ والخوف والرعب على وجوه المشركين، وأقعدهم حيارى مهزومين منهارين (٣) .

٥ - قتل الإمام (عليه السلام) عمْرواً، بَيد أنّه تَرفَّع عن سلْب دِرعه الثمين إذ (كان يضرب بسيفه من أجل الحقّ) لا غيره... ولم يخفَ كلّ هذا الترفُّع والجلال والشَمَم عن الأنظار، حتى إنّ أُخت عمرو نفسها أثنَت عليه (٤) .

١٨١ - تاريخ اليعقوبي: كانت وقعة الخندق... في السنة السادسة بعد مقدم رسول الله بالمدينة بخمسة وخمسين شهراً، وكانت قريش تبعث إلى اليهود وسائر القبائل فحرّضوهم على قتال رسول الله، فاجتمع خلقٌ من قريش إلى موضعٍ يقال له: سَلْع (٥) ، وأشار عليه سلمان الفارسي أنْ يحفر خندَقاً، فحفَر الخندق، وجعل لكلّ قبيلة حدّاً يحفرون إليه، وحفَر رسول الله معهم حتى فرغ من حفْر الخندق، وجعل له أبواباً، وجعل على الأبواب حرساً، من كلّ قبيلة رجُلاً، وجعل عليهم الزبير بن العوّام، وأمره إنْ رأى قتالاً أنْ يقاتل. وكانت عدّة المسلمين سبعمِئة رجُل.

ووافى المشركون فأنكروا أمْر الخندق، وقالوا: ما كانت العرب تعرف هذا!.

____________________

(١) الإرشاد: ١ / ١٠٢.

(٢) تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧٤، الإرشاد: ١ / ١٠٥، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٥٠.

(٣) كنز الفوائد: ١ / ٢٩٨.

(٤) الإرشاد: ١ / ١٠٧، المستدرك على الصحيحين: ٣ / ٣٦ / ٤٣٣٠.

(٥) موضع بقرب المدينة (معجم البلدان: ٣ / ٢٣٦).

٢١٤

وأقاموا خمسة أيّام، فلمّا كان اليوم الخامس خرج عمرو بن عبد ودّ وأربعة نفر من المشركين: نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومى، وعكرمة بن أبى جهل، وضرار بن الحطّاب الفهري، وهبيرة بن أبى وهب المخزومي. فخرج عليّ بن أبي طالب إلى عمرو بن عبد ودّ فبارزه وقتله، وانهزم الباقون، وكَبا (١) بنوفل بن عبد الله بن المغيرة فرسُه، فلحقه عليّ فقتله (٢) .

١٨٢ - السُنن الكبرى عن ابن إسحاق: خرج - يعني يوم الخندق - عمرو بن عبد ودّ فنادى: مَن يبارز؟ فقام عليّ (رضي الله عنه) وهو مقنّع في الحديد فقال: (أنا لها يا نبيّ الله )، فقال: (إنّه عمرو، اجلسْ).

ونادى عمرو: ألا رجُل! وهو يؤنّبهم ويقول: أين جَنّتكم التي تزعمون أنّه مَن قُتِل منكم دخلَها؟ أفَلا يبرز إليّ رجُل؟! فقام عليّ (رضي الله عنه) فقال: (أنا يا رسول الله)، فقال: (اجلسْ).

ثمّ نادى الثالثة وذكَر شِعراً، فقام عليّ فقال: (يا رسول الله، أنا)، فقال: (إنّه عمرو!) قال: (وإنْ كان عمرو!)، فأَذِن له رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فمشى إليه حتى أتاه وذَكر شِعراً.

فقال له عمرو: مَن أنت؟

قال: (أنا عليّ).

قال: ابن عبد مناف؟

فقال: (أنا عليّ بن أبي طالب).

____________________

(١) الكَبْوة: السقوط للوجه، كَبا لوجهه: سقط. وكَبا - أيضاً -: عَثَر (لسان العرب: ١٥ / ٢١٣).

(٢) تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٥٠.

٢١٥

فقال: غيرك يا بن أخي من أعمامك من هو أسنّ منك؛ فإنّي أكره أنْ أُهريق دمك.

فقال عليّ (رضي الله عنه): (لكنّي والله ما أكره أنْ أُهريق دمك!).

فغضب فنزل وسلّ سيفه كأنّه شعلة نار، ثمّ أقبل نحو عليّ (رضي الله عنه) مغضباً، واستقبله عليّ (رضي الله عنه) بدَرقته، فضربه عمرو في الدرقة فقدَّها وأثبَت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجّه، وضربه عليّ (رضي الله عنه) على حبل العاتق فسقط وثار العَجاج، وسمِع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) التكبير، فعرف أنّ عليّاً (رضي الله عنه) قد قتله (١) .

١٨٣ - الإرشاد عن الزهري: جاء عمرو بن عبد ودّ وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة ابن أبي وهب ونوفل بن عبد الله بن المغيرة وضرار بن الخطّاب - في يوم الأحزاب - إلى الخندق، فجعلوا يطوفون به؛ يطلبون مضيقاً منه فيعبرون، حتى انتهوا إلى مكان أَكرهوا خيولهم فيه فعبَرت، وجعلوا يجولون بخيْلهم فيما بين الخندق وسَلْع، والمسلمون وقوف لا يُقدِم واحد منهم عليهم. وجعل عمرو بن عبد ودّ يدعو إلى البِراز ويُعرِّض بالمسلمين ويقول:

ولقد بُححت من الندا ء بجمعِهمْ هل من مبارزْ

في كلّ ذلك يقوم عليّ بن أبي طالب من بينهم ليبارزه، فيأمره رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالجلوس؛ انتظاراً منه ليتحرّك غيره، والمسلمون كأنّ على رؤسهم الطير؛ لمكان عمرو بن عبد ودّ، والخوف منه، وممّن معه ووراءه.

فلمّا طال نداء عمرو بالبراز وتتابع قيام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (اُدنُ منّي يا عليّ)، فدنا منه، فنزع عمامته من رأسه وعمّمه بها، وأعطاه سيفه،

____________________

(١) السُنن الكبرى: ٩ / ٢٢٣ / ١٨٣٥٠.

٢١٦

وقال له: (امضِ لشأنِك)، ثمّ قال: (اللهمّ أعِنه). فسعى نحو عمرو ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري؛ لينظر ما يكون منه ومن عمرو، فلمّا انتهى أمير المؤمنين (عليه السلام) إليه قال له: (يا عمرو، إنّك كنت في الجاهليّة تقول: لا يدعوني أحدٌ إلى ثلاث إلاّ قبلتُها أو واحدة منها!) قال: أجل. قال: (فإنّي أدعوك إلى شهادة أنْ لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وأن تُسلِم لربّ العالمين).

قال: يا بن أخ أخِّر هذه عنّي. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): (أما إنّها خيرٌ لك لو أخذتها)، ثمّ قال: (فهاهنا أخرى). قال: ما هي؟ قال: ترجع من حيث جئت. قال: لا تُحدّث نساء قريش بهذا أبداً. قال: (فهاهنا أُخرى). قال: ما هي؟ قال: (تنزل فتقاتلني).

فضحك عمرو وقال: إنّ هذه الخصلة، ما كنت أظنّ أنّ أحداً من العرب يرومَني عليها! وإنّي لأكره أنْ أقتل الرجُل الكريم مثلَك، وقد كان أبوك لي نديماً. قال عليّ (عليه السلام): (لكنّي أحبّ أنْ أقتلك، فانزل إنْ شئت!) فأسف عمرو ونزل، وضرب وجه فرَسِه حتى رجع.

فقال جابر (رحمة الله): وثارت بينهما قترة؛ فما رأيتهما، وسمعت التكبير تحتها، فعلمت أنّ عليّاً (عليه السلام) قد قتله، وانكشف أصحابه حتى طفرَت خيولهم الخندق، وتبادر المسلمون حين سمِعوا التكبير ينظرون ما صنَع القوم، فوجدوا نوفل بن عبد الله في جوف الخندق لم ينهض به فرَسُه، فجعلوا يرمونه بالحجارة، فقال لهم: قتلةٌ أجمَل من هذه! ينزل بعضكم أقاتله!! فنزل إليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فضربه حتى قتله. ولحِق هبيرة فأعجزه، فضرب قربوس (١) سرْجه، وسقطت دِرع كانت عليه، وفَرّ عكرمة، وهرب ضرار بن الخطّاب.

____________________

(١) القَرَبوس: حِنو السرْج (لسان العرب: ٦ / ١٧٢).

٢١٧

فقال جابر: فما شبّهت قتْل عليّ عمراً إلاّ بما قصّ الله تعالى من قصّة داود وجالوت، حيث يقول: ( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ ) (١)(٢) .

١٨٤ - المستدرك على الصحيحين عن ابن إسحاق: ثمّ أقبل عليّ (رضي الله عنه) [أي بعد قتْله عمرواً] نحو رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ووجْهه يتهلّل، فقال عُمَر بن الخطّاب: هلاّ أسلبتَه دِرعه؛ فليس للعرب درعاً خيراً منها! فقال: ضربته فاتّقاني بسَوءته، واستحييت ابن عمّي أنْ أستلبه (٣) .

١٨٥ - المناقب لابن شهر آشوب: لمّا أدرك [عليّ (عليه السلام) ] عمرو بن عبد ودّ لم يضربه، فوقعوا في عليّ (عليه السلام)، فردّ عنه حذيفة، فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (مَه يا حذيفة؛ فإنّ عليّاً سيذكر سبب وقْفته ، ثمّ إنّه ضربه)، فلمّا جاء سأله النبيّ (صلّى الله عليه وآله) عن ذلك، فقال: (قد كان شتَم أُمّي، وتفَل في وجهي، فخشيت أنْ أضربه لحظّ نفسي، فتركته حتى سكَن ما بي، ثمّ قتلته في الله) (٤) .

١٨٦ - الإرشاد عن أبي الحسن المدائني: لمّا قتَل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) عمرو بن عبد ودّ نُعي إلى أُخته، فقالت: من ذا الذي اجترأ عليه؟! فقالوا: ابن أبي طالب. فقالت: لم يعدُ يومَه [ إلاّ ] (٥) على يدِ كُفءٍ كريم، لا رقأت دمعتي إنْ هرقتُها عليه؛ قتَل الأبطال، وبارَز الأقران، وكانت منيّته على يدِ كُفء كريمِ

____________________

(١) البقرة: ٢٥١.

(٢) الإرشاد: ١ / ١٠٠، إعلام الورى: ١ / ٣٨٠، كشف الغمّة: ١ / ٢٠٤ نحوه، وراجع المستدرك على الصحيحين: ٣ / ٣٥ / ٤٣٢٩، والمغازي: ٢ / ٤٧٠.

(٣) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ٣٥ / ٤٣٢٩.

(٤) المناقب لابن شهر آشوب: ٢ / ١١٥، الدرجات الرفيعة: ٢٨٧، كيمياي سعادت: ١ / ٥٧١.

(٥) أثبتنا ما بين المعقوفين من إرشاد القلوب.

٢١٨

قومه، ما سمعت أفخر من هذا يا بَني عامر! ثمّ أنشأت تقول:

لو كان قاتل عمرو غير قاتلهِ

لكنتُ أبكي عليه آخرَ الأبدِ

لكنّ قاتل عمرٍ ولا يُعابُ بهِ

مَن كان يُدعى قديماً بيضةَ البلدِ (١)

١٨٧ - الإمام عليّ (عليه السلام): (إنّي قتلتُ عمرو بن عبد ودّ، وكان يُعدّ بألف رجُل) (٢) .

١٨٨ - رسول الله (صلّى الله عليه وآله) - عند مبارزة الإمام عليّ (عليه السلام) عمرواً: (برَز الإيمان كلُّه إلى الشِرك كلِّهِ) (٣) .

١٨٩ - عنه (صلّى الله عليه وآله): (لَمبارزةُ عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أُمّتي إلى يوم القيامة) (٤) .

١٩٠ - عنه (صلّى الله عليه وآله): (لَضربةُ عليٍّ لعمرو يوم الخندق تعدلُ عبادة الثقلَين) (٥) .

١٩١ - المستدرك على الصحيحين: قد ذكرت في مقتل عمرو بن عبد ودّ من الأحاديث المسندة وَمْعاً (٦) - عن عروة بن الزبير وموسى بن عقبة ومحمّد بن إسحاق بن يسار ما بلغني - ليتقرّر عند المنصف من أهل العِلم أنّ عمرو بن

____________________

(١) الإرشاد: ١ / ١٠٧، إرشاد القلوب: ٢٤٥، وراجع المستدرك على الصحيحين: ٣ / ٣٦ / ٤٣٢٩.

(٢) الخصال: ٥٧٩ / ١ عن مكحول.

(٣) كنز الفوائد: ١ / ٢٩٧، الطرائف: ٣٥، إرشاد القلوب: ٢٤٤، تأويل الآيات الظاهرة: ٢ / ٤٥١ / ١١ عن حذيفة، عوالي اللآلي: ٤ / ٨٨ / ١١٣ وفيه (الكفر) بدل (الشِرك)، شرح نهج البلاغة: ١٩ / ٦١.

(٤) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ٣٤ / ٤٣٢٧، تاريخ بغداد: ١٣ / ١٩ / ٦٩٧٨، شواهد التنزيل: ٢ / ١٤ / ٦٣٦، المناقب للخوارزمي: ١٠٧ / ١١٢ كلّها عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه، الفردوس: ٣ / ٤٥٥ / ٥٤٠٦ عن معاوية بن حيدة، ينابيع المودّة: ١ / ٤١٢ / ٥ عن حذيفة بن اليمان، إرشاد القلوب: ٢٤٥.

(٥) عوالي اللآلي: ٤ / ٨٦ / ١٠٢.

(٦) الوَمعة: الدفعة من الماء (تاج العروس: ١١ / ٥٣٤).

٢١٩

عبد ودّ لم يقتله ولم يشترك (١) في قتلِه غير أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وإنّما حمَلَني على هذا الاستقصاء فيه قول مَن قال من الخوارج: (إنّ محمّد بن مسلمة - أيضاً - ضربه ضربة وأخذ بعض السلْب)، ووالله ما بلغنا هذا عن أحد من الصحابة والتابعين، وكيف يجوز هذا وعليّ (رضي الله عنه) يقول: (ما بلغنا أنّي ترفّعت عن سلب ابن عمّي فتركته!)؟! وهذا جوابه لأمير المؤمنين عمر بن الخطّاب بحضرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) (٢) .

١٩٢ - شرح نهج البلاغة عن أبى بكر بن عيّاش: لقد ضرب عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) ضربةً ما كان في الإسلام أيمنَ منها؛ ضربَته عَمرواً يوم الخندق (٣) .

____________________

(١) في الطبعة المعتمدة: (نشترك)، والتصحيح من طبعة أخرى.

(٢) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ٣٦ / ٤٣٣١، وراجع تاريخ الطبري: ٢ / ٥٧٤، والسيرة النبويّة لابن هشام: ٣ / ٢٣٥، وتاريخ الإسلام للذهبي: ٢ / ٢٩٠.

(٣) شرح نهج البلاغة: ١٩ / ٦١، الإرشاد: ١ / ١٠٥ وفيه (أعزّ) بدل (أيمن).

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311