موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 311
المشاهدات: 56769
تحميل: 7138


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 56769 / تحميل: 7138
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الفصل السابع

  الشجاعة والأدب في الحديبيّة

عزم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على التوجّه إلى مكّة في السنّة السادسة من الهجرة قاصداً العُمرة، فسار حتى الحديبيّة، فعلِمت قريش بمسيره، فخرجت من مكّة. وأُخبر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّ قريش عازمة على صدّه ومنعْه من دخول مكّة.

وبعثت قريش ممثّلاً عنها للتفاوض مع النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، كما بعث النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ممثلاً عنه أيضاً، فقرّروا أنْ يرجع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) تلك السنة ولا يدخل مكّة (1). وعقدوا على ذلك صُلحاً بينهم، فكتب الإمام عليّ (عليه السلام) نصّ الصُلح بيده (2) .

193 - الإرشاد عن فايد مولى عبد الله بن سالم: لمّا خرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في عمرة الحديبيّة نزل الجحفة فلم يجد بها ماءً، فبعث سعد بن مالك بالروايا، حتى إذا كان

____________________

(1) الطبقات الكبرى: 2/95، تاريخ الطبري: 2/620، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/363، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 321، الكامل في التاريخ: 1 / 582، المغازي: 2 / 571، تاريخ اليعقوبي: 2 / 54.

(2) الطبقات الكبرى: 2 / 97، تاريخ الطبري: 2 / 634، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 331، الكامل في التاريخ: 1 / 585، المغازي: 2 / 610، تاريخ اليعقوبي: 2 / 54.

٢٢١

غير بعيد رجَع سعد بالروايا فقال: يا رسول الله، ما أستطيع أنْ أمضي! لقد وقَفَت قدماي رُعباً من القوم!! فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (اجلس).

ثمّ بعث رجُلاً آخر، فخرج بالروايا حتى إذا كان بالمكان الذي انتهى إليه الأوّل رجع، فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (لِمَ رجعت؟!) فقال: والذي بعثك بالحقّ ما استطعت أنْ أمضي رُعباً!!.

فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهما، فأرسله بالروايا، وخرج السُقاة وهم لا يشكّون في رجوعه؛ لِما رأَوا من رجوع مَن تقدّمه، فخرج عليّ (عليه السلام) بالروايا، حتى ورَد الحِرار (1) فاستقى، ثمّ أقبل بها إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ولها زجَل (2) ، فكبّر النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، ودعا له بخير (3) .

194 - صحيح البخاري عن البراء بن عازب: لمّا صالح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أهل الحديبيّة، كتب عليّ بينهم كتاباً، فكتب: محمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال المشركون: لا تكتب (محمّد رسول الله)؛ لو كنت رسولاً لم نقاتلْك!! فقال لعليّ: (امحُه). فقال عليّ: (ما أنا بالذي أمحاه)، فمحاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بيده (4) .

195 - الإمام عليّ (عليه السلام): (إنّي كنت كاتب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم الحديبيّة، فكتبت: هذا

____________________

(1) حِرار: جمع حَرّة - وهي كثيرة في بلاد العرب؛ كحرّة أوطاس وحرّة تبوك - وهي أرض ذات حجارة سود نخرة كأنّها أُحرقت بالنار (تقويم البلدان: 2 / 234 و245).

(2) الزَّجَل: الصوت (المحيط في اللغة: 7 / 23).

(3) الإرشاد: 1 / 121، وراجع الإصابة: 5 / 269 / 6972.

(4) صحيح البخاري: 2 / 960 / 2551، صحيح مسلم: 3 / 1409 / 90، مسند ابن حنبل: 6/420/18591، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 334 / 191، السنن الكبرى: 5/111/9189 نحوه، وراجع صحيح البخاري: 3 / 1163 / 3013، وسنن الدارمي: 2 / 687 / 2412، وخصائص أمير المؤمنين للنسائي: 336 / 192.

٢٢٢

ما صالح عليه محمّد رسول الله وسُهَيل بن عمرو. فقال سهيل: لو علِمنا أنّه رسول الله ما قاتلناه! امحُها. قلت: هو والله رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإنْ رغم أنفك، لا والله لا أمحوها! فقال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أرِنيه، فأريته، فمحاها) (1) .

راجع: القسم العاشر / الخصائص العقائديّة / امتحن الله قلبه للإيمان.

القسم السادس / وقعة صِفّين / تعيين الحكَم / وثيقة التحكيم.

____________________

(1) خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 333 / 190 عن علقمة بن قيس.

٢٢٣

٢٢٤

الفصل الثامن

  الدَور المصيري في فتْح خيبر

تحظى وقعة خيبر بشأنٍ خاصّ بين وقائع النبيّ (صلّى الله عليه وآله)؛ ففيها هزَم (صلّى الله عليه وآله) يهود خيبر، وقوّض مركز التآمر على دينه وحكومته الجديدة. فكانت حصون اليهود في منطقةٍ خصبة شمال غربيّ المدينة تبعد عنها حوالي (200) كيلومتر، تُدعى خيبر (1).

وكان اليهود القاطنون في هذه الحصون يُضمرون حقْداً للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) والمؤمنين والدولة الإسلاميّة منذ الأيّام الأُولى لاتّساع الرسالة، ولم يدّخروا وسْعاً للكيد بهم، بل إنّ حرب الأحزاب شُنَّت على الإسلام بدعْمهم العسكري والمالي؛ وبهذا يتّضح أنّهم كانوا أعداءً لُدّاً ومتآمرين يتحرّقون حنَقاً على الرسالة ونبيّها الكريم (صلّى الله عليه وآله) (2) .

____________________

(1) معجم البلدان: 2 / 409، الطبقات الكبرى: 2 / 106.

(2) تاريخ الطبري: 2 / 565، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 284، المغازي: 2 / 441.

٢٢٥

وحين اطمأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من قريش بعد صُلح الحديبيّة، توجّه نحو خيبر؛ لفتح حصونها، والقضاء على وكْر التآمر (1) .

ووجود عشرة آلاف مقاتل، وحصون حصينة منيعة لا تُقهر، وقدرات ومعدّات كثيرة داخلها، وأضغان راسخة في قلوب اليهود المتواجدين داخل الحِصن شدّت من عزائمهم لمحاربة النبيّ (صلّى الله عليه وآله)؛ شكّل دلالة على الأهمّيّة الخاصّة لوقعة خيبر.

وكان للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فيها مظهر عجيب، وله في فتْحها العظيم دَور لا يُضاهى ولا يُبارى يتمثّل فيما يلي:

1 - كانت راية الإسلام في هذه المعركة بيد الإمام عليّ (عليه السلام) المقتدرة كما في غيرها من الحروب والغزوات (2) .

2 - لمّا فُتِحت كلّ الحصون، واستعصى حصن (الوطيح) و(السلالم) - إذ كانا من أحكَم الحصون، وزحَف المسلمون نحوهما مرّتين: الأُولى بقيادة أبي بكر، والأخرى بقيادة عُمَر، لكنّهما أخفَقا في فتحهما - انتدب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) عليّاً (عليه السلام)، وكان مريضاً لا يقدر على القتال فدعا النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فشُفي، وفتَح الله على يديه، وتمكّن الجيش الإسلامي العظيم من فتْح ذَينك الحِصنَين اللذَين كان فتْحهما لا يصدّق ولا يخطر ببال أحد (3).

____________________

(1) المغازي: 2 / 637.

(2) الطبقات الكبرى: 2 / 106، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 342، المغازي: 2 / 649 وص 655، الإرشاد: 1 / 126.

(3) المستدرك على الصحيحين: 3 / 39 - 41، المصنّف لابن أبي شيبة: 7 / 497 / 17، خصائص أمير المؤمنين للنسائي (عليه السلام): 56 / 14، تاريخ الطبري: 3 / 11 - 13، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 410 - 412، الكامل في التاريخ: 1 / 596، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 349، تاريخ دمشق: 42 / 93، دلائل النبوّة للبيهقي: 4 / 210.

٢٢٦

3 - جندَل الإمامُ (عليه السلام) الحارثَ - المقاتل اليهوديّ المغرور، الذي كانت الأبدان ترتجف من صيحاته عند القتال - بضربة قاصمة، كما قدّ مَرحَب - الذي لم يجرؤ أحد على مواجهته - نِصفين (1) .

4 - لمّا أخفَق المسلمون في فتح الحِصنين المذكورَين وأوشك الرعب أنْ يسيطر على القلوب، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عبارته العظيمة الرائعة المشهورة: (لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يُحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّه اللهُ ورسولُه) (2) ، والأخرى: (كرّاراً غير فرّار) (3) ، يريد بذلك عليّاً صلوات الله عليه، فأحيى الأمل في النفوس بالنصر.

5 - قلَع الإمام (عليه السلام) باب قلعة قموص وحده، وكان لا يحرّكه إلاّ أربعون رجُلاً! (4)

____________________

(1) مسند ابن حنبل: 9 / 28 / 23093، السنن الكبرى: 9 / 222 / 18346، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 604 / 1034، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 59 / 15، تاريخ الطبري: 3 / 13، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 411، الكامل في التاريخ: 1 / 596 و597، المغازي: 2 / 654، الطبقات الكبرى: 2 / 112.

(2) السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 349، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 60 / 16، المصنّف لابن أبي شيبة: 7 / 497 / 17، تاريخ بغداد: 8 / 5 / 4036، الطبقات الكبرى: 2 / 111، تاريخ الطبري: 3 / 12، تاريخ دمشق: 42 / 85 / 8428، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 408 وص 410، الخصال: 311 / 87، علل الشرائع: 162 / 1، الأمالي للطوسي: 171 / 287.

(3) الكافي: 8 / 351 / 548، الإرشاد: 1 / 64، تُحف العقول: 459، الأمالي للمفيد: 56 / 1، تاريخ اليعقوبي: 2 / 56، الخرائج والجرائح: 1 / 159 / 249، المناقب للخوارزمي: 170 / 203، كنز العمّال: 13 / 123 / 36393.

(4) المصنّف لابن أبي شيبة: 7 / 507 / 76، دلائل النبوّة للبيهقي: 4 / 212، تاريخ بغداد: 11 / 324 / 6142، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 412، المناقب للخوارزمي: 172 / 207، الأمالي للصدوق: 604 / 839.

٢٢٧

196 - رسول الله (صلّى الله عليه وآله) - في يوم فتح خيبر: (لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كرّاراً غير فرّار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه) (1) .

197 - الإمام عليّ (عليه السلام) - في فتح خيبر: (إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعث أبا بكر، فسار بالناس، فانهزم حتى رجع إليه. وبعث عُمًر، فانهزم بالناس حتى انتهى إليه. فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لأُعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يفتح الله له، ليس بفرّار. فأرسل إليّ فدعاني، فأتيته وأنا أرمَد لا أُبصر شيئاً، فتفَل في عيني وقال: اللهمّ اكفِه الحرّ والبرد). قال: (فما آذاني بعدُ حرٌّ ولا بَرْد) (2) .

198 - مجمع الزوائد عن ابن عبّاس: بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى خيبر - أحسبه قال:

____________________

(1) الكافي: 8 / 351 / 548 عن عدّة من أبناء المهاجرين والأنصار، الإرشاد: 1 / 64، الإفصاح: 34 وص 132، الأمالي للطوسي: 380 / 817 عن أبي هريرة، الاحتجاج: 2 / 25 / 150 عن الإمام الحسن (عليه السلام) عنه (صلّى الله عليه وآله)، شرح الأخبار: 1 / 148 / 86 عن بريدة وفيه (يفتح خيبر عنوة) بدل (لا يرجع...)، عوالي اللآلي: 4 / 88 / 111، إعلام الورى: 1 / 207 عن الواقدي، الفضائل لابن شاذان: 128، المناقب للخوارزمي: 170 / 203 كلاهما عن عُمَر.

(2) المصنّف لابن أبي شيبة: 7 / 497 / 17، مسند البزّار: 2 / 136 / 496، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 54 / 13 كلّها عن أبي ليلى، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 349، البداية والنهاية: 7 / 337 وج 4 / 186، تاريخ دمشق: 42 / 89 والأربعة الأخيرة عن سلمة بن عمرو بن الأكوع، المناقب لابن المغازلي: 181 / 217 عن أبي هريرة والخمسة الأخيرة من دون إسناد إليه (عليه السلام)، الخصال: 555 / 31 عن عامر بن واثلة، الأمالي للطوسي: 546 / 168 عن أبي ذرّ، شرح الأخبار: 1 / 302 / 283 والثمانية الأخيرة نحوه، إعلام الورى: 1 / 364 عن أبي ليلى، وراجع مسند ابن حنبل: 9 / 19 / 23054.

٢٢٨

أبا بكر - فرجع منهزماً ومَن معه، فلمّا كان من الغد بعث عُمَر، فرجع منهزماً يُجَبِّن أصحابه ويُجبِّنه أصحابُه. فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله عليه).

فثار الناس، فقال: (أين عليّ؟) فإذا هو يشتكي عينيه، فتفل في عينيه، ثمّ دفع إليه الراية، فهزّها، ففتح الله عليه (1) .

199 - مسند ابن حنبل عن أبي سعيد الخدريّ: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أخذ الراية فهزّها، ثمّ قال: (مَن يأخذها بحقّها؟) فجاء فلان فقال: أنا، قال: أمِط. ثمّ جاء رجل فقال: أمِط، ثمّ قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (والذي كرّم وجه محمّد، لأُعطينّها رجلاً لا يفرّ، هاك يا عليّ). فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدَك، وجاء بعَجوتهما (2) وقَديدهما (3) (4) .

200 - الطبقات الكبرى: سريّة عليّ بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفَدَك (5)

____________________

(1) مجمع الزوائد: 9 / 165 / 14717، وراجع الإفصاح: 86، والمناقب للكوفي: 2 / 498 / 1001، والخرائج والجرائح: 1 / 159 / 249.

(2) العَجْوة: ضرْب من أجود التمر بالمدينة (لسان العرب: 15 / 31).

(3) القديد: اللحم المملوح المجفّف في الشمس (النهاية:4 / 22 ).

(4) مسند ابن حنبل: 4 / 34 / 11122، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 583 / 987 وليس فيه (وفدك)، مسند أبي يعلى: 2 / 117 / 1341، تاريخ دمشق: 42 / 104 / 8461، البداية والنهاية: 7 / 339، شرح الأخبار: 1 / 321 / 286، المناقب للكوفي: 2 / 495 / 995 وفيهما (فجاء الزبير) بدل (فجاء فلان) وكلاهما نحوه.

(5) قرية من قُرى اليهود بينها وبين المدينة يومان، وكانت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ لأنّه فتحها هو وأمير المؤمنين (عليه السلام) فزال عنها حكم الفيء ولزِمها اسم الأنفال، فلمّا نزل: ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَي حَقَّهُ ) أي اعطِ فاطمة (عليها السلام) فدَكاً، أعطاها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إيّاها، وكانت في يد فاطمة (عليها السلام) إلى أنْ توفّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأُخذت من فاطمة بالقهْر والغلَبة (مجمع البحرين:3 / 1370).

٢٢٩

في شعبان سنة ستّ من مُهاجَر رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

قالوا: بلغ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّ لهم جَمعاً يريدون أنْ يُمِدّوا يهود خيبر، فبعث إليهم عليّ بن أبي طالب في مِئة رجُل، فسار الليل وكَمَن النهار حتى انتهى إلى الهَمَج، وهو ماء بين خيبر وفدَك، وبين فدك والمدينة ستّ ليال، فوجدوا به رجلاً، فسألوه عن القوم فقال: أُخبركم على أنّكم تؤمنوني، فآمَنوه فدلّهم، فأغاروا عليهم، فأخذوا خمسمِئة بعير وألفَي شاة، وهربت بنو سعد بالظُعُن (1) ، ورأسُهم وَبَر بن عُليم.

فعزل عليّ صفيّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، لَقوحاً (2) تدعى الحفذة، ثمّ عزَل الخُمس، وقسّم سائر الغنائم على أصحابه، وقدِم المدينة ولم يلقَ كيداً (3) .

201 - المغازي عن يعقوب بن عتبة: بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّاً (عليه السلام) في مِئة رجل إلى حيّ سعد بفدَك، وبلغ رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) أنّ لهم جَمعاً يريدون أنْ يُمدّوا يهودَ خيبر، فسار الليل وكمَنَ النهار حتى انتهى إلى الهَمَج، فأصاب عيناً فقال: (ما أنت؟ هل لك عِلم بما وراءك من جَمع بني سعد؟) قال: لا عِلم لي به.

فشدّوا عليه فأقرّ أنّه عينٌ لهم بعثوه إلى خيبر يعرُض على يهود خيبر نصْرهم على أنْ يجعلوا لهم من تمْرِهم، كما جعلوا لغيرهم ويقدمون عليهم، فقالوا له: فأين القوم؟ قال: تركتهم وقد تجمّع منهم مِئتا رجُل، ورأسُهم وَبَر بن عُليم. قالوا: فسِر بنا حتى تدلّنا. قال: على أنْ تؤمِّنوني. قالوا: إنْ دللتنا عليهم وعلى

____________________

(1) الظُعُن: النساء، وأصل الظَّعِينة: الراحلة التي يُرحل ويُسار عليها (النهاية: 3 / 157).

(2) ناقة لَقُوح: إذا كانت غزيرة اللبن (النهاية: 4 / 262).

(3) الطبقات الكبرى: 2 / 89، وراجع تاريخ الطبري: 2 / 642، والكامل في التاريخ: 1 / 589، وتاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 355، وتاريخ اليعقوبي: 2 / 73.

٢٣٠

سَرْحهم (1) أمَّنّاك، وإلاّ فلا أمان لك. قال: فذاك.

فخرج بهم دليلاً لهم حتى ساءَ ظنُّهم به، وأوفى بهم على فَدافِد وآكام (2) ، ثمّ أفضى بهم إلى سهولةٍ فإذا نَعَمٌ كثيرٌ وشاءٌ، فقال: هذا نَعَمهم وشاؤهم. فأَغاروا عليه فضمّوا النَعَمَ والشاءَ. قال: أرسلوني. قالوا: لا، حتى نأمَن الطلَب.

ونَذَر بهم الراعي رِعاءَ (3) الغنم والشاء، فهربوا إلى جَمعهم فحذَّروهم، فتفرّقوا وهربوا، فقال الدليل: عَلامَ تحبسني؟ قد تفرّقت الأعراب وأنذَرهم الرِعاء. قال عليّ (عليه السلام): لم نبلغ معسكرهم. فانتهى بهم إليه فلم يَرَ أحداً، فأرسلوه وساقوا النَعَم والشاء: النَّعَم خمسمِئة بعير، وألفا شاة (4) .

202 - المستدرك على الصحيحين عن جابر بن عبد الله: لمّا كان يوم خيبر بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) رجلاً فجَبُن، فجاء محمّد بن مسلمة فقال: يا رسول الله، لم أرَ كاليوم قطّ!...

ثمّ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لأبعثنّ غداً رجلاً يُحبّ الله ورسوله، ويحبّانِه لا يولّي الدُّبُر، يفتح الله على يديه)، فتشرّف لها الناس وعليّ (رضي الله عنه) يومئذٍ أرمَد، فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (سِر). فقال: (يا رسول الله، ما أُبْصر موضعاً). فتفل في عينيه، وعقد له، ودفع إليه الراية (5) .

____________________

(1) السرح: الماشية (النهاية: 2 / 358).

(2) فَدافِد: جمع فَدْفَد، الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع. وآكام جمع أكَم، وهي جمع إكام، وهي جمع أكَمة، وهي الرابية (النهاية: 3 / 420 وج 1 / 59).

(3) الرِّعاءُ: جمع راعى الغنم (النهاية: 2 / 235).

(4) المغازي: 2 / 562.

(5) المستدرك على الصحيحين: 3 / 40 / 4342، المعجم الصغير: 2 / 10.

٢٣١

203 - السيرة النبويّة لابن هشام: عن سفيان بن فروة الأسلمي عن سلَمة بن عمرو بن الأكوَع: بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أبا بكر الصدّيق برايته - وكانت بيضاء، فيما قال ابن هشام - إلى بعض حصون خَيْبر، فقاتل، فرجع ولم يكُ فَتْحٌ، وقد جهد، ثمّ بعث الغدَ عُمَر بن الخطّاب، فقاتل، ثمّ رجع ولم يكُ فتْح، وقد جهد؛ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يُحبّ الله ورسوله، يفتَح الله على يدَيه، ليس بفَرّار).

قال: يقول سلَمة: فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّاً رضوان الله عليه، وهو أرمَد، فتفل في عينِه، ثمّ قال: (خُذ هذه الراية، فامضِ بها حتى يفتَح الله عليك).

قال: يقول سلمة: فخرج والله بها يأنِح (1) ، يُهروِل هَرولة، وإنّا لخلْفه نتبع أثره، حتى ركَز رايته في رَضْم (2) من حجارة تحت الحِصْن، فاطّلع إليه يهوديّ من رأس الحِصْن، فقال: مَن أنت؟ قال: (أنا عليّ بن أبي طالب). قال: يقول اليهودي: عَلَوتُم، وما أُنزل على موسى، أو كما قال. قال: فما رجع حتى فتح الله على يَدَيه (3) .

204 - الكامل في التاريخ عن بريدة الأسلمي: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ربّما أخذَته الشقيقة (4) فيلبث اليوم اليومين لا يخرج، فلمّا نزل خيبر أخذَته فلم يخرج إلى

____________________

(1) مِن الأُنوح؛ وهو صوت يسمع من الجوف معه نَفَس وبُهْر ونهيج يعتري السَّمين من الرجال (النهاية: 1 / 74).

(2) الرَضْم: هي دون الهضاب، وقيل: صخور بعضُها على بعض (النهاية: 2 / 231).

(3) السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 349، تاريخ دمشق: 42 / 90 / 8434، دلائل النبوّة للبيهقي: 2094، شرح الأخبار: 1 / 302 / 283، وراجع خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 56 / 14.

(4) الشَّقيقةُ: نوع من صداع يعرض في مقدّم الرأس وإلى أحد جانبيه (النهاية: 2 / 492).

٢٣٢

الناس، فأخذ أبو بكر الراية من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ثمّ نهض فقاتل قتالاً شديداً، ثمّ رجع فأخذها عُمَر فقاتل قتالاً شديداً هو أشدّ من القتال الأوّل، ثمّ رجع فأخبر بذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

فقال: (أما والله لأُعطينّها غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، يأخذها عَنْوَة) (1) . وليس ثَمَّ عليّ؛ كان قد تخلّف بالمدينة لرمَدِ لَحِقه، فلمّا قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مقالته هذه تطاولت لها قريش، فأصبح فجاء عليّ على بعيرٍ له حتى أناخ قريباً من خباء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو أرمَد قد عصب عينيه.

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (ما لك؟) قال: (رمدتُ بعدك)، فقال له: (ادنُ منّي). فدنا منه، فتفل في عينيه، فما شكا وجَعاً حتى مضى لسبيله. ثمّ أعطاه الراية، فنهض بها وعليه حلّة حمراء، فأتى خيبر، فأشرف عليه رجل من اليهود فقال: مَن أنت؟ قال: (أنا عليّ بن أبي طالب)، فقال اليهوديّ: غُلِبتم يا معشر يهود!!.

وخرَج مَرحَب صاحب الحِصن وعليه مِغْفَر (2) يمانيّ قد نقّبه مثل البيضة على رأسه وهو يقول:

قد علِمَت خيبر أنّي مرحبُ

شاكي السلاح بطَل مجرَّبُ

فقال عليّ:

أنا الذي سمّتني أُمّي حيدرة

أكيلكم بالسيف كَيل السَّنْدَرة (3)

ليثٌ بغابات شديد قسوَرة

____________________

(1) العَنْوَة: القهر، وأُخِذت البلاد عنوةً بالقَهْر والإذلال (لسان العرب: 15 / 101).

(2) زَرَد [أي حَلِق] ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة (لسان العرب: 5 / 26).

(3) السَّنْدرة: ضرب من الكَيل غرّاف جرّاف واسع، يقول: أُقاتلكم بالعَجَلة، وأُبادركم قبل الفِرار (تاج العروس: 6/ 547).

٢٣٣

فاختلفا ضربتين، فبدَره عليّ فضربه فقدّ الحَجَفة (1) والمِغْفَر ورأسه حتى وقع في الأرض. وأخذ المدينة (2) .

205 - صحيح البخاري عن سهل بن سعد: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال يوم خيبر: (لأُعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله).

قال: فبات الناس يدوكون (3) ليلتهم أيّهم يُعطاها، فلمّا أصبح الناس غدواً على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كلّهم يرجو أنْ يُعطاها، فقال: (أين عليّ بن أبي طالب؟) فقيل: هو يا رسول الله، يشتكي عينيه، قال: (فأرسِلوا إليه)، فأُتيَ به، فبصق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأنْ لم يكن به وجَع، فأعطاه الراية، فقال عليّ: (يا رسول الله، أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟) فقال: (انفذ على رسلِك حتى تنزل بساحتهم، ثمّ ادعُهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله فيه، فو الله لأنْ يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أنْ يكون لك حُمْرُ النَعَم) (4) .

206 - صحيح مسلم عن أبي هريرة: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال يوم خيبر: (لأُعطينّ

____________________

(1) الحَجَفة: التُرْس (النهاية: 1 / 345). وهو صفحة من الفولاذ تُحمل للوقاية من السيف وغيره.

(2) الكامل في التاريخ: 1 / 596، تاريخ الطبري: 3 / 12، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 410، دلائل النبوّة للبيهقي: 4 / 211 كلّها نحوه وفيها (الأضراس) بدل (الأرض)، وراجع خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 58 / 15.

(3) أي يخوضون ويموجون فيمن يدفعها إليه. يقال: وقع الناس في دَوْكة: أي في خوض واختلاط (النهاية: 2/140).

(4) صحيح البخاري: 4 / 1542 / 3973، صحيح مسلم: 4 / 1872 / 2406، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 60 / 16، تاريخ دمشق: 42 / 85 / 8428، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 406، دلائل النبوّة للبيهقي: 4 / 205.

٢٣٤

هذه الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، يفتح الله على يديه). قال عُمر بن الخطّاب: ما أحببت الإمارة إلاّ يومئذ. قال: فتساورتُ لها (1) رجاء أنْ أُدعى لها. قال: فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّ بن أبي طالب فأعطاه إيّاها، وقال: (امشِ ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك). قال: فسار عليّ شيئاً ثمّ وقف ولم يلتفت، فصرخ: (يا رسول الله! على ماذا أُقاتل الناس؟) قال: (قاتلهم حتى يشهدوا أنْ لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد مَنَعوا منك دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها، وحسابهم على الله) (2) .

207 - صحيح البخاري عن سلمة: كان عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) تخلّف عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في خيبر، وكان رمداً، فقال: أنا أتخلّف عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله)؟! فلحِق به، فلمّا بتنا الليلة التي فتحت قال:

(لأُعطينّ الراية غداً - أو: ليأخذنّ الراية غداً - رجلٌ يحبّه الله ورسوله، يفتح الله عليه). فنحن نرجوها، فقيل: هذا عليّ، فأعطاه، ففُتح عليه (3) .

208 - صحيح مسلم عن سلمة: أرسلني [النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ] إلى عليّ وهو أرمَد فقال: (لأُعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، أو يحبّه الله ورسوله) (4) . قال: فأتيت عليّاً

____________________

(1) تساورتُ لها: أي رفعتُ لها شخصي (النهاية: 2 / 420).

(2) صحيح مسلم: 4 / 1871 / 33، مسند ابن حنبل: 3 / 331 / 9000، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 64 / 19، الطبقات الكبرى: 2 / 110 وزاد فيه (و يحبّه الله ورسوله)، تاريخ الإسلام للذهبي: 4072، دلائل النبوّة للبيهقي: 4 / 206، تاريخ دمشق: 42 / 82 / 8423.

(3) صحيح البخاري:4 / 1542 / 3972 وج 3 / 1086 / 2812، صحيح مسلم: 4 / 1872 / 35، دلائل النبوّة للبيهقي 4 / 206.

(4) كذا في المصدر، والمناسب: (و يحبّه) كما ورد في السنن الكبرى، والطبقات والمناقب.

٢٣٥

فجئت به أقوده وهو أرمَد. حتى أتيت به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فبسق (1) في عينيه فبرأ، وأعطاه الراية. وخرج مَرحَب فقال:

قد علِمت خيبر أنّي مرحبُ

شاكي السلاح بطلٌ مُجرّبُ

إذا الحروبُ أقبلت تلهّبُ

فقال عليّ:

أنا الذي سمّتني أُمّي حيدرة

كليثِ غابات كريه المنظرة

أُوفيهم بالصاع كيلَ السَّنْدَرة

قال: فضرب رأس مرحَب فقتله. ثمّ كان الفتح على يديه (2) .

209 - الاستيعاب: روى سعد بن أبي وقّاص وسهل بن سعد وأبو هريرة وبريدة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمَر وعمران بن الحصين وسلمة بن الأكوَع، كلّهم بمعنى واحد، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال يوم خيبر:

(لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يُحبّ الله ورسوله، ويُحبّهُ الله ورسوله، ليس بفرّار، يفتح الله على يديه)، ثمّ دعا بعليّ وهو أرمَد، فتفل في عينيه وأعطاه الراية، ففتح الله عليه. وهذه كلّها آثارٌ ثابتة (3) .

210 - الإرشاد عن عبد الملك بن هشام ومحمّد بن إسحاق وغيرهم من أصحاب

____________________

(1) لُغة في بَزَق، وبَصَق (النهاية: 1 / 128).

(2) صحيح مسلم: 3 / 1441 / 132، مسند ابن حنبل: 5 / 557 / 16538، السنن الكبرى: 9 / 222 / 18346، المصنّف لابن أبي شيبة: 8 / 520 / 2، الطبقات الكبرى: 2 / 111، المستدرك على الصحيحين: 3 / 41 / 4343 نحوه، المناقب للكوفى: 2 / 500 / 1002 وفيه (أكيلكم بالسيف) بدل (أُوفيهم بالصاع).

(3) الاستيعاب: 3 / 203 / 1875.

٢٣٦

الآثار: حاصر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خيبر بضعاً وعشرين ليلة، وكانت الراية يومئذٍ لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فلحِقه رمَد أعجَزه عن الحرب، وكان المسلمون يناوشون اليهود من بين أيدي حصونهم وجنباتها. فلمّا كان ذات يوم فتحوا الباب وقد كانوا خندقوا على أنفسهم، وخرج مرحَب برِجْله يتعرّض للحرب.

فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أبا بكر فقال له: خُذ الراية، فأخذها - في جمْع من المهاجرين - فاجتهد ولم يُغنِ شيئاً، فعاد يؤنّب القوم الذين اتّبعوه ويؤنّبونه!.

فلمّا كان من الغد تعرّض لها عُمَر، فسار بها غير بعيد، ثمّ رجَع يُجبِّن أصحابه ويجبّنونه!.

فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (ليست هذه الراية لِمَن حمَلها، جيؤوني بعليّ بن أبي طالب). فقيل له: إنّه أرمَد. قال: (أرونيه تُروني رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يأخذها بحقّها ليس بفرّار).

فجاؤوا بعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقودونه إليه، فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (ما تشتكي يا عليّ؟) قال: (رمَدٌ ما أُبصر معه، وصُداع برأسي). فقال له: (اجلس وضَعْ رأسك على فخِذي). ففعل عليّ (عليه السلام) ذلك، فدعا له النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وتفل في يده فمسحها على عينيه ورأسه، فانفتحت عيناه وسكن ما كان يجده من الصداع. وقال في دعائه له: (اللهمّ قِهِ الحرّ والبرد).

وأعطاه الراية - وكانت راية بيضاء - وقال له: (خُذ الراية وامضِ بها، فجبرئيل معك، والنصر أمامك، والرعب مبثوثٌ في صدور القوم، واعلم - يا عليّ - أنّهم يجدون في كتابهم: إنّ الذي يُدمّر عليهم اسمه آلِيا، فإذا لقيتهم فقل: أنا عليّ، فإنّهم يُخذَلون إنْ شاء الله....)

وجاء في الحديث: أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لمّا قال: أنا عليّ بن أبي طالب، قال حَبْر من أحبار القوم: غُلبتم وما أُنزل على موسى. فدخل قلوبهم من الرعب ما لم

٢٣٧

يمكنهم معه الاستيطان به (1) .

211 - المغازي: كان أوّل من خرج إليهم الحارث أخو مرحَب في عادِيَته (2) ، فانكشف المسلمون وثبَت عليّ (عليه السلام)، فاضطربا ضربات، فقتله عليّ (عليه السلام)، ورجع أصحاب الحارث إلى الحِصن، فدخلوه وأغلقوا عليهم، فرجع المسلمون إلى موضعهم (3) .

212 - المغازي: برَز عامر وكان رجُلاً طويلاً جسيماً، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين طلع عامر: (أترونه خمسة أذرع؟ وهو يدعو إلى البراز، يخطر بسيفه وعليه دِرعان، يقنّع في الحديد يصيح: مَن يبارز؟) فأحجم الناس عنه، فبرز إليه عليّ (عليه السلام) فضربه ضربات، كلّ ذلك لا يصنع شيئاً، حتى ضرب ساقيه فبرَك، ثمّ ذفّف عليه فأخذ سلاحه (4) .

213 - الإرشاد: لمّا قتَل أمير المؤمنين (عليه السلام) مرحباً رجَع من كان معه وأغلقوا باب الحِصن عليهم دونه، فصار أمير المؤمنين (عليه السلام) إليه فعالَجه حتى فتحه، وأكثر الناس من جانب الخندق لم يعبروا معه، فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) باب الحِصن فجعله على الخندق جسراً لهم حتى عبَروا وظفروا بالحِصن ونالوا الغنائم. فلمّا انصرفوا من الحصون أخذه أمير المؤمنين بيُمناه فدَحا به أذرُعاً من الأرض، وكان الباب يُغلقه عشرون رجلاً منهم (5) .

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 125 وراجع تاريخ دمشق: 42 / 107.

(2) العادِية: الخيل تعدو وقد تكون العادية الرجال يعدون (النهاية: 3 / 194).

(3) المغازي: 2 / 654.

(4) المغازي: 2 / 657.

(5) الإرشاد: 1 / 127، كشف اليقين: 170 / 177، كشف الغمّة: 1 / 215.

٢٣٨

214 - المصنّف عن جابر بن عبد الله: إنّ عليّاً حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون ففتحوها، وأنّه جُرّب فلم يحمله إلاّ أربعون رجلاً (1) .

215 - مسند ابن حنبل عن أبي رافع مولى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) - في معركة خيبر: خرجنا مع عليّ حين بعثه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) برايته، فلمّا دنا من الحِصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجلٌ من اليهود فطرح تُرْسَه من يده، فتناول عليّ باباً كان عند الحِصن فترّس به نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثمّ ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفرٍ معي سبعة أنا ثامنهم نَجْهدُ على أنْ نقلب ذلك الباب فما نقْلِبه (2) !

216 - الأمالي للصدوق عن عبد الله بن عمرو بن العاص: إنّه لمّا دنا من القَمُوص (3) أقبل أعداء الله من اليهود يرمونه بالنبل والحجارة، فحمل عليهم عليّ (عليه السلام) حتى دنا من الباب، فثنى رِجْله ثمّ نزل مغضِباً إلى أصل عتبة الباب فاقتلعه، ثمّ رمى به خلْف ظهْرِه أربعين ذراعاً!.

____________________

(1) المصنّف لابن أبي شيبة: 7 / 507 / 76، تاريخ بغداد: 11 / 324 / 6142، دلائل النبوّة للبيهقي: 4 / 212، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 412، البداية والنهاية: 7 / 225 وج 4 / 190، المناقب للخوارزمي: 172 / 207، مجمع البيان: 9 / 183 وليس فيه (إلاّ) وكلّها عن ليث بن أبي سليم عن الإمام الباقر (عليه السلام) عنه، روضة الواعظين: 142، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 294، وراجع الإرشاد: 1 / 129 وص 333.

(2) مسند ابن حنبل: 9 / 228 / 23919، تاريخ الطبري: 3 / 13، السيرة النبويّة لابن هشام: 3 / 349، تاريخ دمشق: 42 / 110، تاريخ الإسلام للذهبي: 2 / 411، الكامل في التاريخ: 1 / 597، دلائل النبوّة للبيهقي: 4 / 212، المغازى: 2 / 655 وليس فيه (ثمّ ألقاه من يده...)، البداية والنهاية: 1894، المناقب للخوارزمي: 172 / 206، مجمع البيان: 9 / 182 عن رافع، شرح الأخبار: 1 / 302 / 283.

(3) القَمُوص: وهو جبل بخيبر عليه حِصن أبي الحُقَيق اليهوديّ (معجم البلدان: 4 / 398).

٢٣٩

قال ابن عمرو: وما عجبنا من فتْح اللهِ خيبَر على يدي عليّ (عليه السلام)، ولكنّا عجبنا مِن قَلعِه الباب ورميه خلْفه أربعين ذراعاً، ولقد تكلّف حمْله أربعون رجلاً فما أطاقوه! فأُخبر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بذلك فقال: والذي نفسي بيده لقد أعانه عليه أربعون ملَكاً (1) .

217 - الإرشاد عن أبي عبد الله الجدلي: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (لمّا عالَجت باب خيبر جعلته مِجَنّاً (2) لي وقاتلت القوم، فلمّا أخزاهم الله وضعت الباب على حِصنهم طريقاً، ثمّ رميت به في خندقهم)، فقال له رجل: لقد حمَلت منه ثِقلاً! فقال: ما كان إلاّ مثل جُنّتي التي في يدي في غير ذلك المقام (3) .

218 - الإمام عليّ (عليه السلام): (والله ما قلعتُ باب خيبر، ودكدكتُ حِصن اليهود بقوةٍ جسمانيّة، بل بقوّة إلهيّة) (4) .

219 - عنه (عليه السلام) - في رسالته إلي سهل بن حنيف -: (والله ما قلعتُ باب خيبر ورميت بها خلف ظَهري أربعين ذراعاً بقوّة جسديّة ولا حركة غذائيّة، لكنّي أُيّدت بقوّة ملَكوتيّة، ونفْسٍ بنور ربّها مُضيّة) (5) .

____________________

(1) الأمالي للصدوق: 604 / 839، روضة الواعظين: 142، الدعوات: 64 / 160 نحوه، كلاهما عن عبد الله بن عمَر.

(2) المِجَنّ: التُرس، والميم زائدة؛ لأنّه من الجُنّة: السُّترة (النهاية: 4 / 301).

(3) الإرشاد: 1 / 128، الثاقب في المناقب: 258 / 224.

(4) شرح نهج البلاغة: 20 / 316 / 626 وج 5 / 7، الطرائف: 519 وليس فيهما (دكدكت حِصن يهود).

(5) الأمالي للصدوق: 604 / 840 عن يونس بن ظبيان عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام)، بشارة المصطفى: 191، عيون المعجزات: 16 عن إبراهيم عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عنه (عليهم السلام) وفيه (غريزيّة بشريّة) بدل (غذائيّة)، روضة الواعظين: 142، الخرائج والجرائح: 2 / 542 / 2، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 239 وليس في الثلاثة الأخيرة من (و رميت) إلى (ذراعاً)، بحار الأنوار: 40 / 318 / 2.

٢٤٠