موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 311
المشاهدات: 56795
تحميل: 7138


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 56795 / تحميل: 7138
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الفصل الرابع عشر

  عروج النبيّ من صدْر الوصيّ

كانت الأيّام الأخيرة من عُمْر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أيّاماً عجيبةً، فقد كانت لعليّ (عليه السلام) أيّاماً حافلةً بالغموم، زاخرةً بالآلام، مليئة بالمتاعب والمِحَن، وكانت للسّاسة آنذاك أيّام عمَل، ومثابرة وتخطيط؛ للاستحواذ على الخلافة، وسعي لرسم السياسة القادمة، وتفكير بالغد وبما يليه...

أمَر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بتجهيز الجيش لحرب الروم، فتعبّأ الجيش وفيه وجوه بارزة، وعقَد (صلّى الله عليه وآله) اللواء بنفسه ودفَعه إلى أُسامة بن زيد. وكان صِغَر سِنّه قد شكّل ذريعةً بأيدي الساسة للاعتراض عليه؛ إخفاءً للبواعث الحقيقيّة التي كانت تدفعهم إلى التلكّؤ والتباطؤ في الحركة في وقتٍ كان النبيّ (صلّى الله عليه وآله) على فراش المرض يُعاني من الحمّى. ولمّا علِم بتثاقلهم قام مِن فراشه، وتوجّه نحو المسجد بجِسمٍ محموم ورأسٍ معصوب، وأنبأ المسلمين بالتَبِعات الذميمة الشاذّة لفتورهم وتقاعسهم، ثمّ قال: (أنفِذوا جيش أُسامة) (1). بَيْد أنّ ساسة الدنيا حالوا دون الإنفاذ من

____________________

(1) الطبقات الكبرى: 2 / 189 - 191، المغازي: 3 / 1117 - 1120، تاريخ اليعقوبي: 2 / 113، الإرشاد: 1 / 180 - 184

٣٠١

خلال توقّف دام أكثر من خمسة عشَر يوماً (1).

وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يطوي اللحظات الأخيرة من حياته. ووهب الإمام عليّاً (عليه السلام) دِرعه، ولواءه، وجعله وصيّه (2) ، ونقل إليه علوماً لا تُحصى عِبر نجوى طويلة (3) . وبينا كان يلفظ كلمته الأخيرة: (لا، مع الرفيق الأعلى) فاضت روحه المقدّسة الطاهرة وهو في حِجر الإمام (عليه السلام). وعرَجت تلك الروح الزكيّة المطهّرة نحو الرفيق الأعلى من صدر حبيبه ونجيّه ورفيق دربه وحاميه وحافظ سرّه والذابّ عنه بلا منازع: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) (4) .

إنّه الإمام (عليه السلام) - والغمّ متراكم جاثمٌ على صدره، والعيون عَبرى، والقلب حزين، مليء غصّةً لفقْد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) - مَن يلي غُسله والملائكة أعوانه، والفضل بن عبّاس معه (5). .. ثمّ كفّنه، وكشف عن وجهه، وبينا كانت دموعه تنهمر على خدّيه، ناداه بصوت حزين وهو يغصّ في عَبْرته، والحزن يعصر قلْبه: (بأبي أنت وأُمّي، طبتَ حيّاً وميّتاً...).

وصلّى على جثمانه الطاهر، ثمّ صلّى عليه الصحابة جماعةً، جماعةً. ودفَنَه حيث فاضت روحه المقدّسة الشريفة (6) ، وعاونه على الدفْن جماعة منهم أوس

____________________

(1) الطبقات الكبرى: 2 / 189 - 191، تاريخ اليعقوبي: 2 / 113 وفيه (و اعتلّ أربعة عشر يوماً).

(2) الإرشاد: 1 / 185.

(3) الإرشاد: 1 / 186.

(4) الطبقات الكبرى: 2 / 262.

(5) نهج البلاغة: الخطبة 197، الطبقات الكبرى: 2 / 263 وص 277، تاريخ الطبري: 3 / 211، السيرة النبويّة لابن هشام: 4 / 312.

(6) الإرشاد: 1 / 187.

٣٠٢

ابن خَوْلّى، والفضل بن عبّاس (1) .

306 - الإرشاد: كان أمير المؤمنين لا يفارقه [ (صلّى الله عليه وآله) ] إلاّ لضرورة، فقام في بعض شؤونه، فأفاق (صلّى الله عليه وآله) إفاقة فافتقد عليّاً (عليه السلام)، فقال - وأزواجه حوله: (ادعوا لي أخي وصاحبي). وعاوده الضعف فأصمَت. فقالت عائشة: ادعوا له أبا بكر، فدُعي، فدخل عليه فقعد عند رأسه، فلمّا فتح عينه نظر إليه وأعرَض عنه بوجهه، فقام أبو بكر وقال: لو كان له إليّ حاجة لأفضى بها إليّ.

فلمّا خرج أعاد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) القول ثانيةً وقال: (ادعوا لي أخي وصاحبي). فقالت حفْصة: ادعوا له عُمَر، فدُعي، فلمّا حضر رآه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فأعرض عنه، فانصرف.

ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله): (ادعوا لي أخي وصاحبي). فقالت أُمّ سلمة: ادعوا له عليّاً، فإنّه لا يريد غيره. فدُعيَ أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلمّا دنا منه أومأ إليه، فأكبّ عليه، فناجاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) طويلاً، ثمّ قام فجلس ناحيةً حتى أغفى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال له الناس: ما الذي أوعَز إليك يا أبا الحسن؟ فقال:

(علّمني ألف باب، فتح لي كلُّ باب ألفَ باب، ووصّاني بما أنا قائم به إنْ شاء الله).

ثمّ ثَقُل (صلّى الله عليه وآله) وحضره الموت وأمير المؤمنين (عليه السلام) حاضر عنده، فلمّا قَرُب خروج نفسه قال له: (ضع رأسي يا عليّ في حِجرك؛ فقد جاء أمر الله عزّ وجلّ، فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك، ثمّ وجِّهني إلى القِبلة، وتولَّ أمري، وصلِّ علَيَّ أوّل الناس، ولا تفارقني حتى تواريني في رمْسي، واستعِن

____________________

(1) الطبقات الكبرى: 2 / 291 وص 301، تاريخ الطبري: 3 / 213، السيرة النبويّة لابن هشام: 4 / 314 و315، الإرشاد: 1 / 188.

٣٠٣

بالله تعالى). فأخذ عليّ (عليه السلام) رأسه فوضعه في حِجره، فأُغمي عليه، فأكبّت فاطمة (عليها السلام) تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول:

وأبيضَ يُستسقى الغَمامُ بوجههِ

ثِمالُ (1) اليتامى عِصمةٌ للأراملِ

ففتح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عينيه، وقال بصوت ضئيل: (يا بُنيّة، هذا قول عمّك أبي طالب، لا تقوليه، ولكن قُولي: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) ) (2) . فبكت طويلاً، فأومأ إليها بالدنوّ منه، فدنَت، فأسَرّ إليها شيئاً تهلّل له وجهها.

ثمّ قضى (صلّى الله عليه وآله) ويدُ أمير المؤمنين (عليه السلام) اليمنى تحت حَنَكه (3) ، ففاضت نفسه (صلّى الله عليه وآله) فيها، فرفعَها إلى وجهه فمسحه بها، ثمّ وجّهه، وغمّضه، ومَدّ عليه إزاره، واشتغل بالنظر في أمره (4) .

307 - كنز العمّال عن حذيفة بن اليمان: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مرضه الذي قُبض فيه، فرأيته يتسانَد إلى عليّ، فأردت أنْ أُنحّيه وأجلس مكانه، فقلت: يا أبا الحسن، ما أراك إلاّ تعبت في ليلتك هذه، فلو تنحّيتَ فَأعنتُك، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (دَعْه؛ فهو أحقّ بمكانه منك) (5) .

308 - الطبقات الكبرى عن عبد الله بن محمّد بن عُمَر بن عليّ بن أبي طالب عن

____________________

(1) الثِّمال: المَلْجأ والغِياث. وقيل: هو المُطْعِم في الشِّدّة (النهاية: 1 / 222).

(2) آل عمران: 144.

(3) الحَنَك: باطن أعلى الفم من داخل. وقيل: هو الأسفل في طرف مُقدَّم اللَّحْيَيْن من أسفلهما (لسان العرب: 10 / 416).

(4) الإرشاد: 1 / 185.

(5) كنز العمّال: 16 / 228 / 44266 نقلاً عن ابن عساكر، المناقب للكوفي: 2 / 608 / 1107 نحوه.

٣٠٤

أبيه عن جدّه: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مرضه: ( ادعوا لي أخي). قال: فدُعيَ له عليّ.

فقال: (ادنُ منّي. فدنوت منه، فاستَنَد إليّ فلم يزَل مستنداً إليّ وإنّه ليكلّمني حتى إنّ بعض ريق النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ليصيبني، ثمّ نُزِل برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وثَقُل في حِجري، فصحتُ: يا عبّاس، أدرِكْني فإنّي هالك! فجاء العبّاس، فكان جَهدُهما جميعاً أنْ أُضجعاه) (1) .

309 - مسند ابن حنبل عن أُمّ موسى عن أُمّ سلمة: والذي أحلف به، إنْ كان عليّ لأقرب الناس عهداً برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، قالت: عُدْنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) غَداةً بعد غداة يقول: (جاء عليّ؟) مراراً. قالت: وأظنّه كان بعَثه في حاجة، قالت: فجاء بعدُ فظننت أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب، فكنت من أدناهم إلى الباب، فأكبّ عليه عليّ فجعل يُسارّه ويناجيه، ثمّ قُبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من يومه ذلك، فكان أقرب الناس به عهداً (2) .

310 - الإرشاد: أقبَل [ (صلّى الله عليه وآله) ] على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: (يا أخي، تقبلُ وصيَّتي وتُنجِز عِدَتي وتقضي عنّي دَيني وتقوم بأمر أهلي مِن بعدي؟) قال: (نعم يا رسول الله). فقال له: (ادنُ منّي). فدنا منه، فضمّه إليه، ثمّ نزع خاتمه من يده فقال له: (خُذ هذا فضعه في يدك). ودعا بسيفه ودرعه وجميع لاَْمَته (3) فدفع ذلك إليه،

____________________

(1) الطبقات الكبرى: 2 / 263.

(2) مسند ابن حنبل: 10 / 190 / 26627، المستدرك على الصحيحين: 3 / 149 / 4671، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 686 / 1171 وفيهما (قالت فاطمة) بعد (مراراً)، المصنّف لابن أبي شيبة: 7 / 494 / 3، المعجم الكبير: 23 / 375 / 887 نحوه، مسند أبي يعلى: 6 / 271 / 6932، تاريخ دمشق: 42 / 394 / 9008، تاريخ أصبهان: 1 / 301 / 523، العمدة: 287 / 466، شرح الأخبار: 2 / 282 / 594 وفيهما (قالت فاطمة (عليها السلام)) بعد (مراراً).

(3) اللاَّمَة: السِلاح. ولاَمَةُ الحَرب: أداتُه (النهاية: 4 / 220).

٣٠٥

والتمس عصابة كان يشدّها على بطنه إذا لبس سلاحه وخرج إلى الحرب، فجيء بها إليه، فدفعها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقال له: (امضِ على اسم الله إلى منزلك) (1) .

311 - الإمام عليّ (عليه السلام): (لقد قُبِض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإنّ رأسه لعلى صدري، ولقد سالت نفسه في كفّي فأمررتها على وجهي. ولقد وُلِّيتُ غُسلَه (صلّى الله عليه وآله) والملائكة أعواني، فضجّت الدار والأفنية؛ مَلأٌ يهبط، ومَلأٌ يعرج، وما فارقتْ سمعي هَيْنَمةٌ (2) منهم، يصلّون عليه حتى وارَيناه في ضريحه) (3) .

312 - الإمام زين العابدين (عليه السلام): (قُبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ورأسه في حِجر عليّ) (4) .

313 - الطبقات الكبرى عن الشعبي: توفّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ورأسه في حِجر عليّ. وغسّله عليّ، والفضل محتضنه، وأُسامة يناول الفضلَ الماءَ (5) .

314 - الطبقات الكبرى عن أبي غَطَفان: سألت ابن عبّاس: أرأيتَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) توفّي ورأسه في حِجر أحد؟ قال: توفّي وهو لمستند إلى صدر عليّ. قلت: فإنّ عروة حدّثني عن عائشة أنّها قالت: توفّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بين سَحْرى (6) ونَحْري! فقال ابن عبّاس: أتَعقِلُ؟! والله، لتُوُفّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإنّه لمستند إلى صدر عليّ،

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 185، قصص الأنبياء: 359 / 433، إعلام الورى: 1 / 266 كلاهما نحوه.

(2) هي الكلام الخفيّ لا يُفهَم (النهاية: 5 / 290).

(3) نهج البلاغة: الخطبة 197، المناقب للكوفي: 2 / 556 / 1069 عن ابن عبّاس نحوه.

(4) الطبقات الكبرى: 2 / 263 عن محمّد بن عُمَر بن عليّ، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 224 عن أبي سلمة الهمداني وسلمان من دون إسناد إلى المعصوم وليس فيه (و رأسه)، وراجع المعجم الكبير: 12 / 110 / 12708، وفتح الباري: 8 / 139.

(5) الطبقات الكبرى: 2 / 263، فتح الباري: 8 / 139 عن ابن عبّاس نحوه.

(6) السَحْر: الرِّئَة. وقيل: السَحْر: ما لَصِقَ بالحُلْقوم من أعلى البَطْن (النهاية: 2 / 346).

٣٠٦

وهو الذي غسّله وأخي الفضل بن عبّاس (1) .

315 - الطبقات الكبرى عن عبد الله بن الحارث: إنّ عليّاً لمّا قُبض النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قام فأرتَجَ (2) البابَ. قال: فجاء العبّاس معه بنو عبد المطّلب فقاموا على الباب، وجعل عليّ يقول: (بأبي أنت وأُمّي طِبت حيّاً وميّتاً)! قال: وسطعَت ريحٌ طيّبة لم يجدوا مثلها قطّ. قال: فقال العبّاس لعليّ: دَعْ خَنِيناً (3) كخنين المرأة وأقبِلوا على صاحبكم! فقال عليّ: (ادخلوا على الفضل). قال: وقالت الأنصار: نناشدكم الله في نصيبنا من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)! فأدخَلوا رجلاً منهم يقال له أوْس بن خَوْليّ يحمل جَرّةً بإحدى يديه. قال: فغسّله عليّ يُدخل يده تحت القميص، والفضل يُمسك الثوب عليه، والأنصاري ينقل الماء، وعلى يد عليّ خرقة تَدخُل يدُه وعليه القميص (4) .

316 - الطبقات الكبرى عن عُمَر بن عليّ بن أبي طالب: لمّا وُضع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على السرير قال عليّ: (ألاّ يقوم عليه أحد لعلّه يؤمّ؟ هو إمامكم حيّاً وميّتاً!) فكان يدخل الناس رَسَلاً رَسَلاً (5) فيصلّون عليه صفّاً صفّاً، ليس لهم إمام، ويكبّرون وعليٌّ قائم بحيال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: (سلامٌ عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته! اللهمّ إنّا نشهد أنْ قد بلّغ ما أُنزل إليه، ونصح لأُمّته، وجاهد في سبيل الله، حتى

____________________

(1) الطبقات الكبرى: 2 / 263، فتح الباري: 8 / 139 عن ابن عبّاس نحوه، كنز العمّال: 7 / 253 / 18791.

(2) أرْتَجَ البابَ: إذا أغلَقَهُ إغلاقاً وثيقاً (لسان العرب: 2 / 279).

(3) الخَنِين: ضَرْبٌ من البكاء دُون الانتحاب (النهاية: 2 / 85).

(4) الطبقات الكبرى: 2 / 280، وراجع السيرة النبوية لابن هشام: 4 / 312، وتاريخ الطبري: 3 / 211، والكامل في التاريخ: 2 / 15.

(5) أي أفواجاً وفِرَقاً متقطِّعة، يتبع بعضهم بعضاً (النهاية: 2 / 222).

٣٠٧

أعزّ الله دينه وتمّت كلمته! اللهمّ فاجعلنا ممّن يتّبع ما أنزل الله إليه، وثبِّتنا بعده، واجمع بيننا وبينه! فيقول الناس: آمين آمين! حتى صلّى عليه الرجال، ثمّ النساء، ثمّ الصبيان) (1) .

317 - تاريخ الطبري عن ابن إسحاق: كان الذي نزل قبرَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّ بن أبي طالب والفضل بن العبّاس وقُثَم بن العبّاس وشُقران مولى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد قال أوس بن خَوليّ: أَنشُدُك الله يا عليّ وحَظّنا من رسول الله! فقال له: انزِل. فنزل مع القوم (2) .

318 - الطبقات الكبرى عن ابن جُريج عن أبي جعفر محمّد بن عليّ: غُسِّل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ثلاث غَسَلات: بماءٍ وسِدر، وغُسّل في قميص، وغُسّل مِن بئرٍ يقال لها الغَرْس لسعد بن خَيثمة بقُباء (3) ، وكان يشرب منها. ووَلِيَ عليّ غسلته، والعبّاس يصبّ الماء، والفضل محتضنه (4) .

319 - الإمام عليّ (عليه السلام) - من كلام له قاله وهو يلي غُسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وتجهيزه -: (بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله! لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك، من النبوّة والإنباء وأخبار السماء. خَصَّصتَ حتى صرتَ مسلِّياً عمّن سواك، وعَمَّمتَ حتى صار الناس فيك سَواء؛ ولولا أنّك أمرتَ بالصبر ونهيتَ عن الجزَع، لأَنفدْنا

____________________

(1) الطبقات الكبرى: 2 / 291، البداية والنهاية: 5 / 265، كنز العمّال: 7 / 228 / 18741.

(2) تاريخ الطبري: 3 / 213، السيرة النبوية لابن هشام: 4 / 314، الكامل في التاريخ: 2 / 16، وراجع الطبقات الكبرى: 2 / 291.

(3) هي قرية على ميلَين من المدينة على يسار القاصد إلى مكّة (معجم البلدان: 4 / 302).

(4) الطبقات الكبرى: 2 / 280، البداية والنهاية: 5 / 261 نحوه.

٣٠٨

عليك ماء الشُّؤون (1) ، ولكان الداء مُماطِلاً (2) ، والكَمَد مُحالِفاً (3) ، وقَلاّ (4) لك! ولكنّه ما لا يُملَك ردُّه، ولا يُستطاع دفعُه! بأبي أنت وأُمّي! اذكرنا عند ربّك، واجعلنا من بالِك!) (5)

راجع: القسم التاسع / علىٌّ عن لسان النبيّ / المنزلة عند النبيّ / قاضي دَيني

. عليّ عن لسان عليّ / المكانة عند رسول الله / كنت آخر الناس عهداً به

____________________

(1) الشُّؤون: عُروق الدُّموع من الرأس إلى العين (لسان العرب: 13 / 230).

(2) المَطْل: الطُّول (لسان العرب: 11 / 625).

(3) الكَمَد: الحُزْنُ الشَّديدُ لا يُستطاع إمضاؤُه. وحالَفَ فُلاناً بَثُّه وحُزْنُه: أي لازَمَهُ (تاج العروس: 5 / 226 وج 12 / 149).

(4) قَلاّ: فعل ماض متّصل بألف التثنية، أي مُماطَلة الداء ومُحالَفة الكَمَد قليلتان لك (صبحي الصالح).

(5) نهج البلاغة: الخطبة 235.

٣٠٩

الفهرس

الإهداء 5

المدخل .7

القسم الأوّل: أُسرة الإمام عليّ .16

القِسم الثاني: الإمام عليّ مع النبيّ .17

القِسم الثالث: جهود النبيّ لقيادة الإمام عليّ .18

القِسم الرابع: الإمام عليّ بعد النبيّ .20

القِسم الخامس: سياسة الإمام عليّ .21

القِسم السادس: حروب الإمام عليّ .22

القسم السابع: أيّام التّخاذل .23

القِسم الثامن: استشهاد الإمام عليّ .26

القِسم التاسع: الآراء حول شخصيّة الإمام 27

القسم العاشر: خصائص الإمام عليّ .29

القسم الحادي عشر: علوم الإمام عليّ .30

القسم الثاني عشر: قضايا الإمام عليّ .33

القسم الثالث عشر: آيات الإمام عليّ .34

القسم الرابع عشر: حبّ الإمام عليّ .35

القِسم الخامس عشر: بُغْض الإمام عليّ .38

القسم السادس عشر: أصحاب الإمام عليّ وعمّاله 40

خصائص الموسوعة 42

غزارة المدوّنات وكثرتها عن الإمام 42

تصنيف الكتابات ..43

القسم الأوّل: أُسرة الإمام عليّ .57

الفصل الأوّل: الولادة 59

الفصل الثاني: النشأة 91

٣١٠

الفصل الثالث: الزواج .97

الفصل الرابع: الأولاد 115

تحقيق في نسبة (سُكَينة) إلى الإمام عليّ .137

القسم الثاني: الإمام عليّ مع النبيّ .139

الفصل الأوّل: المؤازرة على الدعوة 141

الفصل الثاني: الصعود على منكِبَيّ النبيّ لكَسْر الأصنام 151

الفصل الثالث: الإيثار الرائع ليلة المبيت ..157

الفصل الرابع: غاية الفُتوّة في غزوة بَدْر 177

الفصل الخامس: إرغام العدوّ على التسليم في غزوتَين .205

الفصل السادس: الضربة المصيريّة في غزوة الخندق .211

الفصل السابع: الشجاعة والأدب في الحديبيّة 221

الفصل الثامن: الدَور المصيري في فتْح خيبر .225

الفصل التاسع: النشاطات في فتْح مكّة 245

الفصل العاشر: المقاومة الرائعة في غزوة حُنَين .251

الفصل الحادي عشر: استخلاف النبيّ في غزوة تبوك .259

الفصل الثاني عشر: عِدّة بِعثات هامّة 265

تحقيقٌ وتحليل .273

الفصل الثالث عشر: من أدعية النبيّ للإمام 283

الفصل الرابع عشر: عروج النبيّ من صدْر الوصيّ .301

٣١١